نتائج البحث عن (أَبْعَثُهُ)

1-جمهرة اللغة (بثع بعث ثبع ثعب عبث عثب)

بَثِعَت شفةُ فلان تَبثع بَثَعًا، والشفة باثِعة، إذا غَلُظَ لحمُها وظهر دمُها.

والرجل أبْثع والمرأة.

بَثْعاءُ، وهو مستقبَح.

وبَعَثْتُ الرجلَ في الحاجة أبعَثه بَعْثًا، وبعثتُه على الشيء، إذا أرغْته أن يفعله.

والبَعْث: الجند يُبعثون في الأمر.

ويوم البَعْث: يوم القيامة لأن الناس يبعثون من أجداثهم.

ويوم بُعاثٍ: يوم معروف من أيام الأوْس والخزْرَج في الجاهلية؛ سمعناه منٍ علمائنا بالعين وضمّ الباء، وذُكر عن الخليل بالغين معجمة، ولم يُسمع من غيره.

قال أبو بكر: وليس هذا صحيحًا عن الخليل أيضًا.

وانبعثَ القومُ في الخير والشر انبعاثًا، إذا تتابعوا.

وقد سمَّت العرب باعثًا وبَعيثًا.

والعَبَث من قولهم: عَبَثْت بالشيء أعْبَث عَبَثًا.

والعَبِيثة: سَمْن يُلَت بأقطٍ.

قال رؤبة:

«فقلت إذ أعيا امتِياثًا مـائثُ*** وطاحتِ الألبانُ والعَبـائث»

«إنكَ يا حارثُ نِعْمَ الحارِثُ»

والثعْب: انثعاب الماء.

وماء مثْعَب وأثْعُوب، إذا سال.

والثُّعبان: ضرب من الحيّات.

قال أبو حاتم: زعموا أنها حيّات عظام تكون بناحية مصرَ.

وقد جاء في التنزيل.

والثُّعَبَة: دابة أغلظ من الوَزَغَة لها عينان جاحظتان خضراوان، تلسع وربما قتلت.

ومثل يتداوله أهل اليمن بينهم: "ما الخَوافي كالقِلَبَة ولا الخُنّاز كالثُّعَبَة "، فالخَوافي: سَعَف النَّخل الذي دون القِلَبَة، والخُنّاز: الوَزَغَة.

جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م


2-موسوعة الفقه الكويتية (جباية)

جِبَايَةٌ

التَّعْرِيفُ:

1- الْجِبَايَةُ فِي اللُّغَةِ: الْجَمْعُ وَالتَّحْصِيلُ يُقَالُ: جَبَيْتُ الْمَالَ وَالْخَرَاجَ أَجْبِيهِ جِبَايَةً، جَمَعْتُهُ، وَجَبَوْتُهُ أَجْبُوهُ جِبَاوَةً مِثْلُهُ، وَالْجَابِيَةُ حَوْضٌ ضَخْمٌ

وَالْجَابِي: هُوَ الَّذِي يَجْمَعُ الْخَرَاجَ، وَكَذَا مَنْ يَجْمَعُ الْمَاءَ لِلْإِبِلِ، وَالْجِبَاوَةُ: اسْمُ الْمَاءِ الْمَجْمُوعِ

وَلَا يَخْرُجُ اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْحِسَابُ:

2- الْحِسَابُ هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي ضَبْطِ الْمَالِ الَّذِي يَجْمَعُهُ الْجُبَاةُ، وَمَعْرِفَةِ مَوْرِدِهِ وَمَصْرِفِهِ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ، إِحْصَاءُ الْمَالِ وَعَدُّهُ، وَالْحِسَابُ، مِنْ وَسَائِلِ ضَبْطِ الْجِبَايَةِ.

ب- الْخَرْصُ:

3- الْخَرْصُ تَقْدِيرُ مَا عَلَى النَّخْلِ وَنَحْوِهِ مِنْ ثَمَرٍ، بِالظَّنِّ

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَرْصِ وَالْجِبَايَةِ، أَنَّ الْخَارِصَ عَمَلُهُ التَّقْدِيرُ، وَالْجَابِي عَمَلُهُ الْجَمْعُ.

ج- الْعِرَافَةُ:

4- الْعِرَافَةُ وَمَعْنَاهَا فِي اللُّغَةِ: تَدْبِيرُ الْقَوْمِ وَالْقِيَامُ عَلَى سِيَاسَتِهِمْ، وَالْعَرِيفُ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُوَ الَّذِي يُعَرِّفُ الْجَابِيَ أَرْبَابَ الصَّدَقَاتِ إِذَا لَمْ يَعْرِفْهُمْ.

د- الْكِتَابَةُ:

5- الْكِتَابَةُ: تَقْيِيدُ مَا يَدْفَعُهُ أَرْبَابُ الْأَمْوَالِ مِنَ الصَّدَقَةِ.وَهِيَ مِنْ وَسَائِلِ ضَبْطِ الْجِبَايَةِ.

حُكْمُ الْجِبَايَةِ:

6- جِبَايَةُ مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ لِبَيْتِ الْمَالِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْإِمَامِ.قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالَّذِي يَلْزَمُهُ (أَيِ الْإِمَامَ) مِنَ الْأُمُورِ عَشْرَةُ أَشْيَاءَ..ثُمَّ أَوْرَدَ مِنْهَا: «جِبَايَةَ الْفَيْءِ وَالصَّدَقَاتِ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ الشَّرْعُ نَصًّا وَاجْتِهَادًا مِنْ غَيْرِ عَسْفٍ».

مَحَلُّ الْجِبَايَةِ:

الْجِبَايَةُ تَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي تَرِدُ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ كَبَعْضِ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ وَأَمْوَالِ الْفَيْءِ.وَفِيمَا يَلِي مَا يَتَعَلَّقُ بِجِبَايَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.

أ- جِبَايَةُ الزَّكَاةِ:

7- جِبَايَةُ الزَّكَاةِ وَاجِبَةٌ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- وَالْخُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِهِ كَانُوا يَبْعَثُونَ السُّعَاةَ»؛ وَلِأَنَّ فِي النَّاسِ مَنْ يَمْلِكُ الْمَالَ وَلَا يَعْرِفُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَبْخَلُ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْعَثَ مَنْ يَأْخُذُ.

وَعَمَلُ الْجَابِي إِنَّمَا يَكُونُ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي وَلاَّهُ الْإِمَامُ جِبَايَتَهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ شُرُوطًا لِلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا، وَهِيَ تَشْمَلُ الْعَامِلِينَ عَلَى جِبَايَتِهَا، وَذَكَرُوا أَيْضًا مَا يَسْتَحِقُّهُ الْعَامِلُ مِنْ جَابٍ وَغَيْرِهِ مُقَابِلَ عَمَلِهِ، وَذَكَرُوا أَيْضًا الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تَتِمُّ بِهَا جِبَايَةُ الزَّكَاةِ.وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ النِّقَاطِ التَّالِيَةِ:

أَوَّلًا- شُرُوطُ الْجَابِي:

ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ لِلْجَابِي شُرُوطًا هِيَ:

أ- الْإِسْلَامُ:

8- اشْتِرَاطُ الْإِسْلَامِ هُوَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ} وَلِأَنَّ الْعَمَلَ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْجَابِي وَغَيْرُهُ فِي الزَّكَاةِ إِنَّمَا هُوَ وِلَايَةٌ فَاشْتُرِطَ فِيهَا الْإِسْلَامُ كَسَائِرِ الْوِلَايَاتِ، وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ لَا يُشْتَرَطُ إِسْلَامُهُ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ أَجْرًا مُقَابِلَ جِبَايَتِهِ.

ب- أَنْ يَكُونَ مُكَلَّفًا:

9- وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْجَابِي بَالِغًا عَاقِلًا لِعَدَمِ أَهْلِيَّةِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِلْقَبْضِ؛ وَلِأَنَّ عَمَلَهُ وِلَايَةٌ، وَغَيْرُ الْمُكَلَّفِ لَا وِلَايَةَ لَهُ.

ج- الْكِفَايَةُ:

10- ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْحَنَابِلَةُ فِي كُتُبِهِمْ، وَالْمُرَادُ بِالْكِفَايَةِ أَهْلِيَّتُهُ لِلْقِيَامِ بِعَمَلِهِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى تَحَمُّلِ أَعْبَائِهِ، فَإِنَّ الْأَمَانَةَ وَحْدَهَا لَا تَفِي مَا لَمْ يَصْحَبْهَا الْقُوَّةُ عَلَى الْعَمَلِ وَالْكِفَايَةُ فِيهِ.

د- الْعِلْمُ بِأَحْكَامِ مَا يُجْبَى مِنْ زَكَاةٍ وَغَيْرِهَا:

11- ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ عَلَى الزَّكَاةِ مِنْ جَابٍ وَغَيْرِهِ عَالِمًا بِحُكْمِهَا لِئَلاَّ يَأْخُذَ غَيْرَ الْوَاجِبِ أَوْ يُسْقِطَ وَاجِبًا، أَوْ يَدْفَعَ لِغَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ أَوْ يَمْنَعَ مُسْتَحِقًّا.وَعِبَارَةُ أَبِي إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيِّ: وَلَا يَبْعَثُ إِلاَّ فَقِيهًا لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ مَا يُؤْخَذُ وَمَا لَا يُؤْخَذُ، وَيَحْتَاجُ إِلَى الِاجْتِهَادِ فِيمَا يَعْرِضُ مِنْ مَسَائِلِ الزَّكَاةِ وَأَحْكَامِهَا.

وَقَدْ ذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ الْعَامِلَ إِنْ كَانَ مِنْ عُمَّالِ التَّفْوِيضِ، أَيْ مِنَ الَّذِينَ يُفَوَّضُ إِلَيْهِمْ عُمُومُ الْأَمْرِ، فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِذَلِكَ لَمْ تَكُنْ فِيهِ كِفَايَةٌ لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ مُنَفِّذًا وَقَدْ عَيَّنَ لَهُ الْإِمَامُ مَا يَأْخُذْهُ جَازَ أَنْ لَا يَكُونَ عَالِمًا بِأَحْكَامِ الزَّكَاةِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- «كَانَ يَبْعَثُ الْعُمَّالَ وَيَكْتُبُ لَهُمْ مَا يَأْخُذُونَ» وَكَذَلِكَ كَتَبَ أَبُو بَكْرٍ لِعُمَّالِهِ.

هـ- الْعَدَالَةُ وَالْأَمَانَةُ:

12- ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَجَعَلَ بَعْضُ الْحَنَابِلَةِ الْأَمَانَةَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ أَنْ لَا يَكُونَ فَاسِقًا؛ لِأَنَّ الْفَاسِقَ لَا وِلَايَةَ لَهُ، وَالْمُرَادُ بِالْعَدَالَةِ هُنَا كَمَا جَاءَ فِي الدُّسُوقِيِّ وَالْخَرَشِيِّ مِنْ كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَالَةُ كُلِّ وَاحِدٍ فِيمَا يَفْعَلُهُ، فَعَدَالَةُ الْمُفَرِّقِ فِي تَفْرِقَتِهَا، وَالْجَابِي فِي جِبَايَتِهَا، وَهَكَذَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا عَدَالَةُ الشَّهَادَةِ أَوِ الرِّوَايَةِ.وَالْعَدَالَةُ وَالْعِلْمُ بِحُكْمِهَا شَرْطَانِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ فِي الْعَمَلِ وَالْإِعْطَاءِ مِنَ الزَّكَاةِ.

و- كَوْنُهُ مِنْ غَيْرِ آلِ الْبَيْتِ:

13- يَجُوزُ اتِّفَاقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ اسْتِعْمَالُ ذَوِي الْقُرْبَى عَلَى الصَّدَقَاتِ إِنْ دُفِعَتْ إِلَيْهِمْ أُجْرَتُهُمْ مِنْ غَيْرِ الزَّكَاةِ.

أَمَّا إِنْ كَانَ مَا يَأْخُذُونَهُ عَلَى عَمَلِهِمْ مِنَ الزَّكَاةِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ.فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى عَدَمِ جَوَازِ إِعْطَائِهِمْ عَنِ الْعَمَلِ مِنْهَا تَنْزِيهًا لِقَرَابَةِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ شُبْهَةِ أَخْذِ الصَّدَقَةِ، لِأَنَّ «الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَالْمُطَّلِبَ بْنَ رَبِيعَةَ سَأَلَا النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- الْعِمَالَةَ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَقَالَ: إِنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلَا لآِلِ مُحَمَّدٍ» وَهُوَ نَصٌّ فِي التَّحْرِيمِ لَا تَجُوزُ مُخَالَفَتُهُ.

وَجَوَّزَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَجْهٍ كَوْنَ الْعَامِلَ مِنْ ذَوِي الْقُرْبَى وَأَنْ يُعْطَى عَلَى عَمَلِهِ مِنْ سَهْمِ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ عَلَى سَبِيلِ الْعِوَضِ عَنْ عَمَلِهِ.

وَذَهَبَ الْبَاجِيُّ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ إِلَى جَوَازِ اسْتِعْمَالِ ذَوِي الْقُرْبَى فِي الْأَعْمَالِ الْأُخْرَى لِلزَّكَاةِ كَالْحِرَاسَةِ وَالسَّوْقِ؛ لِأَنَّهَا إِجَارَةٌ مَحْضَةٌ.

ثَانِيًا- مِقْدَارُ مَا يَسْتَحِقُّهُ مُقَابِلَ عَمَلِهِ:

14- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ مِنْ جَابٍ وَغَيْرِهِ يَسْتَحِقُّ أَجْرًا عَلَى عَمَلِهِ وَلَكِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مُقَابِلَ عَمَلِهِ، وَفِي كَوْنِهِ يَتَقَيَّدُ بِالثَّمَنِ، وَفِي كَوْنِ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةً.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَابِيَ فِي الصَّدَقَةِ يُعْطَى بِقَدْرِ عَمَلِهِ مَا يَسَعُهُ وَأَعْوَانَهُ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ أَوْ نَقَصَ وَإِنْ جَاوَزَتْ كِفَايَتُهُ نِصْفَ مَا جَمَعَ مِنَ الزَّكَاةِ فَلَا يُزَادُ عَلَى النِّصْفِ لِأَنَّ التَّنْصِيفَ عَيْنُ الْإِنْصَافِ، وَإِنَّمَا يُعْطَى كِفَايَتَهُ لِأَنَّهُ فَرَّغَ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِمَصْلَحَةِ الْفُقَرَاءِ، فَيَكُونُ كِفَايَتُهُ فِي الزَّكَاةِ كَالْمُقَاتِلَةِ وَالْقَاضِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِالْإِجَارَةِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ مَعْلُومٍ، وَمَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ مِنَ الزَّكَاةِ إِنَّمَا يَأْخُذُهُ عِمَالَةً؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ الْأَمْوَالِ لَوْ حَمَلُوا الزَّكَاةَ إِلَى الْإِمَامِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا وَلَوْ هَلَكَ مَا جَمَعَهُ مِنَ الزَّكَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ شَيْئًا كَالْمُضَارِبِ إِذَا هَلَكَ مَالُ الْمُضَارَبَةِ، إِلاَّ أَنَّ فِيهِ شِبْهَ الصَّدَقَةِ بِدَلِيلِ سُقُوطِ الزَّكَاةِ عَنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ.وَلِذَا لَا تَحِلُّ لِلْعَامِلِ الْهَاشِمِيِّ تَنْزِيهًا لَهُ عَنْ تِلْكَ الشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْغَنِيِّ، لِأَنَّهُ لَا يُوَازِيهِ فِي الْكَرَامَةِ، كَمَا لَا تَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَوْ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ رِزْقَهُمَا فِي بَيْتِ الْمَالِ.

وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الْجَابِيَ يَأْخُذُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ وَلَا تَتَقَيَّدُ تِلْكَ الْأُجْرَةُ بِالثُّمُنِ وَلَا بِالنِّصْفِ، بَلْ إِنَّ الزَّكَاةَ تُدْفَعُ كُلُّهَا لَهُ إِنْ لَمْ يَفِ بَعْضُهَا بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ.

وَذَكَرُوا أَيْضًا أَنَّ الْجُبَاةَ لَا تُدْفَعُ أُجُورُهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ إِلاَّ بِوَصْفِ الْفَقْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ أَخَذُوا أُجُورَهُمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مُقَابِلَ عَمَلِهِمْ، وَمِثْلُ الْجُبَاةِ فِي هَذَا حُرَّاسُ زَكَاةِ الْفِطْرِ، أَوْ حُرَّاسُ زَكَاةِ الْمَالِ، وَأَمَّا مَا سِوَى هَؤُلَاءِ مِنَ الْعَامِلِينَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أُجُورَهُمْ مِنَ الزَّكَاةِ بِأَحَدِ وَصْفَيْنِ: الْفَقْرُ، أَوِ الْعَمَلُ، أَوْ بِهِمَا مَعًا.

إِنْ لَمْ يَفِ أَحَدُهُمَا بِالْأُجْرَةِ، وَلَا يَأْخُذُ الْجَابِي Cعِنْدَهُمْ بِوَصْفِ الْعَزْمِ إِذَا كَانَ مِدْيَانًا بِإِعْطَاءِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يَقْسِمُهَا فَلَا يَحْكُمُ لِنَفْسِهِ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيَّةِ وُجُوبُ صَرْفِ جَمِيعِ الزَّكَاةِ إِلَى جَمِيعِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، مَعَ وُجُوبِ التَّسْوِيَةِ بَيْنَ حِصَصِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ، فَيَكُونُ لِكُلِّ صِنْفٍ مِنَ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ ثُمُنُ مَا جُمِعَ مِنَ الزَّكَاةِ.

وَيَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ مِنْ جَابٍ وَغَيْرِهِ قَدْرَ أُجْرَةِ عَمَلِهِ قَلَّ أَمْ كَثُرَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ مِنَ الزَّكَاةِ وَهُوَ الثُّمُنُ قَدْرَ أُجْرَتِهِ فَقَطْ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ أُجْرَتِهِ أَخَذَ أُجْرَتَهُ وَالْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ بِلَا خِلَافٍ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُنْحَصِرَةٌ فِي الْأَصْنَافِ فَإِذَا لَمْ يَبْقَ لِلْعَامِلِ فِيهَا حَقٌّ تَعَيَّنَ الْبَاقِي لِلْأَصْنَافِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ أُجْرَتِهِ وَجَبَ إِتْمَامُ أُجْرَتِهِ بِلَا خِلَافٍ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ فِي الْجِهَةِ الَّتِي تُتَمَّمُ مِنْهَا تِلْكَ الْأُجْرَةُ أَرْبَعَ طُرُقٍ الصَّحِيحُ مِنْهَا عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْأَصْحَابِ كَمَا جَاءَ فِي الْمَجْمُوعِ أَنَّهَا عَلَى قَوْلَيْنِ: أَصَحُّهُمَا يُتَمَّمُ مِنْ سِهَامِ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي جَوَازِ التَّتْمِيمِ مِنْ سِهَامِ بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ.

وَأَمَّا بَيْتُ الْمَالِ فَيَجُوزُ التَّتْمِيمُ مِنْهُ بِلَا خِلَافٍ، فَلَوْ رَأَى الْإِمَامُ أَنْ يَجْعَلَ أُجْرَةَ الْعَامِلِ كُلَّهَا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَيَقْسِمَ جَمِيعَ الزَّكَوَاتِ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَصْنَافِ جَازَ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا مِنَ الْمَصَالِحِ، صَرَّحَ بِهَذَا كُلِّهِ صَاحِبُ الشَّامِلِ وَآخَرُونَ، وَنَقَلَ الرَّافِعِيُّ اتِّفَاقَ الْأَصْحَابِ عَلَيْهِ.

وَذَكَرَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّ لِلْإِمَامِ تَعْيِينَ أُجْرَةِ الْجَابِي قَبْلَ بَعْثِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، لِأَنَّ «النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ عُمَرَ- رضي الله عنه- سَاعِيًا وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أُجْرَةً فَلَمَّا جَاءَ أَعْطَاهُ» فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ أُجْرَةً دَفَعَهَا إِلَيْهِ.وَإِلاَّ دَفَعَ إِلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ.وَيَدْفَعُ مِنْهَا أُجْرَةَ الْحَاسِبِ، وَالْكَاتِبِ، وَالْعَدَّادِ، وَالسَّائِقِ، وَالرَّاعِي، وَالْحَافِظِ، وَالْحَمَّالِ، وَالْكَيَّالِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَتِهَا فَقُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ.

وَصَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْبَدْءُ بِالْعَامِلِ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَلَى وَجْهِ الْعِوَضِ، وَغَيْرُهُ يَأْخُذُ عَلَى وَجْهِ الْمُوَاسَاةِ.

ثَالِثًا- كَيْفِيَّةُ جِبَايَةِ الزَّكَاةِ:

15- الْمَالُ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْهُ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ وَمِنْهُ مَا لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ، فَالْمَالُ الَّذِي لَا يُعْتَبَرُ Cفِيهِ الْحَوْلُ كَالزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ لَا يُجْبَى إِلاَّ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَهُوَ وَقْتُ إِدْرَاكِ الثِّمَارِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ.وَلَكِنْ يُخْرَصُ، أَيْ يُقَدَّرُ مَا فِيهِ مِنَ الثَّمَرِ لِتَحْدِيدِ الْوَاجِبِ فِيهِ مِنَ الزَّكَاةِ.وَانْظُرْ لِلتَّفْصِيلِ مُصْطَلَحَ: (خَرْصٌ).

وَأَمَّا الْمَالُ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحَوْلُ كَزَكَاةِ النَّعَمِ مَثَلًا، فَإِنَّ السَّاعِيَ يُعَيِّنُ شَهْرًا مُحَدَّدًا مِنَ السَّنَةِ يَأْتِي فِيهِ أَصْحَابَ الْأَمْوَالِ لِجِبَايَةِ زَكَاتِهِ.

وَاسْتَحَبَّ الشَّافِعِيُّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّهْرَ هُوَ الْمُحَرَّمَ لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ، وَيُسْتَحَبُّ عَدُّ الْمَاشِيَةِ عَلَى مَنْ تُؤْخَذُ مِنْهُ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْأَفْنِيَةِ لِمَا رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «تُؤْخَذُ صَدَقَاتُ النَّاسِ عَلَى مِيَاهِهِمْ، أَوْ عِنْدَ أَفْنِيَتِهِمْ» وَإِنْ أَخْبَرَهُ صَاحِبُ الْمَالِ بِعَدَدِهِ قَبِلَ مِنْهُ، وَإِنْ قَالَ لَمْ يَكْمُلِ الْحَوْلُ أَوْ فَرَّقْتُ زَكَاتَهُ وَنَحْوَ هَذَا مِمَّا يَمْنَعُ الْأَخْذَ مِنْهُ قَبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ، لِأَنَّ الزَّكَاةَ عِبَادَةٌ وَحَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَحْلِفُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَأْخُذَ كَرَائِمَ الْمَالِ «لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لَكَ بِذَلِكَ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ» وَذَلِكَ لِأَنَّ الزَّكَاةَ مُوَاسَاةٌ لِلْفُقَرَاءِ فَلَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ الْإِجْحَافَ بِمَالِ الْأَغْنِيَاءِ.وَلَا يَأْخُذُ مِنْ أَرْدَئِهَا بَلْ يَأْخُذُ الْوَسَطَ.

وَيُسْتَحَبُّ لِلْجَابِي إِذَا قَبَضَ الصَّدَقَةَ أَنْ يَدْعُوَ لِلْمُزَكِّي لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَتِهِمْ قَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ فُلَانٍ فَأَتَاهُ أَبِي بِصَدَقَةٍ فَقَالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى» وَلَا يَجِبُ الدُّعَاءُ.قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ وَاجِبًا لَعَلَّمَهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- السُّعَاةَ؛ وَلِأَنَّ سَائِرَ مَا يَأْخُذُهُ الْإِمَامُ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَالدُّيُونِ وَغَيْرِهِمَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهَا الدُّعَاءُ، فَكَذَلِكَ الزَّكَاةُ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْوُجُوبُ خَاصًّا بِهِ لِكَوْنِ صَلَاتِهِ سَكَنًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

وَمِنَ الدُّعَاءِ أَنْ يَقُولَ: آجَرَكَ اللَّهُ فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَبَارَكَ لَكَ فِيمَا أَبْقَيْتَ، وَجَعَلَهُ اللَّهُ طَهُورًا، وَيُسْتَحَبُّ لِلْمُعْطِي أَنْ يَقُولَ: اللَّهُمَّ Cاجْعَلْهَا مَغْنَمًا وَلَا تَجْعَلْهَا مَغْرَمًا.

وَنُقِلَ وَجْهٌ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ دُعَاءَ قَابِضِ الصَّدَقَةِ لِدَافِعِهَا وَاجِبٌ عَمَلًا بِظَاهِرِ الْآيَةِ لقوله تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}.

رَابِعًا- جِبَايَةُ الْفَيْءِ:

16- الْفَيْءُ مِنْ مَوَارِدِ بَيْتِ الْمَالِ، وَهُوَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنَ الْكُفَّارِ بِغَيْرِ قِتَالٍ وَلَا إِيجَافِ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ.

وَيَشْمَلُ الْفَيْءُ عَدَدًا مِنَ الْأَمْوَالِ مِنْهَا مَا هَرَبَ عَنْهُ الْكُفَّارُ بِغَيْرِ قِتَالٍ، وَمِنْهَا الْجِزْيَةُ، وَالْخَرَاجُ، وَالْعُشُورُ.

أ- جِبَايَةُ الْجِزْيَةِ:

17- الْجِزْيَةُ لُغَةً: اسْمٌ لِلْمَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ.

وَاصْطِلَاحًا عِبَارَةٌ عَنْ وَظِيفَةٍ أَوْ مَالٍ يُؤْخَذُ مِنَ الْكَافِرِ فِي كُلِّ عَامٍ مُقَابِلَ إِقَامَتِهِ فِي دِيَارِ الْإِسْلَامِ.

أَمَّا الْإِنَابَةُ فِي أَدَائِهَا وَمِقْدَارُهَا وَمَتَى تَجِبُ وَعَلَى مَنْ تَجِبُ فَيُنْظَرُ فِي ذَلِكَ مُصْطَلَحِ: (جِزْيَةٌ).

18- وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ جِبَايَتِهَا فَقَدْ أَوْرَدَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ مِنْهُمُ الْخُرَاسَانِيُّونَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ صُوَرًا لِكَيْفِيَّةِ الصَّغَارِ مِنْهَا: الْوَارِدُ فِي الْآيَةِ، وَمِنْهَا أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنَ الذِّمِّيِّ وَهُوَ قَائِمٌ، وَيَكُونُ الْقَابِضُ قَاعِدًا، وَتَكُونُ يَدُ الْقَابِضِ أَعْلَى مِنْ يَدِ الذِّمِّيِّ، وَيَقُولُ لَهُ الْقَابِضُ أَعْطِ يَا عَدُوَّ اللَّهِ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ وَالرَّافِعِيُّ: إِنَّ الْأَصَحَّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَفْسِيرُ الصَّغَارِ بِالْتِزَامِ أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ وَجَرَيَانِهَا عَلَيْهِمْ، وَنَقَلَ عَمِيرَةُ الْبُرُلُّسِيُّ نَحْوَهُ مِنْ كَلَامِ الشَّافِعِيِّ فِي الْأُمِّ فَقَدْ قَالَ: إِنْ أَخَذَ الْجِزْيَةَ مِنْهُمْ أَخَذَهَا بِأَحْمَالٍ وَلَمْ يُضَرَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ وَلَمْ يَنَلْهُ بِقَوْلٍ قَبِيحٍ.قَالُوا: وَأَشَدُّ الصَّغَارِ عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَعْتَقِدُهُ وَيُضْطَرَّ إِلَى احْتِمَالِهِ.

وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ لَا يُعَذَّبُونَ فِي أَخْذِ الْجِزْيَةِ.

فَعَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: مَرَّ هِشَامُ بْنُ Cحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ عَلَى أُنَاسٍ مِنَ الْأَنْبَاطِ بِالشَّامِ قَدْ أُقِيمُوا فِي الشَّمْسِ فَقَالَ: مَا شَأْنُهُمْ؟ قَالُوا: حُبِسُوا فِي الْجِزْيَةِ، فَقَالَ هِشَامٌ: أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ النَّاسَ فِي الدُّنْيَا».

وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِمَالٍ كَثِيرٍ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: أَحْسَبُهُ الْجِزْيَةَ فَقَالَ: إِنِّي لأَظُنُّكُمْ قَدْ أَهْلَكْتُمُ النَّاسَ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا أَخَذْنَا إِلاَّ عَفْوًا صَفْوًا قَالَ: بِلَا سَوْطٍ وَلَا نَوْطٍ؟ قَالُوا: نَعَمْ.قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَجْعَلْ ذَلِكَ عَلَى يَدِيَّ وَلَا فِي سُلْطَانِي.

ب- جِبَايَةُ الْخَرَاجِ:

19- الْخَرَاجُ فِي اللُّغَةِ: اسْمٌ لِلْكِرَاءِ وَالْغَلَّةِ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» وَهُوَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ مَا وُضِعَ عَلَى رِقَابِ الْأَرْضِ مِنْ حُقُوقٍ تُؤَدَّى عَنْهَا لِبَيْتِ الْمَالِ.وَالْأَرْضُ الْمُخْتَصَّةُ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا هِيَ الَّتِي صُولِحَ عَلَيْهَا الْمُشْرِكُونَ مِنْ أَرْضِهِمْ عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ وَلَنَا عَلَيْهَا الْخَرَاجُ.وَكَذَلِكَ الْأَرْضُ الَّتِي فُتِحَتْ عَنْوَةً عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوَضْعِ الْخَرَاجِ عَلَيْهَا.

فَأَمَّا مِقْدَارُ الْخَرَاجِ الْمَأْخُوذِ فَيُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (خَرَاجٌ).

ج- جِبَايَةُ عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ:

20- الْعُشْرُ ضَرِيبَةٌ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْ أَمْوَالِهِمْ الَّتِي يَتَرَدَّدُونَ بِهَا مُتَاجِرِينَ إِلَى دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ يَدْخُلُونَ بِهَا مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ يَنْتَقِلُونَ بِهَا مِنْ بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ، تُؤْخَذُ مِنْهُمْ فِي السَّنَةِ مَرَّةً مَا لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ يَعُودُوا إِلَيْهَا مِثْلُهَا عُشُورُ أَهْلِ الْحَرْبِ مِنَ التُّجَّارِ كَذَلِكَ إِذَا دَخَلُوا بِتِجَارَتِهِمْ إِلَيْنَا مُسْتَأْمِنِينَ.

مَا يُشْتَرَطُ فِي جَابِي الْخَرَاجِ:

21- يُرْسِلُ الْإِمَامُ بَعْضَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ لِيُقَدِّرَ مَا يُوضَعُ عَلَى الْأَرَضِينَ الْخَرَاجِيَّةِ مِنَ الْخَرَاجِ فَإِذَا اسْتَقَرَّ ذَلِكَ وَعُلِمَ يُرْسِلُ الْإِمَامُ مَنْ يَجْبِي الْخَرَاجَ فِي مَوْعِدِهِ حَسَبَ التَّقْدِيرِ السَّابِقِ، وَيُشْتَرَطُ فِي مَنْ يَقُومُ بِجِبَايَةِ عُمُومِ مَا اسْتَقَرَّ مِنْ أَمْوَالِ الْفَيْءِ مِنْ خَرَاجٍ وَغَيْرِهِ، الْإِسْلَامُ، وَالْحُرِّيَّةُ، وَالْأَمَانَةُ، وَالِاضْطِلَاعُ بِالْحِسَابِ وَالْمِسَاحَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ Cيَكُونَ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَلَّى قَبْضَ مَا اسْتَقَرَّ بِوَضْعِ غَيْرِهِ.

فَإِنْ كَانَتْ وِلَايَتُهُ عَلَى نَوْعٍ خَاصٍّ مِنْ أَمْوَالِ الْفَيْءِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا وَلِيَهُ مِنْهَا، وَحِينَئِذٍ لَا يَخْلُو حَالُهُ عَنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ لَا يَسْتَغْنِيَ فِيهِ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ عَنْ الِاسْتِنَابَةِ اعْتُبِرَ فِيهِ الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ مَعَ اضْطِلَاعِهِ بِشُرُوطِ مَا وَلِيَ مِنْ مِسَاحَةٍ أَوْ حِسَابٍ، وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ ذِمِّيًّا وَلَا عَبْدًا لِأَنَّ فِيهَا وِلَايَةً، وَإِنْ اسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِنَابَةِ جَازَ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِأَنَّهُ كَالرَّسُولِ الْمَأْمُورِ.وَأَمَّا كَوْنُهُ ذِمِّيًّا فَيُنْظَرُ فِيمَا رُدَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِ الْفَيْءِ، فَإِنْ كَانَتْ مُعَامَلَتُهُ فِيهِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ كَالْخَرَاجِ الْمَوْضُوعِ عَلَى رِقَابِ الْأَرَضِينَ إِذَا صَارَتْ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ فَفِي جَوَازِ كَوْنِهِ ذِمِّيًّا وَجْهَانِ.هَذَا وَإِذَا بَطَلَتْ وِلَايَةُ الْعَامِلِ فَقَبَضَ مَالَ الْفَيْءِ مَعَ فَسَادِ وِلَايَتِهِ بَرِئَ الدَّافِعُ مِمَّا عَلَيْهِ إِذَا لَمْ يَنْهَهُ عَنِ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّ الْقَابِضَ مِنْهُ مَأْذُونٌ لَهُ، وَإِنْ فَسَدَتْ وِلَايَتُهُ وَجَرَى فِي الْقَبْضِ مَجْرَى الرَّسُولِ، وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَ صِحَّةِ وِلَايَتِهِ وَفَسَادِهَا أَنَّ لَهُ الْإِجْبَارَ عَلَى الدَّفْعِ مَعَ صِحَّةِ الْوِلَايَةِ وَلَهُ الْإِجْبَارَ مَعَ فَسَادِهَا، فَإِنْ نُهِيَ عَنِ الْقَبْضِ مَعَ فَسَادِ وِلَايَتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْقَبْضُ وَلَا الْإِجْبَارُ وَلَمْ يَبْرَأَ الدَّافِعُ بِالدَّفْعِ إِلَيْهِ إِذَا عَلِمَ بِنَهْيِهِ.وَفِي بَرَاءَتِهِ إِذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنَّهْيِ وَجْهَانِ، بِنَاءً عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ إِذَا تَصَرَّفَ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ بِالْعَزْلِ.

هَذَا وَيُعَيِّنُ الْجَابِي شَهْرًا مِنَ السَّنَةِ لِجِبَايَةِ تِلْكَ الْأَمْوَالِ، وَأَمَّا مَا يَأْخُذُهُ مُقَابِلَ عَمَلِهِ فَهُوَ كَمَا ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ كِفَايَةُ سَنَةٍ وَيُقَدِّمُهُ الْإِمَامُ عَلَى غَيْرِهِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ بَعْدَ آلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.

مُحَاسَبَةُ الْإِمَامِ لِلْجُبَاةِ:

22- يَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ مُحَاسَبَةُ الْجُبَاةِ تَأَسِّيًا بِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ فَقَدْ جَاءَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ عَلَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبَهُ» وَهُوَ أَصْلٌ فِي مُحَاسَبَةِ الْجُبَاةِ.

وَيَجِبُ عَلَى الْجُبَاةِ أَنْ يَكُونُوا صَادِقِينَ مَعَ الْإِمَامِ فَلَا يُخْفُوا شَيْئًا مِنَ الْمَالِ الَّذِي جَمَعُوهُ لِأَنَّهُ مِنَ الْأَمَانَةِ.وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواCأَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.

وَقَدْ تَوَعَّدَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ، فَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَدِيِّ أَبِي عَمِيرَةَ الْكِنْدِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِخْيَطًا فَمَا فَوْقَهُ كَانَ غُلُولًا يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ: فَقَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ أَسْوَدُ مِنَ الْأَنْصَارِ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ قَالَ: وَمَا لَكَ؟ قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ الْآنَ، مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى».

وَلَيْسَ لِلْجُبَاةِ أَنْ يَدَّعُوا أَنَّ بَعْضَهُ أُهْدِيَ إِلَيْهِمْ، وَمَا أُهْدِيَ إِلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْعَمَلِ يُرَدُّ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يَقْبَلْ ذَلِكَ مِنِ ابْنِ اللُّتْبِيَّةِ حِينَ قَدِمَ بَعْدَ أَنِ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ وَقَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي، بَلْ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا أُهْدِيَ لِي أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عَفْرَتَيْ إِبْطَيْهِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ مَرَّتَيْنِ «.

(

C

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


3-موسوعة الفقه الكويتية (هدية)

هَدِيَّةٌ

التَّعْرِيفُ:

1- الْهَدِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: هِيَ الْمَالُ الَّذِي أُتْحِفَ وَأُهْدِيَ لِأَحَدٍ إِكْرَامًا لَهُ، يُقَالُ: أَهْدَيْتُ لِلرَّجُلِ كَذَا: بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْهِ إِكْرَامًا، فَالْمَالُ هَدِيَّةٌ.

وَاصْطِلَاحًا عَرَّفَهَا الْحَنَفِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ عَيْنٍ مَجَّانًا.

وَعَرَّفَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ مَنْ لَهُ التَّبَرُّعُ ذَاتًا تُنْقَلُ شَرْعًا بِلَا عِوَضٍ لِأَهْلٍ أَوْ مَا يَدُلُّ عَلَى التَّمْلِيكِ.

وَعَرَّفَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ مَعَ النَّقْلِ إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِكْرَامًا.

وَعَرَّفَهَا الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهَا: تَمْلِيكٌ فِي الْحَيَاةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْهِبَةُ:

2- الْهِبَةُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْفِعْلِ وَهَبَ، يُقَالُ: وَهَبْتُ لِزَيْدٍ مَالًا أَهَبُهُ لَهُ هِبَةً: أَعْطَيْتُهُ بِلَا عِوَضٍ.

وَهِيَ فِي الِاصْطِلَاحِ: تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ.

فَالْهِبَةُ وَالْهَدِيَّةُ وَالصَّدَقَةُ أَنْوَاعٌ مِنَ الْبِرِّ يَجْمَعُهَا تَمْلِيكُ الْعَيْنِ بِلَا عِوَضٍ، فَإِنْ مَلَّكَ مُحْتَاجًا لِطَلَبِ ثَوَابِ الْآخِرَةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ، وَإِنْ نَقَلَهَا إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ إِكْرَامًا لَهُ فَهَدِيَّةٌ، وَإِنْ مَلَّكَهُ بِدُونِ طَلَبِ الثَّوَابِ وَلَمْ يَنْقُلْ إِلَى مَكَانِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهِبَةٌ مَحْضَةٌ.

وَالصِّلَةُ أَنَّ الْهِبَةَ أَعَمُّ مِنَ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ، فَكُلٌّ مِنَ الْهَدِيَّةِ وَالصَّدَقَةِ هِبَةٌ وَلَا عَكْسَ.

ب- الْوَصِيَّةُ:

3- الْوَصِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: الْإِيصَالُ: مِنْ وَصَّى الشَّيْءَ بِكَذَا: وَصَلَهُ بِهِ.

وَفِي الِاصْطِلَاحِ: هِيَ تَبَرُّعٌ بِحَقٍّ مُضَافٍ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ.

وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَبَرُّعٌ بِمَا يُنْتَفَعُ بِهِ بِلَا عِوَضٍ، إِلاَّ أَنَّ الْوَصِيَّةَ تُضَافُ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْهَدِيَّةَ تُنَفَّذُ حَالًا.

ج- الْوَقْفُ:

4- الْوَقْفُ فِي اللُّغَةِ: الْحَبْسُ.يُقَالُ: وَقَفْتُ الدَّارَ وَقْفًا: حَبَسْتُهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ.

وَاصْطِلَاحًا: هُوَ حَبْسُ مَالٍ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ بِقَطْعِ التَّصَرُّفِ فِي رَقَبَتِهِ عَلَى مَصْرِفٍ مُبَاحٍ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْوَقْفِ أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ، وَأَنَّ الْوَقْفَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ عَلَى مِلْكِ الْوَاقِفِ.

د- الْعَارِيَّةُ:

5- الْعَارِيَّةُ فِي اللُّغَةِ: مِنَ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّدَاوُلُ، وَتُطْلَقُ عَلَى الْفِعْلِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُعَارِ.

وَاصْطِلَاحًا: هِيَ إِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالْعَارِيَّةِ: أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكُ عَيْنٍ بِلَا عِوَضٍ، وَالْعَارِيَّةَ تَمْلِيكُ مَنْفَعَةٍ بِلَا عِوَضٍ.

هـ- الرُّقْبَى:

6- الرُّقْبَى فِي اللُّغَةِ: مِنَ الْمُرَاقَبَةِ يُقَالُ: رَقَبْتُهُ: انْتَظَرْتُهُ، وَالرُّقْبَى: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَرَقَبْتُكَ هَذِهِ الدَّارَ، أَوْ هِيَ لَكَ رُقْبَى مُدَّةَ حَيَاتِكَ.

وَاصْطِلَاحًا: هِيَ جَعْلُ الْمَالِكِ شَيْئًا يَمْلِكُهُ لِشَخْصٍ آخَرَ مُدَّةَ حَيَاتِهِمَا بِشَرْطِ الِاسْتِرْدَادِ إِذَا مَاتَ الْمَوْهُوبُ لَهُ قَبْلَ الْوَاهِبِ.

وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْهَدِيَّةِ وَالرُّقْبَى أَنَّ الْهَدِيَّةَ تَمْلِيكٌ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَالرُّقْبَى تَمْلِيكٌ مُدَّةَ حَيَاةِ أَحَدِهِمَا.

و- الْعُمْرَى:

7- الْعُمْرَى فِي اللُّغَةِ: مِنْ أَعْمَرْتُهُ الدَّارَ: جَعَلْتُ لَهُ سُكْنَاهَا، وَمَا تَجْعَلُهُ لِلرَّجُلِ طُولَ عُمْرِكَ أَوْ عُمْرِهِ.

وَاصْطِلَاحًا هِيَ: جَعْلُ شَخْصٍ دَارَهُ لِشَخْصٍ مُدَّةَ عُمْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ، بِشَرْطِ رُجُوعِ الدَّارِ إِلَى الْمُعْمِرِ أَوْ لِوَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ الْمُعْمِرُ وَالشَّخْصُ الْمُعْمَرُ لَهُ.وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْعُمْرَى وَالْهَدِيَّةِ أَنَّهُمَا تَمْلِيكُ شَيْءٍ بِلَا عِوَضٍ لَكِنَّ الْهَدِيَّةَ غَيْرُ مُؤَقَّتَةٍ بِزَمَنٍ مَا، وَالْعُمْرَى تَتَوَقَّتُ بِحَيَاةِ الْمَوْهُوبِ لَهُ.

مَشْرُوعِيَّةُ الْهَدِيَّةِ:

8- لَا خِلَافَ بَيْنِ الْفُقَهَاءِ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْهَدِيَّةِ، بَلْ وَلَا خِلَافَ فِي اسْتِحْبَابِهَا فِي الْأَصْلِ إِلاَّ لِعَارِضٍ، وَدَلِيلُ مَشْرُوعِيَّتِهَا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ الْمُطَهَّرَةُ وَإِجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ.

فَمِنَ الْكِتَابِ قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا} وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى} الْآيَةَ.وَمِنَ السُّنَّةِ الْقَوْلِيَّةِ قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ» وَقَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى ذِرَاعٍ أَوْ كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، وَلَوْ أُهْدِيَ إِلَيَّ ذِرَاعٌ أَوْ كُرَاعٌ لَقَبِلْتُ» وَخَبَرُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «تَهَادُوا تَحَابُّوا».

وَمِنَ السُّنَّةِ الْعَمَلِيَّةِ: «قَبُولُهُ- صلى الله عليه وسلم- هَدِيَّةَ الْمُقَوْقِسِ الْكَافِرِ» «وَقَبُولُهُ- صلى الله عليه وسلم- هَدِيَّةَ النَّجَاشِيِّ الْمُسْلِمِ وَتَصَرُّفُهُ فِيهَا وَمُهَادَاتُهُ».

وَأَجْمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَاسْتِحْبَابِهَا.وَصَرْفُهَا إِلَى الْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ أَفْضَلُ مِنْهُ إِلَى غَيْرِهِمْ.

وَلَا يَحْتَقِرُ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إِلَيْهِ الْقَلِيلَ، فَيَمْتَنِعُ الْأَوَّلُ مِنْ إِهْدَائِهِ، وَالثَّانِي مِنْ قَبُولِهِ؟ لِلْخَبَرِ الْمُتَقَدِّمِ.

شُرُوطُ الْهَدِيَّةِ:

9- الْهَدِيَّةُ إِحْدَى أَنْوَاعِ الْهِبَةِ فَتَجْرِي فِيهَا أَحْكَامُهَا وَشُرُوطُهَا وَقَدْ سَبَقَ تَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة).

10- وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْهَدِيَّةِ: صِيغَةٌ بَلْ يَكْفِي الْبَعْثُ مِنَ الْمُهْدِي وَقَبْضُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، فَيَقُومُ ذَلِكَ مَقَامَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ، كَمَا جَرَتْ أَعْرَافُ النَّاسِ فِي الْأَعْصَارِ وَالْأَزْمَانِ.

وَقَدْ أَهْدَى الْمُلُوكُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- الْكِسْوَةَ وَالدَّوَابَّ وَالْجَوَارِيَ، وَلَمْ يُنْقَلْ إِيجَابٌ وَلَا قَبُولٌ.

11- وَلَا يَمْلِكُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ الْهَدِيَّةَ إِلاَّ بِالْقَبْضِ بِإِذْنِ الْمُهْدِي أَوْ وَارِثِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَالتَّفْصِيلُ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة ف 27- 30).

الْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالْهَدِيَّةِ:

تَتَعَلَّقُ بِالْهَدِيَّةِ أَحْكَامٌ مِنْهَا:

أ- الرُّجُوعُ فِي الْهَدِيَّةِ:

12- لِلْمُهْدِي الرُّجُوعُ فِي الْهَدِيَّةِ قَبْلَ الْقَبْضِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، أَمَّا بَعْدَ الْقَبْضِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ وَخِلَافٌ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ.

يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (هِبَة ف 21).

ب- وِعَاءُ الْهَدِيَّةِ:

13- قَالَ الْحَنَفِيَّةُ كَمَا جَاءَ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: رَجُلٌ بُعِثَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي إِنَاءٍ أَوْ ظَرْفٍ هَلْ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ إِنْ كَانَ ثَرِيدًا أَوْ نَحْوَهُ؟ يُبَاحُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي ذَلِكَ دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إِذَا جَعَلَهُ فِي إِنَاءٍ آخَرَ ذَهَبَتْ لَذَّتُهُ، وَإِنْ كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْفَوَاكِهِ أَوْ نَحْوِهَا إِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا انْبِسَاطٌ يُبَاحُ لَهُ أَيْضًا وَإِلاَّ فَلَا، وَيُقَالُ: إِذَا بُعِثَ إِلَيْهِ بِهَدِيَّةٍ فِي ظَرْفٍ أَوْ إِنَاءٍ وَمِنَ الْعَادَةِ رَدُّ الظَّرْفِ وَالْإِنَاءِ لَمْ يَمْلِكِ الظَّرْفَ وَالْإِنَاءَ، وَذَلِكَ كَالْقِصَاعِ وَالْجِرَابِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَادَةِ أَنْ لَا يَرُدَّ الظَّرْفَ كَقَوَاصِرِ التَّمْرِ فَالظَّرْفُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا لَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ.

ثُمَّ إِذَا لَمْ يَكُنِ الظَّرْفُ هَدِيَّةً كَانَ أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُهْدَى إِلَيْهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي غَيْرِ الْهَدِيَّةِ وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ الْهَدِيَّةَ فِيهِ إِذَا لَمْ تَقْتَضِ الْعَادَةُ تَفْرِيغَهُ فَإِنِ اقْتَضَتْ تَفْرِيغَهُ وَتَحْوِيلَهُ عَنْهُ لَزِمَهُ تَفْرِيغُهُ، كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.

وَيُفْهَمُ مِنْ عِبَارَاتِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ وِعَاءَ الْهَدِيَّةِ يُرَدُّ إِلَى الْمُهْدِي.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا بَعَثَ شَخْصٌ لآِخَرَ هَدِيَّةً فِي وِعَاءٍ فَإِنْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ كَقَوْصَرَةِ التَّمْرِ فَالْوِعَاءُ هَدِيَّةٌ أَيْضًا كَالَّذِي فِي الظَّرْفِ تَحْكِيمًا لِلْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ، وَإِنْ جَرَتِ الْعَادَةُ بِرَدِّهِ أَوِ اضْطَرَبَتِ الْعَادَةُ فَلَا يَكُونُ هَدِيَّةً، بَلْ أَمَانَةً فِي يَدِهِ كَالْوَدِيعَةِ، وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُهُ إِلاَّ فِي أَكْلِ الْهَدِيَّةِ مِنْهُ، إِنِ اقْتَضَتْهُ الْعَادَةُ عَمَلًا بِهَا وَتَكُونُ عَارِيَةً حِينَئِذٍ.

ج- هَدَايَا الْخِتَانِ وَالزِّفَافِ:

14- إِذَا عَمِلَ أَحَدٌ دَعْوَةً لِخِتَانِ وَلَدِهِ فَأَهْدَى الْمَدْعُوُّونَ هَدَايَا وَوَضَعُوهَا بَيْنَ يَدَيْهِ: قَالَ الْحَنَفِيَّةُ: إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصِّبْيَانِ مِثْلَ ثِيَابِ الصِّبْيَانِ، أَوْ شَيْئًا يَسْتَعْمِلُهُ الصِّبْيَانُ فَهِيَ لِلصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَكُونُ هَدِيَّةً لِلصَّبِيِّ عَادَةً، وَإِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ يُرْجَعُ إِلَى الْمُهْدِي، فَإِنْ قَالَ: هِيَ لِلصَّغِيرِ كَانَتْ لِلصَّغِيرِ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ: يُنْظَرُ إِنْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ أَقَارِبِ الْأَبِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَهِيَ لِلْأَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْأُمِّ أَوْ مَعَارِفِهَا فَهِيَ لِلْأُمِّ.

15- وَكَذَلِكَ إِنِ اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِزِفَافِ بِنْتِهِ إِلَى بَيْتِ زَوْجِهَا فَأَهْدَى النَّاسَ هَدَايَا فَهِيَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَرَابَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ قَرَابَةِ الْأُمِّ.وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ لَوْ كَانَ الْمُهْدِي مِنْ مَعَارِفِ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ أَقَارِبِهِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ أَقَارِبِهَا، إِلاَّ إِذَا بَيَّنَ الْمُهْدِي وَقَالَ: أَهْدَيْتُ لِهَذَا أَوْ لِهَذَا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا تَكُونُ الْهَدِيَّةُ لِلْوَالِدِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَكُونُ لِلْوَلَدِ لِأَنَّ الْوَالِدَ اتَّخَذَ الْوَلِيمَةَ لِأَجْلِ الْوَلَدِ، وَلَا يُعْتَبَرُ قَوْلُ الْمُهْدِي عِنْدَ الْإِهْدَاءِ: أَهْدَيْتُ لِلْوَالِدِ؛ لِأَنَّ الْوَالِدَ أَوْ صَاحِبَ الْوَلِيمَةِ إِذَا كَانَ رَجُلًا عَظِيمًا مُحْتَرَمًا يَقُولُ الْمُهْدِي عَادَةً: هَذَا لِخِدْمَتِكُمْ.

قَالَ النَّابُلُسِيُّ: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا قُلْنَا أَوَّلًا.وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ إِنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ وَجَاءَ بِالتُّحَفِ إِلَى مَنْ نَزَلَ عِنْدَهُ وَقَالَ: اقْسِمْ هَذَا بَيْنَ أَوْلَادِكَ وَامْرَأَتِكَ وَنَفْسِكَ، فَإِنْ أَمْكَنَ الرُّجُوعُ إِلَى بَيَانِ الْمُهْدِي فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ إِلَيْهِ فَمَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ فَلَهُ وَمَا يَصْلُحُ لِلنِّسَاءِ فَهُوَ لِلزَّوْجَةِ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنَ الْإِنَاثِ فَهُوَ لَهُنَّ وَمَا يَصْلُحُ لِلصِّغَارِ مِنَ الذُّكُورِ فَهُوَ لَهُمْ، وَمَا يَصْلُحُ لِكِلَيْهِمَا يُنْظَرُ إِلَى الْمُهْدِي: فَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الرَّجُلِ أَوْ مَعَارِفِهِ فَلَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَقَارِبِ الْمَرْأَةِ أَوْ مِنْ مَعَارِفِهَا فَلَهَا، فَإِذَنِ التَّعْوِيلُ عَلَى الْعَادَةِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: الْهَدَايَا الْمَحْمُولَةُ عِنْدَ الْخِتَانِ مِلْكٌ لِلْأَبِ.وَقَالَ جَمْعٌ: هِيَ لِلِابْنِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَقْبَلُ لَهُ الْأَبُ وُجُوبًا، إِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَبُولِهِ مَحْذُورٌ، وَمِنَ الْمَحْذُورِ أَنْ يَقْصِدَ الْمُهْدِي التَّقَرُّبَ لِلْأَبِ وَهُوَ قَاضٍ وَنَحْوُهُ مِنْ أَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ وَالْعُمَّالِ فَحِينَئِذٍ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَبُولُ لِنَفْسِهِ وَلَا لِلِابْنِ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إِذَا أَطْلَقَ الْمُهْدِي فَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فَإِنْ عَيَّنَهُ فَهِيَ لِمَنْ قَصَدَهُ اتِّفَاقًا.

د- الْهَدَايَا أَثْنَاءَ الْخِطْبَةِ:

16- إِذَا أَهْدَى الْخَاطِبُ إِلَى مَخْطُوبَتِهِ أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ لَمْ يَتِمَّ الزَّوَاجُ، فَفِي الرُّجُوعِ بِالْهَدِيَّةِ وَالنَّفَقَةِ خِلَافٌ وَتَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ (خُطْبَة ف 39).

هـ- أَقْسَامُ الْهَدِيَّةِ:

17- الْهَدِيَّةُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ كَمَا جَاءَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ نَقْلًا عَنْ أَقْضِيَةِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ:

أ- حَلَالٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ كَالْإِهْدَاءِ لِلتَّوَدُّدِ.

ب- وَحَرَامٌ مِنْهُمَا كَالْإِهْدَاءِ لِيُعِينَهُ عَلَى ظُلْمٍ.

ج- وَحَرَامٌ عَلَى الْآخِذِ فَقَطْ وَهِيَ أَنْ يُهْدِيَهُ لِيَكُفَّ عَنْهُ الظُّلْمَ.

د- أَنْ يَدْفَعَهُ لِدَفْعِ الْخَوْفِ مِنَ الْمُهْدِي إِلَيْهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عِيَالِهِ أَوْ عِرْضِهِ، فَهَذِهِ حَلَالٌ لِلدَّافِعِ حَرَامٌ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ، فَإِنَّ دَفْعَ الضَّرَرِ عَنِ الْمُسْلِمِ وَاجِبٌ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْمَالِ لِيَفْعَلَ الْوَاجِبَ.

18- وَمِنَ الْهَدَايَا الْمُحَرَّمَةِ: هَدَايَا الْعُمَّالِ وَأَرْبَابِ الْوِلَايَاتِ مِنْ قَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنَ الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَ وَظَائِفَ عَامَّةً لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ عَيْنًا أَوْ مَنْفَعَةً أَمْ تَمَّتْ فِي صُورَةِ مُحَابَاةٍ.

وَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي وَنَحْوِهِ قَبُولُ هَدِيَّةٍ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهَا، وَإِنْ تَأَذَّى الْمُهْدِي بِالرَّدِّ يُعْطَى قِيمَتَهَا.وَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهَا لِعَدَمِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ بُعْدِ مَكَانِهِ وُضِعَ فِي بَيْتِ الْمَالِ إِلَى أَنْ يَحْضُرَ صَاحِبُهَا فَيُدْفَعَ إِلَيْهِ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ اللُّقَطَةِ، هَذَا إِذَا أَهْدَاهُ مَنْ لَهُ خُصُومَةٌ، أَوْ مَنْ لَا خُصُومَةَ لَهُ وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُهْدَى إِلَيْهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْخُصُومَةِ تَدْعُو إِلَى الْمَيْلِ، وَفِي حَالَةِ عَدَمِهَا فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ سَبَبَ الْإِهْدَاءِ الْعَمَلُ. (ر: قَضَاء ف 35).

وَيَجُوزُ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِنْ قَرِيبٍ أَوْ صَدِيقٍ كَانَ يُهْدَى لَهُ قَبْلَ الْوِلَايَةِ إِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ خُصُومَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ مُرْتَقَبَةٌ، وَكَانَتِ الْهَدِيَّةُ بِالْقَدْرِ الَّذِي كَانَ يُهْدِيهِ قَبْلَ الْوِلَايَةِ أَوِ التَّرْشِيحِ، لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ، بِخِلَافِهَا بَعْدَ التَّرْشِيحِ أَوْ مَعَ الزِّيَادَةِ، فَيَحْرُمُ الْكُلُّ إِنْ كَانَتِ الزِّيَادَةُ بِالْوَصْفِ، كَأَنْ كَانَ يُهْدَى أَثْوَابًا مِنَ الْكَتَّانِ، فَأُهْدِيَ إِلَيْهِ بَعْدَ الْوِلَايَةِ الْحَرِيرُ.

وَسَائِرُ الْعُمَّالِ مِمَّنْ يَتَوَلَّوْنَ وِلَايَةً عَامَّةً كَالْقَاضِي فِي حُرْمَةِ الْهَدِيَّةِ وَنَحْوِهَا عَلَيْهِمْ وَمِنْهُمْ مَشَائِخُ الْأَسْوَاقِ وَالْبُلْدَانِ وَالْقُرَى وَمُبَاشِرُو الْأَوْقَافِ وَكُلُّ مَنْ يَعْمَلُ لِلْمُسْلِمِينَ عَمَلًا حُكْمُهُ فِي الْهَدِيَّةِ حُكْمُ الْقَاضِي.

وَالْأَصْلُ فِي حُرْمَةِ قَبُولِ هَؤُلَاءِ الْهَدَايَا قَوْلُهُ- صلى الله عليه وسلم-: «هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ» وَفِي لَفْظٍ: «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ» وَوَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- اسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنَ الْأَسْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى صَدَقَةٍ فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: هَذَا لَكُمْ وَهَذَا لِي أُهْدِيَ لِي.فَقَامَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى الْمِنْبَرِ: فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ: مَا بَالُ عَامِلٍ أَبْعَثُهُ فَيَقُولُ: هَذَا لَكُمْ، وَهَذَا أُهْدِيَ لِي؟ أَفَلَا قَعَدَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ فِي بَيْتِ أُمِّهِ حَتَّى يَنْظُرَ أَيُهْدَى إِلَيْهِ أَمْ لَا؟ وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَنَالُ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْهَا شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى عُنُقِهِ، بَعِيرٌ لَهُ رُغَاءٌ، أَوْ بَقَرَةٌ لَهَا خُوَارٌ، أَوْ شَاةٌ تَيْعَرُ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْنَا عَفْرَتَيْ إِبِطَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ مَرَّتَيْنِ».

و- خِلَعُ الْمُلُوكِ عَلَى مَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِمُ الْهَدِيَّةُ:

19- بَحَثَ التَّاجُ السُّبْكِيُّ أَنَّ خِلَعَ الْمُلُوكِ الَّتِي مِنْ أَمْوَالِهِمْ لَيْسَتْ كَالْهَدِيَّةِ، فَيَجُوزُ لِمَنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ أَنْ يَقْبَلَهَا بِشَرْطِ اعْتِيَادِهَا لِمْثِلِهِ، وَأَنْ لَا يَتَغَيَّرَ قَلْبُهُ عَنِ التَّصْمِيمِ عَلَى الْحَقِّ.

وَجَاءَ فِي رَدِّ الْمُحْتَارِ: إِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ إِلاَّ مِنْ أَرْبَعٍ: السُّلْطَانِ، وَالْبَاشَا وَهُوَ حَاكِمُ بَلَدِهِ، وَقَرِيبِهِ ذِي الرَّحِمِ الْمُحَرَّمِ، وَمَنْ جَرَتْ عَادَتُهُ بِذَلِكَ بِقَدْرِ عَادَتِهِ وَلَا خُصُومَةَ لَهُمَا.

وَسَائِرُ الْعُمَّالِ فِي ذَلِكَ كَالْقَاضِي.

ز- قَبُولُ الْإِمَامِ الْهَدِيَّةَ:

20- لَيْسَ لِلْإِمَامِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ لِعُمُومِ الْأَدِلَّةِ: وَمِنْهَا خَبَرُ: «هَدَايَا السُّلْطَانِ سُحْتٌ»؛ وَلِأَنَّ قَبُولَ الْهَدِيَّةِ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَإِنْ أُجِيزَ لِلْإِمَامِ لَمْ تَكُنْ خُصُوصِيَّتَهُ.

انْظُرْ مُصْطَلَحَ (الْإِمَامَة الْكُبْرَى ف 28، وَرِشْوَة ف9).

ح- هَدِيَّةُ الْمُفْتِي وَالْوَاعِظِ وَمُعَلِّمِ الْقُرَآنِ وَالْعِلْمِ:

21- ذَهَبَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ لَا تَحْرُمُ عَلَى الْمُفْتِي وَالْوَاعِظِ وَمُعَلِّمِ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ الْهَدِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَهْلِيَّةُ الْإِلْزَامِ؛ وَلَكِنَّ الْأَوْلَى فِي حَقِّهِمْ إِنْ كَانَ سَبَبُ الْهَدِيَّةِ مُقَابِلَ مَا يَحْصُلُ مِنْهُمْ مِنَ الْإِفْتَاءِ، وَالْوَعْظِ وَالتَّعْلِيمِ عَدَمُ الْقَبُولِ لِيَكُونَ عَمَلُهُمْ خَالِصًا لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى.

وَإِنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِمْ تَحَبُّبًا وَتَوَدُّدًا لِعِلْمِهِمْ وَصَلَاحِهِمْ فَالْأَوْلَى الْقَبُولُ.

أَمَّا إِذَا أَخَذَ الْمُفْتِي الْهَدِيَّةَ لِيُرَخِّصَ فِي الْفَتْوَى، فَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَهُوَ رَجُلٌ فَاجِرٌ يُبَدِّلُ أَحْكَامَ اللَّهِ تَعَالَى وَيَشْتَرِي بِهَا ثَمَنًا قَلِيلًا، وَإِنْ كَانَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ كَرَاهَةً شَدِيدَةً.انْظُرْ مُصْطَلَحَ (فَتْوَى ف 35).

ط- هَدَايَا الرَّعَايَا بَعْضِهِمْ بَعْضًا:

22- نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْهَدَايَا بَيْنَ الرَّعَايَا بَعْضِهِمْ بَعْضًا إِنْ كَانَتِ الْهَدِيَّةُ لِطَلَبٍ آجِلٍ أَوْ عَاجِلٍ هُوَ مَالٌ أَوْ مَوَدَّةٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَفِي بَعْضِ الصُّوَرِ مُسْتَحَبٌّ، وَإِنْ كَانَتْ لِأَجْلِ شَفَاعَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الشَّفَاعَةُ فِي مَحْظُورٍ لِطَلَبِ الْمَحْظُورِ، أَوْ إِسْقَاطِ حَقٍّ، أَوْ مَعُونَةٍ عَلَى ظُلْمٍ فَقَبُولُهَا حَرَامٌ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي مُبَاحٍ لَا يَلْزَمُهُ، فَإِنْ شَرَطَا هَدِيَّةً عَلَى الْمَشْفُوعِ لَهُ فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ، وَكَذَلِكَ إِنْ قَالَ الْمُهْدِي: هَذِهِ الْهَدِيَّةُ جَزَاءُ شَفَاعَتِكَ فَقَبُولُهَا مَحْظُورٌ أَيْضًا.وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا الشَّافِعُ وَأَمْسَكَ الْمُهْدِي عَنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ فَإِنْ كَانَ مُهْدِيًا لَهُ قَبْلَ الشَّفَاعَةِ لَمْ يُكْرَهْ لَهُ الْقَبُولُ، وَإِلاَّ كُرِهَ لَهُ الْقَبُولُ إِنْ لَمْ يُكَافِئْهُ، وَإِنْ كَافَأَهُ لَمْ يُكْرَهْ.

ي- الْهَدِيَّةُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ:

23- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْإِهْدَاءُ بِاسْمِ النَّيْرُوزِ كَأَنْ يَقُولَ عِنْدَ الْإِهْدَاءِ: هَذَا هَدِيَّةُ النَّيْرُوزِ وَالْمَهْرَجَانِ، وَمِثْلُ الْقَوْلِ النِّيَّةُ، وَالنَّيْرُوزُ أَوَّلُ الرَّبِيعِ وَالْمَهْرَجَانُ أَوَّلُ الْخَرِيفِ، وَهُمَا يَوْمَانِ يُعَظِّمُهُمَا بَعْضُ الْكُفَّارِ وَيَتَهَادُونَ فِيهِمَا.

وَإِنْ قَصَدَ تَعْظِيمَهُمَا كَمَا يُعَظِّمُهُمَا الْكَفَرَةُ كَفَرَ.

ك- قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ:

24- نَصَّ الشَّافِعِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ أَكْثَرُ مَالِهِ حَرَامٌ إِلاَّ مَا عَلِمَ حُرْمَتَهُ بِعَيْنِهِ.

ل- هَدَايَا الْكُفَّارِ لِلْمُسْلِمِينَ:

25- إِنْ أَهْدَى الْكُفَّارُ لِمُسْلِمٍ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ فِي أَثْنَاءِ الْحَرْبِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ، أَمَّا مَا أَهْدَوْهُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِفَيْءٍ، كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ بِغَنِيمَةٍ، بَلْ هُوَ لِمَنْ أُهْدِيَ إِلَيْهِ.

م- الْهَدِيَّةُ لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ:

26- يَحْرُمُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ إِذَا كَانَتْ لِخَوْفٍ أَوْ حَيَاءٍ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْغَصْبِ.

(

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م

حمادة عبيد أحمد إبراهيم

00966501251072

almougem@gmail.com