نتائج البحث عن (أَثْوَابُهُ)
1-العربية المعاصرة (ثاب)
ثابَ/ثابَ إلى يَثُوب، ثُبْ، ثَوْبًا وثُئُوبًا وثوابًا وثَوَبانًا، فهو ثائب، والمفعول مَثُوب إليه.* ثاب المرءُ: رجع، عاد، ارتدّ إلى الصواب (ثاب إلى عقله/ذهنه: عاد إلى حالته الطبيعية- ثاب إليه عقلُه) (*) ثابت نفسه: هدأ وزال اضطرابه/استعاد وعيه، صحا من غيبوبته.
* ثاب إلى الله: اهتدى، تاب ورجع إلى طاعته (ثاب إلى رشده).
أثابَ يُثيب، أثِبْ، إثابةً، فهو مُثيب، والمفعول مُثاب.
* أثاب فلانًا: كافأه وجازاه خيرًا أو شرًّا (أثابه على عمله- أثابه ثوابه: أعطاه إيّاه- أَثِيبُوا أَخَاكُمْ [حديث] - {فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ} [قرآن]).
تثيَّبَ يتثيَّب، تثيُّبًا، فهو متثيِّب.
* تثيَّبت المرأة: صارت ثيِّبًا، فارقها زوجها بموت أو طلاق (انظر: ث ي ب - تثيَّبَ).
ثوَّبَ يثوِّب، تثويبًا، فهو مُثوِّب، والمفعول مُثوَّب (للمتعدِّي).
* ثوَّب المؤذنُ: قال في أذان الفجر: الصلاة خير من النوم مرتين (*) تثويب الصَّلاة: الدعاء لإقامتها.
* ثوَّب فلانًا: كافأه وجازاه {هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [قرآن] - تثويب المؤمن: دعاؤه/ترديده الدعاء.
إثابة [مفرد]: مصدر أثابَ.
ثُئوب [مفرد]: مصدر ثابَ/ثابَ إلى.
ثائب [مفرد]: اسم فاعل من ثابَ/ثابَ إلى.
ثواب [مفرد]:
1 - مصدر ثابَ/ثابَ إلى.
2 - جزاء يكون في الخير والشرِّ إلا أنه في الخير أخصّ، أو أكثر استعمالًا، عكسه عقاب (نال الثواب من الله- {فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ} [قرآن]).
3 - عطاء {وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ} [قرآن].
4 - [في علوم النفس] دافع إيجابي يحصل عليه الفرد عند حدوث الاستجابة التي يتوقَّف عليها هذا الثَّواب.
ثَوْب [مفرد]: جمعه أثواب (لغير المصدر) وثِياب (لغير المصدر):
1 - مصدر ثابَ/ثابَ إلى.
2 - لفَّة كاملة من القماش مختلفة المقدار ينطقها العامة بالتاء (اشتريت ثلاثة أثوابٍ من القماش).
3 - ما يُلبس ليغطي الجسد أو جُزءًا منه، لِباس، ويتخذ من الكتَّان أو القطن أو الصوف أو الخزّ أو الفراء أو غير ذلك (ظهر في ثَوب جديد- {عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ} [قرآن]) (*) ثَوْب أدبيّ: أسلوب، قالب- ثَوْب الأسى: ملبس الحزن- ثَوْب البحر: ما يلبسه الشخص على الشاطئ للاستحمام- ثَوْب السَّهرة: لباس ذو طابع رسمي يُرتدى في مناسبات خاصة- جرّ أثوابه: تبختر، زها بنفسه- دنِس الثِّياب: خبيث الفعل- رَجُلٌ طاهرُ الثَّوب/رَجُلٌ نقيّ الثَّوب: بريء من العيب.
* الثَّوْبان: ثَوْبا الإحرام، وهما إزارٌ يُشَدّ على الوسط، ورداء يوضع على المنكبين، غير مخيَّطين يرتديهما حُجَّاج بيت الله الحرام.
ثَوَبان [مفرد]: مصدر ثابَ/ثابَ إلى.
ثَيِّب [مفرد]: جمعه ثَيِّبات وثُيَّب:
1 - من ليست بكرًا (الثَّيِّبُ تُعْرِبُ عَنْ نَفْسِهَا) [حديث].
2 - امرأة فارقت زوجها بموت أو طلاق (انظر: ث ي ب - ثَيِّب) {تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا} [قرآن].
مَثابة [مفرد]: اسم مكان من ثابَ/ثابَ إلى: بيت أو موضع أو ملجأ يُرجَع إليه مرّةً بعد أخرى ({وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} [قرآن]: مجتمعًا ومنزلًا ومرجعًا يرجعون إليه).
* بمَثابة: بمنزلة أو مرتبة، كبديل مساوٍ، أو عوضًا عن (أيُّ هجوم على بلد عربيّ يُعدُّ بمَثابة هجوم على العرب جميعًا- كان فلان لي بمثابة أب).
مَثُوبَة [مفرد]: جزاء وثواب {لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ خَيْرٌ} [قرآن].
مُثِيب [مفرد]: اسم فاعل من أثابَ.
* المُثيب: من صفات الله تعالى، ومعناه: المجازي، ويكون في الخير والشّرّ، إلاّ أنّه بالخير أخصّ وأكثر استعمالًا.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (زرى)
زرَى/زرَى ب يَزرِي، ازْرِ، زَرْيًا وزِرايةً، فهو زارٍ، والمفعول مَزرِيّ.* زرَى الأبُ على ابنه سوءَ تصرُّفه: عابه واستخفَّ به، استهزأ به.
* زرَى بخصمه: انتقص من قدره (لا تكن زاريًا بزملائك).
أزرى/أزرى ب/أزرى على يُزري، أزْرِ، إزراءً، فهو مُزرٍ، والمفعول مُزْرًى.
* أزرى كلامَه/أزرى بكلامه/أزرى على كلامه: عابَه وحقّره، انتقص من قدره.
ازدرى/ازدرى ب يزدري، ازْدَرِ، ازدراءً، فهو مُزْدرٍ، والمفعول مُزْدرًى.
* ازدرى خصمَه/ازدرى بخصمه: حقَّره واستخفَّ به (نظر الحاضرون إلى المتّهم بازدراء- ازدرته عيني: احتقرَته- الازدراء أقسى أنواع التأنيب [مثل] - ترى الرجل النحيف فتزدريه.. وفي أثوابه أسد جَسُورُ- {وَلاَ أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللهُ خَيْرًا} [قرآن]).
إزراء [مفرد]: مصدر أزرى/أزرى ب/أزرى على.
ازدِراء [مفرد]: مصدر ازدرى/ازدرى ب.
زِراية [مفرد]: مصدر زرَى/زرَى ب.
زَرْي [مفرد]: مصدر زرَى/زرَى ب.
زَرِيّ [مفرد]: ذميم تافه لا يُعَدُّ شيئًا (ظلَّ زَرِيًّا طوال حياته).
مُزْرٍ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من أزرى/أزرى ب/أزرى على.
2 - مُخجِل، مُؤسِف (بالرغم من غناه فلباسه مُزْرٍ- موقف مُزْرٍ).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-المعجم الوسيط (هَدْمَلَ)
[هَدْمَلَ] الرّجُلُ: خرَّق أَثوابَه.المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-شمس العلوم (الحَار)
الكلمة: الحَار. الجذر: حور. الوزن: فَعَل.[الحَوَر]: جلد مصبوغ بحمرة والجميع أحوار، قال:
فظل يرشح مسكًا فوقه عَلَقٌ *** كأنما قُدّ في أثوابه الحَوَر
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
5-شمس العلوم (الضَّرَر)
الكلمة: الضَّرَر. الجذر: ضرر. الوزن: فَعَل.[الضَّرَر]: الضيق، يقال: نزل فلانٌ مكا ضَررًا: أي ضَيَّقًا.
والضَّرَر: الاسم من ضَرَّ يضرُّ، قال الله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}.
قرأ نافع وابن عامر والكسائي بنصب {غَيْرَ} على الاستثناء، أو على الحال، وهو رأي أبي عبيد.
والباقون بالرفع على النعت، قال جَبَلَةُ بنُ الأيهم الملك الغساني:
تنصَّرتِ الأشراف من عار لطمةٍ *** وما كان فيها لو صبرتُ لها ضَرَرْ
وذلك أنه خرج من دمشق في خمس مئة فارس من قومه فوصلوا المدينة إِلى عمر بن الخطاب فأسلموا ثم حَجُّوا مع عمر تلك السنة، فبينا جبلة يطوف إِذ وطئ رجلٌ من مزينة طرف أثوابه، فلطمه جبلة، فأمر عمر جبلة أن يقتص منه المزني بلطمته، فقال جَبَلَة: لا أدين بدينٍ فيه ذُلٌّ.
وارتد عن الإِسلام، ولحق ومن معه ببلاد الروم، فأخلى له ملك الروم قصره، وسلَّم له ما كان فيه، فَوَلَدُ جبلة ومن خرج معه من غسان ببلاد الروم إِلى اليوم، يقال: إِن منهم ملك الروم نقفور وأهل بيته.
ثم ندم جبلة على الإِسلام وقال شعرًا:
تنصرت الأشراف من عار لطمةٍ *** وما كان فيها لو صبرت لها ضَرَرْ
تَكَنَّفني فيها لَجَاجٌ ونخوةٌ *** فبعت لها العين الصحيحة بالعَوَرْ
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني *** رجعت إِلى القول الذي قاله عمر
ويا ليتني أرعى المَخَاض بقفرةٍ *** أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
أدين بما دانوا به من شريعةٍ *** وقد يجلسُ العَوْدُ المسنُّ على الدَّبَرْ
قال الفقهاء: يقتص باللطمة إِلا أن تكون في العين، أو في موضع يُخشى من القصاص فيه التلف، وهو قول الليث لهذا الحديث عن عمر.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا قِصاصَ في اللطمة، لأنها تختلف ولا تستوي.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
6-شمس العلوم (الَّلأَى)
الكلمة: الَّلأَى. الجذر: لءو. الوزن: فَعَل.[الَّلأَى]: قال بعضهم: اللأى: اللأواء، وهي المشقة والشدة، قال:
وليس يُغَيِّرُ خُلْقَ الكريمِ *** خُلوقةُ أثوابهِ واللأى
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
7-شمس العلوم (المزير)
الكلمة: المزير. الجذر: مزر. الوزن: فَعِيل.[المزير]: الرجل الشديد القلب، الظريف، قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه *** وفي أثوابه رجلٌ مَزير
ويروى: أسدٌ هصور.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
8-التوقيف على مهمات التعاريف (القرض)
القرض: الجزء من الشيء والقطع منه، كأنه يقطع له من ماله قطعة ليقطع له من أثوابه إقطاعا مضاعفة، ذكره الحرالي. وقال الراغب: من القطع، ومنه سمي به ما يُدفع للإنسان بشرط رد بدله قرضا. وفيالتوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م
9-العباب الزاخر (قسس)
قسسالقَسُّ -بالفتح-: تَتَبُّع الشَّيْئِ وطَلَبُه، قال رؤبة:
«يُصْبِحْنَ عن قَسِّ الأذى غَوافِلا *** يَمْشِيْنَ هَوْنًا خُرَّدًا بَهَـالِـلا»
«لا جَعْبَرِيّاتٍ ولا طَهَـامِـلا»
والقَسُّ: النَّميمَة، قال رؤبة:
«باعَدَ عَنْكَ العَيْبَ والتَّـدْنِـيسـا *** ضَرْحُ الشِّمَاسِ الخُلُقَ الضَّبِيْسا»
«فَحْشَاءَهُ والكَذِبَ المَـنْـدُوْسـا *** والشَّرَّ ذا النَّمِيْمَةِ المَقْسُـوْسـا»
وقال الليث: القَسُّة -بلغة أهل السَّوَاد-: القرية الصغيرة.
والقَسُّ والقِسِّيْسُ: رئيس النصارى في الدِّيْن والعِلْمِ، وجمع القَسّ: قُسُوْس، وجمع القِسِّيْس: قِسِّيْسُوْنَ وقَسَاوِسَة وقُسُوْس- أيضًا-، قال الله تعالى: (قِسِّيْسِيْنَ ورُهْبَانًا). والقَسَاوِسَة على قول الفرّاء: جمعٌ مِثل مَهَالِبَة؛ فَكَثُرَت السِّيْنات فأبْدَلوا من إحداهُنَّ واوًا، وأنشد لأُمَيَّةَ ابن أبي الصَّلْتِ الثَّقَفيّ:
«لو كانَ مُنْفَلِتٌ كانَت قَسَاوِسَةً *** يُحْيِيْهم اللهُ في أيْدِيْهم الزُّبُرُ»
وقَسَسْتُ القَوْمَ: آذَيْتُهم بالكلام القَبيح.
وقال ابن دريد: قَسَسْتُ ما على العَظْمِ قَسًّا: إذا أكَلْتَ ما عليه من اللَّحْمِ وامْتَخَخْتَه.
والقَسُّ -بالفتح-: صاحِب الإبل الذي لا يُفارِقُها.
وقال ابن السكِّيت: ناقَةٌ قَسُوْس: إذا ضَجَرَت وساءَ خٌلٌقٌها عند الحَلِب.
والقَسُوْس -أيضًا-: التي ترعى وَحْدَها، وقد قَسَّتْ تَقُسُّ.
وقال أبو عمرو: القَسُوْس: الناقة التي ولّى لَبَنُها.
وقال أبو عُبَيدة: يقال ظَلَّ يَقُسُّ دابَّتَه: أي يَسُوْقُها.
والقَسُّ -أيضًا-: الصَّقيع.
وقَسَسْتُ الإبِلَ: أحْسَنْتُ رِعْيَتَها.
وليلة قَسِّيَّة: بارِدَة.
ودِرْهَم قَسِّيٌّ وقَسِيٌّ -بالتشديد والتخفيف-: أي رديءٌ.
والقَسِّيُّ: ثوب يُحْمَل من مِصر يُخالِطُه الحرير، ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- عن لِبْسِ القَسِّيِّ.
قال أبو عُبَيد: هو منسوب إلى بلاد يقال لها القَسُّ، قال: وقد رأيْتُها، ولم يَعْرِفْها الأصمَعيّ، قال: وأصحاب الحديث يقولونها بكسر القاف وأهل مِصر بالفتح. وقال شَمِر: قال بعضُهم هي القَزِّيُّ، أُبْدِلَتِ الزَّايُ سِينًا، قال ربيعة بن مَقْروم الضَّبِّيُّ يَصِف الظُّعن:
«جَعَلْنَ عَتيقَ أنْمـاطٍ خُـدُوْرًا *** وأظْهَرْنَ الكَوادِنَ والعُهُوْنـا»
«على الأحْداجِ واسْتَشْعَرْنَ رَيْطًا *** عِراقِيًّا وقَسِّـيًّا مَـصُـوْنـا»
ويروى: الكَرادِيَ.
وقُسُّ بن ساعِدَة بن عمرو بن شَمِرٍ -وقيل: عمرو بن عمرو- بن عَدِيِّ بن مالِك بن أيْدَعَانَ بن النَّمِر بن وائلَة بن الطَّمَثَان بن عَوْذِ مَناةَ بن يَقْدُمَ بن أفْصى بن دُعْمِيِّ بن أياد: الخطيب الحكيم البَليغ الذي يُضْرَب به المَثَل في الفصاحة. ولمّا قَدِمَ وَفْدٌ إيادٍ على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلّم- قال لهم: أيُّكُم يَعْرفُ قُسَّ بن ساعِدَة الإيادِيَّ؟ قالوا: كُلُّنا يَعْرفُه، قال: فما فَعَلَ؟ قالوا: ماتَ، قال: يَرْحَم الله قُسًّا؛ إنِّي لأرجو أن يأتي يومَ القِيامَة أُمَّةً وَحْدَه. ومن كلام قَسِّ بن ساعِدَة: أقْسَمَ قُسٌّ قَسَمًا بَرّ إلاّ إثْمَ فيه: ما لِلّهِ على الأرضِ دينٌ هو أًحَبُّ إليه من دين قد أظلَّكم زَمَانُه وأدْرَكَكُم أوانُه، طُوْبى لِمَن أدْرَكَه واتَّبَعَه، ووَيْلٌ لِمَنْ أدْرَكَه فَفَارَقَه. ثُمَّ أنْشَأ يقول:
«في الـذَاهِـبِـيْنَ الأوَّلِـيْ *** نَ من القُرُونِ لنا بَصَـائرْ»
«لَمّــا رَأيْتُ مَـــوارِدًا *** لِلْمَوْتِ ليس لها مَصَـادِرْ»
«ورَأيْتُ قَوْمي نَـحْـوَهـا *** تَمْضي الأصاغِرُ والأكابِرْ»
«لا يَرْجِعُ الـمـاضـي إلَ *** يَ ولا من الباقِيْنَ غابِـرْ»
«أيْقَـنْـتُ أنّـي لا مَـحَـا *** لَةَ حَيْثُ صارَ القَوْمُ صائرْ»
وقُسُّ النّاطِف: موضِع قريب من الكوفة على شاطئ الفُرات، كانَت عِنْدَهُ وَقْعَة بين الفُرْسِ وبين المُسْلِمين في خلافة عمر -رضي الله عنه-.
وقُسَيْس- مُصَغَّرًا-: مَوضِع، قال امرؤ القيس:
«أجَادَ قُسَيْسًَا فالصُّهَاءَ فَمِسْطَـحـًا *** وجَوًّا ورَوّى نَخْلَ قَيْسٍ بن شَمَّرا»
وقُسَاس: جبل لِبَني أسد، قال أوْفى بن مَطَر المازِنيّ:
«ألا أبْلِغا خُلَّتـي جـابِـرًا *** بأنَّ خَلِيْلَكَ لـم يُقْـتَـلِ»
«تحاوَزْتَ جُمران عن ساعةٍ *** وقلتَ قُسَاسٌ من الحَرْمَلِ»
وقال شَمِر: القُسَاس: مَعْدِن الحديد بإِرْمِيْنِيَةَ. والقُسَاسِيّ من السُّيُوف: منسوب إليه، وأنشد:
«إنَّ القُسَاسِيَّ الذي يَعْصَى بِهِ *** يَخْتَضِمُ الدّارِعَ في أثْوَابِهِ»
وقَرَبٌ قَسْقَاسٌ: أي سريع لَيْسَت فيه وَتيرَة.
والقَسْقَاس: الدليل الهادي، قال رؤبة:
«وضُمَّرٍ في لِيْنِهِنًّ أشْـرَاسْ *** يَحْفِزُها اللَّيلُ وحادٍ قَسْقَاسْ»
والقَسْقَاس: شِدَّة البَرْد والجوع، قال أبو جُهَيْمَة الذُّهْليّ:
«أتانا به القَسْقَاسُ ليلًا ودُوْنَهُ *** جَرَاثيمُ رَمْلٍ بَيْنَهُنَّ قِفَافُ»
«فأطْعَمْتُهُ حتى غَدا وكأنَّـهُ *** أسيرٌ يُدَاني مَنْكِبَيْهِ كِتَافُ»
وقال أبو عمرو: رِشاءٌ قَسْقَاسٌ: أي جَيِّدٌ.
وسَيف قَسْفَاس: إذا كان كَهامًا.
والقَسْقَاس: نَبْتٌ، وقال الدِّيْنَوَريّ: ذَكَروا أنَّ القَسْقَاسَ بَقْلَةٌ تُشْبِهُ الكَرَفْسَ، قال:
«وكُنْتَ من دائكَ ذا أقلاسٍ *** فاسْتَقْيِأً بِثَمَرِ القَسْقَـاسِ»
ولَيْل قَسْقَاس: مُظْلِم. وقال الأزهريّ: ليلة قَسْقَاس: إذا اشْتَدَّ السَّيْرُ فيها إلى الماء، وليس من الظُّلْمَةِ في شيءٍ.
وقال أبو زيد: القَسْقَاسَة والنَسْنَاسَة: العَصا. وفي حديث النبيّ -صلى الله عليه وسلّم-: أنَّ فاطِمَة بنت قيس -رضي الله عنها- أتَتْهُ تَسْتَأذِنْهُ وقد خَطَبَها أبو جَهْمٍ ومُعاوِيَة -رضي الله عنهما-، فقال: أمّا أبو جَهْم فأخافُ عليكِ قَسْقَاسَتَه العصا، وأمّا مُعاوِيَة فَرَجُلٌ أخْلَقُ من المالِ، قالتْ: فَتَزَوَّجْتُ أُسامَة بن زَيد -رضي الله عنه- بعد ذلك. قَسْقَاسَتَهُ: يعني تَحْريكَهُ إيّاها عند الضَّرْب. وكان يَنْبَغي أن يَقولَ: قَسْقَسَتَهُ العصا، وإنّما زِيْدَت الألف لئلاّ تتوالى الحَرَكات، ويُشْبِهُ أن تكونَ العَصا في الحَديثِ تَفْسِيرًا للقَسْقاسَة، وفيه وَجْهٌ آخَرُ: وهو أنْ يُرَادَ به كَثْرَةُ الأسْفارِ، يقول: لا حَظَّ لكَ في صُحْبَتِهِ، لأنَّه يُكْثِرُ الظَّعنَ ويُقِلُّ المُقَامَ.
والقَسْقَاسُ والقَسْقَسُ -وهو مَقْصُورٌ منه- والقُسَاقِسُ: الأسَدُ.
وقال ابن الأعرابي: القُسُسُ -بضمَّتَين-: العُقَلاء.
والقُسُس -أيضًا-: السّاقَةُ الحُذّاقُ.
والقُسُوْسَة والقِسِّيْسِيَّةِ: مَصْدَر القَسِّ. وفي كتاب النبي -صلى الله عليه وسلّم- لِنَصارى أهْلِ نَجْران: لا يُغَيَّرُ واهِفٌ عن وُهْفِيَّتِه -ويُروى: وِهافَتِه، ويُروى: وافِهٌ عن وُفْهِيَّتِه- ولا قِسِّيْسٌ عن قِسِّيْسِيَّتِه.
وقَسَاس -مثال أساس- بن أبي شَمِر بن مَعْدِي كَرِب: شاعِر.
وقَسٍّسْتُ الإبِلَ تَقْسِيْسًا: مثل قَسَسْتُها قَسًّا: إذا أحْسَنْتَ رِعْيَةَ الإبِلِ.
والتَّقَسُّسْ: التَّتَبُّعْ.
ويقال تَقَسَّسْتُ أصْواتُهُم باللَّيْل: أي تَسَمَّعْتُها.
والقَسْقَسَة: دَلَجُ اللَّيْلِ الدّائبُ.
وقَسْقَسْتُ بالكَلْبِ: إذا صِحْتُ بِهِ.
وقَسْقَسْتُ العِظامَ: إذا أكَلْتَ ما عليها من اللحم وامْتَخَخْتَه، مثل قَسَسْتُ، لغة يمانيّة.
وقَسْقَسَ الشَّيء: حَرَّكه.
وقَسْقَسَ: أسْرَعَ، يقال: ما زالَ يُقَسْقِسُ اللَّيْلَةَ كُلّها: إذا أدْأبَ السَّيْرَ.
والتركيب يدل على تَتَبُّع الشيء، وقد يشِذُّ عنه ما يُقارِبُه في اللَّفْظ.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
10-العباب الزاخر (نحف)
نحفابن دريد: النَّحَافَةُ: مصدر نَحِفَ بالكسر- ينْحَفُ نحافةً؛ فهو مَنْحوفٌ ونحِيف، كذا قال مَنحوفٌ، قال: ورجل نَحيفٌ بيِّن النَّحَافَةِ من قوم نِحَافٍ؛ مثل سمين من قوم ِمان، وقد قالوا: نَحُفَ يَنْحُفُ؛ كما قالوا: كرُم يَكْرُمُ.
والنَّحِيْفُ: القَضِيْفُ القليل اللحم خِلْقة لا هُزالًا، وأنشد الليث لسابق، وأنشده أبو تمام في الحماسة للعباس بن مرداس رضي الله عنه-؛ وليس له، وقال أبو رياش: هو لِمُوِّد الحُكماء:
«تَرى الرَّجُلَ النَّحِيْفَ فَتَزْدَرِيْهِ *** وفي أثْوَابِهِ أسَـدٌ مَـزِيْرُ»
وهو الحازم، ويُروى: "مَرِيْرُ" وهو القوي القلب الشديد. وقال صخر العغيّ الهُذلي:
«وقِدْحٍ يَخُوْرُ خُوَارَ الغَزَالِ *** رَكَّبْتُ فيه نحيصًا نَحِيْفا»
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
11-القاموس المحيط (سمط)
سَمَطَ الجَدْيَ يَسْمِطُه ويَسْمُطُه، فهو مَسْموطٌ وسَميطٌ: نَتَفَ صُوفَه بالماءِ الحَارِّ،وـ الشيءَ: عَلَّقَهُ،
وـ السِّكِّينَ: أحَدَّها،
وـ اللبنُ: ذَهَبَتْ حلاوتُه، ولم يَتَغَيَّرْ طَعْمُه، أو هو أولُ تَغَيُّرِه،
وـ الرجُلُ: سَكَتَ،
كسَمَّطَ وأسْمَطَ.
والسِّمْطُ، بالكسر: خَيْطُ النَّظْمِ، وقِلادَةٌ أطولُ من المِخْنَقَةِ
ج: سُمُوطٌ، والدِّرْعُ يُعَلِّقُها الفارِسُ على عَجُزِ فَرَسِه، والسَّيْرُ يُعَلَّقُ من السَّرْجِ، والثَّوْبُ ليسَتْ له بِطانَةٌ، طَيْلَسانٌ، أو ما كانَ من قُطْنٍ،
أو ـ من الثِّيابِ: ما ظَهَرَ من تَحْتُ، والرجُلُ الدَّاهِي الخَفيفُ، أو الصيَّادُ كذلك،
وـ من الرَّمْلِ: حَبْلُه، ووالِدُ شُرَحْبِيلَ الصَّحابِيِّ، وما أُفْضِلَ من العِمامَةِ على الصَّدْرِ والكَتِفَيْنِ.
وبنو السِّمْطِ، بالكسر: قَوْمٌ من النَّصَارى.
وأبو السِّمْطِ: من كُناهُم، وبالضم: ثوبٌ من الصُّوفِ.
والسَّمِيطُ: الرجُلُ الخفيفُ الحالِ،
كالسَّمْطِ، والآجُرُّ القائمُ بعضُه فوقَ بعضٍ،
كالسُّمَيْط، كزُبَيْرٍ.
وناقةٌ سُمُطٌ، بضمتين،
وأسْماطٌ: بِلا سِمَةٍ.
ونَعْلٌ سُمُطٌ وسَميطٌ وأسْماطٌ: لا رُقْعَةَ فيها.
وسَراوِيلُ أسْماطٌ: غيرُ مَحْشُوَّةٍ، وهو أن تكونَ طاقًا واحدًا.
وسَمَّطَ غَرِيمَهُ تَسْميطًا: أرْسَلَهُ،
وـ الشيءَ: عَلَّقَه على السُّمُوطِ. وكمُعَظَّمٍ من الشِّعْرِ: أبْياتٌ تَجْمَعُها قافِيَةٌ واحدةٌ مُخالِفَةٌ لِقَوافِي الأَبْياتِ، كقولِ امْرئِ القَيْسِ أو غيرِه:
«ومُسْتَلْئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمْح ذَيْلَهُ *** أقَمْتُ بعَضْبٍ ذِي سفَاسِقَ مَيْلَهُ»
«فَجَعْتُ به في مُلْتَقَى الحَيِّ خَيْلَه *** تَرَكْتُ عِتاقَ الطَّيْرِ تَحْجُلُ حَوْلَه»
كأَن على أثْوابِه نَضْحَ جِرْيالِ
و"حُكْمُكَ مُسَمَّطًا" أي: مُتَمَّمًا، أي: لَكَ حُكْمُكَ مُسَمَّطًا، ولا تَقُلْ إلا مَحْذُوفًا.
وخُذْه مُسَمَّطًا: سَهْلًا.
وسِماطُ القومِ، بالكسر: صَفُّهُم،
وـ من الوادِي: ما بينَ صَدْرِه ومُنْتَهاه
ج: سُمُطٌ،
وـ من الطعامِ: ما يُمَدُّ عليه.
وهم على سِماطٍ واحدٍ: على نَظْمٍ. وكزُبيرٍ: اسمٌ.
وتَسَمَّطَ: تَعَلَّقَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
12-المعجم العربي لأسماء الملابس (الردع)
والرَّدْع: اللطخ بالزعفران، وقيل: الردع أثر الخلوق والطيب في الجسد وقميص رادع ومردوع ومُردعَّ: فيه أثر الطيب والزعفران أو الدم؛ وجمع الرادع: الرُّدُع؛ قال الشاعر:«بنى نُمَيْرٍ تركتُ سيدكم *** أثوابه من دمائكم رُدُع»
وثوب رديع: مصبوغ بالزعفران.
المعجم العربي لأسماء الملابس-رجب عبدالجواد إبراهيم-صدر: 1423هـ/2002م
13-معجم النحو (قد الحرفية)
قد الحرفيّة: تختص بالفعل المتصرف الخبري، المثبت، المجرّد من ناصب، وجازم، وحرف تنفيس، وهي معه كالجزء، فلا تفصل منه بشيء إلّا بالقسم كقول الشاعر:«أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة***وما العاشق المسكين فينا بسارق »
وسمع: «قد ـ والله ـ أحسنت» ول «قد» خمسة معان:
(1) التوقّع وهو مع المضارع كقولك: «قد يقدم الغائب اليوم» وأمّا مع الماضي فتدخل منه على ماض متوقّع من ذلك قول المؤذّن «قد قامت الصّلاة» لأنّ الجماعة منتظرون ذلك.
(2) تقريب الماضي من الحال تقول «أقبل العالم» فيحتمل الماضي القريب والبعيد، فإذا قلت: «قد أقبل» اختصّ بالقريب ويبنى على إفادتها ذلك: أنها لا تدخل على «ليس وعسى ونعم وبئس» لأنّهنّ للحال.
(3) التقليل، نحو «قد يصدق الكذوب» وقد يكون التّقليل لمتعلّقه نحو قوله تعالى {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أي ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه.
(4) التّكثير كقول الهذلي:
«قد أترك القرن مصفرّا أنامله ***كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد »
من ذلك قوله تعالى {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ}.
(5) التّحقيق، نحو {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها} ومنه {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ}.
معجم النحو-عبدالغني الدقر-صدر: 1395هـ/1975م
14-المعجم المفصل في النحو العربي (ملاحظات)
ملاحظات:1 ـ تختلف «قد» الاسمية عن «قد» اسم الفعل عند اقترانها بالضمير فالضمير مع الاسمية في محل جر بالإضافة. ومع «قد» اسم الفعل هو في محل نصب مفعول به ويكون الفاعل بعده، مثل: «قدك نجاح» أي يكفيك أو كافيك، ومثل: «قدني شكر» بمعنى: كافيني أو يكفيني. وفي هذه الحالة يجوز حذف نون الوقاية فتقول: «قدي شكر». «قدي» اسم فعل المضارع بمعنى: يكفيني مبني على السكون وحرّك بالكسر منعا من التقاء ساكنين و «الياء» ضمير متصل مبني على السكون في محل نصب مفعول به. «شكر» فاعل مرفوع.
2 ـ في حالة الأمر يكون الضمير المتصل باسم الفعل «قد» جزءا منها فتقول: «قدك بدرهم».
«قدك» اسم فعل أمر مبني على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره: أنت. «بدرهم»: «الباء»: حرف جر مبني على الكسر لا محل له من الإعراب متعلّق بـ «قدك». «درهم»: اسم مجرور بالباء. وعلامة جرّه الكسرة الظاهرة على آخره. والتقدير: اكتف بدرهم.
3 ـ ربما يكون المفعول به لاسم الفعل «قد» اسما ظاهرا فتقول: «قد زيدا ابتسامة» والتقدير: يكفي زيدا ابتسامة. «قد» اسم فعل مضارع بمعنى يكفي مبني على السكون لفظا. «زيدا»: مفعول به لاسم الفعل منصوب بالفتحة.
«ابتسامة» فاعل لاسم الفعل «قد» مرفوع بالضمة.
ثالثا ـ قد الحرفية. هي حرف مبني على السّكون ولا محل له من الإعراب. ويدخل على الفعل المتصرف، أي: غير الجامد، مثل: «نعم»، والخبري، أي: الذي يحتمل الصدق والكذب، المثبت، المجرّد من النواصب والجوازم، وغير مقترن بالسين ولا بسوف، ويكون متصلا بالفعل فلا يفصله عنه إلا القسم، كقول الشاعر:
«أخالد قد، والله، أوطأت عشوة***وما العاشق المسكين فينا بسارق»
ملاحظة: ينكر بعض النحاة مجيء «قد» قبل الفعل المنفي، لكنه ورد في كلام العرب القول: «قد لا يأتي المعلم». فيكون حرف النفي «لا» قد فصل بين «قد» والفعل، مثل:
«وكنت مسوّدا فينا حميدا***وقد لا تعدم الحسناء ذامّا»
معانيها: لها معان عدة منها:
1 ـ التوقّع إذا وقعت قبل الفعل المضارع مثل: «قد يأتي الله بالفرج» أو قبل فعل ماض متوقّع كالقول في الأذان: «قد قامت الصّلاة» لأن المؤذّن ومعه جماعة المصلّين ينتظرون قيام الصّلاة.
2 ـ التّقريب إذا وقعت قبل الفعل الماضي فتقرّب معناه من الحاضر، كأن تقول عند ظهور النتائج: «قد نجح زيد» فذلك يدل على أنه نجح منذ وقت قريب. وهي تلزم على الأغلب وقوعها قبل الفعل الماضي إذا وقع حالا، كقوله تعالى: {وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ}
3 ـ التّقليل. وذلك إذا وقعت قبل الفعل المضارع ويفهم ذلك من سياق الكلام مثل: «الطقس جميل اليوم وقد تمطر السماء غدا».
4 ـ التّكثير أي: كثرة الاحتمالات. ويفهم من السّياق، كقوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ} «قد»: تكون بمعنى «ربما» التي تفيد التّكثير. وكقول الشاعر:
«وقد أظلّكم من شطر ثغركم ***هول له ظلم يغشاكم قطعا»
ومثل:
«قد أشهد الغارة الشّعواء تحملني ***جرداء معروقة اللّحيين سرحوب»
ومثل:
«قد أترك القرن مصفرّا أنامله ***كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد»
ملاحظة: يرى بعضهم أن «قد» هي بمعنى «ربّما» وتفيد التقليل لا التكثير.
والحقيقة أن السياق هو الذي يفهمنا إرادة التّكثير أو التّقليل. وهي في الأبيات الثلاثة السابقة وفي الآية الكريمة تفيد التّكثير بسبب أن الشاعرين قصدا الفخر.
5 ـ التّحقيق وذلك إذا وقعت قبل الفعل الماضي، كقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها} وقبل الفعل المضارع كقوله تعالى: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ}.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
15-معجم البلدان (إساف)
إِسَافٌ:بكسر الهمزة، وآخره فاء: إساف ونائلة صنمان كانا بمكة. قال ابن إسحاق: هما مسخان وهما إساف بن بغاء ونائلة بنت ذئب، وقيل: إساف بن عمرو ونائلة بنت سهيل وإنهما زنيا في الكعبة فمسخا حجرين فنصبا عند الكعبة، وقيل: نصب أحدهما على الصّفا والآخر على المروة ليعتبر بهما، فقدم الأمر فأمر عمرو بن لحيّ الخزاعي بعبادتهما، ثم حوّلهما قصيّ فجعل أحدهما بلصق البيت وجعل الآخر بزمزم وكان ينحر عندهما وكانت الجاهلية تتمسّح بهما، قال أبو المنذر هشام بن محمد: حدثني أبي عن أبي صالح عن ابن عباس أنّ إسافا رجل من جرهم يقال له إساف بن يعلى، ونائلة بنت زيد من جرهم، وكان يتعشّقها بأرض اليمن فأقبلا حاجّين فدخلا الكعبة فوجدا غفلة من الناس وخلوة في البيت ففجر بها في البيت فمسخا، فأصبحوا فوجدوهما مسخين فأخرجوهما فوضعوهما موضعهما فعبدتهما خزاعة وقريش ومن حجّ البيت بعد من العرب. قال هشام: ولما مسخ إساف ونائلة حجرين وضعا عند الكعبة ليتّعظ بهما الناس، فلما طال مكثهما وعبدت الأصنام عبدا معها، وكان أحدهما بلصق الكعبة فكانوا ينحرون ويذبحون عندهما، فلهما يقول أبو طالب، وهو يحلف بهما حين تحالفت قريش على بني هاشم:
«أحضرت عند البيت رهطي ومعشري، *** وأمسكت من أثوابه بالوصائل»
«وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم *** بمفضى السيول، من إساف ونائل»
الوصائل: البرود، وقال بشر بن أبي خازم الأسدي في إساف:
«عليه الطّير ما يدنون منه، *** مقامات العوارك من إساف»
فكانا على ذلك، إلى أن كسر هما رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يوم الفتح فيما كسر من الأصنام، وجاء في بعض أحاديث مسلم بن الحجّاج: أنهما كانا بشطّ البحر وكانت الأنصار في الجاهلية تهلّ لهما، وهو وهم، والصحيح أنّ التي كانت بشطّ البحر مناة الطاغية.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
16-معجم البلدان (مسجد سماك)
مسجدُ سِمَاك:بالكوفة منسوبة إلى سماك بن مخرمة ابن حمين بن بلث الأسدي من بني الهالك بن عمرو ابن أسد بن خزيمة بن مدركة، وفي سماك هذا يقول الأخطل:
«إنّ سماكا بنى مجدا لأسرته *** حتى الممات، وفعل الخير يبتدر»
«قد كنت أحسبه قينا وأخبره، *** فاليوم طيّر عن أثوابه الشّرر»
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
17-معجم القواعد العربية (قد الحرفية)
قد الحرفيّة:تختصّ بالفعل المتصرّف الخبري، المثبت، المجرّد من ناصب، وجازم وحرف تنفيس، وهي معه كالجزء، فلا تفصل منه بشيء إلّا بالقسم كقول الشّاعر:
«أخالد قد ـ والله ـ أوطأت عشوة *** وما العاشق المسكين فينا بسارق »
وسمع: «قد ـ والله ـ أحسنت». وقد يضطّر الشاعر فيقدم الاسم، وقد أوقع الفعل على شيء من سببه، فليس للاسم المتقدّم إلّا النصب وذلك نحو «قد زيدا أضربه» إذا اضطّر شاعر فقدّم لم يكن إلّا النّصب في زيد، لأنّه لا بدّ أن يضمر الفعل، لأنّ «قد» مختصّة بالأفعال، ولو قلت: «قد زيدا أضرب» لم يحسن كما قال سيبويه.
ول «قد» خمسة معان:
(1) التّوقّع، وهو مع المضارع كقولك: «قد يقدم الغائب اليوم» وأمّا مع الماضي فتدخل منه على ماض متوقّع، من ذلك قول المؤذّن «قد قامت الصّلاة» لأنّ الجماعة منتظرون ذلك، وقد اجتمع في «قد قامت الصّلاة» ثلاثة معان مجتمعة: التّحقيق، والتّوقع، والتّقريب.
(2) تقريب الماضي من الحال تقول «أقبل العالم» فيحتمل الماضي القريب والبعيد، فإذا قلت: «قد أقبل» اختصّ بالقريب ويبنى على إفادتها ذلك: أنها لا تدخل على «ليس وعسى ونعم وبئس».
لأنهنّ للحال.
(3) التّقليل، وتختصّ بالمضارع نحو «قد يصدق الكذوب»، وقد يكون التّقليل لمتعلّقه نحو قوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أي ما هم عليه هو أقل معلوماته سبحانه، والأولى أن تكون في الآية للتحقيق.
(4) التّكثير بمنزلة ربّما كقول الهذلي:
«قد أترك القرن مصفرا أنامله *** كأنّ أثوابه مجّت بفرصاد »
ومن ذلك قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ}.
(5) التّحقيق، نحو قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها} ومنه {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} فتدخل على الماضي والمضارع.
معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه/1984م
18-موسوعة الفقه الكويتية (وصية 3)
وَصِيَّةٌ-3الْوَصِيَّةُ لِبَعْضِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَشْيَاءِ:
تَرِدُ فِي بَعْضِ الْوَصَايَا عِبَارَاتٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوصَى لَهُ وَقَدْ يَخْتَلِفُ الْمَقْصُودُ بِهَا عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَبَيَانُ الْمُرَادِ بِهَا عِنْدَهُمْ فِيمَا يَلِي: أ- الْوَصِيَّةُ لِلْجِيرَانِ:
37- مَنْ أَوْصَى لِجِيرَانِهِ، فَهُمُ الْمُلَاصِقُونَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، لِأَنَّ الْجِوَارَ هُوَ الْقُرْبُ، وَحَقِيقَةُ ذَلِكَ فِي الْمُلَاصِقِ، وَمَا بَعْدَهُ بَعِيدٌ.وَقَالَ الصَّاحِبَانِ اسْتِحْسَانًا.هُمُ الْمُلَاصِقُونَ وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ يَسْكُنُ مَحَلَّةَ الْمُوصِي، وَيَجْمَعُهُمْ مَسْجِدُ الْمَحَلَّةِ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ كُلَّهُمْ يُسَمَّوْنَ جِيرَانًا عُرْفًا وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ» وَفُسِّرَ بِكُلِّ مَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَلِأَنَّ الْمَقْصِدَ بِرُّ الْجِيرَانِ وَاسْتِحْبَابُهُ يَنْتَظِمُ الْمُلَاصِقَ وَغَيْرَهُ إِلاَّ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الِاخْتِلَاطِ وَذَلِكَ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَسْجِدِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: تَشْمَلُ الْوَصِيَّةُ جِيرَانَهُ الْمُلَاصِقِينَ لَهُ مِنَ الْجِهَاتِ السِّتِّ (الْأَرْبَعِ، وَالْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ) وَالْجِيرَانَ الْمُقَابِلِينَ لَهُ إِذَا كَانَ بَيْنَهُمَا زُقَاقٌ أَوْ شَارِعٌ صَغِيرٌ لَا سُوقٌ أَوْ نَهَرٌ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةُ: هُمْ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِ الدَّارِ الْأَرْبَعَةِ، لِحَدِيثِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «السَّاكِنُ مِنْ أَرْبَعِينَ دَارًا جَارٌ.قَالَ يُونُسُ: فَقُلْتُ لِابْنِ شِهَابٍ: وَكَيْفَ أَرْبَعُونَ دَارًا؟ قَالَ: أَرْبَعُونَ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ يَسَارِهِ وَخَلْفَهُ وَبَيْنَ يَدَيْهِ».
وَجِيرَانُ الْمَسْجِدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ كَجِيرَانِ الدَّارِ.
وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ: مَنْ يَسْمَعُ النِّدَاءَ لِحَدِيثِ «لَا صَلَاةَ لِجَارِ الْمَسْجِدِ إِلاَّ فِي الْمَسْجِدِ».
ب- الْوَصِيَّةُ لِلْأَقَارِبِ:
38- مَنْ أَوْصَى لِأَقْرِبَائِهِ، فَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، سَوَاءٌ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمُ الْوَالِدَانِ وَالْوَلَدُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ وَيَكُونُ ذَلِكَ لِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ أَخَفُّ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَفِي الْمِيرَاثِ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَالْمَقْصِدُ مِنْ هَذِهِ الْوَصِيَّةِ تَلَافِي مَا فُرِّطَ فِي إِقَامَةِ وَاجِبِ الصِّلَةِ وَهُوَ يَخْتَصُّ بِذِي رَحِمٍ مَحْرِمٍ.
وَقَالَ الصَّاحِبَانِ: أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: الْوَصِيَّةُ لِكُلِّ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ وَهُوَ أَوَّلُ أَبٍ أَسْلَمَ أَوْ أَوَّلُ أَبٍ أَدْرَكَ الْإِسْلَامَ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ، لِأَنَّ الْقَرِيبَ مُنْشَقٌّ مِنَ الْقَرَابَةِ، فَيَكُونُ اسْمًا لِمَنْ قَامَتْ بِهِ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِذَوِي قَرَابَتِهِ أَوْ قِرَابَاتِهِ أَوْ لِأَنْسِبَائِهِ أَوْ لِأَرْحَامِهِ أَوْ لِذَوِي أَرْحَامِهِ فَلَهَا نَفْسُ الْحُكْمِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَقَارِبِ أَبِيهِ غَيْرِ الْوَرَثَةِ، إِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ أَقَارِبُ أُمِّهِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ كُلُّ قُرَابَةٍ لَهُ، وَإِنْ بَعُدَتْ، عَمَلًا بِعُمُومِ اللَّفْظِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا، غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا، إِلاَّ الْأَصْلَ (الْأَبَ وَالْأُمَّ فَقَطْ) وَالْفَرْعَ (أَوْلَادَ الصُّلْبِ فَقَطْ) فَلَا يَدْخُلَانِ فِي الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ وَلَا يُسَمَّوْنَ أَقَارِبَ عُرْفًا.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَبِيهِ وَأَوْلَادِ جَدِّهِ وَأَوْلَادِ جَدِّ أَبِيهِ، أَرْبَعَةُ آبَاءٍ فَقَطْ، لِأَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُجَاوِزْ بَنِي هَاشِمٍ بِهِمْ ذَوِي الْقُرْبَى فَلَمْ يُعْطِ مِنْهُ لِمَنْ هُوَ أَبْعَدُ كَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ شَيْئًا وَيَسْتَوِي فِي الْوَصِيَّةِ لِلْقَرَابَةِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْغَنِيُّ وَالْفَقِيرُ، لِعُمُومِ الْقَرَابَةِ لَهُمْ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ كَافِرُهُمْ أَوْ مَنْ يُخَالِفُ دِينُهُ دِينَهُمْ وَلَا تَدْخُلُ فِي الْقَرَابَةِ أُمُّهُ وَلَا قَرَابَتُهُ مِنْ قِبَلِهَا، لِأَنَّهُ- صلى الله عليه وسلم- لَمْ يُعْطِ مِنْ سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى قَرَابَتَهُ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ شَيْئًا إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي لَفْظِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ ذَلِكَ، وَنَصُّوا عَلَى أَنَّ أَهْلَ بَيْتِهِ وَقَوْمَهُ وَنُسَبَاءَهُ وَأَهْلَهُ، وَآلَهُ كَقَرَابَتِهِ، وَذَوِي رَحِمِهِ: قَرَابَتُهُ مِنْ جِهَةِ أَبَوَيْهِ وَلَوْ جَاوَزُوا أَرْبَعَةَ آبَاءٍ، فَيُصْرَفُ إِلَى كُلِّ مَنْ يَرِثُ بِفَرْضٍ أَوْ عُصْبَةٍ أَوْ بِالرَّحِمِ.
ج- الْوَصِيَّةُ لِأَقْرَبِ الْأَقَارِبِ:
39- وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ أَوْصَى لِأَقْرَبِ أَقَارِبِهِ يَدْخُلُ فِيهِ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ تَقْدِيمُ ابْنٍ وَإِنْ سَفَلَ عَلَى أَبٍ لِأَنَّهُ أَقْوَى إِرْثًا وَتَعْصِيبًا، وَتَقْدِيمُ أَخٍ سَوَاءٌ كَانَ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ عَلَى جَدٍّ لِأَبٍ وَأُمٍّ لِقُوَّةِ جِهَةِ الْبُنُوَّةِ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ وَلَا يُرَجَّحُ بِذُكُورَةٍ وَوِرَاثَةٍ بَلْ يَسْتَوِي الْأَبُ وَالْأُمُّ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ وَالْأَخُ وَالْأُخْتُ كَمَا يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنْ وَصَّى لِأَقْرَبِ قَرَابَتِهِ فَالْأَبُ وَالِابْنُ سَوَاءٌ، وَأَخٌ لِأَبَوَيْنِ أَوْ لِأَبٍ وَجَدٌّ سَوَاءٌ، وَالْأَخُ مِنَ الْأَبِ وَالْأَخُ مِنَ الْأُمِّ سَوَاءٌ، وَأَخٌ مِنْ أَبَوَيْنِ أَوْلَى مِنْ أَخٍ لِأَبٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ- وَكُلُّ مَنْ قُدِّمَ عَلَى غَيْرِهِ قُدِّمَ وَلَدُهُ فَيُقَدَّمُ ابْنُ أَخِ الْأَبَوَيْنِ عَلَى ابْنِ أَخٍ لِأَبٍ إِلاَّ الْجَدَّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى بَنِي أُخْوَتِهِ وَإِلاَّ أَخَاهُ لِأَبِيهِ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ أَخِيهِ لِأَبَوَيْهِ: وَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْجَدِّ، وَالْأَبُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ.
د- الْوَصِيَّةُ لِلْأَصْهَارِ وَالْأَخْتَانِ وَالْآلِ:
40- نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ مَنْ أَوْصَى لِأَصْهَارِهِ، فَالْوَصِيَّةُ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنَ امْرَأَتِهِ (الْعَصَبَاتُ وَالْأَرْحَامُ) لِمَا رُوِيَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ- رضي الله عنها- أَعْتَقَ كُلَّ مَنْ مَلَكَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا إِكْرَامًا لَهَا»، وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ أَصْهَارَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم-.
وَكَذَا يَدْخُلُ فِيهِ كُلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ زَوْجَةِ أَبِيهِ، وَزَوْجَةِ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، لِأَنَّ الْكُلَّ أَصْهَارٌ بِشَرْطِ مَوْتِهِ وَهِيَ مَنْكُوحَتُهُ، أَوْ مُعْتَدَّتُهُ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَلَوْ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ لَا يَسْتَحِقُّهَا.
وَمَنْ أَوْصَى لِأَخْتَانِهِ فَالْوَصِيَّةُ لِزَوْجِ كُلِّ ذَاتِ رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهُ، كَزَوْجِ الْبِنْتِ وَالْأُخْتِ وَالْعَمَّةِ وَالْخَالَةِ لِأَنَّ الْكُلَّ يُسَمَّى خَتَنًا وَكَذَا مَحَارِمُ الْأَزْوَاجِ، قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: قِيلَ هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، وَفِي عُرْفِنَا الصِّهْرُ أَبُو الْمَرْأَةِ وَأُمُّهَا وَالْخَتَنُ زَوْجُ الْمَحْرَمِ فَقَطْ.
وَنَصَّ الْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِكَذَا لآِلِهِ فَهِيَ لآِلِ بَنِيهِ وَقَبِيلَتِهِ الَّتِي يُنْسَبُ إِلَيْهِ مِنْ قِبَلِ آبَائِهِ إِلَى أَقْصَى أَبٍ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ، الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ فِيهِ سَوَاءٌ، وَيَدْخُلُ فِيهِ أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَابْنُهُ وَزَوْجَتُهُ إِذَا كَانَتْ مِنْ قَوْمِ أَبِيهِ إِذَا كَانُوا لَا يَرِثُونَهُ.
وَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِجِنْسِهِ أَوْ أَهْلِ بَيْتِهِ أَوْ أَهْلِ نَسَبِهِ فَحُكْمُهُ كَحُكْمِ مَا لَوْ أَوْصَى لآِلِهِ.
(ر: آل ف3).
هـ- الْوَصِيَّةُ لِلْعُلَمَاءِ:
41- لَوْ أَوْصَى لِلْعُلَمَاءِ أَوْ لِأَهْلِ الْعِلْمِ فَيَرَى جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَنَّهَا لِأَصْحَابِ عُلُومِ الشَّرْعِ وَهُمْ أَهْلُ الْفِقْهِ وَأَهْلُ الْحَدِيثِ.
وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ أَهْلَ التَّفْسِيرِ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إِنَّ الْوَصِيَّةَ بِذَلِكَ تَشْمَلُ مَنِ اتَّصَفَ بِالْعِلْمِ.
الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ
42- لَا يُشْتَرَطُ إِسْلَامُ الْمُوصَى لَهُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ فَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِ فِي الْجُمْلَةِ، وَغَيْرُ الْمُسْلِمِ يَشْمَلُ الذِّمِّيَّ، وَالْمُسْتَأْمَنَ، وَالْحَرْبِيَّ، وَالْمُرْتَدَّ، وَنُفَصِّلُ أَحْكَامَ كُلٍّ فِيمَا يَلِي: أ- الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ:
43- اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُوصِي مُسْلِمًا أَمْ كَافِرًا لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِلاَّ أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} قَالَ مُحَمَّدُ ابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَعَطَاءٌ وَقَتَادَةُ: إِنَّ ذَلِكَ هُوَ وَصِيَّةُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ.
وَرُوِيَ أَنَّ صَفِيَّةَ- رضي الله عنها- أَوْصَتْ لِابْنِ أَخِيهَا بِأَلْفِ دِينَارٍ وَكَانَ يَهُودِيًّا.
وَاشْتَرَطَ الْحَنَابِلَةُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلذِّمِّيِّ أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَحْوِهِمْ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُمْ.
وَلَمْ يَشْتَرِطِ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ نَقَلَهُ ابْنُ مَنْصُورٍ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ هَذَا الشَّرْطَ، فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِعَامَّةِ النَّصَارَى أَوْ لِعَامَّةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَوْ نَحْوِهِمْ. وَقَيَّدَ ابْنُ رُشْدٍ جَوَازَ الْوَصِيَّةِ بِكَوْنِهَا ذَاتَ سَبَبٍ مِنْ جِوَارٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ يَدٍ سَبَقَتْ لَهُمْ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ ذَاتَ سَبَبٍ فَالْوَصِيَّةُ لِلذِّمِّيِّ مَحْظُورَةٌ.
ب- الْوَصِيَّةُ لِلْحَرْبِيِّ:
44- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَرْبِيِّ الْمُعَيَّنِ، وَلَوْ كَانَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِقِيَاسِ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْهِبَةِ، وَبِمَا وَرَدَ «أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- أَعْطَى عُمَرَ حُلَّةً مِنْ حَرِيرٍ فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَوْتَنِيهَا وَقَدْ قُلْتَ فِي حُلَّةِ عُطَارِدٍ مَا قُلْتَ؟ فَقَالَ: إِنِّي لَمْ أَكْسُكَهَا لِتَلْبَسَهَا، فَكَسَاهَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا بِمَكَّةَ» «وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ: أَتَتْنِي أُمِّي رَاغِبَةً- تَعْنِي الْإِسْلَامَ- فِي عَهْدِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- آصِلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» وَهَذَانِ فِيهِمَا صِلَةُ أَهْلِ الْحَرْبِ وَبِرُّهُمْ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَالْإِمَامُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ إِلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْحَرْبِيِّ مُطْلَقًا.
وَقَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْحَرْبِيِّ فِي دَارِ الْحَرْبِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ.إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}.فَيَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ قَاتَلَنَا لَا يَحِلُّ بِرُّهُ.
ج- الْوَصِيَّةُ لِلْمُسْتَأْمَنِ:
45- ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمَالِكِيَّةُ) إِلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُسْتَأْمَنِ.
وَقَيَّدَ الْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ جَوَازَ الْوَصِيَّةِ لِلْكَافِرِ بِمَا إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا.
د- الْوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ:
46- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُرْتَدِّ فَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِلِ الْأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ فِي وَجْهٍ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ.
وَعَلَّلَ الشَّافِعِيَّةُ عَدَمَ صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُرْتَدِّ لِلْأَمْرِ بِقَتْلِهِ فَلَا مَعْنَى لِلْوَصِيَّةِ لَهُ.
وَعَلَّلَ الْحَنَابِلَةُ هَذَا الْحُكْمَ بِأَنَّ مِلْكَ الْمُرْتَدِّ زَائِلٌ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْأَصَحِّ وَالْحَنَابِلَةُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْمُرْتَدِّ الْمُعَيَّنِ، أَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ.
وَاسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنْ جَوَازِ الْوَصِيَّةِ لِلْمُرْتَدِّ مَا إِذَا لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَامْتَنَعَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ حَيْثُ قَالُوا: لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لَهُ قَطْعًا.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمُوصَى بِهِ:
الْمُوصَى بِهِ وَهُوَ مَا أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي مِنْ مَالٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ وَيُشْتَرَطُ لِلْمُوصَى بِهِ شُرُوطٌ هِيَ:
أَوَّلًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَالًا.
47- يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَالًا لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ، وَلَا يُمَلَّكُ غَيْرُ الْمَالِ.وَالْمَالُ الْمُوصَى بِهِ: يَشْمَلُ الْأَمْوَالَ النَّقْدِيَّةَ وَالْعَيْنِيَّةَ وَالدُّيُونَ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْغَيْرِ وَالْحُقُوقَ الْمُقَدَّرَةَ بِمَالٍ وَهِيَ حُقُوقُ الِارْتِفَاقِ مِنْ مَالٍ وَشُرْبٍ وَمَسِيلٍ، وَالْمَنَافِعَ كَسُكْنَى الدَّارِ وَزِرَاعَةِ الْأَرْضِ وَغَلَّةِ الْبُسْتَانِ الَّتِي سَتَحْدُثُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَنَحْوِهَا مِمَّا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَإِجَارَتُهُ.
لِأَنَّ الْمُوصِيَ لَمَّا مَلَكَ تَمْلِيكَهَا حَالَ حَيَاتِهِ بِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ فَلأَنْ يَمْلِكَ بِعَقْدِ الْوَصِيَّةِ أَوْلَى لِأَنَّهُ أَوْسَعُ الْعُقُودِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَحْتَمِلُ مَا لَا يَحْتَمِلُهُ سَائِرُ الْعُقُودِ مِنْ عَدَمِ الْمَحَلِّ وَالْخَطَرِ وَالْجَهَالَةِ، ثُمَّ لَمَّا جَازَ تَمْلِيكُهَا بِبَعْضِ الْعُقُودِ فَلأَنْ يَجُوزَ بِهَذَا الْعَقْدِ أَوْلَى.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى وَابْنُ شُبْرُمَةَ: لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ وَصِيَّةٌ بِمَالِ الْوَارِثِ، لِأَنَّ نَفَاذَ الْوَصِيَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْمَوْتِ تَحْصُلُ الْمَنَافِعُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ مِلْكُهُمْ، وَمِلْكُ الْمَنَافِعِ تَابِعٌ لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ فَكَانَتِ الْمَنَافِعُ مِلْكَهُمْ لِأَنَّ الرَّقَبَةَ مِلْكُهُمْ فَكَانَتِ الْوَصِيَّةُ بِالْمَنَافِعِ وَصِيَّةً مِنْ مَالِ الْوَارِثِ فَلَا تَصِحُّ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْمَنَافِعِ فِي مَعْنَى الْإِعَارَةِ إِذِ الْإِعَارَةُ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَنْفَعَةِ كَذَلِكَ وَالْعَارِيَةُ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمُعِيرِ، فَالْمَوْتُ لَمَّا أَثَّرَ فِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ عَلَى الْمَنْفَعَةِ بَعْدَ صِحَّتِهِ فَلأَنْ يَمْنَعَ مِنَ الصِّحَّةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْمَنْعَ أَسْهَلُ مِنَ الرَّفْعِ.
وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُوصَى بِهِ مَالًا كَالدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَجِلْدِهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَحَلًّا لِلْمِلْكِ.
وَأَجَازَ الشَّافِعِيَّةُ الْوَصِيَّةَ بِجِلْدِ مَيْتَةٍ قَابِلٍ لِلدِّبَاغِ، وَمَيْتَةٍ تَصْلُحُ طُعْمًا لِلْجَوَارِحِ.
(ر: ف58).
ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مُتَقَوِّمًا فِي عُرْفِ الشَّرْعِ:
48- لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا لِمُسْلِمٍ بِمَالٍ غَيْرِ مُتَقَوِّمٍ، أَيْ لَا يَجُوزُ شَرْعًا الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالسِّبَاعِ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، لِعَدَمِ نَفْعِهَا وَتَقَوُّمِهَا، وَلِأَنَّهَا لَا تُمْلَكُ أَصْلًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمُسْلِمِ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ لِمِثْلِهِ لِتَقَوُّمِهَا فِي اعْتِقَادِهِ.وَلَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِمَا لَا يَقْبَلُ النَّقْلَ كَالْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ.
وَتَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ وَالسِّبَاعِ الَّتِي تَصْلُحُ لِلصَّيْدِ، لِتَقَوُّمِهَا وَلِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ بِالْإِتْلَافِ، وَيَجُوزُ بَيْعُهَا وَهِبَتُهَا وَبِهَذَا عَلَّلَهُ الْحَنَفِيَّةُ. وَلِأَنَّ فِيهَا نَفْعًا مُبَاحًا، وَتُقَرُّ الْيَدُ عَلَيْهَا، وَالْوَصِيَّةُ تَبَرُّعٌ، فَصَحَّتْ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالْمَالِ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِزَيْتٍ مُتَنَجِّسٍ لِغَيْرِ مَسْجِدٍ، لِأَنَّ فِيهِ نَفْعًا مُبَاحًا، وَهُوَ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ، وَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِهِ لِمَسْجِدٍ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ فِيهِ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِنَحْوِ زِبْلٍ يُنْتَفَعُ بِهِ كَسَمَادٍ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِإِنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الِاسْتِعْمَالِ، بِجَعْلِهِ حُلِيًّا لِلنِّسَاءِ أَوْ بَيْعِهِ وَنَحْوِهِمَا.
ثَالِثًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ قَابِلًا لِلتَّمْلِيكِ:
49- اشْتَرَطَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْلِ الْمُقَابِلِ بِالْأَصَحِّ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ قَابِلًا لِلتَّمْلِيكِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصَى بِعَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ مَالًا أَوْ نَفْعًا مَوْجُودًا لِلْحَالِ أَوْ مَعْدُومًا، فَالْوَصِيَّةُ بِمَا تُثْمِرُ نَخِيلُهُ الْعَامَ أَوْ أَبَدًا تَجُوزُ وَإِنْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ مَعْدُومًا؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ حَالَ حَيَاةِ الْمُوصِي بِعَقْدِ الْمُسَاقَاةِ، أَمَّا الْوَصِيَّةُ بِمَا تَلِدُهُ أَغْنَامُهُ فَإِنَّهَا لَا تَجُوزُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ اسْتِحْسَانًا لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ فِي حَالِ حَيَاةِ الْمُوصِي بِعَقْدٍ مِنَ الْعُقُودِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُ الْمُوصَى بِهِ فِي الْحَالِ، وَيَجُوزُ عِنْدَهُمُ الْوَصِيَّةُ بِخِدْمَةِ أَجِيرِهِ وَسُكْنَى دَارِهِ.
وَقَالَ الْجُمْهُورُ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَعْدُومِ مُطْلَقًا، كَالْوَصِيَّةِ بِثَمَرَةٍ أَوْ حَمْلٍ سَيَحْدُثَانِ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ احْتُمِلَ فِيهَا وُجُوهٌ مِنَ الْغَرَرِ رِفْقًا بِالنَّاسِ وَتَوْسِعَةً فَتَصِحُّ بِالْمَعْدُومِ كَمَا تَصِحُّ بِالْمَجْهُولِ، وَلِأَنَّ الْمَعْدُومَ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ بِعَقْدِ السَّلَمِ وَالْمُسَاقَاةِ وَالْإِجَارَةِ فَكَذَا بِالْوَصِيَّةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمَجْهُولِ كَشَاةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَثَوْبٍ مِنْ أَثْوَابِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَبِيهٌ بِالْوَارِثِ مِنْ جِهَةِ انْتِقَالِ شَيْءٍ مِنَ التَّرِكَةِ إِلَيْهِ مَجَّانًا، وَالْجَهَالَةُ لَا تَمْنَعُ الْإِرْثَ فَلَا تَمْنَعُ الْوَصِيَّةَ كَمَا اتَّفَقُوا عَلَى جَوَازِ الْوَصِيَّةِ بِمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ كَطَيْرِهِ الطَّائِرِ أَوْ بَعِيرِهِ الشَّارِدِ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَخْلُفُ الْمَيِّتَ فِي ثُلُثِهِ، كَمَا يَخْلُفُهُ الْوَارِثُ فِي ثُلُثِهِ، فَلَمَّا جَازَ أَنْ يَخْلُفَ الْوَارِثُ الْمَيِّتَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ، جَازَ أَنْ يَخْلُفَهُ الْمُوصَى لَهُ.
وَلِأَنَّ الْوَصِيَّةَ إِذَا صَحَّتْ بِالْمَعْدُومِ فَمَا لَا يُقْدَرُ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَوْلَى.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّهُ تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ بِالْمُشَاعِ وَالْمَقْسُومِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ تَمْلِيكُ جُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَجَازَ فِي الْمُشَاعِ وَالْمَقْسُومِ كَالْبَيْعِ.
وَالَّذِي أَجَازَهُ الْحَنَفِيَّةُ مِنَ الْوَصِيَّةِ بِمَا يَقْبَلُ التَّمْلِيكَ، يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَكِنَّ وَقْتَ وُجُودِهِ يَخْتَلِفُ عِنْدَهُمْ بِحَسَبِ نَوْعِ الْمَالِ:
فَإِنْ كَانَ الْمَالُ مُعَيَّنًا بِالذَّاتِ، كَدَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَمَزْرَعَةٍ مُعَيَّنَةٍ، فَيُشْتَرَطُ وُجُودُهُ عِنْدَ الْوَصِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي كُلِّ الْمَالِ، كَالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ مَالِهِ أَوْ رُبُعِهِ، فَالشَّرْطُ وُجُودُهُ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لِأَنَّهُ وَقْتُ تَنْفِيذِ الْوَصِيَّةِ.
وَإِنْ كَانَ شَائِعًا فِي بَعْضِ الْمَالِ، كَالْوَصِيَّةِ بِثُلُثِ غَنَمِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ غَنَمٌ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، اشْتُرِطَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، كَالنَّوْعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَنَمٌ أَصْلًا وَقْتَ الْوَصِيَّةِ، فَهُوَ كَالشَّائِعِ فِي كُلِّ الْمَالِ، يُعْتَبَرُ فِيهِ الْمَوْجُودُ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْئًا مُعَيَّنًا حَتَّى تَتَقَيَّدَ بِهِ الْوَصِيَّةُ.
رَابِعًا: أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَمْلُوكًا لِلْمُوصِي:
50- ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ- قَطَعَ بِهِ الْغَزَالِيُّ- وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ الْمُعَيَّنُ مِلْكًا لِلْمُوصِي حِين الْوَصِيَّةِ، فَلَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَالِ الْغَيْرِ وَلَوْ مَلَكَهُ الْمُوصِي بَعْدَ الْوَصِيَّةِ لِفَسَادِ الصِّيغَةِ بِإِضَافَةِ الْحَالِ إِلَى غَيْرِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ- وَقَالَ عَنْهُ النَّوَوِيُّ: هُوَ أَفْقَهُ وَأَجْرَى عَلَى قَوَاعِدِ الْبَابِ- وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مِلْكًا لِلْمُوصِي حِينَ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ فُضُولِيًّا، وَوَصِيَّةُ الْفُضُولِيِّ مُنْعَقِدَةٌ مَوْقُوفَةٌ عَلَى إِجَازَةِ الْمَالِكِ؛ فَإِنْ أَجَازَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إِنْ شَاءَ سَلَّمَهَا وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُسَلِّمْ كَالْهِبَةِ.
وَصَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ لِلْكَافِرِ بِمَا لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ لَهُ كَالْمُصْحَفِ وَالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالسَّيْفِ وَالرُّمْحِ وَسَائِرِ السِّلَاحِ.
خَامِسًا: أَلاَّ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَعْصِيَةً أَوْ مُحَرَّمًا شَرْعًا:
51- الْقَصْدُ مِنَ الْوَصِيَّةِ تَدَارُكُ مَا فَاتَ فِي حَالِ الْحَيَاةِ مِنَ الْإِحْسَانِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ مَعْصِيَةً.
مَا يُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمُوصَى بِهِ:
52- يُشْتَرَطُ لِنَفَاذِ الْوَصِيَّةِ فِي الْمُوصَى بِهِ شَرْطَانِ:
أَوَّلًا: أَلاَّ يَكُونَ مُسْتَغْرَقًا بِالدَّيْنِ: لِأَنَّ الدُّيُونَ مُقَدَّمَةٌ فِي وُجُوبِ الْوَفَاءِ بِهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ، بَعْدَ تَجْهِيزِ الْمَيِّتِ وَتَكْفِينِهِ.إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا أَبْرَأَهُ الْغُرَمَاءُ مِنَ الدَّيْنِ فَيَنْفُذُ، بِهَذَا قَالَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: مُسْتَغْرَقُ الذِّمَّةِ لَا تَنْعَقِدُ وَصِيَّتُهُ، لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ الْمُوصِي مَالِكًا.
ثَانِيًا: أَلاَّ يَكُونَ الْمُوصَى بِهِ زَائِدًا عَلَى ثُلُثِ التَّرِكَةِ إِذَا كَانَ لِلْمُوصِي وَارِثٌ، لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي حَدِيثِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: «الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ».
وَتَكُونُ الزِّيَادَةُ عَنِ الثُّلُثِ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ (الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي قَوْلٍ)، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الزَّائِدَ عَنِ الثُّلُثِ لِأَجْنَبِيٍّ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ رَدُّوا الزِّيَادَةَ بَطَلَتْ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ كَذَلِكَ إِلَى بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ بِالزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ.
وَإِنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ دُونَ بَعْضٍ، نَفَذَتِ الْوَصِيَّةُ فِي حِصَّةِ الْمُجِيزِ فَقَطْ، وَبَطَلَتْ فِي حِصَّةِ غَيْرِهِ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصِي وَارِثٌ، فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، تَكُونُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ صَحِيحَةً نَافِذَةً، وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى بِهِ جَمِيعَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ نَفَاذِ الْوَصِيَّةِ فِي الزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ إِنَّمَا هُوَ تَعَلُّقُ حَقِّ الْوَرَثَةِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ، فَلَا تَنْفُذُ إِلاَّ بِرِضَاهُمْ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَرَثَةٌ، لَمْ يَبْقَ حَقٌّ لِأَحَدٍ.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا أَوْصَى بِمَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ بَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ فِيمَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ مِيرَاثٌ لِلْمُسْلِمِينَ، وَلَا مُجِيزَ لَهُ مِنْهُمْ فَبَطَلَتْ، وَإِنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ كَانَتِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ مَوْقُوفَةً عَلَى إِجَازَتِهِ وَرَدِّهِ، فَإِنْ رَدَّهَا رَجَعَتِ الْوَصِيَّةُ إِلَى الثُّلُثِ، وَإِنْ أَجَازَهَا صَحَّتْ، وَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِالزَّائِدِ عَنِ الثُّلُثِ بَاطِلَةً عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ.
وَيُعْتَبَرُ الزَّائِدُ عَنِ الثُّلُثِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْحَنَابِلَةِ عِنْدَ مَوْتِ الْمُوصِي، لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ يَوْمَ التَّنْفِيذِ لَا يَوْمَ الْمَوْتِ، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ يُعْتَبَرُ الثُّلُثُ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ كَمَا لَوْ نَذَرَ التَّصَدُّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ يُعْتَبَرُ يَوْمَ النَّذْرِ.
تَكْيِيفُ إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ:
53- اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي تَكْيِيفِ إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَنْفِيذًا لِوَصِيَّةِ الْمُوصِي، أَوْ هِبَةً مُبْتَدَأَةً مِنْ قِبَلِ الْمُجِيزِينَ عَلَى قَوْلَيْنِ.
فَقَدْ نَصَّ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي قَوْلٍ إِلَى أَنَّ كُلَّ مَا جَازَ بِإِجَازَةِ الْوَارِثِ يَتَمَلَّكُهُ الْمُجَازُ لَهُ مِنْ قِبَلِ الْمُوصِي، لِأَنَّ السَّبَبَ صَدَرَ مِنَ الْمُوصِي وَالْإِجَازَةُ رَفْعُ الْمَانِعِ، وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْقَبْضِ فَصَارَ كَالْمُرْتَهِنِ إِذَا أَجَازَ بَيْعَ الرَّهْنِ.
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ، وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ وَالْحَنَابِلَةُ فِي قَوْلٍ كَذَلِكَ أَنَّهَا عَطِيَّةٌ مُبْتَدَأَةٌ مِنْ قِبَلِ الْوَارِثِ، فَيُعْتَبَرُ فِيهَا شُرُوطُ الْهِبَةِ.
أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوصَى بِهِ:
هُنَاكَ أَحْكَامٌ تَتَعَلَّقُ بِالْمُوصَى بِهِ:
أ- الْوَصِيَّةُ بِسَهْمٍ مِنَ الْمَالِ:
54- مَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ مَالِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ عَلَى أَقْوَالٍ:
الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ السُّدُسُ إِنْ كَانَتِ الْفَرِيضَةُ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَسْهُمٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ.
الْقَوْلُ الثَّانِي: لِلْمُوصَى لَهُ كَأَقَلِّ سِهَامِ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ، فَإِنْ زَادَ أُعْطِيَ الثُّلُثَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ.
الْقَوْلُ الثَّالِثُ: لِلْمُوصَى لَهُ سَهْمٌ مِمَّا تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ.
الْقَوْلُ الرَّابِعُ: لِلْمُوصَى لَهُ مِثْلُ نَصِيبِ أَقَلِّ الْوَرَثَةِ مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى السُّدُسِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ اخْتَارَهَا الْخَلاَّلُ وَصَاحِبُهُ.
الْقَوْلُ الْخَامِسُ: وَهُوَ قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ وَلَهُمْ تَفْصِيلٌ:
قَالَ الدَّرْدِيرُ: إِنْ أَوْصَى لِشَخْصٍ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ، كَقَوْلِهِ: أَوْصَيْتُ لِزَيْدٍ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِي أَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِسَهْمٍ مِنْ مَالِي فَبِسَهْمٍ يُحَاسَبُ بِهِ وَيَأْخُذُهُ مِنْ فَرِيضَتِهِ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَسْأَلَةُ عَائِلَةً، كَقَوْلِ امْرَأَةٍ: أَوْصَيْتُ لِفُلَانٍ بِجُزْءٍ مِنْ مَالِي، وَمَاتَتْ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ، فَيَأْخُذُ وَاحِدًا مِنْ سِتَّةٍ ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي عَلَى الْوَرَثَةِ.أَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ عَائِلَةً فَيَأْخُذُ سَهْمًا مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ حَيْثُ عَالَتِ الْأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ؛ لِأَنَّ الْعَوْلَ مِنْ جُمْلَةِ التَّأْصِيلِ.فَالْوَصِيَّةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ ثُمَّ يُقَسَّمُ عَلَى الْوَرَثَةِ الْبَاقِي، فَالضَّرَرُ يَدْخُلُ عَنِ الْجَمِيعِ.فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ فَرِيضَةٌ- بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِرَاثٌ- فَهَلْ لَهُ سَهْمٌ مِنْ سِتَّةٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ؟
الْقَوْلُ السَّادِسُ: لِلشَّافِعِيَّةِ وَهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالسَّهْمِ وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِجُزْءِ مَا شَابَهَهُ مِنْ أَلْفَاظٍ.
ب- الْوَصِيَّةُ بِجُزْءٍ أَوْ حَظٍّ مِنَ الْمَالِ:
55- إِذَا أَوْصَى الْمُوصِي رَجُلًا بِجُزْءٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِنَصِيبٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِطَائِفَةٍ مِنْ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضٍ أَوْ بِشِقْصٍ مِنْ مَالِهِ، فَإِنْ بَيَّنَ فِي حَيَاتِهِ شَيْئًا وَإِلاَّ أَعْطَاهُ الْوَرَثَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ مَا شَاءُوا، لِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ تَحْتَمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ فَيَصِحُّ الْبَيَانُ فِيهِ مَا دَامَ حَيًّا، وَمِنْ وَرَثَتِهِ إِذَا مَاتَ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَهُ.
وَهَذَا قَوْلُ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَأَمَّا قَوْلُ الْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَنِ الْوَصِيَّةِ بِسَهْمٍ مِنَ الْمَالِ.
ج- الْوَصِيَّةُ بِشَاةٍ أَوْ بِدَابَّةٍ أَوْ بِكَلْبٍ وَنَحْوِهِ:
56- قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنْ أَوْصَى لَهُ بِشَاةٍ وَأَطْلَقَ جَازَ أَنْ يُدْفَعَ لِلْمُوصَى لَهُ الصَّغِيرَةُ الْجِسْمِ وَكَبِيرَتُهَا وَالضَّأْنُ وَالْمَعْزُ، لِأَنَّ اسْمَ الشَّاةِ يَقَعُ عَلَيْهَا وَكَذَا الذَّكَرُ فِي الْأَصَحِّ يَتَنَاوَلُهُ اسْمُ الشَّاةِ إِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ، لِأَنَّ الشَّاةَ اسْمُ جِنْسٍ كَإِنْسَانٍ وَلَيْسَتِ التَّاءُ فِيهِ لِلتَّأْنِيثِ بَلْ لِلْوَحْدَةِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ وَلِهَذَا يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، أَمَّا إِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى الْمُرَادِ كَأَنْ يَقُولَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِشَاةٍ تَنْزُو عَلَى غَنَمِهِ أَوْ تَيْسًا أَوْ كَبْشًا فَتَعَيَّنَ الذَّكَرُ، أَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ شَاةً يَحْلِبُهَا أَوْ يَنْتَفِعُ بَدَرِّهَا وَنَسْلِهَا أَوْ نَعْجَةً تَعَيَّنَ الْأُنْثَى، أَوْ قَالَ: أَوْصَيْتُ لَهُ بِشَاةٍ يَنْتَفِعُ بِصُوفِهَا تَعَيَّنَ الضَّأْنُ أَوْ بِشَعَرِهَا تَعَيَّنَ الْمَعْزُ.
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْأَرْجَحِ: تَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَجْهُولٍ وَيُعْطَى مَا يَقَعُ عَلَيْهِ الِاسْمُ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، فَإِنِ اخْتَلَفَ الِاسْمُ بِالْحَقِيقَةِ الْوَضْعِيَّةِ وَالْعُرْفِ كَالشَّاةِ الَّتِي هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالتَّاءُ فِيهَا لِلْوَحْدَةِ وَفِي الْعُرْفِ هِيَ لِلْأُنْثَى الْكَبِيرَةِ مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ غُلِّبَ الْعُرْفُ كَالْأَيْمَانِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ إِرَادَتُهُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ خُوطِبَ قَوْمٌ بِشَيْءٍ لَهُمْ فِيهِ عُرْفٌ وَحَمَلُوهُ عَلَى عُرْفِهِمْ لَمْ يُعَدُّوا مُخَالِفِينَ.
وَإِنْ أَوْصَى بِدَابَّةٍ أُعْطِيَ الْمُوصَى لَهُ فَرَسًا أَوْ بَغْلًا أَوْ حِمَارًا، عَمَلًا بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ.وَإِنْ أَوْصَى بِكَلْبٍ وَنَحْوِهِ وَلَا كَلْبَ لَهُ، فَالْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ، كَمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُ كَلْبٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُشْتَرَى، فَبَطَلَتِ الْوَصِيَّةُ عِنْدَهُمْ.
وَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِمَا فِيهِ نَفْعٌ مُبَاحٌ، مِنْ كَلْبِ صَيْدٍ وَحَرْثٍ وَمَاشِيَةٍ، وَلَا تَجُوزُ بِمَا لَا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ كَالْكَلْبِ الْعَقُورِ وَالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ. (انْظُرْ مُصْطَلَحَ كَلْب ف 6)
د- الْوَصِيَّةُ بِطَبْلٍ:
57- إِنْ وَصَّى لِشَخْصٍ بِطَبْلٍ مِنْ طُبُولِهِ، وَلَيْسَ لَهُ إِلاَّ طُبُولُ الْحَرْبِ، أُعْطِيَ وَاحِدًا مِنْهَا.
أَمَّا طُبُولُ اللَّهْوِ فَتَصِحُّ الْوَصِيَّةُ بِطَبْلٍ مِنْهَا إِنْ صَلَحَ لِمَنْفَعَةٍ مُبَاحَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي مُبَاحٍ، فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لَهَا كَانَتِ الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ بِمُحَرَّمٍ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
19-المعجم الغني (سَمُلَ)
سَمُلَ- [سمل]، (فعل: ثلاثي. لازم)، سَمُلَ، يَسْمُلُ، المصدر: سَمَالةٌ، سُمُولَةٌ. "سَمَلَتْ أثَوابُهُ": بَلِيَتْ، اِهْتَرَأتْ، صَارَتْ بَالِيَةً.الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
20-تاج العروس (ضرج)
[ضرج]: ضرجه ضَرْجًا: شقَّه، فانْضرج قال ذو الرُّمّة يصف نساءً:ضَرَجْنَ البُرُودَ عن تَرائِبِ حُرَّةٍ
أَي شَقَقْن. ويروى بالحاءِ: أَي أَلْقَيْن. وضَرَجَ الثَّوْبَ وغيرَه: لطخه بالدَّمِ ونحوِهِ من الحُمْرَةِ أَو الصُّفْرَةِ. قال يصف السَّرَابَ على وَجْهِ الأَرْضِ:
في قَرْقَرٍ بلُعابِ الشَّمسِ مَضْروجِ
يعني السّرَابَ.
وضَرَّجَه فتَضرَّجَ. وكلُّ شْيءٍ تَلَطَّخَ بدَمٍ أَو غيرِه فقد تَضَرَّجَ وقد ضُرِّجتْ أَثوابُه بدَمِ النَّجيعِ.
وضَرَجَ الشيْءَ ضَرْجًا فانْضَرَجَ، وضَرَّجَه فتَضرَّجَ: شَقَّه، فعُرِف بذلك عَدمُ التَّفْرِقَة بين المُطَاوِعَيْنِ. وهكذا في كتب الأَفعال. وفي حديث: المرأَة صاحِبَةِ المَزَادَتين: تَكاد تَتَضَرَّجُ من المَلْءِ: أَي تَنْشَقُّ.
وتَضَرَّجَ الثَّوْبُ: انْشقّ. وفي اللسان: تَضَرَّجَ الثَّوْبُ: إِذا تَشَقَّقَ.
وضَرَّجَه أَلْقاه.
وعَيْن مَضْروجةٌ: واسعَةُ الشَّقِّ نَجْلاءُ. قال ذو الرُّمَّة:
تَبَسَّمْنَ عن نَوْرِ الأَقاحِيِّ في الثَّرَى *** وفَتَّرْن عن أَبصارِ مَضْروجةٍ نُجْلِ
والانْضِراجُ: الانْشِقاق، قال ذو الرُّمَّة:
مِمَّا تعَالَتْ مِن البُهْمَى ذَوَائِبُهَا *** بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عنه الأَكامِيمُ
وقال المُؤَرِّجُ: انْضَرَجَ: اتَّسَعَ، وأَنشد:
أَمَرْتُ له براحلةِ وبُرْدٍ *** كَرِيمٍ في حَواشِيهِ انْضِراجُ
وانْضَرَجَتْ لنا الطَّرِيقُ: اتسعَتْ.
وعن الأَصمعيّ: انْضرَجَ ما بَيْنَهُم: تَبَاعَدَ.
وانْضَرجَت العُقَابُ: انحطَّتْ من الجَوّ كاسِرَةً وانْقَضَّت على الصَّيْد. وانْضَرَجَ البازِي على الصَّيْد: إِذا انقَضَّ، قال امرؤ القَيْس.
كتَيْسِ الظِّبَاءِ الأَعْفَرِ انْضَرَجَتْ له *** عُقَابٌ تَدَلَّت مِن شَمارِيخِ ثَهْلانِ
وقيل: انْضَرجَت: انْبَرَتْ له، أَو أَخذَتْ في شِقٍّ.
وفي الأَساس والصّحاح: تَضرَّجَ البَرْقُ: تَشقَّقَ. وتضرَّج النَّوْرُ: تَفَتَّحَ.
وفي اللسان: انْضَرجَ الشَّجرُ: انشقَّت عُيونُ وَرَقِه وبَدَتْ أَطرافُه.
وتَضَرَّجَتْ عن البَقْلِ لَفَائفُه: إِذا انْفَتَحَتْ.
وإِذا بَدَتْ ثِمارٌ البُقولِ من أَكْمامها قيل: انْضَرجَتْ عنها لفَائفُها؛ أَي انْفَتَحَتْ.
ومن المجاز: تَضرَّجَ الخَدُّ احْمارَّ. وفي الأَساس: هو مُضَرَّجُ الخَدَّينِ. وكلَّمْنه فتَضَرَّج خَدّاه.
ومن المجاز: تَضَرَّجَت المَرْأَةُ إِذا تَبَرَّجَتْ وتَحَسَّنَتْ.
وضَرَّجَ الجَيْبَ تَضْريجًا: أَرْخَاه.
وعبارةُ النّوادر: أَضْرجَت المَرْأَةُ جَيْبَها: إِذا أَرْخَتْه.
وضَرَّجَ الإِبلَ إِذا رَكَضَهَا في الغَارَة.
وضَرَجَت النَّاقَةُ بجِرّتِها وجَرَضَتْ.
ومن المجاز: ضَرَّجَ الكَلَامَ: حَسَّنَه وزَوَّقَه، قال أَبو سعيد: تضْريجُ الكلام في المَعَاذير: هو تَزْويقُه وتَحْسينُه. ويقال: خيرُ ما ضُرِّجَ به الصِّدْقُ، وشَرُّ ما ضُرِّجَ بها الكَذبُ.
وضَرَّجَ الثَّوْبَ تَضْرِيجًا، صَبَغَه بالحُمْرةِ، وهو دونَ المُشْبَع وفوقَ المُوَرَّد.
وفي الحديث: «وعَلَيَّ رَيْطةٌ مُضرَّجَة» أَي ليس صِبْغُها بالمُشْبَع.
ويقال: ضَرَّجَ الأَنْفَ بالدَّمِ: أَدْمَاهُ قال مُهَلْهلٌ:
لَوْ بِأَبانَيْن جَاءَ يَخْطُبُها *** ضُرِّجَ ما أَنْفُ خاطبٍ بدَمِ
وفي كتابه لوَائِلٍ: «وضَرِّجوه بالأَضامِيم»: أَي دَمُّوْه بالضَّرْب.
والإِضْرِيجُ، بالكسر: كِسَاءٌ أَصفَرٌ، وقال اللِّحْيَانيّ: الإِضْرِيج: الخَزُّ الأَحمرُ وأَنشد:
وأَكسيةُ الإِضْريجِ فَوْقَ المَشَاجِب
أَي أَكْسيةُ خَزٍّ أَحْمَرَ. وقيل: هو كساءٌ يُتّخَذ من جَيِّدِ المِرْعِزَّى. وقال اللَّيث: الإِضْريجُ: الأَكْسِيَة تُتَّخذُ من المِرْعِزَّى مِن أَجوَدِه. والإِضرِيج: ضَرْبٌ من الأَكسِيَةِ أَصفَرُ.
والإِضرِيج: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وعن أَبي عبيدَةَ: الإِضريجُ من الخَيْلِ: الجَوَادُ الكثيرُ العَرَقِ وقال أَبو دُواد:
ولقد أَغْتَدِي يُدَافِعُ رُكْنِي *** أَجْوَليٌّ ذو مَيْعَةٍ إِضْرِيجُ
وقال: الإِضريجُ: الواسعُ اللّبَانِ. وقيلَ: الإِضريج: الفَرَسُ الجَوَادُ الشَّدِيدُ العَدْوِ.
وثَوبٌ ضَرِجٌ وإِضْرِيجٌ: مُتَضرِّجٌ بالحُمْرَةِ أَو الصَّفْرَةِ.
وقيل: الإِضْرِيجُ: الصِّبْغُ الأَحمرُ. وثَوبٌ مُضرَّجٌ، من هذا، وقيل: لا يكون الإِضْرِيجُ إِلّا مِن خَزٍّ.
والمُضرِّجُ كمُحَدِّثٍ، هكذا في نُسختنا، وفي بعضها:
والمُضْرِجُ كمُحْسِن: الأَسَدُ.
والمَضَارِجُ، كالمَنَازِل: المَشَاقُّ جَمعُ مَشَقَّةٍ. قال هِمْيَانُ يَصفُ أَنيابَ الفَحْلِ:
أَوْسَعْنَ من أَنيابِه المَضَارِجَا
والمَضَارِجُ: الثِّيابُ الخُلْقَانُ تُبْتَذَلُ مِثْل المَعاوِزِ، قاله أَبو عُبيدٍ، واحدُها مِضْرَجٌ، كذا في الصّحاح واللّسان وغيرهما. وإِهمال المصنِّف مُفْرَدَه تَقصيرٌ أَشار له شيخُنا.
وضارِجٌ اسم موضع معروف في بلادِ بني عَبْسٍ، وقيل: ببلاد طَيِّئٍ. والعُذَيْبُ: ماءٌ بِقُرْبه، وقد مَرَّ. قال امرؤ القيس:
نيَمَّمَتِ العَيْنَ التي عِنْدَ ضَارِجٍ *** يَفِيءُ عليها الظِّلُّ عَرْمَضُها طَامِي
قال ابن بَرِّيّ: ذكر النّحّاس أَن الرِّواية في البيت:
«يَفيئُ عليها الطَّلْحُ»...،
ويروى بإِسناد ذَكَرَه أَنه وفدَ قَومٌ من اليمن على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسولَ الله، أَحْيانا اللهُ ببيتين من شعر امرئ القيس بن حُجْر. قال: وكيف ذلك؟ قالوا: أَقْبَلْنَا نُريدك، فَضَلَلنا الطّريقَ فبقينَا ثَلاثًا بغير ماءٍ، فاستظْلَلْنا بالطَّلْح والسَّمُر. فأَقْبَل راكبٌ مُلثِّمٌ بعمامةٍ، وتَمثَّلَ رَجُلٌ ببيتين، وهما:
ولَمَّا رَأَتْ أَنَّ الشَّريعةَ هَمُّها *** وأَنَّ البَياضَ منْ فرائصها دَامي
تَيَمَّمَت العَيْنَ التي عنْدَ ضارِجٍ *** يَفيءُ عليها الطَّلْحُ؛ عرْمَضُها طَامي
فقال الراكب: مَن يقول هذا الشِّعرَ؟ قال: امرُؤُ القيس بن حُجْرٍ. قال: والله، ما كَذَبَ، هذا ضارجٌ عندكم. قال: فَجَثوْنا على الرُّكَب إِلى ماءٍ، كما ذَكَر، وعليه العَرْمَضُ يَفيءُ عليه الطَّلْحُ، فشربْنا رِيَّنَا، وحَمَلْنَا ما يَكْفِينَا ويُبلِّغُنَا الطَّريقَ. فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم «ذاك رجلٌ مذكورُ في الدُّنْيَا شَريفٌ فيها مَنسيٌّ في الآخرةِ خاملٌ فيها، يَجيءُ يومَ القيامة معهُ لوَاءُ الشُّعَرَاءِ إِلى النَّار».
وعَدْوٌ ضَريجٌ: شديدٌ، قال أَبو ذُؤَيب:
جِرَاءٌ وشَدٌّ كالحَريقِ ضَرِيجُ
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
ضَرَجَ النَّارَ يَضْرِجُهَا: فتَحَ لها عَيْنًا؛ رواه أَبو حنيفة.
والضَّرْجَةُ والضَّرَجَةُ: ضَرْبٌ من الطَّير.
* واستدرك شيخُنا هنا: المُضْرَجيّ، بضمّ الميم وآخرها ياءُ النِّسْبة، جمع المضرَجيّات، وهي الطُّيور الكَواسرُ.
والصّواب أَنه بالحاءِ المهملة، وسيأْتي في مَحَلِّه.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
21-تاج العروس (قد قدد قدقد)
[قدد]: القَدُّ: القَطْعُ مطلقًا، ومنه قَدَّ الطريقَ يَقُدُّه قَدًّا: قَطَعَه، وهو مجازٌ، وقيل: القَدُّ: هو القَطْعُ المُسْتَأْصِل، أَو هو القَطْع المُسْتَطِيل، وهو قولُ ابنِ دُريد، أَو هو الشَّقُّ طُولًا وفي بعض كُتب الغَريب: القَدُّ: القَطْعُ طُولًا كالشَّقِّ.وفي حديث أَبي بكرٍ رضي اللهُ عنه يوم السَّقِيفة: «الأَمْرُ بَينَنا وبينكم كقَدِّ الأُبْلُمَةِ» أَي كشَقِّ الخُوصةِ نِصْفَيْنِ، وهو على المَثَلِ. وفي الأَساس: قَدَّ القَلَمَ، وقَطَّه، القَدُّ: الشَّقُّ طُولًا، وقَطَّه: قَطَعَهُ عَرْضًا. وتقول: إِذا جَادَ قَدُّك وقَطُّكَ فقد استوَى خَطُّكَ، كالاقْتِدَادِ والتَّقْدِيدِ في الكُلّ وضَرَبه بالسَّيْفِ فقَدَّه بنصفينِ.
وفي الحديث أَنّ عَلِيًّا رضِي اللهُ عنه كان إِذا اعتَلَى قَدَّ. وإِذا اعْتَرَضَ قَطَّ». وفي رواية: «كان إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ، وإِذا تَقَاصَرَ قَطَّ» أَي قَطَعَ طُولًا وقَطَعَ عَرْضًا.
واقْتَدَّه وقَدَّدَه. كذلك وقد انْقَدَّ، وتَقَدَّدَ.
والقَدُّ: جِلْدُ السَّخْلة، وقيل: السَّخْلَةُ الماعِزَةُ. وقال ابنُ دُرَيْد: هو المَسْكُ الصغيرُ، فلم يُعَيِّن السَّخْلَة. وفي الحديث «أَنّ امرأَةً أَرسَلَتْ إِلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم بِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْنِ وقَدٍّ» أَرادَ سِقاءً صَغِيرًا مُتَّخَذًا من جِلْد السَّخْلةِ فيه لَبَنٌ، وهو بفتْحِ القاف. وفُلانٌ ما يَعْرِفُ القِدَّ مِنَ القَدِّ؛ أَي السَّيْرَ مِن مَسْكِ السَّخْلَة، ومنه، المثل «ما يَجْعَلُ قَدَّكَ إِلى أَدِيمكِ» أَي ما يَجْعَلُ الشيءَ الصغيرَ إِلى الكبيرِ، ومعنى هذا المثل أَيْ أَيُّ شَيْءٍ يُضِيف صَغيرَك إِلى كَبِيرِك، أَيْ أَيّ شيء يَحْمِلك أَن تَجعل أَمْرَك الصغيرَ عَظيمًا، يُضْرَب للمُتَعَدِّي طَوْرَهُ، ولمَن يَقيس الحَقِيرَ بالخَطيرِ. أَي ما يَجْعَلُ مَسْكَ السَّخْلَة إِلى الأَدِيم، وهو الجِلْدُ الكامِلُ، وقال ثعلب: القَدُّ هُنا: الجِلْدُ الصغير.
والقَدُّ: السَّوْطُ، ومنه الحديثُ «لَقَابُ قَوْسِ أَحدِكم ومَوْضِع قَدِّه في الجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وما فيها» وفي أُخرَى «لَقِيدُ قَوْسِ أَحَدِكم» أَي قَدْرُ سَوْطِ أَحَدكِم وقَدْر المَوضِع الذي يَسَعُ سَوْطَه من الجَنّة خيرٌ من الدُّنيا وما فيها.
والقَدُّ: القَدْرُ أَي قَدْرُ الشيءِ والقَدُّ: قَامَةُ الرَّجُلِ.
والقَدُّ: تَقْطِيعُه أَي الرَّجُل والأَوْلَى إِرجاعه إِلى الشيءِ والقَدُّ: اعْتِدالُه؛ أَي الرَّجُل، ولو قال: وقَدْرُ الشيءِ وتَقْطِيعُه وقَامَةُ الرَّجُلِ واعتدالُه، كان أَحْسَنَ في السَّبْكِ.
وفي حديث جابرٍ «أُتِي بالعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيرًا ولم يَكُنْ عليه ثَوْبٌ، فنظَر له النبيُّ صلى الله عليه وسلم قميصًا، فوَجَدُوا قَميصَ عبدِ الله [بن أُبَيٍّ] يقَدَّد عليه، فكساه إِيّاه» أَي كان الثوبُ عَلى قَدْرِه وطُولِه. وغُلامٌ حَسَنُ القَدِّ؛ أَي الاعتدالِ والجِسْمِ.
وشيءٌ حَسَنُ القَدِّ؛ أَي حَسَنُ التقطِيع، يقال: قُدَّ فُلانٌ قَدَّ السَّيْفِ؛ أَي جُعِل حَسنَ التقْطِيع، وفي الأَساس: ومن المَجَازِ: جارِيَةٌ حَسَنَةُ القَدِّ؛ أَي القامَةِ والتقطِيع، وهي مَقْدُودةٌ، الجمع: أَقُدٌّ كأَشُدٍّ، وهو الجَمْعُ القَليلُ في القَدِّ بمعنى جِلْدِ السَّخْلَة والقامةِ، وفي الكثير قِدَادٌ بالكسر، وأَقِدَّةٌ نادر، وقُدُودٌ، بالضم، في القَدِّ بمعنى القامَةِ والقَدْرِ.
والقَدُّ: خَرْقُ الفَلَاةِ، يقال: قَدَّ المسافِرُ المفازَة، وقَدَّ الفَلَاةَ قَدًّا: خَرَقَهُما وقَطَعَهما، وهو مَجاز.
والقَدُّ: قَطْعُ الكَلامِ، يقال: قَدَّ الكلامَ قَدًّا: قَطَعَه وشَقَّه. وفي حديثِ سَمُرَةَ: «نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بين إِصْبعينِ» أَي يُقطَع ويُشَقّ لئلَّا يَعْقِرَ الحَدِيدُ يَدَهُ، وهو شَبِيهٌ بَنَهْيِه أَن يُتَعَاطَى السَّيْفُ مَسْلُولًا.
والقُدُّ، بالضم: سَمَكٌ بَحْرِيٌّ، وفي التكملة: أَن أَكْلَه يَزِيد في الجِمَاعِ فيما يقال.
والقِدُّ، بالكسر: إِناءٌ من جِلْدٍ يقولون: مالَه قِدٌّ ولا قِحْفٌ، القِدُّ: إِناءٌ من جِلد، والقِحْفُ إِناءٌ من خشب، وفي حديث عُمَر رضي الله عنه «كانوا يَأْكلون القِدَّ» يريد جِلْدَ السَّخْلَة في الجَدْب. والقِدُّ: السَّوْطُ، وكلاهما لُغَة في الفتح، والقِدُّ: السَّيْرُ الذي يُقَدُّ من جِلْدٍ غيرِ مَدْبُوغٍ غير فَطِيرٍ فيُخْصَف به النِّعالُ، وتُشَدُّ به الأَقتابُ والمَحَامِلُ.
والقِدَّةُ واحِدُه أَخصُّ منه، وقال يَزيد بن الصَّعِقِ:
فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّيَاطِ وكُنْتُمُ
فأَجابه بعْضُ بني أَسَدٍ:
أَعِبْتُم عَلَيْنَا أَنْ نُمَرِّنَ قِدَّنَا *** ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ
والجمع أَقُدٌّ.
والقِدَّةُ: الفِرْقَة والطَّرِيقَة من الناس.
والقِدَّة: ماءٌ لِكِلابٍ، هكذا في النُّسخ، وهو غلطٌ، والصواب اسمُ ماءِ الكُلَابِ، والكُلَاب بالضمّ، تَقدَّم في الموحَّدة، وأَنه اسمُ ماءٍ لهم، ونصُّ التكملة: ماءٌ يُسمَّى الكُلَاب، ويُخَفَّفُ في الأَخير، عن الصاغانيّ.
والقِدَّةُ: الفِرْقَةُ مِن الناسِ إِذا كان هَوَى كُلِّ واحدٍ عَلَى حِدَةٍ، ومنه قوله عزّ وجلّ {كُنّا} طَرائِقَ قِدَدًا قال الفرَّاءُ: يقول حكاية عن الجِنّ أَي كنا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً أَهْوَاؤُهَا، وقال الزّجّاج: قِدَدًا: مُتفرِّقينَ مُسلِمينَ وغيرَ مُسلمينَ، قال: وقولُه {وَأَنّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ} هذا تفسير قولهم {كُنّا طَرائِقَ قِدَدًا} وقال غيرُه: قِدَدًا جمع قِدَّة. وصار القَوْمُ قِدَدًا: تَفرَّقَتْ حالاتُهم وأَهواؤُهم وقد تَقَدَّدُوا تَفَرَّقُوا قِدَدًا وتَقَطَّعُوا.
والمِقَدُّ، كمِدَقٍّ، هكذا بالكسر مضبوطٌ في سائر النُّسخ التي بأَيدينا، وضَبَطه هكذا بعضُ المُحَشِّين، ومثلُه في التكملة بخطّ الصاغانيّ، وشَذَّ شيخُنا فقال: الصّوابُ أَنه بالضمّ، لأَن ذاك هو المشهور المعروف فيه، لأَنه مُسْتَثْنًى من المكسور كمحل وما معه، فضَبْطُ بعضِ أَربابِ الحَواشِي له بالكَسْرِ لأَنَّه آلَةٌ وَهَمٌ ظاهِرٌ، انتهى، والذي في اللسان: والمِقَدَّةُ حَدِيدَةٌ يُقَدُّ بها الجِلد.
والمَقَدُّ كمَرَدٍّ؛ أَي بالفتح: الطَّرِيقُ، لكَوْنِه مَوضِعَ القَدِّ؛ أَي القَطْع، وقَدَّتْه الطَرِيقُ: قَطَعَتْه، وقَدَّ المفازَةَ: قَطَعَها، ومَفازَةٌ مُستقِيمَةُ المَقَدِّ أَي الطريق، وهو مَجازٌ كما في الأَساس.
والمَقَدُّ بالفتح: القاعُ وهو المَكَانُ المُسْتَوِي، والمَقَدُّ: قرية بالأُردُنِّ يُنْسَب إِليها الخَمْرُ وقيل: هي في طَرَف حَوْرَانَ قُرْبَ أَذْرِعَاتٍ، كما في المَراصِد والمُعْجَم، قال عَمْرُو بن مَعْدِيكَرِبَ:
وَهُمْ تَرَكُوا ابْنَ كَبْشَةَ مُسْلَحِبًّا *** وهُمْ مَنَعُوهُ مِنْ شُرْبِ المَقَدِّي
وغَلِطَ الجَوْهَرِيُّ في تَخْفِيفِ دَالِهَا، وذَكَرها في مَقَد ونصّه هناك: المَقَدِيّ مُخفّفة الدالِ: شرابٌ مَنسوبٌ إِلى قَرْيَةٍ بالشامِ يُتَّخَذُ مِن العَسَلِ، قال الشاعِرُ:
عَلِّلِ القَومَ قَلِيلًا *** يَا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ
إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا الْيَوْ *** مَ شَرَابًا مَقَدِيَّهْ
انتهى، قال الصاغانيّ: وقد غلِط في قوله: قَرْيَةٌ بالشام.
القريَةُ بتشديد الدالِ.
والشَّرَابُ المَقَدِيُّ بالتخفيف غير المَقَدِّيِّ بالتشديد، يُتّخَذُ من العَسَلِ، وهو غير مُسْكِرٍ، قال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّات:
مَقَدِيَّا أَحلَّه الله لِلنَّا *** سِ شَرَابًا وما تَحِلُّ الشَّمُولُ
وقال شَمِرٌ: وسمعْتُ رَجاءَ بن سَلمة يقول: المَقَدِّي طِلَاءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بما قُدَّ بِنِصْفَيْنِ. انتهى نصُّ الصاغانيِّ وفي النهاية والغَرِيبَينَ: المَقَدِّي طِلَاءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حتى ذَهَب نِصْفُه، تشبيهًا بشيءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ، وقد تُخَفَّفُ دالُه، وهكذا رواه الأَزهريُّ عن أَبي عمرٍو أَيضًا.
والقُدَادُ، كغُرَابِ: وَجَعٌ في البَطْنِ، وقدْ قُدَّ [بالضم] *، وفي الأَفعال لابن القطَّاع: وأَقدَّ علَيْه الطَّعَامُ من القُدَادِ وقَدَّ أَيضًا، وهو داءٌ يصيب الإِنسانَ في جَوْفِه، وفي حديث ابنِ الزُّبير: قال لمعاويةَ في جوابٍ «رُبَّ آكِلِ عَبِيطٍ سَيُقَدُّ عَلَيْه وشارِبِ صَفْوٍ سَيَعَضُّ به» هو من القُدَادِ. ويدعُو الرجُلُ على صاحِبه فيقول: حَبَنًا قُدَادًا. وفي الحديث: «فَجَعَلَه اللهُ حَبَنًا وقُدَادًا». والحَبَنُ: الاستسقاءُ.
وقُدَادُ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ مُعَاويةَ بنِ زَيد بن الغَوْث بن أَنْمَار: بَطْنٌ مِن بَجِيلَةَ قالَه ابنُ حبيب.
وقَدَادٌ، كسَحَابٍ: القُنْفُذُ واليَرْبَوعُ. وفي التكملة: القَدَادُ: من أَسماءِ القَنَافِذِ واليَرابيعِ.
وقُدْقُدٌ كَفُلْفُلٍ: جَبَلٌ به مَعْدِنُ البِرَامِ، بالكسر، جمع بُرْمَةٍ، وهي القِدْرُ من الحِجَارة. والقُدَيْد [كزُبَيْر] مُسَيْحٌ صغيرٌ تصغيرُ مِسْحٍ، بالكسر، يَلْبَسه أَطرافُ الناسِ. والقُدَيْد: اسمُ رَجُل. والقُدَيْد اسم وَادٍ بعَيْنِه، وفي الصّحاح: وقُدَيْدٌ: ماءٌ بالحجازِ، وهو مصغَّر، وقد ورَدَ ذِكرُه في الحديث. وقال ابن الأَثير: هو موضع بين مكَةَ والمدينةِ، وقال ابنُ سِيدَه: وقُدَيْدٌ: مَوْضِعٌ، وبعضهم لا يَصرِفه، يجعله اسمًا للبُقْعَة، ومنه قولُ عيسى بن جَهْمَةَ الليثيِّ وذَكرَ قَيْسَ بن ذَرِيح فقال: كان رجُلًا مِنَّا، وكان ظريفًا شاعرًا وكان يكون بمكَّةَ وذَوِيها من قُدَيْدَ وَسَرفَ وحَوْلَ مَكَّةَ في بوادِيها كُلِّهَا.
وقُدَيْد: فَرسُ قَيْس بن عبد الله، وفي اللسان عَبْس بن جِدَّان الغاضِرِيّ، إِلى غاضِرةَ بَطنٍ من قَيْسٍ، وقيل: الوائليّ.
وقُدْقُدَاءُ، بالضمّ ممدودٌ، عن الفارسيّ، وقد يُفْتَح: موضع من البلاد اليَمَانِية، قال:
عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ قُدْقُدَاءَ ومَوْرِدِ
والقَدِيدُ: اللَّحْمُ المُشَرَّرُ الذي قُطِعَ وشُرِّرَ، المُقَدَّد؛ أَي المَمْلُوح، المُجَفَّفُ في الشمس، أَو هو ما قُطِعَ منه طِوَالًا.
وفي حديث عُرْوَةَ «كان يَتَزَوَّدُ قَدِيدَ الظِّبَاءِ، وهو مُحْرِمٌ.
فَعِيل بمعنى مفعول. والقَدِيد: الثَّوْبُ الخَلَقُ. والتَّقدِيد: فِعْلُ القديد.
ورُويَ عن الأَوْزَاعِيِّ في الحديث أَنه قال «لا يُقْسَم مِنَ الغَنِيمَةِ للعَبْدِ ولا للأَجِيرِ ولا للقَدِيدِيِّينَ» القَدِيديُّونَ، بالفتح ولا يُضَمُّ: هم تُبَّاعُ العَسْكَرِ مِن الصُّنَّاعِ، كالشَّعَّابِ والحَدَّاد والبَيْطَارِ، معروفٌ في كلام أَهلِ الشام، قال ابنُ الأَثير: هكذا يُرْوَى بالقاف وكسر الدال، وقيل بضمّ القافِ وفَتْح الدَّالِ، كأَنَّهم لخِسَّتِهم يَكتَسُون القَدِيدَ، وهو مِسْحٌ صَغيرٌ، وقيل: هو من التقَدُّدِ والتَّفَرُّقِ، لأَنهم يَتفرَّقُون في البلادِ للحاجَةِ وتَمَزُّقِ ثِيَابِهِم، وتَصْغِيرُهم تَحْقيرٌ لشأْنِهم، ويُشْتَم الرجلُ فيقال: يا قَدِيدِيُّ، ويا قُدَيْدِيّ، قال الصاغاني: وهو مُبْتَذَلٌ في كلام الفُرْس أَيضًا.
وأَبو الأَسود، وقيل: أَبو عَمْرو، وقيل أَبو سَعِيدٍ مِقْدَادُ بنُ عَمْرٍو، ابنُ الأَسْوَدِ الكِنْدِيّ، وعَمْرٌو هو أَبوه الأَصليُّ الحقيقيُّ الذي وَلَدَه، وأَما الأُسودُ فكان حالَفَه وَتَبَنَّاه لمَّا وَفَدَ مَكَّةَ، فنُسِب إِليه نِسْبَة وَلاءٍ وَتَرِيبَةٍ، لا نِسْبَةَ وِلادَةٍ، وهو المِقْدادُ بن عَمْرِو بن ثَعْلَبَةَ بن مالِكِ بن ربيعةَ بنِ عامرِ ابن مَطْرُودٍ البَهْرَانِيّ وقيل: الحَضْرَمِيّ، قال ابن الكَلْبيّ؛ كان عَمرو بن ثَعْلَبةَ: أَصابَ دمًا في قَوْمِه فلَحِق بحَضرَموتَ، فحالَفَ كِنْدَةَ، فكان يقال له الكِنْدِيّ، وتزوَّجَ هناكَ امرأَةً، فَوَلَدَتْ له المِقْدَادَ، فلما كَبِرَ المقدادُ وَقَعَ بينه وبين أَبي شِمْرِ بن حُجْرِ الكِنديّ مُنَافَرَةٌ، فضَرَب رِجْلَه بالسّيف وهَرَب إِلى مَكّةَ، فحالَفَ الأَسودَ بن عبدِ يَغوثَ الزُّهْرِيَّ، وكتبَ إِلى أَبيه فقدِمَ عليه، فتَبَنَّى الأَسْوَدُ المِقْدَادَ، وصارَ يقالُ له: المِقدادُ بنُ الأَسودِ، وغلَبَ عِليه، واشتهرَ به، فلما نَزَلَتْ {ادْعُوهُمْ لِآبائِهِمْ} قيل له: المقداد بن عمرٍو، صَحَابِيٌّ تَزَوَّجَ ضُبَاعَةَ بنتَ الزُّبَيْرِ بن عَبْدِ المطَّلِب ابنةَ عمِّ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم، وهَاجَرَ الهِجْرتينِ، وشَهِدَ بَدْرًا والمَشَاهِدَ بعدَهَا. والأَسْوَدُ بن عَبْدِ يَغُوثَ الزُّهْرِيُّ رَبَّاهُ أَو تَبَنَّاه فنُسِبَ إِليه كما أَشرنا إِليه آنفًا، وقد يَلْحَن فيه قُرَّاءُ الحَدِيث ظَنًّا منهم أَنَّه أَي الأَسودَ جَدُّه؛ أَي إِذا ذُكِرَ في عَمود نَسبهِ بعدَ أَبيه عَمرٍو، كما ذَكَرَه المصنِّفُ، كأَنَّهُم يَجْعَلُون ابنَ الأَسود نعْتًا لعمرٍو، وهو غَلَطٌ، كما قال، إِنما ابنُ الأَسوَدِ نعتٌ للمقدادِ، بُنُوَّةُ تَرْبِيَة وحِلْفٍ لا بُنُوَّةُ وِلادةٍ، كما هو مشهور.
والقَيْدُودُ: الناقَةُ الطَّوِيلةُ الظَّهْرِ. الجمع: قَيَادِيدُ، يقال: اشتقاقُه من القَوْدِ مثل الكَيْنُونة من الكَوْنِ، كأَنَّهَا في مِيزَانِ فَيْعُولٍ، وهي في اللَّفظ فَعْلُولٌ، وإِحدَى الدالَيْنِ من القَيْدُودِ زائدةٌ، وقال بعضُ أَهلِ التصريف: إِنما أَرادَ تَثْقِيل فَيْعُولٍ، بمنزلَةِ حَيْدٍ وحَيْدُودٍ، وقال آخرون: بل تُرِك على لَفْظِ كُونُونَة فلما قَبُحَ دخُولُ الواوينِ والضَّمَّات حَوَّلوا الواوَ الأُولَى ياءً لِيُشَبِّهُوها بِفَيْعُولٍ، ولأَنه ليس في كلام العربِ بناءٌ على فُوعُولٍ حَتّى أَنهم قالوا في إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوز فِرارًا من الواوِ، كذا في اللسان. وتَقَدَّدَ الشيْءُ: يَبِسَ.
وتَقَدَّدَ القَوْمُ: تَفَرَّقُوا قِدَدًا.
وتَقَدَّدَ الثَّوْبُ: تَقَطَّعَ وبَلِيَ.
وتَقَدَّدَتِ النَّاقَةُ: هُزِلَتْ بعْضَ الهُزَالِ، أَو تَقدَّدَتْ: كانَتْ مَهزُولةً فسَمِنَتْ، وعن ابن شُمَيل: ناقَةٌ مُتَقَدِّدَة: إِذا كانتْ بين السِّمَنِ والهُزَالِ، وهي التي كانت سَمِينَةً فَخَفَّتْ، أَو كانت مَهزولةً فابتَدَأَتْ في السِّمَنِ.
ومن المَجاز: اقْتَدَّ الأُمورَ: اشتقَّها ودَبَّرَها، وفي بعض الأُمَّهاتِ: تَدَبَّرَهَا ومَيَّزَها.
ومن المَجاز: اسْتَقَدَّ له: اسْتَمَرَّ.
واسْتَقَدَّ الأَمْرُ: اسْتَوَى.
واسْتَقَدَّتِ الإِبلُ: استقَامَتْ على وَجْهٍ واحِدٍ واستَمَرَّتْ على حالِها.
وقَدْ، مُخَفَّفة كلمةٌ معناها التَّوقُّع، حَرْفِيَّة واسْمِيَّة، وهي أَي الاسميّة على وَجْهَيْنِ: الأَوّلُ اسمُ فِعْلٍ مُرَادِفَةٌ لِيَكْفِي قال شيخنا: فهي بمنزِلة الفِعْل الذي تَنوب عنه، فتلْزَمُها نُون الوِقَايَة نحو قولك: قَدْكَ دِرْهَمٌ، وقَدْ زَيْدًا دِرْهَمٌ؛ أَي يَكْفِي، فالاسمُ بعدَها يلْزَم نَصْبُه مفعولًا، كما في يَكفِي.
والثاني اسْمٌ مُرَادِفٌ لِحَسْبُ، وتُسْتَعْمَل مَبْنِيَّةً غَالِبًا؛ أَي عند البصريّين، على السُّكون، لشَبهها بقَد الحَرفيّة في لفظها، وبكثير من الحروف الموضوعة على حَرفينِ كعَنْ وبَلْ ونحوهما مثل قَدْ زَيْدٍ دِرْهَمٌ، بالسكون أَي بسكون الدّالِ على أَصلِه مَحْكِيًّا وتُستعمل مُعْرَبَةً أَي عند الكوفيّين نحو قَدُ زَيْدٍ دِرْهَمٌ، بالرفع أَي برفع الدال.
وأَمّا قَدْ الحَرْفِيَّةُ فإِنها مُخْتَصَّة بالفِعْل، أَعمّ من أَن يكون ماضيًا أَو مضارعًا، المُتَصَرِّفِ، فلا تَدخل على فِعْلٍ جامدٍ، وأَما قولُ الشاعر:
لَوْ لَا الحَيَاءُ وأَنَّ رَأْسِيَ قَدْ عَسَى *** فِيهِ المَشِيبُ لَزُرْتُ أُمَّ القَاسِمِ
فعَسَى فيه ليست الجامِدَة، بل هي فِعْلٌ متصرِّفٌ معناه اشتَدَّ وظهرَ وانتَشَر، كما سيأْتي، الخَبَرِيِّ، خرجَ بذلك الأَمرُ، فإِنه إِنشاءٌ، فلا تَدخل عليه، المُثْبَتِ، اشترطه الجماهيرُ، المُجَرَّدِ مِن جَازِمٍ وناصِبٍ، وحَرْفِ تَنْفِيسٍ قال شيخُنا: هذه كلُّها شُرُوطٌ في دُخولها على المضارِع، لأَن غالِبَ النواصبِ والجوازم تَقتضي الاستقبالَ المَحْضَ، وكذلك حَرْفَا التنفيسِ [و] قد موضوعة للحال كما بُيّن في المُطَوَّلات.
ولها سِتَّةُ مَعَانٍ: الأَوّل التَّوَقُّعُ؛ أَي كون الفِعْلِ مُنْتَظَرًا مُتَوَقَّعًا، فتَدخل على الماضي والمضارع. نحو قد يَقْدَمُ الغائبُ، فتدُلّ على أَن قُدومَ الغائب منتظَرٌ، وقد أَجْحَف المُصنِّف فلم يأْتِ بمثالِ الماضي، بناءً على زَعْمِه أَنَّهَا لا تكون للتوقُّعِ مع الماضي، لأَن التوقُّعَ هو انتظارُ الوُقُوعِ، والماضي قد وَقَعَ، وقد ذَهَبَ إِلى هذا القولِ جماعَةٌ من النُّحاةِ، وقال الذين أَثبتوه: معنَى التوقُّعِ مع الماضي أَنها تَدُلُّ على أَنه كان مُنْتَظَرًا، تقول: قد رَكِبَ الأَميرُ. لِقومٍ كانوا يَنتظرون هذا الخبر ويَتوقَّعُون ثُبوتَ الفِعْل، كما قاله ابنُ هِشام.
والثاني تَقْرِيبُ الماضِي مِن الحَالِ، وهو مُقْتَضَى كلامِ الشيخِ ابنِ مالك: أَنها مع الماضي تُفِيد التقريبَ، كما جزمَ به ابنُ عُصفورٍ، وأَن من شَرْطِ دُخولِها كَوْنَ الفِعْل مُتَوقَّعًا، نحو قد قام زَيْدٌ، وقال أَبو حيّان في شرْح التَّسهيل: لا يَتحقَّق التَّوقُّع في قَدْ، مع دخوله على الماضي، لأَنه لا يُتَوَقَّع إِلا المُنتَظَرُ، وهذا قد وَقعَ، وأَنكرَه ابنُ هِشامٍ في المُغنِي فقال: والذي يَظهر لي قولٌ ثالِثٌ: وهو أَنها لا تُفيد التَّوقُّعَ أَصْلًا، فراجعْهِ، قال شيخنا: والذي تَلقَّيْنَاه من أَفواهِ الشيوخِ بالأَندَلس أَنها حَرْفُ تَحقيقٍ إِذا دخلَتْ على الماضِي، وحرْفُ تَوقُّعٍ إِذا دخلَتْ على المستقبَل، وأَقرَّه صاحب هَمْع الهوامِع، وعليه مُعْتَمَدُ الشيوخ.
والثالث التَّحْقِيقُ، وذلك إِذا دخلَتْ على الماضي، كما ذُكر قريبًا، نحو قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكّاها وزاد ابنُ هِشَام في المغني: وعلى المضارع، كقوله تعالى: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ}.
والرابع النَّفْيُ، فِي اللسان نقلًا عن ابنِ سيدَه: وتكون قَدْ بمنزلةِ ما، فيُنْفَى بها، سُمِعَ بعض الفصحاءِ يقول: قد كُنْتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه، بنصف تَعْرِف، قال في المغنى: وهذا غرِيبٌ، وإِليه أَشار في التسهيل بقوله: ورُبَّمَا نُفِيَ بقد فنُصِب الجوابُ بعدها.
والخامس التَّقْلِيل، ذكره الجماهيرُ، وأَنكره جماعةٌ، قال في المغنى: هو ضَرْبَانِ: تَقلِيلُ وُقُوعِ الفعلِ، نحو قَدْ يَصْدُق الكَذُوبُ وقد يَجُودُ البَخِيلُ، وتَقْلِيلُ مُتَعَلَّقِهِ نحو [قوله تعالى]: {قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أَي ما هم عليه هو أَقلُّ معلوماتِه، قال شيخنا: وزعمَ بعضُهم أَنها في هذه الأَمثلة ونحوِها للتحقيق، وأَن التقليلَ في المِثَالينِ الأَوّلينِ لم يُسْتَفَدْ مِن قَدْ، بل من قولِكَ: البخيل يجود، والكذوب يصدق، فإِنه إِن لم يُحْمَل على أَنّ صُدُورَ ذلك منهما قليلٌ كان فاسدًا، إِذ آخِرُ الكلامِ يُناقِض أَوَّلَه.
والسادس التَّكْثِيرُ، في اللسان: وتكون قَدْ مع الأَفعال الآتِيَةِ بمنْزِلَة رُبَّما، قال الهذليُّ: قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أَنامِلُه كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ قال ابن بَرِّيّ: البيتُ لعَبيد بن الأَبرص، انتهى، وقال الزَّمخشريُّ في قوله تعالى: {قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ} قال: أَي رُبَّمَا نَرى، ومعناه تَكثيرُ الرُّؤْية، ثم استشهد ببيت الهُذليّ. قال شيخنا: واستشهد جَمَاعَةٌ من النَّحويين على ذلك ببيت العَروضِ:
قَدْ أَشْهَدُ الغَارَةَ الشَّعْوَاءَ تَحْمِلُني *** جَرْدَاءُ مَعْرُوقَةُ اللَّحْيَيْنِ سُرْحُوبُ
وفي التهذيب: وقد حَرْفٌ يُوجَبُ به الشيءُ كقولك، قد كان كذا وكذا، والخبر أَن تقول: كان كذا وكذا فأُدْخِلَ قَدْ توكيدًا لتصديق ذلك، قال: وتكون قدْ في موضعٍ تُشبِه رُبَّما، وعندها تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكّ، وذلك إِذا كانت مع الياءِ [والتاءِ] والنون والأَلف في الفِعْل، كقولك: قد يكون الذي تقول. انتهى. وفي البصائر للمصنِّف: ويجوزُ الفَصْل بينه وبين الفِعْل بالقَسَمِ، كقولك: قد واللهِ أَحْسَنْت، وقد لَعَمْرِي بتّ ساهِرًا. ويجوز طَرْحُ الفِعْل بَعْدَهَا إِذَا فُهِم، كقولِ النابغة:
أَفِدَ التَّرَحُّلُ غَيْرَ أَنَّ رِكَابَنَا *** لَمَّا تَزُلْ بِرِحَالنَا وكَأَنْ قَدِ
أَي كأَن قَدْ زَالَتْ، انتهى. وفي اللسان: وتكون قَدْ مثل قَطْ بِمنزلة حَسْب، تقول: ما لَك عندي إِلَّا هذا فَقَدْ؛ أَي فَقَطْ، حكاه يَعقوبُ، وزعم أَنه بَدَلٌ. وقَوْلُ الجَوْهَرِيِّ: وإِنْ جَعَلْتَهُ اسْمًا شَدَّدْتَه، فتقول كتَبْتُ قَدًّا حَسَنَةً، وكذلك كَيْ وهُو ولَوْ، لأَن هذه الحروف لا دَلِيلَ على ما نَقَص منها، فيَجِبُ أَن يُزَادَ في أَواخِرِهَا ما هو من جِنْسها وتُدْغَم إِلَّا في الأَلف فإِنك تَهْمِزُها، ولو سمَّيْتَ رَجُلًا بلا، أَو ما، ثم زِدْت في آخِره أَلِفًا هَمَزْتَ، لأَنك تُحَرِّك الثانِيةَ، والأَلِف إِذا تَحَرَّكَتْ صارَتْ هَمزةً، هذا نصُّ عبارةِ الجوهريِّ، وهو مَذْهَب الأَخفشِ وجَمَاعَةٍ من نُحَاةِ البَصْرَةِ، ونَقلَه المُصنِّف في البصائر، له، وأَقرَّه، وقال ابنُ بَرِّيٍّ: وهذا غلطُ منه وإِنَّما يُشَدَّدُ ما كانَ آخِرُه حَرْفَ عِلَّةٍ. وعبارةُ ابنِ بَرِّيٍّ: إِنما يكون التَّضْعِيفُ في المُعْتَلِّ تَقُولُ في هُو اسم رجل: هذا هُوّ وفي لَوْ: هذا لَوّ، وفي في هذا فِيّ، وإِنَّمَا شُدِّدَ لئلَّا يَبْقَى الاسمُ على حَرْف واحد، لسكون حَرْفِ العِلَّةِ مع التَّنْوِينِ، وأَمَّا قَدْ إِذا سَمَّيْتَ بها تَقولُ هذا قَدٌ ورأَيتُ قَدًا ومررتُ بِقَدٍ، وفي مَنْ: هذا مَنٌ، وفي عَنْ هذا عَنٌ، بالتخفيفِ في الكُلِّ لا غَيْرُ، ونظيرُه يَدٌ ودَمٌ وشِبْهُهُ. تقول: هذه يَدٌ ورأَيتُ يَدًا ومررْت بِيَدٍ، وقد تَحامَلَ شيخُنَا هنا على المُصَنِّف، ونَسبه إِلى القُصور وعَدمِ الاطِّلاعِ على حَقِيقةِ مَعْنَى كلام الجوهريّ ما يقضي به العَجَب، سامَحه اللهُ تعالى، وتجاوز عن تَحامُله.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
القِدُّ، بالكسر: الشيْءُ المَقْدُودُ بِعَيْنِه. والقِدُّ: النَّعْلُ لم يُجَرَّد من الشَّعَر، ذكرهما المُصنّف في البصائر، له. قلت: وفي اللسان بعد إِيراد الحَدِيث «لَقَابُ قَوْسِ أَحَدِكم» إِلى آخره: وقال بعضُهم: يجوز أَن يكون القِدُّ النَّعْلَ، سُمِّيت قِدًّا لأَنها تُقَدُّ مِن الجِلْدِ، وروى ابنُ الأَعرابيّ:
كسِبْتِ اليَمَانِي قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّدِ
بالجيم؛ أَي لم يُجَرَّد من الشَّعَرِ، فيكون أَلْيَنَ له، ومن روَى: قَدُّه بالفتح، ولم يُحَرَّد، بالحاءِ، أَراد: مِثَالُه لم يُعَوَّج، والتحْرِيد: أَن تَجْعَلَ بعضَ السَّيْرِ عَريضًا وبعضَه دَقيقًا، وقد تَقدَّم في موضعه.
والمَعقدُّ بالفتح: مَشَقُّ القُبُل. وقولُ النابِغَةِ.
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ *** فِي المَجْدِ لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ
قال أَبو عُبيد: هما رَجلانِ من بني أَسَدٍ. وفي حديث أُحُدٍ: «كان أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القَدِّ» إِن رُوِيَ بالكَسر فيريد به وَتَرَ القَوْسِ، وإِن رُوِيَ بالفتح فهو المَدُّ والنَّزْعُ في القَوْسِ، وقول جَريرٍ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ يَا مِقْدَادُ زَائِرُكُمْ *** يا وَيْلَ قَدٍّ عَلَى مَنْ تُغْلَقُ الدَّارُ
أَراد بقوله «يا وَيْلَ قَدٍّ يا ويل مِقْدَادٍ، فاقتصر على بَعْضِ حُروفِه، وله نظائرُ كَثيرةٌ.
وذَهبتِ الخَيْلُ بِقِدَّان. قال ابنُ سيدَه: حكاه يعقوبُ ولم يُفَسِّرْه.
والشريف أَبو البركات أَحمد بن الحسن بن الحسين بن أَبي قَدَّادٍ الهاشميّ، ككَتَّان، عن أَبي محمّد الجوهريّ.
وكغُرَاب قُدَادُ بنُ ثَعلبَةَ الأَنمارِيُّ جاهِليٌّ.
وقَدِيدةُ، كسَفينة: لقبُ أَبي الحسن موسى بن جعفر بن محمد البَزَّاز، مات سنة 295.
وبالتصغير، عَلِيُّ بن الحَسَن بن قُدَيْدِ المِصرِيّ، روى عنه ابنُ يُونس فأَكْثَرَ.
وكأَمِيرٍ، قَدِيدُ القلمطاي، أَحد أُمراءِ مِصرَ، حَجَّ أَمِيرًا، وولدُه رُكنُ الدينِ عُمرُ بن قَدِيد، قَرَأَ على العِزِّ بن جَمَاعَةَ وغيرِه، مولده سنة 785.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
22-تاج العروس (حور)
[حور]: الحَوْرُ: الرُّجُوعُ عَن الشَّيْءِ وإِلَى الشَّيْءِ كالمَحَار والمَحَارَةِ والحُؤُورِ، بالضَّمّ في هذه وقد تُسَكَّن وَاوُهَا الأَولَى وتُحْذَف لسُكُونها وسُكُون الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا في ضَرُورَة الشِّعْر، كما قال العَجَّاج:في بِئْر لاحُورٍ سَرَى ولا شَعَرْ *** بأَفْكِه حَتَّى رَأَى الصُّبْح جَشَرْ
أَرادَ: لا حُؤُورٍ.
وفي الحَدِيث «مَنْ دَعَا رَجُلًا بالكُفْر ولَيْسَ كَذلك حَارَ عَلَيْه»؛ أَي رَجَع إِليه ما نَسَب إِليه. وكُلُّ شَيْءٍ تغَيَّرَ منْ حَال إِلَى حالٍ فقد حَارَ يَحُور حَوْرًا. قال لَبيد:
وما المَرءُ إِلّا كالشِّهَاب وضَوْئه *** يَحُورُ رَمَادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ سَاطِعُ
والحَوْرُ: النُّقْصَانُ بعد الزِّيادة، لأَنَّه رُجُوعٌ منْ حَالٍ إِلى حال.
والحَوْرُ: ما تَحْتَ الكَوْرِ من العِمَامَة. يقال: حارَ بعد ما كَارَ، لأَنّه رُجوع عن تَكْويرِهَا. ومنهالحَدِيث: «نَعُوذُ بالله من الحَوْر بعد الكَوْر» معناه [من] النّقصان بعد الزِّيادة. وقيل: مَعْنَاه مِنْ فَسَادِ أُمُورِنَا بعد صَلاحِهَا، وأَصْلُه من نَقْض العِمَامَة بعد لَفِّهَا، مأْخُوذ من كَوْر العمَامة إِذا انتَقَض لَيُّهَا؛ وبَعْضُه يَقْرُب من بعض. وكَذلك الحُورُ بالضّمّ، وفي روايَة: «بعد الكَوْن»، بالنون. قال أَبو عُبَيْد: سُئل عاصمٌ عن هذا فقال: أَلَمْ تَسْمع إِلى قَوْلهم: حَارَ بَعْد ما كَانَ. يقول: إِنَّه كَانَ على حالةٍ جَمِيلة فَحَارَ عَنْ ذلك؛ أَي رَجَع، قال الزَّجَّاج: وقيل مَعْنَاه نَعُوذ بالله من الرُّجُوع والخُرُوج عن الجَمَاعَة بعد الكَوْر، معناه بعد أَنْ كُنَّا في الكَوْر؛ أَي في الجَمَاعَة. يقال كارَ عِمَامَتَه على رَأْسِه، إِذا لَفَّهَا.
وعن أَبي عَمْرو: الحَوْر: التَّحَيُّر. والحَوْرُ: القَعْرُ والعُمْقُ، ومن ذلك قولُهم هو بَعِيدُ الحَوْر. أَي بَعِيد القَعْر؛ أَي عَاقِلٌ مُتَعَمِّق.
والحُورُ بالضَّمِّ. الهَلَاكُ والنَّقْصُ، قال سُبَيْع بنُ الخَطِيم يَمْدَح زَيد الفَوارسِ الضَّبّيّ:
واستَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغ فازْدَرَدُوا *** والذَّمُّ يَبْقَى وَزادُ القَومِ في حُورِ
أَي في نَقْص وذَهَاب. يُريدُ: الأَكْلُ يذهَبُ والذّمُّ يَبْقَى.
والحُورُ: جَمْعُ أَحْوَرَ وَحَوْراءَ. يقال: رَجُل أَحْوَرُ، وامرأَةٌ حَوْرَاءُ.
والحَوَرُ، بالتَّحْرِيك: أَنْ يَشْتَدَّ بَياضُ بَيَاضِ العَيْن وسَوادُ سَوَادِها وتَسْتَدِيرَ حَدَقَتُها وتَرِقَّ جُفُونُها ويَبْيَضَّ ما حَوَالَيْهَا، أَو الحَوَر: شدَّةُ بَيَاضِهَا وشدَّةُ سَوَادِهَا في شدَّة بَيَاض الجَسَد، ولا تَكُونُ الأَدْمَاءُ حَوْراءَ. قال الأَزْهَريّ: لا تُسَمَّى [المرأَةُ] حَوْرَاءَ حَتَّى تكون مع حَوَرِ عَيْنَيْهَا بَيْضَاءَ لَوْنِ الجَسَد. أَو الحَوَر: اسْوِدَادُ العَيْنِ كُلِّهَا مثْلَ أَعْيُن الظِّباءِ والبَقَر. ولا يَكُون الحَوَر بهذا المَعْنَى في بَنِي آدمَ؛ وإِنَّمَا قيل للنِّساءِ حُورُ العِين، لأَنَّهُنَّ شُبِّهن بالظِّباءِ والبقَر.
وقال كُرَاع: الحَوَرُ: أَن يَكُونَ البَيَاضُ مُحْدِقًا بالسَّوادِ كُلِّه، وإِنَّمَا يَكُون هذَا في البَقَر والظِّبَاءِ، بَلْ يُسْتَعَار لَهَا؛ أَي لبَني آدَمَ، وهذا إِنَّمَا حكَاه أَبُو عُبيْد في البَرَجِ، غَيْر أَنّه لم يَقُل إِنَّمَا يَكُونُ في الظِّبَاءِ والبَقَر. وقال الأَصمَعِيّ: لا أَدرِي ما الحَوَر في العَيْن. وقد حَوِر الرَّجل، كفَرِحَ، حَوَرًا، واحْوَرَّ احْوِرَارًا: ويقال: احْوَرَّت عَيْنُه احْوِرَارًا.
والصّحاح: الحَوَر: جُلُودٌ حُمْرٌ يُغَشَّى بهَا السِّلَالُ، الواحدَة حَوَرَةٌ. قال العَجَّاج يَصف مَخَالِبَ البَازي:
بحَجَبَاتٍ يتَثَقَّبْنَ البُهَرْ *** كأَنَّمَا يَمْزِقْن باللَّحْم الحَوَرْ
الجمع: حُورانٌ، بالضَّمّ. ومنْهُ
حديثُ كتَابه صلى الله عليه وسلم لوَفْد هَمْدَانَ: «لَهُمْ من الصَّدَقة الثلْب والنَّابُ والفَصيل والفارضُ والكَبْشُ الحَوَري قالَ ابْنُ الأَثير: مَنْسُوب إِلَى الحَوَر، وهي جُلُود تُتَّخَذ من جُلُود الضَّأْن، وقيل: هو ما دُبغَ من الجُلُود بغَيْر القَرَظِ، وهو أَحَدُ ما جَاءَ على أَصْلِه ولم يُعَلَّ كما أُعِلَّ نَابٌ.
ونَقَلَ شَيْخُنَا عن مجمع الغرائب ومَنْبع العَجَائب للعَلَّامَة الكَاشْغَريّ: أَن المُرَادَ بالكَبْش الحَوَريّ هُنَا المَكْوِيّ كَيّةَ الحَوْرَاءِ، نِسْبَة عَلَى غَيْر قيَاس، وقيل سُمِّيَت لبَيَاضهَا، وقيل غَيْر ذلك.
والحَوَر: خَشَبَةٌ يُقَالُ لَهَا البَيْضَاءُ، لبَياضهَا، ومَدَارُ هذَا التَّرْكيب على مَعْنَى البَيَاض، كما صَرَّح به الصَّاغَانيّ.
والحَوَر: الكَوْكَبُ الثَّالث من بَنَات نَعْشٍ الصُّغرَى اللَّاصق بالنَّعْش، وشُرحَ في ق ود فراجعْه فإِنَّه مَرَّ الكَلَامُ عليه مُسْتَوْفًى.
والحَوَر: الأَديمُ المَصْبُوغُ بحُمْرَة. وقيل: الحَوَر: الجُلودُ البيضُ الرِّقَاق تُعمَل منها الأَسْفَاطُ.
وقال أَبو حَنِيفة: هي الجُلُودُ الحُمْر التي لَيْسَت بقَرظيَّة، والجَمْع أَحْوارٌ. وقد حَوَّرَه.
وخُفٌّ مُحَوَّرٌ، كمُعَظَّم: بطَانَتُه منْه؛ أَي من الحَوَر. قال الشاعر:
فظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكًا فَوْقَه عَلَقٌ *** كأَنَّمَا قُدَّ في أَثْوَابه الحَوَرُ
والحَوَر: البَقَرُ لبَياضهَا، الجمع: أَحْوَارٌ. كقَدَر وأَقْدَار، وأَنشد ثَعْلَب:
للهِ دَرُّ مَنَازلٍ ومَنَازِلٍ *** أَنَّى يُلين بهاؤُلَا الأَحوارِ
والحَوَر: نَبْتٌ، عن كُراع، ولم يُحلّه.
والحَوَر: شَيْءٌ يُتَّخَذُ منَ الرَّصَاص المُحْرَق تَطْلِي به الْمَرْأَةُ وَجْهَهَا للزِّينَة.
والأَحْوَرُ: كَوْكَبٌ أَوْ هُوَ النَّجْم الَّذي يُقَال لَه المُشْتَرِي.
وعن أَبي عَمْرٍو: الأَحْوَرُ، العَقْلُ، وهو مَجَازٌ. وما يَعيشُ فُلانٌ بأَحْوَرَ؛ أَي ما يَعيشُ بعَقْل يَرْجِعُ إِلَيْه. وفي الأَساس: بعَقْل صَافٍ كالطَّرْف الأَحْوَرِ النّاصِع البَيَاضِ والسَّوَاد. قال هُدْبَةُ ونَسَبَه ابْنُ سِيدَه لابْنِ أَحْمَر:
وما أَنْسَ مِلأَشْيَاءِ لا أَنْسَ قَوْلَهَا *** لجارَتِهَا ما إِنْ يَعيشُ بأَحْوَرَا
أَرادَ: مِنَ الأَشْيَاءِ.
والأَحْوَرُ: موضع باليَمَن.
والأَحْوَرِيّ: الأَبيضُ النَّاعِمُ من أَهْلِ القُرَى. قال عُتَيْبَةُ بن مِرداسٍ المَعروف بابن فَسوَة:
تَكُفُّ شَبَا الأَنْيَاب منها بمِشْفَرٍ *** خَرِيعٍ كسِبتِ الأَحْوَرِيّ المُحَضَّرِ
والحَوَارِيَّاتُ: نِسَاءُ الأَمْصَارِ، هكَذا تُسَمِّيهن الأَعرابُ، لبَيَاضهنّ وتبَاعُدهِنّ عَنْ قَشَف الأَعْرَاب بنَظَافَتِهِنّ، قال:
فقُلْتُ: إِنَّ الحَوَارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ *** إِذَا تَفَتَّلْنَ من تَحْت الجَلابيبِ
يَعْنِي النِّسَاءَ.
والحَوَارِيَات منَ النِّسَاءِ: النَّقِيَّاتُ الأَلْوَانِ والجُلُودِ، لبَيَاضهنّ، ومن هذا قيلَ لصَاحب الحُوَّارَى مُحَوِّر. وقال العَجَّاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّرَاتٍ حُورِ
يَعْنِي الأَعْيُنَ النّقيّاتِ البَيَاضِ الشَّديدَاتِ سوَادِ الحَدَقِ.
وفسّر الزَّمَخْشريّ في آل عمْرَان: الحَوَارِيَّات بالحَضَرِيّاتِ. وفي الأَساس بالبِيض، وكلَاهُمَا مُتَقَاربَان، كما لا يَخْفَى، ولا تَعْريضَ في كَلَام المُصَنِّف والجَوْهَريّ، كما زعمه بَعْضُ الشُّيوخ.
والحَوَارِيُّ: النَّاصر، مُطْلَقًا، أَو المُبَالِغُ في النُّصْرَة، والوَزير، والخَليل، والخَالصُ. كما في التَّوْشيح، أَو نَاصرُ الأَنْبيَاءِ، عَلَيْهم السَّلام، هكَذَا خَصَّه بَعضُهم.
والحَوَارِيُّ: القَصَّارُ، لتَحْوِيره؛ أَي لتَبْييضه.
والحَوَارِيُّ: الحَمِيمُ والنَّاصحُ.
وقال بَعْضُهم: الحَوَارِيُّون: صَفْوةُ الأَنْبيَاءِ الَّذين قد خَلَصُوا لهم.
وقال الزَّجّاج: الحَوَارِيُّون: خُلْصَانُ الأَنْبيَاءِ عَلَيْهم السَّلام، وصَفْوَتْهُم. قال: والدَّليلُ على ذلك قولُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: «الزُّبَيْر ابنُ عَمَّتي وحَواريَّ من أُمَّتي» أَي خَاصَّتي من أَصْحابي ونَاصري. قال: وأَصْحابُ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حَوَارِيُّون. وتأْويلُ الحوَارِيِّين في اللغَة: الَّذين أُخلِصُوا ونِقُّوا من كُلِّ عَيْب، وكذلك الحُوَّارَى من الدَّقيق سُمِّيَ به لأَنَّه يُنَقَّى من لُبَاب البُرِّ، قال: وتأْويلُه في النَّاس: الَّذي قد رُوجِع في اخْتياره مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى فوُجِد نَقيًّا من العُيُوب.. قال: وأَصْل التَّحْوير في الُّلغَة. من حار يَحُورُ، وهو الرُّجُوع. والتَّحْوير: التَّرْجيع. قال: فهذا تَأْويلُه، والله أَعلَم.
وفي المُحْكَم: وقيل لأَصْحاب عيسى علَيْه السَّلامُ: الحوارِيُّون، للبَيَاض، لأَنَّهم كانوا قَصَّارِين.
والحَوَارِيُّ: البَياضُ، وهذا أَصْل قَوْله صلى الله عليه وسلم في الزُّبَيْر: «حَوارِيَّ مِنْ أُمَّتِي» وهذا كان بدْأَه، لأَنَّهُم كَانُوا خُلَصاءَ عيسَى عَلَيْه السَّلَامُ وأَنْصَارَه؛ وإِنَّمَا سُمُّوا حَوَارِيِّين لأَنَّهُم كانُوا يَغْسِلُون الثِّيَابَ؛ أَي يُحَوِّرُونَهَا، وهو التَّبْييضُ. ومنه قَوْلُهم: امرأَةٌ حَوارِيَّة؛ أَي بيْضَاءُ قال: فَلَمَّا كان عِيسَى علَيْه السَّلامُ نصَرَه هؤُلَاءِ الحواريُّون وكَانوا أَنْصاره دُون النَّاسِ؛ قِيل لِناصِر نَبِيِّه حَوَارِيٌّ إِذا بالَغَ في نُصْرَته، تشْبِيهًا بأُولئك.
ورَوَى شَمِرٌ أَنَّه قال: الحَوَارِيُّ: النَّاصِحُ، وأَصلُه الشيْءُ الخالِصُ، وكُلُّ شَيْءٍ خَلَصَ لَوْنُه فهو حَوَارِيٌّ.
والحُوَّارَى. بضَمِّ الحَاءِ وشَدِّ الواو وفَتْح الرَّاءِ: الدَّقِيقُ الأَبْيَضُ، وَهُوَ لُبَابُ الدَّقِيق وأَجْودُه وأَخْلَصُه، وهو المَرْخُوف. والحُوَّارَى: كُلُّ ما حُوِّرَ؛ أَي بُيِّضَ من طَعَامٍ، وقد حُوِّر الدَّقيقُ وحَوَّرْتُه فاحْوَرَّ؛ أَي ابْيَضَّ. وعَجينٌ مُحَوَّر هو الذي مُسِحَ وَجْهُه بالمَاءِ حتى صَفَا.
وحَوَّارُونَ بفَتْح الحَاءِ مُشَدَّدَةَ الوَاو: د، بالشَّام، قال الرَّاعي:
ظَلَلْنَا بحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ *** تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وضبطه السَّمْعَانيّ بضَمّ ففَتْح من غَيْر تَشْدِيد، وقال: مِنْ بلَاد البَحْرَين. قال: والمَشْهُورُ بهَا زيَادُ حُوَارِينَ، لأَنَّه كان افْتَتَحها، وهو زيَادُ بْنُ عَمْرو بن المُنْذِر بن عَصَرَ وأَخوهُ خِلاس بن عَمْرو، كان [فقيهًا] مِنْ أَصحابِ عَليّ، رَضي الله عنه.
والحَوْرَاءُ: الكَيَّةُ المُدَوَّرَةُ، منْ حارَ يَحُور، إِذَا رَجَع.
وحَوَّرَه: كَوَاه [كَيَّةً] فأَدَارَهَا؛ وإِنَّمَا سُمِّيَت الكَيَّةُ بالحَوْرَاءِ لأَنَّ مَوْضِعَهَا يَبْيَضّ. وفي الحَديث: «أَنَّه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على عاتِقه حَوْرَاءَ».
وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَنَّه لما أُخبِرَ بقَتْل أَبي جَهْل قال: إِنَّ عَهْدِي به وفي رُكْبَتَيْه حَوْرَاءُ فانْظُرُوا ذلك. فَنَظَروا [فرأَوْهُ]، يَعْنِي أَثَرَ كَيَّة كُوِيَ بها.
والحَوْرَاءُ: موضع قُرْبَ المَدِينَة المُشَرَّفَة، على ساكنها أَفْضَلُ الصّلاة والسَّلام، وهو مَرْفَأُ سُفُنِ مِصْر قَدِيمًا، ومَمَرُّ حاجِّها الآن، وقد ذَكَرَها أَصْحَابُ الرِّحَل.
والحَوْرَاءُ: مَاءٌ لِبَنِي نَبْهَانَ، مُرُّ الطِّعْم.
وأَبُو الحَوْرَاءِ: رَبيعَةُ بنُ شَيبانَ السَّعْدِيّ رَاوِي حَديثِ القُنُوت عن الحَسَن بْن عَليّ، قال: «عَلَّمَني أَبي أَو جَدِّي رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم أَن أَقولُ في قُنوت الْوتْر: اللهُمَّ اهْدِني فِيمَن هَدَيْتَ، وعافني فيمَنْ عافَيْتَ، وتَوَلَّني فيمَنْ تَوَلَّيت، وباركْ لي فيما أَعطيْتَ، وقِنِي شَرَّ ما قَضَيْت، إِنَّك تَقْضِي ولا يُقْضَى عَلَيْك، إِنّه لا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت، تَبارَكْتَ وتَعَالَيْت».
قلت: وهو حَديث مَحْفُوظ من حَديث أَبي إِسحاقَ السَّبيعيّ، عن بُريدَ بن أَبي مرْيمَ، عن أَبي الحَوْرَاءِ، حَسَنٌ من رِوايَة حَمْزَةَ بْن حَبيبٍ الزَّيّات، عنه. وهو فَرْدٌ.
والمَحَارَةُ: المَكَانُ الَّذِي يَحُور أَو يُحَارُ فِيه.
والمَحَارَةُ: جَوْفُ الأُذُنِ الظَّاهرُ المُتَقَعِّرُ، وهو ما حَوْلَ الصِّمَاخ المُتَّسع، وقيل: مَحَارَةُ الأُذُن: صَدَفَتُهَا، وقيل: هي ما أَحَاطَ بسمُوم الأُذُنِ من قَعْرِ صَحْنَيْهما.
والمحَارَةُ: مَرْجِعُ الكَتفِ، وقيل: هي النُّقْرة الَّتي في كُعْبُرَةِ الكتِفِ.
والمَحَارَةُ: الصَّدَفَةُ ونحْوُهَا مِنَ العَظْم، والجمْع مَحَارٌ. قال السُّليْكُ:
كأَنَّ قَوَائمَ النَّحَّامِ لَمَّا *** تَوَلَّى صُحْبَتي أُصُلًا مَحَارُ
أَي كأَنَّهَا صَدَفٌ تَمُرّ على كُلِّ شيْءٍ.
وفي حديثِ ابْن سِيرينَ في غُسْل المَيت: «يُؤْخَذ شَيْءٌ من سِدْر فيُجْعَل في مَحَارَةٍ أَو سُكُرُّجة».
قال ابنُ الأَثير: المَحَارَةُ والحائر: الّذي يَجْتَمِع فيه المَاءُ. وأَصْلُ المَحَارَةِ الصَّدَفةُ، والمِيم زائدَة.
قُلتُ: وذَكَره الأَزهَريّ في مَحر، وسيأْتي الكَلَامُ عليه هُنالك إِن شاءَ الله تَعَالَى.
والمَحَارَةُ: شِبْهُ الهَوْدَج، والعَامَّة يُشَدِّدُون، ويُجْمَع بالأَلف والتاءِ.
والمَحَارَةُ: مَنْسِمُ البَعِير، وهو ما بَيْنَ النَّسْر إِلَى السُّنْبُك، عن أَبي العَمَيْثَل الأَعْرَابيّ.
والمَحَارَةُ: الخُطُّ، والنَّاحيَةُ.
والاحْوِرَارُ: الابْيِضَاضُ، واحْوَرَّتِ المَحَاجِرُ: ابيَضَّت.
وأَبُو العَبَّاس أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله بن أَبي الحَوَارَى، الدِّمَشْقِيّ، كسَكَارَى؛ أَي بالفتح، هكذا ضبطه بعضُ الحُفَّاظ. وقال الحافِظُ ابن حَجَر: وهو كالحَوَارِيّ واحِدِ الحَوَارِيِّين على الأَصحّ، يرْوِي عن وكيع بنِ الجرَّاح الكُتُب، وصَحِب أَبَا سُلَيْمَان الدّارانِيّ وحَفِظ عنه الرَّقائِق، ورَوَى عنه أَبُو زُرْعَةَ وأَبُو حاتِم الرَّازِيّانِ، وذكَره يَحْيَى بنُ مُعِين فقال: أَهلُ الشَّامِ يُمْطَرُون به، تُوفِّي سنة 246.
وكسُمَّاني أَي بضَمِّ السِّين وتَشْديد الميم، كما ادَّعَى بعضُ أَنَّه رآه كذلك بخَطِّ المُصَنِّف هنا، وفي «خَرَط»، قال شَيْخُنَا: ويُنَافِيه أَنَّه وَزَنَه في «س معروف ن» بحُبَارَى، وهو المَعْرُوفُ، فتَأَمَّل، أَبُو القَاسم الحُوَّارَى، الزَّاهِدَان، معروف أَي مَعروفان. ويقال فيهما بالتَّخْفِيف والضَّمِّ، فلا فائدَة في التَّكْرار والتَّنَوُّع، قالَه شَيْخُنَا.
قلْت: ما نَقَلَه شَيْخُنَا من التَّخْفِيف والضَّمِّ فيهما، فلم أَرَ أَحَدًا من الأَئِمَّةَ تَعَرَّضَ لَه، وإِنَّمَا اخْتَلَفُوا في الأَوَّل، فمِنْهُم مَنْ ضَبَطه كسُكَارَى، وعلى الأَصَحِّ أَنه على واحد الحَوَارِيِّين، كما تَقَدَّم قَرِيبًا. وأَمَّا الثَّاني فبالاتّفَاق بضَمِّ الحَاءِ وتَشْديد الوَاو، فلم يَتَنَوَّع المُصَنِّف، كما زَعَمَه شَيْخُنا، فتَأَمَّلْ.
والحُوَارُ، بالضَّمِّ، وقَدْ يَكْسُر، الأَخيرَة رَديئة عند يَعْقُوب: وَلَدُ النَّاقَة سَاعَةَ تَضَعُه أُمُّه خَاصَّةً. أَو مِنْ حِين يُوضَع إِلَى أَنْ يُفْطَم ويُفْصَلَ عَنْ أُمِّه، فإِذا فُصِلَ عن أُمّه فهو فَصِيل. الجمع: أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ، فيهما. قال سيبَوَيْه: وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بَيْنَ فُعَال وفَعِيل. قال: وقد قَالُوا حُورَانٌ، وله نَظيرٌ، سَمِعْنَا العَرَبَ تَقُولُ: رُقَاقٌ ورِقَاقٌ، والأُنْثَى بالهاءِ، عن ابْن الأَعرابيّ.
وفي التَّهْذيب: الحُوَارُ: الفَصيل أَوَّلَ ما يُنْتَج. وقال بعضُ العَرَب: اللهُمَّ أَحِرْ رِبَاعَنَا؛ أَي اجْعَلْ رِبَاعَنَا حِيرَانًا.
وقولُه:
أَلَا تَخَافُونَ يَوْمًا قَدْ أَظَلَّكُمُ *** فيه حُوَارٌ بأَيْدي النَّاس مَجْرُورُ
فَسَّره ابنُ الأَعْرَابِيّ فقال: هو يَوْمٌ مشؤومٌ عَلَيْكُم كشُؤْم حُوارِ نَاقَةِ ثَمُودَ على ثَمودَ.
وأَنْشَدَ الزَّمَخْشَريّ في الأَسَاس:
مَسِيخٌ مَلِيخٌ كلَحْم الحُوَارِ *** فلا أَنْتَ حُلْوٌ ولا أَنْتَ مُرْ
والمُحَاوَرَةُ، والمَحْوَرَةُ، بفَتْح فسُكون في الثَّاني. وهذه عن اللَّيْث وأَنْشَد:
بحَاجَةِ ذي بَثٍّ ومَحْوَرَة لهُ *** كَفَى رَجْعُهَا من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
والمَحُورَةُ، بضَمِّ الحَاءِ كالمَشُورة من المُشَاوَرَةِ: الجَوَابُ، كالحَوِير، كأَمِير، والحَوَار، بالفتح ويُكْسَر، والحِيرَةُ، بالكَسْر، والحُوَيْرَة، بالتَّصْغِير.
يقال: كَلَّمْتُه فما رَجَعَ إِلَيّ حَوَارًا وحِوَارًا ومُحاوَرَةً وحَوِيرًا ومَحُورَةً؛ أَي جَوابًا. والاسْمُ من المُحَاوَرَة الحَوِيرُ، تقول: سَمعْتُ حَوِيرَهما وحِوَارَهُمَا. وفي حَديث سَطيح: «فَلَمْ يُحِرْ جَوَابًا»؛ أَي لم يَرْجع ولم يَرُدَّ. وما جاءَتْني عنه مَحُورَةٌ، بضَمّ الحَاءِ؛ أَي ما رَجَعَ إِلَيَّ عنه خَبَرٌ. وإِنه لضَعِيفُ الحِوَار؛ أَي المُحَاوَرَة.
والمُحَاوَرَةُ: المُجَاوَبَةَ ومُرَاجَعَةُ النُّطْق والكَلَام في المُخَاطَبَة، وقد حَاوَرَه، وتَحَاوَرُوا: تَرَاجَعُوا الكَلَامَ بَيْنَهُم، وهو يَتَرَاوَحُونَ ويَتَحَاوَرُونَ.
والمِحْوَر، كمِنْبَر: الحَدِيدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الخُطَّافِ والبَكَرَةِ.
وقال الجَوْهَرِيُّ: هو العُودُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْه البَكَرَة، وربما كَانَ مِنْ حَدِيد، وهو أَيضًا خَشَبَةٌ تَجْمَع المَحَالَة.
قال الزَّجّاج: قال بَعْضُهم: قِيل له مِحْوَر للدَّوَرَانِ، لأَنَّه يَرْجِعُ إِلَى المَكَان الّذِي زَالَ عَنْهُ، وقيل إِنَّمَا قيل له مِحْوَر لأَنَّه بدَوَرانِه يَنْصَقِل حَتَّى يَبْيضَّ.
والمِحْوَر: هَنَةٌ وهي حَدِيدة يَدُورُ فِيهَا لِسَانُ الإِبْزِيمِ في طَرَفِ المِنْطَقَةِ وغَيْرِهَا.
والمِحْوَرُ: المِكْوَاةُ، وهي الحَدِيدَةُ يُكْوَى بِهَا.
والمِحْوَرُ: عُودُ الخَبَّازِ. وخَشبَةٌ يُبْسَطُ بِهَا العَجِينُ يُحَوَّر بها الخُبْزُ تَحْوِيرًا.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحوِيرًا: هَيَّأَهَا وأَدَارَهَا بالمِحْوَر ليَضَعَهَا في المَلَّةِ، سُمِّيَ مِحْوَرًا لدَوَرَانِه على العَجِين، تَشْبِيهًا بمِحْوَر البَكَرة واستِدَارته، كذا في التَّهْذِيب.
وحَوَّرَ عَيْنَ البَعِيرِ تَحْوِيرًا: أَدارَ حَوْلَهَا مِيسَمًا وحَجَّرَه بكَيٍّ، وذلِك من دَاءٍ يُصِيبُها، وتِلْك الكَيَّةُ الحَوْرَاءُ.
والحَوِيرُ، كأَمِير: العَداوَةُ والمُضَارَّةُ، هكذا بالرَّاءِ، والصواب المُضَادَّةُ، بالدَّال، عن كُرَاع.
ويقال: ما أَصَبْتُ منه حَوْرًا، بفَتْح فَسُكُون، وفي بعض النُّسخ بالتَّحْرِيك وحَوَرْوَرًا، كسَفَرْجَل؛ أَي شَيْئًا.
وحَوْرِيتُ، بالفَتْح: موضع، قال ابنُ جِنِّي: دَخَلْتُ على أَبي عَلِيٍّ. فحِينَ رآنِي قال: أَينَ أَنْتَ؟ أَنَا أَطلُبك، قلْت: وما هُو؟ قال: ما تَقُول في حَوْرِيت، فخُضْنا فِيه فرأَيناهُ خَارِجًا عن الكِتَاب، وصانَعَ أَبُو عَليٍّ عنه فقال: ليس من لُغَة ابنَيْ نِزَارٍ فأَقَلَّ الحَفْل بِه لِذلِك، قال: وأَقرب ما يُنْسَب إِلَيْه أَن يَكُون فَعْلِيتًا لقُرْبِه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موْجودٌ.
والحَائِرُ: المَهْزُولُ كَأَنَّه من الحَوْر، وهو التَّغَيُّر من حالٍ إِلى حالٍ، والنُّقصان.
والحائِر: الوَدَكُ، ومنه قولهم: مَرقَة مُتَحَيِّرة، إِذا كانت كَثِيرَةَ الإِهالَة والدَّسَمِ، وعلى هذا ذِكْرُه في اليائِيِّ أَنْسَبُ كالَّذِي بَعْده.
والحائِرُ: موضع بالعِرَاقِ فِيهِ مَشْهَدُ الإِمام المَظْلُومِ الشَّهِيدِ أَبِي عَبْدِ الله الحُسَيْن بْن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ، رضي الله عنهم؛ سُمِّيَ لتَحَيُّرِ الماءِ فيه. ومنه نَصْرُ الله بْنُ مُحَمَّدٍ الكُوفِيّ، سَمِع أَبَا الحَسَن بنَ غِيَرَةَ. والإِمامُ النَّسَّابَة عَبْدُ الحَمِيد بْنُ الشِّيخ النَّسَّابة جَلالِ الدين فَخَّار بن مَعَدّ بن الشريف النّسَّابة شمْس الدين فَخّار بْنِ أَحْمَد بْنِ محمّد أَبي الغَنَائِم بن مُحَمَّدِ بنِ مُحمَّدِ بنِ الحُسَيْن بن مُحَمَّد الحُسَيْنِيّ المُوسَويّ، الحائِرِيانِ وَوَلَدُ الأَخِيرِ هذا عَلَمُ الدِّينِ عَلِيّ بنُ عَبْد الحَمِيد الرَّضِيّ المُرْتَضَى النَّسَّابَة إِمَامُ النَّسَب في العِراق، كان مُقِيمًا بالمَشْهَد. ومات بهَرَاةِ خُرَاسَانَ، وهو عُمْدَتُنا في فَنِّ النَّسَب، وأَسانِيدُنا مُتَّصِلَة إِليه. قال الحافِظُ ابنُ حَجَر: والثاني من مَشْيَخَة أَبِي العَلاءِ الفَرَضِيّ. قال: وممَّن يَنْتَسِب إِلى الحَائِرِ الشّرِيفُ أَبُو الغَنَائِم مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الفَتْح العَلَوِيّ الحائِرِيّ، ذَكَرَه مَنْصُورٌ.
والحائِرةُ: الشَّاةُ والمَرْأَةُ لا تَشِبَّانِ أَبَدًا، من الحَوْرِ بِمَعْنَى النّقْصَانِ والتَّغَيُّرِ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ.
ويقال: مَا هُو إِلَّا حائِرَةٌ مِنَ الحَوَائِر؛ أَي مَهْزُولَةٌ لا خَيْرَ فِيهِ. وعن ابن هَانِئٍ: يُقَالُ عند تَأْكِيدِ المَرْزِئَة عليهِ بِقِلَّةِ النَّمَاءِ: ما يَحُورُ فلانٌ ومَا يَبُورُ. أَي ما يَنْمُو وَما يَزْكُو، وأَصْلُه من الحَوْر وهو الهَلَاكُ والفَسَادُ والنَّقصُ.
والحَوْرَةُ: الرُّجُوعُ.
وحَوْرَةُ: قرية بَيْن الرَّقَّةِ وبَالِسَ، مِنْهَا صَالِحٌ الحَوْرِيُّ، حَدَّث عن أَبِي المُهَاجِر سَالِم بنِ عَبْدِ الله الكِلابِيّ الرَّقِّيّ.
وعنه عَمْرو بن عُثمَانَ الكِلابِيّ الرَّقِّيّ. ذَكَره مُحَمَّدُ بنُ سعِيدٍ الحَرَّانِيّ في تاريخ الرّقّة.
وحَوْرَةُ: وَادٍ بالقَبَلِيَّة.
وحَوْرِيُّ، بكَسْرِ الرّاءِ، هكذا هو مَضْبوطٌ عِنْدَنَا وضَبَطه بَعضُهم كسَكْرَى: قرية من دُجَيْلٍ، منها الحَسَن بْنُ مُسْلِم الفَارِسيّ الحَوْرِيّ، كان من قَرْية الفارِسِيَّة، ثم من حَوْرِيّ، رَوَى عن أَبي البَدْرِ الكَرْخَيّ، وسُلَيْمُ بْنُ عِيسَى، الزَّاهِدَانِ، الأَخير صاحِب كَرامَات، صَحِب أَبا الحَسَن القَزْوِينِيّ وحَكَى عَنْه.
قلت: وفَاتَه عبدُ الكَرِيم بن أَبِي عَبْد الله بْنِ مُسْلم الحَوْرِيُّ الفارِسيُّ، من هذه القَرْية، قال ابنُ نُقْطَة. سَمِع مَعِي الكَثِيرَ.
وحَوْرَانُ، بالفَتْح: كُورَةٌ عَظِيمَة بِدِمَشْقَ، وقَصَبَتُها بُصْرَى. ومنها تُحَصَّلُ غَلَّاتُ أَهْلِهَا وطَعَامُهُم. وقد نُسِبَ إِلَيْهَا إِبراهِيمُ بنُ أَيُّوبَ الشَّامِيّ. وأَبُو الطَّيِّبِ مُحَمَّدُ بن حُمَيْدِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وغَيْرُهما.
وحَوْرَانُ: مَاءٌ بِنَجْدٍ، بَيْنَ اليَمَامَةِ ومَكَّةَ.
وحَوْرَانُ: موضع بِبَادِيَةِ السَّمَاوَةِ، قَرِيبٌ مِن هِيتَ: وهو خَرابٌ.
والحَوْرَانُ، بالفَتْح: جِلْدُ الفِيلِ. وباطِنُ جِلْدِه: الحِرْصِيَانُ، كِلاهُمَا عن ابن الأَعرابِيّ.
وعَبْدُ الرَّحْمن بْنُ شَمَاسَةَ بْنِ ذِئْبِ بْنِ أَحْوَرَ: تَابِعِيٌّ، من بَنِي مَهْرةَ، رَوَى عن زَيْدِ بْنِ ثَابِت وعُقْبةَ بنِ عَامر، وعِدادُه في أَهْل مِصْر، روى عَنْه يَزِيدُ بنُ أَبِي حَبِيب. ومن أَمْثَالِهِم: «فُلَانٌ حُورٌ في مَحَارَة»، حُور بالضَّمِّ والفَتْحِ أَي نُقْصَانٌ في نُقْصان ورُجُوع في رجوعٍ، مَثَلٌ يُضْرَب لمَنْ هُو في إِدْبَار. والمَحَارَة كالجُورِ: النُّقْصان والرُّجُوع، أَو لِمنْ لَا يَصْلُح. قال ابنُ الأَعرابِيّ: فُلانٌ حَوْرٌ في محارَة. هكذا سمِعْتُه بفَتْح الحاءِ. يُضرَب مَثَلًا للشَّيْءِ الَّذِي لا يَصْلُح، أَو لمَنْ كَانَ صَالِحًا ففَسَدَ، هذا آخِر كَلامِه.
وحُورُ بْنُ خَارِجة، بالضَّمّ: رجُل مِنْ طَيِّئ.
وقولهم طَحَنَت الطَّاحِنَةُ فَمَا أَحَارَتْ شَيْئًا؛ أَي ما رَدَّتْ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ، والاسْمُ منه الحُورُ أَيْضًا؛ أَي بالضَّمِّ، وَهُوَ أَيْضًا الهَلَكَة. قال الرَّاجِزُ:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبُو عُبيْدة: أَي في بِئْرِ حُورٍ و«لا» زِيادةٌ.
ومن المَجَازِ: قَلِقَتْ محَاوِرُه أَي اضْطَرَب أَمْرُه. وفي الأَسَاسِ: اضْطَرَبَت أَحوَالُه. وأَنشد ثَعْلَب:
يا مَيُّ مَا لِي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي *** وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرَائِرِي
أَي اضْطَربَتْ عَلَيَّ أُمُوري، فكَنَى عنها بالمَحَاوِر. وقال الزَّمَخْشَرِيّ: استُعِير من حَالِ البَكَرة إِذَا املَاسَّ واتَّسَع الخَرْقُ فاضْطَرَبَ.
وعَقْربُ الحِيرَانِ: عَقْرَبُ الشِّتَاءِ، لأَنَّهَا تَضُرُّ بالحُوَارِ ولَدِ النَّاقَةِ، فالخِيْرانُ إِذًا جَمْعُ حُوَارٍ.
وفي التَّهْذِيب في الخُمَاسِيّ: الحَوَرْوَرَةُ: المَرْأَةُ البَيْضَاءُ، قال: وهو ثلاثيُّ الأَصْلِ أُلحِقَ بالخُمَاسِيّ لتَكْرارِ بعْضِ حُرُوفِها.
وأَحَارَتِ النَّاقَةُ: صارتْ ذَاتَ حُوَارٍ، وهو وَلَدُها سَاعَةَ تَضَعُه.
وما أَحَارَ إِلَيَّ جَوَابًا: ما رَدَّ، وكذا ما أَحَارَ بكَلِمَة.
وحَوَّرَهُ تَحْويرًا: رَجَعَه، عن الزّجَّاج. وحَوَّرَه أَيضًا: بَيَّضه. وحَوَّرَهُ: دَوَّرَه، وقد تَقَدَّم.
وحَوَّرَ الله فُلانًا: خَيَّبَه ورَجَعَه إِلى النَّقص.
واحوَّرَ الجِسْمُ احْوِرَارًا: ابْيَضَّ وكذلك الخُبْزُ وغَيْرُه.
واحوَرَّتْ عَيْنُه: صارَتْ حَورَاءَ بيِّنَةَ الحَوَرِ: ولم يَدْرِ الأَصمَعِيُّ ما الحَوَر في العَيْن، كما تقدَّم: والجَفْنَةُ المُحْوَرَّةُ: المُبْيَضَّةُ بالسَّنَامِ. قال أَبو المُهَوّش الأَسَدِيّ:
يا وَرْدُ إِنّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ *** فمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ
يَعْنِي المُبْيَضَّةَ. قال ابنُ بَرِّيّ: ووَرْدُ تَرْخِيمُ وَرْدَةَ، وهي امرأَتُه، وكانت تَنْهَاه عن إِضاعَةِ مَاله ونَحْرِ إِبلِه.
واسْتَحَارَهُ اسْتَنْطَقَه. قال ابنُ الأَعرابِيّ: اسْتَحارَ الدَّارَ: استَنْطَقَها، من الحَوْرِ الّذي هو الرُّجُوع.
وقَاعُ المُسْتَحِيرَة: د، قال مالِك بنُ خَالِدٍ الخُنَاعِيُّ.
ويَمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ إِنَّني *** بأَنْ يَتَلاحَوْا آخِرَ اليَوْمِ آرِبُ
وقد أَعاده المُصَنِّف في اليائِيّ أَيْضًا، وهُمَا واحِدٌ.
والتَّحَاوُرُ: التَّجَاوُبُ، ولو أَوْرَدَه عند قَوْله: وتَحَاوَرُوا: تَرَاجَعُوا، كان أَلْيَقَ، كما لا يَخْفَى.
وإِنَّه في حُورٍ وبُورٍ، بضَمِّهمَا؛ أَي في غَيْرِ صَنْعَةٍ ولَا إِتَاوَة، هكَذا في النُّسَخ. وفي اللِّسَان: ولا إِجادَة، بدل إِتَاوَة، أَوْ: فِي ضَلَال، مأْخوذٌ من النَّقْصِ والرُّجُوع.
وحُرْتُ الثَّوْبَ أَحُورُه حَوْرًا: غَسَلْتُه وبَيَّضْتُه، فهو ثَوْب مَحُورٌ، والمعروفُ التَّحْوِيرُ، كما تقدَّم.
* ومما يُسْتَدْرَك عليه:
حارَتِ الغُصَّة تَحُور حَوْرًا: انحدَرَت كأَنَّها رَجَعَت من مَوْضِعها، وأَحارَها صَاحِبُها. قال جَرِير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ وَاهِصةِ الخُصَى *** يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهَرِيّ:
وتِلْكَ لعمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
والباطِل في حُور: أَي [في] نَقْص ورُجُوع. وذَهَب فُلانٌ في الحَوَارِ والبَوارِ أَي في النُّقْصَانِ والفَسادِ. ورجُلٌ حَائِرٌ بائِر. وقد حارَ وبَارَ. والحُورُ: الهَلاكُ والجَوَابُ. ومنهحَدِيثُ عَليّ رَضِيَ اللهُ عَنْه «يَرْجِع إِلَيْكُما ابْنَاكُما بحَوْرِ ما بَعَثْتُمَا بِه» أَي بِجَواب ذلِك.
والحَوَارُ والحَوِيرُ: خُرُوجُ القَدْح مِنَ النَّارِ. قال الشَّاعِر:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظرْتُ حَوَارَهُ *** على النَّارِ واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويُرْوَى حَوِيرَة؛ أَي نَظَرْتُ الفَلَجَ والفَوْزَ.
وحكى ثعْلب: اقْضِ مَحُورَتَك؛ أَي الأَمرَ الّذي أَنتَ فيه.
والحَوْرَاءُ: البَيْضَاءُ، لا يُقْصَد بذلك حَوَرُ عَيْنِها.
والمُحَوِّر: صاحِبُ الحُوَّارَى.
ومُحْوَرُّ القِدْرِ: بَياضُ زَبَدِها. قال الكُمَيْت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخ طَاهِيًا *** عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حين غَرْغَرَا
والمَرْضُوفَةُ: القِدْر التي أُنْضِجَت بالحِجَارَةِ المُحْمَاةِ بالنَّارِ. ولم تُؤْنِ: لم تُحْبَس.
وحَوَّرْت خَواصِرَ الإِبِل، وهو أَن يَأْخُذَ خِثْيَها فيَضْرِب به خَواصِرَها. وفلانُ سَرِيعُ الإِحارةِ؛ أَي سَرِيعُ اللَّقْم، والإِحارَةُ في الأَصْل: رَدُّ الجَوابِ، قَالَه المَيْدَانِيّ.
والمَحَارَةُ: ما تَحْتَ الإِطار. والمَحارَةُ: الحَنَكُ، وما خَلْفَ الفَرَاشَةِ من أَعْلَى الفَمِ. وقال أَبو العمَيْثَل: باطِنُ الحَنكِ. والمَحَارَةُ: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخَياشِيم.
والمَحَارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ. والمَحَارَتانِ رَأْسَا الوَرِكِ المُسْتَدِيرَانِ اللَّذانِ يَدُورُ فيهما رُؤُوس الفَخِذَين.
والمَحَارُ، بغَيْر هاءٍ، من الإِنْسَان: الحَنَكُ. ومن الدَّابَّة: حَيْث يُحَنِّك البَيْطَارُ. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: مَحَارَةُ الفَرَس أَعْلَى فَمِه مِنْ بَاطِنٍ.
وأَحرت البعير نحرته وهذَا من الأَساسِ.
وحَوْرَانُ اسمُ امرأَةٍ: قال الشَّاعر:
إِذَا سَلَكَت حَوْرَانُ من رَمْل عالِج *** فَقُولَا لها لَيْسَ الطرِيقُ كَذلِكِ
وحَوْرَان: لَقبُ بَعْضِهم. وحُورٌ. بالضَّمّ لَقَبُ أَحْمَدَ بنِ الخَلِيل، رَوَى عن الأَصْمَعِيّ. ولقَبُ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّد بْنِ المُغَلّس. وحُورُ بنُ أَسْلَم في أَجدادِ يَحْيَى بْنِ عَطَاءٍ المِصْرِيّ الحَافِظ.
وعن ابن شُمَيْل: يَقُولُ الرَّجُل لِصَاحِبِه: واللهِ مَا تَحُور ولا تَحُولُ؛ أَي ما تَزْدَاد خَيْرًا. وقال ثَعْلَبٌ عن ابْنِ الأَعرابِيّ مِثْلَه.
وحُوَار «كغُرَاب»: صُقْع بهَجَرَ. وكرُمّان: جُبَيل.
وعبدُ القُدُّوس بن الحَوَارِيّ الأَزدِيّ من أَهْلِ البَصْرة يَرْوِي عن يُونُسَ بنِ عُبَيْد. رَوَى عنه العِرَاقِيُّون، وحَوارِيّ بنُ زِيادٍ تابِعِيّ.
وحور: موضع بالحجاز. وماءٌ لقُضاعةَ بالشَّام.
والحَوَاريّ بنُ حِطّان بن المُعَلَّى التَّنُوخِيّ: أَبو قَبِيلة بمعَرَّة النُّعمانِ من رِجال الدَّهْر. ومن وَلده أَبُو بِشْر الحَوَارى بنُ محمّدِ بنِ علِيّ بنِ مُحَمد بنِ أَحْمَدَ بنِ مُحَمَّد بنِ أَحْمدَ بنِ الحَوَارِيّ التَّنُوخِيُّ عَمِيدُ المَعَرَّة. ذكره ابن العَدِيم في تاريخ حلَب.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
23-تاج العروس (مزر)
[مزر]: المَزْرُ، بالفَتْح: الحَسْوُ للذَّوْقِ. والمَزْرَة: المَصَّةُ.والمَزْرُ: الرجُلُ الظريفُ، كالمَزِير، كأَمير، نقله الفَراءُ.
والمَزْرُ: دُونَ القَرْصِ، نَقَلَه الصاغانيُّ. وقال ابنُ القَطّاع: ومَزَرَه مَزْرًا: قَرَصَهُ.
والمِزْرُ، بالكَسر: الأَحمَقُ. والمِزْرُ: نَبِيذُ الذُّرَةِ والشَّعِيرِ والحِنْطَة والحُبُوبِ، وقيل: نَبِيذُ الذُّرَةِ خاصّة.
وذكر أَبو عُبَيد أَنّ ابن عُمَرَ قد فَسَّرَ الأَنْبِذَة فقال: البِتْع: نَبِيذُ العَسَل؛ والجِعَةُ: نَبِيذُ الشعِير، والْمِزْرُ من الذُّرَة، والسَّكَرُ من التمرِ، والخَمْرُ من العنَب. والمِزْرُ الأَصْل.
والمَزِيرُ، كأَمير: الشَّدِيدُ القَلْبِ القَوِيُّ النافِذُ في الأُمورِ المُشْبَعُ العَقْلِ، بَيِّنُ المَزَارَةِ. قال العَبّاسُ بنُ مِرداس:
تَرَى الرجُلَ النحِيفَ فَتَزْدَرِيهِ *** وفي أَثْوَابِه رَجُلٌ مَزِيرُ
ويُروَى: أَسَدٌ مَزِيرُ، الجمع: أَمازِرُ مثْل أَفِيلٍ وأَفائلَ، وأَنشد الأَخْفَش:
إِلَيكِ ابنَةَ الأَعيَارِ خافِي بَسَالَةَ ال *** رِّجال وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
ولا تَذْهَبَنْ عَينَاكِ في كُلِّ شَرْمَحٍ *** طُوَالٍ فإِن الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
يريد: أَقاصِرهم وأَمازِرهم. وقال الفَرّاءُ: الأَمَازِرُ جَمعُ أَمزَرَ، وقد مَزُر، ككَرُمَ، مَزَارَةً، وفلان أَمْزَرُ منه.
ومَزَرَ السِّقَاءَ مَزْرًا: مَلأَهُ، عن كُرَاعِ. وقال ابنُ الأَعرابيّ: مَزَرَ القِرْبَةَ مَزْرًا: لَمْ يَدَعْ فِيها أَمْتًا، كمَزَّرَهَا تَمْزِيرًا، وأَنشد شَمِرٌ:
فَشَرِبَ القَوْمُ وأَبْقَوْا سُورَا *** وَمزَّرُوا وِطَابَها تَمْزِيرَا
ومَزَر الرَّجُلَ: غاظَهُ، نقَله الصاغانيّ.
والتَّمَزُّر: التَّمَصُّرُ، وهو التَّتَبُّع. والتَّمَزُّر: التَّمَصُّصُ والشُّرْبُ القَلِيل. يُقَال: تَمَزَّرتُ الشَّرَابَ، إِذا شَرِبْته قَلِيلًا قليلًا. ومثلُه التَّمَزُّز، وهو أَقَلُّ من التَّمَزُّر، كالمَزْرِ، بالفتْحِ. وقيل: التمَزُّر: التَّرَوُّق، أَو هو الشُّرْبُ بمَرَّةٍ. وفي حديث أَبِي العالِيَة: «اشْرَبِ النَّبِيذَ ولا تُمَزِّرْ» أَي اشْرَبْه لتَسكِين العَطَش كما تَشْرَب الماءَ، ولا تَشْرَبْه للتَّلَذُّذِ مَرَّةً بعد أُخْرَى كما يَصْنَع شاربُ الخَمْرِ إِلَى أَنْ يَسْكَرَ.
قال ثَعْلَبٌ: ممّا وَجَدْنا عن النبي صلى الله عليه وسلم: «اشْرَبُوا ولا تَمَزِّرُوا» أَي لا تُدِيرُوه بَيْنَكم قَلِيلًا قَلِيلًا، ولكن اشْرَبُوه في طِلْقٍ واحِدٍ كما يُشْرَب الماءُ. أَو اتْرُكوه ولا تَشْرَبُوه شَرْبَةً واحدَةً.
وكُلُّ ثَمَرٍ اسْتَحْكَمَ فقد مَزُرَ، ككَرُمَ، مَزَارَةً، قاله ابنُ دُرَيْد.
ومَازَرُ، كهاجَرَ: د، بالمَغْرب بصِقِلِّيَّة. قال شيْخُنَا: وقد تُكْسَر زَايَهُ، كما في شَرْح الشِّفَاءِ وغيره، منها الإِمامُ أَبو عَبْدِ الله مُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ بنِ عُمَرَ التَّمِيمِيّ المَازَرِيُّ، أَحَدُ الأَئمَّة، شارحُ صَحِيح مُسْلِم، سَمّاهُ المعْلَم. وهو من شُيُوخِ القَاضِي عِياض. ومات سنة 536، ومنها أَيضًا أَبو عبدِ الله محمّدُ بنُ المُسَلَّم المَازَريُّ الأُصُوليُّ.
ومازَرُ: قرية بِلُرِّسْتَان بَيْنَ أَصْبَهانَ وخُوزِسْتَانَ، منها عِيَاضُ بن مُحَمّد بنِ إِبراهِيمَ الأَبْهَرِيُّ. ووقع في التَّبْصِير: الأَزْهَرِيّ، وهو غَلَط، المَازَرِيُّ الصُّوفيّ، جالَسَه السِّلَفِيُّ في سَنَة خَمْسِمِائة، وهو في عَشْرِ الثَّمانين.
ومَزْرِينُ، كقَزْوِينَ: قرية ببُخَارَى، نقله الصاغَانيّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
24-تاج العروس (قس قسس قسقس)
[قسس]: القسّ، مُثلَّثةً: تَتَبُّعُ الشَّيْءِ وطَلَبُه، والصاد لغةٌ فيه كالتَّقَسُّسِ.والقسُّ: النَّمِيمَةُ، ونَشْرُ الحَدِيث، وذِكْرُ النّاسِ بالغِيبَةِ، قال اللِّحْيَانيُّ: يقَالُ للنَّمّام: قَسّاسٌ وقَتّاتٌ وهَمّازٌ وغَمّازٌ ودَرّاجٌ.
ويقَال: فُلانٌ قَسُّ إِبلٍ، بالفَتْح؛ أَي عَالِمٌ بهَا، قال أَبو حَنِيفَةَ رحمَه الله تَعَالَى: هو الّذِي يَلِي الإِبلَ لا يفَارِقُهَا. وقال أَبو عُبَيْدٍ وأَبو عَمْرٍو؛ هو صاحِبُ الإِبل الّذِي لا يُفارقُها، وأَنشَدَ لأَبي محَمَّدٍ الفَقْعَسيّ:
يَتْبَعُهَا تِرْعِيَّةٌ قَسٌّ وَرَعْ *** تَرَى برِجْلَيْه شُقُوقًا في كَلَعْ
لم تَرْتَمِي الوَحْشُ إِلى أَيْدِي الذَّرَعْ
والقَسُّ: رَئيسُ النَّصَارَى في الدِّين والعِلْم، وقيلَ: هو الكَبيرُ العالِمُ، قالَ الراجزُ:
لَوْ عَرَضَتْ لِأَيْبليٍّ قَسِّ *** أَشْعَثَ في هَيْكَلِهِ مُنْدَسِّ
حَنَّ إِلَيْهَا كحَنِينِ الطَّسِّ
كالقِسِّيس، كسِكِّيتٍ، ومَصْدَره القُسُوسَةُ، بالضّمِّ، والقِسِّيسَةُ بالكسر، هكذا في سائر النُّسَخ والصَّواب: القِسِّيسِيَّة، وهو هكذا في نَصِّ اللَّيْث. الجمع: القَسِّ قُسُوسٌ، بالضَّمِّ.
وجَمْع القِسِّيس قِسِّيسُونَ، ونَقَلَه الفَرّاءُ في كتاب «الجَمْع والتَّفْريق»، قال: يُجْمَع القِّسِيسُ أَيضًا على قَسَاوِسَة، على غير قِياسٍ، كمَهَالِبَةٍ في جَمْع المُهَلَّب.
كَثُرَت السِّيناتُ فأَبْدَلُوا مَن إِحداهنَّ وَاوًا فقالُوا: قَسَاوِسَةٌ، كما هو. هكذا في بَعْض النُّسَخ، ومِثْلُه في التَّكْملَة، قال الفَرّاءُ: وربّما شُدِّدَ الجَمْعُ ولم يُشَدَّد وَاحدُه، وقد جَمَعَت العَرَبُ الأَتُّونَ أَتَاتِينَ، وأَنْشَدَ لأُمَيَّةَ بن أَبي الصَّلْت:
لَوْ كَانَ مُنْفَلِتٌ كَانَتْ قَسَاقِسَةً *** يُحْيِيهمُ الله في أَيْدِيهمُ الزُّبُرُ
هكذا رَوَاه الأَزْهَريُّ، ورواه الصّاغَانيُّ: «قَسَاوِسَة».
والقَسُّ: الصَّقِيعُ، قيل: وإِليه نُسِبَت الثِّيَابُ القَسِّيَّةُ، لبَياضِه.
والقَسُّ: لَقَب عَبْد الرَّحْمن بن عَبْد الله. ويقَال: عبد الله بنُ عَبْد الرّحْمن بن أَبي عَمّارٍ المَكِّيِّ العابِد التّابِعيِّ الَّذِي كانَ هَوِيَ سَلاَّمَةَ المُغَنِّيَةَ ثم أَنابَ، ولُقِّبَ به لعِبَادَتِه.
والقَسُّ: إِحْسَانُ رَعْيِ الإِبلِ، كالتَّقْسِيس، ويقَالُ هو قَسٌّ بهَا، للعَالِم بها، كما تَقدَّم.
والقَسُّ: السَّوْقُ، عن أَبي عُبَيْدَةَ، كالقَسْقَسَة، يقَال: قَسَّ الإِبلَ يَقُسُّها قَسًّا، وقَسْقَسَهَا: سَاقَهَا، وقيلَ: همَا لِشِدَّةِ السَّوقِ.
والقَسُّ؛ موضع، بَيْنَ العَرِيشِ والفَرَماءِ، مِن أَرْضِ مِصْرَ بينَهَا وبَيْنَ الفرَماءِ سِتَّةُ بُرُدٍ في البَرِّ تَقْرِيبًا، وقالَ بَعْضُهُم: دونَ ثلاثِينَ مِيلًا، وهوَ على ساحِلِ بحرِ الْمِلْحِ، فيما بين السَّوَادَةِ والوَارِدَةِ، وقد خَرِبَ مِن زمَانٍ، وآثارُه باقِيَةٌ إِلى اليَوْمِ، وهناك تَلٌّ عَظِيمٌ من رَمْلٍ خارِجٍ في البَحْر الشامِيّ، وبالقُرْب مِن التَّلِّ سِبَاخٌ يَنْبُتُ فيه الْمِلحُ تَحْمِله العُرْبَانُ إِلى غَزَّةَ والرَّمْلَةِ، وبِقُرْبِ هذا السِّبَاخِ آبارٌ تَزْرَع عِنْدَها العُربانُ مَقَاثِئ تِلْكَ البَوَادِي. كذا في تاريخِ دِمْيَاطَ.
ومنه الثِّيَابُ القَسِّيَّةُ، وهي ثِيَابٌ مِن كَتَّانٍ مَخْلوطٍ من حَرِيرٍ كانَتْ تُجْلَب مِن هُناكَ، وقد وَرَدَ النَّهْيُ عن لُبْسِهَا، وقد يُكسَرُ القَافُ، وهكذا يَنْطِق به المُحَدِّثون، وأَهلُ مِصْرَ يَقُولُونه بالفَتْحِ، وقال أَبو عُبَيْدٍ: هو القَسِّيُّ، مَنسوبٌ إِلى بلادٍ يُقَال لها: القَسُّ، قال: وقد رَأَيْتُهَا، ولم يَعْرِفْها الأَصْمَعِيُّ. أَو هي القَزِّيَّةُ، مَنسوبٌ إِلى القَزِّ، وهو ضَرْبٌ مِن الإِبْرِيَسم فأُبْدِلت الزّايُ سِينا، عن شَمِرٍ، قال رِبيعَةُ بنُ مَقْرُوم:
جَعَلْنَ عَتِيقَ أَنْمَاطٍ خُدُورًا *** وأَظْهَرْنَ الكَرَادِيَ والعُهُونَا
عَلَى الأَحْدَاجِ واسْتَشْعَرْنَ رَيْطًا *** عِرَاقِيًّا وقَسِّيًّا مَصُونَا
وقِيلَ: هو مَنْسُوبٌ إِلى القَسِّ، وهو الصَّقِيعُ، لِنُصُوعِ بَيَاضِه، وقد تَقَدَّم. والقَسُّ: سَاحِلٌ بأَرْضِ الهِنْدِ، وهو مُعَرَّبُ كَشّ، أَو قَصّ، كما يأْتِي في الصّادِ.
ودَيْرُ القَسِّ: بِدِمَشْقَ.
ودِرْهَمٌ قَسِّيٌّ، وتُخَفَّفُ سِينُه؛ أَي رَدِيءٌ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
والقَسَّةُ: القَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ، وفي بعضِ النُّسَخِ: القِرْبَةُ، بكسر القافِ وبالمُوَحَّدة.
وقَسَّهُم: آذَاهُم بِكَلامٍ قَبِيحٍ، كأَنَّهُ تَتَبَّعَ أَذَاهُم وتَبَغَّاه.
وقَسَّ ما عَلَى العَظْمِ يَقُسّه قَسًّا: أَكَلَ لَحْمَه وامْتَخَخَهُ، عن ابنِ دُرَيْدٍ، كقَسْقَسَه، وهذِه لغةٌ يَمانِيَةٌ.
والقَسُوسُ، كصَبُورٍ: ناقَةٌ تَرْعَى وَحْدَها، مِثْلُ العَسُوسِ، وقد قَسَّتْ تَقُسُّ قسًّا: رَعَتْ وَحْدَهَا، والجَمْع: القُسُّ.
والقَسُوسُ أَيضًا: الَّتي ضَجِرَتْ وسَاءَ خُلُقُها عنْدَ الحَلبِ كالعَسُوس والضَّرُوسِ، وهذا عن ابن السِّكِّيت.
أَو القَسُوسُ: الَّتي وَلَّى لَبَنُهَا فلا تَدُرُّ حَتَّى تَنْتَبِذَ.
وقُسُّ بنُ سَاعِدَةَ بنِ عَمْرو بنِ عَديِّ بن مالك بن أَيدعان بن النّمِر بن وَائلة بن الطَّمَثان الإِيَاديُّ، بالضَّمِّ: بَلِيغٌ مَشْهُورٌ، وهو حَكِيم العرَبِ، وهو أَسْقُفُّ نَجْرَانَ، كما في اللِّسَان، وإِيادٌ: هو ابنُ نِزار بن مَعَدّ. ومنه الحَديثُ: «يَرْحَمُ الله قُسًّا، إِنِّي لأَرْجو يَوْمَ القِيَامَة أَنْ يُبْعَث أُمَّةً وَحْدَه». ونصُّ الحَديث: «لمَا قَدِم وَفْدُ إِيادٍ عَلى رَسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أَيُّكُم يَعْرِفُ قُسًّا؟ قالُوا: كُلُّنا نَعْرفُه، قال: فما فَعَل؟ قالُوا: ماتَ، قال: يَرْحَمُ الله قُسًّا، إِنِّي لأَرْجو أَنْ يَأْتِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَه».
وقُسُّ النَّاطِفِ: موضع، قُرْبَ الكُوفة، على شاطئِ الفُرَات، كانتْ عِنْدَه وَقْعَةٌ بَيْن الفُرْس وبين المُسْلمين، وذلك في خِلافَة سيِّدِنا عُمَرَ، رضي الله تعَالى عنه، قُتِل فيه أَبو عبَيْدِ بنُ مَسْعودٍ الثَّقفيّ.
وقُسَيْسٌ، كزُبَيْرٍ: موضع، قال امْرؤُ القيْس:
أَجادَ قُسَيْسًا فالصُّهَاءَ فمِسْطَحًا *** وجَوًّا ورَوَّى نَخْل قَيْسِ بنِ شَمَّرَا
وقُسَيسٌ: جَدُّ عبد الله بن ياقُوت بن عبدِ الله المحَدِّث، ويُعْرَف بالقُسَيْس، سَمع ابن الأَخْضر.
وكسَحَابٍ قَسَاسُ بنُ أَبي شِمْر بن مَعْدِي كَرِبَ، شاعِرٌ.
وكغُرَابٍ: قُسَاسٌ: اسمُ جَبَلٍ فيه مَعْدِنُ الحَديد بإِرْمِينِيَّة، منه* السُّيوفُ القُسَاسيَّةُ. وفي المحْكم: القُسَاسِيُّ: ضَرْبٌ من السّيوفِ، وقال الأَصْمَعيّ: لا أَدْرِي إِلى أَيِّ شيْءٍ نُسِبَ، وقال الشّاعر:
إِنّ القُسَاسِيَّ الَّذي يَعْصى به *** يَخْتَصِمُ الدَّارِعَ في أَثْوَابه
قلتُ: وقال أَبو عُبَيْدة مثْلَ قَولِ الأَصْمَعيّ، كما نَقَله السُّهَيْليُّ: في الرَّوض.
وقُسَاسٌ: جَبَلٌ بدِيَار بَني نُمَيْرٍ، وقيل: بَني أَسَدٍ، فيه مَعْدِنُ حَديدٍ، الأَخيرُ نقله السّهَيْليُّ في الرَّوْض، قال: ويقالُ فيه أَيضًا: ذو قُسَاسٍ، كما يقال: ذو زَيْدٍ، وأَنشدَ قولَ الرّاجز يَصف فَأْسًا.
أَخْضَرُ منْ مَعْدِنِ ذي قُسَاسِ *** كَأَنَّهُ في الحَيْد ذِي الأَضْراسِ
تَرْمِي به في البَلَدِ الدَّهَاسِ
والقَسْقَاس، بالفَتْح: السَّريعُ، ويقَال: صَوَابُه: قِسْقِيسٌ، يقال: خِمْسٌ قَسْقَاسٌ؛ أَي سرِيعٌ لا فُتُورَ فيه، وقَرَبٌ قَسْقاسٌ: سَرِيعٌ شَديدٌ ليسَ فيه فُتُورٌ ولا وَتِيرَةٌ، قالَه الأَصْمَعيُّ: وقيل: صَعْبٌ بَعيدٌ. وفي كلام المصنِّف، رحمه الله، قُصورٌ.
والقَسْقَاس: الدَّليلُ الهَادِي المُتَفَقِّد الذي لا يَغْفُلُ، إِنَّمَا هو تَلَفُّتًا وتَنَظُّرًا. والقَسْقَاس: شِدَّةُ البَرْدِ والجُوعِ، قال أَبو جُهَيْمَةَ الذُّهْليّ:
أَتَانَا به القَسْقاسُ لَيْلًا ودُونَه *** جَرَاثِيمُ رَمْلٍ بَيْنَهُنَّ قِفَافُ
فأَطْعَمْتُه حَتَّى غَدَا وكَأَنَّه *** أَسِيرٌ يُدَانِي مَنْكِبَيْهِ كِتَافُ
وَصَفَ طارِقًا أَتاهُ به البَرْدُ والجُوعُ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ قبلَ وُصُولِه إِليه جَرَاثِيمَ رَمْلٍ، فأَطْعَمه وأَشْبَعَه، حتّى إِنّه إِذا مَشَى تَظُنُّ أَنّه في مَنْكِبَيْهِ كِتَافٌ، وهو حَبْلٌ تُشَدُّ فيه يَدُ الرَّجلِ إِلى خَلْفِه.
والقَسْقَاس: الجَيِّدُ مِنَ الرِّشاءِ.
والقَسْقَاس: الكَهَامُ مِنَ السُّيُوفِ، هنا ذَكَره الأَزْهَرِيُّ وغيرُه من الأَئِمَّةِ، كالصّاغَانِيِّ، وقد تَقدَّم للمصَنِّف في «ف س ف س» أَيضًا، ولم يَذْكُرْه هناك أَحَدٌ إِلاَّ الصّاغَانِيّ، وكَأَنَّه تَصَحَّف عليه.
والقَسْقَاس: المُظْلِمُ مِن اللَّيَالِي. ولَيْلَةٌ قَسْقَاسَةُ: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ. قال رؤْبَةُ:
كَمْ جُبْنَ مِنْ بِيدٍ ولَيْلٍ قَسْقَاسْ
أَو القَسْقَاس مِن اللَّيَالِي: ما اشْتَدَّ السَّيْرُ فِيه إِلى الماءِ، ولَيْسَتْ مِن الظُّلْمَةِ في شيْءٍ. قالَه الأَزْهَرِيَّ.
والقَسْقَاس: نَبْتٌ أَخْضَرُ خَبِيثُ الرّائحَةِ، يَنْبُتُ في مَسِيلِ الماءِ، له زَهْرَةٌ بَيْضَاءُ، قالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَه الله: ذَكَرُوا أَنَّهَا بَقْلَةٌ كالكَرَفْسِ، قال رُؤْبَةُ:
وكُنْتَ مِن دَائِكَ ذا أَقْلاسِ *** فاسْتَقِئَنْ بثَمَرِ القَسْقَاسِ
قالَ الصَّاغانِيُّ: وليس لرُؤْبةَ على هذَا الرَّوَيِّ شيْءٌ.
والقَسْقَاسُ: الأَسَدُ، كالقَسْقَسِ والقُسَاقِسِ، الأَخِيرُ بالضّمِّ، نقله الصّاغَانِيُّ.
والقَسْقَسَةُ: بمعنَى الإِسْراع والحَرَكةِ في الشيْءِ.
وقال أَبو زَيْد: القَسْقَاسَةُ والنَّسْنَاسَةُ: العَصَا، ومنه قَولَه صلى الله عليه وسلم لِفَاطِمَةَ بنتِ قَيْسٍ، حِينَ خَطَبَهَا أَبو جَهْمٍ ومُعَاوِيَةُ: «أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فأَخَافُ عَلَيْكِ قَسْقَاسَتَه» أَي العَصَا.
أَو قَسْقَاسَةُ العَصَا، وقَسْقَسَتُه: تَحْرِيكُه إِيّاها، فعَلَى هذا، العَصَا مَفْعُولٌ بهِ، وعلى الأَوَّلِ بَدَلٌ. وقِيلَ: أَرادَ بذلِكَ كَثْرَةَ الأَسْفَارِ، يُقَال: رَفَع عَصَاهُ على عاتِقِهِ، إِذا سافَرَ.
وأَلقَى عَصَاهُ مِن عاتِقِه، إِذا أَقامَ؛ أَي لا حَظَّ لكِ في صُحْبَتهِ؛ لأَنَّه كثيرُ السَّفَرِ قَلِيلُ المُقَامِ. قاله ابنُ الأَثِير.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: القُسُسُ، بضَمَّتيْن: العُقَلاءُ.
والقُسُسُ: السَّاقَةُ الحُذَّاقُ.
وقالَ غيرُه: تَقَسْقَسَ الصَّوْتَ باللَّيْلِ: تَسَمَّعَه.
وقَسْقَسَ في السَّيْرِ: أَسْرَعَ فيه.
وقَسْقَسَ بالكَلْبِ: صاحَ بِه فقالَ له: قُوسْ قُوسْ.
وقَسْقَسَ الشَّيْءَ: حَرَّكَه، ومنه قَسْقَسَ العَصَا، إِذا حَرَّكَهَا، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
وقَسْقَسَ اللَّيْلَ أَجْمَعَ: أَدْأَبَ السَّيْرَ فيهِ ولم يَنَمْ.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه:
اقْتَسَّ الأَسَدُ: طَلَب ما يَأْكُلُ.
والقَسْقَسَةُ: السُّؤَالُ عن أَمْر النّاسِ. ورَجُلٌ قَسْقَاسٌ: يَسأَلُ عن أُمُورِ النّاسِ.
والقَسْقَاسُ: الخَفيفُ من كُلِّ شَيْءٍ.
وقَسْقَسَ مَا عَلَى المائدَةِ: أَكَلَه.
واقْتَسَّتِ النَّاقَةُ: رَعَتْ وَحْدَهَا، كقَسَّتْ.
وقَسَّها الرّاعِي: أَفْرَدها من القَطِيعِ، وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سُئِل المُهَاصِرُ بنُ المُحِلِّ عن لَيْلَةِ الأَقْساسِ من قولِه:
عَدَدْتُ ذُنُوبِي كُلَّها فوَجَدْتُها *** سِوَى لَيْلَةِ الأَقْسَاسِ حِمْلَ بَعِيرِ
فقِيلَ؛ ومَا لَيْلَةُ الأَقْسَاسِ؟ قال: لَيْلَةٌ زَنَيْتُ فيها وشَرِبْتُ الخَمْرَ وسرَقْتُ.
وقالَ لَنَا أَبو المُحَيَّا الأَعْرَابِيُّ يَحْكِيهِ عن أَعْرَابِيٍّ حِجَازِيٍّ فَصِيحٍ: إِنَّ القُسَاسَ غُثَاءُ السَّيْلِ، وأَنْشدَنا عنه:
وأَنْتَ نفِيٌّ مِن صَنَادِيدِ عامِرٍ *** كما قدْ نَفَى السَّيْلُ القُسَاسَ المُطَرَّحَا
وسَمَّوْا قُسَاسًا.
والقَسْقَسُ: المُتَفَقِّدُ الَّذِي لا يَغْفُل، كالقَسْقَاسِ.
والقَرَبُ القَسِّيُّ: البَعِيدُ والشَّدِيدُ، قاله أَبو عَمرو، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: أَحسَبُه القِسْيَنُّ.
وقال أَبُو عَمْرُوٍ أَيضًا: قَرَبٌ قِسْقِيسٌ، وأَنشد:
إِذا حَدَاهُنَّ النَّجَاءُ القِسْقِيسْ
ورجُلٌ قَسْقاسٌ: يسُوقُ الإِبِلَ، وقد قَسَّ السَّيْرَ قسًّا: أَسْرَعَ فيه.
والقَسْقَسَةُ: دَلَجُ اللَّيْلِ الدَّائبُ، يقال: سَيْرٌ قِسْقيس: أَي دائِبٌ.
والقَسَّةُ: القِرْبةُ، بلُغَةِ السَّوَاد، نقلَه اللَّيْثُ رَحِمَهُ الله تعالى.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
25-تاج العروس (بهلص)
[بهلص]: التَّبَهْلُصُ، أَهْمَلَه الجَوْهَرِيُّ، وقَالَ أَبُو عَمْرٍو: هُوَ خُرُوجُ الرَّجُلِ مِن ثِيَابِه، كالتَّبَلْهُصِ بتَقْدِيمِ اللاَّمِ عَلَى الهَاءِ، يُقَالُ: تَبَهْلَصَ وَتَبَلْهَصَ، ومنه قَوْلُ أَبِي الأَسْوَدِ العِجْلِيِّ:لَقِيتُ أَبا لَيْلَى فَلَمَّا أَخَذْتُه *** تَبَلْهَصَ مِنْ أَثْوَابِه ثُمّ جَبَّبَا
يُقالُ: جَبَّبَ، إِذا هَرَب. وقَالَ الأَزْهَرِيّ، الأَصْلُ تَبَهْصَلَ من البَهْصَل، ثُمَّ قُلِبَ فقِيلَ: تَبَهْلَصَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
26-تاج العروس (سمط)
[سمط]: سَمَطَ الجَدْيَ والحَمَل يَسْمِطُه ويَسْمُطُه، من حَدِّ ضَرَبَ ونَصَر، سَمْطًا، فهُو مَسْمُوطٌ وسَمِيطٌ، إِذا نَتَفَ عنه صُوفَهُ. وفي الصّحاحِ: نَظَّفَ عنه الشَّعرَ بالماءِ الحارِّ لِيَشْوِيَهُ، وقيل: نَتَفَ عنه الصُّوفَ بعْدَ إِدْخَالِه في الماءِ الحارِّ. وقال اللَّيْثُ: إِذا مُرِطَ عنه صُوفُه ثُمَّ شُوِيَ بِإِهابِه، فهو سَمِيطٌ، وفي الحَدِيثِ: «ما أَكَلَ شَاةً سَمِيطًا» أَي مَشْوِيَّةً، فَعِيلٌ بمعْنَى مَفْعُولٍ، وأَصْلُ السَّمِيطِ: أَنْ يُنْزَعَ صُوفُ الشاةِ المَذْبُوحَةِ بالماءِ الحارِّ، وإِنَّمَا يُفْعَل بها ذلِكَ في الغَالِبِ لتُشْوَى.وسَمَطَ الشَّيْءَ سَمْطًا: عَلَّقَه.
وسَمَط السِّكِّينَ سَمْطًا: أَحَدَّها، عن كُراع.
وسَمَطَ اللَّبَنُ يَسْمُطُ سَمْطًا وسُمُوطًا: ذَهَبَتْ عنه حَلَاوَتُه؛ أَي حَلَاوَةُ الحَلَبِ ولَمْ يَتَغَيَّر طَعْمُه، أَو هُو؛ أَي السُّمُوطُ: أَوَّلُ تَغَيُّرِه. وقِيلَ: السَّامِطُ من اللَّبَنِ: الَّذِي لا يُصَوِّتُ في السِّقَاءِ لطَرَاءَتِه وخُثُورَتِه، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: المَحْضُ من اللَّبَن ما لم يُخَالِطْه ماءٌ، حُلْوًا كان أَو حَامِضًا، فإِذا ذَهَبَتْ عنه حَلاوَةُ الحَلَبِ ولم يَتَغَيَّرْ طَعْمُه فهو سَامِطٌ، فإِن أَخَذَ شَيْئًا من الرِّيحِ فهو خَامِطٌ.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: سَمَطَ الرَّجُلُ سَمْطًا: سَكَتَ عن الفُضُولِ، كسَمَّطَ تَسْمِيطًا، وأَسْمَطَ إسْمَاطًا.
والسِّمْطُ، بالكَسْرِ: خَيْطُ النَّظْم، لأَنَّه يُعَلَّق. وفي الصّحاحِ: السِّمْطُ: الخَيْطُ ما دامَ فيه الخَرَزُ، وإِلاّ فهو سِلْكٌ، وقيل: هي قِلَادَةٌ أَطْوَلُ من المِخْنَقَةِ، قاله ابنُ دُرَيْدٍ، ج: سُمُوطٌ، وقال أَبُو الهَيْثَم: السِّمْطُ: الخَيْطُ الوَاحِدُ المَنْظُوم، والسِّمْطَانِ اثْنَان، يُقَال: رَأَيْتُ في يَدِ فلَانَة سِمْطًا؛ أَي نَظْمًا وَاحِدًا، يُقَال له: يَكْ رَسَنْ، فإِذا كانَتِ القِلادَةُ ذَاتْ نَظْمَيْنِ فهي ذَاتُ سِمْطَيْنِ، وأَنْشَدَ لِطَرَفَةَ:
وفي الحَيِّ أَحْوَى يَنْفُضُ المَرْدَ شَادِنٌ *** مُظَاهِرُ سِمْطَيْ لُؤْلُؤٍ وَزَبَرْجَد
قلت: وأَنْشَدَ الزَّمَخْشَرِيُّ يَرْثِي شَيْخَه أَبا مُضَرَ:
وقَائلَةٍ ما هذِه الدُّرَرُ الَّتِي *** تُسَاقِطُهَا عَيْنَاكَ سِمْطَيْنِ سِمْطَيْنِ
فقلتُ لها الدُّرُّ الّذِي كان قد حَشَا *** أَبُو مُضَرٍ أُذْنِي تَسَاقَطَ مِنْ عَيْنِي
والسَّمْطُ: الدِّرْعُ يُعَلِّقُها الفَارِسُ على عَجُزِ فَرَسِهِ، وقد سَمَّطَها تَسْمِيطًا، إِذا عَلَّقَهَا.
والسِّمْطُ: السَّيْرُ يُعَلَّقُ من السَّرْج، جمعُه: سُمُوطٌ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقال ابنُ شُمَيْلِ: السِّمْطُ: الثَّوْبُ الَّذِي لَيْسَتْ له بِطَانَةٌ، طَيْلَسانٌ أَو ما كان من قُطْنِ ولا يُقَال: كِسَاءٌ سِمْطٌ ولا مِلْحَفَةٌ سِمْطٌ، لأَنَّهَا لا تُبَطَّنُ. قال الأَزْهَرِيُّ: أَرادَ بالمِلْحَفَةِ إِزارَ اللَّيْلِ، تُسَمِّيه العَرَبُ اللِّحَافَ والمِلْحَفَةَ: إِذا كانَ طاقًا وَاحِدًا. أَو السِّمْطُ من الثِّيَابِ: ما ظَهَرَ من تَحْتُ؛ أَي جعلَ له ظَهْرًا.
والسِّمْط: الرَّجُلُ الدَّاهِي في أَمْرِه، الخَفِيفُ في جِسْمِه، أَو الصَّيّادُ كذلِكَ، وهو أَكْثَرُ ما يُوصَفُ به، وهو مَجَازٌ. وأَنْشَدَ الجَوْهَريُّ للعَجَّاج. كذا بخَطِّ أَبِي سَهْلٍ، وقال ابنُ بَرِّيّ هو لرُؤْبَةَ، وَنَبَّه عليهِ الصّاغانِيُّ كذلِك.
سمْطًا يُرَبِّي وِلْدَةً زَعابِلَا
وضَبَطَه هكَذَا بفَتْحِ السِين. قال ابن بَرِّيّ: صَوَابُه سِمْطًا، بكَسْرِ السِّين؛ لأَنَّه هُنَا الصّائِد، شُبِّه بالسِّمْطِ من النِّظَامِ في صِغَرِ جِسْمِه، وصَدْرهُ:
جَاءَتْ فَلاقَتْ عِنْدَه الضَّآبِلا
وسِمْطًا: بَدَلٌ من الضَّآبِل، وأَوْرَدَ الأَزْهَرِيُّ هذا البَيْتَ في تَرْجَمَةِ «زعبل» قالَ: والزَّعَابِلُ: الصِّغارُ، ونُقِلَ عن أَبِي عَمْرٍو في مَعْنَاه، قال: يَعنِي الصَّيَّادَ، كأَنَّه نِظَامٌ في خِفَّتِه وهُزَالِه.
قال: ومِمّا قال رُؤْبَةُ في السِّمْطِ:
حَتَّى إِذا عايَنَ رَوْعًا رَائعَا *** كِلَابَ كَلاَّبٍ وسِمْطًا قابِعَا
والسِّمْطُ من الرَّمْلِ: حَبْلُه المُنْتَظِم كأَنَّه عِقْدٌ. وهو مَجَاز، قال الشاعر:
فلَمّا غَدَا اسْتَذْرَى له سِمْطُ رَمْلَةٍ *** لِحَوْلَيْنِ أَدْنَى عَهْدِهِ بالدَّوَاهِنِ
والسِّمْطُ بنُ الأَسْوَدِ الكِنْدِيُّ، وَالِدُ شُرَحْبِيلَ الصَّحابِيِّ أَبو يَزِيدَ، أَمير حِمْص لِمُعاوِيَةَ وكان من فُرْسانِه، واخْتُلِف في صُحْبَته، رَوَى عنه جُبَيْرُ بنُ نُفَيْر، وكثير بن مُرَّةَ، تُوَفِّيَ سنة 42. قال الصاغَانِيّ وأَهلُ الغَرْب يَقُولون في اسْمِ وَالِدِه: السَّمِطُ، ككَتِف، منهم أَبُو عليٍّ الغَسّانِيُّ، والصّوابُ فيه كَسْرُ السِّين.
والسِّمْطُ: ما أُفْضِلَ من العِمَامَة على الصَّدْرِ والكَتِفَيْن، جمعُه سُمُوطٌ.
وبَنُو السِّمْطِ، بالكَسْرِ: قَومٌ من النَّصَارَى.
وأَبُو السِّمْطِ: مِنْ كُنَاهُمْ، عن اللِّحْيَانِيِّ؛ أَي من كُنَى العَرَبِ.
والسُّمْطُ بالضَّمِّ: ثَوْبٌ من الصُّوفِ.
والسَّمِيطُ: الرَّجُلُ الخَفِيفُ الحالِ، كالسَّمْطِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ قولَ العجّاجِ هُنَا، وهو:
سَمْطًا يُرَبِّي..
إِلى آخِرِه.
وقد تَقَدَّم الكَلامُ عليه قَرِيبًا.
والسَّمِيطُ: الآجُرُّ القائمُ بعضُهُ فوقَ بَعْضٍ، قال أَبُو عُبَيْدَةَ: هو الَّذِي يُسَمَّى بالفَارِسِيَّةِ «بَرَاسْتَق» كما في الصّحاحِ والأَسَاسِ، وفي اللِّسَانِ: هو قول الأَصْمَعِيّ، كالسُّمَيْطِ كزُبَيْر، وهذِه عن كُرَاع.
ونَاقَةٌ سُمُطٌ، بضَمَّتَيْنِ، وأَسْماطٌ: بِلا سِمَةٍ، كما يُقَال: ناقَةٌ غُفْلٌ، وإِذا كانَتْ مَوْسُومَةً يُقَال: نَاقَةٌ عُلُطٌ، قاله الأَصْمَعِيُّ.
ونَعْلٌ سُمُطٌ، وسَمِيطٌ، وأَسْمَاطٌ: لا رُقْعَةَ فيها، وقال أَبو زَيْدٍ. أَي لَيْسَتْ بمَخْصُوفَةٍ، وأَنْشَدَ:
بِيضُ السَّوَاعِدِ أَسْمَاطٌ نِعَالُهُمُ *** بكُلِّ سَاحَةِ قَوْمٍ مِنْهُمُ أَثَرُ
وقالَت لَيْلَى الأَخْيَلِيّة:
شُمُّ العَرَانِينِ أَسْمَاطٌ نِعَالُهُمُ *** بِيضُ السَّرابِيلِ لم يَعْلَقْ بها الغَمَرُ
وقالَ الأَسْوَدُ بنُ يَعْفُرَ:
فأَبْلِغْ بَنِي سَعْدِ بنِ عِجْلٍ بأَنَّنا *** حَذَوْنَاهُمُ نَعْلَ المِثَالِ سَمِيطَا
وفي حَدِيثِ أَبِي سَلِيطٍ: «رَأَيْتُ للنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَعْلَ أَسْمَاطٍ».
وهو جَمْعُ سَمِيطٍ؛ أَي طاقًا وَاحِدًا لا رُقْعَةَ فيها.
وَسَرَاوِيلُ أَسْمَاطٌ: غيرُ مَحْشُوَّةٍ، وقِيلَ: هُوَ أَنْ تَكُونَ طَاقًا وَاحِدًا، عن ثَعْلَبٍ، وقال جَسّاسُ بنُ قُطَيْبٍ يَصِفُ حَادِيًا:
مُعْتَجِرًا بخَلَقٍ شِمْطَاطِ *** عَلَى سَرَاوِيلَ له أَسْمَاطِ.
وسَمَّطَ غَرِيمَه، وفي اللِّسان: لِغَرِيمِه تَسْمِيطًا: أَرْسَلَه، وقال أَبو عَمْرٍو: المُّسَمَّطُ: المُرْسَلُ الَّذِي لا يُرَدُّ، وهكَذَا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَيضًا. وأَنْشَدَ لرُؤْبَةَ:
يَنْضُو المَطَايَا عَنَقُ المُسَمَّطِ
وسَمَّطَ الشَّيْءَ تَسْمِيطًا: عَلَّقَه عَلَى السُّمُوطِ، وهي السُّيُور.
والمُسَمَّطُ، كمُعَظَّمٍ، من الشِّعْرِ: أَبياتٌ تَجْمَعُهَا قافِيَةٌ وَاحِدَةٌ مُخَالِفَةٌ لِقَوَافِي الأَبياتِ، وهو مَجَازُ، ويُقَال: قَصِيدَةٌ مُسَمَّطَة وفي الأَسَاس: شُبِّهَت أَبْيَاتُهَا المُقَفَّاةُ بالسُّمُوط.
قلتُ: وكذلِكَ قَصِيدَةٌ سِمْطِيَّة، وفي بَعْضِ نُسَخ الصّحاح: سَمِيطَةٌ. وقَالَ اللَّيْثُ: الشِّعْرُ المُسَمَّطُ: الَّذِي يَكُونُ في صَدْرِ البَيْتِ أَبْيَاتٌ مَشْطُورةٌ، أَو مَنْهُوكَةٌ مُقَفّاة، وتَجْمَعُهَا قَافِيةٌ مُخَالِفَةٌ لَازِمةٌ للقصيدَة حتى تَنْقَضِيَ، قال شيخُنَا: وهو الَّذِي يقال له عند المُوَلَّدِين المُخَمَّسُ. قلتُ: ومن أَنواعه أَيْضًا المُسَبَّع والمُثَمَّن كقَوْلِ امْرئِ القَيْسِ، كما هو نَصُّ العَيْنِ أَو غَيْرِه، قال الصّاغَانِيُّ: ليسَ هذا المُسَمَّطُ في شِعْرِ امْرِئِ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ، ولا في شِعْرِ مَنْ يُقال له: امرُؤُ القَيْسِ سِواهُ:
ومُسْتَلْئِمٍ كَشَّفْتُ بالرَّمْحِ ذَيْلَهُ *** أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذِي سَفَاسِقَ مَيْلَهُ
فجَعْتُ به في مَلَتَقَى الحَيِّ خَيْلَهُ *** تَرَكْتُ عِتَاقَ الطَّيْرِ تَحْجُلُ حَوْلَهُ
كَأَنَّ على أَثْوَابِه نَضْحَ جِرْيالِ
قالَ الجَوْهَرِيُّ ولامْرِئِ القَيْسِ قَصِيدَتان سِمْطِيَّتَان، إِحْدَاهُما هذِه التي ذَكَرها، ولم يَذْكر الثانيةَ، وهكذا هو في العَيْنِ. وقد رَوَى الأَزْهَرِيُّ أَيْضًا في كِتَابِه على الوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَه اللَّيْثُ تَقْلِيدًا، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِر، وقال ابنُ بَرِّيّ: لبعضِ المُحْدَثِينَ:
وشَيْبَةٍ كالقَسَمِ *** غَيَّرَ سُودَ اللِّمَمِ
دَاوَيْتُهَا بالكَتَمِ *** زُورًا وبُهْتَانَا
وأَوْرَد ابنُ بَرِّيّ: مُسَمَطُ امْرِئِ القَيْس.
تَوَهَّمْتُ من هِنْدٍ مَعَالِمَ أَطْلالِ *** عَفَاهُنَّ طُولُ الدَّهْر في الزَّمَنِ الخالِي
مَرَابِعُ من هِنْدٍ خَلَتْ ومَصايِفُ *** يَصِيحُ بِمَغْنَاهَا صَدًى وعَوازِفُ
وَغَيَّرَها هُوجُ الرِّيَاحِ العَوَاصِفُ *** وكُلُّ مُسِفٍّ ثُمَّ آخَرُ رادِفُ
بأَسْحَمَ من نَوْءِ السِّماكَيْنِ هَطّالِ
وأَورد لآخَرَ:
خَيَالٌ هاجَ لي شَجَنَا *** فبِتُّ مُكَابِدًا حَزَنَا
عَمِيدَ القَلْبِ مُرْتَهَنَا *** بِذِكْرِ اللهْوِ والطَّرَبِ
سَبَتْنِي ظَبْيَةٌ عُطُلُ *** كأَنَّ رُضَابَهَا عَسَلُ
يَنُوءُ بِخَصْرِهَا كَفَلُ *** بِنَيلِ رَوَادِفِ الحَقَبِ
يَجُولُ وِشَاحُها قَلَقَا *** إِذَا ما أُلبِسَتْ شَفَقَا
رِقَاقَ العَصْبِ أَو سَرَقَا *** من المَوْشِيَّةِ القُشُبِ
يَمُجُّ المِسْكَ مَفْرِقُها *** ويَصْبِي العَقْلَ مَنْطِقُها
وتُمْسِي ما يُؤَرِّقُها *** سقَامُ العاشِقِ الوَصِبِ
ومن أَمثالِ العَرَب السّائِرَةِ: «حُكْمُكَ مُسَمَّطًا» أَي لَكَ حُكْمُكَ مُسَّمَطًا، قال المُبَرِّدُ: أَي مُتَمَّمًا، ولا تَقُلْ إِلاَّ مَحذُوفًا منه «لَكَ». وقال ابنُ شُمَيْلٍ: يُقَال للرَّجُل: حُكْمُكَ مُسَمَّطًا، قال: معناه: مُرْسَلًا، يعني به جائزًا، زادَ الزَّمَخْشَرِيُّ لا اعْتِرَاضَ عليك.
وقولُهم: خُذْهُ مُسَمَّطًا، وفي المُحْكَم: وخُذْ حَقَّكَ مُسَمَّطًا؛ أَي سَهْلًا مُجَوَّزًا نافِذًا.
وفي الصّحاح: خُذْ حُكْمَك مُسَمَّطًا؛ أَي مُجَوَّزًا نافِذًا.
وسِمَاطُ القَوْمِ، بالكَسْرِ: صَفُّهُم، ومنه يُقَال: قامَ بين السِّمَاطَيْنِ. ويُقَال: قَامَ القَوْمُ حَوْلَه سِمَاطَيْنِ؛ أَي صَفَّيْنِ.
والسِّمَاطُ مِنَ الوَادِي: ما بَيْن صَدْرِه ومُنْتَهَاهُ، ج: سُمُطٌ، بضمَّتَيْن.
والسِّمَاطُ من الطَّعامِ: ما يُمَدُّ عليه، والعامَّة تَضُمُّه، والجَمْعُ: أَسْمِطَةٌ، وسِمَاطَاتٌ.
ويُقَال: هُمْ على سِمَاطٍ وَاحِدٍ أَي على نَظْمٍ وَاحِدٍ، قال رُؤْبَةُ:
في مُصْمَعِدّاتٍ عَلَى السِّمَاطِ
وسُمَيْطٌ، كُزبَيْرٍ: اسْم جَماعةٍ منهم: سُمَيْطُ بنُ سُمَيْرٍ تابِعِيٌّ، عن أبِي مُوسَى الأَشْعَرِيّ، والحَسَنُ بنُ سُمَيْطٍ البُخَارِيُّ، عن النَّضْرِ بن شُمَيْلٍ، ومن المُتَأَخِّرِينَ شَيْخُنَا المُحَدِّثُ الصُّوفِيُّ محمّدُ بنُ زَيْن باسُمَيْط الشّبَامِيّ العَلَوِيّ. أَخَذ عالِيًا عن خاتِمَةِ المتأَخِّرِين السَّيِّد مُحَمَّد أَبي علويّ الحَدّاد، وأَجازَنَا من بَلَدِه شبَام.
وتَسَمَّطَ الشَّيْءُ: تَعَلَّقَ، وقد سَمَّطَه تَسْمِيطًا.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
سَمَّطْتُ الشَّيْءَ تَسْمِيطًا: لَزِمْتُه، قال الشّاعِرُ:
تَعَالَيْ نُسَمِّطْ حُبَّ دَعْدٍ ونَغْتَدِي *** سَوَاءَيْنِ والمَرْعَى بأُمِّ دَرِينِ
أَي تَعَالَيْ نَلْزَم حُبَّنَا، وإِنْ كان عَلَيْنَا فيه ضَيِقةٌ.
وقَصِيدَةٌ سِمْطِيّة، بالكَسْرِ: مُسَمَّطَة، نقله الجَوْهَرِيّ.
ويُقَال: هو لَكَ مُسَمَّطًا؛ أَي هَنِيئًا.
ويُقَال: سَمَطْتُ الرَّجُلَ يَمِينًا على حَقِّي؛ أَي اسْتَحْلَفْتُه، وقد سَمَطَ هو عَلَيَّ اليَمِينَ يَسْمُط؛ أَي حَلَف، ويقال: سَبَطَ فلانٌ على ذلِكَ الأَمْرِ يَمِينًا، وسَمَطَ عليه، بالبَاءِ والميم؛ أَي حَلَف عليه، وقد سَمَطْتَ يا رَجُلُ على أَمْر أَنْت فيه فاجِرٌ، وذلك إِذا وَكَّدَ اليمينَ وأَحْلَطَها.
والسَّمْط، بالفَتْح: الفَقِيرُ، نَقَلَه الأَزْهَرِيّ في تَرجمة زعبل، وهو مجاز.
والسّامِطُ: الماءُ المُغْلَى الّذِي يَسْمُط الشَّيْءَ.
والسّامِطُ: المُعَلِّقُ الشيءَ بِحَبْلٍ خَلْفَه، من السُّوُط.
وخُذُوا سِمَاطَيِ الطَّرِيق؛ أَي جانِبَيْه، وكذلِك السِّمَاطَانِ من النَّخْلِ: الجَانِبانِ.
والسُّمُوطُ: المَعَالِيقُ من القَلَائد، قال:
وصَادَيْت مِن ذِي بَهْجَةٍ ورَقَيْته *** عَلَيْهِ السُّمُوطُ عَابِسٍ مُتَغَضِّبِ
وقد سَمَّوْا سِمْطًا، بالكسر، وسَمِطًا، ككَتِف.
ويُقَال: سِرْتُ يومًا مُسَمَّطًا؛ أَي لا يَعُوجُنِي شَيْءٌ.
وأَبو السُّمَيْط سَعِيدُ بن أَبي سَعِيدٍ المَهرِيّ عن أَبِيه، وعنه حَرْمَلَةُ بنُ عِمْرَانَ. وكأَمِيرٍ بَكْرُ بن أَبي السَّمِيط، رَوَى عن قَتَادَةَ.
وتَسَمَّطَ الشيءُ: تَفَلَّت. هكذا هو في التكملة، ولعلَّه تحريف من الكاتب والصَّوابُ تَعَلَّق، كما هو في العُبَاب على الصِّحّة، ويُقَال رأْيته مُسَمِّطًا لَحْمًا؛ أَي يَحْمِله، كما في الأَساس.
والسَّمَطَةُ، محرّكة: قَريتان بأَعْلى الصعيدِ، قد رأَيتُ إِحداهُمَا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
27-تاج العروس (ردع)
[ردع]: رَدَعَهُ عَنْهُ، كمَنَعَهُ يَرْدَعُه رَدْعًا: كَفَّهُ ورَدَّهُ، فارْتَدَعَ؛ أَي فَكَفَّ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ:أَهْل الأَمَانَةِ إِنْ مالُوا ومَسَّهُمُ *** طَيْفُ العَدُوِّ إِذا ما ذُوكِرُوا ارْتَدَعُوا
وِرَدَعَ جَيْبَه عَنْهُ: فَرَجَهُ نَقَلَه الصّاغانِيُّ.
وِرَدَعَهُ بالشَّيْءِ: لَطَخَهُ بهِ، يَرْدَعُه، رَدْعًا، فارْتَدَع: تَلَطَّخَ.
وِرَدَعَ السَّهْمَ: ضَرَب بنَصْلِهِ الأَرْضَ لِيَثْبُتَ في الرُّعْظِ، نَقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ.
وِرَدَعَ المَرْأَةَ يَرْدَعُهَا رَدْعًا: وَطِئَها.
وِحَكَى الأَزْهَرِيُّ عن أَبِي سَعِيد قال: الرَّدْعُ: العُنُقُ رُدِعَ بالدَّمِ أَو لَمْ يُرْدَعُ، يُقَال: اضْرِبْ رَدْعَه، كما يُقال: اضْرِبْ كَرْدَه. قال: وسُمِّيَ العُنُقُ رَدْعًا؛ لأَنَّه بها يَرْتَدِعُ كلُّ ذِي عُنُقٍ من الخَيْلِ وغيرِهَا، وقالَ غيرُه: سُمِّيَ العُنُق رَدْعًا عَلَى الاتِّساعِ.
وِالرَّدْعُ: الزَّعْفَرانُ سُمِّيَ به كما سُمِّي الجَسَدُ زَعْفَرَانًا، أَو لَطْخٌ منه، أَو مِن الدَّمِ، يُقَال: به رَدْعٌ من زَعْفَرَانٍ أَو دَمٍ؛ أَي لَطْخٌ منه وأَثَر، كما في الصّحاحِ، وفي حَدِيثِ عائِشَة: «كُفِّنَ أَبو بكرٍ، رضي الله عنهما، في ثَلاثَةِ أَثْوابٍ، أَحَدُها به رَدْعٌ من زَعْفَران» أَي لَطْخٌ لم يَعُمَّه كلَّه. ويُقَالُ: بالثَّوبِ رَدْعٌ من زَعْفَرانٍ؛ أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ فِي مَوَاضِعَ شَتَّى.
وِالرَّدْع: أَثَرُ الخَلُوقِ والطِّيبِ في الجَسَدِ وكذلِكَ أَثَرُ الحِنّاءِ قال:
مَمْكُورَةٌ رَدْعُ العَبِيرِ بِها *** دُرْمُ العِظَامِ رَقِيقَةُ الخَصْرِ
كالرُّدَاعِ: كغُرَابٍ: هكَذَا في سائرِ النُّسَخِ، وهو خَطَأٌ، فإِنَّ الرُّدَاعَ، بالضَّمِّ، إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ في النُكْسِ لا في الطِّيب، وهو مثلُ الرَّدْع، والرَّدْعُ يُسْتَعْمَلُ فيهِمَا، وسَيَأْتِي قَرِيبًا مثلُ ذلِك.
وِمن المَجَازِ: يُقَال للقَتِيل: رَكِبَ رَدْعَه، إِذا خَرَّ لوَجْهِه على دَمِه وعلى رَأْسِه، قيلَ: وإِنْ لم يَمُتْ بعدُ، غير أَنَّه كُلَّمَا هَمَّ بالنُّهُوضِ رَكِب مَقَادِيمَه، فخَرَّ لوَجْهِه، وقِيلَ: رَدْعُه: دَمُه، ورُكُوبُه إِيّاه أَنّ الدَّمَ يَسِيلُ، ثُمّ يَخِرُّ عليه صَرِيعًا، وقِيل: رَكِبَ رَدْعَه؛ أَي لم يَرْدَعْهُ شَيْءٌ فيَمْنَعْهُ عن وَجْهِه، ولكِنّه رَكِبَ ذلك فمَضَى لوَجْهِه، ورُدِعَ فلم يَرْتَدِعْ، كما يُقَال: رَكِبَ النَّهْيَ.
وقال ابنُ الأَثِيرِ: الرَّدْعُ: العُنُقُ؛ أَي سَقَط على رَأْسِه، فانْدَقَّتْ عُنُقُه. وقيل: الرَّدْعُ هنا: الدَّمُ، علَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ بالزَّعْفَرَانِ، ومَعْنَى رُكُوبِه دَمَه، أَنّه جُرِحَ، فسالَ دَمُه، فسقَطَ فوقَهُ مُتَشَحَّطًا فيه. قال: ومَنْ جَعَلَ الرَّدْعَ العُنُقَ فالتَّقْدِيرُ: رَكِبَ ذاتَ رَدْعِه؛ أَي عُنُقَه، فحذفَ المُضَاف، أَو سمّي العُنُق رَدْعًا على الإِتِّساعِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لنُعَيْمِ بنِ الحارِث بنِ يَزِيدَ السَّعْدِيّ:
أَلَسْتُ أَرُدُّ القِرْنَ يَرْكَبُ رَدْعَهُ *** وِفيه سِنَانٌ ذُو غِرَارَيْنِ نَائسُ؟
وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: رَكِبَ رَدْعَه: إِذا وَقَعَ على وَجْهِه.
ورَكِبَ كُسْأَهُ: إِذا وَقَع على قَفاهُ. وقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَه: أَنّ الرَّدْعَ: كُلُّ ما أَصابَ الأَرْضَ من الصَّرِيعِ حين يَهْوِي إِلَيْهَا، فَما مَسَّ منه الأَرْضَ أَوّلًا فهو الرَّدْعُ، أَيّ أَقْطَارِه كانَ.
وقال المُبَرِّدُ: مَعْنَاهُ سَقَط فدَخَلَتْ عُنُقُه في جَوْفِه.
وَثَوْبٌ مَرْدوعٌ مُزَعْفَرٌ؛ أَي مَصْبُوغٌ بالزَّعْفَرانِ.
وِيُقَال: قَمِيصٌ رادِعٌ ومَرْدُوعٌ ومُرَدَّعٌ، كمُعَظَّمٍ: فيه أَثَرُ طِيبٍ أَو زَعْفَرَانٍ أَو دَمٍ.
وِرُدِعَ الرَّجُلُ، كعُنِيَ، تَغَيَّرَ لَوْنُه، ومنه حَدِيثُ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، أَنَّه ذَكَر فِتْنَةً شَبَّهها بفِتْنَةِ الدَّجَّالِ، وفي القَوْمِ أَعْرَابِيٌّ، فقالَ: «سُبْحانَ الله يا أَصْحابَ محمَّدٍ: كيفَ وقد نُعِتَ المَسِيحُ وهو رَجُلٌ عريضُ الكَبْهَةِ، مُشْرِفُ الكَتَدِ، بَعِيدُ ما بَيْنَ المَنْكِبَيْنِ: فرُدِعَ لها حُذَيْفَةُ، ثمّ تَسَايَرَ عن وَجْهِه الغَضَبُ» أَي وَجِمَ لها حَتَّى تَغَيَّر لَوْنُه إِلى الصُّفْرةِ وقولُه: الكَبُهَة، أَرادَ الجَبْهَةَ، فأَخْرَجَ الجِيمَ بينَ مَخْرَجها ومَخْرَجِ الكافِ، قالَ الصّاغَانِيُّ: وهي لُغَةٌ غير مُسْتَحْسِنَةٍ، ولا كَثِيرَةٍ في لُغَةِ مَنْ تُرْتَضَى عَرَبِيَّتُه، وإِنَّمَا تَغَيَّر لَوْنُه وُجُومًا وضَجَرًا.
وِالرَّدِيعُ كأَمِيرٍ ومِنْبَرٍ: السَّهْمُ الَّذِي سَقَطَ نَصْلُه فيُرْدَعُ به الأَرْض؛ أَي يُضْرَبُ حَتّى يَثْبُتَ نَصْلُه.
وِقالَ اللَّيْثُ: الرّادِعَةُ: قَمِيصٌ قد لُمِّعَ بالزَّعْفَرَانِ أَو بالطِّيبِ في مَواضِعَ، وليس مَصْبُوغًا كُلّه، إِنَّمَا هو مُبْلَقٌّ، كما تَرْدَعُ الجَارِيَةُ صَدْرَ جَيْبِهَا بالزَّعْفَرَانِ بمِلْ ءِ كَفِّهَا، والمَصْدَرُ: الرَّدْعُ، قال امرُؤُ القَيْسِ:
حُورًا يُعَلِّلْنَ العَبِيرَ رَوَادِعًا *** كمَهَا الشَّقائِقِ أَوْ ظِبَاءِ سَلَامِ
وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيُّ قولَ الأَعْشَى:
وَرادِعَةٍ بالطِّيبِ صَفْرَاءَ عِنْدَنَا *** لجَسِّ النَّدَامَى في يَدِ الدِّرْعِ مَفْتَقُ
يَعْنِي جارِيَةً قد جَعَلَتْ على ثِيَابِهَا في مَواضِعَ زَعْفَرَانًا.
وِكمِنْبَرٍ: مَنْ يَمْضِي في حَاجَتِه فيَرْجِعُ خائِبًا.
وِالمِرْدَعُ: السَّهْمُ الَّذِي يَكُون في فُوقِهِ ضِيقٌ، فيُدَقُّ فُوقُه حَتَّى يَنْفَتِحَ، قال أَبو عَمْرٍو: ويُقَال فِيهما بالغَيْنِ مُعْجَمَةً أَيضًا.
وِالمِرْدَعُ: الكَسْلانُ من المَلَّاحِينَ. والمِرْدَعُ: القَصِيرُ الذي كأَنَّه قُطْبَةُ سَهْمٍ.
وِالمِرْدَعُ: منْ بِهِ رُدَاعٌ من طِيبٍ، كالمَرْدُوعِ، هكَذَا في سائِرِ النُّسَخ وهو خطأٌ، فإِنّ الرُّدَاع ـ بالضَّمِّ ـ لا يُسْتَعْمَلُ في الطِّيبِ، إِنَّمَا هو في النُّكْسِ، وانْظُرْ نَصَّ العُبَابِ: رَجُلٌ مِرْدَعٌ ومَرْدُوعٌ، من الرُّدَاع، فلم يَقُلْ من طِيبٍ؛ وقالَ قَبْلَ ذلِكَ: والرَّدْعُ: النُّكْسُ، وأَنْشَدَ:
أَلِمَّا بذَاتِ الخَالِ إِنَّ مُقَامَها *** لَدَى البابِ زادَ القَلْبَ رَدْعًا على رَدْعِ
ثُمَّ قالَ: وكذلِكَ الرُّدَاعُ، وأَنْشَدَ لقَيْسِ بنِ المُلَوَّحِ:
صَفْرَاءَ من بَقَرِ الجِوَاءِ كأَنَّمَا *** تَرَك الحَيَاءُ بها رُدَاعَ سَقِيمِ
وقالَ قَيْسُ بنُ ذَرِيحٍ:
فواحَزَني وعَاوَدَنِي رُدَاعِي *** وِكانَ فِرَاقُ لُبْنَى كالخِدَاعِ
ومِثْلُه في الصّحاحِ والأَسَاسِ الرُّدَاع: وَجَعُ الجَسَدِ أَجْمَع. وفي الأَسَاسِ: من شَكَا الرُّدَاع، شَكَر الصُّدَاع، وقد رُدِعَ، فهو مَرْدُوعٌ، ومِثْلُه في الصّحاحِ، وفي اللِّسَانِ عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: رُدِعَ، إِذا نُكِسَ في مَرَضِهِ، قالَ أَبُو العِيَالِ الهُذَلِيُّ:
ذَكَرْتُ أَخِي فعاوَدَنِي *** رُداعُ السُّقْمِ والوَصَبُ
وقَالَ كُثَيِّرٌ:
وِإِنِّي على ذكَ التَّجَلُّدِ إِنَّنِي *** مُسِرُّ هُيامٍ يَسْتَبِلُّ ويُرْدَعُ
وِالمَرْدُوعُ: المَنْكُوس، وكلّ ذلك ممّا يؤيِّدُ أَنّ الرُّدَاع ـ بالضَّمِّ ـ إِنّما يُستَعمل في النُّكْس لا في الطِّيبِ.
وفي كلام المصنّف نظرٌ من وُجُوهٍ.
وِالرِّدَاع، ككِتَابٍ: الطِّيبُ هكَذَا في النُّسَخِ، والصّوابُ: الطِّينُ والماءُ. والغَيْنُ ـ مُعْجَمَةً ـ لغةٌ فيه. نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وِالرِّدَاعُ: اسمُ ماء، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ، وأَنْشَدَ لعَنْتَرَةَ يَصِفُ ناقَتَه:
بَرَكَتْ على جَنْبِ الرِّداعِ كأَنَّما *** بَرَكَتْ على قَصَبٍ أَجشَّ مُهَضَّمِ
قلتُ: وأَنْشَدَ أَبُو القاسِمِ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ للَبِيدِ بنِ رَبِيعَةَ:
وِصَاحِبَ مَلْحُوبٍ فُجِعْنَا بِيَوْمِه *** وِعند الرِّداع بَيْتُ آخَرَ كَوْثَرِ
قالَ: وصَاحبُ الرِّدَاعِ شُرَيْحُ بنُ الأَحْوَصِ في قَوْلِ ابنِ هِشَامٍ، والرِّداعُ من أَرْضِ اليَمامَةِ، وقِيلَ: هو حبّان بنُ عُتْبَةَ بنِ مالِكِ بن جَعْفَر بن كِلابٍ، وقد تَقَدَّم ذلِك في «ل ح ب».
وقال الأَصْمَعِيُّ: الرِّدَاعَةُ، بهَاءٍ: مثلُ البَيْتِ يُتَّخَذُ من صَفِيح ثمّ يُجْعَلُ فيه لَحْمَةٌ يُصادُ فيه الضَّبُعُ والذِّئبُ.
وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: المُرْتَدِعُ: سَهْمٌ إِذا أَصَابَ الهَدَفَ انْفَضَخَ عُودُه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ.
وِقالَ خَالِدٌ: المُرْتَدِعُ: الجَمَلُ انْتَهَت سِنُّهُ، وبه فُسِّرَ قَوْلُ ابنِ مُقْبِلٍ يَصِفُ أُخْتَ بَنِي رَأْلَانَ:
يَخْدِي بها بَازِلٌ فُتْلٌ مَرَافِقُه *** يَجْرِي بدِيبَاجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ
وِقالَ أَبو عَمْرٍو: المُرْتَدِع في قَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ: المُتَلَطِّخُ بالزَّعْفَرانِ وإِلَيْه مال الجَوْهَرِيّ، وزادَ بَعْضُهم: أَو الطِّيبِ، وقالَ بعضُهم: مُرْتَدِعٌ؛ أَي عَرَقٌ أَصْفَرُ كأَنَّهُ خَلُوقٌ، وكُلُّ سَمِينٍ عَرَقُه أَصْفَرُ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه: تَرَادَعَ القَوْمُ: رَدَعَ بعضُهُمْ بَعْضًا.
وجَمْعُ الرَّادِعِ: رُدُعٌ، بضمَّتَيْنِ، قالَ:
بَنِي نُمَيْرٍ تَرَكْتُ سَيِّدَكُمْ *** أَثْوَابُه من دِمائِكُمْ رُدُعُ
وِرَدَعَ الزَّعْفَرَانُ على الجِلْدِ، إِذا نَفَضَ صِبْغَه عليه، ومِنْهُ حَدِيثُ ابن عَبّاسٍ أَنَّه: «لم يُنْهَ عَنْ شَيْ ءٍ من الأَرْدِيَة إِلَّا [عن] المُزَعْفَرَةِ التي تَرْدَعُ على الجِلْدِ».
وثوبٌ رَدِيعٌ: مَصْبُوغٌ بالزَّعْفَرَانِ وقالَ الأَزْهَرِيُّ في قَوْلِ ابْنِ مُقْبِلٍ: قالَ بَعْضُهُم: مُرْتَدِعٌ؛ أَي مُتَصَبِّغٌ بالعَرَقِ الأَسْوَدِ، كما يُرْدَعُ الثَّوْبُ بالزَّعْفَرانِ.
وفي الأَسَاسِ، رَدَّعْتُه بالزَّعْفَرانِ تَرْدِيعًا، فهو مُرَدَّعٌ، ومُتَرَدِّعٌ.
ويُقَال: رَدَعَتْهُ رَوَادِعُ الشَّيْبِ.
وطَعَنْتُه فرَكِبَ رَدْعَه، وهو مَجَازٌ.
وِالأَرْدَعُ من الغَنَمِ: الَّذِي صَدْرُه أَسْودُ وباقِيه أَبْيَضُ، يُقَال: تَيْسٌ أَرْدَعُ، وشاةٌ رَدْعاءُ، والجَمْعُ رُدْعٌ.
وِالرَّدْعُ: كلُّ ما أَصابَ الأَرْضَ من الصَّرِيعِ. وقال اللَّيْثُ: الرَّدْعُ: مقادِيمُ الإنْسَانِ.
ورَكِبَ رَدْعَ المَنِيَّةِ، على المَثَلِ.
وِالرَّدِيعُ: الصَّرِيعُ يركَبُ ظِلَّه، ومنه قَوْلُ أَبِي دُوادٍ:
فَعَلَّ وأَنْهَلَ مِنْهَا السِّنَا *** نَ يَرْكَبُ منها الرَّدِيعُ الظِّلالا
ويُقَال: رُدِعَ بفُلانٍ، أَي: صُرِعَ.
وأَخَذَ فُلانًا فَرَدَعَ بهِ الأَرْضَ، إِذا ضَرَبَ بهِ الأَرْضَ.
وِالرَّدْعُ: رَدْعُ النَّصْلِ في السَّهْمِ، وهو تركِيبهُ، وضَرْبُكَ إِيّاه بحَجَرٍ أَو غَيْرهِ حتَّى يَدْخُلَ.
وِالمِرْدَعَةُ: نَصْلٌ كالنَّوَاةِ.
وِالرُّدُوعُ، بالضّمِّ: جمعُ رَدْعٍ، بمَعْنَى النُّكْسِ، قال:
وِما مَاتَ مُذْرِي الدَّمْعِ بل ماتَ مَنْ بِهِ *** ضَنَّى بَاطِنٌ في قَلْبِهِ ورُدُوعُ
ورجلٌ رَدِيعٌ: به رُدَاعٌ، وكذلِكَ المُؤنَّثُ، قال: [أَبو] صَخْرٍ الهُذَلِيُّ:
وِأَشْفِي جَوًى باليَأْسِ مِنِّي قد ابْتَرَى *** عِظَامِي كمَا يَبْرِي الرَّدِيعُ هُيَامُهَا
وِالرَّدِيعُ: الأَحْمَقُ. قالَ الأَزْهَرِيُّ: هكَذا أَقْرَأَنِي المُنْذِرِيُّ لأَبِي عُبَيْدٍ فيما قَرَأَ على أَبِي الهَيْثَمِ، قالَ: وأَمّا الإِيَادِيُّ فإِنَّهُ أَقْرَأَنِيهِ عن شَمِرٍ بالغَيْنِ مُعْجَمَةً، قال: وكِلاهُمَا عِنْدِي من نَعْتِ الأَحْمَقِ.
وأَحْمَرُ رَدَاعٌ، كسَحَابٍ: صافٍ.
وماءٌ رَدَعَةٌ، ورَدَغَةٌ، بمَعْنًى.
وِالرَّدْعُ: الدَّقُّ بالحَجَرِ.
وِرَدَاعُ العَرْشِ، كسَحَابٍ: مَدِينَةُ أَهْلِ فَارِسَ باليَمَنِ.
وكغُرَابٍ: ماءَةٌ لبَنِي الأَعْرَجِ بنِ كَعْبِ بنِ سَعْدٍ، ويُرْوَى بالكَسْرِ أَيضًا.
ورَكِبَ رَدْعَه [إِذا رُدع فلم يرتدع]؛ أَي فَعَلَ ما رُدِعَ عنه، كما يُقَال: رَكِبَ النَّهْيَ، إِذا فَعَلَ ما نُهِيَ عنه. وهو مَجازٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
28-تاج العروس (أسف)
[أسف]: الْأسَفُ، مُحَرَّكَةً: أَشَدُّ الحُزْنِ، وَقد أَسِفَ علَى ما فَاتَهُ، كفَرِحَ كما في الصِّحاحِ، والْاسمُ أَسَافَةُ كسَحَابَةٍ، وَأَسِفَ عَلَيْه: غَضِبَ فهو أَسِفٌ، ككَتِفٍ، ومنه قوله تعالى: {غَضْبانَ أَسِفًا}، قال شيخُنا: وقَيَّدَه بعضُهم بأَنَّه الحُزْنُ مع ما فَاتَ، لا مُطْلَقًا، وقال الرَّاغِبُ: حقيقةُ الأَسَفِ: ثَوَرانُ دَمِ القلبِ شَهْوَةَ الانْتِقَامِ، فمتى كان ذلك علَى مَن دُونَه انْتَشَر وصار غَضَبًا، ومتى كان على مَن فَوْقَه انْقَبَضَ فصارَ حُزْنًا، ولذلِكَ سُئِل ابنُ عَبَّاسٍ عن الحُزْنِ وَالغَضَبِ، فقَالَ: مَخْرَجُهما واحدٌ، واللَّفْظُ مُخْتَلِف، فمَن نازَع مَن يَقوَى عَلَيه أَظْهَرَ غَيْظًا وغَضَبًا، ومَنْ نازَع مَن لا يقْوَى عَليه أَظْهَرَ حُزْنًا وجَزعًا، ولهذا قال الشاعر:فحُزْنُ كُلِّ أَخِي حُزْنٍ أَخو الغَضَبِ
وسُئِلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَن مَوْتِ الْفَجْأَةِ، فَقَالَ: «رَاحَةٌ لِلْمُؤْمِنِ، وأَخْذَةُ أَسَفٍ لِلْكَافِرِ» ويُرْوَى: أَسِفٍ، ككَتِفٍ، أي أَخْذَةُ سَخَطٍ، أَو أَوْ أخَذَةُ ساخِطٍ وذلِك لأَنَّ الغَضْبانَ لا يَخْلُو مِن حُزْنٍ ولَهَفٍ، فقِيل لَه: أَسِفٌ، ثُم كَثُرَ حَتى اسْتُعْمِل في مَوْضِعٍ لا مَجالَ للحُزْنِ فيه، وهذِه الإِضافةُ بمعنَى مِن، كخاتمِ فِضَّةٍ، وتكون بمعنَى في، كقولِ صِدْقٍ، ووَعْدِ حَقٍّ، وقال ابنُ الأَنْبَارِيِّ: أَسِفَ فلانٌ عَلَى كذا وكذا، وتَأَسَّف، وهو مُتَأَسِّفٌ على ما فَاتَهُ، فيه قَولان: أَحَدُهما: أَن يكونَ المعنَى حَزِنَ علَى ما فَاتَهُ؛ لأَنَّ الأَسَفَ عندَ العَربِ الحُزْنُ، وقِيل: أَشَدُّ الحُزْنِ، وقال الضَّحَّاكُ في قوله تعالى: {إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا}: أي جَزَعًا، وقال قَتَادَةُ: {أَسِفًا}، أي غَضَبًا، وقَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: {يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ} أي: يا جَزَعَاه.
والأَسِيفُ، كأَمِيرٍ: الأَجِيرُ لِذُلِّهِ، قاله المُبَرِّدُ، وهو قَوْلُ ابنِ السِّكِّيتِ أَيضًا.
والأَسِيفُ الحَزِينُ المُتَلَهِّفُ عَلَى مَا فَاتَ، وقال ابنُ السِّكِّيتِ: الأَسِيفُ: الْعَبْدُ نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، والجَمْعُ: الأَسَفاءُ، قال اللَّيْثُ: لأَنَّه مَقْهُورٌ مَحْزُونٌ، وأَنْشَدَ:
كَثُرَ الآنَاسُ فيما بَيْنَهُمْ *** مِنْ أَسِيفٍ يَبْتَغِي الْخَيْرَ وصر
والاسْمُ الأَسَافَةُ، كسَحَابَةٍ. والأَسِيفُ أَيضًا: الشَّيْخُ الْفَانِي والجَمْعُ الأَسَفَاءُ، ومنهالحديثُ: «فنَهَى عن قَتْلِ الأُسَفَاءِ» ويُرْوَى: العُسَفَآء والوُصَفَاء، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «لا تَقْتُلُوا عَسِيفًا ولَا أَسِيفًا».
والأَسْيفُ أَيضًا: الرجلُ السَّرِيعُ الْحُزْنِ، والرَّقِيقُ الْقَلْبِ، كالأَسُوفِ، كصَبُورٍ، ومنهقول عائِشَةَ رضي الله عنها: «إنَّ أَبا بكرٍ رَجلٌ أَسِيفٌ، إذا قَامَ لَم يُسْمَعْ مِن البُكَاءِ».
والأَسِيفُ أَيضًا: مَنْ لا يَكَادُ يَسْمَنُ.
ومن المَجَاز: أَرْضٌ أَسِفَةٌ، بَيِّنَةُ الأَسافَةِ: لا تكادُ تُنْبِتُ شَيْئًا، كما في الصِّحاح، وفي الأَساس لا تَمْرَحُ بالنَّباتِ.
وأُسَافَةٌ، ككُنَاسَةٍ، وسَحَابَةٍ: رَقِيقَةٌ، أَوْ لا تُنْبِتُ، أو أَرْضٌ أَسِفَةٌ بَيِّنَةُ الأَسَافَةِ: لا تَكَادُ تُنْبِتُ.
وكسَحَابَةٍ: قَبيلَةٌ من العرب، قال جَنْدَلُ بنُ المُثَنَّى الطُّهَوِيّ:
تَحُفُّهَا أَسَافَةٌ وجَمْعَرُ *** وخَلَّةٌ قِرْدَانُها تَنَشَّرُ
جَمْعَر أَيضًا: قَبِيلَة، وقد ذُكِرَ في مَحَلِّه، وقال الفَرَّاءُ: أَسَافَةُ هنا مَصْدَرُ أَسِفَتِ الأَرْضُ، إذا قَلَّ نَبْتُهَا، والجَمْعَرُ: الحِجَارَةُ المَجْمُوعَة. وأَسَفٌ كأَسَدٍ: قرية بالنَّهْرَوَانِ مِن أَعْمَالِ بَغْدَاد بقُرْبِ إسْكَاف، يُنْسَب إليها مسعودُ بنُ جامِع، أَبو الحَسَن البَصْرِيُّ الأَسَفيُّ، حَدَّث ببغداد عن الحُسَيْن بن طَلْحَةَ النِّعالِيِّ، وَعنه أبو محمد عبدُ الله بنُ أحمد بن محمد الخَشَّاب، المُتَوَفَّى سنة 540.
وياسُوفُ: قرية، قُرْبَ نَابُلُسَ.
وأَسَفَى: بفَتْحَتَيْنِ هكذا في سائِر النُّسَخ، والصوابُ في ضَبْطِه بكَسْرِ الفاءِ، كما في المُعْجم لياقوت: د، بأَقْصَى الْمَغْرِبِ بالعُدْوَةِ، على ساحِلِ البحرِ المُحِيطِ.
وأُسْفُونَا، بالضَّمِّ، وضَبَطَه ياقُوتُ بالفَتْح: قرية، قُرْبَ الْمَعَرَّةِ وهو حِصْنٌ افْتَتَحَه محمودُ بنُ نصرِ بنِ صالحِ بنِ مِرْدَاسٍ الكِلَابِيُّ، فقَالَ أَبو يَعْلَى عبدُ الباقي بنُ أَبِي حُصَيْن يَمْدَحُه ويذْكُره:
عِدَاتُكَ مِنْكَ في وَجَلٍ وخَوْفٍ *** يُرِيدُونَ المَعَاقِلَ أَنْ تَصُونَا
فَظَلُّوا حَوْلَ أُسْفُونَا كَقَوْمٍ *** أَتَى فِيهِمْ فَظَلُّوا آسِفِينَا
وَهو خَرَابٌ اليَوْمَ.
وإسَافٌ، ككِتَابٍ هكذا ضَبَطَهُ الجَوْهَرِيُّ، والصَّاغَانِيُّ، وَياقُوتُ، زاد ابنُ الأَثِيرِ: وأَسَافٌ، مثلُ سَحَابٍ: صَنَمٌ وَضَعَهُ عَمْرُو بن لُحَيٍّ الخُزَاعِيُّ عَلَى الصَّفَا، ونَائِلَةُ عَلَى الْمَرْوَةِ، وَكانَا لقُرَيْشٍ وكانَ يُذْبَحُ عليْهِمَا تُجَاهَ الْكَعْبَةِ كما في الصِّحاح أَوْ هُمَا رَجُلان مِن جُرْهُمَ: إسَافُ بنُ عَمْرٍو: وَنَائِلُةُ بِنْتُ سَهْلٍ، فَجَرَا في الكَعْبَةِ وقِيل: أَحْدَثَا فيها فمُسِخَا حَجَرَيْنِ، فعَبَدْتُهمَا قُرَيْشٌ هكذا زَعَمَ بَعْضُهُم، كما في الصِّحاح.
قلتُ: وهو قَوْلُ ابنِ إسْحَاق، قال: وقيل: هما إسافُ بنُ يَعْلَى، ونَائِلَةُ بنتُ ذِئْبٍ، وقيل: بنتُ زقيل، وإنَّهُمَا زَنَيَا في الكَعبة، فمُسِخَا، فنُصِبَا عند الكعبة، فأَمرَ عمرُو بن لُحَىٍّ بِعبَادَتِهِما، ثم حَوَّلَهُمَا قُصِيٌّ، فجَعَلَ أَحدَهما بلِصْقِ الْبَيْتِ، والآخَرَ بِزَمْزَم، وكانَت الجاهِلِيَّةُ تَتَمَسَّحُ بهما.
وَأَمَّا كَوْنُهما مِن جُرْهُمَ، فقَالَ أبو المنذر هِشَامُ بن محمد: حَدَّثَنِي أَبِي عن أَبي صالحٍ عن ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم، أنَّ إِسافًا: رجُلٌ مِن جُرْهُمَ، يُقَال لَه: إِسَافُ بنُ يَعْلَى، ونَائِلَةُ بنت زَيْدٍ، مِن جُرْهُم، وكانَ يَتَعَشَّقُهَا مِن أَرْضِ اليَمَنِ، فأَقْبَلَا حَاجَّيْنِ، فدَخَلَا الكَعْبَةَ، فوَجَدَا غَفْلَةً مِنَ الناس، وخَلْوَةً مِن البَيْتِ، فَفَجَرَا، فمُسِخَا، فأَصْبَحُوا فَوَجَدُوهما مَمْسُوخَيْنِ، فأَخْرَجُوهُمَا فوَضَعُوهُمَا مَوْضِعَهُمَا، فعَبَدَتْهُما خُزَاعَةُ وقُرَيْشٌ، ومَن حَجَّ البَيْتَ بَعْدُ مِن العربِ.
قال هشام: إِنَّمَا وُضِعا عندَ الكَعْبَةِ لِيَتَّعِظَ بهما النَّاسُ، فلمَّا طالَ مُكْثُهُمَا، وعُبِدَتِ الأَصْنَامُ، عُبِدَا مَعَهَا، وكانَ أَحَدُهُمَا بلِصْقِ الكَعْبَةِ، ولهما يَقولُ أَبو طالبٍ ـ وهُوَ يَحْلِفُ بِهِمَا حِينَ تَحَالَفَتْ قُرَيْشٌ، عَلى بني هاشِمٍ ـ:
أَحْضَرْتُ عندَ البَيْتِ رَهْطِي ومَعْشَري *** وَأَمْسَكْتُ مِنْ أَثْوَابِهِ بِالوَصَائِلِ
وَحَيْثُ يُنِيخُ الأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ *** بِمُفْضَى السُّيُولِ من إِسَافٍ ونَائِلِ
فكَانَا علَى ذلِك إلى أَنْ كَسَرَهُمَا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الفَتْحِ فِيمَا كَسَرَ مِن الأَصْنَامِ.
قال: ياقوت: وجاءَ في بعضِ أَحادِيثِ مُسْلِمٍ: أَنَّهُمَا كَانَا بِشَطِّ الْبَحْرِ، وكانتِ الأَنْصَارُ في الجَاهِلِيَّةِ تُهِلُّ لهما، وهو وَهَمٌ، والصَّحِيحُ أنَّ الَّتي كانتْ بشَطِّ البَحْرِ مَنَاةُ الطَّاغِيَةُ.
وإِسَافُ بْنُ أَنْمَارٍ، وإِسَافُ بنُ نَهِيكٍ، أَو هو نَهِيكُ بْنُ إِسافٍ، ككِتَابٍ، ابنِ عَدِيٍّ الأَوْسِيُّ الحَارِثِيُّ: صَحَابِيَّانِ، الصَّوابُ أنَّ الأَخِيرَ له شِعْرٌ ولا صُحْبَةَ له، كما في مُعْجَم الذَّهبِيّ.
وأَسَفَهُ: أَغْضَبَهُ، هكذا في سَائِرِ النُّسَخِ، مِن حَدِّ ضَرَبَ، والصوابُ: آسَفَهُ بالمَدِّ، كما في العُبَاب، واللِّسَان، ومنه قَوْلُه تعالى {فَلَمّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ} أي: أَغْضَبُونَا.
ويُوسُفُ، وقد يُهْمَزُ، وتُثَلَّثُ سِينُهُمَا أي: مَعَ الهَمْزِ وَغَيْرِه، ونَصُّ الجَوْهَرِيّ: قال الفَرّاءُ: يُوسُفُ ويُوسَفُ وَيُوسِفُ، ثلاثُ لُغَاتٍ، وحُكِيَ فيه الهَمْزُ أَيضًا، انتهى.
وَقَرَأَ طلَحَةُ بنُ مُصَرِّف: لَقَدْ كَانَ في يُؤْسِفَ بالْهَمْزِ وَكَسْرِ السِّين، كما في العُبَابِ، وهو الكَرِيمُ ابنُ الكَريمِ ابنِ الكريمِ ابنِ الكريمِ يُوسُفُ بنُ يَعْقُوبَ بنِ إِسْحاقَ بنِ إِبْرَاهِيمَ عليهم الصَّلاةُ والسَّلام، ويُوسُفُ بنُ عبدِ الله بنِ سَلَامٍ، أَجْلَسَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم في حِجْرِه، وسَمَّاهُ ومَسَحَ رأْسَه، وَيُوسُفُ الفِهْرِيُّ، روَى عنه ابنه يَزِيدُ في قِصَّةَ جُرَيْجٍ، بخَبَرٍ باطِلٍ: صَحَابِيَّانِ.
وأَمَّا يُوسُفُ الأَنْصَارِيُّ الذي روَى له ابنُ قَانِعٍ في مُعْجَمِهِ، فالصَّوابُ فيه سَهْلُ بنُ حُنَيْفٍ.
وتَأَسَّفَ علَيْه: تَلَهَّفَ، وقد تَقَدَّمَ عنِ ابنِ الأَنْبَارِيِّ ما فِيه غُنْيَةٌ عن ذِكْرِه ثانيًا.
وَقال أَحمدُ بنُ حَوَّاسٍ: كانَ ابنُ المُبَارَكِ يَتَأَسَّفُ عَلَى سُفْيَانَ الثَّوْرِيّ، ويقُول: لِمَ لَم أَطْرَحْ نَفْسِي بينَ يَدَيْ عَليْه: إشارَةً بَرْخِيَا كَبِرَا الأَوّلِ
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
رجلٌ أَسْفانُ وآسِفُ، كحَنَّانٍ، ونَاصِرٍ: مَحْزُونٌ وَغَضْبانُ، وكذلِكَ الأَسِيفُ.
والأَسِيفُ أَيضًا: الأَسِيرُ، وبِهِ فُسِّرَ قَوْلُ الأَعْشَى:
أَرَى رَجُلًا مِنْهُمْ أَسِيفًا كَأَنَّمَا *** يَضُمُّ إِلَى كَشْحَيْهِ كَفًّا مُخَضَّبَا
يقول: هو أَسِيرٌ قد غُلَّتْ يَدُهُ، فجَرَحَ الغُلُّ يَدَهُ.
وَالأَسِيفَةُ: الأَمَةُ.
وَآسَفَهُ: أَحْزَنَهُ.
وَتَأَسَّفَتْ يَدُهُ: تَشَعَّثَتْ، وهو مَجَازٌ.
وإِسَافٌ، ككِتَابٍ: اسْمُ الْيَمِّ الذي غَرِقَ فيه فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه، عن الزَّجَّاجِ، قال: وهو بِنَاحِيَةِ مِصْرَ.
وَخالد، وخُبَيْب، وكُلَيْب، بنو إِسَافِ الجُهَنِيِّ، صَحَابِيُّون، الأَوَّلُ شَهِدَ فَتْحَ مَكَّةَ، وقُتِلَ بالْقَادِسِيَّةِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
29-تاج العروس (نحف)
[نحف]: نَحِفَ، كسَمِعَ نقَلَه ابنُ دُرَيْدٍ، وقَدْ قالُوا: نَحُفَ، مثلُ كَرُمَ وعَلَيه اقْتَصَر الجوهرِيُّ نَحافَةً، وهو مَنْحُوفٌ كذا قالَ ابنُ دُرَيْدٍ مَنْحُوفٌ.ورَجُلٌ نَحِيفٌ بَيِّن النَّحافَةِ، من قَوْمٍ نِحافٍ، كما يُقالُ: سَمِينٌ من قَوْمٍ سِمانٍ، وذلِكَ إذا هُزِلَ، أو صارَ قَضِيفًا ضَرْبًا قَلِيلَ اللَّحْمِ، خِلْقَةً لا هُزالًا وأَنشدَ اللَّيْثُ لسَابِقٍ، وأَنْشَدَه أَبو تَمّام في الحَماسَةِ للعَبّاسِ بنِ مِرْداسٍ السُّلَمِيِّ، وليسَ له، وقال أَبُو رِياشٍ: هو لمُعَوِّدِ الحُكَماءِ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فتَزْدَرِيهِ *** وَفي أَثْوابِهِ أَسَدٌ مَرِيرُ
وأَنْحَفَه غيرُه: أَهْزَلَه.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
رَجُلٌ نَحِفٌ، ككَتِفٍ: دَقِيقُ الأَصْلِ.
وَجَمْعُ النَّحِيفِ: نُحَفاءُ.
والنَّحِيفُ: اسمُ فَرَسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَمن المَجازِ: هو نَحِيفُ الدِّينِ والأَمانَةِ.
وَتقولُ: مَنْ كانَ حَنِيفًا لم يَكُنْ نَحِيفًا.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
30-تاج العروس (هرق)
[هرق]: هَرَاقَ الماءَ يُهَرِيقُه بفتح الهاءِ، هِرَاقَة بالكسرِ هذه هي اللّغَةُ الأُوْلَى مِنَ الثلَاثَةِ. ومِنْه الحدِيث: هريقوا عَلَيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لم تحلل أَوْكِيتهن وقال سلمة بن الخرشب الأَنْمارِيُّ:هرقنَ بِساحوقَ جفانًا كثيرةً *** وأدّينَ أخرى من حقينٍ وحَازِرِ
وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّي لأَوْسِ بنِ حجر:
نُبِّئْتُ أَنَّ دَمًا حرامًا نِلْتَهُ *** فهُرِيق في ثوبٍ عليك مَحَبَّرِ
وأَنْشَدَ للنابِغَةِ:
وما هُرِيقَ على الأَنْصابِ من جَسَدِ
قالَ الفيومي في المِصْباحِ: وأَصْل هَراقَهُ هريقه وزَانَ دَحْرَجه، ولهذا تُفْتَح الهاءُ مِنَ المُضَارِع فيُقال: يُهَرِيقُه كما تُفْتح الدَّالُ مِنْ يُدَحْرجه.
وأَهْرَقَهُ يُهْرِيقُه كذا في النُّسَخ وهو غَلَطٌ صَوَابه يُهْرِقه إِهْراقًا على افعلَ يَفْعَل كما في سائِرِ نُسَخِ الصِّحاحِ والعَبَابِ، ووقَعَ في نُسْخَةِ اللِّسَانِ نَقْلًا عَنِ الجَوْهَرِيِّ مِثْل ما في نسخنا وهو خَطَأٌ ظاهِرٌ وهذه هي اللُّغَةُ الثانِيَة مِنَ الثلاثَةِ، وكأن الهاء في هذه أَصْلِية، وقَدْ ذَكَرَها الجَوْهَرِيُّ والصَّاغانِيُّ بقَوْلِهِم، وفِيه لُغَة أُخْرَى: أَهْرَقَ يُهْرِقُ عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ، وقالا: قالَ سِيْبَوَيْهٌ: قَدْ أَبْدَلُوا مِنَ الهَمْزَة الهاءَ ثم أُلْزِمَت فصَارَتْ كأنَّها مِنْ نَفْسِ الحَرْفِ ثم أُدْخِلَت الأَلِف بَعْدُ عَلَى الهاءِ وتُرِكَت الهاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهم حَرَكَة العَيْنِ لأَنَّ أَصْلَ أَهْرَق أَرْيقَ. قالَ ابنُ بَرِّيّ: هذه اللُّغَة الثانِيَة التي حَكَاها عَنْ سِيْبَوَيْه هي الثالِثَة التي يَحْكِيها فيمَا بَعْدُ إِلَّا أَنَّهُ غلط في التَّمْثِيْل، فقالَ أَهْرَق يُهْرِقُ، وهي لُغَة ثالِثَة شاذَّةٌ نادِرَةٌ لَيْسَتْ بواحِدَةٍ مِنَ اللّغَتَيْنِ المَشْهُورتين؛ يقُولُون: هَرَقْتُ الماءَ هَرْقًا وأَهْرَقْتُه إِهْرَاقًا، فيَجْعَلُون الهاءَ فاءً والرَّاء عيْنًا ولا يَجْعلونَه مُعْتلًا، وأَمَّا الثانِيَة التي حَكَاها سِيْبَوَيْهٌ فهي أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْرَاقةً، فغيَّرَها الجَوْهَرِيُّ وجَعَلَها ثالِثَة، وجَعَل مَصْدَرَها إِهْرِياقًا، أَلَا تَرَى أَنَّه حُكِيَ عَنْ سِيْبَوَيْه في اللغَةِ الثانِيَةِ أَنَّ الهاءَ عِوَض مِنْ حركَةِ العَيْن لأَنَّ الأَصْلَ أُرْيَقَ؟ فهذا يدلُّ أَنّه مِنْ أَهْرَاق إِهْرَاقةً بالأَلْفِ، وكذا حَكَاه سِيْبَوَيْه في اللغَةِ الثانِيَةِ الصَّحِيْحَة.
وأَهْراقَهُ يُهْرِيقُه إِهْرِياقًا فهو مُهَرِيقٌ بفتحِ الهاءِ وذاكَ مُهَراقٌ ومُهْرَاقٌ بفتحِها وسكونِها أَي صَبَّهُ وهذه هي اللغَةِ الثالِثَةِ تتمَّةِ اللَّغَات، هكذَا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغانيُّ قال: وهذا شاذٌّ ونظِيْرُه أَسْطاعَ يُسْطِيع اسْطِياعًا بفتْحِ الهَمْزةِ فِي المَاضِي وضمِّ الياءِ في المُسْتقبل، لغَةٌ في أَطَاعَ يُطِيْع، فجعلُوا السِّين عِوَضًا مِنْ ذِهابِ حركَةِ عَيْن الفِعْلِ على ما ذَكَرْناه عَنِ الأَخْفَشِ في بابِ العَيْن؛ وكذلِكَ حكْمُ الهاءِ عِنْدِي انْتَهَى.
قالَ ابنُ بَرِّي: وقَدْ ذَكَرْنا أنَّ هذه اللغَةَ هي الثانِيَةِ فيمَا تَقَدَّمَ إلَّا أنَّه غَيَّرَ مَصْدَرَها فقالَ إِهْرِياقًا، وصَوَابه إِهْرَاقَةً لأَنَّ الأَصْل أَراقَ يُرِيقُ إراقةً، ثم زِيْدَت فِيْه الهاء فصَارَ إِهْراقةً، وتاءُ التأْنِيْث عِوَضٌ مِنَ العَيْن المَحْذُوفة، وكذلِكَ قالَ ابنُ السراج أَهْراقَ يُهْرِيْقُ إهْرَاقةً، وأَسْطاعَ يُسْطِيع إِسْطاعة، قالَ: وأَمَّا الذي ذَكَرَه الجَوْهَرِيُّ مِنْ أنَّ مَصْدَرَ أَهْراقَ وأَسْطَاع إِهْرياقًا واسْطِياعًا فغَلَطٌ مِنْه، لأَنَّه غَيْر مَعْرُوف، والقِيَاس إِهْرَاقةً وإِسْطَاعةً عَلَى ما تَقَدَّم، وإِنَّمَا غلَّطَه في اسْطِيَاع أَنَّه أَتَى به عَلَى وَزْنِ الاسْتِطاعِ مَصْدر اسْتَطاع، قالَ: وهذا سَهْو مِنْه لأَنَّ أَسْطاعَ هَمْزَتَه قَطّع والاسطياع هَمْزَتَهما وَصْل، وقَوْلُه: والشَّيْءِ مُهْرَاقٌ مُهْرَاق لا غَيْر، قالَ: وأَمَّا مُهَراقٌ بالفتحِ، فمفْعُولُ هَرَاقَ وقَدْ تَقَدَّم شاهِدُه أي مِنْ قَوْلِ الشاعر:
رُبَّ كأَسٍ هَرَقْتَها ابنَ لُؤَيٍّ *** حَذَرَ الموتِ لم تكُنْ مُهْرَاقَهْ
قُلْتُ وكذَا قَوْل امْرِئِ القَيْسِ.
وإِنَّ شفَائِي عَبْرةٌ مُهْرَاقةٌ
وشَاهِد المُهْرَاق ما أُنْشِدَ في بابِ الهجَاءِ مِنَ الحَمَاسةِ لعُمَارة بن عُقَيْل:
دعَتْهُ وفي أَثوابِهِ مِن دِمَائِها *** خَلِيطَا دمٍ مُهْرَاقةٍ غَيْر ذَاهِبِ
وقالَ جَرِير العِجْلِي، ويُرْوَى للأَخْطَلِ وهي في شِعْره:
إِذا ما قُلْتُ قَدْ صالَحْتُ قَوْمِي *** أَبَى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدِّماءِ بوَارِدَاتٍ *** تَبِيدُ المُخْزِياتُ ولا تَبِيدُ
قالَ: والفاعِلُ مِنْ أَهْرَاقَ مُهْريقٌ، وشاهِدُه قَوْل كُثَيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ *** لضَاحِي سَرَابٍ بالَمَلا يَتَرَقْرَقُ
وقالَ: العُدَيْلُ بنُ القَرْخ:
كنْتُ كمُهْرِيقِ الذي في سِقائِهِ *** لِرَقْرَاقِ آلٍ فَوْقَ رابيةٍ جَلْدِ
وقالَ آخَرُ:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ *** في جَوِّها جِرَةٍ لِلَمْعِ سَرابِ
وشاهِدُ الإِهْرَاقةِ في المَصْدر قَوْل ذِي الرِّمّةِ:
فلمَّا دَنَتْ إِهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ *** لأَعْزِلَةٍ عَنْها وفي النَّفْسِ أَن أُثْنِي
وأصْلُه أي أصْلُ هَرَاقِ الماءِ كما هو نَصّ الصِّحاحِ.
أَراقَةُ يُريقُه إراقَةً قالَ: وأَصْلُ أراقَ أرْيَقَ قالَ ابنُ بَرِّي: أَصْلُ أَرَاقَ أَرْوَقَ بالوَاوِ لأَنَّه يُقالُ رَاقَ الماءُ رَوْقَانًا انْصَبَّ، وأَرَاقهُ غَيْره صَبَّه، قالَ وحَكَى الكِسَائِي رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انْصَبَّ، قالَ: فَعَلَى هذَا يَجُوْزُ أَنْ يكونَ أَصْلُ أَرَاقَ اليَاء.
قُلْتُ: ولكنَّ ابنَ سِيْدَه قَوَّى قَوْلَهم أنَّ أَصْلَ أَرَاقَ أَرْوَقَ، قالَ: وإِنَّما قضى عَلَى أَنَّ أَصْلَه أَرْوَقَ لأَمْرَين: أَحَدُهُما أنّ كَوْنَ عَيْنُ الفِعْل وَاوًا أَكْثر مِنْ كَوْنِها ياءً فيمَا اعْتَلَّتْ عَيْنه؛ والآخَر: أنَّ الماءَ إذا هريق ظَهَرَ جَوْهَره وصَفَا فراق رائيه يروقه فهذَا يُقَوِّي كَوْنَ العَيْنِ مِنْه وَاوًا انْتَهَى.
وقَدْ مَرَّ في رَوَقَ عَنِ ابنِ بَرِّي: أَرَقْتُ الماءَ مَنْقُول مِنْ رَاقَ الماءَ يُرِيق رَيقًا إذا تَردَّدَ عَلَى وَجْه الأَرْضِ، فعَلَى هذَا حق أَرَاقَ أنْ يُذْكَرَ في رَيَقَ لا رَوَقَ، فقَوْلُه هذا يُقَوِّي قَوْلَ الكِسَائِي، ومِثْل ذلِكَ نَصّ المِصْباحِ، رَاقَ الماء والدَّم رَيقًا مِنْ بابِ بَاعَ انْصَبَّ وَيَتَعَدَّى بالهَمْزةِ فيُقَالُ أَرَاقَه صاحِبُه وهو مُريقٌ ومُرَاقٌ، وتُبْدَلُ الهَمْزة هاءً، فيُقالُ هَرَاقَه، ثم قال: وأَصْلُ يُريقُ يُرْيِقُ عَلَى وَزْنِ يُكْرِمُ وأَصْلُ يُرْيِقُ يُأَرْيِقُ عَلَى وَزْنِ يُدَحْرِجُ ثم قال: وإِنّما قالوا أُهَرِيقُه بضمِ الهَمْزةِ وفَتْح الهاءِ، ولم يقولوا أأرِيقُه لاسْتِثْقالِ الهمزتينِ وقَدْ زَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الإِبْدَالِ انْتَهَى.
قُلْتُ: وقالَ بَعْضُ النَّحويِّين إنما هو هَرَاق يُهَرْيقُ لأَنَّ الأَصْلَ مِنْ أَرَاقَ يُرِيْقُ يُأَرْيِقُ لأَنَّ أَفْعَل يُفْعِلُ، في الأَصْدِ، كان يُأَفْعِل فقَلَبُوا الهَمْزَة التي في يُؤَرْيقُ هاءً فقِيلَ يُهَرْيقُ، فلِذَا تَحَرَّكَت الهاء، نَقَلَه ابنُ سِيْدَه. وفي المِصْبَاحِ: وقَدْ يُجْمَع بَيْن الهاءِ والهَمْزةِ فيُقالُ: أَهْرَاقَه يُهْرِيقه سَاكِن الهاءِ تَشْبِيْهًا له بأسْطَاع يُسْتطِيع كأَنَّ الهَمْزَةَ زِيْدَت عِوَضًا عَنْ حَرَكَةِ الياءِ في الأَصْلِ، ولهذا لا يَصِيْر الفِعْل بهذه الزِّيادَةِ خُمَاسِيًّا.
وفي التَّهْذِيبِ: مَنْ قالَ: أَهْرَقْتُ فهو خَطَأٌ في القِيَاسِ انْتَهَى.
قُلْتُ: نَصّ الأَزْهَرِيّ في التَّهْذِيبِ: هَرَاقَتِ السَّماءُ مَاءَها تُهَرِيقُ، والماءُ مُهَراق، الهاءُ في ذَلِكَ كُلِّه مُتَحَرِّكَةٌ لأَنَّها لَيْسَت بأَصْلِيَّة إِنَّما هي بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ أَرَاقَ، قال: هَرَقْتُ مِثْل أَرَقْتُ، ومَنْ قالَ: أَهْرَقْت فهو خطأٌ في القِيَاسِ، قالَ: ومِثْل قَوْلهم: هَرَقْتُ والأصْل أَرَقْتُ قَوْلُهم: هَرَحْتُ الدَّابةَ وأَرَحْتُها، وهَنَرْتُ النارَ وأَنَرْتُها، قال: وأَمَّا لُغَةُ مَنْ قالَ أَهْرَقْتُ الماءَ فهِي بَعِيْدةٌ.
قالَ أَبو زَيْدٍ: الهاءُ مِنْها زَائِدَة كما قالُوا: أَنْهَأْتُ اللّحْمَ، والأصْل أَنَأْته بوَزْنِ أَنَعْتُه؛ قالَ شَيْخُنا: وإِنَّما أَوْجَبُوا فَتْح الهاءِ لا حَذْفَها لِأمْرَيْن: أَحَدُهما: أَنَّ مُوجِبَ الحَذْفِ الذي هو اجْتِمَاع هَمْزَتَيْن قَدْ زَالَ وذَهَبَ بإبْدَالِها هاءً، وهذا هو الذي أَشَارَ إليه الجَوْهَرِيُّ بقَوْلِه وتَبِعه المُصَنِّفُ، وإنَّما قالُوا: أهريقه الخ. الثاني: أَنَّه لمَّا كَثُرَ اسْتِعْمال هذا الفِعْل عَلَى هذا الوَجْهِ وشَاعَ دَوَرَانه كذلِكَ تُنُوسِي في الهاءِ مَعْنَى الزِّيادَةِ، وصَارَتْ كأَنَّهَا أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الكَلِمَةِ، ولذلِكَ نَظَرَها في المِصْبَاحِ بدَحْرَجَ المُتَّفَقُ عَلَى أَصْلِيَّة حُرُوفِهِ، ولهذَا تُزَادُ الأَلف عَلَى هَرَاق فيُقَالُ: أَهْرَاق في لُغَةٍ كما مَرَّ، ثم قالَ: فإنْ قُلْتَ تَقَدَّمَ أَنَّ الهاءَ بَدَل مِنَ الأَلفِ، وإذا كانَ كذلِكَ فمَا وَجْه الجَمْع بَيْنها وبَيْن الهاءِ، والقاعِدَة أَنَّه لا يُجْمَع بَيْن العِوَضِ والمُعَوَّض عَنْه، قُلْت: هذا هو الذي أَشَارَ إليه في التَّهْذِيبِ وقالَ إنَّه خطأٌ فِي القِيَاسِ، حيْثُ قالَ: مَنْ قالَ أَهْرَقْتُ فهو خطأٌ في القِيَاسِ، ووَجْه تَخْطِيئه هو ما يَلْزم مِنَ الجَمْع بَيْن العِوَضِ والمُعَوَّض مِنْه، وجَوَابُه هو مَا أشَارَ إِليه الجَوْهَرِيُّ بقَوْلِه: قالَ سِيْبَوَيْه وقَدْ أَبْدَلُوا مِنَ الهَمْزَةِ الهاءَ ثم أُلْزِمَتْ فصَارَتْ كأنّها مِنْ نَفْسِ الكَلِمَة، ثم أُدْخِلت الأَلف بَعْدُ عَلَى الهاءِ وتُرِكت الهَاء عِوَضًا مِنْ حَذْفِهم حَرَكَةَ العَيْن فكَمُلَ الغَرَضُ وانْتَفَى ما قِيلَ مِنَ الجَمْعِ بَيْنَ العِوَضِ والمُعَوَّض مِنْه، ولذلِكَ قالَ في المِصْبَاحِ: إِنَّ الكَلِمَة لا تَصِيْر بزِيَادَةِ الهاءِ خُمَاسِيَّة، ونَظَرُوا هذا الفِعْل بأَسْطاعَ يُسْطِيْع بقَطْعِ الهَمْزةِ في المَاضِي وضمَّ الياءِ في المُسْتَقْبل مَعَ أَنَّه في الظاهِرِ خُمَاسِيٌّ، وليْسَ في العَرَبيَّة فِعْل خُمَاسِيٌّ مُبْتَدأ بهَمْزةِ قَطْع كما أنَّه لا يضمُّ حَرْفُ المُضَارَعَةِ إلَّا مِنَ الرُّباعِي وجَوَابُه أَنَّ الفِعْل رُباعِيّ، وأنَّ السِّين زَائِدَة عِوَضًا مِنْ ذهابِ حَركَةِ العَيْن، وهو مَذْهَبُ الأَخْفَشِ ومُتَابِعِيهِ فلا يكونُ الفِعْل بها خُمَاسِيًّا كما في المِصْبَاحِ وغَيْرِهِ، ومِثْله أَهْرَاق عِنْد الجَوْهَرِيّ ولا ثالِثَ لها.
قُلْتُ وقُدِّم في ط وع لسِيْبَوَيْه ويُوْنُس مِثْل قَوْل الأَخْفَشِ، ثم قالَ: ولا اعْتِدَاد بمَا ذَهَبَ إليه السهَيْلِيّ في الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهم قَدْ يَجْمَعُون أَحْيَانًا بَيْنَ العِوَضِ والمُعَوَّض ومِثْله بأَهْراقَهُ لأَنَّه لا يدعى إلَّا إذا وَجَبَ لُزُومه، وقَدْ أَمْكَن عَدَمه فتَبْقَى القاعِدَة عَلَى أَصْلِها وزنَةُ يُهَرِيقُ بفتح الهاءِ يُهَفْعِلُ كيُدَحْرِجُ وزنة مُهَراقٌ بالتحريكِ مُهَفْعَلٌ كمُدَحْرِجٍ نَقَلَه الجَوْهَرِيّ والصَّاغانيُّ قالا: وأَمَّا يُهرِيقُ ومُهْراقٌ بتسكينِ هائِهما فلا يُمْكِنُ أن يُنْطَقَ بهما لأَنَّ الهاءَ والفاءَ جميعًا ساكِنانِ قال شيْخُنا: وقد عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّم أنّ كَلامَ الجَوْهَرِيُّ فيه تَخْلِيْط وتقديم وتأخير، فإِنَّ ظاهِرَه أو صَرِيْحه يَقْتَضِي أنَّ كَلامَ سِيْبَوَيْه رحِمه الله تعالَى في أَهْرَقَ بإِثْبَاتِ أَلِف التَّعَدِيةِ وحَذْفِ الألفِ التي هي عَيْن الكَلِمَةِ الجَائي عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ لأنَّه أَتَى بنصِّ سِيْبَوَيْهِ عقبَ قَوْلِه على أَفْعَل يُفَعِلُ وليْسَ كذلِكَ، بَلْ كَلام سِيْبَوَيْه في أَهْرَاقَ بإثْبَاتِ الألِفَين أَلِفِ التَّعْدِيَة وعَيْن الكَلِمَة، ومِن تَتمَّةِ الكَلامِ عَلَيه تَنْظِيْره بأَسْطَاع يُسْطِيْع في إنَابةِ حَرْفٍ عَنْ حركَةٍ وانْتِفَاءِ كَوْنِ الكَلِمَةِ خُمَاسِيَّة وإنْ كَانَتْ في الظاهِرِ كذَلِكَ، وقَدْ فَصلَ هو بيْنَهما حتَّى قالَ فِيْه لُغَة ثالِثَةٌ، فكانَ عَلَيه أنْ يُؤَخِّر قَوْله: قالَ سِيْبَوَيْه إلى قَوْلِه: وفِيْه لُغَة ثالِثَة أَهْرَاق ثم يقُوْلُ: قالَ سِيْبَوَيْه الخ؛ يقُوْلُ هذا شاذٌّ ونَظِيْره الخ، وحِيْنَئذٍ يحسن كَلَامه ويَسْتَقِيم نِظَامه.
قُلْتُ: وقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابنِ بَرِّيّ تَحْقِيْق ذلِكَ وتَفْصِيْله، وقَدْ نَبَّه عَلَى ذلِكَ أَبو سَهْلٍ الهَرَويّ وأبو زَكَرِيَّا التَّبْرِيْزيّ وابنُ مَنْظُورٍ والصَّلاح وغَيْرُهم، ثم قالَ شَيْخُنَا: والعَجَبُ مِنَ المَجْدِ كيف سَهَا عَنْ هذا التَّخْلِيْط واحْتَاجَ إلى التَّغْلِيْط، وكانَ ادِّعَاؤهُ غَيْر تامٍّ وقامُوْسُه غَيْر مُحِيْط مَعَ شِدَّة تَبَجُّجه بإيْرَادِ الغلطاتِ وكَثْرة إِظْهَارِه الصَّوَاب عَلَى مَنَصَّات السَّقَطَات، واللهُ المُوَفِّق؛ ثم قالَ: وقَدْ علمَ ممَّا مَرَّ أنَّ هذا الفِعْل فيه لُغَات: الأُوْلَى هذهِ التي صَدَّرُوا بها وهي هَرَاقَ هِرَاقةً كأَرَاقَ إِرَقةً؛ الثانِيَة: أهْرَقَ إِهْرَاقًا كأَكْرَمَ إكْرَامًا وكأنَّ الهاءَ في هذه أصْلِيَّة؛ الثالِثَة: أَهْرَاقَ بأَلفٍ قَطْعِيَّة وهاءٍ ساكِنَةٍ يُهْرِيقُ بياءٍ بَعْد الرَّاءِ عِوَضًا عَنِ الأَلِفِ الثانِيَةِ في المَاضِي.
قُلْتُ وهذه الثَّلاثَةُ قَدْ ذَكَرَهنَّ الجَوْهَرِيُّ والصَّاغانِيُّ.
الرابعة: هَرَقَ كمَنَعَ بناء عَلَى أصَالة الهاءِ.
قُلْتُ وقَدْ نَقَلَها الفَيُّومِي في المِصْبَاحِ.
والخَامِسَة: هي الأَصْلُ التي هي أَرَاقَ إرَاقَةً، وقَدْ قالُوا إنَّ أَفْصَحَ هذه اللّغَاتِ هَرَاقَ.
قُلْتُ: نَقَلَها اللَّحْيَانيُّ وقالَ: هي لُغَة يَمَانِيَّة ثم فَشَتْ في مِصْرَ ثم أَرَاقَ التي هي الأَصْل.
قُلْتُ: وتَقَدَّمَ الاخْتِلاف في كَوْنِ أرَاقَ وَاويًّا كما ذَهَبَ إليه ابنُ سِيْدَه، أَو يائِيًّا كما نُقِلَ عَنِ الكِسَائِي واقْتَصَرَ عَلَيه صاحِبُ المِصْبَاحِ، ثم أَهْرَاق بإِثْباتِ الأَلِفَين، ثم أَهْرَقَ عَلَى أَفْعَل ثم هَرَقَ كمَنَعَ.
قُلْتُ: ولَعَلَّ وَجْه أَفْصَحِيَّة أَهْرَاق بالأَلِفَين عَلَى أَهْرَق كأَكْرَم أنَّ في الثاني مخالَفَةِ القِيَاسِ والشُّذُود وهو الجَمْعُ بَيْن البَدَلِ والمُبْدل كما تَقَدَّمَ، ثم قالَ شَيْخُنَا: وقَدْ أَخْطَأ المُصَنِّفُ في ذِكْره هُنَا لأَنَّ مَوْضِعه رَوَقَ عِنْدَ قَوْمٍ أَوْ رَيَقَ عِنْد آخَرِين، فالصَّوَابُ أنْ يُذْكَرَ في فَصْل الرَّاءِ؛ وأَمَّا الهاء فإنَّما هي بَدَل عَنْ أَلِفِ التَّعْدِيةِ التي لَحِقَتْ رَاق فقالوُا: أَرَاقَ، ثم أَبْدَلُوا فقالُوا: هَرَاقَ كما في المِصْبَاحِ وغَيْرِه، وأمَّا غَيْرها مِنَ اللّغَاتِ التي الهاء فيها بَدَل عَنْ أَلِف التَّعْدِيةِ فلا وَجْه لذِكْره هُنَا بوَجْهٍ مِنَ الوُجُوهِ وقَدْ وَقَعَ الغَلَطُ فيه لأَقْوَامٍ مِنْ أَئِمَّة اللغَةِ مِنْهم ثَعْلَب في الفَصِيْح فإِنَّه ذَكَرَه في بابِ فِعْل الثلاثيِّ بغَيْرِ ألِفٍ وإِنْ تَكَلَّف بَعْضُ شُرَّاحِه الجَوَابَ عنه بأنَّه صَارَ في صُوْرة الثلاثيِّ أو غَيْر ذلِكَ ممَّا لا يَنْهَض، ووَقَعَ الغَلَطُ فيه للقَزَّازِ في الجامِعِ واعْتَذَر هو عَنْ ذلِكَ بكَلامٍ تَرْكه أَوْلَى مِنْ ذِكْرِه، وعَلَّلَه بأنَّ الهاءَ فيه لازِمَة للبَدَلِ فكَانَتْ كالأَصْل، والمُصَنِّفُ تَبعَ الجَوْهَرِيَّ في ذِكْرِه في فَصْلِ الهاءِ، ويُمْكِن أن يُجَابَ عَنْه بأنّه قَصَدَ إلى ذِكْرِ هَرَقَ الثلاثيّ، وأمّا غَيْرُها مِنَ اللغَاتِ فَذَكَرَها اسْتِطرَدًا ا هـ.
قُلْتُ: لم يَنْفَرِد الجَوْهَرِيُّ بإيراد ذَلِكَ في فَصْلِ الهاءِ بَلْ أَوْرَدَه وجمَاعَةٌ أَيْضًا في فَصْلِ الهَاءِ مِنْهم ابنُ القَطَّاعِ في أَفْعَالِه والصَّاغَانيُّ في العُبَابِ والتكْمِلَةِ وصاحِبُ اللسَانِ، وكَفَى للمُصَنِّفِ بهَؤُلاءِ قُدْوَةً، وقَوْله في الجَوَابِ عَنِ المُصَنِّفِ بأنَّه قَصَدَ إلى ذِكْرِ هَرَقَ الثلاثيِّ الخ، هذا إنَّما يَسْتَقِيم إذا كانَ ذَكَرَ هذه اللغَةِ أَوّلًا ثم اسْتَطْرَدَ بقِيَّة اللغَاتِ وهو لم يَذْكر هَرَقَ أَصْلًا، بَلْ ولم يَذْكر في التَّرْكِيبِ مِنْ مادَّةِ الثلاثيِّ غَيْر الهِرقِ بالكسرِ للثَّوْبِ الخَلِقِ والذي تَطْمَئِن إليه النَّفْس في الاعْتِذَار عَنْ ذِكْرِ هَؤْلاءِ هذَا الحَرْف في هذَا التَّرْكِيب كَثْرة اسْتِعْمَالِه عَلَى هذا الوَجْهِ وشِيُوع دَوَرَانِه كذلِكَ حتَّى تُنُوسِيَ في الهاءِ مَعْنى الزِّيادَةِ وصَارَتْ كأَنَّها أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الكَلِمَة، وهذَا الجَوَابُ قَرِيبٌ مِنْ جَوَابِ القَزَّاز بَلْ فيه تَفْصِيْل لكَلَامِه فتأمَّلْ. وقَدْ سَبَقَ لنا قَرِيبًا مِنْ هذا الكَلَامِ فِي هـ ن ر وغَيْرِه في مَوَاضِع مِنْ هذا الكِتَابِ ثم قالَ شَيْخُنَا تَنْبِيْهان: الأَوَّل: الهاء في هَرَاقَ بَدَل مِنَ الأَلِفِ إجْمَاعٍ كما مَرَّ وفي أَهْرَقَ يَجِبُ أنْ تكونَ أَصْلِية لأَنَّهم نَظَرُوه بأَكْرَمَ وقالُوا عَلَى أَكْرَمَ، وفي هَرَقَ عِنْد مَنْ أَثْبَتَه أَصْلِية هي فاء الكَلِمَة، كما لا يَخْفَى، لأَنَّه لا يَحْتَمِل غَيْره وقَدْ حَكَاها أبو عُبَيْدٍ في الغَرِيبِ المُصَنَّف واللّحْيانيُّ في نَوَادِره فقالَ: إِنَّها بَعْدِ اللغَاتِ وهي لبَنِي تَغْلِب.
قُلْتُ: وقَدْ ذَكَرَها ابنُ القَطَّاع في أَفْعالِهِ والفَيُّومِي في مِصْبَاحِهِ كما مَرَّ.
الثاني: لا يَخْتص هذا الإِبْدَال بأَرَاقَ كما تَوَهَّمَه جماعةٌ بَلْ قالَ شُرَّاحُ الفَصِيْح وأَكْثَر شرَّاح الكِتَابِ وغَيْرهُم: أَنَّه جاءَ في الأَفْعَال كُلِّها مُعْتَلها وغَيْر مَعْتَلها، وقالُوا: العَرَبُ تبدل مِنَ الهَمْزَةِ هاءً ومِنَ الهاءِ هَمْزةً للقُرْبِ الذي بَيْنَهما مِنْ حَيْثُ أَنَّهما مِنْ أَقْصَى الحَلْقِ فجازَ أَنْ يُبْدَل كُلٌّ مِنْهما مِنْ صاحِبِه، وذَكَرُوا وُجُوهًا مِنَ الإِبْدَال خارِجَةً عَنْ بَحْثِنا، والذي عِنْدِي أنَّ هذا الإِبْدَالَ إنَّما يَصُحّ في المُعْتَل مِنَ الأَفْعَالِ خاصَّةً كأَرَاقَ لأَنَّهُم إنَّما مَثَّلُوا بأَشْبَاهِه قالُوا: إنَّه سُمِعَ مِنَ العَرَبِ قَوْلُهم في أَرَاحَ ماشِيَتَه هَرَاحَ، وفي أَرَادَ هَرَادَ، وفي أَقَامَ هَقَامَ، ولم يَذْكروه في شَيْءٍ مِنَ الصَّحِيح أَصْلًا، لم يَقُولُوا في أَعْلَم مَثَلًا هَعْلَم، ولا في أَكْرَم هَكْرَم، فالطّاهِرُ اخْتِصَاصه به وإنَّ كَلَامَهم عامًّا فلا يُعْتَدُّ به.
قُلْتُ: وقَدْ ذَكَرَ الأَزْهَرِيُّ: هَنَرْتُ النارَ وأَنَزْتُها، وسَبَقَ للمُصَنِّفِ أَنَرْتُ الثَّوْبَ وهَنَرْتُه. ونَقَلَ أَبو زَيْدٍ قَوْلَهم: أَنْهَأْتُ اللحْمَ قالَ: والأَصْل أَنَأْته بوَزْنِ أَنَعْتُه فينْظَر هذَا مَعَ كَلامِ شَيْخِنا هذَا غايةَ ما تَنْتَهي إليه عِنَايَة المُتَأَمِّل في بَحْثِ هذا المَقَامِ وتَحْقِيْقه عَلَى أَكْمَلِ المَرامِ والله حَكِيْمٌ علَّامٌ.
والمُهْرَقُ كمُكْرَمٍ: الصَّحِيفَةُ عَنِ الأَصْمَعِيُّ، وزَادَ اللّيْثُ: البَيْضَاءُ يُكْتَبُ فيها، قالَ الأَصْمَعِيُّ، هو فارسِيٌّ، مُعَرَّبٌ، قالَ الصَّاغانيُّ: تَعْرِيب مهره، وقالَ غَيْرُه: لمُهْرَاق: ثَوْبٌ حَرِيرٌ أَبْيَض يُسْقَى الصمغَ ويُصْقَلُ ثم يُكْتَبُ فيه. وفي شَرْحِ معلَّقةِ الحَرثِ بنِ حلَّزَة كانُوا يَكْتِبُون فيها قَبْلَ القَرَاطِيْس بالعِرَاقِ وهو بالفارِسِيَّة مُهْره كَرْد، وإنَّما قِيلَ له ذلِكَ لأَنَّ الذي يُصْقَل بها يُقالُ لها بالفارِسِيَّة: مَهْره، وفي شَرْحِ الحَمَاسَةِ تَكَلَّمُوا بها قَدِيمًا، وقَدْ يخص بكتابِ العَهْدِ قالَ حَسَّانُ رضي الله عنه:
كَمْ للمَنَازِل مِنْ شَهْرٍ وأَحْوَالِ *** كما تَقَادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ البالِي
الجمع: مَهارِقُ قالَ الحَرثُ بنُ حلِّزَة:
آياتُهَا كَمَهارِقِ الحَبَشِ
وقالَ الأَعْشَى:
رَبِّي كَرِيم لا يكدِّرُ نِعْمَةً *** فإذا تُنُوشِد في المَهَارِق أَنْشدا
أَرَادَ بالمَهَارِق الصحائِفُ.
ومِنَ المَجازِ: المُهْرَقُ: الصَّحْرَاءُ المَلْساءُ جَمْعُه مَهَارِقَ وهي الصَّحَارِي والفَلَوات تَشْبِيْهًا لها، بالصحائِفَ، قالَ ذُو الرَّمَّةِ:
بيَعْمَلَة بَيْن الدُّجَى والمَهَارِقِ
أَرَادَ الفَلَواتَ، وشاهِدُ المُفْرد قَوْل أَوْس بن حِجْر:
عَلَى جازِعٍ جَوْزِ الفَلَاةِ كأَنَّه *** إذا مَا عَلَا نَشزًا مِنَ الأَرْضِ مُهْرَقُ
وحَكَى بَعْضُهم: مَطَرٌ مُهْرَوْرَقٌ كما في الصِّحَاحِ أي صَيِّبٌ، وقالَ ابنُ سِيْدَه: اهْرَوْرَقَ الدمعُ والمطرُ جَرَيًا، قالَ: وليْسَ مِنْ لفظِ هَرَاق لأنَّ هاءَ هَرَاق مُبْدَلة والكَلِمَة مُعْتَلة، وأمَّا اهْرَوْرَقَ فإنَّه وإنْ لم يتكَلَّم به إلَّا مَزِيدًا مُتَوَهّم مِنْ أَصْلٍ ثلاثيٍّ صَحِيْحٍ لا زِيَادَة فيه، ولا يكونُ مِنْ لفظِ أَهْرَاقَ لأَنَّ هاءَ أَهْرَاقَ زَائِدَة عِوَض مِنْ حَرَكَةِ العَيْنِ عَلَى ما ذَهَبَ إليه سِيْبَوَيْه في أَسْطَاعَ.
قالَ الأَزْهَرِيُّ: ويُقالُ هَرِّقْ على خَمْرِكَ أي تَثَبَّتْ قالَ رُؤْبَةُ:
يا أَيُّها الكاسِرُ عَيْن الأَغْضَنِ
والقائِلُ الأَقْوَالَ ما لم يَلْقَنِي *** هَزِّقْ على خَمْرِك أو تَبَيَّنِ
والمُهْرُقَانُ كمُسْحُلانٍ أي بضمِّ الأَوَّلِ والثالِثِ عَنْ أبي عَمْرو؛ وقِيلَ: هو المَهْرَقان مِثْال مَلْكَعانٍ قالَ الصَّاغانيُّ: وهو الأَصَح أي بفَتْحِ الأَوَّل والثالِثِ. ويُقالُ: هو بضمِ الميمِ وفتح الراءِ مِنْ أَسْمَاءِ البَحْرِ، قالَ أبو عَمْرو: وهو اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ والمُهْرَقانُ والدّأْمَاءُ أو هو ساحِلُ البَحْرِ، وأو المَوْضِعُ الذي فاضَ فيه الماءُ ثم نَضَبَ عَنْه فبَقِي فيه الوَدَع قالَ ابنُ مُقْبِلٍ:
تَمَشَّى به نَفْرُ الظِّباءِ كأنَّها *** جَنَى مُهْرُقانِ فاضَ بالليلِ سَاحِلهْ
قالَ بَعْضُهم: سُمِّي به البَحْر لأَنَّه يُهْرِيق ماءَه على السَّاحِل إلَّا أنَّه ليْسَ مِنْ ذلِكَ اللفْظِ.
ومُهْرُقانُ بالضمِ بلد بساحِلِ بَحْرِ البَصْرَةِ فارِسِيٌّ مُعَرَّبُ ما هي رُويانْ المَعْنَى: وُجُوههم كوُجُوهِ السَّمكِ وإنْ كانَ مُعَرَّب ماه. رُويانْ، فيكونُ المَعْنَى وُجُوهُهم كالقَمَرِ.
وقالَ أبو زَيْدٍ: يقالُ: هَريقوا عليكم كذا في النّسَخِ والصَّوَاب عَنْكم كما هو نَصّ العُبَابِ واللسَانِ أوَّلَ الليلِ وفَحْمَة الليلِ أي انْزِلوا، وهي ساعَةٌ يَشُقُّ فيها السَّيْر عَلَى الدَّوَابِ حتَّى يَمْضِي ذلِكَ الوَقْت وهُمَا بَيْنَ العَشَائِين.
وهَوْرَقانُ قرية بمَرْوَ قُرْب سنج منها أبو رَجَاء مُحَمَّد بنُ حَمْدَوَيْه بن مُوسَى الهَوْرَقانيُّ عَنْ أَحْمَد بنِ حَنْبل أَلَّفَ تارِيخًا للمَرَاوِزَةِ، وقال الجَمعِيُّ: الهِرْقُ بالكسرِ الثَّوْبُ الخَلَقُ وكذلِكَ الدَّرْس والهِرْس والهِدْم والطِمْر.
* وممَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيه:
هَرَقَ الماء كَمَنَعَ هَرْقًا صَبَّه، وهي لغَةُ بَنِي تَغْلِب حَكَاها اللّحْيَانيُّ عَنْهم في نَوادِرِه وقَدْ تَقَدَّم.
ويَوْم التَهَارُقِ يَوْم: المَهْرَجان، وقَدْ تَهَارَقُوا فيه أي أَهْرَقَ الماءَ بَعْضُهم عَلَى بعضٍ، يَعْنِي يَوْم النَّوْرُوز.
والمَهَارِق الطَّرُق في الفَلَواتِ وبه فسرَ أَيضًا قَوْل ذِي الرِّمَّة السَّابِقِ.
والمُهْرَقُ كمُكْرَمٍ: المِصْقَلةُ تُصْقَل بها الثَّيَاب والقَرَاطِيْس قَدْ تَكونُ مِنَ الزُّجاجِ وقَدْ تكونُ مِنْ الوَدَعِ، وقالَ اللحْيانيُّ بَلَدٌ مَهَارِقُ وأرْضٌ مَهَارِقُ كأنّهم جَعَلُوا كُلّ جزءٍ مِنْه مُهْرَقًا قالَ:
وخَرْقُ مَهَارِقُ ذِي لُهْلُهٍ *** أَجَدَّ الأَوَامَ به مَظْمَؤُه
قالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: إنَّما أَرَادَ مِثْل المَهَارِق. قالَ ابنُ سِيْدَه: وأمَّا ما رَوَاهُ اللّحْيَانيُّ مِنْ قَوْلِهم: هَرِقْتُ حتَّى نِصْف الليلِ فإنَّما هو أَرِقْتُ، فأَبْدَل الهاءَ مِنَ الهَمْزَةِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
31-تاج العروس (خضم)
[خضم]: الخَضْمُ: الأَكْلُ عامَّةً؛ أَو بأَقْصَى الأَضْراسِ، والقَضْمُ بأَدْناها؛ قالَ ابنُ خُرَيْم يَذْكُرُ أَهْلَ العِراقِ:رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكْل خَضْمًا فقد رَضُوا *** أَخِيرًا من اكْلِ الخَضْمِ أَن يأْكُلُوا قَضْما
أَو هو مَلْءُ الفَمِ بالمأْكولِ.
ونَقَلَ الجوْهَرِيُّ عن الأَصْمَعيّ: هو الأَكْلُ بجَمِيعِ الفَمِ.
أَو هو خاصُّ بالشَّيءِ الرَّطْبُ كالقِثَّاءِ ونَحْوِه.
وقيلَ: كُلُّ أَكْلٍ في سَعَة ورَغَدٍ فهو خَصْمٌ.
وقيلَ: الخَضْمُ للإِنْسانِ بمنْزِلَةِ القَضْم مِن الدابَّةِ.
والفِعْلُ خَضِمَ، كسَمِعَ وضَرَبَ، واقْتَصَرَ الجوْهَرِيُّ على الأُوْلَى.
والخُضامَةُ، كثُمامَةٍ: اسمُ ما خُضِمَ؛ أَي أُكِلَ.
والخَضِيمَةُ، كسَفِينَة: النَّبْتُ الأَخْضَرُ الرَّطْبُ.
قالَ أَبو حنيفَةَ: وأحسبه سُمَّيَ خَضِيمةً لأَنَّ الرَّاعيةَ تَخْضِمُه كيفَ شاءَتْ.
والخَضِيمَةُ أَيْضًا: الأَرْضُ النَّاعِمَةُ المِنْباتُ وهي الخُضُلَّة أَيْضًا.
والخَضِيمةُ حِنْطَةٌ تُعالَجُ بالطَّبْخِ، وذلِكَ أَنَّها تُؤْخَذُ وتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثم تُجْعَلُ في القِدْرِ ويُصَبُّ عليها ماءٌ فتُطْبَخُ حتى تَنْضَجَ.
وخَضَمَهُ يَخْضِمُهُ خَضْمًا، مِن حَدِّ ضَرَبَ، قَطَعَهُ فاخْتَضَمَهُ.
وخَضَمَ له من مالِهِ: أَعْطاهُ، عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
ورَدَّ ذلِكَ ثَعْلَب وقالَ: إِنّما هو هَضَمَ.
قالَ أَبو ترابٍ: قالَ زائِدَةُ القَيْسِيّ: خَضَفَ بها وخَضَمَ بها إِذا حَبَقَ، وأَنْشَدَ عَرَّامٌ للأَغْلَب:
إن قابَلَ العِرْسَ تَشَكَّى وخَضَمْ
قالَ الأَزْهَرِيُّ: وحَصَمَ مِثْلُه بالحاءِ والصادِ، وقد تقدَّمَ.
والمُخْضِمُ، كمُحْسِن: الماءُ الذي لا يَبْلُغُ أَن يكونَ أُجاجًا يَشْرَبُهُ المالُ ولا يَشْرَبُهُ النَّاسُ.
والمُخَضَّمُ، كمُعَظَّمٍ ومُكْرَمٍ: المُوَسَّعُ عليه في الدُّنْيا؛ وفي المُحْكَم: مِن الدُّنْيا، واقْتَصَرَ على الضَّبْطِ الأوَّلِ.
والخُضُمَّةُ، كحُزُقَّةٍ: الوَسَطُ؛ يقالُ: طَعَنْتُهُ في خُضُمَّتِهِ أَي في وَسَطِه.
وخُضُمَّةُ الذِّراعِ: مُعْظَمُها.
وقيلَ: الخُضُمَّةُ: مُعْظَمُ كلِّ أَمْرٍ، نَقَلَه الجوْهَرِيُّ.
وقالَ الأَصْمَعيُّ: الخُضُمَّةُ مُسْتَغْلَظُ الذِّراع؛ قالَ العجَّاجُ:
خُضُمَّةُ الذِّراعِ هذا المُخْتَلا
ويقالُ: هو في خُضُمَّةِ قوْمِه؛ أَي في مُصاصِهِم وأَوْساطِهِم.
والخِضَمُّ، كخِدَبٍّ: السَّيِّدُ الحَمولُ الجَوادُ المِعْطاءُ الكثيرُ المَعْروفِ، خاصٌّ بالرِّجالِ ولا تُوصَفْ به المرْأَةُ، وهو مجازٌ؛ الجمع: خِضَمُّونَ، ولا يُكَسَّرُ.
والخِضَمُّ: البَحْرُ لكثرَةِ مائِهِ وخيرِهِ؛ ويقالُ: بَحْرٌ خِضَمٌّ؛ قالَ الشاعِرُ:
رَوافِدُهُ أَكْرَمُ الرَّافِدات *** بَخٍ لكَ بَخٍ لبَحْرٍ خِضَمّ!
والخِضَمُّ أَيْضًا: الجَمْعُ الكَثيرُ؛ قالَ العجَّاجُ:
فاجْتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ *** فَخَطَمُوا أَمْرَهُمُ وزَمُّوا
والخِضَمُّ أَيْضًا: الفَرَسُ الضَّخْمُ العَظِيمُ الوَسَطِ، وهو مجازٌ.
وقيلَ: فَرَسٌ خِضَمٌّ: ذو جري.
والخِضَمُّ أَيْضًا: السَّيْفُ القاطِعُ، وهو مجازٌ. وقيلَ: ذو الجوْهَرِ والماءِ، ويقالُ: سَيْفٌ خِضَمٌّ.
والخِضَمُّ أَيْضًا: المِسَنُّ الذي يُسَنُّ عليه الحَدِيدُ؛ قالَهُ ابنُ بَرِّي، قالَ: وكَذلِكَ حَكَاه أَبو عُبَيْدٍ عن الأُمويّ. لأَنَّه إذا شَحَذَ الحَديدَ قَطَعَ. وغَلِطَ الجوْهَرِيُّ فقالَ: هو المُسِنُّ مِن الإِبِلِ.
قالَ ياقوتُ ناسِخُ الصِّحاحِ: هكذا وُجِدَ في نسخٍ مَقْرُؤَةٍ على مشايخَ مُتَّصلَةِ الرِّوايَةِ بالمصنِّفِ وهو غَلَطٌ.
ثم قالَ: في قَوْل أبي وَجْزَةَ، ولم يَذْكرِ البَيْتَ الذي أَشارَ إليه هو هذا:
شاكَتْ رُغامَى قَذوفِ الطَّرْفِ خائِفَةٍ *** هَوْلَ الجَنانِ نَزورٍ غيرِ مِخْداجِ
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنانُ بها *** على خِضَمٍّ يسَقَّى الماءَ عَجّاج
تفسيرُ هذا البَيْت: حَرَّى: فاعِلُ شاكَتْ أَي دَخَلَت في كَبِدِها حَديدَةٌ عَطْشَى إلى دَمِ الوَحْشِ وقد وقّعَها الحَدَّادُ واضْطَرَبَ البَنانُ بِتحْدِيدِها على مِسَنٍّ مَسْقِيٍّ.
وأَوْرَدَه ابنُ سِيْدَه وغيرُه وفسَّرَه فقالَ: شَبَّهها بسَهْمٍ مُوَقَّعٍ قد ماجَتِ الأَصابِعُ في سَنِّه على حَجَرٍ خِضَمٍّ يأْكُلُ الحَدِيدَ، عَجَّاج أَي بصَوْتِه عَجِيجٌ، والحَرَّى: المِرْماة العَطْشَى.
قلُتْ: وقد ذَكَرَه ابنُ فارِسَ في المُجْمَلِ على الصَّوابِ.
ونبَّه على خَطَأِ الجوْهرِيّ غيرُ واحِدِ مِن الأَئمَّةِ كابنِ بَرِّي والصفديّ والصَّاغانيُّ وياقوتُ وغيرُ هؤلاء.
وخَضَّمٌ، كبَقَّمٍ: الجَمْعُ الكَثيرُ من النَّاسِ، ومنه قوْلُ طَريف بنِ مالِكٍ العَنْبريّ:
حَوْلي فَوارِسُ من أُسَيِّدَ شَجْعَةٌ *** وإذا نَزَلْتُ فَحَوْلَ بَيتيَ خَضَّمُ
هكذا أَنْشَدَه ابنُ بَرِّي؛ ورِوايَةُ غيرِهِ:
حَوْلي أُسَيِّدُ والهُجَيْمُ ومازنٌ *** وإِذا حَلَلْتُ فَحَوْلَ بَيْتيَ خَضَّمُ
وخَضَّمٌ: د. وفي بعضِ النسخِ إشارَةُ الموْضِعِ.
وأَيْضًا: اسمُ ماءٍ؛ زادَ الأزْهَرِيُّ: لبَنِي تَمِيمٍ؛ وأَنْشَدَ الجوْهَرِيُّ:
لو لا الإلَهُ سَكَنَّا خَضَّمَا *** ولا ظَلِلْنا بالمَشائي قُيَّمَا
وخَضَّمٌ: اسمُ رجلٍ، أَو هو اسمُ العَنْبَرِ بنِ عَمْرٍو بنِ تَمِيمٍ، كما في الصِّحاحِ وقال أَبو زكريا: خَضَّمٌ لَقَبُه، واسْمُه العَنْبَر وقد غُلِّبَتْ، ونَصُّ الصِّحاح: وقد غلبَ، على القَبيلَةِ، يَزْعمُونَ أَنّهم إنَّما سُمُّوا بذلِكَ لكَثْرَةِ أَكْلِهِم ومَضْغِهِم بالأَضْراسِ، لأَنَّه مِن أَبْنيَةِ الأفْعالِ دوْنَ الأسْماءِ.
وبه فسَّرَ ابنُ بَرِّي قوْلَ طَريف بنِ مالِكٍ السابِقَ.
قالَ الجوْهَرِيُّ: وهو شاذٌّ على ما ذَكَرْناه في بَقَّمَ.
والخُضُمَّانُ من القَميصِ، كالجُرُبَّانِ زِنَةً ومعْنَى.
واخْتَضَمَ الطَّريقَ إذا قَطَعَهُ، قالَ في صفَةِ إِبِلٍ ضُمَّرٍ:
ضَوابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ *** تخْتَضِمُ البِيد بغيرِ تَعْبِ
والسَّيْفُ يَخْتَضِمُ العَظْمَ إذا قَطَعَهُ؛ ومنه قوْلُه:
إنَّ القُساسِيَّ الذي يُعْصَى به *** يَخْتَضِمُ الدَّارِعَ في أَثْوابِهِ
ويَخْتَضِمُ جَفْنَهُ: أَي يَقْطَعُهُ ويأْكُلُه لحِدَّتِهِ، وقد ذَكَرَه الجوْهَرِيُّ في الترْكِيبِ الذي قبْلَه وتقدَّمَتِ الإِشارَةُ إليه. والخَضْمَةُ لُغَةٌ في الخَضْمَةِ، وهي الخرزة المتقدِّمُ ذِكْرُها.
* وممّا يُسْتدْركُ عليه:
الخُضَامُ، كغُرابٍ: ما خُضِمَ.
والخُضَمَةُ، كهُمَزَةٍ: الشَّديدُ الضَّخْمُ.
وخُضمُ الفِراشِ: جانِبُه، هكذا ضَبَطَه أَبو موسَى.
قالَ ابنُ الأَثيرِ: والصَّحِيحُ بالصَّادِ المهْمَلَةِ وقد تقدَّمَ.
ونَقِيعُ الخَضَمَاتِ، بالتَّحريكِ؛ كما ضَبَطَه الجلالُ، أَو كفَرِحَاتٍ كما ضَبَطَه السَّيدُ السمهوديّ، أَو بالكَسْرِ كما ضَبَطَه المصنِّفُ في تارِيخِ المَدينَةِ له: وهو مَوْضِعٌ بنَواحِي المَدينَةِ، وقد جاءَ ذِكْرُه في حدِيْثِ كَعْبِ بنِ مالِكٍ.
والخُضُمَّانِ: مَوْضِعٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
32-تاج العروس (لأي)
[لأي]: ي الَّلأْيُ، كالسَّعْيِ: الإبْطاءُ: يقالُ: لأَى لأْيًا إذا أَبْطَأَ.والَّلأْيُ: الاحْتِباسُ، وأَيْضًا: الشِّدَّةُ. يقالُ: فَعَلَ ذلكَ بَعْدَ لأْي؛ أَي احْتِباسٍ وشِدَّةٍ، عن أَبي عبيدٍ، وأَنْشَدَ لزهير:
فَلأْيًا عَرفْت الدَّارَ بعدَ توهُّم
وقال اللّيْث: لم أَسْمَع العَرَبَ تَجْعلُها مَعْرفةً، يقولونَ: لأَيًا عَرَفْتُ وبَعْدَ لأَي؛ أَي بَعْدَ جَهْدٍ ومَشَقَّةٍ، وما كِدْتُ أَحْمله إِلَّا لأَيًا.
كاللَّأَى، كاللَّعى، بالفَتْحِ مَقْصورٌ، وهو الإبْطاءُ، وأَيْضًا شِدَّةُ العَيْشِ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي:
وليس يُغَيِّرُ خلق الكَرِيمِ *** خُلُوقةُ أَثْوابِه والَّلأَى
قال ابنُ سِيدَه: اللَّأَى مِن المَصادِر التي يَعْمَل فيها ما ليسَ مِن لفْظِها، كقوْلِهم: قَتَلْته صَبْرًا ورأَيْته عَيانًا.
واللَّأْواءُ: وهي الشِّدَّةُ. قال الأَصْمعي وغيرُهُ: يقالُ أَصابَتْهم لأْواءُ ولَولاءُ وشَصا صاءٌ، مَمْدودةٌ كُلّها: الشدَّةُ وتكونُ اللّأْواءُ من شدَّةِ المَرَضِ.
وفي الحديثِ: «مَن كانَ له ثلاثُ بناتٍ فَصَبَرَ على لأْوائِهِنَّ كُنَّ له حِجابًا مِن النارِ». قال ابنُ الأثيرِ: اللّأْواءُ الشدَّةُ وضِيقُ المَعِيشَةِ.
وفي حديثٍ آخر: «مَن صَبَرَ على لأْواءِ المَدينَةِ».
وأَلأَى: وَقَعَ فيها؛ أَي في اللّأْواءِ؛ عن ابنِ السِّكّيت.
والْتَأَى الرَّجلُ: أَفْلَسَ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وأَيْضًا: أَبْطَأَ؛ نقلَهُ الجَوهرِي وابنُ سِيدَه.
واللَّأْي كاللَّعْي؛ أَي بفتْحٍ فسكونٍ؛ كذا في النسخ والصَّوابُ بالتّحْريكِ مَقْصورٌ كما هو نصُّ الصحاحِ؛ الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ، عن أَبي عبيدٍ. ونقلَ عن اللّحْياني أَيْضًا. أَو البَقَرَةُ الوَحْشِيَّةُ، وهو قوْلُ أَبي عَمْرٍو، ورِوايَة عن اللّحْياني، واخْتارَهُ أَبو حنيفَةَ. وأَنْشَدَ ابنُ الأنْبارِي:
يَعْتادُ أدحيةِ يقين بقفرةٍ *** ميثاء يسكنها الَّلأَى والفَرْقَدُ
وحكى أَبو عَمْرٍو: بكَمْ لآكَ هذه: أَي بكَمْ بَقَرَتُك هذه؛ وأَنْشَدَ للطِّرمَّاح:
كظَهْرِ الَّلأَى لو يُبْتَغى رَيَّةٌ بها *** لَعَنَّتْ وشَقَّتْ في بُطُون الشَّواجِنِ
وفي كتابِ أَبي عليٍّ: لو تُبْتَغى رَيَّةٌ به. نهارًا لَعيَّت؛ وهي رِوايةُ يَعْقوب وأَبي موسَى؛ ومَنْ قالَ: لَعَنَّتْ فمِن العَناءِ.
الجمع: أَلآءٌ كأَلْعَاءٍ؛ عن ابنِ الأعرابي.
ووَزنَه الجَوْهرِي بأَجْبالٍ في جَبَلٍ؛ ومنه الحديثُ: وذكر فِتْنَةٍ، «والرَّاوِيةُ يومَئِذٍ يُسْتَقى عليها أَحَبُّ إِليَّ مِن أَلآءٍ»، يريدُ بَعِير يُسْتَقَى عليه يومئِذٍ خَيْر من اقْتِناءِ البَقَرِ والغَنَمِ، كأَنَّه أَرادَ الزِّراعةَ لأنَّ أَكْثَر مَنْ يَقْتَنِي الثِّيران والغَنَم الزَّرَّاعُونَ؛ كذا في النهايةِ.
وهي بهاءٍ؛ قالَ ابنُ الأعْرابي: لآةٌ وأَلأَةٌ زِنَةً لَعَاةٍ وعَلاةٍ.
واللَّأَى: التُّرْسُ.
واللَّأَى: موضع بالمدِينَةِ، على ساكِنِهَا أَفْضَل الصَّلاة والسَّلام.
ولأْيٌ، كلَعْيٍ: موضع آخَرُ بها أَيْضًا.
قال ابنُ سِيدَه: هو نَهْرٌ من بِلادِ مُزَيْنة يدفعُ في العَقِيقِ؛ ومنه قولُ كثير عَزَّة:
عَرَفْتُ الدارَ قد أَقْوَتْ برِيمِ *** إِلى لأْيٍ فمَدْفَعِ ذي يَدُومِ
زادَ الصَّاغاني: وليسَ أَحَدُ اللَّفْظَيْن تَصْحيفًا عن الآخَرِ.
ولأْيٌ: اسْمُ رجُلٍ؛ وهو بسكونِ الهَمْزةِ كما هو المَشْهورُ، نبَّه عليه أَبو زكريا، ووَقَعَ في نسخةِ الصِّحاح مَضْبوطًا كلَعَا، والصَّحِيحُ الأوَّل، وهو لأْيُ بنُ عصمِ بنِ شَمْخِ بنِ فَزارَةَ.
وفي أَسْماءِ العَرَبِ أَيْضًا: لأْيُ بنُ شَمَّاسٍ، ولأْيُ بنُ دُلَفٍ العِجْلِيُّ، ولأْيُ بنُ قَحْطان، وآخَرُون.
تَصْغيرُه لُوَيٌّ، وَوَقَعَ في المقدمَةِ الفاضِلِيَّة لابنِ الجواني أنَّه تَصْغيرُ الَّلأَى كقَفَا، وهو ثَوْرُ الوَحْشُ، وقد قدَّمْنا أنَّ المَعْروفَ أَنَّه تَصْغير لأْي بسكونِ الهَمْزةِ. ومنه لُؤَيُّ بنُ غالِبِ بنِ فِهرٍ، الجدُّ التاسِعُ لسيِّدنا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ والهَمْزُ أَشْبَه. قالَ عليُّ بنُ حَمْزة: العَرَبُ في ذلك مُخْتلفُون، من جَعَلَه مِن الَّلأْي هَمَزَه، ومن جَعَلَه من لِوَى الرَّمْل لم يَهْمِزْه. قال شيْخُنا: قالَ الشيخُ عليُّ الشبراملسي في حواشِيهِ على المَواهِبِ: اقْتُصر عليه لأنَّ النَّقْل عن الاسْمِ أَوْلى من اسْمِ الجِنْسِ. قال شيْخنا: ونقلَهُ شُرَّاحه وأَقَرُّوه وفيه بَحْثٌ أَوْرَدْناه في شرْح السِّيْرةِ الجزريةِ وبيَّنَا أنَّ الأعْلامَ لا تُنْقَل مِن الأعْلامِ وإنَّما تُنْقَل مِن النّكراتِ كما لا يَخْفى.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
التَأَتْ عليَّ الحاجَةُ: تَعَسَّرَتْ.
ولأَيْت في حاجَتِي، بالتَّشْديدِ: أَبْطَأْتُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
33-لسان العرب (ضرج)
ضرج: ضَرَجَ الثوبَ وغيرَه: لَطَخه بِالدَّمِ ونحوِه مِنَ الحُمْرة، وَقَدْ يَكُونُ بالصُّفرة؛ قَالَ يَصِفُ السَّراب عَلَى وَجْهِ الأَرض:فِي قَرْقَرٍ بِلُعاب الشَّمْسِ مَضْرُوج
يَعْنِي السَّرَابَ.
وضَرَّجَه فَتَضَرَّج، وثوبٌ ضَرِج وإِضْرِيج: مُتَضَرِّج بِالْحُمْرَةِ أَو الصُّفرة؛ وَقِيلَ: الإِضْريجُ صِبغ أَحمر، وثوبٌ مُضَرَّج، مِنْ هَذَا؛ وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الإِضْريجُ إِلَّا مِنْ خَزٍّ.
وتَضَرَّج بالدَّم أَي تَلَطَّخ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَرَّ بِي جَعْفَرٌ فِي نَفَرٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مضَرَّج الْجَنَاحَيْنِ بِالدَّمِ»أَي مُلَطَّخًا.
وَكُلُّ شَيْءٍ تَلَطَّخ بِشَيْءٍ، بِدَمٍ أَو غَيْرِهِ، فَقَدْ تَضَرَّج؛ وَقَدْ ضُرِّجَتْ أَثوابه بِدَمِ النَّجيع.
وَيُقَالُ: ضَرَّج أَنْفَه بِدَمٍ إِذا أَدْماه؛ قَالَ مُهَلْهِل:
لَوْ بِأَبانَيْنِ جَاءَ يَخْطُبُها، ***ضُرِّجَ مَا أَنْفُ خاطبٍ بدَمِ
وَفِي كِتَابِهِ لِوائِلٍ: وضَرَّجُوه بالأَضامِيم أَي دَمّوه بالضَّرْب.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الإِضْريجُ الخَزُّ الأَحمر؛ وأَنشد:
وأَكْسِيةُ الإِضْريجِ فَوْقَ المَشاجِبِ
يَعْنِي أَكْسِيةَ خَزٍّ حُمْرًا؛ وَقِيلَ: هُوَ الْخَزُّ الأَصفر؛ وَقِيلَ: هُوَ كِسَاءٌ يُتخذ مِنْ جَيّد المِرْعِزَّى.
اللَّيثُ: الإِضريجُ الأَكسية تُتَّخَذُ مِنَ المِرْعِزَّى مِنْ أَجوده.
والإِضْريجُ: ضَرْبٌ مِنَ الأَكسية أَصفر.
وضَرَجَ الشيءَ ضَرْجًا فانْضَرَج، وضَرَّجه فتَضَرَّج: شقَّه.
والضَّرْج: الشَّقُّ؛ قَالَ ذُو الرُّمة يَصِفُ نِسَاءً:
ضَرَجْنَ البُرُودَ عَنْ تَرائب حُرَّةٍ أَي شَقَقْنَ، وَيُرْوَى بِالْحَاءِ أَي أَلقين.
وَفِي حَدِيثِ المرأَة: «صَاحِبَةِ المَزادَتَيْن تَكاد تَتَضَرَّجُ مِنَ المِلْءِ»أَي تنشقُّ.
وتَضَرَّج الثوبُ: انشقَّ؛ وَقَالَ هِمْيَانٌ يَصِفُ أَنياب الفَحل:
أَوْسَعْنَ مِنْ أَنيابه المَضارِجِ والمَضَارِج: المَشاقُّ.
وتَضَرَّج الثَّوْبُ إِذا تَشَقَّقَ.
وضَرَّجْت الثَّوْبَ تَضْريجًا إِذا صَبَغْته بالحرة، وَهُوَ دُونَ المُشْبَع وَفَوْقَ المُوَرَّدِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «وعَلَيَّ رَيْطَة مُضَرَّجَة»أَي لَيْسَ صِبْغها بالمُشْبَع.
والمَضارِجُ: الثِّيَابُ الخُلْقان تُبْتَذَلُ مِثْلَ المَعاوِز؛ قَالَهُ أَبو عُبَيْدٍ: واحدُها مِضْرَج.
وعينٌ مَضْرُوجة: وَاسِعَةُ الشَّقِّ نَجْلاء؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
تَبَسَّمْنَ عَنْ نَوْرِ الأَقاحِيِّ فِي الثَّرَى، ***وفَتَّرْنَ عَنْ أَبصارِ مَضْرُوجَةٍ نُجْلِ
وانْضَرَجَت لَنَا الطَّرِيقُ: اتَّسَعت.
والانْضِراج: الاتِّساع؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَمَرْتُ لَهُ بِرَاحِلةٍ وبُرْدٍ ***كَريمٍ، فِي حَواشِيه انْضِرَاجُ
وانْضَرَج مَا بَيْنَ الْقَوْمِ: تَباعد مَا بَيْنَهُمْ.
وانْضَرَج الشَّجَرُ: انشقَّت عُيونُ ورَقِه وبَدَتْ أَطْرَافُهُ.
وتَضَرَّجَتْ عَنِ البَقْل لَفائِفُه إِذا انْفَتَحَتْ، وإِذا بَدَتْ ثِمَارُ البُقول مِنْ أَكْمامِها، قِيلَ: انْضَرَجَتْ عَنْهَا لفائفُها أَي انْفتحتْ.
والانْضِراج: الانْشقاق؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
مِمَّا تَعالَتْ مِنَ البُهْمَى ذَوَائِبُها ***بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عَنْهُ الأَكامِيمُ
تَعالَت: ارْتَفَعَتْ.
وذَوائبها: سَفاها.
والأَكامِيم جَمْعُ أَكْمام، وأَكْمام جَمْعُ كِمٍّ، وَهُوَ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الزَّهْرُ.
وضَرَجَ النَّارَ يَضْرِجها: فَتَحَ لَهَا عَيْنًا؛ رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ.
وانضَرَجَتِ العُقاب: انحطَّت مِنَ الجَوِّ كَاسِرَةً.
وانْضَرَج الْبَازِي عَنِ الصَّيْدِ إِذا انْقَضَّ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَتَيْسِ الظِّباء الأَعْفَرِ، انْضَرَجَتْ لَهُ ***عُقابٌ، تَدَلَّتْ مِنْ شَمارِيخ ثَهْلانِ
وَقِيلَ: انْضَرَجَتْ انْبَرَتْ لَهُ؛ وَقِيلَ: أَخَذَتْ فِي شِقٍّ.
أَبو سَعِيدٍ: تَضْريج الْكَلَامِ فِي المَعاذِير هُوَ تَزْوِيقُه وَتَحْسِينُهُ.
وَيُقَالُ: خَيْرُ مَا ضُرِّج بِهِ الصدقُ، وشَرُّ مَا ضُرِّج بِهِ الكذِب.
وَفِي النَّوَادِرِ: أَضْرَجَتِ المرأَة جَيْبَها إِذا أَرْخَتْه.
وضُرِّجتِ الإِبل أَي رَكَضْناها فِي الغَارَة؛ وضَرَجتِ النَّاقَةُ بِجِرَّتِها وجَرَضَتْ.
والإِضْريج: الجَيِّد مِنَ الْخَيْلِ.
أَبو عُبَيْدَةَ: الإِضريج مِنَ الْخَيْلِ الجَواد الْكَثِيرُ العَرَق؛ قَالَ أَبو دُواد:
وَلَقَدْ أَغْتَدِي، يُدافِع رُكْنِي ***أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ، إِضْرِيجُ
وَقَالَ: الإِضْريج الواسِع اللَّبَان؛ وَقِيلَ: الإِضْريجُ الْفَرَسُ الجَواد الشَّدِيدُ العَدْوِ.
وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شَدِيدٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
جِرَاءٌ وَشَدٌّ كالحَريق ضَرِيجُ
والضَّرْجَة والضَّرَجَة: ضَرْب مِنَ الطَّيْرِ.
وضَارِج: اسْمُ مَوْضِعٍ مَعْرُوفٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
تَيَمَّمَتِ العَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضارِجٍ، ***يَفِيءُ عَلَيْهَا الظِّلُّ، عَرْمَضُها طَامِي
قَالَ ابْنُ بَرِّي: ذَكَرَ النَّحَّاسُ أَن الرِّوَايَةَ فِي الْبَيْتِ يفيءُ عَلَيْهَا الطَّلْحُ، ورَوَى بإِسناد ذَكَرَهُ أَنه وفَدَ قَوْمٌ مِنَ اليَمَن عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَحيانا اللَّهُ بِبَيْتَيْنِ مِنْ شِعْرِ امْرِئِ الْقَيْسِ بْنِ حُجْر، قَالَ: وَكَيْفَ ذَلِكَ؟ قَالُوا: أَقبلنا نُرِيدُكَ فضَلَلْنا الطَّرِيقَ فَبَقِينَا ثَلاثًا بِغَيْرِ مَاءٍ، فَاسْتَظْلَلْنَا بالطَّلْح والسَّمُرِ، فأَقبل رَاكِبٌ متلثِّم بِعِمَامَةٍ وَتَمَثَّلَ رَجُلٌ بِبَيْتَيْنِ، وَهُمَا:
ولَمَّا رأَتْ أَن الشَّرِيعة هَمُّها، ***وأَنَّ البَياض مِنْ فَرائِصِها دَامي،
تيَمَّمتِ العَين الَّتِي عِنْدَ ضارِج، ***يفيءُ عَلَيْهَا الطَّلْحُ، عَرمَضها طَامِي
فَقَالَ الرَّاكِبُ: مَنْ يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ؟ قَالَ: امْرُؤُ القيس بن حجر، قال: وَاللَّهِ مَا كَذَبَ، هَذَا ضارِج عِنْدَكُمْ، قَالَ: فَجَثَوْنا عَلَى الرُّكَب إِلى مَاءٍ، كَمَا ذكَر، وَعَلَيْهِ العَرْمَض يَفِيءُ عَلَيْهِ الطَّلْح، فشربْنا رِيَّنا، وحملْنا مَا يَكْفِينَا ويُبَلِّغُنا الطَّرِيقَ، فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ذَاكَ رَجُلٌ مَذْكُورٌ فِي الدُّنْيَا شَرِيفٌ فِيهَا، منسيٌّ فِي الْآخِرَةِ خَامِلٌ فِيهَا، يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَهُ لِوَاءُ الشُّعَرَاءِ إِلى النَّارِ؛ وَقَوْلُهُ:
وَلَمَّا رأَتْ أَن الشَّريعة هَمُّها
الشَّريعة: مَوْرِدُ الْمَاءِ الَّذِي تَشْرَع فِيهِ الدَّوابُّ.
وهمُّها: طَلَبُهَا، وَالضَّمِيرُ فِي رأَتْ للحُمُر؛ يُرِيدُ أَن الْحُمُرَ لَمَّا أَرادت شَرِيعة الْمَاءِ وَخَافَتْ عَلَى أَنفسها مِنَ الرُّماة، وأَن تُدْمَى فَرَائِصُهَا مِنْ سِهَامِهِمْ، عَدَلَتْ إِلى ضارِج لِعَدَمِ الرُّماة عَلَى العَيْنِ الَّتِي فِيهِ.
وضارِج: مَوْضِعٌ فِي بِلَادِ بَنِي عَبْس.
والعَرْمَض: الطُّحْلُب.
وطامي: مرتفع.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
34-لسان العرب (قدد)
قدد: القَدُّ: الْقَطْعُ المستأْصِلُ والشَّقُّ طُولًا.والانْقِدادُ: الِانْشِقَاقُ.
وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ الْقَطْعُ الْمُسْتَطِيلُ، قَدَّه يَقُدُّه قَدَّا.
والقَدُّ: مَصْدَرُ قَدَدْتُ السَّيْرَ وغيرَه أَقُدُّهُ قَدَّا.
والقَدُّ: قَطْعُ الْجِلْدِ وشَقُّ الثَّوْبِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وضربَه بِالسَّيْفِ فقَدَّه بِنِصْفَيْنِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن عَلِيًّا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، كَانَ إِذا اعْتَلى قَدَّ وإِذا اعترَض قطَّ، وَفِي رِوَايَةٍ: كَانَ إِذا تَطَاوَلَ قَدَّ وَإِذَا تَقاصَر قَطَّ» أَي قَطَعَ طُولًا وَقَطَعَ عَرْضًا.
واقْتَدَّه وقَدَّدَه، كَذَلِكَ، وَقَدِ انقدَّ وتقَدَّدَ.
والقِدُّ: الشَّيْءُ المَقْدُودُ بِعَيْنِهِ.
والقِدَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ.
والقِدَّةُ: الفِرْقَةُ والطريقةُ مِنَ النَّاسِ مُشْتُقٌّ مِنْ ذَلِكَ إِذا كَانَ هوَى كلِّ واحِدٍ عَلَى حِدة.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {كُنَّا طَرائِقَ قِدَدًا}.
وتَقَدَّدَ القومُ: تَفَرَّقوا قِددًا وَتَقَطَّعُوا.
قَالَ الْفَرَّاءُ يَقُولُ حِكَايَةً عَنِ الْجِنِّ: كُنَّا فِرَقًا مُخْتَلِفَةً أَهواؤنا.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَدًا، قَالَ: قِدَدًا مُتَفَرِّقِينَ أَي كُنَّا جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ مُسْلِمِينَ وَغَيْرَ مُسْلِمِينَ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ: وأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ، هَذَا تَفْسِيرُ قَوْلِهِمْ: كُنَّا طَرائِقَ قِدَدًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: قِدَدًا جَمْعُ قِدّة مِثْلَ قِطَعٍ وقِطْعَةٍ.
وَصَارَ الْقَوْمُ قِدَدًا: تفرَّقت حَالَاتُهُمْ وأَهواؤهم.
والقدِيدُ: اللَّحْمُ المُقَدَّدُ.
وَالْقَدِيدُ: مَا قُطِعَ مِنَ اللَّحْمِ وشُرِّرَ، وَقِيلَ: هُوَ مَا قُطِعَ مِنْهُ طُوَالًا.
وَفِي حَدِيثِ عُرْوَةَ: «كَانَ يَتَزَوَّدُ قدِيدَ الظِّباءِ وَهُوَ مُحْرِم»، الْقَدِيدُ: اللَّحْمُ المَمْلُوحُ المُجَفَّف فِي الشَّمْسِ، فَعِيل بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.
والقدِيدُ: الثَّوْبُ الخَلَقُ أَيضًا.
والتَّقْدِيدُ: فِعْلُ القَدِيد.
والقِدُّ: السَّيْرُ الَّذِي يُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ.
والقِدُّ، بِالْكَسْرِ: سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الصَّعْقِ:
فَرَغْتُمْ لِتَمْرِينِ السِّياطِ، وكُنتُمُ ***يُصَبُّ عليكُمْ بالقَنا كلَّ مَرْبَعِ
فأَجابه بَعْضُ بَنِي أَسد:
أَعِبْتُمْ عَلَيْنَا أَن نُمَرِّنَ قِدَّنا؟ ***ومَنْ لَمْ يُمَرِّنْ قِدَّهُ يَتَقَطَّعِ
وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ.
والقِدُّ: الْجِلْدُ أَيضًا تُخْصَفُ بِهِ النِّعالُ.
والقِدُّ: سُيور تُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ فَطِيرٍ غيرِ مَدْبُوغٍ، فَتُشَدُّ بِهَا الأَقتاب وَالْمَحَامِلُ، والقِدَّةُ أَخص مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَقابُ قَوْسِ أَحدِكم وَمَوْضِعُ قِدِّه فِي الْجَنَّةِ خيرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا، القِدّ، بِالْكَسْرِ: السَّوط وَهُوَ فِي الأَصل سَيْرٌ يُقَدُّ مِنْ جِلْدٍ غَيْرِ مَدْبُوغٍ، » أَي قدْرُ سَوْطِ أَحَدِكم وقدرُ الْمَوْضِعِ الذِي يَسَعُ سوطَه مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنِيَا وَمَا فِيهَا.
والمِقَدَّةُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي يُقَدُّ بِهَا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ القِدُّ النعْلَ سُمِّيَتْ قِدًّا لأَنها تُقَدُّ مِنَ الْجِلْدِ، قَالَ وَرَوَى ابْنُ الأَعرابي: كَسِبْتِ اليَماني قِدُّهُ لَمْ يُجَرَّد بِالْجِيمِ وقِدُّه بِالْقَافِ، وَقَالَ: القِدُّ النَّعْلُ لَمْ تُجَرَّدْ مِنَ الشَّعْرِ فَتَكُونَ أَليَن لَهُ، وَمَنْ رَوَى قَدّه لَمْ يُحَرَّد، أَراد مِثالَه لَمْ يُعَوَّجِ، وَالتَّحْرِيدُ: أَن تَجْعَلَ بَعْضَ السَّيْرِ عَرِيضًا وَبَعْضَهُ دَقِيقًا.
وقَدَّ الكلامَ قَدًّا: قَطَعَهُ وَشَقَّهُ.
وَفِي حَدِيثِ سَمُرَةَ: «نَهَى أَن يُقَدَّ السَّيْرُ بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ» أَي يُقْطَع ويُشَقَّ لِئَلًا يَعْقِرَ الحديدُ يَدَهُ، وَهُوَ شَبِيهُ نَهْيِهِ أَن يُتعاطَى السيفُ مَسْلُولًا.
والقَدُّ: الْقَطْعُ طُولًا كَالشَّقِّ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، يَوْمَ السَّقيفَةِ: «الأَمر بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كَقَدِّ الأُبْلُمَة»؛ أي كَشَقِّ الْخُوصَةِ نِصْفَيْنِ.
واقَتَدَّ الأُمورَ: اشتقَّها وَمَيَّزَهَا وَتَدَبَّرَهَا، وَكِلَاهُمَا عَلَى الْمَثَلِ.
وقَدَّ المُسافِرُ المفازَةَ وقَدَّ الفَلاةَ والليلَ قَدًّا: خَرَقهما وَقَطَعَهُمَا.
وقَدَّتْه الطرِيقُ تَقُدُّه قَدًّا: قطعَتْه.
والمَقَدُّ، بِالْفَتْحِ: القاعُ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُسْتَوِي.
والمَقَدُّ: مَشْقُ القُبُلِ.
والقَدُّ: القامةُ.
والقَدُّ: قَدْرُ الشَّيْءِ وَتَقْطِيعُهُ، وَالْجَمْعُ أَقُدٌّ وقُدُود، وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «أُتِيَ بِالْعَبَّاسِ يومَ بَدْرٍ أَسيرًا وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ فَنَظَرَ لَهُ النَّبِيُّ» صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَمِيصًا فَوَجَدُوا قميصَ عبدِ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ يُقَدَّدُ عَلَيْهِ فَكَسَاهُ إِياه أَي كَانَ الثوبُ عَلَى قَدْرِه وطولهِ.
وَغُلَامٌ حسنُ القَدِّ أَي الِاعْتِدَالِ وَالْجِسْمِ.
وَشَيْءٌ حسَن القَدِّ أَي حسنُ التَّقْطِيعِ.
يُقَالُ: قُدَّ فلانٌ قَدَّ السَّيْفِ أَي جُعِلَ حسَنَ التَّقْطِيعِ، وَقَوْلُ النَّابِغَةُ:
ولِرَهْطِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ ***فِي المَجْدِ، لَيْسَ غُرابُها بِمُطارِ
قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُمَا رَجُلَانِ مِنْ أَسد.
والقَدُّ: جِلْدُ السَّخْلَةِ، وَقِيلَ: السخلةُ الماعِزةُ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: هُوَ المَسْكُ الصَّغِيرُ فَلَمْ يُعَيِّنِ السَّخْلَةَ، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَقُدٌّ، وَالْكَثِيرُ قِدادٌ وأَقِدَّةٌ، الأَخيرة نَادِرَةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن امرأَة أَرسَلَت إِلى رسولِ اللَّه، صَلَّى اللَّه عليه وَسَلَّمَ، بِجَدْيَيْنِ مَرْضُوفَيْن وقَدٍّ، أَراد سِقاءً صَغِيرًا مُتَّخَذًا مِنْ جِلْدِ السَّخْلَةِ فِيهِ لَبن، وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ».
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «كَانُوا يأْكلون القَدَّ»، يُرِيدُ جِلْدَ السخلةِ فِي الجَدْب.
وَفِي الْمَثَلِ: مَا يَجْعَلُ قدَّك إِلى أَدِيمِك أَي مَا يَجْعَلُ الشَّيْءَ الصَّغِيرَ إِلى الْكَبِيرِ، وَمَعْنَى هَذَا الْمَثَلِ: أَي شَيْءٍ يَحْمِلُكَ عَلَى أَن تجعلَ أَمرَكَ الصَّغِيرَ عَظِيمًا، يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ يَتَعَدَّى طَوْرَه أَي مَا يَجْعَلُ مَسْكَ السَّخْلَةِ إِلى الأَديم وَهُوَ الْجِلْدُ الْكَامِلُ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: القَدُّ هَاهُنَا الْجِلْدُ الصَّغِيرُ أَي مَا يَجْعَلُ الْكَبِيرَ مِثْلَ الصَّغِيرِ.
وَفِي حَدِيثِ أُحد: «كَانَ أَبو طَلْحَةَ شَدِيدَ القِدِّ»، إِن رُوِيَ بِالْكَسْرِ فَيُرِيدُ بِهِ وَتَرَ الْقَوْسِ، وإِن رُوِيَ بِالْفَتْحِ فَهُوَ المَدُّ وَالنَّزْعُ فِي الْقَوْسِ.
وَمَا لَهُ قَدٌّ وَلَا قِحْفٌ، القَدُّ الجِلدُ والقِحْفُ الكِسْرَةُ مِنَ القَدَح، وَقِيلَ: القَدُّ إِناء مِنْ جُلُودٍ، والقِحْفُ إِناء مِنْ خَشَبٍ.
والقُدادُ: الحَبْنُ، وَمِنْهُ قَوْلُ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، إِنا لَنَعْرِفُ الصِّلاءَ بالصِّناب والفَلائقَ والأَفْلاذَ والشِّهادَ بالقُدادِ، والقُدادُ: وَجَعٌ فِي الْبَطْنِ، وقَدْ قُدَّ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الزُّبَيْرِ: «قَالَ لِمُعَاوِيَةَ فِي جَوَابٍ: رُبَّ آكلِ عَبِيطٍ سَيُقَدُّ عَلَيْهِ وشارِبِ صَفْوٍ سَيَغَصُّ بِهِ»، هُوَ مِنَ القُدادِ وَهُوَ دَاءٌ فِي الْبَطْنِ، وَيَدْعُو الرَّجُلُ عَلَى صَاحِبِهِ فِيقُولُ: حَبَنًا قُدادًا.
والحَبَنُ: مَصْدَرُ الأَحْبَنِ وَهُوَ الَّذِي بِهِ السِّقْيُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَجَعَلَهُ اللَّه حَبَنًا وقُدادًا، والحَبَنُ: الِاسْتِسْقَاءُ».
ابْنُ شُمَيْلٍ: نَاقَةٌ مُتَقَدِّدَةٌ إِذا كَانَتْ بَيْنَ السِّمَن والهُزال، وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ سَمِينَةً فَخَفَّتْ، أَو كَانَتْ مَهْزُولَةً فابتدأَت فِي السِّمْنِ، يُقَالُ: كَانَتْ مَهْزُولَةً فتَقَدَّدَتْ أَي هُزِلَتْ بعضَ الْهُزَالِ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَوزاعي فِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ: لَا يُقْسَمُ مِنَ الغنيمةِ للعبدِ وَلَا للأَجيرِ وَلَا للقَدِيدِيِّينَ، فالقَدِيدِيون هُمْ تُبَّاعُ العسكرِ والصُّناعُ كالحدَّادِ والبَيْطارِ، مَعْرُوفٌ فِي كَلَامِ أَهل الشَّامِ، صَانَهُ اللَّه تَعَالَى، قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا يُرْوَى بِالْقَافِ وَكَسْرِ الدَّالِ، وَقِيلَ: هُوَ بِضَمِّ الْقَافِ وفتح الدال، كأَنهم لِخِسَّتِهِمْ يَكْتَسُونَ القَدِيدَ وَهُوَ مِسحٌ صَغِيرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مِنَ التَّقَدُّدِ والتفرُّقِ لأَنهم يَتَفَرَّقون فِي الْبِلَادِ لِلْحَاجَةِ وتَمزُّقِ ثِيَابِهِمْ وتصغيرُهُم تحقيرٌ لشأْنهم.
ويُشتَمُ الرَّجُلُ فِيقَالُ لَهُ: يَا قَدِيدِيُّ وَيَا قُدَيْدِيُّ.
والمَقَدُّ: المكانُ المستوِي.
والقُدَيْدُ: مُسَيْحٌ صَغِيرٌ.
والقُدَيْدُ: رَجُلٌ.
والمِقْدَادُ: اسْمُ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وأَما قَوْلُ جَرِيرٍ:
إِنَّ الفَرَزْدَقَ، يَا مِقْدادُ، زائِرُكُم، ***يَا وَيْلَ قَدٍّ عَلَى مَنْ تُغْلَقُ الدارُ!
أَراد بِقَوْلِهِ يَا وَيْلَ قَدٍّ: يَا وَيل مِقْدادٍ فَاقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِ حُرُوفِهِ كَمَا قَالَ الحُطَيْئَةُ" مِنْ صُنْع سلَّامِ" وإِنما أَراد سُلَيْمَانُ، وَقَالَ أَبو سَعِيدٍ فِي قَوْلِ الأَعشى:
إِلا كخارِجَةَ المُكَلِّفِ نفسَه أَراد: كَخَيْرَجَانَ مَلِكِ فَارِسَ، فَسَمَّاهُ خَارِجَةَ.
والقُدَيْدُ: اسْمُ مَاءٍ بِعَيْنِهِ.
وَفِي الصِّحَاحِ: وقُدَيْدٌ ماءٌ بِالْحِجَازِ، وَهُوَ مُصَغَّرٌ وَوَرَدَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ.
ابْنُ سِيدَهْ: وقُدَيدٌ مَوْضِعٌ وَبَعْضُهُمْ لَا يَصْرِفُهُ يَجْعَلُهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُ عِيسَى بْنِ جَهْمَةَ اللَّيْثِيِّ وذُكِرَ قَيسُ بْنُ ذُرَيْح فَقَالَ: كَانَ رَجُلًا مِنَّا وَكَانَ ظَرِيفًا شَاعِرًا، وَكَانَ يَكُونَ بمكة وذويها مِنْ قُدَيْد وسَرف وَحَوْلَ مَكَّةَ فِي بَوَادِيهَا كُلِّهَا.
وقُدَيْدٌ: فَرَسُ عَبْس بنِ جَدَّانِ.
وقُدْقُداء: مَوْضِعٌ، عَنِ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: عَلَى مَنْهَلٍ مِنْ قُدْقُداءَ ومَوْرِدٍ وَقَدْ تُفتح.
وَذَهَبَتِ الْخَيْلُ بِقِدَّان، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَلَمْ يُفَسِّرْهُ.
والقَيْدُودُ: النَّاقَةُ الطويلةُ الظَّهْرِ، يُقَالُ: اشْتِقَاقُهُ مِنَ القَوْدِ مِثْلَ الكَيْنُونَةِ مِنَ الكَوْنِ، كأَنها فِي مِيزَانِ فَيْعُولٍ وَهِيَ فِي اللَّفْظِ فَعْلُولٌ، وإِحدى الدَّالَيْنِ مِنَ الْقَيْدُودِ زَائِدَةٌ، قَالَ وَقَالَ بَعْضُ أَصحاب التَّصْرِيفِ: إِنما أَراد تَثْقِيلَ فَيْعُولٍ بِمَنْزِلَةِ حَيدٍ وحَيْدُوْدٍ، وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ تُرِكَ عَلَى لَفْظِ كُوْنُونة فَلَمَّا قَبُحَ دُخُولُ الْوَاوَيْنِ والضماتِ حَوَّلُوا الْوَاوَ الأُولى يَاءً لِيُشَبِّهُوهَا بفَيْعُولٍ، ولأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ بِنَاءٌ عَلَى فُوعُولٍ حَتَّى إِنهم قَالُوا فِي إِعراب نَوْرُوز نَيْرُوزًا فِرَارًا مِنَ الْوَاوِ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ عَنْ أَبي عَمْرٍو: المَقْدِيُّ، بِتَخْفِيفِ الدَّالِ، ضَرْب مِنَ الشَّرَابِ، وَسَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا ذَكَرَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ.
قَالَ شَمِرٌ: وَسَمِعْتُ رَجاء بْنَ سلَمَة يَقُولُ: المَقَدِّيُّ طِلاءٌ مُنَصَّفٌ يُشَبَّه بِمَا قُدّ بِنِصْفِينِ.
وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الأَشربة: المَقَدِّيُّ هُوَ طِلَاءٌ مُنَصَّفٌ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ نصفُه تَشْبِيهًا بِشَيْءٍ قُدَّ بِنِصْفَيْنِ، وقَدْ تُخَفَّفُ دَالُهُ.
وَقَدْ، مُخَفَّفٌ: كَلِمَةٌ مَعْنَاهَا التَّوَقُّعُ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ حَرْفٌ لَا يَدْخُلُ إِلَّا عَلَى الأَفعال، قَالَ الْخَلِيلُ: هِيَ جَوَابٌ لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ الْخَبَرَ أَو لِقَوْمٍ يَنْتَظِرُونَ شَيْئًا، تَقُولُ: قَدْ مَاتَ فُلَانٌ، وَلَوْ أَخبره وَهُوَ لَا يَنْتَظِرُهُ لَمْ يَقُلْ قَدْ مَاتَ وَلَكِنْ يَقُولُ مَاتَ فُلَانٌ، وَقِيلَ: هِيَ جَوَابُ قَوْلِكَ لَمَّا يَفْعَلْ فِيقُولُ قَدْ فعَل، قَالَ النَّابِغَةُ:
أَفِدَ التَّرَحُّلُ، غَيْرَ أَنَّ رِكابَنا ***لَمَّا تَزُلْ بِرِحالِنا، وكأَنْ قَدِ
أَي وكأَن قَدْ زَالَتْ فَحَذَفَ الْجُمْلَةَ.
التَّهْذِيبِ: وَقَدْ حَرْفٌ يوجَبُ بِهِ الشيءُ كَقَوْلِكَ قَدْ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَالْخَبَرُ أَن تَقُولَ كَانَ كَذَا وَكَذَا فَأُدْخِلَ قَدْ تَوْكِيدًا لِتَصْدِيقِ ذَلِكَ، قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ فِي مَوْضِعٍ تُشْبِهُ رُبَّمَا وَعِنْدَهَا تَمِيلُ قَدْ إِلى الشَّكِّ، وَذَلِكَ إِذَا كَانَتْ مَعَ الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ والأَلف فِي الْفِعْلِ كَقَوْلِكَ، قَدْ يَكُونُ الَّذِي تَقُولُ.
وَقَالَ النَّحْوِيُّونَ: الْفِعْلُ الْمَاضِي لَا يَكُونُ حَالًا إِلا بِقَدْ مُظْهَرًا أَو مُضْمَرًا، وَذَلِكَ مِثْلُ قوله تعالى: {أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ}، لَا تَكُونُ حَصِرَتْ حَالًا إِلا بإِضمار قَدْ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْواتًا}، الْمَعْنَى وَقَدْ كُنْتُمْ أَمواتًا وَلَوْلَا إِضمار قَدْ لَمْ يَجُزْ مِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ، أَلا تَرَى أَن قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي سُورَةِ يُوسُفَ: إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ، الْمَعْنَى فَقَدْ كَذَبَتْ.
قَالَ الأَزهري: وأَما الْحَالُ فِي الْمُضَارِعِ فَهُوَ سَائِغٌ دُونَ قَدْ ظَاهِرًا أَو مُضْمَرًا، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما قَوْلُهُ: إِذا قِيلَ: مَهْلًا، قَالَ حاجِزُهُ: قَدِ فَيَكُونُ جَوَابًا كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَيْتِ النَّابِغَةِ وكأَنْ قَدِ، وَالْمَعْنَى أَي قَدْ قَطَعَ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ قَدْك أَي حَسْبُك لأَنه قَدْ فَرَغَ مِمَّا أُريد مِنْهُ فَلَا مَعْنَى لرَدْعِكَ وزَجْرِك، وَتَكُونُ قَدْ مَعَ الأَفعال الْآتِيَةِ بِمَنْزِلَةِ رُبَّمَا، قَالَ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أَنامِلُه، ***كأَنّ أَثوابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصادِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لِعَبِيدِ بْنِ الأَبرص.
وَتَكُونَ قَدْ مِثْلَ قَطْ بِمَنْزِلَةِ حَسْبُ، يَقُولُونَ: مَا لَكَ عِنْدِي إِلا هَذَا فَقَدْ أَي فَقَطْ، حَكَاهُ يَعْقُوبُ وَزَعَمَ أَنه بَدَلٌ فَتَقُولُ قَدْيِ وَقَدْنِي، وأَنشد: إِلى حَمامَتِنا ونِصْفُه فَقَدِ وَالْقَوْلُ فِي قَدْني كَالْقَوْلِ فِي قَطْني، قَالَ حُمَيْدٌ الأَرقط: قَدْنيَ مِنْ نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَما قَوْلُهُمْ قَدْكَ بِمَعْنَى حَسْبُكَ فَهُوَ اسْمٌ، تَقُولُ قَدِي وقَدْني أَيضًا، بِالنُّونِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ لأَن هَذِهِ النُّونَ إِنما تُزادُ فِي الأَفعال وِقايةً لَهَا، مِثْلَ ضَرَبني وشَتَمَني، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وهَمَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ إِن النُّونَ فِي قَوْلِهِ قَدْني زِيدَتْ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وجعَل نُونَ الوقايَةِ مَخْصُوصَةً بِالْفِعْلِ لَا غَيْرَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وإِنما تُزَادُ وِقايَةً لِحَرَكَةٍ أَو سُكُونٍ فِي فِعْلٍ أَو حَرْفٍ كَقَوْلِكَ فِي مِنْ وعَنْ إِذا أَضفتهما إِلى نَفْسِكَ مِنِّي وعَنِّي فَزِدْتَ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى نُونُ مِنْ وَعَنْ عَلَى سُكُونِهَا، وَكَذَلِكَ فِي قَدْ وَقَطْ تَقُولُ قَدْنِي وَقَطْنِي فَتَزِيدُ نُونَ الْوِقَايَةِ لِتَبْقَى الدَّالُ وَالطَّاءُ عَلَى سُكُونِهِمَا، قَالَ: وَكَذَلِكَ زَادُوهَا فِي لَيْتَ فَقَالُوا لَيْتَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ التَّاءِ عَلَى حَالِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي ضَرَبَ ضَرَبَنِي لِتَبْقَى حَرَكَةُ الْبَاءِ عَلَى فَتْحَتِهَا، وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي اضْرِبْ اضْرِبْنِي أَيضًا أَدخلوا نُونَ الْوِقَايَةِ عَلَيْهِ لِتَبْقَى الْبَاءُ عَلَى سُكُونِهَا، وأَراد حُمَيْدٌ بالخُبَيْبَينِ عبدَ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ وأَخاه مُصْعَبًا، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالشَّاهِدُ فِي الْبَيْتِ أَنه يُقَالُ قَدْني وقَدِي بِمَعْنًى، وأَما الأَصل قَدِي بِغَيْرِ نُونٍ، وَقَدْنِي بِالنُّونِ شاذٌّ أُلحقت النُّونُ فِيهِ لِضَرُورَةِ الْوَزْنِ، قَالَ: فالأَمر فِيهِ بِعَكْسِ مَا قَالَ وأَن قَدْنِي هُوَ الأَصل وَقَدِي حُذِفَتِ النُّونُ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ.
وَفِي صِفَةِ جَهَنَّمَ، نَعُوذُ باللَّه مِنْهَا، فِيقَالُ: هَلِ امْتَلَأْتِ؟ فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ حَتَّى إِذا أُوعِبُوا فِيهَا قَالَتْ قَدْ قَدْ أَي حَسْبي حَسْبي، وَيُرْوَى بِالطَّاءِ بَدَلَ الدَّالِ وَهُوَ بِمَعْنَاهُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ التَّلْبِيَةِ: فَيَقُولُ قَدْ قَدْ بِمَعْنَى حَسْبُ، وَتَكَرَارُهَا لتأْكيد الأَمر، وَيَقُولُ الْمُتَكَلِّمُ: قَدِي أَي حَسْبِي، والمخاطِب: قَدْكَ أَي حَسْبُكَ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ، أَنه قَالَ لأَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّه عَنْهُ: «قَدْكَ يَا أَبا بَكْرٍ».
قَالَ: وَتَكُونُ قَدْ بِمَنْزِلَةِ مَا فيُنفى بِهَا، سُمِعَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ يَقُولُ: قَدْ كنتَ فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَه وإِن جَعَلْتَ قَدْ اسْمًا شَدَّدْتَهُ فَتَقُولُ: كَتَبْتُ قَدًّا حَسَنَةً وَكَذَلِكَ كَيْ وَهُوَ وَلَوْ لأَن هَذِهِ الْحُرُوفَ لَا دَلِيلَ عَلَى مَا نَقَصَ مِنْهَا، فِيجِبُ أَن يُزَادَ فِي أَواخرها مَا هُوَ مِنْ جِنْسِهَا ويُدْغَمَ، إِلا فِي الأَلف فإِنك تَهْمِزُهَا وَلَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا بِلَا أَو مَا ثُمَّ زِدْتَ فِي آخِرِهِ أَلفًا هَمَزْتَ لأَنك تُحَرِّكُ الثَّانِيَةَ والأَلف إِذا تَحَرَّكَتْ صَارَتْ هَمْزَهُ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لَوْ سَمَّيْتَ بِقَدْ رَجُلًا لَقُلْتَ: هَذَا قَدٌّ، بِالتَّشْدِيدِ، قَالَ: هَذَا غَلَطٌ مِنْهُ إِنما يَكُونُ التَّضْعِيفُ فِي الْمُعْتَلِّ كَقَوْلِكَ فِي هُوَ اسمَ رَجُلٍ: هَذَا هُوٌّ، وَفِي لَوْ: هَذَا لَوٌّ، وَفِي فِي: هَذَا فِيٌّ، وأَما الصَّحِيحُ فَلَا يُضَعَّفُ فَتَقُولُ فِي قَدٍ: هَذَا قَدٌ ورأَيت قَدًا وَمَرَرْتُ بِقَدٍ، كَمَا تَقُولُ: هَذِهِ يَدٌ ورأَيت يَدًا ومررت بِيَدٍ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
35-لسان العرب (حور)
حور: الحَوْرُ: الرُّجُوعُ عَنِ الشَّيْءِ وإِلى الشَّيْءِ، حارَ إِلى الشَّيْءِ وَعَنْهُ حَوْرًا ومَحارًا ومَحارَةً وحُؤُورًا: رَجَعَ عَنْهُ وإِليه؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ: " فِي بِئْرِ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ "أَراد: فِي بِئْرٍ لَا حُؤُورٍ، فأَسكن الْوَاوَ الأُولى وَحَذَفَهَا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ بَعْدَهَا؛ قَالَ الأَزهري: وَلَا صِلَةَ فِي قَوْلِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا قَائِمَةَ فِي هَذَا الْبَيْتِ صَحِيحَةٌ، أَراد فِي بِئْرِ مَاءٍ لَا يُحِيرُ عَلَيْهِ شَيْئًا.الْجَوْهَرِيُّ: حارَ يَحُورُ حَوْرًا وحُؤُورًا رَجَعَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ دَعَا رَجُلًا بِالْكُفْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ حارَ عَلَيْهِ»؛ أَي رَجَعَ إِليه مَا نُسِبَ إِليه؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَائِشَةَ: فَغَسلْتها ثُمَّ أَجْففتها ثُمَّ أَحَرْتها إِليه "؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِ السَّلَفِ: " لَوْ عَيَّرْتُ رَجُلًا بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بِي دَاؤُهُ أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وَكُلُّ شَيْءٍ تَغَيَّرَ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ، فَقَدْ حارَ يَحُور حَوْرًا؛ قَالَ لَبِيدٌ:
وَمَا المَرْءُ إِلَّا كالشِّهابِ وضَوْئِهِ، ***يَحُورُ رَمادًا بَعْدَ إِذْ هُوَ ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رَجَعَتْ مِنْ مَوْضِعِهَا، وأَحارَها صاحِبُها؛ قَالَ جَرِيرٌ:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى ***يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لَا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري: وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لَا أُحِيرُها أَبو عَمْرٍو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرُّجُوعُ.
يُقَالُ: حارَ بعد ما كارَ.
والحَوْرُ: النُّقْصَانُ بَعْدَ الزِّيَادَةِ لأَنه رُجُوعٌ مِنْ حَالٍ إِلى حَالٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ»؛ مَعْنَاهُ مِنَ النُّقْصَانِ بَعْدَ الزِّيَادَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مِنْ فَسَادِ أُمورنا بَعْدَ صَلَاحِهَا، وأَصله مِنْ نَقْضِ الْعِمَامَةِ بَعْدَ لَفِّهَا، مأْخوذ مِنْ كَوْرِ الْعِمَامَةِ إِذا انْتَقَضَ لَيُّها وَبَعْضُهُ يَقْرُبُ مِنْ بَعْضٍ، وَكَذَلِكَ الحُورُ، بِالضَّمِّ.
وَفِي رواية: بعدالكَوْن؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: سُئِلَ عَاصِمٌ عَنْ هَذَا فَقَالَ: أَلم تَسْمَعْ إِلى قولهم: حارَ بعد ما كَانَ؟ يَقُولُ إِنه كَانَ عَلَى حَالَةٍ جَمِيلَةٍ فَحَارَ عَنْ ذَلِكَ أَي رَجَعَ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: وَقِيلَ مَعْنَاهُ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الرُّجُوعِ والخُروج عَنِ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ الكَوْرِ، مَعْنَاهُ بَعْدَ أَن كُنَّا فِي الكَوْرِ أَي فِي الْجَمَاعَةِ؛ يُقَالُ كارَ عِمامَتَهُ عَلَى رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها.
وَفِي الْمَثَلِ: حَوْرٌ فِي مَحَارَةٍ؛ مَعْنَاهُ نُقْصَانٌ فِي نُقْصَانٍ وَرُجُوعٌ فِي رُجُوعٍ، يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ إِذا كَانَ أَمره يُدْبِرُ.
والمَحارُ: الْمَرْجِعُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
نَحْنُ بَنُو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّاسُ ***كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وَقَالَ سُبَيْعُ بْنُ الخَطِيم، وَكَانَ بَنُو صُبْح أَغاروا عَلَى إِبله فَاسْتَغَاثَ بِزَيْدِ الْفَوَارِسِ الضَّبِّيّ فَانْتَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَقَالَ يَمْدَحُهُ:
لَوْلَا الإِلهُ وَلَوْلَا مَجْدُ طالِبِها، ***لَلَهْوَجُوها كَمَا نَالُوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا، ***والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ فِي حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لَا يُبالغ فِي إِنضاج اللَّحْمِ أَي أَكلوا لَحْمَهَا مِنْ قَبْلِ أَن يَنْضَجَ وَابْتَلَعُوهُ؛ وَقَوْلُهُ: " وَالذَّمُّ يَبْقَى وزاد القوم في حور "يُرِيدُ: الأَكْلُ يَذْهَبُ وَالذَّمُّ يَبْقَى.
ابْنُ الأَعرابي: فُلَانٌ حَوْرٌ فِي مَحارَةٍ؛ قَالَ: هَكَذَا سَمِعْتُهُ بِفَتْحِ الْحَاءِ، يُضْرَبُ مَثَلًا لِلشَّيْءِ الَّذِي لَا يَصْلُحُ أَو كَانَ صَالِحًا فَفَسَدَ.
والمَحارة: الْمَكَانُ الَّذِي يَحُور أَو يُحارُ فِيهِ.
وَالْبَاطِلُ فِي حُورٍ أَي فِي نَقْصٍ وَرُجُوعٍ.
وإِنك لَفِي حُورٍ وبُورٍ أَي فِي غَيْرِ صَنْعَةٍ وَلَا إِجادة.
ابْنُ هَانِئٍ: يُقَالُ عِنْدَ تأْكيد المَرْزِئَةِ عَلَيْهِ بِقِلَّةِ النَّمَاءِ: مَا يَحُور فُلَانٌ وَمَا يَبُورُ، وَذَهَبَ فُلَانٌ فِي الحَوَارِ والبَوَارِ، بِفَتْحِ الأَول، وَذَهَبَ فِي الحُورِ والبُورِ أَي فِي النُّقْصَانِ وَالْفَسَادِ.
وَرَجُلٌ حَائِرٌ بَائِرٌ، وَقَدْ حارَ وبارَ، والحُورُ الْهَلَاكُ وَكُلُّ ذَلِكَ فِي النُّقْصَانِ وَالرُّجُوعِ.
والحَوْرُ: مَا تَحْتَ الكَوْرِ مِنَ الْعِمَامَةِ لأَنه رُجُوعٌ عَنْ تَكْوِيرِهَا؛ وكلَّمته فَمَا رَجَعَ إِلَيَّ حَوَارًا وحِوارًا ومُحاوَرَةً وحَوِيرًا ومَحُورَة، بِضَمِّ الْحَاءِ، بِوَزْنِ مَشُورَة أَي جَوَابًا.
وأَحارَ عَلَيْهِ جَوَابَهُ: ردَّه.
وأَحَرْتُ لَهُ جَوَابًا وَمَا أَحارَ بِكَلِمَةٍ، وَالِاسْمُ مِنَ المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تَقُولُ: سَمِعْتُ حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: الْمُجَاوَبَةُ.
والتَّحاوُرُ: التَّجَاوُبُ؛ وَتَقُولُ: كلَّمته فَمَا أَحار إِليَّ جَوَابًا وَمَا رَجَعَ إِليَّ خَوِيرًا وَلَا حَوِيرَةً وَلَا مَحُورَةً ولا حِوَارًا [حَوَارًا] أَي مَا ردَّ جَوَابًا.
وَاسْتَحَارَهُ أَي اسْتَنْطَقَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ: «يَرْجِعُ إِليكما ابْنَاكُمَا بِحَوْرِ مَا بَعَثْتُما بِه»أَي بِجَوَابِ ذَلِكَ؛ يُقَالُ: كلَّمته فَمَا رَدَّ إِليَّ حَوْرًا؛ أي جَوَابًا؛ وَقِيلَ: أَراد بِهِ الْخَيْبَةَ والإِخْفَاقَ.
وأَصل الحَوْرِ: الرُّجُوعُ إِلى النَّقْصِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُبادة: يُوشِك أَن يُرَى الرجُل مِنْ ثَبَجِ الْمُسْلِمِينَ قُرَّاء الْقُرْآنِ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأَعاده وأَبْدَأَه لَا يَحُورُ فِيكُمْ إِلا كَمَا يَحُور صاحبُ الْحِمَارِ الْمَيِّتِ أَي لَا يَرْجِعُ فِيكُمْ بِخَيْرٍ وَلَا يَنْتَفِعُ بِمَا حَفِظَهُ مِنَ الْقُرْآنِ كَمَا لَا يَنْتَفِعُ بِالْحِمَارِ الْمَيِّتِ صَاحِبُهُ.
وَفِي حَدِيثِ سَطِيحٍ: «فَلَمْ يُحِرْ جَوَابًا»أَي لَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يَرُدَّ.
وَهُمْ يَتَحاوَرُون أَي يَتَرَاجَعُونَ الْكَلَامَ.
والمُحاوَرَةُ: مُرَاجَعَةُ الْمَنْطِقِ وَالْكَلَامِ فِي الْمُخَاطَبَةِ، وَقَدْ حَاوَرَهُ.
والمَحُورَةُ: مِنَ المُحاوَرةِ مَصْدَرٌ كالمَشُورَةِ مِنَ المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛ وأَنشد:
لِحاجَةِ ذِي بَثٍّ ومَحْوَرَةٍ لَهُ، ***كَفَى رَجْعُها مِنْ قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وَمَا جَاءَتْنِي عَنْهُ مَحُورَة أَي مَا رَجَعَ إِليَّ عَنْهُ خَبَرٌ.
وإِنه لَضَعِيفُ الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وَقَوْلُهُ:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَوارَهُ [حِوارَهُ] ***عَلَى النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
وَيُرْوَى: حَوِيرَه، إِنما يَعْنِي بِحِوَارِهِ وَحَوِيرِهِ خروجَ القِدْحِ مِنَ النَّارِ أَي نَظَرْتُ الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، مِنَ الحِوَارِ [الحَوَارِ] الَّذِي هُوَ الرُّجُوعُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
أَبو عَمْرٍو: الأَحْوَرُ الْعَقْلُ، وَمَا يَعِيشُ فلانٌ بأَحْوَرَ أَي مَا يَعِيشُ بِعَقْلٍ يَرْجِعُ إِليه؛ قَالَ هُدْبَةُ وَنَسَبَهُ ابْنُ سِيدَهْ لِابْنِ أَحمر:
وَمَا أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لَا أَنْسَ قَوْلَها ***لجارَتِها: مَا إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: مِنَ الأَشياء.
وَحَكَى ثَعْلَبٌ: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الَّذِي أَنت فِيهِ.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ الْعَيْنِ وسَوادُ سَوادِها وَتَسْتَدِيرَ حَدَقَتُهَا وَتَرِقَّ جُفُونُهَا ويبيضَّ مَا حَوَالَيْهَا؛ وَقِيلَ: الحَوَرُ شِدَّةُ سَوَادِ المُقْلَةِ فِي شِدَّةِ بَيَاضِهَا فِي شِدَّةِ بَيَاضِ الْجَسَدِ، وَلَا تَكُونُ الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قَالَ الأَزهري: لَا تُسَمَّى حَوْرَاءَ حَتَّى تَكُونَ مَعَ حَوَرِ عَيْنَيْهَا بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ؛ قَالَ الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْن ***فِي المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وَبِالِاحْوِرَارِ بياضَ الإِهالة وَالشَّحْمِ؛ وَقِيلَ: الحَوَرُ أَن تَسْوَدَّ الْعَيْنُ كُلُّهَا مِثْلَ أَعين الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ، وَلَيْسَ فِي بَنِي آدَمَ حَوَرٌ، وإِنما قِيلَ لِلنِّسَاءِ حُورُ العِينِ لأَنهن شُبِّهْنَ بِالظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ.
وَقَالَ كُرَاعٌ: الحَوَرُ أَن يَكُونَ الْبَيَاضُ مُحْدِقًا بِالسَّوَادِ كُلِّهِ وإِنما يَكُونُ هَذَا فِي الْبَقَرِ وَالظِّبَاءِ ثُمَّ يُسْتَعَارُ لِلنَّاسِ؛ وَهَذَا إِنما حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ فِي البَرَج غَيْرَ أَنه لَمْ يَقُلْ إِنما يَكُونُ فِي الظِّبَاءِ وَالْبَقَرِ.
وَقَالَ الأَصمعي: لَا أَدري مَا الحَوَرُ فِي الْعَيْنِ وَقَدْ حَوِرَ حَوَرًا واحْوَرَّ، وَهُوَ أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بَيِّنَةُ الحَوَرِ.
وعَيْنٌ حَوْراءٌ، وَالْجَمْعُ حُورٌ، وَيُقَالُ: احْوَرَّتْ عَيْنُهُ احْوِرَارًا؛ فأَما قَوْلُهُ: " عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير "فَعَلَى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: الْبَيْضَاءُ، لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ حَوَر عَيْنِهَا.
والأَعْرابُ تُسَمِّي نِسَاءَ الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لِبَيَاضِهِنَّ وَتَبَاعُدِهِنَّ عَنْ قَشَفِ الأَعراب بِنَظَافَتِهِنَّ؛ قَالَ:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ، ***إِذا تَفَتَّلْنَ مِنْ تَحْتِ الجَلابِيبِ
يَعْنِي النِّسَاءَ؛ وَقَالَ أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا، ***وَلَا تَبْكِنا إِلَّا الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خِيفَةً أَنْ تُبِيحَها ***رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جَعَلَ أَهل الشأْم نَصَارَى لأَنها تَلِي الرُّومَ وَهِيَ بِلَادُهَا.
والحَوارِيَّاتُ مِنَ النِّسَاءِ: النَّقِيَّاتُ الأَلوان وَالْجُلُودِ لِبَيَاضِهِنَّ، وَمِنْ هَذَا قِيلَ لِصَاحِبِ الحُوَّارَى: مُحَوِّرٌ؛ وَقَوْلُ الْعَجَّاجِ: " بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ يَعْنِي الأَعين النَّقِيَّاتِ الْبَيَاضِ الشَّدِيدَاتِ سَوَادِ الحَدَقِ.
وَفِي حَدِيثِ صِفَةِ الْجَنَّةِ: «إِن فِي الْجَنَّةِ لَمُجْتَمَعًا للحُورِ العِينِ».
والتَّحْوِيرُ: التَّبْيِيضُ.
والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ "لِتَبْيِيضِهِمْ لأَنهم كَانُوا قَصَّارِينَ ثُمَّ غَلَبَ حَتَّى صَارَ كُلُّ نَاصِرٍ وَكُلُّ حَمِيمٍ حَوارِيًّا.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الَّذِينَ قَدْ خَلَصُوا لَهُمْ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْحَوَارِيُّونَ خُلْصَانُ الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَصَفْوَتُهُمْ.
قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الزُّبَيْرُ ابْنُ عَمَّتِي وحَوارِيَّ مِنْ أُمَّتِي؛ أَي خَاصَّتِي مِنْ أَصحابي وَنَاصِرِي.
قَالَ: وأَصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوَارِيُّونَ، وتأْويل الْحَوَارِيِّينَ فِي اللُّغَةِ الَّذِينَ أُخْلِصُوا ونُقُّوا مِنْ كُلِّ عَيْبٍ؛ وَكَذَلِكَ الحُوَّارَى مِنَ الدَّقِيقِ سُمِّيَ بِهِ لأَنه يُنَقَّى مِنْ لُباب البُرِّ؛ قَالَ: وتأْويله فِي النَّاسِ الَّذِي قَدْ رُوجِعَ فِي اختِياره مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيًّا مِنَ الْعُيُوبِ.
قَالَ: وأَصل التَّحْوِيرِ فِي اللُّغَةِ مِنْ حارَ يَحُورُ، وَهُوَ الرُّجُوعُ.
والتَّحْوِيرُ: التَّرْجِيعُ، قَالَ: فَهَذَا تأْويله، وَاللَّهُ أَعلم.
ابْنُ سِيدَهْ: وكلُّ مُبالِغٍ فِي نُصْرَةِ آخَرَ حوَارِيٌّ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ أَنصار الأَنبياء، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ دُرَيْدٍ:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ، ***ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يَعْنِي بالحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وَعَنَى بِابْنِهِ عَبْدَ اللهِ بْنَ الزُّبَيْرِ.
وَقِيلَ لأَصحاب عِيسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ: الْحَوَارِيُّونَ لِلْبَيَاضِ، لأَنهم كَانُوا قَصَّارين.
والحَوارِيُّ: البَيَّاضُ، وَهَذَا أَصل قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الزُّبَيْرِ: حَوارِيَّ مِنْ أُمَّتي، وَهَذَا كَانَ بدأَه لأَنهم كَانُوا خُلَصَاءَ عِيسَى وأَنصاره، وأَصله مِنَ التَّحْوِيرِ التَّبْيِيضُ، وإِنما سُمُّوا حَوَارِيِّينَ لأَنهم كَانُوا يَغْسِلُونَ الثِّيَابَ أَي يُحَوِّرُونَها، وَهُوَ التَّبْيِيضُ؛ وَمِنْهُ الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: امرأَة حَوارِيَّةٌ إِذا كَانَتْ بَيْضَاءَ.
قَالَ: فَلَمَّا كان عِيسَى بْنُ مَرْيَمَ، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، نَصَرَهُ هَؤُلَاءِ الْحَوَارِيُّونَ وَكَانُوا أَنصاره دُونَ النَّاسِ قِيلَ لِنَاصِرِ نَبِيِّهِ حَوارِيُّ إِذا بَالَغَ فِي نُصْرَتِه تَشْبِيهًا بأُولئك.
والحَوارِيُّونَ: الأَنصار وَهُمْ خَاصَّةُ أَصحابه.
وَرَوَى شَمِرٌ أَنه قَالَ: الحَوارِيُّ النَّاصِحُ وأَصله الشَّيْءُ الْخَالِصُ، وَكُلُّ شَيْءٍ خَلَصَ لَوْنُه، فَهُوَ حَوارِيٌّ.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ؛ وَقَوْلُ الْكُمَيْتُ:
ومَرْضُوفَةٍ لَمْ تُؤْنِ فِي الطَّبْخِ طاهِيًا، ***عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يُرِيدُ بَيَاضَ زَبَدِ القِدْرِ.
وَالْمَرْضُوفَةُ: الْقِدْرُ الَّتِي أُنضجت بالرَّضْفِ، وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ بِالنَّارِ.
وَلَمْ تؤْن أَي لَمْ تُحْبَسْ.
والاحْوِرَارُ: الابْيِضاضُ.
وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قَالَ أَبو الْمُهَوَّشِ الأَسدي:
يَا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ، ***فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يَعْنِي المُبْيَضَّةَ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَوَرَدَ تَرْخِيمُ وَرْدَة، وَهِيَ امرأَته، وَكَانَتْ تَنْهَاهُ عَنْ إِضاعة مَالِهِ وَنَحْرِ إِبله فَقَالَ ذَلِكَ: الأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: الحَوَرْوَرَةُ الْبَيْضَاءُ.
قَالَ: هو ثُلَاثِيُّ الأَصل أُلحق بِالْخُمَاسِيِّ لِتَكْرَارِ بَعْضِ حُرُوفِهَا.
والحَوَرُ: خَشَبَةٌ يُقَالُ لَهَا البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدَّقِيقُ الأَبيض، وَهُوَ لُبَابُ الدَّقِيقِ وأَجوده وأَخلصه.
الْجَوْهَرِيُّ: الحُوَّارَى، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَالرَّاءُ مَفْتُوحَةٌ، مَا حُوِّرَ مِنَ الطَّعَامِ أَي بُيّصَ.
وَهَذَا دَقِيقٌ حُوَّارَى، وَقَدْ حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ.
وَعَجِينٌ مُحَوَّر، وَهُوَ الَّذِي مُسِحَ وَجْهُهُ بِالْمَاءِ حَتَّى صَفَا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض النَّاعِمُ مِنْ أَهل الْقُرَى؛ قَالَ عُتَيْبَةُ بْنُ مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ مِنْهَا بِمِشْفَرٍ ***خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوَرُ: البَقَرُ لِبَيَاضِهَا، وَجَمْعُهُ أَحْوارٌ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل، ***إِنَّا بُلِينَ بِهَا وَلَا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل مِنْهَا الأَسْفَاطُ، وَقِيلَ: السُّلْفَةُ، وَقِيلَ: الحَوَرُ الأَديم الْمَصْبُوغُ بِحُمْرَةٍ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هِيَ الْجُلُودُ الحُمْرُ الَّتِي لَيْسَتْ بِقَرَظِيَّةٍ، وَالْجَمْعُ أَحْوَارٌ؛ وَقَدْ حَوَّرَهُ.
وخُفٌّ مُحَوَّرٌ بِطَانَتُهُ بِحَوَرٍ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكًا فَوْقَهُ عَلَقٌ، ***كأَنَّما قُدَّ فِي أَثْوابِه الحَوَرُ
الْجَوْهَرِيُّ: الحَوَرُ جُلُودٌ حُمْرٌ يُغَشَّى بِهَا السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ يَصِفُ مَخَالِبَ الْبَازِي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ، ***كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وَفِي كِتَابِهِ لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لَهُمْ مِنَ الصَّدَقَةِ الثِّلْبُ والنَّابُ والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: مَنْسُوبٌ إِلى الحَوَرِ، وَهِيَ جُلُودٌ تُتَّخَذُ مِنْ جُلُودِ الضأْن، وَقِيلَ: هُوَ مَا دُبِغَ مِنَ الْجُلُودِ بِغَيْرِ القَرَظِ، وَهُوَ أَحد مَا جَاءَ عَلَى أَصله وَلَمْ يُعَلَّ كَمَا أُعلَّ نَابٌ.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رَدِيئَةٌ عِنْدَ يَعْقُوبَ: وَلَدُ النَّاقَةِ مِنْ حِينِ يُوضَعُ إِلى أَن يُفْطَمَ وَيُفْصَلَ، فإِذا فَصَلَ عَنْ أُمه فَهُوَ فَصِيلٌ، وَقِيلَ: هُوَ حُوَارٌ ساعةَ تَضَعُهُ أُمه خَاصَّةً، وَالْجَمْعُ أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فِيهِمَا.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَفَّقُوا بَيْنَ فُعَالٍ وفِعَال كَمَا وَفَّقُوا بَيْنَ فُعالٍ وفَعِيلٍ، قَالَ: وَقَدْ قَالُوا حُورَانٌ، وَلَهُ نَظِيرٌ، سَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُ رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وَفِي التَّهْذِيبِ: الحُوَارُ الْفَصِيلُ أَوَّلَ مَا يُنْتَجُ.
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: اللَّهُمَّ أَحِرْ رِباعَنا أَي اجْعَلْ رِبَاعَنَا حِيرانًا؛ وَقَوْلُهُ:
أَلا تَخافُونَ يَوْمًا، قَدْ أَظَلَّكُمُ ***فِيهِ حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: هُوَ يوم مَشْؤُوم عَلَيْكُمْ كَشُؤْم حُوارِ نَاقَةِ ثَمُودَ عَلَى ثَمُودَ.
والمِحْوَرُ: الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ بَيْنَ الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وَهِيَ أَيضًا الْخَشَبَةُ الَّتِي تَجْمَعُ المَحَالَةَ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: قَالَ بَعْضُهُمْ قِيلَ لَهُ مِحْوَرٌ للدَّوَرَانِ لأَنه يَرْجِعُ إِلى الْمَكَانِ الَّذِي زَالَ عَنْهُ، وَقِيلَ: إِنما قِيلَ لَهُ مِحْوَرٌ لأَنه بِدَوَرَانِهِ يَنْصَقِلُ حَتَّى يَبْيَضَّ.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا اضْطَرَبَ أَمره: قَدْ قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
يَا مَيُّ مَا لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي، ***وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يَقُولُ: اضْطَرَبَتْ عَلَيَّ أُموري فَكَنَّى عَنْهَا بِالْمَحَاوِرِ.
وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي تَدُورُ عَلَيْهَا الْبَكَرَةُ يُقَالُ لَهَا: مِحْورٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: المِحْوَرُ العُودُ الَّذِي تَدُورُ عَلَيْهِ الْبَكَرَةُ وَرُبَّمَا كَانَ مِنْ حَدِيدٍ.
والمِحْوَرُ: الهَنَةُ وَالْحَدِيدَةُ الَّتِي يَدُورُ فِيهَا لِسانُ الإِبْزِيمِ فِي طَرَفِ المِنْطَقَةِ وَغَيْرِهَا.
والمِحْوَرُ: عُودُ الخَبَّازِ.
والمِحْوَرُ: الْخَشَبَةُ الَّتِي يَبْسُطُ بِهَا الْعَجِينَ يُحَوّرُ بِهَا الْخُبْزَ تَحْوِيرًا.
قَالَ الأَزهري: سُمِّيَ مِحْوَرًا لِدَوَرَانِهِ عَلَى الْعَجِينِ تَشْبِيهًا بِمِحْوَرِ الْبَكَرَةِ وَاسْتِدَارَتِهِ.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيرًا: هَيَّأَها وأَدارها لِيَضَعَهَا فِي المَلَّةِ.
وحَوَّرَ عَيْنَ الدَّابَّةِ: حَجَّرَ حَوْلَهَا "بِكَيٍّ وَذَلِكَ مِنْ دَاءٍ يُصِيبُهَا، والكَيَّةُ يُقَالُ لَهَا الحَوْراءُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَن مَوْضِعَهَا يبيضُّ؛ وَيُقَالُ: حَوِّرْ عينَ بَعِيرِكَ أَي حَجِّرْ حَوْلَهَا بِكَيٍّ.
وحَوَّرَ عَيْنَ الْبَعِيرِ: أَدار حَوْلَهَا مِيسَمًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ عَلَى عَاتِقِهِ حَوْراءَ»؛ وَفِي رِوَايَةٍ: وَجَدَ وَجَعًا فِي رَقَبَتِهِ فَحَوَّرَهُ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَدِيدَةٍ؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وَهِيَ مِنْ حارَ يَحُورُ إِذا رَجَعَ.
وحَوَّرَه: كَوَاهُ كَيَّةً فأَدارها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه لَمَّا أُخْبِرَ بِقَتْلِ أَبي جَهْلٍ قَالَ: إِن عَهْدِي بِهِ وَفِي رُكْبَتَيْهِ حَوْراءُ فانظروا ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ»؛ يَعْنِي أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بِهَا.
وإِنه لَذُو حَوِيرٍ أَي عَدَاوَةٍ ومُضَادَّةٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ.
وَبَعْضُ الْعَرَبِ يُسَمِّي النَّجْمُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ المُشْتَري: الأَحْوَرَ.
والحَوَرُ: أَحد النُّجُومِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي تَتْبَعُ بَنَاتِ نَعْشٍ، وَقِيلَ: هُوَ الثَّالِثُ مِنْ بَنَاتِ نَعْشٍ الْكُبْرَى اللَّاصِقُ بِالنَّعْشِ.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ.
والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو نَحْوُهَا مِنَ الْعَظْمِ، وَالْجَمْعُ مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قَالَ السُّلَيْكُ بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النَّخَّامِ، لَمَّا ***تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلًا، مَحارُ
أَي كأَنها صَدَفٌ تَمُرُّ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؛ وَذَكَرَ الأَزهري هَذِهِ التَّرْجَمَةَ أَيضًا فِي بَابِ مَحَرَ، وَسَنَذْكُرُهَا أَيضًا هُنَاكَ.
والمَحارَةُ: مَرْجِعُ الْكَتِفِ.
ومَحَارَةُ الحَنَكِ: فُوَيْقَ مَوْضِعِ تَحْنيك البَيْطار.
والمَحارَةُ: بَاطِنُ الْحَنَكِ.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ الْبَعِيرِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التَّهْذِيبِ: المَحارَةُ النُّقْصَانُ، والمَحارَةُ: الرُّجُوعُ، والمَحارَةُ: الصَّدَفة.
والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ.
والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: طَحَنَتِ الطاحنةُ فَمَا أَحارتْ شَيْئًا أَي مَا رَدَّتْ شَيْئًا مِنَ الدَّقِيقِ؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ: " فِي بِئْرٍ لَا حُورٍ سَرَى وَمَا شَعَرْ "قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: أَي فِي بِئْرٍ حُورٍ، وَلَا زَيادَةٌ.
وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ: هَذَا قَدْ يَكُونُ مِنَ الْهَلَاكِ وَمِنَ الكَسادِ.
وَالْحَائِرُ: الرَّاجِعُ مِنْ حَالٍ كَانَ عَلَيْهَا إِلى حَالٍ دُونَهَا، وَالْبَائِرُ: الْهَالِكُ؛ وَيُقَالُ: حَوَّرَ اللَّهُ فُلَانًا أَي خَيَّبَهُ ورَجَعَهُ إِلى النَّقْصِ.
والحَوَر، بِفَتْحِ الْوَاوِ: نَبْتٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ وَلَمْ يُحَلِّه.
وحَوْرانُ، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعٌ بِالشَّامِ.
وَمَا أَصبت مِنْهُ حَوْرًا وحَوَرْوَرًا أَي شَيْئًا.
وحَوَّارُونَ: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ؛ قَالَ الرَّاعِي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ فِي مُشْمَخِرَّةٍ، ***تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ جِنِّي: دَخَلْتُ عَلَى أَبي عَلِيٍّ فَحِينَ رَآنِي قَالَ: أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قُلْتُ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي حَوْرِيتٍ؟ فَخُضْنَا فِيهِ فرأَيناه خَارِجًا عَنِ الْكِتَابِ، وصَانَعَ أَبو عَلِيٍّ عَنْهُ فَقَالَ: لَيْسَ مِنْ لُغَةِ ابْنَيْ نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ بِهِ لِذَلِكَ؛ قَالَ: وأَقرب مَا يُنْسَبُ إِليه أَن يَكُونَ فَعْلِيتًا لِقُرْبِهِ مِنْ فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ مَوْجُودٌ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
36-لسان العرب (مزر)
مزر: المِزْرُ: الأَصل.والمزرُ: نَبِيذُ الشَّعِيرِ وَالْحِنْطَةِ وَالْحُبُوبِ، وَقِيلَ: نَبِيذُ الذُّرَة خاصَّة.
غَيْرُهُ: المِزْر ضَرْبٌ مِنَ الأَشربة.
وَذَكَرَ أَبو عُبَيْدٍ: أَن ابْنَ عُمَرَ قَدْ فَسَّرَ الأَنبذة فَقَالَ البِتْعُ نبيذ العَسَل، والجِعَةُ نَبِيذُ الشعيرِ، وَالْمِزْرُ مِنَ الذُّرَةِ، والسَّكَرُ مِنَ التَّمْرِ، والخَمْرُ مِنَ الْعِنَبِ، وأَما السُّكُرْكَة، بِتَسْكِينِ الرَّاءِ، فَخَمْرُ الحَبَش؛ قَالَ أَبو مُوسَى الأَشعري: هِيَ مِنَ الذُّرَةِ، وَيُقَالُ لَهَا السُّقُرْقَعُ أَيضًا، كأَنه مُعَرَّبُ سُكُرْكَةٍ، وَهِيَ بِالْحَبَشِيَّةِ.
والمَزْرُ والتَّمَزُّرُ: التَّرَوُّقُ والشُّرْبُ القَلِيلُ، وَقِيلَ: الشرْبُ بمَرَّةٍ، قَالَ: والمِزْرُ الأَحْمَقُ.
والمَزْرُ، بِالْفَتْحِ: الحَسْوُ لِلذَّوْقِ.
ويقال: تَمَزَّرْتُ الشرابَ إِذا شَرِبْتَه قَلِيلًا قَلِيلًا، وأَنشد الأُموي يَصِفُ خَمْرًا:
تَكُونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ، ***فِي فَمِهِ، مِثْلَ عَصِيرِ السُّكَّرِ
والتَّمَزُّرُ: شُرْبُ الشرابِ قَلِيلًا قَلِيلًا، بالراء، ومثله التَّمَزُّرُ وَهُوَ أَقل مِنَ التَّمَزُّرِ؛ وَفِي حَدِيثِ أَبي الْعَالِيَةِ: «اشْرَبِ النبيذَ وَلَا تُمَزِّرْ»؛ أي اشْرَبْه لِتَسْكِينِ الْعَطَشِ كَمَا تَشْرَبُ الْمَاءَ وَلَا تَشْرَبْهُ لِلتَّلَذُّذِ مَرَّةً بَعْدَ أُخرى كَمَا يَصْنَعُ شارِبُ الْخَمْرِ إِلى أَن يَسْكَر.
قَالَ ثَعْلَبٌ: مِمَّا وَجَدْنَا عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْرَبُوا وَلَا تَمَزَّرُوا أَي لَا تُدِيرُوه بَيْنَكُمْ قَلِيلًا قَلِيلًا، وَلَكِنِ اشْرَبُوهُ فِي طِلْقٍ وَاحِدٍ كَمَا يُشْرَبُ الْمَاءُ، أَو اتْرُكُوهُ وَلَا تَشْرَبُوهُ شرْبة بَعْدَ شَرْبَةٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «المَزْرَةُ الْوَاحِدَةُ تحرِّمُ»أَي المصَّةُ الْوَاحِدَةُ.
قَالَ: والمَزْرُ والتَّمَزُّرُ الذوْقُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: " وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرْوِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا تُحَرِّمُ المَصَّةُ وَلَا المصتانِ "، قَالَ: وَلَعَلَّهُ لَا تُحَرِّمُ فحرَّفه الرُّوَاةُ.
ومَزَرَ السقاءَ مَزْرًا: مَلأَه؛ عَنْ كُرَاعٍ.
ابْنُ الأَعرابي: مَزَّرَ قِرْبَتَه تَمْزِيرًا ملأَها فلَم يتْرُكْ فِيهَا أَمْتًا؛ وأَنشد شَمِرٌ:
فَشَرِبَ القَوْمُ وأَبْقَوْا سُورا، ***ومَزَّرُوا وِطابَها تَمْزِيرا
والمَزِيرُ: الشَّدِيدُ القلبِ القَوِيُّ النافِذُ بَيِّنُ المَزَارَةِ؛ وَقَدْ مَزُرَ، بِالضَّمِّ، مَزَارَةً، وَفُلَانٌ أَمْزَرُ مِنْهُ؛ قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ مِرْداسٍ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيه، ***وَفِي أَثْوابِه رَجُلٌ مَزِيرُ
وَيُرْوَى: أَسد مَزِيرُ، وَالْجَمْعُ أَمازِرُ مِثْلُ أَفِيل وأَفائِلَ؛ وأَنشد الأَخفش:
إِلَيْكِ ابْنَةَ الأَعْيارِ، خافي بَسَالَةَ الرجالِ، ***وأَصْلالُ الرِّجالِ أَقاصِرُهْ
وَلَا تَذْهَبَنْ عَيْناكِ فِي كُلِّ شَرْمَحٍ ***طُوالٍ، فإِنَّ الأَقْصَرِينَ أَمازِرُهْ
قَالَ: يُرِيدُ أَقاصِرُهُم وأَمازِرُهم، كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ أَخبث النَّاسِ وأَفْسَقُه، وَهِيَ خَيْرُ جاريةٍ وأَفْضَلُهُ.
وَكُلُّ تَمْرٍ اسْتَحْكَمَ، فَقَدْ مَزُرَ يَمْزُرُ مَزَارَةً.
والمَزِيرُ: الظَّرِيفُ؛ قَالَهُ الْفَرَّاءُ؛ وأَنشد:
فَلَا تَذْهَبَنْ عَيْنَاكَ فِي كُلِّ شَرْمَحٍ ***طُوَالٍ، فإِن الأَقصرين أَمازره
أَراد: أَمازر مَا ذَكَرْنَا، وَهُمْ جَمْعُ الأَمزر.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
37-لسان العرب (قسس)
قسس: ابْنُ الأَعرابي: القُسُسُ العُقَلاء، والقُسُسُ السَّاقة الحُذّاق، و [القِسُ] القُسُّ النَّميمة، والقَسّاس النَّمَّام.وقَسَّ يَقُسُّ قَسًّا: مِنَ النَّمِيمَةِ وذِكرِ النَّاسِ بالغِيبَة.
والقِسُّ [القُسُ]: تَتَبُّع الشَّيْءِ وطَلَبه.
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ للنمَّام قَسَّاس وقَتَّات وهَمَّاز "وغَمَّاز ودَرَّاج.
والقَس [القِس] فِي اللُّغَةِ: النَّمِيمَةُ ونشْرُ الْحَدِيثِ؛ يُقَالُ: قَسَّ الْحَدِيثَ يقُسُّه قَسًّا.
ابْنُ سِيدَهْ: قَسَّ الشَّيْءَ يقُسُّه قَسًّا وقَسَسًا تتبَّعه وَتَطَلَّبَهُ؛ قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ يَصِفُ نِسَاءً عَفِيفَاتٍ لَا يَتَتَبَّعْنَ النَّمائم:
يُمْسِينَ مِنْ قَسِّ الأَذى غَوافِلا، ***لَا جَعْبَريّات وَلَا طَهامِلا
الجَعْبَرِيّات: القِصار، وَاحِدَتُهَا جَعْبَرة، والطَّهامِل الضِّخام القِباح الْخِلْقَةِ، وَاحِدَتُهَا طَهْمَلة.
وقَسَّ الشيءَ قَسًّا: تَتَلَّاهُ وتَبَغَّاه.
واقْتَسَّ الأَسدُ: طَلب مَا يأْكل.
وَيُقَالُ: تَقَسَّسْت أَصواتَ النَّاسِ بِاللَّيْلِ تَقَسُّسًا أَي تسمَّعتها.
والقَسْقَسَة: السُّؤَالُ عَنْ أَمْرِ النَّاسِ.
وَرَجُلٌ قَسْقاسٌ: يسأَل عَنْ أُمور النَّاسِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
يَحْفِزها ليلٌ وحادٍ قَسْقاسُ، ***كأَنهنَّ مَنُ سَراءٍ أَقْواسْ
والقَسْقاس أَيضًا: الْخَفِيفُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.
وقَسْقَس الْعَظْمَ: أَكل مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ وتَمَخَّخَه؛ يمانيَة.
قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: قَسَسْت مَا عَلَى الْعَظْمِ أَقُسُّه قَسًّا إِذا أَكلتَ مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ وامْتَخَخْتَه.
وقَسْقَسَ مَا عَلَى الْمَائِدَةِ: أَكَلَه.
وقَسَّ الإِبل يَقُسُّها قَسًّا وقَسْقَسَها: ساقَها، وَقِيلَ: هُما شدَّة السَّوْق.
والقَسُوس مِنَ الإِبل: الَّتِي تَرْعى وحدَها، مِثْلَ العَسُوس، وَجَمْعُهَا قُسُسٌ، قَسَّتْ تَقُسُّ قَسًّا أَي رَعَتْ وَحْدَهَا، واقْتَسَّتْ، وقَسَّها: أَفرَدَها مِنَ القَطيع، وَقَدْ عَسَّتْ عِنْدَ الغَضَب تَعُسّ وقَسَّتْ تَقُسُّ.
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: ناقَة عَسُوسٌ وقَسُوس وضَرُوس إِذا ضجِرت وَسَاءَ خُلُقها عِنْدَ الغَضَب.
والقَسُوس: الَّتِي لَا تَدِرّ حَتَّى تَنْتَبذ.
وَفُلَانٌ قَسُّ إِبل أَي عَالِمٌ بِهَا؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الَّذِي يَلِي الإِبل لَا يفارقُها.
أَبو عُبَيْدٍ: القَسُّ صَاحِبُ الإِبل الَّذِي لَا يفارقُها؛ وأَنشد:
يتبعُها تَرْعِيَّةٌ قَسٌّ ورَعْ، ***تَرى برجْلَيْه شُقُوقًا فِي كَلَعْ،
لَمْ تَرْتمِ الوَحْشُ إِلى أَيدي الذَّرَعْ "جَمْعُ الذَّريعَة وَهِيَ الدَّريئَة.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ ظَلَّ يَقُسُّ دَّابَّتَه قَسًّا أَي يَسُوقُها.
والقَسُّ: رَئيس مِنْ رُؤساء النَّصَارَى فِي الدِّين والعِلْم، وَقِيلَ: هُوَ الكَيِّس الْعَالِمُ؛ قَالَ:
لَوْ عَرَضَتْ لأَيْبُلِيٍّ قَسِّ، ***أَشْعَثَ فِي هَيْكَلِه مُنْدَسِّ،
حَنَّ إِليها كَحَنِينِ الطَّسِ والقِسِّيسُ: كالقَسِّ، وَالْجَمْعُ قَساقِسة عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وقِسِّيسُون.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبانًا}؛ وَالِاسْمُ القُسُوسَة والقِسِّيسِيَّة؛ قَالَ الفرَّاء: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيمَنْ أَسلم مِنَ النَّصَارَى، وَيُقَالُ: هُوَ النَّجَّاشِيُّ وأَصحابه.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي كِتَابِ الْجَمْعِ وَالتَّفْرِيقِ: يُجمع القِسِّيس قِسِّيسين كَمَا قَالَ تَعَالَى، وَلَوْ جَمَعَهُ قُسُوسًا كَانَ صَوَابًا لأَنهما فِي مَعْنًى وَاحِدٍ، يَعْنِي القَسَّ والقِسِّيس، قَالَ: وَيُجْمَعُ القِسِّيس قَساقِسة جَمَعُوهُ عَلَى مِثَالِ مَهالِبة فَكَثُرَتِ السِّينَاتُ فأَبدلوا إِحداهن وَاوًا وَرُبَّمَا شُدِّدَ الْجَمْعُ وَلَمْ يُشَدَّدْ واحده، وقدجَمَعَتِ الْعَرَبُ الأَتُّون أَتاتين؛ وأَنشد لأُمية:
لَوْ كَانَ مُنْفَلتٌ كَانَتْ قَساقِسَةٌ، ***يُحْييهمُ اللَّه فِي أَيديهم الزُّبُرُ
والقَسَّة: القِرْبَة الصَّغِيرَةُ.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: سُئِلَ المُهاصِر بْنُ الْمُحَلِّ عَنْ لَيْلَةِ الأَقْساسِ مِنْ قَوْلِهِ:
عَدَدْتُ ذُنُوبِي كُلَّها فوجدتُها، ***سِوَى ليلةِ الأَقْساسِ، حِمْلَ بَعير
فَقِيلَ: مَا لَيْلَةُ الأَقْساس؟ قَالَ: لَيْلَةٌ زَنَيْتُ فِيهَا وَشَرِبْتُ الْخَمْرَ وَسَرَقْتُ.
وَقَالَ لَنَا أَبو المحيَّا الأَعرابي يَحْكيه عَنْ أَعرابي حِجَازِيٍّ فَصِيحٍ إِن القُساس غُثاء السَّيْل؛ وأَنشدنا عَنْهُ:
وأَنت نَفِيٌّ مِنْ صَناديد عامِرٍ، ***كَمَا قَدْ نَفى السيلُ القُساسَ المُطَرَّحا
وقَسٌّ والقَسُّ: موضع، والثياب القَسِّيَّة [القِسِّيَّة] مَنْسُوبَةٌ إِليه، وَهِيَ ثِيَابٌ فِيهَا حَرِيرٌ تُجْلَبُ مِنْ نَحْوِ مِصْرَ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، كَرَّمَ اللَّه وَجْهَهُ: «أَنه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، نَهَى عَنْ لُبْسِ القَسِّيّ»؛ هِيَ ثِيَابٌ من كتان مخلو بِحَرِيرٍ يؤْتى بِهَا مِنْ مِصْرَ، نُسِبَتْ إِلى قَرْيَةٍ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ قَرِيبًا مِنْ تِنِّيس، يُقَالُ لَهَا القَسُّ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَهُ بِكَسْرِ الْقَافِ، وأَهل مِصْرَ بِالْفَتْحِ، يُنْسَبُ إِلى بِلَادِ القَسِّ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى بِلَادٍ يُقَالُ لَهَا القَسّ، قَالَ: وَقَدْ رأَيتها وَلَمْ يَعْرِفْهَا الأَصمعي، وَقِيلَ: أَصل القَسِّيّ القَزِّيّ، بِالزَّايِ، مَنْسُوبٌ إِلى القَزّ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنَ الإِبريسم، أُبدل مِنَ الزَّايِ سِينٌ؛ وأَنشد لِرَبِيعَةَ بْنِ مَقْرُوم:
جَعَلْنَ عَتِيقَ أَنْماطٍ خُدُورًا، ***وأَظْهَرْنَ الكَرادي والعُهُونا
عَلَى الأَحْداجِ، واسْتَشْعَرْن رَيْطًا ***عِراقِيًّا، وقَسِّيًّا مَصُونا
وَقِيلَ: هُوَ مَنْسُوبٌ إِلى القَسِّ، وَهُوَ الصَقيعُ لبَياضه.
الأَصمعي: مِنْ أَسماء السُّيوف القُساسِيّ.
ابْنُ سِيدَهْ: القُساسيُّ ضرْب مِنَ السُّيُوفِ، قَالَ الأَصمعي: لَا أَدْرِي إِلى أَي شَيْءٍ نُسِبَ.
وقُساس، بِالضَّمِّ: جَبَلٌ فِيهِ مَعْدِنٌ حَدِيدٌ بأَرْمِينِيَّة، إِليه تُنْسَبُ هَذِهِ السُّيُوفُ القُساسيَّة؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِن القُساسِيَّ الَّذِي يُعْصى بِهِ، ***يَخْتَصِمُ الدَّارِعَ فِي أَثوابه
وَهُوَ فِي الصِّحَاحِ: القُساسُ مُعَرَّفٌ.
وقُساس، بِالضَّمِّ: جَبَلٌ لِبَنِي أَسد.
وقَساس: اسم.
وقُسُّ بْنُ سَاعِدَةَ الإِياديُّ: أَحد حُكَمَاءِ الْعَرَبِ، وَهُوَ أُسْقُفُّ نَجْران.
وقُسُّ النَّاطف: مَوْضِعٌ.
والقَسْقَس والقَسْقاس: الدَّلِيلُ الْهَادِي المُتفقِّد الَّذِي لَا يَغْفُل إِنما هُوَ تَلَفُّتًا وتنَظُّرًا.
وخِمْسٌ قَسْقاس أَي سَرِيعٌ لَا فُتور فِيهِ.
وقَرَبٌ قَسْقاس: سَرِيعٌ شَدِيدٌ لَيْسَ فِيهِ فُتور وَلَا وَتِيرَة، وَقِيلَ: صَعْبٌ بَعِيدٌ.
أَبو عَمْرٍو: القَرَب القَسِّيّ الْبَعِيدُ، وَهُوَ الشَّدِيدُ أَيضًا؛ قَالَ الأَزهري: أَحسبه الْقِسْيَنَّ لأَنه قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ الْقِسْيَنُّ.
والقِسْيَبُّ: الصُّلْب الطَّوِيلُ الشَّدِيدُ الدُّلجة كأَنه يَعْنِي القَرَب، واللَّه أَعلم.
الأَصمعي: يُقَالُ خِمْس قَسْقاس وحَصْحاصوبَصْباص وصَبْصاب، كُلُّ هَذَا: السَّيْرِ الَّذِي لَيْسَتْ فِيهِ وَتيرة، وَهِيَ الِاضْطِرَابُ والفُتور.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: قَرَبٌ قِسْقِيس.
وَقَدْ قَسْقَس لَيْلَهُ أَجمع إِذا لَمْ يَنَمْ؛ وأَنشد: " إِذا حداهُنَّ النَّجاء القِسْقِيس "وَرَجُلٌ قَسْقاس: يَسُوقُ الإِبل.
وَقَدْ قَسَّ السَّيْرَ قَسًّا: أَسرع فِيهِ.
والقَسْقَسَة: دَلْجُ اللَّيْلِ الدَّائب.
يُقَالُ: سَيْرٌ قِسْقِيس أَي دَائِبٌ.
وَلَيْلَةٌ قَسْقاسَة: شَدِيدَةُ الظُّلْمَةِ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: " كَمْ جُبْنَ مَنْ بِيدٍ ولَيْلٍ قَسْقاسْ "قَالَ الأَزهري: لَيْلَةٌ قَسْقاسة إِذا اشْتَدَّ السَّيْرُ فِيهَا إِلى الْمَاءِ، وَلَيْسَتْ مِنْ معنى الظلمة فِي شَيْءٍ.
وقَسْقَسْت بِالْكَلْبِ: دَعَوْتُ.
وسيفٌ قَسْقاسٌ: كَهامٌ.
والقَسقاس: بَقْلَةٌ تُشْبِهُ الكَرَفْسَ؛ قَالَ رُؤْبَةُ:
وكُنْتَ مِنْ دَائِكٍ ذَا أَقْلاسِ، ***فاسْتَسقِيَنْ بِثَمَرِ القَسْقاسِ
يُقَالُ: اسْتقاء واسْتَقى إِذا تَقَيَّأَ.
وقَسْقَس الْعَصَا: حَرَّكها.
والقَسْقاسُ: الْعَصَا.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ حِينَ خَطَبَهَا أَبو جَهْم ومعاوية: أَمَّا أَبو جَهْم فأَخاف عَلَيْكِ قَسْقَاسَته "؛ القَسْقاسة: الْعَصَا؛ قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَنه أَراد قَسْقَسَتَه أَي تَحْرِيكَهُ إِياها لِضَرْبِكِ فأَشبع الْفَتْحَةَ فَجَاءَتْ أَلفًا، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ أَراد بِقسقاسَته عَصَاهُ، فَالْعَصَا عَلَى الْقَوْلِ الأَول مَفْعُولٌ بِهِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي بَدَلٌ.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ لِلْعَصَا هِيَ القَسْقاسة؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي أَنه يَضْرِبُهَا بِالْعَصَا، مِنَ القَسْقَسة، وَهِيَ الْحَرَكَةُ والإِسراع فِي المَشْي، وَقِيلَ: أَراد كَثْرَةَ الأَسفار.
يُقَالُ: رَفَعَ عَصَاهُ عَلَى عَاتِقِهِ إِذا سَافَرَ، وأَلْقَى عَصَاهُ إِذا أَقام، أَي لَا حظَّ لَكَ فِي صُحْبَتِهِ لأَنه كَثِيرُ السَّفر قَلِيلُ المُقام؛ وَفِي رِوَايَةٍ: " إِني أَخاف عَلَيْكَ قَسْقاسَتَه الْعَصَا "، فَذَكَرَ الْعَصَا تَفْسِيرًا للْقَسْقاسة، وَقِيلَ: أَراد بِقَسْقَسَةِ الْعَصَا تَحْرِيكَهُ إِياها فَزَادَ الأَلف ليفْصل بَيْنَ تَوَالِي الْحَرَكَاتِ.
وَعَنِ الأَعراب القُدمِ: القَسْقاس نَبْتٌ أَخضر خَبِيثُ الرِّيحِ يَنْبُتُ فِي مَسيل الْمَاءِ لَهُ زَهْرَةٌ بَيْضَاءُ.
والقَسْقاس: شدَّة الْجُوعِ والبَرْد؛ وينشَد لأَبي جُهَيْمَةَ الذُّهْلِيِّ:
أَتانا بِهِ القَسْقاسُ لَيْلًا، وَدُونَهُ ***جَراثِيمُ رَمْلٍ، بينهنَّ قِفافُ
وأَورده بَعْضُهُمْ: بينهنَّ كِفاف؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ قِفافُ، وَبَعْدَهُ:
فأَطْعَمْتُه حَتَّى غَدا وكأَنه ***أَسِيرٌّ يُداني مَنْكِبَيْه كِتافُ
وصفَ طَارِقًا أَتاه بِهِ الْبَرْدُ والجُوع بَعْدَ أَن قَطَعَ قَبْلَ وُصوله إِليه جَرَاثِيمَ رَمْلٍ، وَهِيَ القِطَع الْعِظَامُ، الْوَاحِدَةُ جُرْثُومة، فأَطعمه وأَشبعه حَتَّى إِنه إِذا مَشَى تَظُنُّ أَن فِي منكِبَيْه كِتَافًا، وَهُوَ حَبْل تشدُّ بِهِ يد الرجل إِلى خلقه.
وقَسْقَسْت بِالْكَلْبِ إِذا صِحْتَ بِهِ وَقُلْتَ لَهُ: قُوسْ قُوسْ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
38-لسان العرب (بهلص)
بهلص: أَبو عَمْرٍو: التَّبَهْلُصُ خروجُ الرَّجُلِ مِنْ ثِيَابِهِ.تَقُولُ: تَبَهْلَصَ وتَبَلْهَصَ مِنْ ثِيَابِهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي الأَسود الْعِجْلِيِّ:
لَقِيتُ أَبا لَيْلى، فَلَمَّا أَخَذْتُه، ***تَبَهْلَصَ مِنْ أَثوابِه ثُمَّ جَبَّبا
يُقال: جَبَّبَ إِذا هَرَب.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
39-لسان العرب (ردع)
ردع: الرَّدْعُ: الكَفُّ عَنِ الشَّيْءِ.رَدَعَه يَرْدَعه رَدْعًا فارْتَدَع: كفَّه فكفَّ؛ قَالَ:
أَهْلُ الأَمانةِ إِن مالُوا ومَسَّهمُ ***طَيْفُ العَدُوِّ، إِذا مَا ذُوكِرُوا، ارْتَدَعُوا
وتَرادَع القومُ: ردَعَ بعضُهم بَعْضًا.
والرَّدْعُ: اللطْخ بِالزَّعْفَرَانِ.
وَفِي حَدِيثِ حُذيفةَ: «ورُدِعَ لَهَا رَدْعةً»أَي وَجَم لَهَا حَتَّى تغيَّرَ لَوْنُهُ إِلى الصُّفرة.
وَبِالثَّوْبِ رَدْعٌ مِنْ زَعْفران أَي شَيْءٌ يَسير فِي مَواضِعَ شتَّى، وَقِيلَ: الرَّدْع أَثَر الخَلُوق والطِّيب فِي الْجَسَدِ.
وَقَمِيصٌ رادِعٌ ومَرْدُوعٌ ومُرَدَّعٌ: فِيهِ أَثَر الطِّيب وَالزَّعْفَرَانِ أَو الدَّمِ، وَجَمْعُ الرّادِع رُدُعٌ؛ قَالَ:
بَني نُمَيْرٍ تَرَكْتُ سَيِّدَكم، ***أَثْوابُه مِن دِمائكم رُدُعُ
وغِلالةٌ رادِعٌ ومُرَدَّعة: مُلَمَّعةٌ بِالطِّيبِ وَالزَّعْفَرَانِ فِي مَوَاضِعَ.
والرَّدْعُ: أَن تَرْدَع ثَوْبًا بِطِيب أَو زَعْفَرَانٍ كَمَا تَردَع الجارِيةُ صَدْرَها ومَقادِيمَ جَيْبها بِالزَّعْفَرَانِ مِلْءَ كفِّها تُلَمِّعُه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
حُورًا يُعَلَّلْنَ العَبِيرَ رَوادِعًا، ***كَمَها الشَّقائقِ أَو ظِباء سَلامِ
السَّلام: الشَّجَرُ؛ وأَنشد الأَزهري قَوْلَ الأَعشى فِي رَدْع الزَّعْفَرَانِ وَهُوَ لطْخُه:
ورادِعة بالطِّيب صَفْراء عِنْدَنَا، ***لجَسّ النَّدامَى فِي يَدِ الدِّرْع مَفْتَقُ
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: «لَمْ يُنْه عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأَرْدِيةِ إِلا عَنِ المُزعْفرة الَّتِي تَرْدَعُ عَلَى الْجِلْدِ»؛ أي تَنْفُض صِبْغَها عَلَيْهِ.
وَثَوْبٌ رَدِيع: مَصْبُوغٌ بِالزَّعْفَرَانِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «كُفِّن أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي ثَلَاثَةِ أَثواب، أَحدها بِهِ رَدْع مِنْ زَعْفَرَانٍ»أَي لَطْخٌ لَمْ يَعُمّه كُلُّهُ.
وردَعَه بِالشَّيْءِ يَرْدَعُه رَدْعًا فارْتَدَعَ: لَطَخَه بِهِ فتلطَّخ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
يَخْدِي بِهَا بازِلٌ فُتْلٌ مَرافِقُه، ***يَجْرِي بِدِيباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِعُ
وَقَالَ الأَزهري: فِي تَفْسِيرِهِ قَوْلَانِ: قَالَ بَعْضُهُمْ مُتَصَبِّغ بالعرَق الأَسود كَمَا يُرْدَع الثَّوْبُ بِالزَّعْفَرَانِ، قَالَ: وَقَالَ خَالِدٌ مُرْتَدِع قَدِ انتهَتْ سِنُّه.
يُقَالُ: قَدِ ارْتَدَعَ إِذا انْتَهَتْ سِنه، وَفِي حَدِيثِ الإِسراء: «فَمَرَرْنَا بِقَوْمٍ رُدْعٍ»؛ الرُّدْعُ: جَمْعُ أَرْدَعَ وَهُوَ مِنَ الْغَنَمِ الَّذِي صَدْرُهُ أَسود وَبَاقِيهِ أَبيض.
يُقَالُ: تَيْسٌ أَرْدَعُ وَشَاةٌ رَدْعاء.
وَيُقَالُ: رَكِب فُلَانٌ رَدْع المَنِيّةِ إِذا كانت فيذَلِكَ مَنِيَّتُه.
وَيُقَالُ لِلْقَتِيلِ: رَكِبَ رَدْعه إِذا خَرّ لِوَجْهِهِ عَلَى دَمِه.
وطَعَنَه فَركِبَ رَدْعَه أَي مقادِيمَه وَعَلَى مَا سالَ مِنْ دَمِهِ، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَهُ أَي خَرَّ صَريعًا لِوَجْهِهِ عَلَى دَمِهِ وَعَلَى رأْسه وإِن لَمْ يَمُت بَعْدُ غَيْرُ أَنه كُلَّمَا هَمّ بالنُّهوض رَكِبَ مَقادِيمه فَخَرَّ لِوَجْهِهِ، وَقِيلَ: رَدْعُه دَمُهُ، وَرُكُوبُهُ إِياه أَنّ الدَّمَ يَسِيل ثُمَّ يَخِرّ عَلَيْهِ صَرِيعًا، وَقِيلَ: رَدَعَهُ عُنُقه؛ حَكَى هَذِهِ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَن الأَرض رَدَعَتْه أَي كفَّتْه عَنْ أَن يَهْوِي إِلى مَا تَحْتَهَا، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَه أَي لَمْ يَرْدَعه شَيْءٌ فَيَمْنَعَهُ عَنْ وَجْهِهِ، وَلَكِنَّهُ رَكِبَ ذَلِكَ فَمَضَى لِوَجْهِهِ ورُدِعَ فَلَمْ يَرْتَدِع كَمَا يُقَالُ: رَكِبَ النَّهْي وخرَّ فِي بِئْرٍ فَرَكِبَ رَدْعَه وهَوَى فِيهَا، وَقِيلَ: فَمَاتَ وَرَكِبَ ردعَ المَنِيّةِ عَلَى الْمَثَلِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَن رَجُلًا أَتاه فَقَالَ لَهُ: إِني رَمَيْتُ ظَبْيًا وأَنا مُحْرِمٌ فأَصبْتُ خُشَشاءَه فَرَكِبَ رَدْعَه فأَسَنَّ فَمَاتَ»؛ قَالَهُ ابْنُ الأَثير، الرَّدْعُ: العنُقُ؛ أي سقَط عَلَى رأْسه فانْدَقَّت عُنُقُهُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا تَقَدَّمَ؛ أي خَرَّ صَرِيعًا لِوَجْهِهِ فكُلّما هَمّ بالنُّهوض رَكِبَ مقادِيمَه، وَقِيلَ: الرَّدْع هَاهُنَا اسْمُ الدَّمِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْبِيهِ بِالزَّعْفَرَانِ، وَمَعْنَى رُكُوبِهِ دَمَهُ أَنه جُرح فَسَالَ دَمُهُ فَسَقَطَ فَوْقَهُ مُتَشَحِّطًا فِيهِ؛ قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ الردْع الْعُنُقَ فَالتَّقْدِيرُ رَكِبَ ذاتَ رَدْعه؛ أي عنُقه فَحَذَفَ الْمُضَافَ أَو سَمَّى العنُق رَدْعًا عَلَى الْإِتْسَاعِ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لنُعيم بْنِ الحرث بْنِ يَزِيدَ السعْديّ:
أَلَسْتُ أَرُدُّ القِرْنَ يَرْكَبُ رَدْعه، ***وفيهِ سِنانٌ ذُو غِرارَيْنِ نَائِسُ؟
قَالَ ابْنُ جِنِّيٍّ: مِنْ رَوَاهُ يَابِسُ فَقَدْ أَفحش فِي التَّصْحِيفِ، وإِنما هُوَ نائسٌ أَي مُضْطَرِب مِنْ ناسَ يَنُوس؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ رَوَاهُ يَابِسُ فإِنما يُرِيدُ أَنّ حَدِيدَهُ ذُكِرَ لَيْسَ بِأَنِيث أَي أَنه صُلْب، وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي سَعِيدٍ قَالَ: الردْع العنُقُ، رُدِع بِالدَّمِ أَو لَمْ يُرْدَعْ.
يُقَالُ: اضْرِبْ رَدْعَه كَمَا يُقَالُ اضْرِبْ كرْدَه؛ قَالَ: وَسُمِّي الْعُنُقُ رَدعًا لأَنه بِهِ يَرْتَدِعُ كُلُّ ذِي عُنُق مِنَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: رَكِبَ رَدْعَهُ إِذا وَقَعَ عَلَى وَجْهِهِ، ورَكِبَ كُسْأَه إِذا وَقَعَ عَلَى قَفاه، وَقِيلَ: رَكِبَ رَدْعَه أَنَّ الرَّدْع كلُّ مَا أَصاب الأَرض مِنَ الصَّرِيع حِينَ يَهْوِي إِليها، فَمَا مَسَّ مِنْهُ الأَرض أَوَّلًا فَهُوَ الرَّدع، أَيَّ أَقْطاره كَانَ؛ وَقَوْلُ أَبي دُواد:
فَعَلَّ وأَنْهَلَ مِنْها السِّنانَ، ***يَركَبُ مِنها الرَّدِيعُ الظِّلالا
قَالَ: والرَّدِيع الصَّرِيعُ يَرْكَبُ ظِلَّهُ.
وَيُقَالُ: رُدِعَ بِفُلَانٍ أَي صُرِع.
وأَخَذ فُلَانًا فَرَدَع بِهِ الأَرض إِذا ضَرَبَ بِهِ الأَرضَ.
وسَهْم مُرْتَدِع: أَصاب الهَدَف وَانْكَسَرَ عُوده.
والرَّدِيعُ: السَّهْم الَّذِي قَدْ سقَط نَصْلُه.
ورَدَعَ السهمَ: ضَرَبَ بِنَصْلِهِ الأَرض لِيَثْبُتَ فِي الرُّعْظِ.
والرَّدْعُ: رَدْعُ النَّصْلِ فِي السَّهْمِ وَهُوَ تَرْكِيبُهُ وَضَرْبُكَ إِياه بِحَجَرٍ أَو غَيْرِهِ حَتَّى يَدْخُلَ.
والمِرْدَعُ: السَّهْمُ الَّذِي يَكُونُ فِي فُوقه ضِيق فيُدَقُّ فُوقه حَتَّى يَنْفَتِحَ، وَيُقَالُ بِالْغَيْنِ.
والمِرْدعةُ: نَصل كالنَّواة.
والرَّدْعُ: النُّكْسُ.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: رُدِعَ إِذا نُكِسَ فِي مَرضه؛ قَالَ أَبو العِيال الْهُذَلِيُّ:
ذَكَرْتُ أَخِي، فَعاوَدَني ***رُدَاعُ السُّقْمِ والوَصَبِ [الوِصَبِ]
الرُّداع: النُّكْس؛ وَقَالَ كثيِّر:
وإِنِّي عَلَى ذَاكَ التَّجَلُّدِ؛ إِنَّني ***مُسِرُّ هُيام يَسْتَبِلُّ ويَرْدَعُ
والمَرْدوعُ: المَنْكُوس، وَجَمْعُهُ رُدُوع؛ قَالَ:
وَمَا ماتَ مُذْرِي الدَّمع، بَلْ ماتَ مَنْ بِهِ ***ضَنًى باطِنٌ فِي قَلْبِه ورُدُوع
وَقَدْ رُدِع مِنْ مَرَضِهِ.
والرُّداعُ: كالرَّدْع، والرُّداعُ: الوجَع فِي الْجَسَدِ أَجمع؛ قَالَ قَيْس بْنُ مُعَاذٍ مَجْنُونُ بَنِي عَامِرٍ:
صَفْراء مِنْ بَقَرِ الجِواءِ، كأَنما ***تَرَكَ الحَياةَ بِهَا رُداعُ سَقِيمِ
وَقَالَ قَيْسُ بْنُ ذَرِيح:
فَيا حَزَنًا وعاوَدَني رُداع، ***وَكَانَ فِراقُ لُبْنى كالخِداع
والمِرْدَعُ: الَّذِي يَمْضِي فِي حَاجَتِهِ فَيَرْجِعُ خَائِبًا.
والمِرْدَعُ: الكَسْلان مِنَ المَلَّاحِين.
وَرَجُلٌ رَدِيعٌ: بِهِ رُداع، وَكَذَلِكَ المؤَنث؛ قَالَ صَخْرٌ الْهُذَلِيُّ:
وأَشْفِي جَوًى باليَأْسِ مِنِّي قَدِ ابْتَرَى ***عِظامِي، كَمَا يَبْرِي الرَّديعَ هُيامُها
ورَدَعَ الرجلُ المرأَة إِذا وَطِئها.
والرِّداعةُ: شِبه بَيْتٍ يُتخذ مِنْ صَفِيح ثُمَّ يُجعل فِيهِ لُحْمَةٌ يُصادُ بِهَا الضَّبُع والذِّئب.
والرِّداع، بِالْكَسْرِ: مَوْضِعٌ أَو اسْمُ مَاءٍ؛ قَالَ عَنْتَرَةُ:
بَرَكَتْ عَلَى ماءِ الرِّداع، كأَنَّما ***بَرَكَتْ عَلَى قَصَبٍ أَجَشَّ مُهَضَّمِ
وَقَالَ لَبِيدٌ:
وصاحِبِ مَلْحُوبٍ فُجِعْنا بمَوْتِهِ، ***وَعِنْدَ الرِّداعِ بَيْتُ آخرَ كَوْثَر
قَالَ الأَزهري: وأَقرأَني المُنْذِري لأَبي عُبَيْدٍ فِيمَا قرأَ عَلَى الْهَيْثَمِ: الرَّدِيعُ الأَحمق، بِالْعَيْنِ غَيْرِ مُعْجَمَةٍ.
قَالَ: وأَما الإِيادي فإِنه أَقرأَنيه عَنْ شَمِرٍ الرَّدِيغُ مُعْجَمَةٌ، قَالَ: وَكِلَاهُمَا عِنْدِي مِنْ نَعْتِ الأَحمق.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
40-لسان العرب (هدلق)
هدلق: بَعِيرٌ هِدْلِقٌ وهِدْلِيق: وَاسِعُ الأَشداق، وَجَمْعُهُ هَدالق؛ وأَنشد أَعرابي: " هَدالِقًا دَلاقِمَ الشدُوقِ "والهِدْلِقُ: الْخَطِيبُ.والهَدالِقُ: الطِّوَالُ.
اللِّيْثُ: الهِدْلِقُ المُنْخُل.
ابْنُ بَرِّيٍّ: الهِدْلِق النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ المِشْفَرِ؛ قَالَ الجُهَني: " وقُلُص حَدَوْتُها هَدالق "وَقَدْ يَكُونُ مِنْ صِفَةِ المِشْفَر؛ قَالَ عِمَارَةُ: " ينفُضْنَ بالمَشافر الهَدالِقِ "هرق: الأَزهري: هَراقتِ السَّمَاءُ مَاءَهَا وَهِيَ تُهَرِيقُ وَالْمَاءُ مُهَراق، الْهَاءُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُتَحَرِّكَةٌ لأَنها لَيْسَتْ بأَصلية إِنَّمَا هِيَ بَدَلٌ مِنَ هَمْزَةِ أَراق، قَالَ: وهَرَقْت مِثْلُ أَرَقْتُ، قَالَ: وَمَنْ قَالَ أَهْرَقْت فَهُوَ خطأٌ فِي الْقِيَاسِ، وَمَثَلُ الْعَرَبِ يُخَاطَبُ بِهِ الْغَضْبَانُ: هَرِّقْ عَلَى جَمْرِكَ أَو تَبَيَّنْ أَي تَثَبت، وَمِثْلُ هَرَقْتُ والأَصل أَرَقْتُ قولُهم: هَرَحْت الدَّابَّةَ وأَرَحْتُها وهَنَرْتُ النَّارَ وأَنَرْتُها، قَالَ: وَأَمَّا لُغَةُ مَنْ قَالَ أَهْرَقْتُ الْمَاءَ فَهِيَ بَعِيدَةٌ؛ قَالَ أَبو زَيْدٍ: الْهَاءُ مِنْهَا زَائِدَةٌ كَمَا قَالُوا أَنهأْت اللَّحْمَ، والأَصل أَنأْته بِوَزْنِأَنَعْتهُ.
وَيُقَالُ هَرِّقْ عَنَّا مِنْ الظَّهِيرَةِ وأَهْرِئْ عَنَّا بِمَعْنَاهُ، مَنْ قَالَ أَهْرِقْ عَنَّا مِنَ الظَّهِيرَةِ جَعَلَ الْقَافَ مُبْدَلَةً مِنَ الْهَمْزَةِ فِي أَهْرِئْ، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ إِنَّمَا هُوَ هَراق يُهَرْيقُ لأَن الأَصل مِنْ أَراقَ يُرِيقُ يُأَرْيق، لأَن أَفْعَل يُفْعِلُ كَانَ فِي الأَصل يُأَفْعِلُ فَقَلَبُوا الْهَمْزَةَ الَّتِي فِي يُأَرْيِقُ هَاءً فَقِيلَ يُهَرْيِق، وَلِذَلِكَ تَحَرَّكَتِ الْهَاءُ.
الْجَوْهَرِيُّ: هَراق الْمَاءَ يُهَرِيقه، بِفَتْحِ الْهَاءِ، هِراقة أَي صبَّه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ:
رُبَّ كَأْسٍ هَرَقْتَها، ابنَ لُؤَيّ، ***حَذَرَ الْمَوْتِ، لَمْ تكُنْ مُهْراقَهْ
وأَنشد لأَوس بْنِ حُجْرٍ:
نُبِّئْتُ أَنّ دَمًا حَرَامًا نِلْتَهُ، ***فهُرِيق فِي ثوبٍ عَلَيْكَ مُحَبَّر
وأَنشد لِلنَّابِغَةِ: وَمَا هُرِيقَ عَلَى الأَنْصابِ مِنْ جَسَدِ "قَالَ: وأَصل هَراق أَراقَ يُرِيقُ إراقَةً، وَأَصْلُ أَراقَ أَرْيَقَ، وأَصل يُرِيقُ يُرْيِقُ، وأَصل يُرْيِق يُأَرْيِقُ، وَإِنَّمَا قَالُوا أَنا أُهَرِيقُه وَهُمْ لَا يَقُولُونَ أُأَرِيقُهُ لِاسْتِثْقَالِهِمُ الْهَمْزَتَيْنِ، وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بَعْدَ الإِبدال، وَفِيهِ لُغَةٌ أُخرى: أَهْرَقَ الْمَاءَ يُهْرِقُه إهْراقًا عَلَى أَفْعَلَ يُفْعِلُ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَبدلوا مِنَ الْهَمْزَةِ الْهَاءَ ثُمَّ أُلزمت فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مِنْ نَفْسِ الْحَرْفِ، ثُمَّ أُدخلت الأَلف بعدُ عَلَى الْهَاءِ وَتُرِكَتِ الْهَاءُ عِوَضًا مِنْ حَذْفِهِمْ حَرَكَةَ الْعَيْنِ، لأَن أَصل أَهْرَق أَرْيقَ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذِهِ اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي حَكَاهَا عن سيبوبه هِيَ الثَّالِثَةُ الَّتِي يَحْكِيهَا فِيمَا بعدُ إِلَّا أَنه غَلِطَ فِي التَّمْثِيلِ فَقَالَ أَهْرَق يُهْرِق، وَهِيَ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ شَاذَّةٌ نَادِرَةٌ لَيْسَتْ بِوَاحِدَةٍ مِنَ اللُّغَتَيْنِ الْمَشْهُورَتَيْنِ؛ يَقُولُونَ: هَرَقْت الماءَ هَرْقًا وأَهْرَقْتُه إهْراقًا، فَيَجْعَلُونَ الْهَاءَ فَاءً وَالرَّاءَ عَيْنًا وَلَا يَجْعَلُونَهُ مُعْتَلًّا، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ الَّتِي حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ فَهِيَ أَهْرَاق يُهْرِيق إهْراقةً، فَغيَّرها الْجَوْهَرِيُّ وَجَعَلَهَا ثَالِثَةً وَجَعَلَ مَصْدَرَهَا إهْرِياقًا، أَلا تَرَى أَنه حُكِيَ عَنْ سِيبَوَيْهِ فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ أَن الْهَاءَ عِوَضٌ مِنْ حَرَكَةِ الْعَيْنِ لأَن الأَصل أَرْيَق؟ فَهَذَا يَدُلُّ أَنه مِنْ أَهْرَاق إهْراقةً بالأَلف، وَكَذَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ فِي اللُّغَةِ الثَّانِيَةِ الصَّحِيحَةِ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَفِيهِ لُغَةٌ ثَالِثَةٌ أَهْرَاق يُهْرِيق إهْرِياقًا، فَهُوَ مُهْريق، وَالشَّيْءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضًا، بِالتَّحْرِيكِ، وَهَذَا شَاذٌّ، وَنَظِيرُهُ أَسْطَاع يُسْطيع إسْطِياعًا، بِفَتْحِ الأَلف فِي الْمَاضِي وَضَمِّ الْيَاءِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، لُغَةٌ فِي أَطاع يُطِيع، فَجَعَلُوا السِّينَ عِوَضًا مِنْ ذَهَابِ حَرَكَةِ عَيْنِ الْفِعْلِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ عَنِ الأَخفش فِي بَابِ الْعَيْنِ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حُكْمُ الْهَاءِ عِنْدِي.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ ذَكَرْنَا أَن هَذِهِ اللُّغَةَ هِيَ الثَّانِيَةُ فِيمَا تَقَدَّمَ إِلَّا أَنه غَيَّرَ مَصْدَرَهَا فَقَالَ إهْرِياقًا، وَصَوَابُهُ إِهْراقةً، لأَن الأَصل أَراقَ يُرِيقُ إِراقةً، ثُمَّ زِيدَتْ فيه الهاء فصارت إِهْرَاقةً، وتاءُ التأْنيث عِوَضٌ مِنَ الْعَيْنِ الْمَحْذُوفَةِ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ السَّرَّاجِ أَهْرَاق يُهْرِيقُ إِهْراقةً، وأسْطاع يُسْطيع إسْطاعةً، قَالَ: وأَما الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ مِنْ أَن مَصْدَرَ أَهْراقَ وأَسْطَاع إهْرياقًا وإسطِياعًا فَغَلِطَ مِنْهُ، لأَنه غَيْرُ مَعْرُوفٍ، وَالْقِيَاسُ إهْراقةً وإسْطَاعةً عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَإِنَّمَا غلَّطه فِي إسْطِيَاع أَنه أَتى بِهِ عَلَى وَزْنِ الاسْتِطاعِ مَصْدَرِ اسْتَطاع، قَالَ: وَهَذَا سَهْوٌ مِنْهُ لأَن أَسْطاع هَمْزَتُهُ قَطْعٌ، والاسْتِطاع والاسْطِيَاع هَمْزَتُهُمَا وَصْلٌ، وَقَوْلُهُ: والشيءُ مُهْراق ومُهَراق أَيضًا، بِالتَّحْرِيكِ، غَيْرُ صَحِيحٍ لأَن مَفْعُولَ أَهْرَاق مُهْراق لَا غَيْرَ؛ قَالَ: وأَما مُهَراق، بِالْفَتْحِ، فَمَفْعُولُ هَرَاق وَقَدْ تَقَدَّمَ شَاهِدُهُ؛ وَشَاهِدُ المُهْراق مَا أُنشد" فِي بَابِ الْهِجَاءِ مِنَ الْحَمَاسَةِ لعُمارة بْنِ عَقِيلٍ:
دعَتْهُ، وَفِي أَثوابِهِ مِنْ دِمَائِهَا ***خَليطَا دمٍ مُهْراقةٍ غَيْرِ ذَاهِبِ
وَقَالَ جَرِيرٌ العِجْلي، وَيُرْوَى للأَخطل وَهِيَ فِي شِعْرِهِ:
إِذَا مَا قُلْتُ: قَدْ صالَحْتُ قَوْمِي، ***أَبى الأَضْغَانُ والنسبُ البَعيدُ
ومُهْراقُ الدماءِ بوارِدَاتٍ، ***تَبِيدُ المُخْزِياتُ وَلَا تَبِيدُ
قَالَ: وَالْفَاعِلُ مِنْ أَهْراقَ مُهْرِيقٌ؛ وَشَاهِدُهُ قَوْلُ كثيِّر:
فأَصْبَحْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَةَ مائِهِ ***لضَاحِي سَرَابٍ، بالمَلا يَتَرَقْرَقُ
وَقَالَ العُدَيْلُ بْنُ الفَرْخ:
فكنْت كمُهْرِيقِ الَّذِي فِي سِقائِهِ ***لِرَقْرَاقِ آلٍ، فَوْقَ رابيةٍ جَلْدِ
وَقَالَ آخَرُ:
فظَلَلْتُ كالمُهْرِيقِ فَضْلَ سِقائِهِ ***فِي جَوِّ هاجِرَةٍ، لِلَمْعِ سَرابِ
وَشَاهِدُ الإِهْرَاقةِ فِي الْمَصْدَرِ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
فَلَمَّا دَنَتْ إهْرَاقَةُ الماءِ أَنْصَتَتْ ***لأَعْزِلَةٍ عَنْهَا، وَفِي النَّفْسِ أَن أُثْني
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ: وأَصل أَرَاقَ أَرْيَقَ، قَالَ أَراق أَصله أَرْوَقَ بِالْوَاوِ لأَنه يُقَالُ رَاقَ الماءُ رَوَقانًا انصبَّ، وأَراقهُ غَيْرُهُ إِذَا صَبَّه، قَالَ: وَحَكَى الْكِسَائِيُّ رَاقَ الماءُ يَرِيقُ انصبَّ، قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَصل أَرَاقَ مِنَ الْيَاءِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أُهْرِيقَ دَمُهُ»؛ وَتَقْدِيرُ يُهَرِيقُ، بِفَتْحِ الْهَاءِ، يُهَفْعِلُ، وَتَقْدِيرُ مُهَرَاق، بِالتَّحْرِيكِ، مُهَفْعَل؛ وَأَمَّا تَقْدِيرُ يُهْرِيق، بِالتَّسْكِينِ، فَلَا يُمْكِنُ النُّطْقُ بِهِ لأَن الْهَاءَ وَالْفَاءَ سَاكِنَانِ، وَكَذَلِكَ تَقْدِيرُ مُهْرَاق، وَحَكَى بَعْضُهُمْ مَطَرٌ مُهْرَوْرِقٌ.
وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ: «أَن امرأَة كَانَتْ تُهَراقُ الدمَ»؛ هَكَذَا جاءَ عَلَى مَا لَمْ يسمَّ فَاعِلُهُ، وَالدَّمُ مَنْصُوبٌ أَيْ تُهَرَاقُ هِيَ الدمَ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً، وَلَهُ نَظَائِرُ، أَوْ يَكُونُ قَدْ أُجري تُهَراقُ مَجْرَى نُفِسَت المرأَةُ غُلَامًا، ونُتِجَ الفرسُ مُهْرًا، وَيَجُوزُ رَفْعُ الدَّمِ عَلَى تَقْدِيرِ تُهَرَاقُ دِمَاؤُهَا، وَتَكُونُ الأَلف وَاللَّامُ بَدَلًا مِنَ الإِضافة كَقَوْلِهِ تعالى: {أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ}؛ أَيْ عُقْدَةُ نكاحِهِ أَوْ نِكَاحِهَا، وَالْهَاءُ فِي هَرَاقَ بَدَلٌ مِنْ هَمْزَةِ أَرَاقَ الْمَاءَ يُرِيقهُ وهَرَاقه يُهَرِيقُه، بِفَتْحِ الْهَاءِ، هَراقةً.
وَيُقَالُ فِيهِ: أَهْرَقْتُ الماءَ أُهْرِقُهُ إهْرَاقًا فَيَجْمَعُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ.
ابْنُ سِيدَهْ: اهْرَوْرَقَ الدمعُ وَالْمَطَرُ جَرَيا، قَالَ: وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ هَرَاق لأَن هَاءَ هَرَاق مُبْدَلَةٌ وَالْكَلِمَةَ مُعْتَلَّةٌ، وَأَمَا اهْرَوْرَقَ فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُتَكَلَّمْ بِهِ إلَّا مَزيدًا مُتَوَهَّمٌ مِنْ أَصْلِ ثُلَاثِيٍّ صَحِيحٍ لَا زِيَادَةَ فِيهِ، وَلَا يَكُونُ مِنْ لَفْظِ أَهْرَاقَ لأَن هَاءَ أَهْرَاقَ زَائِدَةٌ عِوَضٌ مِنْ حَرَكَةِ الْعَيْنِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ سِيبَوَيْهِ فِي أَسْطَاعَ.
وَيَوْمُ التهَارُقِ: يَوْمُ المَهْرَجان، وَقَدْ تَهَارقُوا فِيهِ أَيْ أَهْرَقَ الْمَاءَ بعضُهم عَلَى بعضٍ، يَعْنِي بالمَهْرَجانِ الَّذِي نُسَمِّيهِ نَحْنُ النَّوْرُوز.
والمُهْرُقَانُ: الْبَحْرُ لأَنه يُهَرِيق ماءَه عَلَى السَّاحِلِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ اللَّفْظِ؛ أَبو عَمْرٍو: هُوَ اليَمُّ والقَلَمَّشُ والنَّوْفَلُ والمُهْرُقانُ الْبَحْرُ، بِضَمِّ الْمِيمِ وَالرَّاءِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
تَمَشَّى بِهِ نَفْرُ الظِّباءِ كأَنَّها ***جَنَى مُهْرُقانٍ، فاضَ بِاللَّيْلِ سَاحِلهْ
ومُهْرُقان: مُعَرَّبٌ أَصله مَا هِي رُويانْ؛ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مُهْرُقان مُفْعُلان مِنْ هَرَقْت لأَن الْبَحْرَ ماؤُه يَفِيضُ عَلَى السَّاحِلِ إِذَا مَدَّ، فَإِذَا جَزَرَ بَقِيَ الوَدَع.
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ لِلْبَحْرِ المُهْرَقان والدَّأْماءُ، خَفِيفٌ؛ وَقِيلَ المُهْرُقان سَاحِلُ الْبَحْرِ حَيْثُ فَاضَ فِيهِ الماءُ ثُمَّ نَضَب عنه فبقي الوَدَع، وأَورد بَيْتَ ابْنِ مُقْبِلٍ وَقَالَ: وجَناهُ مَا يَبْقَى مِنَ الوَدَعِ.
والمُهْرَقُ: الصَّحِيفَةُ الْبَيْضَاءُ يُكْتَبُ فِيهَا، فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ، وَالْجَمْعُ المَهارق؛ قَالَ حَسَّانُ:
كَمْ للمَنازل مِنْ شَهْرٍ وأَحوالِ، ***لِآلِ أَسْماءَ، مِثْل المُهْرَقِ البالِي
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ: كَمَا تَقادَمَ عَهْدُ المُهْرَقِ الْبَالِي قَالَ: وَقَالَ الْحَرْثُ بْنُ حلِّزة: آيَاتُهَا كَمَهارِقِ الحَبَشِ والمَهارق فِي قَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ: بيَعْمَلة بَيْنَ الدُّجَى والمَهَارِق "الفَلَواتُ، وَقِيلَ الطُّرُقُ، وَقِيلَ: المُهْرَق ثَوْبُ حَرِيرٍ أَبيض يُسْقَى الصمغَ ويُصْقَلُ ثُمَّ يُكْتُبُ فِيهِ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ مُهر كَرْد، وَقِيلَ: مَهْره لأَن الخَرَزة الَّتِي يُصقل بِهَا يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ كَذَلِكَ.
والمُهْرَقُ: الصَّحْرَاءُ الْمَلْسَاءُ.
والمَهارق: الصَّحاري، وَاحِدُهَا مُهْرَق، وَهُوَ مُعَرَّبٌ؛ قَالَ الأَزهري: وَإِنَّمَا قِيلَ لِلصَّحْرَاءِ مُهْرق تَشْبِيهًا بِالصَّحِيفَةِ؛ قَالَ الأَعشى:
رَبّي كَرِيمٌ لَا يكدِّرُ نِعْمَةً، ***فَإِذَا تُنُوشِد فِي المَهارِق أَنْشَدا
أَرَادَ بالمَهارق الصَّحَائِفَ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: بَلَدٌ مَهَارِق وأَرضٌ مَهَارِق كأَنهم جَعَلُوا كُلَّ جزءٍ مِنْهُ مُهْرَقًا؛ قَالَ:
وخَرْق مَهَارِق ذِي لُهْلُهٍ، ***أجَدَّ الأُوَامَ بِهِ مَظْمَؤُه
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِنَّمَا أَراد مِثْلَ المَهارق، وأَجَدَّ: جَدَّد، واللُّهْلُه: الِاتِّسَاعُ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَأَمَّا مَا رَوَاهُ اللِّحْيَانِيُّ مِنْ قَوْلِهِمْ هَرِقْتُ حَتَّى نِصْفِ اللَّيْلِ فَإِنَّمَا هُوَ أَرِقْتُ، فأَبدل الْهَاءَ مِنَ الْهَمْزَةِ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ هَرِيقُوا عَنْكُمْ أوَّل اللَّيْلِ وفَحْمَةَ اللَّيْلِ أَيِ انْزِلُوا، وَهِيَ سَاعَةٌ يَشُقُّ فِيهَا السَّيْرُ عَلَى الدَّوَابِّ حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ، وَهُمَا بَيْنَ العشاءَين.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
41-لسان العرب (خضم)
خضم: الخَضْمُ: الأَكل عَامَّةً، وَقِيلَ: هُوَ مَلءُ الْفَمِ بِالْمَأْكُولِ، وَقِيلَ: الخَضْمُ الأَكل بأَقْصى الأَضراس والقَضْمُ بأَدْناها؛ قَالَ أَيْمَنُ بْنُ خُرَيْم يَذْكُرُ أَهل الْعِرَاقِ حِينَ ظَهَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ عَلَى مُصْعَبٍ: رَجَوْا بالشِّقاقِ الأَكل خَضْمًا، فَقَدْ رَضُوا، أَخيرًا مِنْ أَكْلِ الخَضْمِ، أَن يأْكلوا القضْمَا وَقِيلَ: الخَضْمُ أَكلُ الشَّيْءِ الرَّطْب خَاصَّةٌ كالقِثَّاء وَنَحْوِهِ، وكلُّ أَكل فِي سَعَة ورَغَد خَضْمٌ، وقيل: " الخَضمُ للإِنسان بِمَنْزِلَةِ القَضْم مِنَ الدَّابّة، خَضِم يَخْضَمُ خَضْمًا، وقَضِمَ يَقْضَمُ قَضْمًا.والخُضامُ: مَا خُضِمَ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «أَنه مَرَّ بمَرْوانَ وَهُوَ يَبْنِي بُنيانًا لَهُ فَقَالَ: ابْنوا شَدِيدًا»، وأَمِّلُوا بَعِيدًا، واخْضَمُوا فَسَنَقْضَمُ.
الْجَوْهَرِيُّ: خَضِمت الشيءَ، بِالْكَسْرِ، أَخْضَمُه خضْمًا؛ قَالَ الأَصمعي: هُوَ الأَكل بِجَمِيعِ الْفَمِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: «فَقَامَ إِليه بَنُو أُميَّة يَخْضَمونَ مَالَ اللَّهِ خَضْمَ الإِبل نَبْتَةَ الرَّبِيعِ»؛ الخَضْمُ: الأَكل بأَقصى الأَضراس والقَضْمُ بأَدْناها، خَضِمَ يَخْضَمُ خَضْمًا.
وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: «تأْكلون خَضْمًا ونأْكل قَضْمًا».
وَفِي حَدِيثِ المُغِيرَة: «بِئس، لعَمْرُ اللهِ، زَوْجُ المرأَةِ الْمُسْلِمَةِ خُضَمَةٌ حُطَمَةٌ»أَي شَدِيدُ الخَضْم، وَهُوَ مِنْ أَبنية الْمُبَالَغَةِ.
أَبو حَنِيفَةَ: الخَضِيمة النَّبْتُ إِذا كَانَ رَطْبًا أَخضر، قَالَ: وأَحسبه سُمِّيَ خَضِيمةً لأَن الرَّاعِيَةَ تَخْضِمُهُ كَيْفَ شَاءَتْ.
والخَضِيمةُ مِنَ الأَرض: مِثْلُ الخُضُلَّة، وَهِيَ النَّاعِمَةُ المِنباتُ.
ورجلُ مُخْضَمٌ: مُوَسَّعٌ عَلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا.
وخَضَم لَهُ مِنْ مَالِهِ: أَعطاه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، ورَدَّ ذَلِكَ ثَعْلَبٌ وَقَالَ: إِنما هُوَ هَضَمَ.
والخِضَمُّ، عَلَى وَزْنِ الهِجَفِّ: السَّيِّدُ الحَمُولُ الجَوادُ المِعْطاءُ الْكَثِيرُ المعروفِ والعطيةِ، وَلَا تُوصَفُ بِهِ المرأَة، وَالْجَمْعُ خِضَمُّونَ، وَلَا يُكَسَّرُ.
والخِضَمُّ: الْبَحْرُ لِكَثْرَةِ مَائِهِ وَخَيْرِهِ، وَبَحْرٌ خِضَمٌّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
رَوافِدُهُ أَكْرَمُ الرَّافِدات، ***بَخٍ لكَ بَخّ لبَحْرٍ خِضَمّ
والخِضَمُّ أَيضًا: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
فاجْتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ، ***فَخَطَمُوا أَمْرَهُمُ وزَمُّوا
خَطَموا أَمرهم: أَحكموه، وَكَذَلِكَ زَمُّوا، وأَصلها مِنَ الخِطام والزِّمامِ.
والخِضَمُّ: الْفَرَسُ الضَّخْمُ الْعَظِيمُ الوَسَطِ.
وخَضَمَه يَخْضِمُه خَضْمًا: قَطَعَهُ.
والسيفُ يَختَضِمُ العظمَ إِذا قَطَعَهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
إِنَّ القُساسِيَّ، الَّذِي يُعْصَى بِهِ، ***يَخْتَضِمُ الدَّارِعَ فِي أَثوابه
واخْتَضَمَ الطريقَ إِذا قَطَعَهُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ إِبل ضُمّرٍ:
ضَوابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ، ***تَخْتَضِمُ البِيد بِغَيْرِ تَعْبِ
وَسَيْفٌ خِضَمٌّ: قَاطِعٌ.
والخِضَمُّ: المِسَنُّ لأَنه إِذا شَحَذَ الحديدَ قَطَعَ؛ قَالَ أَبو وَجْزَة:
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنانُ بِهَا، ***عَلَى خِضَمّ، يُسَقَّى الماءَ، عَجَّاجِ
وَفِي الصِّحَاحِ: الخِضَمُّ فِي قَوْلِ أَبي وَجْزَةَ المُسِنُّ مِنَ الإِبل؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ المِسَنُّ الَّذِي يُسَنّ عَلَيْهِ الحديدُ، قَالَ: وَكَذَلِكَ حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأُمَويّ، وَذَكَرَ الْبَيْتَ الَّذِي ذَكَرَهُ لأَبي وَجْزَةَ، وَقَدْ أَورده ابْنُ سِيدَهْ وَغَيْرُهُ وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: شَبَّهَهَا بِسَهْمٍ مُوَقَّعٍ قَدْ مَاجَتِ الأَصابع فِي سَنِّه عَلَى حَجَرٍ خِضَمٍّ يأْكل الْحَدِيدَ، عَجَّاج أَي بِصَوْتِهِ عَجِيج، والحَرَّى: المِرْماة العَطْشَى.
الأَصمعي: الخُضُمَّةُ، بِالضَّمِّ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ، عَظْمَةُ الذِّرَاعِ وَهِيَ مُسْتَغْلَظُهَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " خُضُمَّة الذِّراعِ هذا المُخْتَلا "وخُضُمَّة الذِّرَاعِ: مُعْظَمُها.
وطَعَنَ فِي خُضُمَّته أَي فِي وَسَطِهِ.
وَفُلَانٌ فِي خُضُمَّةِ قَوْمِهِ أَي أَوساطهم.
وَيُقَالُ: إِن الخُضُمَّةَ مُعْظَمُ كُلِّ أَمر.
والخَضِيمةُ: حِنْطة تُؤْخَذُ فتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثُمَّ تُجْعَلُ فِي الْقِدْرِ وَيَصُبُّ عَلَيْهَا مَاءٌ فَتُطْبَخُ حَتَّى تَنْضَجَ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ الرطْبُ الأَخضر مِنَ النَّبَاتِ.
والمُخْضِمُ: الْمَاءُ الَّذِي لَا يَبْلُغُ أَن يَكُونَ أُجاجًا يَشْرَبُهُ الْمَالُ وَلَا يَشْرَبُهُ النَّاسُ.
والخَضَّم: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ؛ قَالَ:
حَوْلي أُسَيِّدُ والهُجَيمُ ومازنٌ، ***وإِذا حَلَلْتُ فَحَوْلَ بَيْتيَ خَضَّمُ
وخَضَّم: اسْمُ بَلَدٍ.
والخَضَّمُ، وَفِي الصِّحَاحِ خَضَّمٌ عَلَى وَزْنِ بَقَّمٍ: اسْمُ العَنْبَر بْنِ عَمْرِو بْنِ تَمِيمٍ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْقَبِيلَةِ، يَزْعُمُونَ أَنهم إِنما سُموا بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ الخَضْمِ، وَهُوَ الْمَضْغُ بالأَضراس لأَنه مِنْ أَبنية الأَفعال دُونَ الأَسماء؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ طَريف بْنِ مَالِكٍ العَنْبري:
حَوْلي فَوارِسُ مِنْ أُسَيِّدَ شَجْعَةٌ، ***وإِذا نَزَلْتُ فَحَوْلَ بَيتيَ خَضَّمُ
وخَضَّمٌ: اسْمُ مَاءٍ، زَادَ الأَزهري: لِبَنِي تَمِيمٍ، وَقَالَ:
لَوْلَا الإِلَهُ مَا سَكَنَّا خَضَّمَا، ***وَلَا ظَلِلْنا بالمَشائي قُيَّمَا
وَفِي الصِّحَاحِ: بالمَشاء قُيَّما، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ فِي بَقَّم.
أَبو تُرَابٍ: قَالَ زَائِدَةُ الْقَيْسِيُّ خَضَفَ بِهَا وخَضَمَ بِهَا إِذا ضَرط، وَقَالَهُ عَرَّامٌ؛ وأَنشد للأَغْلَب: " إِن قابَلَ العِرْسَ تَشَكّى وخَضَمْ.
الأَزهري: وحَصَمَ مِثْلُهُ، بِالْحَاءِ وَالصَّادِ.
وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ: «الدَّنَانِيرُ السَّبْعَةُ نَسِيتُهَا فِي خُضْمِ الفِراش»أَي جَانِبِهِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: حَكَاهَا أَبو مُوسَى عَنْ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ، وَقَالَ: الصَّحِيحُ بِالصَّادِّ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَفِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ: «وَذَكَرَ الْجُمْعَةَ فِي نَقِيعٍ يُقَالُ لَهُ نَقِيعُ الخَضِماتِ»، وَهُوَ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي المدينة.
والخُضُمَّانِ: موضع.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
42-لسان العرب (أسن)
أسن: الآسِنُ مِنَ الْمَاءِ: مثلُ الآجِن.أَسَنَ الماءُ يأْسِنُ ويأْسُنُ أَسْنًا وأُسونًا وأَسِنَ، بِالْكَسْرِ، يأْسَنُ أَسَنًا: تغيَّر غَيْرَ أَنه شروبٌ، وَفِي نُسْخَةٍ: تغيَّرت ريحُه، ومياهٌ آسانٌ؛ قَالَ عوْفُ بْنُ الخَرِع:
وتشْربُ آسانَ الحِياضِ تَسوفُها، ***ولوْ ورَدَتْ ماءَ المُرَيرةِ آجِما
أَرادَ آجِنًا، فقلبَ وأَبدلَ.
التَّهْذِيبُ: أَسَنَ الماءُ يأْسِنُ أَسْنًا وأُسونًا، وَهُوَ الَّذِي لَا يَشْرَبُهُ أَحدٌ مِنْ نَتْنِه.
قَالَ اللَّهُ تعالى: {مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ}؛ قَالَ" الْفَرَّاءُ: غَيْرُ متغيّرٍ وآجِنٍ، وروى الأَعمش عَنْ شَقِيق قَالَ: قَالَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نَهيك بْنُ سِنَانٍ: يَا أَبا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَياءً تجدُ هَذِهِ الْآيَةَ أَم أَلفًا مِنْ ماءٍ غيرِ آسِنٍ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: وَقَدْ علمتُ القرآنَ كُلَّهُ غَيْرَ هَذِهِ، قَالَ: إِنِّي أَقرأُ المفصَّل فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كهذِّ الشِّعْر، قَالَ الشَّيْخُ: أَراد غيرَ آسِنٍ أَم ياسِنٍ، وَهِيَ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: « أَن قَبيصةَ بْنَ جَابِرٍ أَتاه فَقَالَ: إِنِّي دَمَّيْتُ ظَبيًا وأَنا مُحْرِم فأَصَبْتُ خُشَشَاءَه فأَسِنَ فَمَاتَ »؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: قَوْلُهُ فأَسِنَ فَمَاتَ يَعْنِي دِيرَ بِهِ فأَخذه دُوارٌ، وَهُوَ الغَشْيُ، وَلِهَذَا قِيلَ لِلرَّجُلِ إِذَا دَخَلَ بِئرًا فاشتدَّت عَلَيْهِ ريحُها حَتَّى يُصيبَه دُوارٌ فَيَسْقُطَ: قَدْ أَسِنَ؛ وَقَالَ زُهَيْرٌ:
يُغادِرُ القِرْنَ مُصْفرَّا أَنامِلُه، ***يميدُ فِي الرُّمْحِ مَيْدَ المائحِ الأَسِنِ
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: هُوَ اليَسِنُ والأَسِنُ؛ قَالَ: سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ مثلَ اليَزَنِيِّ والأَزَنِيّ، واليَلَنْدَدِ والأَلَنْدَدِ، وَيُرْوَى الوَسِن.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَسِنَ الرجلُ مِنْ رِيحِ الْبِئْرِ، بِالْكَسْرِ، لَا غَيْرُ.
قَالَ: وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ يَمِيلُ فِي الرُّمْحِ مثلَ الْمَائِحِ، وأَورده الْجَوْهَرِيُّ: قَدْ أَترك الْقِرْنَ، وَصَوَابُهُ يُغَادِرُ الْقِرْنَ، وَكَذَا فِي شِعْرِهِ لأَنه مِنْ صِفَةِ الْمَمْدُوحِ؛ وَقَبْلَهُ:
أَلَمْ ترَ ابنَ سِنانٍ كيفَ فَضَّلَه، ***مَا يُشْتَرى فِيهِ حَمْدُ الناسِ بالثَّمن؟
قَالَ: وَإِنَّمَا غلَّط الجوهريَّ قولُ الْآخَرِ:
قَدْ أَتْرُكُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أَنامِلُه، ***كأَنَّ أَثوابَه مُجَّت بفِرْصاد
وأَسِنَ الرجلُ أَسَنًا، فَهُوَ أَسِنٌ، وأَسِنَ يأْسَنُ ووَسِنَ: غُشِيَ عَلَيْهِ مِنْ خُبْث ريحِ الْبِئْرِ.
وأَسِنَ لَا غَيْرُ: استدارَ رأْسُه مِنْ رِيحٍ تُصيبه.
أَبو زَيْدٍ: ركيّة مُوسِنةٌ يَوْسَنُ فِيهَا الإِنسانُ وَسَنًا، وَهُوَ غَشْيٌ يأْخذه، وَبَعْضُهُمْ يَهْمِزُ فَيَقُولُ أَسِن.
الْجَوْهَرِيُّ: أَسِنَ الرجلُ إِذَا دَخَلَ الْبِئْرَ فأَصابته ريحٌ مُنْتِنة مِنْ رِيحِ الْبِئْرِ أَو غَيْرِ ذَلِكَ فغُشِيَ عَلَيْهِ أَو دَارَ رأْسُه، وأَنشد بَيْتَ زُهَيْرٍ أَيضًا.
وتأَسَّنَ الماءُ: تَغَيَّرَ.
وتأَّسَّنَ عَلَيَّ فلانٌ تأَسنًا: اعْتَلَّ وأَبْطَأَ، وَيُرْوَى تأَسَّرَ، بِالرَّاءِ.
وتأَسَّنَ عَهْدُ فُلَانٍ ووُدُّه إِذَا تغيَّر؛ قَالَ رُؤْبَةُ: " راجَعَه عَهْدًا عَنِ التأّسُّن "التَّهْذِيبُ: والأَسينةُ سَيْرٌ وَاحِدٌ مِنْ سُيور تُضْفَر جميعُها فتُجعل نِسعًا أَو عِنانًا، وكلُّ قُوَّة مِنْ قُوَى الوَتَر أَسِينةٌ، وَالْجَمْعُ أَسائِنُ.
والأُسونُ: وَهِيَ الآسانُ.
أَيضًا.
الْجَوْهَرِيُّ: الأُسُن جَمْعُ الْآسَانِ، وَهِيَ طَاقَاتُ النِّسْع والحَبْل؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو؛ وأَنشد الْفَرَّاءُ لِسَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ:
لَقَدْ كنتُ أَهْوَى الناقِميَّة حِقْبةً، ***وَقَدْ جعلَتْ آسانُ وَصْلٍ تَقطَّعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: جَعَلَ قُوَى الوصْلِ بِمَنْزِلَةِ قُوى الحبْل، وَصَوَابُ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ أَن يَقُولَ: وَالْآسَانُ جَمْعُ الأُسُن، والأُسُنُ جَمْعُ أَسينة، وَتُجْمَعُ أَسينة أَيضًا عَلَى أَسائنَ فَتَصِيرُ مِثْلَ سَفِينَةٍ وسُفُن وسَفائنَ، وَقِيلَ: الْوَاحِدُ إسْنٌ، وَالْجَمْعُ أُسُونٌ وآسانٌ؛ قَالَ: وَكَذَا فُسِّرَ بَيْتُ الطِّرِمَّاحِ:
كحلْقومِ القَطاة أُمِرَّ شَزْرًا، ***كإمْرارِ المُحَدْرَجِ ذي الأُسونِ
وَيُقَالُ: أَعطِني إسْنًا مِنْ عَقَبٍ.
والإِسْنُ: العَقَبةُ، والجمعُ أُسونٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: " وَلَا أَخا طريدةٍ وإسْنِ "وأَسَنَ الرجلُ لأَخيه يأْسِنُه ويأْسُنُه إِذَا كسَعَه برجلِه.
أَبو عَمْرٍو: الأَسْنُ لُعْبة لَهُمْ يُسَمُّونَهَا الضَّبْطَة والمَسَّة.
وآسانُ الرَّجُلِ: مَذاهبُه وأَخلاقُه؛ قَالَ ضابئٌ البُرْجُمِيّ فِي الآسانِ الأَخلاق:
وقائلةٍ لَا يُبْعِدُ اللهُ ضَابِئًا، ***وَلَا تبْعَدَنْ آسَانُهُ وَشَمَائِلُهُ
والآسانُ والإِسانُ: الْآثَارُ القديمةُ.
والأُسُن: بقيَّة الشَّحْمِ الْقَدِيمِ.
وسَمِنت عَلَى أُسُنٍ أَي عَلَى أَثارة شَحْمٍ قَدِيمٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ: الأُسُنُ الشحمُ الْقَدِيمُ وَالْجَمْعُ آسانٌ.
الْفَرَّاءُ: إِذَا أَبقيتَ مِنْ شَحْمِ النَّاقَةِ وَلَحْمِهَا بَقِيَّةً فاسمُها الأُسُنُ والعُسُنُ، وَجَمْعُهَا آسانٌ وأَعْسانٌ.
يقال: سَمِنَت ناقتُه عَنْ أُسُنٍ أَي عَنْ شحمٍ قَدِيمٍ.
وآسانُ الثّيابِ: مَا تقطَّع مِنْهَا وبَلِيَ.
يُقَالُ: مَا بَقِيَ مِنَ الثَّوْبِ إِلَّا آسانٌ أَي بَقَايَا، وَالْوَاحِدُ أُسُنٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا أَخَوَيْنا مِنْ تَميمٍ، عَرِّجا ***نَسْتَخْبِر الرَّبْعَ كآسانِ الخَلَقْ
وَهُوَ عَلَى آسانٍ مِنْ أَبيه أَي مَشابِهَ، واحدُها أُسُنٌ كعُسُنٍ.
وَقَدْ تأَسَّنَ أَباه إِذَا تَقَيّله.
أَبو عَمْرٍو: تأَسَّنَ الرجلُ أَباه إِذَا أَخذ أَخْلاقَه؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: إِذَا نزَعَ إِلَيْهِ فِي الشَّبَه.
يُقَالُ: هُوَ على آسانٍ من أَبيه أَي عَلَى شَمائلَ مِنْ أَبيه وأَخْلاقٍ مِنْ أَبيه، واحدُها أُسُنٌ مِثْلُ خُلُقٍ وأَخلاق؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُ تأَسَّنَ الرجلُ أَباه قَوْلُ بَشِيرٍ الْفَرِيرِيِّ:
تأَسَّنَ زيدٌ فِعْلَ عَمْرو وخالدٍ، ***أُبُوّة صِدْقٍ مِنْ فريرٍ وبُحْتُر
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الأُسُنُ الشبَهُ، وجمعُه آسانٌ؛ وأَنشد:
تعْرِفُ، فِي أَوْجُهِها البَشائِرِ، ***آسانَ كلِّ أَفِقٍ مُشاجِرِ
وَفِي حَدِيثِ الْعَبَّاسِ فِي مَوْتِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « قَالَ لعُمَرَ خَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا فَإِنَّهُ يأْسَنُ كَمَا يأْسَنُ الناسُ» أَي يتغيَّر، وَذَلِكَ أَن عُمَرَ كَانَ قَدْ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ وَلَكِنَّهُ صَعِقَ كَمَا صَعِقَ مُوسَى، وَمَنَعَهُمْ عَنْ دَفْنِه.
وَمَا أَسَنَ لِذَلِكَ يأْسُنُ أَسْنًا أَي مَا فَطَنَ.
والتأَسُّنُ: التوهُّم والنِّسْيانُ.
وأَسَنَ الشيءَ: أَثْبَتَه.
والمآسِنُ: منابتُ العَرْفجِ.
وأُسُنٌ: ماءٌ لَبَنِيِّ تَمِيمٍ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
قَالَتْ سُلَيْمَى ببَطْنِ القاعِ مِنْ أُسُنٍ: ***لَا خَيْرَ فِي العَيْشِ بعدَ الشَّيْبِ والكِبَر
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنه كَانَ فِي بيتِه الميْسُوسَنُ، فَقَالَ: أَخْرِجُوه فَإِنَّهُ رِجْسٌ "؛ قَالَ شَمِرٌ: قَالَ الْبَكْرَاوِيُّ المَيْسُوسَنُ شَيْءٌ تَجْعَلُهُ النساء في الغِسْلة لرؤوسهن.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
43-لسان العرب (عرا)
عرا: عَرَاهُ عَرْوًا واعْتَرَاه، كِلَاهُمَا: غَشِيَه طَالِبًا مَعْرُوفَهُ، وَحَكَى ثَعْلَبٌ: أَنه سَمِعَ ابْنَ الأَعرابي يَقُولُ إِذا أَتيْت رجُلًا تَطْلُب مِنْهُ حَاجَةً قلتَ عَرَوْتُه وعَرَرْتُه واعْتَرَيْتُه واعْتَرَرْتُه؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرَوْتُه أَعْرُوه إِذا أَلْمَمْتَ بِهِ وأَتيتَه طَالِبًا، فَهُوَ مَعْرُوٌّ.وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: « مَا لَك لَا تَعْتَرِيهمْ وتُصِيبُ مِنْهُمْ؟ »هُوَ مِنْ قَصْدِهم وطَلَبِ رِفْدِهم وصِلَتِهِم.
وَفُلَانٌ تَعْرُوه الأَضْيافُ وتَعْتَرِيهِ أَي تَغْشاهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
أَتيتُكَ عَارِيًا خَلَقًا ثِيابي، ***عَلَى خَوْفٍ، تُظَنُّ بيَ الظُّنونُ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانُوا كَذَّبوه يَعْنِي هُودًا، ثُمَّ جعَلوه مُخْتَلِطًا وادَّعَوْا أَنَّ آلهَتَهم هِيَ الَّتِي خَبَّلَتْه لعَيبِه إِيَّاها، فهُنالِكَ قَالَ: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: مَعْنَاهُ مَا نَقُولُ إِلا مَسَّكَ بعضُ أَصْنامِنا بجُنون لسَبِّكَ إِيّاها.
وعَراني الأَمْرُ يَعْرُوني عَرْوًا واعْتَرَانِي: غَشِيَني وأَصابَني؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاعِي:
قالَتْ خُلَيْدةُ: مَا عَرَاكَ؟ ولمْ تكنْ ***بَعْدَ الرُّقادِ عن الشُّؤُونِ سَؤُولا
وَفِي الْحَدِيثِ: « كَانَتْ فَدَكُ لِحُقوقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي تَعْرُوه» أَي تَغْشَاهُ وتَنْتابُه.
وأَعْرَى القومُ صاحِبَهُم: تَرَكُوهُ فِي مَكَانِهِ وذَهَبُوا عَنْهُ.
والأَعْرَاءُ: الْقَوْمُ الَّذِينَ لَا يُهِمُّهم مَا يُهِمُّ أَصحابَهم.
وَيُقَالُ: أَعْرَاه صَدِيقُه إِذا تَبَاعَدَ عَنْهُ وَلَمْ يَنْصُرْه.
وَقَالَ شَمِرٌ: يُقَالُ لكلِّ شَيْءٍ أَهْمَلْتَه وخَلَّيْتَه "قَدْ عَرَّيْته؛ وأَنشد:
أَيْجَعُ ظَهْري وأُلَوِّي أَبْهَرِي، ***لَيْسَ الصحيحُ ظَهْرُه كالأَدْبَرِ،
وَلَا المُعَرَّى حِقْبةً كالمُوقَرِ "والمُعَرَّى: الجَمَل الَّذِي يرسَلُ سُدًى وَلَا يُحْمَل عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ يَصِفُ نَاقَةً:
فكَلَّفْتُها مَا عُرِّيَتْ وتأَبَّدَتْ، ***وَكَانَتْ تُسامي بالعَزيبِ الجَمَائِلا
قَالَ: عُرِّيت أُلْقي عَنْهَا الرحْل وتُرِكت مِنَ الحَمْل عَلَيْهَا وأُرْسِلَتْ تَرْعى.
والعُرَوَاءُ: الرِّعْدَة، مِثْلُ الغُلَواء.
وَقَدْ عَرَتْه الحُمَّى، وَهِيَ قِرَّة الحُمَّى ومَسُّها فِي أَوَّلِ مَا تأْخُذُ بالرِّعْدة؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أَسَدٌ تَفِرُّ الأُسْدُ مِنْ عُرَوَائِه، ***بمَدَافِعِ الرَّجَّازِ أَو بِعُيُون
الرَّجَّازُ: وَادٍ، وعُيُونٌ: موضعٌ، وأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمل فِيهِ صِيغَةِ مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
وَيُقَالُ: عَرَاه البَرْدُ وعَرَتْه الحُمَّى، وَهِيَ تَعْرُوه إِذا جاءَته بنافضٍ، وأَخَذَتْه الحُمَّى بعُرَوَائِها، واعْتَرَاهُ الهمُّ، عامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ.
قَالَ الأَصمعي: إِذا أَخَذَتِ المحمومَ قِرَّةٌ ووَجَدَ مسَّ الحُمَّى فَتِلْكَ العُرَوَاء، وَقَدْ عُرِيَ الرجلُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، فَهُوَ مَعْرُوٌّ، وإِن كَانَتْ نَافِضًا قِيلَ نَفَضَتْه، فَهُوَ مَنْفُوضٌ، وإِن عَرِقَ مِنْهَا فَهِيَ الرُّحَضاء.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العُرَواء قِلٌّ يأْخذ الإِنسانَ مِنَ الحُمَّى ورِعدَة.
وَفِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ: « أَنه كَانَ تُصيبُه العُرَواءُ »، وَهِيَ فِي الأَصْل بَرْدُ الحُمَّى.
وأَخَذَتْه الحُمَّى بنافضٍ أَي برِعْدة وبَرْد.
وأَعْرَى إِذا حُمَّ العُرَوَاء.
وَيُقَالُ: حُمَّ عُرَواء وحُمَّ العُرَوَاء وحُمَّ عُرْوًا.
والعَرَاة: شِدَّةِ البرْد.
وَفِي حَدِيثِ أَبي سَلَمَةَ: « كنتُ أَرى الرُّؤْيا أُعْرَى مِنْهَا »أَي يُصيبُني البَرْدُ والرِّعْدَة مِنَ الخَوْف.
والعُرَوَاء: مَا بينَ اصْفِرارِ الشَّمْسِ إِلى اللَّيْلِ إِذا اشْتَدَّ البَرْدُ وهاجَتْ رِيحٌ باردةٌ.
ورِيحٌ عَرِيٌّ وعَرِيَّةٌ: بارِدَة، وَخَصَّ الأَزهري بِهَا الشَّمالَ فَقَالَ: شَمال عَرِيَّةٌ بَارِدَةٌ، وَلَيْلَةٌ عَريَّةٌ بَارِدَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي دُواد:
وكُهولٍ، عِنْدَ الحِفاظ، مَراجِيح ***يُبارُونَ كلَّ رِيحٍ عَرِيَّة
وأَعْرَيْنا: أَصابنا ذَلِكَ وَبَلَغْنَا بردَ الْعَشِيِّ.
وَمِنْ كلامِهم: أَهْلَكَ فقَدْ أَعْرَيْتَ أَي غَابَتِ الشَّمْسُ وبَرَدَتْ.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: العَرَى البَرْد، وعَرِيَت لَيْلَتُنا عَرًى؛ وَقَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
وكأَنَّما اصْطَبَحَتْ قَرِيحَ سَحابةٍ ***بِعَرًى، تنازعُه الرياحُ زُلال
قَالَ: العَرَى مَكَانٌ بَارِدٌ.
وعُرْوَةُ الدَّلْوِ والكوزِ ونحوهِ: مَقْبِضُهُ.
وعُرَى المَزادة: آذانُها.
وعُرْوَةُ القَمِيص: مَدْخَلُ زِرِّه.
وعَرَّى القَمِيص وأَعْراه: جَعَلَ لَهُ عُرًى.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا تُشَدُّ العُرَى إِلَّا إِلى ثَلَاثَةِ مَساجِدَ »؛ هِيَ جمعُ عُرْوَةٍ، يريدُ عُرَى الأَحْمالِ والرَّواحِلِ.
وعَرَّى الشَّيْءَ: اتَّخَذَ لَهُ عُرْوَةً.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها}؛ شُبِّه بالعُرْوَة الَّتِي يُتَمسَّك بِهَا.
قَالَ الزَّجَّاجُ: العُرْوَة الوُثْقَى قولُ لَا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ فَقَدْ عَقَدَ لنَفْسِه مِنَ الدِّين عَقْدًا وَثِيقًا لَا تَحُلُّه حُجَّة.
وعُرْوَتا الفَرْجِ: لحْمٌ" ظاهِرٌ يَدِقُّ فيَأْخُذُ يَمْنَةً ويَسْرةً مَعَ أَسْفَلِ البَطْنِ، وفَرْجٌ مُعَرًّى إِذَا كَانَ كَذَلِكَ.
وعُرَى المَرْجان: قلائدُ المَرْجان.
وَيُقَالُ لطَوْق القِلادة: عُرْوَةٌ.
وَفِي النَّوَادِرِ: أَرضٌ عُرْوَةٌ وذِرْوَة وعِصْمة إِذا كَانَتْ خَصيبة خِصَبًا يَبْقَى.
والعُرْوَة مِنَ النَّباتِ: مَا بَقِي لَهُ خضْرة فِي الشِّتَاءِ تَتعلَّق بِهِ الإِبلُ حَتَّى تُدرِكَ الرَّبيع، وَقِيلَ: العُرْوَة الْجَمَاعَةُ مِنَ العِضاهِ خاصَّةً يَرْعَاهَا الناسُ إِذَا أَجْدَبوا، وَقِيلَ: العُرْوَةُ بَقِيَّةُ العِضاهِ والحَمْضِ فِي الجَدْبِ، وَلَا يُقَالُ لِشَيْءٍ مِنَ الشَّجَرِ عُرْوَةٌ إِلَّا لَهَا، غيرَ أَنه قَدْ يُشْتَقُّ لِكُلِّ مَا بَقِيَ مِنَ الشَّجَرِ فِي الصَّيْفِ.
قَالَ الأَزهري: والعُرْوَة مِنْ دِقِّ الشَّجَرِ مَا لَهُ أَصلٌ باقٍ فِي الأَرض مِثْلُ العَرْفَج والنَّصِيِّ وأَجناسِ الخُلَّةِ والحَمْضِ، فَإِذَا أَمْحَلَ الناسُ عَصَمت العُرْوةُ الماشيةَ فتبلَّغَت بِهَا، ضَرَبَهَا اللهُ مَثَلًا لِمَا يُعْتَصَم بِهِ مِنَ الدِّين فِي قَوْلِهِ تعالى: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى}؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
مَا كَانَ جُرِّبَ، عندَ مَدِّ حِبالِكُمْ، ***ضَعْفٌ يُخافُ، وَلَا انْفِصامٌ فِي العُرَى
قَوْلُهُ: انْفِصَامٌ فِي العُرَى أَي ضَعْف فِيمَا يَعْتَصِم بِهِ النَّاسُ.
الأَزهري: العُرَى ساداتُ النَّاسِ الَّذِينَ يَعْتَصِم بِهِمُ الضُّعفاء ويَعيشون بعُرْفِهم، شبِّهوا بعُرَى الشَّجَر الْعَاصِمَةِ الماشيةَ فِي الجَدْب.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والعُرْوَة أَيضًا الشَّجَرُ المُلْتَفُّ الَّذِي تَشْتُو فِيهِ الإِبل فتأْكلُ مِنْهُ، وَقِيلَ: العُرْوَة الشيءُ مِنَ الشجرِ الَّذِي لَا يَزالُ بَاقِيًا فِي الأَرض وَلَا يَذْهَب، ويُشَبَّه بِهِ البُنْكُ مِنَ النَّاسِ، وَقِيلَ: العُرْوَة مِنَ الشَّجَرِ مَا يَكْفِي المالَ سَنَته، وَهُوَ مِنَ الشَّجَرِ مَا لَا يَسْقُط وَرَقُه فِي الشِّتاء مِثْلُ الأَراكِ والسِّدْرِ الَّذِي يُعَوِّلُ الناسُ عَلَيْهِ إِذا انْقَطَعَ الكلأَ، وَلِهَذَا قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ إِنَّهُ الشَّجَرُ الَّذِي يَلجأُ إِلَيْهِ المالُ فِي السَّنَةِ المُجْدبة فيَعْصِمُه مِنَ الجَدْبِ، والجمعُ عُرًى؛ قَالَ مُهَلْهِل:
خَلَع المُلوكَ وسارَ تَحْتَ لِوائِه ***شجرُ العُرَى، وعُراعِرُ الأَقوامِ
يَعْنِي قَوْمًا يُنتَفَع بِهِمْ تَشْبِيهًا بِذَلِكَ الشَّجَرِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى الْبَيْتُ لشُرَحْبِيل بنِ مالكٍ يمدَحُ معديكرب بْنَ عَكِبٍ.
قَالَ: وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَيُرْوَى عُراعِر وعَراعِر، فَمَنْ ضَمَّ فَهُوَ وَاحِدٌ، وَمَنْ فتَح جَعَلَهُ جَمْعًا، ومثلُه جُوالِق وجَوالِق وقُماقِم وقَماقِم وعُجاهِن وعَجاهِن، قَالَ: والعُراعِرُ هُنَا السيِّد؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:
ولمْ أَجِدْ عُرْوَةَ الخلائقِ إلا ***الدِّينَ، لمَّا اعْتَبَرْتُ، والحَسبَا
أَي عِمادَه.
ورَعَيْنا عُرْوَة مكَّةَ لِما حولَها.
والعُرْوَة: النفيسُ مِنَ المالِ كالفَرَسِ الْكَرِيمِ وَنَحْوِهِ.
والعُرْيُ: خلافُ اللُّبْسِ.
عَرِيَ مِنْ ثَوْبه يَعْرَى عُرْيًا وعُرْيَةً فَهُوَ عارٍ، وتَعَرَّى هُوَ عُرْوة شَدِيدَةً أَيضًا وأَعْرَاهُ وعَرَّاه، وأَعْرَاهُ مِنَ الشيءِ وأَعْرَاه إِياهُ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبلٍ فِي صِفَةِ قِدْحٍ:
بِهِ قَرَبٌ أَبْدَى الحَصَى عَنْ مُتونِه، ***سَفاسقُ أَعْرَاها اللِّحاءَ المُشَبِّحُ
ورَجلٌ عُرْيَانٌ، وَالْجَمْعُ عُرْيَانُون، وَلَا يُكسَّر، وَرَجُلٌ عارٍ مِنْ قومٍ عُرَاةٍ وامرأَة عُرْيَانَةٌ وعَارٍ وعَارِيَةٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَمَا كَانَ عَلَى فُعْلانٍ فَمُؤَنَّثُه بِالْهَاءِ.
وجاريةٌ حسَنة العُرْيةِ والمُعَرَّى والمُعَرَّاةِ أَيِ المُجَرَّدِ أَي حَسَنَة عندَ تَجْريدِها مِنْ ثِيَابِهَا، وَالْجَمْعُ المَعَارِي، والمَحاسِرُ مِنَ المرأةِ مِثْلُ المَعَاري، وعَرِيَ البَدَن مِنَ اللَّحْم كَذَلِكَ؛ " قَالَ قَيْسُ بنُ ذَريح:
وللحُبِّ آيَاتٌ تُبَيّنُ بالفَتى ***شُحوبًا، وتَعْرَى مِنْ يَدَيْه الأَشاجعُ
وَيُرْوَى: تَبَيَّنُ شُحُوبٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي صِفَتِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عارِي الثَّدْيَيْن "، وَيُرْوَى: الثَّنْدُوَتَيْن؛ أَراد أَنه لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَعْرٌ، وَقِيلَ: أَرادَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا لَحْمٌ، فَإِنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي صِفَتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَشْعَر الذراعَيْن والمَنْكِبَين وأَعْلى الصَّدرِ.
الْفَرَّاءُ: العُرْيَانُ مِنَ النَّبْتِ الَّذِي قَدْ عَرِيَ عُرْيًا إِذَا اسْتَبانَ لَكَ.
والمَعَارِي: مَبَادِي العِظامِ حيثُ تُرى مِنَ اللَّحْمِ، وَقِيلَ: هِيَ الوَجْهُ واليَدَانِ والرِّجْلانِ لأَنها باديةٌ أَبدًا؛ قَالَ أَبو كبِيرٍ الهُذَليّ يَصِفُ قَوْمًا ضُرِبُوا فسَقَطوا عَلَى أَيْديهم وأَرْجُلِهمْ:
مُتَكَوِّرِينَ عَلَى المَعَاري، بَيْنَهُم ***ضَرْبٌ كتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
وَيُرْوَى: الأَنْجَلِ، ومُتَكَوِّرينَ أَي بعضُهم عَلَى بَعْضٍ.
قَالَ الأَزهري: ومَعَارِي رؤوس الْعِظَامِ حَيْثُ يُعَرَّى اللحمُ عَنِ العَظْم.
ومَعَارِي الْمَرْأَةِ: مَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ إظْهاره، واحدُها مَعْرًى.
وَيُقَالُ: مَا أَحْسَنَ مَعَارِيَ هَذِهِ المرأَة، وَهِيَ يَدَاها ورِجْلاها ووجهُها، وأَورد بَيْتِ أَبي كَبِيرٍ الْهُذَلِيِّ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا يَنْظُر الرَّجُلُ إِلَى عِرْيَة المرأَةِ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ مُسْلِمٍ، يُرِيدُ مَا يَعْرَى مِنْهَا ويَنْكَشِفُ، وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ" لَا يَنْظُر إِلَى عَوْرَة المرأَةِ "؛ وَقَوْلُ الرَّاعِي:
فإنْ تَكُ ساقٌ مِنْ مُزَيْنَة قَلَّصَتْ ***لِقَيْسٍ بحَرْبٍ لَا تُجِنُّ المَعَارِيا
قِيلَ فِي تَفْسِيرِهِ: أَراد العورةَ والفَرْجَ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ الهُذَلي:
أَبِيتُ عَلَى مَعَارِيَ واضِحَاتٍ، ***بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
فَإِنَّمَا نَصَبَ الياءَ لأَنه أَجْراها مُجْرى الحَرْفِ الصَّحِيحِ فِي ضَرُورةِ الشِّعْرِ، وَلَمْ يُنَوّن لأَنه لا يَنْصرِف، وَلَوْ قَالَ مَعارٍ لَمْ ينكَسر البيتُ وَلَكِنَّهُ فرَّ مِنَ الزِّحَافِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والمَعَارِي الفُرُش، وَقِيلَ: إنَّ الشَّاعِرَ عَناها، وَقِيلَ: عَنى أَجْزاءَ جِسْمِها واخْتار مَعَارِيَ عَلَى مَعَارٍ لأَنه آثَرَ إتْمامَ الوَزْنِ، وَلَوْ قَالَ معارٍ لمَا كُسر الْوَزْنُ لأَنه إِنَّمَا كَانَ يَصِيرُ مِنْ مُفاعَلَتُن إِلَى مَفاعِيلن، وَهُوَ العَصْب؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فلَوْ كانَ عبدُ اللهِ مَولًى هَجَوْتُه، ***ولكِنَّ عبدَ اللهِ مَولى مَوَالِيا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للمُتَنَخّل الْهُذَلِيِّ.
قَالَ: وَيُقَالُ عَرِيَ زيدٌ ثوبَه وكسِي زيدٌ ثَوْبًا فيُعَدِّيه إِلَى مَفْعُولٍ؛ قَالَ ضَمْرة بنُ ضَمْرَةَ:
أَرَأَيْتَ إنْ صَرَخَتْ بلَيلٍ هامَتي، ***وخَرَجْتُ مِنْها عَارِيًا أَثْوابي؟
وَقَالَ الْمُحْدَثُ:
أَمَّا الثِّيابُ فتعْرَى مِنْ مَحاسِنِه، ***إِذَا نَضاها، ويُكْسَى الحُسْنَ عُرْيَانا
قَالَ: وَإِذَا نَقَلْتَ أَعرَيْت، بِالْهَمْزِ، قُلْتَ أَعْرَيْتُه أَثْوَابَه، قَالَ: وأَما كَسِيَ فتُعَدِّيه مِنْ فَعِل إِلَى فَعَل فَتَقُولُ كَسَوْتُهُ ثَوْبًا، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَعْرَيْته أَنا وعَرَّيْتُه تَعْرية فتَعَرَّى.
أَبو الْهَيْثَمِ: دَابَّةٌ عُرْيٌ وخَيْلٌ أَعْرَاءٌ ورَجلٌ عُرْيَان وامرأَةٌ عُرْيَانَةٌ إِذَا عَرِيا مِنْ أَثوابهما، وَلَا يُقَالُ رجلٌ عُرْيٌ.
ورجلٌ عارٍ إِذَا أَخْلَقَت أَثوابُه؛ وأَنشد: الأَزهري هُنَا بَيْتَ النَّابِغَةِ: أَتَيْتُك عارِيًا خَلَقًا ثِيابي "وَقَدْ تَقَدَّمَ.
والعُرْيانُ مِنَ الرَّمْل: نَقًا أَو عَقِدٌ لَيْسَ عَلَيْهِ شَجَرٌ.
وفَرَسٌ عُرْيٌ: لَا سَرْجَ عَلَيْهِ، وَالْجَمْعُ أَعْراءٌ.
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ: هُوَ عِرْوٌ مِنْ هَذَا الأَمر كَمَا يُقَالُ هُوَ خِلْوٌ مِنْهُ.
والعِرْوُ: الخِلْو، تَقُولُ أَنا عِرْوٌ مِنْهُ، بِالْكَسْرِ، أَيْ خِلْو.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورجلٌ عِرْوٌ مِنَ الأَمْرِ لَا يَهْتَمُّ بِهِ، قَالَ: وأُرَى عِرْوًا مِنَ العُرْيِ عَلَى قَوْلِهِمْ جَبَيْتُ جِباوَةً وأَشاوَى فِي جَمْعِ أَشْياء، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فبابُه الياءُ، والجمعُ أَعْرَاءٌ؛ وَقَوْلُ لَبِيدٌ:
والنِّيبُ إنْ تُعْرَ منِّي رِمَّةً خَلَقًا، ***بَعْدَ المَماتِ، فَإِنِّي كُنتُ أَتَّئِرُ
وَيُرْوَى: تَعْرُ مِنِّي أَي تَطْلُب لأَنها رُبَّمَا قَضِمت العظامَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: تُعْرَ منِّي مَنْ أَعْرَيْتُه النخلةَ إِذَا أَعطيته ثَمَرَتَهَا، وتَعْرُ مِنِّي تَطْلُب، مِنْ عَرَوْتُه، ويروى: تَعْرُمَنِّي، بِفَتْحِ الْمِيمِ، مِنْ عَرَمْتُ العظمَ إِذَا عَرَقْت مَا عَلَيْهِ مِنَ اللَّحْمِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنَّهُ أُتيَ بِفَرَسٍ مُعْرَوْرٍ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَي لَا سَرْج عَلَيْهِ وَلَا غَيْرَهُ.
واعْرَوْرَى فرسَه: رَكبه عُرْيًا، فَهُوَ لَازِمٌ وَمُتَعَدٍّ، أَو يَكُونُ أُتي بِفَرَسٍ مُعْرَوْرىً عَلَى الْمَفْعُولِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: واعْرَوْرَى الفرسُ صارَ عُرْيًا.
واعْرَوْرَاه: رَكبَه عُرْيًا، وَلَا يُسْتَعْمل إِلَّا مَزِيدًا، وَكَذَلِكَ اعْرَوْرَى الْبَعِيرُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ، تَرْكُضُه ***أُمُّ الْفَوَارِسِ بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وَهُوَ افعَوْعَل؛ واسْتَعارَه تأَبَّطَ شَرًّا للمَهْلَكة فَقَالَ:
يَظَلُّ بمَوْماةٍ ويُمْسِي بغيرِها ***جَحِيشًا، ويَعْرَوْرِي ظُهورَ المَهالكِ
وَيُقَالُ: نَحْنُ نُعاري أَي نَرْكَبُ الْخَيْلَ أَعْرَاءً، وَذَلِكَ أَخفُّ فِي الْحَرْبِ.
وَفِي حَدِيثِ أَنس: « أَن أَهل الْمَدِينَةِ فَزِعوا لَيْلًا»، فَرَكِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَسًا لأَبي طَلْحَةَ عُرْيًا.
واعْرَوْرَى مِنِّي أَمرًا قَبِيحًا: رَكِبَه، وَلَمْ يَجِئ فِي الكلامِ افْعَوْعَل مُجاوِزًا غَيْرَ اعْرَوْرَيْت، واحْلَوْلَيْت المكانَ إِذَا اسْتَحْلَيْته.
ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِمْ أَنا النَّذير العُريان: هُوَ رَجُلٌ مَنْ خَثْعَم، حَمَل عَلَيْهِ يومَ ذِي الخَلَصة عوفُ بنُ عَامِرِ بْنِ أَبِي عَوْف بْنِ عُوَيْف بْنِ مَالِكِ بْنِ ذُبيان ابن ثَعْلَبَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ يَشْكُر فقَطع يدَه وَيَدَ امرأَته، وَكَانَتْ مِنْ بَنِي عُتْوارة بْنِ عَامِرِ بْنِ لَيْثِ بْنِ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّمَا مَثَلي ومَثَلُكم كَمَثَلِ رَجُلٍ أَنْذَر قومَه جَيْشًا فَقَالَ: أَنا النَّذير العُرْيان أُنْذِركم جَيْشًا »؛ خَصَّ العُرْيان لأَنه أَبْيَنُ لِلْعَيْنِ وأَغرب وأَشنع عِنْدَ المُبْصِر، وَذَلِكَ أَن رَبيئة الْقَوْمَ وعَيْنَهم يَكُونُ عَلَى مَكَانٍ عالٍ، فَإِذَا رَأَى العَدُوَّ وَقَدْ أَقبل نَزَع ثَوْبَهُ وأَلاحَ بِهِ ليُنْذِرَ قومَه ويَبْقى عُرْيانًا.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ عُرْيَان النَّجِيِّ إِذَا كَانَ يُناجي امرأَتَه ويُشاوِرها ويصَدُرُ عَنْ رَأْيها؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
أَصاخَ لِعُرْيانِ النَّجِيِّ، وإنَّه ***لأَزْوَرُ عَنْ بَعْض المَقالةِ جانِبُهْ
أَي اسْتَمع إِلَى امْرَأَتِهِ وأَهانني.
وأَعْرَيتُ المَكانَ: ترَكْتُ حضُوره؛ قَالَ ذُو الرمة: " ومَنْهَل أَعْرَى حَياه الْحُضَّرُ "والمُعَرَّى مِنَ الأَسماء: مَا لمْ يدخُلْ عَلَيه عاملٌ كالمُبْتَدإ.
والمُعَرَّى مِنَ الشِّعْر: مَا سَلِمَ مِنَ الترْفِيلِ والإِذالةِ والإِسْباغِ.
وعَرَّاهُ مِنَ الأَمرِ: خَلَّصَه وجَرَّده.
وَيُقَالُ: مَا تَعَرَّى فُلَانٌ مِنْ هَذَا الأَمر أَي مَا تخلَّص.
والمَعَارِي: الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا تُنْبِتُ.
وَرَوَى الأَزهري عَنِ ابْنِ الأَعرابي: العَرَا الفِناء، مَقْصُورٌ، يُكْتَبُ بالأَلف لأَن أُنْثاه عَرْوَة؛ قَالَ: وَقَالَ غَيْرُهُ العَرَا الساحةُ والفِناء، سُمِّيَ عَرًا لأَنه عَرِيَ مِنَ الأَبنية والخِيام.
وَيُقَالُ: نَزَلَ بِعَراه وعَرْوَتِه وعَقْوَتِه أَي نزَل بساحَتهِ وَفِنَائِهِ، وَكَذَلِكَ نَزَل بِحَراه، وأَما العَراء، مَمْدُودًا، فَهُوَ مَا اتَّسَع مِنْ فَضَاءِ الأَرض؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ المكانُ الفَضاءُ لَا يَسْتَتِرُ فِيهِ شيءٌ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرضُ الْوَاسِعَةُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ، وجَمْعُه أَعْرَاءٌ}؛ قَالَ ابْنَ جِنِّي: كَسَّروا فَعالًا عَلَى أَفْعالٍ حَتَّى كَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كسَّروا فَعَلًا، وَمِثْلُهُ جَوادٌ وأَجوادٌ وعَياءٌ وأَعْياءٌ، وأَعْرَى: سارَ فِيها؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: إِنَّمَا قِيلَ لَهُ عَراءٌ لأَنه لَا شَجَرَ فِيهِ وَلَا شَيْءَ يُغَطِّيه، وَقِيلَ: إِنَّ العَرَاء وَجْه الأَرض الْخَالِي؛ وأَنشد:
وَرَفَعْتُ رِجلًا لَا أَخافُ عِثارَها، ***ونَبَذْتُ بالبَلَدِ العَرَاء ثِيَابِي
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: العَرَاء عَلَى وجْهين: مَقْصُورٌ، وَمَمْدُودٌ، فَالْمَقْصُورُ النَّاحِيَةُ، وَالْمَمْدُودُ الْمَكَانُ الْخَالِي.
والعَراء: مَا اسْتَوَى مِنْ ظَهْر الأَرض وجَهَر.
والعَراء: الجَهراء، مُؤَنَّثَةٌ غَيْرُ مَصْرُوفَةٍ.
والعَرَاء: مُذكَّر مَصْرُوفٌ، وهُما الأَرض الْمُسْتَوِيَةُ المُصْحرة وَلَيْسَ بِهَا شَجَرٌ وَلَا جبالٌ وَلَا آكامٌ وَلَا رِمال، وَهُمَا فَضاء الأَرض، وَالْجَمَاعَةُ الأَعْرَاء.
يُقَالُ: وَطِئْنا عَرَاءَ الأَرض والأَعْرِيَة.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: العَرَا مِثْلَ العَقْوَة، يُقَالُ: مَا بِعَرانا أَحَدٌ أَي مابعَقْوَتنا أَحدٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « فكَرِهَ أَن يُعْرُوا الْمَدِينَةَ »، وَفِي رِوَايَةٍ: أَن تَعْرَى أَي تَخْلُو وَتَصِيرُ عَرَاءً، وَهُوَ الْفَضَاءُ، فَتَصِيرُ دُورهُم فِي العَراء.
والعَراء: كلُّ شيءٍ أُعْرِيَ من سُتْرَتِه.
وتقول: اسُتُرْه عَنِ العَرَاء.
وأَعْرَاءُ الأَرض: مَا ظَهَر مِنْ مُتُونِها وظُهورِها، واحدُها عَرًى؛ وأَنشد: " وبَلَدٍ عارِيَةٍ أَعْرَاؤه "والعَرَى: الحائطُ، وقيلَ كلُّ مَا سَتَرَ مِنْ شيءٍ عَرًى.
والعِرْو: الناحيةُ، وَالْجَمْعُ أَعْرَاءٌ.
والعَرَى والعَرَاةُ: الجنابُ والناحِية والفِناء وَالسَّاحَةُ.
ونزَل فِي عَرَاه أَي فِي ناحِيَتِه؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ جِنِّي: " أَوْ مُجْزَ عَنْهُ عُرِيَتْ أَعْراؤُه "فَإِنَّهُ يكونُ جمعَ عَرىً مِنْ قَوْلِكَ نَزَل بِعَراهُ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ عَراءٍ وأَن يَكُونَ جَمع عُرْيٍ.
واعْرَوْرَى: سَارَ فِي الأَرضِ وَحْدَه وأَعْرَاه النَّخْلَةَ: وَهَبَ لَهُ ثَمرَة عامِها.
والعَرِيَّة: النَّخْلَةُ المُعْراةُ؛ قَالَ سُوَيدُ بْنُ الصَّامِتِ الأَنصاري:
لَيْسَتْ بسَنْهاءَ وَلَا رُجَّبِيَّة، ***وَلَكِنْ عَرَايا فِي السِّنينَ الجَوائحِ
يَقُولُ: إنَّا نُعْرِيها الناسَ.
والعَرِيَّةُ أَيضًا: الَّتِي تُعْزَلُ عَنِ المُساومةِ عِنْدَ بَيْعِ النخلِ، وَقِيلَ: العَرِيَّة النَّخْلَةُ الَّتِي قَدْ أكِل مَا عَلَيْهَا.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: خَفِّفوا فِي الخَرْصِ فَإِنَّ فِي الْمَالِ العَرِيَّة والوَصِيَّة، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: أَنَّهُ رَخَّص فِي العَرِيَّة والعَرَايا "؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: العَرَاياوَاحِدَتُهَا عَرِيَّة، وَهِيَ النَّخْلَةُ يُعْرِيها صاحبُها رَجُلًا مُحْتَاجًا، والإِعراءُ: أَنْ يجعلَ لَهُ ثَمرَة عامِها.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: قَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ مِنَّا مَنْ يُعْرِي، قَالَ: وَهُوَ أَن يَشْتَرِيَ الرَّجُلُ النخلَ ثُمَّ يَسْتَثْنِيَ نَخْلَةً أَو نَخْلَتَيْنِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: الْعَرَايَا ثَلَاثَةُ أَنواع، وَاحِدَتُهَا أَن يَجِيءَ الرَّجُلُ إِلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيَقُولُ لَهُ: بِعْني مِنْ حَائِطِكَ ثَمَرَ نَخلَات بأَعيانها بِخرْصِها مِنَ التَّمْر، فَيَبِيعُهُ إِيَّاهَا وَيَقْبِضُ التَّمر ويُسَلِّم إِلَيْهِ النخَلات يأْكلها وَيَبِيعُهَا ويُتَمِّرها وَيَفْعَلُ بِهَا مَا يَشَاءُ، قَالَ: وجِماعُ العَرَايا كلُّ مَا أُفْرِد لِيُؤْكَلَ خاصَّة وَلَمْ يَكُنْ فِي جُمْلَةِ الْمَبِيعِ مِنْ ثَمَر الْحَائِطِ إِذَا بيعَتْ جُمْلتُها مِنْ وَاحِدٍ، وَالصِّنْفُ الثَّانِي أَن يَحْضُر رَبَّ الْحَائِطِ القومُ فَيُعْطِي الرجلَ النَّخْلَةِ وَالنَّخْلَتَيْنِ وأَكثر عَرِيَّةً يأْكلها، وَهَذِهِ فِي مَعْنَى المِنْحة، قَالَ: وللمُعْرَى أَن يَبِيعَ ثَمرَها ويُتَمِّره وَيَصْنَعَ بِهِ مَا يَصْنَعُ فِي مَالِهِ لأَنه قَدْ مَلَكه، وَالصِّنْفُ الثَّالِثُ مِنَ الْعَرَايَا أَن يُعْرِي الرجلُ الرجلَ النَّخلةَ وأَكثر مِنْ حَائِطِهِ ليأْكل ثَمَرَهَا ويُهْدِيه ويُتَمِّره وَيَفْعَلَ فِيهِ مَا أَحبَّ وَيَبِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ ثَمَرِ حَائِطِهِ مِنْهُ، فَتَكُونُ هَذِهِ مُفْرَدة مِنَ الْمَبِيعِ مِنْهُ جُمْلَةً؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: العَرَايا أَن يَقُولَ الغنيُّ لِلْفَقِيرِ ثَمَرُ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَو النَّخلات لَكَ وأَصلُها لِي، وأَما تَفْسِيرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّهُ رخَّص فِي العَرَايا، فَإِنَّ التَّرْخِيصَ فِيهَا كَانَ بَعْدَ نَهَى النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم عن المُزابَنة "، وَهِيَ بَيْعُ الثَّمَرِ في رؤوس النَّخْلِ بِالتَّمْرِ، ورخَّصَ مِنْ جُمْلَةِ الْمُزَابَنَةِ فِي الْعَرَايَا فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوسُق، وَذَلِكَ لِلرَّجُلِ يَفْضُل مِنْ قُوتِ سَنَته التَّمْرُ فيُدْرِك الرُّطَب وَلَا نَقْدَ بِيَدِهِ يَشْتَرِي بِهِ الرُّطَب، وَلَا نَخْلَ لَهُ يأْكل مِنْ رُطَبه، فَيَجِيءُ إِلَى صَاحِبِ الْحَائِطِ فَيَقُولُ لَهُ بِعْنِي ثَمَرَ نَخْلَةٍ أَو نَخْلَتَيْنِ أَو ثَلَاثٍ بِخِرْصِها مِنَ التَّمْر، فَيُعْطِيهِ التَّمْرَ بثَمَر تِلْكَ النَّخلات ليُصيب مِنْ رُطَبها مَعَ النَّاسِ، فرَخَّص النبيُّ، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، مِنْ جُمْلَةِ مَا حَرَّم مِنَ المُزابَنة فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُق، وَهُوَ أَقلُّ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَهَذَا مَعْنَى تَرْخِيصِ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، فِي العَرايا لأَن بَيْعَ الرُّطَب بالتَّمْر محرَّم فِي الأَصل، فأَخرج هَذَا الْمِقْدَارَ مِنَ الْجُمْلَةِ المُحَرَّمة لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَيْهِ؛ قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ العَرِيَّة مأْخوذة مِنْ عَرِيَ يَعْرَى كأَنها عَرِيَتْ مِنْ جُمْلَةِ التَّحْرِيمِ أَي حَلَّتْ وخَرَجَتْ مِنْهَا، فَهِيَ عَرِيَّة، فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ المستثناةِ مِنَ الْجُمْلَةِ.
قَالَ الأَزهري: وأَعْرَى فُلَانٌ فُلَانًا ثَمَرَ نخلةٍ إِذَا أَعطاه إِيَّاهَا يأْكل رُطَبها، وَلَيْسَ فِي هَذَا بيعٌ، وَإِنَّمَا هُوَ فَضْلٌ وَمَعْرُوفٌ.
وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ صَالِحِ بْنِ أَحمد عَنْ أَبيه قَالَ: العَرايا أَن يُعْرِي الرجلُ مِنْ نَخْلِهِ ذَا قَرَابَتِهِ أَو جارَه مَا لَا تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ أَي يَهبَها لَهُ، فأُرْخص للمُعْرِي فِي بَيْعِ ثَمَرِ نَخْلَةٍ فِي رَأْسِهَا بِخِرْصِها مِنَ التَّمْرِ، قَالَ: والعَرِيَّة مستثناةٌ مِنْ جُمْلَةِ مَا نُهِي عَنْ بَيْعِهِ مِنَ المُزابنَة، وَقِيلَ: يَبِيعُهَا المُعْرَى مِمَّنْ أَعراه إيَّاها، وَقِيلَ: لَهُ أَن يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ.
وَقَالَ الأَزهري: النَّخْلَةُ العَرِيَّة الَّتِي إِذَا عَرَضْتَ النخيلَ عَلَى بَيْع ثَمَرها عَرَّيْت مِنْهَا نَخْلَةً أَي عَزَلْتها عن الْمُسَاوَمَةِ.
وَالْجَمْعُ العَرَايا، وَالْفِعْلُ مِنْهُ الإِعْرَاء، وَهُوَ أَن تَجْعَلَ ثَمَرَتَهَا لِمُحْتاج أَو لِغَيْرِ مُحْتَاجٍ عامَها ذَلِكَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: عَرِيَّة فَعِيلَةٌ بِمَعْنَى مَفْعُولَةٍ، وَإِنَّمَا أُدخلت فِيهَا الْهَاءُ لأَنها أُفردت فَصَارَتْ فِي عِدَادِ الأَسماء مِثْلَ النَّطِيحة والأَكيلة، وَلَوْ جِئْتَ بِهَا مَعَ النَّخْلَةِ قُلْتَ نَخْلَةٌ عرِيٌّ؛ وَقَالَ: إِنَّ تَرْخِيصَهُ فِي بَيْعِ العَرايا بَعْدَ نَهْيِهِ عَنِ المُزابنة لأَنه ربَّما تأَذَّى بِدُخُولِهِ عَلَيْهِ فَيَحْتَاجُ إِلَى أَن يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِتَمْرٍ فرُخِّص لَهُ فِي ذَلِكَ.
واسْتعْرَى الناسُ فِي كلِّ وجهٍ، وَهُوَ مِنَ العَرِيَّة: أَكلوا الرُّطَبَ مِنْ ذَلِكَ، أَخَذَه مِنَ العَرايا.
قَالَ أَبُو عَدْنَانَ: قَالَ الْبَاهِلِيُّ العَرِيَّة مِنَ النَّخْلِ الفارِدَةُ الَّتِي لَا تُمْسِك حَمْلَها يَتَناثر عَنْهَا؛ وأَنشدني لِنَفْسِهِ:
فَلَمَّا بَدَتْ تُكْنَى تُضِيعُ مَوَدَّتي، ***وتَخْلِطُ بِي قَوْمًا لِئامًا جُدُودُها
رَدَدْتُ عَلَى تُكْنَى بَقِيَّةَ وَصْلِها ***رَمِيمًا، فأمْسَتْ وَهيَ رثٌّ جديدُها
كَمَا اعْتكرَتْ للَّاقِطِين عَرِيَّةٌ ***مِنَ النَّخْلِ، يُوطَى كلَّ يومٍ جَريدُها
قَالَ: اعْتِكارُها كثرةُ حَتِّها، فَلَا يأْتي أَصلَها دابَّةٌ إِلَّا وَجَدَ تَحْتَهَا لُقاطًا مِنْ حَمْلِها، وَلَا يَأْتِي حَوافيها إِلَّا وَجَد فِيهَا سُقاطًا مِنْ أَيّ مَا شاءَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « شَكا رجلٌ إِلَى جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَعًا فِي بَطْنِهِ فَقَالَ: كُلْ عَلَى الرِّيقِ سَبْعَ تَمَرات مِنْ نَخْلٍ غَيْرِ مُعَرّىً »؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: المُعَرَّى المُسَمَّد، وأَصله المُعَرَّر مِنَ العُرَّة، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ فِي عَرَرَ.
والعُرْيان مِنَ الْخَيْلِ: الفَرَس المُقَلِّص الطَّوِيلُ الْقَوَائِمِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَبِهَا أَعراءٌ مِنَ الناسِ أَي جماعةٌ، واحدُهُم عِرْوٌ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: أَتَتْنا أَعْرَاؤُهم أَي أَفخاذهم.
وَقَالَ الأَصمعي: الأَعْرَاء الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالْقَبَائِلِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَاحِدُهُمْ عُرْيٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
وأَمْهَلْت أَهْلَ الدَّارِ حَتَّى تَظاهَرُوا ***عَليَّ، وَقَالَ العُرْيُ مِنْهُمْ فأَهْجَرَا
وعُرِيَ إِلَى الشَّيْءِ عَرْوًا: بَاعَهُ ثُمَّ اسْتَوْحَش إِلَيْهِ.
قَالَ الأَزهري: يُقَالُ عُريتُ إِلَى مالٍ لِي أَشدَّ العُرَوَاء إِذَا بِعْته ثُمَّ تَبِعَتْه نفسُكَ.
وعُرِيَ هَواه إِلَى كَذَا أَي حَنَّ إِلَيْهِ؛ وَقَالَ أَبو وَجْزة:
يُعْرَى هَواكَ إِلَى أَسْماءَ، واحْتَظَرَتْ ***بالنأْيِ والبُخْل فِيمَا كَانَ قَد سَلَفا
والعُرْوَة: الأَسَدُ، وبِه سُمِّي الرَّجُلُ عُرْوَة.
والعُرْيَان: اسْمُ رَجُلٍ.
وأَبو عُرْوَةَ: رجلٌ زَعَموا كَانَ يَصِيحُ بالسَّبُعِ فيَموت، ويَزْجُرُ الذِّئْبَ والسَّمْعَ فيَموتُ مكانَه، فيُشَقُّ بَطْنُه فيوجَدُ قَلْبُه قَدْ زالَ عَنْ مَوْضِعِهِ وخرَجَ مِنْ غِشائه؛ قَالَ النَّابِغَةُ الْجَعْدِيُّ:
وأَزْجُرُ الكاشِحَ العَدُوَّ، إذا اغْتابَك، ***زَجْرًا مِنِّي على وَضَمِ
زَجْرَ أَبي عُرْوَةَ السِّباعَ، إِذَا ***أَشْفَقَ أَنْ يَلْتَبِسْنَ بالغَنَمِ
وعُرْوَةُ: اسمٌ.
وعَرْوَى وعَرْوَانُ: مَوْضِعَانِ؛ قَالَ ساعِدَة بْنُ جُؤيَّة:
وَمَا ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها ***دُفاقٌ، فعَرْوانُ الكَراثِ، فَضِيمُها؟
وَقَالَ الأَزهري: عَرْوَى اسْمُ جَبَلٍ، وَكَذَلِكَ عَرْوَانُ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعَرْوَى اسْمُ أَكَمة، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الْجَعْدِيُّ:
كَطاوٍ بعَرْوَى أَلْجَأَتْهُ عَشِيَّةٌ، ***لَهَا سَبَلٌ فِيهِ قِطارٌ وحاصِبُ
وأَنشد لِآخَرَ:
عُرَيَّةُ ليسَ لَهَا ناصرٌ، ***وعَرْوَى الَّتِي هَدَمَ الثَّعْلَبُ
قَالَ: وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمزة وعَرْوَى اسْمُ أَرْضٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
يَا وَيْحَ نَاقَتِيَ، الَّتِي كَلَّفْتُها ***عَرْوَي، تَصِرُّ وِبارُها وتُنَجِّم
أَي تَحْفِرُ عَنِ النَّجْمِ، وَهُوَ مَا نَجَم مِنَ النَّبْت.
قَالَ: وأَنْشَدَه المُهَلَّبي فِي المَقصور كلَّفْتها عَرَّى، بِتَشْدِيدِ الراءِ، وَهُوَ غَلَطٌ، وَإِنَّمَا عَرَّى وادٍ.
وعَرْوَى: هَضْبَة.
وابنُ عَرْوَانَ: جبَل؛ قَالَ ابْنُ هَرْمة:
حِلْمُه وازِنٌ بَناتِ شَمامٍ، ***وابنَ عَرْوانَ مُكْفَهِرَّ الجَبينِ
والأُعْرُوَانُ: نَبْتٌ، مثَّل بِهِ سِيبَوَيْهِ وفسَّره السِّيرَافِيُّ.
وَفِي حَدِيثِ عُرْوَة بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: « وَاللَّهِ مَا كلَّمتُ مسعودَ بنَ عَمْروٍ مُنْذُ عَشْرِ سِنين والليلةَ أُكَلِّمُه»، فَخَرَجَ فَنَادَاهُ فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: عُرْوَة، فأَقْبَل مسعودٌ وهو يقول:
أَطَرَقَتْ عَرَاهِيَهْ، ***أَمْ طَرَقَتْ بِداهِيهْ؟
حَكَى ابْنُ الأَثير عَنِ الْخَطَّابِيِّ قَالَ: هَذَا حرفٌ مُشْكِل، وَقَدْ كَتَبْتُ فِيهِ إِلَى الأَزهري، وَكَانَ مِنْ جَوَابِهِ أَنه لَمْ يَجِدْه فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، والصوابُ عِنْده عَتاهِيَهْ، وهي الغَفْلة والدَّهَش أَي أَطَرَقْت غَفْلَةً بِلَا روِيَّة أَو دَهَشًا؛ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَقَدْ لَاحَ لِي فِي هَذَا شيءٌ، وَهُوَ أَنْ تَكُونَ الكَلِمة مُركَّبةً من اسْمَيْن: ظاهرٍ، ومكْنِيٍّ، وأَبْدَل فِيهِمَا حَرْفًا، وأَصْلُها إماَّ مِنَ العَراءِ وَهُوَ وَجْهُ الأَرض، وإِما منَ العَرا مقصورٌ، وَهُوَ الناحيَة، كأَنه قال أَطَرَقْتَ عَرائي أَي فِنائي زَائِرًا وضَيْفًا أَم أَصابتك داهِيَةٌ فجئْتَ مُسْتَغِيثًا، فالهاءُ الأُولى مِنْ عَرَاهِيَهْ مُبدلَة من الهمزة، وَالثَّانِيَةُ هاءُ السَّكْت زِيدَتْ لِبَيَانِ الْحَرَكَةِ؛ وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: يحتمِل أَن يكونَ بِالزَّايِ، مصدرٌ مِنْ عَزِه يَعْزَهُ فَهُوَ عَزِةٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرَبٌ فِي الطَّرَب، فَيَكُونُ.
مَعْنَاهُ أَطَرَقْت بِلَا أَرَبٍ وحاجةٍ أَم أَصابَتْك دَاهِيَةٌ أَحوجَتْك إِلَى الِاسْتِغَاثَةِ؟ وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي تَرْجَمَةِ عَرَا حَدِيثَ المَخْزومية الَّتِي تَسْتَعِيرُ المَتاع وتَجْحَدُه، وَلَيْسَ هَذَا مكانَه فِي ترتيبِنا نَحْنُ فَذَكَرْنَاهُ في ترجمة عَوَر.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
44-لسان العرب (لأي)
لأَي: اللَّأَى: الإِبْطاء والاحْتِباس، بِوَزْنِ اللَّعا، وَهُوَ مِنَ الْمَصَادِرِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا مَا لَيْسَ مِن لَفْظِهَا، كَقَوْلِكَ لَقِيته التِقاطًا وقَتَلْته صَبْرًا ورأَيته عِيانًا؛ قَالَ زُهَيْرٌ: " فَلأْيًا عَرفت الدارَ بَعْدَ توهُّم وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الَّلأْيُ اللُّبْثُ، وَقَدْ لأَيْت أَلأَى لأْيًا، وَقَالَ غَيْرُهُ: لأْأَيْت فِي حَاجَتِي، مشدَّد، أَبطأْت.والتَأَتْ هِيَ: أَبْطَأَت.
التَّهْذِيبُ: يُقَالُ لأَى يَلأَى لأْيًا والتَأى يَلْتَئي إِذا أَبطأَ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: لَمْ أَسمع الْعَرَبَ تَجْعَلُهَا مَعْرِفَةً، ويقولون: لأْيًا عرفْتُ وبَعدَ لأْيٍ فَعَلْتُ أَي بَعْدَ جَهْد وَمَشَقَّةٍ.
وَيُقَالُ: مَا كِدْت أَحمله إِلَّا لأْيًا، وَفَعَلْتُ كَذَا بَعْدَ لأْيٍ أَي بَعْدَ شدَّة وإِبْطاء.
وَفِي حَدِيثِ أُم أَيمن، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: « فبِلأْيٍ مَّا استَغْفَرَ لَهُمْ رسولُ اللَّهِ »أَي بَعْدَ مَشَقَّةٍ وجهدْ وإِبْطاء؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وهِجْرَتِها ابنَ الزُّبَيْرِ: فبِلأْيٍ مَّا كَلَّمَتْهُ.
واللأَى: الجَهْد والشدَّة وَالْحَاجَةُ إِلى النَّاسِ؛ قَالَ الْعُجَيْرُ السَّلُولِيُّ:
وَلَيْسَ يُغَيِّرُ خِيمَ الكَريم ***خُلُوقةُ أَثْوابِه واللأَى
وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ فِي قَوْلِهِ: فَلأْيًا بِلأْيٍ مَّا حَمَلْنا غُلامَنا "أَي جَهْدًا بَعْدَ جَهْد قَدَرْنا عَلَى حَمْله عَلَى الْفَرَسِ.
قَالَ: واللأْيُ الْمَشَقَّةُ وَالْجُهْدُ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والأَصل فِي اللأْي البُطْء؛ وأَنشد أَبو الْهَيْثَمِ لأَبي زُبَيْدٍ:
وثارَ إِعْصارُ هَيْجا بينَهُمْ، وخَلَتْ ***بالكُورِ لأْيًا، وبالأَنساع تَمْتَصِعُ
قَالَ: لأْيًا بَعْدَ شدَّة، يَعْنِي أَن الرَّجُلَ قَتَلَهُ الأَسد وَخَلَتْ نَاقَتُهُ بِالْكُوَرِ، تَمْتَصِعُ: تُحَرِّكَ ذَنَبَهَا.
واللأَى: الشِّدَّةُ فِي الْعَيْشِ، وأَنشد بَيْتَ الْعُجَيْرِ السَّلُولِيِّ أَيضًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: « مَن كَانَ لَهُ ثلاثُ بَنَاتٍ فصَبَر عَلَى لأْوائهن كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ »؛ اللأْواء الشِّدَّةُ وَضِيقِ الْمَعِيشَةِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: « قَالَ لَهُ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُك اللأْواء؟ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: مَن صَبَرَ على لأْوء المَدينة »؛ واللأْواء المشَقة وَالشِّدَّةُ، وَقِيلَ: القَحْط، يُقَالُ: أَصابتهم لأْواء وشَصاصاء، وَهِيَ الشِّدَّةُ، قَالَ: وَتَكُونُ اللأْواء فِي الْعِلَّةِ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ: " وحالَتِ اللأْواء دُونَ نِسْعِي "وَقَدْ أَلأَى القومُ، مِثْلَ أَلعى، إِذا وَقَعُوا فِي اللأْواء.
قَالَ أَبو عَمْرٍو: اللأْلاء الْفَرَحُ التَّامُّ.
والْتَأَى الرَّجُلُ: أَفلَسَ واللأَى، بِوَزْنِ اللَّعا: الثَّوْر الْوَحْشِيُّ؛ قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وتثنيته لأَيَان، وَالْجَمْعُ أَلْآء مِثْلَ أَلْعاعٍ مِثْلَ جبَل وأَجبال، والأُنثى لَآة مِثْلُ لَعاةٍ ولَأَىً، بِغَيْرِ هَاءٍ، هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَقَالَ: إِنها الْبَقَرَةُ مِنَ الْوَحْشِ خَاصَّةً.
أَبو عَمْرٍو: اللَّأَى الْبَقَرَةُ، وَحُكِيَ: بكَمْ لَآك هَذِهِ أَي بقرتُك هَذِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
كظَهْرِ اللَّأَى لَوْ يُبْتَغى رَيَّةٌ بِهَا، ***لَعَنَّتْ وشَقَّتْ فِي بُطُون الشَّواجِنِ
ابْنُ الأَعرابي: لآةٌ وأَلاة بِوَزْنِ لَعاة وعَلاة.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « يَجِيء مِنْ قِبَل المَشْرِق قَوم وصفَهم، ثُمَّ قَالَ: وَالرَّاوِيَةُ يَومئذٍ يُسْتَقى عَلَيْهَا أَحَبُّ إِليَّ مِنْ لاءٍ وشاءٍ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْقُتَيْبِيُّ هَكَذَا رَوَاهُ نَقَلة الْحَدِيثِ لَاءً بِوَزْنِ مَاءٍ، وإِنما هُوَ أَلْآء بِوَزْنِ أَلْعاع، وَهِيَ الثِّيران، وَاحِدُهَا لَأىً بِوَزْنِ قَفًا، وَجَمْعُهُ أَقْفاء، يُرِيدُ بَعِير يُسْتقى عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مِنِ اقْتِنَاءِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، كأَنه أَراد الزِّرَاعَةَ لأَن أَكثر مَنْ يَقْتَني الثِّيرَانَ وَالْغَنَمَ الزرَّاعون.
ولَأْيٌ ولُؤَيُّ: اسْمَانِ، وَتَصْغِيرُ لَأْي لُؤَيٌّ، وَمِنْهُ لُؤَيُّ بْنُ غَالِبٍ أَبو قُرَيْشٍ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وأَهل الْعَرَبِيَّةِ يَقُولُونَ هُوَ عَامِرُ بْنُ لُؤَيّ، بِالْهَمْزِ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ لُوَيّ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: الْعَرَبُ فِي ذَلِكَ مُخْتَلِفُونَ، مَنْ جَعَلَهُ مِنَ اللأْي هَمَزَهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ مِنْ لِوَى الرَّمْل لَمْ يَهْمِزْهُ.
ولَأْيٌ: نَهْرٌ مِنْ بِلَادِ مُزَيْنةَ يَدْفَعُ فِي الْعَقِيقِ؛ قَالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
عَرَفْتُ الدَّار قدْ أَقْوَتْ برِيمِ ***إِلى لَأْيٍ، فمَدْفَعِ ذِي يَدُومِ
واللَّائي: بِمَعْنَى اللَّواتي بِوَزْنِ الْقَاضِي والدَّاعي.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}.
قل ابْنُ جِنِّي: وَحُكِيَ عَنْهُمُ اللَّاؤو فعلوا ذلك يريد اللَّاؤون، فحذف النون تخفيفًا.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
45-مختار الصحاح (قد)
قَدْ بِالتَّخْفِيفِ حَرْفٌ لَا يَدْخُلُ إِلَّا عَلَى الْأَفْعَالِ وَهُوَ جَوَابٌ لِقَوْلِكَ لَمَّا يَفْعَلْ.وَزَعَمَ الْخَلِيلُ أَنَّ هَذَا لِمَنْ يَنْتَظِرُ الْخَبَرَ يَقُولُ لَهُ: قَدْ مَاتَ فُلَانٌ.
وَلَوْ أَخْبَرَهُ وَهُوَ لَا يَنْتَظِرُهُ لَمْ يَقُلْ: قَدْ مَاتَ.
وَلَكِنْ يَقُولُ: مَاتَ فُلَانٌ.
وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى رُبَّمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
قَدْ أَتْرُكُ الْقِرْنَ مُصْفَرًّا أَنَامِلُهُ *** كَأَنَّ أَثْوَابَهُ مُجَّتْ بِفِرْصَادِ
فَإِنْ جَعَلْتَهُ اسْمًا شَدَّدْتَهُ فَقُلْتَ: كَتَبْتُ قَدًّا حَسَنَةً.
وَقَدْكَ بِمَعْنَى حَسْبُكَ اسْمٌ، تَقُولُ: قَدِي وَقَدْنِي أَيْضًا بِالنُّونِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ: لِأَنَّ هَذِهِ النُّونَ إِنَّمَا تُزَادُ فِي الْأَفْعَالِ وِقَايَةً لَهَا مِثْلُ ضَرَبَنِي وَنَحْوِهِ.
مختار الصحاح-محمد بن أبي بكر الرازي-توفي: 666هـ/1268م
46-أساس البلاغة (خضم)
خضميخضمون ونقضم، أي يأكلون بأقصى الأضراس، ونحن بمقدّمها. وبحر خضم: كثير الماء.
ومن المجاز: رجل خضم: جواد، ورجال خضمون. وفرس خضم: ذو أجاري. وسيف خضم: كثير الماء. ومسن خضم: ذو جوهر وماء. قال أبو وجزة يصف نصلًا:
حري موقعة ماج البنان بها *** على خضم يسقى الماء عجاج
واختضموا الطريق: قطعوه. واختضم السيف العظام: مر فيها وقطعها. قال:
إن القساسيّ الذي يعصى به *** يختضم الدارع في أثوابه
فيما يشتمل عليه من كم الدرع، وهو السيف المنسوب إلى قساس: جبل فيه معدن حديد.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
47-أساس البلاغة (ضرج)
ضرجضرجت أثوابه بدم، وتضرج بالدم: تلطخ. وتضرج البرق: تشقق. وعين مضروجة: واسعة المشق. قال ذو الرمة:
تبسمن عن نور الأقاحي في الثرى *** وفترن عن أبصار مضروجة نجل
ويسحبن أكسية الإضريح: الخز الأحمر، وثوب إضريج: مشبع حمرة. قال النابغة:
تحيتهم بيض الولائد بينهم *** وأكسية الإضريح فوق المشاجب
وإذا بدت ثمار البقول قيل: انضرجت عنها لفائفها وأكمامها. قال ذو الرمة:
لما تعالت من البهمي ذوائبها *** بالصلب وانضرجت عنها الأكاميم
ومن المجاز: هو مضرج الخدين، وكلمته فتضرج خدّاه. وتضرجت المرأة: تبرجت وتحسنت. ويقال: خير ما يضرج به الصدق، وشر ما يضرج به الكذب أي يحسن به الكلام ويوسع.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
48-أساس البلاغة (مزر)
مزرتمزّر المزر وهو السكركة: نبيذ الذرة تذوّقه شيئًا بعد شيء. قال:
تكون بعد الحسو والتمزر *** في فمه مثل عصير السكّر
وقال النابغة:
تمزّرتها والديك يدعو صباحه *** إذا ما بنو نعش دنوا فتصوّبوا
ورجل مزير: مشبع العقل نافذ في الأمور قويّ. قال:
ترى الرجل النحيف فتزدريه *** وفي أثوابه رجل مزير
وهو من أمازر الناس: من أفاضلهم. قال:
فلا تذهبن عيناك في كلّ شرمحٍ *** طوال فإن الأقصرين أمازره
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
49-مجمل اللغة (لاو)
لاو: اللأواء: الشدة.واللأى: ثور الوحش.
قال الطرماح:
كظهر اللآى لو تبتغى ريةٌ بها
نهاراُ لعيتْ في بطونٍ الشواجنِ
ويقال: هو الترس، فأما قول الآخر:
وليس يغير خيم الكريمِ
خلوقاتُ أثوابه واللأى
فإنه يريد لأواء العيش.
ويقال: فعل ذلك بعد لأي، أي: شدة.
والتأى الرجل: [أفلس].
ومنه الحديث: من كانت له ثلاث بنات فصبر على لأواهن كن له حجابًا من النار.
مجمل اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
50-مقاييس اللغة (لأو)
(لَأَوَ) اللَّامُ وَالْهَمْزَةُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ كَلِمَتَانِ: إِحْدَاهُمَا الشِّدَّةُ، وَالْأُخْرَى حَيَوَانٌ.فَالْأُولَى: اللَّأْوَاءُ: الشِّدَّةُ.
[وَ] فِي الْحَدِيثِ: مَنْ كَانَ لَهُ ثَلَاثُ بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَى لَأْوَائِهِنَّ كُنَّ لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ.
وَيَقُولُونَ: فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ لَأْيٍ، أَيْ شِدَّةٍ.
وَالْتَأَى الرَّجُلُ: سَاءَ عَيْشُهُ.
وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
وَلَيْسَ يُغَيِّرُ خِيَمَ الْكَرِيمِ *** خُلُوقَةُ أَثْوَابِهِ وَاللَّأَى
قَالُوا: أَرَادَ اللَّأْوَاءَ، وَهِيَ شِدَّةُ الْعَيْشِ.
وَالْآخَرُ: اللَّأَى، يُقَالُ إِنَّهُ الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ، فِي قَوْلِ الطِّرِمَّاحِ:
كَظَهْرِ اللَّأَى لَوْ تُبْتَغَى رِيَّةٌ بِهَا *** نَهَارًا لَعَنَّتْ فِي بُطُونِ الشَّوَاجِنِ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
51-مقاييس اللغة (مزر)
(مَزَرَ) الْمِيمُ وَالزَّاءُ وَالرَّاءُ كَلِمَتَانِ: الْأُولَى الْمَزِيرُ: الرَّجُلُ الْقَوِيُّ.قَالَ:
تَرَى الرَّجُلَ النَّحِيفَ فَتَزْدَرِيهِ *** وَفِي أَثْوَابِهِ أَسَدٌ مَزِيرٌ
وَالثَّانِيَةُ الْمَزْرُ: الذَّوْقُ وَالشُّرْبُ الْقَلِيلُ، وَكَذَا التَّمَزُّرُ.
وَقَالَ:
تَكُونُ بَعْدَ الْحَسْوِ وَالتَّمَزُّرِ *** فِي فَمِهِ مِثْلُ عَصِيرِ السُّكَّرِ
وَيَقُولُونَ: الْمِزْرُ: نَبِيذُ الشَّعِيرِ.
وَإِنْ صَحَّ فَهُوَ مِنَ الْبَابِ.
بَابُ الْمِيمِ وَالسِّينِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
52-صحاح العربية (قد)
[قدد] القَدُّ: الشقُّ طولًا.تقول: قَدَدْتُ السيرَ وغيره أقُدُّهُ قَدًّا.
وقَدَّ المسافرُ المَفازَةَ.
والانْقِدادُ: الانشقاقُ.
والقَدُّ أيضًا: جِلد السخلةِ الماعزة، والجمع القليل أَقُدٌّ والكثير قِدادٌ، عن ابن السكيت.
وفي المثل: " ما يجعل قَدَّك إلى أديمِكَ "، معناه أي شئ يحملك على أن تجعل أمرك الصغيرَ عظيمًا.
والقَدُّ: القامةُ، والتقطيعُ.
يقال: قدَّ فلانٌ قَدَّ السيف، أي جُعِلَ حسن التقطيع.
وقول النابغة: ولرهط حَرَّاب وقِدٍّ سَورةٌ *** في المجد ليس غرابها بمطار - قال أبو عبيد: هما رجلان من بنى أسد.
والقد، بالكسر: سير يقُدُّ من جلد غير مدبوغ.
والقدة أخص منه، والجمع أقد.
والقِدَّةُ أيضًا: الطريقةُ، والفرقةُ من الناس إذا كان هوى كلِّ واحدٍ على حدةٍ.
يقال: كنَّا طرائق قددا.
و " ماله قد ولا قِحْفٌ "، فالقِدُّ: إناءٌ من جلد.
والقِحْفُ من خشب.
والقَديدُ: اللحمُ المُقَدَّدُ، والثوبُ الخَلَقُ.
وتَقَدَّدَ القومُ: تفرَّقوا.
واقْتَدَّ فلانٌ الأمورَ، إذا دبرها وميزها.
وقديد: ماء بالحجاز، وهو مصغر.
والقداد: وجع البطن.
والمقداد: اسم رجل من الصحابة.
والمقد بالفتح: القاع، وهو المكان المستوي.
وقَدْ، مخفَّفةٌ: حرف لا يدخل إلا على الأفعال، وهو جواب لقولك لمَّا يَفْعَل.
وزعم الخليل أن هذا لمن ينتظر الخبر، تقول: قَدْ مات فلان.
ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قَدْ مات، ولكن يقول: مات فلان.
وقد يكون قَدْ بمعنى ربَّما، قال الشاعر عبيد ابن الابرص: قد أترك القِرْنَ مُصْفَرًّا أنامِلُهُ *** كأنَّ أثْوابَهُ مُجَّت بفِرْصادِ - وإن جعلته اسمًا شدَّدته فقلت: كتبتُ قَدًّا حسنةً.
وكذلك كى، وهو، ولو، لان هذه الحروف لا دليل على ما نقص منها، فيجب أن يزاد في أواخرها ما هو من جنسها وتدغم، إلا في الالف فإنك تهمزها.
ولو سميت رجلا بلا أوما،
ثم زدت في آخره ألفا همزت، لانك تحرك الثانية.
والالف إذا تحركت صارت همزة.
فأمَّا قولهم: قَدْكَ بمعنى حسبُكَ، فهو اسم، تقول: قَدِي وقَدْني أيضًا بالنون على غير قياس، لان هذا النون إنما تزاد في الأفعال وِقايةً لها، مثل ضربني وشتمني.
قال الراجز:
قدنى من نصر الخبيبين قدى
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
53-صحاح العربية (مزر)
[مزر] المَزيرُ: الشديدُ القلْب، عن أبي عبيد.وقد مَزُرَ بالضم مَزَارَةً.
وفلانٌ أمْزَرُ منه.
قال العباس ابن مرداس: ترى الرجلَ النحيفَ فتزْدَريهِ *** وفي أثوابِهِ رجلٌ مزير -
ويروى، " أسد هصور ".
والجمع أمازر، مثل أفيل وأفائل.
وأنشد الاخفش: إليك ابنة الاعيار خافى بسالة ال *** - رجال وأصلال الرجال أقاصره - فلا تذهبن عيناك في كل شرمح *** طوال فإن الاقصرين أمازره - قال: يريد أقاصرهم وأمازرهم، كما يقال: فلان أخبث الناس وأفسقه، وهى خير جارية وأفضله.
والمزر بالكسر: ضرب من الاشربة.
وذكر أبو عبيد أنَّ ابن عمر قد فسَّر الأنْبِذَةَ فقال: البِتْعُ: نبيذ العسلِ.
والجعةُ: نبيذُ الشعيرِ.
والمِزْرُ من الذرَةِ.
والسكرُ من التمر.
والخمرُ من العنب.
وأما السكركة بتسكين الراء فخمر الحبش.
قال أبو موسى الاشعري: هي من الذرة.
ويقال لها السقرقع أيضا، كأنه معرب سكركه، وهى بالحبشية.
والمِزْرُ أيضًا: الأحمقُ.
والمَزْرُ بالفتح: الحَسْوُ للذوق.
ويقال:
«تَمَزَّرْتُ الشرابَ، إذا شربته قليلًا قليلًا.
وأنشد الاموى يصف خمرا:
تكون بعد الحَسْوِ والتَمَزُّرِ *** في فمهِ مثل عصير السكر »
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
54-صحاح العربية (قس)
[قسس] القس: تتبع الشئ وطلبه.قال الراجز:
يصبحن عن قس الاذى غوافلا *** وتَقَسَّسْتُ أصواتهم بالليل، أي تسمَّعْتها.
والقَسُّ: النميمةُ.
والقَسُّ أيضًا: رئيسٌ من رؤساء النصارى في الدين والعلم، وكذلك القِسِّيسُ.
والقَسِّيُّ: ثوب يُحْمَلُ من مصر يخالطه الحرير.
وفي الحديث " أنَّه نهى عن لبس القسى ".
قال أبو عبيد: هو منسوب إلى بلاد يقال لها القس.
قال: وقد رأيتها.
ولم يعرفها الاصمعي.
قال: وأصحاب الحديث يقولونه بكسر القاف، وأهل مصر بالفتح.
وقس بن ساعدة الايادي: أسقف نجران، وكان أحد حكماء العرب.
والقَسوسُ: الناقة التي ترعى وحدها، مثل العسوس، عن أبى زيد.
والكسائي مثله.
وقد قَسَّتْ تَقُسُّ، أي رعت وحدها.
وقساس بالضم: جبل لبنى أسد.
وقال شمر: القساس: معدن الحديد بأرمينية.
والقُساسِيُّ: سيفٌ منسوب إليه.
وأنشد: إنَّ القُساسِيُّ الذي يُعْصى به *** يختصم الدارع في أثوابه *** وقرب قسقاس، أي سريع ليس فيه وتيرةٌ.
والقَسْقاسُ: الدليل الهادي.
قال أبو عمرو: القَسْقَسَةُ: دَلَجُ الليل الدائب.
يقال: سير قِسْقيسٌ، أي دائبٌ.
ويقال: القَسْقاسُ: شدة الجوع والبرد.
وينشد: أتانا به القسقاس ليلا ودونه *** جراثيم رمل بينهن نفانف *** وقسقست بالكلب، إذا صحتَ به وقلت له: قوس قوس.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
55-صحاح العربية (لأى)
[لأى] يقال: فعلَ ذلك بعد لاى، أي بعد شدة وإبطا.ولاى لايا، أي أبطأ.
والتأى مثله.
والتأى الرجل: أفلس.
واللأْواءُ: الشدَّةُ.
وفي الحديث: " من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبَر على لأْوائِهِنَّ كُنَّ له حِجابًا من النار ".
واللاى على وزن اللعا: الثور الوحشى، والجمع ألآء على ألعاء، مثل جبل وأجبال ; والانثى لآة مثل لعاة.
ولاى أيضا: رجل، وتصغيره لؤى، ومنه لؤى بن غالب.
واللاى أيضًا: الشدَّة في العيش.
وقال: وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكريمِ *** خُلوقَةُ أثوابه واللاى
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
56-منتخب الصحاح (قدد)
القَدُّ: الشقُّ طولًا.تقول: قَدَدْتُ السيرَ وغيره أقُدُّهُ قَدًّا.
وقَدَّ المسافرُ المَفازَةَ.
والانْقِدادُ: الانشقاقُ.
والقَدُّ أيضًا: جِلد السخلةِ الماعزة، والجمع القليل أَقُدٌّ والكثير قِدادٌ، عن ابن السكيت.
وفي المثل: ما يجعل قَدَّك إلى أديمِكَ، معناه أيُّ شيءٍ يحملك على أن تجعل أمرك الصغيرَ عظيمًا.
والقَدُّ: القامةُ، والتقطيعُ.
يقال: قدَّ فلانٌ قَدَّ السيف، أي جُعِلَ حَسَنَ التقطيعِ.
والقِدّ بالكسر: سيرٌ يقُدُّ من جلد غير مدبوغ.
والقِدَّةُ أخصُّ منه، والجوع أقُدٌّ.
والقِدَّةُ أيضًا: الطريقةُ، والفرقةُ من الناس إذا كان هوى كلِّ واحدٍ على حدةٍ.
يقال: كنَّا طرائقَ قِدَدًا.
وما له قِدٌّ ولا قِحْفٌ، فالقِدُّ: إناءٌ من جلد.
والقِحْفُ من خشب.
والقَديدُ: اللحمُ المُقَدَّدُ، والثوبُ الخَلَقُ.
وتَقَدَّدَ القومُ: تفرَّقوا.
واقْتَدَّ فلانٌ الأمورَ، إذا دبَّرها وميَّزها.
والقُدادُ: وجعُ البطن.
والمَقَدُّ بالفتح: القاعُ، وهو المكان المستوي.
وقَدْ، مخفَّفةٌ: حرف لا يدخل إلا على الأفعال، وهو جواب لقولك لمَّا يَفْعَل.
وزعم الخليلُ أنَّ هذا لم ينتظر الخبر، تقول: قَدْ مات فلان.
ولو أخبره وهو لا ينتظره لم يقل قَدْ مات، ولكن يقول: مات فلان.
وقد يكون قَدْ بمعنى ربَّما، قال الشاعر ابن الأبرص:
قَدْ أتركُ القِرْنَ مُصْفَرًّا أنامِلُهُ *** كأنَّ أثْوابَهُ مُجَّت بفِرْصادِ
وإن جعلته اسمًا شدَّدته فقلت: كتبتُ قَدًّا حسنةً.
فأمَّا قولهم: قَدْكَ بمعنى حسبُكَ، فهو اسم، تقول: قَدِي وقَدْني أيضًا بالنون على غير قياس، لأنَّ هذه النون إنَّما تُزاد في الأفعال وِقايةً لها، مثل ضربني وشتمني.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
57-منتخب الصحاح (قسس)
القَسُّ تتبُّع الشيء وطلبه.وتَقَسَّسْتُ أصواتهم بالليل، أي تسمَّعْتها.
والقَسُّ: النميمةُ.
والقَسُّ أيضًا: رئيسٌ من رؤساء النصارى في الدين والعلم، وكذلك القِسِّيسُ.
والقَسِّيُّ: ثوب يُحْمَلُ من مصر يخالطه الحرير.
والقَسوسُ: الناقة التي ترعى وحدها.
وقد قَسَّتْ تَقُسُّ، أي رعت وحدها.
والقُساسُ: معدن الحديد بأرْمينيةَ.
والقُساسِيُّ: سيفٌ منسوب إليه.
وأنشد:
إنَّ القُساسِيُّ الذي يُعْصى به
يَخْتَصِمُ الدارِعَ في أثْوابِه
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
58-منتخب الصحاح (لءى)
يقال: فعلَ ذلك بعد لأْيٍ، أي بعد شدَّة وإبطاء ولأن لأيا أي أبطأ والتأن مثله والتأى الرجل: أفلس.واللأْواءُ: الشدَّةُ.
وفي الحديث: من كان له ثلاثُ بناتٍ فصبَر على لأْوائِهِنَّ كُنَّ له حِجابًا من النار.
واللأَى: الثور الوحشي، والجمع أْلآءٌ؛ والأنثى لآةٌ.
واللأَى أيضًا: الشدَّة في العيش.
وقال:
وليس يُغَيِّرُ خِيمَ الكريمِ *** خُلوقَةُ أثوابه واللأَى
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
59-منتخب الصحاح (مزر)
المَزيرُ: الشديدُ القلْب، عن أبي عبيد.وقد مَزُرَ بالضم مَزَارَةً.
وفلانٌ أمْزَرُ منه.
قال العباس ابن مرداس:
ترى الرجلَ النحيفَ فتزْدَريهِ *** وفي أثوابِهِ رجلٌ مَزيرُ
ويروى: أسد هصور.
والجمع أَمازِرُ.
والمِزْرُ: ضربٌ من الأشربة.
وذكر أبو عبيد أنَّ ابن عمر قد فسَّر الأنْبِذَةَ فقال: البِتْعُ: نبيذ العسلِ.
والجعةُ: نبيذُ الشعيرِ.
والمِزْرُ: من الذرَةِ.
والسكرُ: من التمر.
والخمرُ من العنب.
والمِزْرُ أيضًا: الأحمقُ.
والمَزْرُ بالفتح: الحَسْوُ للذوق.
ويقال: تَمَزَّرْتُ الشرابَ، إذا شربته قليلًا قليلًا.
وأنشد الأمويُّ يصف خمرًا:
تكون بعد الحَسْوِ والتَمَزُّرِ
في فمهِ مثل عصيرِ السُكَّرِ
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
60-المحيط في اللغة (ضرج)
الإِضْرِيْجُ: أكْسِيَةٌ تُتَّخَذ من مِرْعِزّى من أجْوَدِه.وهو من الخَيْل: الجَوَادُ الكَثيرُ العَدْوِ والعَرَق.
وعَدْوٌ ضَرِيْجٌ: شَدِيدٌ.
وكلُ أحْمَرَ عندهم: إضْرِيْجٌ.
وتَضَّرجَتِ المَرْأةُ: بمعنى تَبَرَّجَتْ.
وكلُّ شَيْءٍ يَتَلَطَّخُ بدَم أو غيرِه: فقد تَضَرَّجَ.
وضُرِّجَتْ أثْوَابُه بدَم أو غيرِه.
والمُنْضَرِجُ من الخَيْل: الذي يكونُ بَدِيْهَةُ حُضْرِه مِثْلَ أسْرَعِه.
وانْضَرَجَتِ العُقَابُ: انْحَطّتْ من الجَوَّ.
وانْضَرَجَ الطَّرِيقُ للناس: أي انْشَقَّ وانْفَرَقَ.
وانْضَرَجَ ما بين القَوْم: تَبَاعَدَ ما بَينهم.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
61-تهذيب اللغة (عرا)
عرا: قال الله جلّ وعزّ: {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ} [هُود: 54] قال الفراء: كانوا كذّبوه ـ يعني هودًا ـ ثم جعلوه مختلِطًا، وادَّعَوا أن آلهتهم هي التي خَبَّلته لعيبه إيّاها.فهنالك قال: {إِنِّي أُشْهِدُ اللهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} [هود: 54].
وقال الزجاج في قوله {إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ} [هود: 54] أي ما نقول إلا مَسَّك بعض أصنامنا بجنون لسبّك إياها.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه سمعه يقول: إذا أتيت رجلًا تطلب منه حاجة قلت: عروْته وعررْته، واعتريته واعتررته.
وقال الليث: عراه أمر يعروه عَرْوًا إذا غشِيه وأصابه.
يقال: عراه البرد وعرته الحُمَّى وهي تعروه إذا جاءته بنافض، وأخذته الحمى بعُرَوائِها، وعُرِي الرجل فهو مَعْرُوّ، واعتراه الهم، عام في كلّ شيء.
أبو عبيد عن الأصمعي: إذا أخذت المحمومَ قِرَّةٌ ووجد مسّ الحمى، فتلك العُرَواء وقد عُرِي فهو مَعْرُوّ.
قال: وإن كانت نافضًا قيل: نفضته فهو منفوض، وإن عَرِق منها فهي الرُحَضاء.
وقال ابن شميل: العُرَواء: قلٌّ يأخذ الإنسان من الحُمّى، ورِعدة.
وأخذته الحمَّى بنافض أي برعدة وبرد.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «خفّفوا في الْخَرص؛ فإن في المال العرِيّة والوصيَّة».
وفي حديث آخر أنه رخَّص في العرايا.
قال أبو عبيد: العرايا واحدتها عريّة.
وهي النخلة يُعْريها صاحبها رجلًا محتاجًا، والإعراء: أن يجعل له ثمرة عامِها.
قال: وقال الأصمعي: استعرى الناسُ في كل وجه إذا أكلوا الرُطَب، أخذه من العرايا.
وقال ابن الأعرابي: قال بعض العرب: منا من يُعْرِي.
قال: وهو أن يشتري الرجُلُ النخل ثم يستثني نخلة أو نخلتين.
وقال الشافعي: العرايا ثلاثة أصناف: واحدتها أن يجيء الرجل إلى صاحب الحائط، فيقول له: بعني من حائطك ثمر نَخَلات بأعيانها بخرْصِها من التَمْر، فيبيعه إياها ويقبض التَمْر ويُسلِّم إليه النَخَلات يأكلها ويبيعها ويُتَمِّرها، ويفعل بها ما يشاء.
قال: وجِمَاع العرايا: كل ما أُفرد ليؤكل خاصّة، ولم يكن في جملة البيع من ثمر الحائط إذا بيعت جملتها من واحد.
والصنف الثاني أن يحضر ربَّ الحائط القومُ فيعطى الرجلَ ثمر النخلة أو النخلتين وأكثر عرِيّة يأْكُلها.
وهذه في معنى المِنْحة.
قال وللمُعْرَى أن يبيع ثمرها، ويُتَمِّره، ويصنع فيه ما يصنع في ماله؛ لأنه قد ملكه.
والصنف الثالث من العرايا أن يعرى الرجل الرَّجُلَ النخلة وأكثر من حائطه ليأكل ثمرها ويهديه ويتَمِّره ويفعل فيه ما أحبّ ويبيع ما بقي من ثمر حائطه منه فتكون هذه مفردة من المبيع منه جملة.
وقال غيره العرايا أن يقول الغني للفقير: ثمر هذه النخلة أو النَخَلات لك، وأصلها لي.
وأما تفسير قوله عَليه السّلامْ: أنه رخّص في العرايا فإن الترخيص فيها كان بعد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، وهي بيع الثمر في رؤوس النخل بالتَّمْرِ، ورخَّص من جملة المزابنة في العرايا فيما دون خمسة أوسق وذلك الرجلُ يفضُل من قوت سنته التمرُ، فيدرك الرُطبُ ولا نَقْد بيده يشتري به الرُطَب، ولا نخل له يأكل من رُطَبه، فيجيء إلى صاحب الحائط فيقول له: بعني ثمر نخلة أو نخلتين أو ثلاث بِخِرْصها من التمر، فيعطيه التَّمْر بثمر تلك النَخَلات؛ ليصيب من رُطَبها مع الناس، فرخّص النبي صلى الله عليه وسلم من جملة ما حرم من المزابنة فيما دون خمسة أوسق، وهو أقلّ ممّا تجب فيه الزكاة، فهذا معنى ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في العرايا، لأن بيع الرُطَب بالتَمْر محرّم في الأصل، فأخرج هذا المقدار من الجملة المحرَّمة لحاجة الناس إليه.
قلت: ويجوز أن تكون العِرْية مأخوذة من عَرِي يَعْرى، كَأنها عُرِّيت من جملة التحريم فعَرِيت أي خلت وخرجت منها فهي عرِيَّة: فعلية بمعنى فاعلة، وهي بمنزلة المستثناة من الجملة، وجمعها العرايا.
وروى أبو عبيد عن الأصمعي: استعرى الناسُ في كل وجه إذا أكلوا الرُطَب، وأعرى فلان فلانًا ثمر نخلة إذا أعطاه إيَّاها، يأكل رُطَبها وليس في هذا بيع، إنما هذا معروف وفضل، والله أعلم.
وَرَوَى شمر عن صالح بن أحمد عن أبيه قال: العرايا: أن يُعري الرجل من نخلِهِ ذا قرابته أو جاره ما لا يجب فيه الصدقة، أي يهبها له، فأرخص للمُعْرِي في بيع ثمر نخلة في رأسها بخِرصها من التمر.
قال والعَرِيَّة مستثناة من جملة ما نُهي عن بيعه من المزابنة.
وقيل: يبيعها الْمُعَرى ممن أعراه إياها.
وقيل له أن يبيعها من غيره.
وقال شمر: يقال لكل شيء أهملته وخليته: قد عرّيته.
وأنشد: إيجعُ ظهري وأَلَوِّي أبهري
ليس الصحيح ظهره كالأدبر *** ولا المعرَّى حِقبة كالموقَر
فالمعرَّى: الجمل الذي يرسَل سُدًى ولا يحمل عليه.
ومنه قول لبيد:
فكلفتها ما عُرّيت وتأبَّدت *** وكانت تسامي بالعَزيب الجمائلا
قال: عُرّيت: ألقى عنها الرحل، وتركت من الحمل عليها، وأُرسلت ترعى، يصف ناقة.
وقال أبو عدنان: قال الباهلي: العرِيّة من النخل: الفاردة التي لا تُمسك حَملها، يتناثر عنها.
قال وأنشدني لنفسه:
فلما بدت تُكْنَى تُضيع مودتي *** وتخلِط بي قومًا لئامًا جدودُها
رددتُ على تكنى بقيَّة وصلِها *** ذميمًا فأمست وهي رَثّ جديدها
كما اعتكرت للّاقطين عرِيَّة *** من النخل يوطى كلّ يوم جريدُها
قال: اعتكارها كثرة حَتّها، فلا تأتي أصلها دابة إلا وجد تحتها لُقَاطًا من حملها ولا يأنى خوافيها إلا وجد سِقَاطًا من أيّ ما شاء ويقال: عرِي فلان من ثوبه يَعْرَى عُرْيًا فهو عار، وعُرْيان.
ويقال هو عِرْو من هذا الأمر، كما يقال: هو خِلْو منه وعَرْوَى اسم جبل، وكذلك عَرْوان.
سلمة عن الفراء قال: العريان من النبت: الذي قد عرِي عُرْيًا إذا استبان لك.
قال أبوبكر: الأعراء الذين لا يُهمهم ما يُهِمُّ أصحابهم.
ثعلب عن ابن الأعرابي: العرا: الفناء مقصور يكتب بالألف؛ لأن أنثاه عَرْوة.
وقال غيره: العَرَى: الساحة والفناء؛ سمّي عَرًى لأنه عرِي من الأبنية والخيام.
ويقال: نزل بعراه وعَروتِه أي نزل بساحته.
وكذلك نزل بحراه.
وأما العراء ممدود فهو ما اتّسع من فضاء الأرض.
قال الله جلّ وعزّ: {فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ} [الصَّافات: 145].
وقال أبو عبيدة: إنما قيل له عَرَاء لأنه لا شجر فيه ولا شيء يغطيه.
وقيل: إن العَراء وجه الأرض الخالي وأنشد:
ورفعتُ رجلًا لا أخاف عِثَارها *** ونبذت بالبلد العَراءَ ثيابي
وقال الزجاج: العَرَاء على وجهين: مقصور وممدود.
فالمقصور الناحية، والممدود المكان الخالي.
وقال أبو زيد: العُرَواء عند اصفرار الشمس إلى الليل إذا اشتدّ البرد، واشتدّت معه ريحه باردة وشَمَال عرِيّة باردة.
وقد أعرينا إعراء إذا بلغنا بَرْد العِشيّ: قال: والعرب تقول: أهلَك فقد أعريت.
ويقال: عُرِيت إلى مال لي أشدَّ العُرَواء إذا بعته ثم تبعته نفسُك.
وعُرِي هواه إلى كذا أي حنّ إليه.
وقال أبو وجزة:
يُعْرَى هواك إلى أسماء واحتظرت *** بالنأي والبخل فيما كان قد سلفا
وقال أبو زيد: أعرى القوم صاحبهم إعراء إذا تركوه في مكانه وذهبوا عنه.
وقال الليث: عَرِي الرجل عِروة شديدة وعِرْية شديدة، وعُرْيا فهو عُرْيان، والمرأة عريانة.
ورجل عارٍ وامرأة عارية.
والعُرْيان من الخيل: الفرس الطويل القوائم المقلِّص.
والعريان من الرمل نَقيًا ليس عليه شجر.
وفي حديث أنس أن أهل المدينة فزعوا ليلًا فركب النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا لأبي طلحة عُرْيًا.
قلت: والعرب تقول: فرس عُرْى، وخيل أعراء.
ولا يقال رجل عُرْى.
وقد اعرورى الفارسُ فرسَه إذا ركبه عريًا وكذلك اعرورى البعيرَ ومنه قوله:
واعرورت العُلُط العُرْضِيَّ تركضه *** أُمُّ الفوارس بالدِئِداء والرَبَعهْ
أبو الهيثم: دابّة عُرْي وخيل أعراء، ورجل عارٍ وامرأة عارية إذا عريا من أثوابه، ورجل عار إذا خلقت ثيابه.
وقال:
أتيتك عاريًا خلقًا ثيابي *** على عجل تظن بي الظنون
وروي عن زائدة البكريّ أنه قال: نحن نُعاري أي نركب الخيل أعراء، وذاك أخف في الحرب وأعريت المكان إذا تركت حضوره.
وقال ذو الرمة:
* ومنهلٍ أعرى جَبَاه الحُضَّر*
وقال الليث أعراء الأرض: ما ظهر من متونها وظهورها.
وأنشد:
* وبلدٍ عارية أعراؤه*
قال والعراء كل شيء أعريته مِن سُتْرته تقول استره من العراء.
وتقول: ما تعرّى فلان من هذا الأمر أي ما تخلص.
قال والنخلة العرِيَّة: التي إذا عَرضت النخل على بيع ثمرها عُرِّيت منها نخلة أي عزلتها من المساومة.
والجميع العرايا.
قال: والفعل منه الإعراء، وهو أن يجعل ثمرتها لمحتاجٍ عامها ذلك، أو لغير محتاج.
ومعاري المرأة: ما لا بدّ لها من إظهاره، واحدها مَعْرًى.
ابن الأعرابي: يقال: نزل بَعْروته وعَقْوته أي بِفنائه.
وقوله جلّ وعزّ: {فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها} [البَقَرَة: 256].
قال أبو إسحاق: معناه: فقد عقد لنفسه من الدين عقدًا وثيقًا لا تحلّه حُجَّة.
أبو عبيد عن الأصمعي: العروة من الشجر الذي لا يزال باقيًا في الأرض لا يذهب وجمعها عُرى ومنه قول مهلهل:
خلع الملوك وسار تحت لوائه *** شجر العرى وعَراعِرُ الأقوام
ونحو ذلك قال أبو عبيدة وأبو عمرو في العروة.
قلت والعروة من دِقّ الشجر: ما له أصل باق في الأرض؛ مثل العَرْفَج والنَصِيّ وأجناس الخُلَّة والحَمْض، فإذا أمحل الناس عصمت العروةُ الماشية فتبلّغت بها، ضربها الله مثلًا لما يُعتصم به من الدين في قوله (فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى).
وأنشد ابن السكيت:
ما كان جُرِّب عند مَدّ حبالكم *** ضعف يخاف ولا انفصام في العرى
قال قوله: انفصام في العرى أي ضعف فيما يعصم الناس.
وقال الأخفش: العروة الوثقى شُبِّه بالعروة التي يتمسك بها.
وقال الليث: العروة عروة الدلو وعروة الكوز ونحوه.
وفي «النوادر»: أَرض عُرْوة وذِروة وعِصمة إذا كانت خصيبة خصبًا يبقى.
وقال ابن السكيت في قولهم: أنا النذير العريان: هو رجل من خثعم حَمَل عليه يوم الخَلَصة عوف بن عامر بن أبي عويف بن مالك بن ذبيان بن ثعلبة بن عمرو بن يشكر، فقطع يده ويد امرأته، وكانت من بني عُتْوارة ابن عامر بن ليث بن بكر بن عبد مناة بن كنانة.
وروى أبو أسامة عن بُريد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلى ومثلكم كمثل رجل أنذر قومه جيشًا فقال: أنا النذير العريان، أنذِركم جيشًا».
وقال الليث: جارية حسنة المُعَرَّى أي حسنة عند تجريدها من ثيابها، والجميع المعاري.
وقال ومعاري رؤس العظام حيث يعرى العظم عن اللحم.
وقال الأصمعي المعاري: الوجوه والأطراف والترائب.
وقال:
فإن يك ساق من أمية قلَّصت *** لقيس بحرب لا تُجنّ المعاريا
أي: شمر تشميرًا لا يستر معاريه.
والمحاسر مثل المعاري من المرأة.
وفلاة عارية المحاسر إذا لم يكن فيها كِنّ من شجرها.
ومحاسرها متونها التي تنحسر عن النبات.
وقال غيره: العُرْوة: النفيس من المال مثل الفرس الكريم ونحوه.
ويقال لطوق القلادة: عروة.
ويقال: فلان عُرْيان النجِيّ إذا كان يناجي امرأته، ويشاورها ويُصْدر عن رأيها.
ومنه قوله:
أصاخ لعريان النجيّ وإنه *** لأزور عن بعض المقالة جانبه
أي: استمع إلى امرأته وأهانني.
وعُرا المرجان: قلائد المرجان، وعرا المزادة: آذانها.
والعُرَا سادات الناس الذين يعتِصم بهم الضعفى، ويعيشون بعُرْفهم، شبِّهوا بعُرا الشجر العاصمة الماشية في الجدب.
شمر عن ابن شميل العَرَاء: ما استوى من ظهر الأرض وجَهَر.
والعراء الجهراء مؤنثة غير معروفة.
والعراء مذكر مصروف، وهما الأرض المستوية المُصْحِرة ليس بها شجر، ولا جبال ولا آكام ولا رمال وهما فضاء الأرض.
والجماعة الأعراء.
يقال وطئنا أعراء الأرض والأعرية.
وقال أبو زيد: أتتنا أعراؤهم أي
أفخاذهم.
وقال الأصمعي.
الأعراء: الذين ينزلون في القبائل من غيرهم، واحدهم عُرْى.
قال الجعدي:
وأمهلت أهل الدار حتى تظاهروا *** عليّ وقال العُرْيُ منهم فأهجرَا
وقال أبو عمرو: العَرَى البَرْد.
وعَرِيت ليلتنا عَرًى.
وقال ابن مقبل:
وكأنما اصطبحت قريح سحابة *** بعَرًى تنازعه الرياح زلال
قال: العرى: مكان بارد.
وقال ابن شميل العرى مثل العَقْوة، ما بعرانا أحد أي ما بعقوتنا أحد.
عمرو عن أبيه أعْرى إذا حُمَّ العُرْوَاء قال: ويقال حم عُرَواء وحم بعرواء وحم العَرَوَاء.
وقول الشاعر ـ وهو الجعدي ـ:
وأزجر الكاشح العدوّ إذا اغتا *** بك زجرًا مني على أَضَم
زجر أبي عروة السباع إذا *** أشفقن أن يلتبسن بالغنم
قال خلف: كان أبو عروة يزجر الذئب فيقع ميتًا من زجره، ويصيح بالسبع فيموت مكانه، ويشقّون عنه فيجدون فؤاده قد خرج من غشائه.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
62-تهذيب اللغة (حور حير)
حور ـ حير: قال الليث: الحَوْرُ الرجوع عن الشيء إلى غيره.قال: والغُصَّةُ إذا انحدَرتْ يقال: حارَتْ تَحُورُ، وأَحَارَ صاحبُها وأنشد:
وتلك لعمري غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
قال: وكل شيءٍ يتغيّر من حال إلى حال فإنّك تقول حارَ يحورُ وقال لبيد:
وما المَرْءُ إلّا كالشِّهابِ وَضَوْئِهِ *** يَحُورُ رَمادًا بَعْدَ إذْ هُو سَاطِعُ
قال: والمُحَاوَرَةُ: مراجعة الكلام في المخاطبة، تقول حاورْتُه في المنْطِق،
وأَحَرْتُ له جوابًا، وما أَحَارَ بكلمة، والاسم من المحاورة الحَوِيرُ، تقول: سمعتُ حَوِيرَهُما وحِوَارَهُما، قال: والمَحْورَةُ من المُحَاوَرةِ كالمَشْوَرَة من المُشَاورة، ومنه قول الشاعر:
بِحَاجَةِ ذي بَثٍّ ومَحْوَرَةٍ له *** كَفَى رَجْعُها مِنْ قِصَّةِ المُتَكلِّمِ
وقال ابنُ هانىءٍ: يقال عند تأكيد المَرْزِئة عليه بِقلّة النَّماء: ما يَحُورُ فلان وما يَبُور، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، منصوبَا الأوّلِ، وذهب في الحُور والبُور.
أبو عبيد عن الأصمعيّ كلمته فَمَا رَجَع إليَ حِوَارًا وحَوَارًا وحَوِيرًا ومَحُورَةً بضم الحاء بوزن مَشُورَة.
ابن السّكِّيت: فلان ما يعيش بِأَحْوَرِ أي ما يعيش بعقْل.
قال هُدْبَة:
فما أَنْسِ مِ الأشْياءِ لا أَنْس قَوْلَها *** لجارَتِها ما إِنْ يَعِيشُ بأَحْوَرَا
وقال نُصَيْر: أَحْوَرُ الرجلِ قلبُه، يقال ما يعيش فلان بأَحْوَر أي بقلب اسمٌ له.
قال ويقال إنّ الباطل لفي حَوْرٍ أي في رجوع ونَقْصٍ.
وقال شَمِرٌ: إنه ليسعى في الحُور والبُور أي في النقصان والفسادِ؛ ورجل حائِرٌ بائِرٌ، وقد حارَ وبارَ، وهو يحور حُؤُورًا: إذا نقص ورجع وقال العجَّاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أراد حُؤُورٍ، فخفّف الواو، وهذا قول ابنِ الأعرابيّ.
قلت: و (لا) صلةٌ في قوله.
وقال الفرّاء: لا قائِمة في هذا البيتِ صحيحةٌ، أراد في بئر ماء لا تُحِيرُ عليه شيئًا.
شمر عن ابن الأعرابيّ: فلان حَوْرٌ في مَحَارَةٍ، هكذا سمعتُه بفتح الحاء، يُضْرَب مثلًا للشيءِ الذي لا يَصْلُح أو كان صالِحًا ففسد.
قال: والمَحَاوَرَةُ المكان الذي يَحُور أو يُحَارُ فيه.
قال: وَالحائِر الرّاجع من حالٍ كان عليها إلى حال كان دُونَها، وَالبائِر الهالك.
وَيقال حوَّرَ الله فلانًا أي خيّبه وَرَجَعه إلى النقص.
أبو عبيد عن الأصمعيّ حوَّرْتُ الخبزةَ تَحْوِيرًا إذا هَيَّأْتَها لتضعَها في الملَّة.
قال: وَحَوَّرْتُ عينَ الدابة إذا حَجَّرْتَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يُصيبها، وَالكيَّةُ يقال لها الحَوْرَاءُ، سُمِّيت بذلك لأن مَوْضعها يَبْيَضُّ.
قال وَالتحوير: التبييض.
وَقال غيره: حوَّرْتُ الثوبَ إذا بَيَّضْتَه.
أبو عبيد عن الأمويّ الإحْوِرَارُ الابيضاض، وَأنشد:
يا وَرْدُ إِنّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ *** فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ
يعني المبيَضَّة، قال أبو عبيد: وإنما سُمِّي أصحابُ عيسى الحواريّين للبَيَاض، وكانوا قَصّارين وقال الفرزدق:
فَقُلتُ إنَ الحَوَارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ *** إذا تَفَتَّلْنَ من تحتِ الجَلَابِيبِ
يعني النساءَ.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الزبير ابنُ عَمَّتي وحَوَارِيٌ من أُمَّتِي».
قال أبو عبيد: يقال ـ والله أعلم ـ إنَّ أصل هذا كان بَدْؤُه من الحواريّين أصحابِ عيسى، وإنما سُمُّوا حواريّين لأنهم كانوا يَغْسلون الثياب يُحوِّرونها وهو
التبْييض ومنه قيل امرأة حَوَارِيّة إذا كانت بيضاءَ.
قال: فلمّا كان عيسى ابنُ مريمَ نَصَره هؤلاء الحواريُّون فكانوا أَنْصارَه دونَ النّاس قيل لكل ناصرٍ نَبيَّه: حواريٌ إذا بالغ في نُصْرَتِه؛ تشبيهًا بأولئك.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: الحَوارِيُّون: الأنصارُ، وهم خاصّةُ أصحابه.
وروى شَمِرٌ عنه أنه قال: الحَوَارِيُ الناصح، وأصله الشيءُ الخالص.
وكلُّ شيء خلص لونه فهو حَوَارِيٌ.
والحَوَاريَّاتُ من النساء النقيّات الألْوَانِ والجُلودِ.
ومن هذا قيل لصاحب الحُوَّارَى مُحَوِّر.
وقال الزجاج: الحواريُّون خُلَصَاء الأنبياءِ عليهمالسلام وصفوتُهم، والدليل على ذَلِكَ قول النبي صلى الله عليه وسلم: «الزبير ابن عمَّتي وحواريٌ من أُمَّتي».
قال: وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حواريُّون.
وتأويل الحواريين في اللُّغة الذين أُخْلِصوا ونُقُّوا من كل عيب، وكذلك الحُوَّارَى من الدقيق، سُمِّي به لأَنَّه يُنَقَّى من لُباب البُرِّ، قال: وتأوِيلُه في النَّاس الذي قَدْ رُوجِع في اخْتِيَارِه مرّةً بعد مرَّةٍ فَوُجِدَ نَقِيًّا من العيوب.
قال: وأصل التحوير في اللّغة من حَارَ يَحورُ، وهو الرجوع.
والتَّحويرُ الترجيع، فهذا تأويله والله أعلم.
وقال أبو عبيدة: يقال لنساء الأمْصَار حَوارِيَّات لأنهن تباعدن عن قشَفِ الأعرابيات بنظافَتِهن، وأنشد:
فَقُلْ لِلْحَوَاريَّاتِ يَبْكِيْنَ غيرَنا *** ولا يَبْكِينَ إلّا الكِلابُ النَّوَابِحُ
وقال أبو إسحاق: دقيق حُوَّارَى أخذ من هذا لأنه لباب البُرِّ، وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مُسح وجهه بالماء حتى صَفَا.
وعين حَوْرَاءُ إذا اشتدّ بياضُ بياضِها وخَلُص واشتدّ سواد سوادِها، ولا تُسَمَّى المرأةُ حَوْرَاءَ حتى تكونَ مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ الجَسَدِ، وقال الكميت:
وَدَامَتْ قُدُورُك للسَّاغبي *** ن في المَحْلِ غَرْغَرةً واحْوِرَارا
أراد بالغرغرة: صوتَ الغلَيانِ وبالاحْوِرَار بياضَ الإهَالَةِ والشحمِ.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوّذ من الحَوْر بعد الكَوْرِ، ويروى بعد الكَوْن.
قال أبو عبيد: سئل عاصم عن هذا فقال ألم تسمع إلى قولهم: حَارَ بعد مَا كانَ يقولُ إنه كان على حال جميلةٍ، فحارَ عن ذلك أي رجع.
ومن رواه بعد الكَوْر فمعناه النقصان بعد الزّيادة، مأخوذ من كَوْر العمامة إذا انتقض لَيُّها، وبعضُه يقرب من بعض.
عمرو عن أبيه الحَوْرُ التحيُّر، قال: والحَوْرُ النُّقصان والحَوْرُ الرجوع.
قال الليث: الحَوْرُ ما تحت الكَوْر من العمامة.
قال: والْحَوَرُ خشب يقال لها البيضاء قال والْحُوارُ النصيل أَوَّلَ ما يُنْتَجُ، وجَمْعُه حِيرَانٌ، والحُورُ الأَدِيمُ المصبوغُ بِحُمْرة، وأنشد:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكًا فَوْقَهُ عَلَق *** كأنَّما قُدَّ في أَثْوَابِه الحَوَرُ
قال: وخُفٌ محوَّرٌ إذا بُطِّن بحُور.
ويقال للرجل إذا اضطرب أَمْره: لقد قَلِقَتْ مَحَاوِرُه، وأنشد ابن السكيت:
يا مَيُّ مَا لِي قَلِقَتْ مَحَاوِرِي
قال: والمِحْوَرُ الحديدةُ التي يَدُورُ فيها لسانُ الإبريم في طَرَف المِنْطقة وغيرها.
قال: والحديدةُ التي تدور عليها البكرةُ يقال لها: المِحْوَرَةُ.
وقال الزجاج: قيل له محورٌ للدَّوَرانِ به؛ لأنه يرجع إلى المكانِ الذي زَالَ مِنْه.
وقيل إنه إنما قيل له مِحْوَرٌ لأنه بدورَانِه ينصَقِلُ حتى يَبْيَضّ.
قال وقولهم: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ معناه نعوذ بالله من الرُّجُوع والخُرُوج على الجماعة بعد الكُوْرِ معناه بعد أن كنا في الكَوْر أي في الجماعةِ.
يقال كَارَ عمامتَه على رأسه إذا لفّها، وحار عِمامَتَه إذا نقضها.
وقال الليث: المِحْوَرُ الخشبة التي يُبْسَط بها العجينُ يُحَوَّر بها الخبز تحويرًا.
قلت سمّي محورًا لدورانه على العجينِ تشبيهًا بمِحْوَرِ البكرة واستدَارته.
الأصمعيّ: المَحَارَةُ الصَدَفة، والمحار من الإنسان الحَنَكُ وهو حيث يُحَنِّك البيطار الدابّةَ.
وقال ابنُ الأعرابيّ مَحَارةُ الفَرَسِ أَعلى فَمِه من باطن، وقال غيره: المحارة جَوْف الأُذُنِ، وهو ما حَوْلَ الصِّمَاخ المتَّسِع.
قال: والمَحَارَةُ النقصان، والمَحَارَةُ الرُّجوع، والمَحَارَةُ الصَّدَفَةُ، والمحارَةُ المُحَاوَرَةُ.
قال: والْحُورةُ النقصان، والحورَةُ: الرَّجْعَة.
وقال الليث: يقال حارَ بَصَرهُ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْرًا، وذلك إذا نظرتَ إلى الشيء فَغَشِيَ بصرُك، وهو حَيْران تائهٌ، والجميع حَيَارَى، وامرأة حَيْرَى، وأنشد:
حيرانَ لا يُبْرِئه مِنَ الحيَر
قال: والطريق المُسْتَحِير الذي يأخذ في عُرْض مفازة لا يُدرى أيْنَ منفذه، وأنشد:
ضَاحِي الأَخَادِيدِ ومُسْتَحِيْرِهِ *** في لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضَيْفَيْ نِيْرِهِ
ويقال: استحار الرجلُ بمكان كذا وكذا إذا نَزَلَهُ أيّامًا.
قال: والحائر حوض يسيّبُ إليه مَسِيلُ الماء من الأمصار يسمى هذا الاسمُ بالماءِ وبالبصرة حائر الحجَّاج، معروفٌ يابسٌ لا ماءَ فيه، وأكثر الناس يسمونه الحَيْر، كما يقول لعائشة: عَيْشة يستحسنون التخفيف وطرح الألف.
قال العجّاج:
سَقَاهُ رِيًّا حَائِرٌ رَوِيُ
وإنما سُمّي حائرًا لأن الماء يتحيّر فيه يرجع أَقصاهُ إلى أدناه.
وقال الأصمعيّ: يقال للمكان المطمئن الوسطِ المرتفع الحرُوف حائرٌ وجمعه حُوَرانٌ.
وقال أبو عبيد: الحائر: مجتمعُ الماء وأنشد:
مما تَرَبَّبَ حَائِرَ البَحْرِ
قال والحاجر نحوٌ منه وجمعه حُجْرانٌ.
وقال الأصمعيّ: حَار يَحَارُ حيْرَةً وحَيْرًا.
وقال الليث: يقال الماء يتحيّر في الغَيْم وتحيَّرت الروضة بالماء إذا امتلأت.
وتحيَّر الرجلُ: إذا ضَلّ فلم يَهْتَدِ لسبيله وتحيّر في أَمْرِه.
وقال شمر: العربُ تقول لكلّ شيءٍ ثابتٍ دائم لا يكاد ينقطع مستحيرٌ ومتحَيِّر وقال جرير:
يا رُبَّمَا قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ *** فَخْمِ الكَتائِبِ مُسْتَحِيْرِ الكوْكَبِ
قال ابن الأعرابيّ: المستحيْر الدائم الذي لا ينقطع.
قال: وكوكبُ الحديد بَرِيقُه.
والمتحيّر من السحاب الدائم لا يبرح مكانَه، يصبُّ الماءَ صبًّا ولا تسوقه الرّيح وأنشد:
كأنّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّرَ وَابِلُهْ
وقال الطِرماح:
في مُسْتَحِيْر رَدَى المَنُو *** نِ ومُلْتَقَى الأَسَلِ النَّوَاهِلْ
وقال شمر: قال أبو عمرو يريد يتحيّر الردَى فلا يَبْرَح، ومنه قول لبيد:
حتّى تَحيَّرَتِ الدِّبارُ كأنَّها *** زَلَفٌ وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يقول: امتلأت ماءً.
وروى شمر بإسناد له عن سفيان عن الربيع بن قريع قال سمعت ابن عمر يقول: أَسْلِفُوا ذاكم الذي يوجِبُ اللهُ أجْرَهُ، ويردُّ إليه مالَه، لم يُعْطَ الرجلُ شيئًا أفضلَ من الطَرْقِ، الرجلُ يطرُق على الفحل أو على الفرس فيذهَبُ حَيْرِيَ الدَّهرِ، فقال له رجلٌ: ما حَيْرِيُ الدهرِ؟ قال: لا يُحْسَبُ، فقال له حسل بن قابصة: ولا في سبيل الله، فقال: أو ليس في سبيل الله؟ قال شمر: هكذا رواه حَيْرِيَ الدَّهْرِ بفتح الحاء وتشديد الياء الثانية وفتحها.
قال وقال سيبويه: العربُ تقول: لا أفعل ذلك حِيْريَ دَهْرٍ.
وقد زعموا أنَّ بَعْضهم ينصب الياء في حِيريَ دهْرِ.
وقال أبو الحسن: سمعت مَنْ يقول: لا أفعل ذلك حيريَ دهر مثقَّلة، قال والحيريّ الدهر كله.
قال شمر: قوله حيريَ الدهر يريد أبدًا.
وقال ابن شُمَيْلٍ: يقال ذهب ذاك حَارِيَ الدهر وحيْرِيَ الدهر أي أبدًا، ويبقى حارِيَ الدهر وحيْرِيَ الدهر أي أبدًا.
قال شمر: وسمعت ابن الأعرابيّ يقول: حِيرِيَ الدهر بكسر الحاء مثل قول سيبويه والأخفشِ.
قال شمر: والذي فسره ابن عُمَر ليس بمخالف لهذا، أراد أنه لا يُحْسَبُ أي لا يمكن أن يُعرف قدرُه وحسابُه لكثرته ودوامِه على وجه الدهر.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي يقال لا آتيه حَيْرِيَ دهر ولا حِيرِيَ دهر وحِيرَ الدهر، يريد ما تحيَّرَ الدهرُ.
وقال: حِيرُ الدهر جماعة حِيرِي.
وقال الليثُ: الحِيرَة بجنْبِ الكُوفة والنسبة إليها حَارِيُ كما نَسَبُوا إلى التّمر تمري فأراد أن يقول حِيريْ فسكّن الياء، فصارت ألفًا ساكنة.
قال والحارَةُ كل مَحَلَّة دنت منازلُهم، فهم أهلُ حارةٍ.
وقال أبو عمرو بن العلاء: سمعت امرأةً من حِمْيَر تُرقِّصُ ولدها وتقول:
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَكْبَرَا *** فَهَبْ لهُ أَهْلًا ومالًا حِيرا
قال: والْحِيَرُ: الكثير من أهلٍ ومالٍ، وقال آخر:
أَعُوذُ بالرَّحمنِ مِنْ مالٍ حِيَرْ *** يُصْلِينِيَ اللهُ به حَرَّ سَقَرْ
أبو زيد: يقال هذه أنعامٌ حِيرَاتٌ أي متحيرةٌ كثيرةٌ، وكذلك النّاسُ إذا كَثرُوا وقال ابن شميل: يقول الرجلُ لصاحبه والله ما تحورُ ولا تحولُ أي ما تزدادُ خَيْرًا.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ يقال لجِلْدِ الفيلِ الحَوْزَانُ، ولباطن جلده
الحِرْصِيَانُ.
وقال أبو زيد: الحَيْرُ الغَيْمُ ينشأ مع المَطَر فيتحيّر في السماء عمر عن أبيه: الأَحْوَرُ: العقْل يقال ما يعيش بِأَحْوَرَ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
63-تهذيب اللغة (بلهص)
بلهص: أبو عمرو التَّبَلهُص: خروج الرجل من ثيابه، تقول تَبَلْهَصَ من ثيابه.ومنه قولُ الراجز:
لَقِيتُ أبا ليلى فلمّا أخَذْته *** تَبَلْهَصَ مِن أثوابه ثم جَبَّيا
قلت: الأصل تَبَهْصَل من البُهْصَل فقُلِبَ فقيل تَبَهْلَصَ: ثعلب عن ابن الأعرابيّ: بلْهَصَ أي أَسْرع وفَرَّ، وأنشَد:
ولوْ أُرِي فاكَرِشٍ لبَلْهَصا*
قال: فاكَرِش، أي مكانًا ضيقًا يستخفي فيه، لأسرع إليه.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
64-تهذيب اللغة (خضم)
خضم: في حديث أبي هريرة: أنه مَرَّ بِمَرْوَانَ ـ وهو يَبْنِي بُنْيانًا له ـ فقال: «ابْنُوا شَديدًا وَأَمِّلُوا بَعيدًا واخضِمُوا فسَنَقْضَمُ».قال أبو عبيد: قال الكسائيُّ: الخَضْمُ: بأَقْصَى الأضراس، والْقَضْمُ: بأدناها.
وقال أَيْمَنُ بْنُ خُرَيمٍ ـ يذكرُ أَهْلَ العراق:
رَجَوْا بِالشِّقَاقِ الأكْلَ خَضْمًا فَقَدْ رَضُوا *** أَخِيرًا مِنَ اكْلِ الْخَضْم أَنْ يأْكُلُوا الْقَضْمَا
قاله حين ظهر عبدُ الملك على مُصْعَبٍ واستَوْلَى على العراق.
يقال: خَضِمْتُ أَخْضَمُ خَضْمًا، وقَضِمْتُ أَقْضَمُ قَضْمًا.
أبو عبيد، عن الأصمعي، قال: الْخُضُمَّةُ عَظْمَةُ الذِّراع، وهي مُسْتَغْلَظُها.
قال: والْخِضَمُ: الْكَثِيرُ العَطِيَّة.
قال: وقال الأمَوِيُّ: الْخِضَمُ: الْمِسَنُّ، وأنشد قولَ أبي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
حَرَّى مُوَقَّعَةٌ مَاجَ الْبَنَانُ بِهَا *** عَلَى خِضَمٍ يُسَقّى الْمَاءَ عَجَّاجِ
والسَّيْفُ يَخْتَضِمُ العَظْمَ ـ إذا قَطَعَه، ومنه قوله:
إِنَّ الْقُسَاسِيَّ الَّذِي يُعْصَى بِهِ *** يَخْتَضِمُ الدَّارعَ في أَثْوَابِهِ
واخْتَضَمَ الطريقَ ـ إذا قَطَعَه، وأنشد في صفة إبل ضُمَّرٍ:
ضَوَابِعٌ مِثْلُ قِسِيِّ القَضْبِ *** تَخْتضِمُ البِيدَ بغَيْرِ تَعْبِ
ابن السكِّيت: قال أَبُو مَهْدِيٍّ: الْخَضِيمَةُ: أن تُؤخَذَ الْحِنْطَةُ فَتُنَقَّى وتُطَيَّبُ ثم تجْعَلُ في القِدْر، ويُصبُّ عليها الماءُ فتُطْبَخُ حتى تُنْضَجَ.
أبو زيد: يقال للماءِ الَّذي لا يَبْلُغُ أن يكون أُجَاجًا، ويشربُه المالُ دون الناس: المُخضِمُ والخَمْجَرِيرُ.
وقال الفرَّاء: خَضَّمٌ: ماء لبني تميم وأنشد:
لَوْلَا الإلَهُ ما سَكَنَّا خَضَّمَا
وقال أبو تراب: قال زَائِدَةُ القَيْسِيُّ: خَضَفَ بها وخَضَمَ بها ـ إذا ضَرَطَ.
قال: وقاله عَرَّامٌ ـ وأنشد للأَغْلَبِ:
إنْ قَابَلَ الْعِرْسَ تَشكَّى وَخَضَمْ
وقال أبو عبيدٍ: حَصَمَ: مِثْلُه.
بالحاء والصّاد.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
65-تهذيب اللغة (ضرج)
ضرج: قال ابن السكيت في قوله: وأكِسيَةُ الإضْرِيجِ فوقَ المَشَاجِبِقال: أكسِيَةُ الإضرِيج: أكسِيَةُ خزٍّ حُمْرٌ.
والإضرِيجُ: صِبْغٌ أَحْمَرُ.
وثوبٌ مضرَّجٌ من هذا.
قال: ولا يَكُونُ الإضرِيجُ إلا من خزٍّ، قال ذلك أبو عبيدة والأصمعي.
وقال الليث: الإضرِيجُ: أكسِيَةٌ تُتخَذُ من المِرْعِزَّى من أَجْوَدِه.
وقال أبو عبيدة: الإضِريْجُ من الخَيْل الجَوَادُ الكثيرُ العَرَقِ.
وقال أبو دُوَادٍ:
ولَقَدْ أَغْتَدِي يُدَافِعُ رُكْنِي *** أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ إضْرِيجُ
وقيل: الإضْرِيجُ: الواسِعُ اللَّبَان.
وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شَديدٌ.
وكلُّ شيءٍ تَلَطخَ بِدَمٍ أَو غيرِه فقَدْ تَضَرَّجَ.
وقد ضُرِّجَتْ أثوابُه بِدَمِ النجيعِ وأنشد:
في قَرْقَر بلُعاب الشِّمْسِ مَضْرُوج
يَصِفُ السرابَ على وَجهِ الأرضِ، ومضْرُوج من نَعْتِ القَرقر.
وإذا بدَتْ ثمَارُ البُقُول من أكمَامَها قيل: انضَرَجَتْ عنها لَفَائِفُها أَيِ انْفَتَحَتْ.
والضَّرجُ: الشقُّ.
وقال ذُو الرُّمة يصِفُ نِسَاءً: ضَرَجْنَ البُرُودَ عَنْ تَرَائِب حُرَّةٍ أي شَقَقْنَ.
وقال الأصمعي: عينٌ مَضرُوجةٌ: واسعةٌ نَجْلَاءُ.
وقال ذُو الرمة:
تَبَسَّمْنَ عَنْ نَوْر الأقَاحِيِّ في الثرَى *** وفَتَّرن عَن أبْصَارِ مَضْرُوجةٍ نُجْلِ
ويقال: انْضَرَجَ البَازِي على الصَّيْدِ إذا انْقَضَّ عليه.
قال امرؤ القيس:
كتَيْسِ الظِّبَاءِ الأعْفَرِ انْضَرَجَتْ له *** عُقَابٌ تَدَلَّتْ منْ شَمَاريخِ ثَهْلَانِ
وقيل: انْضَرَجَتْ له: انْبَرَتْ له.
وقيل: أَخَذَتْ في شِقٍّ، وانضرَجَ الثَّوبُ إذا انْشَقَّ.
وقال أبو سعيدٍ: تَضْرِيجُ الكلام من المَعَاذِيرِ وهو تَزْوِيقُهُ وتَحْسِينُه.
ويقال: خير ما ضُرِّج به الصدق، وشَرُّ ما ضُرِّجَ به الكذِبُ.
وفي «النوادر»: أَضْرَجَتِ المرأة جَيْبَها إذا أَرْخَتْهُ.
وضَرَجْنَا الإبلَ أي ركَضْنَاها في الغارةِ.
وضَرَجَتِ الناقةُ بجِرَّتِهَا وجَرَضَتْ.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
66-معجم العين (نحف)
نحف: نَحُفَ الرجُلُ يَنْحُفُ نَحافةً فهو نَحيفٌ قَضيفٌ، ضَرِبُ الجِسْمِ قَليلُ اللَّحْم، قال:تَرَى الرجُلَ النَّحيف فتَزْدَريهِ *** وفي أثوابه أَسَدٌ مَزيرُ
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
67-معجم العين (حور)
حور: الحَوْرُ: الرُّجوعُ إلى الشّيءِ وعَنْه.والغُصّةُ إذا انحدرت.
يقال: حارت تَحُور، وأَحَارَ صاحبها.
وكلُّ شيءٍ تَغَيَّر من حالٍ إلى حال، فقد حار يَحُور حَوْرًا، كقول لبيد:
وما المرءُ إلاّ كالشّهابِ وضَوْئِهِ *** يَحُورُ رمادًا بعد إذ هو ساطع
والمُحاورةُ: مُراجَعة الكلام.
حاوَرتُ فلانًا في المنطق، وأَحَرْتُ إليه جوابا.
وما أحار بكلمة، والاسم: الحَوِير، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحوِارَهما.
والمَحْوَرةُ من المُحاوَرة، كالمَشْوَرة من المُشاوَرة، وهي مَفْعلة.
قال الشاعر:
بحاجة ذي بثٍّ ومَحْوَرَةٍ له *** كَفَى رَجْعُها من قصّة المُتَكِلّمِ
وفي الحديث: نَعوذُ باللهِ من الحور بعد الكور
أي: النّقصان بعد الزّيادة، كقولهم: العنوق بعد النوق، أي: بينا كنت في كَوْرِ الزّيادة إذا أنت تَحُور راجعا إلى النقصان.
ويقال: الحَوْر: ما تحت الكَوْر من العمامة، والحَوْرُ خشب يقال لها البيضاء.
والحُوارُ: الفصيل أوّل ما يُنْتَج، والجميع: الحِيران.
والحَوَرُ: الأديم المصبوغ بحمرة حَوَّرَتْهُ، وجَمْعُهُ: أحوار.
قال:
فظلَّ يرشح مِسْكًا فوقَه عَلَقٌ *** كأنّما قُدَّ في أثوابه الحَوَرُ
وخُفٌّ مُحَوَّرٌ: إذا بُطِنَ بحَوَرٍ.
والحَوَرُ: شِدّةُ بياضِ العَيْن وشِدّةُ سَوادِها، ولا يُقال: آمرأة حَوْراء إلاّ لبيضاءَ مع حَوَرِها، والجميعُ: حُورٌ.
وفي قراءة: وحِيرٌ عِينٌ.
والمِحْوَرُ: الحديدة الّتي يدور فيها لسانُ الإِبزِيم في طَرَف المِنْطَقة وغيرها، والحديدة التي تدور عليها البكرة يُقال لها: المِحْوَرةُ.
والمِحْوَرُ: الخَشَبةُ الّتي يُبْسَط بها العجين يُحَوَّرُ به الخبزُ تَحْويرًا.
والحُوَّارَى: أَجْوَدُ الدَّقيق، يُقال: حَوَّرتُه تحويرًا، أي: بَيَّضتُه وامرأةٌ حَوارِيَّة، أي: بيضاء حضريّة، ولا تكون بدويّة.
والحَوارِيُّونَ: الّذين كانوا مع عيسى عليه السّلام ينصرونه، وكانوا قصّارين، يقال: فعل الحواريّون كذا، ونصر الحواريون كذا، فلمّا جرى على ألسنة النّاس سُمّيَ كل ناصر حواريًّا.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
68-معجم العين (بهلص)
بهلص: تَتَبْهلَص الرَّجلُ: خَرَجَ من ثِيابهِ.قال:
لَقِيتُ أبا لَيْلَي فلمّا أَخَفْتُه *** تَبَهْلَص من أثوابه ثم جببا
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م
69-معجم العين (ضرج)
ضرج: الإضريجُ أكسِيةٌ تُتَّخذُ من أجودِ المرعِزّاء.وعدوٌ إضريجٌ: شديد، قال أبو دواد:
ولقد أَغتدي يدافعُ ركني *** أجولي ذو ميعة إضريج
والإضريجُ من الخيل: الجوادُ الكثير العرق.
وكل شيء تلطخ بالدم وغيره فقد تَضَرَّجَ.
وقد ضُرِّجَت أثوابه بدم النَّجيع.
وإذا بدت ثمار البقُول وأكمامُها قيل: انضرجت عنها لفائفها وأكمامها كأنها انفتحت وبدت.
والضَّرجُ والإضراجُ غبرة الأرض.
العين-الخليل بن أحمد الفراهيدي-توفي: 170هـ/940م