شعار الموقع

نتائج البحث عن (أَخْبَارَكُمْ)

1-العربية المعاصرة (خبر)

خبَرَ يَخبُر، خُبْرًا وخِبْرَةً، فهو خابِر وخبير، والمفعول مَخْبور.

* خبَر الحياةَ: علِمها وعرَف حقيقتَها عن تجربة (لقد خَبَرْتك وعرفت صدقَ طويّتك- {كَذَلِكَ وَقَدْ أَحَطْنَا بِمَا لَدَيْهِ خُبْرًا} [قرآن]) (*) مِنْ أين خَبَرْت هذا الأمر؟: أي من أين عرفت حقيقتَه؟.

* خبَرَ الرَّجُلَ: اختبره، امتحنه ليعرفَ حقيقتَه.

خبُرَ/خبُرَ ب يخبُر، خُبْرًا وخِبْرَةً، فهو خبير، والمفعول مَخْبُور به.

* خبُر الشَّخصُ: صار خبيرًا.

* خبُر بالأمرِ: عرفه معرفة جيِّدة (صاحب الكلام أخبر بمعناه- {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [قرآن]).

خبِرَ يَخبِر، خَبَرًا، فهو خابر، والمفعول مَخْبور.

* خبِر الشَّيءَ والشَّخصَ: علمه وعرفه على حقيقته.

أخبرَ يُخبر، إخبارًا، فهو مُخبِر، والمفعول مُخبَر.

* أخبره وقائع المؤتمر/أخبره بوقائع المؤتمر/أخبره عن وقائع المؤتمر: أعلمه وأنبأه بها (أخبر شخصًا بالتفاصيل- أخبرني عن جليّة الأمر: حقيقته).

اختبرَ يختبر، اختبارًا، فهو مختبِر، والمفعول مختبَر.

* اختبر الدَّواءَ: جرَّبه، أخضعه للاختبار، فحصه ليعرف حقيقتَه (اختبر السِّلاحَ).

* اختبر الشَّخصَ: امتحنه (اختبره في القراءة/الكتابة/القيادة/المعلومات العامّة- عقد المدرس اختبارًا مفاجئًا لطلابه).

* اختبر اللهُ النَّاسَ: ابتلاهم امتحانًا لقوّة إيمانهم، وهو أعلم بها.

استخبرَ يستخبر، استخبارًا، فهو مستخبِر، والمفعول مستخبَر.

* استخبره عن الأمر: طلب منه أن يخبره حقيقتَه، سأله عنه والتمس معرفتَه (استخبره عن صحّة/أحوال أبيه- استخبره عمّا يجري في فلسطين).

تخابرَ يتخابر، تخابُرًا، فهو متخابِر.

* تخابر مع صديقه: تبادل معه الأخبارَ (تخابر الشخصان هاتفيًّا- قُبض عليه بتهمة التخابر مع دولة أجنبيّة: بتهمة إمدادها بمعلومات عن بلده).

تخبَّرَ يتخبَّر، تخبُّرًا، فهو متخبِّر، والمفعول متخبَّر.

* تخبَّر الأمرَ: تعرَّفه على حقيقته.

خابرَ يخابر، مُخابَرَةً، فهو مخابِر، والمفعول مخابَر.

* خابر صديقَه:

1 - باحثه، بادله الأخبار (خابره في الأمر فوجد لديه كلّ تفهُّم).

2 - كالمه، اتّصل به هاتفيًّا (أرجو أن تخابرني حال نجاحك).

* خابر المالكُ الفلاَّحَ: [في القانون] سلّمه أرضَه لاستثمارها على نصيب معيّن كالثلث والربع وغيرهما، شاركه في زراعة أرض على نصيب معيَّن.

خبَّرَ يخبِّر، تخبيرًا، فهو مخبِّر، والمفعول مخبَّر.

* خبَّره الأمرَ/خبَّره بالأمر/خبَّره عن الأمر: أخبره به، أعلمه إيّاه وأبلغه به، أنبأه به (من خبَّر بنبأ فقد أنار- خبّره ما جرى في غيابه).

إخبار [مفرد]:

1 - مصدر أخبرَ.

2 - [في القانون] قيام سلطة رسميّة أو موظّف، أو قيام من شاهد اعتداء على الأمن العام أو حياة الناس بإبلاغ المدعي العام التابع له محلّ وقوع الجريمة.

أخباريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى أخبار: على غير قياس: مؤرِّخ (الطبري من أبرز الأخباريِّين العرب) (*) صحيفة أخباريّة: تُعنى بالأخبار والأحداث.

إخباريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى إخبار: إعلاميّ، مهتمّ بنشر الأخبار (شريط إخباريّ- قام الإخباريّون بتغطية أحداث الحفل وبثِّه على الهواء مباشرة).

* الإخباريّ من الأفعال: الذي يعبِّر عن إخبار، كالفعل قال أو روى.

إخبارِيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى إخبار: (نشرة إخباريّة) (*) رسالة إخباريّة: تقرير مطبوع يُزوَّد بأخبار ومعلومات ذات أهميّة لجماعة مُعيَّنة.

2 - مصدر صناعيّ من إخبار: خبر منقول بطريقة سرِّيَّة (وصلت إلى الشُّرطة إخباريّة بوجود مهرِّبين على الحدود).

3 - [في الفلسفة والتصوُّف] فرقة من الإماميّة، وهم فرقة من الشِّيعة قالوا بالنصِّ الجليّ على إمامة علي رضي الله عنه، وكفَّروا الصحابةَ ووقعوا فيهم وساقوا الإمامة إلى جعفر الصادق.

اختبار [مفرد]: جمعه اختبارات (لغير المصدر):

1 - مصدر اختبرَ.

2 - امتحان، تجربة (اجتاز الاختبارات جميعها بنجاح باهر- جرّبه على سبيل الاختبار- الاختبار مُعلِّم أخرس) (*) اختبار الطَّريق: اختبار يُجرى للمركبات لمعرفة مقدار صلاحيتها للسير على الطرق، فحص للشَّخص الذي يسعى للحصول على رُخصة قيادة لمعرفة قدرته على القيادة في الطرق- اختبار قيادة: امتحان في آداب المرور وقيادة السَّيارة- اختبار معاكس: اختبار يهدف إلى التحقق من أن نتائج اختبار أوَّلٍ صحيحةٌ- بالون اختبار: امتحان أو تجربة لجسّ نبض الرأي العام- تحت الاختبار: موضوع تحت الملاحظة؛ لمعرفة مدى صلاحيته- حَقْل اختبار: حقل للاختبارات الزراعيّة، ومجازًا: إخضاع مجتمع أو جماعات لتجربة أو تجارب يكون الغرض منها تحقيق شعارات- على سبيل الاختبار: للتجربة- ورقة اختبار: ورقة مشبَّعة بصبغة عبَّاد الشمس؛ لإجراء اختبارات كيميائيّة.

* اختبار القُدْرة: قياس قدرة العامل على أداء واجبات معيَّنة كالقدرة الميكانيكيّة، والقدرة الكتابيَّة، والقدرة الفنِّية.

* الاختبار الأحيائيّ: [في الكيمياء والصيدلة] تحديد نوع القوّة أو النَّشاط الحيويّ لمادَّة كالعقار أو الهرمون بمقارنة نتائجه مع تلك التي أجريت على حيوان في مختبر.

* أنبوب اختبار: [في الكيمياء والصيدلة] مخبار، أنبوب زجاجيّ أسطوانيّ مفتوح من جانب ودائريّ من الجانب الآخر ويستخدم في التَّجارب المخبريّة.

* اختبار الحساسيَّة: [في الطب] اختبار لبيان مدى التَّأثُّر بدواء مُعيّن أو بمرض مُعْدٍ، بوضع لزقات على الجلد، أو بإحداث خدوش جلديّة وتعريضِها لجرعاتٍ تُسَبِّبُ المرض أو العدوى.

* اختبار الذَّكاء: [في علوم النفس] نوع من الاختبارات لقياس مستوى الذكاء والقدرات العقليّة، اختبار معياريّ لتحديد مُستوى الذكاء عن طريق قياس القدرة الفرديّة على تكوين المفاهيم وحلّ المشكلات واكتساب المعلومات وتأدية عمليّات ذهنيّة أخرى.

اختباريّ [مفرد]:

1 - اسم منسوب إلى اختبار: تجريبيّ، قائم على الاختبار والملاحظة (أسلوب اختباريّ).

2 - استقرائيّ، ناتج عن بحث وتتبُّع (حُكم اختباريّ).

اختباريَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى اختبار: (يقضي المعيّنون الجدد فترة اختباريّة مدّتها ستة أشهر- حفرت الشَّركة عشرين بئرًا اختباريّة تنقيبًا عن البترول).

2 - مصدر صناعيّ من اختبار: قابلية شيء للسَّبْر والامتحان (اختباريّة ذاكرة).

3 - تجريبيّة، مذهب يقول بأن المعرفة كلّها مستمدّة من التّجربة والاختبار.

استخبار [مفرد]: جمعه استخبارات (لغير المصدر):

1 - مصدر استخبرَ.

2 - مُحَرَّر يتضمّن أسئلة عن شئون خاصَّة بالمسئول للإجابة عنها (*) إدارة الاستخبارات/دائرة الاستخبارات: مركز لجمع المعلومات عن العدوّ حماية لأمن الدولة والسلامة العامّة- الاستخبارات العسكريَّة: مركز لجمع المعلومات العسكريَّة.

* جهاز الاستخبارات: مباحث، جهاز رسميّ يتولَّى أعمال التجسُّس على العدوّ والكشف عمّا يعرّض أمن الدولة الداخليّ والخارجيّ للاضطرابات (جنّدتهم أجهزة استخبارات العدوّ عملاء لها).

استخباراتيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى استخبارات: على غير قياس (زعمت مصادر استخباراتيّة أمريكيّة أن لدى العراق أسلحة دمار شامل).

2 - مصدر صناعيّ من استخبارات: معلوماتيّة؛ مجموع التقنيَّات المتعلِّقة بالمعلومات ونقلها.

استخباريَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى استخبار: (تم القبض عليه بتهمة القيام بنشاطات استخباريّة لصالح بلد أجنبيّ).

2 - مصدر صناعيّ من استخبار: تجسُّسيّة.

* دوائر استخباريَّة: مراكز لجمع المعلومات من أيّ مكان لحماية أمن الدَّولة أو المؤسَّسة العسكريّة.

خابور [مفرد]: جمعه خَوَابيرُ:

1 - قطعة من خشب أو مطّاط يُسَدّ بها ثقب في الحائط ليسهل دقّ المسمار وتثبيته فيه.

2 - قطعة معدنيّة مدبّبة تمكّن من قرن محورين بالطَّرف أو من فك تقارنهما (خابور ربط).

3 - [في النبات] شجيرة طبيَّة وتزيينيَّة ذات زهر أصفر طيِّب الرائحة وثمارها سوداء.

خَبَر [مفرد]: جمعه أخابيرُ (لغير المصدر) وأخبار (لغير المصدر):

1 - مصدر خبِرَ.

2 - نبأ، ما يُعَبَّر به عن واقعة ما، ما ينقل من معلومات ويُتحدَّث بها قولًا أو كتابةً وتعبّر غالبًا عن أحداث جديدة كتلك المذكورة في الصحف والإذاعة والتليفزيون (تسرّبت الأخبار- نشر خبرًا- سأله عن أخباره- عند جُهَيْنة الخَبَر اليقين [مثل]: يُضرب في معرفة حقيقة الأمر- {سَآتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} [قرآن]) (*) أخبار مَحَلِّيَّة: داخليَّة أو خاصَّة ببلدٍ ما، عكسها أخبار أو شئون عالميَّة- أصبح في خبر كان: هلَك وفَنِي- تشويه الأخبار- خبر صاعق: سيِّئ، مفاجئ وغير منتظَر- سأله عن أخباره: استفسر عن أحواله- صادق الخبر: صحيح النبأ، صَدُوق المقال- على هامش الأخبار: تعليق على الأخبار- مُرَمّات الأخبار: أكاذيبها- نشرة الأخبار: ما يقرأه المذيع في الراديو والتلفاز من أخبار محليَّة وخارجيَّة ليطّلع عليها الجمهور أو الرأي العام.

3 - حديث نبويّ (*) خبر متواتر: حديث ترويه جماعة عن جماعة.

4 - عمل {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [قرآن].

5 - [في البلاغة] قول يحتمل الصِّدق والكذب لذاته.

6 - [في النحو والصرف] لفظ مجرد عن العوامل اللفظيّة، أُسند إلى المبتدأ متمّمًا معناه ويصحّ السكوت عليه.

* خبر آحاد: حديث انفرد به راوٍ واحد وإن تعددتِ الطرق إليه.

خُبْر [مفرد]: مصدر خبَرَ وخبُرَ/خبُرَ ب (*) لأَخْبُرنَّ خُبْرك: لأعلمنَّ علمَك.

خِبْرة [مفرد]: جمعه خِبْرات (لغير المصدر) وخِبَر (لغير المصدر):

1 - مصدر خبَرَ وخبُرَ/خبُرَ ب (*) أهل الخِبْرة: الخُبراء ذوو الاختصاص الذين يعود لهم حقّ الاقتراح والتقدير.

2 - نتاج ما مرّ به الشَّخص من أحداث أو رآه أو عاناه، مجموع تجارب المرء وثقافته ومعرفته (له خِبْرة بالاقتصاد العالميّ- الشباب تنقصهم الخِبْرة) (*) تبادُل الخِبْرات: استفادة كلِّ شخص بخِبْرة الآخر.

* شهادة الخِبْرة: مستند لإثبات الخِبْرة.

خَبَرِيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى خبَرَ.

2 - مصدر صناعيّ من خَبَر: نبأ (وصلته خبريّة كاذبة).

* الجملة الخبريَّة: (نح، بغ) الجملة التي تحتمل الصِّدق أو الكذب.

خَبير [مفرد]: جمعه خُبَراءُ:

1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من خبَرَ وخبُرَ/خبُرَ ب: (هم خبراءُ في مجال الطاقة/الزراعة- اختير خبيرًا بمجمع اللُّغة العربيَّة) (*) خبير تربويّ: مختصّ في نظريّات التربية والتعليم- هيئة الخُبَراء: مجموعة من الخُبراء غير الرسميِّين الذين يقومون بإسداء النصح والمشورة لواضعي السياسات خاصّة في حكومة.

2 - عارف بالأمر على حقيقته، عالم بالبواطن والظواهر {إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [قرآن].

3 - [في القانون] مُخْبِر، شخص تعيِّنه محكمة وتكلِّفه بالكشف عن بعض الوقائع وإبداء ملاحظاته في تقرير تستند إليه في حكمها (فجّر تقرير الخبير مفاجأة في القضيّة) (*) خبير مُحلَّف: الذي يؤدِّي اليمينَ أمام المحكمة.

* الخبير: اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: العالم بكُنْه الشّيء، المطّلع على حقيقته، الذي لا تخفى عليه خافية {وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} [قرآن].

مُخابرات [جمع]: مفرده مُخابرة: اتِّصالات لجمع الأخبار (مخابرات سرِّيّة).

* جهاز المخابرات: جهاز الاستخبارات، جهاز رسميّ يتولّى جمع الأخبار لصالح دولة معيّنة لحفظ أمنها، والكشف عمّا يعرِّض أمنها الداخليّ والخارجيّ للاضطرابات (*) إدارة المخابرات/دائرة المخابرات/قلم المخابرات: مركز لجمع المعلومات حمايةً لأمن الدولة.

مخابراتيَّة [مفرد]:

1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى مُخابرات: على غير قياس (تلقَّى دورة مخابراتيّة في إحدى الدول الكبرى).

2 - مصدر صناعيّ من مُخابرات: استخباراتية، معلوماتيّة.

مُخابرة [مفرد]:

1 - مصدر خابرَ (*) مخابرة تليفونيّة/مخابرة سريّة.

2 - [في القانون] أن يُعطي المالكُ الفلاحَ أرضًا يزرعها على بعض ما يخرج منها كالرّبع أو الثلث.

مِخْبار [مفرد]: جمعه مَخابيرُ:

1 - اسم آلة من خبَرَ.

2 - [في الكيمياء والصيدلة] إناء أسطوانيّ مدرّج على شكل أنبوب تقاس به حجوم السوائل والمحاليل في المعامل (مخبار مدرّج).

مَخْبَر [مفرد]: جمعه مَخابِرُ: اسم مكان من خبَرَ: مكان الفحص والمراقبة والتحرِّي وإجراء التجارب (يعمل هذا الشابُّ في مخبر كيميائيّ).

* مَخْبَر الشّخص: دخيلته وحقيقته، عكس مظهره أو منظره (مخبر شيطان في مظهر ملائكيّ- منظره خير من مخبره).

مُخْبِر [مفرد]:

1 - اسم فاعل من أخبرَ.

2 - من يقوم بمهمّة جمع المعلومات أو الأخبار لغرض معيَّن (استعانت الشرطة بالمخبرين في القبض على اللصوص) (*) مُخبر خاصّ: من يقدم خدمات لأفراد أو شركات- مُخبر صحفيّ: من يزوّد الصَّحيفةَ بالأخبار.

مِخْبَرَة [مفرد]: جمعه مَخابِرُ:

1 - اسم آلة من خبَرَ.

2 - [في الطبيعة والفيزياء] أداة تتركّب من موصل يُجعل عادة على شكل قرص صغير، له يد عازلة تُستخدم في اختبار الشُّحنات الكهربائيّة.

مُخْتَبَر [مفرد]:

1 - اسم مفعول من اختبرَ.

2 - اسم مكان من اختبرَ.

3 - [في الكيمياء والصيدلة] مَعْمَل، مكان مجهَّز تُجرى فيه التجاربُ العلميَّة والاختبارات والتحليلات الكيماويَّة وغيرها (مختبر الكيمياء/الفيزياء/اللغة/الفضاء- مختبر نوويّ).

مُخْتَبَرِيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى مُخْتَبَر: قائم على التجربة والاختبار في المعامل والمُختبرات (أبحاث/تحاليل مختبريّة).

العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م


2-المعجم الاشتقاقي المؤصل (بلو بلى)

(بلو - بلى): {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124]

البَلِيَّة: الناقة تُعْقَل عند قَبْر صاحبها (في حفرة مشدودةَ الرأس إلى الخلف) فلا تُعْلَفُ حتى تموت. وناقة بِلْوُ سَفَر وبِلْىُ سَفَر - بالكسر: أبلاها السفَر (كذا وإنما المقصود أنها دائمة الأسفار بدليل قولهم: هو بِلْىٌ وبِلْوٌ من أبلاء المال، أي قيّم عليه، وبِلْىُ شرٍّ وبِلْوُه: قوِيٌّ عليه.

° المعنى المحوري

هو: شدة تحُوز الشيء - أو حَوْز الشيء بشدة - لمدى طويل: (ويلزمه بيان حال الشيء الذي حِيزَ في شدة): كالناقة المُبْلاة للمنون أي المحبوسة له بتلك الصورة، والدائمة السفر (كما يفهم من قولهم ذاك). ومنه: مع بيان الحال "ابتلاه الله: اختبره (كأنما اختبر صبره وتحمُّلَه الاحتباسَ والبقاءَ على وضع شديد) ويقال أيضًا: بَلَوْته: امتحنته ". ومن هذا "البلاء: الاختبار والمحنة والغم ". وقد جاء التعريض لشدة مع لازمها، وهو تبيُّن الحال، صريحًا في آيات

كثيرة {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]،. ومع اعتداد النعم هي أيضًا شدائد أي مجال اختبار من حيث إنها تستوجب شكرًا وحسن استعمال يؤدَّيان أو لا يؤَدَّيان، يتبين أن الفعل (بلا يبلو) جاء في القرآن الكريم للشدة ولازمها الاختبار معا، أو للشدة فقط أو للاختبار ولازمه العلم. فللشدة فقط، (عقوبة): {كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} [الأعراف: 163]. وللعلم فقط: {هُنَالِكَ تَبْلُو كُلُّ نَفْسٍ مَا أَسْلَفَتْ} [يونس: 30]، {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9]. وسائر ما في التركيب من الفعل (بلا يبلو) أو الاسم (بلاء) أو اسم الفاعل (مبتلى) فهو بمعنى الشدة مع الاختبار (تبيُّن الحال) ويُحتاج في بعضها إلى بعض التأمل.

• ومن ماديّ المعنى المحوري قولهم: "بَلِىَ الثوب " (كرضى)، ولا يكون ذلك إلا عن طول استعمال مع امتهان - كما سموها: "ثياب المَهْنة "ويلحظ أثر الصيغة.

هذا وقد فسر [طب 2/ 48] قوله تعالى: {وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ} [البقرة: 49] بالنعمة. وقد ذُكِرَتْ بعدَ نِعَم كثيرة عدَّدَها الله عز وجل على بني إسرائيل. ثم رد [طب] استعمالات الجذر كلَّها إلى الاختبار مستشهدًا بقوله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ} [البقرة: 168]، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35]. وكذلك في {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ} [البقرة: 124] قال: أي اختبره، كما في قوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى} [النساء: 6] [طب 3/ 7]. وأرى أن المعنى المحوري الذي حددناه أدق، لأن من الاستعمالات ما ليس اختبارًا، كما هو واضح في: الناقة البلية، وبِلْوِ السفر، وبِلْو المال. وإنما المعنى وقوع في حيزِ شدةٍ أو في حيزٍ مع شدة. وهي في آية [البقرة: 124] التكليف،

فالتكليف فيه مشقة أداء العمل المكلَّف به، والمسئولية عن الأداء، وإحسان الأداء أمام العزيز سبحانه. ثم يترتب على تنفيذ التكليف بيان الحال. وقد سبق الراغب بكثير من هذا.

أما "بلى "التي هي "جواب استفهامٍ معقودٍ بالجحد توجب ما يقال لك " [ق]، فهي من معنى الوقوع في حيز يحبس حبسًا قويًّا دائمًا. والحبس هنا واقع على المنفى بعد الاستفهام، كما يعبَّر الآن بإيقاف الأمر، أو تعليقه، أو تجميده، وكلها بمعنى الحبس. وذلك يؤدي معنى النفي، ونفي النفي إثبات؛ فهي لإثبات ما نفى: {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى} [البقرة: 260]. وكل (بلى) في القرآن فهي ردٌّ أو نفيٌ لإنكار أو نفي. وفي قوله تعالى {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} [الزمر: 59] قال [بحر 7/ 419] "ولما كان قوله {لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي} [الزمر: 57] وجوابه متضمنًا نفي الهداية كأنه قال: ما هداني الله: قيل له {بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي} مرشدة لك (فكذّبْتَ بها). [وينظر معجم حروف المعاني في القرآن الكريم 2/ 502].

المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م


3-المعجم الاشتقاقي المؤصل (خبر)

(خبر): {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الفرقان: 59]

الخبار -كسحاب: أرض رِخوة تَتَتَعْتَع فيه الدوابُّ/ ما استرخى وتحفّر/ وساخت فيه القوائم. الخَبْراء -بالفتح: قاع مستدير يجتمع فيه الماء/ مَنْقَع الماء في أصول السِدْر (= شجر النَبِق الذي ينبت على الماء ويُسمَّى العُبْرى). والخَبْر -بالفتح أيضًا: الناقة الغزيرة اللبن، والمَزَادة (= قربة الماء) العظيمة.

° المعنى المحوري

وصول الرخاوة إلى عمق الشيء، أو رخاوة الشيء بحيث يوصل إلى عمقه. كما تسوخ القوائم في الأرض الرخوة وكما يصل الماء إلى القاع وإلى أصول السدر، وكما يتوهم في الناقة الغزيرة أنها مملوءة لبنًا والقربة العظيمة يلفت عظمها إلى كثرة الماء في جوفها. ومنه "خبر الطعام (نصر). دَسَمه، والخُبْرة -بالضم: الإِدام (1) والمخبوز: "ألطيب الإدام (أي من الطعام)

ومن هذا "الخُبْر -بالضم: اللحم يشتريه الرجل لأهله (قطعة اللحم غضة رخوة مأخوذة من جسم الذبيحة، أو يُقْصد أنها يؤتدم بها). والجبْر -بالفتح: الزرع (كأنه التعامل مع الأرض الرخوة الحَيَّة لا الصَلْدة، وأيضًا فإن الزرع يكون بحرْثها ووضع البذور فيها ثم سَقْيها ماء فتسترخي وينفذ منها النبات -كما يقال استنبت، والنَباتُ نفسه رخو). "والمخابرة: المزارعة. والخبير: النبات والوَبَر " (لنشوئهما نفاذًا من الباطن الغض).

ومن ذلك الأصل قيل "خَبَرْتُ الأَمْر (كنصر): عَرَفتُه على حقيقته " (كأنك تغلغلت في باطنه حتى عرفته) وفي حديث الحديبية أنه "بعث عينًا من خزاعة يتخبر له خبر قريش أي يتعرف. والخابر: المختبِر المجرِّب. والمَخْبَر خلاف المَنْظَر والمَرْآة (أي هو الحقيقة الباطنة). والخِبْر والخِبْرة -بالكسر والضم فيهما: العِلْم بالشيء (أي على حقيقته) والخَبَر -بالتحريك: النبأ (مخبور عنه) والخبير: العالم الذي يَخبُر الشيء (أي ينفذ إلى باطنه) بعلْمه ". ولعل هذا يفسر أن عُظْم صفة الخبير جاء في القرآن للمَوْلى عز وجل {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} [الملك: 14] {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 16]، وكل {خَبِيٌر} في القرآن هي صفة لله تعالى عدا ما في [الفرقان 59] ففي أحد تفسيريها أن المراد بها جبريل والعلماء وأهل الكتب المنزلة. أي اسأل عن الله عز وجل هؤلاء [ينظر بحر 6/ 465 - 466] {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا} [الكهف: 68 {قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ} [القصص: 29]. {قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ} [التوبة: 94]. وليس في

القرآن من التركيب ما يخرج عن (الخُبْر) و (الخَبَر) و (الأخبار) و (الخبير) بمعنى العلم بالحقيقة.

{يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة: 4]، أورد في [قر 20/ 148] حديثًا عن الترمذي أن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها... كما أورد حديثًا بأنه إخراجها الموتى من بطنها. ولكنَّ سَبْقَ آية "وأخرجت الأرض أثقالها "تلقي ظلاًّ على صحة هذا الحديث الأخير. ورأى أطب، أن الأخبار هي ما سبق من الزلزلة وإخراج الأثقال: وهو غير متوجّه، وحديث الترمذي صريح.

المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م


4-موسوعة الفقه الكويتية (تعبدي 1)

تَعَبُّدِيٌّ -1

التَّعْرِيفُ:

1- التَّعَبُّدِيُّ لُغَةً: الْمَنْسُوبُ إِلَى التَّعَبُّدِ.

وَالتَّعَبُّدُ مَصْدَرُ تَعَبَّدَ، يُقَالُ: تَعَبَّدَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ: إِذَا اتَّخَذَهُ عَبْدًا، أَوْ صَيَّرَهُ كَالْعَبْدِ.

وَتَعَبَّدَ اللَّهُ الْعَبْدَ بِالطَّاعَةِ: اسْتَعْبَدَهُ، أَيْ طَلَبَ مِنْهُ الْعِبَادَةَ.

وَمَعْنَى الْعِبَادَةِ فِي اللُّغَةِ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ.وَمِنْهُ طَرِيقٌ مُعَبَّدٌ: إِذَا كَانَ مُذَلَّلًا بِكَثْرَةِ الْمَشْيِ فِيهِ.

وَيَرِدُ التَّعَبُّدُ فِي اللُّغَةِ أَيْضًا بِمَعْنَى: التَّذَلُّلِ، يُقَالُ: تَعَبَّدَ فُلَانٌ لِفُلَانٍ: إِذَا خَضَعَ لَهُ وَذَلَّ.وَبِمَعْنَى: التَّنَسُّكُ، يُقَالُ: تَعَبَّدَ فُلَانٌ لِلَّهِ تَعَالَى: إِذَا أَكْثَرَ مِنْ عِبَادَتِهِ، وَظَهَرَ فِيهِ الْخُشُوعُ وَالْإِخْبَاتُ.

وَالتَّعَبُّدُ مِنَ اللَّهِ لِلْعِبَادِ: تَكْلِيفُهُمْ أُمُورَ الْعِبَادَةِ وَغَيْرَهَا.وَيُكْثِرُ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ مِنِ اسْتِعْمَالِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى، كَقَوْلِهِمْ: نَحْنُ مُتَعَبَّدُونَ بِالْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَبِالْقِيَاسِ، أَيْ مُكَلَّفُونَ بِذَلِكَ.وَيَقُولُونَ: كَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- مُتَعَبَّدًا بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ، أَيْ مُكَلَّفًا بِالْعَمَلِ بِهِ.

2- وَالتَّعَبُّدِيَّاتُ- فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ- تُطْلَقُ عَلَى أَمْرَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَعْمَالُ الْعِبَادَةِ وَالتَّنَسُّكِ.وَيُرْجَعُ لِمَعْرِفَةِ أَحْكَامِهَا بِهَذَا الْمَعْنَى إِلَى مُصْطَلَحِ (عِبَادَةٌ).

الثَّانِي: الْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ الَّتِي لَا يَظْهَرُ لِلْعِبَادِ فِي تَشْرِيعِهَا حِكْمَةٌ غَيْرُ مُجَرَّدِ التَّعَبُّدِ، أَيِ التَّكْلِيفِ بِهَا، لِاخْتِبَارِ عُبُودِيَّةِ الْعَبْدِ، فَإِنْ أَطَاعَ أُثِيبَ، وَإِنْ عَصَى عُوقِبَ.

وَالْمُرَادُ بِالْحِكْمَةِ هُنَا: مَصْلَحَةُ الْعَبْدِ مِنَ الْمُحَافَظَةِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ دِينِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَقْلِهِ.أَمَّا مَصْلَحَتُهُ الْأُخْرَوِيَّةُ- مِنْ دُخُولِ جَنَّةِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْخَلَاصِ مِنْ عَذَابِهِ- فَهِيَ مُلَازِمَةٌ لِتَلْبِيَةِ كُلِّ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ، تَعَبُّدِيًّا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

3- هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَعْرِيفِ التَّعَبُّدِيَّاتِ.وَقَدْ لَاحَظَ الشَّاطِبِيُّ فِي مُوَافَقَاتِهِ أَنَّ حِكْمَةَ الْحُكْمِ قَدْ تَكُونُ مَعْلُومَةً عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ، وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ تَعَبُّدِيًّا مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ، مَا لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ.قَالَ: وَمِنْ ذَلِكَ: طَلَبُ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، وَالذَّبْحُ فِي الْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فِي الْحَيَوَانِ الْمَأْكُولِ، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَعَدَدُ الْأَشْهُرِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَالْوَفَاةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا مَجَالَ لِلْعُقُولِ فِي فَهْمِ مَصَالِحِهَا الْجُزْئِيَّةِ، حَتَّى يُقَاسُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا.فَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الشُّرُوطَ الْمُعْتَبَرَةَ فِي النِّكَاحِ، مِنَ الْوَلِيِّ وَالصَّدَاقِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، هِيَ لِتَمْيِيزِ النِّكَاحِ عَنِ السِّفَاحِ، وَأَنَّ فُرُوضَ الْمَوَارِيثِ تَرَتَّبَتْ عَلَى تَرْتِيبِ الْقُرْبَى مِنَ الْمَيِّتِ، وَأَنَّ الْعِدَدَ وَالِاسْتِبْرَاءَاتِ، الْمُرَادُ بِهَا اسْتِبْرَاءُ الرَّحِمِ خَوْفًا مِنِ اخْتِلَاطِ الْمِيَاهِ، وَلَكِنَّهَا أُمُورٌ جُمَلِيَّةٌ، كَمَا أَنَّ الْخُضُوعَ وَالْإِجْلَالَ عِلَّةُ شَرْعِ الْعِبَادَاتِ.وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يَقْضِي بِصِحَّةِ الْقِيَاسِ عَلَى الْأَصْلِ فِيهَا، بِحَيْثُ يُقَالُ: إِذَا حَصَلَ الْفَرْقُ بَيْنَ النِّكَاحِ وَالسِّفَاحِ بِأُمُورٍ أُخَرَ مَثَلًا، لَمْ تُشْتَرَطْ تِلْكَ الشُّرُوطُ.وَمَتَى عُلِمَ بَرَاءَةُ الرَّحِمِ لَمْ تُشْرَعِ الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ وَلَا بِالْأَشْهُرِ، وَلَا مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

4- هَذَا وَقَدِ اخْتَلَفَتِ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ شُرِعَتْ لَنَا لِحِكْمَةٍ يَعْلَمُهَا اللَّهُ تَعَالَى وَخَفِيَتْ عَلَيْنَا، أَوْ إِنَّهَا شُرِعَتْ لَا لِحِكْمَةٍ أَصْلًا غَيْرَ مُجَرَّدِ تَعَبُّدِ اللَّهِ لِلْعِبَادِ وَاسْتِدْعَائِهِ الِامْتِثَالَ مِنْهُمْ، اخْتِبَارًا لِطَاعَةِ الْعَبْدِ لِمُجَرَّدِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ فِيمَا يَعْمَلُ، بِمَنْزِلَةِ سَيِّدٍ أَرَادَ أَنْ يَخْتَبِرَ عَبِيده أَيَّهمْ أَطْوَعُ لَهُ، فَأَمَرَهُمْ بِالتَّسَابُقِ إِلَى لَمْسِ حَجَرٍ، أَوِ الِالْتِفَاتِ يَمِينًا أَوْ يَسَارًا مِمَّا لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ غَيْرُ مُجَرَّدِ الطَّاعَةِ.

5- قَالَ ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلًا عَنِ الْحِلْيَةِ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ، بِدَلَالَةِ اسْتِقْرَاءِ تَكَالِيفِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى كَوْنِهَا جَالِبَةً لِلْمَصَالِحِ دَارِئَةً لِلْمَفَاسِدِ.

وَكَذَلِكَ الشَّاطِبِيُّ فِي مُوَافَقَاتِهِ اعْتَمَدَ الِاسْتِقْرَاءَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ كُلَّ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ مُعَلَّلَةٌ بِمَصَالِحِ الْعِبَادِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَقَالَ: إِنَّ الْمُعْتَزِلَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَحْكَامَهُ مُعَلَّلَةٌ بِرِعَايَةِ مَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ الْمُتَأَخِّرِينَ.قَالَ: وَلَمَّا اضْطُرَّ الرَّازِيَّ إِلَى إِثْبَاتِ الْعِلَلِ لِلْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَثْبَتْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعِلَلَ بِمَعْنَى الْعَلَامَاتِ الْمُعَرِّفَةِ لِلْأَحْكَامِ.وَذَكَرَ الشَّاطِبِيُّ مِنَ الْأَدِلَّةِ الَّتِي اسْتَقْرَأَهَا قوله تعالى فِي شَأْنِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وَفِي الصِّيَامِ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وَفِي الْقِصَاصِ {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وَآيَاتٌ نَحْوُ هَذِهِ.

وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى مِثْلِ ذَلِكَ ابْنُ الْقَيِّمِ، حَيْثُ قَالَ: قَالَتْ طَائِفَةٌ: إِنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ حُكْمٌ وَاحِدٌ إِلاَّ وَلَهُ مَعْنًى وَحِكْمَةٌ، يَعْقِلُهُ مَنْ يَعْقِلُهُ، وَيَخْفَى عَلَى مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ.وَقَرَّرَ هَذَا الْمَعْنَى تَقْرِيرًا أَوْسَعَ فَقَالَ: شَرَعَ اللَّهُ الْعُقُوبَاتِ، وَرَتَّبَهَا عَلَى أَسْبَابِهَا، جِنْسًا وَقَدْرًا، فَهُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَأَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ وَأَعْلَمُ الْعَالِمِينَ، وَمَنْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا، وَعَلِمَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ، وَأَحَاطَ عِلْمُهُ بِوُجُوهِ الْمَصَالِحِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا وَخَفِيِّهَا وَظَاهِرِهَا، مَا يُمْكِنُ اطِّلَاعُ الْبَشَرِ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُمْكِنُهُمْ.وَلَيْسَتْ هَذِهِ التَّخْصِيصَاتُ وَالتَّقْدِيرَاتُ خَارِجَةً عَنْ وُجُوهِ الْحِكَمِ وَالْغَايَاتِ الْمَحْمُودَةِ، كَمَا أَنَّ التَّخْصِيصَاتِ وَالتَّقْدِيرَاتِ وَاقِعَةٌ فِي خَلْقِهِ كَذَلِكَ، فَهَذَا فِي خَلْقِهِ وَذَاكَ فِي أَمْرِهِ، وَمَصْدَرُهُمَا جَمِيعًا عَنْ كَمَالِ عِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَوَضْعِهِ كُلَّ شَيْءٍ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي لَا يَلِيقُ بِهِ سِوَاهُ وَلَا يَتَقَاضَى إِلاَّ إِيَّاهُ، كَمَا وَضَعَ قُوَّةَ الْبَصَرِ وَالنُّورِ الْبَاصِرِ فِي الْعَيْنِ، وَقُوَّةَ السَّمْعِ فِي الْأُذُنِ، وَقُوَّةَ الشَّمِّ فِي الْأَنْفِ، وَخَصَّ كُلَّ حَيَوَانٍ وَغَيْرَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ وَيَحْسُنُ أَنْ يُعْطَاهُ مِنْ أَعْضَائِهِ وَهَيْئَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَقَدْرِهِ، فَشَمِلَ إِتْقَانَهُ وَإِحْكَامَهُ، وَإِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ قَدْ أَتْقَنَ خَلْقَهُ غَايَةَ الْإِتْقَانِ، وَأَحْكَمَهُ غَايَةَ الْإِحْكَامِ، فَلأَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ فِي غَايَةِ الْإِتْقَانِ أَوْلَى وَأَحْرَى، وَلَا يَكُونُ الْجَهْلُ بِحِكْمَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَإِتْقَانِهِ كَذَلِكَ وَصُدُورِهِ عَنْ مَحْضِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ مُسَوِّغًا لِإِنْكَارِهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.

وَسَارَ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَلِيُّ اللَّهِ الدَّهْلَوِيُّ فِي حُجَّةِ اللَّهِ الْبَالِغَةِ وَقَالَ: إِنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ (الْآتِي) تُكَذِّبُهُ السُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْقُرُونِ الْمَشْهُودِ لَهَا بِالْخَيْرِ.

6- أَمَّا الْقَوْلُ الثَّانِي بِوُجُودِ أَحْكَامٍ وَلَوْ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ قُصِدَ مِنْهَا التَّعَبُّدُ وَالِامْتِثَالُ.فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ: قوله تعالى {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} أَنَّهُ كَانَ قَدْ جَعَلَ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَنَا آصَارًا وَأَغْلَالًا لِتَعَنُّتِهِمْ وَشِقَاقِهِمْ، كَمَا أَلْزَمَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِأَنْ تَكُونَ الْبَقَرَةُ الَّتِي أَمَرَهُمْ بِذَبْحِهَا لَا فَارِضًا وَلَا بِكْرًا، وَأَنْ تَكُونَ صَفْرَاءَ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ فِي بَعْضِ الِابْتِلَاءِ وَاسْتِدْعَاءِ الطَّاعَةِ وَالِامْتِثَالِ وَالتَّدْرِيبِ عَلَى ذَلِكَ مَصْلَحَةٌ كَبِيرَةٌ، لَا يَزَالُ أَوْلِيَاءُ الْأُمُورِ يُدَرِّبُونَ عَلَيْهَا أَنْصَارَهُمْ وَأَتْبَاعَهُمْ، وَيَبْذُلُونَ فِي ذَلِكَ الْأَمْوَالَ الطَّائِلَةَ، لِيَكُونُوا عِنْدَ الْحَاجَةِ مُلَبِّينَ لِلْأَوَامِرِ دُونَ تَرَدُّدٍ أَوْ حَاجَةٍ إِلَى التَّفَهُّمِ، اكْتِفَاءً وَثِقَةً بِأَنَّ وَلِيَّ أَمْرِهِمْ هُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ بِمَا يُرِيدُ.بَلْ إِنَّ مَصْلَحَةَ الطَّاعَةِ وَالِامْتِثَالِ وَالْمُسَارَعَةِ إِلَيْهِمَا هِيَ الْحِكْمَةُ الْأُولَى الْمُبْتَغَاةُ مِنْ وَضْعِ الشَّرِيعَةِ، بَلْ مِنَ الْخَلْقِ فِي أَسَاسِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ} وَقَالَ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ}.وَقَالَ: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} وَقَالَ {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَاإِلاَّ لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ}

وَلَكِنْ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا فِي شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ جَعَلَ غَالِبَ أَحْكَامِهَا تُرَاعِي مَصْلَحَةَ الْعِبَادِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَصْلَحَةِ الِابْتِلَاءِ، وَلَكِنْ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ وُجُودِ أَحْكَامٍ لَا تُرَاعِي ذَلِكَ، بَلْ قُصِدَ بِهَا الِابْتِلَاءُ خَاصَّةً، وَذَلِكَ عَلَى سَبِيلِ النُّدْرَةِ.

وَفِي هَذَا يَقُولُ الْغَزَالِيُّ: عُرِفَ مِنْ دَأْبِ الشَّرْعِ اتِّبَاعُ الْمَعَانِي الْمُنَاسَبَةِ دُونَ التَّحَكُّمَاتِ الْجَامِدَةِ، وَهَذَا غَالِبُ عَادَةِ الشَّرْعِ.وَيَقُولُ: حَمْلُ تَصَرُّفَاتِ الشَّارِعِ عَلَى التَّحَكُّمِ أَوْ عَلَى الْمَجْهُولِ الَّذِي لَا يُعْرَفُ، نَوْعُ ضَرُورَةٍ يُرْجَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ.وَقَالَ: مَا يَتَعَلَّقُ مِنَ الْأَحْكَامِ بِمَصَالِحِ الْخَلْقِ مِنَ الْمُنَاكَحَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَالْجِنَايَاتِ وَالضَّمَانَاتِ وَمَا عَدَا الْعِبَادَاتِ فَالتَّحَكُّمُ فِيهَا نَادِرٌ، وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ وَالْمُقَدَّرَاتُ فَالتَّحَكُّمَاتُ فِيهَا غَالِبَةٌ، وَاتِّبَاعُ الْمَعْنَى نَادِرٌ.وَصَرَّحَ بِذَلِكَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي قَوَاعِدِهِ فَقَالَ: يَجُوزُ أَنْ تَتَجَرَّدَ التَّعَبُّدَاتُ عَنْ جَلْبِ الْمَصَالِحِ وَدَرْءِ الْمَفَاسِدِ، ثُمَّ يَقَعُ الثَّوَابُ عَلَيْهَا بِنَاءً عَلَى الطَّاعَةِ وَالْإِذْعَانِ مِنْ غَيْرِ جَلْبِ مَصْلَحَةٍ غَيْرَ مَصْلَحَةِ الثَّوَابِ وَلَا دَرْءِ مَفْسَدَةٍ غَيْرَ مَفْسَدَةِ الْعِصْيَانِ.

7- فَالتَّعَبُّدِيُّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ: اسْتَأْثَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِعِلْمِ حِكْمَتِهِ، وَلَمْ يُطْلِعْ عَلَيْهَا أَحَدًا مِنْ خَلْقِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ سَبِيلًا لِلِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ مَعَ ثُبُوتِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، أَخْفَى ذَلِكَ عَنْهُمُ ابْتِلَاءً وَاخْتِبَارًا.هَلْ يَمْتَثِلُونَ وَيُطِيعُونَ دُونَ أَنْ يَعْرِفُوا وَجْهَ الْمَصْلَحَةِ، أَمْ يَعْصُونَ اتِّبَاعًا لِمَصْلَحَةِ أَنْفُسِهِمْ؟.

وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي: ابْتَلَاهُمْ بِمَا لَا مَصْلَحَةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا غَيْرَ مُجَرَّدِ الثَّوَابِ.

الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:

أ- الْعِبَادَةُ:

8- أَصْلُ الْعِبَادَةِ: الطَّاعَةُ وَالْخُضُوعُ.وَالْعِبَادَاتُ، أَنْوَاعٌ: مِنْهَا الصَّلَاةُ وَالزَّكَاةُ وَالصَّوْمُ وَالْحَجُّ.وَكَثِيرٌ مِنْهَا مَعْقُولُ الْمَعْنَى، بَيَّنَتِ الشَّرِيعَةُ حِكْمَتَهُ، أَوِ اسْتَنْبَطَهَا الْفُقَهَاءُ.وَمِنْ ذَلِكَ قوله تعالى فِي شَأْنِ الصَّلَاةِ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} وَقَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْحَجِّ {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ} وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي حِكْمَةِ التَّرْخِيصِ فِي الْإِفْطَارِ فِي السَّفَرِ أَثْنَاءَ رَمَضَانَ: إِنَّهَا دَفْعُ الْمَشَقَّةِ.فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ تَعَبُّدِيًّا.

وَبَعْضُ أَحْكَامِ الْعِبَادَاتِ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، فَيَكُونُ تَعَبُّدِيًّا، كَكَوْنِ رَمْيِ الْجِمَارِ سَبْعًا سَبْعًا.

وَتَكُونُ التَّعَبُّدِيَّاتُ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْعِبَادَاتِ، وَمِنْ ذَلِكَ: اسْتِبْرَاءُ الْأَمَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَائِعُهَا فِي مَجْلِسِ الْبَيْعِ، وَعَادَتْ إِلَيْهِ بِفَسْخٍ أَوْ إِقَالَةٍ قَبْلَ غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي بِهَا.

ب- حَقُّ اللَّهِ:

9- قَدْ يُقَالُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْكَامِ: إِنَّهُ لِحَقِّ اللَّهِ، كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ وَكَحَدِّ السَّرِقَةِ وَحَدِّ الزِّنَى.وَيُقَالُ فِي كَثِيرٍ مِنْهَا: إِنَّهُ لِحَقِّ الْإِنْسَانِ، كَحَقِّ الْقِصَاصِ وَحَدِّ الْقَذْفِ وَالدَّيْنِ وَالضَّمَانَاتِ.وَقَدْ يُظَنُّ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ، إِلاَّ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ (حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَنَّهُ لَا خِيَرَةَ فِيهِ لِلْعِبَادِ، وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إِسْقَاطُهُ، بَلْ لَا بُدَّ لِلْعِبَادِ مِنْ تَنْفِيذِهِ إِذَا وُجِدَ سَبَبُهُ، وَتَمَّتْ شُرُوطُ وُجُوبِهِ أَوْ تَحْرِيمِهِ.وَلَيْسَ كُلُّ مَا كَانَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى تَعَبُّدِيًّا، بَلْ يَكُونُ تَعَبُّدِيًّا إِذَا خَفِيَ وَجْهُ الْحِكْمَةِ فِيهِ.وَيَكُونُ غَيْرَ تَعَبُّدِيٍّ، وَذَلِكَ إِذَا ظَهَرَتْ حِكْمَتُهُ.

قَالَ الشَّاطِبِيُّ: الْحِكَمُ الْمُسْتَخْرَجَةُ لِمَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فِي التَّعَبُّدَاتِ، كَاخْتِصَاصِ الْوُضُوءِ بِالْأَعْضَاءِ الْمَخْصُوصَةِ، وَالصَّلَاةِ بِتِلْكَ الْهَيْئَةِ مِنْ رَفْعِ الْيَدَيْنِ وَالْقِيَامِ وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَكَوْنِهَا عَلَى بَعْضِ الْهَيْئَاتِ دُونَ بَعْضٍ، وَاخْتِصَاصِ الصِّيَامِ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْلِ، وَتَعْيِينِ أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ فِي تِلْكَ الْأَحْيَانِ الْمُعَيَّنَةِ دُونَ سِوَاهَا مِنْ أَحْيَانِ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَاخْتِصَاصِ الْحَجِّ بِتِلْكَ الْأَعْمَالِ الْمَعْرُوفَةِ، فِي الْأَمَاكِنِ الْمَعْلُومَةِ، وَإِلَى مَسْجِدٍ مَخْصُوصٍ، إِلَى أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا تَهْتَدِي الْعُقُولُ إِلَيْهِ بِوَجْهٍ، وَلَا تَحُومُ حَوْلَهُ، يَأْتِي بَعْضُ النَّاسِ فَيَطْرُقُ إِلَيْهِ بِزَعْمِهِ حِكَمًا، يَزْعُمُ أَنَّهَا مَقْصُودُ الشَّارِعِ مِنْ تِلْكَ الْأَوْضَاعِ، وَجَمِيعُهَا مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنٍّ وَتَخْمِينٍ غَيْرِ مُطَّرِدٍ فِي بَابِهِ، وَلَا مَبْنِيٍّ عَلَيْهِ عَمَلٌ، بَلْ كَالتَّعْلِيلِ بَعْدَ السَّمَاعِ لِلْأُمُورِ الشَّوَاذِّ، لِجِنَايَتِهِ عَلَى الشَّرِيعَةِ فِي دَعْوَى مَا لَيْسَ لَنَا بِهِ عِلْمٌ، وَلَا دَلِيلَ لَنَا عَلَيْهِ.

ج- الْمُعَلَّلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ:

10- وَلَمَّا كَانَ حُكْمُ التَّعَبُّدِيَّاتِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، فَقَدْ يُشْتَبَهُ بِهَا الْمُعَلَّلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ.وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ التَّعَبُّدِيَّ لَيْسَ لَهُ عِلَّةٌ ظَاهِرَةٌ، فَيَمْتَنِعُ الْقِيَاسُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقِيَاسَ فَرْعُ مَعْرِفَةِ الْعِلَّةِ، أَمَّا الْمُعَلَّلُ بِالْعِلَّةِ الْقَاصِرَةِ فَعِلَّتُهُ مَعْلُومَةٌ لَكِنَّهَا لَا تَتَعَدَّى مَحَلَّهَا، إِذْ لَمْ يُعْلَمْ وُجُودُهَا فِي شَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ الْأَصْلِ.مِثَالُهُ أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ شَهَادَةَ خُزَيْمَةَ بْنِ ثَابِتٍ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ.وَهَذَا حُكْمٌ خَاصٌّ بِهِ، وَعِلَّتُهُ وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَنَبَّهَ وَبَادَرَ إِلَى تَصْدِيقِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي تِلْكَ الْحَادِثَةِ بِعَيْنِهَا وَالشَّهَادَةِ لَهُ، بِمُوجِبِ التَّصْدِيقِ الْعَامِّ لَهُ- صلى الله عليه وسلم-.وَالْأَوَّلِيَّةُ مَعْنًى لَا يَتَكَرَّرُ، فَاخْتَصَّ بِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ تَعَبُّدِيًّا، لِكَوْنِ عِلَّتِهِ مَعْلُومَةً.

د- الْمَعْدُولُ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ:

11- مَا خَالَفَ الْقِيَاسَ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَعْقُولِ الْمَعْنَى كَتَخْصِيصِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- بِنِكَاحِ تِسْعِ نِسْوَةٍ وَإِجْزَاءِ الْعَنَاقِ فِي التَّضْحِيَةِ فِي حَقِّ أَبِي بُرْدَةَ هَانِئِ بْنِ دِينَارٍ وَكَتَقْدِيرِ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ.

وَقَدْ يَكُونُ مَعْقُولَ الْمَعْنَى كَاسْتِثْنَاءِ بَيْعِ الْعَرَايَا مِنَ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ خَرْصًا.

هـ- الْمَنْصُوصُ عَلَى عِلَّتِهِ:

12- أَوْرَدَ الشَّاطِبِيُّ أَنَّ بَعْضَ مَا عُرِفَتْ عِلَّتُهُ قَدْ يَكُونُ تَعَبُّدِيًّا.فَقَالَ: إِنَّ الْمَصَالِحَ فِي التَّكْلِيفِ ظَهَرَ لَنَا مِنَ الشَّارِعِ أَنَّهَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ بِمَسَالِكِهِ الْمَعْرُوفَةِ كَالْإِجْمَاعِ وَالنَّصِّ وَالسَّبْرِ وَالْإِشَارَةِ وَالْمُنَاسَبَةِ، وَهَذَا هُوَ الْقِسْمُ الظَّاهِرُ الَّذِي نُعَلِّلُ بِهِ، وَتَقُولُ: إِنَّ الْأَحْكَامَ شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ.

وَالثَّانِي: مَا لَا يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ بِتِلْكَ الْمَسَالِكِ الْمَعْهُودَةِ، وَلَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إِلاَّ بِالْوَحْيِ كَالْأَحْكَامِ الَّتِي أَخْبَرَ الشَّارِعُ فِيهَا أَنَّهَا أَسْبَابٌ لِلْخِصْبِ وَالسَّعَةِ وَقِيَامِ أُبَّهَةِ الْإِسْلَامِ- كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سِيَاقِ قِصَّةِ نُوحٍ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.فَلَا يُعْلَمُ وَجْهُ كَوْنِ الِاسْتِغْفَارِ سَبَبًا لِلْمَطَرِ وَلِلْخِصْبِ إِلاَّ بِالْوَحْيِ.وَلِذَلِكَ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، فَلَا يُعْلَمُ كَوْنُ الِاسْتِغْفَارِ سَبَبًا فِي حُصُولِ الْعِلْمِ وَقُوَّةِ الْأَبْدَانِ مَثَلًا، فَلَا يَكُونُ إِلَى اعْتِبَارِ هَذِهِ الْعِلَّةِ فِي الْقِيَاسِ سَبِيلٌ، فَبَقِيَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى التَّعَبُّدِ الْمَحْضِ.وَلِذَا يَكُونُ أَخْذُ الْحُكْمِ الْمُعَلَّلِ بِهَا مُتَعَبَّدًا بِهِ، وَمَعْنَى التَّعَبُّدِ هُنَا: الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّ الشَّارِعُ فِيهِ.

حِكْمَةُ تَشْرِيعِ التَّعَبُّدِيَّاتِ:

13- حِكْمَةُ تَشْرِيعِ التَّعَبُّدِيَّاتِ اسْتِدْعَاءُ الِامْتِثَالِ، وَاخْتِبَارُ مَدَى الطَّاعَةِ وَالْعُبُودِيَّةِ.وَقَدْ عَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ بِقَوْلِهِ- فِي بَيَانِ أَسْرَارِ رَمْيِ الْجِمَارِ- وَظَّفَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْعِبَادِ أَعْمَالًا لَا تَأْنَسُ بِهَا النُّفُوسُ، وَلَا تَهْتَدِي إِلَى مَعَانِيهَا الْعُقُولُ، كَرَمْيِ الْجِمَارِ بِالْأَحْجَارِ، وَالتَّرَدُّدِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى سَبِيلِ التَّكْرَارِ.وَبِمِثْلِ هَذِهِ الْأَعْمَالِ يَظْهَرُ كَمَالُ الرِّقِّ وَالْعُبُودِيَّةِ، فَإِنَّ الزَّكَاةَ إِرْفَاقٌ، وَوَجْهُهُ مَفْهُومٌ، وَلِلْعَقْلِ إِلَيْهِ مَيْلٌ، وَالصَّوْمُ كَسْرٌ لِلشَّهْوَةِ الَّتِي هِيَ آلَةُ عَدُوِّ اللَّهِ، وَتَفَرُّغٌ لِلْعِبَادَةِ، بِالْكَفِّ عَنِ الشَّوَاغِلِ.وَالرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ فِي الصَّلَاةِ تَوَاضُعٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَفْعَالٍ هِيَ هَيْئَةُ التَّوَاضُعِ، وَلِلنُّفُوسِ السَّعْيُ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.فَأَمَّا تَرَدُّدَاتُ السَّعْيِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ وَأَمْثَالُ هَذِهِ الْأَعْمَالِ، فَلَا حَظَّ لِلنُّفُوسِ فِيهَا وَلَا أُنْسَ لِلطَّبْعِ بِهَا، وَلَا اهْتِدَاءَ لِلْعُقُولِ إِلَى مَعَانِيهَا، فَلَا يَكُونُ فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا بَاعِثٌ إِلاَّ الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ، وَقَصْدُ الِامْتِثَالِ لِلْأَمْرِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ أَمْرٌ وَاجِبُ الِاتِّبَاعِ فَقَطْ، وَفِيهِ عَزْلٌ لِلْعَقْلِ عَنْ تَصَرُّفِهِ وَصَرْفُ النَّفْسِ وَالطَّبْعِ عَنْ مَحَلِّ أُنْسِهِ.فَإِنَّ كُلَّ مَا أَدْرَكَ الْعَقْلُ مَعْنَاهُ مَالَ الطَّبْعُ إِلَيْهِ مَيْلًا مَا، فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَيْلُ مُعَيِّنًا لِلْأَمْرِ وَبَاعِثًا مَعَهُ عَلَى الْفِعْلِ، فَلَا يَكَادُ يَظْهَرُ بِهِ كَمَالُ الرِّقِّ وَالِانْقِيَادِ.وَلِذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْحَجِّ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ: «لَبَّيْكَ بِحَجَّةٍ حَقًّا، تَعَبُّدًا وَرِقًّا» وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فِي صَلَاةٍ وَلَا غَيْرِهَا.

وَإِذَا اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى رَبْطَ نَجَاةِ الْخَلْقِ بِأَنْ تَكُونَ أَعْمَالُهُمْ عَلَى خِلَافِ هَوَى طِبَاعِهِمْ، وَأَنْ يَكُونَ زِمَامُهَا بِيَدِ الشَّرْعِ، فَيَتَرَدَّدُونَ فِي أَعْمَالِهِمْ عَلَى سُنَنِ الِانْقِيَادِ وَعَلَى مُقْتَضَى الِاسْتِعْبَادِ، كَانَ مَا لَا يُهْتَدَى إِلَى مَعَانِيهِ أَبْلَغَ أَنْوَاعِ التَّعَبُّدَاتِ فِي تَزْكِيَةِ النُّفُوسِ، وَصَرْفِهَا عَنْ مُقْتَضَى الطِّبَاعِ وَالْأَخْلَاقِ إِلَى مُقْتَضَى الِاسْتِرْقَاقِ.

طُرُقُ مَعْرِفَةِ التَّعَبُّدِيِّ:

14- لَمْ يُعْرَفْ فِي تَمْيِيزِ التَّعَبُّدِيَّاتِ عَنْ غَيْرِهَا مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّلَةِ وَجْهٌ مُعَيَّنٌ، غَيْرُ الْعَجْزِ عَنِ التَّعْلِيلِ بِطَرِيقٍ مِنَ الطُّرُقِ الْمُعْتَبَرَةِ، عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي مَبَاحِثِ الْقِيَاسِ مِنْ عِلْمِ الْأُصُولِ.وَلِذَلِكَ يَقُولُ ابْنُ عَابِدِينَ: مَا شَرَعَهُ اللَّهُ إِنْ ظَهَرَتْ لَنَا حِكْمَتُهُ، قُلْنَا: إِنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى، وَإِلاَّ قُلْنَا: إِنَّهُ تَعَبُّدِيٌّ.وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ كَلَامُ الْغَزَالِيِّ الْمُتَقَدِّمُ آنِفًا، مِنْ أَنَّ الْمَصِيرَ إِلَى التَّعَبُّدِ نَوْعُ ضَرُورَةٍ يُرْجَعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْعَجْزِ.

وَمِنْ هُنَا اخْتَلَفَتْ أَقْوَالُ الْفُقَهَاءِ فِي اعْتِبَارِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ تَعَبُّدِيًّا أَوْ مَعْقُولَ الْمَعْنَى، فَمَا يَرَاهُ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ تَعَبُّدِيًّا قَدْ يَرَاهُ الْبَعْضُ الْآخَرُ مُعَلَّلًا بِمَصَالِحَ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ رِعَايَتُهَا.فَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ صَاحِبَ الدُّرِّ الْمُخْتَارِ قَالَ: إِنَّ تَكْرَارَ السُّجُودِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ، أَيْ لَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ، تَحْقِيقًا لِلِابْتِلَاءِ.وَقَالَ ابْنُ عَابِدِينَ: وَقِيلَ: إِنَّهُ ثُنِّيَ تَرْغِيمًا لِلشَّيْطَانِ، حَيْثُ أُمِرَ بِالسُّجُودِ مَرَّةً فَلَمْ يَسْجُدْ، فَنَحْنُ نَسْجُدُ مَرَّتَيْنِ.

وَكَوْنُ طَلَاقِ الْحَائِضِ بِدْعِيًّا، قِيلَ: هُوَ تَعَبُّدِيٌّ.قَالَ الدَّرْدِيرُ: وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُعَلَّلٌ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ أَوَّلَهَا مِنَ الطُّهْرِ بَعْدَ الْحَيْضِ.

وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَرَمْيُ الْجِمَارِ يُمَثِّلُ بِهَا الْفُقَهَاءُ لِغَيْرِ الْمَعْقُولِ الْمَعْنَى، كَمَا تَقَدَّمَ عَنِ الْغَزَالِيِّ.غَيْرَ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ يُعَلِّلُونَهُ وَأَمْثَالَهُ مِمَّا وُضِعَ مِنَ الْمَنَاسِكِ عَلَى هَيْئَةِ أَعْمَالِ بَعْضِ الصَّالِحِينَ، كَالسَّعْيِ الَّذِي جُعِلَ عَلَى هَيْئَةِ سَعْيِ أُمِّ إِسْمَاعِيلَ- عليه السلام- بَيْنَهُمَا.يَقُولُ تَقِيُّ الدِّينِ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: فِي ذَلِكَ مِنَ الْحِكْمَةِ تَذَكُّرُ الْوَقَائِعِ الْمَاضِيَةِ لِلسَّلَفِ الْكِرَامِ، وَفِي طَيِّ تَذَكُّرِهَا مَصَالِحُ دِينِيَّةٌ، إِذْ يَتَبَيَّنُ فِي أَثْنَاءِ كَثِيرٍ مِنْهَا مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنِ امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ، وَالْمُبَادَرَةِ إِلَيْهِ، وَبَذْلِ الْأَنْفُسِ فِي ذَلِكَ.وَبِذَلِكَ يَظْهَرُ لَنَا أَنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي الْحَجِّ، وَيُقَالُ بِأَنَّهَا (تَعَبُّدٌ) لَيْسَتْ كَمَا قِيلَ.أَلَا تَرَى أَنَّا إِذَا فَعَلْنَاهَا وَتَذَكَّرْنَا أَسْبَابَهَا حَصَلَ لَنَا مِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْأَوَّلِينَ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنِ احْتِمَالِ الْمَشَاقِّ فِي امْتِثَالِ أَمْرِ اللَّهِ، فَكَانَ هَذَا التَّذَكُّرُ بَاعِثًا لَنَا عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَمُقَرِّرًا فِي أَنْفُسِنَا تَعْظِيمَ الْأَوَّلِينَ، وَذَلِكَ مَعْنًى مَعْقُولٌ.ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ السَّعْيَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ اقْتِدَاءٌ بِفِعْلِ هَاجَرَ، وَأَنَّ رَمْيَ الْجِمَارِ اقْتِدَاءٌ بِفِعْلِ إِبْرَاهِيمَ- عليه السلام-، إِذْ رَمَى إِبْلِيسَ بِالْجِمَارِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ، سَيْرًا عَلَى خُطَى شَيْخِهِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تَيْمِيَّةَ (، رَأَى كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الشَّرِيعَةِ تَعَبُّدٌ مَحْضٌ، وَرَدَّ كُلَّ مَا قِيلَ فِيهِ: إِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقِيَاسِ، كَفَرْضِ الصَّاعِ فِي لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ الْمَرْدُودَةِ عَلَى بَائِعِهَا، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّ الشَّرِيعَةَ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْمُتَسَاوِيَاتِ، كَأَمْرِهَا بِالْغُسْلِ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ وَبِالنَّضْحِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ، وَسَوَّتْ بَيْنَ الْمُفْتَرِقَاتِ، كَتَسْوِيَتِهَا بَيْنَ الْخَطَأِ وَالْعَمْدِ فِي وُجُوبِ الضَّمَانِ.فَعَلَّلَ كُلَّ مَا قِيلَ فِيهِ ذَلِكَ، وَبَيَّنَ وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِيهِ، وَأَنَّ عِلَّتَهُ مَعْقُولَةٌ، وَيُوَافِقُ الْقِيَاسَ وَلَا يُخَالِفُهُ، وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ.

مَا تَكُونُ فِيهِ التَّعَبُّدِيَّاتُ، وَأَمْثِلَةٌ مِنْهَا:

15- يَذْكُرُ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ أَنَّ التَّعَبُّدِيَّاتِ أَكْثَرُ مَا تَكُونُ فِي أُصُولِ الْعِبَادَاتِ، كَاشْتِرَاعِ أَصْلِ الصَّلَاةِ أَوِ الصَّوْمِ أَوِ الِاعْتِكَافِ.وَفِي نَصْبِ أَسْبَابِهَا، كَزَوَالِ الشَّمْسِ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَغُرُوبِهَا لِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ.وَفِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ.وَفِي التَّقْدِيرَاتِ الْعَدَدِيَّةِ بِوَجْهٍ عَامٍّ، كَتَقْدِيرِ أَعْدَادِ الرَّكَعَاتِ، وَتَقْدِيرِ عَدَدِ الْجَلَدَاتِ فِي الْحُدُودِ، وَتَقْدِيرِ أَعْدَادِ الشُّهُودِ.

وَذَكَرَ الشَّاطِبِيُّ مِنْ أَمْثِلَةِ وُقُوعِهَا فِي الْعَادَاتِ: طَلَبُ الصَّدَاقِ فِي النِّكَاحِ، وَتَخْصِيصُ الذَّبْحِ بِمَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، وَالْفُرُوضُ الْمُقَدَّرَةُ فِي الْمَوَارِيثِ، وَعَدَدُ الْأَشْهُرِ فِي عِدَّةِ الطَّلَاقِ وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ.

وَمِنْ أَمْثِلَتِهَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ حَدِيثُ: «نَهَى النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضْلِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ».

قَالَ صَاحِبُ الْمُغْنِي: مَنْعُ الرَّجُلِ مِنِ اسْتِعْمَالِ فَضْلَةِ طَهُورِ الْمَرْأَةِ تَعَبُّدِيٌّ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَلِذَلِكَ يُبَاحُ لِامْرَأَةٍ سِوَاهَا التَّطَهُّرُ بِهِ فِي طَهَارَةِ الْحَدَثِ وَغَسْلِ النَّجَاسَةِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ اخْتَصَّ بِالرَّجُلِ، وَلَمْ يُعْقَلْ مَعْنَاهُ، فَيَجِبُ قَصْرُهُ عَلَى مَحَلِّ النَّهْيِ.وَهَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ غَسْلُ النَّجَاسَةِ بِهِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ وَهُوَ قَوْلُ الْقَاضِي.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ مَاءٌ يُطَهِّرُ الْمَرْأَةَ مِنَ الْحَدَثِ وَالنَّجَاسَةِ، فَيُزِيلُ النَّجَاسَةَ إِذَا فَعَلَهُ الرَّجُلُ كَسَائِرِ الْمِيَاهِ.وَالْحَدِيثُ لَا تُعْقَلُ عِلَّتُهُ، فَيُقْتَصَرُ عَلَى مَا وَرَدَ بِهِ لَفْظُهُ- أَيِ التَّطَهُّرُ مِنَ الْحَدَثِ لَا غَيْرُ.

الْأَصْلُ فِي الْأَحْكَامِ مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيلُ أَوِ التَّعَبُّدُ:

16- اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ هَلِ الْأَصْلُ فِي الْأَحْكَامِ التَّعْلِيلُ أَوْ عَدَمُهُ؟ فَذَهَبَ الْبَعْضُ إِلَى الْأَوَّلِ، فَلَا تُعَلَّلُ الْأَحْكَامُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ.قَالُوا: لِأَنَّ النَّصَّ مُوجِبٌ بِصِيغَتِهِ لَا بِالْعِلَّةِ.وَنُسِبَ إِلَى الشَّافِعِيِّ- رضي الله عنه-: أَنَّ الْأَصْلَ التَّعْلِيلُ بِوَصْفٍ، لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُهُ مِنْ غَيْرِهِ.قَالَ فِي التَّلْوِيحِ: وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَحْكَامِ التَّعَبُّدُ دُونَ التَّعْلِيلِ.قَالَ: وَالْمُخْتَارُ: أَنَّ الْأَصْلَ فِي النُّصُوصِ التَّعْلِيلُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ- أَيْ لِصِحَّةِ الْقِيَاسِ- مِنْ دَلِيلٍ يُمَيِّزُ الْوَصْفَ الَّذِي هُوَ عِلَّةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا بُدَّ قَبْلَ التَّعْلِيلُ وَالتَّمْيِيزُ مِنْ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْوَصْفَ الَّذِي يُرِيدُ اسْتِخْرَاجَ عِلَّتِهِ مُعَلَّلٌ فِي الْجُمْلَةِ.

وَذَهَبَ الشَّاطِبِيُّ إِلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بَيْنَ الْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ، قَالَ: الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُكَلَّفِ التَّعَبُّدُ، دُونَ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمَعَانِي، وَالْأَصْلُ فِي الْعَادَاتِ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْمَعَانِي.

17- فَأَمَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعِبَادَاتِ التَّعَبُّدُ، فَيَدُلُّ لَهُ أُمُورٌ مِنْهَا:

الِاسْتِقْرَاءُ.فَالصَّلَوَاتُ خُصَّتْ بِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى هَيْئَاتٍ مَخْصُوصَةٍ إِنْ خَرَجَتْ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ عِبَادَاتٍ، وَوَجَدْنَا الذِّكْرَ فِي هَيْئَةٍ مَا مَطْلُوبًا، وَفِي هَيْئَةٍ أُخْرَى غَيْرَ مَطْلُوبٍ، وَأَنَّ طَهَارَةَ الْحَدَثِ مَخْصُوصَةٌ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ، وَإِنْ أَمْكَنَتِ النَّظَافَةُ بِغَيْرِهِ، وَأَنَّ التَّيَمُّمَ- وَلَيْسَتْ فِيهِ نَظَافَةٌ حِسِّيَّةٌ- يَقُومُ مَقَامَ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ.وَهَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ كَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهِمَا، وَإِنَّمَا فَهِمْنَا مِنْ حِكْمَةِ التَّعَبُّدِ الْعَامَّةِ الِانْقِيَادُ لِأَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا الْمِقْدَارُ لَا يُعْطِي عِلَّةً خَاصَّةً يُفْهَمُ مِنْهَا حُكْمٌ خَاصٌّ، فَعَلِمْنَا أَنَّ الْمَقْصُودَ الشَّرْعِيَّ الْأَوَّلَ التَّعَبُّدُ لِلَّهِ بِذَلِكَ الْمَحْدُودِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ شَرْعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَقْصُودُ التَّوْسِعَةَ فِي التَّعَبُّدِ بِمَا حُدَّ وَمَا لَمْ يُحَدَّ، لَنَصَبَ الشَّارِعُ عَلَيْهِ دَلِيلًا وَاضِحًا، وَلَمَّا لَمْ نَجِدْ ذَلِكَ كَذَلِكَ- بَلْ عَلَى خِلَافِهِ- دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْوُقُوفُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمَحْدُودِ، إِلاَّ أَنْ يَتَبَيَّنَ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ مَعْنًى مُرَادٌ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، فَلَا لَوْمَ عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ.لَكِنَّ ذَلِكَ قَلِيلٌ، فَلَيْسَ بِأَصْلٍ، وَإِنَّمَا الْأَصْلُ مَا عَمَّ فِي الْبَابِ وَغَلَبَ عَلَى الْمَوْضِعِ.

18- ثُمَّ قَالَ الشَّاطِبِيُّ: وَأَمَّا إِنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَادَاتِ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْمَعَانِي فَلأُِمُورٍ:

الْأَوَّلُ: الِاسْتِقْرَاءُ، فَنَرَى الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يُمْنَعُ فِي حَالٍ لَا تَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ جَازَ كَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ إِلَى أَجَلٍ: تَمْتَنِعُ فِي الْمُبَايَعَةِ، وَيَجُوزُ فِي الْقَرْضِ.وَكَبَيْعِ الرُّطَبِ مِنْ جِنْسٍ بِيَابِسِهِ.يَمْتَنِعُ حَيْثُ يَكُونُ مُجَرَّدَ غَرَرٍ وَرِبًا مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَيَجُوزُ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ (كَمَا فِي تَمْرِ الْعَرَايَا أُبِيحَ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ تَوْسِعَةً عَلَى النَّاسِ)، وَلِتَعْلِيلِ النُّصُوصِ أَحْكَامُ الْعَادَاتِ بِالْمَصْلَحَةِ كَمَا فِي قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} وَفِي آيَةِ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} وَفِي حَدِيثٍ: «لَا يَقْضِي الْقَاضِي بَيْنَ اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَانُ» وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَالثَّانِي: أَنَّ أَكْثَرَ مَا عَلَّلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْعَادَاتِ بِالْمُنَاسِبِ الَّذِي إِذَا عُرِضَ عَلَى الْعُقُولِ تَلَقَّتْهُ بِالْقَبُولِ، فَفَهِمْنَا مِنْ ذَلِكَ أَنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ فِيهَا اتِّبَاعُ الْمَعَانِي، لَا الْوُقُوفُ مَعَ النُّصُوصِ.بِخِلَافِ الْعِبَادَاتِ، فَإِنَّ الْمَعْلُومَ فِيهَا خِلَافُ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا تَوَسَّعَ مَالِكٌ حَتَّى قَالَ بِقَاعِدَةِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَالِاسْتِحْسَانِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الِالْتِفَاتَ إِلَى الْمَعَانِي فِي أُمُورِ الْعَادَاتِ كَانَ مَعْلُومًا فِي الْفَتَرَاتِ، وَاعْتَمَدَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ، حَتَّى جَرَتْ بِذَلِكَ مَصَالِحُهُمْ، سَوَاءٌ أَهْلُ الْحِكْمَةِ الْفَلْسَفِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ.إِلاَّ أَنَّهُمْ قَصَّرُوا فِي جُمْلَةٍ مِنَ التَّفَاصِيلِ، فَجَاءَتِ الشَّرِيعَةُ لِتُتَمِّمَ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ.وَمِنْ هُنَا أَقَرَّتِ الشَّرِيعَةُ جُمْلَةً مِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، كَالدِّيَةِ، وَالْقَسَامَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَكِسْوَةِ الْكَعْبَةِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْ مَحَاسِنِ الْعَوَائِدِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ الَّتِي تَقْبَلُهَا الْعُقُولُ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


5-لسان العرب (عذر)

وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَالْمُلْقِياتِ ذِكْرًا عُذْرًا أَوْ نُذْرًا}؛ فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: العُذْرُ والنُّذْر وَاحِدٌ، قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ يُثَقِّل، قَالَ أَبو جَعْفَرٍ: مَن ثَقَّل أَراد عُذْرًا أَو نُذْرًا، كَمَا تَقُولُ رُسُل فِي رُسْل؛ وَقَالَ الأَزهري فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {عُذْرًا أَوْ نُذْرًا، فِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ فالمُلْقِيات ذِكْرًا للإِعْذار والإِنذار، وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنهما نُصِبَا عَلَى الْبَدَلِ مِنْ قَوْلِهِ ذِكْرًا، وَفِيهِ وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَن تنصِبَهما بِقَوْلِهِ ذِكْرًا}؛ الْمَعْنَى فَالْمُلْقِيَاتِ إِن ذَكَرَتْ عُذْرًا أَو نُذْرًا، وَهُمَا اسْمَانِ يَقُومَانِ مَقَامَ الإِعْذار والإِنْذار، وَيَجُوزُ تخفيفُهما وتثقيلُهما معًا.

وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا عاتَبَك عَلَى أَمر قَبْلَ التقدُّم إِليك فِيهِ: وَاللَّهِ مَا استْتَعْذَرْتَ إِليَّ ما اسْتَنْذَرْت أَي لَمْ تُقَدِّمْ إِليَّ المَعْذِرةَ والإِنذارَ.

والاستعذارُ: أَن تَقُولَ لَهُ أَعْذِرْني مِنْكَ.

وحمارٌ عَذَوَّرٌ: واسعُ الْجَوْفِ فحّاشٌ.

والعَذَوَّرُ أَيضًا: السيء الخلُق الشَّدِيدُ النفْس؛ قَالَ الشَّاعِرُ: "" حُلْو حَلال الْمَاءِ غَيْرُ عَذَوّر ""أَي مَاؤُهُ وحوضُه مُبَاحٌ.

ومُلْكٌ عَذَوَّرٌ: وَاسْعٌ عَرِيضٌ، وَقِيلَ شَدِيدٌ؛ قَالَ كَثِيرُ بْنُ سَعْدٍ:

أَرَى خَاليَ اللَّخْمِيَّ نُوحًا يَسُرُّني ***كَرِيمًا، إِذا مَا ذَاحَ مُلْكًا عَذَوَّرا

ذَاحَ وحاذَ: جَمَعَ، وأَصل ذَلِكَ فِي الإِبل.

وعُذْرة: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ؛ وَقَوْلُ زَيْنَبَ بِنْتِ الطَّثَرِيَّةَ تَرْثِي أَخاها يَزِيدَ:

يُعِينُك مَظْلومًا ويُنْجِيك ظَالِمًا، ***وكلُّ الَّذِي حَمَّلْتَه فَهُوَ حامِلُهْ

إِذا نَزلَ الأَضْيافُ كَانَ عَذَوَّرًا ***عَلَى الحَيِّ، حَتَّى تَسْتَقلَّ مَراجِلُه

قَوْلُهُ: وَيُنْجِيكَ ظَالِمًا أَي إِن ظَلَمْتَ فطُولِبْت بظُلْمِكَ حَماكَ ومَنَعَ مِنْكَ.

والعَذوَّر: السَّيِّءُ الْخُلُقِ، وإِنما جعلَتْه عَذوَّرًا لِشِدَّةِ تَهَمُّمِه بأَمر الأَضياف وحِرْصِه عَلَى تَعْجِيلِ قِراهم حَتَّى تَسْتَقِلَّ الْمَرَاجِلُ عَلَى الأَثافيّ.

والمَراجلُ: الْقُدُورُ، واحدها مِرْجَل.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م