نتائج البحث عن (الْأَعَاصِيرُ)
1-العربية المعاصرة (عصر)
عصَرَ يعصُر ويَعصِر، عَصْرًا، فهو عاصِر، والمفعول مَعْصور.* عصَر البرتقالَ ونحوَه: ضغطه واستخرج ما فيه من سائل (عصر الدُّمَّلَ: استخرج مِدَّتَه- عصَر اللَّيمونَ- {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [قرآن]).
* عصَر الثَّوبَ: استخرج ماءه بلَيِّه (عصرَ غسيلًا- لا تكن رطبًا فتُعْصَر ولا يابسًا فتكسر- {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [قرآن]: تنجون من البلاء).
اعتصرَ يعتصر، اعتصارًا، فهو مُعْتَصِر، والمفعول مُعْتَصَر.
* اعتصرَ البرتقالَ ونحوَه: عصرَه؛ ضغطه واستخرج ما فيه من سائل واتّخذَه عصيرًا يُشْرَب (اعتصر عنبًا- {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْتَصِرُونَ} [قرآن]) (*) اعتصر القلقُ قلبَه: اشتدَّ به وأحزنه وأغمَّه- اعتصره الهَمُّ: أضناه، وأنهكه.
* اعتصر الثَّوبَ: عصره؛ استخرج ماءَه بلَيّه.
انعصرَ ينعصر، انعصارًا، فهو مُنْعَصِر.
* انعصر الشَّيءُ: مُطاوع عصَرَ: عُصِرَ، ضُغِط عليه فخرج ما فيه من ماءٍ أو دُهْنٍ أو سائلٍ (انعصرتِ الفاكهةُ- انعصر العنبُ) (*) انعصر فؤادُها حُزْنًا: أي كأنّما ضغطه الحزنُ حتَّى كاد يسيل منه الدَّمُ، مبالغة في تصوير شدّة الحزن.
تعاصرَ يتعاصر، تعاصُرًا، فهو متعاصر.
* تعاصر الشَّخصان: كانا في عصر واحد (تعاصر أحمد شوقي وحافظ إبراهيم).
تعصَّرَ يتعصَّر، تعصُّرًا، فهو مُتَعَصِّر.
* تعصَّر البرتقالُ:
1 - مُطاوع عصَّرَ: ضُغِط حتَّى خرج ما فيه من سائل (تعصَّرتِ الطَّماطمُ) (*) تعصَّر قلبهُ حزنًا: انفطر.
2 - تجدَّد، ماشَى روحَ العصر (تعصَّرت المؤسساتُ الحكوميّةُ- تعصَّرت الأجهزةُ المطبعيّة).
عاصرَ يعاصر، مُعاصرةً، فهو مُعاصِر، والمفعول مُعاصَر.
* عاصَره: عاش معه في عصرٍ واحدٍ، أي في زمن واحد (عاصَرَ الخلفاءُ الرّاشدون النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم- عاصر أحداثًا جسيمة- شاعرٌ معاصرٌ: يعيش في عصرنا) (*) الإنسان المعاصر: الجنس الموجود الآن بعد الفصائل المنقرضة منه.
عصَّرَ يعصِّر، تعصيرًا، فهو معصِّر، والمفعول معصَّر.
* عصَّرَ الثَّوبَ: عصَره مرَّة بعد مرَّة.
* عصَّر المؤسَّسة: جدَّدها وحدَّثها.
إعصار [مفرد]: جمعه أعاصرُ وأعاصيرُ: [في الجغرافيا] منطقة ضغط جوّي منخفض، تتحرّك فيها الرِّياح بشدّة حلزونيًّا نحو مركزها، وتكون عكس اتّجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الشماليّ، بينما تتّفق واتِّجاه عقارب الساعة في نصف الكرة الجنوبي (أعاصيرُ جوّيَّةٌ- {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [قرآن]) (*) إنْ كنت ريحًا فقد لاقيتَ إعصارًا [مثل]: يُضرب للمُدِلّ بنفسه إذا صلِي بنارِ مَنْ هو أدهى منه وأشدّ- زمجرة الأعاصير: عَصْفُها.
عاصرة [مفرد]: جمعه عواصِرُ:
1 - صيغة المؤنَّث لفاعل عصَرَ.
2 - اسم آلة من عصَرَ: آلة تُضغط بها بعض الثِّمار أو بعض البذور الزّيتيّة لاستخراج عصارتها (ارتفع سعر العاصرات الكهربائيّة).
* عَضَلة عاصرة: [في التشريح] حلقة من ألياف عضليَّة تغلق مجرى أو فتحة إذا ما انقبضت.
عُصارة [مفرد]:
1 - عصير، ما يُستخرج من الشَّيء المعصور، ما سال عن العصر (عُصارةُ العنب/البرتقال) (*) عُصارةُ فكرِه: خلاصة ما عنده من أفكار- عُصارةٌ هضميَّةٌ: إفرازات تساعد على الهضم.
2 - ثُفْل، نُفاية ما يُعصَر.
3 - [في الأحياء] أملاح معدنيَّة أو عضويَّة ذائبة في الماء الموجود داخل أنسجة وخلايا النبات.
* العُصارة المعديَّة: [في الطب] سائل يفرزه جدارالمعدة يحوي خمائر وحمض الهيدروكلوريك للهضم.
* العُصارة المعويَّة: سائل حامضيّ التَّركيب، وظيفته متابعة عمل العصارة المعديّة في هضم الطّعام واستخلاص موادّه الغذائيّة.
عَصْر [مفرد]: جمعه أعصُر (لغير المصدر) وعُصُور (لغير المصدر):
1 - مصدر عصَرَ.
2 - وقت في آخر النَّهار إلى ما قبل غروب الشَّمس (وصَل عَصْر اليوم- {وَالْعَصْرِ. إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [قرآن]) (*) صلاة العَصْر: الصَّلاة التي تُؤَدَّى وقت العصر.
3 - مرحلة زمنيّة تُنسب إلى ملك أو دولة، أو إلى تطورات طبيعيّة أو اجتماعيّة أو علميَّة، فيقال عصر هارون الرشيد وعصر الدولة العباسيَّة، وعصر البخار والكهرباء وعصر الذرّة والعصر الحديث (العَصْر العباسيّ/الجليدي- عَصْر الذَرّة/الفضاء- عَصْر الرَّسول صلّى الله عليه وسلّم- هو سابقٌ لعَصْره- عَصْر الظَّلام: فترة قمع وجهل) (*) العَصْر الفضّيّ: فترة من التَّاريخ تتميَّز بمنجزات هامَّة ولكنَّها تُعَدّ ثانويَّة بالنِّسبة لمنجزات العَصْر الذَّهبيّ- تولّى عَصْرُك: أي رهطك وعشيرتك.
4 - [في البيئة والجيولوجيا] مدّة زمنيّة طويلة، تقدَّر بعشرات الملايين من السِّنين، تمتاز بتكوُّن خاصّ لبعض طبقات الأرض، مثل العصر الفحميّ والعصر الطباشيريّ (عصور وُسْطَى: الحقبة الواقعة بين العصور القديمة والأزمنة الحديثة في أوربا- العَصْر الحجريّ/الحديديّ) (*) روح العَصْر: ما يميِّز فترة زمنيّة ما عن غيرها من الفترات- شمس العَصْر: مثل للشيخ المُسِن الذي بلغ ساحل الحياة- عَصْر ذهبيّ: حِقْبة من الزمن تميّزت بالازدهار والمنجزات الثَّقافيّة والعمليَّة.
* العَصْر: اسم سورة من سور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 103 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها ثلاث آيات.
* عَصْر الفضاء: الفترة الممتدَّة بين 1957 وحتَّى وقتنا الحاضر، وفيها تمَّ إرسال مركبات فضائيَّة لتدور في مدار حول الأرض وأُرسلت لاكتشاف الأجسام السَّماويَّة.
عَصْرنَة [مفرد]: جعل الشَّيء عصريًّا متمشِّيًا مع روح العصر، تطوير مؤسّسة أو منظَّمة (يجب علينا عَصْرنَة أفكارنا).
عَصْريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى عَصْر: (مفاهيم/آلات عَصْريَّة).
2 - مصدر صناعيّ من عَصْر: حداثة، ما هو سائر على نهج العصر الحديث (مفاهيم/آلات عَصْريَّة).
عَصَّارة [مفرد]: اسم آلة من عصَرَ: آلةٌ لعَصْر الفواكه أو القصب ونحوه (عصَّارة ليمون/برتقال- انتشرت عصَّارات قصب السُّكَّر الآليّة).
عصير [مفرد]: جمعه عصائر: سائلٌ سُكَّريٌّ يُستخرج من بعض الثّمار عند عَصْرها (عصير ليمون/برتقال/قصب/عنب).
مُعاصَرة [مفرد]:
1 - مصدر عاصرَ (*) المعاصرة حجاب: وجود شخصين متنافسين في عصر واحد يحجب شهادة كلٍّ منهما في الآخر.
2 - حداثة وجدة (دار العلوم تمثِّل الأصالة والمُعاصرة).
* المُعاصَرة: معايشة الحاضر بالوجدان والسُّلوك والإفادة من كلّ منجزاته العلميَّة والفكريَّة وتسخيرها لخدمة الإنسان ورقيّه.
مِعْصَر [مفرد]: جمعه مَعَاصِرُ: اسم آلة من عصَرَ: جهاز تُعصَرُ فيه البذور ونحوها لاستخراج الزَّيت ونحوه منها عن طريق الضَّغط (مِعْصَر زيتون/بذور القطن).
مُعْصِرات [جمع]: مفرده مُعْصِرة: سحائب تجود بالمطر إذ تَعْصُرها الرِّياح {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [قرآن].
مَعْصَرة/مِعْصَرة [مفرد]: جمعه مَعَاصِرُ:
1 - مصنع لعصر البذور ونحوها لاستخراج ما بها من عصير أو زيت (مَعْصَرةُ العنب/الزيتون- مَعَاصِرُ البذور).
2 - جهاز تُعْصَر فيه البذور وغيرها لاستخراج الزَّيت.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (غبط)
غبَطَ يَغبِط، غَبْطًا، فهو غابِط، والمفعول مَغْبوط.* غبَط فلانًا: تمنَّى مثلَ ما لَه من النعمة من غير أن يحسدَه أو يريدَ زوالَها عنه (يَغبِطه أصحابُه لذكائه- غبَطه على الجائزة- اللهمَّ غَبْطًا لا هبْطًا- فلا تغبَطنَّ المترفين فإنَّهم.. على حسْب ما يكسوهم الدّهر يسلبُ- فَأَقُومُ عَنْ يَمِينِهِ مَقَامًا لاَ يَقُومُهُ أَحَدٌ غَيْرِي يَغْبِطُنِي بِهِ الأَوَّلُونَ وَالآخِرُونَ) [حديث].
غبِطَ يَغبَط، غَبْطًا، فهو غابِط، والمفعول مَغْبوط.
* غبِطَ فلانًا: غبَطَه، تمنَّى مثلَ ما عنده مِن النِّعمة دون أن يحسدَه أو يريدَ زوالَها عنه (يغبَطه زملاؤه المقرَّبون إليه على منصبه الجديد).
غُبِطَ يُغبَط، غِبطةً، والمفعول مَغْبوط.
* غُبِط الرّجُلُ: ابتهج، حَسُنت حالُه (غُبِط بعد عودته من السَّفر- مغبوط بنجاح ابنه- هذا خبرٌ وجدت به غِبْطة).
اغتبطَ/اغتبطَ ب يغتبط، اغتباطًا، فهو مُغتبِط، والمفعول مغتبَط به.
* اغتبطَ الشَّخصُ/اغتبطَ الشَّخصُ بالشَّيء: فرِحَ، حسُنَت حالُه وكانَ في مَسرَّة (اغتُبِط بنجاحه/بشفائه من مرضه/بفوز فريقه- إنِّي مُغتبِط برؤيتك- اغتبط عندما شاهد السيّارة الجديدة- وبينما المرءُ في الأحياء مغتبط.. إذ صار في الرَّمْسِ تعفوه الأعاصيرُ).
اغتُبِطَ يُغتبَط، اغتباطًا، والمفعول مُغْتَبَط.
* اغْتُبِطَ الشَّخصُ: اغَتَبط، حسُنت حالُه وكان في مَسرَّة (اغُتبِط بنجاح ابنه).
غَبْط [مفرد]: مصدر غبَطَ وغبِطَ.
غِبْطة [مفرد]: جمعه غِبْطات (لغير المصدر):
1 - مصدر غُبِطَ.
2 - حُسن الحال، مسرّة، رضا تامّ دائم (بدا في منتهى الغِبْطة) (*) صاحبُ الغِبْطة: لقبٌ للبطريرك.
3 - أن يتمنّى المرءُ مثلَ ما للمغبوط من نعمة من غير إرادة زوالها عنه (الغِبْطة محمودة وأمّا الحسد فمذموم).
غَبِيط [مفرد]: جمعه غُبُط:
1 - هودج، ما يوضع على ظهر البعير، لتركب المرأة فيه، كالرَّحل للرَّجل (قد مال الغَبيطُ بنا معًا).
2 - وعاء ذو عِدْلين كالخُرج، يوضع فيه الترابُ أو السَّمادُ، تحمله الدَّابّة إلى الحقل أو منه (لم يقوَ الحمارُ على حمل الغبيط لثقله).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-شمس العلوم (الإعصار)
الكلمة: الإعصار. الجذر: عصر. الوزن: إِفْعَال.[الإعصار]: ريح ترتفع في الهواء ويسطع غبارها، قال الله تعالى: {فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ} ويقال في المثل: «إن كنت ريحًا فقد صادفت إعصارًا».
يضرب مثلًا للرجل الجلد يوافق من هو أجلد منه.
والجميع: الأعاصير.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
4-شمس العلوم (الإعصار)
الكلمة: الإعصار. الجذر: عصر. الوزن: الْإِفْعَال.[الإعصار]: أعصرت الجارية: إذا حاضت، قال:
جاريةٌ بسفوانَ دارُها *** قد أعْصرتْ أو قد دنا إعصارُها
وفي حديث ابن عباس: «كان دحيةُ إذا قدم لم تبق معصر إلّا خرجت تنظر إليه» يعني لجَمالِه.
والمعصرات: السحاب تعتصر بالمطر.
وقيل: هي الكثيرات المطر.
وقيل هي ذوات الأعاصير، قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجًا}.
ويقال: أعصرت الريح: إذا أثارت التراب.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
5-تغير المناخ (حركة دوران هادلي)
حركة دوران هادلي: خلية انقلابية مباشرة في الغلاف الجوي مدفوعة حراريًا تتألف من تدفق قطبي الاتجاه في طبقة التروبوسفير العليا، وتجعل الهواء ينخسف داخل الأعاصير المضادة شبه الاستوائية، وهي تدفق عائد كجزء من الرياح التجارية القريبة من السطح مصحوب بارتفاع الهواء قرب خط الاستواء فيما يسمى بمنطقة التلاقي المشتركة بين المدارات (الرياح التجارية والتهطال الكثيف).تغير المناخ
6-تغير المناخ (التذبذب الشمال أطلسي)
التذبذب الشمال أطلسي: يتألف التذبذب الشمال أطلسي من تغيرات متعاكسة للضغط البارومتري بالقرب من أيسلندا وبالقرب من جزر الآزور، وبالتالي فإنه يتطابق مع التقلبات في شدة الرياح الغربية الرئيسية العابرة للأطلسي نحو أوروبا، أي التقلبات في الأعاصير الأساسية وما يرتبط بها من أنظمة جبهية. انظر مؤشر التذبذب الشمال أطلسي، الإطار ٣.٤.تغير المناخ
7-البيئة والمناخ (حركة دوران هادلي)
حركة دوران هادلي: خلية انقلابية مباشرة في الغلاف الجوي مدفوعة حراريًا تتألف من تدفق قطبي الاتجاه في طبقة التروبوسفير العليا، وتجعل الهواء ينخسف داخل الأعاصير المضادة شبه الاستوائية، وهي تدفق عائد كجزء من الرياح التجارية القريبة من السطح مصحوب بارتفاع الهواء قرب خط الاستواء فيما يسمى بمنطقة التلاقي المشتركة بين المدارات (الرياح التجارية والتهطال الكثيف).البيئة والمناخ
8-البيئة والمناخ (التذبذب الشمال أطلسي)
التذبذب الشمال أطلسي: يتألف التذبذب الشمال أطلسي من تغيرات متعاكسة للضغط البارومتري بالقرب من أيسلندا وبالقرب من جزر الآزور، وبالتالي فإنه يتطابق مع التقلبات في شدة الرياح الغربية الرئيسية العابرة للأطلسي نحو أوروبا، أي التقلبات في الأعاصير الأساسية وما يرتبط بها من أنظمة جبهية. انظر مؤشر التذبذب الشمال أطلسي، الإطار ٣.٤.البيئة والمناخ
9-معجم متن اللغة (المعصر)
المعصر: الجارية تبلغ عصر شبابها أول ما أدركت وحاضت أو قاربت الحيض ولما تحض ج معاصر ومعاصير.و- من السحب: التي تتحلب بالمطر، ولما تجتمع؛ أو التي آن لها أن تصب؛ أو التي فيها الأعاصير الرهج والغبار.
معجم متن اللغة-أحمد رضا-صدر: 1377هـ/ 1958م
10-جمهرة اللغة (باب فعالى مقصور)
جَدافى، وهي الغنيمة.وخَزازى: جبل معروف.
وخَزالى: موضع.
الدُّهيْدِهِين: تصغير دَهْداه، وهي الإبل الصغار.
وقال مرة أخرى: الدَّهداه: صغار الإبل وحَشْوُها، فكأنه صغَّر الدَّهداه؛ أراد جمعًا غير معلوم.
وقوله:
«تُلْقَى الإوَزُّونَ في أكنافِ دارتِها*** تمشي وبين يديها التِّبن منثـورُ»
يصف امرأةً نزلت في قرية والإوزّ حولها والتِّبن، أي أنها من الحاضر وتركت البادية.
وكذلك البِرَحِين والبِرَحُون، وهي الداهية فتجعله كالمتعجَّب منه.
وقوله:
«وأصبحتِ المذاهب قد أذاعت*** بها الإعصارُ بعد الوابلِينـا»
المذاهب: الطرق؛ وأذاعت: فرَّقت، من قولك: أذعتُ الشيءَ، إذا فرّقته؛ والإعصار: واحد الأعاصير، وهي الريح التي تثور من الأرض فتستطيل في السماء من الأرض كالعِماد.
وإن شئت جعلت الوابلِين الرِّجال الممدوحين تصفهم به لسعة عطائهم؛ وإن شئت جعلته وَبْلًا بعد وَبْل فكان جمعًا لم يُقصد به قصدُ كثرة ولا قِلّة.
وقوله:
«وأيَّةَ بـلـدةٍ إلاّ أتـينــا*** من الأرَضين تَعْلَمُه نزارُ»
فإنه أراد جمعًا غير معلوم، وأمسّه طرفًا من التعجّب.
وأما التثقيل فإنه وجد الأرض مؤنثة، وكان ينبغي للمؤنث أن يُجمع بالتاء ويثقَّل مثل تَمَرات فثُقّل في النون كما ثُقّل في التاء.
وأما قوله له:
«فأصبحتِ النساءُ مسلباتٍ*** لها الوَيْلاتُ يَمْدُدْنَ الثّدِينا»
فإنه كالغلط، شبَّه الثُّديّ بالقُنِيّ، وهذا نوع جُمع بالنون على غير ما فسّرنا، وقد نقصت منه لامه مثل عِزَة وثُبَة، فكرهوا عِزات وثُبات وسِنات فتكون الألف كأنها لام الفعل، وهي ألف الجمع، فجُمع على النون.
واعلم أن النون لا تكون لغير الإنس، فهي إذا كانت جمعًا للمؤنث من غير الناس أبعد فجرّأهم على النون العِلم بالمذهب، وكأنهم طلبوا مذهب فُعول فقيل بالوجهين: بفُعول وبالنون، ويشهد على أنهم أرادوا فُعولًا أنهم كسروا أول الفعل.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
11-جمهرة اللغة (جمع جمع ما كان على أربعة أحرف)
وما كان على أربعة أحرف نحو مِفْتح ومِفتاح فكل ما رأيته يحتمل زيادة ألف وياء ثم جمعته زدت فيه ياءً، نحو قولك: مَفاتح ومَفاتيح.وقد يجيء ما لا يجوز فيه نحو مَعْمَر وجَعْفَر، فالاختيار ألاّ تزيد فيه ياءً، نحو قولك جَعافر ومَعامر، ويجوز أن تزيد فيه ياءً على الاضطرار وفي الشعر فتقول: جَعافير ومَعامير، لأن مَفْعَل ومِفْعَل قريب من السواء.
وما كان على أربعة أحرف جمعته على أفاعل، نحو أحمَر وأحامر، ولا يجوز فيه الزيادة.
وإن قلت أكْرُع وأكارع فهو جمع الجمع، وكذلك لو قلت أجبال وأجابل وأجابيل.
وإذا رأيتَ الجمع علي أفاعيل قضيتَ عليه أن واحدة إفْعيلة وإفْعيل وأُفْعولة وأُفْعول وأُفْعُل وأُفْعال.
وإذا جمعتَ مثال أُضْحِيّة وأُقْضيّة فرأيته ليس بمنسوب جاز فيه التشديد والتخفيف، نحو قولك: أضاحٍ وأضاحيّ، وأمانٍ وأمانيّ.
وإذا رأيته منسوبًا مثل زِرْبِيّة وزَرابيّ شدّدت، وقد يُغلط فيه فيقال: بَخاتٍ وزَرابٍ وبَخاتي.
وأنشد:
«بَخاتي قِطارٍ مدّ أعناقَها السَّفْرُ»
قال أبو بكر: ويروى: السُّفْر، جمع سِفار، وهي الحديدة نحو الحَكَمة على الفرس.
وما كان من الناس جُمع بالواو والنون من الذُّكْران، ومن الإناث بالألف والتاء.
وكذلك ما فَعَلَ فِعْلَ الآدميين، مثل قوله جلّ وعزّ: {رأيتُهم لي ساجدِين}.
وقولهم: لقيت منه البِرَحِين والأَمَرِّين والأقْوَرِين والفِتَكْرِين، فإذا أُريدَ بذلك المبالغة في المدح والذمّ نُقل المؤنث إلى المذكر مثل داهٍ، وإنما أصله داهية ودواهٍ وداهيات فُنقل إلى المذكر للمبالغة، وكذلك المؤنث يُنقل إلى المذكر نحو وهّابة وعلاّمة.
وقوله:
«لا خِمْسَ إلاّ جَنْدَلُ الإحَرِّينْ»
جمع حَرّة، فهذا جمع كالمجهول لم يُنطق بقليله لأنا لم نَجِد جمعًا إلاّ له قلّة وكثرة، حتى يصير إلى المسلمين وما جُمع بالنون فإنه يستوي فيه الكثير والقليل.
وكذلك أطعمَنا مَرَقَةَ مَرَقِين.
ومن ذلك عِشرون جُعل جمعًا لا يقع على شيء بعينه.
وكذلك:
«قد رَوِت إلاّ الدُّهَيْدِهِينا *** قُلَيِّصاتٍ وأُبَيْكِرِينا»
الدُّهيْدِهِين: تصغير دَهْداه، وهي الإبل الصغار.
وقال مرة أخرى: الدَّهداه: صغار الإبل وحَشْوُها، فكأنه صغَر الدَّهداه؛ أراد جمعًا غير معلوم.
وقوله:
«تُلْقَى الإوَزُّونَ في أكنافِ دارتِها*** تمشي وبين يديها التِّبن منثـورُ»
يصف امرأة نزلت في قرية والإوزُّ حولها والتِّبن، أي أنها من الحاضر وتركت البادية.
وكذلك البِرَحِين والبِرَحُون، وهي الداهية فتجعله كالمتعجَّب منه.
وقوله:
«وأصبحتِ المذاهب قد أذاعت*** بها الإعصارُ بعد الوابلِينـا»
المذاهب: الطرق، وأذاعت: فرَّقت، من قولك: أذعتُ الشيءَ، إذا فرّقته؛ والإعصار: واحد الأعاصير، وهي الريح التي تثور من الأرض فتستطيل في السماء من الأرض كالعِماد.
وإن شئت جعلت الوابلِين الرِّجال الممدوحين تصفهم به لسعة عطائهم؛ وإن شئت جعلته وَبْلًا بعد وَبْل فكان جمعًا لم يُقصد به قصدُ كثرة ولا قِلّة.
وقوله:
«وأيَّةَ بـلـدةٍ إلاّ أتـينــا*** من الأرَضين تَعْلَمُه نزارُ»
فإنه أراد جمعًا غير معلوم، وأمسّه طرفًا من التعجّب.
وأما التثقيل فإنه وجد الأرض مؤنثة، وكان ينبغي للمؤنث أن يُجمع بالتاء ويثقَّل مثل تَمَرات فثُقّل في النون كما ثُقّل في التاء.
وأما قوله له:
«فأصبحتِ النساءُ مسلَّباتٍ*** لها الوَيْلاتُ يَمْدُدْنَ الثُّدِينا»
فإنه كالغلط، شبَّه الثُّديّ بالقُنِيّ، وهذا نوع جُمع بالنون على غير ما فسّرنا، وقد نقصت منه لامه مثل عِزَة وثُبَة، فكرهوا عِزات وثُبات وسِنات فتكون الألف كأنها لام الفعل، وهي ألف الجمع، فجُمع على النون.
واعلم أن النون لا تكون لغير الإنس، فهي إذا كانت جمعًا للمؤنث من غير الناس أبعد فجرّأهم على النون العِلم بالمذهب، وكأنهم طلبوا مذهب فُعول فقيل بالوجهين: بفُعول وبالنون، ويشهد على أنهم أرادوا فُعولًا أنهم كسروا أول الفعل.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
12-العباب الزاخر (رمس)
رمسرَمَسْتُ عليه الخَبَرَ أرْمُسُه -بالضم- رَمْسًا: كَتَمْتُه، قال لقيط بن زُرارَة في ابْنَتِه دَخْتَنَوْس وقُتِلَ يَوْمَ جَبَلَة:
«يا لَيتَ شِعري عنكِ دَخْتَنَوْسُ *** إذا أتاكِ الخَبَرُ المَرْموسُ»
«أتَحْلِقُ القرونَ أم تَـمـيس *** لا بَل تَميسُ إنَّها عَـروسُ»
فَجَزَّت قُرونها حينَ بَلَغَها مَهْلِكُ أبيها.
وقال ابن دريد: الرَّمْس: مصدرُ رَمَسْتُه أرْمُسُه رَمْسًا: إذا دَفَنْتَه، وبه سُمِّيَت الرياح رَوَامِس، لأنَّها تَرْمُسُ الآثارَ أي تَدفِنُها، ثم كَثُرَ ذلك في كلامِهِم؛ فسُمِّيَ القبرُ رَمْسًا، والجمع أرماس ورُمُوْس.
وروي أنَّ عُبَيد بن سارِيَة قَدِمَ على معاوية -رضي الله عنه، وكان عَبَيد قد عُمِّرَ ثلاثمائة سنة- فسألَهُ عن أشياء فقال: أعجَبُ ما رَأيتُه أنّي نَزَلتُ بحَيٍ من قُضاعَة، فَخَرَجوا بِجنازَةِ رَجُلٍ من عُذرة يقال له حُرَيث بن جَبَلَة، فَخَرَجْتُ معهم، حتى إذا وارَوه انْتَبَذْتُ جانِبًا من القومِ وعَيْنَايَ تَذْرِفانِ، ثمَّ تَمَثَّلْتُ بأبيات شِعْرٍ كُنتُ رُوِّيْتُها قبل ذلك:
«يا قَلْبُ انَّكَ من أسْمَاءَ مَـغْـرورُ *** اذْكُرْ وهَل يَنْفَعَنْكَ اليومَ تَذكـيرُ»
«قد بُحْتَ بالحُبِّ ما تُخفيه من أحدٍ *** حتى جَرَت بكَ إطلاقًا مَحاضيرُ»
«تَبغي أُمُورًا فما تَدري أعاجِلُهـا *** خَيْرٌ لنفسِكَ أمْ ما فيهِ تـأخـيرُ»
«فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيرًا وارْضَـيَنَّ بـهِ *** فَبينَما العُسْرُ إذا دارَت مَيَاسـيرُ»
«وبينما المَرْءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطـًا *** إذا هوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأعاصيرُ»
«يبكي الغَريبُ عليهِ ليسَ يَعْرِفُـهُ *** وذو قَرابَتِهِ في الحَيِّ مَسـرورُ»
«حتى كأن لم يكـن إلاّ تَـذَكُّـرُهُ *** والدَّهْرُ أيَّمـا حـالٍ دَهـارِيْرُ»
فقال رجل إلى جَنبي يَسْمَعُ ما أقول: يا عبد اللهِ من قائِلُ هذه الأبيات؟ قلتُ: والذي أحلِفُ بِهِ ما أدري؛ قد رُوِّيْتُها مُنذُ زمانٍ، قال: قائلها هذا الذي دَفَناه آنِفًا؛ وانَّ هذا ذو قرابَتِهِ أسَرّ النّاسَ بِمَوتِهِ وانَّكَ الغريبُ الذي وَصَفَ تبكي عليه. فَعَجِبْتُ لِما ذَكَرَ في شِعرِهِ والدي صارَ إليه من قولِه، كأنَّه كان يَنظُرُ إلى قَبْرِه، فقُلتُ: إنَّ البَلاءَ مُوَكَّلٌ بالمَنْطِقِ. وأنشَدَ المَرْزُبانيُّ الأبياتَ في رِواية أبي عُيَيْنَهَ المُهَلَّبي، ورَواها غيرُه لعُشٍ العُذْريِّ.
والرَّمْسُ -أيضًا-: تُراب القَبْرِ، وهو في الأصل مَصدَر.
والمَرمَس: موضع القبر، قال:
«خَفْضٍ مَرْمَسي أو فـي يَفَـاعٍ *** تُصَوِّتُ هامَتي في رأْسِ قَبْري»
وقال ابن دريد: المَرْمَس: القبر بعينه، وأنشد:
«وخَليلي في مَرْمَسٍ مدفونُ»
وقال ابنُ شُمَيل: إذا كان القبر مدمومًا مع الأرض فهو الرَّمْس، أي مُستَوياُ مع وجه الأرض، فإذا رُفِعَ عن وجه الأرض في السماء فلا يقال له رَمْس.
وقال ابن دريد: الرياح الرَّوامِس والرّامِسات: دوافِن الآثار، يقال: رَمَسَتِ الرِّياح الآثار: إذا دَفَنَتها، قال ذو الرُّمَّة:
«ألَم تَسألِ اليومَ الـرُّسُـوم الـدَّوارِس *** بِحُزْوى وهل تَدري القِفَارُ البَسابِس»
«متى العَهْدُ مِمَّن حَلَّها أو كم انقضـى *** من الدَّهرِ مُذْ جَرَّت عليها الرَّوامِس»
وقال النابغة الذبياني:
«كأنَّ مَجَرّ الرّامِساتِ ذُيُولُها *** عليهِ قَضِيمٌ نَمَّقَتْهُ الصَّوَانِع»
وقال ابن شُمَيل: الرَّوامِس: الطَّير التي تطيرُ بالليل، قال: وكلُّ دابَّةٍ تخرُجُ بالليل فهيَ رامِسٌ تَرْمُسُ الآثار كما يُرْمَسُ المَيِّت.
وفي حديث الضّحّاك: ارمسوا قبري رَمْسا. والمعنى: النّضهي عن تشهيرِ قبرِه بالرَّفع والتَّسنيم.
وقال ابن عبّاد: الرَّمس: الرمي. يقال: رَمَسْتُه بحجر إذا رَمَيتَه به.
والتَّرْمُسُ: وادٍ لِبَني أُسَيِّد، قال المرّار بن سعيد الفَقْعَسِيُّ:
«وكأنَّ أرْحُلَنا بِوَهْدٍ مُـعْـشِـبِ *** بِمَنَا عُنَيْزَةَ من مَفِيْضِ التَّرْمُسِ»
والارتِماس: الاغتِماس، ومنه حديث عامِر بن شَرَاحيل الشَّعبِيّ: إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أجْزَأهُ عن الغُسْل من الجَنَابَة. وعنه أيضًا: أنَّه كَرِهَ للصّائِم أن يَرْتَمِسَ.
والتركيب يدل على تغطية وسَتْر.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
13-العباب الزاخر (عوط)
عُوْطِفإنْ لم تحملِ السّنةَ المقبِلةَ أيضًا: فهي عائطُ عيطُ وعائطُ عوُطٍ وعوْططٍ وحائلُ حُولٍ وحوْللٍ، يقالُ منه: عاطتش النّاقةُ تعوطُ، قال:
«يرَعنْ إلى صوْتي إذا ما سَمعـتـهُ *** كما يرَْعوي عيْطَ إلى صوتِ أعْيسا»
وقال أبو عبيدٍ: بعضهم يجعلُ عوْططًا مصدرًا ولا يجعلهُ جمْعًا وكذلك حُوْللّ. وقال الأصمعيّ: العُوْاطط -بضمتينّ-: لغةَ في العوْططِ فيمن جعلهُ مصدارًا.
وقال ابن دريدٍ: الأعْوطُ: اسْمّ.
«إن يُغْبطُوا يهبِطُوا وإن اِمرُؤا *** يوْمًا يِصيْروا للهُلْك والنَّكدِ»
ويروى: "للنَّفَد" وهبط: لازم ومتعد.
وقال ابن بزرج: غبط يغبطُ -مثال سمع يسمع-: لغة فيه.
وقال ابن عباد: الغبطة -بالضم-: من سُيُور المزادة؛ سير مثل الشراك يجعل على أطراف الأديُميين ثم يخرزُ شديدًا.
وقال ابن دريد: سماء غبطى -مثال جمزى-: إذا أغبطت في السحاب يومين أو ثلاثة.
والغبيُط: الرجل، وهو للنساء يشدُّ عليه الهودج، قال امرؤ القيس:
«تقولُ وقد مال الغبْيُط بـنـا مـعـًا *** عقرْت بعيري يا امرأ القيس فانزل»
والجمعُ: غُبُط، وأنشد ابن فارس للحارث ابن وعلة:
«أم هل تركْتُ نساءَ الحيَّ ضاحيةً *** في باحةِ الدّار يستوْقدْن بالغُبُط»
وقول أبى الصلت الثقفي:
«يرْمُوْن عن عتَلَ كأنها غُـبُـطَّ *** بزَمْخرٍ يُعجلُ المرْميَّ إعجالا»
يعني بالغُبُط: خُشُب الرحال، وشبه القيسي الفارسية بها.
وربما سَّموا الأرض المُطمئنَّة: غبيطًا، وأنشد ابن دريد: وكل غبيْطٍ بالُمغيْرة مُفْعم المغيرة: الخيل التي تغيرُ.
والغبيطُ: أرض لبني يربوعٍ، وسميت بالغبيط لأن وسطها منخفض وطرفاها مرتفعان كهيئة الغبيط وهو الرحل اللطيف، قال امرؤ القيس: وألْقى بصحراء الغبيط بعاعهُ نزول اليماني ذي العياب المحمل ويوم الغبيط -ويقال يوم الغبيطين، وجعلهما أبو أحمد العسكري يومين وموضعين-: من أشهر أيام العرب، ويقال له: يوم غبيط المدرة، قال العوام بن شوذبٍ الشيباني:
«فإن يك في يوم الغَبـيِط مـلامةُ *** فيوْمُ العُظالى كان أخرى وألْوما»
وفي هذا اليوم أسر عتيبةّ بن الحارث بن شهاب بسطام بن قيس ففدى نفسه بأربعمائة ناقةِ، وقال جرير:
«فما شهدتْ يوْم الغبِيِط مُجاشـعُ *** ولا نَقَلان الخيْل من قُلتيْ يُسْرِ»
وقال لبيد -رضي الله عنه-:
«فإن امرءًا يرجو الفلاحَ وقد رأى *** سوامًا وحبًا بالأفاقة جـاهـلُ»
«غداةَ غدوا منها وآزر سـريهـمْ *** مواكبُ تحدى بالغبيط وجاهـلُ»
وأغبطتُ الرحل على ظهر البعير: إذا أدمته ولم تحطه، قال حميد الأرقط يصف جملًا شدنيًا:
«وانتسفَ الجالبَ من أنـدابـه *** إغباطنا ألميس على أصلابه»
وروي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أغبطتْ عليه الحمى في مرضه الذي ماتَ فيه، ويروى: أغمطتْ- بالميم-؛ كقولهم: سبد رأسه وسمده، وقال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمةَ بن عامر بن هرمة يصفُ نفسه:
«ثبت إذا كان الخطيبُ كـأنـه *** شاكٍ يخافُ بكور وردٍ مغبط»
ويروى: "مغبط".
وقال النضرُ: سير مغبط ومغبط: أي دائم، وأنشد الاصمعي: في ظل أجاج المقبظ مغبطه وأغبطت السماءُ: دام مطرها.
وقال الليث: فرس مغبطُ الكاثبة: إذا كانَ مرتفعَ المنسج؛ شبه بصنعة الغبيط، قال لبيد -رضى الله عنه-:
«ساهم الوجـهِ شـديد أسـرة *** مغبطُ الحارك محبوكُ الكفل»
والاغتباط: افتعال من الغبطة، قال عش بن لبيدٍ العذري، ويروى لحريث بن جبلةَ العذري، ورواه المرزباني لجبلة العذري:
«وبينما في الأحياء مغـتـبـطـًا *** إذا هو الرمس تعفوهَ الأعاصير»
ويروى: "مغتبط" أي: هو مغتبط.
وقال الأزهري: يجوز: هو مغتبط -بفتح الباء-، وقد اغتبطه، واغتبط فهو مغتبط.
والاغتباط: التبجح بالحالة الحسنة.
والتركيبُ يدل على دوام الشيء ولزومه؛ وعلى نوعٍ من جس الشيء؛ وعلى نوعٍ من الحسد.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
14-القاموس المحيط (العصقول)
العُصْقولُ: ذَكَرُ الجَرادِ.والعَصاقيلُ: الأَعاصيرُ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
15-المعجم المفصل في النحو العربي (الاسم الموصول)
الاسم الموصولتعريفه: هو اسم غامض مبهم يحتاج دائما في تعيين مدلوله وإيضاح المراد منه إلى ما يزيل إبهامه، أي: يحتاج إلى جملة تسمّى: صلة الموصول. ولا بدّ لهذه الصّلة من ضمير يعود إلى اسم الموصول، أو ما يغني عن الضّمير. وقد تكون الصّلة شبه جملة، وشبه الجملة عادة هو الظّرف والجار والمجرور ويضاف إليه نوع ثالث هو المشتق الذي يكون صلة «أل» الموصولة، التي هي اسم مستقلّ والتي تؤلف مع ما بعدها كلمة واحدة كأنها مركّب مزجي يظهر إعرابه على الجزء الأخير منه. والحقيقة أن هذه الصّلة التي أدخلت في شبه الجملة ليست منها، لأن شبه الجملة نوعان فقط: الظّرف والجار والمجرور. وهذه الجملة أو شبه الجملة توصل باسم الموصول لذلك سمّي موصولا، فهو موصول بها، أو هي موصولة به، وسمّيت الجملة صلة وبها تتعرّف الموصولات الاسميّة. والموصولات قسمان منها ما هو اسميّ وما هو حرفيّ.
أقسام الموصول الاسمي: أسماء الموصول قسمان: خاصّ وعام. فالخاصّ هو ما كان نصا في الدّلالة على بعض الأنواع مقصورا عليه وحده، فمنه ما يختص بالمفرد المذكّر أو بالمفرد المؤنّث، أو بالمثنّى، أو بالجمع. أما العامّ فهو الذي يصلح للأنواع كلّها دون أن يكون مقصورا على بعضها في الدّلالة.
ألفاظ الموصول المختص: أشهر ألفاظ الموصول المختص ثمانية هي:
1 ـ الّذي، ويختص بالمفرد المذكّر العاقل وغير العاقل، وقد يكون مفردا في لفظه جمعا في معناه، كقوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نارًا فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ} فالضّمائر في الكلمات «بنورهم»، و «تركهم»، و «يبصرون» عائدة على «الذي» فلفظه لفظ المفرد ومعناه الجمع، وكقوله تعالى: {وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} فالضّمائر الموجودة في الكلمات «أولئك هم المتقون» عائدة على «الذي» وكلها ضمائر جمع وترجع إلى ما هو بلفظ المفرد.
وقضت قواعد الإملاء أن تكتب كلمة «الذي» و «التي» بلام واحدة وتحذف الثانية، لأن كثرة الاستعمال لا تجعل القارىء يشتبه في حقيقتها.
وتكون هاتان اللّفظتان مبنيّتين دائما على السكون في محلّ رفع، أو نصب، أو جرّ حسب المقتضى.
2 ـ «التي» وتختص بالمفرد المؤنث العاقل وغير العاقل، مثل: «أعجبتني التي رسمت صورة جميلة». الّتي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع فاعل «أعجبتني» ومثل: «التي كتبت المقالة أديبة مشهورة» «التي» اسم موصول في محل رفع مبتدأ. ومثل: «صاحبت التي كتبت المقالة الأدبيّة». «التي» في محل نصب مفعول به.
3 ـ اللّذان: اسم موصول مختص بالمثنّى المذكّر العاقل وغير العاقل، وأصل هذا الاسم هو «الذي» في صورة المفرد، فحذفت منه «الياء» وأضيفت إليه «الألف» و «النونّ» المكسورة في حالة الرّفع، و «الياء» و «النّون» المكسورة في حالتي النّصب والجرّ، مثل: «جاء اللّذان عرفتهما» «اللذان»: اسم موصول مبنيّ على الألف، أو هو مرفوع بالألف لأنه مثنّى، وهو في محلّ رفع فاعل. وجملة «عرفتهما» لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول، ومثل: «مررت باللّذين صادقتهما» «باللذين» «الباء»: حرف جرّ متعلق بـ «مررت» «اللذين»: اسم موصول مبنيّ على «الياء»، أو هو مجرور بالياء لأنه مثنى وهو في محلّ جرّ، ومثل: «صاحبت اللّذين صادفتهما» «اللّذين»: اسم موصول مبني على «الياء» أو منصوب بالياء لأنه مثنّى وهو في محل نصب مفعول به.
ومن جهة الإعراب، من العرب من يبني «اللّذان» على «الألف» و «النون» في حالة الرّفع، وعلى «الياء» و «النون» في حالتي النصب والجرّ لأن مفردها «الذي» مبنيّ دائما ومنهم من يعربها إعراب المثنّى. أمّا «النّون» فمنهم من يتركها مكسورة بدون تشديد فتلفظ: «اللّذان»، ومنهم من يترك «ياء» مفرده وفي التّثنية تصير «اللّذيان»، ففرّقوا بذلك بين تثنية المعرب مثل: «قاضي ـ قاضيان» والمبنيّ فحذفوا «الياء» من آخر «الذي».
ومنهم من يجعل «النّون» مكسورة مع التّشديد وتكون «الياء» مفتوحة في حالتي النّصب والجرّ، فتقول: اللّذانّ اللّذينّ وهذا التّشديد هو تعويض عن «الياء» المحذوفة من صورة المفرد «الذي» عند التّثنية، وأغلب الظّنّ أنّ هذه لغة قبيلتي قيس وتميم، وقد فرّقتا أيضا في التّصغير فقالتا: «اللّذيا واللّتيا»، فأبقوا الأول على فتحه، وزادوا ألفا في الآخر عوضا عن ضمّة التّصغير.
4 ـ اللّتان. اسم موصول مختص بالمثنّى المؤنّث العاقل وغير العاقل، وله أحكام «اللّذان» تماما، ويكتبان بـ «لامين» على اللّفظ الأصل، مثل: «صاحبت اللّتين صادفتهما» اللّتين: اسم موصول مبنيّ على «الياء»، أو منصوب بالياء لأنه مثنّى وهو في محلّ نصب مفعول به. وجملة «صادفتهما» لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول وتتضمن ضميرا يعود إلى «اللّتين»..
وفي لغة بعض العرب تحذف «نون» «اللّذان» و «اللتان»، كقول الشاعر:
«أبني كليب إنّ عمّيّ اللّذا***قتلا الملوك وفكّكا الأغلال»
حيث وردت «اللّذا» اسم موصول مبنيّ على الألف، أو مرفوع بالألف لأنّه مثنّى وهو في محل رفع خبر «إنّ» وجملة «قتلا الملوك»: صلة الموصول. وكقول الشاعر:
«هما اللّتا لو ولدت تميم ***لقيل فخر لهم صميم»
حيث وردت «اللّتا» مبنّي على الألف، أو مرفوع بالألف لأنه مثنّى وهو في محلّ رفع خبر المبتدأ. وقد حذفت منه «النّون»، كما حذفت في البيت السّابق من كلمة «اللّذا».
وهذه لغة بلحارث بن كعب وبعض ربيعة، وهم يحذفون «النّون» في حالة الرّفع فقط، دون حذفها من المثنّى في حالتي النّصب والجرّ.
5 ـ الألى وتكتب مقصورة أو ممدودة «الألاء».
اسم موصول لجمع المذكّر العاقل وغير العاقل، مثل: «أعجبني الألاء كافحوا في سبيل الوطن» «الألاء»: اسم موصول مبنيّ على السكون «الألى» أو على الكسر «الألاء» في محل رفع فاعل ومثل:
«هم الألى وهبوا للمجد أنفسهم ***فما يبالون ما لاقوا إذا حمدوا»
حيث وردت «الألى» مبنيّ على السكون في محلّ رفع خبر المبتدأ.
6 ـ الّذين: اسم موصول لجمع المذكّر السّالم العاقل فقط، مثل: «صاحب الذين هم العقلاء» «الّذين»: اسم موصول مبنيّ على الفتح في محل نصب مفعول به. ومثل: «الذين هم عقلاء محبوبون» «الذين» اسم موصول مبنيّ على الفتح في محل رفع مبتدأ. ومثل: «سلّمت على الذين هم عقلاء»، «الذين» اسم موصول مبنيّ على الفتح في محل جرّ بـ «على» وجملة «هم عقلاء» لا محلّ لها من الإعراب لأنها صلة الموصول.
والملاحظ أن كلمة «الذين» تلزم صورة واحدة في جميع حالاتها، وتكون دائما مبنيّة على الفتح في محلّ رفع، أو نصب، أو جرّ حسب المقتضى. ومن العرب من يرفعها «بالواو والنّون» وينصبها ويجرّها «باليّاء والنّون». فيكتبون: اللّذون بلامين في حالة الرّفع، ومنهم من يكتبها بلام واحدة اتباعا لقاعدة الإملاء الشّائعة، ويكتبون: الذين، فيقولون: «خسر اللّذون أهملوا واجباتهم» «اللّذون»: اسم موصول مرفوع بالواو، أو مبني على «الواو» لأنه جمع مذكر سالم وهو في محل رفع فاعل. ومثل: «رأيت الذين أهملوا واجباتهم خاسرين» «الذين»: اسم موصول مبني على «الياء» أو منصوب بالياء لأنه جمع مذكّر سالم وهو في محل نصب مفعول به. ومنهم من يبنيها على «الواو» في حالة الرّفع، وعلى «الياء» في حالتي النّصب والجرّ، كقول الرّاجز:
نحن الّذون صبحوا الصّباحا
«الّذون»: اسم موصول مبني على «الواو» لأنه جمع مذكر سالم وهو في محل رفع خبر المبتدأ وكتب بـ لام واحدة.
7 ـ اللّات أو اللّاتي: اسم موصول مختصّ بجمع المؤنّث السّالم العاقل وغير العاقل.
8 ـ اللّاء أو اللّائي. اسم موصول مختصّ بجمع المؤنّث السّالم العاقل وغير العاقل. مثل: «امتلأت المكاتب بالكتب اللّات ألّفها المعاصرون». «اللات» أو «اللّاتي»: اسم موصول مبنيّ على الكسر «اللّات» أو على السّكون «اللاتي» في محل جرّ نعت ومثل: «الكتب اللّاء ألّفها القدماء كتبت بالخط اليدوي» «اللاء» أو «اللائي» اسم موصول مبنيّ على الكسر «اللاء» أو على السّكون «اللائي» في محل رفع نعت. ومثل: «اللّاتي ألّفن كتبا في العصر الحديث كثيرات». «اللاتي»: اسم موصول مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ. وكقول الشاعر:
«محا حبّها حبّ الألى كنّ قبلها***وحلّت مكانا لم يكن حلّ من قبل»
في هذا البيت وضعت «الألى» مكان «اللاتي» والتّقدير: حبّ اللاتي... وقد تستعمل «اللّاء» مكان «الذين» أي: ترجع لجمع المذكّر السّالم بدل المؤنث السّالم، كقول الشاعر:
«فما آباؤنا بأمنّ منه ***علينا اللّاء قد مهدوا الحجورا»
وفيه «اللاء» استعملت للمذكّر بمعنى «الذين» والتّقدير: آباؤنا الذين... «اللاء» اسم موصول مبنيّ على الكسر في محل رفع نعت «آباؤنا».
والمعنى: فما آباؤنا الذين مهدوا أمرنا بأكثر منّة وفضلا من هذا الممدوح.
ومن الملاحظ أن كل الألفاظ الخاصة من الموصولات مبدوءة بـ «أل» ولا يمكن الاستغناء عنها، وذلك لإصلاح اللّفظ، وتكلّمته العرب.
ألفاظ الموصول المشترك: الموصول المشترك أو العام يصلح لجميع الأقسام السّابقة دون أن تتغيّر صيغته اللّفظيّة أي: ترتيب حروفه وضبطها.
وهو ستّة أسماء هي: «من»، «ما»، «أيّ»، «أن»، «ذو»، «ذا» وكلّها مبنيّة على السّكون ما عدا «أيّ» فإنها تبنى في حالة واحدة وذلك إذا أضيفت إلى جملة اسميّة المبتدأ فيها محذوف مضمر، وليس بين الأسماء الموصولات المشتركة منها والخاصة ما يجوز إضافته إلا «أيّ». وكلّ هذه الألفاظ مبهمة، والذي يزيل إبهامها هو الضّمير، أو القرينة التي تأتي بعدها.
حكم الأسماء الموصولة المشتركة: لكلّ من الألفاظ المشتركة أحكام خاصّة منها:
1 ـ أحكام «من»: هو اسم موصول لفظه مفرد مذكّر، وقد يخالف لفظه معناه، والأكثر أن يكون الضّمير العائد إليه مفردا مذكّرا مراعاة للّفظ، أو مراعاة للمعنى، كقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ لا يُؤْمِنُ بِهِ} وحيث أتى فاعل «يؤمن» ضمير مستتر تقديره «هو» يعود على «من» ويطابقه في الإفراد والتّذكير ومثله الفعل «يؤمن» في آخر الآية فاعله ضمير مستتر تقديره: «هو» يعود على «من وكقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ} فاعل «يستمعون» هو «واو» الجماعة تدل على جمع مذكّر وتعود على «من» التي هي بلفظ المفرد المذكّر يدلّ على ذلك سياق المعنى، وكقول الشاعر:
«تعال فإن عاهدتني لا تخونني ***نكن مثل من ـ يا ذئب ـ يصطحبان»
حيث أتى فاعل «يصطحبان» ألف المثنّى التي تعود على «من» ويفهم ذلك من المعنى.
وقد اجتمعت مراعاة اللّفظ والمعنى في قوله تعالى: {بَلى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} ففي القسم الأول من الآية تعود الضّمائر كلّها إلى مفرد مذكّر فهي تراعي لفظ «من»، وفي القسم الثّاني من الآية تعود الضّمائر كلّها إلى جمع مذكّر «عليهم يحزنون» مراعاة للمعنى وتستعمل «من» بمعنى: العالم، كقوله تعالى: {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ} وفيها «من» تدل على العالم العاقل. ومثل «خير المحسنين من أعطى بالخفاء» وكقول الشاعر:
«ولا خير فيمن لا يوطّن نفسه ***على نائبات الدّهر حين تنوب»
وفيه استعملت «من» للعاقل.
وتكون «من» للمفرد المذكّر والمؤنث كمثل «شهد من حضر»، أو حضرت، وتكون للمثنّى والجمع المذكّرين والمؤنّثين، مثل: «فاز من تعلّما» أو تعلّمتا» «تعلّما» الألف هي ضمير المثنّى المذكّر الذي يعود على «من» ومثله تعلّمتا: الضمير فيه يعود على مثنّى مؤنث. ومثل: «فاز من تعلّموا» أو «تعلّمن». «تعلّموا»: الضّمير فيها هو «واو» الجماعة الذي يعود على جمع مذكّر المستفاد من كلمة «من». والضّمير «تعلّمن» هو نون الإناث الذي يعود إلى جمع مؤنّث مستفاد من كلمة «من».
وتكون «من» لغير العاقل، وذلك إذا كان الكلام في شيء له أنواع متعدّدة مفصلة بكلمة «من»، كقوله تعالى: {وَاللهُ خَلَقَ كُلَ} شيء {مِنْ ماءٍ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ}، وتكون أيضا لغير العاقل إذا كان من غير العاقل أمر لا يكون إلا من العقلاء، فينزّل منزلتهم، كقول الشاعر:
«أسرب القطا هل من يعير جناحه ***لعلّي إلى من قد هويت أطير»
حيث وردت «من» في هذا البيت ودلّت على غير العاقل، فأطلقه على القطا، والدّليل أنه ناداه فقال: أسرب القطا... ولا يطلب النّداء وإقبال المنادى إلّا من العاقل. وفي الشطر الثاني من البيت استعملت «من» للعاقل: «من هويت» وتكون لغير العاقل، إذا كان في الكلام شيء يعود إلى العاقل وغيره، فيراعى مكان العاقل، مثل: «عجيب أمرك أيّها القمر هل على الأرض من ينكر حسنك»، «من» تدل على كل ما على الأرض من إنسان وغيره، فروعي تغليب العاقل لمكانته. وكقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} وفيها تفيد «من» تغليب العاقل على غيره. وكقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ} وفيها تفيد «من» تغليب العاقل على غيره.
2 ـ أحكام «ما». أكثر ما تستعمل «ما» لغير العاقل وتكون للمفرد المذكّر والمؤنّث مثل: «سرّني ما نوره ساطع» «ما» تفيد المفرد المذكّر بدليل عود الضّمير المفرد المذكّر عليه، وكقوله تعالى: {ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ} وفيها تفيد «ما» المفرد المذكّر. ومثل: «أعجبني ما حوته الكتب» «ما» اسم موصول مبنيّ على السّكون في محل رفع فاعل وجملة «حوته الكتب» لا محل لها من الإعراب لأنها صلة الموصول. وتكون «ما» للمثنّى والجمع المذكّرين والمؤنّثين، مثل: «أعجبني ما هاجروا، أو ما هاجرن» «ما» تفيد جمع المذكّر بدليل عود الضّمير وهو «واو» الجماعة إليها أو عود «نون» الإناث في «هاجرن» إليها.
وقد تكون «ما» للعاقل إذا اختلط العاقل بغيره، وقصد تغليب غير العاقل لكثرته، كقوله تعالى: {سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}.
أو إذا دلّت على ذات العاقل وبعض صفاته معا، مثل: «صاحب ما شئت من الأخيار» أو إذا دلّت على أنواع العاقل، كقوله تعالى: {فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ} أو إذا دلّت على الشّيء المبهم أمره، كقولك حين يبدو شيء لا تتبيّنه: «ما أرى؟ ولا أتبيّن ما أراه» وكقوله تعالى: {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي} وفيها عدم معرفة الجنين أهو ذكر أم أنثى لذلك استعمل اسم الموصول «ما».
عمل «من» و «ما» في غير الموصولات: قد تكون «من» و «ما» من الأسماء الموصولات أو من غيرها. ففي الموصول كقوله تعالى: {وَما عِنْدَ اللهِ باقٍ} وكقوله تعالى: {وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ، } وكقول الشاعر:
«إنّ شرّ النّاس من يبسم لي ***حين ألقاه وإن غبت شتم»
وفيه «من» تدل على المفرد المذكّر العاقل بدليل عود الضّمير عليه في كلمة «ألقاه».
وتصلحان في غير الموصول للاستفهام مثل: ما رأيت؟ من قابلت؟ وتحذف من «ما» الاستفهاميّة ألفها إذا اتصلت بأحد حروف الجرّ، كقول الشاعر:
«إلام الخلف بينكم إلام ***وهذي الضّجّة الكبرى علام»
وفيه «إلام» أصلها «إلى ما» فحذفت الألف من «ما» الاستفهاميّة لأنها اتّصلت بحرف الجرّ «إلى». مثلها «علام» تتألف من «على» و «ما».
ومثل: «فيم تنظر؟» و «بم تتكلّم»؛ وكقوله تعالى: {عَمَّ يَتَساءَلُونَ} ومثل: «لم التكاسل».
وتصلحان كاسم الشرط، مثل: «من أكرمت أكرم» «من» اسم شرط جازم فعلين الأول «أكرمت» ماض، والثاني «أكرم» مضارع ومثل: «ما تعمل أعمل» «ما» اسم شرط جازم فعلين مضارعين هما «تعمل وأعمل». ويصلحان أن يكونا نكرتين بعد «ربّ»، مثل: «ربّ من علّمته ساعدك» ومثل: «ربّ من كرهته نفعك». والغالب في «من» أن يحلّ محلّها كلمة «إنسان»، ولا بدّ أن تكون موصوفة، فإن لم يقع بعدها صفة، فهي نكرة تامّة بمعنى «إنسان» أيضا. والغالب في «ما» أن تكون لغير العاقل ويحلّ محلّها كلمة «شيء»، ولا بدّ أن تكون موصوفة، وإلّا فهي نكرة تامّة.
كقول الشاعر:
«الصّدق أرفع ما اعتزّ الرجال به ***وخير ما عوّد ابنا في الحياة أب»
وتكون نكرة تامة في مثل: «ربّ ما غرّد في الصّباح» أي: ربّ شيء غرّد...
«ما»: في محل رفع مبتدأ وجملة «غرّد» خبره ومثل: «ربّ ما كلّمته اليوم». وقد توصل «ما» النّكرة التّامة مما توصل به «ما» الموصولة أي: ب: «من»، «عن»، «في»، «سيّ»، «نعم» فتصير «ممّا»، و «عمّا» و «فيما»، «سيّما» و «نعمّا».
ملاحظات: وتنفرد «ما» عن «من» بمعان عدّة منها:
1 ـ أن «ما» عاملة النّفي، وهي «ما» الحجازيّة التي تعمل عمل «ليس» أو غير عاملة وهي «ما» التميميّة، مثل: «ما الكسلان محمودا» ومثل: «ما الجهل نافع» «ما» في المثل الأول عاملة عمل ليس.
«الكسلان» اسمها و «محمودا»: خبره وهي «ما» الحجازية وهي في المثل الثاني غير عاملة «الجهل»: مبتدأ مرفوع. «نافع» خبره وهي «ما» التميميّة.
وكقول العرب: «ما ذهب من مالك ما وعظك» «ما» الأولى للنفي دخلت على الجملة الفعليّة «ذهب من مالك»، و «ما» الثانية تصلح أن تكون موصولة، أو نكرة موصوفة والتّقدير: ضياع المال بسبب الإهمال هو الوسيلة النّاجحة لوعظه فكأنّه لم يضيّعه سدى.
2 ـ تكون «ما» اسما للتّعجّب، مثل: «ما أحسن العلم والأدب» «ما» اسم تعجّب مبنيّ على السّكون في محلّ رفع مبتدأ، وجملة «أحسن العلم» خبره.
3 ـ تكون «ما» كافّة أي: تكون حرفا يدخل على العامل النّاسخ فتكفّه عن العمل وهي تدخل على «إنّ»، وأخواتها فيكفّه عن العمل، مثل: {إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ} «إنما» كافّة ومكفوفة أي: هي حرف مشبه بالفعل دخلت عليه «ما» فكّفته عن العمل، وكقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} وكقول الشاعر:
«كأنّما بدر وصيل كثيفة***وكأنّما من عاقل أرمام»
حيث دخلت «ما» على «كأنّما» فكفّتها عن العمل. وهي تدخل على «ليت» فتكفّها عن العمل، وقد تعمل رغم دخول «ما» الكافّة عليها، كقول الشاعر:
«ألا ليتما هذا الحمام لنا***إلى حمامتنا أو نصفه فقد»
حيث دخلت «ما» على «ليت» فإن كفّتها عن العمل تعرب «هذا» مبتدأ و «الحمام» بدل منها مرفوع، و «نصفه» اسم معطوف على «الحمام» مرفوع مثله. وقد لا تكفّها فيكون اسم الإشارة «هذا»: اسم «ليت»، «الحمام»: بدل منصوب، «نصفه» معطوف على «الحمام» منصوب.
وتدخل على «ربّ» و «في» و «كاف» التشبيه فتكفّها عن العمل، مثل: «ربّما أتكلّم» فبطل عمل «ربّ» لذلك دخلت على الفعل. ومثل قول الشاعر:
«ربّما أوفيت في علم ***ترفعن ثوبي شمالات»
حيث دخلت «ما» على «ربّ» فكفّتها عن العمل ودخلت على الجملة الفعليّة ومثل:
«ربّما الجامل المؤبّل فيهم ***وعناجيج بينهنّ المهار»
حيث بطل عمل «ربّ» لدخول «ما» الكافّة عليها بدليل وقوع الاسم المعرفة المبتدأ بعدها.
ولأنّ «ربّ» لا تدخل إلّا على النكرات ودخلت هنا على الجملة الاسمية. ومثل قوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا} حيث بطل عمل «ربّ» لدخول ما عليها فدخلت على المضارع. وهذا قليل. بل ربّما يكون هذا المضارع «يودّ» يقصد به حالة ماضية بطريق التّجوّز، وقد يكون التّقدير: ربّما كان يودّ... فتكون قد دخلت على فعل «كان» الماضي، واسمه ضمير الشأن محذوف وخبره جملة «يود» وقد تدخل «ما» الكافّة على «ربّ» دون أن تكفّها عن العمل، كقول الشاعر:
«ربّما ضربة بسيف ثقيل ***بين بصرى وطعنة نجلاء»
فقد جرّ الاسم «ضربة» بـ «ربّ» رغم دخول «ما» عليها.
ومن دخولها على «الكاف» وعدم بطلان عمل الجرّ في الاسم بعدها، قول الشاعر:
«وننصر مولانا ونعلم أنّه ***كما النّاس مجروم عليه وجارم»
فقد دخلت «ما» على «الكاف» ولم يبطل عملها والاسم بعدها «الناس» مجرور بالكاف، ومثل:
«أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد***كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه»
حيث دخلت «ما» على «الكاف» فكفّتها عن العمل وما بعدها «سيف» مبتدأ مرفوع.
وتدخل «ما» على الأفعال: «كثر»، «قلّ»، «قصر»، «شدّ» فتكفّها عن طلب الفاعل مثل: «قلّما زرتك» قلّما: فعل ماض دخلت عليه «ما» فكفّته عن العمل ولم يعد بحاجة إلى فاعل، ومثل: «كثر ما علّمتك»، ومثل: «قصر ما رأيتك» ومثل: «شدّ ما قاصصتك». وتدخل «ما» على «بين» فتكفّها عن الإضافة إلى ما بعدها، مثل:
«وبينما المرء في الأحياء مغتبط***إذ هو في الرّمس تعفوه الأعاصير»
وفيه دخلت «ما» على الظّرف «بين» فكفّته عن الإضافة إلى ما بعده. والاسم بعده «المرء» مرفوع على أنه مبتدأ، خبره «مغتبط».
4 ـ تكون «ما» حرفا زائدا، أي: لا يتأثّر المعنى بحذفها وذلك يكون:
ا ـ بعد «إذا» الظّرفيّة الشّرطيّة، كقول الشاعر:
«إذا ما غزا بالجيش حلّق فوقه ***عصائب طير تهتدي بعصائب»
ب ـ بعد «إن» الشرطيّة، كقوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ} وفيها «فإمّا» مكوّنة من «إن» الشّرطيّة و «ما» الزّائدة. ولم تتوقف «إن» عن العمل بل جزمت فعلين الأول هو «تثقفنّهم» مضارع مبنيّ لاتصاله بنون التّوكيد في محلّ جزم فعل الشّرط وجوابه «فشرّد بهم» ممّا يلي الآية السّابقة ومثل:
«فإمّا تريني ولي لمّة***فإنّ الحوادث أودى بها»
حيث وردت «فإمّا» المكونة من «إن» الشّرطية و «ما» الزّائدة. إذ أدغمت «النّون» بالميم لتقارب مخارج النّطق، ولتسهيل اللّفظ.
وتزاد «ما» بعد «الكاف» مثل: «تعلمت كما تعلّمك» وكالبيت السّابق وننصر.. وتزاد بعد ربّ كقول الشّاعر السّابق: ربّما ضربة...
وتزاد بعد «الباء» فلا تكفّها عن العمل، كقوله تعالى: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} وكقوله تعالى: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ} وتزاد بعد «من» كقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا} وتزاد بعد «عن» كقوله تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ}.
5 ـ وتكون «ما» مصدريّة ظرفيّة فتسبك مع ما بعدها بظرف ومصدر معا، مثل:
«ترى الناس ما سرنا يسيرون خلفنا***وإن نحن أومأنا إلى النّاس وقفوا»
حيث وردت «ما» مصدريّة ظرفية فتؤوّل مع ما بعدها بمصدر وظرف معا والتّقدير: مدّة سيرنا يسيرون خلفنا. وكقول الشاعر:
«جاء الخلافة أو كانت له قدرا***كما أتى ربّه موسى على قدر»
ومثل:
«وإني لتعروني لذكراك هزّة***كما انتفض العصفور بلّله القطر»
6 ـ وتكون «ما» مصدريّة غير ظرفيّة فتسبك مع ما بعدها بمصدر فقط، مثل: «كوفىء المجتهدون بما اجتهدوا» أي: باجتهادهم.
7 ـ وتكون «ما» مهيّئة للشّرط، فتتصل بكلمة غير شرطيّة فتهيّئها لمعنى الشرط وعمله، كدخولها على «إذ»، و «كيف»، و «أين»، و «حيث» فتصير كلّ منها أداة شرط وتجزم فعلين ونكتبها: «إذ ما»، «كيفما»، «أينما»، «حيثما» مثل:
«إذ ما أتيت على الرّسول فقل له ***حقّا عليك إذا اطمأنّ المجلس»
فوقعت «ما» بعد «إذ» وعملت عمل أداة الشّرط فالفعل «أتيت» هو فعل الشّرط والفعل «فقل» هو جواب الشّرط مقرون «بالفاء» الرّابطة بين فعل الشّرط وجوابه.
8 ـ وتكون «ما» المغيّرة التي تغيّر أداة الشّرط، بدخولها عليها، إلى غير الشّرط، كدخولها على «لو» فتصير «لوما» ويتغيّر عملها ومعناها من الشرط إلى التّحضيض، كقوله تعالى: {لَوْ ما تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ} حيث أتت «لوما» للتّحضيض ودخلت على الجملة الفعليّة الماضويّة.
9 ـ وتقع «ما» صفة، وتكون للإبهام، ويكون معناها إما التّحقير مثل: «أعط الفقير شيئا ما» أو «التّعظيم، مثل: «لأمر ما أطلقت صفّارات الإنذار» أي: لأمر خطير، فأفادت التّهويل والتّعظيم، ومثل: «اضرب المذنب ضربا ما»، «ما”
تفيد هنا نوعيّة الضّرب لا التّحقير كالمثل الأول ولا التّعظيم كالمثل الثاني.
10 ـ وتكون «ما» للعوض إمّا من فعل، مثل: «إمّا أنت إذا أدب تفتخر» حيث وقعت «ما» عوضا من الفعل «كان» والتّقدير: «لإن كنت». فحذفت «لام» التعليل للتّخفيف وحذفت «كان» وعوّض منها بـ «ما»، وبقي ضمير المخاطب المتّصل بـ «كان» فانفضل بلفظ «أنت». فصار التّقدير «إن ما أنت» فتقلب «النون» «ميما» لتقاربهما في مخارج الصّوت، وتدغم في الميم الثانية وتلفظ: «إمّا أنت».
أو تكون عوضا عن الإضافة في «كيف» و «حيث» و «إذ» فتقطعها عن الإضافة وتحوّلها إلى الشّرط الجازم مثل: «كيفما تتّجه أتّجه» و «حيثما تجلس أجلس» كما تدخل على «سيّ» وتبعدها عن الإضافة، كقول الشاعر:
«ألا ربّ يوم لك منهنّ صالح ***ولا سيّما يوما بدارة جلجل»
وفيه دخلت «ما» على «سيّ» فهي زائدة.
و «سيّ»: اسم «لا» النافية للجنس مبنيّ على الفتح لأنه غير مضاف. «يوما»: تمييز منصوب.
وكلّ هذه الأحكام هي خاصّة بـ «ما» ولا تشاركها «من» في شيء منها.
أحكام أل: تكون «أل» اسم موصول للعاقل، وغير العاقل، للمفرد وغير المفرد، ولا تكون كذلك إلّا إذا دخلت على صفة صريحة تؤلّف مع مرفوعها صلة الموصول. وبذلك تدخل في شبه الجملة الواقعة صلة. ومع أنّ «أل» اسم موصول وتعتبر كلمة مستقلّة إلّا أن الإعراب لا يظهر عليها بل على الصّفة المتّصلة بها، كقول الشاعر:
«الودّ أنت المستحقّة صفوه ***منّي وإن لم أرج منك نوالا»
حيث وردت كلمة «المستحقّة» وقد اتصلت بـ «أل» الموصولة، والمعنى: «التي تستحقين».
«أل»: اسم موصول بمعنى «التي» وهو مع الصفة بعده «المستحقة» بمنزلة الاسم الواحد فكأنهما مركّب مزجي. «المستحقة» خبر المبتدأ «أنت» وكقوله تعالى: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ} وكقوله تعالى: {وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ}.
أحكام ذو: كلمة «ذو» هي بمعنى «الذي» وهي اسم موصول للعاقل وغيره وللمفرد وغيره، مبنيّ دائما على السّكون المقدّر على «الواو»، مثل: «جاء ذو درس»، «ذو»: اسم موصول مبنيّ على السّكون في محلّ رفع فاعل «جاء». وهي هنا بلفظ المفرد المذكّر بدليل عود الضمير المفرد المذكّر عليها في الفعل «درس». ومثل: «ذهب ذو تعلّمت» «ذو» بلفظ المفرد تدلّ على المؤنث بدليل عود الضّمير المفرد المؤنّث عليها في الفعل «تعلمت» ومثل: «فرح ذو نجحا». «ذو» بلفظ المفرد تدلّ على المثنّى المذكّر بدليل ضمير التثّنية العائد عليها في الفعل «نجحا». ومثل: «بكى ذو فشلوا» «ذو» تدل على جمع مذكّر سالم بدليل الضّمير في الفعل «فشلوا». ومثل: «تكلّم ذو تعلّمن»، «ذو» تدلّ على جمع المؤنث بدليل الضّمير العائد عليها في الفعل «تعلّمن»، فهي بلفظ واحد مع المفرد والمثنّى والجمع والتّذكير والتّأنيث، وهي في كلّ ذلك مبنيّة على السّكون.
وقد تعرب، كقول الشاعر:
«فإمّا كرام موسرون لقيتهم ***فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا»
حيث وردت «ذي» اسم موصول مجرور بـ «من» وعلامة جره «الياء». فيكون قد عومل معاملة الأسماء السّتّة التي ترفع بالواو، وتنصب بالألف وتجرّ بالياء. ولفظها على الأغلب يكون مفردا مذكّرا، كقول الشاعر:
«فإنّ الماء ماء أبي وجدّي ***وبئري ذو حفرت وذو طويت»
حيث وردت «ذو» بلفظ المفرد المذكّر لغير العاقل وهي بمعنى المفرد المؤنث والتّقدير وبئري التي حفرتها وطويتها أي: بنيتها بالحجارة.
وكقول الشاعر:
«فقولا لهذا المرء ذو جاء ساعيا***هلمّ فإنّ المشرفيّ الفرائض»
وفيه «ذو» بلفظ المفرد المذكّر وتدلّ على مفرد مذكّر. وهي اسم موصول بمعنى الذي مبنيّ على السّكون في محلّ جرّ نعت للكلمة «المرء».
أمّا معناها فقد يكون غير مفرد مذكر، ويراعى فيه الضّمير العائد إليها كالأمثلة السّابقة ومن العرب من يجعل «واوها»، «ألفا» ويزيد عليها «تاء» التّأنيث فتصير «ذات» وتكون بمعنى «التي» في الدّلالة على المفرد المؤنّث. وممّا تمتاز به «ذات» أنها تدلّ بصيغتها ولفظها ومعناها على المفرد المؤنّث، وبأنها تجمع على «ذوات» جمعا مؤنثا وتكون مبنيّة على الضمّ، وتمتاز أيضا في أنّها تكون مجرّد اسم مستقلّ ومعناه: حقيقة الشيء، وفي النّسب إليها تقول: ذاتيّ باعتبار لفظ ذات، وتقول «ذويّ» باعتبار لفظها الأصلي «ذو» كقول الشاعر:
«جمعتها من أينق موارق ***ذوات ينهضن بغير سائق»
حيث وردت «ذوات» بمعنى «اللّواتي» اسم موصول مبنيّ على الضمّ في محل جرّ صفة لكلمة «أينق» وهي جمع ناقة، نوق، أينق.
أحكام «ذا»: وتكون مثل «ذو» للعاقل وغيره، وللمفرد وغيره، هي من الألفاظ المفردة المذكّرة، مثل: «ماذا وجدته؟» «ما»: اسم استفهام مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ. «ذا»: اسم موصول مبنيّ على السّكون في محل رفع خبر المبتدأ. وجملة «وجدته» صلة الموصول. ومثل: «ماذا وجدتها؟» ومثل: «بماذا واجهتهم؟» ومثل: «ماذا وجدتهن»، ويصحّ وضع «من» مكان «ما»، كقول الشاعر:
«من ذا يعيرك عينه تبكي بها***أرأيت عينا للبكاء تعار»
حيث وضعت «من» مكان «ما» قبل «ذا» وهي هنا تفيد المفرد المذكّر العاقل. ومثل:
«من ذا نواصل إن صرمت حبالنا***أو من نحدّث بعدك الأسرارا»
فكلمة «ما» و «من» كلّ منهما اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ. «ذا» اسم موصول بمعنى «الذي»، أو غيره حسب المقتضى، مبنيّ على السّكون في محل رفع خبر المبتدأ. وإذا كانت «ذا» موصولة يجب أن تكون مسبوقة باسم الاستفهام «ما» لغير العاقل «ومن» للعاقل، وأن تكون «ما» و «من» مستقلّتين بلفظهما ومعناهما وإعرابهما، ولا تركّبان مع «ذا» تركيبا مزجيا
يجعلهما معا كلمة واحدة، إلّا حين تكون «ذا» ملغاة مثل:
«يا خزر تغلب ما ذا بال نسوتكم ***لا يستفقن إلى الدّيرين تحنانا»
والتّقدير: ما بال نسوتكم. «ما» للاستفهام وحدها. و «ذا» ملغاة زائدة لا عمل لها ومثل: «ماذا عشتروت؟» «ما» اسم استفهام مبنيّ على السّكون في محل رفع خبر مقدّم «ذا» زائدة لا عمل لها. «عشتروت»: مبتدأ مؤخّر. ومثل: «من ذا القديم» وإذا كانت «ذا» بمعنى الإشارة فلا تصلح أن تكون موصولة لعدم وجود صلة بعدها وتدخل على المفرد، مثل: «من ذا الأديب؟» «من» اسم استفهام مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ. «ذا» اسم إشارة مبنيّ على السّكون في محل رفع خبر المبتدأ «الأديب» بدل أو نعت أو عطف بيان من اسم الإشارة مرفوع بالضمّة. ومثل ماذا الكتاب؟ «ما»: اسم استفهام مبتدأ. «ذا»: اسم إشارة خبره «الكتاب»: بدل.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
16-المعجم المفصل في النحو العربي (ظن وأخواتها)
ظنّ وأخواتها1 ـ تعريفها: «ظنّ» هي من النّواسخ التي تدخل على المبتدأ والخبر بعد استيفاء فاعلها فتنصبهما مفعولين، وهي وأخواتها كلها أفعال، أو أسماء تعمل عمل الأفعال، وليس بينها حروف، مثل: «ظننتك قادما»، ومثل:
«ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا***فعرّدت فيمن كان عنها معرّدا»
ولا بدّ لكلّ منها من فاعل، ولا يغني عنه وجود المفعولين، أو وجود أحدهما.
2 ـ أقسامها: تقسم هذه الأفعال الى قسمين: أفعال القلوب، وأفعال التحويل. ولكل منها معان خاصّة تميزها عن سواها.
1 ـ سمّيت أفعال القلوب بهذا الاسم لأن معناها قائم بالقلب متّصل به بما يعرف اليوم باسم «المعنى النّفسي» الذي يعنى بالأمور النّفسيّة، أي: الأمور القلبيّة، لأنّ مركزها القلب ومنها: الفرح، الحزن، الفهم، الذّكاء، اليقين، الإنكار، وأفعال القلوب قد يكون معناها، «العلم»، أي: الدّلالة على اليقين والاعتقاد الجازم الذي لا يعارضه دليل آخر يسلم به المتكلّم، وتسمّى أفعال اليقين وأشهرها سبعة هي: «علم»، «رأى»، «وجد»، «درى» «ألفى»، «جعل»، «تعلّم» التي بمعنى «اعلم» كقول الشاعر:
«رأيت الله أكبر كلّ شيء***محاولة وأكثرهم جنودا»
وقد يكون معناها الرّجحان، أو الظنّ، وتفيد تغلّب أحد الدّليلين المتعارضين في أمر، بحيث يصير أقرب إلى اليقين، وتسمّى أفعال الرّجحان وأشهرها ثمانية هي: «ظنّ»، «خال»، «حسب»، «زعم»، «عدّ»، «حجا»، «جعل»، «هب»، مثل:
«لا تحسبنّ الموت موت البلى ***وإنّما الموت سؤال الرّجال»
حيث وردت «تحسبنّ» مضارعا مبنيّا على الفتح لاتصاله بنون التّوكيد، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره «أنت». «الموت»: مفعول به أوّل. «موت» المفعول الثاني.
2 ـ وسمّيت أفعال التّحويل بهذا الاسم، لأنها تدلّ على انتقال الشيء من حالة إلى أخرى تخالفها، وتسمّى أيضا أفعال التّصيير، وهذه الأفعال تنصب مفعولين ليس من الضروري أن يكون أصلهما مبتدأ وخبر، وأشهرها سبعة هي: «صيّر»، «جعل»، «اتّخذ»، «تخذ»، «ترك»، «ودّ»، «وهب»، كقول الشاعر:
«اجعل شعارك رحمة ومودّة***إنّ القلوب مع المودّة تكسب»
حيث ورد الفعل «اجعل» من أفعال التحويل،
فمفعوله الأول «شعارك» والمفعول الثاني «رحمة».
وأفعال القلوب من حيث المعنى والعمل تقسم الى ثلاثة أنواع: منها ما هو لازم، مثل: «فكّر»، «تفكّر»، «حزن»، «جبن»، ومنها ما ينصب مفعولا واحدا، مثل: «خاف» «أحبّ»، «كره» ومنها ما ينصب مفعولين كأفعال التصيير.
3 ـ ملاحظة: إذا كان الفعل «ظنّ» بمعنى «اتّهم» فينصب مفعولا واحدا مثل: «ظننت زيدا» أي اتّهمته.
معاني «ظنّ» الرّجحان واليقين: من أفعال الرّجحان ما يفيد اليقين فينصب مفعولين، ومنها ما يفيد معاني أخرى فينصب مفعولا واحدا، وقد لا ينصبه.
1 ـ «ظن» تفيد رجحان الأمر، كقول الشاعر:
«ظننتك إن شبّت لظى الحرب صاليا***فعرّدت فيمن كان فيها معرّدا»
حيث أتى الفعل «ظننتك» وهو يفيد الرّجحان.
فالكاف مفعوله الأول «صاليا»: مفعوله الثاني.
وتفيد «ظنّ» معنى «اتّهم» فتقول: «سرق مالي وظننت زيدا» أو «وأظنّ زيدا» أي: أتهم زيدا بالسّرقة. وكقوله تعالى: {وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ} بظنين وتفيد «ظنّ» اليقين، كقوله تعالى: {يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ} وكقوله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ} منه {إِلَّا إِلَيْهِ} وفيها «ظنّ» بمعنى اليقين وكذلك في كل ما جاء عن قوله تعالى فهو يدل على اليقين، وكقول الشاعر:
«حسبت التّقى والجود خير تجارة***رباحا إذا ما المرء أصبح ثاقلا»
وفيه «حسبت» بمعنى «ظننت» «التقى»: مفعول به أول. «خير»: مفعوله الثاني. وتأتي «حسب» بمعنى «ظن» في قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ} وكقوله تعالى: {يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} وكقوله تعالى: {وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظًا وَهُمْ رُقُودٌ} وكقول الشاعر:
«لا تحسبنّ الموت موت البلى ***وإنّما الموت سؤال الرّجال»
حيث وردت «تحسبنّ» بمعنى: «تظنّنّ» فنصبت مفعولين الأول الموت والثاني «موت» وكقول الشاعر:
«وكنّا حسبنا كلّ بيضاء شحمة***عشيّة لاقينا جذام وحميرا»
وتأتي «خال» بمعنى «ظن» ومضارعها «إخال» بكسر الهمزة في أوله وهذا مخالف للقياس، ولكنّه متّبع لكثرة السّماع، كقول الشاعر:
«إخالك إن لم تغضض الطّرف ذا هوى ***يسومك ما لا يستطاع من الوجد»
حيث ورد الفعل «إخالك» بلفظ المضارع ففاعل ضمير مستتر تقديره: أنا «والكاف»: مفعول به أول «ذا»: مفعول به ثان منصوب بالألف لأنه من الأسماء السّتّة، ووردت «خال» بلفظ الماضي في قول الشاعر:
«إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنّني ***عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد”
وبنو أسد تفتح همزة المضارع؛ والمصدر من «خال» هو «خيلا» «مخيلة». ومن أمثالهم: «من يسمع يخل». وتأتي «خال» بمعنى «علم»، كقول الشاعر:
«دعاني الغواني عمّهنّ وخلتني ***لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل»
حيث ورد الفعل «خال» بمعنى «علم» وهذا قليل. ونصب الفعل «خال» مفعولين الأول هو «الياء» والثاني هو الجملة الاسمية «لي اسم» وتأتي «زعم» بمعنى «ظنّ» فتنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، كقول الشاعر:
«زعمتني شيخا ولست بشيخ ***إنّما الشيخ من يدبّ دبيبا»
وفي الغالب يتعدّى الفعل «زعم» إلى «أنّ» ومعموليها، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} وفيها «زعم» تعدّى إلى «أن» المخففة من «أنّ» فاسمها ضمير الشأن محذوف وخبرها جملة «لن يبعثوا» و «أن» وما دخلت عليه سدّت مسدّ مفعولي «زعم»، وكقول الشاعر:
«وقد زعمت أنّي تغيّرت بعدها***ومن ذا الذي يا عز لا يتغيّر»
حيث ورد الفعل «زعمت» بمعنى «ظنّت» ودخل على «أنّ» وما بعدها إذ سدّ مسدّ مفعولي «زعم»، وكقول الشاعر:
«فذق هجرها قد كنت تزعم أنّه ***رشاد ألا يا ربّما كذب الزّعم»
وقد تأتي «زعم» بمعنى «اعتقد»، كقوله تعالى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا} والتقدير: اعتقدوا أنهم لن يبعثوا.
وقد تكون «زعم» بمعنى اليقين، ولكن هذا قليل. من ذلك قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو يخاطب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم:
«ودعوتني وزعمت أنّك ناصح ***ولقد صدقت وكنت ثمّ أمينا»
وقد تدل «زعم» على الرّجحان، أو على الشّك وهذا هو الغالب، وقد تفيد «زعم» المعنى الكاذب، مثل: «زعم زيد أن الصدق مضرّ» والتقدير: كذب زيد في قوله... والحقيقة أن القرينة هي التي تدل على المعنى المناسب وقد يكون الفعل «زعم» بمعنى «كفل»، أو «رأس»، أي: شرف وساد، فينصب مفعولا واحدا، أو يتعدّى إلى مفعول واحد بواسطة حرف الجرّ، مثل: «زعم سمير القضيّة» أي: كفل سمير... ومثل: «زعم زيد على رفاقه» أي: ساد.
وقد يكون بمعنى «سمن» أو «هزل»، مثل: «زعم زيد حتى صار كالفيل» أي: سمن. ومثل: «زعم زيد حتى صار كالغزال» أي: هزل فلم ينصب مفعولا به، وتأتي «عدّ» بمعنى «ظنّ»، كقول الشاعر:
«فلا تعدد المولى شريكك في الغنى ***ولكنّما المولى شريكك في العدم»
وقد يكون «عدّ» بمعنى «أحصى» العدد فتنصب مفعولا به واحدا، مثل: «عددت الكتب»، أي: أحصيت عددهم.
وتأتي «حجا» بمعنى «ظنّ» فتنصب مفعولين، مثل: «حجا الطفل الكرة الأرضيّة طابة» أي: ظنّها طابة. «الكرة» المفعول الأول. «طابة» الثاني. وكقول الشاعر:
«قد كنت أحجو أبا عمرو أخا ثقة***حتّى ألمّت بنا يوما ملمّات “
وقد يكون معناها «غلب» أي: غلب في إقامة الحجّة وإظهار البراعة وحدّة الذّكاء في تقديمها، مثل: «زعم سمير أنّ زيدا غائب فحجّيته وأعلمته أنّه حاضر».
وتأتي «حجا» بمعنى «قصد»، مثل: «حجوت زيدا» أي: قصدته، وتأتي أيضا بمعنى «منع»، مثل: «حجوت الطّفل أن يغرق» أي: منعته وتأتي أيضا بمعنى «ردّ»، مثل: «حجوت قول زيد الكاذب وقبلت قوله الصّادق» أي: رددت قول زيد الكاذب. وتأتي «حجا» بمعنى «كتم»، مثل: «حجوت السّرّ» أي: كتمته وبمعنى «ساق»، مثل: «حاجت الرّيح الأوراق المبعثرة» أي: ساقتها. وفي كل هذه المعاني تنصب «حجا» مفعولا واحدا ما عدا حين يكون معناها «ظن» فإنها تنصب مفعولين. وقد تكون لازمة فلا تنصب مفعولا به، وتفيد معنى «أقام»، مثل: «سأزور أخي إذا حجا».
وتأتي «هب» بمعنى «ظنّ» إذا لزمت لفظ الأمر، كقول الشاعر:
«فقلت أجرني أبا خالد***وإلّا فهبني امرءا هالكا»
حيث أتى الفعل «هبني» بلفظ الأمر فنصب مفعولين الأول هو «الياء» والثاني هو «امرءا».
وتأتي «هب» أمرا من الفعل «وهب» أي: فعلا متصرّفا فتنصب مفعولا به واحدا، مثل: «هب المال للمحتاج» أي: امنح؛ وتأتي أمرا من الهيبة، مثل: «هب ربّ العباد في عملك» أي: خف ربّ... وقد تنصب مفعولين بنفسها في أمثلة يجوز محاكاتها، مثل: «انطلق معي أهبك نبلا» أي: أمنحك نبلا. ومن النحاة من يعديها بواسطة حرف الجر فيقول: «وهبت لك ساعة» فعدي الفعل «وهب» بواسطة حرف الجر ويجوز القول: «وهبتك ساعة».
شروط عمل ظن وأخواتها: تنصب «ظن» وأخواتها المبتدأ والخبر مفعولين بخمسة شروط، تشترك بواحد منها مع النواسخ الأخرى، وتنفرد عنها بأربعة شروط.
تشترك «ظنّ» وأخواتها مع باقي النواسخ بأمر واحد هو تنوّع مفعولها الثاني وذلك لأنه خبر في الأصل، والمفعول الثاني كالخبر، قد يكون مفردا، أي: غير جملة ولا شبه جملة، مثل: «علمت الكذب مرضا عضالا». المفعول للأول «الكذب» والمفعول الثاني «مرضا» وهو من قبيل المفرد ويكون المفعول الثاني جملة اسميّة، كقول الشاعر:
«حذار حذار من جشع فإني ***رأيت الناس أجشعها اللّئام»
فالجملة الاسميّة «أجشعها اللئام» مفعول ثان لفعل «رأيت» وكقول الشاعر:
«فهبك عدوي لا صديقي فربّما***رأيت الأعادي يرحمون الأعاديا»
فالمفعول الأول هو «الاعادي» والمفعول الثاني هو جملة «يرحمون الأعاديا» المؤلفة من الفعل والفاعل والمفعول به هي جملة مضارعية وهي المفعول الثاني «لرأيت».
كما يكون أيضا جملة ماضوية، كقول الشاعر:
«وإنّي رأيت النّاس زادت محبّة***إلى النّاس أن لست عليهم بسرمد»
حيث أتى المفعول الثاني هو جملة «زادت محبّة» الماضويّة. وقد يكون شبه جملة مثل:
«رأيت عظمة الخالق في مخلوقاته» فالجار والمجرور مفعوله الثاني ومثل:
«إني إذا خفي الرّجال وجدتني ***كالشّمس لا تخفى بكل مكان»
حيث أتى المفعول الثاني شبه جملة «كالشمس» والمفعول الأول هو «الياء».
ومما تنفرد به «ظنّ» وأخواتها عن النّواسخ أربعة أشياء وتكمن في:
أولا: إعمالها كلّها أي: دخولها على المبتدأ والخبر ونصبهما مفعولين، ولا فرق بين أن يكون الفعل متصرفا، مثل: «علم» و «رأى»، أم غير متصرّف مثل: «هب»، «تعلّم»، كقول الشاعر:
«بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة***ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب»
حيث أتى المفعول الأول لفعل «ترى» هو كلمة «حبّهم». والثاني هو «عارا» ومثل:
«أراهم رفقتي حتى إذا ما***تجافى اللّيل وانخزل انخزالا»
حيث أتى الفعل «أراهم» وقد نصب مفعولين: الأول: الضمير «هم» والثاني الاسم «رفقتي».
ثانيا: تعليق عملها، أي: ابطاله لفظا لا محلّا، وذلك: إذا فصل بينها وبين مفعوليها فاصل مما له حقّ الصّدارة، وهذا الفاصل قد يكون «لام» الابتداء ففي مثل قولك: «علمت العلم نافعا»، تقول: «علمت للعلم نافع» «العلم»: مبتدأ. خبره، «نافع»، والجملة الاسميّة سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد علّق عمل «علمت» فلم تنصب المفعولين مباشرة لأنه فصل بينها وبينهما فاصل هو «لام» الابتداء.
وقد يكون الفاصل أداة استفهام، كالهمزة في قوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ} فقد فصلت همزة الاستفهام بين «أدري» ومفعوليها فعلّق عملها.
وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي عمدة في الجملة، كقوله تعالى: {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى} وفيها علق عمل «نعلم» لأنه فصل بينها وبين معموليها «أيّ» وتعرب مبتدأ، وخبره «أحصى».
وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي فضلة، كقوله تعالى: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} «أيّ»: مفعول مطلق منصوب. وقد يكون الفاصل «لام» القسم، كقول الشاعر:
«ولقد علمت لتأتينّ منيّتي ***إنّ المنايا لا تطيش سهامها»
حيث دخلت «لام» القسم بين الفعل «علمت» ومفعوليها، فلم تنصبهما والجملة «لتأتين منيتي» التي هي جواب القسم سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد يكون الفاصل إحدى أدوات النفي: «ما، لا، إن» فقط كقوله تعالى: {لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ} حيث فصل بين علمت ومفعوليها «ما» النافية. ومثل: «علمت إن زيد قائم» حيث دخلت «إن» على الناسخ «علمت» فعلّق عن العمل. ومثل: «ألفيت لا الكسلان محبوب ولا الكذّاب» دخلت «لا» على معمولي «علمت» ففصلت بينهما وكفت الناسخ عن العمل.
ويصح في التّوابع مراعاة الظّاهر، أي: اللفظ، أو مراعاة المحل، كقول الشاعر: «وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا***ولا موجعات القلب حتّى تولّت»
«موجعات» مفعول به منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، وهو معطوف بالواو على محل الجملة الاسميّة «ما البكا» من الإعراب. ومثل: «علمت للمحبّة خير والبغضاء شرا» فقد عطفت كلمة «البغضاء» على محل جملة «للمحبة خير» التي تقع مفعولا به، ويجوز أن تكون «البغضاء» بالرّفع بالعطف على «المحبة» فترفع مثلها. وقد علّق عمل الناسخ لدخول لام الابتداء بعده. لا يقع التعليق في الأفعال القلبيّة الجامدة مثل: «تعلّم، هب»، ولا في «رأى الحلمية».
ملاحظة: إن التّعليق بالاستفهام لا يقتصر على الفعل القلبي الذي ينصب مفعولين إنّما يتعدّاه الى الفعل القلبي الذي ينصب مفعولا واحدا، مثل: «نسى» و «عرف» مثل:
«ومن أنتمو إنا نسينا من أنتمو***وريحكمو! من أيّ ريح الأعاصير»
ويتعدّاه أيضا الى الفعل القلبيّ اللّازم، مثل: «تفكر»، كقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} فالتعليق هنا عن الجار والمجرور لأنه بمنزلة المفعول به. ويتعدّاه الى الفعل غير القلبيّ، أي الى أفعال لا حصر لها، كقوله تعالى: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} وكقوله تعالى: {يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ} وكقوله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ}.
ثالثا: إلغاء عملها، أي: تعليق العمل لفظا ومحلّا تعليقا جائزا لا واجبا، ولا يصح أن يمتنع العمل عن معمول واحد دون الآخر.
ويمتنع العمل إذا توسّط النّاسخ بين المفعولين بغير فاصل آخر بعده، ويكون للناسخ ثلاث حالات: الأولى: أن يتقدّم عنهما، فيعمل مطلقا أي: ينصب المبتدأ والخبر مفعولين به مثل: «ظننت زيدا مسافرا»، وكقول الشاعر:
«أرجو وآمل أن تدنو مودّتها***وما إخال لدينا منك تنويل»
ففي هذا البيت احتمالات ثلاثة: تقتضي الأولى بإعمال الناسخ «إخال» على تقدير: إخاله لدينا منك تنويل. «فالهاء» ضمير الشأن هو المفعول الأول والجملة الاسميّة «لدينا منك تنويل» هي المفعول الثاني، وتقتضي الثانية بتعليق العمل بتقدير: لام مقدّرة بعده أي: وما إخال للدينا... وتقتضي الثالثة إلغاء عمل الناسخ لتوسّطه بين «ما» النافية والمنفيّ بها.
الثانية: الإلغاء لتوسّطه بين مفعوليه، أو الإعمال، مثل: «زيد ظننت مسافر» حيث ألغى عمل «ظننت» لتوسطه بين مفعوليه، ونعرب «زيد»: مبتدأ. «مسافر»: خبره؛ ومثل:
«أبالأراجيز يا بن اللّؤم توعدني ***وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخور»
وفي هذا البيت ألغي عمل «خلت» لتوسطه بين مفعوليه والأصل: خلت اللّؤم والخور في الأراجيز. «اللؤم»: مفعول به أول: والجار والمجرور مفعوله الثاني. ومثل:
«شجاك أظنّ ربع الظّاعنين ***ولم تعبأ بعذل العاذلينا”
حيث ألغي عمل الناسخ «أظن» لتوسطه بين المفعولين، الأول منهما «ربع» والثاني هو جملة «شجاك».
الثالثة: جواز الإلغاء والإعمال أيضا إذا تأخّر الناسخ عن مفعوليه، مثل: «زيد مسافر ظننت»، أو «زيدا مسافرا ظننت»، وكقول الشاعر:
«هما سيّدانا يزعمان وإنّما***يسوداننا إن أيسرت غنماهما»
حيث ألغي عمل «يزعمان» لتأخره عن مفعوليه، لذلك عادا الى أصلهما ونعرب هما: ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ. «سيدانا» خبره. ولو أعمل الناسخ لقلنا: «يزعمانهما سيّدينا». وكقول الشاعر:
«آت الموت تعلمون فلا ير***هبكم من لظى الحروب اضطرام»
حيث ألغي عمل «تعلمون» لتأخره عن مفعوليه وعادا لأصلهما. ونعرب «آت»: خبر مقدم.
«الموت»: مبتدأ مؤخر.
والتعليق والإلغاء يشتركان في أمور عدّة ويختلفان في أمور أخرى منها:
1 ـ أن التّعليق واجب عند وجود السّبب، أمّا الإلغاء فجائز.
2 ـ تعليق العمل يجري على كلا المفعولين، أو على أحدهما، أما الإلغاء فيجري عليهما معا.
3 ـ يجري التعليق على اللّفظ الظّاهري دون المحلّ، أي: يبقى مفعولا به في المحلّ، والإلغاء لا يكون كذلك، بل يجري على اللّفظ والمحلّ معا.
4 ـ يجوز في توابع التّعليق مراعاة اللّفظ، أو مراعاة الظّاهر فقط.
5 ـ إن التّعليق لا بدّ فيه من تقدّم النّاسخ ووجود فاصل له حق الصّدارة بينه وبين مفعوليه.
أمّا الإلغاء فلا بدّ من توسّط النّاسخ أو تأخّره عن مفعوليه دون حاجة الى فاصل.
رابعا: الاستغناء عن المفعولين إذا دلّت عليهما قرينة، أو الاستغناء عنهما بمصدر مؤوّل، كقوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} وفيه حذف المفعولان، وتقدير هما: تزعمونهم شركائي. وكقول الشاعر:
«بأيّ كتاب أم بأيّة سنة***ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب»
حيث حذف مفعولا الناسخ «تحسب» لأنه دلّت عليهما قرينة. والتقدير: وتحسب حبّهم عارا عليّ. ويجوز حذفهما بدون قرينة تدلّ عليهما، كقوله تعالى: {وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} وكقوله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرى} حيث حذف مفعولا الناسخ في الآيتين على تقدير في الأولى: والله يعلم كرهكم للقتال ومصلحتكم في عاقبة أمركم وأنتم لا تعلمون مصلحتكم وعاقبة أمركم، وفي الثانية: أيرى علم الغيب عنده، وكقوله تعالى: {وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} وفيها حذف المفعولان، والتقدير: وظننتم هلاك النبيّ وهلاك المؤمنين، وهذا من ظن السّوء.
ويمتنع حذف أحد المفعولين إلا في الضرورة الشعريّة، كقول الشاعر:
«ولقد نزلت فلا تظنّي غيره ***مني بمنزلة المحبّ المكرم “
حيث حذف المفعول الثاني وحده للضرورة الشعريّة، والتقدير: تظنّي غيره قائما. ومثل: «علمنا أنّ الصّمت أبلغ من الكلام» أي: علمنا بلاغة الصمت، فالمصدر المؤوّل المثبت، سدّ مسدّ مفعولي «علم» وقد يكون المصدر بعد تأويله منفيا على اعتبار المعنى قبل التأويل منفيّا، كقول الشاعر:
«الله يعلم أنّي لم أقل كذبا***والحقّ عند جميع النّاس مقبول»
والتقدير: والله يعلم عدم كذب قولي، ومثال المصدر المثبت قول الشاعر:
«تودّ عدوي ثم تزعم أنّني ***صديقك إنّ الرأي عنك لعازب»
والتقدير: تزعم صداقتي، وكقول الشاعر:
«إذا القوم قالوا: من فتى؟ خلت أنني ***عنيت فلم أكسل ولم أتبلّد»
والتقدير: خلت دعوتي.
خامسا: وقوع فاعل النواسخ وضميرها الأول ضميرين متصلين متّحدين في المعنى مختلفين في النوع أي: أن يكون صاحب الفاعل هو نفسه صاحب المفعول لكن الأول ضمير رفع والثاني ضمير نصب، مثل: «علمتني مكبّا في تحصيل العلم»، حيث أن «التاء» في «علمتني» هي الفاعل، «والياء»، مفعول به، وهما راجعان الى صاحب واحد هو المتكلم، ومثل: «علمتك زاهدا في الدنيا». حيث أن «التاء» في «علمتك» هي الفاعل. «والكاف» مفعول به وهما يرجعان الى المخاطب نفسه، وكقول الشاعر:
«دعاني الغواني عمّهنّ وخلتني ***لي اسم فلا أدعى به وهو أوّل»
وفيه «التاء» فاعل «خلتني» «والياء» مفعوله وهما يعودان الى المتكلم نفسه؛ وهذا الحكم مما تشترك به أفعال أخرى، مثل: «رأى» الحلميّة والبصريّة و «وجد» بمعنى «لقي»، و «فقد» و «عدم»، مثل: «ذهبت الى المدرسة لأوّل مرّة فرأيتني وحيدا»؛ «رأى»: بمعنى أبصر فاعله «التاء» ومفعوله «الياء» وهما نفس المتكلم، ومثل: «نمت فرأيتني أسبح في بحر من الفضّة» «رأى» الحلميّة، وفي «رأيتني» «التاء» «والياء» يعودان الى المتكلم نفسه. ومثل: «وجدتني أخوض في المشكلات» ومثل: «فقدتني إن ندمت على الصّدق» أي: فقدت نفسي، ومثل: «عدمتني إن غيّرت ثقتي بالأصدقاء» أي: عدمت نفسي.
ويمتنع اتّحاد الفاعل والمفعول به في النواسخ وفي غيرها من الأفعال إذا كان الفاعل ضميرا متصلا مفسّرا بالمفعول به، فلا يصح القول: «سميرا ظنّ نائما»، ولا: «عليا نظر» بمعنى: سميرا ظنّ نفسه، «وعليا ظن نفسه»، لأن مرجع الضمير هو المفعول به، أما إن كان الضمير منفصلا صحّ ذلك، فتقول: «ما ظنّ سميرا نائما إلّا هو»، «وما نظر عليا إلا هو».
ملاحظات:
1 ـ لا يقع التّعليق في الأفعال الجامدة مثل: «تعلّم»، و «هب»، ولا في «رأى» الحلميّة، ولا في أفعال التحويل، مثل: «صيّر»، «ردّ»، «ترك»، «اتّخذ» «تخذ»، «جعل»، «وهب»، وذلك لأن ألفاظ التعليق لا تقع بعد الأفعال الجامدة، ولا بعد أفعال التحويل، ربّما كان السّبب أن هذه الألفاظ لا تقوى على منعها من العمل الظّاهري فكأنّها غير موجودة.
2 ـ إذا كان النّاسخ مؤكّدا بمصدر من لفظه، فلا يجوز الإلغاء، لأن التوكيد يدلّ على الاهتمام
بالعامل، بينما يفيد الإلغاء عدم الاهتمام به فيقع التّعارض، وكذلك إذا أكد الناسخ بضمير يعود الى المصدر المفهوم بقرينة تدلّ عليه، أو باسم إشارة يعود عليه، فلا يصح القول: «الكتاب ظننت ظنا مفيدا» ولا القول: «الباخرة ظننته قصرا» فالهاء ضمير يعود على المصدر والتقدير: ظننت الظنّ؛ ولا القول: «الباخرة زعمت ذاك قصرا» حيث أكد الناسخ باسم الإشارة «ذاك» الذي يعود على المصدر.
3 ـ يمتنع في النّاسخ «تعلّم» أن يكون فاعله ومفعوله ضميرين صاحبهما واحد، ويمتنع ذلك أيضا في الأفعال التي ليست من أفعال القلوب، فلا تقول: «تعلّمتني»، ولا تقول: «ضربتني» بل تقول: «ضربت نفسي».
4 ـ قد يكون المصدر المؤوّل من «أنّ» ومعموليها، مجرورا بباء زائدة ومحله النّصب سادا مسدّ مفعولي النّاسخ، كقول الشاعر:
«زعم الهمام بأنّ فاها بارد***عذب إذا قبّلته قلت ازدد»
وفيه «الباء» حرف جر زائد. و «أنّ» مع معموليها في تأويل مصدر منصوب محلّا على أنه قد سدّ مسدّ مفعولي «زعم» والتقدير: زعم الهمام عذب القبلة. ومثل:
«زعم الغراب بأن رحلتنا غدا***وبذاك تنعاب الغراب الأسود»
فالمصدر المؤوّل من «أنّ رحلتنا غدا» مجرور بالباء الزّائدة ومحله النصب لأنّه سدّ مسدّ مفعولي زعم. والتقدير: زعم الرحلة غدا.
القول بمعنى الظّنّ: قد يأتي القول بمعنى «الظن» أي: الرّجحان، فيصير هو والظن سواء، إلا في اختلاف الحروف الهجائية، فيدخل على المبتدأ والخبر، وينصبهما مفعولين، وتجري عليه أحكام «ظنّ» وأخواتها من التعليق والإلغاء، وحذف المفعولين، أو أحدهما. ويشترط في إجراء القول مجرى الظن شروط عدّة منها:
1 ـ أن يكون «القول» فعلا مضارعا للمخاطب المفرد والمثنّى والجمع المذكّر والمؤنّث.
2 ـ أن يكون مسبوقا بأداة استفهام سواء أكانت الأداة حرفا كقول الشاعر:
«علام تقول الرمح يثقل عاتقي ***إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت»
وفيه ورد فعل القول بلفظ المضارع وتقدمه حرف الاستفهام «م» وكان أصله «ما» حذفت ألفه لأنه سبقه حرف الجر «على» فالقول هنا بمعنى «ظنّ»، أو كانت الأداة اسم استفهام، كقول الشاعر:
«متى تقول القلوص الرّواسما***يدنين أمّ قاسم وقاسما»
وفيه تقول بمعنى «تظنّ» وهو بلفظ المضارع وموجّه للمخاطب وتقدمه اسم استفهام هو «متى».
ويجب ألّا يفصل بين الاستفهام والقول فاصل، لكن يجوز أن يفصل بينهما إما الظرف، مثل:
«أبعد بعد تقول الدار جامعة***شملي بهم، أم تقول البعد محتوما»
حيث فصل بين القول بمعنى الظن وهمزة الاستفهام الظرف «بعد».
أو الجار والمجرور مثل: «أفي أعماق البحار تقول صدفة اللؤلؤ قابعة» حيث فصل بينهما الجار والمجرور «في أعماق» أو معمول القول، كقول الشاعر:
«أجهّالا تقول بني لؤيّ ***لعمر أبيك أم متجاهلينا»
وفيه فصل بين همزة الاستفهام والقول الذي بمعنى الظن معمول القول «أجهالا» والتقدير: أتقول بني لؤيّ جهّالا. أو يكون الفاصل معمول القول إذ لا مانع من الفصل بأكثر من معمول واحد، مثل: «أللحياة تقول العدل مؤمّنا».
فقد فصل بين همزة الاستفهام والقول الذي بمعنى الظن بمعمول معموله والتقدير: أتقول العدل مؤمنا للحياة.
3 ـ أن لا يتعدى بحرف الجر اللّام، لأنه إذا عدّي بلام الجر فلا يكون بمعنى الظن، وإذا اختلّ شرط من هذه الشروط الثلاثة فلا يكون القول بمعنى الظنّ، بل يكون بمعنى النّطق، والجملة بعده في محل نصب مفعول به، وإذا استوفت شروط القول بمعنى الظن تفتح همزة «إنّ» بعده، ومنهم من يجري القول مجرى الظن لمجرّد اقتنائه هذا المعنى، مثل قول الشاعر:
«إذا قلت أني آيب أهل بلدة***وضعت بها عنه الوليّة بالهجر»
ومثل:
«قالت وكنت رجلا فطينا***هذا لعمر الله إسرائينا»
ملاحظة: قد يحذف النّاسخ مع مرفوعه لغرض بلاغيّ مثل: ما ذا تظن؟ فالجواب: المعلم منتظرا في المدرسة. والتقدير: أظنّ المعلم منتظرا.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
17-المعجم المفصل في النحو العربي (ما الزائدة)
ما الزّائدةهي التي تزاد في أربعة مواضع:
الأول: تزاد للتّوكيد، فلا تفيد شيئا غيره ويكون دخولها كخروجها ويكون ذلك قياسا.
1 ـ بعد «إذا» الظّرفية، كقول الشاعر:
«إذا ما أتيت الحارثيّات فانعني ***لهنّ وخبّرهنّ ألّا تلاقيا»
«ما» زائدة بعد «إذا» والتقدير: إذا أتيت.... وكقول الشاعر:
«إذا ما بكى من خلفها انحرفت له ***بشقّ وشقّ عندنا لم يحوّل»
«ما» زائدة بعد «إذا». والتقدير: إذا بكى... وكقول الشاعر:
«إذا ما غزا بالجيش حلّق فوقه ***عصائب طير تهتدي بعصائب»
«ما» زائدة بعد «إذا»، والتّقدير: إذا غزا بالجيش.
2 ـ تزاد «ما» بعد «إن» الشّرطيّة فتقلب «نون» «إن» «ميما» لتقارب المخارج ويدغم المثلان فتلفظ «إمّا». كقوله تعالى: {فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} «فإمّا» أصلها «فإن ما» حيث قلبت النون ميما لتقارب مخرجيهما في النّطق وأدغم المثلان، وكقول الشاعر:
«فإما تريني ولي لمّة***فإنّ الحوادث أودى بها»
والتقدير: «فإن ما»؛ «ما» زائدة بعد «إن» الشّرطيّة.
3 ـ وتزاد ما بعد الكاف، مثل: «أجبت في الامتحان كما إجابتك»، أي: كإجابتك.
4 ـ وتزاد بعد «ليت» كقول الشاعر:
«ألا ليتما هذا الحمام لنا***إلى حمامتنا أو نصفه فقد»
حيث زيدت «ما» بعد «ليت». فإما أن تكفها عن العمل ويرجع ما بعدها الى أصله: مبتدأ وخبر، وإما أن يبقى عملها ولا أثر لدخول «ما» عليها ويكون الإعراب كما يلي: «هذا»: «الهاء» للتنبيه. «ذا»: اسم إشارة مبنيّ على السّكون في محل رفع مبتدأ «إذا اعتبرت «ليت» باطل عملها» أو في محل نصب اسم «ليت» إذا عملت.
«الحمام» بالنصب والرّفع حيث يجوز الوجهان: بدل من «هذا»؛ «لنا»: جار ومجرور خبر «ليت».
5 ـ بعد «ربّ» حرف الجرّ الشّبيه بالزّائد، فإما أن يبطل عمله فيرفع ما بعدها على الابتداء، وإمّا أن يبقى عملها ولا تأثير لدخول «ما» عليها. فمن بطلان عملها، قول الشاعر: «ربّما الجامل المؤبّل فيهم ***وعناجيج بينهنّ المهار»
حيث دخلت «ما» على «ربّ» فكفتها عن العمل، «الجامل»: مبتدأ مرفوع «فيهم» جار ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ المحذوف. ومن بقاء عملها رغم دخول «ما» عليها، قول الشاعر:
«ربما ضربة بسيف صقيل ***بين بصرى وطعنة نجلاء»
6 ـ وتزاد «ما» بين الجار والمجرور كقوله تعالى: {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ} أي: فبرحمة من الله، وكقوله تعالى: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ}.
7 ـ وتزاد سماعا، في مثل قول الشاعر:
«أيا طعنة ما شيخ ***كبير يفن بالي»
والتّقدير: أيا طعنة شيخ كبير...
الثاني: تزاد «ما»، وتكون كافّة ما دخلت عليه عن العمل، ويكون في ما يلي:
1 ـ تدخل على الأحرف المشبّهة بالفعل فتكفّها عن العمل إلا «ليت» فإنها إمّا أن تكفّها عن العمل أو أن يبقى عملها كقول الشاعر:
«ألا ليتما هذا الحمام لنا***إلى حمامتنا أو نصفه فقد»
حيث يجوز أن يبطل عمل «ليت» فتعرب «ذا» مبتدأ «الحمام»: بدل مرفوع وخبره شبه الجملة «لنا». و «نصفه»: يجوز فيها الرّفع والنّصب لأنها معطوفة على «الحمام» ويجوز أن يبقى عملها: فتكون: «ذا» اسم «ليت» «الحمام»: بدل من ذا... وكقوله تعالى: {إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ} حيث بطل عمل «إنّ». «الله»: مبتدأ. «إله»: خبر وكقوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ} حيث بطل عمل «أنّ» لدخول «ما» عليها. «الحياة» مبتدأ «لعب»: خبره. ومثل:
«وكأنّما بدر وصيل كتيفة***وكأنّما من عاقل أرمام»
حيث بطل عمل «كأنّ» لدخول «ما» عليها.
«بدر» مبتدأ مرفوع، «وصيل» خبره. ومثل: «لعلّما الطالب ناجح»، ومثل: «لكنّما الطقس بارد».
2 ـ وتدخل على حروف الجرّ فتكفّها عن العمل، مثل: «ربّ»، «الكاف»، «في»، مثل قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ} حيث بطل عمل «الكاف» الجارّة لدخول «ما» عليها فدخلت على الجملة الفعليّة هداكم، وكقول الشاعر:
«أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد***كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه»
حيث بطل عمل «الكاف» لدخول «ما» عليها.
«سيف» مبتدأ مرفوع. وجملة «لم تخنه» خبره ومثل: «ربّما أنظر في الأمر فيما بعد» فقد بطل عمل «ربّ» لدخول «ما» عليها فدخلت على الجملة الفعليّة وقد تدخل «ما» على «ربّ» فتكفّها عن العمل كالبيت السابق:
«ربّما الجامل المؤبّل فيهم ***وعناجيج بينهنّ المهار”
حيث بطل عمل «ربّ» لدخول «ما» عليها فدخلت على الجملة الاسميّة. «الجامل»: مبتدأ. وشبه الجملة «فيهم» متعلّق بالخبر. وقد تدخل «ما» على «ربّ» دون أن تكفّها عن العمل، كقول الشاعر:
«ربما ضربة بسيف صقيل ***بين بصرى وطعنة نجلاء»
4 ـ تدخل على الأفعال: «كثر»، و «قلّ»، و «قصر» فتكفّها عن طلب الفاعل مثل: «كثر ما زرتك» و «قصر ما لاقيتك» و «قلّ ما تحدثت إليك».
5 ـ وتدخل على الظّرف «بين» فتكفّه عن الإضافة، كقول الشاعر:
«وبينما المرء في الأحياء مغتبط***إذ هو في الرّمس تعفوه الأعاصير»
الثالث: تزاد لتكون مهيّئة، وهي الكافّة لـ «إنّ» وأخواتها و «ربّ» و «في» إذا وليها الفعل. كقوله تعالى: {إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ} وكقوله تعالى: {رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ}. حيث بطل عمل «ربّ» لدخول «ما» عليها فهيّأتها لدخولها على الفعل لذلك سميت «ما» المهيئة وهي في الحقيقة نوع من أنواع «ما» الكافة فكلّ مهيئة كافّة ولا عكس.
الرابع: تكون «ما» نكرة تامّة بمعنى «شيء» وتفيد إمّا التعظيم والتّهويل، كقول الشاعر:
«عزمت على إقامة ذي صباح ***لأمر ما يسوّد من يسود»
أو التّحقير كقولك لمن يفخر بعطاياه: «وهل أعطيت إلا عطية ما». أو التنويع، مثل: «سايرته مسايرة ما».
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
18-معجم البلدان (الثوية)
الثوِيّةُ:بالفتح ثم الكسر، وياء مشددة، ويقال الثوية بلفظ التصغير: موضع قريب من الكوفة، وقيل بالكوفة، وقيل خريبة إلى جانب الحيرة على ساعة منها، ذكر العلماء أنها كانت سجنا للنعمان بن المنذر، كان يحبس بها من أراد قتله، فكان يقال لمن حبس بها ثوى أي أقام، فسميت الثوية بذلك، وقال ابن حبّان: دفن المغيرة بن شعبة بالكوفة بموضع يقال له الثوية، وهناك دفن أبو موسى الأشعري في سنة خمسين وقال عقال يذكر الثوية:
«سقينا عقالا بالثوية شربة، *** فمال بلبّ الكاهليّ عقال»
ولما مات زياد بن أبي سفيان دفن بالثوية، فقال حارثة ابن بدر الغداني يرثيه:
«صلى الإله على قبر وطهّره *** عند الثويّة، يسفي فوقه المور»
«أدّت إليه قريش نعش سيّدها، *** ففيه ما في النّدى، والحزم مقبور»
«أبا المغيرة والدّنيا مغيّرة، *** وإنّ من غرّ بالدنيا لمغرور»
«قد كان عندك للمعروف معرفة، *** وكان عندك للنّكراء تنكير»
«لم يعرف الناس، مذ كفّنت، سيّدهم، *** ولم يجلّ ظلاما عنهم نور»
«والناس بعدك قد خفّت حلومهم، *** كأنما نفخت فيها الأعاصير»
لا لوم على من استخفّه حسن هذا الشعر فأطال من كتبه وقال أبو بكر محمد بن عمر العنبري:
«سل الركب عن ليل الثويّة: من سرى *** أمامهم يحدو بهم وبهم حادي»
وقد ذكرها المتنبي في شعره.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
19-معجم البلدان (ضلع)
ضِلَع:بكسر أوّله، وفتح ثانيه، وآخره عين مهملة، ضلع الرّجام: موضع، بالكسر والجيم، جمع رجم جمع رجمة، بالضم، وهي حجارة ضخام ربما جمعت على القبر يسنم بها، قال أوس بن غلفاء الهجيمي:
«جلبنا الخيل من جنبي رويك *** إلى لجإ إلى ضلع الرّجام»
«بكلّ منفّق الجرذان مجر *** شديد الأسر للأعداء حام»
«أصبنا من أصبنا ثمّ فتنا *** إلى أهل الشّريف إلى شمام»
وضلع القتلى: من أيّام العرب، وضلع بني مالك وضلع بني الشيصبان: في بلاد غني بن أعصر، قال أبو زياد في نوادره: وكانت ضلعان وهما جبلان من جانب الحمى حمى ضرية الذي يلي مهبّ الجنوب واحدهما يسمّى ضلع بني مالك، وبنو مالك بطن من الجنّ وهم مسلمون، والآخر ضلع بني شيصبان، وهم بطن من الجن كفار، وبينهما مسيرة يوم وبينهما واد يقال له التسرير، فأما ضلع بني مالك فيحلّ بها الناس ويصطادون صيدها ويحتلّ بها ويرعى كلؤها، وأما ضلع بني شيصبان فلا يصطاد صيدها ولا يحتلّ بها ولا يرعى كلؤها وربّما مرّ عليها الناس الذين لا يعرفونها فأصابوا من كلئها أو من صيدها فأصاب أنفسهم ومالهم شرّ، ولم يزل الناس يذكرون كفر هؤلاء وإسلام هؤلاء، قال أبو زياد: وكان ما تبين لنا من ذلك أنّه أخبرنا رجل من غنيّ: ولغنيّ ماء إلى جنب ضلع بني مالك على قدر دعوة، قال:
بينما نحن بعد ما غابت الشمس مجتمعون في مسجد صلّينا فيه على الماء فإذا جماعة من رجال ثيابهم بيض قد انحدروا علينا من قبل ضلع بني مالك حتى أتونا وسلّموا علينا، قال: والله ما ننكر من حال الإنس شيئا فيهم كهول قد خضبوا لحاهم بالحنّاء وشباب وبين ذلك، قال: فتقدموا فجلسوا فنسبناهم وما نشكّ أنّهم سائرة من الناس، قال: فقالوا حين نسبناهم لا منكر عليكم نحن جيرانكم بنو مالك أهل هذا الضلع، قال: فقلنا مرحبا بكم وأهلا! قال: فقالوا إنا فزعنا إليكم وأردنا أن تدخلوا معنا في هذا الجهاد، إن هؤلاء الكفار من بني شيصبان لم نزل نغزوهم منذ كان الإسلام ثمّ قد بلغنا أنّهم قد جمعوا لنا وأنّهم يريدون أن يغزونا في بلادنا ونحن نبادرهم قبل أن يقعوا ببلادنا ويقعوا فينا وقد أتيناكم لتعينونا وتشاركونا في الجهاد والأجر، قال: فقال رجلنا وهو محجن، قال أبو زياد: وقد رأيته وأنا غلام، قال: استعينونا على ما أحببتم وعلى ما تعرفون أنّنا مغنون فيه عنكم شيئا فنحن معكم، فقالوا: أعينونا بسلاحكم فلا نريد غيره، قال محجن: نعم وكرامة، قال: فأخذ كلّ رجل منّا كأنّه يأمر ليؤتى بسيفه أو رمحه أو نبله،
قال: فقالوا ألا ائذنوا لنا في سلاحكم ثمّ دعوها على حالها، فأما الرمح فمركوز على قدّام البيت وأما النبل وجفيرها وقوسها فمعلّق بالعمود الواسط من البيت وأمّا كلّ سيف فمحجوز في العكم، فقال لهم محجن: أين ترجوهم أن تلقوهم غدا؟ قالوا: قد أخبرنا أن جيوشهم قد أ
فوقفت وتلك الأعاصير تجيء من قبل ضلع بني شيصبان، قال: فإذا دخلت في جماعة الغبار الذي أرى الكثير فلا أدري ما يصنع، قال: وتخرج تلك الأعاصير من ذلك الغبار وترجع فيه، قال: فوقفت قدر فواق ناقة، قال: والفواق ما بين صلاة الظهر إلى صلاة العصر، قال: وأنا أرى تلك الأعاصير تنقلب بعضها في بعض ثمّ انكشف الغبار والأعاصير تقصد ضلع بني شيصبان، فقلت: هزم أعداء الله، قال: فو الله ما زال ذلك حتى سندت الأعاصير في ضلع بني شيصبان ثمّ رجعت أعاصير كثيرة من عن شمال ويمين ذاهبة قبل ضلع بني مالك، قال: فلم أشكّ أنهم أصحابي، قال: فسرت قصدا حيث كنت أرى الغبار وحيث كنت أرى مستدار الأعاصير فرأيت من الحيّات القتلى أكثر من الكثير، قال:
ثمّ تبعت مجرى الغبار حيث رأيته يعلو نحو ضلع بني شيصبان، قال: فو الله ما زلت أرى الحيّات من مقتول وآخر به حياة حتى انتهيت ورجعت ثمّ انصرفت ولحقت بأصحابي قبل أن تغيب الشمس، قال: فلمّا كانت الساعة التي أتونا فيها البارحة إذ القوم منحدرون من حيث كانوا أتونا البارحة حتى جاءوا فسلّموا ثمّ قالوا: أبشروا فقد أظفرنا الله على أعدائه، لا والله ما قتلناهم منذ كان الإسلام أشدّ من قتل قتلناهم اليوم وانفلت شرذمة قليلة منهم إلى جبلهم وقد ردّ الله عليكم سلاحكم ما زاغ منه شيء، وجزونا خيرا ودعوا لنا ثمّ انصرفوا وما أتونا بسلاح ولا رأيناه معهم، قال: فأصبح والله كلّ شيء من السلاح على حاله الذي كان كالبارحة، ثمّ ذكر أبو زياد أخبارا أخر لبني الشيصبان، اقتنعت بما ذكرته، والله أعلم بصحته وسقمه.
معجم البلدان-شهاب الدين أبو عبدالله ياقوت بن عبدالله الرومي الحموي-توفي: 626هـ/1229م
20-إكمال الإعلام بتثليث الكلام (المعصرة)
المعصرة: الأَرْض الْكَثِيرَة الأعاصير: أَي الزوابع.والمعصرة: الَّتِي يعصر فِيهَا الْعِنَب.
والمعصرة: الملجأة، والممطرة.
إكمال الإعلام بتثليث الكلام-محمد بن عبدالله، ابن مالك الطائي الجياني، أبو عبدالله، جمال الدين-توفي: 672هـ/1273م
21-الغريبين في القرآن والحديث (عصر)
(عصر)قوله تعالى: {وفيه يعصرون} أي يعصرون الزيت، وقيل: معنى يعصرون أي ينجون من الجدب، ويعتصمون بالخصب، يقال: هذا عصره ومعتصره وقد اعتصرت به إذا لجأت إليه واعتصمت به، وقال أبو عبيد: المعتصر الذي يصيب من الشيء يأخذ منه ويحبسه قال: ومنه قوله تعالى: {وفيه يعصرون} ومن قرأ (يعصرون) أي يمطرون، يقال: أعصر القوم إذا مطروا، وفي حديث عمر رضي الله عنه: (يحتصر الوالد على ولده) أي له أن يحبسه عن الإعطاء ومنعه عن ذلك وكل شيء حبسته ومنعته فقد اعتصرته، قال ابن الأعرابي: يعتصر أي يرتجع وفي حديث القاسم بن محمد: (أنه سئل عن العصرة للمرأة، فقال: لا أعلم فيرخص فيها إلا للشيخ المعقوف) قال ابن الأعرابي: العصرة هاهنا منع البنت من التزويج.
يقال: اعتصر فلان فلانا: إذا منعه من حق يجب عليه قال: ومن هذا عصرة الغريم وضغطه وهو أن يمنعه ما عليه، أو يقول: صالحني على كذا أعجله لك إذ ليس لأحد عضل امرأة إلا لشيخ كبير أعقف من شدة الحاجة إلى خدمة البنت.
وفي الحديث: (أنه أمر بلالا بأن يؤذن قبل الفجر ليعتصر معتصرهم) أراد الذي يريد أن يضرب الغائط، وقوله تعالى: {فأصابها إعصار فيه نار} الإعصار ريح عاصف ترفع ترابا إلى السماء وتديره كأنها عمد، والعرب تسميه الزوبعة، ومن أمثالهم: إن كنت ريحا فقد لاقيت إعصارا، يضرب مثلا للرجل
يكون منه الشيء من القدرة فيلقى من هو فوقه، وقوله تعالى: {وأنزلنا من المعصرات} أي سحابات ينعصر منها الماء، فإذا سار به السحاب إلى أن يمطر فقد أعصر، ومنه قيل للجارية إذا حاضت أو لما تحيض معصر، لأنعصار رحمها، ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما: (كان إذا قد
وقال الشاعر:
«ولن يلبث الصعران يوم وليلة *** إذا طلبا أن يدركا ما تيمما»
وفي حديث أبي هريرة: (أن امرأة مرت به مطيبة ولذايلها عصر) قال أبو عبيد: أراد الغبار أنه أثار من سحبها الذيل وهو الإعصار، قال: وتكون العصرة من فوح الطيب فشبهه بما تثير الريح من الأعاصير.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
22-المعجم الغني (زَوابِعُ)
زَوابِعُ- جمع زَوْبَعَة. [زبع]:1- "اِشْتَدَّتِ الزَّوابِعُ": الأَعاصيرُ، أَيْ هَيَجانُ الرِّياحِ.
2- " التَّوابِعُ والزَّوابِعُ": الدَّواهِي والْمَصائِبُ.
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
23-تاج العروس (دهر)
[دهر]: الدَّهْرُ قد يُعدُّ في الأَسماءِ الحُسْنَى، لِمَا وَرَدَ في الحَدِيث الصَّحِيح الذي رَواه أَبو هُرَيْرَةَ يَرْفَعه. قال الله تعالى: «يُؤذِيني ابْنُ آدَمَ، يَسُبُّ الدَّهْرَ، وإِنَّمَا أَنَا الدّهْرُ، أُقِلِّبُ اللَّيْلَ والنَّهَارَ». كما في الصَّحِيحَين وغَيْرِهما. وفي حديثٍ آخرَ: «لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِنَّ الله هو الدَّهْرُ» وفي رواية أُخْرَى: «فإِنّ الدَّهْرَ هو الله تعالى». قال شيخنا: وعَدُّه في الأَسماءِ الحُسْنَى من الغَرَابة بمَكَانٍ مَكِينٍ، وقد رَدَّه الحافِظ ابنُ حَجَر، وتَعَقَّبَه في مَواضِعَ من فَتْحِ البَارِي، وبسَطَه في التفسير وفي الأَدب وفي التوحيد، وأَجاد الكلَام فيه شُرَّاحُ مُسْلِم أَيضًا عِياضٌ والنَّوَوِيّ والقُرْطُبِيُّ وغيرُهُم، وجَمَع كَلامَهم الآبِي في الإِكمال. وقال عِياضٌ: القَوْلُ بأَنَّه من أَسماءِ الله مَرْدُودٌ غَلَطٌ لا يَصِحّ، بل هُو مُدَّةُ زَمَانِ الدُّنْيَا، انتهى.وقال الجوهريّ في مَعنَى: لا تَسُبُّوا الدَّهْرَ؛ أَي ما أَصابَك من الدَّهْر فالله فاعِلُه لَيْس الدَّهْر، فإِذا شتَمْت به الدَّهْرَ فكأَنَّك أَردْتَ به الله؛ لأنهم كانوا يُضِيفون النَّوَازِلَ إِلى الدَّهْرِ، فقيل لهم: لا تَسُبُّوا فاعِلَ ذلك بكم، فإِن ذلِك هُو الله تعالى.
ونقَلَ الأَزهرِيّ عن أَبي عُبَيْد في قوله: «فإِن الله هو الدَّهْر» مِمَّا لا يَنْبَغِي لأَحَد من أَهْلِ الإِسْلام أَن يَجْهَل وَجْهَه، وذلك أَن المُعَطِّلة يَحْتَجُّون به على المُسْلِمِين، قال: ورأَيتُ بعضَ مَنْ يُتَّهم بالزَّنْدَقة والدَّهْرِيّة يَحْتَجُّ بهذا الحديث ويقول: أَلَا تَراه يقول «فإِنَّ الله هُوَ الدَّهْر». قال: فقُلْت: وهل كان أَحَدٌ يَسُبّ الله في آبادِ الدَّهْر. وقد قال الأَعْشى في الجَاهِليّة:
اسْتَأْثَر الله بالوفاءِ وبِالْ *** حَمْد ووَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلَا
قال: وتأْوِيلُه عندي أَنَّ العَرَب كانَ شأْنُها أَن تَذُمَّ الدّهْرَ وتَسُبَّه عند الحوادِثِ والنوازِلِ تَنْزِلُ بهم، من مَوْتٍ أَوْ هَرَمٍ، فيقولون أَصابَتْهُم قَوَارِعُ الدَّهْرِ وحَوادِثُه، وأَبادَهم الدَّهْرُ، فيَجْعَلُون الدَّهْرَ الذي يَفعل ذلك فيَذُمُّونه، وقد ذَكَروا ذلك في أَشْعَارهم، وأَخْبَر الله تعالَى عنهم بذلك في كِتابِه العَزِيز، فنهاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن ذلك وقال: «لا تَسُبُّوا الدّهرَ...» على تأَوِيل لا تَسُبّوا [الدهر] الَّذِي يَفْعَلُ بكُم هذِه الأَشْيَاءَ، فإِنَّكُم إِذا سَبَبْتم فاعِلَهَا فإِنَّمَا يَقَع السَّبُّ على الله، لأَنّه الفاعلُ لها لا الدَّهْر. فَهذا وَجْهُ الحَدِيثِ.
قال الأَزْهَرِيّ: وقد فَسَّر الشَّافِعِيُّ هذا الحديثَ بنَحْوِ ما فَسَّرَه أَبو عُبَيْد، فظَنَنْت أَنَّ أَبَا عُبَيْد حَكَى كلامَه.
وقال المُصَنِّف في البَصَائر: والذي يُحَقِّق هذا الموضِع ويَفْصِل بين الرِّوايَتَيْن هو قوله: «فإِنَّ الدَّهْرَ هو الله»، حَقِيقَتُه: فإِنَّ جالبَ الحوادثِ هُوَ الله لا غَيْرُ، فوضَعَ الدَّهْرَ مَوْضِعَ جالِبِ الحوادثِ، كما تقول: إِنَّ أَبا حَنِيفَة أَبُو يُوسفَ، تُرِيد أَن النِّهَايَة في الفِقْه هو أَبُو يُوسفَ لا غيره.
فتضع أَبا حَنِيفَة مَوْضعَ ذلِك لشُهْرَتِه بالتَّناهِي في فِقْهِ، كما شُهِرَ عندَهم الدَّهْرُ بجَلْبِ الحوادثِ.
ومعنَى الروايَةِ الثانيةِ «إِنَّ الله هُو الدَّهْر»، فإِنَّ اللهَ هو الجالِبُ للحوادثِ لا غَيْرُ، رَدًّا لاعتقادِهِم أَنّ جالبَها الدَّهْرُ، كما إِذا قلتَ: إِنَّ أَبا يُوسفَ أَبو حَنِيفَةَ، كان المعنَى أَنَّه النِّهَايَة في الفِقْه. وقال بعضُهُم: الدَّهْر الثانِي في الحَدِيث غيرُ الأَوّل، وإِنما هو مَصْدَرٌ بمعنَى الفاعلِ، ومَعْنَاه إِنَّ الله هو الدَّهْر؛ أَي المُصرِّف المُدَبِّر المُفِيض لِمَا يَحْدُث، انتهى.
قلتُ: وما ذَكَره من التَّفْصِيل وتأْوِيلِ الرِّوايَتَيْن فهو بعَيْنه نَصُّ كلام الأَزْهَرِيّ في التهذيب، ما عَدا التَّمْثِيل بأَبي يُوسفَ وأَبِي حنيفة. وأَما القَوْلُ الأَخِيرُ الذي عَزَاه لبَعْضهم فقد صَرّحوا به، واستَدَلُّوا بالآيةِ {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآياتِ}، ونسبُوه للراغِب.
وقد عَدَّ المُدَبِّرَ في الأَسماءِ الحسنى الحَاكِمُ والفِرْيَابِيّ مِن رِوَاية عبد العزيز بن الحُصَيْن، كما نقله شيخُنَا عن الفَتْح، ولكن يخالِفُه ما في المُفْردات له بَعْد ذِكْرِ مَعْنَى الدَّهْر تَأْوِيل الحديث بنَحْوٍ من كلامِ الشافعيّ وأَبي عُبَيْد، فليُتَأَمَّل ذلك.
قال شيخُنَا: وكأَنّ المُصَنِّفَ رَحِمه الله قَلَّد في ذلِك الشَّيْخَ مُحْيِىَ الدِّينِ بن عَربِيّ قُدِّسَ سِرُّه، فإِنَّه قال في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات: الدَّهُر من الأَسماءِ الحُسْنَى، كما ورَدَ في الصّحِيح، ولا يُتَوَهَّم من هذا القولِ الزَّمَانُ المعرُوفُ الذي نَعُدُّه من حَرَكَاتِ الأَفْلاكِ ونَتَخَيَّل من ذلِك دَرَجَاتِ الفَلَك التي تَقطَعها الكواكبُ، ذلِك هو الزَّمَان، وكلامُنا إِنَّمَا هو في الاسمِ: الدَّهْرِ، ومَقَاماتِه التي ظهر عنها الزمانُ، انتهى.
ونَقَلَه الشيخُ إِبراهِيم الكُورانيّ شَيْخُ مَشايخنا، ومالَ إِلى تَصْحيحه. قال: فالمحقِّقون من أَهل الكَشْف عَدُّوه من أَسماءِ الله بهذا المَعْنَى، ولا إِشكالَ فيه. وتَغْلِيطُ عِيَاض القائل بأَنه من أَسماءِ الله مَبْنِيٌّ على ما فَسَّرَه به من كَوْنِه مُدَّةَ زَمانِ الدُّنْيَا، ولا شكّ أَنه بهذا المعنَى يُغْلَّط صاحبُه. أَما بالمعنَى اللائقِ كما فَسَّره الشيخُ الأَكبرُ، أَو المُدَبِّر المُصْرِّف، كما فسَّره الراغبُ، فلا إِشكالَ فيه، فالتغليط ليس على إطلاقه.
قال شيخُنَا: وكان الأَشْياخُ يَتوقَّفُون في هذا الكلام بَعْضَ التَّوَقُّفِ لَمَّا عَرَضْته عليهم ويقولون: الإِشارات الكَشْفِيّة لا يُطلَق القَولُ بها في تَفْسِير الأَحادِيثِ الصَّحِيحَة المَشْهُورَة، ولا يُخَالَفُ لأَجلها أَقوالُ أَئِمَّةِ الحديثِ المَشَاهِيرِ، والله أَعلم.
وقيل الدَّهْر: الزّمانُ قَلَّ أَو كَثُر، وهما وَاحدٌ، قاله شَمِرٌ، وأَنشد:
إِنَّ دَهْرًا يَلُفُّ حَبْلِي بجُمْلٍ *** لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسَانِ
وقد عَارَضَه خالِدُ بنُ يَزِيدَ وخَطَّأَه في قَوْلِه: الزّمانُ والدَّهْر واحد، وقال: يَكون الزمانُ شهرَيْن إِلى سِتَّة أَشهُرٍ، والدَّهْرُ لا يَنْقَطع، فهما يَفْتَرِقَانِ، ومثله قال الأَزهريّ.
وقيل: الدَّهْرُ هو الزّمانُ الطَّوِيلُ، قاله الزَّمَخْشَرِيّ.
وإِطلاقُه على القَلِيل مَجازٌ واتِّسَاعٌ، قاله الأَزهريّ.
وفي المصباح: الدَّهْر: يُطلقُ على الأَمَد، هكذا بالمِيمِ في النسخ، وفي الأُصول الصّحيحة الأَبَد بالمُوحَّدَة، ومِثْله في البَصَائر والمِصْباح والمُحْكَم، وزاد في المحكم المَمْدُود، وفي البصائر: لا يَنقطع. وقيل: الدَّهْر: أَلفُ سَنَة. وقال الأَزْهَرِيُّ: الدَّهرُ عند العَرَب يَقَع على بَعْض الدَّهْرِ الأَطْوَلِ، وَيَقَع على مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا.
وفي المفردات للراغب: الدَّهْرُ في الأَصْل اسمٌ لمُدَّة العَالَمِ من ابتداءِ وُجُوده إِلى إنقضائه، وعلى ذلك قولُه تعالى: {هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} يُعبَّر به عن كُلِّ مدّة كَبِيرَة، بخلاف الزَّمَانِ، فإِنه يَقَعُ على المُدَّةِ القليلة والكَثِيرة.
ونقل الأَزْهَرِيّ عن الشّافعيّ: الحِينُ يَقَع على مُدَّةِ الدُّنْيَا ويَوْم، قال: ونحن لا نَعْلَم للحِين غَايَةً، وكذلك زَمَانٌ ودَهْرٌ وأَحقابٌ. ذُكِر هذا في كتاب الأَيمان، حَكاه المُزَنيّ في مُخْتَصَره عنه. وتُفْتَح الهاءُ، قال ابنُ سِيدَه: وقد حُكِيَ ذلِك، فإِما أَن يكونَا لُغَتَيْن، كما ذَهَب إِليه البَصْرِيّون في هذا النَّحْو، فيُقْتَصَر على ما سُمِعَ منه، وإِمّا أَن يكون ذلك لمكانِ حَرْف الحَلْق، فيطَّرِد في كُلّ شيءٍ، كما ذَهَبَ إِليه الكُوفِيُّون. قال أَبو النَّجْم:
وَجَبَلًا طَالَ مَعَدًّا فاشْمَخَرّ *** أَشَمَّ لا يَسْطِيعُه النَّاسُ الدَّهَرْ
قال ابنُ سِيدَه: والجمع: الدَّهْر أَدْهُرٌ ودُهورٌ، وكذلك جَمْع الدَّهَر، لأَنّا لم نَسمع أَدْهَارًا ولا سمِعْنا فيه جَمْعًا إِلَّا ما قَدَّمناه من جَمْع دَهْر. والدّهْر: النّازِلَةُ، وهذَا على اعتقادِهم على أَنَّه هو الطَّارِقُ بها، كما صَرَّحَ به الزَّمَخْشَرِيّ، ونَقَله عنه المُصَنِّف في البَصَائِر. قال: ولذلِك اشتَقُّوا من اسمه دَهَرَ فُلانًا خَطْبٌ، كما سيأْتي قريبًا.
والدَّهْر: الهِمَّةُ والإِرادَة والغَايَةُ، تقول: ما دَهْرِي بكذا، وما دَهْرِي كذا؛ أَي ما هَمِّي وغايَتِي وإِرادَتِي. وفي حديث أُمِّ سُلَيْم: «مَا ذَاكِ دَهْرُكِ» وقال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرةَ:
لعَمْرِي وما دَهْرِي بتَأْبِين هالِكٍ *** ولا جَزِعًا مِمَّا أَصابَ فَأَوْجَعَا
ومن المَجاز: الدَّهْر: العَادَةُ الباقِيَة مُدَّةَ الحَيَاةِ: تقول: ما دَهْرِي بكذا وما ذَاكَ بدَهْرِي. ذكرَهَ الزَّمَخْشَرِيّ في الأَساس والمُصَنِّف في البَصَائِر.
والدَّهْر: الغَلَبَةُ والدّولَة، ذكرَه المصنِّف في البَصَائر.
والدّهارِيرُ: أَوّلُ الدّهرِ في الزَّمن الماضِي، بلا واحدٍ، كالعَبَادِيد، قاله الأَزهريّ.
والدَّهَارِيرُ: السَّالِفُ، ويقال: كان ذلِك في دَهْر الدَّهارِير.
وفي الأَساس: يقال: كان ذلِك دَهْرَ النَّجْمِ: حينَ خلقَ الله النُّجُومَ، يريد أَوّلَ الزَّمَان وفي القديمِ.
ودُهُورٌ دَهَارِيرُ: مُخْتَلِفَةٌ، على المبالغة.
وقال الزَّمَخْشَرِيّ: الدَّهَارِيرُ: تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونَوَائِبُه.
مُشْتَقٌّ من لَفْظِ الدَّهْرِ، ليس له وَاحِدٌ من لَفْظِه، كعَبَابِيدَ، انتهى.
وأَنشد أَبُو عَمْرِو بنُ العَلاءِ لرَجُل من أَهْل نَجْد. وقال ابنُ بَرِّيّ، هو لعِثْيَرِ بنِ عَبِيدٍ العُذْرِيّ. وقيل: هو لحُرَيْث بن جَبَلَةَ العُذْرِيّ.
قلت: وفي البصائر للمُصنّفِ: لأَبي عُيَيْنة المُهَلَّبيّ:
فاستَقْدِرِ الله خَيْرًا وارْضَيَنَّ به *** فبَيْنَمَا العُسْرُ إِذا دَارَتْ مَيَاسِيرُ
وبَيْنَمَا المَرْءُ في الأَحياءِ مُغْتَبِطُ *** إِذَا هو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعَاصِيرُ
يَبْكِي عليه غَرِيبٌ ليس يَعْرِفُهُ *** وذُو قَرَابَتِهِ في الحَيِّ مَسْرُورُ
حتّى كأَنْ لمْ يَكُنْ إِلّا تَذَكُّرُهُ *** والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهَارِيرُ
قال: وواحِدُ الدَّهارِير: دَهْر، على غَيْر قياس. كما قالوا: ذَكَرٌ ومَذاكير، وشبْه ومَشَابِيه وقيل: جَمْع دُهْرورٍ أَو دَهْرَات. وقيل: دِهْرِير. وفي حديث سَطِيح:
فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارًا دَهَارِيرُ
ويقال: دَهْرٌ دَهَارِيرُ؛ أَي شَدِيدٌ، كقولهم: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهَارٌ أَنْهَرُ، ويَومٌ أَيْوَمُ، وساعَةٌ سَوْعَاءُ.
وكذا دَهْرٌ دَهِيرٌ، ودَهْر داهِرٌ، مُبَالغَةٌ؛ أَي شَدِيدٌ، كقولهم أَبَدٌ آبِدٌ، وأَبَدٌ أَبِيدٌ.
ودَهَرَهُم أَمرٌ، ودَهَرَ بهم، كمَنَع: نَزَلَ بهم مَكْرُوهٌ، وقال الزَّمَخْشَرِيّ: أَصابَهم به الدَّهْرُ. وفي حديث مَوْتِ أَبي طالب: «لولا أَنَّ قُرَيْشًا تَقول دَهَرَه الجَزعُ لفَعَلْتُ» وهم مَدْهورٌ بهم ومَدْهُورُون، إِذا نَزَل بهم وأَصابَهُم.
والدَّهْرِيّ بالفتح ويُضمُّ: المُلحِدُ الذي لا يُؤْمن بالآخِرة القَائِلُ بِبقَاءِ الدَّهْرِ. وهو مُوَلَّد.
قال ثَعْلبٌ: وهما جَمِيعًا مَنْسُوبانِ إِلى الدَّهْرِ، وهم رُبَّمَا غَيَّرُوا في النَّسَب، كما قالوا سُهْلِيّ للمَنْسُوب إِلى الأَرضِ السَّهْلَة، واقْتَصَر الزَّمَخْشَرِيّ على الفَتْح، كما سيأْتي.
وعَامَلَه مُدَاهرَةً ودِهَارًا، كمُشَاهَرَة الأَخِيرَة عن اللِّحْيَانيّ، وكذلِك استَأْجَرَه مُدَاهَرةً ودِهَارًا، عنه.
ودَهْوَرَهُ دَهْوَرَةً: جَمَعَه وقَذَفَه به في مَهْواةٍ، وقال مُجَاهِد في قَوْلِه تَعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} قال: دُهْوِرَت.
وقال الرَّبِيع بنُ خيثم رَمَى بها. ويقال: طَعَنَه فكَوَّرهَ، إِذَا أَلْقاه. وقال بعضُ أَهلِ اللُّغَة في تَفْسِير قولِهِ تعالى: {فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ} أَي دُهْوِرُوا. وقال الزَّجّاج أَي طُرِحَ بعضُهم على بَعْض.
وفي مجمع الأَمثال للمَيْدَانِيّ: يقال: «دَهَوْرَ الكَلْبُ» إِذا فَرِقَ من الأَسَدَ فنَبَحَ وضَرِطَ وسَلَحَ.
ودَهْوَرَ الكلام: فخّمَ بعضَه في إِثْر بَعْضٍ.
ودَهْوَرَ الحائِطَ: دَفَعَه فَسَقَطَ، وتدَهْوَرَ اللَّيْلُ: أَدْبَرَ ووَلَّى.
والدَّهْوَرِيُّ: الرّجلُ الصُّلْبُ الضَّرْبُ. وقال اللّيث: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ، وهو الصُّلْب.
قال الأَزهَرِيّ: أَظُنُّ هذا خَطَأً، والصواب جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ؛ أَي رَفِيعُ الصَّوتِ.
ودَهْرٌ، بفَتْح فَسُكون: وادٍ دُونَ حَضْرَموْتَ. قال لَبِيد بنُ رَبِيعة:
وأَصْبَحَ راسِيًا برُضَامِ دَهْرٍ *** وسَالَ به الخَمائِلُ في الرِّهَامِ
ودَهْرُ بنُ وَدِيعةَ بنِ لُكَيْزٍ أَبُو قَبِيلَة، من عامِرٍ. والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ، نسْبَةٌ إِليها على غيرِ قِياس، من تَغيرات النَّسب.
وهو كَثِيرٌ، كسُهْلِيّ إِلى الأَرْض السَّهْلَة، كما تقدّم عن ثَعْلَب. قال ابنُ الأَنبارِيّ: يقال في النّسبة إِلى الرجل القَدِيم: دَهْريّ. قال وإِن كان من بني دَهْرٍ من بني عامرٍ قُلْتَ: دُهْرِيّ لا غَيْرُ، بضمّ الدالِ، وقد تقدَّم عن ثَعْلَبِ ما يخالفه. وقال سيبويه: فإِن سَمَّيت بدَهْر لم تَقُلْ إِلا دَهْرِيّ، على القِيَاسِ.
وقال الزَّمخْشَرِيّ في الأَسَاس والدُّهْرِيّ، بالضَّمّ: الرَّجلُ المُسِنّ القدِيم، لكِبَرِه. يقال: رَجُلٌ دُهْرِيٌّ؛ أَي قديمٌ مُسِنٌّ نُسِب إِلى الدَّهْر، وهو نَادِرٌ، وبالفَتْح: المُلْحِدُ. وقال بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَة: والدُّهرِيّ أَيضًا بالضَّمّ: الحاذِقُ.
والمصنّف مَشَى على قَول ابنِ الأَنباريّ، وهُنا وفي الأَوّل على قول ثَعْلَب، وفاتَه معنَى الحاذِقِ، فتأَمَّلْ.
ودَاهِرٌ، ودَهِيرٌ، كأَمِير. من الأَعلام. ويقال: إِنّه لدَاهِرَةُ الطُّول: طويلُهُ جَدًّا.
ودَاهَرُ كهَاجَر: مَلِك للدَّيْبُلِ قَصَبة السِّنْد، قَتَلَه مُحَمَّدُ بنُ القاسِم الثَّقَفِيّ ابن عمّ الحَجّاجِ بن يُوسفَ، واستباح الدَّيْبُل إِلى مُولَتَانَ وهو غَيْر مُنْصرِف للعلميّة والعُجْمَة، ذَكَرَه جَرير فقال:
وأَرضَ هِرَقْلٍ قد ذَكَرْتُ ودَاهَرًا *** ويَسْعَى لَكُم من آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
وفي الصّحاح: لا آتِيهِ دَهْرَ الدَّاهِرينَ؛ أَي أَبدًا، كقولهم: أَبدَ الآبِدِين.
وأَبو بكرٍ عبدُ الله بنُ حَكِيم الدَّاهِرِيُّ، ضعِيفٌ. وقال الذَّهَبِيّ: اتَّهموه بالوَضْع. وقال ابنُ أَبي حاتِم عن أَبِيه قال: تَركَ أَبو زُرْعَةَ حَدِيثَهُ وقال: ضَعِيف، وقال مَرَّةً: ذاهِبُ الحديثِ.
وعبدُ السّلام بنُ بكرَانَ الدَّاهِرِيُّ، حدَّثَ. والدَّاهِرُ: بَطْنٌ من مَهْرَةَ من قُضَاعَةَ قاله الهَمْدَانيّ.
وجُنَيْد بنُ العَلَاءِ بن أَبي دَهْرةَ، روى عنه محمّد بنُ بِشْر وغيرُه. ودُهَيْرٌ الأَقْطَعُ، كزُبَيْر عن ابن سِيرِين.
وكأَمِيرٍ دَهِيرُ بنُ لُؤَيّ بن ثَعْلَبَة، من أَجداد المِقْدَادِ بنِ الأَسودِ.
* ومما يُسْتَدْرَك عليه:
دَهْرٌ دَهَارِيرُ؛ أَي ذُو حَالَيْن من بُؤْس ونُعْم. والدَّهَارِيرُ. تَصَارِيفُ الدَّهْرِ ونَوَائِبُه. ووَقَعَ في الدَّهَارِير: الدَّوَاهِي.
والدَّهْوَرَةُ: الضَّيْعَة وتَرْكُ التَّحَفُّظِ والتَّعَهُّدِ. ومنهحَدِيثُ النَّجَاشيّ: «ولا دهْورَةَ اليَومَ على حِزْبِ إِبراهِيم».
ودَهْوَرَ اللُّقْمَةَ: كَبَّرَها. وقال الأَزهرِيُّ. دَهْوَرَ الرَّجلُ لُقْمَةً، إِذا أَدارَهَا ثمّ الْتَهَمَهَا.
وفي الأَسَاس: رأَيتُه يُدَهْوِرُ اللُّقَمَ؛ أَي يُعظِّمها ويَتَلَقَّمُها.
وفي نوادِر الأَعْرَابِ: ما عِنْدي في هذَا الأَمرِ دَهْوَرِيَّةٌ ولا هَوْدَاءُ ولا هَيْدَاءُ ولا رَخْوَدِيَّةٌ؛ أَي ليس عِنْدَه فيه رِفْقٌ ولا مُهَاوَدَةٌ ولا رُوَيْدِيّة.
والدَّوَاهِر: رَكَايَا مَعْرُوفةٌ. قال الْفَرَزْدَق:
إِذًا لأَتَى الدَّواهِرَ عن قَرِيبٍ *** بخِزْيٍ غَيْرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ
ودَهْرَانُ، كسَحْبَان: قَرية باليمن، منها أَبُو يَحْيَى مُحَمَّدُ بنُ أَحْمَدَ بنِ مُحمَّد المُقْريءِ، حدّثَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
24-تاج العروس (رمس)
[رمس]: الرَّمْسُ: كِتْمَانُ الخَبرِ، يُقَال رَمَسَ عليهِ الخَبَرَ رَمْسًا، إِذا لَوَاه وكَتَمه، وقال الأَصْمَعِيُّ: إِذا كَتَمَ الرَّجُلُ الخَبرَ عن القَوْمِ قال: دَمَسْتُ عليهم الأَمْرَ، ورَمَستْهُ، ورَمَسْتُ الحدِيثَ: أَخْفَيْتهُ وكَتَمْتهُ.والرَّمْسُ: الدَّفْنُ. وقد رَمَسَه يَرْمُسُه ويَرْمِسُه رَمْسًا، فهو مَرْمُوسٌ ورَمِيسٌ: دَفَنه وسَوَّى عليه الأَرْضَ.
وفي المُحْكَم: الرَّمْسُ: القَبْرُ نَفْسُه. وقيل: إِذَا كانَ القَبْرُ مُدَرَّمًا مَعَ الأَرْضِ فهو رَمْسٌ؛ أَي مُسْتَوِيًا مع وَجْهِ الأَرْضِ، وإِذا رُفِعَ القَبْرُ في السَّماءِ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ لا يُقَال له: رَمْسٌ؛ ومنه حَدِيثُ ابنِ مُغَفَّل: «ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْسًا» أَي سَوُّوه بالأَرْضِ ولا تَجْعلوه مُسنَّمًا مُرْتَفِعًا. وأَصْل الرَّمْسِ: السَّتْرُ والتَّغْطِيَةُ، كالمَرْمَسِ، كمَقْعَدٍ، وهو مَوْضِعُ الرَّمْسِ، عن ابنِ الأَعْرابِيِّ. وأَنْشَد:
بِخَفْضٍ مَرْمَسِي أَوْ فِي يَفَاعٍ *** تُصَوِّتُ هَامَتِي في رأْسِ قَبْرِي
والرَّامُوسُ، عنه أَيضًا، والجمع: أَرْماسٌ ورُمُوسٌ، قال الحُطَيْئَة:
جَارَ لِقوْمٍ أَطَالُوا هُونَ مَنْزِلهِ *** وَغادَرُوهُ مُقِيمًا بَيْنَ أَرْمَاسِ
وأَنشد ابنُ الأَعْرَابِيّ لِعَقِيلِ بنِ عُلَّفَةَ:
وأَعِيشُ بِالبَلَلِ القَلِيلِ وقدْ أَرَى *** أَنَّ الرُّمُوسَ مُصارعُ الفِتْيَانِ
والرَّمْسُ، أَيضًا: تُرَابُه؛ أَي تُرَابُ القبْرِ، وهو ما يُحْثَى مِنْه عليهِ. قال الشاعِرُ:
وبَيْنمَا المرْءُ فِي الأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ *** إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هو تُرَابٌ قد دُفِنَ فيه والرِّياح تُطَيِّرهُ.
وعن ابنِ عَبّادٍ: الرَّمْسُ الرَّمْيُ، يُقال: رَمَسَه بحَجَرٍ، إِذا رَماه به.
والرَّوَامِسُ: الرِّياحُ الدَّوَافِنُ للآثارِ، كالرَّامِسَاتِ، وهي التي تَنْقُل التُّرابَ من بَلَدٍ إِلى آخَرَ، وبينهُمَا الأَيّامُ، ورُبَّمَا غَشَّتْ وَجْهَ الأَرْضِ كُلَّهُ بتُرَابِ أَرضٍ أُخْرَى، قاله أَبو حَنِيفَةَ.
وقال ابن شُمَيْل: الرَّوَامِسُ: الطَّيْرُ الَّذِي يَطِيرُ باللَّيْلِ، قال: أَو كلُّ دَابَّةٍ تَخْرُجُ باللَّيْلِ فهي رَامِسٌ تَرْمُسُ: [تدفنُ] الآثَارَ، كما يُرْمَسُ المَيِّتُ.
والتَّرْمُسُ، كالتَّنْضُب، والتَّاءُ زائدة: وَادٍ لِبَنِي أُسَيْدٍ، بَالتَّصْغِيرِ، أَو ماءٌ لهم، وفي بَعْضِ الكُتُب: لِبَنِي أَسَدٍ، مُكبَّرًا.
والارْتِماسُ في المَاءِ: الاغْتِماسُ، قال شَمِر: ارْتَمسَ في الماءِ، إِذا انْغَمَسَ فيه حَتّى يَغِيبَ رَأْسُهُ وجَمِيعُ جَسَدِه فيه، ومنه الحَدِيث: «كرِهَ للصَّائِمِ أَنْ يَرْتَمِسَ» كذا نَقَلَه الصّاغانِيُّ، وقِيل: الفَرْقُ بينَ الارْتِماسِ والاغْتِماسِ: أَنّه بالراءِ عَدَمُ إِطالةِ اللُّبْثِ في الماءِ، وبالغين: إِطالتُه، ومنه الحديثُ: «الصَّائِمُ يَرْتَمِسُ ولا يغْتَمِسُ».
* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه:
الرَّمْسُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ.
والرَّمْسُ: طَمْثُ الأَثَرِ.
وكُلّ ما هِيلَ عليه التُّرابُ، فهو: مَرْمُوسٌ، ورَمِيسٌ. وقد رُمِسَ.
والخَبَرُ المَرْمُوسُ المُكَتَّمُ.
ووَقَعُوا في مَرْمُوسَةٍ من أَمْرِهِم؛ أَي في اخْتِلاطٍ.
ورامِسٌ: مَوضِعٌ في ديارِ مُحارِبٍ، وقد جاءَ ذِكْرُه في الحَدِيث.
ورَمَسَ حُبُّك في قَلْبِي: اشْتَدَّ واسْتَحْكَمَ. قاله الزَّمَخْشرِيّ. ورَمْسِيسُ، بالفتْح: قَرْيةٌ بمِصْر، نُسِبتْ إِليها كُورَةُ الحَوْفِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
25-تاج العروس (عبط)
[عبط]: عَبَطَ الذَّبِيحَةَ يَعْبِطُها، من حَدِّ ضَرَبَ، عَبْطًا؛ نَحَرَهَا من غَيْرِ عِلَّةٍ من داءٍ أَو كَسْرٍ، وهي سَمِينَةٌ فَتِيَّةٌ، فهو، هكَذَا في النُّسَخِ بتَذْكِيرِ الضَّمِير عَبِيطٌ، وفي الصّحَاحِ: فهي عَبِيطَةٌ، ج: عُبُطٌ، وعِبَاطٌ، ككُتُبٍ ورِجَالٍ، ومن الأَوَّلِ قولُ أَبِي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ:فتَخالَسَا نَفْسَيْهِمَا بنَوَافِذٍ *** كَنَوَافِذِ العُبُطِ الَّتِي لا تُرْقَعُ
فإِنَّهُ أَرادَ بها جَمْعَ عَبِيطٍ، وهو الَّذِي يُنْحَرُ لغَيْرِ عِلَّةٍ. فإِذا كانَ كذلِكَ كانَ خُرُوجُ الدَّمِ أَشَدَّ، وفيه وَجْهٌ آخرُ يَأْتِي بَيَانُه. ومن الثاني أَنشَدَ سِيبَوَيْه قولَ المُتَنَخّل الهُذَلِيّ:
أَبِيتُ على مَعَارِيَ وَاضِحاتٍ *** بِهِنَّ مُلَوّبٌ كَدَمِ العِبَاطِ
ويُرْوَى: «على مَعَاصِمَ».
وعَبَط فُلانٌ: غَابَ، من الغَيْبَةِ لا من الغَيْبُوبَة، عن ابن الأَعْرَابِيِّ، وهي العَبْطَةُ، وهو مَجَازٌ.
وعَبَطَت الرِّيحُ وَجْهَ الأَرْضِ: قَشَرَتْه، وهو مَجَازٌ أَيضًا.
وعَبَطَ الأَرْضَ: حَفَرَ منها مَوْضِعًا لم يُحْفَرْ قَبْل ذلِك، وهو مَجَازٌ أَيْضًا، قال المَرّارُ بنُ مُنْقِذٍ العَدَوِيُّ يَصِفُ حِمَارًا:
ظَلَّ في أَعْلَى يَفَاعٍ جاذِلًا *** يَعْبِطُ الأَرْضَ اعْتِبَاطَ المُحْتَفِرْ
وعَبَطَ الكُذِبَ عَلَيَّ: افْتَعَلَهُ، وهو مَجَازٌ أَيضًا، كاعْتَبَطَ، في الكُلِّ، يُقَال: اعْتَبَطَ البَعِيرَ: نَحَرهُ بلا عِلَّة، ونَاقَةٌ عَبِيطةٌ ومُعْتَبَطَةٌ، قال رُؤْبَةُ:
عَلَيَّ أَنْمَارٌ من اعْتِبَاطِي *** كالحَيَّةِ المُجْتَابِ بالأَرْقاطِ
واعْتَبَطَ فُلانٌ: اغتابَ.
وعَلَيْه الكَذِبَ: افْتَعَلَه صُرَاحًا من غَيْرِ عُذْرٍ.
واعْتَبَطَ الأَرْضَ: حَفَرَها، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
إِذَا سَنَابِكُها أَثَرْنَ مُعْتَبَطًا *** من التُّرَابِ كَبَتْ فيها الأَعَاصِيرُ
أَراد التُرَابَ الَّذِي أَثارَتْهُ كان ذلِك في مَوْضِعٍ لم يَكُنْ فيه قَبْلُ.
ومن المَجَاز: عَبَطَ فُلانٌ نَفْسَه وبنَفْسِه في الحَرْبِ: أَلْقَاهَا فِيها غَيْرَ مُكْرَهٍ.
وعَبَطَ الِحمَارُ التُّرَابَ بحَوَافِرهِ: أَثَارَهُ، كاعْتَبَطَه، والتُّرَابُ عَبِيطٌ.
وعَبَطَ عَرَقَ الفَرَس، إِذا أَجْرَاهُ حَتَّى عَرِقَ، وهو مَجَازٌ، قال النَّابِغَةُ [الجَعْدِيُّ].
مَزَحْتَ وأَطْرافُ الكَلالِيبِ تَلْتَقِي *** وقد عَبَطَ المَاءَ الحَمِيمَ فأَسْهَلَا
وعَبَطَ الضَّرْعَ: أَدْماهُ، وهو مَجَازٌ. ومنه الحَدِيثُ: «مُرِي بَنِيكِ أَنْ يُقَلِّمُوا أَظْفَارَهُم أَنْ يُوجِعُوا أَو يَعْبِطُوا ضُرُوعَ الغَنَمِ» أَي لا يُشَدِّدُوا الحَلَبَ فيَعْقِرُوها ويُدْمُوها بالعَصْرِ، من العَبِيطِ، وهو الدَّمُ الطَّرِيُّ، أَو لَا يَسْتَقْصُون حَلَبَهَا حتَّى يَخْرُجَ الدَّمُ بعدَ اللَّبَنِ. والمُرَادُ أَن لا يَعْبِطُوها.
وعَبَطَ الشِّيْءَ والثَّوْبَ يَعْبِطُه عَبْطًا: شَقَّهُ شَقًّا صَحِيحًا، فهو مَعْبُوطٌ وعَبِيطٌ وجَمْعُ العَبِيطِ: عُبُطٌ، بضَمَّتَيْنِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ قولَ أَبِي ذُؤَيْبٍ:
فَتَخَالَسَا نَفْسَيْهما...
إِلخ.
وقد تَقَدَّم ذِكْرُه، قال: يَعْنِي كشَقِّ الجُيُوبِ وأَطْرَافِ الأَكْمَامِ والذُّيُولِ؛ لأَنَّهَا تُرْقَعُ بعدَ العَبْطِ. كذا في النُّسَخِ، وفي بَعْضِهَا: لا تُرْقَعُ بعدَ العَبْطِ. وفي بَعْضِهَا: لا تُرْقَعُ إِلاّ بعدَ العَبْطِ. قلْتُ: ويُرْوَى: كنوافِذِ العُطُب. وهو القُطْن، وأَرادَ الثَّوْبَ من قُطْن. وقالَ أَبُو نَصْرٍ: لا أَعْرِفُ هذا، كذا في شَرْحِ الدِّيوانِ، فعَبَطَ هو بنَفْسِه يَعْبِطُ، من حَدِّ ضَرَب؛ أَي انْشَقَّ، لازِمٌ مُتَعَدّ. قال القُطَامِيُّ:
وظَلَّتْ تَعْبِط الأَيْدِي كُلُومًا *** تَمُجُّ عُرُوقُهَا عَلَقًا مُتَاعا
ومن المَجَازِ: عَبَطَت الدَّوَاهِي الرَّجُلَ، إِذا نَالَتْهُ، وزادَ اللَّيْثُ: من غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لذلِكَ.
ويُقَال: مَاتَ فُلانٌ عَبْطَةً بالفَتْحِ؛ أَي شابًّا، وقِيل: شابًّا صَحِيحًا. وفي الصّحاحِ: صِحِيحًا شَاباًّ، وأَنْشَدَ لأُمَيّةَ بنِ أَبِي الصَّلْتِ:
مَنْ لا يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَمًا *** لِلْمَوْتِ كَأْسٌ فالمَرْءُ ذائِقُهَا
ويُرْوَى: لِلْمَوْت كَأْسٌ والمَرْءُ، وقد تَقَدَّم تَحْقِيقُه في «ك وس» وبَعْدَه:
يُوشِكُ مَنْ فَرَّ من مَنِيَّتِهِ *** في بَعْضِ غِرّاتِهِ يُوَافِقُهَا
ويُقَال أَعْبَطَه المَوْتُ واعْتَبَطَهُ، إِذا أَخَذَه شَابًّا صَحِيحًا لَيْسَت به عِلَّةٌ ولا هَرَمٌ.
ولَحْمٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَةِ: سَلِيمٌ من الآفاتِ إِلاّ الكَسْر، قاله ابنُ بُزُرْج، قال: ولا يُقَال لِلَّحْم الدَّوِيِّ المَدْخُول مِن آفةٍ: عَبِيطٌ، وفي الحَدِيث: «فقَاءَتْ لَحْمًا عَبِيطًا» قال ابنُ الأَثِيرِ: هو الطَّرِيُّ غير النَّضِيجِ، ومِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: «فَدَعَا بِلَحْمٍ عَبِيطٍ» والَّذِي في غَرِيبِ الخَطّابِيِّ ـ على اخْتلافِ نُسَخِه: «فَدَعَا بِلَحْمٍ غَلِيظ» يريدُ لَحْمًا خَشِنًا عاسِيًا لا يَنْقَادُ في المَضْغِ. قال ابنُ الأَثِيرِ: وكأَنَّه أَشْبَهُ.
وفي الأَسَاسِ: يُقَالُ للجَزّارِ: أَعِبيطٌ أَمْ عارِضٌ؟ يُرَاد: أَمَنْحُورٌ عَلَى صِحَّةٍ، أَو مِنْ دَاءٍ؟.
وكذلِكَ: دَمٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَة: خَالِصٌ طَرِيٌّ.
قال اللَّيْثُ: ويُقَالُ: زَعْفَرَانٌ عَبِيطٌ بَيِّنُ العُبْطَةِ، بالضَّمِّ؛ أَي طَرِيٌّ، يُشَبَّهُ بالدَّمِ العَبِيطِ.
والعَوْبَطُ، كجَوهَرٍ: الدّاهِيَةُ، جَمْعُهُ: عَوَابِطُ، قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
بمَنْزِلٍ عَفٍّ ولم يُخَالِطِ *** مُدَنِّساتِ الرِّيَبِ العَوَابِطِ
والعَوْبَطُ: لُجَّةُ البَحْرِ، مقلوبٌ عن العَوْطَب.
* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:
العَبْطُ: أَخْذُكَ الشَّيءَ طَرِيٍّا، هذا هو الأَصْلُ.
والمَعْبُوطَةُ: الشّاةُ المَذْبُوحَةُ صَحِيحَةً.
ولَحْمٌ مَعْبُوطٌ: لم يُنَبِّبْ فيه سَبُعٌ، ولم تُصِبْه عِلَّةٌ، نَقَلَه الأَزْهَرِيُّ. وأَنْشَدَ للَبِيدٍ:
ولا أَضِنُّ بمَعْبُوطِ السَّنَامِ إِذا *** كانَ القُتَارُ كما يُسْتَرْوَحُ القُطُرُ
واعْتَبَطَ فُلانًا: قَتَلَه ظُلْمًا لا عَنْ قِصَاصٍ، قاله الخَطّابِيُّ، وهو مَجَازٌ. وقال الصّاغَانِيُّ: اسْتَعار الاعْتِباطَ، وهو الذَّبْحُ بغيرِ عِلَّةٍ، للقَتْلِ بغَيْر جِنَايَةٍ.
والعَبْطُ: الرِّيبَة.
وأَديمٌ عَبِيطٌ: مَشْقوقٌ.
وعَبَطَ النَّبَاتُ الأَرْضَ: شَقَّها.
والعَابِطُ: الكَذَّابُ.
واعْتَبَطَ عِرْضَه: شَتَمَه وتَنَقَّصَه، وكذلِكَ عَبَطَه، وهو مَجَازٌ وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:
وعَبْطِهِ عِرْضِي أَوَانَ مَعْبَطِهْ
والاعْتِبَاطُ: الوَعْكُ، وقد اعْتُبِطَ، إِذا وُعِكَ.
واعْتُبِطَ: جُرِحَ.
والعَبِيطُ: الأَهْوَجُ، كالمَعْبُوطِ، ومَصْدَرُه العَبَاطَةُ، بالفَتْحِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
26-تاج العروس (غبط)
[غبط]: غَبَطَ الكَبْشَ يَغْبِطُه غَبْطًا: جَسَّ أَلْيَتَه؛ لِيَنْظُرَ أَبِه طِرْقٌ أَمْ لا، كذا في الصّحاحِ، وأَنْشَدَ للشّاعِر:إِنّي وأَتْيِي ابْنَ غَلاّقٍ لِيَقْرِيَنِي *** كغَابِطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ في الذَّنَبِ
وقال اللَّيْثُ: غَبَطَ ظَهْرَهُ: جَسَّ بيَدِه لِيَعْرِفَ هُزَالَه من سِمَنِهِ. قلتُ: وكذلِكَ النّاقَة. والشِّعْر الَّذِي أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ للأَخْطَلِ، كما في العُبَابِ، وقيل: لرَجُلٍ من بَنِي عَمْرِو بنِ عامرٍ يَهْجُو قَوْمًا من سُلَيْمٍ، وأَوَّلُه:
إِذا تَحَلَّيْتَ غَلاَّقًا لِتَعْرِفَها *** لاحَتْ من اللُّؤْمِ في أَعْنَاقِهَا الكُتبِ
ونَاقَةٌ غَبُوطٌ، كصَبُورٍ: لا يُعْرَفُ طِرْقُهَا حتى تُغْبَطَ؛ أَي تُجَسَّ باليَدِ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: الغبْطَةُ، بالضّمّ: سَيْرٌ في المَزَادَةِ مِثْلُ الشَّرَاكِ يُجْعَلُ على أَطْرَافِ الأَدِيمَيْنِ، ثمّ يُخْرَزُ شَدِيدًا، كما في العُبَابِ والتَّكْمِلَةِ.
والغِبْطَةُ، بالكَسْرِ: حُسْنُ الحَالِ، كما في الصّحاحِ، والمَسَرَّةُ والنِّعْمَةُ، كما في اللِّسَانِ، وقد اغْتَبَطَ، كذا في أصُولِ القَامُوسِ، وفي اللِّسانِ: وقد أَغْبَطَ إِغْبَاطًا.
والغِبْطَةُ: الحَسَدُ، كالغَبْطِ، بالفَتْحِ، في المَعْنَيَيْن، وقد غَبطَهُ، كضَرَبَه وسَمِعَهُ، غَبْطًا وغِبْطةً، إِذا حَسَدَه، الثّانِيَةُ عن ابْنِ بُزُرْج، لغةٌ في الأُولَى، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ. وكونُ الغَبْطِ بمَعْنَى الحَسَدِ، نَقَلَه ابنُ الأَعْرَابِيِّ، وبه فُسِّرَ الحَدِيثُ: «أَيَضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: نَعَمْ كما يَضُرُّ الخَبْطُ» وقال غيرُه: العَرَبُ تَكْنِي عن الحَسَدِ بالغَبْطِ، واخْتَلَفَ كَلامُ الأَزْهَرِيِّ في التَّهْذِيبِ، فذَكَرَه في تَرْجَمَةِ «حسد» قال: الغَبْطُ: ضَرْبٌ من الحَسَدِ، وهو أَخَفُّ منه، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لمّا سُئلَ: «هَلْ يضُرُّ الغَبْطُ؟ قال: نَعَمْ كما يَضُرّ الخَبْط» فأَخْبَر أَنَّه ضارٌّ، وليس كضَرَرِ الحَسَدِ الَّذِي يَتمَنَّى صاحِبُه زَيَّ النِّعْمَةِ عن أَخِيهِ. والخَبْطُ: ضَرْبُ [وَرَق] الشَّجَرِ حتَّى يَتَحاتَّ [عنه]، ثمّ يَسْتَخْلِف من غَيْرِ أَنْ يَضُرَّ ذلِكَ بأَصْلِ الشَّجَرةِ وأَغْصَانِهَا، وذَكَر أَيْضًا في هذِه التَّرْجَمَةِ عن أَبِي عُبَيْدٍ فقال: سُئلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «هلْ يَضُرُّ الغَبْطُ؟ فقال: لا إِلاّ كما يَضُرُّ العِضَاهَ الخَبْطُ» وفَسَّر الغَبْطَ: الحَسَدَ الخاصَّ وقالَ أَيْضًا ـ في ترجمة «حسد» ـ إِنَّ الحَسَدَ تَمَنِّي نِعمَةٍ على أَنْ تَتَحَوَّلَ عنه، والغِبْطَةَ تمنِّي نِعْمَةٍ على أَنْ لا تَتَحَوَّلَ عن صاحِبِها؛ أَي يَتَمَنَّى مثلَ حالِ المَغْبُوطِ من غَيْرِ أَنْ يُرِيدَ زَوَالَها، ولا أَنْ تَتحوَّل عنه، وليسَ بحَسَدٍ ورُوِي عن ابْنِ السِّكِّيتَ في «غبط» قال: غَبَطْتُ الرَّجُلَ أَغْبَطُه غَبْطًا، إِذا اشْتَهَيْتَ أَن يَكُونَ لك مثلُ مَا لَه، وأَنْ لا يزولَ عنه ما هُوَ فيه. والَّذِي أَرادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الغَبْطَ لا يَضُرُّ ضَرَرَ الحَسَدِ، وأَنَّ ما يَلْحَقُ الغَابِطَ من الضَّرَرِ الرّاجِعِ إِلى نُقصانِ الثَّوابِ دُونَ الإِحْبَاطِ بقَدْرِ ما يَلْحَقُ العِضَاهَ من خَبْطِ وَرَقِها الَّذِي هُو دُونَ الإِحْبَاطِ بقَدْرِ ما يَلْحَقُ العِضَاهَ من خَبْطِ وَرَقِها الَّذِي هُو دُونَ قَطْعِها واسْتِئْصالِهَا، ولأَنَّه يَعُودُ بعدَ الخَبْطِ وَرَقُهَا، فهو وإِن كانَ فيه طَرَفٌ من الحَسَدِ فهو دُونَه في الإِثْمِ. وأَصْلُ الحَسَدِ: القَشْرُ، وأَصلُ الغَبْطِ: الجَسُّ، والشَّجَرُ إِذا قُشِرَ عنها لِحاها يَبِسَتْ، وإِذا خُبِطَ وَرَقُهَا اسْتَخْلَفَ دُونَ يَبْسِ الأَصْلِ.
وقال أَبو عَدْنَانَ: سأَلْتُ أَبا زَيْدٍ الحَنْظَلِيَّ عن تَفْسِيرِ هذا الحَدِيثِ، فقال: الغَبْطُ: أَن يُغْبَطَ الإِنْسَانُ، وضَرَره إِياه أَن يُصيبَهُ نَفْسٌ فيَتَغَيَّرَ حالُه كما تَغَيَّرُ العِضاهُ إِذا تَحاتَّ وَرَقُهَا.
وقال الأَزْهَرِيُّ: الغَبْطُ رُبَّمَا جَلَبَ إِصابَةَ عَيْنٍ بالمَغْبُوطِ، فقام مَقَامَ النَّجْأَةِ المَحْذُورَةِ، وهي الإِصَابَةُ بالعَيْنِ. قال: وقد فرَّقَ الله بين الغَبْطِ والحَسَدِ بما أَنْزَلَه في كِتَابِه لِمَنْ تَدَبَّرَه واعْتَبَرَهُ، فقال عَزّ مِنْ قائل: {وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللهَ مِنْ فَضْلِهِ}. وفي هذِه الآيَة بَيانُ أَنَّهُ لا يَجُوزُ للرَّجُلِ أَنْ يَتَمَنَّى إِذا رَأَى على أَخِيه المُسْلِمِ نعْمَةً أَنْعَمَ الله بها عليهِ أَن تُزْوَى عنه ويُؤْتَاهَا، وجائزٌ لَهُ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَها بلا تَمَنٍّ لِزَيِّهَا عنه، فالغَبْطُ: أَنْ يَرَى المَغْبُوطَ في حَالٍ حَسَنَةٍ فيتَمَنَى لِنَفْسِه مثلَ تِلْكَ الحال الحَسَنَةِ من غَيْرِ أَن يَتَمَنَّى زَوَالَها عنه، وإِذا سَأَل الله مِثْلَهَا فقد انْتَهَى إِلى ما أَمَرَهُ بهِ ورَضِيَهُ له. وأَمّا الحَسَدُ: فهو أَنْ يَشْتَهِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ما لِلْمَحْسُودِ، وأَنْ يَزُولَ عنه ما هُو فيه، فهو يَبْغِيهِ الغَوَائلَ على ما أُوتِيَ من حُسْنِ الحالِ، ويَجْتَهِدُ في إِزالَتِها عنه بَغْيًا وظُلْمًا. وكذلِكَ قولُه تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} وفي الحَدِيثِ: «على مَنَابِرَ من نُورٍ يَغْبِطُهم أَهلُ الجمع» وفي حَدِيثٍ آخر: «يَأْتَي على النّاسِ زَمَانٌ يُغْبَطُ الرَّجُلُ بالوَحْدَةِ كما يُغْبِطُ اليَوْمَ أَبُو العَشرَة» يَعنِي: أَنّ الأئِمّةَ في صَدْرِ الإِسْلام يَرْزُقون عِيَالَ المُسْلِمِين وذَرارِيَّهم من بَيْت المالِ فكانَ أَبو العَشرَةِ مَغْبُوطًا بكَثْرَةِ ما يَصِلُ إِلَيْهِ من أَرْزَاقِهم، ثمّ يَجِيءُ بَعْدَهُمْ أَئِمَّةٌ يَقْطَعُونَ ذلِكَ عَنْهُم، فيُغْبَطُ الرَّجُلُ بالوَحْدَةِ؛ لِخِفَّةِ المَؤُونَة، ويُرْثَى لصاحِبِ العِيَالِ. فهو غَابِطٌ من قَوْمٍ غُبُطٍ، ككُتُبٍ، هكَذا في أُصُول القامُوسِ، والصّوابُ: كسُكَّرٍ، كما في اللَّسَانِ، وأَنْشَدَ:
والنَّاسُ بَيْنَ شامِتٍ وغُبَّطِ
وفي الحَدِيثِ؛ أَي حَدِيثِ الدُّعَاءِ: «اللُّهُمَّ غَبْطًا لا هَبْطًا»؛ أَي نَسْأَلُكَ الغِبْطَةَ ونَعُوذُ بك أَن نَهْبِطَ عن حالِنَا، ذَكَرَه أَبو عُبَيْدٍ في أَحادِيثَ لا يُعْرَفُ أَصْحَابُها، ومنه نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ، وقِيلَ: مَعناه: اللهُمَّ ارْتِفاعًا لا اتِّضاعًا، وزيادةً من فَضْلِك لا حَوْرًا ولا نَقْصًا، أَو أَنْزِلْنَا مَنْزِلَةً نُغْبَطُ عليها، وجَنَّبْنا مَنازِلَ الهُبُوطِ والضَّعَةِ. وقِيلَ: مَعْنَاه: نَسأَلُك الغِبْطَةَ، وهي النِّعْمَةُ والسُّرُورُ، ونَعُوذُ بكَ من الذُّلِّ والخُضُوعِ.
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ على الدّابَّةِ، كما في التَّهْذِيبِ، وفي الصّحاحِ: على ظَهْرِ البَعِيرِ: أَدَامَهُ ولم يَحُطَّهُ عنه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للرّاجِز:
وانْتَسَفَ الجَالِبَ من أَنْدابِهِ *** إِغْبَاطُنا المَيْسَ على أَصْلابِهِ
قلتُ: الرَّجَزُ لحُمَيْدٍ الأَرْقَطِ يَصِفُ جَمَلًا شَدِيدًا، ونَسَبَه ابنُ بَرِّيّ لأَبِي النَّجْمِ.
ومن المَجَازِ: أَغْبَطَت السَّمَاءُ، إِذا دامَ مَطَرُها واتَّصَل.
وقال أَبو خَيْرَةَ: أَغْبَطَ علينا المَطَرُ، وهو ثُبُوتُه لا يُقْلِعُ، بعضُهُ على أَثرِ بَعْضٍ.
ومن المَجَازِ: أَيْضًا: أَغْبطَتْ عَلَيْه الحُمَّى، إِذا دامَتْ، وقِيلَ: أَي لَزِمَتْه، وهو من وَضْعِ الغَبِيطِ على الجمَلِ. قال الأَصْمَعِيُّ: إِذا لم تُفَارِق الحُمَّى المَحْمُومَ أَيّامًا قِيل: أَغْبَطَتْ عليه، وأَرْدَمَت، وأَغْمَطَت بالمِيمِ أَيْضًا. قال الأَزْهَرِيُّ: والإِغْبَاطُ يكون لَازِمًا ووَاقِعًا كما تَرَى.
وقال ابنُ هَرْمَةَ يَصِفُ نَفْسَه:
ثَبْتٌ إِذا كانَ الخَطِيبُ كَأَنَّهُ *** شَاكٍ يَخافُ بُكُورَ وِرْدٍ مُغْبِطِ
ويُرْوَى: «مُغْمِط» بالمِيمِ.
وفي الأَسَاسِ: أَغْبَطَت عليه الحُمَّى: كَأَنَّهَا ضَرَبَتْ عليهِ الغَبِيطَ لِتَرْكَبَه كما تقولُ: رَكِبَتْه الحُمَّى، وامْتَطَتْه، وارْتَحَلَتْه.
ومن المَجَاز: أَغْبَطَ النَّبَاتُ، إِذا غَطَّى الأَرْضَ وكَثُفَ وتَدَانَى حتى كَأَنَّه من حَبَّةٍ وَاحِدَةٍ. وأَرْضٌ مُغْبَطَةٌ، إِذا كانَتْ كذلِك، وهو بالفَتْحِ؛ أَي عَلَى صِيغَة المَفْعُولِ لا فَتْح أَوَّلِه، كما يَتَبَادَرُ إِلى الذِّهْنِ، رواه أَبو حَنِيفَةَ.
وفي الحَدِيثِ؛ أَي حديثِ الصَّلاةِ «أَنَهُ صلى الله عليه وسلم جاءَ وهُمْ يُصَلُّون في جماعَةٍ فجَعَلَ يُغَبِّطُهم».
قال ابنُ الأَثِيرِ: هكَذا رُوِيَ مُشَدَّدًا؛ أَي يَحْمِلُهم على الغَبْطِ، ويَجْعَلُ هذا الفِعْلَ عِنْدَهُم مِمَّا يُغْبَطُ عليه. قال: وإِنْ رُوِيَ بالتَّخْفِيفِ فيَكُونُ قد غَبَطَهُم لِسَبْقِهِم وتَقَدُّمِهِم إِلى الصَّلاةِ، كذا في النِّهَايَةِ.
والغَبْطُ، بالفَتْح ويُكْسَرُ: القَبَضَاتُ المَحْصُودَةُ المصْرُومَةُ من الزَّرْعِ، الجمع: غُبُوطٌ، ويُقَال: غُبُطٌ، بضَمَّتَيْنِ.
وقال الطّائفِيُّ: الغَبُوطُ: هي القَبضَاتُ الَّتَي إِذا حُصِدَ البُرُّ وُضِعَ قَبْضَةً، قَبْضَةً الوَاحِدُ غَبْطٌ، وقال أَبُو حَنِيفَةَ: الغُبُوطُ: القَبَضاتُ المَحْصُودَةُ المُتَفَرِّقَةُ من الزَّرْع، وَاحدُهَا غَبْطٌ على الغالِب.
والغَبِيطُ كأَمِيرٍ: الرَّحْلُ، وهو للَّنسَاءِ يُشَدُّ عَليه الهَوْدَجُ، كما في الصّحاحِ، قال امْرُؤُ القَيْسِ:
تَقُولُ وقد مَالَ الغَبِيطُ بِنَا معًا *** عَقَرْتَ بَعِيرِي يا امْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
وقيل: هو المَرْكَبُ الَّذِي هو مِثْلُ أُكُفِ البَخَاتِيِّ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: ويُقَبَّبُ بشِجَارٍ، ويَكُونُ للحَرَائرِ، وقِيلَ: هو قَتَبَةٌ تُصْنَعُ على غَيْرِ صَنْعَةِ هذِه الأَقْتَاب، أَو رَحْلٌ قَتَبُهُ وأَحْنَاؤُه وَاحِدَةٌ ج: غُبُطٌ، ككُتُبٍ. وفي الصّحاحِ: وقولُ أُمَيَّةَ بنِ أَبِي الصَّلْت الثَّقَفيّ:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كَأَنَّهَا غُبُطٌ *** بزَمْخَرٍ يُعْجِلُ الحَرْمِيَّ إِعْجَالا
يَعْنِي به خَشَب الرِّحالِ. وشبّه القِسِيَّ الفَارِسيّةَ بها، وأَنشد ابنُ بَرّيّ لوَعْلَةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْتُ نِسَاءَ الحَيِّ ضَاحِيَةً *** في سَاحَةِ الدّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ
وأَنشد ابنُ فَارِسٍ أَيْضًا هكذا لَهُ. وفي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَنَ:
«كَأَنَّهَا غُبُطٌ في زَمْخَرٍ
قال ابنُ الأَثِير: الغُبُطُ: جمعُ غَبِيطٍ، وهو المَوْضِعُ الَّذِي يُوَطَّأُ للمَرْأَةِ على البَعِيرِ، كالهَوْدَجِ يُعْمَلُ من خَشَبٍ وغَيْرِه، وأَرادَ به هاهنا أَحدَ أَخْشَابِه، شَبَّه به القَوْسَ في انْحِنائها.
والغَبِيطُ: مَسِيلٌ مِنَ الماءِ يَشُقُّ في القُفِّ كالوادِي في السَّعَةِ، وما بَيْنَ الغَبِيطَيْن يَكُونُ الرَّوْضُ والعُشْبُ، والجَمْعُ كالجَمْعِ، ورُبما سَمَّوا الأَرْض المُطْمَئِنَّة غَبِيطًا، كما فِي الصّحاحِ وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:
وكُلِّ غَبِيطٍ بالمُغِيرَةِ مُفْعَمِ
المُغيرَةُ: الخَيْلُ التي تُغِيرُ، أَو هِيَ الأَرْضُ الوَاسِعَةُ المُسْتَوِيَةُ يَرْتَفِعُ طَرَفاها كهَيْئَةِ الغَبِيطِ، وهو الرَّحْلُ اللَّطِيفُ، ووَسَطُهَا مُنْخَفِضٌ، وبه سُمِّيَتْ أَرْضٌ لِبَنِي يَرْبُوعٍ غَبِيطًا، وفي الصّحاح: اسُم وَادٍ، ومنه صَحْرَاءُ الغَبِيطِ، قال امْرُؤُ القَيْسِ:
وأَلْقَى بصَحَرَاءِ الغَبِيطِ بَعَاعَهُ *** نُزُولَ اليَمَانِي ذِي العِيَابِ المُحَمَّلِ
وقال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
فمَالَ بِنَا الغَبِيط بِجَانِبَيْهِ *** على أَرَكٍ ومالَ بِنَا أُفَاقُ
قلت: وهو قُفٌّ غَلِيظٌ في حَزْنِ بني يَرْبُوعٍ مَسِيرَةَ ثَلاثٍ في مِثْلِها، وهو بَيْنَ الكُوفَةِ وفَيْد.
وغَبِيطُ المَدَرَةِ: موضع، وله يومٌ مَعْرُوفٌ، كانَتْ فيه وَقْعَةٌ لشَيْبَانَ وتَمِيم، وتَمِيمٌ غَلَبَت فيهِ شَيْبَانَ، وفيه يَقُولُ العَوّامُ بنُ شَوْذَبٍ الشَّيْبَانِيُّ:
فإِنْ تَكُ في يَوْمِ الغَبِيطِ مَلامَةٌ *** فيَوْمُ العُظَالَى كان أَخْزَى وأَلْوَما
وفي العُبَابِ: وفي هذا اليَوْمِ أَسَرَ عُتَيْبَةُ بنُ الحَارِثِ بنِ شِهَابٍ بِسْطَامَ بن قَيْسٍ ففَدَى نفسَه بأَرْبَعِمائة ناقَةٍ، وقال جَرِيرٌ:
فما شَهِدَتْ يَوْمَ الغَبِيطِ مُجَاشِعٌ *** ولا نَقَلانَ الخَيْلِ من قُلَّتَيْ يُسْرِ
وقَال لَبيدٌ رضِيَ الله عنه:
فإِنَّ امْرأً يَرْجُو الفَلَاحَ وقد رَأَى *** سَوَامًا وحَيًّا بالأُفاقَةِ جاهِلُ
غَدَاةَ غَدَوْا منها وآزرَ سَرْبهَم *** مَواكِبُ تُحْدَى بالغَبِيطِ وجامِلُ
والغَبِيطَانِ: موضع، ولَهُ يَوْمُ، أَو كِلاهُمَا وَاحِدٌ، وجَعَلَهُمَا أَبو أَحْمَدَ العَسْكَرِيُّ يومَيْن ومَوْضِعَيْنِ.
وقال ابنُ دُرَيْدٍ: سَمَاءٌ غَبَطَى وغَمَطَى، كجَمَزَى: دائِمةُ المَطَرِ، ونَصُّ الجَمْهَرَةِ: إِذا أَغْمَطَت في السَّحابِ يَوْمَيْنِ أَو ثَلاثةً، وهو مَجَازٌ.
والاغْتِبَاطُ: التَّبَجُّحُ بالحَالِ الحَسَنَةِ، وقِيلَ: هو الفَرَحُ بالنّعْمَةِ، وفي تاجِ المَصَادِرِ: هو أَنْ يَصِيرَ الشَّخْصُ بحَالٍ يَغْتَبِطُ فِيهَا.
وفي اللِّسَانِ: هو شُكْرُ الله على ما أَنْعَمَ وأَفْضَلَ وأَعْطَى، وفي الصّحاحِ والمُحْكَم: غَبَطْتُه بِمَا نالَ أَغْبِطُهُ غَبْطًا وغِبْطَةً فاغْتَبَطَ هو، كقَوْلِكَ مَنَعْتُه فامْتَنَعَ، وحَبَسْتُهُ فاحْتَبَسَ، قال الشّاعِرُ:
وبَيْنَمَا المَرْءُ في الأَحْيَاءِ مُغْتَبِطٌ *** إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعَاصِيرُ
أَي هو مُغْتَبِطٌ، أَنْشَدَنِيه أَبُو سعِيدٍ بكَسْرِ الباءِ؛ أَي هو مَغْبُوطٌ، كما في الصّحاحِ.
قلتُ: وهو قولُ عُشِّ بنِ لَبِيدٍ العُذْرِيّ، ويُروَى لحُرَيْثِ بنِ جَبَلَةَ العُذْرِيِّ، ورَوَاهُ المَرْزُبَانِيُّ لجَبَلَةَ بنِ الحارِثِ العُذْرِيِّ، ووُجِدَ بخطِّ أَبِي سَعِيدٍ السُّكَّرِيِّ في أَشْعَارِ بَنِي عُذْرَةَ:
...مُغْتَبِطٌ *** إِذْ صارَ رَمْسًا تُعَفِّيهِ الأَعَاصِيرُ
وقالَ الأَزْهَرِيُّ: يَجُوزُ هو مُغْتَبَطٌ، بفَتْحِ الباءِ، وقد اغْتَبَطْتُه، واغْتُبِطَ فهو مُغْتَبَطٌ، وقد تَقَدَّم لهذا البَيْتِ ذِكْرٌ في «ع ص ر» وقِصَّةٌ، فراجِعْه.
* ومّما يُسْتَدْرَكُ عليه:
رَجُلٌ مَغْبُوطٌ ومُغْتَبِطٌ: في غِبْطَةٍ، ومُغْتَبَطٌ أَيضًا.
والإِغْبَاطُ: مُلازَمَةُ الرُّكُوبِ، وأَنْشَدَ ابنُ السِّكِّيتِ:
حَتَّى تَرَى البَجْبَاجَةَ الضَّيّاطَا *** يَمْسَحُ لَمَّا حالَفَ الإِغْبَاطَا
بالحَرْفِ من سَاعِدِهِ المُخَاطَا
وقال ابنُ شُمَيْلٍ: سَيْرٌ مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ؛ أَي دائمٌ لا يَسْتَرِيحُ، وقد أَغْبَطُوا على رُكْبَانِهِم في السَّيْرِ، وهو أَن لا يَضَعُوا الرِّحَالَ عَنْهَا لَيْلًا ولا نَهَارًا، وأَنْشَدَ الأَصْمَعِيُّ:
في ظِلِّ أَجَّاجِ المَقِيظِ مُغْبِطِه
وقال اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُغْبَطُ الكاثِبَة، كمُكْرَمٍ، إِذا كان مُرْتَفِعَ المَنْسِجِ. وهو مَجَازٌ، شُبِّه بصَنْعَةِ الغَبِيط، وفي الأَسَاس: كأَنّ عليه غَبِيطًا، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ لِلَبِيدٍ:
ساهِمُ الوَجْهِ شَدِيدٌ أَسْرُهُ *** مُغْبَطُ الحارِكِ مَحْبُوكُ الكَفَلْ
ومن سَجَعاتِ الأَسَاسِ: طَلَبُ العُرْفِ من الطُّلاّب، كغَبْطِ أَذْنابِ الكِلَاب.
وتَقُولُ: أُكْرِمْتَ فاغْتَبِطْ، واستكرمْتَ فارْتَبِطْ.
وَأَصَابَتْه حُمَّى مُغْبِطَةٌ، كما يُقَال: مُطْبِقَةٌ، وهو مَجَازٌ، وأَنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
خَوَّى قَلِيلًا غَيْرَ ما اغْتِبَاطِ
ولم يُفَسِّرْه، قال ابنُ سِيدَه: عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاه: لم يَرْكَنْ إِلى غَبِيطٍ من الأَرْضِ وَاسِعٍ، وإِنَّمَا خَوَّى على مَكَانٍ ذِي عُدَوَاءَ غيرِ مُطْمَئِنٍّ.
واسْتَدْرَكَ شَيْخُنا: غَبَطَ، إِذا كَذَبَ، نَقْلًا عن ابْنِ القَطّاعِ. قلتُ: راجَعْتُه في كتاب الأَبْنِيَة له فوَجَدْتُ فيه كما قال شَيْخُنا، غيرَ أَنَّه تَقَدَّم في «ع ب ط» هذا المَعْنَى بعَيْنِه، فلعلَّه تَصَحَّفَ على ابْنِ القَطّاع، إِذ انْفَرَدَ به، ولم يَذْكُرْه غيرُه، فيُحْتَاجُ إِلى نَظَرٍ وتَأَمُّلٍ.
وغِبْطَةُ بِنْتُ عَمْرٍو المُجَاشِعِيَّةُ، بالكَسْر، رَوَتْ عن عَمَّتِهَا أُمِّ الحَسَن عن جَدَّتِهَا عن عائِشَةَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
27-تاج العروس (كرع)
[كرع]: الكَرَعُ، مُحَرَّكَةً: ماءُ السَّمَاءِ يَجْتَمِعُ في غَدِيرٍ أَو مَسَاكٍ يُكْرَعُ فيهِ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: فَعَلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ، يُقال: شَرِبْنَا الكَرَعَ، وأَرْوَيْنَا نَعَمَنا بالكَرَعِ، قالَ الرّاعِي ـ ونَسَبَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ لابْنِ الرِّقاعِ يَصِفُ ناقَةً وراعِيَها بالرِّفْقِ ـ:يُسِيمُهَا آبِلٌ إِمَّا يُجَزِّئُها *** جَزْءًا طَوِيلًا، وإِمّا تَرْتَعِي كَرَعَا
هذه روايَةُ العُبابِ، ورِوايَةُ الصِّحاحِ:
يَسُنُّهَا آبلٌ ما إِنْ يُجَزِّئُها *** جَزْءًا شَدِيدًا وما إِنْ تَرْتَوِي كَرَعَا
وِالكَرَعُ مِنَ الدَّابَّةِ: قَوائِمُها.
وِالكَرَعُ: دِقَّةُ السّاقِ، وقال أَبُو عَمْرٍو: دِقَّةُ مُقَدَّمِ السّاقَيْنِ وهُوَ أَكْرَعُ، وقد كَرِعَ.
وِالكَرَعُ: السَّفِلُ مِنَ النّاسِ، وفي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ: «فَهَلْ يَنْطِقُ فِيكُم الكَرَعُ» قالَ ابنُ الأَثِيرِ: تَفْسِيرُه: الدَّنِئُ النَّفْسِ والمَكَانِ، وقالَ في حَدِيثِ عَلِيٍّ: «لو أَطَاعَنَا أَبُو بَكْرٍ فِيمَا أَشَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ تَرْكِ قِتَالِ أَهْلِ الرِّدَّةِ؛ لغَلَبَ عَلَى هذَا الأَمْرِ الكرَعُ والأَعْرَابُ» أَي: السِّفْلَةُ والطَّغَامُ من النّاسِ، شُبِّهُوا بكَرَعِ الدّابَّةِ، أَي: قَوَائِمِها للوّاحِدِ والجَمْعِ يُقَالُ: رَجُلٌ كَرَعٌ، ورَجُلانِ كَرَعٌ، ورِجَالٌ كَرَعٌ.
وِمن المَجَازِ: الكَرَعُ: اغْتِلامُ الجَارِيَةِ وحُبُّهَا لِلْجِمَاعِ، وهِيَ كَرِعَةٌ، كفَرِحَةٍ: مِغْلِيمٌ وقد كَرِعَتْ، ورَجُلٌ كَرِعٌ كذلِك.
وِكَرِعَ كَفرِحَ كَرَعًا: اجْتَزَأَ بأَكْلِ الكُرَاعِ، بالضّمِّ، وسَيَأْتِي مَعْنَاه قَرِيبًا.
وِكَرِعَ فُلانٌ كَرَعًا: شَكَى* كُراعَه.
أَو كَرِعَ كَرَعًا: صارَ دَقِيقَ الأَكَارِعِ، ولَيْسَ في نَصِّ اللِّسَانِ الأَذْرُع طَوِيلَةً كَانَتْ أَوْ قَصِيرَةً فهُوَ أَكْرَعُ.
وِكَرِعَ الرَّجُلُ كَرَعًا: سَفَلَ ودَنُؤَ، وهو مَجازٌ.
وِكَرِعَت السّاقُ: دَقَّ مُقَدَّمُها، عن أَبِي عَمْرٍو.
وِكَرِعَتِ السّماءُ: أَمْطرَتْ.
وِكَرِع كَرَعًا: سارَ فِي الكُرَاعِ مِنَ الحَرَّةِ وسَيَأْتِي مَعْنَاهُ.
وِكَرِع الرَّجُلُ بطِيبٍ فَصَاكَ بهِ، أَي: تَطَيَّبَ بِطِيبٍ فلَصِقَ بهِ.
وِكَرِعَت المَرْأَةُ إِلَى الرَّجُلِ: اشْتَهَتْ إِليهِ، وأَحَبَّتِ الجِمَاع فهِيَ كَرِعَةٌ، وقد تَقدَّمَ، وهو مَجَازٌ، قالَ الزَّمَخْشَريُّ: لأَنَّهَا تَمُدُّ إِلَيْهِ عُنُقَهَا، فِعْلَ الكارِع طُمُوحًا.
وَكَرِعَ في الماءِ، أَو في الإِناءِ، كمَنَعَ وهو الأَكْثَرُ وفِيهِ لُغَةٌ ثانِيَةٌ: كَرِعَ، مثل سَمِعَ كَرْعًا، بالفَتْح، وكُرُوعًا، بالضَّمِّ: تَنَاوَلَه بفِيهِ من مَوْضِعِه مِنْ غَيْرِ أَنْ يَشْرَبَ بِكَفَّيْهِ ولا بإِناءٍ، وقِيلَ: هو أَنْ يَدْخُل النَّهْرَ، ثُمَّ يَشْرَبَ، وقِيلَ: هُوَ أَنْ يُصَوِّبَ رَأْسَه في الماءِ وإِن لَمْ يَشْرَبْ، وفي حَدِيثِ عِكْرِمَةَ: «أَنّه كَرِهَ الكَرْعَ في النَّهْرِ»: وكُلُّ شَيْءٍ شَرِبْتَ مِنْهُ بفِيك ـ من إِناءٍ أَو غَيْرِه ـ فَقَدْ كَرَعْتَ، ويُقَالُ: اكْرَعْ فِي هذا الإِناءِ نَفَسًا أَو نَفَسَيْنِ وقِيلَ كَرَعَ في الإِناءِ إِذا أَمالَ نَحْوَه عُنُقَه، فَشَرِبَ مِنْهُ، والأَصْلُ فيهِ شُرْبُ الدَّوابِّ بفِيها؛ لأَنَّها تُدْخِلُ أَكارِعَها فِيه، أَوْ لا تَكادُ تَشْرَبُ إلّا بإِدْخَالِها فِيه.
وِالكارِعَاتُ: النَّخِيلُ الَّتِي عَلَى، وفي بعضِ نُسَخِ الصِّحاحِ: حَوْل الماءِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن أَبي عُبَيْد، وهو مَجَازٌ، كأَنَّهَا شَرِبَتْ بعُرُوقِها، قالَ لَبِيدٌ يَصِفُ نَخْلًا نابِتًا عَلَى الماءِ:
يَشْرَبْنَ رِفْها عِراكًا غَيْرَ صادِرَةٍ *** فكُلُّها كارِعٌ فِي الماءِ مُغْتَمِرُ
وِقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: كُلُّ خائِضِ ماءٍ: كارعُ، شَرِبَ أَو لَمْ يَشْرَبْ.
وِقالَ أَيْضًا: يُقَالُ: رَمَاهُ؛ أَي الوَحْشَ، فكَرَعَه، كمَنَعَه: إِذا أَصَابَ كُراعَهُ.
وِالكَرّاعُ كشَدَّادٍ: مَنْ يُخَادِنُ، وفي بعضِ الأُصُول مَن يُحَادِثُ السِّفَلَ مِنَ النّاسِ.
وِالكَرّاعُ أَيْضًا: مَنْ يَسْقي مالَه بالكَرَعِ؛ أَي بماءِ السَّمَاءِ في الغُدْرانِ. والكَرِيعُ، كأَمِيرٍ: الشّارِبُ مِنَ النَّهْرِ بيَدَيْهِ إِذا فَقَدَ الإِنَاءَ، قالَهُ أَبو عَمْرٍو، وأَمّا الكارِعُ: فهُو الَّذِي رَمَى بفَمِه في الماءِ.
وِالكُرَاعُ كغُرَابٍ، مِنَ البَقَر والغَنَمِ: بمَنْزِلَةِ الوَظِيفِ مِنَ الفَرَسِ، وهُوَ مُسْتَدِقُّ السّاقِ العَارِي عَنِ اللَّحْمِ، كما في العُبابِ، وفي الصِّحاحِ: بمَنْزِلَةِ الوَظِيفِ في الفَرَسِ والبَعِيرِ، وفي المُحْكَمِ: الكُرَاعُ من الإِنْسَانِ: ما دُونَ الرُّكْبَةِ إِلى الكَعْبِ، ومِنَ الدَّوابِّ: ما دُونَ الكَعْبِ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: وهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الحافِرِ: ما دُونَ الرُّسْغ، قالَ: وقد يُسْتَعْمَلُ الكُرَاعُ أَيْضًا للإِبِلِ كا اسْتُعْمِلَ في ذَواتِ الحافِرِ، كما في شِعْر الخَنْسَاءِ.
فقامَتْ تَكُوسُ عَلَى أَكْرُعٍ *** ثَلاثٍ، وغادَرْتَ أُخْرَى خَضِيبَا
فجَعَلَتْ لها أَكارِعَ أَرْبَعَةً، وهو الصَّحِيحُ عندَ أَهْلِ اللُّغَةِ في ذواتِ الأَرْبَعِ، قالَ: ولا يَكُونُ الكُرَاعُ فِي الرِّجْلِ دُونَ اليَدِ إِلّا فِي الإِنْسَانِ خاصَّةً، وأَمّا ما سِوَاهُ فيَكُونُ في اليَدَيْنِ والرِّجْلَيْنِ، وقالَ اللِّحْيَانِيُّ: هُمَا مِمّا يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ، قالَ: ولَمْ يَعْرِف الأَصْمَعِيُّ التَّذْكِيرَ، وقالَ مَرَّةً أُخْرَى: وهو مُذَكَّرٌ لا غَيْرُ، وقالَ سِيبَوَيْه: وأَمَّا كُراعُ فإِنَّ الوَجْهَ فيه تَرْكُ الصَّرْفِ، ومنَ العَرَبِ مَنْ يَصْرِفُه، يُشَبِّهُهُ بذِراعٍ، وهو أَخْبَثُ الوَجْهَيْنِ، يَعْنِي أَنَّ الوَجْهَ إِذا سُمِّيَ بهِ أَنْ لا يُصْرَفَ، لأَنَّه مُؤَنَّثٌ. سُمِّيَ به مُذَكَّرٌ، وفي الحَدِيثِ: «لَوْ دُعِيتُ إِلَى كُرَاعٍ لأَجَبْتُ، ولو أُهْدِيَ إِليَّ كُرَاعٌ أَو ذِرَاعٌ لقَبِلْتُ».
وقالَ السّاجِعُ:
يا نَفْسُ لَنْ تُراعِي *** إِنْ قُطِعَتْ كُراعِي
إِنَّ مَعِي ذِراعِي *** رَعَاكِ خَيْرُ راعِ
ج: أَكْرُعٌ وقد تَقَدَّمَ شاهِدُه في قولِ الخَنْسَاءِ وأَكارِعُ وفي الصِّحاحِ: ثُمَّ أَكارعُ، كأَنَّهُ إِشارَةٌ إِلى أَنّه جَمْعُ الجَمْع، وأَمّا سِيبَوَيْهٌ فإِنَّه جَعَلَه مِمّا كُسِّرَ على ما لا يُكَسَّرُ عليهِ مِثْلُه؛ فِرارًا من جَمْعِ الجَمْعِ، وقد يُكَسَّرُ عَلَى كِرْعَانٍ، والعَامَّةُ تَقُولُ: الكَوَارِعُ.
وِالكُرَاعُ: أَنْفٌ يَتَقَدَّمُ مِنَ الحَرَّةِ أَو مِنَ الجَبَلِ مُمْتَدٌّ سائِلٌ، وهو مَجازٌ، وقِيل: هو ما اسْتَدَقَّ مِنَ الحَرَّةِ وامْتَدَّ في السَّهْلِ، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: العُنُقُ من الحَرَّةِ يَمْتَدُّ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لعَوْفِ بنِ الأَحْوَصِ:
أَلَمْ أَظْلِفْ من الشُّعَرَاءِ عِرْضِي *** كَمَا ظُلِفَ الوَسِيقَةُ بالكُرَاعِ؟
وقالَ غيرُه: الكُرَاعُ: رُكْنٌ من الجَبَلِ يَعْرِضُ في الطَّرِيقِ ج: كِرْعانٌ، كغِرْبانٍ.
وِالكُرَاعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ: طَرَفُه، والجَمْعُ: كِرْعانٌ، وأَكارِعُ.
وِالكُرَاعُ: اسمٌ يَجْمَعُ الخَيْلَ والسِّلاحَ، وهُوَ مَجَازٌ.
وِكُراعُ الغَمِيمِ: موضع، عَلَى ثَلاثَةِ أَمْيَال مِنْ عُسْفَانَ والغَمِيمُ: وادٍ أُضِيفَ إِليهِ الكُرَاعُ، كما فِي العُبَابِ.
وِأَكْرُعُ الجَوْزاءِ: أَواخِرُهَا قال أَبو زُبَيْدٍ:
حَتَّى اسْتَمَرَّتْ إِلَى الجَوْزَاءِ أَكْرُعُها *** وِاسْتَنْفَرَتْ رِيحُهَا قاعَ الأَعَاصِيرِ
وِمنَ المَجَاز: أَكارِعُ الأَرْضِ: أَطْرَافُهَا القاصِيَةُ، شُبِّهَتْ بِأَكارِعِ الشّاءِ، والواحِدُ كُرَاعٌ، ومِنْهُ حَدِيثُ النَّخَعِيِّ: «لا بَأْسَ بالطَّلَبِ في أَكَارِعِ الأَرْضِ» أَي: نَوَاحِيها وأَطْرَافِهَا.
وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: أَكْرَعَكَ الصَّيْدُ وأَخْطَبَكَ، وأَصْقَبَكَ، وأَقْنَى لَكَ: بمَعْنَى أَمْكَنَكَ.
قالَ: والمُكْرِعَاتُ من الإِبِلِ بكسرِ الرّاءِ: اللَّوَاتِي تُدْخِلُ رُؤُوسَها إِلى الصِّلاءِ، فتَسْوَدُّ أَعْنَاقُهَا وفي المُصَنَّفِ لِأَبِي عُبَيْدٍ: هِيَ المُكْرَباتُ، وقالَ غيرُه: هِيَ الّتِي تُدْنَى إِلى البُيُوتِ لتَدْفَأَ بالدُّخانِ، وأَنْشَدَ أَبُو حَنِيفَةَ للأَخْطَلِ:
فَلا تَنْزِلْ بجَعْدِيٍّ إِذا مَا *** تَرَدَّى المُكْرَعاتُ مِنَ الدُّخانِ
وِالمُكْرَعاتُ بفتحِ الرّاءِ: ما غُرِسَ في الماءِ مِنَ النَّخِيلِ وغَيْرِهَا ونَقَلَ الجَوْهَرِيُّ عن أَبِي عُبَيْدٍ: الكارِعاتُ والمُكْرِعَاتُ: النَّخِيلُ الَّتي عَلَى الماءِ، قالَ: وهِيَ الشَّوَارِعُ، ووُجِدَ هكذا بكَسْرِ الرّاءِ في سائِرِ نُسَخِ الصِّحاحِ، وقَدْ أَكْرَعَتْ، وهيَ كارِعَةٌ ومُكْرِعَةٌ، وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: هي الّتي لا يُفَارِقُ الماءُ أُصُولَهَا، وأَنْشَدَ:
أَو المُكْرِعاتِ من نَخِيلِ ابنِ يامِنٍ *** دُوَيْنَ الصَّفا الّلائِي يَلِينَ المُشَقَّرَا
وفي العُبَابِ: هو قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ يُشَبِّهُ الظَّعْنَ بالنَّخِيلِ.
وِفَرَسٌ مُكْرَعُ القَوَائِمِ، كمُكْرَم: شَدِيدُهَا قالَ أَبُو النَّجْمِ:
أَحْقبُ مَجْلُوزٌ شَوَاهُ مُكْرَعُ
وِقالَ الخَلِيلُ: تَكَرَّعَ الرَّجُلُ، أَيْ: تَوَضَّأَ لِلصَّلاةِ، لأَنَّهُ أَمَرَّ الماءَ عَلَى أَكارِعهِ، أَي: أَطْرَافِه وقالَ الأَزْهَرِيُّ: تطَهَّرَ الغُلامُ، وتَكَرَّعَ، وتَمَكَّنَ: إِذا تَطَهَّرَ للصَّلاةِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
يُقَالُ لِلضَّعِيفِ الدِّفَاعِ: فُلانٌ ما يُنْضِجُ الكُرَاعَ.
وِالكُرَاعُ، بالضَّمِّ: نُبْذَةٌ من ماءِ السَّمَاءِ في المَساكاتِ، وهُوَ مَجَازٌ، مُشَبَّهٌ بكُراعِ الدّابَّةِ في قِلَّتِه.
وِكُرَاعا الجُنْدُبِ: رِجْلاهُ، وهُوَ مَجازٌ، ومنه قَوْلُ أَبِي زُبَيْدٍ:
وِنَفَى الجُنْدُبُ الحَصَى بكُرَاعَيْ *** هِ وأَوْفَى فِي عُودِهِ الحِرْباءُ
وِكُراعُ الأَرْضِ: ناحِيَتُها.
وِأَكْرَعَ القَوْمُ: إِذا صَبَّتْ عليِهمُ السَّمَاءُ، فاسْتَنْقَعَ الماءُ حَتّى يَسْقُوا إِبِلَهُمْ منه، وفي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ: «شَرِبْتُ عُنْفُوانَ المَكْرَع»، هو مَفْعَلٌ من الكَرْعِ، أَرادَ بهِ: عَزَّ فَشَرِبَ صافِيَ الأَمْرِ وشَرِبَ غَيْرُه مِنَ الكَدِرِ، وقالَ الحُوَيْدِرَةُ:
وِإِذا تُنازِعُكَ الحَدِيثَ رَأَيْتَها *** حَسَنًا تَبَسُّمُها لَذِيذَ المَكْرَعِ
وقَرَأْتُ في المُفَضَّلِيّاتِ: قالَ: المَكْرَع: تَقْبِيلُه إِيْاها، أَخَذَه من قَوْلِكَ: كَرَعْتُ في الماءِ، ويُرْوَى: «لَذِيذَ المَشْرَعِ». وقالَ أَحْمَدُ بنُ عُبَيْدٍ: المَكْرَعُ: ما يُكْرَعُ مِنْ رِيقِها، قال: لَذِيذَ المَكْرَع، فنَقَلَ الفِعْلَ، وأَقَرَّهُ على الثّانِي، فتَرَكَه مُذَكَّرًا، ولَيْسَ هُوَ الأَصْلُ؛ لِانَّكَ إِذا نَقَلْتَ الفِعْلَ إِلَى الأَوَّلِ أَضَفْتَ وأَجْرَيْتَه على الأَوَّلِ في تَأْنِيثِه وتَذْكِيرِه وتَثْنِيَتهِ وجَمْعِه، ورُبَّمَا أَقَرُّوه عَلَى الثّانِي، وهُوَ قَلِيلٌ، فتَقُولُ ـ إِذا أَجْرَيْتَ المَنْقُولَ عَلَى الثّانِي وأَقْرَرْتَه له ـ: مَرَرْتُ بامْرَأَةٍ كَرِيم الأَبِ.
وِالكَرَعُ مُحَرَّكَةً: الَّذِي تَخُوضُهُ الماشِيَةُ بأَكارِعِها.
وِأَكْرَعُوا: أَصابُوا الكَرَعَ.
وِالمُكْرَعَاتُ: النَّخْلُ القَرِيبَةُ مِنَ البُيُوتِ.
وِأَكارِعُ النّاسِ: السَّفِلَةُ، شُبِّهُوا بأَكارِع الدَّوابِّ، وهو مَجَازٌ.
وأَبُو رِياشٍ سُوَيْدُ بنُ كُراعَ: مِنْ فُرْسانِ العَرَبِ وشُعَرائِهِم، وكُرَاعُ: اسمُ أُمِّهِ لا يَنْصَرِفُ، واسمُ أَبِيهِ عَمْرٌو، وقيل: سَلَمَةُ العُكْلِيُّ، قالَ سِيبَوَيْهٌ: وهُوَ من القِسْمِ الّذِي يَقَعُ فِيهِ النَّسَبُ إِلى الثّانِي؛ لأَنَّ تَعَرُّفَهُ إِنّما هُوَ بهِ، كابْنِ الزُّبَيْرِ، وأَبِي دَعْلَجٍ.
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: وأَمّا الكَرَّاعَةُ ـ بالتَّشْدِيدِ ـ الَّتِي تَلْفِظُ بِها العامَّةُ فَكَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ. والكَوَارِعُ من النَّخِيلِ: الكارِعاتُ.
وفَرَسٌ أَكْرَعُ: دَقِيقُ القَوائِمِ، وهي كَرْعَاءُ.
وِكَرَّعَ في الماءِ تَكْرِيعًا، كَكَرِعَ.
وذَا مَكْرَعُ الدّوابِّ، ومَكارِعُها.
ويَوْمُ الأَكارِعِ: هو يُومُ النَّفْرِ الأَوَّلِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
28-تاج العروس (نسع)
[نسع]: النِّسْعُ، بالكَسْرِ: سَيْرٌ يُنْسَجُ، أَي: يُضْفَرُ عَرِيضًا عَلَى هَيئَةِ أَعِنَّةِ النِّعَالِ، تُشَدُّ بِهِ الرِّحَالُ، والقِطْعَةُ مِنْه نِسْعَةٌ، وسُمِّيَ نِسْعًا لطُولِه، وفِي الصِّحاحِ: النِّسْعَةُ: الّتِي تُنْسَجُ عَرِيضًا للتَّصْدِيرِ، ومِثْلُه فِي العُبَابِ، وفِي النِّهَايَةِ: هُوَ سَيْرٌ مَضْفُورٌ يُجْعَلُ زِمَامًا للبَعِيرِ وغَيْرِه، وقَد تُنْسَجُ عَرِيضَةً، تُجْعَلُ عَلَى صَدْرِ البَعِيرِ، قالَ عَبْدُ يَغُوثَ:أَقُولُ وقَدْ شَدُّوا لِسَانِي بنِسْعَةٍ
وجَعَلَ الجَوْهَرهيُّ النِّسْعَ، بالكَسْرِ، جَمْعًا للنِّسْعَةِ، وقالَ ابنُ بَرِّيّ: وقَدْ جاءَ فِي شِعْرِ حُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ النِّسْعُ للواحِدِ، قالَ:
رَأَتْنِي بنِسْعَيْهَا فرَدَّتْ مَخافَتِي *** إِلى الصَّدْرِ رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
ج: نُسْعٌ، بالضَّمِّ، كَما فِي المُحْكَمِ، ونِسَعٌ كعِنَبٍ، وأَنْساعٌ، ونُسُوعٌ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للأَعْشَى:
تَخالُ حَتْمًا عَلَيْهَا كُلَّما ضَمَرَتْ *** مِن الكَلَالِ بأَنْ تَسْتَوْفِيَ النِّسَعَا
وقالَ الرّاجِزُ:
عالَيْتُ أَنْسَاعِي وجِلْبَ الكُورِ
وقالَ المَرّارُ بنُ سَعِيدٍ:
وِقَدْ عُلِقَتْ حَدَائِدُهَا وحُلَّتْ *** جَنائِبُها فزايَلَتِ النُّسُوعَا
وقالَ ابنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ لِلْبِطَانِ والحَقَبِ: هُمَا النِّسْعَانِ.
وِنَسَعَتِ الأَسْنَانُ، كمَنَعَ، نَسْعًا ونُسُوعًا: انْحَسَرَتِ اللِّثَةُ عَنْهَا واسْتَرْخَتْ، يُقَالُ: نَسَعَ فُوهُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للرّاجِزِ:
وِنَسَعَتْ أَسْنَانُ عَوْدٍ فانْجَلَعْ *** عُمُورُها عَنْ ناصِلاتٍ لَمْ تَذَعْ
كنَسَّعَتْ تَنْسِيعًا، وهذا عَن الأَصْمَعِيِّ، قالَ: تَنْسِيعُ الأَسْنَانِ: أَنْ تَطُولَ وتَسْتَرْخِيَ حَتّى تَبْدُوَ أَصُولُهَا الَّتِي كانَتْ تُوارِيها اللِّثَةُ، وتَنْحَسِرَ اللِّثَةُ عَنْهَا.
وِقال ابنُ دُرَيْدٍ: نَسَعَتْ ثَنِيَّتاهُ: خَرَجَتَا مِنَ العَمْرِ، وكذلِكَ نَسَغَتْ بالغينِ.
وِنَسَعَ فِي الأَرْضِ: إِذا ذَهَبَ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
وِقالَ اللَّيْثُ: نَسَعَتِ المَرْأَةُ نَسْعًا ونُسُوعًا: طالَ ظَهْرُهَا، أَوْ سِنُّهَا، أَو بَطْنُهَا هكَذَا هُو في سائِرِ النُّسَخِ، وهُوَ غَلَطٌ، صَوَابُه: «أَو بَظْرُها» كَمَا هُوَ نَصُّ العَيْنِ والعُبَابِ واللِّسَانِ.
وِعن الأَعْرَابِيِّ النِسْع بالكسر هو المفصلُ بين الكفِّ والسَّاعدِ وكذلك السِنع وقد تقدم.
وِقالَ الأَصْمَعِيُّ: النِّسْعُ: اسْمُ رِيحِ الشَّمَالِ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: سُمِّيَتِ الشَّمالُ نِسْعًا لِدقَّةِ مَهَبِّها، شُبِّهَتْ بالنِّسْعِ المَضْفُورِ مِنَ الأَدِيمِ، وقالَ ابنُ عَبّادٍ: رِيحٌ نِسْعِيَّةٌ، كالمِنْسَعِ، كمِنْبَرٍ، هكَذا في سائِرِ النُّسَخِ، وهو غَلَطٌ صَوَابُه: «كالمِسْعِ» بكَسْرِ المِيمِ، كَما هُوَ نَصُّ الأَصْمَعِيِّ فِي الصِّحاحِ، ومِثْلُه في اللِّسَانِ والعُبَابِ، وقال شَمِرٌ: هُذَيْلُ تُسَمِّي الجَنُوبَ مِسْعًا، قالَ: وسَمِعْتُ بَعْضَ الحِجَازِيِّينَ يَقُول: هو يُسْعٌ، وغَيْرُهُم يَقُول: هُوَ نِسْعٌ، وزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ المِيمَ بَدَلٌ من النُّونِ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لقَيْسِ بنِ خُوَيلِدٍ:
وَيْلُمِّها لِقْحَةً إِمّا تُؤَوِّبُهُمْ *** نِسْعٌ شَآمِيَةٌ فِيها الأَعَاصِيرُ
وِنِسْع: د، أَو جَبَلٌ أَسْوَدُ، بَيْنَ الصَّفْراءِ ويَنْبُعَ، قالَ كُثَيِّرُ عَزَّةَ:
سَلَكْتُ سَبِيلَ الرّائِحاتِ عَشِيَّةً *** مَخارِمَ نِسْعٍ أَوْ سَلَكْنَ سَبِيلِي
وِقالَ ابنُ الأَثِيرِ: نِسْعٌ: مَوْضِعٌ بالمَدِينَةِ، وهُوَ الَّذِي حَماهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم والخُلَفَاءُ، وهُوَ صَدْرُ وادِي العَقِيقِ.
وِأَنْسَعَ الرَّجُلُ: إِذا دَخَلَ فِيهَا، أَي: في رِيحِ الشَّمَالِ.
وِقالَ أَبُو عَمْرٍو: أَنْسَعَ فُلانٌ: إِذا كَثُرَ أَذاهُ لجِيرَانِه.
وِقالَ ابنُ فارِسٍ: النّاسِعُ: العُنُقُ الطَّوِيلُ الَّذِي كأَنَّه جُدِلَ جَدْلًا.
وِقالَ غَيْرُه: النّاسِعُ: النّاتِئُ، ويُقَالُ: هُوَ بالشِّينِ. وبهاءٍ قالَ اللَّيْثُ: النّاسِعَةُ: المَرْأَةُ الطَّوِيلَةُ الظَّهْرِ، أَو البَظْرِ، أَو السِّنِّ، أَو الَّتِي لمْ تُخْتَنْ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ، كالنَّاسِعِ أَي: فِي المَعْنَى الأَخِيرِ، يُقَال: جارِيَةٌ ناسِعٌ.
وِالنُّسُوعُ: الطُّولُ، قالَهُ اللَّيْثُ.
وِالنُّسُوعُ: قَصْرٌ باليَمَامَةِ مِنْ أَشْهَرِ قُصُورِها.
وِذَاتُ النُّسُوعِ، بالسِّينِ، ويُقَالُ بالشِّينِ: فَرَسُ بَسْطامِ بنِ قَيْسٍ، ويُقَال: ذاتُ النُّسُورِ بالرّاءِ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: المِنْسَعَةُ كمِكْنَسَةٍ، والَّذِي في الجَمْهَرَةِ بفَتْحِ المِيمِ، وهكَذَا هُوَ في التَّكْمِلَةِ أَيْضًا: الأَرْضُ السَّرِيعَةُ النَّبْتِ، يَطُولُ نَبْتُهَا وبَقْلُهَا، زَعَمُوا.
قالَ: واليَنْسُوعَةُ: موضع، بَيْنَ مَكَّةَ والبَصْرَةِ، والياءُ والواوُ زائِدَتَانِ؛ لأنَّهَا مِنَ النَّسْعِ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: يَنْسُوَعةُ القُفِّ: مَنْهَلٌ مِنْ مَناهِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى جادَّةِ البَصْرَةِ، بِهَا رَكَايَا كَثيرَةٌ عَذْبَةُ الماء، عِنْدَ مُنْقَطعِ رِمَالِ الدَّهْنَاءِ، بينَ ماوِيَّةَ النِّبَاجِ، قالَ: وقَدْ شَرِبْتُ مِنْ مائِهَا. قُلْتُ: وهِيَ لِبَنِي مالِكِ بنِ جُنْدَبِ بنِ العَنْبَرِ.
وِقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: انْتَسَعَتِ الإِبِلُ: إِذا تَفَرَّقَتْ فِي مَراعِيها، وكَذلِكَ انْتَسَغَتْ، بالغَيْنِ، قالَ الأَخْطَلُ:
رَجَنَّ بحَيْثُ تَنْتَسِعُ المَطَايَا *** فلا بَقًّا يَخَفْنَ ولا ذُبابَا
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ:
رَجُلٌ مَنْسُوعٌ: أَخَذَتْهُ رِيحُ الشَّمَالِ، قالَ ابنُ هَرْمَةَ:
مُتَتَبِّعٌ خَطَئِي يَوَدُّ لَو انَّنِي *** هابٍ بمُدْرَجَةِ الصَّبا مَنْسُوعُ
ويُرْوَى «مَيْسُوع» كما سَيَأْتِي.
وهذا سَنْعُهُ، وسِنْعُه، وشَنْعُه، وشِنْعُه، أَي: وَفْقُه، عن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ.
وِأَنْسَاعُ الطَّرِيقِ: شَرَكُه.
وِنِسْعٌ، بالكَسْر: مَوْضِعٌ بالمَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ ـ عَلَى ساكِنِهَا أَفْضَلُ الصّلاةِ والسَّلام ـ وقد ذُكِرَ.
وسُلَيْمَانُ بنُ نَسَعٍ الحَضْرَمِيُّ، الأَنْدَلُسِيُّ، الخَطِيبُ، مُحَرَّكَةً، مُعَاصِرٌ للقَاضِي عِيَاضٍ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
29-تاج العروس (عصقل)
[عصقل]: العُصْقُولُ، بالضم: أَهْمَلَه الجوْهَرِيُّ وصاحِبُ اللّسَانِ.وقالَ ابنُ عَبَّادٍ: هو ذَكَرُ الجَرادِ.
قالَ: والعَصاقيلُ: الأعاصيرُ، كما في العُبَابِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
30-تاج العروس (قو قوو قوقو)
[قوو]: والقُوَّةُ، بالضَّمِّ: ضِدُّ الضَّعْفِ يكونُ في البَدَنِ وفي العَقْلِ.قالَ الليْثُ: هو من تأْلِيفِ قوي، ولكنَّها حمِلَتْ على فُعْلةٍ فأُدْغِمَتِ الياءُ في الواوِ كراهِيَة تَغير الضمَّة؛ الجمع: قُوًى، بالضَّمِّ والكسْرِ؛ الأخيرَةُ عن الفرَّاء.
وقولُه تعالى: {يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ}؛ أَي بجِدِّ وعَوْنٍ من اللهِ تعالى؛ كالقِوايَةِ، بالكسْر. يقالُ ذلكَ في الحَزْمِ، ولا يقالُ في البَدَنِ، وهو نادِرٌ، وإنَّما حُكْمُه القِواوَةُ أَو القِواءَةُ؛ قالَ الشاعِرُ:
ومالَ بأعْناقِ الكَرَى غالِباتُها *** وإنِّي على أَمْرِ القِوايَةِ حازِمُ
وقَوِيَ الضَّعيفُ، كرَضِيَ، قُوَّةً فهو قَوِيٌّ، والجَمْعُ أَقْوياءُ؛ وتَقَوَّى مِثْلُه، كما في الصِّحاح؛ واقْتَوَى كَذلكَ؛ قالَ رُؤْبَة:
وقُوَّةَ اللهِ بها اقْتَوَيْنا
وقيلَ: اقْتَوَى جادَتْ قُوَّتُه.
وقَوَّاهُ اللهُ تعالى تَقْوِيَةً.
وفي المُحْكم: قَوَّى اللهُ ضَعْفَك؛ أَي أَبْدَلَكَ مَكانَ الضَّعْفِ قوَّةً؛ وقد جاءَ كَذلكَ في الدُّعاءِ للمَرِيضِ، ومَنَعَه الإمامُ الشَّافِعِيّ؛ ذَكَره ابنُ السَّبْكيّ في الطَّبقاتِ.
وحَكَى سِيْبَوَيْه: فلانٌ* يُقَوَّى، بالتَّشْدِيدِ؛ أَي يُرْمَى بذلك.
وفَرَس مُقْوٍ، كمُعْطٍ: أَي قَوِيٌّ.
ورجُلٌ مُقْوٍ: ذُو دَابَّةٍ قَوِيَّةٍ.
وفلانٌ قَوِيٌّ مُقْوٍ: أَي قَوِيٌّ في نَفْسِه، ومُقْوٍ في دابَّتِه.
وفي حديثِ غَزْوةِ تَبُوك: «لا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا إلَّا رجُلٌ مُقْوٍ»؛ أَي ذُو دابَّةٍ قَوِيَّةٍ ومنه قولُ الأسْوَد بنِ يَزِيد في تَفْسِيرِ قولِه، عَزَّ وجلَّ: {وَإِنّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ}؛ قالَ: مُقْوُون مُؤْدُون؛ أَي أَصْحاب دَوابِّ قَوِيَّةٍ كامِلُو أَدَاةِ الحرْبِ.
والقُوَى، بالضَّمِّ: العَقْلُ؛ أَنْشَدَ ثَعْلَب:
وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما
نَبَّهْتُ والرُّقادُ قد عَلاهُما *** إلى أَمُونَيْنِ فَعَدَّياهُما
والقُوَى: طاقاتُ الحَبْلِ، جَمْعُ قُوَّة للطَّاقَةِ من طَاقاتِ الحَبْلِ أَو الوَتَرِ، ويقالُ في جَمْعِه القِوَى، بالكسْرِ أيْضًا؛ وأَنْشَدَ أَبُو زَيدٍ:
وقيلى لها إنَّ القُوَى قد تَقَطَّعَتْ *** وما للقُوَى ما لم يَجِدَّ بَقاء
وحَبْلٌ قَوٍ ووَتَرٌ قَوٍ: وكِلاهُما مُخْتَلِفُ القُوَى. وفي حديثِ ابنِ الدَّيْلمي: «يُنْقَضُ الإسْلامُ عُرْوَةً عُرْوَةً كما يُنْقَضُ الحبْلُ قُوَّةً قُوَّةً».
وأَقْوَى: إذا اسْتَغْنَى؛ وأَيْضًا: إذا افْتَقَرَ، كِلاهُما عن ابنِ الأعْرابيِ؛ ضِدٌّ، فالأوَّلُ بِمَعْنَى صارَ ذَا قُوَّةٍ وغِنًى، والثاني: بمعْنَى زالَتْ قُوَّتُه، والهَمْزَةُ للسَّلْب.
وأَقْوَى الحَبْلَ والوَتَرَ جَعَلَ بَعْضَه؛ أَي بَعْضَ قُواهُ، أَغْلَظَ من بَعْضٍ، وهو حَبْلٌ مُقْوًى، وهو أن تُرْخِي قُوَّة وتُغَيّر قُوَّة فلا يَلْبَثُ الحَبْل أنْ يَتَقَطَّعَ.
وأَقْوَى الشِّعْرَ: خالَفَ قَوافِيَهُ برَفْعِ بَيْتٍ وجَرِّ آخَرَ.
قالَ أَبو عَمْرِو بنُ العَلاء: الإِقْواءُ أنْ تَخْتلفَ حَرَكاتُ الرَّوِيِّ فبَعْضُه مَرْفوعٌ وبَعْضُهُ مَنْصوبٌ أَو مَجْرورٌ.
وقالَ أبو عُبيدَةَ: الإِقْواءُ في عيوبِ الشِّعْرِ نُقْصانُ الحَرْفِ مِن الفاصِلَةِ يَعْنِي مِن عرُوضِ البَيْتِ، وهو مُشْتَقٌّ من قُوَّةِ الحَبْلِ، كأَنَّه نَقض قُوَّة مِن قُواهُ، وهو مِثْلُ القَطْع في عَرُوضِ الكامِلِ، وهو كقولِ الرَّبيعِ بنِ زِيادٍ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيْرٍ *** تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهارِ؟
فنَقَص من عَرُوضِه قُوَّة، والعَرُوضُ: وَسَطُ البَيْتِ.
وقالَ أبو عَمْرٍو: الإِقْواءُ اخْتِلافُ إعْرابِ القَوافِي، وكانَ يَرْوِي بيتَ الأَعْشى:
ما بالُها بالليْلِ زالَ زَوالُها
بالرَّفْع، ويقولُ: هذا إقْواءٌ، وهو عنْدَ الناسِ الإكْفاء، وهو اخْتِلافُ إعْرابِ القَوافِي، وقد أَقْوَى الشاعِرُ إقْواءً.
وقالَ ابنُ سِيدَه: أَقْوَى في الشِّعْرِ خالَفَ بينَ قَوافِيَه، هذا قولُ أَهْلِ اللُّغَةِ.
وقالَ الأخْفَش: هو رَفْعُ بيتٍ وجَرُّ آخَر نَحْو قولِ الشاعرِ:
لا بَأْسَ بالقَوْمِ مِن طُولٍ ومِن عِظَمٍ *** جِسْمُ البِغالِ وأَحْلامُ العَصافيرِ
ثم قالَ:
كأنَّهُمْ قَصَبٌ جُوفٌ أَسافِلُه *** مُنَقَّبٌ نَفَخَتْ فيه الأعاصيرُ
قالَ: وسَمعْتُ هذا من العَرَبِ كثيرًا لا أُحصِي.
وقَلَّتْ قصِيدَةٌ لهُم يُنْشِدُونا بِلا إقْواءٍ، ثم لا يَسْتَنْكِرُونَهُ لأنَّه لا يَكْسرُ الشِّعْرَ، وأَيْضًا فإنَّ كلَّ بيتٍ منها كأنَّه شِعْرٌ على حِيالِه.
قالَ ابنُ جنِّي: أَمَّا سعة الإقْواء عن العَرَبِ فبحيثُ لا يُرْتابُ بها لكنَّ ذلكَ في اجْتِماعِ الرَّفْع مع الجرِّ.
وأَمَّا الإقْواءُ بالنَّصْبِ فَقَلِيلٌ، وذلك لمُفارَقَةِ الألِف الياء والواو ومُشابَهَ كُلّ واحِدَةٍ منهما جمِيعًا أُخْتها، فمن ذلكَ ما أَنْشَدَه أَبو عليِّ:
فيَحْيَى كانَ أَحْسَنَ مِنْكَ وَجْهًا *** وأَحْسَنَ في المُعَصْفَرَةِ ارْتِدَاءَ
ثم قال:
وفي قَلْبِي على يَحْيَى البَلاء
وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابِي:
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه *** وكادَ يَهْلِك لو لا أنَّه طافا
قُولَا لجابانَ فَلْيَلْحَقْ بطِيَّتِهِ *** نَوْمُ الضُّحَى بعدَ نَوْمِ الليلِ إسْرافُ
قالَ ابنُ جنِّي: وبالجملةِ إنَّ الإقْواءَ وإن كانَ عَيْبًا لاخْتِلافِ الصَّوْت به فإنَّه قد كَثُر في كَلامِهم.
واقْتَواهُ: اخْتَصَّهُ لنَفْسِه.
والتَّقاوِي: تَزايُدُ الشُّركاءِ، تَفاعلٌ من القُوَّةِ. وفي حديثِ ابنِ سِيرِيْن: «لم يَكُنْ بأسًا بالشُّركاءِ يتَقاوَوْنَ المَتَاعَ بينهم فيَنْمى ويَزِيدُ».
التَّقاوِي بينَ الشُّركاءِ: أن يَشْتَرُوا سِلْعَةً رَخِيصَةً ثم يَتَزايدُوا بَيْنهم حتى يَبْلُغوا غايَةَ ثَمنِها. يقالُ: بَيْني وبينَ فلانٍ ثَوْب فتَقاوَيْناهُ أَعْطَيْته به ثمنًا فأَخَذْته أَو أَعْطاني به ثمنًا فأَخَذَه.
والتَّقاوِي: البَيْتُوتَةُ على القَوَى، بالفَتْح، وهو الجُوعُ؛ نقلَهُ الزَّمَخْشري.
والقِيُّ، بالكسْرِ: قَفْرُ الأرضِ أَبْدلُوا الواوَ ياءَ طلبًا للخفَّةِ وكَسرُوا القافَ لمجاوَرَتِها الياء؛ قال العجَّاج:
وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ *** قِيّ تُناصِيها بلادٌ قِيُّ
ومنه الحديثُ: «مَنْ صَلَّى بقِيِّ من الأرضِ»؛ كالقِواءِ، بالكسْرِ والمدِّ؛ هكذا في النسخِ والصَّوابُ كالقِوا بالقَصْر والمدِّ، كما هو نَصُّ الصِّحاح وغيرِهِ، ولم يُذْكر الكَسْر في أصْلٍ مِن الأُصُولِ، وهَمْزَة القِواءِ مُنْقَلِبَة عن واوٍ، وإِنَّما لم يُدْغَم قَوِيَ وأُدْغِمَت قِيُّ لاخْتِلافِ الحَرْفَيْنِ، وهُما مُتَحرِّكانِ، وأُدْغِمَت في قوْلِكَ لَوَيْتُ لَيًّا، وأَصْلُه لَوْيًا مع اخْتِلافِهما، لأنَّ الأُولى منهما ساكِنَةٌ قُلِبَتْ ياء وأُدْغِمَت؛ وشاهِدُ القَواءِ قولُ جريرٍ:
ألا حَيّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما *** ورَبْعًا كجُثْمانِ الحَمامَةِ أَدْهَما
وأَنْشَدَ أَبو عليِّ القالِي:
خَلِيليَّ من عليا هوازن سَلِّما *** على طَلَلٍ بالصَّفْحَتَيْن قَواء
والقَوايَةِ، وهي نادِرَةٌ وهي القَفْرَةُ لا أَحَدَ فيها.
وأَقْوَى: نَزَل فيها؛ عن أَبي إِسْحاقٍ.
وفي الصِّحاح: أَقْوَى القَوْمُ: نَزَلُوا بالقَواءِ.
وفي المُحْكَم: وَقَعُوا في قِيِّ من الأرْضِ. وقولُه تعالى: {مَتاعًا لِلْمُقْوِينَ}؛ أَي مَنْفعةً للمُسافِرِينَ إذا نَزَلُوا بالأرْضِ القِيِّ.
وأَقْوَتِ الدَّارُ: خَلَتْ عن أَهْلِها؛ كَقَوِيَتْ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وقالَ أَبُو عبيدَة: قَوِيَتِ الدَّارُ قُوًى، مَقْصورٌ، وأَقْوَتْ إقْواءً إذا أَقْفَرَتْ وَخَلَتْ.
وقالَ الفرَّاءُ: أَرضٌ قِيٌّ وقد قَوِيَتْ وأَقْوَتْ قَوايَةُ وقُوًى وقَواءً.
وقُوَّةُ، بالضَّمِّ: اسْمُ رجُلٍ.
وقاوَيْتُه مُقاوَاةً فَقَوَيْتُه؛ أَي غَلَبْتُه؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وقَوِيَ، كرَضِيَ: جاعَ شَدِيدًا، والاسْمُ القَوا؛ ومنه قولُ حاتِمٍ الطائِيّ:
وإني لأختارُ القَوا طاوِيَ الحَشَا *** مُحافَظَةً مِنْ أَنْ يُقالَ لَئِيمُ
قالَ ابنُ برِّي: وحَكَى ابنُ وَلَّاد عن الفرَّاء قَوًا مأْخُوذ مِن القِيِّ، وأَنْشَدَ بيتَ حاتِم. قالَ المهلبي: لا مَعْنى للأَرْضِ هنا وإِنَّما القَوا هنا بمعْنَى الطَّوَى.
وقَوِيَ المَطَرُ يَقْوَى: إذا احْتَبَسَ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وباتَ فلانٌ القَواءَ، وباتَ القَفْر: أَي باتَ جائِعًا على غيرِ مَطْعمٍ.
وقاواهُ: أَعْطاهُ. يقالُ: قاوِهِ أَي أعْطهِ نَصِيبَه.
والقاوِي: الآخِذُ، عن الأَسَدِي.
والقاوِيَةُ، بهاءٍ: البَيْضَةُ، سُمِّيَت لأنَّها قَوِيَتْ عن فَرْخِها؛ أَي خَلَتْ؛ نقلَهُ الأَزْهرِي.
وقالَ أَبو عَمْرٍو: القابِيةُ والقاوِيَةُ: البَيْضَةُ فإذا نَقَبَها الفَرْخُ فخَرَجَ فهو القُوبُ والقُوَيُّ.
والسَّنَةُ القاوِيَةُ: هي القلِيلَةُ المَطَرِ.
والقاوِيَةُ: رَوْضَةُ مِن رِياضِ العَرَبِ.
والقُوَيّ، كسُمَيِّ: وادٍ بقُرْبِها.
والقُوَيُّ أَيْضًا: الفَرْخُ الصَّغيرُ، تَصْغيرُ قاوِيِّ سُمِّي قُوَيًّا لأنَّه زايَلَ البَيْضَةَ فَقَوِيَتْ عنه وقَوِيَ عنها؛ أَي خَلَا وخَلَتْ.
وقاوُ: قرية بالصَّعِيدِ الأَعْلَى مِنْ أَعْمالِ إخْميم؛ وقد ذَكَرَها المصنِّفُ أَيْضًا في فَأْوَ اسْتِطْرادًا، وهي تُعْرَفُ بقَاوِ الخَرابِ، واشْتِقاقُها مِن قوْلِهِم: بَلَدٌ قاوٍ لا أَنيسَ به.
والقِيقاءَةُ، بالكسْرِ، والقِيقَايَةُ لُغتانِ: مَشْرَبَةٌ كالتَّلْتَلَةِ؛ عن ابنِ الأعْرابي وأَنْشَدَ:
وشُرْبٌ بقِيقاةٍ وأَنْتَ بغِيرُ
قَصَرَه الشاعرُ.
والقِيقَاءَةُ: الأرضُ الغَليظَةُ؛ وقد ذُكِرَ في حَرْفِ القافِ، والجَمْعُ القَياقِي؛ قالَ رُؤْبَة:
إذا جَرَى من آلِها الرَّقْراقِ *** رَيْقٌ وضَخْضَاحٌ على القَيافِي
ويقالُ: القِيقاءَةُ القاعُ المُسْتديرَةُ في صَلابَةٍ من الأرْضِ إلى جانِبِ سَهْل.
وقَوْقَى قَوْقاةً وقِيقاءً: صاحَ، والياءُ مُبْدلَةٌ من الواوِ لأنَّها بمنْزِلَةِ ضَعْضَعْتَ كُرِّرَ فيه الفاءُ والعَيْن.
قال ابنُ سِيدَه: يُسْتَعْمَلُ في صَوْتِ الدَّجاجَةِ عنْدَ البَيْضِ، ورُبَّما اسْتُعْمِلَ في الدِّيكِ؛ وحَكَاهُ السِّيرافي في الإنْسانِ، وعِبارَةُ المصنِّفِ مُحْتَمَلَةٌ للجَمِيعِ، وبعضُهم يَهْمِزُ فَيَبْدلُ الهَمْزةَ من الواوِ المُتَوَهِّمَة فيقولُ: قَوْقَأَتِ الدَّجاجَةُ.
والإِقْتِواءُ: المَعْتَبَةُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
{الْقَوِيُّ}: مِن أَسْمَاءِ اللهِ تَعالَى الحُسْنَى، وهو أَيْضًا لَقَبُ أَمِيرِ المُؤْمِنِين عُمَر، رضيَ اللهُ تعالى عنه، كانَ عليٌّ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه، يقولُ: هو القَوِيُّ الأَمِينُ؛ وأَيْضًا لَقَبُ أَبي يُونِس الحُسَيْن بنِ سعِيدٍ الضَّمْري؛ وفي التكْمِلَةِ: الحَسَنُ بنُ يَزِيد عن سعِيدِ بنِ جُبَيْر، وعنه الثَّوْرِي قَدِمَ مكَّةَ فَصَامَ حتى خَوَى، وبَكَى حتى عَمِيَ، وطافَ حتى أُقْعِد، فلذلكَ لُقِّبَ بالقَوِيِّ.
ورجُلٌ شَدِيدُ القُوَى: أي شدِيدُ أَسْرِ الخَلْقِ مُمَرُّه.
وقالَ سبْحانه: {شَدِيدُ الْقُوى}؛ قيلَ: هو جِبْريل، عليهالسلام.
والقَوِيُّ مِن الحُرُوفِ: ما لَمْ يَكُنْ حَرْف لِينٍ.
وأَقْوَى الحَبْل فهو مُقْوٍ، لازِمٌ متعدِّ.
وأَقْوَى الرَّجلُ: نَفَذَ زادَهُ وهو بأَرْضٍ قَفْرٍ؛ وكذلكَ أَرْمَلَ وأَقْفَرَ.
وأَقْوَى: إذا جاعَ فلم يكُنْ معه شيءٌ، وإن كان في بَيْتِه وَسَط قَوْمِه.
وفي حديثِ الدُّعاء: «وإِنَّ مَعادِنَ إحْسانك لا تَقْوَى»؛ أَي لا تَخْلُو مِن الجَوْهرِ، يُريدُ العَطاءَ والاتِّصالَ. والقَوايَةُ: الأرضُ التي لم تُمْطَرْ؛ عن أبي عَمْرٍو؛ كالقَواءِ، وهي التي بينَ مَمْطُورَتَيْن.
وقالَ شمِرٌ: بَلَدٌ مُقْوٍ: لم يَكُنْ فيه مَطَرٌ؛ وبَلَدٌ قاوٍ: لَيسَ بهِ أَحَدٌ.
وقالَ ابن شُمَيْل: المُقْوِيَةُ الأرضُ التي لم يُصبْها مَطَرٌ وليسَ بهِ كَلأٌ، ولا يقالُ لها مُقْوِيَة وبها يَبْسٌ من يَبْسِ عام أوَّل.
والمُقْوِيةُ: المَلْساءُ التي ليسَ بها شيءٌ.
وتَقاوِي الأمْطارُ: قِلَّتها؛ أَنْشَدَ شمِرٌ لأبي الصّوف الطائي:
لا تَكْسَعَنَّ بَعْدَها بالأَغْبار *** رِسْلًا وإن خِفْتَ تَقاوِي الأَمْطار
والأَقْواءُ: جَمْعُ قَواءٍ للقَفْرِ الخالِي من الأرضِ.
والتَّقاوِي مِن الحُبوبِ: ما يُعْزَلُ لأجْلِ البذْرِ عامِيَّةٌ.
والاقْتِواءُ: تَزايدُ الشُّركاءِ.
والمُقْوِي: البائِعُ الذي باعَ، ولا يكونُ الإقْواءُ مِن البائِعِ، ولا التَّقاوِي مِن الشُّركاءِ، ولا الاقْتِواءُ مِمَّنْ يَشْتري مِن الشُّركاءِ إلَّا والذي يُباعُ مِن العَبْدِ أَو الجارِيَةِ أَو الدابَّةِ مِن اللَّذَيْنِ تَقاوَيا، فأمَّا في غَيْرِ الشُّركاءِ فليسَ اقْتِواء ولا تَقاوٍ ولا إقْواء.
قالَ ابنُ برِّي: لا يكونُ الاقْتِواءُ في السِّلْعَةِ إلَّا بينَ الشُّركاءِ، قيلَ: أَصْلُه مِن القُوَّة لأنَّه بُلوغٌ بالسِّلْعَةِ أَعْلَى ثَمَنِها وأَقْواهُ.
قال شمِرٌ: وَيُرْوَى بَيْتُ عَمْرو:
مَتَى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا
أي مَتى اقْتَوَتْنا أُمُّك فَاشْتَرَتْنا، وقد تقدَّم في قتو.
وفي التَّهْذيبِ: يقولونَ للسُّقاة إذا كَرَعوا في دَلْوٍ مَلآن ماء فشَرِبُوا ماءَهُ قد تَقاوَوْه، وتَقاوَيْنا الدَّلْوَ تَقاوِيًا.
وقالَ الأصْمعي: مِن أَمْثالِهِم: انْقَطَعَ قُوَيٌّ مِن قَاوِيَةٍ إذا انْقَطَعَ ما بَيْنَ الرَّجلَيْن أَو وَجَبَتْ بَيْعَةٌ لا تُسْتَقَال ومِثْله: انْقَضَتْ قَابِيَةٌ مِن قُوبٍ.
ويقولونَ للدَّنِيءِ: قُوَيٌّ من قاوِيَةٍ.
وقَوٌّ: مَوضِعٌ بينَ فَيْدٍ والنِّباجِ، وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لامْرئِ القَيْس:
سَمالَكَ شَوْقٌ بعدَ ما كانَ أَقْصَرا *** وحَلّتْ سُلَيْمَى بطنَ قَوِّ فعَرْعَرا
واقْتَوَى شيئًا بشيءٍ بدَّلَه به.
وإِبِلٌ قاوِياتٌ: جائِعاتٌ.
وقِيَّا، بكسْرٍ وتَشْديدٍ: قَرْيةٌ من دِيارِ سُلَيْم بالحِجازِ بَيْنَها وبينَ السوارقية ثَلاثَةُ فَراسِخَ، ماؤُها أُجَاجٌ؛ قالَهُ نَصْر.
وقاي: قَرْيةُ بمِصْرَ مِن البهنساوية.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
31-المصباح المنير (عصر)
عَصَرْتُ الْعِنَبَ وَنَحْوَهُ عَصْرًا مِنْ بَابِ ضَرَبَ اسْتَخْرَجْتُ مَاءَهُ وَاعْتَصَرْتُهُ كَذَلِكَ وَاسْمُ ذَلِكَ الْمَاءِ الْعَصِيرُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ.وَالْعُصَارَةُ بِالضَّمِّ مَا سَالَ عَنْ الْعَصْرِ وَمِنْهُ قِيلَ اعْتَصَرْتُ مَالَ فُلَانٍ إذَا اسْتَخْرَجْتَهُ مِنْهُ.
وَعَصَرْتُ الثَّوْبَ عَصْرًا أَيْضًا إذَا اسْتَخْرَجْتَ مَاءَهُ بِلَيِّهِ.
وَعَصَرْتُ الدُّمَّلَ لِتُخْرِجَ مِدَّتَهُ.
وَأَعْصَرَتْ الْجَارِيَةُ إذَا حَاضَتْ فَهِيَ مُعْصِرٌ بِغَيْرِ هَاءٍ فَإِذَا حَاضَتْ فَقَدْ بَلَغَتْ وَكَأَنَّهَا إذَا حَاضَتْ دَخَلَتْ فِي عَصْرِ شَبَابِهَا.
وَالْإِعْصَارُ رِيحٌ تَرْتَفِعُ بِتُرَابٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَتَسْتَدِيرُ كَأَنَّهَا عَمُودٌ وَالْإِعْصَارُ مُذَكَّرُ قَالَ تَعَالَى {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ} [البقرة: 266] وَالْعَرَبُ تُسَمِّي هَذِهِ الرِّيحَ الزَّوْبَعَةَ أَيْضًا وَالْجَمْعُ الْأَعَاصِيرُ وَالْعُنْصُرُ الْأَصْلُ وَالنَّسَبُ وَوَزْنُهُ فُنْعُلٌ بِضَمِّ الْفَاءِ وَالْعَيْنِ وَقَدْ تُفْتَحُ الْعَيْنُ لِلتَّخْفِيفِ وَالْجَمْعُ الْعَنَاصِرُ.
وَالْعَصْرُ اسْمُ الصَّلَاةِ مُؤَنَّثَةٌ مَعَ الصَّلَاةِ وَبِدُونِهَا تُذَكَّرُ وَتُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ أَعْصُرٌ وَعُصُورٌ مِثْلُ فَلْسٍ وَأَفْلُسٍ وَفُلُوسٍ وَالْعَصْرُ الدَّهْرُ وَالْعُصُرُ بِضَمَّتَيْنِ لُغَةٌ فِيهِ وَالْعَصْرَانِ الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ
وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ أَيْضًا وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ لَفْظُ الْعَصْرَيْنِ وَالْمُرَادُ الْفَجْرُ وَصَلَاةُ الْعَصْرِ وَغُلِّبَ أَحَدُ الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ وَقِيلَ سُمِّيَا بِذَلِكَ لِأَنَّهُمَا يُصَلَّيَانِ فِي طَرَفَيْ الْعَصْرَيْنِ يَعْنِي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
32-لسان العرب (برد)
برد: البَرْدُ: ضدُّ الْحَرِّ.والبُرودة: نَقِيضُ الْحَرَارَةِ؛ بَرَدَ الشيءُ يبرُدُ بُرودة وَمَاءٌ بَرْدٌ وَبَارِدٌ وبَرُودٌ وبِرادٌ، وَقَدْ بَرَدَه يَبرُدُه بَرْدًا وبَرَّدَه: جَعَلَهُ بَارِدًا.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فأَما مَنْ قَالَ بَرَّدَه سَخَّنه لِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
عافَتِ الماءَ فِي الشِّتَاءِ، فَقُلْنَا: ***بَرِّديه تُصادفيه سَخِينا
فَغَالَطَ، إِنما هُوَ: بَلْ رِدِيه، فأَدغم عَلَى أَن قُطْربًا قَدْ قَالَهُ.
الْجَوْهَرِيُّ: بَرُدَ الشيءُ، بِالضَّمِّ، وبَرَدْتُه أَنا فَهُوَ مَبْرُود وبَرّدته تَبْرِيدًا، وَلَا يُقَالُ أَبردته إِلّا فِي لُغَةٍ رَدِيئَةٍ؛ قَالَ مَالِكُ بْنُ الرَّيْبِ، وَكَانَتِ الْمَنِيَّةُ قَدْ حَضَرَتْهُ فَوَصَّى مَنْ يَمْضِي لأَهله وَيُخْبِرُهُمْ بِمَوْتِهِ، وأَنْ تُعَطَّلَ قَلُوصه فِي الرِّكَابِ فَلَا يركبَها أَحد ليُعْلم بِذَلِكَ مَوْتُ صَاحِبِهَا وَذَلِكَ يَسُرُّ أَعداءه وَيُحْزِنُ أَولياءه؛ فَقَالَ:
وعَطِّلْ قَلُوصي فِي الرِّكَابِ، فإِنها ***سَتَبْرُدُ أَكبادًا، وتُبْكِي بَواكيا
والبَرود، بِفَتْحِ الْبَاءِ: الْبَارِدُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَبَاتَ ضَجيعي فِي الْمَنَامِ مَعَ المُنَى ***بَرُودُ الثَّنايا، واضحُ الثَّغْرِ، أَشْنَبُ
وبَرَدَه يَبْرُدُه: خَلَطَهُ بِالثَّلْجِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ.
وأَبْرَدَه: جَاءَ بِهِ بَارِدًا.
وأَبْرَدَ لَهُ: سقاهُ بَارِدًا.
وَسَقَاهُ شَرْبَةً بَرَدَت فؤَادَه تَبْرُدُ بَرْدًا أَي بَرَّدَتْه.
وَيُقَالُ: اسْقِنِي سَوِيقًا أُبَرِّد بِهِ كَبِدِي.
وَيُقَالُ: سَقَيْتُهُ فأَبْرَدْت لَهُ إِبرادًا إِذا سَقَيْتَهُ بَارِدًا.
وَسَقَيْتُهُ شَرْبَةً بَرَدْت بِهَا فؤَادَه مِنَ البَرود؛ وأَنشد ابْنُ الأَعرابي:
إِنِّي اهْتَدَيْتُ لِفِتْية نَزَلُوا، ***بَرَدُوا غَوارِبَ أَيْنُقٍ جُرْب
أَي وَضَعُوا عَنْهَا رِحَالَهَا لتَبْرُدَ ظُهُورُهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذا أَبصر أَحدكم امرأَة فليأْت زَوْجَتَهُ فإِن ذَلِكَ بَرْدُ مَا فِي نَفْسِهِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي كِتَابِ مُسْلِمٍ، بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، مِنَ البَرْد، فإِن صَحَّتِ الرِّوَايَةُ فَمَعْنَاهُ أَن إِتيانه امرأَته يُبرِّد مَا تَحَرَّكَتْ لَهُ نَفْسُهُ مِنْ حَرِّ شَهْوَةِ الْجِمَاعِ أَي تُسْكِنُهُ وَتَجْعَلُهُ بَارِدًا، وَالْمَشْهُورُ فِي غَيْرِهِ يَرُدُّ، بِالْيَاءِ، مِنَ الرَّدِّ أَي يَعْكِسُهُ.
وَفِي عُمَرَ: أَنه شَرِبَ النَّبِيذَ بعد ما بَرَدَ أَي سَكَنَ وفَتَر.
ويُقال: جَدَّ فِي الأَمر ثُمَّ بَرَدَ أَي فَتَرَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمَّا تَلَقَّاهُ بُرَيْدَةُ الأَسلمي قَالَ لَهُ: مَنْ أَنت؟ قَالَ: أَنا بِرَيْدَةُ، قَالَ لأَبي بَكْرٍ: بَرَدَ أَمرنا وَصَلَحَ».
أَي سَهُلَ.
وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ: «بَرُودُ الظِّلِّ»أَي طَيِّبُ الْعِشْرَةِ، وَفَعُولٌ يَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ والأُنثى.
والبَرَّادة: إِناء يُبْرِد الْمَاءَ، بُنِيَ عَلَى أَبْرَد؛ قَالَ اللَّيْثُ: البَرَّادةُ كوارَةٌ يُبَرَّد عَلَيْهَا الْمَاءُ، قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري هِيَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ أَم كَلَامِ الْمَوَلَّدِينَ.
وإِبْرِدَةُ الثَّرَى وَالْمَطَرِ: بَرْدُهما.
والإِبْرِدَةُ: بَرْدٌ فِي الْجَوْفِ.
والبَرَدَةُ: التُّخَمَةُ؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «كُلُّ دَاءٍ أَصله البَرَدة وَكُلُّهُ مِنَ البَرْد»؛ البَرَدة، بِالتَّحْرِيكِ: التُّخَمَةُ وَثِقَلُ الطَّعَامِ عَلَى الْمَعِدَةِ؛ وَقِيلَ: سُمِّيَتِ التخمةُ بَرَدَةً لأَن التُّخَمَةَ تُبْرِدُ الْمَعِدَةَ فَلَا تَسْتَمْرِئُ الطعامَ وَلَا تُنْضِجُه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن الْبِطِّيخَ يَقْطَعُ الإِبردة»؛ الإِبردة، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ: عِلَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنْ غَلَبَةِ البَرْد وَالرُّطُوبَةِ تُفَتِّر عَنِ الْجِمَاعِ، وَهَمْزَتُهَا زَائِدَةٌ.
وَرَجُلٌ بِهِ إِبْرِدَةٌ، وَهُوَ تقطِير الْبَوْلِ وَلَا يَنْبَسِطُ إِلى النِّسَاءِ.
وابْتَرَدْتُ أَي اغْتَسَلْتُ بِالْمَاءِ الْبَارِدِ، وَكَذَلِكَ إِذا شَرِبْتَهُ لتَبْرُدَ بِهِ كَبِدُكَ؛ قَالَ الرَّاجِزُ.
لَطالَما حَلأْتُماها لَا تَرِدْ، ***فَخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ،
مِنْ حَرِّ أَيامٍ ومِنْ لَيْلٍ وَمِدْ
وابْتَرَد الماءَ: صَبَّه عَلَى رأَسه بَارِدًا؛ قَالَ:
إِذا وجَدْتُ أُوَارَ الحُبِّ فِي كَبِدي، ***أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقاء الْقَوْمِ أَبْتَرِدُ
هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهرَهُ، ***فمَنْ لِحَرٍّ عَلَى الأَحْشاءِ يَتَّقِدُ؟
وتَبَرَّدَ فِيهِ: اسْتَنْقَعَ.
والبَرُودُ: مَا ابْتُرِدَ بِهِ.
والبَرُودُ مِنَ الشَّرَابِ: مَا يُبَرِّدُ الغُلَّةَ؛ وأَنشد:
وَلَا يبرِّد الغليلَ الماءُ
والإِنسان يَتَبَرَّدُ بِالْمَاءِ: يَغْتَسِلُ بِهِ.
وَهَذَا الشَّيْءُ مَبْرَدَةٌ لِلْبَدَنِ؛ قَالَ الأَصمعي: قُلْتُ لأَعرابي مَا يَحْمِلُكُمْ عَلَى نَوْمَةِ الضُّحَى؟ قَالَ: إِنها مَبْرَدَةٌ فِي الصَّيْفِ مَسْخَنَةٌ فِي الشِّتَاءِ.
والبَرْدانِ والأَبرَدانِ أَيضًا: الظِّلُّ وَالْفَيْءُ، سُمِّيَا بِذَلِكَ لِبَرْدِهِمَا؛ قَالَ الشَّمَّاخُ بْنُ ضِرَارٍ:
إِذا الأَرْطَى تَوَسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ***خُدودُ جَوازِئٍ، بالرملِ، عِينِ
سيأْتي فِي تَرْجَمَةِ جزأَ؛ وَقَوْلُ أَبي صَخْرٍ الْهُذَلِيِّ:
فَمَا رَوْضَةٌ بِالحَزْمِ طاهرَةُ الثَّرَى، ***ولَتْها نَجاءَ الدَّلْوِ بَعْدَ الأَبارِدِ
يَجُوزُ أَن يَكُونَ جَمْعَ الأَبردين اللَّذَيْنِ هُمَا الظِّلُّ وَالْفَيْءُ أَو اللَّذَيْنِ هُمَا الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ وَقِيلَ: الْبَرْدَانُ الْعَصْرَانِ وَكَذَلِكَ الأَبردان، وَقِيلَ: هما الغداة والعشي؛ وقيل: ظلَّاهما وَهُمَا الرّدْفانِ والصَّرْعانِ والقِرْنانِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ فإِن شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: الإِبراد انْكِسَارُ الوَهَج وَالْحَرُّ وَهُوَ مِنَ الإِبراد الدُّخُولِ فِي البَرْدِ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ صَلُّوهَا فِي أَوّل وَقْتِهَا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ، وَهُوَ أَوّله.
وأَبرد القومُ: دَخَلُوا فِي آخِرِ النَّهَارِ.
وَقَوْلُهُمْ: أَبرِدوا عَنْكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ أَي لَا تَسِيرُوا حَتَّى يَنْكَسِرَ حَرُّهَا ويَبُوخ.
وَيُقَالُ: جِئْنَاكَ مُبْرِدين إِذا جاؤوا وَقَدْ بَاخَ الْحَرُّ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: الإِبْرادُ أَن تَزِيغَ الشَّمْسُ، قَالَ: وَالرَّكْبُ فِي السَّفَرِ يَقُولُونَ إِذا زَاغَتِ الشَّمْسُ قَدْ أَبردتم فرُوحُوا؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
فِي مَوْكبٍ، زَحِلِ الهواجِر، مُبْرِد قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ هَذَا غَيْرَ أَنّ الَّذِي قَالَهُ صَحِيحٌ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَذَلِكَ أَنهم يَنْزِلُونَ لِلتَّغْوِيرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ وَيُقِيلُونَ، فإِذا زَالَتِ الشَّمْسُ ثَارُوا إِلى رِكَابِهِمْ فَغَيَّرُوا عَلَيْهَا أَقتابها وَرِحَالَهَا وَنَادَى مُنَادِيهِمْ: أَلا قَدْ أَبْرَدْتم فَارْكَبُوا قَالَ اللَّيْثُ: يُقَالُ أَبرد الْقَوْمُ إِذا صَارُوا فِي وَقْتِ القُرِّ آخِرَ الْقَيْظِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ صَلَّى البَرْدَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ»؛ البردانِ والأَبْرَدانِ: الغداةُ وَالْعَشِيُّ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ الزُّبَيْرِ: كَانَ يَسِيرُ بِنَا الأَبْرَدَيْنِ؛ وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ مَعَ فَضالة بْنُ شَرِيكٍ: وسِرْ بِهَا البَرْدَيْن.
وبَرَدَنا الليلُ يَبْرُدُنا بَرْدًا وبَرَدَ عَلَيْنَا: أَصابنا بَرَدُهُ.
وَلَيْلَةٌ بَارِدَةُ الْعَيْشِ وبَرْدَتُه: هَنِيئَتُهُ؛ قَالَ نُصَيْبٌ:
فَيَا لَكَ ذَا وُدٍّ، وَيَا لَكِ لَيْلَةً، ***بَخِلْتِ وَكَانَتْ بَرْدةَ العيشِ ناعِمه
وأَما قَوْلُهُ: لَا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ؛ فإِن الْمُنْذِرِيَّ رَوَى عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنه قَالَ: وَعَيْشٌ بَارِدٌ هَنِيءٌ طَيِّبٌ؛ قَالَ:
قَلِيلَةُ لحمِ الناظرَيْنِ، يَزِينُها ***شبابٌ، ومخفوضٌ مِنَ العيشِ بارِدُ
أَي طَابَ لَهَا عَيْشُهَا.
قَالَ: وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ نسأَلك الْجَنَّةَ وبَرْدَها أَي طِيبِهَا وَنَعِيمَهَا.
قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: إِذا قال: وا بَرْدَه عَلَى الْفُؤَادِ إِذا أَصاب شيئًا هنيئًا، وكذلك وا بَرْدَاه عَلَى الْفُؤَادِ.
وَيَجِدُ الرَّجُلُ بِالْغَدَاةِ البردَ فَيَقُولُ: إِنما هِيَ إِبْرِدَةُ الثَّرَى وإِبْرِدَةُ النَّدَى.
وَيَقُولُ الرَّجُلُ مِنَ الْعَرَبِ: إِنها لَبَارِدَةٌ الْيَوْمَ فَيَقُولُ لَهُ الْآخَرُ: لَيْسَتْ بِبَارِدَةٍ إِنما هِيَ إِبْرِدَةُ الثَّرَى.
ابْنُ الأَعرابي: الْبَارِدَةُ الرَّبَاحَةُ فِي التِّجَارَةِ سَاعَةَ يَشْتَرِيهَا.
وَالْبَارِدَةُ: الْغَنِيمَةُ الْحَاصِلَةُ بِغَيْرِ تَعَبٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ
لِتَحْصِيلِهِ الأَجر بِلَا ظمإٍ فِي الْهَوَاجِرِ أَي لَا تَعَبَ فِيهِ وَلَا مَشَقَّةَ.
وَكُلُّ مَحْبُوبٍ عِنْدَهُمْ: بَارِدٌ؛ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْغَنِيمَةُ الثَّابِتَةُ الْمُسْتَقِرَّةُ مِنْ قَوْلِهِمْ بَرَدَ لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ أَي ثَبَتَ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: وَدِدْتُ أَنه بَرَدَ لَنَا عملُنا.
ابْنُ الأَعرابي: يُقَالُ أَبرد طَعَامَهُ وبَرَدَهُ وبَرَّدَهُ.
وَالْمَبْرُودُ: خُبْزٌ يُبْرَدُ فِي الماءِ تَطْعَمُهُ النِّساءُ للسُّمْنة؛ يُقَالُ: بَرَدْتُ الْخُبْزَ بالماءِ إِذا صَبَبْتَ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَبَلَلْتَهُ، وَاسْمُ ذَلِكَ الْخَبْزِ الْمَبْلُولِ: البَرُودُ وَالْمَبْرُودُ.
والبَرَدُ: سَحَابٌ كالجَمَد، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِشِدَّةِ بَرَدِهِ.
وَسَحَابٌ بَرِدٌ وأَبْرَدُ: ذُو قُرٍّ وبردٍ؛ قَالَ:
يَا هِندُ هِندُ بَيْنَ خِلْبٍ وكَبِدْ، ***أَسْقاك عَنِّي هازِمُ الرَّعْد برِدْ
وَقَالَ: كأَنهُمُ المَعْزاءُ فِي وَقْع أَبْرَدَا شَبَّهَهُمْ فِي اخْتِلَافِ أَصواتهم بِوَقْعِ البَرَد عَلَى المَعْزاء، وَهِيَ حِجَارَةٌ صُلْبَةٌ، وَسَحَابَةٌ بَرِدَةٌ عَلَى النَّسَبِ: ذَاتُ بَرْدٍ، وَلَمْ يَقُولُوا بَرْداء.
الأَزهري: أَما البَرَدُ بِغَيْرِ هَاءٍ فإِن اللَّيْثَ زَعَمَ أَنه مَطَرٌ جَامِدٌ.
والبَرَدُ: حبُّ الْغَمَامِ، تَقُولُ مِنْهُ: بَرُدَتِ الأَرض.
وبُرِدَ الْقَوْمُ: أَصابهم البَرَدُ، وأَرض مَبْرُودَةٌ كَذَلِكَ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: شَجَرَةٌ مَبْرودة طَرَحَ البَرْدُ وَرَقَهَا.
الأَزهري: وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ}؛ فَفِيهِ قَوْلَانِ: أَحدهما وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ أَمثال جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ، وَالثَّانِي وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا بَرَدًا؛ وَمِنْ صِلَةٍ؛ وَقَوْلُ السَّاجِعِ:
وصِلِّيانًا بَرِدَا
أَي ذُو بُرُودَةٍ.
والبَرْد.
النَّوْمُ لأَنه يُبَرِّدُ الْعَيْنَ بأَن يُقِرَّها؛ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا وَلا شَرابًا}؛ قَالَ العَرْجي:
فإِن شِئت حَرَّمتُ النساءَ سِواكمُ، ***وإِن شِئت لَمْ أَطعَمْ نُقاخًا وَلَا بَرْدا
قَالَ ثَعْلَبٌ: الْبَرْدُ هُنَا الرِّيقُ، وَقِيلَ: النُّقَاخُ الْمَاءُ الْعَذْبُ، وَالْبَرْدُ النَّوْمُ.
الأَزهري فِي قَوْلِهِ تعالى: {لَا يَذُوقُونَ فِيها بَرْدًا وَلا شَرابًا}؛ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدَ الشَّرَابِ وَلَا الشَّرَابَ
، قَالَ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا، يُرِيدُ نَوْمًا، وإِن النَّوْمَ ليُبَرِّد صَاحِبَهُ، وإِن الْعَطْشَانَ لَيَنَامُ فَيَبْرُدُ بِالنَّوْمِ؛ وأَنشد الأَزهري لأَبي زُبيد فِي النَّوْمِ:
بارِزٌ ناجِذاه، قَدْ بَرَدَ المَوْتُ ***عَلَى مُصطلاه أَيَّ بُرُودِ
قَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: بَرَدَ الموتُ عَلَى مُصْطلاه أَي ثَبَتَ عَلَيْهِ.
وبَرَدَ لِي عَلَيْهِ مِنَ الْحَقِّ كَذَا أَي ثَبَتَ.
وَمُصْطَلَاهُ: يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَوَجْهُهُ وَكُلِّ مَا بَرَزَ مِنْهُ فَبَرَدَ عِنْدَ مَوْتِهِ وَصَارَ حَرُّ الرُّوحِ مِنْهُ بَارِدًا؛ فَاصْطَلَى النَّارَ لِيُسَخِّنَهُ.
وَنَاجِذَاهُ: السنَّان اللَّتَانِ تَلِيَانِ النَّابَيْنِ.
وَقَوْلُهُمْ: ضُرب حَتَّى بَرَدَ مَعْنَاهُ حَتَّى مَاتَ.
وأَما قَوْلُهُمْ: لَمْ يَبْرُدْ مِنْهُ شَيْءٌ فَالْمَعْنَى لَمْ يَسْتَقِرَّ وَلَمْ يَثْبُتْ؛ وأَنشد:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه
قَالَ: وأَصله مِنَ النَّوْمِ وَالْقَرَارِ.
وَيُقَالُ: بَرَدَ أَي نَامَ؛ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
أُحِبُّ أُمَّ خَالِدٍ وَخَالِدَا ***حُبًّا سَخَاخِينَ، وَحُبًّا بَارِدَا
قَالَ: سَخَاخِينَ حُبٌّ يؤْذيني وَحُبًّا بَارِدًا يَسْكُنُ إِليه قَلْبِي.
وسَمُوم بَارِدٌ أَي ثَابِتٌ لَا يَزُولُ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمومه، ***مَن جَزِعَ اليومَ فَلَا تَلُومُهُ
وبَرَدَ الرَّجُلُ يَبْرُدُ بَرْدًا: مَاتَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الِاشْتِقَاقِ لأَنه عَدِمَ حَرَارَةَ الرُّوحِ؛ وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «فهَبَره بِالسَّيْفِ حَتَّى بَرَدَ»أَي مَاتَ.
وبَرَدَ السيفُ: نَبا.
وبَرَدَ يبرُدُ بَرْدًا: ضَعُفَ وَفَتَرَ عَنْ هُزَالٍ أَو مَرَضٍ.
وأَبْرَده الشيءُ: فتَّره وأَضعفه؛ وأَنشد بن الأَعرابي:
الأَسودانِ أَبْرَدَا عِظامي، ***الماءُ والفتُّ ذَوَا أَسقامي
ابْنُ بُزُرج: البُرَاد ضَعْفُ الْقَوَائِمِ مِنْ جُوعٍ أَو إِعياء، يُقَالُ: بِهِ بُرادٌ.
وَقَدْ بَرَد فُلَانٌ إِذا ضَعُفَتْ قَوَائِمُهُ.
والبَرْد: تبرِيد الْعَيْنِ.
والبَرود: كُحل يُبَرِّد الْعَيْنَ: والبَرُود: كُلُّ مَا بَرَدْت بِهِ شَيْئًا نَحْوَ بَرُود
العينِ وَهُوَ الْكُحْلُ.
وبَرَدَ عينَه، مُخَفَّفًا، بالكُحل وبالبَرُود يَبْرُدُها بَرْدًا: كَحَلَها بِهِ وسكَّن أَلَمها؛ وبَرَدت عينُه كذلك، واسم الْكُحْلِ البَرُودُ، والبَرُودُ كُحْلٌ تَبْردُ بِهِ العينُ مِنَ الحرِّ؛ وَفِي حَدِيثِ الأَسود: «أَنه كَانَ يَكْتَحِلُ بالبَرُود وَهُوَ مُحْرِم»؛ البَرُود، بِالْفَتْحِ: كُحْلٌ فِيهِ أَشياء بَارِدَةٌ.
وكلُّ مَا بُرِدَ بِهِ شيءٌ: بَرُود.
وبَرَدَ عَلَيْهِ حقٌّ: وَجَبَ وَلَزِمَ.
وَبَرَدَ لِي عَلَيْهِ كَذَا وَكَذَا أَي ثَبَتَ.
وَيُقَالُ: مَا بَرَدَ لَكَ عَلَى فُلَانٍ، وَكَذَلِكَ مَا ذَابَ لكَ عَلَيْهِ أَي مَا ثَبَتَ وَوَجَبَ.
وَلِي عَلَيْهِ أَلْفٌ بارِدٌ أَي ثَابِتٌ؛ قَالَ:
اليومُ يومٌ باردٌ سَمُومه، ***مَنْ عَجَزَ اليومَ فَلَا تلومُه
أَي حَرُّهُ ثَابِتٌ؛ وَقَالَ أَوس بْنُ حُجر:
أَتاني ابنُ عبدِ اللَّهِ قُرْطٌ أَخُصُّه، ***وَكَانَ ابنَ عمٍّ، نُصْحُه لِيَ بارِدُ
وبَرَد فِي أَيديهم سَلَمًا لَا يُفْدَى وَلَا يُطْلَق وَلَا يُطلَب.
وإِن أَصحابك لَا يُبالون مَا بَرَّدوا عَلَيْكَ أَي أَثبتوا عَلَيْكَ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: «لَا تُبَرِّدي عَنْهُ»؛ أي لَا تُخَفِّفِي.
يُقَالُ: لَا تُبَرِّدْ عَنْ فُلَانٍ مَعْنَاهُ إِن ظَلَمَكَ فَلَا تَشْتُمُهُ فَتُنْقِصَ مِنْ إِثمه، وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُبَرِّدوا عَنِ الظَّالِمِ» أَي لَا تَشْتُمُوهُ وَتَدْعُوا عَلَيْهِ فَتُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ عُقُوبَةِ ذَنْبِهِ.
والبَرِيدُ: فَرْسَخَانِ، وَقِيلَ: مَا بَيْنَ كُلِّ مَنْزِلَيْنِ بَرِيد.
والبَريدُ: الرُّسُلُ عَلَى دوابِّ الْبَرِيدِ، وَالْجَمْعُ بُرُد.
وبَرَدَ بَرِيدًا: أَرسله.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِذا أَبْرَدْتم إِليَّ بَرِيدًا فَاجْعَلُوهُ حَسَنَ الْوَجْهِ حَسَنَ الِاسْمِ»؛ البَرِيد: الرَّسُولُ وإِبرادُه إِرساله؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
رأَيتُ لِلْمَوْتِ بَرِيدًا مُبْردَا
وَقَالَ بَعْضُ الْعَرَبِ: الحُمَّى بَرِيد الموتِ؛ أَراد أَنها رَسُولُ الْمَوْتِ تُنْذِرُ بِهِ.
وسِكَكُ البرِيد: كُلُّ سِكَّةٍ مِنْهَا اثْنَا عَشَرَ مِيلًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُقْصَرُ الصلاةُ فِي أَقلَّ مِنْ أَربعة بُرُدٍ»، وَهِيَ سِتَّةَ عَشَرَ فَرْسَخًا، وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثَةُ أَميال، وَالْمِيلُ أَربعة آلَافِ ذِرَاعٍ، وَالسَّفَرُ الَّذِي يَجُوزُ فِيهِ الْقَصْرُ أَربعة بُرُدٍ، وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وأَربعون مِيلًا بالأَميال الْهَاشِمِيَّةِ الَّتِي فِي طَرِيقِ مَكَّةَ؛ وَقِيلَ لِدَابَّةِ الْبَرِيدِ: بَريدٌ، لِسَيْرِهِ فِي الْبَرِيدِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنِّي أَنُصُّ العيسَ حَتَّى كأَنَّني، ***عَلَيْهَا بأَجْوازِ الفلاةِ، بَرِيدا
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: كُلُّ مَا بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ فَهُوَ بَرِيد.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا أَخِيسُ بالعَهْدِ وَلَا أَحْبِسُ البُرْدَ»أَي لَا أَحبس الرُّسُلَ الْوَارِدِينَ عَلَيَّ؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: البُرْدُ، سَاكِنًا، يَعْنِي جمعَ بَرِيد وَهُوَ الرَّسُولُ فَيُخَفَّفُ عَنْ بُرُدٍ كرُسُلٍ ورُسْل، وإِنما خَفَّفَهُ هَاهُنَا لِيُزَاوِجَ الْعَهْدَ.
قَالَ: والبَرِيد كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ يُرَادُ بِهَا فِي الأَصل البَرْد، وأَصلها [بَرِيدُهُ دَمٌ] أَي مَحْذُوفُ الذنَب لأَن بِغَالَ الْبَرِيدِ كَانَتْ مَحْذُوفَةَ الأَذناب كَالْعَلَامَةِ لَهَا فأُعربت وَخُفِّفَتْ، ثُمَّ سُمِّيَ الرَّسُولُ الَّذِي يَرْكَبُهُ بَرِيدًا، وَالْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ بَرِيدًا، وَالسِّكَّةُ مَوْضِعٌ كَانَ يَسْكُنُهُ الفُيُوجُ الْمُرَتَّبُونَ مِنْ بَيْتٍ أَو قُبَّةٍ أَو رِبَاطٍ، وَكَانَ يُرَتَّبُ فِي كُلِّ سِكَّةٍ بِغَالٌ، وبُعد مَا بَيْنَ السِّكَّتَيْنِ فَرْسَخَانِ، وَقِيلَ أَربعة.
الْجَوْهَرِيُّ: الْبَرِيدُ الْمُرَتَّبُ يُقَالُ حَمَلَ فُلَانٌ عَلَى الْبَرِيدِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
عَلَى كلِّ مَقْصوصِ الذُّنَابَى مُعاودٍ ***بَرِيدَ السُّرَى بالليلِ، مِنْ خيلِ بَرْبَرَا
وَقَالَ مُزَرِّدٌ أَخو الشَّمَّاخِ بْنِ ضِرَارٍ يَمْدَحُ عَرابَة الأَوسي:
فدتْك عَرابَ اليومَ أُمِّي وَخَالَتِي، ***وناقتيَ النَّاجي إِليكَ بَرِيدُها
أَي سَيْرُهَا فِي البرِيد.
وَصَاحِبُ البَرِيد قَدْ أَبردَ إِلى الأَمير، فَهُوَ مُبْرِدٌ.
وَالرَّسُولُ بَرِيد؛ وَيُقَالُ للفُرانِق البَرِيد لأَنه يُنْذَرُ قدَّام الأَسد.
والبُرْدُ مِنَ الثيابِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: البُرْدُ ثَوْبٌ فِيهِ خُطُوطٌ وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْوَشْيَ، وَالْجَمْعُ أَبْرادٌ وأَبْرُد وبُرُودٌ.
والبُرْدَة: كِسَاءٌ يُلْتَحَفُ بِهِ، وَقِيلَ: إِذا جُعِلَ الصُّوفُ شُقة وَلَهُ هُدْب، فَهِيَ بُرْدَة؛ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: «أَنه كَانَ عَلَيْهِ يَوْمَ الْفَتْحِ بُرْدَةٌ فَلُوتٌ قَصِيرَةٌ»؛ قَالَ شَمِرٌ: رأَيت أَعرابيًّا بِخُزَيْمِيَّةَ وَعَلَيْهِ شِبْه مَنْدِيلٍ مِنْ صُوفٍ قَدِ اتَّزَر بِهِ فَقُلْتُ: مَا تُسَمِّيهِ؟ قَالَ: بُرْدة؛ قَالَ الأَزهري: وَجَمْعُهَا بُرَد، وَهِيَ الشَّمْلَةُ الْمُخَطَّطَةُ.
قَالَ اللَّيْثُ: البُرْدُ مَعْرُوفٌ مِنْ بُرُود العَصْب والوَشْي، قَالَ: وأَما البُرْدَة فَكِسَاءٌ مُرَبَّعٌ أَسود فِيهِ صِغَرٌ تَلْبَسُهُ الأَعراب؛ وأَما قَوْلُ يَزِيدَ بنِ مُفَرّغ الْحَمِيرِيِّ:
وشَرَيْتُ بُرْدًا لَيْتَنِي، ***مِنْ قَبْلِ بُرْدٍ، كنتُ هامَهْ
فَهُوَ اسْمُ عَبْدٍ.
وَشَرَيْتُ أَي بِعْتُ.
وَقَوْلُهُمْ: هُمَا فِي بُرْدة أَخْمَاسٍ فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَنهما يَفْعَلَانِ فِعْلًا وَاحِدًا فَيَشْتَبِهَانِ كأَنهما فِي بُرَدة، وَالْجَمْعُ بُرَد عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فسَمعَتْ نَبْأَةً مِنْهُ فآسَدَها، ***كأَنَّهُنَّ، لَدَى إِنْسَائِهِ، البُرَد
يُرِيدُ أَن الْكِلَابَ انبسطنَ خَلْفَ الثَّوْرِ مِثْلَ البُرَدِ؛ وَقَوْلُ يَزِيدَ بْنِ الْمُفَرَّغِ:
مَعاذَ اللَّهِ رَبَّا أَن تَرانا، ***طِوالَ الدهرِ، نَشْتَمِل البِرادا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: يَحْتَمِلُ أَن يَكُونَ جَمْعَ بُرْدةٍ كبُرْمةٍ وبِرام، وأَن يَكُونَ جَمْعَ بُرْد كقُرطٍ وقِراطٍ.
وَثَوْبٌ بَرُودٌ: لَيْسَ فِيهِ زِئبِرٌ.
وَثَوْبٌ بَرُودٌ إِذا لَمْ يَكُنْ دفِيئًا وَلَا لَيِّنًا مِنَ الثِّيَابِ.
وَثَوْبٌ أَبْرَدُ: فِيهِ لُمَعُ سوادٍ وَبَيَاضٍ، يَمَانِيَّةٌ.
وبُرْدَا الْجَرَادِ والجُنْدُب: جَنَاحَاهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رجْلا مُقْطَفٍ عَجِلٍ، ***إِذا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْه تَرْنِيمُ
وَقَالَ الْكُمَيْتُ يَهْجُو بَارِقًا:
تُنَفِّضُ بُرْدَيْ أُمِّ عَوْفٍ، وَلَمْ يَطِرْ ***لَنَا بارِقٌ، بَخْ للوَعيدِ وللرَّهْبِ
وأُم عَوْفٍ: كُنْيَةُ الْجَرَادِ.
وَهِيَ لَكَ بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خَالِصَةً.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هِيَ لَكَ بَرْدَةُ نَفْسِها أَي خَالِصًا فَلَمْ يؤَنث خَالِصًا.
وَهِيَ إِبْرِدَةُ يَمِيني؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: هُوَ لِي بَرْدَةُ يَمِيني إِذا كَانَ لَكَ مَعْلُومًا.
وبَرَدَ الحدِيدَ بالمِبْرَدِ ونحوَه مِنَ الْجَوَاهِرِ يَبْرُدُه: سَحَلَهُ.
والبُرادة: السُّحالة؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والبُرادة مَا سَقَطَ مِنْهُ.
والمِبْرَدُ: مَا بُرِدَ بِهِ، وَهُوَ السُّوهانُ بِالْفَارِسِيَّةِ.
والبَرْدُ: النَّحْتُ؛ يُقَالُ: بَرَدْتُ الخَشَبة بالمِبْرَد أَبْرُدُها بَرْدًا إِذا نَحَتَّهَا.
والبُرْدِيُّ، بِالضَّمِّ: مِنْ جَيِّدِ التَّمْرِ يُشْبِهُ البَرْنِيَّ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
وَقِيلَ: البُرْدِيّ ضَرْبٌ مِنْ تَمْرِ الْحِجَازِ جَيِّدٌ مَعْرُوفٌ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه أَمر أَن يؤْخذ البُرْدِيُّ فِي الصَّدَقَةِ»، وَهُوَ بِالضَّمِّ، نَوْعٌ مِنْ جَيِّدِ التَّمْرِ.
والبَرْدِيُّ، بِالْفَتْحِ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ وَاحِدَتُهُ بَرْدِيَّةٌ؛ قَالَ الأَعشى:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريفِ، ***ساقَ الرِّصافُ إِليه غَديرا
وَفِي الْمُحْكَمِ:
كَبَرْدِيَّةِ الغِيلِ وَسْطَ الغَريفِ، ***قَدْ خالَطَ الماءُ مِنْهَا السَّريرا
وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ: السَّرِيرُ ساقُ البَرْدي، وَقِيلَ: قُطْنُهُ؛ وَذَكَرَ ابْنُ بَرِّيٍّ عَجُزَ هَذَا الْبَيْتِ:
إِذا خَالَطَ الْمَاءُ مِنْهَا السُّرورا
وَفَسَّرَهُ فَقَالَ: الغِيل، بِكَسْرِ الْغَيْنِ، الْغَيْضَةُ، وَهُوَ مُغِيضُ مَاءٍ يَجْتَمِعُ فَيَنْبُتُ فِيهِ الشَّجَرُ.
وَالْغَرِيفُ: نَبْتٌ مَعْرُوفٌ.
قَالَ: وَالسُّرُورُ جَمْعُ سُرّ، وَهُوَ بَاطِنُ البَرْدِيَّةِ.
والأَبارِدُ: النُّمورُ، وَاحِدُهَا أَبرد؛ يُقَالُ للنَّمِرِ الأُنثى أَبْرَدُ والخَيْثَمَةُ.
وبَرَدَى: نَهْرٌ بِدِمَشْقَ؛ قَالَ حَسَّانُ:
يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَريصَ عليهِمُ ***بَرَدَى، تُصَفَّقُ بالرَّحِيقِ السَّلْسَلِ
أَي مَاءَ بَرَدَى والبَرَدانِ، بِالتَّحْرِيكِ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ ابْنُ مَيَّادة:
ظَلَّتْ بنِهْيِ البَرَدانِ تَغْتَسِلْ، ***تَشْرَبُ مِنْهُ نَهَلاتٍ وتَعِلْ
وبَرَدَيَّا: مَوْضِعٌ أَيضًا، وَقِيلَ: نَهْرٌ، وَقِيلَ: هُوَ نَهْرُ دِمَشْقَ والأَعرف أَنه بَرَدَى كَمَا تَقَدَّمَ.
والأُبَيْرِد: لَقَبُ شَاعِرٍ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ؛ الْجَوْهَرِيُّ: وقول الشَّاعِرُ:
بِالْمُرْهِفَاتِ الْبَوَارِدِ
قَالَ: يَعْنِي السُّيُوفَ وَهِيَ الْقَوَاتِلُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ صَدْرُ الْبَيْتِ:
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغَصَّني ***مَغَصَّهما بالمُرْهَفاتِ البَوارِدِ
رأَيت بِخَطِّ الشَّيْخِ قَاضِيَ الْقُضَاةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ خِلِّكَانَ فِي كِتَابِ ابْنِ بَرِّيٍّ مَا صُورَتُهُ: قَالَ هَذَا الْبَيْتُ مِنْ جُمْلَةِ أَبيات لِلْعِتَابِيِّ كُلْثُومِ بْنِ عَمْرٍو يُخَاطِبُ بِهَا زَوْجَتَهُ؛ قَالَ وَصَوَابُهُ:
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغصَّني ***مَغَصَّهُما بالمُشْرِقاتِ البَوارِدِ
قَالَ: وإِنما وَقَعَ الشَّيْخُ فِي هَذَا التَّحْرِيفِ لِاتِّبَاعِهِ الْجَوْهَرِيَّ لأَنه كَذَا ذَكَرَهُ فِي الصِّحَاحِ فَقَلَّدَهُ فِي ذَلِكَ، وَلَمْ يَعْرِفْ بَقِيَّةَ الأَبيات وَلَا لِمَنْ هِيَ فَلِهَذَا وَقَعَ فِي السَّهْوِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: الْقَاضِي شَمْسُ الدِّينِ بْنِ خِلِّكَانَ، رَحِمَهُ اللَّهُ، مِنَ الأَدب حَيْثُ هُوَ، وَقَدِ انْتَقَدَ عَلَى الشَّيْخِ أَبي مُحَمَّدِ بْنِ بَرِّيٍّ هَذَا النَّقْدَ، وخطأَه فِي اتِّبَاعِهِ الْجَوْهَرِيَّ، وَنَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ بِبَقِيَّةِ الأَبيات، والأَبيات مَشْهُورَةٌ وَالْمَعْرُوفُ مِنْهَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الْجَوْهَرِيُّ وأَبو مُحَمَّدِ بْنُ بَرِّيٍّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَهَذِهِ الأَبيات سَبَبُ عَمَلِهَا أَن الْعِتَابِيَّ لَمَّا عَمِلَ قَصِيدَتَهُ الَّتِي أَوّلها:
مَاذَا شَجاكَ بِحَوَّارينَ مِنْ طَلَلٍ ***ودِمْنَةٍ، كَشَفَتْ عَنْهَا الأَعاصيرُ؟
بَلَغَتِ الرَّشِيدَ فَقَالَ: لِمَنْ هَذِهِ؟ فَقِيلَ: لِرَجُلٍ مِنْ بَنِي عِتَابٍ يُقَالُ لَهُ كُلْثُومٌ، فَقَالَ الرَّشِيدُ: مَا مَنْعُهُ أَن يَكُونَ بِبَابِنَا؟ فأَمر بإِشخاصه مِنْ رَأْسِ عَيْنٍ فَوَافَى الرشِيدَ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ غَلِيظٌ وَفَرْوَةٌ وَخُفٌّ، وَعَلَى كَتِفِهِ مِلحفة جَافِيَةٌ بِغَيْرِ سَرَاوِيلَ، فأَمر الرَّشِيدُ أَن يُفْرَشَ لَهُ حُجْرَةٌ، وَيُقَامُ لَهُ وَظِيفَةٌ، فَكَانَ الطَّعَامُ إِذا جاءَه أَخذ مِنْهُ رُقَاقَةً وَمِلْحًا وَخَلَطَ الْمِلْحَ بِالتُّرَابِ وأَكله، وإِذا كَانَ وَقْتُ النَّوْمِ نَامَ عَلَى الأَرض وَالْخَدَمِ يَفْتَقِدُونَهُ وَيَعْجَبُونَ مِنْ فِعْلِهِ، وأُخْبِرَ الرشِيدُ بأَمره فَطَرَدَهُ، فَمَضَى إِلى رأْس عَيْنٍ وَكَانَ تَحْتَهُ امرأَة مِنْ بَاهِلَةَ فَلَامَتْهُ وَقَالَتْ: هَذَا مَنْصُورٌ النَّمِرِيُّ قَدْ أَخذ الأَموال فَحَلَّى نِسَاءَهُ وَبَنَى دَارَهُ وَاشْتَرَى ضِيَاعًا وأَنت.
كَمَا تَرَى؛ فَقَالَ:
تلومُ عَلَى تركِ الغِنى باهِليَّةٌ، ***زَوَى الفقرُ عَنْهَا كُلَّ طِرْفٍ وتالدِ
رأَتْ حولَها النّسوانَ يَرْفُلْن فِي الثَّرا، ***مُقَلَّدةً أَعناقُها بِالْقَلَائِدِ
أَسَرَّكِ أَني نلتُ مَا نَالَ جعفرٌ ***مِنَ العَيْش، أَو مَا نَالَ يحْيَى بنُ خالدِ؟
وأَنَّ أَميرَ الْمُؤْمِنِينَ أَغَصَّنِي ***مَغَصَّهُما بالمُرْهَفات البَوارِدِ؟
دَعِينِي تَجِئْنِي مِيتَتِي مُطْمَئِنَّةً، ***وَلَمْ أَتَجَشَّمْ هولَ تِلْكَ المَوارِدِ
فإنَّ رَفيعاتِ الأُمورِ مَشُوبَةٌ ***بِمُسْتَوْدَعاتٍ، في بُطونِ الأَساوِدِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
33-لسان العرب (دهر)
دهر: الدَّهْرُ: الأَمَدُ المَمْدُودُ، وَقِيلَ: الدَّهْرُ أَلف سَنَةٍ.قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حُكِيَ فِيهِ الدَّهَر، بِفَتْحِ الْهَاءِ: فإِما أَن يَكُونَ الدَّهْرُ والدَّهَرُ لُغَتَيْنِ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْبَصْرِيُّونَ فِي هذا النحو فيقتصر عَلَى مَا سُمِعَ مِنْهُ، وإِما أَن يَكُونَ ذَلِكَ لِمَكَانِ حُرُوفِ الْحَلْقِ فَيَطَّرِدُ فِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا ذَهَبَ إِليه الْكُوفِيُّونَ؛ قَالَ أَبو النَّجْمِ:
وجَبَلَا طَالَ مَعَدًّا فاشْمَخَرْ، ***أَشَمَّ لَا يَسْطِيعُه النَّاسُ، الدَّهَرْ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وجمعُ الدَّهْرِ أَدْهُرٌ ودُهُورٌ، وَكَذَلِكَ جَمْعُ الدَّهَرِ لأَنا لَمْ نَسْمَعْ أَدْهارًا وَلَا سَمِعْنَا فِيهِ جَمْعًا إِلَّا مَا قَدَّمْنَا مِنْ جَمْعِ دَهْرٍ؛ فأَما" قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ فإِن اللَّهَ: هُوَ الدَّهْرُ "؛ فَمَعْنَاهُ أَن مَا أَصابك مِنَ الدَّهْرِ فَاللَّهُ فَاعِلُهُ لَيْسَ الدَّهْرُ، فإِذا شَتَمْتَ بِهِ الدَّهْرَ فكأَنك أَردت بِهِ اللَّهَ؛ الْجَوْهَرِيُّ: لأَنهم كانوا يضيقون النَّوَازِلَ إِلى الدَّهْرِ، فَقِيلَ لَهُمْ: لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ ذَلِكَ بِكُمْ فإِن ذَلِكَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَفِي رِوَايَةٍ: فإِن الدَّهْرَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ أَبو عُبَيْدٍ قَوْلُهُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ مِمَّا لَا يَنْبَغِي لأَحد مِنْ أَهل الإِسلام أَن يَجْهَلَ وَجْهَهُ وَذَلِكَ أَن المُعَطِّلَةَ يَحْتَجُّونَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: ورأَيت بَعْضَ مَنْ يُتهم بِالزَّنْدَقَةِ والدَّهْرِيَّةِ يَحْتَجُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيَقُولُ: أَلا تَرَاهُ يَقُولُ فإِن اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ؟ قَالَ: فَقُلْتُ وَهَلْ كَانَ أَحد يَسُبُّ اللَّهَ فِي آبَادِ الدَّهْرِ؟ وَقَدْ قَالَ الأَعشى فِي الْجَاهِلِيَّةِ:
اسْتَأْثرَ اللهُ بالوفاءِ و ***بالْحَمْدِ، وَوَلَّى المَلامَةَ الرَّجُلا
قَالَ: وتأْويله عِنْدِي أَن الْعَرَبَ كَانَ شأْنها أَن تَذُمَّ الدَّهْرَ وتَسُبَّه عِنْدَ الْحَوَادِثِ وَالنَّوَازِلِ تَنْزِلُ بِهِمْ مِنْ مَوْتٍ أَو هَرَمٍ فَيَقُولُونَ: أَصابتهم قَوَارِعُ الدَّهْرِ وَحَوَادِثُهُ وأَبادهم الدَّهْرُ، فَيَجْعَلُونَ الدَّهْرَ الَّذِي يَفْعَلُ ذَلِكَ فَيَذُمُّونَهُ، وَقَدْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي أَشعارهم وأَخبر اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ ثُمَّ كَذَّبَهُمْ فَقَالَ: وَقالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ "؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}.
وَالدَّهْرُ: الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَمُدَّةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، " فَقَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا تَسُبُّوا الدَّهْرَ "، عَلَى تأْويل: لَا تَسُبُّوا الَّذِي يَفْعَلُ بِكُمْ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمْ فَاعِلَهَا فإِنما يَقَعُ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى لأَنه الْفَاعِلُ لَهَا لَا الدَّهْرُ، فَهَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ؛ قَالَ الأَزهري: وَقَدْ فَسَّرَ الشَّافِعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ بِنَحْوِ مَا فَسَّرَهُ أَبو عُبَيْدٍ فَظَنَنْتُ أَن أَبا عُبَيْدٍ حَكَى كَلَامَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَمِّ الدَّهْرِ وَسَبِّهِ أَي لَا تَسُبُّوا فَاعِلَ هَذِهِ الأَشياء فإِنكم إِذا سَبَبْتُمُوهُ وَقَعَ السَّبُّ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لأَنه الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ، فَيَكُونُ تَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الأُولى: فإِن جَالِبَ الْحَوَادِثِ وَمُنْزِلُهَا هُوَ اللَّهُ لَا غَيْرُ، فَوَضَعَ الدَّهْرَ مَوْضِعَ جَالِبِ الْحَوَادِثِ لِاشْتِهَارِ الدَّهْرِ عِنْدَهُمْ بِذَلِكَ، وَتَقْدِيرُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ: فإِن اللَّهَ هُوَ الْجَالِبُ لِلْحَوَادِثِ لَا غَيْرُ رَدًّا لِاعْتِقَادِهِمْ أَن جَالِبَهَا الدَّهْرُ.
وعامَلَهُ مُدَاهَرَةً ودِهارًا: مِنَ الدَّهْرِ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَكَذَلِكَ اسْتَأْجَرَهُ مُدَاهَرَةً ودِهارًا؛ عَنْهُ.
الأَزهري: قَالَ الشَّافِعِيُّ الحِيْنُ يَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا، وَيَوْمٌ؛ قَالَ: وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ لِلْحِينِ غَايَةً، وَكَذَلِكَ زَمَانٌ وَدَهْرٌ وأَحقاب، ذُكِرَ هَذَا فِي كِتَابِ الإِيمان؛ حَكَاهُ الْمُزَنِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ عَنْهُ.
وَقَالَ شِمْرٌ: الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ؛ وأَنشد:
إِنَّ دَهْرًا يَلُفُّ حَبْلِي بِجُمْلٍ ***لَزَمَانٌ يَهُمُّ بالإِحْسانِ
فَعَارَضَ شِمْرًا خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ وخطَّأَه فِي قَوْلِهِ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ وَقَالَ: الزَّمَانُ زَمَانُ الرُّطَبِ وَالْفَاكِهَةِ وَزَمَانُ الْحَرِّ وَزَمَانُ الْبَرْدِ، وَيَكُونُ الزَّمَانُ شَهْرَيْنِ إِلى سِتَّةِ أَشهر وَالدَّهْرُ لَا يَنْقَطِعُ.
قَالَ الأَزهري: الدَّهْرُ عِنْدَ الْعَرَبِ يَقَعُ عَلَى بَعْضِ الدَّهْرِ الأَطول وَيَقَعُ عَلَى مُدَّةِ الدُّنْيَا كُلِّهَا.
قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الْعَرَبِ يَقُولُ: أَقمنا عَلَى مَاءِ كَذَا وَكَذَا دَهْرًا، وَدَارُنَا الَّتِي حَلَلْنَا بِهَا تَحْمِلُنَا دَهْرًا، وإِذا كَانَ هَذَا هَكَذَا جَازَ أَن يُقَالَ الزَّمَانُ وَالدَّهْرُ وَاحِدٌ فِي مَعْنًى دُونَ مَعْنًى.
قَالَ: وَالسَّنَةُ عِنْدَ الْعَرَبِ أَربعة أَزمنة: رَبِيعٌ وَقَيْظٌ وَخَرِيفٌ وَشِتَاءٌ، وَلَا يَجُوزُ أَن يُقَالَ: الدَّهْرُ أَربعة أَزمنة، فَهُمَا يَفْتَرِقَانِ.
وَرَوَى الأَزهري بِسَنَدِهِ عَنْ أَبي بَكْرٍ.
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: أَلا إِنَّ الزمانَ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يومَ خَلَق اللهُ السماواتِ والأَرضَ، السنةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، أَربعةٌ مِنْهَا حُرُمٌ: ثلاثَةٌ مِنْهَا متوالياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ مُفْرَدٌ "؛ قَالَ الأَزهري: أَراد بِالزَّمَانِ الدَّهْرَ.
الْجَوْهَرِيُّ: الدَّهْرُ الزَّمَانُ.
وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَاهِرٌ كَقَوْلِهِمْ أَبَدٌ أَبِيدٌ، وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ دَهْرَ الدَّاهِرِين أَي أَبدًا.
وَرَجُلٌ دُهْرِيٌّ: قَدِيمٌ مُسِنٌّ نُسِبَ إِلى الدَّهْرِ، وَهُوَ نَادِرٌ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: فإِن سُمِّيَتْ بِدَهْرٍ لَمْ تَقُلْ إِلَّا دَهْرِيٌّ عَلَى الْقِيَاسِ.
وَرَجُلٌ دَهْرِيٌّ: مُلْحِدٌ لَا يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ، يَقُولُ بِبَقَاءِ الدَّهْرِ، وَهُوَ مولَّد.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: يُقَالُ فِي النِّسْبَةِ إِلى الرَّجُلِ الْقَدِيمِ دَهْرِيٌّ.
قَالَ: وإِن كَانَ مَنْ بَنِي دَهْرٍ مِنْ بَنِي عَامِرٍ قُلْتُ دُهْرِيٌّ لَا غَيْرُ، بِضَمِّ الدَّالِ، قَالَ ثَعْلَبٌ: وَهُمَا جَمِيعًا مَنْسُوبَانِ إِلى الدَّهْرِ وَهُمْ رُبَّمَا غَيَّرُوا فِي النَّسَبِ، كَمَا قَالُوا سُهْلِيٌّ لِلْمَنْسُوبِ إِلى الأَرض السَّهْلَةِ.
والدَّهارِيرُ: أَوّل الدَّهْرِ فِي الزَّمَانِ الْمَاضِي، وَلَا وَاحِدَ لَهُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ لِرَجُلٍ مِنْ أَهل نَجْدٍ، وَقَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ لِعثْيَر.
بْنِ لَبِيدٍ العُذْرِيِّ، قَالَ وَقِيلَ هُوَ لِحُرَيْثِ بْنِ جَبَلَةَ العُذْري:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خَيْرًا وارْضَيَنَّ بهِ، ***فَبَيْنَما العُسْرُ إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
وَبَيْنَمَا المَرْءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبَطٌ، ***إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوهُ الأَعاصِيرُ
يَبْكِي عَلَيْهِ غَرِيبٌ لَيْسَ يَعْرِفُهُ، ***وذُو قَرَابَتهِ فِي الحَيِّ مَسْرُورُ
حَتَّى كأَنْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، ***والدَّهْرُ أَيَّتَمَا حِينٍ دَهارِيرُ
قَوْلُهُ: اسْتَقْدِرِ اللَّهَ خَيْرًا أَي اطْلُبْ مِنْهُ أَن يُقَدِّرَ لَكَ خَيْرًا.
وَقَوْلُهُ: فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ، الْعُسْرُ مبتدأٌ وَخَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَبَيْنَمَا الْعُسْرُ كَائِنٌ أَو حَاضِرٌ.
إِذ دَارَتْ مَيَاسِيرُ أَي حَدَثَتْ وَحَلَّتْ، وَالْمَيَاسِيرُ: جَمْعُ مَيْسُورٍ.
وَقَوْلُهُ: كأَن لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، يَكُنْ تَامَّةٌ وإِلَّا تَذَكُّرُهُ فَاعِلٌ بِهَا، وَاسْمُ كأَن مُضْمَرٌ تَقْدِيرُهُ كأَنه لَمْ يَكُنْ إِلَّا تَذَكُّرُهُ، وَالْهَاءُ فِي تَذَكُّرُهُ عَائِدَةٌ عَلَى الْهَاءِ الْمُقَدَّرَةِ؛ وَالدَّهْرُ مبتدأٌ وَدَهَارِيرُ خَبَرُهُ، وأَيتما حَالُ ظَرْفٍ مِنَ الزَّمَانِ وَالْعَامِلُ فِيهِ مَا فِي دَهَارِيرَ مِنْ مَعْنَى الشِّدَّةِ.
وَقَوْلُهُمْ: دَهْرٌ دَهارِيرٌ أَي شَدِيدٌ، كَقَوْلِهِمْ: لَيْلَةٌ لَيْلاءُ ونهارٌ أَنْهَرُ ويومٌ أَيْوَمُ وساعَةٌ سَوْعاءُ.
وواحدُ الدَّهارِيرَ دَهْرٌ، عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ، كَمَا قَالُوا: ذَكَرٌ ومَذاكِيرُ وشِبْهٌ ومَشَابهِ، فكأَنها جَمْعُ مِذْكارٍ ومُشْبِهٍ، وكأَنّ دَهارِير جمعُ دُهْرُورٍ أَو دَهْرار.
والرَّمْسُ: الْقَبْرُ.
والأَعاصير: جَمْعُ إِعصار، وَهِيَ الرِّيحُ تَهُبُّ بِشِدَّةٍ.
ودُهُورٌ دَهارِير: مُخْتَلِفَةٌ عَلَى الْمُبَالَغَةِ؛ الأَزهري: يُقَالُ ذَلِكَ فِي دَهْرِ الدَّهارِير.
قَالَ: وَلَا يُفْرَدُ مِنْهُ دِهْرِيرٌ؛ وَفِي حَدِيثِ سَطِيح: «فإِنَّ ذَا الدَّهْرَ أَطْوارًا دَهارِيرُ قَالَ الأَزهري: الدَّهارير جَمْعُ الدُّهُورِ»، أَراد أَن الدَّهْرَ ذُو حَالَيْنِ مِنْ بُؤْسٍ ونُعْمٍ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: الدَّهَارِيرُ تَصَارِيفُ الدَّهْرِ وَنَوَائِبُهُ، مُشْتَقٌّ مِنْ لَفْظِ الدَّهْرِ، لَيْسَ لَهُ وَاحِدٌ مِنْ لَفْظِهِ كَعَبَادِيدِ.
وَالدَّهْرُ: النَّازِلَةُ.
وَفِي حَدِيثِ مَوْتِ أَبي طَالِبٍ: «لَوْلَا أَن قُرَيْشًا تَقُولُ دَهَرَهُ الجَزَعُ لفعلتُ».
يُقَالُ: دَهَرَ فُلَانًا أَمْرٌ إِذا أَصابه مَكْرُوهٌ، ودَهَرَهُمْ أَمر نَزَلَ بِهِمْ مَكْرُوهٌ، ودَهَرَ بِهِمْ أَمرٌ نَزَلَ بِهِمْ.
وَمَا دَهْري بِكَذَا وَمَا دَهْري كَذَا أَي مَا هَمِّي وَغَايَتِي.
وَفِي حَدِيثِ أُم سُلَيْمٍ: «مَا ذاك دَهْرُكِ».
يقال: ما ذاكَ دَهْرِي وَمَا دَهْرِي بِكَذَا أَي هَمِّي وإِرادتي؛ قَالَ مُتَمِّم بْنُ نُوَيْرَةَ:
لَعَمْرِي وَمَا دَهْرِي بِتَأْبِينِ هالِكٍ، ***وَلَا جَزَعًا مِمَّا أَصابَ فأَوْجَعَا
وَمَا ذَاكَ بِدَهْري أَي عَادَتِي.
والدَّهْوَرَةُ: جَمْعُك الشيءَ وقَذْفُكَ بِهِ فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرْتُ الشَّيْءَ: كَذَلِكَ.
وَفِي حَدِيثِ النَّجَاشِيِّ: «فَلَا دَهْوَرَة اليومَ عَلَى حِزْبِ إِبراهيم»، كأَنه أَراد لَا ضَيْعَةَ عَلَيْهِمْ وَلَا يَتْرُكُ حِفْظَهُمْ وَتَعَهُّدَهُمْ، وَالْوَاوُ زَائِدَةٌ، وَهُوَ مِنَ الدَّهْوَرَة جَمْعِكَ الشَّيْءَ وقَذْفِكَ إِياه فِي مَهْوَاةٍ؛ ودَهْوَرَ اللُّقَمَ مِنْهُ، وَقِيلَ: دَهْوَرَ اللُّقَمَ كبَّرها.
الأَزهري: دَهْوَرَ الرجلُ لُقَمَهُ إِذا أَدارها ثُمَّ الْتَهَمَها.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ تعالى: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ}، قَالَ: دُهْوِرَتْ، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ: رُمِيَ بِهَا.
وَيُقَالُ: طَعَنَه فَكَوَّرَهُ إِذا أَلقاه.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ: فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ؛ أَي فِي الْجَحِيمِ.
قَالَ: وَمَعْنَى كُبْكِبُوا طُرِحَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: مَعْنَاهُ دُهْوِرُوا.
ودَهْوَرَ: سَلَحَ.
ودَهْوَرَ كلامَه: قَحَّمَ بعضَه فِي إِثر بَعْضٍ.
ودَهْوَرَ الْحَائِطَ: دَفَعَهُ فَسَقَطَ.
وتَدَهْوَرَ الليلُ: أَدبر.
والدَّهْوَرِيُّ مِنَ الرِّجَالِ: الصُّلْبُ الضَّرْب.
اللَّيْثُ: رَجُلٌ دَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ وَهُوَ الصُّلْبُ الصَّوْتِ؛ قَالَ الأَزهري: أَظن هَذَا خَطَأً وَالصَّوَابُ جَهْوَرِيُّ الصَّوْتِ أَي رَفِيعُ الصَّوْتِ.
ودَاهِرٌ: مَلِكُ الدَّيْبُلِ، قَتَلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ القاسم الثقفي" ابن عُمَرَ الْحَجَّاجِ فَذَكَرَهُ جَرِيرٌ وَقَالَ:
وأَرْضَ هِرَقْل قَدْ ذَكَرْتُ وداهِرًا، ***ويَسْعَى لَكُمْ مِنْ آلِ كِسْرَى النَّواصِفُ
وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
فإِني أَنا الموتُ الَّذِي هُوَ نازلٌ ***بِنَفْسِكَ، فانْظُرْ كَيْفَ أَنْتَ تُحاوِلُهْ
فأَجابه جَرِيرٌ:
أَنا الدهرُ يُفْني الموتَ، والدَّهْرُ خالدٌ، ***فَجِئْني بمثلِ الدهرِ شَيْئًا تُطَاوِلُهْ
قَالَ الأَزهري: جَعَلَ الدَّهْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ لأَن الْمَوْتَ يَفْنَى بَعْدَ انْقِضَاءِ الدُّنْيَا، قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِي نَوَادِرِ الأَعراب: مَا عِنْدِي فِي هَذَا الأَمر دَهْوَرِيَّة وَلَا رَخْوَدِيَّةٌ أَي لَيْسَ عِنْدِي فِيهِ رِفْقٌ وَلَا مُهاوَدَةٌ وَلَا رُوَيْدِيَةٌ وَلَا هُوَيْدِيَةٌ وَلَا هَوْدَاء وَلَا هَيْدَاءُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
ودَهْرٌ ودُهَيْرٌ ودَاهِرٌ: أَسماء.
ودَهْرٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ، قَالَ لَبِيدٌ بْنُ رَبِيعَةَ:
وأَصْبَحَ رَاسِيًا بِرُضَامِ دَهْرٍ، ***وسَالَ بِهِ الخمائلُ فِي الرِّهامِ
والدَّوَاهِرُ: رَكايا مَعْرُوفَةٌ؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذًا لأَتَى الدَّوَاهِرَ، عَنْ قريبٍ، ***بِخِزْيٍ غيرِ مَصْرُوفِ العِقَالِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
34-لسان العرب (عصر)
عصر: العَصْر والعِصْر والعُصْر والعُصُر؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: الدَّهْرُ.قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَصْرِالدهرُ، أَقسم اللَّهُ تَعَالَى بِهِ؛ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْعَصْرِ" مَا يَلِي الْمَغْرِبَ مِنَ النَّهَارِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هِيَ سَاعَةٌ مِنْ سَاعَاتِ "النَّهَارِ؛ وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ فِي العُصُر: " وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ فِي العُصُر الْخَالِي؟ "وَالْجَمْعُ أَعْصُرٌ وأَعْصار وعُصُرٌ وعُصورٌ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
والعَصْر قَبْل هَذِهِ العُصورِ ***مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ
والعَصْران: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
والعَصْر: اللَّيْلَةُ.
والعَصْر: الْيَوْمُ؛ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ:
وَلَنْ يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وَلَيْلَةٌ، ***إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا مَا تَيَمَّما
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي بَابِ مَا جَاءَ مُثْنى: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، يُقَالُ لَهُمَا العَصْران، قَالَ: وَيُقَالُ العَصْران الْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ؛ وأَنشد:
وأَمْطُلُه العَصْرَينِ حَتَّى يَمَلَّني، ***ويَرضى بنِصْفِ الدَّيْنِ، والأَنْفُ راغمُ
يَقُولُ: إِذا جَاءَ فِي أَول النَّهَارِ وعَدْتُه آخِرَهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «حافظْ عَلَى العَصْرَيْنِ»؛ يُرِيدُ صلاةَ الْفَجْرِ وَصَلَاةَ الْعَصْرِ، سَمَّاهُمَا العَصْرَينِ لأَنهما يَقَعَانِ فِي طَرَفَيِ العَصْرَين، وَهُمَا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، والأَشْبَهُ أَنه غلَّب أَحد الِاسْمَيْنِ عَلَى الْآخَرِ كالعُمَرَيْن لأَبي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَالْقَمَرَيْنِ لِلشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُهُمَا فِي الْحَدِيثِ، " قِيلَ: وَمَا العَصْران؟ قَالَ: صلاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وصلاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا "؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «مَنْ صلَّى العَصْرَيْنِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمِنْهُ حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه: ذَكِّرْهم بأَيَّام اللَّهِ واجْلِسْ لَهُمُ العَصْرَيْن أَي بَكَرَةً وَعَشِيًّا».
وَيُقَالُ: لَا أَفعل ذَلِكَ مَا اخْتَلَفَ العَصْران.
والعَصْر: الْعَشِيُّ إِلى احْمِرَارِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةُ العَصْر مُضَافَةٌ إِلى ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَبِهِ سُمِّيَتْ؛ قَالَ:
تَرَوَّحْ بِنَا يَا عَمْرو، قَدْ قَصُرَ العَصْرُ، ***وَفِي الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ والأَجْرُ
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: الصَّلَاةُ الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ، وَذَلِكَ لأَنها بَيْنَ صلاتَي النَّهَارِ وَصَلَاتَيِ اللَّيْلِ، قَالَ: والعَصْرُ الحَبْسُ، وَسُمِّيَتْ عَصْرًا لأَنها تَعْصِر أَي تَحْبِس عَنِ الأُولى، وَقَالُوا: هَذِهِ العَصْر عَلَى سَعة الْكَلَامِ، يُرِيدُونَ صَلَاةَ العَصْر.
وأَعْصَرْنا: دَخَلْنَا فِي العَصْر.
وأَعْصَرْنا أَيضًا: كأَقْصَرْنا، وَجَاءَ فلانٌ عَصْرًا أَي بَطيئًا.
والعِصارُ: الحِينُ؛ يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ عَلَى عِصارٍ مِنَ الدَّهْرِ أَي حِينٍ.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ نَامَ فلانٌ وَمَا نَامَ العُصْرَ أَي وَمَا نَامَ عُصْرًا، أَي لَمْ يَكَدْ يَنَامُ.
وَجَاءَ وَلَمْ يَجِئْ لِعُصْرٍ أَي لَمْ يَجِئْ حِينَ الْمَجِيءِ؛ وَقَالَ ابْنُ أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ وذِمَّتَه ***عَلَهًا، وَمَا يَدْعُون مِنْ عُصْر
أَراد مِنْ عُصُر، فَخَفَّفَ، وَهُوَ الْمَلْجَأُ.
والمُعْصِر: الَّتِي بَلَغَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا وأَدركت، وَقِيلَ: أَول مَا أَدركت وَحَاضَتْ، يُقَالُ: أَعْصَرَت، كأَنها دَخَلَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا؛ قَالَ مَنْصُورُ بْنُ مَرْثَدٍ الأَسدي:
جَارِيَةٌ بسَفَوانَ دارُها ***تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطًا خِمارُها،
قَدْ أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها "وَالْجَمْعُ مَعاصِرُ ومَعاصِيرُ؛ وَيُقَالُ: هِيَ الَّتِي قَارَبَتِ الْحَيْضَ لأَنّ الإِعصارَ فِي الْجَارِيَةِ كالمُراهَقة فِي الغُلام، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبي الْغَوْثِ الأَعرابي؛ وَقِيلَ: المُعْصِرُ هِيَ الَّتِي رَاهَقَتِ العِشْرِين، وَقِيلَ: المُعْصِر سَاعَةَتَطْمِث أَي تَحِيضُ لأَنها تُحْبَسُ فِي الْبَيْتِ، يُجْعَلُ لَهَا عَصَرًا، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي قَدْ وَلَدَتْ؛ الأَخيرة أَزْديّة، وَقَدْ عَصَّرَت وأَعْصَرَت، وَقِيلَ: سُمِّيَتِ المُعْصِرَ لانْعِصارِ دَمِ حَيْضِهَا وَنُزُولِ مَاءِ تَرِيبَتِها لِلْجِمَاعِ.
وَيُقَالُ: أَعْصَرَت الْجَارِيَةُ وأَشْهَدَت وتَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت.
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ لِلْجَارِيَةِ إِذا حَرُمت عَلَيْهَا الصلاةُ ورأَت فِي نَفْسِهَا زيادةَ الشَّبَابِ قَدْ أَعْصَرت، فَهِيَ مُعْصِرٌ: بَلَغَتْ عُصْرةَ شبابِها وإِدْراكِها؛ يقال بَلَغَتْ عَصْرَها وعُصورَها؛ وأَنشد: " وفَنَّقَها المَراضِعُ والعُصورُ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «كَانَ إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لَمْ يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا خَرَجَتْ تَنْظُرُ إِليه مِنْ حُسْنِه»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: المُعْصِرُ الْجَارِيَةُ أَول مَا تَحِيضُ لانْعِصار رَحِمها، وإِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر لِلْمُبَالَغَةِ فِي خُرُوجِ غَيْرِهَا مِنَ النِّسَاءِ.
وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه مِمَّا لَهُ دُهْن أَو شَرَابٌ أَو عَسَلٌ يَعْصِرُه عَصْرًا، فَهُوَ مَعْصُور، وعَصِير، واعْتَصَرَه: اسْتَخْرَجَ مَا فِيهِ، وَقِيلَ: عَصَرَه وَليَ عَصْرَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، واعْتَصَره إِذا عُصِرَ لَهُ خَاصَّةً، واعْتَصَر عَصِيرًا اتَّخَذَهُ، وَقَدِ انْعَصَر وتَعَصَّر، وعُصارةُ الشَّيْءِ وعُصارهُ وعَصِيرُه: مَا تحلَّب مِنْهُ إِذا عَصَرْته؛ قَالَ:
فإِن العَذَارى قَدْ خَلَطْنَ لِلِمَّتي ***عُصارةَ حِنَّاءٍ مَعًا وصَبِيب
وَقَالَ:
حَتَّى إِذا مَا أَنْضَجَتْه شَمْسُه، ***وأَنى فَلَيْسَ عُصارهُ كعُصارِ
وَقِيلَ: العُصارُ جَمْعُ عُصارة، والعُصارةُ: مَا سالَ عَنِ العَصْر وَمَا بَقِيَ مِنَ الثُّفْل أَيضًا بَعْدَ العَصْر؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ: " عُصارة الخُبْزِ الَّذِي تَحَلَّبا "وَيُرْوَى: تُحُلِّبا؛ يُقَالُ تَحَلَّبت الْمَاشِيَةُ بقيَّة الْعُشْبِ وتَلَزَّجَته أَي أَكلته، يَعْنِي بَقِيَّةَ الرَّطْب فِي أَجواف حُمْرِ الْوَحْشِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ عُصِرَ مَاؤُهُ، فَهُوَ عَصِير؛ وأَنشد قَوْلَ الرَّاجِزِ:
وَصَارَ مَا فِي الخُبْزِ مِنْ عَصِيرِه ***إِلى سَرَار الأَرض، أَو قُعُورِه
يَعْنِي بِالْعَصِيرِ الخبزَ وَمَا بَقِيَ مِنَ الرَّطْب فِي بُطُونِ الأَرض ويَبِسَ مَا سِوَاهُ.
والمَعْصَرة: الَّتِي يُعْصَر فِيهَا الْعِنَبُ.
والمَعْصَرة: مَوْضِعُ العَصْر.
والمِعْصارُ: الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الشَّيْءُ ثُمَّ يُعْصَر حَتَّى يتحلَّب مَاؤُهُ.
والعَواصِرُ: ثَلَاثَةُ أَحجار يَعْصِرون الْعِنَبَ بِهَا يَجْعَلُونَ بَعْضَهَا فَوْقَ بَعْضٍ.
وَقَوْلُهُمْ: لَا أَفعله مَا دَامَ لِلزَّيْتِ عاصِرٌ، يَذْهَبُ إِلى الأَبَدِ.
والمُعْصِرات: السَّحَابُ فِيهَا الْمَطَرُ، وَقِيلَ: السَّحَائِبُ تُعْتَصَر بِالْمَطَرِ؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ مَاءً ثَجَّاجًا}.
وأُعْصِرَ الناسُ: أُمْطِرُوا؛ وَبِذَلِكَ قرأَ بَعْضُهُمْ: " فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُون "؛ أَي يُمْطَرُون، وَمَنْ قرأَ: يَعْصِرُونَ"، قَالَ أَبو الْغَوْثِ: يستغِلُّون، وَهُوَ مِن عَصر الْعِنَبِ وَالزَّيْتِ، وَقُرِئَ: وَفِيهِ تَعْصِرُون "، مِنَ العَصْر أَيضًا، وَقَالَ أَبو عُبَيْدَةَ: هُوَ مِنَ العَصَر وَهُوَ المَنْجاة والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر؛ قَالَ لَبِيدٌ: " وَمَا كَانَ وَقَّافًا بِدَارٍ مُعَصَّرٍ وَقَالَ أَبو زُبَيْدٍ:
صادِيًا يَسْتَغِيثُ غَيْرَ مُغاثٍ، ***وَلَقَدْ كَانَ عُصْرة المَنْجود
أَي كَانَ ملجأَ الْمَكْرُوبِ.
قَالَ الأَزهري: مَا عَلِمْتُ أَحدًا مِنَ القُرَّاء الْمَشْهُورِينَ قرأَ يُعْصَرون "، وَلَا أَدري مِنْ أَين جَاءَ بِهِ اللَّيْثُ، فإِنه حَكَاهُ؛ وَقِيلَ: المُعْصِر السَّحَابَةُ الَّتِي قَدْ آنَ لَهَا أَن تصُبّ؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: وَجَارِيَةٌ مُعْصِرٌ مِنْهُ، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّحَابَةُ المُعْصِر الَّتِي تتحلَّب بِالْمَطَرِ ولمَّا تَجْتَمِعْ مِثْلُ الْجَارِيَةِ المُعْصِر قَدْ كَادَتْ تَحِيضُ وَلَمَّا تَحِضْ، وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وَقَالَ قَوْمٌ: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذَوَاتُ الأَعاصِير، وَهُوَ الرَّهَج والغُبار؛ وَاسْتَشْهَدُوا بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
وكأَنَّ سُهْكَ المُعْصِرات كَسَوْتَها ***تُرْبَ الفَدافِدِ وَالْبِقَاعِ بمُنْخُلِ
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَن قَالَ: المُعْصِراتُ الرِّياحُ "وَزَعَمُوا أَن مَعْنَى مِن، مِنْ قَوْلِهِ: مِنَ المُعْصِرات، مَعْنَى الْبَاءِ الزَّائِدَةِ.
كأَنه قَالَ: وأَنزلنا بالمُعْصِرات مَاءً ثَجَّاجًا، وَقِيلَ: بَلِ المُعْصِراتُ الغُيُومُ أَنفُسُها؛ وَفَسَّرَ بَيْتَ ذِي الرُّمَّةِ:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عَنْ مُتَوَضِّحٍ، ***كنَوْرِ الأَقاحي، شافَ أَلوانَها العَصْرُ
فَقِيلَ: العَصْر الْمَطَرُ مِنَ المُعْصِرات، والأَكثر والأَعرف: شافَ أَلوانها القَطْرُ.
قَالَ الأَزهري: وقولُ مَنْ فَسَّر المُعْصِرات بالسَّحاب أَشْبَهُ بِمَا أَراد اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لأَن الأَعاصِير مِنَ الرِّيَاحِ ليستْ مِن رِياح الْمَطَرِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنه يُنْزِل مِنْهَا مَاءً ثَجَّاجًا.
وَقَالَ أَبو إِسحق: المُعْصِرات السَّحَائِبُ لأَنها تُعْصِرُ الْمَاءَ، وَقِيلَ: مُعْصِرات كَمَا يُقَالُ أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ، وَكَذَلِكَ صارَ السحابُ إِلى أَنْ يُمْطِر فيُعْصِر؛ وَقَالَ البَعِيث فِي المُعْصِرات فَجَعَلَهَا سَحَائِبَ ذَوَاتِ الْمَطَرِ:
وَذِي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ***ذِهابُ الصَّبا، والمعْصِراتُ الدَّوالِحُ
والدوالحُ: مِنْ نَعْتِ السَّحَابِ لَا مِنْ نَعْتِ الرِّيَاحِ، وَهِيَ الَّتِي أَثقلها الْمَاءُ، فَهِيَ تَدْلَحُ أَي تَمِشي مَشْيَ المُثْقَل.
والذِّهابُ: الأَمْطار، وَيُقَالُ: إِن الْخَيْرَ بِهَذَا الْبَلَدِ عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل ويُقطَّع.
والإِعْصارُ: الرِّيحُ تُثِير السَّحَابَ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِيهَا نارٌ، مُذَكَّر.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَأَصابَها إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ}، والإِعْصارُ: رِيحٌ تُثِير سَحَابًا ذَاتَ رَعْدٍ وَبَرْقٍ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي فِيهَا غُبَارٌ شَدِيدٌ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الإِعْصارُ الرِّيَاحُ الَّتِي تَهُبُّ مِنَ الأَرض وتُثِير الْغُبَارَ فَتَرْتَفِعُ كَالْعَمُودِ إِلى نَحْوِ السَّمَاءِ، وَهِيَ الَّتِي تُسَمِّيها النَّاسُ الزَّوْبَعَة، وَهِيَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ لَا يُقَالُ لَهَا إِعْصارٌ حَتَّى تَهُبّ كَذَلِكَ بِشِدَّةٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ فِي أَمثالها: إِن كنتَ رِيحًا فَقَدْ لَاقَيْتَ إِعْصارًا؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَلْقَى قِرْنه فِي النَّجْدة وَالْبَسَالَةِ.
والإِعْصارُ والعِصارُ: أَن تُهَيِّج الرِّيحُ التُّرَابَ فَتَرْفَعُهُ.
والعِصَارُ: الْغُبَارُ الشَّدِيدُ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
إِذا مَا جَدَّ واسْتَذْكى عَلَيْهَا، ***أَثَرْنَ عَلَيْهِ مِنْ رَهَجٍ عِصَارَا
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الإِعْصارُ الرِّيحُ الَّتِي تَسْطَع فِي السَّمَاءِ؛ وَجَمْعُ الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
وَبَيْنَمَا المرءُ فِي الأَحْياء مُغْتَبِطٌ، ***إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ
والعَصَر والعَصَرةُ: الغُبار.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنّ امرأَة مرَّت بِهِ مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِعْصار، فَقَالَ: أَينَ تُرِيدين يَا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فَقَالَتْ: أُريدُ المَسْجِد»؛ أَراد الغُبار أَنه ثارَ مِنْ سَحْبِها، وَهُوَ الإِعْصار، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ العَصَرة مِنْ فَوْحِ الطِّيب وهَيْجه، فَشَبَّهَهُ بِمَا تُثِير الرِّيَاحُ، وَبَعْضُ أَهل الْحَدِيثِ يَرْوِيهِ عُصْرة والعَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قَالَ طَرَفَةُ:
لَوْ كَانَ فِي أَمْلاكنا واحدٌ، ***يَعْصِر فِينَا كَالَّذِي تَعْصِرُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ أَي يُتَّخَذُ فِينَا الأَيادِيَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: أَي يُعْطِينا كَالَّذِي تُعْطِينا، وَكَانَ أَبو سَعِيدٍ يَرْوِيهِ: يُعْصَرُ فِينَا كَالَّذِي يُعْصَرُ أَي يُصابُ مِنْهُ، وأَنكر تَعْصِر.
والاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ الْعَطِيَّةِ.
واعْتَصَرَ مِنَ الشَّيْءِ: أَخَذَ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر:
وإِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ، ***وأَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ
والمُعْتَصِر: الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ ويأْخذ مِنْهُ.
وَرَجُلٌ كَريمُ المُعْتَصَرِ والمَعْصَرِ والعُصارَةِ أَي جَوَاد عِنْدَ المسأَلة كَرِيمٌ.
والاعْتِصارُ: أَن تُخْرِجَ مِنْ إِنسان مَالًا بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قَالَ: " فَمَنَّ واسْتَبْقَى وَلَمْ يَعْتَصِرْ وَكُلُّ شَيْءٍ منعتَه، فَقَدْ عَصَرْتَه.
وَفِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ: «أَنه سُئِلَ عَنِ العُصْرَةِ للمرأَة، فَقَالَ: لَا أَعلم رُخِّصَ فِيهَا إِلا لِلشَّيْخِ المَعْقُوفِ المُنْحَنِي»؛ العُصْرَةُ هَاهُنَا: مَنْعُ الْبِنْتِ مِنَ التَّزْوِيجِ، وَهُوَ مِنْ الاعْتِصارِ المَنْع، أَراد لَيْسَ لأَحد منعُ امرأَة مِنَ التَّزْوِيجِ إِلا شَيْخٌ كَبِيرٌ أَعْقَفُ لَهُ بِنْتٌ وَهُوَ مُضْطَرٌّ إِلى اسْتِخْدَامِهَا.
واعْتَصَرَ عَلَيْهِ: بَخِلَ عَلَيْهِ بِمَا عِنْدَهُ وَمَنَعَهُ.
واعْتَصَر مالَه: اسْتَخْرَجَهُ مِنْ يَدِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنه قَضَى أَن الْوَالِدَ يَعْتَصِرُ ولَدَه فِيمَا أَعطاه وَلَيْسَ للولَد أَن يَعتَصِرَ مِنْ وَالِدِهِ، لِفَضْلِ الْوَالِدِ عَلَى الْوَلَدِ»؛ قَوْلُهُ" يَعْتَصِرُ وَلَدَهُ "أَي لَهُ أَن يَحْبِسَهُ عَنِ الإِعطاء وَيَمْنَعَهُ إِياه.
وَكُلُّ شَيْءٍ مَنَعْتَهُ وَحَبَسْتَهُ فَقَدِ اعْتَصَرْتَه؛ وَقِيلَ: يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ.
واعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها، وَالْمَعْنَى أَن الْوَالِدَ إِذا أَعطى وَلَدَهُ شَيْئًا فَلَهُ أَن يأْخذه مِنْهُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الْوَالِدُ عَلَى وَلَدِهِ فِي مَالِهِ "؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وإِنما عَدَاهُ بِعَلَى لأَنه فِي مَعْنَى يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَيَعُودُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُعْتَصِرُ الَّذِي يُصِيبُ مِنَ الشَّيْءِ يأْخذ مِنْهُ وَيَحْبِسُهُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي فِي كَلَامٍ لَهُ: قومٌ يَعْتَصِرُونَ الْعَطَاءَ ويَعِيرون النِّسَاءَ؛ قَالَ: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه بِثَوَابِهِ.
تَقُولُ: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثَوَابَهُ أَو الشَّيْءَ نَفسَه.
قَالَ: والعاصِرُ والعَصُورُ هُوَ الَّذِي يَعْتَصِرُ ويَعْصِرُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ شَيْئًا بِغَيْرِ إِذنه.
قَالَ العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرَّجُلُ مَالَ وَلَدِهِ لِنَفْسِهِ أَو يُبْقِيَهُ عَلَى وَلَدِهِ؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فُلَانٍ إِلا أَن يَكُونَ قَرِيبًا لَهُ.
قَالَ: وَيُقَالُ لِلْغُلَامِ أَيْضًا اعْتَصَرَ مَالَ أَبيه إِذا أَخذه.
قَالَ: وَيُقَالُ فُلَانٌ عاصِرٌ إِذا كَانَ مُمْسِكًا، وَيُقَالُ: هُوَ عَاصِرٌ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقِيلَ: الاعْتِصَارُ عَلَى وَجْهَيْنِ: يُقَالُ اعْتَصَرْتُ مِنْ فُلَانٍ شَيْئًا إِذا أَصبتَه مِنْهُ، وَالْآخَرُ أَن تَقُولَ أَعطيت فُلَانًا عَطِيَّةً فاعْتَصَرْتُها أَي رَجَعْتُ فِيهَا؛ وأَنشد:
نَدِمْتُ عَلَى شَيْءٍ مَضَى فَاعْتَصَرْتُه، ***وللنِّحْلَةُ الأُولى أَعَفُّ وأَكْرَمُ
فَهَذَا ارْتِجَاعٌ.
قَالَ: فأَما الَّذِي يَمْنَعُ فإِنما يُقَالُ لَهُ تَعَصَّرَ أَي تَعَسَّر، فَجَعَلَ مَكَانَ السِّينِ صَادًا.
وَيُقَالُ: مَا عَصَرك وثَبَرَكَ وغَصَنَكَ وشَجَرَكَ أَي مَا مَنَعَك.
وَكَتَبَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِلى المُغِيرَةِ: إِنَّ النِّسَاءَ يُعْطِينَ عَلَى الرَّغْبة والرَّهْبة، وأَيُّمَا امرأَةٍ نَحَلَتْ زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لَهَا أَي تَرْجِعَ.
وَيُقَالُ: أَعطاهم شَيْئًا ثُمَّ اعْتَصَره إِذا رَجَعَ فِيهِ.
والعَصَرُ، بِالتَّحْرِيكِ، والعُصْرُ والعُصْرَةُ: المَلْجَأُ والمَنْجَاة.
وعَصَرَ بِالشَّيْءِ واعْتَصَرَ بِهِ: لجأَ إِليه.
وأَما الَّذِي وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بِلَالًا أَن يُؤَذِّنَ قَبْلَ الْفَجْرِ لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ»؛ فإِنه أَراد الَّذِي يُرِيدُ أَن يَضْرِبَ الْغَائِطَ، وَهُوَ الَّذِي يَحْتَاجُ إِلى الْغَائِطِ ليَتَأَهَّبَ لِلصَّلَاةِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا، وَهُوَ مِنَ العَصْر أَو العَصَر، وَهُوَ المَلْجأُ أَو المُسْتَخْفَى، وَقَدْ قِيلَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ}: إِنه مِنْ هَذَا، أَي يَنْجُون مِنَ الْبَلَاءِ ويَعْتَصِمون بالخِصْب، وَهُوَ مِنَ العُصْرَة، وَهِيَ المَنْجاة.
والاعْتِصَارُ: الِالْتِجَاءُ؛ وَقَالَ عَدِي بْنُ زَيْدٍ:
لَوْ بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ، ***كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
والاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بِالطَّعَامِ فَيَعْتَصِر بِالْمَاءِ، وَهُوَ أَن يَشْرَبَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا، ويُسْتَشْهد عَلَيْهِ بِهَذَا الْبَيْتِ، أَعني بَيْتَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ.
وعَصَّرَ الزرعُ: نَبَتَتْ أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ مِنَ العَصَر الَّذِي هُوَ الملجأُ والحِرْز؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، أَي تَحَرَّزَ فِي غُلُفِه، وأَوْعِيَةُ السُّنْبُلِ أَخْبِيَتُه ولَفائِفُه وأَغْشِيَتُه وأَكِمَّتُه وقبائِعُهُ، وَقَدْ قَنْبَعَت السُّنبلة وَهِيَ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ صَمْعَاءُ، ثُمَّ تَنْفَقِئُ.
وَكُلُّ حِصْن يُتحصن بِهِ، فَهُوَ عَصَرٌ.
والعَصَّارُ: الْمَلِكُ الملجأُ.
والمُعْتَصَر: العُمْر والهَرَم؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وأَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَني ***حِلْمِي، ويَسَّرَ قائِدِي نَعْلِي
مُعْتَصَري: عُمْرِي وهَرَمي، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَا كَانَ فِي الشَّبَابِ مِنَ اللَّهْوِ أَدركته ولَهَوْت بِهِ، يَذْهَبُ إِلى الاعْتِصَار الَّذِي هُوَ الإِصابة لِلشَّيْءِ والأَخذ مِنْهُ، والأَول أَحسن.
وعَصْرُ الرجلِ: عَصَبته ورَهْطه.
والعُصْرَة: الدِّنْية، وَهُمْ مَوَالِينَا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ قُصْرَة بِهَذَا الْمَعْنَى، وَيُقَالُ: فُلَانٌ كَرِيمُ العَصِير أَي كِرِيمُ النَّسَبِ؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
تَجَرَّدَ مِنْهَا كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ، ***لِعَوْهَجٍ أوِ لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها
وَيُقَالُ: مَا بَيْنَهُمَا عَصَرٌ وَلَا يَصَرٌ وَلَا أَعْصَرُ وَلَا أَيْصَرُ أَي مَا بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ وَلَا قَرَابَةٌ.
وَيُقَالُ: تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك وعَشِيرتك.
والمَعْصُور: اللِّسان الْيَابِسُ عَطَشًا؛ قَالَ الطِّرِمَّاحِ:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ ***أَفَاوِيق، مِنْهَا هَلَّةٌ ونُقُوعُ
وَقَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ: أَيام أَعْرَقَ بِي عَامُ المَعَاصِيرِ "فَسَّرَهُ فَقَالَ: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، وَهَذَا مِنَ الجَدْب؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري مَا هَذَا التَّفْسِيرُ.
والعِصَارُ: الفُسَاء؛ قَالَ الْفَرَزْدَقُ:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قَامَ لَهُ ***تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذُو أَضَامِيمِ
وأَصل العِصَار: مَا عَصَرَتْ بِهِ الرِّيحُ مِنَ التُّرَابِ فِي الْهَوَاءِ وَبَنُو عَصَر: حَيّ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ، مِنْهُمْ مَرْجُوم العَصَريّ.
ويَعْصُرُ وأَعْصُرُ: قَبِيلَةٌ، وَقِيلَ: هُوَ اسْمُ رَجُلٍ لَا يَنْصَرِفُ لأَنه مِثْلُ يَقْتُل وأَقتل، وَهُوَ أَبو قَبِيلَةٍ مِنْهَا باهِلَةُ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَقَالُوا باهِلَةُ بْنُ أَعْصُر وإِنما سُمِّيَ بِجَمْعِ عَصْرٍ، وأَما يَعْصُر فَعَلَى بَدَلِ الْيَاءِ مِنَ الْهَمْزَةِ، وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ مَا وَرَدَ بِهِ الْخَبَرُ مِنْ أَنه إِنما سُمِّيَ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ:
أَبُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه ***كَرُّ اللَّيَالِي، واخْتِلافُ الأَعْصُرِ
وعَوْصَرة: اسْمٌ.
وعَصَوْصَر وعَصَيْصَر وعَصَنْصَر، كُلُّهُ: مَوْضِعٌ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ: " لَوْ عُصْرَ مِنْهُ البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ يُرِيدُ عُصِرَ، فَخَفَّفَ.
والعُنْصُرُ والعُنْصَرُ: الأَصل وَالْحَسَبُ.
وعَصَرٌ: مَوْضِعٌ.
وَفِي حَدِيثِ خَيْبَرَ: «سَلَكَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرِه إِليها عَلَى عَصَرٍ»؛ هُوَ بِفَتْحَتَيْنِ، جَبَلٌ بَيْنَ الْمَدِينَةِ وَوَادِي الفُرْع، وَعِنْدَهُ مَسْجِدٌ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
35-لسان العرب (رمس)
رمس: الرَّمْسُ: الصَّوْتُ الخَفِيُّ.ورَمَسَ الشيءَ يَرْمُسُه رَمْسًا: طَمَسَ أَثَرَه.
ورَمَسه يَرْمُسُه ويَرْمِسُه رَمْسًا، فَهُوَ مَرْموس ورَمِيسٌ: دَفَنَهُ وسَوَّى عَلَيْهِ الأَرضَ.
وكلُّ مَا هِيلَ عَلَيْهِ التُّرَابُ، فَقَدْ رُمِسَ؛ وكلُّ شيءٍ نُثِرَ عَلَيْهِ الترابُ، فَهُوَ مَرْمُوس؛ قَالَ لقِيطُ بنُ زُرارَةَ:
يَا ليتَ شِعْري اليومَ دَخْتَنُوسُ، ***إِذا أَتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ،
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَم تَمِيسُ؟ ***لَا بَلْ تَمِيسُ، إِنها عَرُوسُ
وأَما قَوْلُ البُرَيْقِ:
ذَهَبْتُ أَعُورُه فَوَجدْتُ فِيهِ ***أَوَارِيًّا رَوامِسَ والغُبارا
قَدْ يَكُونُ عَلَى النَّسَبِ وَقَدِ يَكُونُ عَلَى وَضْعِ فَاعِلٍ مَكَانَ مَفْعُولٍ إِذ لَا يُعرف رَمَسَ الشيءُ نَفْسُه.
ابْنُ شُمَيْل: الرَّوامِسُ الطَّيْرُ الَّذِي يَطِيرُ بِاللَّيْلِ، قَالَ: وَكُلُّ دَابَّةٍ تَخْرُجُ بِاللَّيْلِ، فَهِيَ رَامِسٌ تَرْمُس: تَدْفِنُ الآثارَ كَمَا يُرْمَسُ الْمَيِّتُ، قال؛ إِذا كَانَ الْقَبْرُ مُدَرَّمًا مَعَ الأَرض، فَهُوَ رَمْس، أَي مُسْتَوِيًا مَعَ وَجْهِ الأَرض، وإِذا رُفِعَ الْقَبْرُ فِي السَّمَاءِ عَنْ وَجْهِ الأَرض لَا يُقَالُ لَهُ رَمْسٌ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مغَفَّل: «ارْمُسُوا قَبْرِي رَمْسًا»أَي سَوُّوه بالأَرض وَلَا تَجْعَلُوهُ مُسَنَّمًا مُرْتَفِعًا.
وأَصلُ الرَّمْسِ: السَّتْرُ وَالتَّغْطِيَةُ.
وَيُقَالُ لِمَا يُحْثَى مِنَ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ: رَمْسٌ.
وَالْقَبْرُ نفسُه: رَمْسٌ؛ قَالَ:
وَبَيْنَمَا المرءُ فِي الأَحياءِ مُغْتَبِطٌ، ***إِذا هُوَ الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هُوَ تُرَابٌ قَدْ دُفِنَ فِيهِ وَالرِّيَاحُ تُطَيِّره.
وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبِيِّ فِي حَدِيثٍ أَنه قَالَ: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ فِي الْمَاءِ أَجزأَه ذَلِكَ مِنْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ "؛ قَالَ شَمِرٌ: ارْتَمس فِي الْمَاءِ إِذا انْغَمَسَ فِيهِ حَتَّى يَغِيبَ رأْسه وجميعُ جَسَدِهِ فِيهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنه رامَسَ عُمَرَ بالجُحْفَة وَهُمَا مُحْرِمان» أَي أَدخلا رؤوسهما فِي الْمَاءِ حَتَّى يُغَطِّيَهُمَا، وَهُوَ كالغَمْس، بِالْغَيْنِ، وَقِيلَ: هُوَ بِالرَّاءِ أَن لَا يُطِيلَ اللُّبْثَ فِي الْمَاءِ، وَبَالِغِينَ أَن يُطِيلَهُ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: الصَّائِمُ يَرْتَمِس وَلَا يَغْتَمِسُ.
ابْنُ سِيدَهْ: الرَّمْسُ الْقَبْرُ، وَالْجَمْعُ أَرْماسٌ ورُمُوس؛ قَالَ الحُطَيْئَةُ:
جارٌ لقَوْمٍ أَطالوا هُونَ مَنْزِله، ***وغادَرُوه مُقِيمًا بَيْنَ أَرْماسِ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي لعُقَيْل بْنِ عُلَّفَةَ:
وأَعِيشُ بالبَلَلِ القَلِيلِ، وَقَدْ أَرى ***أَنَّ الرُّمُوسَ مَصارِعُ الفِتْيانِ
ابْنُ الأَعرابي: الرَّامُوسُ الْقَبْرُ، والمَرْمَسُ: مَوْضِعُ الْقَبْرِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِخَفْضٍ مَرْمَسي، أَو فِي يَفاعٍ، ***تُصَوِّتُ هامَتي فِي رَأْسِ قَبْري
ورَمَسْناه بالتُّرْب: كَبَسْناه.
والرَّمْسُ: التُّرْبُ تَرْمُس بِهِ الريحُ الأَثَر.
ورَمْسُ الْقَبْرِ: مَا حُثِيَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رَمَسْناه بِالتُّرَابِ.
والرَّمْسُ تَحْمِلُهُ الرِّيحُ فَتَرْمُس بِهِ الْآثَارَ أَي تُعَفِّيها.
ورمَسْتُ الْمَيِّتَ وأَرْمَسْته: دَفَنْتُهُ.
ورَمَسُوا قَبْرَ فُلَانٍ إِذا كَتَمُوهُ وسَوَّوْه مَعَ الأَرض.
والرَّمْسُ: تُرَابُ الْقَبْرِ، وَهُوَ فِي الأَصل مَصْدَرٌ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الرَّوامِسُ والرَّامِساتُ الرِّيَاحُ الزَّافِياتُ الَّتِي تَنْقُلُ التُّرَابَ مِنْ بَلَدٍ إِلى آخَرَ وَبَيْنَهَا الأَيام، وَرُبَّمَا غَشَّتْ وجْه الأَرض كُلَّه بِتُرَابِ أَرض أُخرى.
والرَّوامِسُ الرِّيَاحُ الَّتِي تُثِيرُ التُّرَابَ وَتَدْفِنُ الْآثَارَ.
ورَمَسَ عَلَيْهِ الخبرَ رَمْسًا: لَوَاهُ وَكَتَمَهُ.
الأَصمعي: إِذا كَتَمَ الرجلُ الخَبَرَ القومَ قَالَ: دَمَسْتُ عَلَيْهِمُ الأَمرَ ورَمَسْته.
ورَمَسْتُ الحديثَ: أَخفيته وَكَتَمْتُهُ.
وَوَقَعُوا فِي مَرْمُوسة مِنْ أَمرهم أَي اخْتِلَاطٌ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ رامِس، بِكَسْرِ الْمِيمِ، مَوْضِعٌ فِي دِيَارِ مُحَارِبٍ كَتَبَ بِهِ رسولُ اللَّه، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، لعُظَيْمِ بنِ الحَرث المُحاربيّ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
36-لسان العرب (عبط)
عبط: عَبَطَ الذَّبِيحةَ يَعْبِطُها عَبْطًا واعْتَبَطَها اعْتِباطًا: نَحَرَها مِنْ غَيْرِ دَاءٍ وَلَا كَسْرٍ وَهِيَ سَمينة فَتِيَّةٌ، وَهُوَ العَبْطُ، وَنَاقَةٌ عَبِيطةٌ ومُعْتَبَطةٌ وَلَحْمُهَا عَبِيط، وَكَذَلِكَ الشَّاةُ وَالْبَقَرَةُ، وَعَمَّ الأَزهريّ فَقَالَ: يُقَالُ لِلدَّابَّةِ عَبِيطةٌ ومُعْتَبَطةٌ، وَالْجَمْعُ عُبُطٌ وعِباطٌ؛ أَنشد سِيبَوَيْهِ:أَبِيتُ عَلَى مَعاريَ واضِحاتٍ، ***بِهِنَّ مُلَوَّبٌ كَدَمِ العِباطِ
وَقَالَ ابْنُ بُزُرْجَ: العَبِيطُ مِنْ كُلِّ اللَّحْمِ وَذَلِكَ مَا كَانَ سَلِيمًا مِنَ الْآفَاتِ إِلا الْكَسْرَ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ لِلَحْمِ الدَّوِي المدخُولِ مِنْ آفةٍ عَبِيطٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَقاءتْ لَحمًا عَبِيطًا»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَبِيطُ الطَّرِيُّ غَيْرُ النَّضِيج.
وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُمَرَ: فَدَعا بِلحْم عَبيط "أَي طَرِيٍّ غَيْرِ نَضيج؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالَّذِي جاءَ فِي غَرِيبِ الخطَّابي عَلَى اخْتِلَافِ نُسَخِهِ: " فَدَعَا بِلَحْمٍ غَلِيظ، بِالْغَيْنِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ، يُرِيدُ لَحْمًا خَشِنًا عاسِيًا لَا يَنْقادُ فِي المَضْغِ، قَالَ: وكأَنه أَشْبه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مُرِي بَنِيكَ لَا يَعْبِطُوا ضُروعَ الْغَنَمِ»أَي لَا يُشَدِّدوا الحلَب فيَعْقرُوها ويُدْمُوها بِالْعَصْرِ، مِنَ العَبِيط وَهُوَ الدَّمُ الطَّرِيُّ، أَو لَا يَسْتَقْصُوا حَلْبَهَا حَتَّى يخرُج الدمُ بَعْدَ اللَّبَنِ، وَالْمُرَادُ أَن لَا يَعْبِطوها فحَذف أَن وأَعملها مُضمرة، وَهُوَ قَلِيلٌ، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ لَا نَاهِيَةً بَعْدَ أَمر فَحَذَفَ النُّونَ لِلنَّهْيِ.
وَمَاتَ عَبْطةً أَي شَابًّا، وَقِيلَ: شَابًّا صَحِيحًا؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي الصلْت:
مَنْ لَمْ يَمُتْ عَبْطَةً يَمُتْ هَرَمًا؛ ***لِلْمَوت كأْسٌ، وَالْمَرْءُ ذائقُها
وَفِي حَدِيثُ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ: مَعْبُوطة نفْسُها أَي مَذْبُوحَةٌ وَهِيَ شابّةٌ صَحِيحَةٌ.
وأَعْبَطَه الموتُ واعْتَبَطَه عَلَى المثَل.
وَلَحْمٌ عَبِيطٌ بيِّن العُبْطةِ: طَرِيٌّ، وَكَذَلِكَ الدمُ وَالزَّعْفَرَانُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيُقَالُ لَحْمٌ عَبِيطٌ ومَعْبُوطٌ إِذا كَانَ طَرِيًّا لَمْ يُنَيِّبْ فِيهِ سَبْعٌ وَلَمْ تُصِبه عِلة؛ قَالَ لَبِيَدٌ:
وَلَا أَضَنُّ بِمَعْبُوطِ السَّنامِ، إِذا ***كَانَ القُتارُ كَمَا يُسْتَرْوَحُ القُطُر
قَالَ اللَّيْثُ: وَيُقَالُ زَعْفران عَبِيط يُشبَّه بِالدَّمِ العَبِيط.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتلًا فإِنه قَوَدٌ، » أَي قَتَله بِلَا جِناية كَانَتْ مِنْهُ وَلَا جَرِيرَةٍ تُوجِب قَتْلَهُ، فإِنَّ الْقَاتِلَ يُقاد بِهِ وَيُقْتَلُ.
وكلُّ مَنْ مَاتَ بِغَيْرِ عِلَّةٍ، فَقَدِ اعْتُبِطَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَن قَتَلَ مُؤْمِنًا فاعتبَط بقتْلِه لَمْ يَقبل اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عدْلًا»؛ هَكَذَا جَاءَ الحديثُ فِي سُنَن أَبي دَاوُدَ، ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: قَالَ خَالِدُ بْنُ دهْقان، وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ: سأَلت يَحْيَى بْنَ يَحْيَى الغَسّاني عَنْ قَوْلِهِ اعتبَط بِقَتْلِهِ، قَالَ: الَّذِينَ يُقاتَلون فِي الفِتْنة فَيَرَى أَنه عَلَى هُدى لَا يَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا التَّفْسِيرُ يَدُلُّ عَلَى أَنه مِنَ الغِبْطةِ، بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الفرَح والسُّرُور وحُسْن الْحَالِ لأَن القاتِل يَفْرَح بِقَتْل خَصْمِهِ، فإِذا كَانَ الْمَقْتُولُ مُؤْمِنًا وَفَرِحَ بِقَتْلِهِ دَخَلَ فِي هَذَا الْوَعِيدِ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعَالِمِ السنَن وشَرَح هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ: اعْتَبَطَ قَتْلَه أَي قَتَله ظُلْمًا لَا عَنْ قَصَاصٍ.
وعَبَطَ فُلَانٌ بنَفْسِه فِي الْحَرْبِ وعَبَطَها عَبْطًا: أَلقاها فِيهَا غَيْرَ مُكْرهٍ.
وعَبَطَ الأَرضَ يَعْبِطُها عَبْطًا واعْتَبَطَها: حَفَر مِنْهَا مَوْضِعًا لَمْ يُحْفَر قبلَ ذَلِكَ؛ قَالَ مَرَّارُ بْنُ مُنْقِذ الْعَدَوِيُّ:
ظَلَّ فِي أَعْلى يَفاعٍ جاذِلًا، ***يَعْبِطُ الأَرضَ اعْتِباطَ المُحْتَفِرْ
وأَمّا بيتُ حُميدِ بْنُ ثَوْر:
إِذا سَنابِكُها أَثَرْنَ مُعْتَبَطًا ***مِنَ التُّرابِ، كَبَتْ فِيهَا الأَعاصِيرُ
فإِنه يُرِيدُ التُّرَابَ الَّذِي أَثارتْهُ، كَانَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ قَبْلُ.
والعَبْطُ: الرّيبةُ.
والعَبْطُ: الشَّقُّ.
وعبَط الشيءَ والثوبَ يعبِطُه عبْطًا: شَقَّه صَحِيحًا، فَهُوَ مَعْبُوطٌ وعَبِيطٌ، وَالْجَمْعُ عُبُطٌ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فتَخالَسا نَفْسَيْهما بنَوافِذٍ، ***كنوافِذِ العُبُط الَّتِي لَا تُرْقَعُ
يَعْنِي كَشَقِّ الجُيوب وأَطراف الأَكْمام والذُّيول لأَنها لَا تُرْقَع بَعْدَ العَبْطِ.
وَثَوْبٌ عَبِيطٌ أَي مَشْقوقٌ؛ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: أَنشدني أَبو طَالِبٍ النَّحْوِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعَانِي لِلْفِرَّاءِ: كَنَوَافِذِ العُطُبِ، ثُمَّ قَالَ: وَيُرْوَى كنوافذِ العُبُطِ، قَالَ: والعُطُبُ القُطْن والنوافِذُ الجُيوب، يعني جُيوبَ الأَقْمِصَة وأَخْراتَها لَا تُرْقَعُ، شبَّهَ سَعةَ الجِراحاتِ بِهَا، قَالَ: وَمَنْ رَوَاهَا العُبُط أَراد بِهَا جمعَ عَبيطٍ، وَهُوَ الَّذِي يُنْحَرُ لِغَيْرِ عِلَّةٍ، فإِذا كَانَ كَذَلِكَ كَانَ خُروجُ الدَّمِ أَشَدَّ.
وعَبَطَ الشيءُ نَفْسُه يَعْبِطُ: انشقَّ؛ قَالَ الْقَطَّامِيُّ:
وظَلَّتْ تَعْبِطُ الأَيدي كُلُومًا، ***تَمُجُّ عُروقُها عَلَقًا مُتاعا
وعَبَطَ النباتُ الأَرضَ: شَقَّها.
والعابِطُ: الكذّابُ.
والعَبْطُ: الكَذبُ الصُّراح مِنْ غَيْرِ عُذر.
وعَبَطَ عليَّ الكذبَ يَعْبِطُه عَبْطًا "واعْتَبَطَه: افْتَعلَه، واعْتَبَطَ عِرْضَه: شتَمَه وتَنَقَّصَه.
وعَبَطَتْه الدَّواهي: نالَتْه مِنْ غَيْرِ اسْتِحقاق؛ قَالَ حُمَيْدٌ وَسَمَّاهُ الأَزهري الأُرَيْقِطَ:
بِمَنْزلٍ عَفٍّ، وَلَمْ يُخالِطِ ***مُدَنّساتِ الرِّيَبِ العَوابِطِ
والعَوْبَطُ: الدّاهِيةُ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ الله عنها، قَالَتْ: «فَقَدَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا كَانَ يُجالِسُه فَقَالُوا: اعْتُبِطَ، فَقَالَ: قُوموا بِنَا نَعُوده»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَانُوا يُسمون الوَعْكَ اعْتِباطًا.
يُقَالُ: عَبَطَتْه الدَّوَاهِي إِذا نالَتْه.
والعَوْبَطُ: لُجَّةُ الْبَحْرِ، مَقْلُوبٌ عَنِ العَوْطَبِ.
وَيُقَالُ عَبَطَ الحِمارُ التُّرابَ بحَوافِره إِذا أَثارَه، والترابُ عَبيطٌ.
وعَبَطَتِ الرِّيحُ وجهَ الأَرضِ إِذا قَشَرَتْه.
وعَبَطْنا عَرَقَ الفرَسِ أَي أَجْرَيْناه حَتَّى عَرِقَ؛ قَالَ الجَعدِيّ: " وَقَدْ عَبَطَ الماءَ الحَمِيمَ فأَسْهَلا "عثلط: العُثَلِطُ: اللبنُ الْخَاثِرُ.
الأَصمعي: لَبَنٌ عُثَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُكَلِطٌ أَي ثَخِينٌ خاثِر، وأَبو عَمْرٍو مِثْلُهُ، وَهُوَ قَصْرُ عُثالِطٍ وعُجالِطٍ وعُكالِطٍ، وَقِيلَ: هُوَ المُتَكَبِّد الغَليظُ؛ وأَنشد: " أَخْرَس فِي مَخْرمه عُثالِط "عجلط: العُجَلِطُ: اللَّبَنُ الخاثِر الطَّيِّبُ، وَهُوَ مَحْذُوف مِنْ فُعالِل وَلَيْسَ فُعَلِلٌ فِيهِ وَلَا فِي غَيْرِهِ بأَصل؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
كَيْفَ رأَيْتَ كُثْأَتَيْ عُجَلِطِهْ، ***وكُثْأَةَ الخامِطِ مِنْ عُكَلِطِهْ؟
كُثْأَةُ اللَّبَنِ: مَا عَلا الْمَاءَ مِنَ اللَّبَنِ الغَليظ وَبَقِيَ الْمَاءُ تَحْتَهُ صافِيًا؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
وَلَوْ بَغى أَعْطاهُ تَيْسًا قافِطا، ***وَلَسَقاهُ لَبَنًا عُجالِطا
وَيُقَالُ لِلَّبَنِ إِذا خَثُر جَدًّا وتَكَبَّد: عُجَلِطٌ وعُجالِطٌ وعُجالِدٌ؛ وأَنشد:
إِذا اصْطَحَبْتَ رائِبًا عُجالِطا ***مِن لَبَنِ الضَأْنِ، فَلَسْتَ ساخِطا
وَقَالَ الزَّفَيان:
وَلَمْ يدَعْ مَذْقًا وَلَا عُجالِطا، ***لِشاربٍ حَزْرًا، وَلَا عُكالِطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِمَّا جَاءَ عَلَى فُعَلِلٍ عُثَلِطٌ وعُكَلِطٌ وعُجَلِطٌ وعُمَهِجٌ: اللَّبَنُ الخاثِرُ، والهُدَبِدُ: الشَّبْكرةُ فِي الْعَيْنِ، وَلَيْلٌ عُكمِسٌ: شَدِيدُ الظُّلمةِ، وإِبل عُكَمِسٌ أَي كَثِيرَةٌ، ودِرْع دُلَمِصٌ أَي بَرّاقةٌ، وقِدْرٌ خُزَخِزٌ أَي كَبِيرَةٌ، وأَكل الذئبُ مِنَ الشَّاةِ الحُدَلِقَ، وماءٌ زُوَزِمٌ: بَيْنَ الْمِلْحِ وَالْعَذْبِ، ودُوَدِمٌ: شَيْءٌ يُشْبِهُ الدَّمَ يخرُجُ مِنَ السَّمُرة يَجْعَلُهُ النساء في الطِّرارِ، قَالَ: وَجَاءَ فَعَلُلٌ مِثَالٌ وَاحِدٌ عَرَتُنٌ مَحْذُوفٌ مِنْ عَرَنْتُنٍ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
37-لسان العرب (غبط)
غبط: الغِبْطةُ: حُسْنُ الحالِ.وَفِي الْحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ غَبْطًا لَا هَبْطًا، يَعْنِي نسأَلُك الغِبْطةَ ونَعوذُ بِكَ أَن نَهْبِطَ عَنْ حالِنا».
التَّهْذِيبُ: مَعْنَى قَوْلِهِمْ غَبْطًا لَا هَبْطًا أَنَّا نسأَلُك نِعْمة نُغْبَطُ بها، وأَن لا تُهْبِطَنا مِنَ الحالةِ الحسنَةِ إِلى السيئةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اللَّهُمَّ ارْتِفاعًا لَا اتِّضاعًا، وَزِيَادَةً مِنْ فَضْلِكَ لَا حَوْرًا ونقْصًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: أَنزلنا مَنْزِلة نُغْبَطُ عَلَيْهَا وجَنِّبْنا مَنازِلَ الهُبوطِ والضَّعةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ نسأَلك الغِبْطةَ، وَهِيَ النِّعْمةُ والسُّرُورُ، ونعوذُ بِكَ مِنَ الذُّلِّ والخُضوعِ.
وَفُلَانٌ مُغْتَبِطٌ أَي فِي غِبْطةٍ، وَجَائِزٌ أَن تَقُولَ مُغْتَبَطٌ، بِفَتْحِ الْبَاءِ.
وَقَدِ اغْتَبَطَ، فَهُوَ مُغْتَبِطٌ، واغْتُبِطَ فَهُوَ مُغْتَبَطٌ، كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ.
والاغْتِباطُ: شُكرُ اللهِ عَلَى مَا أَنعم وأَفضل وأَعْطى، وَرَجُلٌ مَغْبوطٌ.
والغِبْطةُ: المَسَرَّةُ، وَقَدْ أَغْبَطَ.
وغَبَطَ الرجلَ يَغْبِطُه غَبْطًا وغِبْطةً: حسَدَه، وَقِيلَ: الحسَدُ أَن تَتَمنَّى نِعْمته عَلَى أَن تَتَحَوَّلَ عَنْهُ، والغِبْطةُ أَن تَتَمنَّى مِثْلَ حَالِ المَغْبوطِ مِنْ غَيْرِ أَن تُريد زَوَالَهَا وَلَا أَن تَتَحَوَّلَ عَنْهُ وَلَيْسَ بِحَسَدٍ، وَذَكَرَ الأَزهري فِي تَرْجَمَةِ حَسَدَ قَالَ: الغَبْطُ ضرْب مِنَ الحسَد وَهُوَ أَخفّ مِنْهُ، أَلا تَرَى أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا سُئِلَ: هَلْ يَضُرُّ الغَبْطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يضرُّ الخَبْطُ "، فأَخبر أَنه ضارٌّ وَلَيْسَ كضَرَرِ الحسَدِ الَّذِي يَتَمَنَّى صاحبُه زَيَّ النعمةِ عَنْ أَخيه؛ والخَبْطُ: ضرْبُ وَرَقِ الشَّجَرِ حَتَّى يَتَحاتَّ عَنْهُ ثُمَّ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ أَن يَضُرَّ ذَلِكَ بأَصل الشَّجَرَةِ وأَغْصانها، وَهَذَا ذَكَرَهُ الأَزهري عَنْ أَبي عُبَيْدَةَ فِي تَرْجَمَةِ غَبَطَ، فَقَالَ: سُئل" النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: هَلْ يضرُّ الغَبْطُ؟ فَقَالَ: لَا إِلَّا كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ الخَبْطُ، وَفَسَّرَ الغبطَ الحسَدَ الْخَاصَّ.
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ السِّكِّيتِ قَالَ: غَبَطْتُ الرَّجُلَ أَغْبِطُه غَبْطًا إِذا اشتهيْتَ أَن يَكُونَ لَكَ مثلُ مَا لَه وأَن لَا يَزول عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ، وَالَّذِي أَراد النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن الغَبْط لَا يضرُّ ضرَر الحسَدِ وأَنَّ مَا يَلْحَقُ الغابِطَ مِنَ الضَّررِ الراجعِ إِلى نُقصان الثَّوَابِ دُونَ الإِحْباط، بِقَدْرِ مَا يَلْحَقُ العِضاه مِنْ خَبْطِ وَرَقِهَا الَّذِي هُوَ دُونَ قَطْعِهَا وَاسْتِئْصَالِهَا، ولأَنه يَعُودُ بَعْدَ الْخَبْطِ ورقُها، فَهُوَ وإِن كَانَ فِيهِ طرَف مِنَ الْحَسَدِ فَهُوَ دُونَهُ فِي الإِثْم، وأَصلُ الحسدِ القَشْر، وأَصل الغَبْطِ الجَسُّ، وَالشَّجَرُ إِذا قُشِر عَنْهَا لِحاؤها يَبِسَت وإِذا خُبِط ورقُها استخلَف دُونَ يُبْس الأَصل.
وَقَالَ أَبو عَدْنان: سأَلت أَبا زَيْدٍ الْحَنْظَلِيَّ عَنْ تَفْسِيرِ قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيضر الغبطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يَضُرُّ العِضاهَ الخبطُ، فَقَالَ: الغبْط أَن يُغْبَطَ الإِنسانُ وضَرَرُه إِيّاه أَن تُصِيبَه نَفْسٌ، فَقَالَ الأَبانيُّ: مَا أَحسنَ مَا استَخْرجها تُصِيبه العينُ فتُغيَّر حالُه كَمَا تُغَيَّرُ العِضاهُ إِذا تَحَاتَّ ورقُها.
قَالَ: والاغْتِباطُ الفَرَحُ بالنِّعمة.
قَالَ الأَزهري: الغَبْطُ رُبَّمَا جلَبَ إِصابةَ عَيْنٍ بالمَغْبُوطِ فَقَامَ مَقام النَّجْأَةِ المَحْذُورةِ، وَهِيَ الإِصابةُ بِالْعَيْنِ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تُكنّي عَنِ الْحَسَدِ بالغَبْط.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ: أَيضر الْغَبْطُ؟ قَالَ: نَعَمْ كَمَا يَضُرُّ الْخَبْطُ "، قَالَ: الغبْط الحسَدُ.
قَالَ الأَزهري: وفرَق اللهُ بَيْنَ الغَبط والحَسد بِمَا أَنزله فِي كِتَابِهِ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ واعْتَبره، فَقَالَ عزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ، لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ، وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ؛ وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ بَيَانُ أَنه لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَن يَتَمَنَّى إِذا رأَى عَلَى أَخيه الْمُسْلِمِ نِعمة أَنعم اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ أَن تُزْوَى عَنْهُ ويُؤْتاها، وَجَائِزٌ لَهُ أَن يَتَمَنَّى مِثْلَهَا بِلَا تَمَنّ لزَيِّها عَنْهُ، فالغَبْط أَن يَرى المَغْبُوطَ فِي حَالٍ حسَنة فَيَتَمَنَّى لِنَفْسِهِ مثلَ تِلْكَ الحالِ الْحَسَنَةِ مِنْ غَيْرِ أَن يَتَمَنَّى زَوَالَهَا عَنْهُ، وإِذا سأَل اللهَ مِثْلَهَا فَقَدِ انْتَهَى إِلى مَا أَمَرَه بِهِ ورَضِيَه لَهُ، وأَما الحسَدُ فَهُوَ أَن يشتهِيَ أَن يَكُونَ لَهُ مالُ الْمَحْسُودِ وأَن يَزُولَ عَنْهُ مَا هُوَ فِيهِ، فَهُوَ يَبْغِيه الغَوائلَ عَلَى مَا أُوتِيَ مِنْ حُسْنِ الْحَالِ وَيَجْتَهِدُ فِي إِزَالَتِهَا عَنْهُ بَغْيًا وظُلمًا، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى مَا آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}؛ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَفْسِيرَ الْحَسَدِ مُشْبَعًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «عَلَى مَنابِرَ مِنْ نُورٍ يَغْبِطُهم أَهلُ الجمْع»؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ أَيضًا: " يأْتي عَلَى الناسِ زَمَانٌ يُغْبَطُ الرجلُ بالوَحْدةِ كَمَا يُغْبَطُ الْيَوْمَ أَبو العَشرة، يَعْنِي كَانَ الأَئمة فِي صدْر الإِسلام يَرْزُقون عِيال الْمُسْلِمِينَ وذَرارِيَّهم مِنْ بيتِ الْمَالِ، فَكَانَ أَبو العَشرة مَغْبُوطًا بِكَثْرَةِ مَا يصل إِليهم مِنْ أَرزاقهم، ثُمَّ يَجيء بعدَهم أَئمة يَقْطَعون ذَلِكَ عَنْهُمْ فَيُغْبَطُ الرجلُ بالوحْدةِ لِخِفّة المَؤُونةِ، ويُرْثَى لصاحبِ العِيال.
وَفِي حَدِيثِ الصَّلَاةِ: «أَنه جَاءَ وَهُمْ يُصلُّون فِي جَمَاعَةٍ فَجَعَلَ يُغَبِّطُهم»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا رُوِيَ بِالتَّشْدِيدِ؛ أي يَحْمِلُهم عَلَى الغَبْطِ وَيَجْعَلُ هَذَا الْفِعْلَ عِنْدَهُمْ مِمَّا يُغْبَطُ عَلَيْهِ، وإِن رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ فَيَكُونُ قَدْ غَبَطَهم لتقدُّمِهم وسَبْقِهم إِلى الصَّلَاةِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: تَقُولُ مِنْهُ غَبَطْتُه بِمَا نالَ أَغْبِطُه غَبْطًا وغِبْطةً فاغْتَبَطَ، هُوَ كَقَوْلِكَ مَنَعْتُه فامْتنَع وحبستُه فَاحْتَبَسَ؛ قَالَ حُرَيْثُ بْنُ جَبلةَ العُذْريّ، وَقِيلَ هُوَ لعُشِّ بْنِ لَبِيدٍ الْعُذْرِيِّ:
وبَيْنَما المَرءُ فِي الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ، ***إِذا هُو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَي هُوَ مُغْتَبِطٌ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هَكَذَا أَنْشَدَنِيه أَبو سعِيد، بِكَسْرِ الْبَاءِ، أَي مَغْبُوطٌ.
وَرَجُلٌ غَابطٌ مِنْ قومٍ غُبَّطٍ؛ قَالَ: " والنَّاس بَيْنَ شامِتٍ وغُبَّطِ "وغَبَطَ الشاةَ والناقةَ يَغْبِطُهما غَبْطًا: جَسَّهُما لِيَنْظُرَ سِمَنَهما مِنْ هُزالِهِما؛ قَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ يهْجُو قَوْمًا مِنْ سُلَيْم:
إِذا تَحَلَّيْتَ غَلَّاقًا لِتَعْرِفَها، ***لاحَتْ مِنَ اللُّؤْمِ فِي أَعْناقِه الكُتب
إِني وأَتْيِي ابنَ غَلَّاقٍ ليَقْرِيَني ***كغابطِ الكَلْبِ يَبْغِي الطِّرْقَ فِي الذَّنَبِ
وَنَاقَةٌ غَبُوطٌ: لَا يُعْرَف طِرْقُها حَتَّى تُغْبطَ أَي تُجَسّ بِالْيَدِ.
وغَبَطْتُ الكَبْش أَغْبطُه غَبْطًا إِذا جَسَسْتَ أَليته لتَنْظرَ أَبه طِرْقٌ أَم لَا.
وَفِي حَدِيثِ أَبي وائلٍ: «فغَبَطَ مِنْهَا شَاةً فإِذا هِيَ لَا تُنْقِي»أَي جَسّها بِيَدِهِ.
يُقَالُ: غَبَطَ الشاةَ إِذا لَمَسَ مِنْهَا المَوضع الَّذِي يُعْرَف بِهِ سِمَنُها مِنْ هُزالها.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَبَعْضُهُمْ يَرْوِيهِ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، فإِن كَانَ مَحْفُوظًا فإِنه أَراد بِهِ الذَّبْحَ، يُقَالُ: اعْتَبَطَ الإِبلَ وَالْغَنَمَ إِذا ذَبَحَهَا لِغَيْرِ دَاءٍ.
وأَغْبَطَ النباتُ: غَطّى الأَرض وكثفَ وتَدانَى حَتَّى كأَنه مِنْ حَبَّة وَاحِدَةٍ؛ وأَرض مُغْبَطةٌ إِذا كَانَتْ كَذَلِكَ.
رَوَاهُ أَبو حَنِيفَةَ: والغَبْطُ والغِبْطُ القَبضاتُ المَصْرُومةُ مِنَ الزَّرْع، وَالْجَمْعُ غُبُطٌ.
الطائِفيّ: الغُبُوطُ القَبضاتُ الَّتِي إِذا حُصِدُ البُرّ وُضِعَ قَبْضَة قَبْضة، الْوَاحِدُ غَبْط وغِبْط.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الغُبوطُ القَبَضاتُ المَحْصودةُ المتَفرّقةُ مِنَ الزَّرْع، وَاحِدُهَا غَبْطٌ عَلَى الْغَالِبِ.
والغَبِيطُ: الرَّحْلُ، وَهُوَ لِلنِّسَاءِ يُشَدُّ عَلَيْهِ الهوْدَج؛ وَالْجَمْعُ غُبُطٌ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لوَعْلةَ الجَرْمِيّ:
وهَلْ تَرَكْت نِساء الحَيّ ضاحِيةً، ***فِي ساحةِ الدَّارِ يَسْتَوْقِدْنَ بالغُبُطِ؟
وأَغْبَطَ الرَّحْلَ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ إِغْباطًا، وَفِي التَّهْذِيبِ: عَلَى ظَهْرِ الدابةِ: أَدامه وَلَمْ يحُطَّه عنه؛ قال حميد" الأَرقط وَنَسَبَهُ ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي النجمِ:
وانْتَسَفَ الجالِبَ منْ أَنْدابهِ ***إِغْباطُنا المَيْسَ عَلَى أَصْلابِه
جَعَل كُلَّ جُزْء مِنْهُ صُلْبًا.
وأَغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمّى.
دامتْ.
وَفِي حَدِيثِ مرضِه الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنه أَغْبَطَتْ عَلَيْهِ الحُمّى»أَي لَزِمَتْه، وَهُوَ مِنْ وضْع الغَبِيط عَلَى الْجَمَلِ.
قَالَ الأَصْمعيّ: إِذا لَمْ تُفَارِقِ الحُمّى المَحْمومَ أَيامًا قِيلَ: أَغْبَطَتْ عَلَيْهِ وأَرْدَمَتْ وأَغْمَطَتْ، بِالْمِيمِ أَيضًا.
قَالَ الأَزهري: والإِغْباطُ يَكُونُ لَازِمًا وَوَاقِعًا كَمَا تَرَى.
وَيُقَالُ: أَغْبَطَ فلانٌ الرُّكوب إِذا لَزِمه؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ:
حَتَّى تَرَى البَجْباجةَ الضَّيّاطا ***يَمْسَحُ، لَمَّا حالَفَ الإِغْباطَا،
بالحَرْفِ مِنْ ساعِدِه المُخاطا "قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: سَيْرٌ مُغْبِطٌ ومُغْمِطٌ أَي دَائِمٌ لَا يَسْتَريحُ، وَقَدْ أَغْبَطُوا عَلَى رُكْبانِهم فِي السيْرِ، وَهُوَ أَن لَا يَضَعُوا الرّحالَ عَنْهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.
أَبو خَيْرةَ: أَغْبَطَ عَلَيْنَا المطَرُ وَهُوَ ثُبُوتُهُ لَا يُقْلعُ بعضُه عَلَى أَثر بَعْضٍ.
وأَغْبَطَتْ عَلَيْنَا السَّمَاءُ: دَامَ مَطَرُها واتَّصَلَ.
وسَماء غَبَطَى: دائمةُ الْمَطَرِ.
والغَبيطُ: المَرْكَبُ الَّذِي هُوَ مِثْلُ أُكُفِ البَخاتِيّ، قَالَ الأَزهري: ويُقَبَّبُ بِشِجارٍ وَيَكُونُ للحَرائِر، وَقِيلَ: هُوَ قَتَبةٌ تُصْنَعُ عَلَى غَيْرِ صَنْعةِ هَذِهِ الأَقْتاب، وَقِيلَ: هُوَ رَحْل قَتَبُه وأَحْناؤه وَاحِدَةٌ، وَالْجَمْعُ غُبُطٌ؛ وقولُ أَبي الصَّلْتِ الثَّقَفِيّ:
يَرْمُونَ عَنْ عَتَلٍ كَأَنَّها غُبُطٌ ***بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
يَعْنِي بِهِ خشَب الرِّحالِ، وَشَبَّهَ القِسِيّ الفارِسيّةَ بِهَا.
اللَّيْثُ: فَرَسٌ مُغْبَطُ الكاثِبة إِذا كَانَ مُرْتَفِعَ المِنْسَجِ، شُبِّهَ بِصَنْعَةِ الْغَبِيطِ وَهُوَ رحْل قَتَبُه وأَحْناؤه وَاحِدَةٌ؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " مُغْبَط الحارِكِ مَحْبُوك الكَفَلْ وَفِي حَدِيثِ ابْنِ ذِي يَزَنَ: «كأَنّها غُبُطٌ فِي زَمْخَرٍ»؛ الغُبُطُ: جَمْعُ غَبيطٍ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُوَطَّأُ للمرأَة عَلَى الْبَعِيرِ كالهَوْدَج يُعْمَلُ مِنْ خَشَبٍ وَغَيْرِهِ، وأَراد بِهِ هَاهُنَا أَحَدَ أَخشابه، شُبِّهَ بِهِ الْقَوْسُ فِي انْحِنائها.
والغَبِيطُ: أَرْض مُطْمَئنة، وَقِيلَ: الغَبِيطُ أَرض واسعةٌ مُسْتَوِيَةٌ يَرْتَفِعُ طَرفاها.
والغَبِيطُ: مَسِيلٌ مِنَ الْمَاءِ يَشُقُّ فِي القُفّ كَالْوَادِي فِي السَّعةِ، وَمَا بَيْنَ الغَبيطَيْنِ يَكُونُ الرَّوْضُ والعُشْبُ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ وَقَوْلُهُ: " خَوَّى قَليلًا غَير مَا اغْتِباطِ "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: عِنْدِي أَنَّ مَعْنَاهُ لَمْ يَرْكَن إِلى غَبيطٍ مِنَ الأَرض واسعٍ إِنما خوَّى عَلَى مكانٍ ذِي عُدَواء غيرِ مُطَمْئِنٍ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ ثَعْلَبٌ وَلَا غَيْرُهُ.
والمُغْبَطة: الأَرض الَّتِي خَرَجَتْ أُصولُ بقْلِها مُتدانِيةً.
والغَبِيطُ: مَوْضِعٍ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فمالَ بِنا الغَبِيطُ بِجانِبَيْه ***علَى أَرَكٍ، ومالَ بِنا أُفاقُ
والغَبِيطُ: اسْمُ وادٍ، وَمِنْهُ صَحْرَاءُ الغَبِيطِ.
وغَبِيطُ المَدَرةِ: مَوْضِعٌ.
ويَوْمُ غَبِيطِ الْمَدَرَةِ: يومٌ كَانَتْ فِيهِ وقْعة لشَيْبانَ وتَميمٍ غُلِبَتْ فيه "شَيْبانُ؛ قَالَ:
فإِنْ تَكُ فِي يَوْمِ العُظالَى مَلامةٌ، ***فَيَوْمُ الغَبِيطِ كَانَ أَخْزَى وأَلْوَما
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
38-لسان العرب (نسع)
نسع: النِّسْعُ: سَيْرٌ يُضْفَرُ عَلَى هَيْئَةِ أَعِنَّةِ النِّعالِ تُشَدُّ بِهِ الرِّحالُ، وَالْجَمْعُ أَنْساعٌ ونُسُوعٌ ونُسْعٌ، والقِطْعةُ مِنْهُ نِسْعةٌ، وَقِيلَ: النِّسْعةُ الَّتِي تُنْسَجُ عَرِيضًا لِلتَّصْدِيرِ.وَفِي الْحَدِيثِ: «يَجُرُّ نِسْعةً فِي عُنُقِه»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ سَيْرٌ مَضْفُورٌ يُجْعَلُ زِمَامًا لِلْبَعِيرِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ تُنْسَجُ عَرِيضَةً تُجْعَلُ عَلَى صَدْرِ الْبَعِيرِ؛ قَالَ عَبْدُ يَغُوثَ: " أَقولُ وَقَدْ شَدُّوا لِساني بِنِسْعةٍ "والأَنْساعُ: الحِبالُ، وَاحِدُهَا نِسْعٌ؛ قَالَ: " عاليْتُ أَنْساعي وجِلْبَ الكُورِ "قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ فِي شِعْرُ حُمَيْدِ بْنِ ثَوْرٍ النِّسْعُ لِلْوَاحِدِ؛ قَالَ:
رأَتْني بنِسْعَيْها، فَرَدَّتْ مَخافَتي ***إِلى الصَّدْرِ رَوعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ
وَالْجَمْعُ نُسْعٌ ونِسَعٌ وأَنْساعٌ؛ قَالَ الأَعشى:
تَخالُ حَتْمًا عَلَيْهَا، كلَّما ضَمَرَتْ ***مِنَ الكَلالِ، بأَنْ تَسْتَوْفيَ النِّسَعا
ابْنُ السِّكِّيتِ: يُقَالُ للبِطانِ والحَقَبِ هُمَا النِّسْعان، وَقَالَ بِذِي النِّسْعَين والنِّسْعُ والسِّنْعُ: المَفْصِلُ بَيْنَ الْكَفِّ والساعِدِ.
وامرأَةٌ ناسعةٌ: طويلةُ الظَّهْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الطويلةُ السِّنِّ، وَقِيلَ: هِيَ الطويلةُ البَظْرِ، ونُسُوعُه طُولُه، وَقَدْ نَسَعَتْ نُسُوعًا.
والمِنْسَعةُ: الأَرض الَّتِي يَطُولُ نَبْتُها.
ونَسَعَت أَسنانُه تَنْسَعُ نُسُوعًا ونَسَّعَتْ تَنْسِيعًا إِذا طالَتْ واسْتَرْخَتْ حَتَّى تَبْدُو أُصولُها التي كانت تُوارِيها اللِّثةُ وانْحَسَرَت اللِّثةُ عَنْهَا، يُقَالُ: نَسَعَ فُوه؛ قال الراجز:
ونَسَعَتْ أَسْنانُ عَوْدٍ، فانْجَلَعْ ***عُمورُها عَنْ ناصِلاتٍ لَمْ يَدَعْ
ونِسْعٌ ومِسْعٌ، كِلَاهُمَا: مِنْ أَسماءِ الشَّمال، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَنَّ الْمِيمَ بَدَلٌ مِنَ النُّونِ؛ قَالَ قَيْسُ بْنُ خُوَيْلِدٍ:
ويْلُمِّها لَقْحةً، إِمّا تُؤَوِّبُهم ***نِسْعٌ شَآمِيةٌ فِيهَا الأَعاصِيرُ
قَالَ الأَزهري: سُمِّيَتِ الشَّمالُ نِسْعًا لدقَّة مَهَبِّها، شُبِّهَتْ بالنِّسْعِ المَضْفُورِ مِنَ الأَدمِ.
قَالَ شَمِرٌ: هُذَيْلٌ تُسَمِّي الجَنُوبَ مِسْعًا، قَالَ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ الْحِجَازِيِّينَ يَقُولُ هُوَ يُسْعٌ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ: هُوَ نِسْعٌ؛ قَالَ ابْنُ هَرْمَةَ:
مُتَتَبِّعٌ خَطَئِي يَوَدُّ لَو أَنَّني ***هابٍ، بمَدْرَجةِ الصَّبا، مَنْسُوعُ
ويروى مَيْسُوعُ؛ وقول الْمُتَنَخِّلُ الْهُذَلِيُّ:
قَدْ حالَ دُونَ دَرِيسَيْه مُؤَوِّبةٌ ***نِسْعٌ، لَهَا بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
أَبْدَلَ فِيهِ نِسْعًا من مُؤَوِّبةٍ، وإِنما قُلْتُ هَذَا لأَنَّ قَوْمًا مِنَ المتأَخرين جَعَلُوا نِسْعًا مِنْ صِفَاتِ الشَّمالِ وَاحْتَجُّوا بِهَذَا الْبَيْتِ، وَيُرْوَى مُؤَوِّيةٌ أَي تَحْمِلُهُ عَلَى أَنْ يأْوِيَ كأَنها تُؤْويه.
ابْنُ الأَعرابي: انْتَسَعَتِ الإِبل وانْتَسَغَت، بِالْعَيْنِ وَالْغَيْنِ، إِذا تفَرَّقَتْ فِي مَراعِيها؛ قَالَ الأَخطل:
رَجَنَّ [رَجِنَ] بحيثُ تَنْتَسِعُ المَطايا، ***فَلَا بَقًّا تَخافُ وَلَا ذُبابا
وأَنْسَعَ الرجلُ إِذا كَثُرَ أَذاهُ لِجيرانِه.
ابْنُ الأَعرابي: هَذَا سِنْعُه وسَنْعُه وشِنْعُه وشَنْعُه وسِلْعُه وسَلْعُه ووَفْقُه ووِفاقُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وأنْساعُ الطَّرِيقِ: شَرَكُه.
ونِسْعٌ: بَلَدٌ، وَقِيلَ: هُوَ جَبَلٌ أَسود بَيْنَ الصَّفْراء ويَنْبُعَ؛ قَالَ كثيِّر عَزّةَ:
فقلتُ، وأَسْرَرْتُ النَّدامةَ: ليْتَني، ***وَكُنْتُ امْرَأً، أَغْتَشُّ كُلَّ عَذُولِ
سَلَكْتُ سَبيلَ الرائحاتِ عَشِيّةً ***مَخارِمَ نِسْعٍ، أَو سَلَكْنَ سَبيلي
قَالَ الأَزهري: ويَنْسُوعةُ القُفِّ مَنْهَلةٌ مِنْ مَناهِلِ طَرِيقِ مَكَّةَ عَلَى جادَّة البصْرةِ، بِهَا رَكايا عَذْبةُ الْمَاءِ عِنْدَ مُنْقَطَعِ رِمالِ الدَّهْناءِ بَيْنَ ماوِيّةَ والنِّباجِ، قَالَ: وَقَدْ شَرِبْتُ مِنْ مائِها.
قَالَ ابْنُ الأَثير: ونِسْعٌ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ الَّذِي حَمَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخُلَفاءُ، وَهُوَ صَدْرُ وادي العَقِيقِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
39-لسان العرب (قوا)
قوا: اللَّيْثُ: الْقُوَّةُ مِنْ تأْليف ق وي، وَلَكِنَّهَا حُمِلَتْ عَلَى فُعْلة فأُدغمت الْيَاءُ فِي الْوَاوِ كَرَاهِيَةَ تَغْيُّرِ الضَّمَّةِ، "والفِعالةُ مِنْهَا قِوايَةٌ، يُقَالُ ذَلِكَ فِي الحَزْم وَلَا يُقَالُ فِي البَدَن؛ وأَنشد:ومالَ بأَعْناقِ الكَرَى غالِباتُها، ***وإِنِّي عَلَى أَمْرِ القِوَايةِ حازِمُ
قَالَ: جَعَلَ مَصْدَرَ القوِيّ عَلَى فِعالة، وَقَدْ يَتَكَلَّفُ الشُّعَرَاءُ ذَلِكَ فِي الْفِعْلِ اللَّازِمِ.
ابْنُ سِيدَهْ: القُوَّةُ نَقِيضُ الضَّعْفِ، وَالْجَمْعُ قُوًى وقِوًى.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ}؛ أَي بِجِدّ وعَوْن مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، وَهِيَ القِوايةُ، نَادِرٌ، إِنَّمَا حُكْمُهُ القِواوةُ أَو القِواءة، يَكُونُ ذَلِكَ فِي البَدن وَالْعَقْلِ، وَقَدْ قَوِيَ فَهُوَ قَوِيّ وتَقَوَّى واقْتَوَى كَذَلِكَ، قَالَ رُؤْبَةُ: " وقُوَّةَ اللهِ بِهَا اقْتَوَيْنا وقَوّاه هُوَ.
التَّهْذِيبُ: وَقَدْ قَوِيَ الرَّجُلُ والضَّعيف يَقْوَى قُوَّة فَهُوَ قَوِيٌّ وقَوَّيْتُه أَنا تَقْوِيةً وقاوَيْتُه فَقَوَيْتُه أَي غَلَبْته.
وَرَجُلٌ شَدِيدُ القُوَى أَي شدِيدُ أَسْرِ الخَلْقِ مُمَرُّه.
وَقَالَ سُبْحَانَهُ وَتعالى: {شَدِيدُ الْقُوى}؛ قِيلَ: هُوَ جِبْرِيلُ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
والقُوَى: جَمْعُ القُوَّة، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ لِمُوسَى حِينَ كَتَبَ لَهُ الأَلواح: فَخُذْها بِقُوَّةٍ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: أَي خُذْهَا بقُوَّة فِي دِينِكَ وحُجَّتك.
ابْنُ سِيدَهْ: قَوَّى اللَّهُ ضعفَك أَي أَبدَلك مَكَانَ الضَّعْفِ قُوَّة، وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: هُوَ يُقَوَّى أَي يُرْمَى بِذَلِكَ.
وَفَرَسٌ مُقْوٍ: قويٌّ، وَرَجُلٌ مُقْوٍ: ذُو دَابَّةٍ قَوِيّة.
وأَقْوَى الرجلُ فَهُوَ مُقْوٍ إِذا كَانَتْ دَابَّتُهُ قَوِيَّة.
يُقَالُ: فُلَانٌ قَوِيٌّ مُقْوٍ، فالقَوِي فِي نَفْسِهِ، والمُقْوِي فِي دَابَّتِهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه قَالَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ: لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا الَّا رَجُلٌ مُقْوٍ أَي ذُو دَابَّةٍ قَوِيَّة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الأَسود بْنَ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حاذِرُونَ}، قَالَ: مُقْوون مُؤْدونَ "أَي أَصحاب دَوابّ قَوِيّة كامِلُو أَداةِ الْحَرْبِ.
والقَوِيُّ مِنَ الْحُرُوفِ: مَا لَمْ يَكُنْ حَرْفَ لِينٍ.
والقُوَى: الْعَقْلُ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وصاحِبَيْنِ حازِمٍ قُواهُما ***نَبَّهْتُ، والرُّقادُ قَدْ عَلاهُما،
إِلى أَمْونَيْنِ فَعَدَّياهما القُوَّة: الخَصْلة الْوَاحِدَةُ مِنْ قُوَى الحَبل، وَقِيلَ: القُوَّة الطَّاقَةُ الْوَاحِدَةُ مِنْ طاقاتِ الحَبْل أَو الوَتَر، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ قُوًى وقِوًى.
وَحَبْلٌ قَوٍ ووتَرٌ قَوٍ، كِلَاهُمَا: مُخْتَلِفُ القُوَى.
وأَقْوَى الحبلَ والوَتر: جَعَلَ بَعْضَ قُواه أَغلظ مِنْ بَعْضٍ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ الدَّيْلَمِيِّ: « يُنْقَضُ الإِسلامُ عُرْوَةً عُروة كَمَا يُنْقَضُ الحبلُ قُوَّة قُوَّة».
والمُقْوِي: الَّذِي يُقَوِّي وَتَرَهُ، وَذَلِكَ إِذا لَمْ يُجد غارَته فَتَرَاكَبَتْ قُواه.
وَيُقَالُ: وتَر مُقْوًى.
أَبو عُبَيْدَةَ: يُقَالُ أَقْوَيْتَ حبلَك، وَهُوَ حبلٌ مُقْوًى، وَهُوَ أَن تُرْخِي قُوَّة وتُغير قوَّة فَلَا يَلْبَثُ الْحَبْلُ أَن يَتَقَطَّع، وَيُقَالُ: قُوَّةٌ وقُوًى مِثْلَ صُوَّة وصُوًى وهُوَّة وهُوًى، وَمِنْهُ الإِقْوَاء فِي الشِّعْرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « يذهَب الدِّين سُنَّةً سُنة كَمَا يَذْهَبُ الْحَبْلُ قُوَّة قُوَّة».
أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: الإِقْواء أَن تَخْتَلِفَ حَرَكَاتُ الرَّوِيِّ، فَبَعْضُهُ مَرْفُوعٌ وَبَعْضُهُ مَنْصُوبٌ أَو مَجْرُورٌ.
أَبو عُبَيْدَةَ: الإِقواء فِي عُيُوبِ الشِّعْرِ نُقْصَانُ الْحَرْفِ مِنَ الْفَاصِلَةِ يَعْنِي مِنْ عَرُوض الْبَيْتِ، وَهُوَ مُشْتَقٌّ مِنْ قوَّة الْحَبْلِ، كأَنه نَقَصَ قُوَّة مِنْ قُواه وَهُوَ مِثْلُ الْقَطْعِ فِي عَرُوضِ الْكَامِلِ؛ وَهُوَ كَقَوْلِ الرَّبِيعِ بْنِ زِيَادٍ:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِك بْنِ زُهَيْرٍ ***تَرْجُو النِّساءُ عَواقِبَ الأَطْهار؟
فنقَص مِنْ عَروضه قُوَّة.
والعَروض: وَسَطُ الْبَيْتِ: "وَقَالَ أَبو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ: الإِقْواء اخْتِلَافُ إِعراب القَوافي؛ وَكَانَ يَرْوِي بَيْتَ الأَعشى: " مَا بالُها بِاللَّيْلِ زالَ زَوالُها بِالرَّفْعِ، وَيَقُولُ: هَذَا إِقْواء، قَالَ: وَهُوَ عِنْدَ النَّاسِ الإِكفاء، وَهُوَ اخْتِلَافُ إِعراب القَوافي، وَقَدْ أَقْوَى الشَّاعِرُ إِقْوَاء، ابْنُ سِيدَهْ: أَقْوَى فِي الشِّعْرِ خالفَ بَيْنَ قَوافِيه، قَالَ: هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ.
وَقَالَ الأَخفش: الإِقْوَاء رَفْعُ بَيْتٍ وَجَرُّ آخَرَ نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ:
لَا بَأْسَ بالقَوْمِ مِنْ طُولٍ وَمِنْ عِظَمٍ، ***جِسْمُ البِغال وأَحْلامُ العَصافيرِ
ثُمَّ قَالَ:
كأَنهم قَصَبٌ، جُوفٌ أَسافِلُه، ***مُثَقَّبٌ نَفَخَتْ فِيهِ الأَعاصيرُ
قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ الْعَرَبِ كَثِيرًا لَا أُحصي، وقَلَّت قَصِيدَةٌ يُنْشِدُونَهَا إِلا وَفِيهَا إِقْواء ثُمَّ لَا يستنكِرونه لأَنه لَا يَكْسِرُ الشِّعْرَ، وأَيضًا فإِن كُلَّ بَيْتٍ مِنْهَا كأَنه شِعْرٌ عَلَى حِياله.
قَالَ ابْنُ جِنِّي: أَما سَمْعُه الإِقواء عَنِ الْعَرَبِ فَبِحَيْثُ لَا يُرتاب بِهِ لَكِنَّ ذَلِكَ فِي اجْتِمَاعِ الرَّفْعِ مَعَ الْجَرِّ، فأَما مُخَالَطَةُ النَّصْبِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَقَلِيلٌ، وَذَلِكَ لِمُفَارَقَةِ الأَلف الْيَاءَ وَالْوَاوَ وَمُشَابَهَةِ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا جَمِيعًا أُختها؛ فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الحرث بْنِ حِلِّزَةَ:
فَمَلَكْنا بِذَلِكَ الناسَ، حَتَّى ***مَلَكَ المُنْذِرُ بنُ ماءِ السَّماء
مَعَ قَوْلِهِ:
آذَنَتْنا بِبَيْنِها أَسْماءُ، ***رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنْه الثَّواءُ
وَقَالَ آخَرُ أَنشده أَبو عَلِيٍّ:
رَأَيْتُكِ لَا تُغْنِينَ عَنِّى نَقْرَةً، ***إِذا اخْتَلَفَت فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكْ
وَيُرْوَى: الدَّمالِكُ.
فأَشْهَدُ لَا آتِيكِ مَا دامَ تَنْضُبٌ ***بأَرْضِكِ، أَو صُلْبُ العَصا مِن رِجالِكِ
وَمَعْنَى هَذَا أَن رَجُلًا وَاعَدَتْهُ امرأَة فعَثر عَلَيْهَا أَهلُها فَضَرَبُوهُ بالعِصِيّ فَقَالَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، فأَما دُخُولُ النَّصْبِ مَعَ أَحدهما فَقَلِيلٌ؛ مِنْ ذَلِكَ مَا أَنشده أَبو عَلِيٍّ:
فَيَحْيَى كَانَ أَحْسَنَ مِنْكَ وَجْهًا، ***وأَحْسَنَ في المُعَصْفَرَةِ ارْتِداآ
ثُمَّ قَالَ: وَفِي قَلْبي عَلَى يَحْيَى البَلاء قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَقَالَ أَعرابي لأَمدحنّ فُلَانًا ولأَهجونه وليُعْطِيَنِّي، فَقَالَ:
يَا أَمْرَسَ الناسِ إِذا مَرَّسْتَه، ***وأَضْرَسَ الناسِ إِذا ضَرَّسْتَه
وأَفْقَسَ الناسِ إِذا فَقَّسْتَه، ***كالهِنْدُوَانِيِّ إِذا شَمَّسْتَه
وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي رَبِيعَةَ لِرَجُلٍ وَهَبَهُ شَاةً جَمادًا:
أَلم تَرَني رَدَدْت عَلَى ابْنِ بَكْرٍ ***مَنِيحَتَه فَعَجَّلت الأَداآ
فقلتُ لِشاتِه لمَّا أَتَتْني: ***رَماكِ اللهُ مِنْ شاةٍ بداءِ
وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ المِنهال الغَنَوِيّ فِي شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيِّ:
لَيتَ أَبا شَرِيكٍ كَانَ حَيًّا، ***فَيُقْصِرَ حِينَ يُبْصِرُه شَرِيكُ
ويَتْرُكَ مِنْ تَدَرُّئِه عَلَيْنَا، ***إِذا قُلنا لَهُ: هَذَا أَبُوكا
وَقَالَ آخَرُ:
لَا تَنْكِحَنَّ عَجُوزًا أَو مُطَلَّقةً، ***وَلَا يسُوقَنَّها فِي حَبْلِك القَدَرُ
أَراد وَلَا يسُوقَنَّها صَيْدًا فِي حَبْلِك أَو جَنيبة لِحَبْلِكَ.
وإِنْ أَتَوْكَ وَقَالُوا: إِنَّهَا نَصَفٌ، ***فإِنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيها الَّذِي غَبَرا
وَقَالَ القُحَيف العُقَيْلي:
أَتاني بالعَقِيقِ دُعاءُ كَعْبٍ، ***فَحَنَّ النَّبعُ والأَسَلُ النِّهالُ
وجاءَتْ مِن أَباطِحها قُرَيْشٌ، ***كَسَيْلِ أَتِيِّ بيشةَ حِينَ سَالَا
وَقَالَ آخَرُ:
وإِني بحَمْدِ اللهِ لَا واهِنُ القُوَى، ***وَلَمْ يَكُ قَوْمِي قَوْمَ سُوءٍ فأَخْشعا
وإِني بحَمْدِ اللهِ لَا ثَوْبَ عاجِزٍ ***لَبِسْتُ، وَلَا مِنْ غَدْرةٍ أَتَقَنَّعُ
وَمِنْ ذَلِكَ مَا أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
قَدْ أَرْسَلُوني فِي الكَواعِبِ راعِيًا، ***فَقَدْ، وأَبي راعِي الكواعِبِ، أَفْرِسُ
أَتَتْه ذِئابٌ لَا يُبالِينَ راعِيًا، ***وكُنَّ سَوامًا تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضًا:
عَشَّيْتُ جابانَ حَتَّى اسْتَدَّ مَغْرِضُه، ***وكادَ يَهْلِكُ لَوْلَا أَنه اطَّافا
قُولا لجابانَ: فَلْيَلْحَقْ بِطِيَّته، ***نَوْمُ الضُّحَى بعدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ
وأَنشد ابْنُ الأَعرابي أَيضًا:
أَلا يَا خيْزَ يَا ابْنَةَ يَثْرُدانٍ، ***أَبَى الحُلْقُومُ بَعْدكِ لَا يَنام
وَيُرْوَى: أُثْردانٍ.
وبَرْقٌ للعَصِيدةِ لاحَ وَهْنًا، ***كَمَا شَقَّقْتَ فِي القِدْر السَّناما
وَقَالَ: وَكُلُّ هَذِهِ الأَبيات قَدْ أَنشدنا كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا فِي مَوْضِعِهِ.
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَفِي الْجُمْلَةِ إِنَّ الإِقْوَاء وإِن كَانَ عَيبًا لِاخْتِلَافِ الصَّوْتِ بِهِ فإِنه قَدْ كَثُرَ، قَالَ: وَاحْتَجَّ الأَخفش لِذَلِكَ بأَن كُلَّ بَيْتٍ شِعْرٌ برأْسه وأَنَّ الإِقْوَاء لَا يَكْسِرُ الْوَزْنَ؛ قَالَ: وَزَادَنِي أَبو عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ فَقَالَ إِن حَرْفَ الْوَصْلِ يَزُولُ فِي كَثِيرٍ مِنَ الإِنشاد نَحْوَ قَوْلِهِ: " قِفا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِل وَقَوْلِهِ: سُقِيتِ الغَيْثَ أَيَّتُها الخِيام وَقَوْلِهِ: كَانَتْ مُبارَكَةً مِن الأَيَّام فَلَمَّا كَانَ حَرْفُ الْوَصْلِ غَيْرَ لَازِمٍ لأَن الْوَقْفَ يُزيله لَمْ يُحْفَل بِاخْتِلَافِهِ، ولأَجل ذَلِكَ مَا قلَّ الإِقواء عَنْهُمْ مَعَ هَاءِ الْوَصْلِ، أَلا تَرَى أَنه لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ دُونَ هَاءِ الْوَصْلِ كَمَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى لَامِ مَنْزِلِ وَنَحْوِهِ؟ فَلِهَذَا قَلَّ جِدًّا نَحْوُ قَوْلِ الأَعشى: مَا بالُها بالليلِ زَالَ زوالُها "فِيمَنْ رَفَعَ.
قَالَ الأَخفش: قَدْ سَمِعْتُ بَعْضَ الْعَرَبِ يَجْعَلُ الإِقْوَاء سِنادًا؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ: " فِيهِ سِنادٌ وإِقْوَاءٌ وتَحْرِيدُ قَالَ: فَجَعَلَ الإِقْوَاء غَيْرَ السِّنَاد كأَنه ذَهَبَ بِذَلِكَ إِلى تَضْعِيفِ قَوْلِ مَنْ جَعَلَ الإِقْوَاء سِنَادًا مِنَ الْعَرَبِ وَجَعَلَهُ عَيْبًا.
قَالَ: وَلِلنَّابِغَةِ فِي هَذَا خَبَرٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ عِيبَ قَوْلُهُ فِي الداليَّة الْمَجْرُورَةِ: وَبِذَاكَ خَبَّرَنا الغُدافُ الأَسودُ فعِيب عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَمْ يَفْهَمْهُ، فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْهُ أُتي بِمُغَنِّيَةٍ فَغَنَّتْهُ: مِن آلِ مَيّةَ رائحٌ أَو مُغْتَدِي وَمَدَّتِ الْوَصْلَ وأَشبعته ثُمَّ قَالَتْ: وَبِذَاكَ خَبَّرنا الغُدافُ الأَسودُ ومَطَلَت وَاوَ الْوَصْلِ، فَلَمَّا أَحسَّه عَرَفَهُ وَاعْتَذَرَ مِنْهُ وغيَّره فِيمَا يُقَالُ إِلى قَوْلِهِ: وبذاكَ تَنْعابُ الغُرابِ الأَسْودِ "وَقَالَ: دَخَلْتُ يَثْرِبَ وَفِي شِعْرِي صَنْعة، ثُمَّ خَرَجْتُ مِنْهَا وأَنا أَشْعر الْعَرَبِ.
واقْتَوَى الشيءَ: اخْتَصَّه لِنَفْسِهِ.
والتَّقَاوِي: تزايُد الشُّرَكَاءِ.
والقِيُّ: القَفْر مِنَ الأَرض، أَبْدَلُوا الْوَاوَ يَاءً طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، وَكَسَرُوا الْقَافَ لِمُجَاوَرَتِهَا الْيَاءَ.
والقَواءُ: كالقِيّ، هَمْزَتُهُ مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ.
وأَرض قَواء وقَوايةٌ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ: قَفْرة لَا أَحد فِيهَا.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {نَحْنُ جَعَلْناها تَذْكِرَةً وَمَتاعًا لِلْمُقْوِينَ}، يَقُولُ: نَحْنُ جَعَلْنَا النَّارَ تَذْكِرَةً لِجَهَنَّمَ وَمَتَاعًا للمُقْوِين، يَقُولُ: مَنْفَعَةً للمُسافرين إِذا نَزَلُوا بالأَرض القِيّ وَهِيَ الْقَفْرُ.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: المُقْوِي الَّذِي لَا زَادَ مَعَهُ، يُقَالُ: أَقْوَى الرجلُ إِذا نَفِد زَادُهُ.
وَرَوَى أَبو إِسْحَاقَ: المُقْوِي الَّذِي يَنْزِلُ بالقَوَاء وَهِيَ الأَرض الْخَالِيَةُ.
أَبو عَمْرٍو: القَوَايَة الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَر.
وَقَدْ قَوِيَ الْمَطَرُ يَقْوَى إِذا احْتبس، وَإِنَّمَا لَمْ يُدْغَمْ قَوِيَ وأُدغمت قِيٌّ لِاخْتِلَافِ الْحَرْفَيْنِ، وَهُمَا مُتَحَرِّكَانِ، وأُدغمت فِي قَوْلِكَ لوَيْتُ لَيًّا وأَصله لَوْيًا، مَعَ اخْتِلَافِهِمَا، لأَن الأُولى مِنْهُمَا سَاكِنَةٌ، قَلَبْتَها يَاءً وأَدغمت.
والقَواء، بِالْفَتْحِ: الأَرض الَّتِي لَمْ تُمْطَرْ بَيْنَ أَرضين مَمطورتَين.
شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ بَلَدٌ مُقْوٍ إِذا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَطَرٌ، وَبَلَدٌ قاوٍ ليس به أَحد.
ابْنُ شُمَيْلٍ: المُقْوِيةُ الأَرض الَّتِي لَمْ يُصِبْهَا مَطَرٌ وَلَيْسَ بِهَا كلأٌ، وَلَا يُقَالُ لَهَا مُقْوِية وَبِهَا يَبْسٌ مِنْ يَبْسِ عَامِ أَوَّل.
والمُقْوِية: المَلْساء الَّتِي لَيْسَ بِهَا شَيْءٌ مِثْلَ إِقْوَاء الْقَوْمِ إِذا نَفِد طَعَامُهُمْ؛ وأَنشد شَمِرٌ لأَبي الصُّوفِ الطَّائِيِّ:
لَا تَكْسَعَنّ بَعْدَها بالأَغبار ***رِسْلًا، وَإِنْ خِفْتَ تَقَاوِي الأَمْطار
قَالَ: والتَّقَاوِي قِلَّته.
وَسَنَةٌ قَاوِيَةٌ: قَلِيلَةُ الأَمطار.
ابْنُ الأَعرابي: أَقْوَى إِذا اسْتَغْنَى، وأَقْوَى إِذا افتقَرَ، وأَقْوَى القومُ إِذا وَقَعُوا فِي قِيٍّ مِنَ الأَرض.
والقِيُّ: المُسْتَوِية المَلْساء، وَهِيَ الخَوِيَّةُ أَيضًا.
وأَقْوَى الرجلُ إِذا نَزَلَ بِالْقَفْرِ.
والقِيُّ: الْقَفْرُ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
وبَلْدَةٍ نِياطُها نَطِيُّ، ***قِيٌّ تُناصِيها بلادٌ قِيُ
وَكَذَلِكَ القَوا والقَواء، بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ.
وَمَنْزِلٌ قَواء: لَا أَنِيسَ بِهِ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
أَلا حَيِّيا الرَّبْعَ القَواء وسَلِّما، ***ورَبْعًا كجُثْمانِ الحَمامةِ أَدْهَما
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: « وَبِي رُخِّصَ لَكُمْ فِي صَعِيدِ الأَقْواءِ »؛ الأَقْواءُ: جَمْعُ قَواء وَهُوَ" الْقَفْرُ الْخَالِي مِنَ الأَرض، تُرِيدُ أَنها كَانَتْ سَبَبَ رُخصة التَّيَمُّمِ لَمَّا ضَاعَ عِقْدُها فِي السَّفَرِ وَطَلَبُوهُ فأَصبحوا وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ فَنَزَلَتْ آيَةُ التَّيَمُّمِ، والصَّعِيدُ: التُّرَابُ.
ودارٌ قَواء: خَلاء، وَقَدْ قَوِيَتْ وأَقْوَتْ.
أَبو عُبَيْدَةَ: قَوِيَت الدَّارُ قَوًا، مَقْصُورٌ، وأَقْوَتْ إِقْوَاءً إِذا أَقْفَرت وخَلَتْ.
الْفَرَّاءُ: أَرض قِيٌّ وَقَدْ قَوِيَتْ وأَقْوَتْ قَوايةً وقَوًا وقَواء.
وَفِي حَدِيثِ سَلْمان: « مَن صَلَّى بأَرْض قِيٍّ فأَذَّنَ وأَقامَ الصلاةَ صلَّى خَلْفَه مِنَ الملائكة ما لا يُرَى قُطْرُه، وَفِي رِوَايَةٍ: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَلِّي بِقِيٍّ مِنَ الأَرض »؛ القِيُّ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: فِعْل مِنَ القَوَاء، وَهِيَ الأَرض القَفْر الْخَالِيَةُ.
وأَرض قَواء: لَا أَهل فِيهَا، والفِعْل أَقْوَت الأَرضُ وأَقْوَتِ الدارُ إِذا خَلَتْ مِنْ أَهلها، وَاشْتِقَاقُهُ مِنَ القَواء.
وأَقْوَى القومُ: نَزَلُوا فِي القَواء.
الْجَوْهَرِيُّ: وَبَاتَ فُلَانٌ القَواء، وَبَاتَ القَفْر إِذا بَاتَ جَائِعًا عَلَى غَيْرِ طُعْم؛ وَقَالَ حاتم طيِء:
وإِني لأَختارُ القَوا طاوِيَ الحَشَى، ***مُحافَظَةً مِنْ أَنْ يُقالَ لَئِيمُ
ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحَكَى ابْنُ وَلَّادٍ عَنِ الْفَرَّاءِ قَوًا مأْخوذ مِنَ القِيِّ، وأَنشد بَيْتَ حَاتِمٍ؛ قَالَ الْمُهَلَّبِيُّ: لَا مَعْنَى للأَرض هَاهُنَا، وإِنما القَوَا هَاهُنَا بِمَعْنَى الطَّوَى.
وأَقْوى الرجلُ: نَفِدَ طَعَامُهُ وفَنِي زَادُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَمَتاعًا لِلْمُقْوِينَ}.
وَفِي حَدِيثِ سَرِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحش: « قَالَ لَهُ الْمُسْلِمُونَ إِنَّا قَدْ أَقْوَيْنا فأَعْطِنا مِنَ الْغَنِيمَةِ »أَي نَفِدَت أَزْوادنا، وَهُوَ أَن يَبْقَى مِزْوَدُه قَواء؛ أي خَالِيًا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" الخُدْرِي فِي سَرِيَّةِ بَنِي فَزارةَ: إِني قَدْ أَقْوَيْت مُنْذُ ثَلَاثٍ فخِفْت أَن يَحْطِمَني الجُوع "؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ الدُّعَاءِ: " وإِنَّ مَعادِن إِحسانك لَا تَقْوَى "أَي لَا تَخْلُو مِنَ الْجَوْهَرِ، يُرِيدُ بِهِ الْعَطَاءَ والإِفْضال.
وأَقْوَى الرَّجُلُ وأَقْفَرَ وأَرْمَلَ إِذا كَانَ بأَرض قَفْرٍ لَيْسَ مَعَهُ زَادٌ.
وأَقْوَى إِذا جاعَ فَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَيْءٌ، وإِن كَانَ فِي بَيْتِهِ وسْطَ قَوْمِهِ.
الأَصمعي: القَواء القَفْر، والقِيُّ مِنَ القَواء فِعْلٌ مِنْهُ مأْخوذ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: كَانَ يَنْبَغِي أَن يَكُونَ قُوْيٌ، فَلَمَّا جَاءَتِ الْيَاءُ كُسِرَتِ الْقَافُ.
وَتَقُولُ: اشْتَرَى الشُّرَكَاءُ شَيْئًا ثُمَّ اقْتَوَوْه أَي تَزَايَدُوهُ حَتَّى بَلَغَ غَايَةَ ثَمَنِهِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: « لَمْ يَكُنْ يَرَى بأْسًا بالشُّركاء يَتَقَاوَوْنَ الْمَتَاعَ بَيْنَهُمْ فِيمَنْ يَزِيدُ »؛ التَّقَاوِي بَيْنَ الشُّرَكَاءِ: أَن يَشْتَرُوا سِلْعَةً رَخِيصَةً ثُمَّ يَتَزَايَدُوا بَيْنَهُمْ حَتَّى يَبْلُغوا غَايَةَ ثَمَنِهَا.
يُقَالُ: بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ ثَوْبٌ فتَقَاوَيْناه أَي أَعطيته بِهِ ثَمَنًا فأَخذته أَو أَعطاني بِهِ ثَمَنًا فأَخذه.
وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ: « سأَل عُبَيْدَ اللهِ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عُتْبةَ عَنِ امرأَة كَانَ زَوْجُهَا مَمْلُوكًا فَاشْتَرَتْهُ، فَقَالَ: إِنِ اقْتَوَتْه فُرّق بِينَهُمَا وَإِنْ أَعتقته فَهُمَا عَلَى نِكَاحِهِمَا »أَي إِن اسْتخْدمَتْه، مِنَ القَتْوِ الخِدمةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ قَتا؛ قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هُوَ افْعَلَّ مِنَ القَتْوِ الخِدمةِ كارْعَوَى مِنَ الرَّعْوَى، قَالَ: إِلا أَن فِيهِ نَظَرًا لأَن افْعَلَّ لَمْ يَجئْ متعَدِّيًا، قَالَ: وَالَّذِي سَمِعْتُهُ اقْتَوَى إِذا صَارَ خَادِمًا، قَالَ: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ افْتَعَل مِنَ الاقْتواء بِمَعْنَى الِاسْتِخْلَاصِ، فكَنى بِهِ عَنِ الِاسْتِخْدَامِ لأَن مَنِ اقْتَوَى عَبْدًا لَا بُدَّ أَن يَسْتَخْدِمَهُ، قَالَ: وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَئمة الْفِقْهِ أَن المرأَة إِذا اشْتَرَتْ زَوْجَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ خِدْمَةٍ، قَالَ: وَلَعَلَّ هَذَا شَيْءٌ اخْتَصَّ بِهِ عُبَيْدُ اللَّهِ.
وَرُوِيَ عَنْ" مَسْرُوقٍ أَنه أَوصى فِي جَارِيَةٍ لَهُ: أَن قُولوا لِبَنِيَّ لَا تَقْتَوُوها بَيْنَكُمْ وَلَكِنْ بِيعُوهَا، إِني لَمْ أَغْشَها وَلَكِنِّي جَلَسْتُ مِنْهَا مجلِسًا مَا أُحِبُّ أَن يَجلِس وَلَدٌ لِي ذَلِكَ المَجْلِس، قَالَ أَبو "زَيْدٍ: يُقَالُ إِذا كَانَ الْغُلَامُ أَو الْجَارِيَةُ أَو الدَّابَّةُ أَو الدَّارُ أَو السِّلْعَةُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَقَدْ يَتَقَاوَيانِها، وَذَلِكَ إِذا قَوَّمَاهَا فَقَامَتْ عَلَى ثَمَنٍ، فَهُمَا فِي التَّقاوِي سَوَاءٌ، فإِذا اشْتَرَاهَا أَحدُهما فَهُوَ المُقْتَوِي دُونَ صَاحِبِهِ فَلَا يَكُونُ اقْتِواؤهما وَهِيَ بَيْنَهُمَا إِلا أَن تَكُونَ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فأَقول لِلِاثْنَيْنِ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِذا اشْتَرَيَا نَصِيبَ الثَّالِثِ اقْتَوَياها وأَقْواهما الْبَائِعُ إِقْواء.
والمُقْوِي: الْبَائِعُ الَّذِي بَاعَ، وَلَا يَكُونُ الإِقْواء إِلا مِنَ الْبَائِعِ، وَلَا التَّقاوِي إِلا مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَلَا الِاقْتِوَاءُ إِلا مِمَّنْ يَشْتَرِي مِنَ الشُّرَكَاءِ، وَالَّذِي يُبَاعُ مِنَ الْعَبْدِ أَو الْجَارِيَةِ أَو الدَّابَّةِ مِنَ اللَّذَيْنِ تَقاويا، فأَما فِي غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَلَيْسَ اقْتِواء وَلَا تَقاوٍ وَلَا إِقْواء.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: لَا يَكُونُ الاقْتِواء فِي السِّلْعَةِ إِلا بَيْنَ الشُّرَكَاءِ، قِيلَ أَصله مِنَ القُوَّة لأَنه بُلُوغٌ بِالسِّلْعَةِ أَقْوَى ثَمَنِهَا؛ قَالَ شَمِرٌ: وَيُرْوَى بَيْتُ ابْنِ كُلْثُومٍ: " مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مُقْتَوِينا "أَي مَتَى اقْتَوَتْنا أُمُّك فَاشْتَرَتْنَا.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ فُلَانٍ ثَوْبٌ فَتَقاوَيْناه بَيْنَنَا أَي أَعطيته ثَمَنًا وأَعطاني بِهِ هُوَ فأَخذه أَحدنا.
وَقَدِ اقْتَوَيْت مِنْهُ الْغُلَامَ الَّذِي كَانَ بَيْنَنَا أَي اشْتَرَيْتُ مِنْهُ نَصِيبَهُ.
وَقَالَ الأَسدي: القاوِي الْآخِذُ، يُقَالُ: قاوِه أَي أَعْطِه نَصِيبَهُ؛ قَالَ النَّظَّارُ الأَسدي:
ويومَ النِّسارِ ويَوْمَ الجِفارِ ***كانُوا لَنا مُقْتَوِي المُقْتَوِينا
التَّهْذِيبُ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للسُّقاة إِذا كَرَعوا فِي دَلْوٍ مَلآنَ مَاءً فَشَرِبُوا مَاءَهُ قَدْ تَقاوَوْه، وَقَدْ تقاوَينا الدَّلْوَ تَقاوِيًا.
الأَصمعي: مِنْ أَمثالهم انقَطَع قُوَيٌّ مِنْ قاوِيةٍ إِذا انْقَطَعَ مَا بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ أَو وجَبت بَيْعَةٌ لَا تُسْتقال؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: والقاوِيَةُ هِيَ الْبَيْضَةُ، سُمِّيَتْ قاوِيَةً لأَنها قَوِيَتْ عَنْ فَرْخها.
والقُوَيُّ: الفَرْخ الصَّغِيرُ، تَصْغِيرُ قَاوٍ، سُمِّيَ قُوَيًّا لأَنه زَايَلَ الْبَيْضَةَ فَقَوِيَتْ عَنْهُ وقَوِيَ عَنْهَا أَي خَلا وخَلَتْ، وَمِثْلُهُ: انْقَضَتْ قائبةٌ مِنْ قُوبٍ؛ أَبو عَمْرٍو: القائبةُ والقاوِيَةُ الْبَيْضَةُ، فإِذا ثَقَبَهَا الْفَرْخُ فَخَرَجَ فَهُوَ القُوبُ والقُوَيُّ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ للدَّنيءِ قُوَيٌّ مِنْ قاوِية.
وقُوَّةُ: اسْمُ رَجُلٍ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
40-أساس البلاغة (نسع)
نسعقلقت أنساعها ونسوعها إذا ضمرت. وبيده نسعة: قطعة من النسع.
ومن المجاز: هبّت نسع وهي الشمال. قال قيس بن خويلد الهذليّ:
ويلمّها لقحةً إما تأوبها *** نسع شآميّة فيها الأعاصير
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
41-مقاييس اللغة (عصر)
(عَصَرَ) الْعَيْنُ وَالصَّادُ وَالرَّاءُ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ صَحِيحَةٌ:فَالْأَوَّلُ دَهْرٌ وَحِينٌ، وَالثَّانِي ضَغْطُ شَيْءٍ حَتَّى يَتَحَلَّبَ، وَالثَّالِثُ تَعَلُّقٌ بِشَيْءٍ وَامْتِسَاكٌ بِهِ.
فَالْأَوَّلُ الْعَصْرُ، وَهُوَ الدَّهْرُ.
قَالَ اللَّهُ: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1].
وَرُبَّمَا قَالُوا عُصُرٌ.
قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
أَلَا انْعِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي *** وَهَلْ يَنْعِمَنْ مَنْ كَانَ فِي الْعُصُرِ الْخَالِي
قَالَ الْخَلِيلُ: وَالْعَصْرَانِ: اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ.
قَالَ:
وَلَنْ يَلْبَثَ الْعَصْرَانِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ *** إِذَا اخْتَلَفَا أَنْ يُدْرِكَا مَا تَيَمَّمَا
قَالُوا: وَبِهِ سُمِّيَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، لِأَنَّهَا تُعْصَرُ، أَيْ تُؤَخَّرُ عَنِ الظُّهْرِ.
وَالْغَدَاةُ وَالْعَشِيُّ يُسَمَّيَانِ الْعَصْرَيْنِ.
قَالَ:
الْمُطْعِمُو النَّاسِ اخْتِلَافَ الْعَصْرَيْنِ.
ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: أَعْصَرَ الْقَوْمُ وَأَقْصَرُوا، مِنَ الْعَصْرِ وَالْقَصْرِ.
وَيُقَالُ: عَصَّرُوا وَاحْتَبَسُوا إِلَى الْعَصْرِ.
وَرُوِيَ حَدِيثٌ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِرَجُلٍ: حَافِظْ عَلَى الْعَصْرَيْنِ.
قَالَ الرَّجُلُ: وَمَا كَانَتْ مِنْ لُغَتِنَا، فَقُلْتُ: وَمَا الْعَصْرَانِ؟ قَالَ: صَلَاةٌ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَصَلَاةٌ قَبْلَ غُرُوبِهَا، يُرِيدُ صَلَاةَ الصُّبْحِ وَصَلَاةَ الْعَصْرِ.
فَأَمَّا الْجَارِيَةُ الْمُعْصِرُ فَقَدْ قَاسَهُ نَاسٌ هَذَا الْقِيَاسَ، وَلَيْسَ الَّذِي قَالُوهُ فِيهِ بِبَعِيدٍ.
قَالَ الْخَلِيلُ وَغَيْرُهُ: الْجَارِيَةُ إِذَا رَأَتْ فِي نَفْسِهَا زِيَادَةَ الشَّبَابِ فَقَدْ أَعْصَرَتْ، وَهِيَ مُعْصِرٌ بَلَغَتْ عَصْرَ شَبَابِهَا وَإِدْرَاكَهَا.
قَالَ أَبُو لَيْلَى: إِذَا بَلَغَتِ الْجَارِيَةُ وَقَرُبَتْ مِنْ حَيْضِهَا فَهِيَ مُعْصِرٌ.
وَأَنْشَدَ:
جَارِيَةٌ بِسَفَوَانَ دَارُهَا *** قَدْ أَعَصَرَتْ أَوْ قَدْ دَنَا إِعْصَارُهَا
قَالَ قَوْمٌ: سُمِّيَتْ مُعْصِرًا لِأَنَّهَا تَغَيَّرَتْ عَنْ عَصْرِهَا.
وَقَالَ آخَرُونَ فِيهِ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَالْأَصْلُ الثَّانِي الْعُصَارَةُ: مَا تَحَلَّبَ مِنْ شَيْءٍ تَعْصِرُهُ.
قَالَ:
عُصَارَةُ الْخُبْزِ الَّذِي تَحَلَّبَا.
وَهُوَ الْعَصِيرُ.
وَقَالَ فِي الْعُصَارَةِ:
الْعُودُ يُعْصَرُ مَاؤُهُ *** وَلِكُلِّ عِيدَانٍ عُصَارَهْ
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: تَقُولُ الْعَرَبُ: لَا أَفْعَلُهُ مَادَامَ الزَّيْتُ يُعْصَرُ.
قَالَ أَوْسٌ:
فَلَا بُرْءَ مِنْ ضَبَّاءَ وَالزَّيْتُ يُعْصَرُ.
وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ الْعُصَارَةَ وَالْمُعْتَصَرَ مَثَلًا لِلْخَيْرِ وَالْعَطَاءِ، إِنَّهُ لِكَرِيمُ الْعُصَارَةِ وَكَرِيمُ الْمُعْتَصِرِ.
وَعَصَرْتَ الْعِنَبَ، إِذَا وَلِيتَهُ بِنَفْسِكَ.
وَاعْتَصَرْتَهُ، إِذَا عُصِرَ لَكَ خَاصَّةً.
وَالْمِعْصَارُ: شَيْءٌ كَالْمِخْلَاةِ يُجْعَلُ فِيهِ الْعِنَبُ وَيُعْصَرُ.
وَمِنَ الْبَابِ: الْمُعْصِرَاتُ: سَحَائِبٌ تَجِيءُ بِمَطَرٍ.
قَالَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ -:
{وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا} [النبأ: 14].
وَأُعْصِرَ الْقَوْمُ، إِذَا أَتَاهُمُ الْمَطَرُ.
وَقُرِئَتْ: فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يُعْصَرُونَ، أَيْ يَأْتِيهِمُ الْمَطَرُ.
وَذَلِكَ مُشْتَقٌّ مِنْ عَصْرِ الْعِنَبِ وَغَيْرِهِ.
فَأَمَّا الرِّيَاحُ وَتَسْمِيَتُهُمْ إِيَّاهَا الْمُعْصِرَاتِ فَلَيْسَ يَبْعُدُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى هَذَا الْبَابِ مِنْ جِهَةِ الْمُجَاوَرَةِ، لِأَنَّهَا لَمَّا أَثَارَتِ السَّحَابَ الْمُعْصِرَاتِ سُمِّيَتْ مُعْصِرَاتٍ وَإِعْصَارًا.
قَالَ فِي الْمُعْصِرَاتِ:
وَكَأَنَّ سُهْكَ الْمُعْصِرَاتِ كَسَوْنَهَا *** تُرْبَ الْفَدَافِدِ وَالْبِقَاعِ بِمُنْخُلِ
"وَالْإِعْصَارِ: الْغُبَارُ الَّذِي يَسْطَعُ مُسْتَدِيرًا ; وَالْجَمْعُ الْأَعَاصِيرُ."
قَالَ:
وَبَيْنَمَا الْمَرْءُ فِي الْأَحْيَاءِ مُغْتَبِطًا *** إِذْ صَارَ فِي الرَّمْسِ تَعْفُوهُ الْأَعَاصِيرُ
وَيُقَالُ فِي غُبَارِ الْعَجَاجَةِ أَيْضًا: إِعْصَارٌ.
قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: {فَأَصَابَهَا إِعْصَارٌ فِيهِ نَارٌ فَاحْتَرَقَتْ} [البقرة: 266].
وَيُقَالُ: مَرَّ فُلَانٌ وَلِثِيَابِهِ عَصَرَةٌ، أَيْ فَوْحُ طِيبٍ وَهَيْجُهُ.
وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الْإِعْصَارِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: مَرَّتِ امْرَأَةٌ مُتَطَيِّبَةٌ لِذَيْلِهَا عَصَرَةٌ.
وَمِنَ الْبَابِ الْعَصْرُ وَالِاعْتِصَارُ.
قَالَ الْخَلِيلُ: الِاعْتِصَارُ: أَنْ يَخْرُجَ مِنْ إِنْسَانٍ مَالٌ بِغُرْمٍ أَوْ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ.
قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ: يُقَالُ: بَنُو فُلَانٍ يَعْتَصِرُونَ الْعَطَاءَ.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْمُعْتَصِرُ: الَّذِي يَأْخُذُ مِنَ الشَّيْءِ يُصِيبُ مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ أَحْمَرَ:
وَإِنَّمَا الْعَيْشُ بِرُبَّانِهِ *** وَأَنْتَ مِنْ أَفْنَانِهِ مُعْتَصِرْ
وَيُقَالُ لِلْغَلَّةِ عُصَارَةٌ.
وَفُسِّرَ قَوْلُهُ - تَعَالَى: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49]، قَالَ: يَسْتَغِلُّونَ بِأَرْضِيهِمْ.
وَهَذَا مِنَ الْقِيَاسِ، لِأَنَّهُ شَيْءٌ كَأَنَّهُ اعْتُصِرَ كَمَا يُعْتَصَرُ الْعِنَبُ وَغَيْرُهُ.
قَالَ الْخَلِيلُ: الْعَصْرُ: الْعَطَاءُ.
قَالَ طَرَفَةُ:
لَوْ كَانَ فِي أَمْلَاكِنَا أَحَدٌ *** يَعْصِرُ فِينَا كَالَّذِي تَعْصِرْ
أَيْ تُعْطِي.
وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ: الْعَصَرُ: الْمَلْجَأُ، يُقَالُ اعْتَصَرَ بِالْمَكَانِ، إِذَا الْتَجَأَ إِلَيْهِ.
قَالَ أَبُو دُوَادٍ:
مِسَحٍّ لَا يُوَارِي الْعَيْ *** رَ مِنْهُ عَصَرُ اللَّهْبِ
وَيُقَالُ: لَيْسَ لَكَ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ عُصْرَةٌ، عَلَى فُعْلَةٍ، وَعَصَرٌ عَلَى تَقْدِيرِ فَعَلٍ، أَيْ مَلْجَأٌ.
وَقَالَ فِي الْعُصْرَةِ:
وَلَقَدْ كَانَ عُصْرَةَ الْمَنْجُودِ.
وَيُقَالُ فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
أَعْشَى رَأَيْتَ الرُّمْحَ أَوْ هُوَ مُبْصِرٌ *** لِأَسْتَاهُكُمْ إِذْ تَطْرَحُونَ الْمَعَاصِرَا
إِنَّ الْمَعَاصِرَ: الْعَمَائِمُ.
وَقَالُوا: هِيَ ثِيَابٌ سُودٌ.
وَالصَّحِيحُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَعَاصِرَ الدُّرُوعُ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْعَصْرِ، لِأَنَّهُ يُعْصَرُ بِهَا.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مقاييس اللغة-أحمد بن فارس-توفي: 395هـ/1005م
42-صحاح العربية (دهر)
[دهر] الدَهْرُ: الزمان.قال الشاعر: إنَّ دَهْرًا يَلُفُّ شَمْلي بِجُمْلٍ *** لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإحْسانِ - ويجمع على دهور.
ويقال: الدهر: ألا بد.
وقولهم: دهرا داهر، كقولهم: أبدا أبيد.
وقولهم: دَهْرٌ دَهارِيرُ، أي شديدٌ، كقولهم: ليْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهارٌ أَنْهَرُ، ويَومٌ أَيْوَمُ، وساعةٌ سَوْعاءُ.
وأنشد أبو عمرو بن العلاء لرجل من أهل نجد: وبينهما المرءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطٌ *** إذا هو الرَمْسُ تَعْفوهُ الأَعاصيرُ - حتى كأنْ لم يكنْ إلاّ تَذَكَّرُهُ *** والدَهْرُ أَيَّتَما حالٍ دَهاريرُ - ويقال: لا آتيك دَهْرَ الدَاهرين، أي أبدًا.
وفي الحديث: " لا تَسُبُّوا الدَهْرَ فإنَّ الدهرَ هو الله "، لأنهم كانوا يُضيفون النوازلَ إليه، فقيل
لهم: لا تسبُّوا فاعلَ ذلك بكم، فإن ذلك هو الله تعالى.
ويقال: دَهَرَ بهم أَمْرٌ، أي نزل بهم.
وما ذاك بِدَهْري، أي عادتي.
وما دَهْري بكذا، أي هِمَّتي قال مُتَمِّمُ ابن نويرة: لعمري وما دهري بِتأبِينِ هالِكٍ *** ولا جَزَعًا مما أَصابَ فأَوْجَعا - والدُهْريُّ بالضم: المُسِنُّ.
والدهرى بالفتح: الملحد.
قال ثعلب: هما جميعا منسوبان إلى الدهر وهم ربما غيروا في النسب، كما قالوا سهلى بالضم للمنسوب إلى الارض السهلة.
ودهورت الشئ، إذا جمعته ثم قذفته في مهواة.
يقال: هو يدهور اللقم، إذا كبرها.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
43-صحاح العربية (غبط)
[غبط] غَبَطْتُ الكبشَ أغْبطُهُ غَبْطًا، إذا أحسست ألْيَتَهُ لتنظر أبِه طرق أم لا؟ قال الشاعر:إنى وأتيى ابن غلاق ليقرينى *** كغابط الكلب يرجو الطرق في الذنب *** والغبطة: أن تتمنَّى مثل حال المَغْبوطِ من غير أن تريد زوالها عنه، وليس بحسدٍ.
تقول منه: غَبَطْتُهُ بما نال أغْبِطُهُ غَبْطًا وغِبْطَةً، فاغتبط هو.
كقولك: منعته فامتنع، وحبسته فاحتبس.
قال الشاعر: وبينما المرءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطٌ *** إذا هو الرَمْسُ تَعْفوهُ الأعاصيرُ *** أي هو مُغْتبطٌ.
أنشدنيه أبو سعيد بكسر الباء، أي مَغْبوطٌ.
قال: والاسم الغِبْطَةُ، وهو حسنُ الحالِ.
ومنه قولهم: اللهمَّ غَبْطًا لا هَبْطًا، أي نسألك الغِبْطَةَ، ونعوذ بك من أن نهبِطَ عن حالنا.
والغَبيطُ: الرُحْلُ، وهو للنساء يُشدُّ عليه الهودج ; والجمع غُبُطٌ.
وقول أبى الصلت الثقفى: يرمون عن عتل كأنها غبط *** بزمخر يعجل المرمى إعجالا
يعنى به خشب الرحال.
وشبه القسى الفارسية بها.
وربَّما سمُّوا الأرض المطمئنَّةَ غَبيطًا.
والغبيط: اسم واد، ومنه صحراء الغبيط.
وأغبطت الرحل على ظهر البعير، إذا أدَمْته عليه ولم تَحُطَّه عنه.
قال الراجز: وانتسف الجالب من أندابه *** إغباطنا الميس على أصلابه *** وأغبطت عليه الحمى، أي دامت.
وأغْبَطَتِ السماءُ، أي دام مطرها.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
44-صحاح العربية (نسع)
[نسع] النِسْعَةُ: التي تُنْسَجُ عريضًا للتصدير، والجمع نسع ونسع وأنساع ونسوع.قال الأعشى: تَخالُ حَتْمًا عليها كلَّما ضَمَرَتْ *** من الكَلالِ بأن تستوفى النسعا *** وأنساع الطريق: شركه.
ونَسَعَتِ الأسنانُ نُسوعًا، إذا انحسرت لِثَتُها عنها واسترخت.
يقال: نَسَعَ فوه.
قال الراجز: ونسعت أسنان عود فانجلع *** عمورها عن ناصلات لم تدع *** الاصمعي: النسع والمسع: اسمان لريح الشمال.
قال قيس بن خويلد: وَيْلُمِّها لَقْحَةً إمَّا تؤوِّبُهُمْ *** نسع شآمية فيها الاعاصير ***
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
45-منتخب الصحاح (دهر)
الدَهْرُ: الزمان.قال الشاعر:
إنَّ دَهْرًا يَلُفُّ شَمْلي بِجُمْلٍ *** لَزَمانٌ يَهُمُّ بالإحْسانِ
ويجمع على دُهورٍ.
ويقال: الدَهْرُ: الأَبَدُ.
وقولهم: دَهْرٌ واهِرٌ، كقولهم: أَبَدٌ أَبيدٌ.
وقولهم: دَهْرٌ دَهارِيرُ، أي شديدٌ، كقولهم: ليْلَةٌ لَيْلاءُ، ونَهارٌ أَنْهَرُ، ويَومٌ أَيْوَمُ، وساعةٌ سَوْعاءُ.
وأنشد أبو عمرو بن العلاء لرجل من أهل نجد:
وبينما المَرْءُ في الأَحْياءِ مُغْتَبِطٌ *** إذا هو الرَمْسُ تَعْفوهُ الأَعاصيرُ
حتى كأنْ لم يكنْ إلاّ تَذَكَّرُهُ *** والدَهْرُ أَيَّتَما حالٍ دَهاريرُ
ويقال: لا آتيك دَهْرَ الدَاهرين، أي أبدًا.
وفي الحديث: لا تَسُبُّوا الدَهْرَ فإنَّ الدهرَ هو الله، لأنهم كانوا يُضيفون النوازلَ إليه، فقيل لهم: لا تسبُّوا فاعلَ ذلك بكم، فإن ذلك هو الله تعالى.
ويقال: دَهَرَ بهم أَمْرٌ، أي نزل بهم.
وما ذاك بِدَهْري، أي عادتي.
وما دَهْري بكذا، أي هِمَّتي.
قال مُتَمِّمُ بن نُوَيْرَةَ:
لَعَمْري وما دَهْري بِتأبِينِ هالِكٍ *** ولا جَزَعًا مما أَصابَ فأَوْجَعا
والدُهْريُّ بالضم: المُسِنُّ.
والدَهْريُّ بالفتح: المُلْحِدُ.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
46-منتخب الصحاح (غبط)
غَبَطْتُ الكبشَ أغْبطُهُ غَبْطًا، إذا أحسست ألْيَتَهُ لتنظر أبِه طِرقٌ أم لا.والغِبطَةُ: أن تتمنَّى مثل حال المَغْبوطِ من غير أن تريد زوالها عنه، وليس بحسدٍ.
تقول منه: غَبَطْتُهُ بما نال أغْبِطُهُ غَبْطًا وغِبْطَةً، فاغْتَبَطَ هو.
قال الشاعر:
وبينما المرءُ في الأحياءِ مُغْتَبِطٌ *** إذا هو الرَمْسُ تَعْفوهُ الأعاصيرُ
أي هو مُغْتبطٌ.
أنشدنيه أبو سعيد بكسر الباء، أي مَغْبوطٌ.
قال: والاسم الغِبْطَةُ، وهو حسنُ الحالِ.
ومنه قولهم: اللهمَّ غَبْطًا لا هَبْطًا، أي نسألك الغِبْطَةَ، ونعوذ بك من أن نهبِطَ عن حالنا.
والغَبيطُ: الرُحْلُ، وهو للنساء يُشدُّ عليه الهودج؛ والجمع غُبُطٌ.
وربَّما سمُّوا الأرض المطمئنَّةَ غَبيطًا.
وأغْبَطْتُ الرحلَ على ظهر الربيع، إذا أدَمْته عليه ولم تَحُطَّه عنه.
وأغْبَطَتْ عليه الحمَّى، أي دامت.
وأغْبَطَتِ السماءُ، أي دام مطرها.
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
47-منتخب الصحاح (نسع)
النِسْعَةُ: التي تُنْسَجُ عريضًا للتصدير، والجمع نُسْعٌ ونِسَعٌ ونُسوعٌ.قال الأعشى:
تَخالُ حَتْمًا عليها كلَّما ضَمَرَتْ *** من الكَلالِ بأن تستوفيَ النِسَغا
وأنْساعُ الطريق: شَرَكُهُ.
ونَسَعَتِ الأسنانُ نُسوعًا، إذا انحسرت لِثَتُها عنها واسترخت.
يقال: نَسَعَ فُوهُ.
الأصمعيّ: النِسْعُ والمِسْعُ: اسمان لريح الشمال.
قال قيس بن خويلد:
وَيْلُمِّها لَقْحَةً إمَّا تؤوِّبُهُمْ *** نِسْعٌ شآمِيَّةٌ فيها الأعاصيرُ
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
48-المحيط في اللغة (عصر)
العَصْرُ - بِفَتْح العَيْن وكَسْرِها -: الدَّهْرُ، فإذا ثَفَلُوه قالوا: عُصُرٌ مَضْمُوم.والعَصْرَانِ: الَليْلُ والنَهار.
والعَصْرُ: العَشِيُ، ولذلك سميَ الغَداةُ والعَشِي: العصْرَيْن.
والعَصْرُ: المَطَر، وقد أعصِرُوا.
والرِّيَاحُ المُثيرةُ والسحَاباتُ - جَميعًا -: المُعْصِرَات.
وفَعَلَ كذا عَصْرًا: أي مَرَّةً.
والعَصْرُ: شَجَرةٌ كَبيرة.
والعَصْرُ: العَطِيَّةُ، وقد عَصَر.
وعَصَرْتُ العِنَبَ: وَليْتُه بنَفْسي.
واعْتَصَرْتُ: عُصِرَ لي.
والمِعْصَارُ: ما يُجْعَلُ فيه شيءٌ لِيعْصَرَ، والعَصِيْرُ والعُصَارَةُ: ما تَحلَبَ.
وهما أيضًا: بَقِيةُ الرُّطْب في أجْوَافِ الوَحْشِيّات إِذا اجْتَزَأتْ.
وهو كَريمُ العُصَارَةِ والمُعْتَصَر: أي عِنْدَ المَسْألة.
والعُصَارَةُ: الغَلَّة، وفُسرَ قولُه تعالى: {وفيه يَعْصِرُوْنَ} بِفَتْح الياء: أي يَسْتَغلُون أرْضَهم ويعْتَصِرُونَ من زَرْعِها.
والاعْتِصارُ: أنْ يُخْرَجَ من إِنْسانٍ مال بِغُرْم أو غيره.
وأنْ يُشرَبَ الماءُ قليلًا قليلًا إذا غص بالطعام.
والارْتجِاعُ في النحْلَة.
والَمنْعُ.
والحَبْسُ، وفي الحديث: (يَعْتَصِرُ الوالدُ على وَلَدِه في ماله).
والالْتِجاء.
والعَصَرُ والعُصْرَة والمُعْتَصَر والمُتَعصر،: المُلْتَجأ، وقد عاصَرْتُه مُعَاصَرَةً - مِثْلُ راوَغْتُه -: إذا الْتَجَأتَ على عَصَرٍ فَتَرُوْغ.
وما نامَ لِعُصْر: أي لِم يَكَدْ يَنام.
وما نامَ عُصْرًا: لم يَنمْ حِيْنَ نَوْمً.
ولم يَجِىءْ لِعُصْرٍ: أي لم يَجِىءْ حينَ مَجِيْءٍ.
وهُمْ مَوَالِيْنا عُصْرَةً: أي دِنْيَةً دوْنَ مَنْ سِواهم.
وعَصَرَ الزَّرْعُ: صَارَ في أكْمامِه.
وأعْصَرَتِ الجارِيَةُ: بَلَغَتْ إدراكَها وعَصْرَ شَبابِها وعُصْرَها وعُصُوْرَها.
والإعْصَارُ: الغُبَارُ السّاطِعُ المُسْتَدِيْرُ، والجَميعُ الأعَاصِيْرُ.
وقد عَصَرَت الريْحُ وأعْصَرَتْ: جاءتْ بالإعْصَار.
والعِصَارُ: تَلَهُّبُ النارِ.
والرِّيْحُ الدَّوّارَةُ، ومِثْلُه الإعْصَار، من قَوْلهم: (إنْ كُنتَ ريْحًا فقد لاقَيْتَ إعْصَارًا) قال الشَمّاخ:
أثرنَ عَلَيْه من رَهَج عِصَارًا
وبَنُو عَصَرٍ: من عَبْدِ القيْس.
وباهِلَةُ بنُ أعْصُر.
المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
49-المحيط في اللغة (عصقل)
والعَصَاقِيْلُ الأعاصِيْرُ.المحيط في اللغة-الصاحب بن عباد-توفي: 385هـ/995م
50-تهذيب اللغة (عصر)
عصر: قال الله جلّ وعَزّ: {وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ} [العصر: 1، 2] قال الفرّاء: والعصر: الدهر، أقسم الله به.وروى مجاهد عن ابن عبّاس أنه قال: العَصْر: ما يلي المغربَ من النهار.
وقال قتادة: هي ساعة من ساعات النهار.
وقال أبو إسحاق: العصر: الدهر، والعصر:
اليوم، والعصر: الليلة.
وأنشد:
ولا يلبث العصران يوم وليلة *** إذَا طَلَبَا أنْ يُدْرِكا ما تيمَّما
وقال ابن السكيت في باب ما جاء مثنَّى: الليل والنهار يقال لهما: العَصْران.
قال: ويقال: العَصْران: الغداة والعَشِيّ.
وأنشد:
وأمطُلُه العَصْرين حتى يَمَلَّني *** ويرضى بنصف الدَّين والأنف راغِمٌ
وقال الليث: العصر: الدهر، ويقال له: العُصُر مثقَّل.
قال: والعَصْران: الليل والنهار.
والعَصْر العَشِيّ.
وأنشد:
تَرَوَّحْ بنا يا عمرو قد قَصُر العصر
قال: وبه سمّيت صلاة العصر.
قال: والغداة والعَشِيّ يسمّيان العصرين.
وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس قال: صلاة الوسطى: صلاة العصر.
وذلك لأنها بين صلاتي النهار وصلاتي الليل.
قال: والعصر: الحَبْس، وسُمِّيت عَصْرًا لأنها تعصَر أي تُحْبَس عن الأولى.
قال: والعَصْر: العطِيَّة.
وأنشد:
يعصر فينا كالذي تعصر
أبو عبيد عن الكسائيّ: جاء فلان عَصْرًا أي بطيئًا.
وقال الله جلّ وعزّ: {فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يُوسُف: 49] قال أكثر المفسّرين: أي يَعْصِرون الأعناب والزيت.
وقال أبو عبيدة: هو من العَصَر ـ وهو المَنجاة ـ والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر.
وقال لبيد:
وما كان وقّافًا بدار مُعَصّر
وقال أبو زُبَيد:
ولقد كان عُصْرة المنجود
أي: كان مَلْجأ المكروب.
وقال الليث: قرىء: (وفيه تُعْصَرون) بضمّ التاء أي تُمطَرون.
قال: ومن قرأ: (تَعْصِرون) فهو من عَصْر العِنب.
قلت: ما علمت أحدًا من القرّاء المشهَّرين قرأ: تُعصرون، ولا أدري من أين جاء به الليث.
قال: ويقال: عصرت العِنَب وعصَّرته إذا ولِيت عَصْره بنفسك، واعتصرت إذا عُصِر لك خاصَّة.
والاعتصار: الالتجاء.
وقال عَدِيّ بن زيد:
لو بغير الماء حَلْقي شَرِق *** كنتُ كالغَصَّان بالماء اعتصاري
قال: والعُصَارة: ما تحلَّب من شيء تَعْصِره.
وأنشد:
فإن العذَاري قد خلطن لِلِمَّتى *** عُصَارة حِنّاء معًا وصَبِيب
وقال الراجز:
عُصَارة الجُزء الذي تحلّبا
ويروى تجلّبا، من تجلّب الماشية بقية العُشْب وَتلزّجته: أي أكلته، يعني: بقيَّة الرُطْب في أجواف حُمُر الوحش.
قال: وكل شيء عُصر ماؤه فهو عَصِير.
وأنشد قول الراجز:
وصار باقي الجُزْء من عصيره *** إلى سَرَار الأرض أو قُعوره
يعني بالعصير الجزء وما بقي من الرُّطْب في بطون الأرض ويبس ما سواه.
وقال الله جلَّ وعزَّ: {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجًا} [النّبأ: 14] روي عن ابن عباس أنه قال: المُعْصِرات: هي الرياح.
قال الأزهري: سمّيت الرياح مُعْصِرات إذا كانت ذواتِ أعاصِير، واحدها إعصار، من قول الله جلّ وعزَّ: {إِعْصارٌ فِيهِ نارٌ} [البقرة: 266].
والإعصار: هي الريح التي تَهُبُّ من الأرض كالعَمُود الساطع نحو السماء، وهي التي يسمّيها بعض الناس الزّوْبَعة، وهي ريح شديدة، لا يقال لها إعصار حتى تَهُبّ كذلك بشدة.
ومنه قول العرب في أمثالها:
إن كنتَ ريحًا فقد لاقيتَ إعصارا
يضرب مَثَلًا للرجل يَلْقَى قِرْنه في النَجْدة والبَسَالة.
وقال ابن الأعرابيّ يقال: إعصار وعِصَار، وهو أن تَهيج الريحُ الترابَ فترفعه.
وقال أبو زيد: الإعصار: الريح التي تَسْطَع في السماء.
وجمع الإعصار الأعاصير، وأنشد الأصمعيّ:
وبينما المرءُ في الأحياء مغتبِط *** إذا هو الرَمْس تعفوه الأعاصير
وروي عن أبي العالية أنه قال في قوله: (مِنَ الْمُعْصِراتِ): [النبأ: 17] إنها السحاب.
قلت: وهذا أشبه بما أراد الله جلَّ وعزَّ؛ لأن الأعاصير من الرياح ليست من رياح المطر، وقد ذكر الله أنه يُنزل منها (ماءً ثَجَّاجًا).
العصر: المطر، قال ذو الرمة:
وتَبْسِم لَمْع البرق عن متوضّح *** كلون الأقاحي شاف ألوانَها العَصْرُ
وقولُ النابغة:
تَنَاذرها الراقُون من سُوء سمّها *** تراسلهم عصرًا وعصرًا تراجع
عصرًا أي مرّة.
والعُصَارة: الغَلَّة.
ومنه يقرأ.
وفيه تَعْصِرون [يوسف: 49] أي تستغلون.
وعَصَر الزرع: صار في أكمامه.
والعَصْرة شجرة.
وقال الفرّاء.
السحابة المُعْصِر: التي تتحلّب بالمطر ولما تجتمع، مثل الجارية المعصر قد كادت تحيض ولما تحِضْ.
وقال أبو إسحاق: المعصِرات: السحائب، لأنها تُعْصِر الماء.
وقيل مُعْصِرات كما يقال: أجزَّ الزرعُ إذا صار إلى أن يُجَزَّ، وكذلك صار السحاب إلى أن يمطر فيعصر.
وقال البَعِيث في المعصرات فجعلها سحائب ذوات المطر فقال:
وذي أُشُر كالأُقحوان تشوفُه *** ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِرات الدوالحُ
والدوالح من نعت السحاب لا من نعت الرياح، وهي التي أثقلها الماء فهي تَدْلَحُ أي تمشي مشي المُثْقَل، والذِهاب الأمطار.
وقال بعضهم: المعصِرات، الرياح.
قال: و {مِنَ} في قوله: {مِنَ الْمُعْصِراتِ} [النبأ: 14] قامت مقام الباء الزائدة، كأنه قال: وأنزلنا بالمعصرات ماء ثَجَّاجًا.
قلت: والقول هو الأول.
وأمَّا ما قاله الفرّاء في المُعْصِر من الجواري: إنها التي دنت من الحيض ولمَّا تحِض فإن أهل اللغة خالفوه في تفسير المعصر، فقال أبو عُبَيد عن أصحابه: إذا أدركت الجاريةُ فهي مُعْصِر، وأنشد:
قد أعصرت أو قد دنا إعصارها
قال: وقال الكسائي: هي التي قد راهقت العشرين.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال: المعصِر ساعة تَطْمُث أي تحيض، لأنها تُحبس في البيت يجعل لها عَصَرًا.
قال: وكل حِصن يتحصَّن به فهو عَصَر.
وقال غيره: قيل لها معصر لانعصار دم حيضها ونزول ماء تَريبتها للجماع، وروى أبو العبّاس عن عمرو بن عمرو عن أبيه يقال: أعصرت الجاريةُ وأشْهدت وتوضَّأت إذا أدركت.
وقال الليث: يقال للجارية إذا حرمت عليها الصلاة ورأت في نفسها زيادة الشباب: قد أعصَرت فهي مُعْصِر: بلغت عُصْرة شبابها وإدراكها.
ويقال:
بلغت عَصْرها وعُصُورها.
وأنشد:
وفنَّقها المراضع والعُصُور
وروي عن الشعبيّ أنه قال: يَعْتِصر الوالدُ على ولده في ماله.
وَرَوى أبو قِلَابة عن عمر بن الخطاب أنه قضى أن الوالد يعتصر ولده فيما أعطاه، وليس للولد أن يعتصر من والده، لفضل الوالد على الولد.
قال أبو عُبَيد: قوله: يعتصر يقول: له أن يحبسه عنه ويمنعه إيّاه.
قال: وكل شيء حَبَسته ومنعته فقد اعتصرته وقال ابن أحمر:
وإنما العَيش بربّانه *** وأنت من أفنانه معتصِر
قال: وعصرت الشيء أعصِره من هذا.
وقال طَرَفة:
لو كان في أملاكنا أحَد *** يعصر فينا كالذي تعصِرْ
وقال أبو عُبَيْد في موضع آخر: المعتصر الذي يصيب من الشيء: يأخذ منه ويحبسه.
قال: ومنه قول الله: {فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49].
وقال أبو عُبَيدة في قوله:
يعصر فينا كالذي تَعْصِرْ
أي: يتّخذ فينا الأيادي.
وقال غيره: أي يعطينا كالذي تعطينا.
وقال شمر: قال ابن الأعرابيّ في قوله: (يعتصر الرجل مال ولده) قال: يعتصر: يسترجع.
وحكى في كلام له: قوم يعتصرون العطاء ويُعبِرون النساء، قال: يعتصرونه: يسترجعونه بثوابه.
تقول: أخذت عصرته: أي ثوابه أو الشيء نَفْسه.
وقوله: يُعْبِرون النساء أي يختِنونهنّ.
قال: والعاصر والعَصُور: هو الذي يَعتصر ويعصر من مال ولده شيئًا بغير إذنه.
شمر عن العِتريفيّ قال: الاعتصار: أن يأخذ الرجل مال ولده لنفسه، أو يبقّيه على ولده.
قال: ولا يقال: اعتصر فلان مال فلان إلّا أن يكون قريبًا له.
قال: ويقال للغلام أيضًا: اعتصر مال أبيه إذا أخذه قال: ويقال: فلان عاصر إذا كان ممسِكًا.
يقال: هو عاصرٌ قليل الخَير قال شمر وقال غيره: الاعتصار على وجهين.
يقال: اعتصرت من فلان شيئًا إذا أصبته منه.
والآخر أن تقول: أعطيت فلانًا عطيَّة فاعتصرتها أي رجعت فيها.
وأنشد:
ندِمت على شيء مضى فاعتصرته *** ولِلنحْلة الأولى أعفُّ وأكرم
فهذا ارتجاع.
قال: وأما الذي يمنع فإنما
يقال له: قد تعصّر أي تعسّر، يجعل مكان السين صادًا.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ يقال: ما عَصَرك وثَبَرك وغَصنَك وشَجَرك أي ما منعك.
والعصَّار: المَلِك المَلْجأ.
ويقال: ما بينهما عَصَر ولا يَصَر ولا أيصر ولا أعصر أي ما بينهما مودَّة ولا قرابة.
وروي في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالًا أن يؤذِّن قبل الفجر ليعتصر معتصرُهم أراد الذي يريد أن يضرب الغائط.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه أنشده:
أدركت معتصري وأدركني *** حلمي ويَسّر قائدي نعلي
قال ابن الأعرابي: معتصري: عُمُري وهَرَمي.
وقال الليث: يقال هؤلاء موالينا عُصْرة أي دِنْية دون مَن سواهم.
قلت: ويقال: قُصْرة بهذا المعنى.
قال: والمِعْصَرة: التي يُعصر فيها العنب.
والمِعْصار: الذي يجعل فيه شيء ثم يعصر حتى يتحلَّب ماؤه.
وكان أبو سعيد يروي بيت طَرَفة:
لو كان في أملاكنا أحد *** يعصر فينا كالذي يُعصرْ
أي: يصاب منه وأنكر تعصر.
قال: ويقال: أعطاهم شيئًا ثم اعتصره إذا رجع فيه.
والعِصَار الحِين، يقال: جاء فلان على عِصَار من الدهر أي حِين.
وقال أبو زيد: يقال: نام فلان وما نام لعُصْر وما نام عُصْرًا، أي لم يكَدْ ينام.
وجاء ولم يجىء لعُصْر أي لم يجىء حِين المجيء.
وقال ابن أحمر:
يدعون جارهم وذِمَّته *** عَلَها وما يدعون من عُصْر
أي: يقولون: واذِمَّة جارنا، ولا يَدْعون ذلك حين ينفعه.
وقال الأصمعيّ: أراد: من عُصُر فخفَّف، وهو الملجأ.
ويقال: فلان كريم العَصير أي كريم النسب.
وقال الفرزدق:
تجرّد منها كلّ صهباء حُرَّة *** لعَوْهجِ أو للداعريّ عصيرها
والعِصَار: الفُسَاء.
وقال الفرزدق أيضًا:
إذا تعشّى عَتيق التمر قام له *** تحت الخَمِيل عِصار ذو أضاميم
وأصل العِصَار ما عصرتْ به الريح من التراب في الهواء.
والمعصور: اللسان اليابس عطشًا.
قال الطِرِمَّاح:
يَبُلّ بمعصور جَنَاحَيْ ضئيلةٍ *** أفاويق منها هَلَّة ونُقُوع
في حديث أبي هريرة أن امرأة مرَّت متطيّبة لذيلها عَسرَة، قال أبو عبيد: أراد: الغبار أنه ثار من سَحْبها، وهو الإعصار.
قال: وتكون العَصَرة من فَوْح الطيب وهَيْجه، فشبَّهه بما تثير الريح من الأعاصير.
أنشده الأصمعيّ:
[وبينما المرءُ في الأحياء مغْتَبِط *** إذا هو الرَّمسُ تعفوه الأعاصير]
قال الدينوريّ: إذا تبيَّنت أكمام السُنْبل قيل: قد عَصَّر الزَرْعُ، مأخوذ من العَصَر وهو الحِرْز أي تحرَّز في غُلْفه.
وأوعية السُنْبل أخْبِيته ولفائفه وأغْشيته وأكمته وقنابعه.
وقد قنبعت السُنْبل.
وهي ما دامت كذلك صمعاء ثم ينفقىء).
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
51-تهذيب اللغة (رمس)
رمس: قال الليث: الرَّمْس: التراب.ورَمْسُ القبر: ما حُثِيَ عليه.
وقد رَمَسْناهُ بالتراب.
والرَّمْسُ: تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس به الآثارَ، أي: تَعفوها.
والرياحُ الرَّوَامِس وكلُّ شيءٍ نُثرَ عليه التُّرَابُ فهو مَرْمُوسٌ؛ وقال لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ:
يا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ *** إذا أتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ *** لا، بَلْ تَمِيسُ إنها عَرُوسُ
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ: إذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قال: دَمَسْتُ عليهم الأمر ورَمَسْتُه.
وقال ابن الأعرابي: الرَّامُوس: القَبْر.
ورُوِيَ عن الشَّعْبي أنه قال: إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أَجْزَأَه عن غُسل الجنابة.
قال شَمِر: ارْتَمَس في الماء: إذا انْغَمَسَ فيه حتى يغيبَ رأسه، وجميعُ جسدِه فيه.
والقبرُ يسمَّى رَمْسًا.
وقال:
وبينما المرء في الأحياء مغتبط *** إذا هو الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ
أراد: إذا هو تراب قد دُفِنَ فيه والرياح تطيِّرْه.
والرامساتُ: الرياح الدَّافناتُ.
ورَمَستُ الحديثَ: أَخْفَيْتُه وكَتَمْتهُ.
قال ابن شميل: الروامس: الطيرُ التي تطير بالليل.
قال: وكل دابة تخرج بالليل فهي رامس، تَرْمُس: تَدفن الآثار كما يُرْمَس الميت.
قال: وإذا كان القبر قدومًا مع الأرض فهو رمس، أي: مستويًا مع وجه الأرض.
ورمست الرجل في الأرض رمسًا، أي: دفنته وسوَّيْت عليه الأرض، وإذا رفع القبر في السماء عن وجه الأرض لا يقال له رمس.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م