نتائج البحث عن (الْمَبْعَثِ)
1-المعجم الوسيط (الجَذَع)
[الجَذَع] من الرجال: الشابُّ الحَدَثُ.وفي حديث المبعث: «يا ليتني فيها جَذَع» [حديث نبوي].
و- من الإِبل: ما استكمل أَربعةَ أَعوام ودخل في السنة الخامسة.
و- من الخيل والبقر: ما استكمل سنتين ودخل في الثالثة.
و- من الضأْن: ما بلغ ثمانية أَشهرٍ أَو تسعةً.
(والجمع): جِذاعٌ، وجِذْعان.
ويقال: فلان في هذا الأَمر جَذَعٌ: أَخذ فيه حديثًا.
وأَعَدْتُ الأَمرَ جَذَعًا: جديدًا كما بدأَ.
وأمُّ الجَذَعِ: الداهية.
والأَزلم الجذَع: الدَّهر، والأَسد.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
2-المعجم الوسيط (جُئِثَ)
[جُئِثَ] جُئُوثًا: فزِع، فهو مَجْئوث.وفي حديث المبعث أنه صلى الله عليه وسلم: رأى جبريلَ عليه السلام، قال: «فجُئِثْتُ منه فَرَقًا» [حديث نبوي].
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
3-المعجم الوسيط (سَأَبَهُ)
[سَأَبَهُ] -َ سَأْبًا: خَنَقَه.وفي حديث المبعث: «فأَخذ جبريل بحلقي فَسَأَبَني حتَّى أَجهشت بالبكاء» [حديث نبوي].
و- السقاءَ: وسّعه.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-المعجم الوسيط (غَتَّ)
[غَتَّ] الطعامُ والكلامُ -ُ غَتًّا: فَسَدَ.و- الميزابُ في الحوض: صَبَّ فيه الماءَ صبًّا متتابعًا دون انْقطاع.
و- الشاربُ الماءَ: تابع الشُّربَ والتنفسَ من غير أَن يُبعد الإِناءَ عن فيه.
و- فلانًا في الماء: غَمسه فيه.
ويقال: غتَّ الله - القومَ في العذاب.
و- فلانٌ الضحكَ: أَخفاه بستْرِ فمِه بيده أَو بثوبه.
و- فلانًا: أَشقاهُ وأَتعبه.
وفي حديث المبعث: «فأَخذني جبريلُ فَغَتَّني حتَّى بلغ منِّي الجَهدُ» [حديث نبوي]: أَي ضغطني ضغطًا شديدًا.
و- بالكلام: آذاه.
و- الدابةَ بالسوط: ضربها به.
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
5-القاموس المحيط (حمس)
حَمِسَ، كفَرِحَ: اشْتَدَّ، وصَلُبَ في الدينِ والقِتالِ، فهو حَمِسٌ وأحْمَسُ، وهُمْ حُمْسٌ.والحُمْسُ: الأَمْكِنَةُ الصُّلْبَةُ، جَمْعُ أحْمَسَ، وهو لَقَبَ قُرَيْشٍ وكِنانَةَ وجَديلَةَ ومن تَابَعَهُمْ في الجاهِلِيَّةِ، لِتَحَمُّسهمْ في دِينِهم، أو لالْتِجائِهم بالحَمْساءِ، وهي الكَعْبَةُ، لأنَّ حَجَرَها أبيضُ إلى السَّوادِ.
والحَماسَةُ: الشَّجاعَةُ.
والأَحْمَسُ: الشُّجاعُ،
كالحَميسِ والحَمِسِ، والعامُ الشديدُ. وسَنَةٌ حَمْساءُ، وسِنونَ أحامِسُ وحُمْسٌ.
ووَقَعَ في هِنْدِ الأَحامِسِ، أي: الداهِيَةِ، أو ماتَ. وحِماسٌ اللَّيْثِيُّ، بالكسر: وُلِدَ في عَهْدِ رسولِ الله، صلى الله عليه وسلم، وابنُ ثامِلٍ: شاعِرٌ.
وذُو حِماسٍ: ع.
وحَمَسَ اللَّحْمَ: قَلاهُ،
وـ فُلانًا: أغْضَبَهُ،
كأَحْمَسَهُ وحَمَّسهُ.
والحَميسَةُ: القَلِيَّةُ.
والحَميسُ: التَّنُّورُ، والشديدُ.
والحُمْسَةُ، بالضم: الحُرْمَةُ، وبالتحريك: دابَّةٌ بَحْرِيَّةٌ، أو السُّلَحْفاةُ
ج: حَمَسٌ.
والحَوْمَسيسُ: المَهْزولُ.
والحَمْسُ: الصَّوْتُ، وجَرْسُ الرجالِ، وبالكسر: ع.
والتَّحْميسُ: أن يُؤْخَذَ شيءٌ من دواءٍ وغيرِه، فَيُوضَعَ على النارِ قليلًا.
واحْتَمَسَ الدِّيكانِ: هاجَا.
واحْمَوْمَسَ: غَضِبَ. وابنُ أبي الحَمْساءِ: آمَنَ بالنَّبِيِّ، صلى الله عليه وسلم، وتابَعَهُ قبلَ المَبْعَثِ.
وبَنو أحْمَسَ: بَطْنٌ من ضُبَيْعَةَ.
القاموس المحيط-مجد الدين أبو طاهر محمد بن يعقوب الفيروزآبادي-توفي: 817هـ/1414م
6-موسوعة الفقه الكويتية (شرع من قبلنا)
شَرْعُ مَنْ قَبْلَنَاالتَّعْرِيفُ:
1- الشَّرْعُ، وَالشَّرِيعَةُ، وَالشِّرْعَةُ فِي اللُّغَةِ: الطَّرِيقُ الظَّاهِرُ الَّذِي يُوصَلُ مِنْهُ إِلَى الْمَاءِ، يُقَالُ: شَرَعَتِ الْإِبِلُ شَرْعًا وَشُرُوعًا: إِذَا وَرَدَتِ الْمَاءَ.وَالشَّرْعُ فِي الِاصْطِلَاحِ: مَا سَنَّهُ اللَّهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الدِّينِ وَأَمَرَهُمْ بِاتِّبَاعِهِ.
«وَمَنْ قَبْلَنَا» هُمُ الْأَنْبِيَاءُ الْمُرْسَلُونَ قَبْلَ نَبِيِّنَا إِلَى الْأُمَمِ السَّابِقَةِ.
فَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا هُوَ: مَا جَاءَ بِهِ الرُّسُلُ مِنَ الشَّرَائِعِ إِلَى الْأُمَمِ الَّتِي أُرْسِلُوا إِلَيْهَا قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ.
وَحْدَةُ الشَّرَائِعِ السَّمَاوِيَّةِ:
2- الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ كُلُّهَا مِنْ مَصْدَرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَهِيَ لِهَذَا مُتَّحِدَةُ الْأُصُولِ.فَلَا تَخْتَلِفُ فِي أُصُولِ الدِّينِ، كَوَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ، وَوُجُوبِ إِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ.وَالْإِيمَانِ بِالْبَعْثِ، وَالْجَنَّةِ، وَالنَّارِ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أُصُولِ الدِّينِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}.
اخْتِلَافُ الشَّرَائِعِ فِي الْفُرُوعِ:
3- الشَّرَائِعُ السَّمَاوِيَّةُ قَدْ تَخْتَلِفُ فِي الْأَحْكَامِ الْفَرْعِيَّةِ حَسَبَ اخْتِلَافِ الزَّمَنِ وَالْبِيئَاتِ، وَبِسَبَبِ ظُرُوفٍ وَمُلَابَسَاتٍ خَاصَّةٍ بِأُمَّةٍ مِنَ الْأُمَمِ فَتُحَرَّمُ بَعْضُ أُمُورٍ عَلَى أُمَّةٍ لِأَسْبَابٍ خَاصَّةٍ بِهَا.
كَمَا حُرِّمَ عَلَى الْيَهُودِ بَعْضُ أَجْزَاءِ الْحَيَوَانِ، قَالَ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ}.
وَلَكِنْ هَلْ نَحْنُ مُتَعَبَّدُونَ بِفُرُوعِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأُمَمِ؟ اخْتَلَفَ عُلَمَاءُ الْأُصُولِ وَالْفِقْهِ فِي ذَلِكَ.
وَهَلْ كَانَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- يَتَعَبَّدُ قَبْلَ الْمَبْعَثِ بِشَرْعِ أَحَدٍ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ؟ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى ذَلِكَ.
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الِاخْتِلَافِ الْأُصُولِيِّ وَالْكَلَامِيِّ فَإِنَّ مَا هُوَ مِنَ الشَّرَائِعِ السَّابِقَةِ وَإِنْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى إِقْرَارِهِ فَهُوَ شَرْعٌ لَنَا وَإِنْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى نَسْخِهِ فَلَيْسَ شَرْعًا لَنَا بِالِاتِّفَاقِ.
وَإِنْ سَكَتَ شَرْعُنَا عَنْ إِقْرَارِهِ وَنَسْخِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.
فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ شَرْعٌ لَنَا، ثَابِتُ الْحُكْمِ عَلَيْنَا، إِذَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، وَلَا تَقْرِيرٍ، فَلَا نَأْخُذُ مِنْ أَحْبَارِهِمْ وَلَا مِنْ كُتُبِهِمْ.
وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ}، إِلَى قَوْلِهِ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ}.
وقوله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}.
وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَغَيْرَهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ شَرْعٌ لَنَا، وَهِيَ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَازِمَةً لَنَا بِنَفْسِ وُرُودِهَا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَإِنَّهَا قَدْ صَارَتْ شَرِيعَةً لَنَا بِوُرُودِهَا عَلَى شَرِيعَتِنَا وَلَزِمَنَا أَحْكَامُهَا.بِنَاءً عَلَى هَذَا اسْتَدَلُّوا بِهَا عَلَى آرَاءٍ فِقْهِيَّةٍ ذَهَبُوا إِلَيْهَا.
فَقَدِ اسْتَدَلَّ الْحَنَفِيَّةُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} عَلَى وُجُوبِ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَالِحٍ- عليه السلام-، {قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ}.عَلَى جَوَازِ قَسْمِ الشِّرْبِ بِالْأَيَّامِ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْ نَبِيِّهِ صَالِحٍ بِذَلِكَ وَلَمْ يُعْقِبْهُ بِالنَّسْخِ فَصَارَتْ شَرِيعَةً لَنَا مُبْتَدَأَةً.
وَاسْتَدَلَّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى جَوَازِ الْحُكْمِ بِالْأَمَارَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْأَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}.حِكَايَةً عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ يَعْقُوبَ- عليه الصلاة والسلام- رَدًّا عَلَى قَوْلِ إِخْوَةِ يُوسُفَ {إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ}.
وَبَنَوْا عَلَى ذَلِكَ أَحْكَامًا كَثِيرَةً: مِنْهَا: لَوْ وُجِدَ مَيِّتٌ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ غَيْرُ مَخْتُونٍ وَعَلَيْهِ زُنَّارٌ فَلَا يُدْفَنُ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ، اسْتِنَادًا إِلَى هَذِهِ الْأَمَارَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَوْلِ الْأَصَحِّ عِنْدَهُمْ: إِنَّ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا لَيْسَ شَرْعًا لَنَا، وَإِنْ وَرَدَ فِي شَرْعِنَا مَا يُقَرِّرُهُ، وَقَالُوا: «إِنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ لَهُ: كَيْفَ تَقْضِي؟ فَأَجَابَهُ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي كِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-.قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي».
وَلَمْ يَذْكُرْ شَرْعَ مَنْ قَبْلَنَا فَزَكَّاهُ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- وَصَوَّبَهُ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ مَدَارِكِ الْأَحْكَامِ لَمَا جَازَ الْعُدُولُ إِلَى الِاجْتِهَادِ إِلاَّ بَعْدَ الْعَجْزِ عَنْهُ.
وَتَفْصِيلُ الْمَوْضُوعِ وَأَدِلَّةُ الْمُخْتَلِفِينَ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي الْمُلْحَقِ الْأُصُولِيِّ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
7-الغريبين في القرآن والحديث (أزر)
(أزر)قوله تعالى: (اشدد بد أزري) أي قو به ظهري. والأزر: القوة.
يقال: آزرته: أي عاونته.
ومنه قوله تعالى: {فآزره فاستغلظ} أي قواه.
وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه، قال للأنصار يوم السقيفة: (لقد نصرتم، وآزرتم وآسيتم) يقال: آزر، ووازر، وآسى، وواسى.
في حديث المبعث، قال له ورقة: (إن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا) أي بالغًا.
وفي حديث عمر رضي الله عنه، قال له رجل:
(فدي لك من أخي ثقة إزاري).
أي: أهلي ونفسي.
ومنه قوله تعالى: {هن لباس لكم وأنتم لباس لهن}.
وفي الحديث: (كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله وشد المئزر). كنى بذكر الإزار عن الاعتزال عن النساء.
وقيل إنه شمره وقلصه للعبادة، يقال: شددت لهذا الأمر مئزري: أي تشمرت له: ويقال: إزار ومئزر، ولحاف، ومحلف، وحلاب، ومحلب.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
8-الغريبين في القرآن والحديث (ب د ر)
(ب د ر)قوله تعالى: {ولا تأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا} أي مبادرة.
يقول: لا تبادروا بلوغ اليتامى بإنفاق أموالهم، يقال: بادره فبدره أي: سابقه فسبقه، وبه سميت ليلة البدر، لأن القمر يبدر مغيب الشمس بالطلوع: أي يسبقها.
وفي المبعث: (فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترجف بوادره) البوادر: واحدتها بادرة، وهي لحمة بين المنكب والعنق.
وفي الحديث: (فأتى ببدر فيه بقل) أي بطبق، ولعله يشبه بالبدر في استدارته.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
9-الغريبين في القرآن والحديث (جأت)
(جأت)في حديث المبعث: (فجئئت منه غرقا) معناه: ذعرت. يقال: جئث الرجل، وجئف وزئد وجث: أي فزع.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
10-الغريبين في القرآن والحديث (جذع)
(جذع)في حديث المبعث، أن ورقة بن نوفل قال: (يا ليتني فيها جذع) قوله
(فيها) يعني في نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول: يا ليتني كنت شابا فيها، يعني حين تظهر نبوته، حتى أبالغ في نصرته، والأصل في الجذع، سنو الدواب وهو قبل أن تثني بسنة والدهر وجذع أبدا: أي شاب لا يهرم.
ومنه الحديث: (في الجذعة التي أمر فلانا أن يضحي بها) قال الحربي:
إنما يجزيء الجذع في الأضاحي؛ لأنه ينزو فيلقح، فإذا كان من المعزى لم يلقح حتى يصير ثنيا، وولد المعزى أول سنة: جدي، والأنثى: عناق، فإذا أتى عليها الحول فالذكر تيس، والأنثى عنز، ثم جذع في السنة الثانية، ثم ثني، ثم رباع.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
11-الغريبين في القرآن والحديث (دره)
(دره)في المبعث (فجاء الملك بسكين درهرهة) قال ابن الأنباري: هي المحوجة الرأس التي يسميها العوام المنجل، وأصلها من كلام الفرس درة فعربته العرب فزادت عليه حروفًا من جنسها وهم يفعلون ذلك كما قالوا للقواس مقمجر، وللجمل برق وبدخ وللغليظ من الديباج استبرق.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
12-الغريبين في القرآن والحديث (رهره)
(رهره)في حديث المبعث قال: (فشق عن قلبه وجيء بطست رهرهة) قال القتيبي: سألت أبا حاتم عنها فلم يعرفها قال: وسألت الأصمعي عنها فلم يعرفها قال: وسألت الأصمعي عنها فلم يعرفها، قال القتيبي: كأنه أراد: بطست، رحرحة بالحاء وهي الواسعة، والعرب تقول: إناء رحراح ورحرح، أي: واسعٌ، فأبدلوا الهاء من الحاء، كما قالوا: مدهت ومدحت، في حروف كثيرة، قال أبو بكر بن الأنباري: هذا بعيد جدًا، لأن الهاء لا تبدل من الحاء إلا في المواضع الذي استعملت العرب فيها ذلك، ولا يقاس عليها، لأن الذي يجيز القياس عليها يلزم أن يبدل الحاء هاء في قولهم: رحل الرجل، وفي قوله: (فمن زحزح عن النار) وليس هذا من كلام العرب، وإنما هو: درهرهة، فأخطأ الراوي، فأسقط الدال وقد ذكرناه مفسرًا في موضعه من الكتاب. رباعي في حديث ابن مسعود رضي الله عنه: (إذ مرت به عنانة ترهياء) أي: أنها تهيأت للمطر، فهي تريده ولما تفعل يقال: ترهيأ القوم في أمرهم، إذا تهيأوا له، ثم أمسكوا عنه، وهم يريدون أن يفعلوه.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
13-الغريبين في القرآن والحديث (سكن)
(سكن)قوله تعالى: {وما ضعفوا وما استكانوا} أي ما خضعوا افتعل من السكون يقال: استكان واستكن وأسكن وتمسكن إذا خضع، وقيل: استكان استفعل
من السكينة وهى الجالة السيئة، وقال الأزهري: أصله السكون، وإنما امتدت فتحة الكاف بألف ساكنة كما قال الشاعر:
* ينباع من ذفري غضوب جسره *
والأصل: ينبع فمدت فتحة الباء بألف.
وقوله تعالى: {وضربت عليهم الذلة والمسكنة} الذلة: ذلة الجزية، والمسكنة: فقر النفس وإن كان موسرًا، وتمسكن إذا تشبه بالمساكين، الواحد مسكين وهو الذي أسكنه الفقر: أي قلل حركته، مفعل من السكون.
قوله تعالى: {أما السفينة فكانت لمساكين} قال ابن عرفة: سماهم مساكين لذلهم وقدرة الملك عليهم، وضعفهم عن الانتصار منه.
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - لقيلة: (صدقت المسكينة) أراد معنى الضعف، ولم يرد الفقر.
ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم أحيني مسكينًا وأمتني مسكينًا واحشرني في زمرة المساكين) أي مخبتًا متواضعًا غير جبار ولا متكبر.
وفي بعض الروايات أنه قال لقيلة: (يا مسكينة عليك السكينة) أراد عليك الوقار، يقال: رجل وديع ساكن وقور هادئ.
في الحديث: (أنه قال للمصلي تبأس وتمكن) أي تذلل وتخضع وقال القتيبي: المسكنة: مفعلة من السكون، والقياس في فعله تسكن كما يقال تشجع إلا أنه جاء هذ الحرف تمفعل، ومثله قوله: تمدرع من المدرعة والقياس تدرع.
وقوله تعالى: {وله ما سكن في الليل والنهار} أي لله ما استقر في الليل والنهار: أي هو خالقه ومدبره.
وقوله: {إن صلاتك سكن لهم} أي يسكنون بدعائك.
وقوله تعالى: {وجعل الليل سكنًا} أي يسكن فيه الناس سكون الراحة.
وقوله: {ولو شاء لجعله ساكنًا} أي مستقرًا لا تعقب عليه الشمس فتنسخه.
وقوله: {والله جعل لكم من بيوتكم سكنًا} أي موضعًا تسكنون فيه.
وقوله: {فيه سكينة من ربكم} أي سكون لقلوبكم وطمأنينة.
وفي حديث ابن مسعود: (السكينة مغنم وتركها مغرم) قال شمر: قال بعضهم: هي الرحمة، وقال غيره: هي الطمأنينة، وقيل: هي الوقار وما يسكن به الإنسان.
وفي حديث المهدي: (إن العنقود ليكون سكن أهل الدار) أي قوتهم من بركته.
وفي الحديث: (اللهم أنزل علينا في أرضنا سكنها) قال أبو بكر: معناه غياث أهلها الذي تسكن أنفسهم إليه، قال: والسكن بمنزلة النزل، إذا قالوا هذا نزل القوم أي طعامهم الذي ينزلون عليه.
وفي المبعث: (قال الملك لما شق بطنه للملك الآخر ائتني بالسكينة. فأتاه بسكينة كأنها درهرهة بيضاء فأدخلت قلبي) السكينة لغة قوم من العرب، وأكثر أهل اللغة لا يعرفون إدخال الهاء فيها، وأنشد الثوري:
«الذئب سكينته في شدقه *** ثم قرابًا نصلها في حلقه»
قال: ويجوز أن يكون أراد بالسكينة: السكينة- بتخفيف الكاف وهي الطمأنينة والوقار، فشددت الكاف لأن جماعة من العرب يفعلون ذلك والآثار تشهد به؛ لأنه روى في غير هذا الحديث: (أنه أدخل بطنه رحمة وعلمًا) إلا أنه يجوز أن تكون السكينة في صورة السكين أو غيرها مما يشاء الله والدليل على هذا أن محمد بن علي لما دفن ابن عباس خرج من قبره طائر، قال: هذا علمه.
وفي الحديث: (استقروا على سكناتكم فقد انقطعت الهجرة) أي على مواضعكم ومساكنكم، قال الشاعر:
«بضرب يزيل الهام عن سكناته *** وطعن كتشهاق العفا هم بالنهق»
واحدها سكنة، ومثله في التقدير مكنة ومكنات.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
14-الغريبين في القرآن والحديث (شرى)
(شرى)قوله تعالى: {وشروه بثمن بخس} أي باعوه.
ومنه قوله: {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله} أي يبيعها ببذلها في الجهاد وثمنها الجنة، وتكون شريت بمعنى اشتريت وهو من الأضداد.
وفي الحديث (كان لا يشاري) أي لا يلاج (ولا يماري) أي ولا يدافع ذا الحق عن حقه، وقال ابن الأعرابي: لا يشاري من الشر كأنه أراد لا يشار فقلب إحدى الراءين ياء، ولا يماري: أي لا يخاصم في شيء لا منفعة فيه.
وفي حديث أم زرع (ركب شريًا وأخذ خطيًا) أي ركب فرسًا يستشري في سيره أي يلج ويتمادى.
ومنه الحديث (في المبعث فشرى الأمر بينه وبين الكفار حين سب آلهتهم) أي لج في الفساد. وقال أبو عبيد: معناه جاد الجري يقال شرى الرجل في غضبه واستشرى إذا أجد، وقال ابن السكيت: ركب شريًا أي فرسًا خيارًا فائقًا، وشراة المال وسراته-بالسين والشين-خياره.
وفي حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما (ثم استشرى في دينه) أي لج وتمادى يقال شرى البرق واستشري إذا تتابع لمعانه.
وفي حديث آخر (حتى شرى أمرهما) أي عظم وتفاقم.
وفي الحديث (كان شريح يضمن القصار شرواه) أي مثل الثوب الذي أخذه.
ومنه حديث علي-رضي الله عنه- (ادفعوا شرواها من الغنم) أي مثلها.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
15-الغريبين في القرآن والحديث (غتت)
(غتت)في المبعث: (فأخذني جبريل عليه السلام فغتني حتى بلغ مني الجهد) قال أبو بكر: معناه: ضغطني، وكأنه يضارع غطني لأن المغوط يبلغ منه الجهد وكذلك المغتوت.
وفي الحديث: (بغتهم الله في العذاب غتا) أي يغمسهم فيه غمسا والغت أن يتبع القول القول والشرب الشرب.
وفي حديث ثوبان في ذكر الحوض قال: (يغت فيه ميزابان مدادهما من الجنة) أي يدفقان فيه الماء دفقا متتابعا دائما، مأخوذ من قولك غت الشارب الماء جرعا بعد جرع والمضاعف إذا كان على فعل يفعل فهو معتد، وإذا كان على فعل يفعل فهو لازم هذا أكثر هذا الباب، وقد ذكرناه في كتاب اللازم والمتعدي بأكثر من هذا الشرح.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
16-الغريبين في القرآن والحديث (فلق)
(فلق)قوله تعالى: {فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم} أي: انفرق.
وقوله تعالى: {قل أعوذ برب الفلق} قيل: هو الصبح وهو بيانه، يقال: هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح وقيل: الفلق: الخلق.
قال تعالى: {إن الله فالق الحب} أي: يشق الحبة اليابسة فيخرج منه ورق أخضر وقيل: فالق بمعنى خالق.
وقوله تعالى: {فالق الإصباح} أي: شاق الصبح وهو راجع إلى معنى خالق كالفاطر.
وفي المبعث (أنه كان يرى الرؤيا فتأتي مثل فلق الصبح) يعني من إنارته وإضاءته وصحته.
وفي حديث الدجال (رجل فيلق) الفيلق والفيلم: العظيم من الرجال يقال: تفليق الغلام وتغيلم.
وفي حديث الشعبي (وسئل عن مسألة فقال: ما يقول فيها هؤلاء المفاليق) هم الذين لا مال لهم، الواحد مفلاق، شبه من لا علم له به.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
17-الغريبين في القرآن والحديث (لثن)
(لثن)في المبعث شعر:
«فبغضكم عندنا مر مذاقته *** وبغضنا عندكم يا قومنا لثن»
سمعت الأزهري يقول: سمعت محمد بن إسحاق السعدي يقول: سمعت على بن حرب يقول: وكان معربا يقول: لثن أي حلو لغة يمانية قال الأزهري: ولم أسمعه لغيره وهو ثبت.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
18-الغريبين في القرآن والحديث (هول)
(هول)وفي المبعث أنه - صلى الله عليه وسلم -: (رأى جبريل عليه السلام ينتثر من جناحه الدر والتهاويل) يعني الألوان المختلفة، ومنه يقال لما خرج في الرياض من ألوان الزهخر والشقايق التهاويل.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
19-الغريبين في القرآن والحديث (وحح)
(وحح)في شعر أبي طالب في المبعث
حتى تجالدكم عنه وحاوحة
صيد صناديد لا تذعرهم الأعل
أي عن رسول الله والوحاوحة: السادة
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
20-الغريبين في القرآن والحديث (وضح)
(وضح)في الحديث: (أن يهوديًا قتل جارية على أوضاح لها) قال أبو عبيد: يعني حلى فضى.
(وفي الشجاج الموضحة) وهي التي تبدى وضح العظم أي بياضه والوضح بياض الصبح، وبياض الغرة، والتحجيل وضح أيضا، وهي الأوضاح، والبرص وضح ووضح القدم باطنه، واللبن يقال له وضح أيضا.
وفي المبعث: (أنه كان - صلى الله عليه وسلم - يلعب وهو صغير بعظم وضاح) وهي لعبة صبيان الأعراب يعمدون إلى عظم أبيض يرمونه بعيدًا بالليل ثم يتفرقون في طلبه فمن وجده منهم ركب صاحبه.
وفي الحديث: (أنه أمر بصيام الأوضاح) يعني: أيام البيض يقال أوضح الصبح إذا بان بيانًا شافيًا.
وفي حديث آخر (من الوضح إلى الوضح) يريد الهلال إلى الهلال وأصل الوضح: البياض توضحت الشيء واستوضحته تعمدته لأراه.
وفي الحديث: (غيروا الوضح) أي: بياض الشيب.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
21-الغريبين في القرآن والحديث (وكع)
(وكع)في المبعث: (قلب وكيع واع) أي: متين، ومنه يقال: سقاء وكيع أي محكم الخرز.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
22-المغرب في ترتيب المعرب (كهن-الكاهن)
(كهـن) (الْكَاهِنُ) وَاحِدُ الْكُهَّانِ وَالْكَهَنَةِ قَالُوا إنَّ الْكِهَانَةَ كَانَتْ فِي الْعَرَبِ قَبْلَ الْمَبْعَثِ يُرْوَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَانَتْ تَسْتَرِقُ السَّمْعَ فَتُلْقِيهِ إلَى الْكَهَنَةِ فَتَزِيدُ فِيهِ مَا تُرِيدُ وَتَقَبَّلَهُ الْكُفَّارُ مِنْهُمْ فَلَمَّا بُعِثَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَحُرِسَتْ السَّمَاءُ بَطَلَتْ الْكَهَانَةُ.
المغرب في ترتيب المعرب-ناصر بن عبدالسيد أبى المكارم ابن على، أبو الفتح، برهان الدين الخوارزمي المُطَرِّزِىّ-توفي: 610هـ/1213م
23-المعجم الغني (مَبْعَثٌ)
مَبْعَثٌ- الجمع: مَبَاعِثُ. [بعث]. "الْمَبْعَثُ عَلَى ذَلِكَ هُوَ... ": السَّبَبُ، الْحَافِزُ. "أَقْوَالُهُ مَبْعَثُ شَكٍّ".الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
24-الأفعال المتداولة (سَطَعَ يَسْطَعُ سَطْعًا)
سَطَعَ يَسْطَعُ سَطْعًا: سَطَعَ نورُ الإسلام يوم المبعث النّبوي الشريف (ارتفع وانتشر)الأفعال المتداولة-محمد الحيدري-صدر: 1423هـ/2002م
25-تاج العروس (سأب)
[سأب]: سَأَبَه كَمَنَعَه يَسْأَبُه سَأْبًا: خَنَقه، أَو سأَبَه: خَنَقَه حَتَّى قَتَلَه، وعِبَارَة الجوهريّ: حَتَّى يَمُوت. وفي حديث المَبْعَثِ «فأَخَذَ جِبْرِيلُ بحَلْفِي فسَأَبَنِي حَتَّى أَجْهَشْتُ بِالْبُكَاء».أَرادَ خَنَقَني. وقَالَ ابن الأَثِير: الثَّأبُ: العَصْرُ في الحَلْق كالخَنْق، وسَيَأْتي في سَأَت.
وسَأَبَ مِنَ الشَّرَابِ يَسْأَب سَأْبًا: رَوِي كَسَئِب كفَرِح سَأَبًا. وسَأَبَ السِّقَاءَ: وَسَّعَه.
والسَّأْبُ: الزِّقُّ أَي زِقُّ الخَمْرِ، أَو العَظِيمُ مِنْهُ، وقِيلَ: هو الزِّقُّ أَيًّا كَانَ، أَو هُوَ وِعَاءٌ من أَدَم يُوضَعُ فِيه الزِّقُّ، الجمع: سُؤُوبٌ. وقَوْلُه:
إِذا ذُقْتَ فَاهَا قُلْتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ *** أُرِيدَ بِه قَيْلٌ فغُودِرَ في سَابِ
إِنَّمَا هُوَ «فِي سَأْبِ» فأَبْدَلَ الهَمْزَةَ إِبْدَالًا صَحِيحًا لإِقامَةِ الرِّدْفِ. كالمِسْأَب في الكُلِّ، كمِنْبَر قال سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ.
مَعَه سِقَاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَه *** صُفْنٌ وأَخْرَاصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ
أَوْ هُوَ سِقَاءُ العَسَلِ كما في الصّحَاحِ. وقال شَمِر: المِسْأَبُ أَيْضًا: وِعَاءٌ يُجْعَلُ فِيهِ العَسَلُ. وفي شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ الهُذَلِيِّ يَصِفُ مُشْتَارَ العَسَلِ:
تَأَبَّطَ خَافَةً فِيهَا مِسَابٌ *** فأَصْبَحَ يَقْتَرِي مَسَدًا بِشِيقِ
مِسَابٌ كَكِتَابٍ. أَرادَ مِسْأَبًا فخَفَّفَ الهمزةَ على قَوْلهم فيما حَكَاه بَعْضُهم، وأَرَادَ شِيقًا بمَسَدِ فَقَلَب. وقَوْلُ شَيْخنا: فكأَنَّه يَقُولُ إِنَّه صَحَّفَه وهو بَعِيدٌ لَيْسَ بِظَاهِرٍ كما لَا يَخْفَى.
والمِسْأَب كمِنْبَرٍ: الرَّجُلُ الكَثِير الشُّرْبِ لِلْمَاءِ كما يُقَالُ مِنْ قَئِبَ مِقْأَبٌ.
ويقال: إِنَّهُ لَسُؤْبَانُ مَال بالضَّمِّ أَي إِزَاؤُه أَي فِي حَوَالَيْه.
والمَعْنَى أَيْ حَسَنُ الرِّعْيَةِ والحِفْظِ لَهُ والقِيَامِ عَلَيْهِ، كما حَكَاه ابْنُ جِنّي، وقَالَ: هو فُعْلَان من السَّأْبِ الَّذِي هُوَ الزِّقُّ؛ لأَنَّ الزِّقَّ إِنَّمَا وُضِع لِحفْظِ مَا فِيه. كَذَا في لِسَان العَرَب.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
26-تاج العروس (غت غتت غتغت)
[غتت]: غَتَّهُ بالأَمْر: كَدَّه. وفي الماءِ: غَطَّهُ أَيْ غَمَسَهُ، يَغُتُّه غَتًّا.وكذلك إِذا أَكْرَهَهُ على الشَّيءِ حتى يَكْرُبَهُ. وغَتَّ الضَّحِكَ يَغُتُّهُ غَتًّا: أَخْفَاهُ، وذلِكَ إِذَا وَضَعَ يَدَهُ، أَوْ ثَوْبَهُ على فيه.
ويُقَالُ: غَتَّهُ بِالكَلَامِ غَتًّا، إِذا بَكَّتَهُ تَبْكِيتًا، وفي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «يَا مَنْ لا يَغُتُّه دُعَاءُ الدَّاعِينَ» أَي يَغْلِبُه وَيَقْهَرُه.
والغَتُّ: مَا بَيْنَ النَّفَسَيْنِ مِنَ الشُّرْبِ والإِناءُ على فِيهِ، وقَدْ غَتَّ فِيهِ.
وغَتَّ الماءَ إِذَا شَرِبَ جَرْعًا بَعْدَ جَرْعٍ ونَفَسًا بَعْدَ نَفَسٍ من غير إِبَانَةِ الإِنَاءِ عَنْ فِيهِ.
وعن أَبِي زَيْدٍ: غَتَّ الشَّارِبُ يَغُتُّ غَتًّا، وهو أَن يَتَنَفَّسَ من الشَّرابِ والإِناءُ على فِيهِ، وأَنْشَدَ بَيْتَ الهُذَلِيِّ:
شَدّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَواضِعٍ *** غَتَّ الغَطَاطِ مَعًا على إِعْجَالِ
أَي جَذَبْنَ أَنْفَاسًا غيرَ رِوَاءٍ. وغَتَّ فُلَانًا: غَمَّهُ وأَكْرَبَهُ، وقَالَ شَمِرٌ: غُتَّ فَهُوَ مَغْتُوتٌ، وغُمَّ فَهُوَ مَغْمُومٌ، قَالَ رُؤْبَةُ ـ يَذْكُرُ يُونُسَ والحُوتَ:
وجَوْشَنُ الحُوتِ لَهُ مَبِيتُ *** يُدْفَعُ عَنْهُ جَوْفُهُ المَسْحُوتُ
كِلاهُمَا مُنْغَمِسٌ مَغْتُوتٌ *** واللَّيْلُ فَوْقَ المَاءِ مُسْتَمِيتُ
قال: والمَغْتُوتُ: المَغْمُومُ، كذا في اللسان، وفي حَدِيثِ المَبْعَثِ «فَأَخَذَنِي جِبْرِيلُ فَغَتَّنِي».
الغَتُّ والغَطُّ سَواءٌ، كَأَنَّهُ أَرادَ عَصَرَنِي عَصْرًا شَدِيدًا حَتَّى وَجَدْتُ مِنْهُ المَشَقَّةَ، كَمَا يَجِدُ مَنْ يُغْمَسُ في الماءِ قَهْرًا.
وَغَتَّهُ: خَنَقَهُ. وغَتَّهُ: عَصَرَ حَلْقَهُ نَفَسًا أَوْ نَفَسَيْن، وقِيلَ: أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ. وغَتَّ الدَّابَّةَ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ وفِي بَعْضِ الأُمَّهَاتِ: طَلَقًا أَوْ طَلَقَيْنِ، يَغُتُّهَا: رَكَضَهَا وجَهَدَهَا وأَتْعَبَهَا فِي رَكْضِها. وَغَتَّ الشَّيْءُ الشَّيْءُ: أَتْبَعَ بعْضُهُ بَعْضًا سواءٌ كانَ فِي الشُّرْبِ أَو في القَوْل، قال:
شَدَّ الضُّحَى فَغَتَتْنَ غَيْرَ بَوَاضِعٍ *** غَتَّ الغَطَاطِ مَعًا عَلَى إِعْجَالِ
وغَتَّهُمُ اللهُ بِالعَذَابِ غَتًّا، إِذا غَمَسَهُمْ فِيهِ غَمْسًا مُتَتَابِعًا، وفي الحَدِيث عَنْ ثَوْبانَ، قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا عِنْد عُقْرِ حَوْضِي أَذُوذُ النَّاسَ عَنْهُ لِأَهْلِ اليَمَنِ حَتَّى يَرْفَضُّوا عَنْه، وإِنَّه لَيَغُتُّ فِيهِ مِيزَابَانِ مِنَ الجَنَّةِ أَحَدُهُما مِنْ وَرِقٍ والآخَرُ مِنْ ذَهَب طُولُهُ ما بَيْنَ مُقَامِي إِلى عُمَانَ» قالَ اللَّيْثُ: الغَتُّ، كالغَطِّ، وقَالَ الأَزْهَرِيُّ: هكذا سَمِعْتُ مِنْ مُحَمَّدِ بنِ إِسْحَاقَ: يَغُتُّ، قال: ومَعْنَاهُ: يَجْريِ جَرْيًا لَهُ صَوْتٌ وخَرِيرٌ، وقِيلَ: يَغُطُّ قال: ولا أَدْرِي مِمَّنْ حَفِظَ هذَا التَّفْسِيرَ، قال: ولو كان كما قَال لقيل: يَغُتُّ وَيَغِطُّ، ومعنى يَغُتُّ: يُتَابِعُ الدَّفْقُ في الحَوْضِ لا يَنْقَطِعَانِ، مَأْخُوذٌ مِن غَتَّ الشَّارِبُ، إِذَا تَابَع الجَرْعَ من غير إِبانَةِ الإِنَاء قالَ: فَقَوْلُه: يَغُتُّ فيهِ مِيزَابانِ؛ أَي يَدْفُقَانِ فيهِ المَاءَ دَفْقًا مُتَتابِعًا دَائِمًا من غَيْرِ أَنْ يَنْقَطعَ، كَمَا يَغُتُّ الشَّارِبُ المَاءَ، وَيَغُتُّ مُتَعَدٍّ هاهنا، لأَنّ المُضَاعَفَ إِذَا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُلُ مُتَعَدٍّ، وإِذا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعِلُ، فَهُوَ لَازِمُ [إِلّا مَا شذّ عنه]، قال ذلك الفرّاءُ، وغيرُه، كذا في اللسان. * وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: ما جَاءَ في حديثِ أُمِّ زَرْع، في بعضِ الرِّوَايَاتِ: «ولا تُغَتِّتُ طعَامَنَا تَغْتِيتًا»، قال أَبو بكر: أَي لا تُفْسِده، يقال: غَتَّ الطَّعَامُ يَغُتُّ وأَغْتَتُّه أَنا. وغَتَّ الكلامُ: فَسَدَ، قال قيسُ بنُ الخَطِيم:
ولا يَغِتُّ الحَدِيثُ إِذْ نَطَقَتْ *** وهْوَ بفِيها ذُو لَذَّةٍ طَرَبُ
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
27-تاج العروس (بعث)
[بعث]: بَعَثَه، كمَنَعَه يَبْعَثُه بَعْثًا: أَرْسَلَهُ وَحْدَه.وبَعَثَ بِه: أَرسَلَه مع غَيْرِه، كابْتَعَثَه ابْتِعاثًا فانْبَعَثَ.
ومحمَّدٌ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلّم خَيْرُ مَبْعُوثٍ ومُبْتَعَثٍ.
وَبَعَثَه لكذا، فانْبَعَثَ.
وفي حديثِ ابن زَمْعَةَ «انْبَعَثَ أَشْقَاهَا» يقال: انْبَعَثَ فُلان، لشَأْنِه، إِذا ثارَ ومَضَى ذاهِبًا لقضاءِ حاجَتِهِ.
وبَعَثَ النَّاقَةَ: أَثارَهَا فانْبَعَثَتْ: حَلَّ عِقَالَها، أَو كانَتْ بارِكَةً فهَاجَها.
وفي حديث حُذَيْفَة. إِنَّ لِلْفِتْنَةِ بَعَثَاتٍ ووَقَفَاتٍ، فمن اسْتطاع أَنْ يَموت في وَقَفَاتِها فلْيَفْعَلْ.
قوله: بَعَثاتٍ؛ أَي إِثارَاتٍ وتَهْيِيجاتٍ جَمعُ بَعْثةٍ، وكلّ شيْءٍ أَثَرْته فقدْ بَعَثْتَه، ومنهحديثُ عائِشةَ، رضي الله عنْهَا، «فبَعَثْنا البَعِيرَ، فإِذا العِقْدُ تَحْتَه».
وبَعَثَ فُلانًا مِن مَنامه فانْبَعَثَ: أَيْقظَه، وأَهَبَّهُ.
وفي الحديث: «أَتأَني اللَّيْلةَ آتِيَانِ، فابْتعثانِي» أَي أَيْقظانِي من نوْمي، وتأْويلُ البَعْثِ: إِزالةُ ما كان يَحْبِسُه عن التَّصَرُّفِ والانْبِعاث.
وفي الأَساس: بَعَثَهُ، وبَعْثرَهُ: أَثارَه، وعلى الأَمْرِ: أَثارَه. وتوَاصَوْا بالخَيْر، وتبَاعَثُوا عَليْهِ.
والبَعْثُ بفتح فسكون ويُحَرَّكُ وهو لغة فيه: بَعْثُ الجُنْدِ إِلى الغَزْوِ، وبَعَثَ الجُنْدَ يَبْعَثُهُم بَعْثًا، والبَعْثُ يكونُ بَعْثًا للقوْم يُبْعَثُون إِلى وَجْه من الوجُوه، مثل السَّفْرِ والرَّكْب.
والبَعْثُ: الجَيْشُ، يقال: كنْتُ في بَعْثِ فُلانٍ؛ أَي في جَيْشِه الذي بُعث معه، الجمع: بُعُوثٌ، يقال: خَرَج في البُعُوثِ. [وهم] الجُنُودُ يُبْعَثُون إِلى الثُّغُور.
واعلم أَنّ البَعْث في كلام العَرَب على وَجْهَيْن: أَحدُهما: الإِرْسالُ، كقوله تعالى: {ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى} معناه: أَرْسَلْنا.
والبَعْثُ: إِثارَةُ بارِكٍ، أَو قاعِدٍ.
والبَعْثُ أَيضًا: الإِحْياءُ من الله للمَوْتى، ومنه قولُه تعالى: {ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} أَي أَحْيَيْناكُم.
والبَعْثُ: النَّشْرُ، بَعَثَ المَوْتَى: نَشَرَهُم ليومِ البَعْثِ، وبَعَثَ اللهُ الخَلْقَ يَبْعَثُهُمْ بَعْثًا: نَشَرَهم، من ذلك، وفتح العَيْن في البَعْثِ كُلِّه لُغَةٌ.
ومن أَسْمَائِه عَزّ وجلّ الباعِثُ: هو الذي يَبْعَثُ الخَلْقَ؛ أَي يُحْيِيهم بعد المَوْتِ يومَ القِيَامَةِ.
والبَعِثُ ككَتِفٍ: المُتَهَجِّدُ السَّهْرَانُ كثيرُ الانْبِعاثِ من نَومه، وأَنشد الأَصمعيّ:
يا رَبِّ رَبِّ الأَرِقِ اللَّيْلَ البَعِثْ *** لم يُقْذِ عَيْنَيْهِ حِثَاثُ المُحْتَثِثْ
وبَعِثَ الرَّجُلُ كفَرحَ: أَرِقَ من نَوْمِهِ.
ورجل بَعْثٌ، بفتح فسكون، وبَعَثٌ، محرّكة، وبَعِثٌ، ككَتِف: لا تَزالُ هُمُومُه تُؤَرِّقُه وتَبْعَثُه من نَومه، قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
تَعْدُو بأَشْعَثَ قَدْ وَهَى سِرْبالُه *** بَعْثٍ تُؤَرِّقُهُ الهُمُومُ فيَسْهَرُ
والجمْع أَبْعَاثٌ.
وانْبَعَثَ الشَّيْءُ، وتَبَعَّثَ: انْدَفَعَ.
وتَبَعَّثَ مِنّي الشِّعْرُ: انْبَعَث؛ كأَنَّه سَالَ، وفي بعض النسخ الصّحاح: كأَنَّه سارَ.
والبَعِيثُ: الجُنْدُ، جمعه بُعُثٌ.
وبَعِيثُك نِعْمَةٌ؛ أَي مَبْعُوثُكَ [الذي بَعَثْتَه إِلى الخَلق أَي أَرْسَلْتَه، فَعِيل بمعنى مفعول].
وَالبَعِيثُ: فرَسُ عَمْرِو بنِ مَعْدِيكَرِبَ الزُّبَيْدِيّ، وبِنْتُه الكامِلَةُ يأْتي ذِكْرُها.
وبَاعِثٌ، وبَعِيثٌ: اسمانِ.
والبَعِيثُ بنُ حُرَيْثٍ الحَنفِيّ والبَعِيثُ بنُ رِزَامٍ، هكذا في النُّسخ، وفي التَّكْملة: والبَعِيثُ: بَعِيثُ بني رِزَامٍ التَّغْلبِيّ.
وأَبُو مالكٍ البَعِيثُ، واسمه خِدَاشُ بنُ بَشيرٍ المُجَاشِعِيّ، هكذا في نسخَتنَا وفي بعضها بِشْر، ومثله في هامِش الصّحاح، وهو الصَّواب، وهو الذي هَجَاه جَرِير.
وفي التّكملة: والبَعِيثُ بنُ بِشِيرٍ راكبُ الأَسدِ السُّحَيْمِيّ، شُعَرَاءُ سُمِّيَ الأَخِير لِقَوْلِه ـ وهو من بني تميم:
تَبَعَّثَ مِنّي ما تَبَعَّثَ بَعْدَ مَا اسْ *** تَمَرَّ فُؤادي واسْتَمَرّ مَرِيرِي
قال ابنُ بَرِّيّ: وصوابه
... «واسْتَمَرّ عَزِيمِي
. والمُنْبَعِثُ على صيغة اسم الفاعل: رَجُلٌ من الصَّحابَةِ، وكان اسمُه مُضْطَجِعًا، فغَيَّرهُ النَّبِيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّم، تَفَاؤُلًا، وذلك في نَوْبةِ الطّائِف، وهو من عَبِيدِهِم، هَرَبَ كأَبِي بَكْرَةَ.
وبُعَاثٌ بالعَيْن المهملة وبالغَيْن المعجمة كغُرَاب، ويُثَلَّث: موضع بِقُربِ المَدينةِ على مِيلَيْنِ منها، كما في نسخة، وهذا لا يصحّ، وفي بعضها: على لَيْلَتَيْنِ من المدينة، وقد صَرّح به عِيَاضٌ، وابنُ قَرْقُول والفَيُّومِيّ، وأَهلُ الغَرِيبِ أَجمع، قال شيخنا: وجزَمَ الأَكثرُ بأَنّه ليس في بابه إِلا الضَّمّ كغُراب وفي المصباح: بُعَاث، كغُراب: موضعٌ بالمدينة، وتأْنيثه أَكثر، ويومُه م، معروف؛ أَي من أَيّامِ الأَوْسِ والخَزْرَجِ، بين المَبْعَث والهِجْرَةِ، وكان الظَّفَرُ للأَوْس.
قال الأَزهريّ: وَذَكَرَهُ ابن المُظَفَّر هذا في كتاب العَيْن، فجعله يوم بُغاث، وصَحَّفَه، وما كان الخَليلُ ـ رحِمَه الله ـ لِيَخْفَى عليه يومُ بُعاث، لأَنه من مشاهِيرِ أَيامِ العَربِ، وإِنما صَحّفه اللَّيْثُ، وعَزاه إِلى خَلِيلِ نَفْسِه، وهو لسانُه، واللهُ أَعلم.
وفي حديثِ عائِشَة رضِيَ اللهُ عنها، «وعِنْدَها جارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِما قِيلَ يومَ بُعَاثٍ» وهو هذا اليَوْم.
وبُعاثٌ: اسمُ حِصْنٍ للأَوْس.
قلت: وهكذا ذكره أَبو عليّ القالِي في العَيْنِ المُهْمَلة، كغُرَاب. وقال: هكذا سَمِعْناه من مشايخنا أَيضًا، وَهي عِبارَةُ ابنِ دُرَيْد بعَيْنِهَا، ووافقهُ البَكْرِيّ، وصاحِبُ المشارق، وحكى أَبو عُبَيْدَة فيه الإِعْجَام عن الخلِيل، وضبطه الأَصِيلِيّ بالوَجْهَيْنِ، وبالمُعْجَمَة عندَ القابِسِيّ، وهو خطأٌ.
قال شيخُنا: فهؤلاءِ كلّهم مُجْمِعُون على ضمّ الباءِ، ولا قائل بغير الضمّ، فقولُ المصنّف: ويُثلَّث، غير صحيح.
وفي حديثِ عُمرَ رضي الله عنه «لمّا صَالحَ نَصارَى الشَّامِ، كَتبُوا له؛ أَن لا نُحْدِث كَنيسَةً ولا قَلِيَّةً، ولا نُخْرِج سَعَانِينَ ولا بَاعُوثًا» البَاعُوثُ: اسْتِسْقاءُ النَّصَارَى وهو اسمٌ سُرْيَانيّ، وقيل: هو بالغيْنِ المُعْجَمَة والتّاءِ المنقوطة، فوقها نُقْطتان، وقد تقدّم الإِشارةُ إِليه.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
البَعْثُ: الرَّسولُ، والجمع البُعْثانُ.
والبَعْث: القوْمُ المُشْخَصُون، وفي حديث القِيامة: «يا آدمُ ابْعَثْ بَعْثَ النّارِ» أَي المعبوثَ إِليها من أَهلِها، وهو من بابِ تسمية المَفْعُولِ بالمَصْدَر، وهو البعِيثَ، وجمعُ البَعْثِ بُعُوث، وجمع البَعِيثِ بُعُثٌ، قال:
ولكِنَّ البُعُوثَ جَرَتْ عَليْنا *** فصِرْنا بَيْن تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وَبَعَثه على الشَّيْءِ: حَمَله على فِعْلِه.
وبَعَثَ عَليْهم البَلاءَ: أَحَلَّهُ، وفي التَّنْزِيل {بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِبادًا لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} وانْبَعَثَ في السَّيْرِ؛ أَي أَسْرَعَ.
وقُرِئ «يَا وَيْلنا مِنْ بَعْثِنا مِنْ مَرْقدِنا» أَي من بَعْثِ اللهِ إِيّانا من مَرْقدِنا.
والتَّبْعَاثُ: تَفْعَالٌ من بَعَثَه، إِذا أَثارَهُ، أَنْشدَ ابنُ الأَعْرَابيّ:
أَصْدَرَهَا عن كثْرَةِ الدَّآثِ *** صاحِبُ ليْلٍ خَرِشِ التَّبْعاثِ
وباعيثا: مَوضِعٌ معروف.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
28-تاج العروس (صبح)
[صبح]: الصُّبْح، بالضَّمْ: الفَجْر، أَو أَوّلُ النَّهَارِ، الجمع: أَصْباحٌ، وهو الصَّبِيحة؛ والصّبَاح نقيض المسَاءِ، والإِصْباحُ بالكسر، والمُصْبَحُ، كمُكْرَم، لأَنّ المفعول مما زاد على الثلاثة كاسم المفعول. قال الله عزّ وجلّ: {فالِقُ الْإِصْباحِ} قال الفرّاءُ: إِذا قيل: الأَمْسَاءُ والأَصْباحُ، فهو جمْع المَسَاءِ والصُّبْح. قال: ومِثْله الأَبْكار والإِبْكار، وقال الشّاعر:أَفْنَى رِيَاحًا وذَوِي رِيَاحِ *** تَناسُخُ الأَمْساءِ والأَصْباحِ
وحكَى اللِّحْيَانيّ: تقول العرب إِذا تَطيَّروا من الإِنسان وغيرِه: صَبَاحُ اللهِ لا صَباحُك، قال: وإِنْ شِئتَ نَصَبْتَ.
وأَصْبَحَ: دَخَل فيه؛ أَي الصُّبْحِ، كما يقال: أَمْسَى، إِذا دخل في المَسَاءِ.
وفي الحديث: «أَصْبِحوا بالصُّبح فإِنه أَعْظمُ للأَجْر»؛ أَي صَلُّوها عند طُلوع الصُّبحِ. وفي التَّنْزِيل {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ} وأَصْبَحَ: بمَعْنَى صارَ. قال شيخُنا فيه تَطْوِيلٌ لأَنّ «بمعنى» مُسْتَدْرك كما لا يَخْفَى.
قال سيبويه: أَصْبَحْنا وأَمْسَيْنا؛ أَي صِرْنَا في حينِ ذاك.
وأَصْبَحَ فلانٌ عالِمًا: صار.
وصَبَّحهم تَصْبيحًا: قال لهم: عِمْ صَباحًا، وهو تَحيَّةُ الجاهليَّة، أَو قال: صَبَّحكَ اللهُ بالخَيْر. وصَبَّحَهم: أَتاهم صَبَاحًا، كصَبَحهم، كمَنَعَ قال أَبو عَدْنَان: الفَرْق بين صَبَحْنَا وصَبَّحْنَا أَنه يُقَال: صَبَّحْنا بلدَ كذا وكذا، وصَبَّحْنَا فُلانًا، فهذه مشدّدة؛ وصَبَحْنَا أَهْلَهَا خَيرًا أَو شَرًّا. وقال النّابغة:
وصَبَّحه فَلْجًا فلا زَالَ كَعْبُه *** على كُلِّ مَنْ عادَى منَ النّاسِ عَالِيَا
ويقال: صَبَّحه بكذا، ومَسّاه بكذا، كلّ ذلك جائز. قال بُجَير بن زُهَير المُزَنيّ، وكان أَسْلَمَ:
صَبَحْنَاهُمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ *** وسَبْعٍ من بني عُثْمَانَ وَافِي
معناه أَتَيْنَاهم صَبَاحًا بأَلف رَجلٍ من بني سُلَيم. وقال الراجز:
نَحْنُ صَبَحْنَا عامرًا في دَارِها *** جُرْدًا تَعَادَى طَرَفَيْ نَهَارِهَا
يريد أَتَيْنَاهَا صَباحًا بخَيْل جُرْدٍ. وقال الشَّمّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكَابَها *** وقِيلَ المُنَادِي: أَصبَحَ القَوْمُ أَدْلِجي
قال الأَزهريّ: يَسأَل السّائلُ عن هذا البَيت فيقول: الإِدْلاجُ: سَيرُ اللَّيل، فكيف يقول: أَصبحَ القومُ، وهو يَأْمر بالإِدلاج؟ وقد تقدّم الجواب في «دلج» فراجِعْه.
وصَبَحَهُم سَقَاهم صَبُوحًا من لَبنٍ، يَصْبَحُهم صَبْحًا، وصَبَّحَهم تَصْبيحًا، كذلك. وهو؛ أَي الصَّبوحُ: ما حُلِبَ من اللَّبنِ بالغَدَاةِ، أَو ما شُرِبَ بالغَدَاةِ فما دُونَ القائِلةِ.
وفِعْلُك الاصْطِبَاحُ.
والصَّبُوحُ أَيضًا: كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوَةً، وهو خِلافُ الغَبُوقِ.
والصَّبُوح: ما أَصْبَحَ عندَهُم من شَرَابٍ فشَرِبوه.
والصَّبُوح: النَّاقَةُ تُحْلَب صَبَاحًا، حكاه اللِّحْيَانيّ وأَبو الهَيثم. وقولُ شَيْخِنا إِنه غريبٌ محلُّ نَظرٍ.
ومن المجاز: هذا يومُ الصَّبَاحِ، ولَقِيتُهم غَدَاةَ الصَّبَاحِ: وهو يَومُ الغَارَةِ، قال الأَعشى:
به تَرْعُفُ الأَلْفَ إِذْ أُرْسِلَتْ *** غَدَاةَ الصَّبَاحِ إِذَا النَّقْعُ ثارَا
يقول: بهذا الفَرَسِ يَتقدَّم صاحبُه الأَلْفَ من الخَيْل يَومَ الغَارَةِ. والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارَةٍ من الخَيْل تَفْجَؤُهم صَبَاحًا: يا صَبَاحَاه: يُنْذِرُونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداءِ العالي.
ويُسَمُّون يومَ الغَارةِ يَومَ الصَّباح، لأَنّهم أَكْثَر ما يُغِيرون عندَ الصَّباح.
والصُّبْحَة، بالضَّمِّ: نَوْمُ الغَدَاةِ، ويُفْتَح، وقد كَرِهه بعضُهم. وفي الحديث أَنه نَهَى عن الصُّبْحَة، وهي النَّومُ أَوّلَ النَّهَار، لأَنه وَقتُ الذِّكْرِ ثم وَقْتُ طَلَبِ الكَسْبِ. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ، أَنها قالت: «وعندَه أَقول فلا أُقَبَّح، وأَرْقُد فأَتَصبَّح». أَرادتْ أَنها مَكْفِيَّةٌ فهي تَنَام الصُّبْحَة.
والصُّبْحَة: ما تَعَلَّلْتَ به غُدْوَةً.
وقد تَصَبَّحَ: إِذا نام بالغَدَاةِ.
وفي الحديث: «مَنْ تَصبَّحَ بسَبْعِ تَمْرَاتٍ عَجْوَة»، هو تَفَعَّلَ من صَبَحْتُ القَوْمَ: إِذَا سَقَيْتهم الصَّبُوحَ، وصَبَّحت، التّشديد لُغة فيه. والصُّبْحَة والصَّبَح: سَوَادٌ إِلى الحُمْرَةِ، أَو لَوْنٌ يَضْرِب إِلي الشُّبْهَةِ قَرِيبٌ منها أَو إِلى الصُّهْبَةِ، وجَزَمَ السُّهَيليّ بأَن الصُّبْحةَ بياضٌ غيرُ خالصِ. وقال اللّيث: الصَّبَح: شِدَّةُ الحُمْرَةِ في الشَّعر.
وهو أَصْبَحُ. وهي صَبْحاءُ. وعن اللّيث: الأَصْبَح قَريبٌ من الأَصْهَب. وروَى شَمِرٌ عن أَبي نَصْرٍ قال: في الشَّعر الصُّبْحَةُ والمُلْحَة. ورجل أَصْبَحُ اللَّحْيَةِ: الّذي تَعلو شَعرَه حُمْرَةٌ. وقال شَمِرٌ: الأَصْبَحُ: الّذي يكون في سَوادِ شَعرِهِ حُمْرَةٌ.
وفي حديث المُلَاعنة: «إِنْ جاءَتْ به أَصْبَحَ أَصْهَب»، الأَصْبَح: الشَّديدُ حُمْرةِ الشَّعرِ. ومنه صُبْحُ النَّهارِ، مُشتَقٌّ من الأَصْبَح. قال الأَزهريّ: ولَوْنُ الصُّبْح الصّادقِ يَضْرِب إِلى الحُمْرَةِ قليلًا، كأَنّها لَوْنُ الشَّفَق الأَوَّلِ في أَوَّلِ اللَّيْل.
وأَتَيْتُه لِصُبْحِ خامسةٍ، بالضّم، كما تَقُول: لِمُسْيِ خامسةٍ، ويُكْسَر؛ أَي لِصَبَاحِ خمسةِ أَيامٍ.
وحكَى سيبويه: أَتَيتُه صَبَاحَ مَسَاءَ. من العرب مَن يَبْنِيه كخَمْسَةَ عَشَرَ، ومنهم من يُضيفُه، إِلّا في حَدِّ الحالِ أَو الظَّرف.
وأَتيْتُه ذَا صَبَاحٍ، وذا صَبُوحٍ؛ أَي بُكْرَةً. قال سيبويه: لا يُستعمل إِلَّا ظَرْفًا، وهو ظَرْفٌ غيرُ مُتمكِّنٍ. وقد جاءَ في لُغَةٍ لخَثْعَم [اسمًا] قال أَنَسُ بنُ نُهَيْك، منهم:
عزَمْتُ على إِقامةِ ذِي صَبَاحٍ *** لأَمْرٍ مَا يَسَوَّدُ مَنْ يَسُودُ
لم يستعمله ظَرْفًا. قال سيبويه: هي لُغَةٌ لخَثْعَم.
ووَجدْت في هامش الصّحاح: البيتُ لرجُلٍ من خَثْعَم قالَهُ على لُغَته، لأَنّه جَرّ ذا صباحٍ، وهو ظَرْفٌ لا يَتَمَكَّن، والظُّرُوف الّتي لا تَتمكّن لا تُجَرُّ ولا تُرْفَع، ولا يجوز ذلك إِلّا في لغة قومٍ من خَثْعَم أَو يُضْطَرُّ إِليه شاعرٌ. يُريد: عَزَمْت على الإِقامةِ إِلى وَقْتِ الصَّباح، لأَنّي وَجَدْت الرَأْيَ والحَزْمَ يُوجبانِ ذلك. ثم قال: لشيْءٍ ما يُسَوَّد مَنْ يَسود: يقول: إِنّ الذي يُسوِّده قَومُه لا يُسوَّدُ إِلّا لشيْءٍ من الخِصَالِ الجَمِيلةِ والأُمورِ المحمودةِ رآهَا قَومُه فيه فسَوَّدُوه من أَجْلها؛ كذا قاله ابن السّيرافيّ.
ولقيتُه ذاتَ صُبْحَةٍ وذا صَبُوح؛ أَي حِين أَصْبَحَ، وحين شَرِبَ الصَّبُوحَ. وعن ابنِ الأَعرابيّ: أَتَيتُه ذاتَ الصَّبُوحِ، وذَات الغَبُوق، إِذا أَتَاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً؛ وذَا صَبَاحٍ، وذَا مَساءٍ؛ وذَاتَ الزُّمَيْنِ، وذاتَ العُوَيْمِ؛ أَي منذُ ثلاثةِ أَزْمَانٍ وأَعْوامٍ.
والأَصبَحُ: الأَسَدُ، بَيِّنُ الصَّبَحِ. ورَجُلٌ أَصْبَحُ، كذلك.
والأَصْبَح. شَعَرٌ يَخْلِطه بياضٌ بحُمْرَةٍ خِلْقَةً أَيًّا كانَ، وقد اصْبَاحَّ اصْبِيحَاحًا، وصَبِحَ كفَرِحَ صَبَحًا، محرَّكةً وصُبْحَةً، بالضّمّ.
والمُصْبَح، كمُكْرَم: موضِعُ الإِصْبَاحِ ووَقْتُه، وعبارة الصّحاح: والمَصْبَح، بالفتح: مَوْضِع الإِصباحِ، ووَقْتُ الإِصباحِ أَيضًا، قال الشاعر:
بمَصْبَحِ الحَمْدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مَبنيٌّ على أَصْلِ الفِعْل قبلَ أَن يُزاد فيه، ولو بُنِي على أَصْبَحَ لقِيلَ: مُصْبَح، بضَمّ المِيم. انتهى. وفي بعض النُّسخ، بعد قوله: كمُكْرَم: «وكمَذْهَب» وهو الصّواب إِن شاءَ الله تعالى. وقال الأَزهريّ: المُصْبَح: المَوْضِع الّذِي يُصْبَح فيه، والمُمْسَى: المَكَان الّذي يُمْسَى فيه. ومنه قوله:
قَرِيبةُ المُصْبَحِ من مُمْسَاها
والمِصْبَاح: السِّرَاج، وهو قُرْطُه الّذِي تَراه في القِنْدِيل وغيرِه. وقد يُطْلَق السِّرَاجُ على مَحلِّ الفَتِيلةِ مَجَازًا مشهورًا؛ قاله شيخُنَا. وقال أَبو ذُؤَيب الهُذليّ:
أَمِنْكِ بَرْقٌ أَبيتُ اللَّيلَ أَرْقُبُه *** كأَنّهُ في عِراضِ الشّامِ مِصْبَاحُ
والمِصْبَاح من الإِبل: الّذِي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلَا يَنْهض حتّى يُصْبح وإِنْ أُثِيرَ. وقيل: المِصْبَاح: النّاقَةُ الّتي تُصْبح في مَبْرَكِهَا لا تَرْعَى حتّى يَرتفِع النّهَارُ، وهو ممّا يُسْتَحبّ من الإِبل، وذلك لقُوَّتِهَا وسِمَنِها، جَمْعُه مَصابِيحُ.
أَنشد ابن السِّيد في الفَرْق:
مَصَابِيحُ لَيستْ باللَّوَاتِي يَقودُهَا *** نُجومٌ ولا بالآفلاتِ الدَّوالِكِ
والمِصْباح: السِّنَانُ العَرِيض وأَسِنَّةٌ صَبَاحِيَّة. والمِصْباح: قَدَحٌ كَبِيرٌ، عن أَبي حَنيفةَ، كالمِصْبَح كمِنْبَر، في الأَربعة. وعلى الثّاني قولُ المُزَرِّد أَخي الشّمَّاخ:
ضَرَبْتُ له بالسَّيْفِ كَوْمَاءَ مِصْبَحًا *** فشُبَّتْ عليها النّارُ فهْي عَقِيرُ
والصَّبُوحةُ: النَّاقَةُ المحْلُوبةُ بالغَداةِ، كالصَّبوحِ، عن اللِّحْيَانيّ. وقد تَقَدّم ذِكْرُ الصَّبُوح آنِفًا. ولو قال هناك: كالصَّبُوحة، سَلِمَ من التَّكرار. وحكَى اللِّحْيَانيّ عن العرب: هذه صَبُوحِي وصَبُوحتَي.
والصَّبَاحَةُ: الجَمَالُ، هكذا فَسّره غيرُ واحدٍ من الأَئمّة، وقَيّده بعضُ فقهاءِ اللُّغَة بأَنه الجَمالُ في الوَجْهِ خاصَّةً. ونقل شيخنا عن أَبي منصور: الصَّبَاحةُ في الوَجْهِ، والوَضَاءَةُ في البَشَرَة، والجَمال في الأَنْف والحَلاوةُ في العَيْن، والمَلاحَةُ في الفَمِ، والظَّرْفُ في اللّسَان، والرَّشاقَةُ في القَدّ، واللَّبَاقة في الشَّمَائل، وكَمالُ الحُسْنِ في الشَّعرِ.
وقد صَبُحَ ككَرُمَ صَبَاحَةً: أَشْرَقَ وأَنارَ؛ كذا في المصباح. فهو صَبِيحٌ، وصُبَاحٌ، نقله الجوهَرِيّ عن الكِسَائيّ، واقتصر عليهما، وصُبّاحٌ، وصَبْحَانُ، كشَريفٍ وغُرَابٍ ورُمّانٍ وسكْرَانَ، وافقَ الّذِين يقولون فُعَالٌ الَّذِين يقولون فَعِيلٌ، لاعْتِقَابِهما كثيرًا، والأُنثَى فيهما بالهاءِ والجمع صِبَاحٌ. وافقَ مُذَكَّرَه في التكسير، لاتفاقهما في الوَصْفِيّة. وقال اللّيث: الصَّبِيح: الوَضِيءُ الوَجْهِ.
وَرَجلٌ صَبَحَانٌ، محرَّكَةً: يُعَجِّل الصَّبُوحَ، وهو ما اصْطُبحَ بالغَدَاةِ حاراًّ.
وقَرِّبْ تَصْبِيحَنَا. وقَرَّبَ إِلى الضُّيُوفِ تَصَابِيحَهم، التَّصْبِيحُ الغَدَاءُ، وفي حديثِ المَبْعَثِ «أَنّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يَتِيمًا في حِجْرِ أَبي طالبٍ، وكان يُقرَّبُ إِلى الصِّبْيَان تَصْبِيحُهم فيَخْتَلسون ويَكُفّ» وهو اسمٌ بُنِيَ على تَفْعِيلٍ، مثل التَّرْعِيب للسَّنامِ المُنْقَطع، والتَّنْبِيت اسمٌ لما يَنْبُت من الغرَاس، والتَّنْوِير اسمٌ لنَوْر الشَّجر.
ويقال: صُبَّتْ عليهم الأَصْبَحِيَّة. الأَصْبَحيّ: السَّوْطُ، وهي السِّيَاطُ الأَصْبَحِيَّة، نِسْبَةٌ إِلى ذي أَصْبَحَ، لمَلِك من مُلوكِ اليَمنِ من حِمْيَر؛ قاله أَبو عُبيدَةَ. وذو أَصْبَحَ هذا، قِيلَ: هو الحارثُ بنُ عَوفِ بنِ زَيدِ بن سَدَدِ بن زُرْعةَ. وقال ابن حزمْ: هو ذو أَصْبَحَ مالِكُ بن زَيد بن الغَوْث من وَلدِ سَبَإِ الأَصغرِ، من أَجْدَادِ سيِّدنا الإِمامِ الأَقْدَمِ والهُمَامِ الأَكْرَمِ عالِمِ المدينة مالِكِ بنِ أَنَسٍ الفقيهِ، وجَدُّه الأَقْرَبُ أَبو عامرِ بنُ عَمْرِو بن الحارِثِ بن غَيْمَانَ الأَصبَحِيّ الحمْيَريّ، تابِعيّ. وذكر الحازميّ في كتاب النَّسب: أَن ذا أَصْبَحَ من كَهْلَان، وأَنّ منهم الإِمامَ مالكًا. والمشهور هو الأَوّلُ، لأَنّ كَهْلانَ أَخو حِمْيَر، على الصّحِيح، خلافًا للجوهَريّ، كما سيأْتي.
واصْطَبَحَ: أَسْرَجَ، كأَصْبَحَ؛ وهذا من الأَساس.
والشَّمعُ مَّما يُصْطَبَح به؛ أَي يُسْرَجُ به. واصْطَبَحَ: شَرِبَ الصَّبُوحَ ـ وصَبَحه يَصْبَحُه صَبْحًا: سقاه صَبُوحًا ـ فهو مُصْطَبِحٌ، وقال قُرْط بن التَّوْأَم اليَشْكُريّ:
كانَ ابنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه *** مِن هَجْمةِ كفَسِيلِ النَّخْلِ دُرّارِ
يَعْشُوه: يُطْعِمه عِشَاءً. والهَجْمةُ: القِطْعَة من الإِبل. ودُرّار: من صِفَتها. وفي الحديث: «وما لَنا صَبِيُّ يَصْطَبِح»؛ أَي ليس لنا لَبَنٌ بقَدْرِ ما يَشْرَبُه الصَّبيُّ بُكْرَةً من الجَذْب والقَحْطِ فَضْلًا عن الكثير واصْطَبَحَ واغْتَبَقَ، وهو صَبْحانُ وغَبْقَانُ. ومن أَمْثَالِهم السّائِرَةِ في وَصْف الكَذّابِ قولهم: «أَكْذَبُ من الآخِذِ الصَّبْحانِ». قال شَمِرٌ هكذا قال ابن الأَعْرَابيّ. قال وهو الحُوَار الّذي قد شَرِبَ فَروِيَ، فإِذا أَردتَ أَن تَسْتَدِرَّ به أُّمَّه لم يَشرَبْ لرِيِّه دِرَّتَها. قال: ويقال أَيضًا: «أَكْذَبُ من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ». قال أَبو عَدنَانَ: الأَخيذُ: الأَسيرُ. والصَّبْحَانُ: الّذي قد اصْطَبَح فَرَوِيَ. قال ابن الأَعْرَابيّ: هو رَجلٌ كان عند قَومٍ فصَبَحوه حتى نَهَضَ عنهم شاخِصًا، فأَخَذَه قَوْمٌ وقالوا: دُلَّنا على حيث كُنْت. فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم كذلك إِذ قَعَدَ يَبول. فعَلِموا أَنّه بات قَرِيبًا عند قَوْمٍ. فاستدلّوا به عليهم واسْتَبَاحُوهم.
والمَصْدَر الصَّبَح، بالتحريك.
واسْتَصْبَحَ بالمِصْبَح: اسْتَسْرَجَ به. وفي حديث جابرٍ في شُحُومِ المَيْتَة: «ويَسْتَصْبِحُ بها النّاسُ»؛ أَي يُشْعِلون بها سُرُجَهم. والصُّبَاحِيَّة، بالضّمّ: الأَسِنَةُ العَرِيضَةُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، قال ابن سِيدَه: لا أَدري إِلامَ نُسِبَ.
والصَّبْحَاءُ: الوَاضِحَة الجَبينِ.
والصَّبْحَاءُ والمُصبِّح كمُحَدِّثِ: فَرَسانِ لهم.
ودَمٌ صُبَاحيّ، بالضّمّ: شَدِيدُ الحُمْرَةِ، مأْخُوذٌ من الأَصْبحِ: الّذي تَعلو شَعرَه حُمْرَةٌ. قال أَبو زُبَيد.
عَبيطٍ صُبَاحِيٍّ من الجَوْفِ أَشْقَرَا
والصُّبَاحُ بالضّمّ شُعْلَةُ القِنْديل.
وبنو صُبَاح، بالضّمّ: بُطونٌ. منها بَطْنٌ في عبد القَيْس، وهو صُبَاحُ بن لُكَيْزِ بن أَفْصَى بن عبد القَيْس، أَخو شَنّ بن لُكَيْز. وبَطْنٌ في ضَبَّةَ. وبَطنٌ في غَنِيٍّ. وبطن في عُذْرَةَ.
وذو صُبَاحٍ: موضع، وقَيْل مِن أَقْيَالِ حِمْيَر، وهو غَيْرُ «ذو أَصْبَحَ».
وصُبَاحٌ وصُبْحٌ ماءَانِ حِيَالَ؛ أَي حِذَاءَ نَمَلَى، مُحرَّكَةً.
وصَبَاحٌ كسحَابٍ بنُ الهُذَيْلِ أَخو الإِمَامِ زُفَرَ الفَقِيهِ.
وصَبَاحُ بنُ خاقَانَ، كَرِيمٌ جَوادٌ امْتَدَحه إِسحاقُ النَّديم.
وصُبَاحٌ، كغُرابٍ، ابنُ طَريفٍ، جاهِليّ من بني رَبيعةَ؛ كذا قاله أَئمّة الأَنسابِ. قال الحافظُ ابن حجَرٍ: وليس كذلك، بل هو ضَبِّيّ، هو صُبَاحُ بنُ طَرِيفِ بنِ زيدِ بنِ عَمْرِو بن عامِرِ بنِ رَبيعةَ بنِ كَعْبِ بن ثَعْلَبةَ بن سَعد بن ضَبَّةَ، يُنْسَب إِليه جماعةٌ، منهم عبدُ الحَارث بنُ زَيد بن صَفْوَانَ بن صُبَاحٍ، وفَدَ على النَّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فسمّاه عبدَ الله.
والصَّبَحُ، محركةً: بَرِيقُ الحَدِيدِ وغيرِه.
وأُمُّ صُبْح، بالضّمّ، من أَعلامِ مَكَّة المشرَّفَة، زِيدَتْ شَرَفًا.
وفي التّهذيبِ: والتَّصْبِيحُ على وُجُوهٍ، يقال: صَبَّحْتُ القَوْمَ المَاءَ تَصْبِيحًا: إِذا سَرَيْتَ بهم حتّى أَوْرَدَتْهُم إِيّاه؛ أَي الماءَ صَباحًا، ومنه قوله:
وَصَبَّحتُهم ماءً بِفَيْفَاءَ قَفْرةٍ *** وقد حَلَّقَ النَّجْمُ اليَمَانيُّ فاسْتَوَى
أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتّى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماءِ [صباحًا]. وتقول: صَبَّحتُ القَومَ تَصْبِيحًا، إِذا أَتَيتَهم مع الصَّبَاح. ومنه قولُ عَنْتَرةَ يَصف خَيْلًا:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوابِسًا *** تَهْدِي أَوائلَهنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتَيْنَ الجِفَارَ صَبَاحًا، يعني خَيْلًا عليها فُرْسانُها.
ويقال: صَبَّحْتُ القَوْمَ، إِذا سَقَيْتهم الصَّبُوحَ. انتهت عبارةُ التّهذيب. وقد تقدّم المَعنيانِ الأَخيرَانِ في أَوّل المَادّة، ولم يزل دأَب المصنِّف في تَقطيعِ الكلامِ المُوجِب لسِهَام المَلامِ، عَفا عَنّا وعنه المَلِك العَلّام، فإِنه لو ذَكر هذه عند أَخَواتِها كان أَمْثَلَ لطرِيقَتِه الّتي اختارها.
ومن المَجَاز: يقال للرّجل يُنبَّهُ من سِنَة الغَفْلَةِ: أَصْبحْ يا رَجلُ؛ أَي انْتَبِهْ من غَفْلِتك، وأَبْصِرْ رُشْدَك وما يُصْلِحُك. وقال رؤْبة.
أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعيبٍ. ويُقَال للنّائم: أَصْبِحْ؛ أَي اسْتيقِظْ. وأَصْبَحُوا: استَيْقَظُوا في جَوْف اللَّيْل؛ كذا في الأَساس.
ومن المجاز أَيضًا: الحَقُّ الصَّابحُ، وهو البَيِّنُ الظَّاهِرُ الّذِي لا غُبَارَ عليه.
وكذَا قَوْلُهم صَبَحَني فُلانٌ الحَقَّ، ومَحَضَنِيه.
وصَبْحَةُ، بالفتح: قَلْعَةٌ بدِيارِ بَكْرٍ، بين آمِدَ وَميَّافَارِقِين.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
قولهم: صَبَّحَك اللهُ بخيرٍ، إِذا دَعَا له. وأَتَيْتُه أُصْبُوحَةَ كلِّ يومٍ، وأُمْسِيَّةَ كلِّ يومٍ.
وأَصْبَحَ القَوْمُ: دَنَا وَقْتُ دُخولِهم في الصَّبَاح. وبه فُسِّر قولُ الشّمّاخ.
والصَّبُوح: كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوةً، وهو خِلافُ الغَبوقِ. وحكَى الأَزهريّ عن اللّيث: الصَّبُوحُ: الخَمْرُ، وأَنشد:
ولَقَدْ غَدَوْتُ عَلىَ الصَّبُوحِ معي *** شَرْبٌ كِرامٌ مِن بَني رُهْمِ
والصّبَائح في قَوْلِ أَبي لَيْلَى الأَعْرابيّ: جَمْعُ صَبُوحٍ، بمعنى لَبَنِ الغَدَاةِ.
وصَبَحتُ فُلانًا: أَي ناوَلْتُه صَبُوحًا من لَبَنٍ أَو خَمْرٍ. ومنه قول طَرَفة:
متى تَأْتِنِي أَصْبَحْكَ كأْسًا رَوِيّةً
أَي أَسقِكَ.
وفي المَثَل: «أَعَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ». لمَن يُجَمْجِم ولا يُصَرِّحُ. وقد يُضْرَبُ أَيضًا لمن يُورِي عن الخَطْبِ العَظيمِ بكِنايةٍ عنه، ولمن يُوجِب عليك ما لا يَجِبُ بكلامٍ يُلطِّفه. ورُوِيَ عن الشَّعْبِيّ أَن رَجلًا سأَله عن رَجل قَبَّلَ أُمَّ امرأَتِه، فقال له الشَّعْبيّ: «أعَنْ صَبُوحٍ تُرقِّق، حَرُمَت عليه امرأَتُه» ظنّ الشَّعْبيّ أَنه كَنَى بتقبيله إِيّاهَا عن جِماعِها.
ورجُلٌ صَبْحَانُ، وامرأَةٌ صَبْحَى: شَرِبَا الصَّبُوحَ، مثل سَكْرانَ وسَكْرَى. وفي مجمع الأَمثال: ونَاقَة صَبْحَى: حُلِبَ لَبنُها، ذكرَه في الصّاد. انتهىَ.
وصَبُوحُ النّاقَةِ وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحًا.
وصَبَحَ القَوْمَ شَراًّ: جاءَهُم به صَبَاحًا. وصَبَحَتْهم الخَيْلُ وصَبَّحَتْهم: جاءَتْهُم صُبْحًا.
ويا صَبَاحَاه: يقولها المُنْذِر.
وصَبَحَ الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحًا: سَقَاهَا غُدْوَةً.
والصّابِحُ: الّذِي يَصْبَحُ إِبلَه الماءَ؛ أَي يَسْقِيها صَبَاحًا. ومنه قول أَبي زُبَيْد:
حِينَ لاحَتْ للصَّابِحِ الجَوْزاءُ
وتلك السَّقْيَةُ تُسَمّيها العربُ الصُّبْحَةَ، وليست بناجِعةٍ عند العَرَب. ووَقْتُ الوِرْدِ المحمود عندهم مع الضَّحاءِ الأَكبرِ.
وفي حديث جَرِير: و«ولا يَحْسِر صابِحُها»؛ أَي لا يَكِلّ ولا يَعْيَا، وهو الّذي يَسْقِيها صَبَاحًا لأَنه يُورِدها ماءً ظاهرًا على وجْه الأَرض.
وفي الحديث: «فأَصْبِحي سِرَاجَك»؛ أَي أَصْلِحيها.
وفي حديث يحيَى بن زكريّا عليهماالسلام: «كان يَخْدُم بيتَ المَقْدِس نَهارًا ويُصْبح فيه لَيْلًا»؛ أَي يُسْرِج السِّرَاجَ.
والمَصابِيح: الأَقْدَاحُ الّتي يُصْطَبَح بها، وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابيحِ وَسْطَهَا *** لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفرَّقُ مُجْمَعُ
ومَصَابِيحُ النُّجُومِ: أَعْلَامُ الكَوَاكب.
وفُلانٌ يَتَصَابَحُ وَيَتَحَاسَنُ.
ومن المَجَاز: رأَيْت المَصَابِيحَ تَزْهَرُ في وَجْهه.
وفي مَثَلٍ: «أَصْبحْ لَيْلُ». ومُخَاطبةُ اللَّيْلِ وخِطَابُ الوَحْشِ مَجَازَانِ؛ كذا في الأَساس.
وقد سَمَّت صُبْحًا وصَبَاحًا وصُبَيحًا وصَبَّاحًا وصَبِيحًا ومَصْبَحا، كقُفْلٍ وسَحَابٍ وزُبَيْر وكَتّانٍ وأَمِير ومَسْكَن.
وأَسْوَدُ صُبْحٌ، تأْكيدٌ؛ قاله الزّمخشريّ.
وصَبَاحٌ: مولَى العبّاسِ بنِ عبد المُطَّلب؛ ذَكرهَ ابنُ بَشْكَوال في الصّحّابة.
وصُبَيحٌ: مولى أَبي أُحَيْحةَ، تَجَهَّز لبَدْرٍ فمَرِض. وعبد الله بن صُبَيْحٍ: تابعيّ، روَى عنه محمّد بنَ إِسحاقَ.
وصُبَيحَةُ بنُ الحارث القُرشيّ التَّيْميّ: من مُسْلِمَةِ الفِتْحِ. وبنو صُبْحِ بنِ ذُهْلِ بنِ شيبانَ، قبيلةٌ. وبنو صُبْحِ بنِ ذُهْلِ بنِ مالِكِ بنِ بَكرِ بنِ سَعْدِ بنِ ضَبّةَ، فَخِذٌ.
وصَبَاحُ بنُ ثابتٍ القُشَيْريّ.
وصُبَيْحٌ: مَولَى زَيدِ بنِ أَرْقَمَ. وصُبَيْحُ بنُ عميرَةَ.
وصُبَيْحٌ مَولَى عبدِ الله بن رَبَاحٍ. وصُبَيْحُ بنُ عبدِ الله العَبْسيّ، تابعيّون.
وصُبَاحٌ، بالضّمّ ابنُ نَهْدِ بن زَيدٍ، في قُضاعةَ، وصُبَاحُ بن عَبِيلِ بنِ أَسْلَم، في عَنَزةَ. وصُبَاحُ بنُ لُكَيزٍ في عبد القَيْس، منهم أَبو خَيْرَةَ الصَّبَاحِيّ، يأْتي للمصنّف في خ ي ر مع وَهمٍ. وصُبَاحُ بن ظَبْيَانَ في نَسبِ جَميلٍ صاحبِ بُثَيْنَةَ. وفي سَعْدِ هُذَيمٍ صُبَاحُ بنُ قَيْسِ بنِ عامرِ بنِ هُذَيم.
وصُبْحُ بنُ مَعْبَدِ بنِ عَدِيٍّ في طَيِّئِ.
وصَبّاحٌ ـ كشدّادٍ ـ ابنُ محمّدِ بن صَبّاحٍ، عن المُعَافَى بن سُلَيْمانَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
29-تاج العروس (وضح)
[وضح]: الوضَحُ، محرّكة: بَيَاضُ الصُّبْحِ وقد يراد به مُطلقُ الضَّوْءِ والبَيَاضِ من كلِّ شيْءٍ.وفي الحديث «أَنّه كانَ يَرفَع يديْه في السُّجودِ حتّى يَتبيَّنَ وَضَحُ إِبطيْه» أَي البياضُ الّذي تحْتهما، وذلك للمبالغةِ في رفْعِهما وتَجافِيهِمَا عن الجَنبَين.
وفي حديث عُمَر رضي الله عنه: «صُومُوا من الوَضَح إِلى الوَضَح»؛ أَي من الضَّوءِ إِلى الضَّوْءِ، وقيل: من الهِلَال إِلى الهِلال. قال ابن الأَثير: وهو الوَجْه، لأَنَّ سِياقَ الحديثِ يدلُّ عليه، وتَمامه «فإِنْ خَفِيَ عَلَيْكُمْ فأَتِمُّوا العِدَّةَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا». والوَضَحُ: بَياضُ القَمَر وضَوْؤُه، وقد يُكنَى به عن البَرَص، ومنه قيل لجَذِيمةَ الأَبرِش: الوَضَّاحُ، وسيأْتي الكلامُ عليه.
وفي الحدِيث «جاءَه رجُلٌ بكفِّه وَضَحٌ»؛ أَي بَرَصٌ. والوَضَح: الشِّيَةُ، والغُرَّةُ والتَّحْجِيلُ في القَوَائِمِ وغير ذلك من الأَلْوَان، ومنه قولهم: فَرسٌ ذو أَوْضاحٍ.
والوَضَح: ماءٌ لبني كلَابٍ، قال أَبو زياد: هو لبني جعفَرِ بن كِلابٍ، وهي الحِمَى في شقّه الّذي يَلِي مهَبَّ الجَنوبِ.
وإِنّما سُمِّيَ به لأَنّه أَرْضٌ بَيضاءُ تُنْبِتُ النَّصِيَّ بين جبال الحِمَى وبينَ النِّيرِ، والنِّيرُ جِبالٌ لغَاضِرةَ بنِ صَعْصعة. كذا في المعجم.
وفي الحديث: «غَيِّرُوا الوَضَحَ»؛ أَي الشَّيْبَ، يعنِي اخْضِبوه..
والوَضَحُ: الدِّرْهَمُ الصَّحِيحُ ودِرهمٌ وَضَحٌ: نقِيٌّ أَبيضُ، على النّسب. وحكَى ابن الأَعرابيّ: أَعطَيته دَراهِمَ أَوْضَاحًا كأَنّهَا أَلْبَانُ شَوْلٍ رعَتْ بِدَكْدَاكِ مَالكٍ. مَالِكٌ: رَمْلٌ بعَينه قَلّما تَرْعى الإِبلُ هُنالك إِلّا الحَلِيَّ، وهو أَبيضُ، فَشبَّه الدّراهمَ في بياضها بأَلبانِ الإِبل الّتي لا تَرْعَى إِلّا الحَلِيَّ.
والوَضَحُ: مَحَجَّةُ الطَّرِيقِ ووَسطُه.
ومن المجاز: حَبَّذا الوَضَحُ: اللَّبَنُ. قال أَبو ذُؤَيب:
عَقّوا بسهْمٍ فلم يَشعُرْ به أَحدٌ *** ثمّ استفاءُوا وقالوا: حَبّذا الوَضَحُ
أَي قالوا: اللَّبنُ إِلينا أَحَبُّ من القَود، فأَخبَرَ أَنّهم آثروا إِبلَ الدِّيَة وأَلبانَها على دَمِ قاتلِ صاحبهم. قال ابن سيده: وأُراه سُمِّيَ بذلك لبَياضه. وقيل: الوَضَحُ من اللَّبَن: ما لم يُمْذق، ويقال: كَثُر الوَضَحُ عند بني فُلان، إِذا كَثُرتْ أَلْبانُ نعَمِهم.
والوَضَحُ: حَلْيٌ من الفِضَّة هكذا ذَكرَه أَبو عُبيد في الغريب. وفي المَشَارِق: حَلْيٌ من الحجارة. قال في التوشيح: أَي حجَارة الفضّة. والجمع: الكُلِّ أَوضَاحٌ، سُمِّيت بذلك لبياضها.
وفي الحديث «أَنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أَقَاد مِن يَهوديٍّ قتَلَ جُوَيْريةً علَى أَوْضَاحٍ لها».
وقيل: الوَضَحُ: الخَلْخَالُ، فخَصَّ.
ووَضحُ الطَّرِيفَة: صِغَارُ الكَلَإِ، وقال أَبو حنيفةَ: هو ما ابيَضَّ منها، والجمْع أَوْضاحٌ. وقال الأَصمعيّ: يقال: في الأَرض أَوْضَاحٌ من كَلَإِ، إِذا كان فيها شيءٌ قد ابيضَّ. قال الأَزهريّ: وأَكثرُ ما سمعتُهم يَذكرون الوَضَحَ في الكَلإِ للنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الصَّيفِيَّ الذي لم يأْتِ عَلَيْه عامٌ ويَسودُّ.
قال ابن أحمرَ ووصَفَ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوْضَاحًا بسُرَّةِ يَذْبُلٍ *** وتَرْعَى هَشِيمًا من حُلَيْمةَ بالِيَا
وقال مَرَّةً: هي بَقَايَا الحَلِيّ والصِّلِّيان، لا تكون إِلّا من ذلك.
وقد وَضَحَ الأمْرُ والشيْءُ يَضحُ وُضُوحًا وضِحَةً، كعِدَة، وضَحَةً، بالفتح لمكان حرْف الحلْق، وهو واضحٌ ووَضَّاحٌ.
واتَّضَحَ وأَوْضَحَ وتَوضَّحَ: بانَ وظَهَرَ. ووَضَّحَه هو تَوْضيحًا وأَوْضَحَه إِيضاحًا، وأَوضَحَ عنه.
وتَوضَّحَ الطّريقُ: استبانَ.
والوَضَّاحُ، ككتّان: الرَّجلُ الأَبيضُ اللَّوْنِ الحسَنُهُ الحَسَنُ الوَجْهِ البَسّامُ.
والعرب تُسمِّي النَّهار الوَضَّاحَ واللّيلَ الدُّهْمَانَ.
والوَضّاح لَقَبُ جَذِيمةَ الأَبرِش. وفي الصّحاح: وقد يُكنى بالوضَحِ عن البَرص، ومنه قيل لجَذِيمة الأبرِش الوَضّاحُ. قال: وهذا سببُ تَسْمية العرب له، لا ما قاله الخليلُ: سُمِّي جَذِيمةَ الأَبرشَ لأَنّه أَصابَه حرْقُ نارٍ فبقِيَ أَثره نقطٌ سودٌ وحمر.
والوَضّاح مَولًى بَرْبَرِيٌّ لبنِي أُميَّة، قال ذلك السُّكَّريّ في قول جرير:
لقد جاهدَ الوَضّاحُ بالحقِّ مُعلِمًا *** فأَوْرثَ مَجْدًا باقيًا آل برْبَرَا
كان شاعرًا، وهو المعروف بوَضَّاحِ اليمن، وكانت أُمُّ البنينَ بنت عبد العزيز بن مرْوان تحْت الوليد بن عبد الملك، وكان تُحبُّ الوَضّاحَ. وفي المضاف والمنسوب للثعالبيّ: قال الجاحظ: قُتِل بسبب الفِسق ثلاثةٌ من العبيد: وَضَّاحُ اليمنِ، ويسَارُ الكواعِبِ، وعبْدُ بني الحسْحاس.
وإِليه نُسِبَتِ الوَضَّاحِيَّة وهي قرية معروفة.
وفي حديث المبْعَث «أَنّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يَلْعَبُ وهو صغِيرٌ مع الغِلْمانِ ب عَظْمِ وضّاحٍ وهي لُعبةٌ لصِبيانِ الأَعراب، وذلك أَن تأْخُذ الصِّبْيةُ عَظْمًا أَبيضَ فيَرْمُونه في ظُلْمَة اللّيْلِ. و، أَيْ ثُمّ يَتفرَّقُون في طلبِهِ فمَن وجده منهم فلَه القَمْرُ. قال: ورأَيت الصِّبيان يُصَغِّرونه فيقولون عُظيمُ وضّاحٍ. قال: وأَنشدني بعضُهم:
عُظيم وضّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلهْ *** لا تَضحنّ بعْدَها مِنْ ليْلةْ
وبِكْرُ الوضَّاحِ: صلاةُ الغَداةِ. وثِنْيُ دُهْمانَ: العِشَاءُ الآخِرةُ، قال الراجز:
لوْ قِسْتَ ما بيْن مُنَاخيْ سَبَّاحْ *** لثِنْيِ دُهْمان وبِكْرِ الوضَّاحْ
لقِسْتَ مَرْتًا مُسْبَطِرَّ الأَبْدَاحْ
سبَّاحٌ بَعيرُه. والأَبداحُ: جوانِبُه.
وعن أبي عمْرٍو: استَوْضَح الشَّيْءَ واستَكفَّه واستشْرفه، وذلك إِذا وَضَعَ يَدَه على عَيْنَيْه في الشَّمس لينظرَ هَلْ يَراه يُوَقِّي بكفّه عَينيه شُعاعَ الشَّمسِ. يقال: استوضِحْ عنه يا فُلان. واستوضح فُلانًا أَمْرًا، وكذلك الكلامَ، إِذا سأَله أَن يُوَضِّحه له واستوضَح عن الأَمر: بَحثَ.
والمُتَوَضِّحُ: مَنْ يظْهَر. وقد تَوضَّحَ الطَّرِيقُ: استَبَانَ.
ومَنْ يَرْكَب وضَحَ الطريق ولا يَدْخُل في الخَمَرِ محرَّكةً.
وقال النضْر: المُتوضِّح من الإِبل: الأَبيضُ غيرُ ـ وفي بعض الأُمّهات: وليس ـ شَدِيد البَياضِ، أَشدُّ بَياضًا من الأَعْيَصِ والأَصهَبِ، كالوَاضِح، وهو المُتَوضِّح الأَقْرَاب، وأَنشد:
مُتَوضِّح الأَقْرابِ فيه شُهْلةٌ *** شَنِج اليَدَيْنِ تَخَالُه مَشكولَا
والوَاضحة: الأَسْنَانُ التي تَبْدُو عِنْد الضَّحك، صفة غالبة. وأَنشدَ:
كلُّ خَليلٍ كنت صافَيتُه *** لا تركَ الله له وَاضِحَهْ
كلُّهُمُ أَرْوَغُ من ثَعلبٍ *** ما أَشْبه اللَّيلَةَ بالبارِحَهْ
وفي الحديث: «حتَّى ما أَوْضَحُوا بضاحِكَةٍ»؛ أَي ما طلَعُوا بضاحِكَة ولا أَبدوْها، وهي إِحْدَى ضَواحِكِ الإِنسان.
وتَوضِحُ بالضّمّ وكسْر الضّاد: موضع، بين إِمَّرَة إِلى أَسْودِ العيْنِ، وهو كَثيبٌ أَبيضُ في كُثبانٍ حُمْرٍ بالدَّهناءِ بين أَجإِ واليمامةِ.
والوَضَحةُ، محرَّكةً: الأَتانُ أُنثَى الحِمَارِ. والواضِحة والمُوضِحةُ من الشِّجَاج: الّتي بَلَغت العَظْمَ فأَوضحَتْ عنه، وقيل: هي الّتي تَقْشِر الجِلْدَةَ الّتي بين اللَّحم والعظم، أَو الشَّجَّةُ الّتي تُبْدِي وَضَحَ العِظَامِ وهي التي يكون فيها القِصَاصُ خاصّةً، لأنّه ليْس من الشِّجاج شَيْءٌ له حَدٌّ يَنتهِي إِليه سِوَاهَا، وأَمَّا غيرُها من الشِّجَاج ففيها دِيَتُهَا.
والجمعُ المَوَاضِحُ. والتي فُرِض فيها خَمْسٌ من الإِبل هي ما كان منها في الرّأْس والوَجهِ، فأَمّا المُوضِحةُ في غيرِهِما ففيها الحُكومة.
وفي الحديث أَمَرَ النّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بصِيَامِ الأَوَاضِحِ» حكَاه الهرويّ في الغَريبَين.
قال ابن الأَثير: وفي الحديث: «أَمرَ بصيَام الأَوضاحِ»، أَيْ أَيّامِ الَّليالي البِيضِ، جمْع واضحة، وهي ثالثَ عشَرَ ورابعَ عشَرَ وخامِسَ عَشَر، وأَصْلُه وَوَاضِحُ فقُلِبَت الواوُ الأُولَى هَمْزَةً كما عُرِف ذلك في كُتُبِ الصرف.
والوَضِيحَة: النَّعَم. الجمع: وَضَائحُ، قال أَبو وَجْزةَ:
لِقَوْمِيَ إِذْ قَوْمِي جَميعٌ نَواهُمُ *** وإِذْ أَنَا في حَيٍّ كثيرِ الوَضَائِحِ
ومن المجاز: وَضَحَتِ الإِبلُ بالَّلبَن: أَلمعَتْ، كذا في الأَساس:
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الوَضَحُ: بياضٌ غالبٌ في أَلوانِ الشَّاءِ قد فَشَا في جَميع جَسَدِهَا؛ والجمْعُ أَوضاحٌ. وفي التهذيب: في الصَّدْرِ والظَّهْرِ والوَجْهِ، يقال له: توضيحٌ، وقد تَوضَّحَ.
وأَوضحَ، الرَّجلُ والمرأَةُ: وُلِدَ لهما أولادٌ وُضَّحٌ بِيضٌ.
وقال ثعلب: هو منْك أَدْنَى واضحةٍ، إِذا وَضَحَ لك وظَهَرَ حتَّى كأَنّه مُبْيَضٌّ.
ورجلٌ واضحُ الحَسَب ووَضَّاحُه: ظاهِرُه نَقِيُّه مُبْيضُّه، على المَثَل. وكذا قولهم: له النَّسَبُ الوضَّاحُ.
ووَضَحُ القَدمِ: بَياضُ أَخمَصه.
وقال الجُميح:
والشَّوْك في وَضَحِ الرِّجْلينِ مَركُوزُ
وقال أَبو زيد: من أَين وَضَحَ الرَّاكبُ؛ أَي مِن أَيْن بَدَا.
وقال غيره: من أَين أَوضَحَ، بالأَلف. وقال ابن سيده: وَضَحَ الرّاكِبُ: طَلَعَ، ومن أَين أَوْضَحْتَ، بالأَلف؛ أَي من أَين خَرَجْت، عن ابن الأَعرابيّ. وفي التهذيب: من أَين أَوْضَحَ الرَّاكِبُ، ومن أَين أَوْضَعَ، ومن أَين بَدَا وَضَحُك.
وأَوضَحْتُ قَومًا: رأَيْتهم.
والواضِح: ضدُّ الخاملِ، لِوُضوح حاله وظُهور فَضْلِه، عن السَّعْديّ. والوُضَّح: الكَوَاكِبُ الخُنَّسُ إِذا اجْتَمَعَتْ مع الكواكِب المُضيئة من كواكِب المنازلِ. وقال الّليث: إِذا اجتمَعتِ الكواكِبُ الخُنَّس مع الكواكب المُضِيئةِ مِن كواكب المَنازِل سُمِّينَ جميعًا الوُضَّحَ.
وعن اللِّحْيَانيّ: يقال: فيها: أوضاحٌ من النّاس وأَوباشٌ وأَسقاطٌ، يُعنَى جماعاتٌ من قبائلَ شَتَّى. قالوا: ولم يُسْمَعْ لهذه الحروفِ واحدًا وقال أَبو حنيفة: رأَيتُ أَوْضاحًا من النَّاس هاهُنا وهاهُنا لا واحدَ لها.
وأَبو عبد الله محمّدُ بن الحسَيْنِ بن عليّ بن الوَضّاح الأَنباريّ الشاعر، حدّثَ عن أَبي عبد الله المَحَامليّ، وأَبي حامدٍ الإِسماعِيليّ، وانتقلَ إِلى نَيْسابُورَ وبها تُوُفِّيَ سنة 345.
وأَبو عُمَرَ عامرُ بن أَسيدِ بن وَاضِحٍ الأَصبهانيّ عن ابن عُيينَةَ ويَحيى القَطَّانِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
30-تاج العروس (أزر)
[أزر]: الأَزْرُ، بفتحٍ فسكونٍ: الإِحاطةُ عن ابن الأَعرابيّ.والأَزْرُ: القُوَّةُ والشِّدَّةُ وقيل: الأَزْرُ: الضَّعْفُ، ضِدٌّ، والأَزْرُ: التَّقْوِيَةُ، عن الفَرّاءِ، وقرأَ ابنُ عامر: فأَزَره فاسْتَغْلَظ على فَعَلَه، وقرأَ سائرُ القُرّاء: فَآزَرَهُ.
وقد آزَره: أَعانَه وأَسعدَه.
والأَزْرُ:. الظَّهْرُ قال البَعِيثُ:
شَدَدْتُ له أَزْرِي بِمِرَّةِ حازِمٍ *** على مَوْقِعٍ مِن أَمْرِه ما يُعَاجِلُهْ
قال ابنُ الأَعرابيِّ، وفي قوله تعالَى: {اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي}: مَن جَعَلَ الأَزْرَ بمعنى القُوَّة قال: اشْدُدْ به قُوَّتِي، ومَن جعلَه الظَّهْرَ قال: شُدَّ به ظَهْرِي، ومَن جعلَه الضَّعْفَ قال: شُدَّ به ضَعْفِي وقَوِّ به ضَعْفِي.
والأُزْرُ: بالضَّمِّ: مَعْقِدُ الإِزارِ من الحَقْوَيْنِ.
والإِزْرُ بالكَسْر: الأَصْلُ، عن ابن الأَعرابيّ.
والإِزْرَةُ، بهاءٍ: هَيْئَةُ الائْتِزار، مثل الجِلْسةِ والرِّكْبَةِ، يقال: إِنَّه لَحَسَنُ الإزْرَةِ، ولكلِّ قومٍ إزْرَةٌ يَأْتَزِرُونَهَا، وائْتَزَر فلانٌ إِزْرَةً حسنةً، ومنهالحديثُ: «إزْرَةُ المُؤمِنِ إِلى نصْفِ السّاقِ، ولا جُنَاحَ عليه فيما بينَه وبين الكَعْبَيْن». وفي حديث عُثمانَ رضيَ اللهُ عنه: «هكذا كان إِزْرَةُ صاحِبنا».
وقال ابنُ مُقْبِل:
مثلُ السِّنانِ نَكِيرًا عند خِلَّتِه *** لكلِّ إِزْرَةِ هذا الدَّهْرِ ذا إِزَرِ
والإِزارُ، بالكسر، معروفٌ، وهو المِلْحَفَة، وفَسَّره بعضُ أَهلِ الغَرِيب بما يسْتُرُ أَسفلَ البَدنِ، والرِّداءُ: ما يَستُر به أَعلاه، وكلاهما غيرُ مَخِيط، وقيل: الإزار: ما تحتَ العاتِقِ في وَسَطِه الأَسفل، والرِّداءُ: ما على العاتِقَ والظَّهْرِ، وقيل:
الإِزار: ما يَستُر أَسفلَ البدنِ ولا يكونُ مَخِيطًا، والكلُّ صحيحٌ، قاله: شيخُنا. يذكَّر ويُؤَنَّثُ عن اللِّحْيَانيّ، قال أَبو ذُؤَيْب:
تَبَرَّأُ مِن دَم القَتِيلِ وبَزِّه *** وقد عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُهَا
أَي ذَمُ القَتِيلِ في ثَوْبِهَا، كالمِئْزَر، والمِئْزَرَة، الأَخِيرَهُ عن اللَّحْيَانيّ، وفي حديث الاعتكاف: «كان إِذا دَخَلَ العَشْرُ الأَوَاخِرُ أَيقظَ أَهلَه وشَدَّ المِئْزَرَ» كَنَى بِشَدِّه عن اعتزال النِّساءِ، وقيل: أَرادَ تَشْمِيرَه للعبادة، يقال: شَدَدْتُ لهذا الأَمْرِ مِئزَرِي؛ أَي تشمَّرتُ له، والإِزْرِ والإِزَارةِ بكَسْرِهما، كما قالُوا: وِسَادٌ ووِسادَة، قال الأَعشى:
كَتَمَايُلِ النَّشْوَانِ يَرْ *** فُلُ في البَقِيرَةِ والإِزَارَهْ
وقد ائْتَزَرَ به وتَأَزَّرَ به: لَبِسَه، ولا تَقُلِ اتَّزَرَ بالمِئْزَرِ، بإِدغامِ الهمزةِ في التَّاءِ، ومنهم مَن جَوَّزه وجعلَه مثلَ اتَّمنتُه، والأَصلُ ائْتَمنتُه، وفي الحديث: «كان يُبَاشِرُ بعضَ نسائِه وهي مُوْتَزِرةٌ في حالة الحَيْض»؛ أَي مَشْدُودَةُ الإِزارِ، قال ابنُ الأَثِير: وقد جاءَ في بعضِ الأَحادِيثِ؛ أَي الرِّواياتِ، كما هو نَصُّ النِّهايَة ـ: «وهي مُتَّزِرَةٌ»، ولَعلَّه مِن تَحْرِيفِ الرُّوَاة، قال شيخُنَا: وهو رَجاءٌ باطلٌ، بل هو واردٌ في الرِّواية الصحيحةِ، صَحَّحها الكِرْمَانِيُّ وغيرُه من شُرّاح البُخَاريِّ، وأَثبته الصّاغانيّ في مَجْمَعِ البَحْرِينِ في الجَمْع بين أَحادِيثِ الصَّحِيحَيْن قلتُ: والذي في النِّهَايَة: أَنه خطأٌ، لأَن الهمزةَ لا تُدغَم في التّاء. وقال المطرّزيّ: إِنها لغةٌ عاميَّةٌ، نعمْ ذَكَر الصّغانيّ في التَّكْمِلَة: ويجوزُ أَن تقولَ اتَّزَرَ بالمِئْزَرِ أَيضًا فيمَن يُدْغِمُ الهمزةَ في التّاءِ، كما يقال: اتَّمَنتُه والأَصلُ ائْتَمنتُه. وقد تقدَّم في أَخَذَ هذا البحثُ، فراجِعْه.
الجمع: آزِرَةٌ مثل حِمارٍ وأَحْمِرَةٍ، وأُزُرٌ مثل حِمَارٍ وحُمُر، حجازيَّة، وهما جَمعانِ للقِلَّة والكَثرة، وأُزْرٌ، بضمٍّ فسكونٍ، تميميّة، على ما يُقاربُ الاطِّراد في هذا النَّحْو.
وقال شيخُنا: هو تخفيفٌ مِن أُزُر، بضَمَّتَين.
وقيل: الإِزارُ: كلُّ ما وَارَاكَ وسَتَرَكَ، عن ثَعلب، وحُكِيَ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ: رأَيتُ السَّرَوِيَّ يَمْشِي في داره عُرْيَانًا فقلتُ له: عُرْيانًا؟ فقال: دارِي إِزارِي. ومن المَجاز: الإزارُ: العَفَافُ، قال عَدِيُّ بنُ زيد:
أَجْلِ أَنَّ الله قد فضَّلَكُمْ *** فَوْقَ مَن أَحْكَأَ صُلْبًا بإِزارِ
قال أَبو عُبَيْد: فلانٌ عَفِيفُ المِئْزَرِ وعَفِيفُ الإِزارِ، إِذا وُصِفَ بالعِفَّة عَمَّا يَحْرُمُ عليه من النِّساءِ. ومن سَجَعَاتِ الأَساس: هو عفيفُ الإِزار خَفِيفُ الأَوْزارِ.
ويُكْنَى بالإِزار عن النَّفْس والمرأَة، ومنه قولُ أَبي الْمِنْهَالِ نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجَعِيِّ، كَتَب، إِلى سَيِّدِنا عُمَرَ رضيَ اللهُ عنه:
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا حَفْصٍ رَسُولًا *** فِدًى لكَ مِن أَخِي ثِقَةٍ إِزارِي
في الصّحاح: قال أَبو عَمْرو الجَرْمِيّ: يُريدُ بالإزار هاهنا المرأةَ، وقيل: المرادُ به أَهْلِي ونَفْسِي، وقال أَبو عليٍّ الفارسيُّ: إِنه كنايةٌ عن الأَهْل، في موضع نَصْبٍ على الإِغراءِ؛ أَي احْفَظْ إِزارِي، وجعلَه ابنُ قُتَيْبَةَ كنايةً عن النَّفس؛ أَي فِدًى لك نَفْسِي، وصَوَّبه السُّهَيْليُّ في الرَّوْض.
وفي حديث بَيْعَة العَقَبَة: «لَنَمْنَعنَّكَ ممّا نَمنَعُ منه أزُرَنا»؛ أَي نسَاءَنَا وأَهلَنَا، كَنَى عنهُنَّ بالأُزُرِ، وقيل: أَراد أَنفسَنا، وفي المُحْكَم: والإِزار: المرأَةُ؛ على التَّشْبيه، أَنشدَ الفارسيُّ:
كانَ منْها بحَيثُ تُعْكَى الإِزارُ
ومن المَجاز: الإِزارُ: النَّعْجَةُ، وتُدْعَى للحَلْبِ فَيُقَال: إِزارْ إِزارْ، مبنيًّا على السكون، والذي في الأَساس: وشَاةٌ مُؤَزَّرةٌ، كأَنَّمَا أُزِّرَتْ بسَوادٍ، ويقال لها: إِزار.
والمُؤازَرَةُ، بالهَمْز: المُسَاواةُ، وفي بعض النُّسَخ: المُوَاساة، والأَوّلُ الصحيحُ، ويَشْهَدُ للثاني حديثُ أَبي بكرٍ يومَ السَّقِيفة للأَنصار: «لقد نصَرْتُم وآزَرْتُم وآسَيْتُم»، والمُحَاذَاةُ، وقد آزَرَ الشيءُ الشيءَ: ساواه وحاذاه، قال امْرُؤُ القَيْسِ:
بِمحْنِيَةٍ قد آزَرَ الضّالَ نَبْتُهَا *** مجَرِّ جُيوشٍ غانِمِينَ وخُيَّبِ
أَيْ ساوَى نبتُهَا الضّالَ وهو السِّدْرُ البَرِّىُّ، لأَن النَّاسَ هابوه فلم يَرْعَوْهُ. والمُؤازَرةُ، بالهَمْز أَيضًا: المُعَاوَنة على الأَمر، تقول: أَردتُ كذا فآزَرَنِي عليه فلانٌ: أَي ظاهَرَ وعاوَنَ، يقال: آزَرَه ووازَرَه، بالواوِ على البَدَل من الهَمْز هو شاذٌّ، والأوَّلُ أَفصحُ، وقال الفَرّاءُ: أَزَرْتُ فُلانًا أَزْرًا: قَوَّيتُه، وآزَرتُه: عاوَنتُه، والعامَّةُ تقول: وازَرْتُه. وقال الزَّجّاج: آزرْتُ الرجلَ على فلانٍ، إِذا أَعَنتْهُ عليه وَقَوَّيتُه.
والمُؤازرة أَنْ يُقَوِّىَ الزَّرْعُ بعْضُه بعضًا فَيَلْتَفَّ وَيتلاصَقَ، وهو مَجازٌ، كما في الأَساس. وقال الزَّجّاج في قوله تعالَى: {فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ}: أَي فآزَر الصِّغارُ الكَبِارَ حتى استَوَى بعضُه مع بعضِ: والتَّأْزِيرُ: التَّغْطِيَةُ، وقد أَزَّرَ النَّبْتُ الأَرْضَ: غَطّاها، قال الأَعْشَى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ منها كَوْكَبٌ شَرِقٌ *** مُؤَزَّرٌ بعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
ومن المَجَاز: التَّأْزِيرُ، التَّقْوِيَةُ، وقد أَزَّرَ الحائِطَ، إِذا قَوّاه بتَحْوِيطٍ يَلزَقُ به.
ومِن المَجاز: نَصْرٌ مُؤَزَّرٌ؛ أَي بالغٌ شديدٌ، وفي حَدِيث المَبْعَثِ: «قال له وَرَقَهُ: إِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا»؛ أَي بالغًا شديدًا.
وآزَرُ، كهاجَرَ: ناحيةٌ بين سُوقِ الأَهْوازِ ورامَهُرْمُز، ذَكَرَه البَكْرِيُّ وغيرُه.
وآزَرُ: صنَمٌ كان تارَحُ أَبُو إِبراهِيمَ عليهالسلام سادِنًا له، كذا قالَهُ بعضُ المُفْسِّرين. ورُوِيَ عن مُجَاهِدٍ في قوله تعالَى: {آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنامًا} قال: لم يَكُن بأَبِيه، ولكنّ آزرَ اسمُ صَنَم فموضِعُه نَصْبٌ على إِضمارِ الفِعْل في التِّلاوة، كأَنّه قال: وإِذا قال إِبراهيمُ [لأَبيه]: أَتَتَّخِذُ آزَرَ إِلهًا؛ أَي أَتَّتَّخذُ أَصنامًا آلهةً.
وقال الصّاغانِيُّ: التَقْديِرُ: أَتَتَّخِذُ آزَر إِلهًا، ولم ينتصبْ بأَتَتَّخِذُ الذي بعدَه، لأَن الاستفهامَ لا يعملُ فيما قبلَه، ولأَنه قد استوفَى مفعولَيْه.
أو* آزَرُ: كلمةُ ذَمٍّ في بعض اللُّغَاتِ؛ أَي يا أَعرجُ، قاله السُّهَيْلِيّ، وفي التَّكْملة: يا أَعرجُ أَو كأَنَّه قال: وإِذْ قال إِبراهِيمُ لأَبِيه الخاطِئ، وفي التَّكْملة: يا مُخْطِيءُ يا خَرفُ، وقيل: معناه يا شَيْخُ، أَو هي كلمةُ زَجْرٍ ونَهْيٍ عن الباطل.
وقيل: هو اسْمُ عَمِّ إِبراهِيمَ عليه وعلى محمّدٍ أَفضلُ الصّلاة والسّلام، في الآيةِ المذكورة، وإِنّمَا سُمِّيَ العَمُّ أَبًا، وجَرى عليه القرآنُ العَظيم، على عادةِ العربِ في ذلك؛ لأَنهم كثيرًا ما يُطلِقُون الأَبَ على العَمّ، وأَمّا أَبُوه فإِنه تارَخُ، بالخاءِ المِعْجَمة، وقيل: بالمُهْمَلة، على وَزن هاجَر، وهذا باتّفاق النَّسّابِين، ليس عندَهم اختلافٌ في ذلك، كذا قالَه الزَّجَّاجُ والفَرّاءُ، أَو هُمَا واحدٌ، قال القُرطُبِيّ: حُكِيَ أَنّ آزَرَ لقبُ تارَخَ، عن مُقَاتِلٍ، أَو هو اسمُه حقيقةً، حَكاه الحَسَنُ، فهما اسمان له، كإِسرائيلَ ويعقوبَ.
وعن أَبِي عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ آزَرُ: أَبيضُ الفَخذَيْنِ ولَوْنُ مَقَادِيمِه أَسودُ، أَو أَيُّ لَوْنٍ كانَ، وقال غيرُه: فَرَسٌ آزَرُ: أَبيضُ العَجُزِ، وهو موضعُ الإِزارِ من الإِنسان، وزاد في الأَساس: فإن نزَلَ البَيَاضُ بفَخِذَيْه فَمُسَرْوَلٌ، وخَيْلٌ أُزْرٌ، وهو مَجازٌ.
ومن المَجَاز أَيضًا: المُؤَزَّرَةُ، كمُعَظَّمةٍ: نَعْجَةٌ وفي الأَساس: شاةٌ كأَنَّهَا. وفي الأَساس: كأنَّما: أُزِّرَتْ بسَوادٍ ويقال لها: إِزارٌ، وقد تقدَّم.
* ومما يُستدَرك عليه:
ويقال: أَزَرْتُ فلانًا، إِذا أَلْبَسْتُه إِزارًا فَتأَزَّر به تَأَزُّرًا ويقال: أَزَّرتُه تَأْزِيرًا فَتأَزَّرَ، وتَأَزَّرَ الزَّرْعُ: قَوَّى بعضُه بعضًا فالْتَفَّ وتلاصَقَ واشتدَّ، كآزَرَ، قال الشاعُر:
تأَزَّرَ فيخ النَّبْتُ حتَّى تَخايَلتْ *** رُبَاهُ وحتَّى ما تُرَى الشَّاءُ نُوَّمَا
وهو مَجاز، وذَكَرهما الزَّمَخْشَرِيُّ.
وفي الأساس: ويُسَمِّى أَهلُ الدِّيوانِ ما يُكْتَبُ آخِرَ الكتاب مِن نُسخَةِ عَمَل أَو فَصْلٍ في مُهِمٍّ: الإزارَ، وَأَزَّرَ الكتابَ تَأْزِيرًا وكَتَبَ كتابًا مُؤَزَّرًا والأُزْرِيُّ ـ إِلى الأُزْر جمعُ إِزارٍ ـ هو أَبو الحسن سعدُ الله بنُ عليِّ بنِ محمّدٍ الحَنَفِيُّ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
31-تاج العروس (حذفر)
[حذفر]: الحُذْفُورُ، كعُصْفُورٍ: الجانِبُ والنّاحِيَةُ، كالحِذْفارِ، نقلَه أَبو العَبّاس مِن تَذْكِرَةِ أَبي عليٍّ.والحُذْفُورُ الشَّرِيفُ وهم الحَذَافِيرُ.
والحُذْفُورُ: الجَمْعُ الكثيرُ.
وفي النوادر: يقال جَزْمَرَ العِدْلَ والعَيْبَةَ والثِّيَابَ والقِرْبَةَ، وحَذْفَرَه وحَزْفَرَه، كلُّهَا بمعنًى واحدٍ: مَلأَه.
ويقال: أَخَذَهُ بحُذْفُورِه وبحِذْفارِه وبحَذَافِيرِهِ؛ أَي أَخَذَه بأَسْرِه ـ ومنه قولُهم: فقد أُعْطِيَ الدُّنْيَا بحَذافِيرِها؛ أَي بأَسْرهَا ـ أَو بجَوانِبِه، وبه فُسِّرَ الحديثُ: «فكأَنَّمَا حِيزَتْ له الدُّنْيا بحَذَافِيرِها»، أو بأَعالِيه نَقَلَه الفَرّاءُ. وفي حديث المَبْعَثِ: «فإِذا نحنُ بالحَيِّ قد جاءُوا بحَذافِيرِهم؛ » أَي جَميعهم.
ويقال: أَخَذَ الشيْءَ بجُزْمُورِه وجَزامِيرِه، وحُذْفُورِه وحَذافِيرِه؛ أَي بجَمِيعِه وجَوانِبِه.
والحَذافِيرُ: الأَشرافُ، وقيل: هم المُتَهَيِّئُون للحَرْبِ.
ومنه قولُهم: اشْدُدْ حَذافِيرَكَ. أَي تَهَيَّأْ للحَرْبِ وغيرِها.
وحُذَافِرُ بنُ نَصْرِ بن غانِمٍ العَدَويُّ، أَدْرَكَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
قال الزُبَيْرُ: تُوفِّيَ في طاعُون عمَوَاسَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
32-تاج العروس (شعر)
[شعر]: شَعرَ به، كنَصَرَ وكَرُمَ، لغتانِ ثابتتانِ، وأَنكر بعضُهم الثانية والصوابُ ثُبُوتها، ولكن الأُولى هي الفصيحة، ولذا اقتصرَ المُصَنّف في البصائرِ عليها، حيث قال: وشَعَرْتُ بالشَّيْءِ، بالفتح، أَشْعُرُ به، بالضَّمّ، شِعْرًا، بالكسر، وهو المعروف الأَكثر، وشَعْرًا، بالفتح، حكاه جماعةٌ، وأَغفلَه آخرون، وضبطَه بعضُهم بالتَّحْرِيك، وشعْرَةٌ، مثَلّثة، الأَعرفُ فيه الكسر والفتح، ذكرَه المصنّف في البصائر تَبَعًا للمُحْكَم وشِعْرَى، بالكسر، كذِكْرَى، معروفة، وشُعْرَى، بالضّمّ، كرُجْعَى، قليلة، وقد قيل بالفتح أَيضًا، فهي مثلَّثَة، كشعْرَةٍ وشُعُورًا، بالضمّ، كالقُعُود، وهو كثير، قال شيخنا: وادَّعَى بعضٌ فيه القياس بناءً على أَنّ الفَعْلَ والفُعُول قياسٌ في فَعَل متعدّيًا أَو لازمًا، وإِن كان الصواب أَن الفَعْلَ في المتعدِّي كالضَّرْبِ، والفُعُول في اللَّازم كالقُعُودِ والجُلُوسِ، كما جَزَم به ابنُ مالِكٍ، وابنُ هشام، وأَبو حَيّان، وابنُ عُصْفُورٍ، وغيرهم، وشُعُورَةً، بالهاءِ، قيل: إِنّه مصدرُ شَعُرَ، بالضَّمّ، كالسُّهُولَةِ من سَهُل، وقد أَسقطه المصنّفُ في البَصائر، ومَشْعُورًا، كمَيْسُورٍ، وهذه عن اللّحيانِيّ ومَشْعُوراءَ* ـ بالمدّ من شواذّ أَبْنِيةِ المصادر. وحكَى اللِّحْيَانيُّ عن الكسائيّ: ما شَعَرْتُ بمَشْعُورَةٍ حتى جاءَه فلانٌ. فيُزادُ على نَظَائِره.فجميعُ ما ذَكَرَه المُصَنّف هُنَا من المَصَادِرِ اثْنا عَشَر مَصْدَرًا، ويُزاد عليه، شَعَرًا بالتَّحْرِيكِ، وشَعْرَى بالفَتْح مَقْصُورًا، ومَشْعُورَة، فيكون المجموعُ خمسةَ عَشَرَ مصدرًا، أَوردَ الصّاغانيّ منها المَشْعُور والمَشْعُورَة والشِّعْرَى، كالذِّكْرَى، في التكملة ـ: عَلِمَ بهِ وفَطَنَ له، وعلى هذا القَدْرِ في التفسير اقتصرَ الزَّمَخْشَرِيّ في الأَسَاس، وتبعه المصنّف في البصائر. والعِلْمُ بالشيْءِ والفَطَانَةُ له، من باب المترادف، وإِنْ فَرّق فيهما بعضْهُم.
وفي اللسان: وشَعَرَ به؛ أَي بالفَتْح: عَقَلَه.
وحَكى اللّحيانِيّ: شَعَرَ لكذا، إِذَا فَطَنَ له، وحكى عن الكسِائِيّ أَشْعُرُ فُلانًا ما عَمِلَه، وأَشْعُرُ لفُلانٍ ما عَمِلَه، وما شعَرْتُ فلانًا ما عَملَه، قال: وهو كلامُ العربِ. ومنه قولُهُم: لَيتَ شِعْرِي فُلانًا ما صَنَعَ؟ لَيْتَ شِعْرِي له ما صَنَعَ، ولَيْتَ شِعْرِي عنه ما صَنعَ، كلّ ذلك حكاه اللّحْيَانِيّ عن الكِسَائيّ، وأَنشد:
يا لَيْت شِعْرِي عَن حِمَارِي ما صَنَعْ *** وعن أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطجَعْ
وأنشد:
يا لَيْتَ شِعْرِي عنْكُمُ حَنِيفَا *** وقد جَدَعْنَا مِنْكُمُ الأُنْوفَا
وأَنشد:
ليْتَ شِعْرِي مُسافِرَ بْنَ أَبي عَمْ *** رٍو، ولَيْتٌ يَقُولُهَا المَحْزُونُ
أَي ليْت عِلْمِي، أَو ليتَنِي عَلِمْتُ، ولْيتَ شِعْرِي من ذلك؛ أَي لَيْتَني شَعَرْتُ، وفي الحديث: لَيْتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فُلَانٌ» أَي ليتَ عِلْمِي حاضِرٌ، أَو مُحِيطٌ بما صَنَع، فحذَف الخَبَر، وهو كثيرٌ في كلامهم.
وقال سِيبَوَيْه: قالُوا: لَيْتَ شِعْرَتِي، فحَذَفُوا التّاءَ مع الإِضافةِ للكثْرَةِ، كما قالوا: ذَهَبَ بعُذْرَتِهَا، وهو أَبو عُذْرِهَا، فحذفُوا التاءَ مع الأَبِ خاصّة، هذا نصُّ سِيبَوَيْهِ، على ما نقله صاحِب اللِّسَان وغيره، وقد أَنكرَ شيخُنَا هذا على سيبويه، وتوَقَّف في حَذْفِ التاءِ منه لزُومًا، وقال: لأَنّه لم يُسْمَعْ يومًا من الدَّهْر شِعْرَتِي حتّى تُدَّعَى أَصالَةُ التاءِ فِيه.
قلْت: وهو بَحْثٌ نفيسٌ، إِلّا أَنّ سيبويه مُسَلَّمٌ له إِذا ادّعَى أَصالَةَ التاءِ؛ لوقوفه على مَشْهُور كلامِ العربِ وغَرِيبِه ونادِرِه، وأَمّا عدمُ سَمَاع شِعْرَتِي الآن وقبلَ ذلك، فلهَجْرِهِم له، وهذا ظاهِرٌ، فتَأَمَّلْ في نصّ عبارة سيبويه المُتَقَدِّم، وقد خالَف شيخُنَا في النَّقْل عنه أَيضًا، فإِنه قال: صَرَّحَ سيبويه وغيره بأَنّ هذا أَصلُه لَيْتَ شِعْرَتِي، بالهَاءِ، ثم حذَفُوا الهاءَ حَذْفًا لازمًا. انتهى وكأَنّه حاصِلُ معنَى كلامه.
ثم قال شيخُنا: وزادُوا ثالِثَةً وهي الإِقامَةُ إِذَا أَضافُوها، وجَعلوا الثّلاثةَ من الأَشْبَاهِ والنّظَائِرِ، وقالوا: لا رابعَ لها، ونَظَمها بعضُهم في قولِه:
ثلاثَةٌ تُحْذَفُ ها آتُها *** إِذا أُضِيفَتْ عندَ كُلّ الرُّواهْ
قولُهُم: ذاكَ أَبُو عُذْرِهَا *** وليْتَ شِعْرِي، وإِقام الصَّلاهْ
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ، وأَشْعَرَهُ بهِ: أَعْلَمَه إِيّاه، وفي التَّنْزِيل:
{وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ} أَي وما يُدْرِيكُم.
وأَشْعَرْتُه فشَعَرَ؛ أَي أَدْرَيْتُه فدَرَى.
قال شيخنا: فشَعَرَ إِذَا دخَلتْ عليه همزةُ التَّعْدِيَةِ تَعَدَّى إِلى مفعولين تارةً بنفْسه، وتارةً بالباءِ، وهو الأَكثرُ لقولهم: شعَرَ بهِ دون شَعَرَه، انتهى.
وحكَى اللّحيانِيّ: أَشْعَرْتُ بفلانٍ: أطْلَعْتُ عليه وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، انتهى؛ فمقتضى كلامِ اللّحيانيّ أَنْ أَشْعَرَ قد يَتَعدّى إِلى واحدٍ، فانظره.
والشِّعْرُ، بالكسر، وإِنّمَا أَهمَلَه لشُهْرَتِه، وهو كالِعلْم وَزْنًا ومَعْنًى، وقيل: هو العِلْمُ بدقائِقِ الأُمور، وقيل: هو الإِدْرَاكُ بالحَوَاسّ، وبالأَخير فُسِّرَ قولُه تعالى: {وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ}، قال المصنِّف في البصائر: ولو قالَ في كَثيرٍ مّما جاءَ فيه لا يشْعُرون: لا يَعْقِلُون، لم يكُنْ يجُوز؛ إِذْ كان كثير مما لا يَكُونُ محْسُوسًا قد يكونُ مَعْقُولًا، انتهى، ثم غَلَبَ على منْظُومِ القولِ: لشَرَفِه بالوَزْنِ والقَافِيَةِ؛ أَي بالْتزامِ وَزْنهِ على أَوْزَان العربِ، والإِتيان له بالقَافِيَة التي تَرْبِطُ وَزْنَه وتُظْهِر مَعْناه، وإِنْ كان كُلُّ عِلْمٍ شِعْرًا [مِن] حَيْثُ غلَبَ الفِقْهُ على عِلْمِ الشَّرْع، والعُودُ على المَنْدَل، والنَّجْمُ على الثُّريّا، ومثلُ ذلك كثيرٌ.
وربما سمَّوُا البَيْتَ الواحدَ شِعْرًا، حكاه الأَخْفَشُ، قال ابن سيده: وهذا عندي ليس بقَوِيّ إِلّا أَن يكون على تَسْمِيَة الجُزْءِ باسم الكُلّ.
وعَلَّل صاحِبُ المفرداتِ غَلبتَه على المَنْظُوم بكونه مُشْتَمِلًا على دَقَائقِ العَربِ وخَفايَا أَسرارِها ولطائِفِها، قال شيخُنا: وهذا القَوْلُ هو الذي مالَ إِليه أَكثرُ أَهْلِ الأَدَبِ؛ لرِقَّتِه وكَمَالِ مُنَاسبَتِهِ، ولِمَا بينَه وبَيْنَ الشَّعَر ـ مُحَرَّكةً ـ من المُنَاسَبَة في الرّقّة، كما مال إِليه بعضُ أَهْلِ الاشتقاق، انتهى.
وقال الأَزهِريّ: الشِّعْرُ: القَرِيضُ المَحْدُودُ بعلَاماتٍ لا يُجَاوِزُها، والجمع: أَشْعَارٌ.
وشَعَرَ شَعُرَ، كنَصَرَ وكَرُم، شِعْرًا بالكسر، وشَعْرًا، بالفتح: قالَهُ؛ أَي الشِّعْر.
أَو شَعَرَ، كنَصر،: قالَه، وشَعُرَ، ككَرُم،: أَجاده، قال شيخُنَا: وهذا القولُ الذي ارتضاه الجماهِيرُ؛ لأَنّ فَعُلَ له دلالةٌ على السَّجَايَا التي تَنْشَأُ عنها الإِجادَةُ، انتهى.
وفي التكملة للصّاغانيّ: وشَعَرْتُ لفُلانٍ؛ أَي قُلْتُ له شِعْرًا، قال:
شَعَرْتُ لَكُم لمّا تبَيَّنْتُ فَضْلكُمْ *** على غَيرِكُم ما سائِرَ الناسِ يشْعُرُ
وهو شاعِرٌ، قال الأَزْهَرِيّ: لأَنّه يَشْعُرُ ما لا يَشْعُر غَيرُه؛ أَي يَعْلَمُ، وقال غَيْرُه: لفِطْنَتِه، ونقَلَ عن الأَصْمَعِيّ: من قَوْمٍ شُعَراءَ، وهو جَمْعٌ على غيرِ قياس، صرّحَ به المصنِّف في البَصَائِر، تَبَعًا للجَوْهَرِيّ.
وقال سيبويه: شَبَّهوا فَاعِلًا بفَعِيل، كما شَبَّهُوه بفَعُول، كما قالوا: صَبُورٌ وصُبُرٌ، واستغْنَوْا بفاعِلٍ عن فَعِيلٍ، وهو في أَنْفُسِهم وعَلَى بَالٍ من تَصَوُّرِهِم، لمّا كان واقِعًا موقِعَه، وكُسِّرَ تَكْسِيرَة؛ ليكونَ أَمارةً ودليلًا على إِرادَته، وأَنه مُغْنٍ عنه، وبدَلٌ منه، انْتَهَى.
ونقل الفَيُّومِيّ عن ابن خَالَوَيه: وإِنما جُمِعَ شاعِرٌ على شُعَراءَ؛ لأَنّ من العَرَبِ مَن يقولُ شَعُرَ، بالضَّمّ، فقياسُه أَن تَجِيءَ الصِّفَةُ منه على فَعِيلٍ، نحو شُرَفَاءَ جمْع شَرِيفٍ ولو قيل كذلك الْتَبَسَ بشَعِيرٍ الذي هو الحَبُّ المعروف، فقالوا: شَاعِر، ولَمَحُوا بناءَه الأَصليّ، وأَمّا نحو عُلَمَاءَ وحُلَمَاءَ فجمع عَلِيمٍ وحَليمٍ، انتهى.
وفي البَصَائِرِ للمُصَنِّف: وقوله تعالى عن الكُفَّار: {بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ} حَمَلَ كثير من المُفَسِّرين على أَنّهم رَمَوْه بكَوْنِهِ آتِيًا بِشعْرٍ منظُومٍ مُقَفًّى، حتّى تأَوَّلُوا ما جاءَ في القُرْآن من كلّ كلامٍ يُشْبِهُ المَوْزُون من نحوِ: {وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ}.
وقال بعض المُحَصِّلِين: لم يَقْصِدُوا هذا المَقْصِد فيما رمَوْه به، وذلك أَنّه ظاهرٌ من هذا أَنّه ليس على أَساليب الشِّعْرِ، وليس يَخْفَى ذلك على الأَغْتَامِ من العَجَمِ فَضْلًا عن بُلَغاءِ العرب، وإِنّمَا رمَوْه [بالكذب] فإِنّ الشِّعْرَ يُعَبَّر بهِ عن الكَذِب، والشَّاعِر: الكاذِب، حتّى سَمَّوُا الأَدِلّةَ الكاذِبَةَ الأَدِلةَ الشِّعْرِيّةَ، ولهذا قال تَعَالَى في وَصْفِ عامّة الشُّعَرَاءِ: {وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ} إِلى آخِرِ السُّورَةِ، وَلِكَوْن الشِّعْرِ مَقَرَّا للكَذِبِ قيل: أَحسَنُ الشِّعْرِ أَكْذَبُه، وقال بعضُ الحكماءِ: لم يُرَ مُتَدَيِّنٌ صادِقُ اللهْجَةِ مُفْلِقًا في شِعْرِه، انتهى.
وقال يونُس بنُ حبِيب: الشَّاعِرُ المُفْلِقُ خِنْذِيذٌ، بكسر الخاءِ المُعجَمة وسكون النون وإِعجام الذال الثانِية، وقد تقدّم في موضعه، ومَن دُونَه: شاعِرٌ، ثم شُوَيْعِرٌ، مُصَغّرًا، ثم شُعْرُورٌ، بالضّمّ. إِلى هنا نصّ به يونس، كما نقلَه عنه الصّاغانيّ في التكملة، والمصنّف في البصائر، ثم مُتَشاعِرٌ. وهو الَّذِي يَتَعَاطَى قَوْلَ الشِّعْرِ، كذا في اللسان؛ أَي يتكَلّفُ له وليس بذاك.
وشَاعَرَهُ فشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بالفَتْح؛ أَي كان أَشْعَرَ منه وغَلَبَه.
قال شيخنا: وإِطلاقُ المصنِّف في الماضي يدُلّ على أَن المضارع بالضمّ، ككَتَبَ، على قاعدته، لأَنّه من باب المُغَالَبَة» وهو الذي عليه الأَكْثَرُ، وضَبطَه الجوهَرِيُّ بالفَتْح، كمَنَعَ، ذهَابًا إِلى قول الكِسَائِيّ في إِعمال الحلقِيّ حتى في باب المُبَالَغَة؛ لأَنه اختيار المصنِّف. انتهى.
وشِعْرٌ شاعِرٌ: جَيِّدٌ، قال سِيبَوَيه: أَرادُوا به المُبَالَغَةَ والإِجادَةَ، وقيل: هو بمعنى مَشْعُورٍ به، والصحيحُ قولُ سيبويهِ.
وقد قالوا: كلِمَةٌ شاعِرَةٌ؛ أَي قصِيدَةٌ، والأَكثرُ في هذا الضَّرْب من المبالغة أَن يكونَ لفظُ الثانِي من لفْظِ الأَوّل، كوَيْلٍ وائِلٍ، ولَيْل لائِلٍ.
وفي التهذيب: يقال: هذا البَيْتُ أَشْعَرُ من هذَا؛ أَي أَحسَنُ منه، وليس هذا على حدِّ قولهم: شِعْرٌ شاعِرٌ؛ لأَن صيغةَ التَّعَجُّبِ إِنما تكون من الفِعْلِ، وليس في شاعِر ـ من قولهم: شِعْرٌ شاعِرٌ ـ معنَى الفِعْل، إِنما هو على النِّسْبَةِ والإِجادةِ.
والشُّوَيْعِرُ: لَقبُ محمَّدِ بنِ حُمْرانَ بنِ أَبي حُمْرَانَ الحارِث بنِ مُعَاوِيةَ بنِ الحارِث بنِ مالِك بن عَوْفِ بن سَعْد ابن عَوْف بن حَرِيم بن جُعْفِيٍّ الجُعْفِيِّ، وهو أَحدُ مَنْ سُمِّيَ في الجَاهليّة بمحمّد، وهم سبعةٌ، مذكورون في موضِعِهِم، لقَّبَه بذلك امرُؤُ القَيْسِ، وكان قد طلبَ منه أَن يَبِيعَه فَرَسًا فأَبَى، فقال فيه:
أَبْلِغَا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنّي *** عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
وحَرِيم: هو جَدّ الشُّوَيْعِر المذكور وقال الشُّوَيْعرُ مخاطبًا لامرئِ القَيْس:
أَتَتْنِي أُمورٌ فكَذَّبْتُهَا *** وقد نُمِيَتْ ليَ عامًا فعَامَا
بأَنّ امْرَأَ القَيْسِ أَمْسَى كَئِيبًا *** على آلِهِ ما يَذُوقُ الطَّعَامَا
لعَمْرُ أَبِيكَ الّذِي لا يُهَانُ *** لقَدْ كان عِرْضُكَ منّي حَرَامَا
وقالُوا هَجَوْتَ ولم أَهْجُه *** وهلْ يَجِدَنْ فِيكَ هاجٍ مَرامَا
والشُّوَيْعِرُ أَيضًا: لَقَبُ رَبِيعَة بن عُثْمَانَ الكِنانِيّ، نقله الصّاغانيّ. ولَقَبُ هانِئ بن تَوْبَة الحَنَفِيّ الشَّيْبَانِيّ، الشُّعراء، أَنشد أَبو العبّاسِ ثَعْلَبٌ للأَخير:
وإِنّ الذي يُمْسِي ودُنْيَاهُ هَمُّه *** لمُسْتَمْسِكُ منها بِحَبْلِ غُرُورِ
فسُمِّي الشُّوَيْعِر بهذا البيْت.
والأَشْعَرُ: اسم شاعِرٍ بَلَوِيّ، ولَقَبُ عَمْرِو بن حارِثَةَ الأَسَدِيّ، وهو المعروف بالأَشْعَر الرَّقْبَان، أَحد الشُّعَراءِ.
والأَشْعَرُ: لَقِبُ نَبْتِ بنِ أُدَدَ بنِ زَيْدِ بنِ يَشْجُب بن عَرِيب بن زَيْدِ بنِ كَهْلان بن سَبَأَ، وإِليه جِمَاعُ الأَشْعَرِيِّين؛ لأَنّه ولدَ تْه أُمُّه وعليه شَعَرٌ، كذا صَرّح به أَرْبابُ السِّيَرِ، وهو أَبو قَبِيلَةٍ باليَمَنِ، وهو الأَشْعَرُ من سَبَأَ بنِ يَشْجُب بنِ يَعْرُب بنِ قَحْطَانَ، وإِليهم نُسِبَ مَسْجدُ الأَشاعِرَة بمدينَة زَبِيد، حرسها الله تعالى، منهم الإِمامُ أَبُو مُوسَى عبدُ الله بنِ قَيْسِ بنِ [سُلَيْم بن] حَضَار الأَشْعَرِيّ وذُرِّيَّتُه، منهم أَبو الحَسَنِ عليُّ بنُ إِسماعيلَ الأَشْعَرِيّ المُتَكَلِّمُ صاحب التصانِيف، وقد نُسِب إِلى طَرِيقَتِهِ خَلْقٌ من الفُضَلاءِ.
وفاته: أَشْعَرُ بنُ شهَاب، شهدَ فَتْحَ مصر.
وسَوّار بن الأَشْعَرِ التَّمِيمِيّ: كان يَلِي شُرْطَةَ سِجِسْتَان، ذَكَرهما سِبْطُ الحافظ في هامش التَّبْصِير.
واستدرك شيخُنَا: الأَشْعَرَ والدَ أُمِّ مَعْبدٍ عاتِكَةَ بنتِ خالِدٍ، ويُجْمَعُون الأَشْعَرِيّ بتخفيف ياءِ النِّسبة، كما يقال: قَوْمٌ يَمَانُون.
قال الجَوْهَرِيّ ويَقُولُون: جاءَتْكَ الأَشْعَرُونَ، بحذفِ ياءِ النَّسَبِ، قال شيخُنَا: وهو وارِدٌ كثيرًا في كلامهم، كما حَقَّقُوه في شَرْحِ قولِ الشّاعِر ـ من شواهِدِ التَّلْخِيصِ ـ:
هَوَايَ مع الرَّكْبِ اليَمَانِينَ مُصْعِدٌ *** جَنِيبٌ وجُثْمَانِي بمَكَّةَ مُوثَقُ
والشَّعرُ، بفتح فسكون، ويُحَرَّك ـ قال شيخُنَا: اللُّغَتَانِ مشهورتان في كُلِّ ثلاثِيٍّ حَلْقِيِّ العَيْنِ، كالشَّعرِ، والنَّهرِ، والزَّهر، والبَعرِ، وما لا يُحْصَى، حتّى جعلَه كثيرٌ من أَئمَّة اللُّغَة من الأُمور القِيَاسِيّة، وإِن ردَّه ابنُ دُرُسْتَوَيْه في شَرْحِ الفَصِيح، فإِنّه لا يُعوَّل عليه. انتهى، وهُمَا مُذكَّرَانِ، صرّح به غيرُ واحدٍ ـ: نِبْتَةُ الجِسْمِ ممّا ليْس بِصُوفٍ ولا وَبَرٍ، وعمّمَه الزَّمخْشَرِيّ في الأَساس، فقال: من الإِنسانِ وغيرِه، الجمع: أَشْعَارٌ، وشُعُورٌ، الأَخيرُ بالضّمّ، وشِعَارٌ، بالكسر، كجَبَلٍ وجِبالٍ، قال الأَعْشَى:
وكُلُّ طَوِيل كأَنّ السَّلِي *** طَ في حَيْثُ وَارَى الأَدِيمُ الشِّعَارَا
قال ابنُ هانِئٍ. أَرادَ: كأَنّ السَّلِيطَ ـ وهو الزَّيتُ ـ في شَعْرِ هَذا الفَرَسِ، كذا في اللِّسَان والتَّكْمِلَة.
الوَاحِدَةُ شَعْرَةٌ، يقال: بَيْنِي وبَيْنَك المالُ شَقَّ الأُبْلُمةِ، وشَقَّ الشَّعْرَةِ.
قال شيخُنَا: خالَفَ اصطِلاحَه، ولم يقل وهي بهاءٍ؛ لأَنّ المُجَرّد من الهاءِ هنا جَمْعٌ، وهو إِنما يقولُ: وهي بهاءٍ غالبًا إِذا كان المجرَّدُ منها واحدًا غير جمْعٍ فتأَمَّل ذلك، فإِنّ الاستقراءَ ربما دَلَّ عليه، انتهى.
قلْت: ولذا قال في اللِّسَان: والشَّعْرَةُ: الواحِدةُ من الشَّعرِ، وقد يُكْنَى بها: بالشَّعْرَةِ عن الجَمْعِ، هكذا في الأُصولِ المصحَّحة، ويُوجَد في بعضِهَا: عن الجَمِيعِ؛ أَي كما يُكْنَى بالشَّيْبَةِ عن الجِنْس، يقال: رأَى فلانٌ الشَّعْرَة، إِذا رأَى الشَّيْبَ في رأْسِه.
ويُقَالُ: رَجُلٌ أَشْعَرُ، وشَعِرٌ، كفرِحٍ، وشَعْرَانِيُّ، بالفَتْح مع ياءِ النِّسبة، وهذا الأَخير في التكملة، ورأَيتُه مَضْبُوطًا بالتَّحْرِيك: كَثيرُه؛ أَي كثيرُ شَعرِ الرَّأْس والجسَدِ، طويله وقَوْمٌ شُعْرٌ، ويُقال: رَجلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار، وأَعْنَقُ: طَوِيلُ العُنُقِ، وكان زِيادُ ابنُ أَبِيه يقالُ له أَشْعَر بَرْكًا؛ أَي كثير شَعرِ الصَّدْر، وفي حديث عمر: «إِنَّ أَخَا الحَاجّ الأَشْعَثُ الأَشْعَرُ» أَي الذي لم يَحْلِق شَعرَه ولم يُرجِّلْه.
وسُئِلَ أَبُو زياد عن تَصْغِير الشُّعُورِ فقال: أُشَيْعَارٌ، رجع إِلى أَشْعَار، وهكذا جاءَ في الحديث؛ «على أَشْعَارِهِم وأَبْشَارِهم».
وشَعِرَ الرَّجلُ، كفَرِحَ: كَثُرَ شَعرُه وطالَ، فهو أَشْعَرُ، وشَعِرٌ.
وحَكى اللّحْيَانيّ: شَعِرَ، إِذَا مَلَكَ عَبِيدًا.
والشِّعْرَةُ، بالكَسْرِ: شَعرُ العَانَةِ، رَجُلًا أَو امرأَةً، وخَصَّه طائِفَةٌ بأَنَّه عَانَةُ النّساءِ خاصَّةً، ففي الصّحاح: والشِّعْرَةُ، بالكسرِ: شَعرُ الرَّكَبِ للنِّساءِ خاصّةً، ومثلُه في العُبَابِ للصّاغانيّ.
وفي التَّهْذِيب: والشِّعْرَةُ، بالكَسْر: الشَّعرُ النّابِتُ على عانَةِ الرّجِل ورَكَبِ المَرْأَةِ، وعلى ما وَراءَها، ونقله في المِصْباح، وسَلَّمَه، ولذا خالَفَ المُصَنّف الجَوْهَرِيّ وأَطلقه كالشِّعْراءِ بالكَسْر والمَدّ، هكذا هو مَضْبُوطٌ عندنا، وفي بعض النُّسخ بالفَتْح، وتَحْتَ السُّرَّة مَنْبِتُه، وعبارة الصّحاح: والشِّعْرةُ مَنْبِتُ الشَّعرِ تحتَ السُّرَّةِ وقيل: الشِّعْرَةُ: العانَةُ نَفْسُها.
قلْت: وبه فُسِّر حديثُ المَبْعَثِ: «أَتَانِي آتٍ فَشَقَّ مِنْ هذِه إِلى هذِه» أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه.
والشِّعْرَةُ: القِطْعَةُ من الشَّعرِ؛ أَي طائفةٌ منه.
وأَشْعَرَ الجَنِينُ في بطْنِ أُمّه، وشَعَّرَ تَشْعِيرًا، واسْتَشْعَر، وتشَعَّر؛ نَبتَ عليه الشَّعرُ، قال الفارِسيّ: لم يُسْتَعْمَل إِلّا مَزِيدًا، وأَنشد ابنُ السِّكِّيتِ في ذلك:
كُلَّ جَنينٍ مُشْعَرٍ في الغِرْسِ
وفي الحديث: ذَكاةُ الجَنِينِ ذكَاةُ أُمِّه إِذَا أَشْعرَ»، وهذا كقولهم أَنْبَتَ الغلامُ، إِذا نَبتَتْ عانَتُه.
وأَشْعَرَ الخُفَّ: بَطَّنَه بشَعرٍ، وكذلك القَلَنْسُوَة وما أَشبههما، كشَعَّرَه تَشْعِيرًا، وشَعَرَه، خفيفةً، الأَخيرة عن اللِّحْيانِيّ، يقال: خُفُّ مُشَعَّرٌ، ومُشْعرٌ، ومَشْعُورٌ.
وأَشْعَرَ فُلَانٌ جُبَّتَه، إِذا بَطَّنَهَا بالشَّعرِ، وكذلك إِذَا أَشْعَر مِيثَرةَ سَرْجِه.
وأَشْعرَت الناقَةُ: أَلْقَتْ جَنِينَها وعليه شَعَرٌ، حكاه قُطْرُب.
والشَّعِرَةُ، كفَرِحَة: شاةٌ يَنْبُتُ الشَّعرُ بينَ ظِلْفَيْها، فتَدْمِيانِ؛ أَي يَخْرُج منهما الدَّمُ، أَو هي الّتي تَجِدُ أُكَالًا في رُكَبِهَا؛ أَي فتَحُكُّ بها دَائِمًا.
والشَّعْراءُ: الخَشِنَةُ، هكذا في النُّسخ، وهو خَطَأُ، والصوابُ: الخَبِيثَةُ، وهو مَجازٌ، يقولون: دَاهِيَةٌ شَعْرَاءُ، كزَبّاءَ، يَذْهبُون بها إِلى خُبْثِهَا، وكذا قوله المُنْكَرَةُ، يقال: داهِيَةٌ شَعْراءُ، ودَاهِيَةٌ وَبْرَاءُ.
ويقَالُ للرَّجُلِ ـ إِذَا تكَلّم بما يُنْكَر عليه ـ: جِئْت بها شَعْرَاءَ ذَاتَ وَبَرٍ.
والشَّعْرَاءُ: الفَرْوَةُ سُمِّيتْ بذلك لِكَوْنِ الشَّعرِ عليها، حُكِيَ ذلِك عن ثَعْلَبٍ.
والشَّعْرَاءُ: كَثْرَةُ النَّاسِ والشَّجَرِ.
والشَّعْرَاءُ والشُّعَيْرَاءُ: ذُبَابٌ أَزْرَقُ، أَو أَحْمَرُ، يَقَعُ علَى الإِبِلِ، والحُمُرِ، والكِلَابِ، وعبارة الصّحاح: والشَّعْرَاءُ: ذُبَابَةٌ، يقال هي التي لَها إِبْرَةٌ، انتهى.
وقيل: الشَّعْرَاءُ: ذُبَابٌ يَنْسَعُ الحِمَارَ فيدُورُ.
وقال أَبو حَنِيفَة: الشَّعْرَاءُ نَوْعانِ: للكَلْبِ شَعْرَاءُ معروفَةٌ، وللإِبِل شَعْراءُ، فأَمّا شَعْرَاءُ الكَلْبِ: فإِنّها إِلى الدِّقَّةِ والحُمْرَة، ولا تَمَسّ شيئًا غيرَ الكَلْب، وأَمّا شَعراءُ الإِبِل: فتَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة، وهي أَضْخَمُ من شَعْراءِ الكَلْبِ، ولها أَجْنِحَة، وهي زَغْبَاءُ تحتَ الأَجْنِحَة، قال: ورُبّمَا كَثُرَت في النَّعَمِ، حتَّى لا يَقْدِرُ أَهلُ الإِبل على أَن يَحْتَلِبُوا بالنَّهَارِ، ولا أَنْ يَرْكَبُوا منها شيئًا معها، فيَتْركون ذلك إِلى اللّيْل، وهي تَلْسَعُ الإِبل في مَرَاقِّ الضُّرُوع ومَا حَوْلَهَا، وما تَحْتَ الذَّنَب والبَطْنِ والإِبِطَيْن، وليس يتَّقُونَها بشيْءٍ إِذَا كان ذلك إِلّا بالقَطِرَانِ، وهي تَطِيرُ على الإِبَل حتّى تَسْمَع لصَوْتِها دَوِيًّا، قال الشَّمّاخُ:
تَذُبُّ صِنْفًا من الشَّعْراءِ مَنْزِلُه *** مِنْهَا لَبَانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
والشَّعْرَاءُ: شَجَرَةٌ من الحَمْضِ ليس لها وَرَقٌ، ولهَا هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها الإِبلُ حِرْصًا شَدِيدًا، تَخرجُ عِيدَانًا شِدادًا، نقله صاحب اللسان عن أَبي حَنِيفَة، والصّاغانيّ عن أَبي زِيَاد، وزاد الأَخيرُ: ولَهَا خَشَبٌ حَطَبٌ.
والشَّعْرَاءُ: فاكِهَةٌ، قيل: هو ضَرْبٌ من الخَوْخِ، جمعُهُما كواحِدِهِما، واقتصر الجَوْهَرِيّ على هذه الأَخِيرَة، فإِنه قال: والشَّعْراءُ: ضَرْبٌ من الخَوْخِ، واحدُه وجمعُه سواءٌ.
وقال أَبو حنيفة: والشَّعْرَاءُ: فاكِهَةٌ، جمْعُه وواحِدُه سواءٌ.
ونقلَ شيخُنا ـ عن كتاب الأَبْنِيَةِ لابن القَطّاع ـ: شَعْراءُ لواحِدَةِ الخَوْخِ.
وقال المُطَرِّز في كتاب المُدَاخَل في اللغة له: ويقال للخَوْخِ أَيضًا: الأَشْعَرُ، وجمعه شُعْرٌ، مثل أَحْمَر وحُمْرٍ، انتهى.
والشَّعْرَاءُ من الأَرْض: ذاتُ الشَّجَرِ، أَو كَثِيرَتُه، وقيل: الشَّعْرَاءُ: الشَّجَرُ الكثيرُ، وقيل: الأَجَمَةُ، ورَوْضَةٌ شَعْرَاءُ: كثيرةُ الشَّجَرِ.
وقال أَبو حنيفة: الشَّعْرَاءُ: الرَّوْضَةُ يَغْمُرُ ـ هكذا في النُّسخ التي بأَيدينا، والصوابُ: يَغُمّ، من غير راءٍ، كما هو نَصُّ كِتَاب النّباتِ لأَبي حنيفة ـ رَأْسَهَا الشَّجَرُ؛ أَي يُغَطِّيه؛ وذلك لكَثْرته.
والشَّعْرَاءُ من الرِّمَالِ: ما يُنْبِتُ النَّصِيَّ، وعليه اقتصرَ صاحبُ اللسان، وزاد الصّاغانيّ وشِبْهَه.
والشَّعْرَاءُ من الدَّواهِي: الشَّدِيدَةُ العَظِيمةُ الخَبِيثَةُ المُنْكَرَة، يقال: دَاهِيَةٌ شَعْرَاءُ، كما يقولون: زَبّاءُ، وقد تقدّم قريبًا.
الجمع: شُعْرٌ، بضمّ فسكون، يحافِظُون على الصِّفَة، إِذ لو حافَظُوا على الاسم لقالوا: شَعْرَاوات وشِعَارٌ. ومنه الحديث: «أَنّه لما أَرادَ قَتْلَ أُبَيّ بنِ خَلَفٍ تَطَايَرَ النَّاسُ عنه تَطَايُرَ الشُّعْرِ عن البَعِيرِ.
والشَّعَرُ، مُحَرَّكَةً: النَّبَاتُ، والشَّجَرُ، كلاهما على التَّشْبِيه بالشَّعرِ.
وفي الأَساس: ومن المَجَازِ: له شَعَرٌ كأَنَّه شَعَرٌ، وهو الزَّعْفَرَانُ قبْلَ أَن يُسْحَقَ. انتهى، وأَنشَد الصّاغانِيّ:
كأَنَّ دِماءَهُم تَجْرِي كُمَيْتًا *** وَوَرْدًا قانئًا شَعَرٌ مَدُوفُ
ثم قال: ومن أَسماءِ الزَّعْفَرَان: الجَسَدُ والجِسَادُ، والفَيْدُ، والمَلَابُ، والمَرْدَقُوش، والعَبِيرُ، والجَادَيّ، والكُرْكُم، والرَّدْعُ، والرَّيْهُقانُ، والرَّدْنُ والرّادِنُ، والجَيْهمَانُ، والنّاجُود، والسَّجَنْجَل، والتّامُورُ، والقُمَّحَانُ، والأَيْدَعُ، والرِّقانُ، والرَّقُون، والإِرْقَانُ، والزَّرْنَبُ، قال: وقد سُقْتُ ما حضَرَنِي من أَسْمَاءِ الزَّعْفرانِ وإِنْ ذَكَرَ أَكثَرَها الجوهَرِيّ. انتهى.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
33-تاج العروس (عزر)
[عزر] العَزْرُ: اللَّوْمُ، يُقَال: عَزَرَه يَعْزِرُه، بالكَسْر، عَزْرًا، بالفَتح، وعَزَّرَهُ تَعْزِيرًا: لامَهُ ورَدَّهُ.والعَزْرُ، والتَّعْزِيرُ: ضَرْبٌ دُونَ الحَدِّ، لمَنْعِهِ الجَانِيَ عن المُعاوَدَةِ، ورَدْعِهِ عن المَعْصِيَة. قال:
ولَيْسَ بتَعْزِيرِ الأَمِيرِ خَزَايَةٌ *** عَليَّ إِذَا ما كُنْتُ غَيْرَ مُرِيبِ
أَو هُوَ أَشَدُّ الضَّرْبِ. وعَزَّرَهُ: ضَرَبَه ذلك الضَّرْبَ، هكذا في المُحْكَم لابْن سِيدَه.
وقال الشَّيْخُ ابنُ حَجَر المَكّيُّ في «التُّحْفَة على المِنْهَاج»: التَّعْزِيرُ لُغَةً من أَسْمَاءِ الأَضْداد، لأَنّه يُطْلَقُ على التَّفْخِيمِ والتَّعْظِيمِ، وعلى أَشدِّ الضَّرْبِ، وعلى ضرْب دُونَ الحَدِّ، كذا في القاموس. والظَّاهِرُ أَنَّ هذا الأَخيرَ غَلطٌ، لأَنَّ هذا وَضْعٌ شَرْعِيٌّ لا لُغَوِيٌّ، لأَنّه لم يُعْرَفْ إِلّا من جِهَة الشَّرْع، فكَيْفَ يُنْسَبُ لأَهْلِ اللُّغَةِ الجاهِلِينَ بذلِكَ من أَصْلِه: والذي في الصّحاح بَعْدَ تَفْسِيره بالضَّرْب؛ ومنهُ سُمِّيَ ضَرْبُ ما دُونَ الحَدِّ تَعْزِيرًا. فأَشَارَ إلى أَنَّ هذه الحَقِيقَةَ الشَّرْعِيَّةَ منقولَةٌ عن الحَقِيقَةِ اللُّغَوِيّة بزِيادةِ قَيْدٍ، وهو كَوْنُ ذلك الضَّرْبِ دُونَ الحَدِّ الشَّرْعِيّ، فهو كلَفْظِ الصَّلاةِ والزَّكاةِ ونَحْوِهما المَنْقُولَة لوُجُودِ المَعْنَى اللُّغَوِيّ فيها بزِيَادَةٍ.
وهذه دَقيقةٌ مُهمة تَفَطَّن لها صاحبُ القاموس. وقد وَقعَ له نَظِيرُ ذلك كَثِيرًا. وكُله غَلَطٌ يَتَعَيَّن التَّفطُّنُ له. انتهى.
وقال أَيضًا في «التُّحْفَة» في الفِطْرَة: مُولَّدةٌ، وأَمّا ما وَقَعَ في القَاموسِ من أَنَّهَا عَرَبِيَّةٌ فغَيْرُ صَحيح، ثمّ ساق عِبارَةً: وقال: فأَهْلُ اللُّغَة يَجْهَلونَه، فكيف يُنْسَبُ إِليهم. ونظيرُ هذا مِنْ خَلْطِه الحَقَائقَ الشَّرْعِيّةَ بالحَقَائقِ اللُّغَوِيّةِ ما وَقَع لَهُ في تفسير التَّعْزِيرِ بأَنَّه ضَرْبٌ دُونَ الحَدِّ. وقد وَقَع له مِنْ هذا الخَلْطِ شيءٌ كثيرٌ، وكُلُّه غَلَطٌ يجب التَّنْبِيه عليه. وكذا خَلَط الحَقِيقةَ الشّرْعيّةَ باللُّغَوِيّةِ انتهى.
قلتُ: وقد نَقَلَ الشِّهَابُ في «شَرْح الشِّفاءِ» العِبَارَة الأُولَى التي في التَّعْزير بِرُمَّتِهَا، ونَقَلَه عنهُ شَيْخُنَا بنَصّ الحروف، وزادَ الشِّهَابُ عند قوله: فكيف يُنْسَب، الخ: قال شيخُنَا ابن قاسم: لا يُقَالُ: هذا لا يَأْتِي عَلَى أَنَّ الواضِعَ هو الله تَعَالَى، لأَنَّا نَقولُ: هو تَعَالَى إِنّمَا وَضَعَ اللُّغَةَ باعْتِبَارِ تعَارُفِ الناسِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عن الشَّرْعِ. انتهى.
قال شيخُنَا: ثُمَّ رَأَيتُ ابنَ نُجَيْم نقَلَ كلام ابنِ حَجَرٍ في شَرْحِهِ على الكَنْزِ المُسَمَّى «بالنَّهْر الفَائق» برُمَّتِه، ثم قال: وأَقُولُ؛ ذَكَرَ كثيرٌ من العُلماءِ أَنّ صاحبَ القاموس كثيرًا ما يَذْكُرُ المَعْنى الاصْطِلاحِيّ مع اللغوِيّ، فلِذلك لا يُعْقَد عليه في بيان اللغة الصِّرْفة. ثم ما ذكرُه في الصّحاح أَيضًا لا يكون مَعنًى لُغَوِيًّا على ما أَفادَ صاحِبُ «الكَشَّاف» فإِنّه قال: العَزْرُ: المَنعُ، ومنه التَّعْزِير، لأَنه مَنْعٌ عَنْ مُعَاوَدَة القَبِيحِ.
فعَلى هذا يكون ضَرْبًا دُونَ حَدٍّ، مِنْ إِفرادِ المَعنَى الحَقِيقيّ، فلا وُرُودَ على صاحِب القامُوس في هذه المادَّة. انتهى.
قال شيخُنَا: قُلْتُ: وهذا من ضِيق العَطَنِ وعَدَم التمْيِيز بين المُطْلَقِ والمُقَيَّدِ. فتأَمّل.
قلتُ: والعَجَبُ منهم كيْفَ سَكَتُوا على قَوْلِ الشَّيْخ ابنِ حَجَر، وهو: فكَيْفَ يُنْسَبُ لأَهْلِ اللُّغَةِ الجاهِلِينَ بذلك مِنْ أَصْله؟: فإِنّه إِنْ أَرادَ بأَهْل اللُّغَة الأَئمةَ الكِبَارَ كالخَلِيلِ والكِسَائيّ وثَعْلَب وأَبِي زَيْدٍ والشَّيْبَانِيّ وأَضْرابهم، فلَمْ يَثْبُت ذلك عَنْهُم خَلْطُ الحَقَائق أَصْلًا، كما هو مَعْلُومٌ عند من طالَع كتاب «العَيْن» و«النوادِر» و«الفَصِيح» وشُرُوحَه وغَيْرَها. وإِنْ أَرادَ بهم مَنْ بَعْدَهُم كالجَوْهرِيّ والفارَابِيّ والأَزْهَرِيّ وابن سِيدَه والصَّاغَانِيّ، فإِنّهُم ذَكَرُوا الحَقَائِقَ الشَّرْعيَّة المُحْتَاجَ إِلَيْهَا، ومَيَّزُوهَا من الحَقَائقِ اللُّغَوِيّة إِمّا بإِيضاح، كالجوهَرِيّ في الصحاح، أَو بإِشارَة، كبيَانِ العِلَّة التي تُمَيِّز بينهما، وتارَةً بِبَيَان المَأْخَذِ والقَيْدِ، كابنِ سِيدَه في المُحْكَم والمُخَصّص، وابنِ جِنِّي في سِرِّ الصناعَةِ، وابنِ رَشِيق في العُمْدَةِ، والزَّمَخْشَرِيِّ في الكَشَّاف. وكَفاكَ بواحدٍ منهم حُجَّةً للمُصَنّف فِيما رَوَى ونَقَل. والمَجْدُ لمَّا سَمَّى كتابه البَحْر المُحِيط تَرَك فيه بَيَانَ المآخِذِ وذِكْر العِلَلِ والقُيُودات الَّتي بها يَحْصُل التَّمْيِيزُ بين الحَقِيقَتَيْن، وكذا بَيْنَ الحَقِيقَةِ والمَجَازِ، لِيَتِمَّ له إِحاطَةُ البَحْرِ فهو يُورِدُ كَلامَهم مُخْتَصَرًا مُلْغزًا مَجْمُوعًا مُوجَزًا، اعْتِمَادًا على حُسْنِ فَهْمِ المُتَبَصِّرِ الحاذِق المُمَيِّزِ بين الحقيقة والمَجَازِ وبَيْنَ الحقائقِ، ومُرَاعَاةً لسُلُوك سبِيلِ الاخْتِصَار الذي راعاه، واسْتِغراقِ الأَفْرَاد الّذِي ادَّعَاه.
وقوله: وهي دَقِيقَةٌ مهمّة تَفطَّنَ لها صاحِبُ الصحاح وغَفَلَ عنها صاحب القاموسِ قلتُ: لم يَغْفَلْ صاحِبُ القامُوسِ عن هذه الدَّقِيقَة، فإِنّه ذَكَرَ في كتابه «بَصائر ذَوِي التَّمْيِيز في لطَائِف كتابِ الله العَزِيز» مُشِيرًا إِلى ذلك بقَوْلِه ما نَصُّه: التَّعْزِيرُ: من الأَضْداد، يكونُ بمَعْنَى التَّعْظِيم وبمَعْنَى الإِذْلال، يقال: زمانُنا العَبْدُ فيه مُعزَّرٌ مُوَقَّر، والحُرّ فيه مُعزَّرٌ مُوَقَّر، الأَوّلُ بمعنَى المنْصُورِ المُعَظَّم، والثانِي بمَعْنَى المضْرُوبِ المُهَزَّم. والتَّعْزِيرُ دُونَ الحَدّ، وذلك يَرْجِع إِلى الأَوَّلِ لأَنّ ذلك تأْدِيبٌ، والتَأْدِيب نُصْرَةٌ بقهْر ما. انتهى.
فالظَّاهِرُ أَنّ الذِي ذَكَرَهُ الشيخُ ابنُ حَجَر إِنّمَا هو تَحامُلٌ مَحْضٌ على أَئمةِ اللُّغَة عُمُومًا، وعلى المَجْدِ خُصوصًا، لتَكْرارِه في نِسْبتهم للجَهْلِ في مَواضِعَ كثيرة من كتابه: التُّحْفَة، على ما مَرَّ ذِكُرُ بَعْضِها. وشَيْخُنا رحمه الله تعالى لمَّا رَأَى سبيلًا للإنكار على المَجْدِ كما هو شِنْشِنَتُه المَأْلُوفَةُ سَكَتَ عنه، ولم يُبْدِ له الانْتِصَارَ، ولا أَدْلَى دَلْوَه في الخَوْضِ، كأَنّه مُرَاعَاةً للاختصار. واللهِ يَعْفُو عن الجَمِيع، ويَتَغَمَّدُهم برَحْمتِه، إِنّه حَلِيمٌ سَتّار.
والتَّعْزيرُ أَيضًا: التَّفْخِيم والتَّعْظِيمُ فهو، ضِدّ، صَرَّحَ به الإِمامُ أَبو الطَّيِّب في كتاب الأَضداد وغَيْرُه من الأَئمة.
وقيل: بين التَأْدِيب والتَّفْخِيم شِبْهُ ضِدّ. والتَّعْزِيرُ: الإِعَانَة، كالعَزْرِ، يقال: عَزَرَه عَزْرًا وعَزَّرَه تعْزِيرًا؛ أَي أَعانَه.
والتَّعْزِيرُ: التَّقْوِيَةُ، كالعَزْرِ أَيضًا. يقال: عَزَرَه وعَزَّرَه، إِذا قَوّاهُ. والتَّعْزِير: النَّصْرُ بالسيف، كالعَزْرِ أَيضًا، يقال: عزَرَهُ وعَزَّرَه، إِذَا نَصَرَهُ، قال الله تَعَالَى: {وَتُعَزِّرُوهُ} جاءَ في التَّفْسِير: أَي لِتَنْصُرُوه بالسَّيْف: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} عَظَّمْتُموهُم. قال إِبراهيمُ بن السَّريّ: وهذا هو الحقُّ، والله أَعلم، وذلك لأَنْ العَزْر في اللُّغَة الرَّدُّ والمَنْعُ، وتأْويل: عَزَرْتُ فُلانًا؛ أَي أَدَّبْتُه، إِنّما تأْويلُه فَعلْتُ به ما يَرْدعُهُ عن القَبيح، كما أَنّ نَكَّلْتُ به تَأْويلُه فَعلْتُ به ما يجبُ أَن يَنْكُلَ مَعَهُ عن المُعَاوَدَة، فتَأْويلُ عَزَّرْتُمُوهُم: نَصَرْتُموهم بأَنْ تَرُدُّوا عنهم أَعْداءَهم، ولو كانَ التَّعْزيرُ هو التَّوْقيرَ لكان الأَجْوَدُ في اللّغة الاستغناء به. والنُّصْرَة إِذا وَجَبَتْ فالتَّعْظِيمُ داخلٌ فيها، لأَن نُصْرَةَ الأَنبياءِ هي المُدافَعَةُ عنهم، والذَّبُّ عن دِينهم، وتَعْظيمُهم وتَوْقيرُهم. والتَّعزيرُ في كلامِ العرَب: التَّوْقير، والنَّصْرُ باللّسان والسَّيْف، وفي حديث المبْعَث: قال وَرَقَةُ بنُ نَوْفَل: «إِنْ بُعِث وأَنا حَيٌّ فسَأُعَزِّرُه وأَنْصُرُه»، التَّعزير هنا: الإِعانَةُ والتَّوْقِير والنَّصْر مَرَّةً بعد مَرَّة.
والعَزْر عن الشيْءِ كالضَّرْبِ: المنْعُ والرَّدُّ، وهذا أَصْل مَعْناه. ومنه أُخِذ مَعْنَى النَّصْرِ، لأَنّ مَنْ نَصَرْتَه فقد رَدَدْت عنه أَعْدَاءَه ومَنَعْتهم من أَذاه؛ ولهذا قيل للتَأْدِيب الّذِي دُونَ الحدّ: تعْزيرٌ، لأَنّه يَمْنَعُ الجَانِي أَنْ يُعَاوِدَ الذَّنْبَ.
وفي الأَبْنِيَةِ لابْنِ القطّاع: عَزَرْتُ الرَّجُلَ عَزْرًا: مَنَعْتَه من الشيْءِ. والعَزْرُ: النِّكَاحُ، يُقَال: عَزَرَ المَرْأَةَ عَزْرًا، إِذا نَكَحَها. والعَزْرُ: الإِجْبَارُ على الأَمرِ. يُقال: عَزَرَهُ على كذا، إِذَا أَجْبرَهُ عليه، أَورَدَه الصاغانيّ. والعَزْرُ: التَّوْقيفُ على باب الدِّين، قال الأَزهريّ: وحديثُ سَعْدٍ يَدُلّ على ذلك، لأَنّه قال: «قدْ رَأَيْتُنِي مع رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعَامٌ إِلا الحُبْلَةَ ورَوَقَ السَّمُرِ، ثمَّ أَصْبحَتْ بنو أَسَدٍ تُعَزِّرُني على الإِسلامِ، لقد ضَلَلْتُ إِذًا وخابَ عَملِي»، أَيَ تُوَقِّفني عَليْه. وقيل: تُوَبِّخُني على التَقْصِير فيه.
والتَّعْزيرُ: هو التَّوْقِيفُ على الفرائضِ والأَحْكَام، وأَصلُه التَّأْدِيبُ ولهذا يُسَمَّى الضَّرْب دونَ الحَدّ تعزيرًا، إِنما هو أَدبٌ، يقال: عَزَرْتُه وعَزَّرْتُه.
والعَزْر: ثَمَنُ الكَلإِ إِذا حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه، كالعَزِيرِ، على فَعِيلٍ، بلُغة أَهلِ السَّوَادِ، الأَخيرُ عن اللَّيْث، والجَمْعُ العَزَائرُ، يقولون: هَلْ أَخذْتَ عَزِيرَ هذا الحَصِيدِ؟ أَي هل أَخذْتَ ثَمن مَرَاعِيها، لأَنهم إِذا حَصَدُوا باعُوا مَرَاعيَهَا.
والعَزائرُ والعَيَازِرُ: دُونَ العِضَاهِ وفَوْقَ الدِّقِّ، كالثُّمَام والصَّفْراءِ والسَّخْبَرِ. وقيل أُصولُ ما يَرْعُونَه من شَرِّ الكلإِ، كالعَرْفجِ والثُّمَامِ والضَّعَةِ والوَشِيجِ والسَّخْبَرِ والطَّرِيفَة والسَّبَطِ، وهو شَرّ ما يَرْعَوْنه.
والعَيَازِرُ: العِيدَانُ، عن ابنِ الأَعْرابيّ.
والعَيَازِيرُ: بَقايَا الشَّجَرِ، لا وَاحِدَ لها، هكذا أَورده الصاغانيّ.
والعَيْزارُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ من كلِّ شيْءٍ، عن ابن الأَعرابيّ. ومنه يُقال: مَحَالَةٌ عَيْزَارَةٌ، إِذا كانتْ شدِيدَةَ الأَسْرِ، قد عَيْزَرَهَا صاحِبُها. وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
فابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عيَازِرَا *** صَرَّافَةَ الصَّوْتِ دَمُوكًا عاقِرَا
والعَيْزارُ أَيضًا: الغُلامُ الخَفِيف الرُّوحِ النَّشِيطُ، وهو اللَّقِنُ الثَّقِفْ، هكذا في التّكْمِلَة، وزاد في اللسان: وهو الرِّيشَةُ والمُمَاحِلُ والمُمَانِي. والعَيْزَارُ: ضرْبٌ من أَقْدَاحِ الزُّجاجِ، كالعَيْزَارِيَّة الأَخِيرَةُ في التكملة، وهُمَا جَمِيعًا في اللّسَان. والعَيْزارُ شجَرٌ، في اللّسَان: وهو ضَرْبٌ من الشَّجَرِ، الواحِدَة عَيْزَارَةٌ. وفي الصّحَاح: أَبو العَيْزار كُنْيَة طائر طَوِيل العُنُق تراه في الماءِ الضَّحْضاحِ أَبَدًا، يُسَمَّى السَّبَيْطَرَ، أَو هو الكُرْكِيّ.
وقال أَبو حَنيفة: العَوْزَرُ: نَصِيُّ الجَبَلِ، قال: كذا نُسَمِّيه، وأَهلُ نَجْدٍ يُسَمُّونَه النَّصِيَّ، هكذا أَوْرَدَه الصاغانيُّ.
وعَيْزَارٌ وعَيْزَارَةُ، بفتحهما، وعَزْرَةُ، كطَلْحَةَ، وعَزْرارٌ، كسَلْسالٍ، هكذا بالراءِ في آخره، وفي بعض الأُمَّهات: عَزْرَانُ، كسَحْبَانَ، ولعَلَّه الصَّوابُ وكذا عازِرٌ وعازَرُ كقاسِمٍ وهاجَرَ: أَسماءٌ.
والعَزْوَرُ، كجعْفَر: السَّيِّئُ الخُلُقِ، كالعَزَوَّر، كعمَلَّس والحَزَوَّر، وقد تقدّم. والعَزْوَر: الدَّيُّوثُ، وهو القَوَّاد.
والعَزْوَرَةُ بهاءٍ: الأَكَمَةُ، قال ابن الأَعْرَابِيّ: هي العَزْوَرَةُ والحَزْوَرَة والسَّرْوَعَةُ والقَائِدَةُ: للأَكمَةِ.
وعَزْوَرَةُ، بلا لامٍ: موضع، قُرْبَ مَكَّةَ زِيدَتْ شرَفًا. وقيل: هو جَبَلٌ عن يَمْنَةِ طريق الحاجِّ إِلى مَعْدِن بني سُلَيم، بينهما عَشَرَةُ أَمْيَال، أَو عَزْوَرة: ثَنِيَّةٌ المَدَنِيِّينَ إِلى بَطْحَاءِ مَكَّةَ، زِيدَتْ شرَفًا. وفي الحديث ذِكْر عَزْوَر كجَعْفَر، وهو ثَنِيَّةُ الجُحْفَة، وعليها الطَّرِيقُ من المَدِينَة إِلى مَكَّة، ويقال فيه عَزُورا.
وعازَرُ، كهاجَرَ: اسمُ رَجُل أَحْياه سيّدنا عِيسَى عَلَيْه السَّلام.
وعُزَيرٌ، تصغير عَزْر: اسم نَبِيّ مُخْتَلَف في نُبوَّته، يَنصرِفُ لِخِفَّته وإِنْ كان أَعْجَمِيًّا، مثل لُوط ونُوح، لأَنَّه تصْغِير عَزر.
وَقيْسُ بنُ العَيْزَارَةِ، وهي أَي العَيْزَارَةُ اسم أُمّه: شاعِرٌ من شُعَرَاءِ هُذَيْل، وهو قيْسُ بنُ خُوَيْلِد.
* ومّما يُسْتدْرك عليه:
عَزَرْتُ البَعِيرَ عَزْرًا: شَدَدْتُ على خَياشِيمهِ خَيْطًا ثم أَوْجَرْتُه.
وعَزَّزْتُ الحِمَارَ: أَوقْرْتُه.
ومُحَمّدُ بنُ عَزّارِ بن أَوْسِ بن ثعْلبة، ككتّان، قتله مَنْصُورُ بنُ جُمْهُورٍ بالسِّند. ويَحْيَى بن عُقْبَة بن أَبي العَيْزَارِ، عن محَمّد بن جحادة، ضَعَّفه يحيى بن مُعين. ومُحَمّد بن أَبي القاسم بن عَزْرة الأَزْدِيّ، راويةٌ مشهور. وعُزَيرُ بنُ سُلَيْم العامِرِيّ النَّسَفي. وعُزَيْرُ بن الفَضْل وعُزَيْرُ بنُ عبدِ الصَّمَد. وحِمَارُ العُزَيْر هو أَحْمَدُ بنِ عُبَيْد الله الأَخْبَاريّ.
وعَبْدُ الله بنُ عُزَيْر السَّمَرْقَنْدِيّ. وعَبّاسُ بن عُزَيْرٍ، وعُزَيْرُ بنُ أَحْمَدَ الأَصْبَهَانيّ، وحَفيده عُزَيْرُ بن الرّبِيع بنِ عُزَيْر، ونافِلَتُه مَحْفُوظُ بنُ حامِدِ بنِ عبدِ المُنْعِم بن عُزَيْر: مُحَدِّثون.
واسْتَدْرَك شَيْخُنَا عِزْرائِيلَ، ضَبَطُوه بالكَسْر والفَتْح: مَلَكٌ مشهورٌ، عليهالسلام.
قلتُ: والعَيَازِرَةُ: قَرْيَةٌ باليَمَنِ، ومنها القاضِي العَلّامةُ أُستاذُ الشُّيُوخِ الحَسَنُ بنُ سَعِيد العَيْزَرِينِيّ، من قُضَاة الحَضْرَة الشريفة أَبي طالِب أَحْمَدَ بنِ القَاسمِ مَلِكِ اليَمَنِ، تُوُفِّي بالعَيازِرَة سنة 1038.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
34-تاج العروس (حمس)
[حمس]: حَمِسَ الأَمْرُ، كفَرِحَ: اشْتَدَّ، وكذلِكَ حَمِشَ، وقولُ عليّ رَضِيَ الله تَعَالَى عنه: «حَمِسَ الوَغَى واسْتَحَرَّ المَوْتُ» أَي اشْتَدَّ، مجاز.وحَمِسَ الرَّجُلُ: صَلُبَ في الدِّينِ، وتَشَدَّدَ وكذلِكَ في القِتَالِ والشَّجَاعَةِ، فهو حَمِسٌ، ككَتِفٍ، وأَحْمَسُ بَيِّنُ الحَمَسِ، ومنه سُمِّيَ الوَرِعُ أَحْمَسَ؛ لغَلائِه في دِينِه، وتَشَدُّدِه على نَفْسهِ، كالمُتَحَمِّسِ، وهم حُمْسٌ، بضمٍّ فسُكُون.
والحُمْسُ أَيضًا: الأَمْكِنَةُ الصُّلْبَةُ، جمْعُ أَحْمَسَ، وهو مَجازٌ، قال العَجّاجُ:
وكَمْ قَطَعْنَا مِنْ قِفَافٍ حُمْسِ
وهُوَ؛ أَي الحُمْسُ: لَقَبُ قُرَيْشٍ ومن وَلَدَتْ قُرَيْشٌ وكِنَانَةَ وجَدِيلَة، قَيْسٍ، وهم فهْمٌ وعَدْوَانُ ابْنَا عَمْرِو بنِ قَيْسِ عَيْلَانَ، وبَنُو عامِر بنِ صَعْصَعَةَ، قاله أَبو الهَيْثَمِ ومن تَابَعَهُم في الجاهِلِيَّةِ، هؤُلاء الحُمْسُ، وإِنّمَا سُمُّوا لتَحَمُّسِهِم في دِينِهِمْ؛ أَي تَشَدُّدِهِمْ فيه، وكذا في الشَّجَاعَةِ فلا يُطَاقُونَ، أَو لالْتِجَائِهِم بالحَمْسَاءِ، وهي الكَعْبَةُ؛ لأَنَّ حَجَرَها أَبْيَضُ إِلى السّوادِ وقال الصّاغَانِيُّ: لنُزُولِهِم بالحَرَمِ الشَّرِيفِ، زادَهُ الله شَرَفًا، وقِيلَ: لأَنَّهُم كانُوا لا يَسْتَظِلُّون أَيّامَ مِنًى، ولا يَدْخُلُونَ البُيُوتَ من أَبْوابِهَا وهم مُحْرِمُونَ، ولا يَسْلَؤُونَ السَّمْنَ ولا يَلْقُطُونَ البَعْرَ الجَلَّةَ. وقال أَبو الهَيْثَمِ: وكانَت الحُمْسُ سُكّانَ الحَرَمِ، وكانُوا لا يَخْرُجُونَ في أَيّامِ المَوْسِمِ إِلى عَرَفَات، إِنّمَا يَقِفُونَ بالمُزْدَلِفَةِ، وَيَقُولُونَ: نحنُ أَهْلُ الله، ولا نَخْرُجُ منَ الحَرَمِ، وصارَت بَنُو عَامِرٍ من الحُمْسِ، ولَيْسُوا من ساكِنِي الحَرَمِ؛ لأَنَّ أُمَّهُم قُرَشِيَّةٌ، وهي مَجْدُ بنتُ تَيْمِ بنِ مُرَّةَ، وخُزَاعَةُ إِنّمَا سُمِّيَتْ خُزَاعَةَ لأَنَّهُم كانوا من سُكّانِ الحَرَمِ فخُزِعُوا عنه؛ أَي أُخْرِجُوا، ويُقال: إِنَّهُمْ من قُرَيْشٍ، انْتقلوا ببَنِيهِم إِلى اليَمنِ، وهُم من الحُمْسِ.
والحَمَاسة: الشَّجَاعَة والمنْع والمُحَاربَة.
ومنه الأَحْمَسُ وهو الشُّجَاع، عن سِيبَوَيْهِ، كالحَمِيسِ والحَمِسِ، كأَمِيرٍ وكَتِفٍ، والجمع أَحامِسُ، وحُمَس وأَحْماسٌ، ومنه الحَدِيث: «أَمّا بَنو فلانٍ فمُسَكٌ أَحْمَاسٌ» وقال ابن الأَعْرَابِيِّ في قوْلِ عَمْرِو:
بتَثْلِيث ما ناصيْتَ بَعْدِي الأَحَامِسا
أَرادَ قُريْشًا، وقال غيْرُه: أَرادَ بَنِي عامِر؛ لأَنَّ قريْشًا وَلَدَتْهُم، وقيل: أَراد الشُّجْعَان من جميعِ النّاسِ.
ومن المَجازِ: الأَحْمَسُ: العَامُ الشَّدِيدُ، ويُقال: سَنَةٌ حَمْسَاءُ: أَي شَدِيدَةٌ، ويقال: أَصابَتْهُم سِنُونَ أَحامِسُ، وقال الأَزْهَرِيُّ: لو أَرادُوا مَحْض النَّعْتِ لقالوا: سِنون حُمْسٌ، إِنما أَرادُوا بالسِّنِينَ الأَحَامِسَ تَذْكِير الأَعْوَامِ، وقال ابن سِيده: ذَكرُوا على إِرادةِ الأَعْوَامِ، وأَجْرَوْا أَفْعَل هاهنا صِفةً مُجْرَاه اسْمًا، وأَنْشد:
لنا إِبِلٌ لَمْ نكْتسِبْها بغَدْرَةٍ *** ولم يُفْنِ مَوْلاهَا السِّنونَ الأَحَامِسُ
وقال آخر:
سَيَذْهَبُ بابْنِ العَبْدِ عَوْنُ بنُ جَحْوَشٍ *** ضَلالًا ويُفْنِيها السِّنونَ الأَحامِسُ
ومن المجازِ: وَقَعَ فُلانٌ في هِنْدِ الأَحامِسِ، كذا نصُّ التَّكْمِلة، ونصُّ اللّسَانِ: لقِي هِنْدَ الأَحامِسِ؛ أَي الشِّدَّة، وقيل: إِذا وقعَ فِي الدّاهِيَةِ، أَو معْناهُ: ماتَ، ولا أَشد من المَوْتِ، وأَنْشد ابن الأَعْرَابِيِّ:
فإِنَّكُمُ لَسْتُمْ بدَارِ تُلُنَّةٍ *** ولكِنّما أَنْتُمْ بهِنْدِ الأَحامِسِ
وقال الزَّمَخْشرِيّ: وَقَعُوا في هِنْدِ الأَحَامِسِ، إِذا وَقَعُوا في شِدَّةٍ وبلِيَّةٍ، ولِقيَ فُلانٌ هِنْدَ الأَحامِيس، إِذا مات. وبَنُو هِنْدٍ: قومٌ من العرَبِ فيهِم حَماسَةٌ، ومعْنى إِضافَتِهم إِلى الأَحامِسِ إِضافتُهُمْ إِلى شُجْعانِهِم، أَو إِلى جِنْس الشُّجْعَانِ، وأَنّه مِنْهُم.
وحِمَاسٌ اللَّيْثِيُّ، بالكسْرِ: وُلِد في عَهْدِ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وله دارٌ بالمَدِينةِ، قاله الوَاقِدِيُّ.
وحِمَاسُ بنُ ثامِلٍ: شاعِرٌ.
وذُو حِمَاسٍ: موضع، قال القُطامِيُّ:
عفَا مِنْ آلِ فاطِمَة الفُرَاتُ *** فشَطَّا ذي حِمَاسَ فحَايلاتُ
وفي النّوادِرِ: حَمسَ اللّحْمَ قَلَاه.
وقال الزَّجّاجُ: حَمَسَ فُلانًا، إِذا أَغْضَبَه، كأَحْمسَه، وكذلِك حَمَشَه وأَحْمَشَه، وحَمَّسَه تحْمِيسًا، وهذا عن غيْرِ الزَّجّاجِ، وهو مجَازٌ.
وفي النّوادِرِ الحَمِيسَةُ، كسَفِينَةٍ: القَلِيَّةُ، وهي المِقْلاةُ.
وقال أَبو الدُّقَيْشِ: الحَمِيسُ، كأَمِير: التَّنُّورُ، ويُقَالُ له: الوَطِيسُ أَيضًا، وقال ابنُ فارِسٍ: وقال آخَرُونَ هو بالشِّين المُعْجَمَةِ، وأَيَّ ذلِك كان فهو صَحِيحٌ. والحَمِيسُ أَيْضًا: الشَّدِيدُ، قال رُؤُبَةُ:
وكَلْكَلًا ذَا بِرْكةٍ هَرُوسَا *** لَاقَيْن مِنْه حَمِسًا حَمِيسَا
أَي شَدِيدًا، كذا في التَّكْمِلَةِ، وقال الأَزْهَرِيّ: أَي شِدَّة وشَجَاعَة.
والحُمْسَةُ، بالضَّمِّ: الحُرْمَةُ، قال العجّاجُ:
ولَمْ يَهَبْن حُمْسَةً لأَحْمَسَا *** ولا أَخَا عَقْدٍ ولا مُنَجَّسَا
أَي لم يَهَبْنَ لذي حُرْمَةٍ حُرْمَةً؛ أَي رَكِبْنَ رُؤُوسَهُنّ، والتَّنْجِيسُ: شيءٌ كانَت العرَبُ تَفْعَله كالعُوذَةِ تَدْفَع بها العَيْنَ.
والحَمَسَة، بالتَّحْرِيكِ: دابَّةٌ بَحرِيَّةٌ، أَو السُّلحْفاة زعَمُوا، قالَه ابن دُريْدٍ، الجمع: حَمَسٌ، محرَّكَة، وقِيلَ هي اسم الجَمْعِ.
والحَوْمَسِيسُ، كزنْجَبِيل: المَهْزول، عن أَبِي عَمْرو، وهو مَجاز.
والحَمْسُ، بالفتْح: الصَّوْت وجَرْسُ الرِّجَالِ، أَنْشَد أَبو الدُّقَيْشِ:
كأَنَّ صَوْت وَهْسِها تَحْتَ الدُّجَى *** حَمْسُ رِجَالٍ سَمِعُوا صَوْتَ وَحَى
والحِمْس، بالكَسْرِ: موضع.
والتَّحْمِيسُ: أَنْ يُؤْخَذَ شَيْءٌ من دَوَاءٍ وغيْرِه، فيُوضَعَ عَلى النّارِ قلِيلًا ومنهُ تَحْمِيسُ الحِمَّصِ وغيرِه، وهي التَّقْلِيَة.
واحْتَمَس الدِّيكَانِ: هاجَا، كاحْتمَشا، قاله يَعْقوب.
واحْمَوْمسَ: غَضِبَ، وكذلِكَ اقْلَوْلَى، وهو مَجَازٌ، قال أَبو النَّجْمِ يَصِف الأَسَد:
كأَنَّ عَيْنَيْهِ إِذا ما احْموْمَسَا *** كالجَمْرَتيْنِ خِيلَتَا لِتُقْبسَا
وابن أَبِي الحمْساءِ: رجُلٌ آمَنَ بالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وتابَعَه قبل المَبْعَثِ، له ذِكْرٌ في كُتبِ السِّيَرِ.
وبَنو أَحْمَس: بطْنٌ من ضُبَيْعَةَ، كما في العُبَابِ، وبَطْنٌ آخَرُ من بَجِيلة، وهو ابن الغوْثِ بنِ أَنْمار.
* ومّما يُسْتدْرَك عليه:
حَمِسَ بالشَّيْءِ: تَعَلَّق بهِ وتولَّع، عن أَبي سَعِيدٍ.
واحْتمَسَ القِرْنانِ: اقْتَتَلَا، كاحْتَمَشَا، عن يَعْقوبَ.
والحَمَاسُ، كسَحَابٍ: الشِّدَّة والمَنْع والمُحَارَبَة.
والتَّحَمُّسُ: التَّشدُّدُ.
وتَحَمَّسَ الرَّجُلُ، إِذا تَعَاصَى.
وحَمِسَ الوَغَى: حَمِيَ.
ونَجْدَةٌ حَمْسَاءُ: شَدِيدَةٌ، قال:
بنجْدَةٍ حَمْسَاءَ تُعْدِي الذِّمْرَا
وحَمسَ الرجُلُ حَمسًا، من حدّ ضَرَب، إِذا شَجُعَ، عن سِيبوَيْه، أَنْشَدَ ابن الأَعْرابِيّ:
كأَنَّ جَمِير قَصَّتِهَا إِذَا ما *** حَمسْنا والوِقَايَةُ بالخِنَاقِ
وتَحَامَسَ القوْمُ تَحَامُسًا: تَشَادُّوا واقْتتَلوا.
والمُتحَمِّسُ: الشَّدِيدُ.
والأَحْمَسُ: الوَرعُ المُتَشَدِّدُ على نَفْسِه في الدِّينِ.
وعن ابنِ الأَعْرَابِيِّ: الحَمْسُ: الضَّلُال والهَلَكَة والشَّرُّ.
والأَحَامِسُ: الأَرْضُ الَّتِي ليسَ بها كَلأٌ ولا مرْتَعٌ ولا مَطرٌ ولا شَيْءٌ، وقيل: أَرْضُ أَحَامِسُ: جَدْبَةٌ، صِفةٌ بالجَمْعِ، كذا في الأَساسِ، وفي اللِّسانِ: أَرَضونَ أَحَامِسُ: جَدْبَةٌ.
وتَحَمَّسَتْ: تَحَرَّمَتْ واسْتَغَاثَتْ، من الحُمْسَةِ قال ابن أَحْمَرَ:
لَوْ بِي تحَمَّسَتِ الرِّكَابُ إِذًا *** ما خاننِي حسَبِي ولا وفْرِي
هكذا فَسَّرَه شَمِرٌ.
والأَحْمَاسُ من العرَبِ: الّذين أُمهاتهُم من قُرَيْشٍ.
وبنو حَمْسٍ وبَنو حُمَيْس [وبنو حِمَاس]: قبَائِلُ.
وحَمَاسَاءُ، مَمْدودًا: مَوْضِعٌ. هنا ذَكَره صاحِبُ اللِّسَان، وسيأْتي للمصنّف في «خ معروف س».
وأَبو محَمَّدٍ عبدُ اللهِ بن أَحْمَدَ بنِ حَمِيسٍ، كأَمِيرٍ، السَّرّاجُ، رَوَى عن أَبِي القاسِمِ بنِ بَيَانٍ وغيْرِه، مات سنة 578 ذَكَرَه ابنُ نُقْطَة.
وأَبو الحَمِيس: حَدَّثَ.
وأَبو إِسْحَاق حازِمُ بنُ الحُسَيْنِ الحُمَيْسِيُّ، بالضَّمّ، عن مالِكِ بنِ دِينَار، وعنه جُبَارَةُ بنُ المُغَلِّس.
وأَبُو حَمَاسٍ، رَبِيعَةُ بنُ الحَارِثِ: بَطْنٌ.
وهِجْرَةُ الحَمُوسِ: قَرْيَةٌ في اليَمَنِ بوَادِي غُدَرَ.
وأَبو حِمَاسٍ، ككِتَاب: شاعِر من بَنِي فَزَارَة.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
35-تاج العروس (نمس)
[نمس]: النَّامُوسُ: صاحب السِّرِّ؛ أَي سِرِّ المَلك، وعَمَّه ابنُ سِيدَه، وقال أَبو عُبَيْدٍ: هو الرجُلُ المُطَّلعُ عَلَى باطِنِ أَمْرِكَ، المَخْصُوصُ بما تَسْتُرُه مِن غيرِه.أَو هو صاحِبُ سِرِّ الخَيْرِ، كما أَنّ الجَاسُوسَ صاحبُ سِرِّ الشَّرِّ.
وأَهْلُ الكِتابِ يُسَمُّون جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم النّامُوس الأَكْبَرَ وهو المُرادُ في حَدِيثِ المَبْعَثِ، في قولِ وَرَقَةَ، لأَنَّ الله تَعَالَى خَصَّه بالوَحْيِ والغَيْبِ الَّذي لا يَطَّلِع عليهِمَا غيرُه.
والنّامُوسُ: الحَاذِقُ الفَطِنُ.
والنّامُوسُ: مَنْ يَلْطُفُ مَدْخَلُه في الأُمُورِ بِلُطْفِ احْتِيَالٍ، قَالَهُ، الأَصْمَعِيُّ.
والنّامُوسُ: قُتْرةُ الصَّائِدِ الّذِي يَكْمُن فيها للصَّيْدِ، قال أَوْسُ بنُ حَجرٍ:
فلَاقَى عَلَيْهَا مِن صُبَاحَ مُدَمِّرًا *** لِنامُوسِه مِنَ الصَّفِيح سَقَائِفُ
قال ابنُ سِيِدَه: وقد يُهْمَزُ، قال: ولا أَدْرِي مَا وَجْهُ ذلك. وقد نَامَسَ الصّائِدُ، إِذا دَخَلَهَا، وهو مُنَامِسٌ.
والنَّامُوسُ: الشَّرَكُ لأَنَّه يُوَارَى تَحْتَ الأَرْضِ، قال الرَّاجِزُ يَصِفُ رِكابَ الإِبِلِ:
يَخْرُجْنَ مِنْ مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسِ *** تَنْمِيسَ نامُوسِ القَطَا المُنَمِّسِ
أَي يَخْرُجْنَ مِن بَلَدٍ مُشْتَبِهِ الأَعْلامِ، يَشَتَبِه على مَنْ يَسْلُكُه، كما يَشْتَبِه علَى القَطَا أَمْرُ الشَّرَكِ الَّذِي يُنْصَبُ له.
والنّامُوسُ: النَّمَّامُ، كالنَّمَّاسِ، كَشدَّادٍ، وقد نَمَسَ، إِذا نَمَّ.
والنَّامُوسُ: مَا تُنُمِّسَ بِه وعِبَارَةُ الصّحاح: ما يُنَمِّسُ به الرَّجُلُ مِن الاحْتِيَالِ.
والنَّامُوسُ: عِرِّيسَةُ الأَسَدِ، شُبِّه بمَكْمَنِ الصّائِدِ، وقد جاءَ
في حَدِيثِ سَعْدٍ: «أَسَدٌ في نامُوسِه» كالنَّامُوسَةِ.
والنَّمْسُ، بالكَسْر: دُوَيْبَةٌ عَرِيضَةٌ كَأَنَّهَا قِطْعَةُ قَدِيدٍ، تكون بِمِصْرَ ونَوَاحِيها، وهي مِن أَخْبَث السِّبَاعِ، قال ابنُ قُتَيْبَةَ: تَقْتُل الثَّعْبَانَ، يَتَّخِذُها النَّاظِرُ إِذا اشْتَدَّ خَوْفُه مِن الثَّعَابِينِ، لأَنَّها تَتَعَرَّضُ لهَا، تَتَضَاءَلُ وتَسْتَدِقُّ حتَّى كأَنَّهَا قِطْعَةُ حَبْلٍ، فاذا انْطَوى عَلَيْهَا زَفَرتْ وأَخَذَتْ بِنَفْسِهَا، فانتَفَخِ جَوفُها فَيَتَقَطَّعُ الثُّعْبَانُ. والجَمْعُ: أَنْمَاسٌ، ويُقَال: فِي النَّاسِ أَنْمَاسٌ وقال ابنُ قُتَيْبَةَ: النِّمْسُ: ابنُ عِرْسٍ وقال المُفَضَّلُ بنُ سَلَمَةَ: هو الظَّرِبانُ، والَّذِي يَظْهَرُ من مَجْمُوعِ هذِه الأَقْوَالِ أَنَّ النَّمْسَ أَنْواعٌ، وهكذا ذَكَرَه الإِمامُ الرَّافِعِيُّ أَيْضًا في الحجِّ، فبهذا يُجْمَعُ بينَ الأَقْوالِ المُتَبايِنَةِ.
والنَّمْسُ بِالتَّحْريك: فسَادُ السَّمْنِ والغَالِيَةِ، وكُلِّ طِيبٍ أَو دُهْنٍ إِذا تَغَيَّر وفَسَد فَسَادًا لَزِجًا. وقد نَمِسَ، كفَرِحَ، فهو نَمِسٌ، قال بعضُ الأَغْفَال:
وبِزُيَيْتٍ نَمِسٍ مُرَيْرِ
والأَنْمَسُ: الأَكْدَرُ، ومنه يُقَال للْقَطَا: نُمْسٌ، بالضَّمِّ، لِلَوْنِهَا، وقد رَوَى أَبو سَعِيدٍ قولَ حُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ:
كنَعَائمِ الصَّحْرَاءِ في دَاوِيَّةٍ *** يَمْحَصْنَها كنَوَاهِقِ النُّمْسِ
بضَمِّ النُّونِ، وفَسَّرها بالقَطَا، نقله الصّاغَانِيُّ.
والتَّنْمِيسُ: التَّلْبِيسُ، وقد نَمَّسَ عليه الأَمْرَ، إِذا لَبَّسَه، قيل: ومنه اشتقَاقُ النِّمْس، للدّابَّة.
ونَامَسَهُ مُنَامَسَةً ونِمَاسًا: سَارَّهُ، يقال: ما أَشْوَقَنِي إِلى مُنَاسَمَتِكَ ومُنَامَسَتِكَ، وأَنشدَ الجَوْهَرِيُّ لِلْكُمَيْتِ:
فَأَبْلِغْ يَزيدًا إِنْ عَرَضْتَ ومُنْذِرًا *** وعَمَّيْهِمَا والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسَا
هكذا وقع «وعَمَّيْهِمَا» على التَّثْنِيَة، والصَّوابُ: وعَمَّهُمَا، على التَّوْحيد. ويَزِيدُ: هو ابنُ ظالِمِ بنِ عبدِ الله ومُنْذِرٌ: هو ابنُ أَسَدِ بنِ عبدِ الله، وعَمُّهما: هو إِسماعِيلُ بنُ عبدِ الله.
والمُسْتَسِرُّ: هو خالِدُ بنُ عبدِ الله. قاله الجَوْهَرِيُّ.
وقيل: النَّامِسُ: هو الدّاخِلُ في النّامُوسِ.
وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ: أَنْمَسَ بَيْنَهُم إِنْماسًا: أَرَّشَ وآكَلَ، وأَنشد:
وما كُنْتُ ذا نَيْرَبٍ فِيهِمُ *** ولا مُنْمِسًا بَيْنَهُمْ أَنْمِلُ
أُؤرِّشُ بَيْنَهُمْ دَائِبًا *** أَدِبُّ وذُو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ
ولكِنَّنِي رَائِبٌ صَدْعَهُمْ *** رَفُؤءٌ لِمَا بَيْنَهُمْ مُسْمِلُ
وانَّمَسَ الرَّجُلُ، كافْتَعَل؛ أَي اسْتَتَرَ، قال الجوهريُّ: وهو انْفَعَل، وإِنَّمَا وَزَنَه المصنِّفُ بافْتَعَل لِيُرِيَنا تَشديدَ النُّونِ، لا أَنَّه مِن بابِ الافْتِعَال، فتأَمَّلْ. وقالَ غيرُه: انَّمَسَ الرَّجُلُ في الشَّيْءِ، إِذا دَخَلَ فيه، وانَّمَسَ انِّمَاسًا: انْغَلَّ في سُتْرَةٍ، وقال ابنُ القَطّاعِ: يُقَال: انْدَمَجَ الرجُلُ وادَّمَجَ وادْرَمَّجَ وانَّمَسَ وانْكَرَسَ وانْزَبَقَ وانْزَقَب، إِذا دَخَل في الشَّيْءِ واسْتَتَر.
* ومِمَّا يُسْتَدْرَك عليه:
نَمَّسَ الشَّعْرُ تَنْمِيسًا: أَصَابَهُ دُهْنٌ فتَوسَّخَ. ونَمَّسَ الأَقِطُ فهو مُنَمِّسٌ: أَنْتَنَ، قال الطِّرِمّاحُ:
مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَرِيصِ الضوائنِ
والكَرِيصُ: الأَقِطُ. وثِيرَانٌ: جَمْعُ ثَوْرٍ، وهي القِطْعَةُ منه.
والنَّمَسُ، مُحَرَّكةً: رِيحُ اللَّبَنِ والدَّسَمِ، كالنَّسَمِ.
والنّامُوسُ: المَكْرُ والخِداعُ، يُقَال: فُلانٌ صاحِبُ نامُوسٍ ونَوَامِيسَ ومنه نَوامِيسُ الحُكَمَاءِ.
والنَّامِسُ والنَّامُوسُ: دُوَيْبَّةٌ غَبْرَاءُ كهَيْئَةِ الذَّرَّةِ تَلْكَعُ النّاسَ، قال الجَاحِظُ: تَتولَّدُ في المَاءِ الرّاكِد.
والنّامُوسُ: بَيْتُ الرّاهِبِ.
والنَّامُوسُ: وِعَاءُ العِلْمِ.
والنّامُوسُ: السِّرُّ، مَثَّل به سِيبَوَيْه وفَسَّره السِّيرَافِيُّ.
ونَمَسْتُه: سارَرْتُه.
ونَمَسْتُ السِّرَّ أَنْمِسُه نَمْسًا: كَتَمْتُه.
والنّامُوسُ: الكَذَّابُ.
ونَمَسَ بَيْنَهُم نَمْسًا: أَرَّشَ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ.
والنّامِسُ: لَقَبُ جَمَاعَةٍ.
والنُّمُوسِيُّ، بالضَّمّ: لَقَبُ عليِّ بنِ الحُسَيْنِ بنِ الحَسَن، أَحَدِ الأَوْلِيَاءِ المَشْهُورِينَ ببُولَاق، لأَنَّه كان إِذا مَشَى تَبِعَتْه الأَنْمَاسُ، وأَتْبَاعُه يُعْرَفُونَ بذلِك، نَفَعنا الله به.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
36-تاج العروس (نبش)
[نبش]: النَّبْشُ: إِبْرازُ المَسْتُورِ، وكَشْفُ الشّيءِ عَنِ الشَّيْءِ، ومنه النَّبّاشُ، وحِرْفَتُه النِّبَاشَةُ، يُقَال: نَبَشَ الشَّيْءَ نَبْشًا، إِذا اسْتَخْرَجَه بَعْدَ الدَّفْنِ، ونَبْشُ المَوْتَى: اسْتِخْرَاجُهم.ومن المَجَاز: النَّبْشُ: اسْتِخْراجُ الحَديثِ والأَسْرَارِ، ويُقَالُ: هُوَ يَنْبُشُ عَنِ الأَسْرَارِ، ويَنْبُشُها.
ومن المَجَاز: النَّبْشُ: الاكْتِسابُ، يُقَال: هُوَ يَنْبُشُ لِعِيَالِه؛ أَي يَكْتَسِبُ لهُم.
ونَبَشَهُ بسَهْمٍ: رَمَاهُ بِهِ فَلَمْ يُصِبْهُ.
وقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، رَحِمَهُ الله: النِّبْشُ، بالكَسْرِ: شَجَرٌ كالصَّنَوْبَرِ، إِلاّ أَنّهُ أَقَلُّ مِنْه وأَشَدُّ اجْتِمَاعا، أَرْزَنُ مِنَ الآبَنُوسِ، لَهُ خَشَبٌ أَحمَرُ كَأَنَّهُ النَّجِيع صُلْبٌ يُكِلّ الحَدِيدَ، يُعْمَلُ منه المَخاصِرُ للجَنَائِبِ، وعَكَاكِيزُ نَقَلَه ابنُ سِيدَه عنه.
قُلْتُ: وقَدْ أَغْفَلَ المُصَنّفُ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى، الآبَنُوسَ في كتَابِه، وذَكَرَه هُنَا اسْتِطْرَادًا، وقَدِ اسْتُدْرِكَ عَلَيْه فِي مَحَلّه.
والنَّبَشُ، بالتَّحْرِيكِ: الجَمَلُ الَّذِي فِي خُفِّه أَثَرٌ، يَتَبَيَّنُ فِي الأَرْضِ مِن غَيْرِ أَثرَة، يُقَال: بَعِيرٌ نَبَشٌ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ عن ابنِ عَبّادٍ.
ونُبَيْشَةُ الخَيْرِ*، كجُهَيْنَةَ، هو عَمْرُو بنُ عَوْفٍ الهُذَلِيّ بن طَرِيفٍ نَزَلَ البَصْرَةَ، رَوَى عنه أَبُو المُلَيْحِ، وأُمُّ عاصِمٍ، قَالَ الحَافِظُ: أَخْرَجَ لهُ مُسْلِمٌ وأَهْلُ السُّنَنِ.
وهَوْذَةُ بنُ نُبَيْشَةَ، ولَمْ يَذْكُرْه الذَّهَبِيُّ ولا ابنُ فَهْدٍ ولا الحافِظُ، صَحابِيّانِ، وإِنّمَا ذَكَرُوا نُبَيْشَةَ: رَجُلٌ آخَرُ لَهُ صُحْبَة، قَالَ الصّاغَانِيُّ: هَوْذَةُ بنُ نُبَيْشَةَ السُّلَمِيّ، ثم مِنْ بني عُصَيَّةَ، كَتَبَ لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم «أَنّهُ أَعْطَاهُ ما حَوَى الجَفْرُ كُلُّه». قُلْتُ: فَهُوَ مُسْتَدْرَكٌ على الحَافِظيْنِ، تَوُفِّيَ في حَياتِه صلى الله عليه وسلم، لَهُ ذِكْرٌ في حَدِيثِ ابن عبّاسٍ.
ونُبَيْشَةُ بنُ حَبِيب بنِ عَبْدِ العُزَّى السُّلَمِيُّ، أَحدُ فُرْسَانِهِم، رَفِيقٌ لامْرِئِ القَيْسِ بنِ حُجْرٍ الكِنْدِيِّ، حِينَ خَرَجَ إِلى قَيْصَرَ مَلِكِ الرُّومِ.
وسَمّوْا نُبَاشَةَ، كثُمامَة، ونَابِشًا.
والأُنْبُوشُ، بالضّمِّ: أَصْلُ البَقْلِ المَنْبُوش، كَمَا نقَلَه الجَوْهَرِيُّ أَو الشَّجَرُ المُقْتَلَعُ بأَصْلِه وعُرُوقِهِ، كالأُنْبُوشَةِ، ج: أَنابِيشُ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لِامْرِئِ القَيْسِ:
كَأَنّ السِّبَاعَ فِيهِ غرّقى عشِيَّةَ *** بأَرْجائِه القُصْوَى أَنابِيشُ عُنْصُلِ
قالَ أَبُو الهَيْثَمِ: وَاحِدُ الأَنَابِيشِ أُنْبُوشٌ وأُنْبُوشَةٌ، وهُوَ ما نَبَشَه المَطَرُ، قال: وإِنَّمَا شبَّه غرْقَى السِّباع بالأَنابِيشِ، لأَنّ الشَّيْءَ العَظِيمَ يُرَى صَغِيرًا، أَلا تَرَاهُ قالَ: بأَرْجائِه القُصْوَى؛ أَي البُعْدَى. شَبَّهَهَا بَعْدَ ذُبُولِهَا ويُبْسِها بِهَا.
والنَّبَّاشُ بنُ زُرارَةَ بن وَقْدَانَ بنِ حَبِيبِ بنِ سَلامَةَ بنِ غُوَيّ بنِ جُرْوَة بن أُسَيِّدٍ التَّمِيميّ الأُسَيِّدِي، هو أَبُو هالَةَ والدُ هِنْدٍ، تُوفِّي قبلَ المَبْعَثِ ومالِكُ بنُ زُرارَةَ بنِ النبّاشِ، وأَبُو هالَةَ بنُ النَّبّاشِ بنِ زُرَارَةَ، أَو زُرَارَةُ بنُ النَّبّاشِ، أَو مَالِكُ بنُ النَّبَّاشِ بنِ زُرارَةَ، الأَخِيرُ قولُ الزُّبَيْرِ بنِ بَكّارٍ: زَوْجُ خَدِيجَةَ بنتِ خُوَيْلِدِ بنِ أَسَدِ بنِ عَبْدِ العُزَّى، أُمِّ المُؤْمنِينَ، رضي الله تعالَى عنها، والِدُ هِنْدِ بنِ أَبِي هَالَةَ، الصّحابِيّ، رَبِيبِ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم والوَصّاف لحِلْيَتِه الشرِيفَةِ، وكانَ أَخَا فاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ، وخالَ الحَسَنِ والحُسَيْنِ رَضِيَ الله عَنْهُم شَهِدَ أُحُدًا، وقُتِلَ مَع عَلِيٍّ، يَوْمَ الجَمَلِ، وسِيَاقُ عِبَارَةِ المُصَنِّفِ في إِيراد هذِهِ الأَسْمَاءِ عَلَى هذَا الوَجْه غيرُ مُحَرّر، والذِي صَحّ في اسمِ أَبِي هالَةَ هو ما ذَكَرَه أَوّلًا، ومثلُه في الإِصابَةِ والمعاجِم، فتأَمّلْ، وقال ابنُ حِبّان: اسمُ ابنِ أَبي هالَةَ هِنْدُ بنُ النَّبّاشِ بنِ زُرَارَة، وروَى شُعْبَةُ عن قَتَادَةَ ما نَصُّه: أَبُو هَالَةَ زَوْجُ خَدِيجَةَ ـ هِنْدُ بنُ زُرَارَةَ بنِ النَّبَّاشِ، قال الذَّهَبيُّ: والعَجَبُ من ابنِ مَنْدَه وأَبِي نُعَيْم كَيْفَ ذَكَرَا أَبا هَالَةَ في الصّحابَةِ، وهُوَ قَدْ تُوفِّي قَبْلَ المَبْعَثِ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْه:
الأُنْبُوشُ: ما نُبِشَ، عن اللِّحْيَانِيّ.
والأُنْبُوشُ: البُسْرُ المَطْعُون فيه بالشَّوْكِ حَتَّى يَنْضَجَ.
والأَنَابِيشُ: السِّهَامُ الصِّغَارُ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ، وذَكَرَ شَيْخُنَا عن جَمَاعةٍ من أَهْل الأَشْبَاهِ أَنّ الأَنَابِيشَ لا وَاحِدَ له.
ونَبَّشَ في الأَمْرِ: اسْتَرْخَى فِيهِ ذَكَرَه الأَزْهَرِيُّ عن أَبِي تُرَابٍ عن السُّلَمِيِّ، والصّوابُ بتَقْدِيمِ الباءِ على النّونِ، وقد تقَدّم.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
37-تاج العروس (وكع)
[وكع]: وَكُعَ الرَّجُلُ، ككَرُمَ، وَكَاعَةً، فهُوَ وَكِيعٌ، وَوَكُوعٌ، وأَوْكَعُ: لَؤُمَ.وِوَكُعَ الفَرَسُ وَكاعَةً، فهُوَ وَكِيعٌ: صَلُبَ إِهابُه واشْتَدَّ.
وِسِقَاءٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ، مُحْكَمُ الجِلْدِ والخَرْزِ، شَدِيدُ المَخَارِزِ، لا يَنْضَحُ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ:
عَلَى أَنَّ مَكْتُوبَ العِجَالِ وَكِيعُ
وهُوَ مُغَيَّرٌ، والرِّوايَةُ:
كُلَى عِجَلٍ مَكْتُوبُهُنَّ وَكِيعُ
العِجَلُ: جَمْعُ عِجْلَةٍ، وهُوَ السِّقَاءُ، ومَكْتُوبُها:
مَخْرُوزُهَا، والبَيْتُ للطِّرِمّاحِ، وصَدْرُه:
تَنَشَّفُ أَوْشَالَ النِّطَافِ ودُونَهَا
وِفي حَدِيثِ المَبْعَثِ: «فَشَقَّ بَطْنَهُ، وقالَ: قَلْبٌ وَكِيعٌ» أَي: واعٍ مَتِينٌ.
وِفَرْوٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ.
وِفَرَسٌ وَكِيعٌ: صُلْبٌ شَدِيدٌ.
وقِيل: كُلُّ غَلِيظٍ وَثِيقٍ مَتِين: وَكِيعٌ.
أَوْ قَلْبٌ وَكِيعٌ: فِيهِ عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ، وأُذُنانِ سَمِيعَتَانِ وفِي بَعْضِ النُّسَخِ: «تَسْمَعَان» وهذَا الَّذِي ذَكَرَهُ هُوَ بعَيْنِه نَصُّ حَدِيثِ المَبْعَثِ، وأَنْشَدَ اللَّيْثُ لِسُلَيْمَانَ بنِ يَزِيدَ العَدَوِيِّ يَصِفُ فَرَسًا:
عَبْلٌ وَكِيعٌ ضَلِيعٌ مُقْرَبٌ أَرِنٌ *** لِلْمُقْرَباتِ أَمامَ الخَيْلِ مُغْتَرِقُ
والأُنْثَى بالهاءِ، وإِيّاها عَنَى الفَرَزْدَقُ بِقَوْلهِ:
وَوَفْرَاءَ لَمْ تُخْرَزْ بِسَيْرٍ وَكِيعَةٍ *** غَدَوْتُ بِهَا طَبًّا يَدِي بِرشائِها
وَفْرَاءُ، أَيْ: وافِرَةٌ، يَعْنِي فَرَسًا أُنْثَى، وَكِيعَة: وَثِيقَةُ الخَلْقِ، شَدِيدَةٌ، ورِشاؤُهَا: لِجَامُهَا.
وِفُلانٌ وَكِيعٌ لَكِيعٌ، ووَكُوعٌ، لَكُوعٌ: لَئِيمٌ، وقَدْ وَكُعَ وَكاعةً، ويُقَالُ: الوَكَاعَةُ: اللُّؤْمُ، واللَّكاعَةُ: الشِّدَّةُ.
وِقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: الوَكِيعُ: الشّاةُ تَتْبَعُهَا الغَنَمُ.
وِأَبُو سُفْيَانَ وَكِيعُ بنُ الجَرّاحِ بنِ مَلِيحِ بنِ عَدِيِّ بن فَرَسِ بنِ سُفْيَانَ بنِ الحارِثِ بن عَمْرِو بنِ عُبَيْدِ بن رُؤاسٍ الرُّؤاسِيُّ الكُوفِيُّ، مِنْ كِبَارِ الزُّهّادِ وأَصْحَابِ الحَدِيثِ، رَوَى عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وطَبَقَتِه، وعَنْهُ شُيُوخُ البُخَارِيِّ، ومَسْجِدُه خارِجَ فَيْدَ مَشْهُورٌ، ماتَ بهِ مُنْصَرَفَه مِنَ الحَجِّ.
وِوَكِيعُ بنُ مُحْرِزٍ، ووَكِيعُ بنُ عَدَسٍ أَو حَدَسٍ: مُحَدِّثانِ، فيهِ نَظَرٌ مِنْ وُجُوهٍ، الأَوّلُ: أَنّ عُدُسًا ضَبَطَه الحافِظُ بضَمَّتَيْنِ، وإِطْلاقُ المُصَنِّفِ يُوهِمُ أَنَّه بالفَتْحِ، والثّانِي: أَنَّ وَكِيعَ بنَ عُدُسٍ هذا قَدْ ذُكِرَ في الصَّحابَةِ، فقَوْلُه: «مُحَدِّثٌ» مَحَلُّ تَأَمُّلٍ، والثّالِثُ: قَوْلُه: «أَو حَدَسٍ» رُوِي بالتَّحْرِيكِ، وهو قَوْلُ أَحْمَدَ بنِ حَنْبَلٍ، وصَوَّبَه، وإِطْلاقُه يُوهِمُ أَنَّه بالفَتْحِ، وقَدْ ذُكِرَ شَيْءٌ من ذلِكَ في حَرْفِ السِّينِ المُهْمِلَة.
وِوَكَعَ أَنْفَهُ، كوَضَعَ وَكْعًا: وَكَزَهُ، نَقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ.
قالَ: ووَكَعَتِ العَقْرَبُ وَكْعًا: لَدَغَتْ، ونَصُّ المُحِيطِ: ضَرَبَتْ بِإِبْرَتِهَا، ومِثْلُه نَصُّ الصِّحاح، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ للقُطامِيِّ:
سَرَى فِي جَلِيدِ اللَّيْلِ حَتَّى كَأَنّما *** تَحَرَّمَ بالأَطْرَافِ وَكْعُ العَقارِبِ
وِوَكَعَتِ الحَيَّةُ وَكْعًا: لَسَعَتْ، ونَصُّ أَبِي عُبَيْدٍ: وَكَعَتْهُ الحَيَّةُ: لَدَغَتْهُ، وقالَ عُرْوَةُ بنُ مُرَّةَ الهُذَلِيُّ ـ ويُرْوَى لِأَبِي ذُؤَيْبٍ أَيْضًا ـ:
وِدافَعَ أُخْرَى القَوْمِ ضَرْبًا خَرادِلًا *** وِرَمْيَ نِبَالٍ مِثْلَ وَكْعِ الأَسَاوِدِ
وِوَكَعَتِ الدَّجاجَةُ وَكْعًا: خَضَعَتْ لِسِفادِ الدِّيكِ، ونَصُّ العُبَابِ واللِّسَانِ: عِنْدَ سِفَادِ الدِّيكِ.
وِعَن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: وَكَعَ البَعِيرُ: سَقَطَ، زادَ غَيْرُه: وَجَعًا، وفي العُبَابِ: مِنَ الوَجَى، وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ:
خِرْقٌ إِذَا وَكَعَ المَطِيُّ مِنَ الوَجَى *** لَمْ يَطْوِ دُونَ رَفِيقِه ذَا المِزْوَدِ
وَرَوَاهُ غَيْرُه «رَكَعَ» أَي انْكَبَّ وانْثَنَى، وذَا المِزْوَدِ يَعْنِي الطَّعَامَ؛ لأَنَّه فِي المِزْوَدِ يَكُونُ.
وِقال ابنُ عَبّادٍ: وَكَعَ فُلانًا بالأَمْرِ وَكْعًا: بَكَّتَهُ.
وِوقال الجَوْهَرِيُّ: وَكَعَ الشَّاةَ وَكْعًا: نَهَزَ ضَرْعَها عِنْدَ الحَلْبِ، يُقالُ: باتَ الفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّهُ اللَّيْلَةَ، وأَنْشَدَ أَبُو عَمْرٍو:
لأَنْتُمْ بوَكْعِ الضَّأْنِ أَعْلَمُ مِنْكُمُ *** بقَرْعِ الكُمَاةِ حَيْثُ تُبْغَى الجَرَائِمُ
ومِنْ كَلامِهِم: قالَتِ العَنْزُ: «احْلُبْ ودَعْ، فإِنَّ لَكَ ما تَدَع، وقالَتِ النَّعْجَةُ: احْلُبْ وَكَعْ، فلَيْسَ لَكَ ما تَدَع»، أَي: انْهَزِ الضَّرْعَ، واحْلُبْ [كُلَّ] ما فِيهِ، كما فِي الصِّحاحِ.
وِفِيهِ أَيْضًا: الوَكَعُ، مُحَرَّكَةً: إِقْبَالُ الإِبْهَامِ عَلَى السَّبّابَةِ مِنَ الرَّجْلِ حَتَّى يُرَى أَصْلُه، هكَذا في النُّسَخِ، والَّذِي فِي الصِّحاحِ والعُبَابِ واللِّسَانِ «أَصْلُهَا» خارِجًا كالعُقْدَةِ، وهو أَوْكَعُ، وهِيَ وَكْعَاءُ، وقالَ غَيْرُه: الوَكَعُ: مَيْلُ الأَصَابِعِ قِبَلَ السَّبّابَةِ، حَتّى يَصِيرَ كالعُقْفَةِ خِلْقَةً أَوْ عَرَضًا، وقَدْ يَكُونُ فِي إِبْهَامِ الرِّجْلِ، وقالَ اللَّيْثُ: الوَكَعُ: مَيَلَانٌ في صَدْرِ القَدَمِ نَحْوَ الخِنْصَرِ، ورُبَّمَا كانَ فِي إِبْهَامِ اليَدِ، وأَكْثَرُ ما يَكُونُ ذلِكَ للإِماءِ اللّوَاتِي يَكْدُدْنَ فِي العَمَلِ، ومِنْ ذلِكَ يُقَالُ في السَّبِّ: يا بْنَ الوَكْعَاءِ، وقالَ أَبُو زَيْدٍ: الوَكَعُ فِي الرِّجْلِ: انْقِلابُهَا إِلى وَحْشِيِّها.
وفِي الأَساسِ: فلانٌ لا يُفَرِّقُ بينَ الوَكَعِ والكَوَعِ، فالوَكَعُ: فِي الرِّجْلِ، والكَوَعُ: فِي اليَدِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: فِي رُسْغِه وَكَعٌ وكَوَعٌ: إِذا الْتَوَى كُوعُه.
وِالوَكْعَاءُ: الأَمَةُ الحَمْقَاءُ الطَّوِيلَةُ، وقِيلَ: هِي الوَجْعَاءُ؛ أَي الَّتِي تَسْقُطُ وَجَعًا.
وِاسْتَوْكَعَتْ مَعِدَتُه: اشْتَدَّتْ وقَوِيَتْ، وقِيلَ: اشْتَدَّتْ طَبِيعَتُه.
وِاسْتَوْكَعَ السِّقاءُ: مُتِّنَ تَمْتِينًا واسْتَدَّتْ مَخارِزُه بَعْدَ ما شُرِّبَتْ، قالَهُ اللَّيْثُ، واسْتَدَّتْ بالسِّينِ المُهْمَلَةِ عَلَى الصَّوابِ، وفي بَعْضِ النُّسَخِ بالمُعْجَمَةِ، وهو خَطَأٌ، وبَيْنَهَا وَبَيْنَ «اشْتَدَّتْ» جِناسٌ.
وِالمِيكَعَةُ، بالكَسْرِ: سِكَّةُ الحِرَاثَةِ الَّتِي يُسَوَّى بِهَا خُدَدُ الأَرْضِ المَكْرُوبَةِ، ج: مِيكَعٌ قالَ الجَوْهَرِيُّ: وهِي الَّتي تُسَمّى بالفَارِسِيَّة «بَزَنْ» وقالَ غَيْرُه: هِيَ المالَقَةُ.
وِالمِيكَعُ: السِّقَاءُ الوَكِيعُ، كما في العُبَابِ.
وِمَيْكَعَانُ بالفَتْحِ، كما يَدُلُّ له إِطْلاقُه، وهُوَ مَضْبُوطٌ في العُبَابِ بالكَسرِ: موضع، لِبَنِي مازِنِ بنِ عَمْرِو بنِ تَمِيمٍ، قالَ حاجِبٌ:
وِلَقَدْ أَتانِي ما يَقُولُ مُرَيْثِدٌ *** بالمَيكَعَيْنِ وللكَلامِ نَوادِ
وِواكَعَ الدِّيكُ الدَّجَاجَةَ، مُوَاكَعَةً ووِكَاعًا: سَفَدَهَا، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ.
وِالأَوْكَعُ: الطَّوِيلُ الأَحْمَقُ، وهِيَ وَكْعَاءُ.
وِيُقَالُ: أَسْمَنَ القَوْمُ وأَوْكَعُوا: إِذا سَمِنَتْ إِبِلُهُمْ وغَلُظَتْ من الشَّحْمِ، واشْتَدَّتْ.
وِأَوْكَعَ زَيْدٌ: قَلَّ خَيْرُه، وهو كِنَايَةٌ.
وِقالَ ابنُ عَبّادٍ: أَوْكَعَ الرَّجُلُ: جاءَ بأَمْرٍ شَدِيدٍ.
قال: وأَوْكَعَ الأَمْرُ إِيكاعًا: وَثُقَ وتَشَدَّدَ، فهُوَ ـ إِذن ـ ووَكُعَ سَوَاءٌ.
قالَ: واتَّكَعَ الشَّيْءُ كافْتَعَلَ: اشْتَدَّ، وأَصْلُه اوْتَكَعَ، قُلِبَتِ الواوُ تاءً، ثمّ أُدْغِمَتْ، قالَ عُكّاشَةُ السَّعْدِيُّ:
مُخْمَلَةً قَرَاطِفًا قَد اتَّكَعْ
بِها مَقَرّاتُ الثَّمِيلاتِ النُّقُعْ
وِسِقَاءٌ مُسْتَوْكِعٌ: لَمْ يَسِلْ مِنْهُ شَيْءٌ، فإِذا سالَ فهُوَ نَغِلٌ، ولا يَخْفَى أَنَّ هذا مَفْهُومٌ مِنْ قَوْلِه سابِقًا: اسْتَوْكَعَ السِّقاءُ: إِذا مَتُنَ واسْتَدَّتْ مَخارِزُه، فإِنَّهُ حِينئَذٍ لا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ ولا يَنْضِحُ؛ لأَنَّهُ قَدْ شُرِّبَ الماءَ، فتَأَمَّلْ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليهِ:
عَبْدٌ أَوْكَعُ: لَئِيمٌ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، قالَ ابنُ بَرِّيّ: وقَدْ جَمَعُوه فِي الشِّعْرِ علَى وَكَعَةٍ، قال:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهِمْ *** تِلْكَ أَفْعَالُ القِزَامِ الوَكَعَهْ
مَعْنَى أَحْصَنُوا: زَوَّجُوا.
ورَجُلٌ أَوْكَعُ: يَقُولُ: لا، إِذا سُئلَ، عن أَبِي العَمَيْثَلِ الأَعْرَابِيِّ.
ويُقَالُ: يُعْجِبُنِي وَكَاعَةُ حِمارِكَ، أَي: غِلَظُه وشِدَّتُه.
وِالوَكِيعَةُ مِنَ الإِبِلِ: الشَّدِيدَةُ المَتِينَةُ.
ومِنَ الأَسْقِيَةِ: ماقُوِّرَ ما ضَعُفَ مِنْ أَدِيمِهِ وأُلْقِيَ، وخُرِزَ ما صَلُبَ مِنْهُ وبَقِيَ.
وِأَوْكَعَ السِّقَاءَ: أَحْكَمَه.
وِاسْتَوْكَعَ الرَّجُلُ: اشْتَدَّتْ مَعِدتُه.
وِاسْتَوْكَعَتِ الفِرَاخُ: غَلُظَتْ وسَمِنَتْ، كاسْتَوْكَحَتْ.
وأَمْرٌ وَكِيعٌ، مُسْتَحْكِمٌ.
وِالمِيكَعُ، بالكَسْرِ: الجُوالِقُ؛ لأَنَّهُ يُحْكَمُ ويُشَدُّ، وبهِ فُسِّرَ قَوْلُ جَرِيرٍ:
جُرَّتْ فَتَاةُ مُجَاشِعٍ فِي مِنْقَرٍ *** ـ غَيْرَ المِرَاءِ ـ كما يُجَرُّ المِيكَعُ
ويُقَالُ: خُتِنَ بَعْدَ ما اسْتَوْكَعَتْ قُلْفَتُه، أَي: غَلُظَتْ واشْتَدَّتْ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
38-تاج العروس (سأف)
[سأف]: سَئِفَتْ يَدُهُ، كَفَرِحَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، عن أَبي زَيْدٍ: وسَأَفَتْ، مِثْل مَنَعَ، نَقَلَهُ ابنُ سِيدَه، سَأْفًا، بالفَتْحِ، ويُحَرَّكُ، وفيه لَفٌّ ونَشْرٌ غيرُ مُرَتَّبٍ: تَشَقَّقَتْ، وتَشَعَّثَ مَا حَوْلَ الْأَظْفَارِ، مِثْل سَعِفَتْ، كما في الصِّحاحِ، وهو قَوْلُ ابنِ الأَعْرَابِي، وهي سَئِفَةٌ، أو هي كذا في النُّسَخِ، وَالصَّوابُ: أَو هو تَشَقُّقُ الْأَظْفَارِ نَفْسِهَا، قَالَهذ ابنُ السِّكِّيتِ.وسَئِفَتْ شَفَتُهُ: تَقَشَّرَتْ.
وسَئِفَ لِيفُ النَّخْلِ: إذا تَشَعَّثَ، وانْقَشَرَ، كَانْسَأَفَ، وَقال اللَّيْثُ: سِيفُ اللِّيْفِ، وهو ما كان مُلْتَزِقًا بأُصُولِ السَّعَفِ، مِنْ خِلَالِ اللِّيفِ، وهو أَرْدَؤُهُ، وأَخْشَنُهُ لأَنّهُ يُسْأَفُ مِنْ جوانبِ السَّعَفِ فيصيرُ كأَنَّه لِيفٌ وليس به، ولُيِّنَتْ هَمْزَتُهُ.
وسَؤُفَ مَالُهُ، كَكَرُمَ: وَقَعَ فيه السُّؤَافُ، كغُرَابٍ، وهو لُغَةٌ في: السُّوَافِ، بِالْوَاوِ، كما سَيَأْتِي قِريبًا.
والسَّأَفُ، مُحَرَّكَةً: سَعَفُ النَّخْلِ عن ابن عَبَّادٍ.
وقال أَبو عُبَيْدَةَ: هو شَعَرُ الذَّنَبِ، والْهُلْبُ.
وقال أَيضًا: السَّائِفَةُ: مَا اسْتَرَقَّ مِن أَسَافِلِ الرَّمْلِ: الجمع: سَوائِفُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
سُئِفْتُ منه، بالضَّمِّ: أي فَزِعْتُ، هكذا جاءَ في حديثِ المَبْعَثِ في بعْضِ الرِّوَايَاتِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
39-تاج العروس (شرسف)
[شرسف]: الشُّرْسُوفُ، كَعُصْفُورٍ: غُضْرُوفٌ مُعَلَّقٌ بِكُلِّ ضِلْعٍ مِثْلُ غُضْرُوفِ الكَتِفِ، كما في الصِّحاحِ، أَو هو مَقَطُّ الضِّلَعِ، وهو الطَّرَفُ الْمُشْرِفُ علَى الْبَطْنِ نَقَلَ الجَوْهَرِيُّ أَيضًا، والجَمْعُ: شَرَاسِيفُ، وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشُّرْسُوفُ: رَأْسُ الضِّلَعِ مِمَّا يَلِي البَطْنِ، وبه فُسِّرَ حديثُ المَبْعَثِ: «فَشَقَّا مَا بَيْنَ ثُغْرَةِ نَحْرِي إِلَى شُرْسُوفي»، وقال ابنُ سِيدَه: الشُّرْسُوفُ: ضِلَعٌ علَى طَرَفِهَا غُضْرُوفٌ.وقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشُّرْسُوفُ: الْبَعِيرُ الْمُقَيَّدُ، وهو أَيضًا الأَسِيرُ المَكْتُوفُ، وهو البَعِيرُ الذي قد عُرْقِبَتْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ.
والشُّرْسُوفُ: الدَّاهِيَةُ.
وقال ابنُ فارسٍ: أَوَّلُ الشِّدَّةِ، وَمنه قَوْلُهم: أَصَابَتِ النَّاسَ الشَّرَاسِيفُ.
والشَّرْسَفَةُ: سُوءُ الْخُلُقِ عن ابنِ عَبَّادٍ. وقال اللَّيْثُ: شَاةٌ مُشَرْسَفَةٌ، بفَتْحِ السِّينِ: إذا كان بِجَنْبَيْهَا بَيَاضٌ، قد غَشَّى الشَّرَاسِيفَ، زَادَ في التَّهْذِيبِ: وَالشَّوَاكِلَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
40-تاج العروس (حلق)
[حلق]: الحَلْقَةُ بتَسْكِينِ الَّلامِ: السِّلاحُ عامًّا، وقِيلَ: الدِّرْعُ خاصَّةً، وفي الصِّحاحِ: الدُّرُوع، وفي المُحْكَم: اسمٌ لجُمْلَةِ السِّلاحِ والدُّرُوعِ وما أَشْبَهَها، وإِنَّما ذلِك لمَكانِ الدُّرُوعِ، وغَلَّبُوا هذا النَّوْعَ من السِّلاحِ، أَعْنِي الدُّرُوعَ، لشِدَّةِ غَنائِه، ويَدُلُّكَ على أَنَّ المُراعاةَ في هذا إِنَّما هي للدُّرُوعِ أَنَّ النُّعْمَانَ قد سَمَّى دُرُوعَه حَلْقَةً.ومنه الحَدِيثُ: «إِنَّكُم أَهْلُ الحَلْقَةِ والحُصُونِ» الحَلْقَةُ: الكَرُّ، أَي: الحَبْلُ.
والحَلْقَةُ من الإِناءِ: ما بَقِيَ خالِيًا بعدَ أَنْ جُعِلَ فيه شَيْءٌ من الطَّعامِ والشَّرابِ إِلى نِصْفِه، فما كانَ فوقَ النِّصْفِ إِلى أَعْلاهُ فهو الحَلْقَة، قالَه أَبو زَيْدٍ.
وقال أَبو مالِكٍ: الحَلْقَةُ من الحَوْضِ: امْتِلاؤُه، أَو دُونَه قالَ أَبو زَيْدٍ: وَفَّيْتُ حَلْقَةَ الحَوْضِ تَوْفِيَةً، والإِناء كَذلِكَ، وهو مَجازٌ.
والحَلْقَةُ: سِمَةٌ في الإِبِلِ مُدَوَّرَةٌ، شِبْهُ حَلْقَةِ البابِ.
والحَلَقُ، مُحَرَّكَةً: الإِبِلُ المَوْسُومَةُ بها، كالمُحَلَّقَةِ كمُعَظَّمَةٍ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لأَبِي وَجْزَةَ السَّعْدِيِّ:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بَيْنَها *** يَرُوح بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائِحِ
وقالَ عَوْفُ بنُ الخَرِعِ يُخاطِبُ لَقِيطَ بنَ زُرارَةَ:
وذَكَرْتَ مِنْ لَبَنِ المُحَلَّقِ شَرْبَةً *** والخَيْلُ تَعْدُو في الصَّعِيدِ بَدادِ
وأَنْشَدَه ابنُ سِيدَه للنّابِغَةِ [الجعدي] ولكنَّ ابنَ بَرِّيّ أَيَّدَ قولَ الجَوْهَرِيِّ.
وحَلْقَةُ البابِ والقَوْمِ بالفَتْحِ، وكَذا كُلُّ شَيْءٍ اسْتَدَارَ، كحَلْقَةِ الحَدِيدِ والفِضَّةِ والذَّهَبِ وقد تُفْتَحُ لامُهُما حَكاه يُونُسُ عن أَبِي عَمْرِو بنِ العَلاءِ، كما في الصِّحاحِ، وحَكاه سِيبَوَيْه أَيضًا، واخْتارَه أَبو عُبَيْدِ في الحَدِيدِ، كما سيأْتِي قريبًا وقد تُكْسَرُ أَي: حاؤُهُما، كما في اللِّسانِ، وفي العُبابِ تكْسَرُ اللَّامُ، نَقَلَه الفَرّاءُ والأُمَوِيُّ، وقالا: هي لُغَةٌ لبَلْحارِثِ بنِ كَعْبٍ في الحَلْقَة والحَلَقَة.
أَو لَيْسَ في الكَلامِ الفَصِيحِ حَلَقَةٌ مُحَرَّكَةً إِلّا في قَوْلِهم: هؤُلاءِ قَوْمٌ حَلَقَةٌ، للَّذِينَ يَحْلِقُونَ الشّعرَ، وفي التَّهْذِيبِ: يَحْلِقُونَ المِعْزَى جَمْع حالِقٍ قال الجَوْهَرِيُّ: قالَ أَبو يُوسُفَ: سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبانِيَّ، يَقُول هكَذا. قالَ شَيْخُنا، وقد جَزَم به أَكثرُ أَئِمَّةِ التَّحْقِيقِ، وعليه اقْتَصَر التَبْرِيزِيُّ في [تَهْذِيب] إِصْلاحِ المَنْطَقِ، وجَماعَةٌ من شُرّاحِ الفَصِيحِ. أَو التَّحْرِيكُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وقالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُم يُجِيزُه على ضَعْفه، وقال اللِّحْيانِيُّ: حَلْقَةُ البابِ، وحَلَقَتُه، بإِسْكانِ الّلامِ وفَتْحِها، وقالَ كُراع: حَلْقَةُ القَوْم وحَلَقَتُهم، وقالَ اللَّيْثُ: الحَلْقَةُ بالتَّخْفِيفِ من القَوْمِ، ومِنْهُم من يَقُول: حَلَقَةٌ، وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَخْتارُ في حَلَقَةِ الحَدِيدِ فتحَ الّلامِ، ويَجُوزُ الجَزْمُ، وأَخْتارُ في حَلْقَةِ القَوْمِ الجَزْمَ، ويَجُوزُ التَّثْقِيل، وقالَ أَبو العَبّاسِ: وأَخْتارُ في حَلْقَة الحَدِيدِ وحَلْقَةِ النّاسِ التَّخْفِيف، ويَجُوز فيهما التَّثْقِيلُ، وعِنْدَه ج: حَلَقٌ مُحَرَّكَةً وهو عَلَى غيرِ قِياسِ، قالَه الجَوْهَرِيُّ، وهو عندَ سِيبَوَيْهِ اسمٌ للجَمْع، وليس بجَمْعٍ؛ لأَنَّ فَعْلَةَ لَيْسَتْ مما يُكَسَّرُ على فَعَل، ونَظِيرُ هذا ما حَكاهُ من قَوْلِهم: فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وقد حَكَى سِيبَوَيْه في الحَلْقَةِ فتحَ الَّلامِ، وأَنْكَرَها ابنُ السِّكِّيتِ وغيرُه، فعَلَى هذه الحِكَاية حَلَقٌ جَمْعُ حَلَقَةٍ، وليس حينئِذٍ اسمَ جَمْعٍ، كما كانَ ذلِك في حَلَق الّذِي هو اسمُ جَمْعٍ لحَلْقَةٍ، ولم يَحْمِلْ سِيبَوَيْه حَلَقًا إِلّا عَلَى أَنّه جَمْعُ حَلْقَة، وإن كانَ قد حَكَى حَلَقَةً، بفتحها.
قلتُ وقد اسْتَعْمَلَ الفَرَزْدَقُ حَلَقَةً في حَلْقَةِ القَومِ، قال:
يا أَيُّها الجالِسُ وَسْطَ الحَلَقَهْ *** أَفِي زِنًا قُطِعْتَ أَمْ في سَرِقَهْ
وقالَ الرّاجِزُ:
أُقْسِمُ باللهِ نُسْلِمُ الحَلَقَهْ *** ولا حُرَيْقًا وأُخْتَه الحُرَقَهْ
وقال آخَرُ:
حَلَفْتُ بالملْحِ والرَّمادِ وبالنّ *** ارِ وباللهِ نُسْلِمُ الحَلَقَهْ
حَتّى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِرًا *** ويَخْضِبُ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقَهْ
وقالَ الأَصْمَعِيُّ: حَلْقَةٌ من النّاسِ، ومن الحَدِيدِ، والجَمْعُ: حِلَقٌ كبِدَرٍ في بَدْرَة، وقِصَعٍ في قَصْعَة، وعَلَى قَوْلِ الأُمَوِيِّ والفَرّاءِ: جمع حِلْقَة بالكسرِ، على بابِه وحَلَقاتٌ، مُحَرَّكَةً حكاه يُونُسُ عن أَبِي عَمْرٍو، هو جَمْعُ حَلَقَةٍ مُحَرَّكَةً، وكذلِكَ حَلَقٌ، وأَنشدَ ثَعْلَبٌ:
أَرِطُّوا فقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكُم *** عَسَى أَن تَفُوزُوا أَن تَكُونُوا رَطائِطَا
وتقَّدَم تفسيرُه في: «ر ط ط» وفي الحَدِيثِ: «نَهَى عن الحِلَقِ قَبْلَ الصَّلاةِ» وفي رِوايَةٍ: «عن التَّحَلُّقِ» هي: الجَماعَةُ من الناسِ مُسْتَدِيرِين كحَلْقَةِ البابِ وغَيْرِها، وفي حَدِيثٍ آخَرَ: «الجالِسُ وَسَطَ الحَلْقَةِ مَلْعُونٌ» وفي آخر «نَهَى عن حَلَقِ الذَّهَبِ» وتُكْسَرُ الحاءُ فحِينَئذٍ يَكُون جَمْعَ حِلْقَة، بالكسرِ.
وقالَ أَهْلُ التَّشْرِيح: للرَّحِمِ حَلقتانِ: حَلْقَةٌ على فَمِ الفَرْجِ عند طَرَفِه، والحَلْقَةُ الأُخْرَى تَنْضَمُّ على الماءِ وتَنْفَتِحُ للحَيْضِ وقِيلَ: إِنَّما الأُخْرَى التى يُبالُ منها، يُقالُ: وَقَعَت النُّطْفَةُ في حَلْقَةِ الرَّحِمِ، أَي: بابِها، وهو مَجازٌ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: يُقالُ: انْتَزَعْتُ حَلْقَتَهُ كأَنّه يُريدُ سَبَقْتُه.
وقَوْلُهم للصَّبِيِّ المَحْبُوبِ إِذا تَجَشَّأَ: حَلْقَةً وكَبْرَة، وشَحْمَةَ في السُّرَّة أَيْ: حُلِقَ رَأْسُكَ حَلْقَةً بعدَ حَلْقَةٍ حَتّى تَكْبَرَ، نقَلَهُ ابنُ عَبّادٍ أَيْضًا، وفي الأَساسِ: أَي: بَقِيتَ حَتَّى يُحْلَقَ رَأْسُكَ وتَكْبَرَ.
وحَلَقَ رَأْسَه يَحْلِقُه حَلْقًا، وتَحْلاقًا بفَتْحِهما: أَزالَ شَعَرَه عنه، واقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ على الحَلْقِ.
كحَلَّقَه تَحْلِيقًا، وفي الصِّحاحِ: حَلَّقُوا رُؤُوسَهُمْ، شُدِّدَ للكَثْرَةِ، وفي العُباب: التَّحْلِيقُ مُبالَغَةُ الحَلْقِ، قالَ الله تَعالَى: {مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}.
وفي المُحْكَمِ: الحَلْقُ في الشَّعَرِ من النّاسِ والمَعِزِ، كالجَزِّ في الصُّوفِ، حَلَقَه حَلْقًا، فهو حالِقٌ وحَلّاقٌ، وحَلَّقَهُ واحْتَلَقَه أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابِيِّ:
فابْعَثْ عليهِم سَنَةً قاشُورَهْ *** تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَهْ
ويُقالُ: رَأْسٌ جَيِّدُ الحِلاقِ، ككِتابٍ نَقَله الجَوْهَرِيُّ.
ونُقِلَ عن أَبِي زَيْدٍ: عَنْزٌ مَحْلُوقَةٌ، وشَعَرٌ حَلِيقٌ، ولِحْيَةٌ حَلِيقٌ ولا يُقالُ: حَلِيقَةٌ وقالَ ابنُ سِيده: رأَسٌ حَلِيقٌ، أَي: مَحْلُوقٌ، قالت الخَنْساءُ:
ولكِنِّي رَأَيْتُ الصَّبْرَ خَيْرًا *** من النَّعْلَيْنِ والرَّأْسِ الحَلِيقِ
وحَلَقَهُ كنَصَرَه: ضَرَبَه فَ أَصابَ حَلْقَه وكذلِكَ: رَأَسَهُ، وعَضَدَه، وصَدَرَه، نقله الجَوْهَرِيُّ.
ومن المَجازِ: حَلَقَ الحَوْضَ إِذا مَلَأَه فوَصَلَ بهِ إِلى حَلْقِه، كأَحْلَقَه نَقَلَه الصّاغانِيُّ.
وحَلَقَ الشَّيْءَ: قَدَّرَه كخَلَقَه، بالخاءِ المُعْجَمة، نقله الصّاغانِيُّ.
ومن المَجازِ: أَخَذُوا في حُلُوقِ الأَرْضِ مَجاريها وأَوْدِيَتُها و* وكذلِك الطُّرُق: مَضايِقها وهو عَلَى التَّشْبِيهِ أَيضًا. ويَوْمُ تَحْلاقِ اللِّمَمِ كانَ لتَغْلِبَ عَلَى بَكْرِ بنِ وائِلٍ لأَنَّ شِعارَهُم كانَ الحَلْقَ يومَئذٍ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وفي الحَدِيثِ: «دَبَّ إِلَيْكُم داءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: البغضاءُ والحالِقَةُ».
قالَ خالدُ بنُ جَنْبَةَ: هي قَطِيعَةُ الرَّحِمِ والتَّظالُمُ، والقولُ السَّيِّئُ، وهو مَجازٌ، وقالَ غيرُه: هي الَّتي من شَأْنِها أَنْ تَحْلِقَ، أَي: تُهْلِكَ وتَسْتَأْصِلَ الدِّينَ، كما يَسْتَأْصِلُ المُوسَى الشَّعَرَ.
و«لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من النِّساء الحالِقة، والخارِقَةَ، والسّالِقَةَ» فالحالِقَةُ: التي تَحْلِقُ شَعْرَها في المُصِيبَةِ وقِيلَ: أَرادَ التي تَحْلِقُ وَجْهَها للزِّينَةِ، وفي حَدِيث آخَرَ: «ليسَ مِنّا من سَلَق، أَو حَلَق، أَو خَرَقَ». ومن المَجازِ: الحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتَلِئُ وكأَنَّ اللَّبَنَ فيه إِلى حَلْقِه، ومنه قولُ لَبِيدٍ رضي الله عنه يَصِفُ مَهاة:
حَتّى إِذا يَبِسَتْ وأَسْحَقَ حالِقٌ *** لم يُبْلِهِ إِرْضاعُها وفِطامُها
قالَ ابنُ الأَعرابِيِّ: الحالِقُ: الضَّرْعُ* المُرْتَفِعُ الذي قَلَّ لَبَنُه، وأَنْشَدَ هذا البَيْتَ، نَقَلَهُ الصّاغانِيّ، والجمعُ: حُلَّقٌ، وحَوالِقُ، وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: الحالِقُ: الضَّرْعُ، ولم يُحَلِّه، قالَ ابنُ سِيدَه: وعِنْدِي أَنَّه المُمْتَلِئُ، وفي التَّهْذِيب: الحالِقُ، من نَعْتِ الضُّرُوعِ جاءَ بمَعْنَيَيْنِ مَتَضادَّيْنِ، فالحالِقُ: المُرْتَفِعُ المُنْضَمُّ الذي قَلَّ لَبَنُه، وإِسْحاقُه دَلِيلٌ على هذا المَعْنَى، والحالِقُ أَيضًا: الضَّرْعُ المُمْتَلِئُ، ودَلِيلُه قولُ الحُطَيْئَةِ يصفُ الإِبِلَ بالغَزارَةِ:
وإِنْ لَمْ يَكُنْ إِلّا الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ *** لَها حُلَّقٌ ضَرّاتُها شَكِراتِ
لأَنَّ قولَه: «شَكِراتٌ» يَدُلُّ على كَثْرةِ اللَّبَنِ، فانْظُر هذا مَعَ ما نَقَلهُ الصّاغانِيُّ، ولم يُفْصِح المُصَنِّف بالضِّدِّيّةِ، وهو قُصُورٌ منه مع تَأَمُّلٍ في سِياقِه. وقال الأَصْمَعِيُّ: أَصبَحَت ضَرَّةُ الناقَةِ حالِقًا: إِذا قارَبَتِ المَلْءَ ولم تَفْعَلْ، ونَقَلَ ابنُ سِيدَه عن كُراع: الحالِقُ: التي ذَهَبَ لبَنُها، وحَلَقَ الضَّرْعُ يَحْلِقُ حُلُوقًا فهو حالِقٌ، وحُلُوقُه: ارْتِفاعُه إِلى البَطْنِ وانْضِمامُه، قالَ: وهو فِي قولٍ آخَر: كَثْرَةُ لَبَنِه.
قلتُ: ففِيه إِشارَةٌ إِلى الضِّدِّيَّة.
والحالِقُ: من الكَرْمِ والشَّرْيِ ونَحْوِه: ما الْتَوَى منه وتَعَلَّقَ بالقُضْبانِ قالَ الأَزهرِيُّ: مَأْخُوذٌ من اسْتِدارَتِه كالحَلْقَةِ.
ومن المَجازِ: الحالِقُ: الجَبَلُ المُرْتَفِعُ المُنِيفُ المُشْرِفُ، ولا يَكُونُ إِلَّا مع عَدَمِ نَباتٍ، ويُقال: جاءَ من حالِقٍ، أَي: مِنْ مَكانٍ مُشْرِفٍ، وفي حَدِيثِ المَبْعَثِ: «فهَمَمْتُ أَن أَطْرَحَ نَفْسِي من حالِقٍ» أَي: من جَبَلٍ عالٍ، وأَنشدَ اللَّيْثُ:
فخَرَّ مِنْ وَجْأَتِه مَيِّتًا *** كأَنَّما دُهْدِهَ مِنْ حالِقِ
وقيل: جَبَلٌ حالِقٌ: لا نَباتَ فيه، كأَنّه حُلِقَ، وهو فاعِلٌ بمعنى مَفْعُول، قال الزَّمَخْشَرِيُّ: وهو من تَحْلِيقِ الطّائِرِ، أَو من البُلُوغ إِلى حَلْقِ الجَوِّ.
ومن المجازِ: الحالِقُ: المَشْؤومُ على قَوْمٍ، كأَنَّه يَحْلِقُهم، أَي: يَقْشِرُهم كالحالِقَةِ هكذا في النُّسَخِ، وفي العُبابِ والتَّكْمِلَة: كالحالُوقَةِ، وهو الصَّوابُ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: الحَلْقُ: الشُّؤْمُ وهو مجازٌ، ومنه قولُهم في الدُّعاءِ: عَقْرًا حَلْقًا.
والحَلْقُ: مَساغُ الطَّعامِ والشَّرابِ في المَرِيءِ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: هو مَخْرَجُ النَّفَسِ من الحُلْقُومِ ومَوْضِعُ الذَّبْحِ.
وقالَ أَبو زَيْدٍ: الحَلْقُ: موضِعُ الغَلْصَمَةِ، والمَذْبَحِ.
والحُلْقُومُ: فُعْلُومٌ عند الخَلِيلِ، وفُعْلُولٌ عندَ غيرِه، وسيَأْتي ذكره. قالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَخْبَرَنِي أَعْرابِيٌّ من السَّراةِ أَنّ الحَلْقَ: شَجَرٌ كالكَرْمِ يَرْتَقِي في الشَّجَرِ، وله وَرَقٌ كوَرَقِ العِنَبِ حامِضٌ يُطْبَخُ به اللَّحْمُ، وله عَناقِيدُ صِغارٌ كعَناقِيدِ العِنَبِ البَرِّيِّ يَحْمَرُّ، ثم يَسْوَدُّ فيكونُ مُرًّا، ويُؤْخَذُ وَرَقُه فيُطْبَخُ، ويُجْعَلُ ماؤُه في العُصْفُرِ فيَكُونُ أَجْوَدَ لَهُ مِنْ ماءِ حَبِّ الرُّمّانِ ومَنابِتُه جَلَدُ الأَرْضِ، وقالَ اللِّيْثُ: هو نَباتٌ لوَرَقِه حُمُوضَةٌ يُخْلَطُ بالْوَسْمَةِ للخِضابِ، الواحِدَةُ حَلْقَةٌ، أَو تُجْمَعُ عِيدانُها وتُلْقَى فِي تَنُّورٍ سَكَن نارُه، فتَصِيرُ قِطَعًا سُودًا، كالكَشْكِ البابِلِيِّ، حامِضٌ جِدَّا، يَقْمَعُ الصَّفْراءَ، ويُسَكِّنُ اللهبَ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: سَيْفٌ حالُوقَةٌ: ماضٍ، وكذا رَجُلٌ حالُوقَةٌ: إِذا كان ماضِيًا، وهو مجازٌ.
وحَلِقَ الفَرَسُ والحِمارُ، كفَرِحَ يَحْلَقُ حَلَقًا، بالتَّحْرِيكِ: إِذا سَفَدَ فأَصابَهُ فَسادٌ في قَضِيبِه من تَقَشُّرٍ واحْمِرارٍ فيُداوَى بالخِصاءِ، كما في الصِّحاحِ، قاله أَبُو عُبَيْدٍ، قالَ ثَوْرٌ النَّمَرِيُّ: يكونُ ذلك من داءٍ ليسَ له دَواءٌ إِلا أَنْ يُخْصَى، فرُبّما سَلِم، ورُبّما ماتَ، قال:
خَصَيْتُكَ يا ابْنَ حَمْزَةَ بالقَوافِي *** كما يُخْصَى مِنَ الحَلَقِ الحِمارُ
وقال الأَصْمَعِيُّ: يكونُ ذلِكَ من كَثْرَةِ السِّفادِ، قالَ ابنُ بَرِّيّ: الشُّعَراءُ يَجْعَلُونَ الهِجاءَ والغَلَبَة خِصاءً، كأَنَّه خَرَج من الفُحُولِ.
وقالَ شمر: أَتانٌ حَلَقيَّةٌ، مُحَرَّكَةً: إِذا تَداوَلَتْها الحُمُرُ حَتّى أَصابَها داءٌ في رَحِمِها.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: الحَوْلَقُ كجَوْهَرٍ: وَجَعٌ في حَلْقِ الإِنْسانِ وليسَ بثَبَتٍ.
قالَ والحَوْلَقُ أَيضًا: الدّاهِيَةُ، كالحَيْلَقِ كحَيْدَرٍ، وهو مجازٌ.
قالَ: وحَوْلَقٌ أَيْضًا: اسمُ رَجُلٍ.
قالَ: ومَثَلٌ للَعَربِ: «لأُمِّكَ الحُلْقُ» بالضَّمِّ وهو الثُّكْلُ كما يَقُولُونَ: لعَيْنَيْكَ العُبْرُ؛ وفي الأَساس أَي: حَلْقُ الرَّأْسِ.
والحِلْقُ بالكَسْرِ: خاتَمُ المُلْكِ الذي يَكُونُ في يَدِه، عن ابْنِ الأَعرابِيِّ، وأَنشدَ:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبْيَضُ ماجِدٌ *** رَدِيفُ مُلوكٍ ما تَغِبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشدَ الجَوْهَرِيُّ لجَرِيرٍ:
ففازَ بحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ *** فتىً منهُمُ رَخْوُ النِّجادِ كَرِيمُ
أَو الحِلْقُ: خاتَمٌ من فِضَّةٍ بلا فَصٍّ نَقَلَه ابنُ سِيدَه.
والحِلْقُ: المالُ الكَثِيرُ يُقال: جاءَ فُلانٌ بالحِلْقِ والإِحْرافِ لأَنَّه يَحْلِقُ النَّباتَ، كما يَحْلِقُ الشَّعَرَ وهو مَجازٌ.
والمِحْلَقُ كمِنْبَرٍ: المُوسَى لأَنّه آلةُ الحَلْقِ.
ومن المَجازِ: المِحْلَقُ: الخَشِن من الأَكْسِيَةِ جِدًّا، كأَنّه لخُشُونَتِه يَحْلِقُ الشَّعَر وأَنشَدَ الجَوْهَرِيُّ للرّاجِز، وهو عُمارَةُ بنُ طارِقٍ، يَصِفُ إِبِلًا تَرِدُ الماءَ فتَشْرَبُ:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِرِ الهَدالِقِ *** نَفْضَكَ بالمَحاشِئِ المَحالِقِ
ومن المَجازِ: «سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ» كقَطامِ وعليه اقْتَصَر الجَوْهَرِيُّ، وبُنِيَتْ على الكَسْرِ لأَنَّهَ حَصَلَ فيها العَدْلُ والتَّأْنِيثُ والصِّفَةُ الغالِبَةُ، وهي مَعْدُولَةٌ عن حالِقَةٍ وجَوَّزَ ابنُ عَبّادِ حَلاقٍ بالتَّنوينِ، مِثْل سَحابٍ ووَقَعَ في التَّكْمِلَة مثل كِتابٍ أَي: المَنِيَّة الحالِقَةُ، أَيْ: القاشِرَةُ، وأَنشدَ الجَوْهَرِيُّ:
لَحِقَتْ حَلاقِ بِهِم عَلَى أَكْسائِهِم *** ضَرْبَ الرِّقابِ ولا يُهِمُّ المَغْنَمُ
قالَ ابنُ بَرِّيّ: البَيْتُ للأَخْزَمِ بنِ قارِبٍ الطّائِيِّ، وقِيلَ: هو للمُقْعَدِ بنِ عَمْرو، وعليه اقتَصَر الصّاغانِيُّ، وأَنشَدَ ابن سِيدَه لمُهَلْهِلٍ:
ما أُرَجِّي بالعَيْشِ بعدَ نَدامَى *** قَدْ أُراهُم سُقُوا بكَأْسِ حَلاقِ
وحُلاقَةُ المِعْزَى، بالضَّمِّ: ما حُلِقَ من شَعَرِه نَقَله الجَوْهَرِيُّ.
قالَ: والحُلاقُ كغراب: وَجَعُ الحَلْقِ.
وفي المُحْكَم: الحُلاقُ: أَن لا تَشْبَعَ الأَتانُ من السِّفادِ، ولا تَعْلَقَ على ذلِكَ أَي: مَعَ ذلك وكذَا المَرْأَةُ قالَ ابنُ سِيدَه: الحُلاقُ: صِفَةُ سَوْءٍ، كأَنَّ مَتاعَ الإِنسانِ يَفْسُدُ، فتعُودُ حَرارَتُه إِلى هُنَالِكَ وقد اسْتَحْلَقَت الأَتانُ والمَرْأَةُ.
والحُلْقانُ بالضَّمِّ، والمُحَلْقِنُ نَقَلَهما الجَوْهَرِيُّ والمُحَلِّقُ كمُحَدِّثِ، وهذِه عن أَبي حَنِيفَةَ: البُسْرُ قد بَلَغَ الإِرْطابُ ثُلُثَيْهِ وإِذا بَدَا من قِبَلِ ذَنَبِه فتُذْنُوبٌ، وإِذا بَلَغَ نِصْفَه فهو مُجَزَّعٌ، وفي حَدِيثِ بَكّارٍ: «أَنَّه صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى قَوْمٍ وَهُمْ يَأْكُلونَ رُطَبًا حُلْقانِيًّا، وثَعْدًا، وهم يَضْحَكُون، فقال: لو عَلِمْتُم ما أَعْلَمُ لضَحِكْتُم قَلِيلًا، ولبَكَيْتُم كَثِيرًا» الواحِدَةُ بهاءٍ قالَ ابنُ سِيدَه: بُسْرَةٌ حُلْقانَةٌ: بَلَغَ الإِرْطابُ حَلْقَها، وقِيلَ: هي التي بَلَغَ الإِرْطابُ حَلْقَها قَرِيبًا من الثُّفْرُوق من أَسْفَلِها.
وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ: قَدْ حَلَّقَ البُسْرُ تَحْلِيقًا وهي الحَوالِيقُ، بثَباتِ الياءِ، قالَ ابنُ سِيدَه: وهذا البناءُ عِنْدِي على النَّسَبِ؛ إِذْ لو كانَ على الفِعْلِ لقالَ: مَحالِيقُ، وأَيضًا فإِنِّي لا أَدْرِي ما وَجْهُ ثَباتِ الياءِ في حَوالِيقَ.
وفي الحَدِيثِ: «قالَ صلى الله عليه وسلم لصَفِيَّةَ بنتِ حُيَيِّ حِينَ قِيَلَ له يَوْمَ النَّفْرِ: إِنَّها نَفِسَتْ، أَو حاضَتْ فقالَ: «عَقْرًا حَلْقًا ما أُراها إِلا حابِسَتَنَا» قالَ الأَزْهَرِيُّ: عَقْرًا حَلْقًا بالتَّنْوِينِ علَى أَنَّه مصدَرُ فِعْلٍ مَتْرُوكِ اللَّفْظِ، تقديرُه: عَقَرَها اللهُ عَقْرًا، وحَلَقَها اللهُ حَلْقًا وتَرْكهُ قَلِيلٌ بل غيرُ مَعْرُوفٍ في اللُّغَةِ أَو هو من لَحْنِ المُحَدِّثِينَ وفي التَّهْذِيب: وأَصحابُ الحَدِيثِ يَقُولُونَ: عَقْرَى حَلْقَى، بوَزْنِ غَضْبى، حيث هو جارٍ عَلَى المُؤَنَّثِ والمَعْرُوفُ فى اللُّغَةِ التَّنْوِينُ، ومَعْنَى هذا أَنَّه دَعَى عَلَيْها أَنْ تَئِيمَ مِنْ بَعْلِها، فتَحْلِقَ شَعْرَها، وقِيلَ: مَعناه: أَصابَها الله تَعالَى بوَجَع في حَلْقِها نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وليسَ بقَوِيٍّ. وقالَ ابنُ سِيدَه: قِيل: معناه أَنّها مَشْؤُومَةٌ، ولا أُحِقُّها، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: حَلْقَى عَقْرَى: مَشْؤُومَةٌ مُؤْذِيَةٌ، وقالَ أَبو نَصْرٍ: يُقالُ عِنْدَ الأَمْرِ تَعْجَبُ منه: خَمْشَى عَقْرَى حَلْقَى، كأَنَّه من الخَمْشِ والعَقْرِ والحَلْقِ، وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى *** لِما لاقَتْ سَلامانُ بنُ غَنْمِ
هكَذا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ، والمَعْنَى: قَوْمِي أُولُو نِساءٍ قد عَقَرْنَ وجُوُهَهُن فخَدَشْنَها، وحَلَقْنَ شُعُورَهُنَّ، قال ابنُ بَرِّي: وقد رَوَى هذا البَيْتَ ابنُ القَطّاع هكذا، وكَذَا الهَرَوِيُّ في الغَرِيبَيْنِ، والذي رَواهُ ابنُ السِّكِّيتِ.
أَلا قُومِي إِلى عَقْرَى وحَلْقَى
وفسَّرَهُ ابنُ جِنِّي فقال: قولُهم: «عَقْرَى وحَلْقَى» الأَصْلُ فيه أَنَّ المَرْأَةَ كانت إِذا أُصِيبَ لها كَرِيمٌ حَلَقَتْ رَأْسَها، وَأَخَذَتْ نَعْلَيْنِ تَضْرِبُ بهما رَأْسَها، وتَعْقِرُهُ، وعلى ذلِكَ قولُ الخَنْساءِ:
ولكِنّي رأَيتُ الصَّبْرَ خَيْرًا *** من النَّعْلَيْنِ والرَّأْسِ الحَلِيقِ
يُرِيدُ أَنَّ قَوْمِي هؤُلاءِ قد بَلَغَ بهم من البَلاءِ ما يَبْلُغُ بالمَرْأَةِ المَعْقُورَةِ المَحْلُوقةِ، ومعناه أَنَّهم صارُوا إِلى حالِ النِّساءِ المَعْقُوراتِ المَحْلُوقاتِ، وقالَ شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ: «عَقْرًا حَلْقًا» فقُلْتُ له: لم أَسْمَعْ هذا إِلا عَقْرَى حَلْقَى، فقال: لكِنِّي لم أَسْمَعْ فَعْلَى على الدُّعاءِ، قال شَمِرٌ: فقلتُ له: قال ابنُ شُمَيْلٍ: إِنَّ صِبْيانَ البادِيَةِ يَلْعَبُون ويَقُولُون: مِطِّيرَى، على فِعِّيلَى، وهو أَثْقَلُ من حَلْقَى، قال: فَصَيَّرَه في كِتابِه على وَجْهَيْنِ: مُنَوَّنًا، وغَيْرَ مُنَوَّنٍ.
وتَحْلِيقُ الطّائِرِ: ارْتِفاعُه في طَيَرانِه واسْتِدارَتُه في الهَواءِ، وهو مَجازٌ، قال ذُو الرُّمَّةِ يصفُ ماءً وَرَدَهُ:
وَرَدْتُ اعْتِسافًا والثُّرَيّا كأَنَّه *** عَلَى قِمَّةِ الرَّأْسِ ابنُ ماءٍ مُحَلِّقُ
وقالَ النّابِغَةُ الذُّبْيانِيُّ:
إِذا ما غَزَوْا بالجَيْشِ حَلَّقَ فَوْقَهُم *** عَصائِبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بعَصائِبِ
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: حَلَّقَ ضَرْعُ النّاقَةِ تَحْلِيقًا: إِذا ارْتَفَعَ لَبَنُها إِلى بَطْنِها.
وقالَ ابنُ سِيدَه: حَلَّقَ اللَّبَنُ: ذَهَبَ.
وقالَ أَبو عَمْرٍو: حَلَّقَتْ عُيُونُ الإِبِلِ: إِذا غارَتْ وهو مَجازٌ.
وحَلَّقَ القَمَرُ: صارَتْ حَوْلَه دَوّارَةٌ أَي: دارَةٌ، كتَحَلَّقَ.
وحَلَّقَ النَّجْمُ: ارْتَفَع ورَوَى أَنَسٌ ـ رضي الله عنه ـ: «كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي العَصْرَ والشَّمْسُ بَيْضاءُ مُحَلِّقَةٌ» قال شَمِرٌ: أَي: مُرْتَفِعَةٌ، وقال غَيْرُه: تَحْلِيقُ الشَّمْسِ من أَوَّلِ النَّهارِ: ارْتِفاعُها من المَشْرِق، ومن آخِرِ النَّهار: انْحِدارُها، وقال شَمِرٌ: لا أَدْرِي التَّحْلِيقَ إِلّا الارْتِفاعَ، قال ابنُ الزَّبِيرِ الأَسَدِيُّ ـ في النَّجْمِ ـ:
رُبَ مَنْهَلٍ طاوٍ وَرَدْتُ وقد خَوَى *** نَجْمٌ وحَلَّقَ في السَّماءِ نُجُومُ
خَوَى، أَي: غابَ.
وحَلَّقَ بالشَّيْءِ إِليه: رَمَى ومنه الحَدِيثُ: «فبَعَثَتْ عائِشَةُ ـ رضي الله عنها ـ إِليهم بقَمِيصِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فانْتَحَبَ النّاسُ، فحَلَّقَ به أَبُو بَكْرٍ ـ رضي الله عنه ـ إِليَّ، وقال: تَزَوَّدِي به، واطْوِهِ».
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: يُقالُ: شَرِبْتُ صُواجًا فحَلَّقَ بِي، أَي: نَفَخَ بَطْنِي وهو مَجازٌ.
وقالَ اللَّيْثُ: المُحَلَّقُ، كمُعَظَّمٍ: موضِعُ حَلْقِ الرَّأْسِ بمِنىً وأَنْشَدَ:
كَلّا ورَبِّ البَيْتِ والمُحَلَّق
وقال الفَرَزْدَقُ:
بمَنْزِلَةٍ بينَ الصَّفا كُنْتُما بهِ *** وزَمْزَمَ والمَسْعَى، وعندَ المُحَلَّقِ
والمُحَلَّقُ: لَقَبُ عَبْدِ العُزَّى بنِ حَنْتَمِ بنِ شَدّادِ بنِ رَبِيعَةَ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ عُبَيْدِ بنِ كِلابٍ العامِرِيِّ، وضَبَطَهُ صاحِبُ اللِّسانِ كمُحَدِّثٍ لأَنَّ حِصانًا له عَضَّهُ في خَدِّه وكانَت العَضَّةُ كالحَلْقَةِ هذا قولُ أَبي عُبَيْدَة أَو أَصابَه سَهْمٌ غَرْبٌ فكُوِيَ بحَلْقَة مِقْراضٍ، فبَقِيَ أَثَرُها في وَجْهِه، قال الأَعْشَى:
تُشَبُّ لمَقْرُورَيْنِ يَصْطَلِيانِها *** وباتَ على النّارِ النَّدَى والمُحَلَّقُ
والمُحَلِّقُ بكسرِ الّلامِ: الإِناءُ دُونَ المَلْءِ وأَنشَدَ أَبُو مالِكٍ: فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ وحَلَّقَ ماءُ الحَوْضِ: إِذا قَلَّ وذَهَبَ، قال الفَرَزْدَقُ:
أُحاذِرُ أَنْ أُدْعَى وحَوْضِي مُحَلِّقٌ *** إِذا كانَ يَوْمُ الوِرْدِ يَوْمَ خِصامِ
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: المُحَلِّقُ: الرُّطَبُ نَضِجَ بَعْضُه ولم يَنْضَجْ بعضٌ، وهذا قد تَقَدَّم عند ذِكْر الحُلْقان.
والمُحَلِّقُ من الشِّياهِ: المَهْزُولَة عن ابنِ عَبّادٍ.
والمُحَلَّقَةُ، كمُعَظَّمَةٍ: فَرَسُ عُبَيْدِ اللهِ بنِ الحُرِّ الجُعْفِيِّ. وتَحَلَّقُوا: إِذا جَلَسُوا حَلْقَةً حَلْقَةً ومنه الحَدِيثُ: «نَهَى عن التَّحَلُّق قَبْلَ الصَّلاةِ» وقد تَقَدَّم، وهو تَفَعُّلٌ من الحَلْقَة.
ويُقال: ضَرَبُوا بُيُوتَهم حِلاقًا، ككِتابٍ أَي: صَفًّا واحِدًا حَتَّى كأَنَّها حَلْقَةٌ، والحِلاقُ هنا: جَمْعُ الحَلْقَةِ بالفتحِ، على الغالِبِ، أَو جمعُ حِلْقَةٍ بالكسرِ، على النادر.
* ومما يُسْتَدركُ عليه:
حَلْقُ التَّمْرَةِ والبُسْرَةِ: مُنْتَهَى ثُلُثَيْها، كأَنَّ ذلك مَوْضِعُ الحَلْقِ منها.
وجَمْعُ حَلْقِ الرَّجُلِ: أَحْلاقٌ في القليل، وحُلُوقٌ وحُلُقٌ في الكثيرِ، والأَخِيرةُ عَزِيزَةٌ، قال الشاعِرُ:
إِنَّ الّذِينَ يَسُوغُ في أَحْلاقِهم *** زادٌ يَمَرُّ عليهِمُ لَلِئامُ
وأَنْشَدَه المُبَرِّدُ: «في أَعْناقِهم» فرَدَّ ذلِكَ عليه عَلِيُّ بنُ حَمْزَةَ: وأَنْشَد الفارِسِيُّ:
حَتَّى إِذا ابْتَلَّتْ حَلاقِيمُ الحُلُقْ
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: حَلَقَ الرَّجُلُ كضَرَبَ: إِذا أَوْجَعَ، وحَلِقَ، كفَرِحَ: إِذا وَجِعَ، وقال غَيْرُه: شَكَى حَلْقَه.
وحُلُوقُ الآنِيَةِ والحِياضِ: مَجارِيها.
والحُلُق بضَمَّتَيْنِ: الأَهْوِيَةُ بينَ السّماءِ والأَرْضِ، واحِدُها حالِقٌ.
وفَلاةٌ مُحَلِّقٌ، كمُحَدِّث: لا ماءَ بِها، قال الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَرْآها فَلاةٌ خَيْفَق *** نائِي المِياهِ ناضِبٌ مُحَلِّقُ
وهَوَى من حالِقٍ: هَلَكَ، وهو مَجازٌ.
وجَمْعُ المُحَلِّقِ من البُسْرِ: مَحالِيقُ.
والحِلاقُ، بالكَسْرِ: جمعُ حَلِيق، للشَّعرِ المَحْلُوق، وجَمْعُ حَلْقَةِ القَوْمِ أَيضًا.
وكَشّدادِ: الحالِقُ.
والحَلَقَةُ، محرَّكَةً: الضُّرُوعُ المُرْتَفِعَةُ، جمعُ حالِقٍ، يُقال: ضَرْعٌ حالِقٌ: إِذا كان ضَخْمًا يَحْلِقُ شَعَرَ الفَخِذَيْنِ من ضِخَمِه.
وقالُوا: «بَيْنَهُم احْلِقِي وقُومِي» أَي: بَيْنَهُم بَلاءٌ وشِدَّةٌ، قال:
يَوْمُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ *** أَفْضَلُ من يَوْمِ احْلِقِي وقُومِي
وامرأَةٌ حَلْقَى عَقْرَى: مَشْؤُومَةٌ مُؤْذِيَةٌ، نقلَهُ الأَزْهَرِيُّ.
ويُقال: لا تَفْعَلْ ذلك أُمُّكَ حالِقٌ، أَي: أَثْكَلَ اللهُ أُمَّكَ بكَ حَتَّى تَحْلِقَ شَعْرَها.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: «كالحَلْقَةِ المُفْرَغَةِ» يُضرَبُ مَثَلًا للقَوْمِ إِذا كانُوا مُؤْتَلفِينَ: الكلمةُ والأَيْدِي.
وحَلَّقَهُ حَلْقَةً: أَلْبَسَها إِيّاه.
وحَلَّقَ بإِصْبَعهِ: أَدارَهَا كالحَلْقَةِ.
وحَلَّقَ ببَصَرِه إِلى السّماءِ: رفَعَهُ.
وحَلَّقَ حَلْقَةً: أَدارَ دائِرَةً.
وسِكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ، أَي: حَدِيدٌ، وهو مجاز.
وناقَةٌ حالِقٌ: حافِلٌ، والجمعُ: حَوالِقُ، وحُلَّقٌ، ومنه قولُ الحُطَيْئَةِ:
لَها حُلَّقٌ ضَرّاتُها شَكِراتِ
وقالَ النَّضْرُ: الحالِقُ من الإِبِلِ: الشَّدِيدَةُ الحَفْلِ، العَظِيمَةُ الضَّرَّةِ، وإِبِلٌ مُحَلَّقَةٌ: كثيرةُ اللَّبَنِ، ويُرْوى قولُ الحُطَيْئَةِ:
مُحَلَّقَةٌ ضَرّاتُها شَكِراتِ
والحالِقُ: الضامِرُ.
والحالِقُ: السَّرِيعُ الخَفِيفُ. وحَلَقَ الشَّيْءَ يَحْلِقُه حَلْقًا: قَشَرَه.
ويُقال: وَقَعَت فيهم حالِقَةٌ، لا تَدَعُ شَيْئًا إِلَّا أَهْلَكَتْه، وهي السَّنَةُ المُجْدِبَةُ، وهو مَجازٌ.
وحُلِّقَ على اسمِ فُلانٍ، أَي: أُبْطِلَ رِزْقُه، وهو مَجازٌ.
وأُعْطِيَ فُلانٌ الحِلْقَ: إِذا أُمِّرَ.
والحُروفُ الحَلْقِيَّةُ سِتَّةٌ: الهَمْزَةُ، والهاءُ، ولهُما أَقْصَى الحَلْقِ، والعَيْنُ والحاءُ المُهْمَلَتَانِ، ولَهُما أَوْسَطُ الحَلْق، والغَيْنُ والخاءُ المُعْجَمَتانِ، ولَهُما أَدْنَى الحَلْقِ.
ومِحْلَقٌ، كمِنْبَرٍ: اسمُ رَجُلٍ، وأَنْشَدَ اللّيْثُ:
أَحَقًّا عبادَ اللهِ جُرْأَةُ مِحْلَقٍ *** عَلَيَّ وقَدْ أَعْيَيْتُ عادًا وتُبَّعَا؟
والحَوْلَقَةُ: قَوْلُ الإِنْسانِ: «لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إِلّا بالله» نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيتِ، قالَ ابنُ بَرِّي: أَنْشَدَ ابنُ الأَنْبَارِيِّ شاهِدًا عليه:
فِداكَ من الأَقْوامِ كُلُّ مُبَخَّلٍ *** يُحَوْلِقُ إِمّا سالَهُ العُرْفَ سائِلُ
قالَ ابنُ الأَثِير: هكذا أَوْرَدَها الجَوهرِيُّ بتَقْدِيم الّلامِ على القافِ، وغيرُه يَقُول: الحَوْقَلَةُ، بتَقْدِيمِ القافِ على اللَّامِ، وسَيَأْتِي.
ومن كُناهُم: أَبو حُلَيْقَة، مُصَغَّرًا، منهم: المُهَلَّبُ بنُ أَبِي حُلَيْقَةَ الطَّبِيبُ، مِصْرِيٌّ مشهورٌ.
وحَلْقُ الجَرَّةِ: موضِعٌ خارِجَ مِصْر.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
41-تاج العروس (سلق)
[سلق]: سَلَقَه بالكَلامِ يَسْلُقه سَلْقًا: آذاهُ وهو شِدَّةُ القَوْلِ باللِّسانِ، وهو مَجازٌ، ويُقال: سَلَقَه بلِسانِه سَلْقًا: أَسْمَعَهُ ما يَكْرَه، فأَكْثَر، وفي التَّنْزِيلِ: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ} أَي: بالَغُوا فيكُم بالكَلامِ، وخاصَمُوكُم في الغَنِيمَةِ أَشَدَّ مُخاصَمَةٍ قالَهُ أَبو عُبَيْدَةَ، وقالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ عَضُّوكُم، يَقُول: آذَوْكُم بالكَلامِ في الأَمْرِ بأَلْسِنَةٍ سَلِيطَةٍ ذَرِبَةٍ، قالَ: ويُقالُ: صَلَقُوكُم، بالصّادِ، ولا يَجُوزُ في القِراءَةِ.وسَلَقَ اللَّحْمَ عن العَظْمِ أَي: الْتَحاهُ ونَحّاهُ عنه.
وسَلَقَ فُلانًا: إِذا طَعَنَه ودَفَعَه وصَدَمَه كسَلْقاهُ يُسَلْقِيه سِلْقاءً، يَزِيدُونَ فيه الياءَ، كما قالُوا: جَعْبَيْته جِعْباءً، من جَعَبْتُه أَي: صَرَعْتُه.
وسَلَقَ البَرْدُ النَّبات: إِذا أَحْرَقَه فهو سَلِيقٌ: سَلَقَهُ البَرْدُ فأَحْرَقَه.
وسَلَقَ فُلانًا. صَرَعَهُ على قَفاهُ وكذلِكَ سَلْقاهُ، ومنه حَدِيثُ المَبْعَثِ: «أَتانِي جِبْرِيلُ فسَلَقَنِي لِحَلاوَةِ القَفا» وفيه أَيْضًا: «فسَلَقانِي عَلَى قَفايَ» أَي: أَلْقَيانِي على ظَهْرِي، ويُرْوَى بالصّادِ، والسِّينُ أَكثرُ.
وسَلَقَ المزادَةَ سَلْقًا: دَهَنَها وكذلِكَ الأَدِيمَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَد لامْرِئ القَيْسِ:
كأَنَّهُما مَزادَتا مُتَعَجِّلٍ *** فَرِيّانِ لَمّا يُسْلَقا بدِهانِ
وهو قَوْلُ ابنِ دُرَيْدٍ.
وسَلَقَ الشَّيْءَ سَلْقًا: غَلاهُ بالنّارِ قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وقِيلَ: أَغْلاهُ إِغْلاءَةً خَفِيفَةً، كما في الصِّحاح.
وسَلَقَ العُودَ في العُرْوَةِ: أَدْخَلَه، كأَسْلَقَه عن ابنِ الأَعْرابِيِّ، وقالَ غيرُه: سَلَقَ الجُوالِقَ، يَسْلقُه سَلْقًا: أَدْخَلَ إِحْدَى عُرْوَتَيْهِ في الأُخْرَى، قال:
وحَوْقَل ساعِدُه قد انْمَلَقْ *** يَقُولُ: قَطْبًا ونِعِمّا إِنْ سَلَقْ
وقالَ أَبُو الهَيْثَم: السَّلْقُ: إِدْخالُ الشِّظاظِ مَرَّةً واحِدَةً في عُرْوَتَيِ الجُوالِقَيْنِ إِذا عُكِمَا على البَعِيرِ، فإِذا ثَنَيْتَه فهو القَطْبُ، قالَ الراجز:
يَقُول قَطْبًا ونِعِمَّا إِن سَلَقْ *** بَحَوْقَلٍ ذِراعُه قد انْمَلَقْ
وسَلَقَ البَعِيرَ بالهِناءِ: إِذا هَنَأَهُ أَجْمعَ عن ابنِ عَبّادٍ.
وسَلَقَ فُلانٌ سَلْقَةً: إِذا عَدَا عَدْوَةً، عن ابنِ عَبّادٍ.
وسَلَقَ سَلْقًا: صاحَ لغةٌ في صَلَقَ، ومنه الحَدِيثُ: «ليسَ مِنّا مَنْ سَلَقَ أَو حَلقَ» قال أَبو عُبَيْدٍ: يعنِي رَفْعَ صَوْته عندَ مَوْتِ إِنْسانٍ، أَو عِنْدَ المُصِيبَةِ، وقال ابنُ دُرَيْدٍ: هو أَن تَصُكَّ المَرْأَةُ وَجْهَها وتَمْرُسَهُ، والأَوَّلُ أَصَحُّ، وقال ابنُ المُبارَكِ: سَلَقَ: رَفَعَ الصَّوْتَ، ومنه السّالِقَةُ، وهي: الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَها عندَ المُصِيبَة.
وسَلَق الجارِيَةَ سَلْقًا: بَسَطَها على قَفاها فجامَعَها وكذا سَلْقاها، ومنه قولُ مُسَيْلِمَةَ لسَجاجِ ـ حِينَ بَنَى عَلَيْها ـ:
أَلا قُومِي إِلى المِخْدَعْ *** فقَدْ هُيِّي لَكِ المَضْجَعْ
فإِنْ شِئْتِ سَلَقْناكِ *** وإِن شِئْتِ على أَرْبَعْ
وإِنْ شِئْتِ بثُلْثَيْهِ *** وإِن شِئْتِ به أَجْمَعْ
فقالَتْ: بَلْ بهِ أَجْمَع، فإِنَّه أَجْمَعُ للشَّمْلِ. وسَلَقَ فُلانًا بالسَّوْطِ: إِذا نَزَعَ جِلْدَه وكذلِك مَلَقَه، ويُفَسِّرُ ابنُ المُبارَكِ قولَه: «لَيْسَ مِنّا من سَلَقَ» مِنْ هذا.
وسَلَقَ شَيْئًا بالماءِ الحارِّ: أَذْهَبَ شَعْرَه ووَبَرَهُ، وبَقِي أَثَرُه وكُلُّ شَيْءٍ طُبخَ بالماءِ بَحْتًا فقد سُلِقَ.
والسَّلْقُ بالفتحِ: أَثَرُ دَبَرَةِ البَعِيرِ إِذا بَرَأَتْ وابْيَضَّ مَوْضِعُها نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ كالسَّلَقِ، مُحَرَّكَةً.
والسَّلْقُ أَيضًا: أَثَرُ النِّسْعِ في جَنْبِ البَعِيرِ أَو بَطْنِه يَنْحَضُّ عنه الوَبَرُ والاسْمُ السَّلِيقَةُ كسَفِينَةٍ.
والسَّلِيقَةُ: تَأْثِيرُ الأَقْدامِ والحَوافِر في الطَّرِيقِ، وتِلْكَ الآثارُ مما ذُكِرَ تُسَمَّى السَّلائِق، وأما آثارُ الأَنْساعِ في بَطْنِ البَعِيرِ فإِنّما شُبِّهَتْ بسلائِقِ الطُرقاتِ في المحَجَّةِ.
والسِّلْقُ بالكَسْرِ: مَسِيلُ الماءِ بينَ الصَّمْدَيْنِ من الأَرْضِ، وقال الأَصْمَعِيُّ: هو المُسْتَوِي المُطْمَئنُّ من الأَرْضِ، والفَلَقُ: المُطْمَئِنُّ بين الرَّبْوَتَيْنِ، وقالَ ابنُ سِيدَه: السَّلَقُ: المَكانُ المُطْمَئنُّ بينَ الرَّبْوتَيْنِ يَنْقادُ، ج: سُلْقانُ كعُثْمانَ وأَسْلاقٌ، وأَسالِقُ.
والسِّلْقُ: بَقْلَةٌ، معروف معروفةٌ قالَ ابنُ شُمَيْلٍ: هي الجُغَنْدَر، أَي: بالفارِسِيَّة، وفي بَعْضِ الأُصُولِ: «الجُكَنْدَر» وهو نَبْتٌ له وَرَقٌ طِوالٌ، وأَصْلٌ ذاهِبٌ في الأَرْضِ، ووَرَقُه رَخْصٌ، يُطْبَخُ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: فأَمّا هذه البَقْلَةُ التي تُسَمَّى السِّلْقَ، فما أَدْرِي ما صِحَّتُها، على أَنَّها في وَزْنِ الكَلامِ العَرَبِيِّ، وقال الصاغانِيُّ: بل هو عَرَبيٌّ صحيحٌ، وقد جاءَ في حَدِيثِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ الساعِدِيِّ رضي الله عنه، قالَ: «كانَ فِينَا امرأَةٌ تَجْعَلُ على إِرْبِنا في مَزْرَعةٍ لَها سِلْقًا، فكانَتْ إِذا كانَ يومُ الجُمُعَةِ تَنْزِعُ أُصُولَ السِّلْقِ فتَجْعَلُه في قِدْرِ» الحَدِيث، وهو يَجْلُو، ويُحَلِّلُ، ويُلَيِّنُ، ويُفَتِّحُ وَيَسُرُّ النَّفْسَ، نافِعٌ للنِّقْرِسِ والمَفاصِلِ، وعَصِيرُه إِذا صُبَّ عَلَى الخَمْرِ خَلَّلَها بعدَ ساعَتَيْنِ، وإِذا صُبَّ عَلَى الخَلِّ خَمَّرَه بعدَ أَرْبَعِ ساعاتٍ وَعَصِيرُ أَصْلِه سَعُوطًا تِرْياقُ وَجَعِ السِّنِّ، والأُذُنِ والشَّقِيقَةِ.
وسِلْقُ الماءِ، وسِلْقُ البَرِّ: نَباتانِ.
والسِّلْقُ: الذِّئْب، الجمع: سُلْقان كعُثْمان بالضَّمِّ ويُكْسَر، وهِيَ بهاءٍ، والَّذِي في الجَمْهَرَة أَنّ سُلْقانًا بالضمِّ والكَسْرِ: جمع سِلْقَةٍ.
أَو السِّلْقَةُ الذِّئْبَةُ خاصَّةً، ولا يُقالُ للذَّكَرِ سِلْقٌ هكذا نَقَلَه عن قَوْمٍ.
والسَّلَقُ بالتَّحْرِيكِ: جَبَلٌ عالٍ بالمَوْصِلِ مُشْرِفٌ على الزّابِ، وقد ضبَطَه الصّاغانِيُّ بالفَتْح.
والسَّلَقُ، بالتَّحْرِيكِ: ناحِيَةٌ باليَمامَةِ قال:
أَقْوَى نُمارٌ ولَقَدْ *** أَقْفَرَ وادِي السَّلَقْ
والسَّلَقُ أَيضًا: القاعُ الصَّفْصَفُ الأَمْلَسُ كما في الصِّحاحِ، زاد الصاغانِيُّ الطَّيِّبُ الطِّينِ، وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: السَّلَقُ: القاعُ المُطْمَئنُّ المُسْتَوِي لا شجَرَ فيه، وقال رُؤْبَةُ:
شَهْرَيْنِ مَرْعاها بقِيعانِ السَّلَقْ
ج: أَسْلاقٌ، وسُلْقانٌ بالضمِّ والكسرِ كخَلَقٍ، وأَخْلاقٍ، وخِلْقانٍ، قال أَبو النَّجْمِ:
حَتَّى رَعَى السُّلْقانَ في تَزْهِيرِها
وقال الأَعْشَى:
كخَذُولٍ تَرْعَى النّواصِفَ من تَثْ *** لِيثَ قَفْرًا خَلَا لَها الأَسْلاقُ
ومن المَجازِ: خَطِيبٌ مِسْقَعٌ مِسْلَقٌ كمِنْبَرٍ ومِحْرابٍ، وشَدّادٍ أَي: بَلِيغٌ وهُوَ من شِدَّةِ صَوْتِه وكلامِه، نقله الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ للأَعْشَى:
فِيهِمُ الحَزْمُ والسَّماحَةُ والنَّجْ *** دَةُ فِيهِمْ، والخاطِبُ السَّلّاقُ
ويُرْوى المِسْلاقُ.
وفي الحَدِيث: «لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الحالِقَةَ والسّالِقَةَ».
فالحَالِقَةُ تَقَدَّمَ، والسالِقَةُ هي رافِعَةُ صَوْتِها عِنْدَ المُصِيبَةِ أَو عِنْدَ مَوْتِ أَحَدٍ أَو لاطِمَةُ وَجْهها قاله ابنُ المُبارَكِ، والأَوّلُ أَصَحُّ، ويُرْوَى بالصاد.
ومن المجازِ: السِّلْقَةُ بالكسرِ: المَرْأَةُ السَّلِيطَةُ الفاحِشَةُ شُبِّهَتْ بالذِّئْبَةِ في خُبْثِها، ج: سُلْقان، بالضمِّ والكَسْرِ، ويُقال: هي أَسْلَقُ من سِلْقَةٍ، وأَنْشَدَ ابنُ دُرَيْدٍ:
أَخْرَجْتُ مِنها سِلْقَةً مَهْزُولَةً *** عَجْفاءَ يَبْرُقُ نابُها كالغول
والسِّلْقَةُ: الذِّئْبَة وهذا قد تَقَدَّمَ قَرِيبًا عن ابْنِ دُرَيْدٍ، ج: سِلْقٌ بالكسر، وكعِنَبٍ قالَ سِيبَوَيْه: وليسَ سِلْقٌ بتَكْسِيرٍ، إِنّما هو من بابِ سِدْرَةٍ وسِدْرٍ.
والسَّلِيقُ كأَمِيرٍ: ما تَحاتَّ من صِغارِ الشَّجَرِ وقِيلَ: هو من الشَّجَرِ: الَّذِي سَلَقَه البَرْدُ فأَحْرَقَه، وقالَ الأَصْمَعِيُّ: السَّلِيقُ: الشَّجَرُ الَّذِي أَحْرَقَه حَرٌّ أَو بَرْدٌ، قال جُنْدَبُ بنُ مَرْثَدٍ:
تَسْمَعُ منها في السَّلِيقِ الأَشْهَبِ *** الغارِ والشَّوْكِ الذي لم يُخْضَبِ
مَعْمَعَةً مِثْلَ الضِّرامِ المُلْهَبِ
ج: سُلْقٌ بالضمِّ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ السَّلِيقُ: يَبِيسُ الشِّبْرِقِ والَّذِي طَبَخَتْهُ الشَّمْسُ.
قالَ: والسَّلِيقُ: ما يَبْنِيهِ النَّخْلُ من العَسَلِ في طُولِ الخَلِيَّةِ.
وفي التَّهْذِيبِ: السَّلِيقَةُ: شيءٌ يَنْسِجُه النَّخْلُ في الخَلِيَّةِ طُولًا، ج: سُلْقٌ بالضَّمِّ.
والسَّلِيقُ من الطَّرِيقِ: جانِبُه وهُما سَلِيقانِ، عن ابْنِ عَبّادٍ.
والسَّلِيقَةُ كسَفِينَةٍ: الطَّبِيعَةُ والسَّجِيَّةُ، وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: السَّلِيقَةُ طَبْعُ الرَّجُلِ، وقالَ سِيبَوَيه: هذه سَلِيقَتُه الّتِي سُلِقَ عليها وسُلِقَها، ويُقال: فُلانٌ يَقْرأُ بالسَّلِيقَةِ، أَي: بطَبِيعَتِه، لا يَتَعَلَّمُ، وقال أَبو زَيْدٍ: إِنّه لكَرِيمُ الطَّبِيعةِ والسَّلِيقَة، ومن سَجَعاتِ الأَساس: الكَرَمُ سَلِيقَتُه، والسَّخاءُ خَلِيقَتُه.
ويُقال: طَبَخَ سَلِيقَةً: هي الذُّرَةُ تُدَقُّ وتُصْلَحُ قالهُ ابنُ دُرَيْدٍ، زادَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: وتُطْبَخُ باللَّبَنِ، وقالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: هي ذُرَةٌ مَهْرُوسَةٌ أَو: هي الأَقِطُ قد خُلِطَ بهِ طَراثِيثُ.
والسَّلِيقَةُ: أَيضًا ما سُلِقَ من البُقُولِ ونَحْوِها والجَمْعُ سلائِقُ، وقال الأَزْهَرِيُّ: معناه طُبِخَ بالماءِ من بُقُولِ الرَّبِيعِ، وأُكِلَ في المَجاعاتِ، وفي الحَدِيث عن عُمَرَ ـ رضي الله عنه ـ «ولو شِئتُ لدَعَوْتُ بِصَلَاءٍ وصِنابٍ وسَلائِقَ» يُرْوَى بالسينِ وبالصّادِ، وسيأْتي ـ إِن شاءَ اللهُ تَعالَى ـ في «صلق».
وقالَ اللَّيْثُ: السَّلِيقَةُ: مَخْرَجُ النِّسْعِ في دَفِّ البَعِيرِ، قالَ الطِّرِمّاحُ:
تَبْرُقُ في دَفِّها سلائِقُها *** من بَيْنِ فَذٍّ وتَوْأَمٍ جُدَدُهْ
وقالَ غيرُه: السَّلائِقُ: الشَّرائِحُ ما بَيْنَ الجَنْبَيْنِ، الواحِدَةُ سَلِيقَةٌ، وقالَ اللَّيْثُ: اشْتُقَّ من قَوْلِك: سَلَقْتُ شيئًا بالماءِ الحارِّ، فلمّا أَحْرَقَتْهُ الحِبالُ شُبِّهَ بذلِك، فسُمِّيَتْ سلائِق.
ويُقال: فلانٌ يَتَكَلَّمُ بالسَّلِيقِيَّةِ مَنْسُوبٌ إِلى السَّلِيقَةِ، قالَ سِيبَوَيْه: وهو نادِرٌ أَي: عن طَبْعِه لا عَنْ تَعَلُّمٍ. ويُقال أَيضًا: فُلانٌ يَقْرَأُ بالسَّلِيقِيَّةِ، أَي: بطَبْعِه الَّذِي نَشَأَ عليه. [ولُغَتِهِ].
وقالَ اللَّيْثُ: السَّلِيقِيُّ من الكَلامِ: ما لا يُتَعاهَدُ إِعْرابُهُ، وهو فَصِيْحٌ بليغٌ في السَّمْعِ، عَثُورٌ في النَّحْوِ.
وقالَ غيرُه: السَّلِيقِيُّ من الكَلامِ: ما تَكَلَّمَ به البَدَوِيُّ بطَبْعِه ولُغَتِه، وإِن كانَ غَيْرُه من الكَلامِ آثَرَ وأَحْسَنَ.
وقال الأَزْهَرِيُّ: قولُهم: هو يَقْرَأُ بالسَّلِيقِيَّةِ، أَي: أَنَّ القِراءَةَ سُنَّةٌ مَأثُورةٌ لا يَجوزُ تَعَدِّيها، فإِذا قَرَأَ البَدَوِيُّ بطَبْعِه ولُغَتِه، ولم يَتَّبِعْ سُنَّةَ قُرَّاءِ الأَمْصارِ قِيلَ: هو يَقْرَأُ بالسَّلِيقِيَّةِ، أَي: بطَبِيعتِه، ليسَ بتَعْلِيمٍ، وفي حدِيثِ أَبي الأَسْوَدِ الدُّؤَلِيِّ: «أَنَّهُ وَضَعَ النَّحْوَ حين اضْطَرَب كلامُ العَرَبِ، فغَلَبَت السَّلِيقِيَّةُ» أَي: اللُّغَةُ التي يَسْتَرْسِلُ فيها المُتَكَلِّمُ بها على سَلِيقَتِه من غيرِ تَعَهُّدِ إِعْرابٍ، ولا تَجَنُّبِ لَحنٍ، قال:
ولَسْتُ بنَحْوِيٍّ يَلُوكُ لِسانَه *** ولكِن سَلِيقِيٌّ أَقُولُ فأُعْرِبُ
وسَلُوقُ كصَبُورٍ: أَرْضٌ، وفي التَّهْذِيب: قرية باليَمَنِ، تُنْسَبَ إِليها الدُّرُوعُ والكِلابُ قال القُطامِيُّ في الكِلابِ:
مَعَهُمْ ضَوارٍ من سَلُوقَ كأَنَّها *** حُصُنٌ تَجُولُ تُجَرِّرُ الأَرْسانَا
وقال الرّاعِي:
يُشْلي سَلُوقِيَّةً باتَتْ وباتَ بِها *** بوَحْشِ إِصْمِتَ في أَصْلابِها أَوَدُ
وقال النّابِغَةُ:
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه *** وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُباحِبِ
أَو سَلُوقُ: د، بطَرَفِ إِرْمِينِيَةَ يعرفُ ببَلَد الّلان، تُنْسَبُ إِليه الكِلابُ.
أَو إِنّما نُسِبَتَا إِلى سَلَقْيَةَ مُحَرَّكَةً كمَلَطْيَةَ: د، الرُّومِ عَزاهُ ابنُ دُرَيْد إِلى الأَصْمَعِيِّ، فَغُيِّرَ النَّسَبُ قالَ الصّاغانِيُّ: إِن صَحَّ ما عَزاهُ ابنُ دُرَيْدٍ إِلى الأَصْمَعِيِّ، فهو من تَغْيِيراتِ النَّسَبِ؛ لأَنَّ النِّسْبَةَ إِلى سَلَقْيَةَ كالنِّسْبَةِ إِلى مَلَطْيَةَ وإِلى سَلَمْيَةَ.
قلتُ: قالَ المَسْعُودِيُّ: سَلَقْيَةُ كانت بساحِلِ أَنْطاكِيَةَ، وآثارُها باقِيَةٌ إِلى اليَوْمِ.
وأَبُو عَمْرٍو أَحْمَدُ بنُ رَوْحٍ السَّلَقِيُّ، مُحَرَّكَةً، كأَنَّهُ نِسْبَةٌ إِليهِ أَي: إِلى سَلَقْيَهَ، وهو الذي هَجاهُ البُحْتُرِيُّ، قالَهُ الحافِظُ.
والسَّلُوقِيَّةُ: مَقْعَدُ الرُّبّانِ من السَّفِينَةِ عن ابْنِ عَبّاد.
قالَ: والسَّلْقاةُ: ضَرْبٌ من البَضْعِ أَي: الجِماع عَلَى الظَّهْرِ، وقد سَلْقاها سَلْقاءً: إِذا بَسَطَها ثم جامَعَها.
والأَسالِقُ: ما يَلِي لَهَواتِ الفَمِ من داخِلٍ كذا في المُحِيط، وقِيل أَعالِي باطِنِ الفَمِ، وفي المُحْكَم: أَعالِي الفَمِ، وزادَ غيرُه: حيثُ يَرْتَفِعُ إِليه اللِّسانُ، وهو جَمْعٌ لا واحِدَ لَهُ، ومنه قولُ جَرِيرٍ:
إِنِّي امْرُؤٌ أُحْسِنُ غَمْزَ الفائِقِ *** بَيْنَ اللها الدّاخِلِ والأَسالِقِ
والسَّيْلَقُ، كصَيْقَلٍ: السَّرِيعَةُ من النُّوقِ، كما في المُحِيط، ووَقَع في التَّكْمِلَة سَلِيقٌ كأَمِيرٍ، وهو وَهَمٌ، وفي اللِّسانِ: ناقَةٌ سَيْلَقٌ: ماضِيَةٌ في سَيْرِها، قال الشّاعِرُ:
وسَيْرِي مَعَ الرُّكْبانِ كُلَّ عَشِيَّةٍ *** أُبارِي مَطاياهُم بأَدْماءَ سَيْلَقِ
والسَّلَقْلَقُ، كسَفَرْجَلٍ: المَرْأَةُ الَّتِي تَحِيضُ من دُبُرِها، كذا في المُحِيطِ، وفي اللِّسانِ: هي السَّلَقْلَقِيَّةُ.
والسَّلَقْلَقَةُ بهاءٍ: المَرْأَةُ الصَّخّابَةُ عن ابْنِ عَبّادٍ، وكأَنَّ سِينَه زائِدَةٌ.
والسُّلاقُ كغُرابٍ: بَثْرٌ يَخْرُجُ على أَصْلِ اللِّسانِ، أَو هو تَقَشُّرٌ في أُصُولِ الأَسْنانِ ورُبّما أَصابَ الدَّوابَّ.
وقالَ الأَطِبّاءُ: سُلاقُ العَيْنِ: غِلَظٌ في الأَجْفانِ من مادَّةٍ أَكّالَة تَحْمَرُّ لَها الأَجْفانُ ويَنْتَثِرُ الهُدْبُ ثُمّ تَتَقَرَّحُ أَشْفارُ الجَفْنِ كذا في القانُونِ.
وكثُمامَة: سُلاقَةُ بنُ وَهْبٍ، من بَنِي سامَةَ بنِ لُؤَيٍّ وَعَقِبُ سامَةَ بنِ لُؤَيٍّ على ما حَقَّقَه النَّسّابةُ فَنِيَ، قاله ابنُ الجَوّانِيِّ في المُقَدِّمَةِ. والسُّلّاقُ كرُمّانٍ: عِيدٌ للنَّصارَى مُشْتَقٌّ من سَلَقَ الحائِطَ وتَسَلَّقَه: صَعِدَه؛ لتَسَلُّقِ المَسِيحِ عليهالسلام إِلى السَّمَاءِ، وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: هو أَعْجَمِيٌّ، وقال مَرَّةً سُرْيانِيٌّ، مُعَرَّبٌ.
ويومُ مَسْلُوقٍ: من أَيّامِ العَرَبِ ومَسْلُوق: اسمُ مَوْضِعٍ.
وقالَ ابنُ الأَعرابيِّ: أَسْلَقَ الرَّجُلُ: صادَ سِلْقَةً أَي: ذِئْبَةً.
وفي الصِّحاحِ: طَعَنْتُه فسَلَقْتُه، ورُبّما قالُوا: سَلْقَيْتُه سِلْقاءً، بالكسرِ يَزِيدُونَ فيها الياءَ: إِذا أَلْقَيْته على ظَهْرِه كما قالُوا: جَعْبَيْتُه جِعْباءً، من جَعَبْتُه أَي: صَرَعْتُه فاسْتَلْقَى على قَفاه واسْلَنْقَى افْعَنْلَى، من سَلَق، أَي: نامَ عَلَى ظَهْرِه عن السِّيرافيِّ، ومنه الحَدِيثُ: «فإِذا رَجُلٌ مُسْلَنْقٍ» أَي [مُسْتَلْقٍ] عَلَى قَفاه.
وتَسَلَّقَ الجِدارَ: تَسَوَّرَ ويُقال: التَّسَلُّقُ: الصُّعُود على حائِطٍ أَمْلَسَ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابِيِّ: تَسَلَّقَ على فِراشِه ظَهْرًا لِبَطْنٍ: إِذا قَلِقَ هَمًّا أَو وَجَعًا ولم يَطْمَئنَّ عليهِ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: المَعْرُوف بهذا المَعْنى الصّادُ.
وقال ابنُ فارِسٍ: السينُ والّلامُ والقافُ فيه كَلِماتٌ مُتَبايِنَةٌ لا تَكادُ تَجْتَمِعُ منها كَلِمتانِ في قِياسٍ واحِدٍ، وَرَبُّكَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ، ويُنْطِقُ خَلْقَهُ كيفَ أَرادَ.
* ومما يُسْتَدْرَكُ عليه:
لسانٌ مِسْلَقٌ: حدِيدٌ ذَلِقٌ، وكذلِكَ سَلّاقٌ، وهو مَجازٌ.
والسَّلْقُ: الضَّرْبُ.
والسَّلْقُ: الصُّعودُ على الحائِطِ، عن ابنِ سِيدَه.
وسَلَقَ ظَهْرَ بَعِيرِه سَلْقًا: أَدْبَرَه.
وأَسْلَقَ الرَّجُلُ، فهو مُسْلِقٌ: ابْيَضَّ ظَهْرُ بَعِيرِه بَعْدَ بُرْئِه من الدَّبَرِ، يُقال: ما أَبْيَنَ سَلْقَهُ: يَعْنِي به ذلِكَ البَياضَ.
والمَسْلُوقَةُ: أَنْ يُسْلَخَ دَجاجٌ، ويُطْبَخَ بالماءِ وَحْدَه، عاميَّة.
ويُقال: ركِبْتُ دابَّةَ فُلان فسَلَقَتْنِي، أَي: سَحَجَتْ باطِنَ فَخِذِي.
والأَسالِقُ قد يكونُ جَمْعَ سَلْقٍ، كرَهْطٍ وأَراهِطَ، وإِن اخْتَلَفا بالحَرَكَةِ والسُّكُون، وقد يكونُ جمعَ أَسْلاقٍ الّذِي هو جَمْعُ سَلْقٍ، ومنه قولُ الشَّمّاخِ:
إِنْ تُمْسِ فِي عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه *** مِنَ الأَسالِقِ عارِي الشُّوْكِ مَجْرُودِ
كالأَسالِيقِ.
والسِّلْقَةُ بالكَسْرِ: الجَرادَةُ إِذا أَلْقَتْ بَيْضَها.
والانْسِلاقُ في العَيْنِ: حُمْرَةٌ تَعْتَرِيها.
وانْسَلَقَ اللِّسانُ: أَصابَه تَقَشُّرٌ، ومنه حَدِيثُ عُتْبَةَ بنِ غَزْوانَ: «لَقَدْ رَأَيْتُنِي تاسِعَ تِسْعَةٍ وقد سُلِقَتْ أَفْواهُنا من أَكْلِ وَرَقِ الشَّجَرِ» أَي: خَرَجَ فيها بُثُورٌ.
وتَسَلَّقَ: نامَ على ظَهْرِه.
وسَلَقَه الطَّبِيبُ على ظَهْرِه: إِذا مَدَّه.
والسَّلُوقِيُّ: السَّيْفُ، أَنشدَ ثَعْلَبٌ:
تَسُورُ بينَ السَّرْجِ واللِّجامِ *** سَورَ السَّلُوقِيِّ إِلى الاجْذامِ
والسَّيْلَقُونُ: دَواءٌ أَحمَرُ.
وضَبَّةٌ مُسْلِقٌ: أَلْقَتْ وَلَدَها.
ودَرْبُ السِّلْقى، بالكسرِ: من قَطِيعَةِ الرَّبِيعِ، هكَذا ضَبَطَه الخَطِيبُ في تارِيخِه، ونَقَلَه الحافِظُ في التَّبْصِيرِ، وإِليه نُسِبَ إِسْماعِيلُ بنُ عَبّادٍ السِّلْقِيّ، وذَكَره المُصَنِّفُ في «سلف» فأَخْطَأَ، وقد نَبَّهْنا على ذلك هُناك، فراجِعْهُ.
والسَّلِيقُ، كأَمِيرٍ: بَطْنٌ من العَلَوِيِّينَ وهُم: بَنُو الحَسَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدِ بن الحَسَنِ بن جَعْفَرٍ الخَطِيبِ الحَسَنِي، فيهم كَثْرَةٌ بالعَجَمِ، وبَطْنٌ آخَرُ من بَنِي الحُسَيْنِ، منهم، يَنْتَهُونَ إِلى مُحَمّدِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ مُحَمّدِ بنِ الحَسَنِ بنِ الحُسَيْنِ الأَصْغَرِ، لُقِّبَ بالسَّلِيق، قال أَبُو نَصْرٍ البُخارِيُّ: لُقِّبَ بذلِكَ لسَلاقَةِ لِسانِه وسَيْفِه.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
42-تاج العروس (عدم)
[عدم]: العُدْمُ، بالضمِّ وبضَمَّتَيْن وبالتَّحريكِ: الفِقْدانُ والذهابُ، وِقد غَلَبَ على فِقْدانِ المالِ. وقِلَّتِه، عَدِمَهُ، كعَلِمَه، عُدْمًا، بالضمِّ وبالتَّحريكِ، الأَخيرُ على غيرِ قِياسٍ، كما في الصِّحاحِ.وقالَ: وِالعَدَمُ أَيْضًا: الفَقْرُ، وكَذلِكَ العُدْمُ إذا ضَمَمْتَ أَوَّله خَفَّفْت، وإنْ فَتَحْتَ ثَقَّلْت، قالَ أَبو دهبلٍ:
مُتَهَلِّل بنعم بلا مُتَباعِد *** سَيَّان منه الوَفر والعَدَم
وقالَ عامِرُ بنُ حوط:
وِلقد علمت لتَأْتِيَن عَشِيَّة *** لا بعدَها خَوْفٌ ولا عَدَمُ
قالَ: وكَذلِكَ الجُحْدُ والجَحَدُ والصُّلْب والصَّلَب والرُّشْد والرَّشَد والحُزْن والحَزَن.
وِأَعْدَمَهُ اللهُ تعالَى: أَي أَفْقَرَه.
وِأَعْدَمَني الشَّيءُ: لم أَجِدْهُ، وبه فُسِّر قوْلُ لَبيدٍ:
وِلقَدْ أَغْدُو وما يُعْدِمُني *** صاحِبٌ غيرُ طَويلِ المُحْتَبَلْ
يقولُ: ليسَ معي أَحدٌ غيرُ نَفْسِي وفَرَسي، والمُحْتَبَلُ: مَوْضِعُ الحَبْلِ فوقَ العُرْقوبِ، وطولُ ذلِكَ الموْضِعِ عيْبٌ، هكذا هو بضمِّ الباءِ في نسخِ التَّهْذِيبِ، وهي رِوايَةُ أَبي عَمْرو.
وِأَعْدَمَ الرَّجُلُ إعْدامًا وِعُدْمًا، بالضمِّ: افْتَقَرَ وصارَ ذا عُدْمٍ، عن كُراعٍ، فهو عَدِيمٌ وِمُعْدِمٌ لا مالَ له، قالَ: ونَظِيرُهُ: أَيْسَرَ إيْسارًا ويُسْرًا، وأَعْسَرَ إعْسارًا وعُسْرًا، وأَفْحَشَ إفْحاشًا وفُحْشًا، قالَ: وقيلَ بل الفُعْلُ من ذلِكَ كُلِّه الاسمُ والإِفْعالُ المَصْدَرُ.
قالَ ابنُ سِيْدَه: وهو الصَّحِيحُ لأَنَّ فُعْلًا لَيسَ مَصْدَر أَفْعَل، انتَهَى.
وقالَ أَبو الهَيْثم في معْنَى قوْلِ الشاعِرِ:
وِليسَ مانِعَ ذي قُرْبى ولا رَحِمٍ *** يَوْمًا ولا مُعْدِمًا من خابِطٍ وَوَرَقًا
أَي لا يَفْتَقُر مِن سائِلٍ يَسْأَله ماله فيكونُ كخابِطٍ وَرَقًا.
قالَ الأَزْهرِيُّ: وِيَجوزُ أَن يكونَ مِن أَعْدَمَ فُلانًا إذا مَنَعَه طَلِبَتَه، والمعْنَى ولا مانِعًا مِن خابِطٍ وَرَقًا.
وِالعَدِمُ، ككَتِفٍ: الفَقيرُ، وقد عَدِمَ بالكسْرِ، الجمع: عُدَماءُ، هكذا في النسخِ، والصَّوابُ أَنَّه جَمْعُ العَدِيمِ لا العَدِم كما صَرَّحَ به غيرُ واحِدٍ.
وِأَرضٌ عَدْماءُ: بَيْضاءُ؛ أَي لا نَباتَ بها فإنَّها عُدِمَتِ النَّباتُ.
وِشاةٌ عَدْماءُ: بَيْضَاءُ الرَّأْسِ وسائرُها مُخالِفٌ له.
وِالعَدائِمُ: رُطَبٌ يكونُ بالمدينةِ، على ساكِنِها أَفْضَل الصَّلاة والسَّلام، يتأَخَّرُ، وفي الصِّحاحِ: يَجِيءُ آخرَ الرُّطَبِ.
وِالعَديمُ: الأَحْمَقُ لفقدانِ عَقْلِه، وقد عَدُمَ، ككَرُمَ، عَدامَةً.
وِالعَدِيمُ: المَجْنونُ لا عَقْلَ له، نَقَلَه الأَزْهرِيُّ عن ابنِ الأَعْرَابيِّ.
وِالعَدِيمُ: الفَقيرُ لا مالَ له ولا شيءَ عنْدَه، فَعِيلٌ بمعْنَى فاعِلٍ. وفي الحدِيْث: «مَنْ يُقْرِضُ غيرَ عَدِيمٍ ولا ظَلومٍ»، وجَمْعُه عُدَماءُ.
وِقَوْلُ المُتَكَلِّمينَ: وُجِدَ الشَّيءُ فانْعَدَمَ مِن لَحْنِ العامَّةِ ووَجَّهُوه بأَنَّ الفعلَ مُطاوِعُ فعل، وقد جاءَ مُطاوِعَ أَفْعل كأسْقَفْته فانْسَقَفَ وأَزْعَجْته فانْزَعَج قَلِيلَا ويخص بالعِلاجِ والتأْثيرِ فلا يقالُ: عَلمته فانْعَلَم ولا عَدمته فانْعَدَمَ.
وقالَ ابنْ الكَمالِ في شرْحِ الهدايَةِ: فإن عدمته بمعْنَى لم أَجِدْه وحَقِيقَتُه تَعودُ لقوْلِكَ ماتَ ولا مُطاوِعَ له، وكذا أَعْدَمْت إذ لا إحْداثَ فعْل فيه.
وفي المُفَصّل للزَّمَخْشريّ: ولا يَقَعُ؛ أَي انْفَعَلَ، حيثُ لا عِلاجَ ولا تأْثِيرَ، ولذا كانَ قَوْلُهم انْعَدَمَ خَطَأً.
وِعَدامَةُ: ماءٌ لبَنِي جُشَمَ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: وهي طَلُوبٌ أَبْعدُ ماءٍ للعَرَبِ، قالَ الراجِزُ:
لما رأَيْتُ أَنَّه لا قامَهْ *** وِأَنَّه يَوْمُكَ مِن عُدامَهْ
قلْتُ: وقالَ نَصُر: عُدامةُ: ماءَةٌ لبَنِي نَصْر بنِ مُعاوِيَةَ بنِ هَوَازن، وهي طَلُوبٌ أَبْعدُ ماءٍ بنَجْدٍ قعرًا.
وِيقالُ: هو يَكسِبُ المَعْدومَ؛ أَي مَجْدودٌ يَنالُ ما يُحْرَمُه غيرُهُ وفي حدِيْث المَبْعثِ: قالَتْ له خديجةُ: «كلا إنَّك تَكْسِبُ المَعْدومَ وتَحْمِلُ الكَلَّ»، هو مِن ذلِكَ، وقيلَ: أَرادَتْ تَكْسِبُ الناسَ الشيءَ المَعْدومَ الذي لا يَجِدونَه ممَّا يَحْتاجونَ إليه، فيكونُ على الأَوَّل مُتَعدِّيًا إلى مَفْعولٍ واحِدٍ كقوْلِكَ كَسَبْتُ مالًا، وعلى الثاني إلى مَفْعولَيْن، تقولُ كَسَبْتُ زيْدًا مالًا أَي أَعْطيتُه؛ أَي تُعْطِي الناسَ الشيءَ المَعْدومَ عنْدَهُم فحذفَ المَفْعول الأوَّل.
وِما يَعْدِمُني هذا الأَمْرُ؛ أَي ما يَعْدوني، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ، وبه فُسَّر قوْلُ لَبيدٍ السابِقُ، وهكذا يُرْوَى بفتْح الياءِ بخطِّ أَبي سَهْلٍ الهَرَويّ، ورَوَاه أَبو عَمْرو وغيرُهُ بضمِّ الياءِ وقد تقدَّمَ.
* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:
يقالُ: لا أَعْدَمني اللهُ فَضْلَك؛ أَي لا أَذْهَبَه عنِّي.
ويقالُ: عَدِمْتُ فلانًا وِأَعْدَمنِيه اللهُ.
وهو عَدِيمُ النَّظيرِ أَي فاقِدُ الأَشْباهِ وِعَدِيمُ المَعْروفِ وهي عَدِيمةُ المَعْروفِ، قالَ:
إنِّي وَجَدْتُ سُبَيْعَة ابْنَة خالدٍ *** عند الجَزورِ عَدِيمةَ المَعْروفِ
ويُرْوَى في حدِيْثِ خدِيجةَ المَعْدومَ بمعْنَى الفَقِير الذي صارَ مِن شِدَّةِ حاجَتِه كالمَعْدومِ نفْسِه وعلى هذا فهو مُتَعدِّ إلى مَفْعولَيْن كالوَجْه الثاني الذي تقدَّمَ؛ أَي تُعْطي الفَقِيرَ المالَ فحذفَ المَفْعول الثاني.
وِعَدَمٌ، محرَّكةً: وادٍ بحَضْرَمَوْتَ، كانوا يَزْرعُونَ عليه ففاضَ ماؤُه قُبَيْلَ الإسْلامِ فهو كذلِكَ إلى اليوم.
والشريف العدام: هو يَحْيَى الجوطي الحسني أَحَدُ مُلُوكِ فاس.
وِالعَدِيمُ، كأَميرٍ: لَقَبُ هَارُون بن موسَى بنِ عيسى العامِرِيّ، مِن ولدِهِ: الصاحِبُ كمالُ الدِّيْن أَبو القاسِمِ عُمَرُ بنِ هبةِ اللهِ أَحَدُ شيوخِ الشَّرف الدِّمْياطيّ، وهو الذي صنَّفَ تاريخًا كَبيرًا لحَلَبَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
43-تاج العروس (قثم)
[قثم]: قَثَمَ له مِن العَطاءِ قَثْمًا: أَكْثَرَ.وقيلَ: قَثَمَ له: أَعْطَاهُ مِن المالِ دُفْعَةً جيِّدةٍ، مِثْلُ قَذَمَ وغَذَمَ وِغَثَمَ.
وِقُثَمُ*، كزُفَرَ: ابنُ العبَّاسِ بنِ عبدِ المُطَّلِبِ الهاشِمِيّ صَحابيٌّ، له رِوايَةٌ، رَوَى عنه أَبو إسْحاقَ السُّبَيْعيُّ حدِيثًا أَخْرَجَه النّسائيُّ في كتابِ خَصائِصِ عليِّ، اسْتَشْهَدَ بسَمَرْقَنْدَ ولم يعقِبْ.
وِقُثَمٌ وقُذَمٌ: الكَثيرُ العَطاءِ مِن النَّاسِ، وبه سُمِّيَ الرَّجُلُ، وهو مَعْدُولٌ عن قاثِمِ، وهو المُعْطِي.
ويقالُ للرَّجُلِ إذا كانَ كَثيرَ العَطاءِ: مائِحٌ قُثَمُ؛ قالَ:
ماحَ البِلادَ لنا في أَوَّلِيَّتِنا *** على حَسودِ الأَعادِي مائحٌ قُثَمُ
وِالقُثَمُ: الجَموعُ للخَيْرِ والعِيالِ، وبه سُمِّي الرَّجُلُ قُثَمُ؛ ومنه حَدِيْثِ المبْعثِ: «أَنْتَ قُثَمٍ، أَنْتَ المُقَفَّى، أَنتَ الحاشِرُ»؛ كالقَثُومِ، كصَبُورٍ، وهو الجَموعُ لِعيالِه.
وِالقُثَم أَيْضًا: الجَموعُ للشَّرِّ؛ فهو ضِدٌّ.
وِقُثَمُ: اسمٌ للضِّبْعانِ؛ أَي الذَّكَرُ مِن الضِّباعِ.
وِقَثامِ، كحَذامِ، للأُنْثَى منها، مَعْدُولانِ عن قاثِمٍ وِقاثِمَةٍ؛ سُمِّيَتْ بذلِكَ لتَلَطّخِها بالجَعْرِ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: سُمِّيَ الذَّكَرُ مِن الضِّبْعانِ قُثَم لبُطْئِه في مَشْيِهِ، وكَذلِكَ الأُنْثى. يقالُ: هو يَقْثِمُ في مَشْيِهِ.
وِيقالُ للأَمةِ يا قَثامِ، كما يقالُ لها: يا ذَفارِ.
وِقَثامِ: اسْمٌ للغَنِيمةِ الكَثيرَةِ.
وِقد اقْتَثَمَهُ: إِذَا اسْتَأْصَلَهُ.
وِاقْتَثَمَ مالًا كَثيرًا: أَي أَخَذَهُ.
وِاقْتَثَمَهُ إذا اجْتَرَفَهُ وجَمَعَهُ وكَسبَهُ، كَقَثَمَهُ يَقْثِمُهُ قَثْمًا.
وِالقُثْمَةُ، بالضَّمِّ: الغُبْرَةُ، لُغَةٌ في القُتْمَةِ بالفَوْقِيَّةِ.
قَثُمَ، ككَرُمَ، قَثْمًا وِقَثامةً: أَي اغْبَرَّ.
وِالقَثْمُ: لَطْخُ الجَعْرِ ونحوِهِ؛ والاسْمُ: القُثْمَةُ، بالضَّمِّ، وقد قَثِمَ، كفَرِحَ وكَرُمَ، قُثْمَةً، بالضَّمِّ، وِقَثَمًا، محرَّكةً؛ ومنه سُمِّيَتِ الضَّبُعُ قَثام.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
يقالُ: قَثامِ أَي اقْثِم؛ أَي اجْمَع، مطرد عندَ سِيْبَوَيْه، ومَوْقُوفٌ عندَ أَبي العبَّاسِ.
وِالاقْتِثامُ: التَّذْلِيلُ.
ويقالُ: هو يَقْثِمُ أَي يَكْسِبُ، ولذلِكَ سُمِّي قُثَمَ أَبا كاسِبٍ.
وِالقُثَمُ: المُجْتَمِعُ الخَلْقِ. وقيلَ: الجامِعُ الكَامِلُ؛ وبه فُسِّرَ الحَدِيْث: «أَنْتَ قُثَمٌ وخَلْقُك قُثَمٌ». وِالقَثْم: القَطْعُ.
وِالقاثِمُ: المُعْطِي.
وِالقُثُمُ، بضمَّتينِ: الأَسْخِياءُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
44-تاج العروس (سن سنن سنسن)
[سنن]: السِّنُّ، بالكسْرِ: الضِّرْسُ، فهُما مُتَرادِفان، وتخصيص الأضْراس بالإِرحاء عرفي، الجمع: أَسْنَانٌ وأَسِنَّةٌ، الأَخيرَةُ نادِرَةٌ، مِثْلُ قِنِّ وأَقْنانٍ وأَقِنَّةٍ؛ ويقالُ الأَسِنَّةُ جَمْعُ الجَمْعِ مِثْل كِنِّ وأكْنانٍ وأَكِنَّةٍ.وحَكَى اللّحْيانيُّ في جَمْعِ السِّنِّ أَسُنٌّ وهو نادِرٌ أَيْضًا.
وفي الحدِيثِ: «إذا سافَرْتُم في الخِصْبِ فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها، وإذا سافَرْتُم في الجدْبِ فاسْتَنْجُوا»، قد اخْتُلِفَ فيه.
قالَ أَبو عُبَيْدٍ: لا أَعْرِف الأسِنَّةَ إلَّا جَمْع سِنانٍ للرُّمْحِ، فإن كانَ الحدِيثُ مَحْفوظًا فكأَنَّها جَمْعُ الأَسْنانِ، يقالُ لمَا تأْكُلُه الإبِلُ وتَرْعاهُ مِن العُشْب سِنٌّ، وجَمْعُ أَسْنانٍ أَسِنَّةٌ، يقالُ: سِنٌّ وأَسْنانٌ مِن المَرْعَى، ثم أَسِنَّة جَمْعُ الجَمْعِ.
وقالَ أَبو سعيدٍ: الأَسِنَّةُ جَمْعُ السِّنانِ لا جَمْع الأَسْنانِ، قالَ: والعَرَبُ تقولُ الحَمْضُ يَسُنُّ الإبِلَ على الخُلَّةِ أَي يقوِّيها كما يقوِّي السِّنُّ حَدَّ السِّكِّين، فالحَمْضُ سِنانٌ لها على رعي الخُلَّةِ. والسِّنانُ الاسمُ مِن يَسُنُّ أَي يقوِّي، قالَ: وهو وَجْهُ العَربيَّةِ.
قالَ الأزْهرِيُّ ويُقوِّي ما قالَ أَبو عُبَيْدٍ حدِيثُ جابِرٍ: إذا سِرْتُم في الخِصْب فأَمْكِنوا الرِّكابَ أَسْنانَها.
وقالَ الزَّمَخْشريُّ، رحِمَه اللهُ تعالَى: معْنَى الحدِيثِ أَعْطوها ما تَمْتَنِع به مِن النَّحْرِ، لأنَّ صاحِبَها إذا أَحْسَن رَعْيَها سَمِنَتْ وحَسُنَتْ في عَيْنِه فيَبْخَل بها أَنْ تُنْحَرَ، فشبَّه ذلِكَ بالأَسِنَّة في وُقوعِ الامْتِناعِ بها، هذا على أَنَّ المُرَادَ بالأسِنَّةِ جَمْع سِنَانٍ، وإن أُرِيدَ بها جَمْعِ سِنِّ فالمُرادُ بها أَمْكِنُوهَا مِنَ الرَّعْي؛ ومنه الحدِيثُ: «أَعْطُوا السِّنَّ حَظَّها مِن السِّنِّ»؛ أَي أعْطُوا ذَوَاتِ السِّنِّ حظَّها مِن السِّنِّ وهو الرَّعْيُ.
وأَعْرَضَ الجَوْهرِيُّ عن هذه الأَقْوالِ، واخْتَصَرَ بقوْلِه: أَي أمْكِنُوها مِن المَرْعَى إشارَة إلى قَوْلِ أَبي عُبَيْدٍ.
والسِّنُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ؛ قالَ الرَّاجزُ:
حَنَّتْ حَنِينًا كتُؤَاجِ السِّنِّ *** في قَصَبٍ أَجْوَفَ مُرْثَعِنّ
والسِّنُّ: جَبَلٌ بالمدينةِ ممَّا يلِي ركيةَ، وركيةُ وَرَاءَ معْدِنِ بَني سُلَيْم على خَمْسِ ليالٍ مِن المَدينَةِ؛ قالَهُ المَسْعودِيُّ.
والسِّنُّ: موضع بالرَّيِّ، منه هشامُ بنُ عبدِ اللهِ السِّنّيُّ الرَّازِيُّ عن ابنِ أَبي ذئبٍ.
وقالَ الحاكِمُ أَبو عبْدِ الله: هي قرْيَةٌ كَبيرَةٌ ببابِ الرَّيِّ.
والسِّنُّ: بلد على دِجْلَةَ بالجانِبِ الشَّرْقيِّ، منها عنْدَ الزَّاب الأسْفَل بينَ تكْرِيت والموصلِ، منه أبو محمدٍ عبْدُ الله بنُ عليٍّ، هكذا في النُّسخِ، وصَوابُه عبدُ الله بنُ محمدِ بنِ أَبي الجودِ بنِ السّنِّيُّ، الفَقِيهُ تَفَقَّه على القاضِي أَبي الطيِّبِ، وسَمِعَ ابنَ أَبي الحَسَنِ الحماميّ، ماتَ سَنَةَ 465، ويوسفُ بنُ عُمَرَ السِّنِّيُّ: رَوَى عن المَالِينيّ في الأَرْبعِينْ.
والسِّنُّ: بلد بين الرُّهَا وآمِدَ ذو بَساتِينَ، ومنه غنيمةُ بنُ سُفْيانَ القاضِي السُّنِّي عن رجُلٍ عن أَبي يَعْلى الموصليِّ؛ قالَهُ الذَّهبيُّ؛ واسمُ هذا الرَّجُل المجْهُولِ المُطَهرُ بنُ إسْمعيلَ، قالَهُ الحافِظُ.
والسِّنُّ: موضِعُ البَرْيِ مِنَ القَلَمِ؛ منه يقالُ: أَطِلْ سِنَّ قَلَمِكَ وسَمِّنْها وحَرِّف قَطَّتَك وأَيْمِنْها؛ كما في الصِّحاحِ.
والسِّنُّ: الأَكْلُ الشَّديدُ، رُوِي ذلِكَ عن الفرَّاءِ.
قالَ الأزهرِيُّ: وسمِعْتُ غيرَ واحِدٍ مِن العَرَبِ يقولُ: أَصابَتِ الإبِلُ اليوْمَ سِنًّا مِن الرَّعْي إذا مَشَقَتْ منه مَشْقًا صالِحًا.
والسّنُّ: القِرْنُ، بكسْرِ القافِ. يقالُ: فلانٌ سِنُّ فلانٍ إذا كانَ قِرْنَه في السِّنِّ، وكذلِكَ تِنُّه وحِتْنُه.
وفي المَثَلِ: أَعْطِني شيئًا مِن الثُّومِ وهي الحَبَّةُ مِن رأْسِ الثُّومِ.
وفي الصِّحاحِ: سِنَّة مِن ثُومٍ فِصَّةٌ منه.
والسّنُّ: شُعْبَةُ المِنْجَلِ والمِنْشارِ. يقالُ: كلَّتْ أَسْنانُ المِنْجلِ؛ وهو مجازٌ.
وقد يُعَبَّرُ بالسِّنِّ عن مِقْدارِ العُمُرِ، فيُقالُ: كم سِنُّكَ، كما في الصِّحاحِ.
ويقالُ: جاوَزْتُ أَسْنانَ أَهْل بَيْتي؛ أَي أَعْمارهُم؛ مُؤَنَّثَةٌ تكونُ في النَّاسِ وغيرِهمِ.
وفي الصِّحاحِ: وتَصْغِيرُ السِّنِّ سُنَيْنَة، لأنَّها تُؤَنَّثَ.
وفي المُحْكَم: السِّنُّ: الضِّرْسُ، أُثْنى.
وقالَ شيْخُنا: الأسْنانُ كُلُّها مُؤَنَّثة، وأَسْماؤُها كُلُّها مُؤَنَّثةٌ.
وفي النِّهايَةِ: سِنُّ الجارِحَةِ مُؤَنَّثَةٌ ثم اسْتُعِيرَتْ للعُمُرِ اسْتِدلالًا بها على طُولِه وقِصَرِه، وبَقِيَتْ على التأْنِيثِ.
وقوْلُ شيْخُنا، رحِمَه اللهُ تعالى: الأَسْنانُ كُلُّها مؤَنَّثَةٌ إلى آخِرِهِ، محلُّ نَظَرٍ؛ فقد تقدَّمَ للمصنِّفِ أَنَّ الضِّرْسَ مُذَكَّرٌ، وأَنْكَرَ الأَصْمعيُّ تأْنِيثَه؛ وكذلِكَ النَّاجِذُ والنَّابُ، فتأَمَّلْ.
الجمع: أَسْنانٌ لا غَيْر.
وأَسَنَّ الرَّجُلَ: كَبُرَ، كما في الصِّحاحِ.
وفي المُحْكَم: كَبِرَتْ سِنُّهُ، فهو مُسِنٌ؛ كاسْتَسَنَّ.
ويقالُ: أَسَنَّ البَعيرُ: إذا نَبَتَ سِنُّهُ الذي يَصِيرُ به مسنًّا مِن الدَّوابِّ.
ورَوَى مالِكٌ عن نَافِعٍ عن ابنِ عُمَرَ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنهما أَنَّه قالَ: «يُتَّقَى مِن الضَّحايا التي لم تُسَنَّنْ»، بفتحِ النّونِ الأَولَى؛ هكذا رَوَاه القُتَيبيُّ وفسَّرَه: التي لم تَنْبُتْ أَسْنانُها كأَنَّها لم تُعْطَ أَسْنَانًا.
قالَ الأزْهرِيُّ: وهذا وهمٌ والمَحْفوظُ مِن أَهْلِ الضبْطِ لم تُسْنِنْ بكسْرِ النُّونِ، وهو الصَّوابُ في العَربيَّةِ، وإذا أَثْنَتْ فقد أَسْنَتْ؛ وعلى هذا قَوْل الفُقَهاءِ.
وأَسَنَّ الله سِنَّهُ: أَنْبَتَهُ.
وقالَ القتيبيُّ: يقالُ سُنِّنَتِ البَدَنَةُ إذا نَبَتَتْ أَسْنانُها، وأَسَنَّها الله.
قالَ الأزْهرِيُّ: هذا غيرُ صَحِيحٍ، ولا يقُولُه ذو المَعْرفَةٍ بكَلامِ العَرَبِ.
وأَسَنَّ سَدِيسُ النَّاقَةِ: أَي نَبَتَ؛ وذلك في السَّنةِ الثامِنَةِ، كذا في نسخِ الصِّحاحِ؛ وأَنْشَدَ للأَعْشي:
بِحِقَّتِها رُبِطَتْ في اللَّجِي *** نِ حتى السَّدِيسُ لها قد أَسَنَّ
يقولُ: قيمَ عليها منُذ كانت حِقَّةً إلى أَن أَسْدَسَتْ في إطْعامِها وإكْرامِها؛ ومثْلُه قَوْل القُلاخِ:
بِحِقِّه رُبِّطَ في خَبْطِ اللَّجُنْ *** يُقْفَى به حتى السَّدِيسُ قد أَسَنَّ
ويقالُ: هو أَسَنُّ منه: أَي أَكْبَر سِنًّا، منه عَربيَّةٌ صَحِيحَةٌ.
قالَ ثَعْلَبُ: حدَّثَنِي موسَى بنُ عيسَى بنِ أَبي جَهْمَة اللَّيْثيُّ وأَدْرَكته أسَنَّ أَهْلِ البَلَدِ.
ويقالُ: هو سِنُّه، بالكسْرِ، وسَنِينُهُ، كأَمِيرٍ، وسَنِينَتُه، كسَفِينَةٍ: أَي لِدَتُه وتِرْبُهُ إذا كانَ قِرْنَه في السِّنِّ، والسِّنُّ قد تقدَّمَ له قَرِيبًا فهو تِكْرارٌ.
وسَنَّ السِّكِّيْنَ يَسُنُّه سَنًّا، فهو مَسْنُونٌ وسَنينٌ.
وسَنَّنَهُ تَسْنِينًا: أَحَدَّهُ على المِسَنِّ وصَقَلَه. وكلُّ ما يُسَنُّ به أَو عليهِ فهو مِسَنٌّ، بالكسْرِ، والجَمْعُ المسانُّ.
وفي الصِّحاحِ: المِسَنُّ حَجَرٌ يُحَدَّدُ به.
وقالَ الفرَّاءُ سُمِّي المِسَنُّ مِسَنًّا لأنَّ الحَدِيدَ يُسَنُّ عليه؛ أَي يُحَدُّ.
ومِن المجازِ: سَنَّنَ المَنْطِقَ: إذا حَسَّنَهُ كأَنَّه صَقَلَه وزَيَّنَه؛ قالَ العجَّاجُ:
دَعْ ذا وبَهّجْ حَسَبًا مُبَهَّجا *** فَخْمًا وسَنِّنْ مَنْطِقًا مُزَوَّجا
وسَنَّنَ رُمْحَهُ إليه: سَدَّدَهُ ووَجَّهَه إليه.
وسَنَّ الرُّمْحَ يَسُنُّه سَنًّا: رَكَّبَ فيه سِنانَهُ.
وأَسَنَّه جَعَلَ له سِنانًا.
وسَنَّ الأَضْراسَ سَنًّا سَوَّكَها كأنَّه صَقَلَها.
وسَنَّ الإبِلَ سَنًّا: ساقَها سَوْقًا سَرِيعًا وفي الصِّحاحِ: سارها سَيْرًا شَدِيدًا.
وسَنَّ الأَمْرَ سَنًّا: إذا بَيَّنَه.
وسَنَّ الله أَحْكَامَهُ للناسِ: بَيَّنَها.
وسَنَّ الله سُنَّةً: بَيَّنَ طَرِيقًا قَوِيمًا.
وسَنَّ الطِينَ سَنًّا: عَمِلَهُ فَخَّارًا، أو طَيَّنَ به؛ كذلِكَ: وسَنَّ فُلانًا: طَعَنَهُ بالسِنانِ.
أَو سَنَّه: عَضَّهُ بالأسْنانِ، كضَرَّسَهُ إذا عَضَّه بالأَضْراسِ.
أَو سَنَّه: كَسَرَ أَسْنَانَهُ، كعَضَّدَه إذا كَسَرَ عَضدَهُ.
وسَنَّ الفَحْلُ الناقَةَ يَسُنُّها سَنًّا: كَبَّها على وَجْهِها؛ قالَ:
فانْدَفَعَتْ تأْفِرُ واسْتَقْفاها *** فسَنَّها بالوَجْهِ أَو دَرْباها
أَي دَفَعَها.
وسَنَّ المالَ: أَرْسَلَهُ في الرَّعْيِ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن المُؤرِّخِ.
أَو سَنَّه إذا أَحْسَنَ رِعْيَته والقِيامَ عليه حتى كأنَّه صَقَلَهُ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ عن ابنِ السِّكِّيت، وأَنْشَدَ للنابِغَةِ:
ضَلَّتْ حُلومُهُمُ عنهم وغَرَّهُمُ *** سَنُّ المُعَيديِّ في رَعْيِ وتَعْزيبِ
وفي المُحْكَمِ: سَنَّ الإبِلَ يَسُنُّها سَنًّا إذا رَعاها فأَسْمَنَها.
وسَنَّ الشيءَ يَسُنُّه سَنًّا: صَوَّرَهُ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وهو مَسْنونٌ: أَي مُصوَّرٌ.
وسَنَّ عليه الدِرْعَ يَسُنُّه سَنًّا: صَوَّرَهُ؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وهو مَسْنونٌ: أَي مُصوَّرٌ.
وسَنَّ عليه الدِرْعَ يَسُنُّه سَنًّا: أَرْسَلَه إرْسالًا لَيِّنًا.
أَو سَنَّ عليه الماءَ: صَبَّهُ عليه صَبًّا سَهْلًا.
وفي الصِّحاحِ: سَنَنْتُ الماءَ على وَجْهي أَي أَرْسَلْتُهُ إرْسالًا من غيرِ تَفْريقٍ، فإذا فَرَّقْتُه بالصَّبِّ قُلْتَ بالشِّيْن المعْجمَةِ. وفي حدِيثِ ابنِ عُمَرَ، رضِيَ الله تعالى عنهما: «كان يَسُنُّ الماءَ على وجْهِه ولا يَشُنُّه.
وكذلِكَ سَنَّ التّرابَ: إذا صَبَّه على وجْهِ الأرْضِ صَبًّا سَهْلًا. ومنه حدِيثُ عَمْرو بنِ العاصِ، رضِي اللهُ تعالَى عنه: «فسُنُّوا عليَّ التُّرابَ سَنًّا».
وسَنَّ الطَّرِيقَةَ يَسُنُّها سَنًّا: سَارَها؛ قالَ خالِدُ بنُ عُتْبة الهُذَليُّ:
فلا تَجْزَعَنْ من سِيرةٍ أَنْتَ سِرْتَها *** فأَوَّلُ راضٍ سُنَّةً من يَسِيرُها
كاستَسَنَّها.
واسْتَنَّ الرَّجُلُ: اسْتَاكَ؛ ومنه الحدِيثُ: «كانَ يَسْتَنُّ بعودٍ مِن أَرَاكٍ»، وهو افْتِعالٌ مِن الأَسْنانِ أَي يُمِرُّه عليها.
واسْتَنَّ الفَرَسُ: قَمَصَ وفي المَثَلِ: اسْتَنَّتِ الفِصالُ حتى القَرْعَى؛ كما في الصِّحاحِ.
يقالُ: اسْتَنَّ الفَرَسُ في مضْمَارِه: إذا جَرَى في نَشاطِهِ على سَنَنِه في جهَةٍ واحِدَةٍ.
وفي حدِيثِ الخَيْلِ: «اسْتَنَّتْ شَرَفًا أَو شَرَفَيْنِ»؛ أَي عَدا لِمرَحِهِ ونَشاطِهِ شَوْطًا أَو شَوطَيْن ولا رَاكِبَ عليه.
والمَثَلُ يُضْرَبُ لرَجُلٍ يُدْخِلُ نَفْسَهُ في قوْمٍ ليسَ منهم، والقَرْعَى مِن الفِصالِ: التي أَصابَها قَرَعٌ، وهو بَثْرٌ.
واسْتَنَّ السَّرابُ: اضْطَرَبَ في المَفازَةِ.
والسَّنُونُ، كصَبُورٍ: ما اسْتَكْتَ به.
وقالَ الرَّاغِبُ: دواءٌ يُعالجُ به الأَسْنانُ، زادَ غيرُهُ: مُؤَلَّفٌ مِن أَجْزاء لتَقْوِيةِ الأسْنانِ وتَطْرِيتِها.
وقالَ اللّيْثُ: السَّنَّةُ، وبالفتْحِ: اسمُ الدُّبَّةِ، والفَهْدَة.
والسِّنَّةُ، بالكسْرِ: الفأْسُ لها خَلْفانِ، والجَمْعُ سنانٌ ويُقالُ: هي الحَدِيدَةُ التي تُثارُ بها الأرْضُ كالسِّكَّةِ؛ عن أبي عَمْرٍو وابنِ الأعْرابيِّ، كما في الصِّحاحِ.
والسُّنَّةُ، بالضَّمِّ: الوَجْهُ لصَقالَتِهِ ومَلاسَتِهِ؛ أَو حُرُّهُ وهو صفْحَةُ الوَجْهِ؛ أَو دَائِرَتُهُ؛ أَو السُّنَّةُ: الصُّورَةُ؛ ومنه حدِيثُ الحضِّ على الصَّدَقةِ: فقامَ رجُلٌ قَبِيحُ السُّنَّةِ؛ أَي الصُّورَة وما أَقْبَلَ عليك مِنَ الوَجْهِ، ويقالُ: هو أَشْبَه شيء سُنَّة وأَمَة، فالسُّنَّةُ: الصُّورَةُ والوَجْهُ، والأمَةُ: الوَجْهُ؛ عن ابنِ السِّكيت؛ وقالَ ذو الرُّمَّةِ:
تُرِيكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غيرَ مُقْرِفةٍ *** مَلساءَ ليس بها خالٌ ولا نَدَبُ
وأَنْشَدَ ثَعْلَب:
بَيْضاءُ في المِرْآةِ سُنَّتُها *** في البيتِ تحتَ مَواضِعِ اللّمْسِ
أَو السُّنَّةُ: الجَبْهَةُ والجَبِينانِ وكُلَّه مِنَ الصَّقالَةِ الأَسالَةِ.
والسُّنَّةُ: السِّيرَةُ حَسَنَة كانتْ أو قَبِيحَة.
وقالَ الأزْهرِيُّ: السُّنَّةُ: الطَّريقَةُ المَحْمودَةُ المُسْتقيمةُ، ولذلِكَ قيل: فلانٌ مِن أَهْلِ السُّنَّة؛ معْناهُ مِن أَهْلِ الطَّريقَةِ المُسْتقيمةِ المَحْمودَةِ.
والسُّنَّةُ: الطَّبِيعَةُ؛ وبه فسَّرَ بعضُهم قوْلَ الأَعْشى:
كَرِيمًا شَمائِلُه من بَنِي *** مُعاويةَ الأكْرَمِينَ السُّنَنْ
وقيلَ: السُّنَن هنا الوُجُوه.
والسُّنَّةُ: تَمْرٌ بالمدينةِ مَعْروفٌ؛ نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
والسُّنَّةُ مِن الله إذا أُطْلِقَت في الشَّرْع فإنّما يُرادُ بها حُكْمُهُ وأَمْرُهُ ونَهْيُهُ ممَّا أَمَرَ به النَّبيُّ، صلى الله عليهوسلم، ونَهَى عنه ونَدَبَ إليه قوْلًا وفِعلًا ممَّا لم يَنْطق به الكتابُ العَزيزُ، ولهذا يُقالُ في أَدِلَّة الشَّرْعِ: الكتابُ والسُّنَّةُ؛ أَي القُرآنُ والحدِيثُ. وقالَ الرَّاغبُ: سُنَّةُ النبيِّ: طَريقَتُه التي كانَ يَتحرَّاها، وسُنَّةُ الله، عزّ وجلّ، قد تُقالُ لطَريقَةِ حكْمَتِه وطَريقَةِ طاعَتِه، نحْو قوْلِه تعالَى: {سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ}؛ وقَوْله تعالَى: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلًا}؛ فنَبَّه على أنَّ وجُوه الشَّرائِعِ وإن اخْتَلَفَتْ صُورُها، فالغَرَضُ المَقْصُودُ منها لا يَخْتَلِفُ ولا يَتَبَدَّلُ، وهو تَطْمِينُ النَّفْس وتَرْشِيحُها للوُصولِ إلى ثَوابِ الله تعالى.
وقَوْله تعالَى: {وَما مَنَعَ النّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ} إِلّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ.
قالَ الزَّجَّاجُ: أَي مُعَايَنَةُ العَذابِ وطَلَبُ المُشْركِين إذ قالوا: {اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ}.
وسَنَنُ الطَّرِيقِ، مُثَلَّثَةً وبضمَّتَيْن، فهي أَرْبَع لُغاتٍ، ذكَرَ الجَوْهرِيُّ منها: سَنَنا بالتَّحْريكِ وبضمَّتَيْن وكرُطَبٍ. وابن سيده: سِنَنًا كعِنَبٍ، قالَ: ولا أَعْرفُه عن غيرِ اللّحْيانيّ.
وكرُطَبٍ: ذَكَرَه صاحِبُ المِصْباحِ أَيْضًا وتَظَر فيه شيْخُنا؛ وَلَا وَجْه للنَّظَر فيه، وقد ذكَرَه الجَوْهرِيُّ وغيرُهُ مِن الأئِمَّةِ: نَهْجُهُ وجِهَتُهُ. يقالُ: تَرَكَ فلانٌ سَنَنَ الطَّرِيقِ؛ أَي جِهَتَه.
وقالَ أَبو عُبَيْدٍ: سَنَنُ الطَّريقِ وسُنُنُه: مَحَجَّتُه.
وتَنَحَّ عن سَنَنِ الجَبَلِ: أَي عن وجْهِه.
وقالَ الجَوْهرِيُّ: السَّنَنُ: الاسْتِقامَةُ. يقالُ: أَقامَ فلانٌ على سَنَنٍ واحِدٍ. ويقالُ: امْضِ على سَنَنِك وسُنَنِك أَي على وَجْهِك.
وقالَ شَمِرٌ: السُّنَّةُ في الأَصْلِ سُنَّة الطَّرِيقِ، وهو طَريقٌ سَنَّه أَوائِلُ الناسِ فصارَ مَسْلَكًا لمَنْ بعْدِهم.
وجاءَتِ الرِّيحُ سَناسِنَ، كذا في النسخِ، والصَّوابُ: سَنائِنُ، كما هو نَصُّ الصِّحاحِ، إذا جاءَتْ على وَجْهٍ واحِدٍ وعلى طَريقَةٍ واحِدَةٍ لا تَخْتلفُ؛ واحِدُها سَنِينَةٌ، كسَفِينَةٍ: قالَهُ مالِكُ بنُ خالِدٍ الخُنَاعِيُّ.
والحَمَأُ المَسْنونُ*، في الآيَةِ، المُنْتِنُ المُتَغيِّرُ؛ عن أَبي عَمْرٍو؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وقالَ أَبو الهَيْثم: سُنَّ الماءُ فهو مَسْنونٌ؛ أَي تَغَيَّرَ.
وقالَ الزَّجَّاجُ: مَسْنونٌ مَصْبوبٌ على سُنَّةِ الطَّريقِ.
قالَ الأَخْفشُ: وإنَّما يَتَغَيَّرُ إذا قامَ بغيْرِ ماءٍ جارٍ.
وقالَ بعضُهم: مَسْنونٌ: طَوِيلٌ.
وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: هو الرَّطْبُ، وقيلَ: المُنْتِنُ.
وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: المَسْنونُ: المَصْبوبُ؛ ويقالُ: المَسْنونُ: المَصْبوبُ على صورَةٍ.
وقالَ الفرَّاءُ: المَسْنونُ: المَحْكوكُ.
ورجُلٌ مَسْنونُ الوَجْهِ: مُمَلَّسُهُ؛ وقيلَ: حَسَنُهُ سَهْلُهُ.
وقالَ أَبو عُبَيْدَةَ: سُمِّي مَسْنونًا لأنَّه كالمَخْروطِ؛ زادَ الزَّمَخْشرِيُّ: كأَنَّ اللحْمَ سُنَّ عنه؛ أَو الذي في وَجْهِه وأَنْفِه طُولٌ، نَقَلَه الجَوْهرِيُّ.
والفَحْلُ يُسَانُّ النَّاقَةَ مُسَانَّةَ وسِنانًا، بالكسْرِ: أَي يَكْدِمُها ويَطْرُدُها حتى يُنَوِّخَها ليَسْفِدَها؛ نَقَلَهُ الجَوْهرِيُّ.
وقالَ ابنُ بَرِّي: المُسانّةُ أَن يَبْتَسِرَ الفحْلُ الناقَةَ قَهْرًا؛ قالَ مالِكُ بنُ الرَّيْب:
وأَنت إذا ما كنتَ فاعِلَ هذِه *** سِنَانًا فما يُلْفَى لجنبك مَصْرَعُ
وقالَ ابنُ مُقْبل يَصِفُ ناقَتَه:
وتُصْبِحُ عن غِبِّ السُّرَى وكأَنَّها *** فَنِيقٌ ثَناها عن سِنانٍ فأَرْقَلا
يقولُ: سانَّ ناقَتَه ثم انْتَهَى إلى العَدْوِ الشّدِيدِ فأَرْقَلَ، وهو أَنْ يَرْتفِعَ عن الذَّمِيلِ، ويُرْوى هذا البيتُ أَيْضًا لِضابِئِ بنِ الحَارِثِ البُرْجُمِيِّ؛ وقالَ آخَرُ:
كالفَحْل أَرْقَلَ بعدَ طُولِ سِنَانِ
والسَّنِينُ، كأَمِيرٍ: ما يَسْقُطُ منَ الحَجَرِ إذا حَكَكْتَهُ، كذا في الصِّحاحِ.
وقالَ الفرَّاءُ: يقالُ للذي يسيلُ مِنَ المِسَنِّ عنْدَ الحكِّ سَنِينٌ؛ قالَ: ولا يكونُ ذلِكَ السائِلُ إلَّا مُنْتِنًا.
والسَّنِينُ: الأَرضُ التي أُكِلَ نَباتُها كالمَسْنونَةِ، وقد سُنَّتْ؛ قالَ الطِّرمَّاحُ:
بمُنْخَرَقٍ تَحِنُّ الريحُ فيه *** حَنِينَ الجُلْبِ في البلدِ السَّنِينِ
وسَنِينٌ: بلد به رملٌ وهِضَابٌ. وفيه وعُورَةٌ وسُهولَةٌ مِن بِلادِ عَوْفِ بنِ عبْدٍ أَخِي قريط بنِ أَبي بكْرِ بنِ كِلابٍ؛ قالَهُ نَصْرٌ.
وسُنَيْنُ، كزُبَيْرٍ: اسمٌ سَيَأْتي بعضُ مَنْ تَسَمَّى به في سِياقِ المصنِّفِ، رحِمَه الله تعالَى.
والعلَّامَةُ عبدُ الجَلِيلِ بنُ سُنَيْنِ الطَّرَابُلُسِيُّ الحَنَفيُّ عن الشَّهاب البشبيشي، أَخَذَ عن شيخِ مشايِخِنا الحمويّ صاحِبِ التارِيخِ.
وكجُهَيْنَةَ: سُنَيْنَةُ بنْتُ مِخْنَفٍ الصَّحابِيَّةُ، رَوَتْ عنها حبةُ بنْتُ الشمَّاخِ، ووَقَعَ في المعاجِمِ اسْمُها سنيةُ، وهو غَلَطٌ.
وسُنَيْنَةُ، أيْضًا: مَوْلًى لأَمِّ سَلَمَةَ، رضِيَ الله تعالَى عنها؛ نَقَلَه الحافِظُ.
وفي بعضِ نسخِ التَّبْصير: مَوْلاةُ أُمِّ سَلَمَةَ، وهو غَلَطٌ.
والمَسانُّ مِن الإبِلِ: الكبارُ.
وفي الصِّحاحِ: خِلافُ الأفتاء.
وفي حدِيثِ معاذٍ، رضِيَ الله تعالى عنه: «فأَمَرَني أن آخُذَ من كلِّ ثَلاثِين مِنَ البَقَرِ تَبِيعًا، ومِن كلِّ أَرْبَعِين مُسِنَّةَ»؛ والبقرَةُ والشَّاةُ يقَعُ عليهما اسمُّ المُسِنِّ، إذا أَثْنَيا، فإذا سَقَطَتْ ثَنِيَّتُهما بعْدَ طُلوعِها فقد أَسَنَّتْ، وليسَ معْنَى إسْنانِها كِبَرَها كالرجلِ، ولكن معْناهُ طُلوع ثَنِيَّتها، وتُثْني البقرَةُ في السَّنَةِ الثَّالِثَةِ، وكذلِكَ المِعْزَى تُثْنِي في الثالثَةِ، ثم تكونُ رَباعِيَة في الثالثَةِ، ثم سِدْسًا في الخامِسَةِ، ثم سَالِغًا في السادِسَةِ، وكذلِكَ البَقَرُ في جمِيعِ ذلك.
وقالَ الأزْهرِيُّ: وأَدْنى الأَسْنانِ: الإثْناءُ، وهو أَنْ تنْبِتَ ثَنِيَّتاها، وأَقْصاها في الإبِلِ: البُزُولُ، وفي البَقَرِ والغَنَمِ السُّلُوغ.
والسِّنْسِنُ، بالكسْرِ: العَطَشُ.
وفي الصِّحاحِ: رأْسُ المَحالَةِ، وهو قَوْلُ أَبي عَمْرٍو.
وأَيْضًا: حَرْفُ فَقَارِ الظَّهْرِ، والجَمْعُ السَّنَاسِنُ؛ قالَ رُؤْبَة:
يَنْقَعْنَ بالعَذْبِ مُشاشَ السِّنْسِنِ
كالسِّنِّ والسِّنْسِنَةِ.
وقيلَ: السِّنْسِنُ: رأْسُ عِظامِ الصَّدْرِ، وهي مُشَاشُ الزَّوْرِ، أَو طَرَفُ الضِّلَعِ التي في الصَّدْرِ.
وقالَ الأَزهرِيُّ: ولحْمُ سَنَاسِنِ البَعيرِ مِن أَطْيبِ اللُّحْمَانِ لأنَّها تكونُ بينَ شَطَّي السَّنَام، وقيلَ: هي مِن الفَرَسِ جَوانِحُه الشاخِصَةُ شِبْه الضُّلُوعِ ثم تَنْقطعُ دُونَ الضّلُوع. وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: السَّنَاسِنُ والشَّنَاشِنُ: العِظامُ؛ قالَ الجَرَنْفَشُ:
كيف تَرَى الغَزْوَةَ أَبْقَتْ مِني *** سَناسِنًا كحَلَقِ المِجَنِّ
وسُنْسُنٌ، كهُدْهُدٍ: اسمٌ أَعْجمِيٌّ يُسَمَّى به السَّوَادِيُّون، وهو لَقَبُ أَبي سُفْيانَ بنِ العَلاءِ المَازِنيّ أَخِي أَبي عَمْرِو ابنِ العَلاءِ.
قالَ ابنُ ماكولا: اسْمُه العربانُ ولهما أَخَوانِ أَيْضًا مَعَاذُ وعُمَرُ.
وسُنْسُنٌ: شاعِرٌ أَدْرَكَهُ الدَّارْقَطْنِيُّ.
وسُنْسُنٌ: جَدُّ أَبي الفتْحِ الحُسَيْنِ بنِ محمدٍ الأَسدِيّ الكُوفيّ المُحدِّث.
وقوْلُه: الشَّاعِرُ يَنْبغي حَذْفه فإنَّه لم يَشْتهر بذلِكَ، وقد رَوَى عن القاضِي الجعفيّ وغيرِهِ. وسَنَّةُ بنُ مُسْلِمِ البَطينُ: شيْخٌ لشعْبَةَ؛ وأَبو عُثْمانَ بنُ سَنَّةَ: شيْخٌ للزّهْريّ، مُحدِّثانِ.
وسِنانُ بنُ سَنَّةَ الأَسْلميُّ حِجازِيٌّ رَوَى عنه يَحْيَى بنُ هنْدٍ، ويقالُ في اسمِ والِدِ سَلَمَةَ أَيْضًا؛ وعبدُ الرَّحْمنَ بنُ سَنَّة الأَسْلميُّ له في مُسْندِ أحمدَ: «بَدَأ الإسْلامُ غَرِيبًا»، مِن طريقٍ ضَعيفٍ؛ وسِنانُ بنُ أَبي سِنانِ بنِ محْصنٍ الأَسدِيُّ ابن أَخِي عكَاشَةَ، بدْرِيٌّ مِن السَّابِقِين؛ وسِنانُ ابنُ طُهَيْرٍ الأسدِيُّ أَهْدَى للنَّبيِّ، صلى الله عليهوسلم، ناقَةً، أَخْرَجَه الثَّلاثةُ؛ وسِنانُ بنُ عبْدِ الله، وهُما اثْنانِ أَحَدُهما الجهْنيُّ رَوَى عنه ابنُ عبَّاسٍ، والثاني سِنانُ بنُ عبْدِ الله بنِ قشيرِ ابنِ خزَيْمَةَ هو الأَكْوَعُ والِدُ سَلَمَةَ، قالَ الطُّبْرانيُّ أَسْلَم، وهذا بعيدٌ بل خَطَأٌ، فإنَّ سِنانًا هذا المُلَقَّب بالأَكْوعِ هو جَدُّ سَلَمَةَ بنِ عُمَر بنِ الأَكْوعِ لا أَبُوه ولم يُدْرِكِ المَبْعَث؛ وسِنانُ بنُ عَمْرِو بنِ مُقَرِّنٍ، كذا في النُّسخِ، والصَّوابُ وابنَ مُقَرِّنٍ، فإنَّهما اثْنانِ، فأمَّا سِنانُ بنُ عَمْرٍو فهو أَبو المُقَنَّع القضَاعِيُّ حَلِيفُ بَني ظفرٍ شَهِدَ أُحُدًا وغيرَها مِن المَشَاهِدِ، وأمَّا ابنُ مُقَرِّنٍ فهو أَبو النُّعْمان له ذِكْرٌ في المَغازِي ولم يَرْوِ؛ وسِنانُ بنُ وَبْرَةَ، ويقالُ: ابنُ وَبْرَةَ الجهْنيُّ له رِوايَةُ حدِيثٍ لا يثْبتُ؛ وسِنانُ بنُ سَلَمَةَ بنِ المحبّقِ الهُذَليُّ: قيلَ إنَّه وُلِدَ يوْمَ الفتْحِ فسَمَّاه النبيُّ، صلى الله عليهوسلم، سِنانًا، وكانَ شجُاعًا وقد وَلِيَ غَزْوَةَ الهِنْدِ في سَنَة خَمْسين؛ وسِنانُ بنُ شَمْعَلَةَ، ويقالُ ابنُ شَفْعَلَةَ الأَوْسيُّ، جاءَ عنه حدِيثٌ مَوْضوعٌ؛ وسِنانُ بنُ تَيْمٍ الجهْنيُّ، وقيلَ ابنُ وَبْرَةَ حَلِيفُ الخَزْرجِ، له حدِيثٌ ذَكَرَه أَبو عُمَرَ؛ وسِنانُ بنُ ثَعْلَبَةَ بنِ عامِرٍ الأَنْصارِيُّ: شَهِدَ أُحُدًا ولا رِوايَة له؛ وسِنانُ بنُ رَوْحٍ ممَّنْ نَزَلَ حمْصَ مِن الصَّحابَةِ، وقيلَ اسْمُه سَيَّار.
* وفاتَهُ:
سِنانُ بنُ صَخْرِ بنِ خَنْساء الخَزْرجيُّ عقبيٌّ بدْرِيٌّ؛ وسِنانٌ الضمْرِيُّ الذي اسْتَخْلَفَه أبو بكْرٍ على المَدينَةِ حينَ خَرَجَ لقِتالِ أَهْلِ الردَّةِ؛ وسِنانُ بنُ أَبي عبدِ اللهِ ذَكَرَه العَدَويُّ؛ وسِنانُ بنُ عَرَفَة؛ وسِنانُ أَبو هنْدٍ الحجَّامُ ويقالُ اسْمُه سالمٌ وسِنانُ آخَرُ لم يُنْسَبْ، رَوَى عنه أَبو إسْحق السُّبَيْعيُّ.
وسُنَيْنٌ، كزُبَيْرٍ: أَبو جَميلَةَ الضمْريُّ، وقيلَ: السُّلَميُّ، له في صَحيحِ البُخارِي حدِيثٌ مِن طَريقِ الزّهْريّ عنه؛ وسُنَيْنُ بنُ واقِدٍ الأَنْصارِيُّ الظفريُّ تأَخَّر موْتُه إلى بعْدَ الستِّين، صَحابِيُّونَ، رضِيَ الله عنهم.
وحِصنُ سِنانٍ: بالرُّومِ فَتَحه عبدُ الله بنُ عبْدِ الملِكِ بنِ مَرْوانَ.
وأَبو العبَّاسِ محمدُ بنُ يَعْقوب بنِ يُوسفَ بنِ مَعْقلِ بنِ سِنانِ بنِ عبْدِ اللهِ الأَصَمُّ السِّنانِيُّ الأُمَويُّ نِسْبَةٌ إلى جَدِّهِ سِنانٍ المَذْكورِ، ويقالُ له المعقليُّ نِسْبَة إلى جَدِّه مَعْقلٍ، عَمَّر طَويلًا، ظَهَرَ به الصَّمَمُ بعْدَ انْصِرافِهِ مِنَ الرَّحْلةِ حتى إنَّه كانَ لا يَسْمَع نَهِيقَ الحِمارِ، أَذَّنَ سَبْعِينَ سَنَة في مسْجِدِه، وسُمِعَ منه الحدِيثُ سِتًّا وسَبْعينَ سَنَة، سَمِعَ عنه الآباءُ والأَبْناءُ والأَحفادُ، وكانَ ثِقَةً أَمِينًا وُلِدَ سَنَة 247 ورَحَل به أَبوه سَنَة 265 على طَريقِ أَصْبهان، فسَمِعَ هرُون بن سُلَيْمان وأسيد بنِ هاشِمٍ، وحَجَّ به أَبوه في تلْكَ السَّنَةِ فسَمِعَ بمكَّةَ مِن أَحمدَ بنِ سِنانٍ الرّمليّ، ثم خَرَجَ إلى مِصْر فسَمِعَ مِن عبْدِ اللهِ بنِ عبْدِ الحَكَم ويَحْيَى ابنِ نَصْر الخولانيّ والرَّبيعِ بنِ سُلَيْمان المُرَاديّ وبكَّارِ بنِ قُتَيبَةَ القاضِي، رحِمَهم اللهُ تعالَى، وأَقامَ بمِصْرَ على سماعِ كُتُبِ الإمامِ الشافِعِيّ، رضِيَ الله تعالَى عنه، ثم دَخَلَ الشامَ وسَمِعَ بعَسْقلان ودِمَشْق، ودَخَلَ دِمْياط وحمْصَ والجَزيرَةُ والمُوْصل، ورَحَلَ إلى الكُوفَةِ، ودَخَلَ بَغْدادَ ثم انْصَرَفَ إلى خُرَاسان وهو ابنُ ثَلاثِينَ سَنَةً، وهو محدِّثٌ كبيرٌ، وتُوفي بنَيْسابُور سَنَة 349. وأُسْنانُ، بالضَّمِّ: قرية بهَراةَ، منها: أَحمدُ بنُ عدْنانِ بنِ اللّيْثِ رَوَى عنه أَبو سعْدٍ المَالِيني.
وسَنِيناءُ، بفتحٍ فكسْرٍ مَمْدودَةً: قرية بالكُوفَةِ.
والسَّنائِنُ: ماءَةٌ لبَني وَقَّاصٍ، كأنَّه جَمْعُ سنينة.
والمُسْتَسِنُّ، على صِيغَةِ اسمِ الفاعِلِ: الطَّريقُ المَسْلوكُ.
وفي التَّهْذيبِ: طَريقٌ يُسْلَكُ.
وتَسَنَّنَ الرَّجُلُ في عَدْوِهِ، كالمُسْتَسَنِّ، على صِيغَةِ اسمِ المَفْعولِ؛ وقد اسْتَسَنَّتْ إذا صارَتْ كذلِكَ.
والمُسْتَنُّ: الأَسَدُ لاسْتِنانِه في عَدْوِهِ؛ أَي مضيِّه على وَجْهِه.
والسَّنَنُ، محرَّكةً: الإبِلُ تَسْتَنُّ وتَلحُّ في عَدْوِها وإقْبالِها وإدْبارِها.
والسَّنِينَةُ، كسَفِينَةٍ: الرَّمْلُ المُرْتَفِعُ المُسْتَطِيلُ على وَجْهِ الأرْضِ، الجمع: سَنائِنُ؛ نَقَلَه الأزْهرِيُّ وأَنْشَدَ للطِّرمَّاحِ:
وأَرْطاةِ حِقْفٍ بين كِسْرَيْ سَنائِن
وقالَ غيرُهُ: السَّنائِنُ كهَيْئةِ الجِبالِ مِنَ الرَّمْلِ.
والسَّنينَةُ: الرِّيحُ، والجَمْعُ كالجمْعِ، عن مالِكِ بنِ خالِدٍ.
والمَسْنونُ: سَيْفُ مالِكِ بنِ العَجْلانِ الأَنْصارِيِّ.
وذُو السِّنِّ، بالكسْرِ: ابنُ وَثَنٍ البَجَليُّ كانتْ له سِنٌّ زائِدَةٌ فلُقِّبَ به.
وذُو السِّنِّ: ابنُ الصَّوَّانِ بنِ عبْدِ شَمْسٍ.
وذُو السُّنَيْنَةِ، كجُهَيْنَةَ: حُبَيْبُ بنُ عُتْبَةَ الثَّعْلبيُّ كانتْ له سِنٌّ زائِدَةٌ أَيْضًا.
ومِن المجازِ: وَقَعَ في سِنِّ رأْسِه: أَي عَدَدِ شَعَرِه مِن الخيْرِ؛ عن أَبي زيْدٍ؛ وزادَ غيرُهُ: والشَّرِّ.
وقالَ أَبو الهَيْثم: وَقَعَ فلانٌ في سِنِّ رأْسِه وسِواءِ رأْسِه بمعْنًى واحِدٍ.
ورَوَى أَبو عُبَيْدِ، هذا الحَرْفَ في الأَمْثالِ في سِنِّ رأْسِه؛ ورَوَاه في المصنَّف في سِيِّ رأْسِه.
قالَ الأزْهرِيُّ: والصَّوابُ بالياءِ، أي فيمَا سَاوَى رَأْسَه مِن الخِصْبِ. أو المعْنى: وَقَعَ فيمَا شاءَ واحْتكَم.
وأُسَيْدُ السُّنَّةِ، بالضَّمِّ: هو أَسَدُ بنُ مُوسَى بنِ إبراهيمَ بنِ عبْدِ الملِكِ الأمويُّ المُحَدِّثُ مِصْريٌّ سَكَنَ مِصْر ويُكَنى أَبا إبراهيمَ رَوَى عن الحمَّادَيْن واللَّيْثِ، وعنه الرَّبيعُ بنُ سُلَيْمان المُرَاديُّ وبَحْرُ بنُ نَصْرٍ الخولانيُّ، قيلَ له ذلك لكِتابٍ صنَّفَه في السُّنَّةِ؛ وابْنُه سعْدٍ أَخَذَ عن الإمامِ الشافِعِيّ، رضِيَ الله تعالى عنه، وصنَّفَ، ماتَ بِمِصْرَ.
والسُّنِّيُّونَ، بالضَّمِّ وكسرِ النُّون المشدَّدَةِ، مِن المُحدِّثِينَ جماعَةٌ منهم: الحافِظُ أبو بكْرٍ أَحمدُ بنُ محمدِ ابنِ إسْحقَ الدَّينوريُّ بن السُّنِّيِّ، ذُو التَّصانِيفِ المَشْهورَةِ؛ والعَلاءُ بنُ عَمْرٍو السُّنِّيُّ حدَّثَ عنه أَبو شيبَةَ دَاود بنُ إبراهيمَ؛ ويَحْيَى بنُ زكَرِيَّا السُّنِّيُّ عن محمدِ بنِ الصبَّاح الدولابي، وعنه الدعولي؛ وأَبو نَصْرٍ أَحمدُ ابنُ عليِّ بنِ مَنْصورِ بنِ شُعَيبٍ البُخارِيُّ السُّنِّيُّ مُؤَلِّفُ كِتابِ المِنْهاجِ، حدَّثَ عنه أبو محمدٍ الحَسَنُ بنُ أحمدَ السَّمَرْقَنْديّ، وآخَرُونَ كحافِظِ الدِّيْن أَبي إبْراهيمَ إسْمعيل ابنِ أَبي القاسِمِ السُّنِّيِّ عن أَبي المحاسِنِ الرُّويانيّ، وعنه القطبُ النَّيْسابُوريُّ؛ وعَمْرو بن أَحْمدَ السُّنِّيّ بَغْدادِي سَكَنَ بأَصْبَهان؛ وأَبي الحَسَنِ عليّ بن يَحْيَى بنِ الخَلِيلِ السُّنِّيّ التَّاجِر المَرْوَزيّ رَوَى عن أَبي الموجه؛ وعليِّ بنِ مَنْصورٍ السُّنِّيّ الكَرَابِيسي؛ وأَبي العبَّاس أَحمدَ بنِ محمدٍ السُّنِّيّ الزيَّات؛ وعليِّ بنِ أَحمدَ السُّنّيِّ الدَّينورِيِّ؛ ومحمدِ بنِ مَحْفوظٍ السُّنِّيِّ مِن أَهْلِ الرَّمْلةِ؛ وعبْدِ الكَريمِ بنِ عليِّ بنِ أَحْمدَ التَّمِيمِيّ يُعْرفُ بابنِ السُّنِّيِّ؛ وأَبي زَرْعَةَ رَوْح بنِ محمدِ بنِ أَحمدَ بنِ السُّنِّيِّ رَوَى عنه الخَطِيبُ؛ وأَبي الحَسَنِ مَسْعود بنِ أَحمدَ السُّنِّيِّ مِن شيوخِ ابنِ السّمْعانيّ؛ والجلال الحُسَيْن بنِ عبْدِ الملِكِ الأَثريّ السُّنِّيِّ، مُحدِّثُون.
ومِن المجازِ: سَنَّنِي هذا الشَّيءُ: أَي شَهَّى إليَّ الطَّعامَ. يقالُ: هذا ممَّا يَسُنُّك على الطَّعامِ؛ أَي يَشْحذُك على أَكْلِه ويشهِّيه.
والحَمْضُ يَسُنُّ الإبِلَ على الخُلَّةِ؛ كما في الأساسِ.
قالَ أَبو سعيدٍ: أَي يُقوِّيها، كما يقالُ: السّنُّ حَدُّ السِّكِّين والحَمْضةُ سِنانٌ لها على رعْيِ الخُلَّةِ، وذلِكَ أنَّها تَصْدُقُ الأَكْلَ بعْدَ الحَمْضِ.
وتَسَانَّتِ الفُحولُ: تَكادَمَتْ وعضتْ بعضُها بعضًا.
وسِنينُ، ظاهِرُ إطْلاقِه الفتْح، بلد بدِيارِ عَوْفِ بنِ عَبْدٍ أَخِي قريطِ بنِ أَبي بكْرِ بنِ كِلابٍ، وهذا قد تقدَّمَ بعَيْنِه آنِفًا وضَبَطَه في النسخِ بكسْرِ السِّيْنِ وهو وهمٌ.
والسِّنانُ: نَصْلُ الرُّمْحِ، هو ككِتابٍ، وإنّما أَغْفَلَه عن الضبْطِ لشُهْرتِه.
وقالَ الرَّاغبُ: السِّنانُ خصَّ بما يركبُ في الرُّمحِ.
وفي المُحْكَم: سِنانُ الرُّمحِ حَدِيدَتُه لصَقالَتِها ومَلاسَتِها، الجمع: أَسِنَّةٌ.
ورُوِي عن المُؤَرِّجِ: السِّنانُ الذِّبَّانُ؛ وأَنْشَدَ:
أَيَأْكُلُ تَأْزِيزًا ويَحْسُو خَزِيرَةً *** وما بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَنِيمُ سِنانِ؟
قالَ: تَأْزِيزًا ما رَمَتْه القِدْر إذا فارَتْ.
وهو أَطْوَعُ السِّنانِ: أَي يُطَاوِعُه السِّنانُ كيفَ شاءَ؛ قالَ الأسدِيُّ يَصِفُ فحلًا:
للبَكَراتِ العِيطِ منها ضاهِدا *** طَوْعَ السِّنانِ ذارِعًا وعاضِدَا
ذارِعًا: يُقالُ ذَرَعَ له إذا وَضَعَ يدَه تحْتَ عُنُقِه ثم خَنَقه، والعاضِدُ: الذي يأْخذُ بالعَضُدِ طَوْعَ السِّنانِ؛ يقولُ: يُطاوِعُه السِّنانُ كيفَ يَشاءُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
مِن الأَبَدِيَّات: لا آتِيكَ سِنِّ الحِسْلِ؛ أَي أَبَدًا.
وفي المُحْكَم: ما بَقِيتْ سِنُّه، يعْنِي وَلَد الضَّبِّ، وسِنُّه لا تَسْقطُ أَبَدًا.
وحَكَى اللَّحْيانيُّ عن المُفَضّل: لا آتِيكَ سِنِي حِسْلٍ، قالَ: وزَعَمُوا أنَّ الضَّبَّ يعيشُ ثَلَثُمائةِ سَنَة.
والسِّنانُ، بالكسْرِ: الاسم من يَسُنُّ وهو القُوَّةُ. والسِّنُّ بالكسْرِ: الرَّعْيُ؛ وقوْلُ عليٍّ، رضِيَ اللهُ تعالَى عنه:
بازِلُ عامَيْنِ حَدِيثُ سِنِّي
عَنَى شِدَّتَه واحْتِناكَه.
والأَسْنانُ: الأَكابِرُ والأَشْرافُ.
والسِّنُّ: الرَّقيقُ والدَّوابُّ.
والسَّنَنُ: محرَّكةً: اسْتِنانُ الخَيْلِ والإبلِ. يقالُ: تَنَحَّ عن سَنَنِ الخَيْلِ.
والسِّنانُ، بالكسْرِ: الذي يُسَنُّ عليه نَقَلَه الجوْهرِيُّ؛ وأَنْشَدَ لامْرِئِ القَيْسِ:
يُبارِي شَباةَ الرُّمْحِ خَدٌّ مُذَلَّقٌ *** كصَفْحِ السِّنانِ الصُّلَّبيِّ النَّحِيضِ
: ومثْلُه للبيدٍ:
يَطْرُدُ الزُّجَّ يُبارِي ظِلَّهُ *** بأَصيلٍ كالسِّنانِ المُنْتَحَلْ
وأَسَنَّ الرُّمْحَ جَعَلَ له سِنانًا.
وتَسْنينُ الأَسْنانِ: تَسْويكُها.
والمَسْنونُ: المُمَلَّسُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لعبْدِ الرَّحْمن ابنِ حَسَّان:
ثم خاصَرْتُها إلى القُبَّةِ الخَضْ *** راءِ تَمْشِي في مَرْمَرٍ مَسْنونِ
قالَ ابنُ بَرِّي: وتُرْوَى هذه الأَبياتُ لأَبي دهْبَلٍ.
وكلُّ مَنِ ابْتَدَعَ أَمْرًا عَمِلَ به قوْمٌ بعْدَه قيلَ: هو الذي سَنَّه؛ قالَ نُصَيْبٌ:
كأَنِّي سَنَنتُ الحُبَّ أَوَّلَ عاشِقٍ *** من الناسِ إذ أَحْبَبْتُ من بَيْنِهم وَحْدِي
واسْتَنَّ بسُنَّتِه: عَمِلَ بها.
والسَّنَنُ، محرَّكةً: الطَّريقَةُ.
والسُّنَّةُ، بالضمِّ: الخَطُّ الأَسْودُ على متنِ الحِمارِ.
والسَّنَنُ: المَسْنونُ.
ومُسْتَنُّ الحَرُورِ: مَوْضِعُ جَرْيِ السَّرابِ؛ أو موضِعُ اشْتِدادِ حَرِّها كأنَّها تَسْتنُّ فيه عَدْوًا، أَو مَخْرجُ الرِّيحِ؛ وبكلِّ فُسِّرَ قوْلُ جَريرٍ:
ظَلِلْنا بمُسْتَنِّ الحَرُورِ كأَنَّنا *** لَدَى فَرَسٍ مُسْتَقبِلِ الريحِ صائِم
والاسمُ منه السَّنَنُ.
واسْتَنَّ دَمُ الطَّعْنةِ: إذا جاءَتْ دُفْعَةٌ منها؛ قالَ أَبو كبيرٍ الهُذَليُّ:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوِّ مُرِشَّة *** تَنْفي الترابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
وطَعَنه طَعْنةً فجاءَ منها سَنَنٌ يدْفَعُ كلَّ شيءٍ إذا خَرَجَ الدمُ بحَمْوَتِه؛ وقوْلُ الأعْشى:
وقد نَطْعُنُ الفَرْجَ يومَ اللِّقا *** بالرُّمْحِ نحْبِسُ أُولى السَّنَنْ
قالَ شَمِرٌ: يريدُ أول القوْمِ الذين يُسْرعُون إلى القِتالِ.
وجاءَ سَنَنٌ مِن الخَيْلِ: أَي شَوْطٌ.
ويقالُ: استن قُرونَ فَرَسِك: أَي بُدَّهُ حتى يَسِيلَ عَرَقُه فيَضْمُرَ، وقد سُنَّ له قَرْنٌ، وقُرونٌ وهي الدُّفَعُ مِن العَرَقِ؛ قالَ زُهَيْرُ بنُ أَبي سُلْمى:
نُعَوِّدُها الطِّرادَ فكلَّ يوْمٍ *** تُسَنُّ على سَنابِكها القُرونُ
وفي النوادِرِ: ريحٌ نَسْناسَةٌ وسَنْسانَةٌ: بارِدَةٌ؛ وقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ إذا هَبَّتْ هُبُوبًا بارِدًا.
ويقالُ: نَسْناسٌ مِن دُخانٍ وسَنْسانٌ، يريدُ دُخانَ نارٍ.
وبَنَى القوْمُ بيوتَهم على سَنَنٍ واحِدٍ: أَي على مِثالٍ واحِدٍ.
والمَسْنونُ: الرَّطْبُ.
وسَنَّتِ العَيْنُ الدَّمْعَ سَنًّا: صَبَّتُه؛ واسْتَسَنَّتْ هي انصَبَّ دَمْعُها.
والسَّنُونُ، كصَبُورٍ: رملٌ مُرْتفِعٌ مُسْتطِيلٌ على وجْهِ الأرْضِ.
وفي المَثَلِ: صَدَقَني سِنَّ بَكْرِه، تقدَّمَ في «ه بلد ع».
واسْتَسَنَّتِ الفِصالُ: سَمِنَتْ وصارَتْ جُلُودُها كالمَسَانِّ؛ وبه فُسِّر المَثَلُ أَيْضًا.
واسْتَسَنَّ بسَيْفِه: خَطَرَ به.
وتَسَنَّنَ: عَمِلَ بالسُّنَّةِ.
وأَصْلحْ أَسْنانَ مفْتاحِكَ.
وسَنَّ الأميرُ رَعِيَّتَه: أَحْسَنَ سِياسَتها.
وفَرَسٌ مَسْنونَةٌ: متعهَّدةٌ يُحْسنُ القِيامُ عليها.
وسَنَّ فلانٌ فلانًا: مَدَحَه وأَطْرَاهُ.
وسَنَّ اللهُ على يَدَيْ فلانٍ قَضَاءَ حاجَتِي: أَجْراهُ.
ومُسْتَنُّ الطَّريقِ: حيثُ وضحَتْ.
واسْتَنَّ به الهَوَى حيثُ أَرادَ إذا ذَهَبَ به كلّ مَذْهَبٍ؛ وهو مجازٌ.
وخياطُ السّنَّةِ: لَقَبُ جماعَةٍ من المُحدِّثِين منهم: زكَرِيَّا ابنُ يَحْيَى، وأَبو بكْرٍ عبدُ الله بنُ أَحمدَ بنِ سُلَيْمان الهِلالِيُّ، وأَبو جَعْفرٍ، وأبو الحُصَيْن عبدُ الله بنُ لتمانَ ابنِ سنَّةَ العَبْسيُّ بالكسْرِ، ونفيعُ بنُ سالِمِ بنِ عفارِ ابنِ سِنَّةَ المُحارِبيُّ شاعِرَانِ.
والسانةُ: لَقَبُ شيْخِ مشايخِنا الشَّهاب أَحْمد السُّلَميّ الزّبيديّ أَصْله مِن ابن حربٍ فكَرِه أَنْ يقالَ له ذلِكَ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
45-تاج العروس (لتن)
[لتن]: اللَّتِنُ، ككَتِفٍ، بالمُثَنَّاةِ الفَوْقِيَّةِ، كما في النُّسخِ.ووَقَعَ في اللِّسانِ بالمُثلَّثَةِ.
وقد أَهْمَلَهُ الجوْهرِيُّ.
وقالَ الأزْهرِيُّ: سَمِعْتُ محمدَ بن إسْحاق السَّعْدي يقولُ: سَمِعْتُ عليَّ بن حَرْبِ المَوْصِليَّ يقولُ: هو الحُلْوُ بلُغَةِ بعضِ أَهْلِ اليَمَنِ؛ قالَ الأزْهرِيُّ: لم أَسْمَعْه لغيرِ عليِّ بنِ حَرْبٍ وهو ثَبْتٌ وفي حدِيثِ المَبْعثِ:
بُغْضُكُمُ عندنا مُرٍّ مَذاقَتُه *** وبُغْضُنا عندَكم يا قوْمَنا لَتِنُ
واللُّتُنَّةُ، كدُجُنَّةٍ: القُنْفُذُ، يقالُ: مَتَى لم نَقْضِ التُّلُنَّةَ أَخَذَتْنا اللُّتُنَّةُ.
وتقدَّمَ في تَلَنَ: أَنَّ التُّلُنَّةَ: الحاجَةُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
46-تاج العروس (بره)
[بره]: البَرْهَةُ، بالفْتحِ ويُضَمُّ: الزَّمانُ الطَّويلُ.وفي الصِّحاحِ: المدَّةُ الطَّويلَةُ مِن الزَّمانِ؛ أَو أَعَمُّ؛ والأَوَّلُ قَوْلُ ابنِ السِّكِّيت.
يقالُ: أَقَمْتُ عنْدَه بُرْهَةً من الدَّهْرِ كقَوْلِكَ: أَقَمْتُ عنْدَه سَنَةً من الدَّهْرِ.
وأَبْرَهَةُ بنُ الحارِثِ الرَّائِشُ، الذي يقالُ له ذُو المَنارِ، وهو تُبَّعٌ مِن مُلُوكِ اليَمَنِ.
وأَبْرَهَةُ بنُ الصَّبَّاحِ أَيْضًا مِن مُلُوكِ اليَمَنِ، وهو أَبو يَكْسُوم مَلِكُ الحَبَشَةِ، صاحِبُ الفِيلِ المَذْكورِ في القرآنِ، سافَرَ به إلى بيتِ اللهِ الحَرَام فأَهْلَكَه اللهُ تعالى، ويُلَقّبُ هذا بالأَشْرَمِ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ:
مَنَعْتَ مِنْ أَبْرَهَةَ الحَطِيما *** وكُنْتَ فيما ساءَهُ زَعِيما
والبَرَهْرَهَةُ: المَرأَةُ البَيْضاءُ الشَّابَّةُ؛ وقيلَ: النَّاعِمَةُ، أَو التَّارَّةُ التي تَكادُ تُرْعَدُ رُطوبَةً ونُعومَةً.
وقيلَ: هي التي لها بَرِيق مِن صَفائِها.
وقيلَ: هي الرَّقيقَةُ الجِلْدِ كأَنَّ الماءَ يَجْرِي فيها مِن النَّعْمةِ.
قالَ الجوْهرِيُّ: وهي فَعَلْعَلَةٌ كُرِّرَ فيه العَيْنُ واللامُ؛ وأَنْشَدَ لامْرئِ القَيْسِ:
بَرَهْرَهَةٌ رُؤودَةٌ رَخْصَةٌ *** كَخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِر
وبَرَهْرَهَتْها: تَرارَتُها وبَضَاضَتُها.
والبَرَهُ، محرّكةً: التَّرارَةُ، ومنه البَرَهْرَهَةُ.
وبَرَهُوتُ، محرّكةً على مِثَالِ رَهَبُوت كما في الصِّحَاحِ، وهو قَوْلُ الأصْمعيّ.
قالَ ابنُ بَرِّي: صَوابُه بَرَهُوتُ غَيْرُ مَصْروفٍ للتَّأْنِيْثِ والتَّعْريفِ.
* قُلْتُ: ويدلُّ على أَنَّه مَصْروفٌ قَوْل النُّعْمان بنِ بشير في بنْتِ هانئِ الكِنْديَّة، وهي أُمُّ ولدِهِ:
أنّى تذكّرها وغَمْرَةُ دونها؟ *** هيهات بطن قَناةَ من برهوتِ
والقَصِيدَةُ كُلُّها مكْسُورَةُ التاءِ.
ويقالُ: بُرْهُوتُ، بالضَّمِّ، مثْلُ سُبْرُوت، نَقَلَه الجوْهرِيُّ أَيْضًا. بِئْرٌ بَحَضْرَمَوْتَ، يقالُ فيها أَرْواحُ الكُفّارِ. وفي الحدِيثِ: «خيرُ بئرٍ في الأرضِ زَمْزَمُ، وشرُّ بئرٍ في الأرضِ بَرَهُوتُ»، كما في الصِّحاحِ.
أَخْرَجَهُ الطّبرانيّ، وزادَ غيرُهُ: لا يُدْرَكَ عمْقُها.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: وتَاؤُهُ على التحْرِيكِ زائِدَةٌ، وعلى الضمِّ أَصْلِيَّة.
قالَ شيْخُنا: ولذلِكَ ذَكَرَه المصنِّفُ هنا وفي التاءِ إشارَة إلى القَوْلَيْن.
أَو وادٍ باليَمَنِ؛ نَقَلَه ياقوتُ عن محمدِ بنِ أحمدِ.
ورُوِي عن عليِّ، رضِيَ اللهُ تعالى عنه، قالَ: «أَبْغَضُ بُقْعَةٍ في الأَرضِ إلى اللهِ تعالى وادِي بَرَهُوت بحَضْرَمَوْتَ، فيه أَرْواحُ الكُفَّارِ، وفيه بِئْرٌ ماؤُها مُنْتِنٌ»، وفي حَدِيثٍ آخَر عنه: «شَرُّ بئْرٍ في الأرْضِ بِئْرُ بَلَهوت في بَرَهُوت».
أَو: بلد باليَمَنِ.
وبَرِهَ الرّجُلُ، كسَمِعَ، بَرَهًا، وفي نسخةٍ بَرَهانًا كِلاهُما بالتحْرِيكِ: ثابَ جِسْمُه بَعْدَ تَغَيّرٍ مِن عِلَّةٍ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ، زادَ غيرُهُ: وابْيَضَّ جِسْمُه. ولو اقْتَصَرَ على قَوْلِه: وابْيَضَّ، كانَ كافِيًا.
وهو أَبْرَهُ، وهي بَرْهاءُ.
وأَبْرَهَ الرَّجُلُ: إذا أَتَى بالبُرْهانِ؛ أَي بيانِ الحجّةِ وإيضَاحِها، هذا هو الصَّوابُ كما قالَ ابنُ الأعْرابيّ إنْ صحَّ عنه، وهو رِوايَةُ أَبي عَمْرٍو.
وأَمَّا قَوْلُهم: بَرْهَنَ فلانٌ إذا أَوْضَحَ البُرْهان، فهو مُوَلَّد، نَقَلَهُ الأَزْهرِيُّ.
أَو أَبْرَهَ: أَتى بالعَجائِبِ وغَلَبَ الناسَ.
واخْتُلِفَ في نونِ البُرْهانِ فقيلَ: هي غَيْرُ أَصْليَّةٍ؛ قالَهُ اللّيْثُ، ومِثْلُه للزَّمَخْشرِيّ فإنّه قالَ: البُرْهانُ مُشْتَقٌّ مِن البَراهَةِ كالسُّلْطانِ مِن السَّلِيطِ.
وقالَ غيرُه: يَجوزُ أَنْ يكونَ نونُ بُرْهان نُون جَمْعٍ جُعِلَتْ كالأَصْليَّة، كما جَمَعُوا مَصِيرًا على مُصْرانٍ ثم جَمَعُوا مُصْرانَ على مَصارِينَ، على تَوهّم أَنَّها أَصْلِيَّة.
وبُرَيْهٌ، كزُبَيْرٍ، مُصَغَّرُ إبْراهيمَ، وكأَنَّ الميمَ زائِدَةٌ؛ ويقالُ: بُرَيْهِمٌ، والعامَّةُ تقولُ: بَرْهُومَة.
ونَهْرُ بُرَيْهٍ: بالبَصْرَةِ شَرْقي دَجْلَةَ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
البَرَهْرَهَةُ: التَّرارَةُ والبَضَاضَةُ، وأَيْضًا السّكِينَةُ البَيْضاءُ الصَّافِيَة الحَدِيدِ؛ وبه فُسِّر حدِيثُ المَبْعَثِ: «فأخْرَجَ منه عَلَقَةً سَوْداءَ ثم أَدْخَلَ فيه البَرَهْرَهَةَ».
قالَ الخطّابيُّ: قد أَكْثرْتُ السُّؤالَ عنها ولم أَجِدْ فيها قَوْلًا يقطعُ بصحَّتِه، ثم اخْتَار أنَّها السكينُ.
وتَصْغيرُ بَرَهْرَهَةٍ بُرَيْهَة، ومن أَتَمَّها قالَ: بُرَيْرِيهَة، وأَمَّا بُرَيْهِرَهَة فقَبِيحَةٌ قلَّ أَنْ يُتَكلَّمَ بها.
وبُرَيْهٌ، كزُبَيْرٍ: وادٍ بالحجازِ قُرْبَ مكَّةَ، عن ياقوت.
وبُرَيْهَةُ بنْتُ إبراهيمَ بنِ يَحْيَى بنِ محمدِ بنِ عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ، كانَ أَبُوها يُصلِّي بالناسِ بجامِعِ المَنْصورِ الجمعات، وإليها نُسِبَ أَبو إسْحاق محمدُ بنُ هَارون بنِ عيسَى بنِ إبراهيمَ بنِ عيسَى بنِ جَعْفرِ بنِ أَبي جَعْفرٍ المَنْصور العبَّاسِيّ وهي جَدَّتُه، رَوَى عن أَحمدَ ابنِ مَنْصورِ الرّمادِيّ.
وبنُو البريهى: جماعَةٌ باليَمَنِ يَرْجِعُ نَسَبُهم إلى السكاسك، ذَكَرَ الجنْدِيُّ منهم جماعَةً.
وبارهةُ: ناحِيَةٌ بالهِنْدِ؛ وبِرَهِيٌّ، كعِنَبِيِّ: قَرْيةٌ بها.
وأبرهةُ: خادِمَةُ النَّجاشِي، صَحابيَّةٌ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
47-تاج العروس (دره)
[دره]: دَرَهَ عليهم، كمَنَعَ، دَرهًا: هَجَمَ من حيثُ لم يَحْتَسِبُوه، كدَرَأَ، عن ابنِ الأَعْرابيِّ.وقالَ غيرُهُ: دَرَه عليهم إذا طَلَعَ، وهو مِثْلُ هَجَمَ.
ودَرَهَ عنْهُمْ ولهم، وعلى الأوَّلِ اقْتَصَرَ الجَوْهرِيُّ، دَفَعَ، مثْلُ دَرَأَ، وهو مُبْدلٌ منه، مِثْلُ هَراقَ وأَرَاقَ، كما في الصِّحاحِ.
ودارِهاتُ الدَّهْرِ: هواجِمُهُ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ، وأَنْشَدَ:
عَزِيزٌ عليِّ فَقْدُه فَفَقَدْتُه *** فبانَ وخَلَّى دارِهاتِ النوائبِ
والمِدْرَهُ، كمِنْبَرٍ: السَّيِّدُ الشَّريفُ، سُمِّي بذلِكَ لأنَّه يَقَوى على الأُمورِ ويَهْجُم عليها؛ عن ابنِ سِيدَه.
وأَيْضًا: المُقْدِمُ في اللِّسانِ واليَدِ عِندَ الخُصومَةِ والقِتالِ؛ فيه لفٌّ ونشْرٌ مُرتَّبٌ.
وقالَ اللّيْثُ: أُمِيتَ فِعْلُه إلَّا قَوْلهم رجُلٌ مِدْرَهُ حَرْبٍ، ومِدَرَهُ القَوْمِ هو الدَّافِعُ عنهم.
وقالَ غيرُهُ: مِدْرَهُ القَوْمِ زَعِيمُهُم وخَطِيبُهُم والمُتَكَلِّمُ عنهم والدافِعُ عنهم، والجَمْعُ مَدارِهُ؛ وأَنْشَدَ الجوْهرِيُّ للبيدٍ:
ومِدْرَه الكتيبةِ الرَّدَاحِ
وأَنْشَدَ في الجَمْعِ للأصْبَغ:
يا ابنَ الجَحاجحةِ المَدارِهْ *** والصابرينَ على المَكارِهْ
وهو ذُو تُدْرَهِهِم، بالضَّمِّ، وتُدْرئهِم بالهَمْزِ؛ أَي الدَّافِعُ عنهم؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ؛ قالَ:
أَعْطَى وأَطرافُ العَوالي تَنُوشُه *** من القومِ ما ذو تُدْرَهِ القومِ مانِعُهْ
ولا يقالُ: هو تُدْرَهُهُم حتى يُضافَ إليه ذُو؛ ويقالُ: هو ذو تُدْرَهٍ وتُدْرَأٍ إذا كانَ هَجَّامًا على أَعْدائِهِ من حيثُ لا يَشْعرُونَ، ويقالُ: الهاءُ في كلِّ ذلِكَ مُبْدلَةٌ من الهَمْزَةِ لأَنَّ الدَّرْءَ الدّفْعُ.
ورَدَّه ابنُ سِيدَه وقالَ: بل هُما لُغتانِ.
ودَرَّهَ على كذا تَدْرِيهًا: نَيَّفَ.
ودَرَّهَ فُلانٌ فُلانًا: تَنَكَّرَ له.
مُقْتَضى سِياقه أَنَّه بالتَّشْديدِ.
وبخطِّ الصَّاغاني بالتَّخْفِيفِ قالَ: ودَرَهَه: تَنَكَّرَ له.
والدَّرَهْرَهَةُ: الكَوْكَبَةُ الوَقَّادَةُ تَطْلُع من الأُفُقِ دارِئَةٌ بنُورِها؛ عن أَبي عَمْرو.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
الدَّرهُ: الإِقْدامُ.
وسِكِّينٌ دَرَهْرَهَةٌ: مُعْوَجَّةُ الرأْسِ التي تُسَمِّيها العامَّةُ المِنْجَل؛ وبه رُوِي حدِيثُ المَبْعث أَيْضًا، وقد تقدَّمَ في بَرَهَ.
والدَّرَهْرَهَةُ: المرْأَةُ القاهِرَةُ لبَعْلِها؛ عن أَبي عَمْرٍو.
والدَّارهُ: البَرَّاقُ؛ اسْتَدْرَكَه شيْخُنا.
وتَدَرَّه: تَهَدَّدَ؛ عن ابنِ الأَعْرابيِّ؛ وأَنْشَدَ:
ورب إبراهيم حين أوّها *** بالطير تَرْمي عَنْهُ من تدرّها
ودِرِّيهُ القوْمِ، كسِكِّيت: كَبيرُهُم.
والدَّارهُ: الطّفَيْليُّ والرَّسُولُ أَيْضًا؛ كلُّ ذلكَ عن الصَّاغاني.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
48-تاج العروس (ره رهه رهره)
[رهه]: الرَّهْرَهَةُ: أَهْمَلَهُ الجوْهرِيُّ.وفي اللِّسانِ والتكْمِلَةِ عن اللَّيْثِ: حُسْنُ بَصيصِ لَوْنِ البَشَرةِ ونحوِهِ.
وقالَ ابنُ دُرَيْدٍ: تَرَهْرَهَ جِسْمُه: ابْيَضَّ من النِّعْمَةِ.
وتَرَهْرَهَ السَّرابُ: تَتابَعَ لَمَعانُه، وكَذلِكَ تَرَيَّه.
وجِسْمٌ رَهْراهٌ ورُهْرُوهٌ، بالضَّمِّ، ورَهْرَهٌ، كجَعْفَرٍ: ناعِمٌ أَبْيَضُ.
وَطسْتٌ رَهٌّ، وهذه عن ابنِ الأَعْرابيِّ، ورَهْرَهٌ ورَهْراهٌ: واسِعٌ قرِيبُ القَعْرِ، كرَحْرَحٍ ورَحْراحٍ، كلُّ ذلِكَ عن ابنِ دُرَيْدٍ وقيلَ: الهاءُ بدلٌ مِن الحاءِ وردّه ابن الأنْبارِي.
وقد جاءَ ذِكْرُه
في حدِيثِ المَبْعث: «فجِيءَ بطَسْتٍ رَهْرَهَةٍ»، وبه فُسِّر.
وقالَ القُتَيبيُّ: سأَلْتُ أَبا حاتِمٍ والأصْمعيّ عنه فلم يَعْرِفاه.
ورَهْرَهَ مائِدَتَهُ: وسَّعَها كَرَمًا وسَخاءً.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
ماءٌ رَهْراهٌ ورُهْرُوهٌ. صافٍ.
وجِسْمٌ رهروهة: أَبْيَضُ.
وطَسْتٌ رَهْرَهَةٌ: صافِيَةٌ بَرَّاقَةٌ مُضِيئَةٌ.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: الرَّهَّةُ: الطَّسْتُ الكَبيرَةُ ورَهْ رَهْ: دُعاءٌ للضَّأْنِ، وهو مَقْلوبُ هَرْهَرَ، حَكَاه يَعْقوبُ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
49-تاج العروس (شري)
[شري]: ي شَراهُ يَشْرِيهِ شِرًا وشِراءً، بالقَصْر والمدِّ، كما في الصِّحاح، المدُّ لُغَةُ الحِجازِ، والقَصْرُ لُغَةُ نجْدٍ وهو الأَشْهَرُ.في المِصْباح: يُحْكَى أَنَّ الرَّشيدَ سألَ اليَزِيدي والكِسائي عن قَصْرِ الشِّراءِ ومَدِّه، فقالَ الكسائي: مَقْصورٌ لا غَيْر؛ وقالَ اليَزيدِي: يُمَدُّ ويُقْصَرُ، فقالَ له الكِسائي: مِن أَيْن لكَ؛ فقالَ اليَزِيدي: من المَثَلِ السَّائِرِ: «لا يُغْتَرُّ بالحرَّةِ عامَ هِدائِها ولا بالأَمَةِ عامَ شِرائِها»؛ فقالَ الكِسائي: ما ظَنَنْت أَنَّ أَحدًا يَجْهَل مثْلَ هذا؛ فقالَ اليَزِيدي: ما ظننْتُ أَنَّ أَحَدًا يَفْترِي بينَ يَدَيْ أَميرِ المُؤمنين مثْلَ هذا، انتَهى. قال المَناوِي: ولقائِلٍ أَنْ يقولَ: إنَّما مُدَّ الشِراء لازْدِواجِه مَعَ ما قَبْله فيُحْتاجُ لشاهِدٍ غيره.
* قلْت: للمَدِّ وَجْهٌ وَجيهٌ وهو أَنْ يكونَ مَصْدر شَارَاهُ مُشارَاةً وشِراءً، فتأَمَّل.
مَلَكَهُ بالبَيْعِ؛ وأَيْضًا باعَهُ.
فمن الشَّراء بمعْنَى البَيْع قوْله تعالى: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ}؛ أَي يَبيعُها؛ وقوْله تعالى: {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ}؛ أَي باعُوه؛ وقوله تعالى: {وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ}؛ أَي باعُوا.
قالَ الرّاغبُ: وشَرَيْتُ بمعْنَى بِعْثُ أَكْثَر.
كاشْتَرى فيهما؛ أَي في المَعْنَيَيْن وهو في الابْتِياعِ أَكْثر.
قالَ الأزهري: للعَرَبِ في شَرَوْا واشْتَرَوا مَذْهبان، فالأَكْثَر شَرَوْا بمعْنَى باعُوا، واشْتَرَوْا ابْتَاعُوا، ورُبَّما جَعَلُوهُما بمعْنَى باعُوا.
والشارِي: الشِّراءُ والبائِعُ، ضِدٌّ.
قالَ الرَّاغبُ: الشِّراهُ والبَيْعُ مُتلازِمانِ، فالمُشْتري دافِعُ الثَّمَن وآخِذُ المُثْمَن، والبائِعُ دافِعُ المُثْمَن وآخِذُ الثَّمَن، هذا إذا كانتِ المُبايَعَةُ والمُشارَات بناضِّ وسِلْعَةً، فأَمَّا إذا كانَ يَبيْعُ سلْعَةٍ بسلْعَةٍ صحَّ أَن يتصوَّرَ كلُّ واحِدٍ منهما مُشْترِيًا وبائِعًا، ومن هذا الوَجْه صارَ لَفْظُ البَيْع والشِّراءِ يُسْتَعْمل كلُّ واحِدٍ منهما في مَوْضِعِ الآخرِ؛ ا ه.
وفي المِصْباح: وإنَّما ساغَ أَن يكونَ الشِّراءُ مِن الأَضْدادِ لأنَّ المُتبايعَيْن تَبايَعَا الثَمَنَ والمُثْمَنَ فكلٌّ مِن العِوَضَيْن مبيعٌ من جانِبٍ ومَشْرِيٌّ من جانِبٍ.
وشرى اللَّحْمَ والثَّوْبَ والأَقِطَ يشري شرى: شَرَّرَها؛ أَي بَسَطَها.
وشرى فلانًا شِرىً، بالكسْر: إذا سَخِرَ به.
وقالَ اللّحْياني: شَراهُ اللهُ وأَوْرَمَه وعظاهُ وأَرْغَمَهُ بمعْنىً واحِدٍ.
وشَرَى بنَفْسِه عن القَوْمِ؛ وفي التّكملةِ: للقوْمِ؛ إذا تقَدَّمَ بَيْنَ أَيْديهِمْ إلى عَدُوِّهم فقاتَلَ عنهم؛ وهو مجازٌ، ونَصّ التكملةِ: فقاتَلَهُم.
أَو تقَدَّمَ إلى السُّلْطانِ فتَكَلَّمَ عنهم؛ وهو مجازٌ أَيْضًا.
وشَرى اللهُ فلانًا شَرىً: أَصَابَهُ بعِلَّةِ الشَّرَى، فشَرِيَ، كرَضِيَ، فهو شَرٍ.
والشَّرَى: اسْمٌ لشيءٍ يخرُجُ على الجَسَدِ كالدَّراهِم: أَو لبُثُورٍ صِغارٍ حُمْرٍ حَكَّاكَةٍ مُكْرِبَةٍ تَحْدُثُ دَفْعَةً واحِدَةً غالِبًا، وقد تكونُ بالتَّدْرِيجِ وتَشْتَدُّ لَيْلًا لبخارٍ حارِّ يَثُورُ في البَدَنِ دَفْعَةً واحدَةً؛ كما في القانونِ لأَبي عليِّ بنِ سينا.
ومِن المجازِ: كلُّ مَنْ تَرَكَ شيئًا وتمسَّك بغيرِهِ فقد اشْتَراهُ هذا قولُ العَرَب؛ ومنه قوْلُه تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا} الضَّلالَةَ بِالْهُدى.
قالَ أَبو إسْحق: ليسَ هنا شِراءٌ وبَيْعٌ، ولكن رغبَتُهم فيه بتَمَسُّكِهم به كرَغْبةِ المُشْتري بمالِهِ ما يَرْغَبُ فيه.
وقال الرَّاغبُ: ويجوزُ الشِّراءُ والاشْتراءُ في كلِّ ما يَحْصَلِ به شيءٌ، نحو قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}؛ وقوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى} وقالَ الجوهريُّ: أَصْلُ اشْتَرَوْا: اشْتَرَيُوا فاسْتُثْقِلَت الضمَّةُ على الياءِ فحُذِفَتْ فاجْتَمع ساكِنانِ الياء والواو، فحذِفَت الياءُ وحُرِّكَتِ الواوُ بحَرَكتِها لمَّا اسْتَقْبلَها ساكِنٌ.
وشَاراهُ مُشاراةً وشِراءً، ككِتابٍ: بايَعَهُ؛ وقيلَ: شَاراهُ مِن الشَّراءِ والبَيْعِ جَمِيعًا، وعلى هذا وَجَّه بعضُهم مَدَّ الشِّراءِ. والشَّرْوَى، كجَدْوَى: المِثْلُ، واوُه مُبْدَلةٌ من الياءِ، لأنَّ الشيءَ قد يُشْترَى بمثْلِه، ولكنها قُلِبَت ياءً كما قُلِبَت في تَقْوَى ونحوِها؛ نقَلَهُ ابنُ سِيدَه والجوهريُّ.
ومنه حدِيثُ عُمَر في الصَّدَقةِ: «فلا يأْخذ إلَّا تلْكَ السِّنَّ مِن شَرْوَى إِبْلِه أَو قِيمةَ عَدْلٍ».
وكانَ شُرَيْحٌ يُضَمِّنُ القَصَّارَ شَرْوَى الثَّوْبِ الذي أَهْلَكَه، وقالَ الراجزُ:
ما في اليآيئ يؤيؤ شرواه
أَي مِثْله.
وشَرِيَ الشَّرُّ بَيْنهم، كرَضِيَ، يَشْرَى شَرًى، مَقْصور: اسْتَطَارَ.
وفي النِّهايَةِ: عَظُمَ وتَفاقَمَ؛ ومنه حدِيثُ المبْعَث: «فشَرِيَ الأَمْرُ بَيْنه وبينَ الكفَّارِ حينَ سَبَّ آلهَتَهُم».
وشَرِيَ البَرْقُ يَشْرَى شَرىً: لَمَعَ واسْتطارَ في وَجْهِ الغيمِ.
وفي التهذيبِ: تفرَّقَ في وَجْهِ الغيمِ.
وفي الصِّحاحِ: كَثُرَ لَمَعَانُه؛ وأَنْشَدَ لعبدِ عَمْرو بنِ عمَّار الطائي:
أَصاحَ تَرى البَرْقَ لَمْ يَغْتَمِضْ *** يَمُوتُ فُواقًا ويَشْرَى فُواقَا
كأَشْرَى؛ نقلَهُ الصَّاغاني، تتابَعَ لَمَعانُه.
وشَرِيَ زيْدٌ يَشْرَى شَرىٌ: غَضِبَ.
وفي الصِّحاح: شَرِيَ فلانٌ غَضَبًا إذا اسْتَطارَ غَضَبًا.
وشَرِيَ أَيْضًا: إذا لَجَّ وتَمادَى في غيِّه وفَسَادِه؛ كاسْتَشْرَى؛ نقلَهُ الجوهريُّ وابنُ سِيدَه.
ومنه الشُّراةُ، كقُضاةٍ، للخَوارجِ، سمُّوا بذلكَ لأنَّهم غَضِبُوا ولَجُّوا.
وقالَ ابنُ السِّكِّيت: قيلَ لهم الشُّراةُ لشدَّةِ غَضَبِهم على المُسْلمين، لا مِن قَوْلهم: إنَّا شَرَيْنا أَنْفُسَنا في الطَّاعَةِ؛ أَي بِعْناها بالجنَّة حينَ فارَقْنا الأُمَّةَ الجائِزَةَ.
ووَهِمَ الجوهرِيُّ، وهذا التَّوْهِيم ممَّا لا مَعْنَى له، فقد سَبَقَ الجوهرِيُّ غيرُ واحِدٍ من الأَئِمةِ في تَعْليل هذه اللَّفْظَةِ، والجوهريُّ ناقِلٌ عنهم، والمصنِّفُ تَبعَ ابنَ سِيدَه في قَوْلِه إلَّا أَنَّه قالَ فيمَا بَعْد: وأَمَّاهُم فقالوا نَحْن الشُّراةُ لقوْله تعالى: {وَمِنَ النّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ}؛ ومِثْلُه في النهايةِ.
قالَ: وإنَّما لَزِمَهم هذا اللَّقَب لأنَّهم زَعَموا أَنَّهم الخ، قالَ: فالشُّراةُ جَمْعُ شارٍ؛ أَي أَنَّه مِنْ شَرَى يَشْرِي، كرَمَى يَرْمِي، ثم قالَ: ويجوزُ أَنْ يكونَ مِن المُشارَاةِ أَي الملاجةَ؛ أَي لا مِن شَرِيَ كرَضِيَ كما ذهَبَ إليه ابنُ سِيدَه والمصنِّفُ؛ وأَيْضًا شَرِيَ، كرَضِيَ، فاعِلُه شَرٍ مَنْقوص، وهو لا يُجْمَع على الشُّراةِ؛ وممَّا يُسْتدلُّ على أَنَّه مِن شَرَى يَشْري، كرَمَى يَرْمِي قَوْلُ قَطَرِيّ بنِ الفُجاءَةِ، وهو أَحَدُ الخَوارِجِ:
وإنَّ فِتْيةً باعُوا الإِلَه نفوسَهُم *** بجنَّاتِ عَدْنٍ عِنْدَهُ ونَعِيمِ
وكَذلكَ قَوْلُ عَمْروِ بنِ هُبَيْرة، وهو أَحَدُ الخوارِج:
إنَّا شَرَيْنا لدينِ اللهِ أَنْفُسَنا *** نَبْغِي بذاكَ لديهم أَعْظَم الجاهِ
وأَشارَ شيْخُنا إلى ما ذَكَرْناه، لكنَّه بالاخْتِصارِ قالَ: وكَوْنهم سُمّوا للغَضَبِ يَسْتَلْزمُ ما ذُكِرَ فلا وَهْم، بل هي غَفْلَةٌ من المصنِّفِ وعَدَمُ مَعْرفةٍ بتَعْليلِ الأسْماءِ، واللهُ أَعْلم.
وشَرِيَ جِلْدُهُ يَشْرَى شَرىً: وَرِمَ وخَرَجَ عليه الشَّرَى، المُتَقَدِّم ذِكْره، فهو شَرٍ، مَنْقوص.
وشَرِيَ الفَرَسُ في سَيْرِه شَرىً: بَالَغَ فيه ومَضَى من غيرِ فُتورٍ؛ فهو شَرِيٌّ، كغَنِيِّ: ومنه حدِيثُ أُمِّ زَرْع: «رَكِبَ شَرِيًّا»؛ أَي فَرَسًا يَسْتَشْرِي في سيرِهِ، يَعْني يَلجُّ ويَجِدُّ.
والشَّرْيُّ، بالتَّسْكين: الحَنْظَلُ. يقالُ: هو أَحْلَى مِن الأرْي وأَمَرُّ من الشَّرْي؛ وفلانٌ له طَعْمانِ: أَرْيٌ وشَرْيٌ.
أَو شَجَرُهُ؛ وأَنْشَدَ الجوهرِي للأَعْلَم الهُذَلي:
على حَتِّ البريةِ زَمْحَرِيِّ ال *** سَّواعِدِ ظَلَّ في شَرْيٍ طِوالِ
الواحِدَةُ شَرْيَةٌ.
والشَّرْيُ: النَّخْلُ يَنْبُتُ من النَّواةِ؛ الواحِدَةُ شَرْيَةٌ.
والشَّرَى، كعَلَى، ووَهِمَ الجوهرِيُّ؛ أَي في تَسْكِينِه؛ رُذَالُ المالِ.
ونَصَّ الجوهري: والشَّرْي أَيْضًا رُذَالُ المالِ مِثْل شَواهُ.
وقالَ البَدْر القَرافِي: إسْنادُ هذا الوَهْم إلى الجوْهرِي لا يتمُّ إلَّا أَنْ يكونَ مَنْصوص أَهْل اللّغَةِ مَنْع وُرُود ذلكَ فيها، وإلَّا فمن حفظ حجَّة على مَنْ لم يَحْفظ.
وأَيْضًا: خِيارُهُ كالشَّراةِ؛ ونصّ المُحْكَم: وإِبِلٌ شَراةٌ، كسَراةٍ: خيارٌ؛ ضِدٌّ، نَصّ عليه ابنُ السِّكِّيت.
والشَّرَى: الطَّرِيقُ عامَّة.
وأَيْضًا: طَرِيقٌ في جَبَلِ سَلْمَى كثيرَةُ الأُسْدِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ.
ومنه قوْلُهم للشُّجْعان: ما هُم إلَّا أُسُودُ الشَّرَى؛ ومنه قولُ الشاعِرِ:
أُسودُ الشَّرَى لاقتْ أُسودَ خَفِيَّةٍ
وأَيْضًا: جَبَلٌ بنَجْدٍ لطيِّئٍ.
وأَيْضًا: جَبَلٌ بتِهامَةَ كثيرُ السِّباعِ؛ نَقَلَهُما نَصْر في مُعْجمه.
وأَيْضًا: وادٍ بينَ كَبْكَب ونَعْمانَ على لَيْلةٍ من عَرَفَةَ.
والشَّرَى: النَّاحِيَةُ؛ وخَصَّ بعضُهم به ناحِيَةَ اليَمِين، ومنه شَرَى الفُراتِ ناحِيَتُه؛ قال الشاعِرُ:
لُعِنَ الكَواعِبُ بَعْدَ يومَ وصَلْتَني *** بشَرَى الفْراتِ وبَعْدَ يَوْمِ الجَوْسَقِ
وتُمَدُّ، والقَصْرُ أَعْلى، الجمع: أَشْراءٌ؛ ومنه أَشْراءُ الحَرَمِ.
قالَ الجوهريُّ: الواحِدُ شَرىً، مَقصور.
وذُو الشَّرَى: صَنَمٌ لدَوْسٍ بالسَّراةِ، قالَهُ نصْر.
وأشْراهُ: مَلأَهُ؛ يقالُ: أَشْرَى حَوْضَه: إذا مَلأَهُ.
وأَشْرَى جِفانَه: مَلأَها للضِّيفانِ؛ نقلَهُ الجوهريُّ عن أَبي عَمْروَ: قالَ الشَّاعرُ:
ومُشْرِي الجفان ومُقْرِي النَّزِيلا
وأَشْراهُ في ناحِيَةِ كذا: أَمالَهُ؛ ومنه قولُ الشَّاعِرِ:
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا *** يومَ الفِراقِ إلى أَحْبابِنا صورُ
وأَنَّني حيثما يَشْرِي الهَوى بَصَرِي *** مِنْ حَوْثُما سَلَكوا أَرْنُوا فأَنْظورُ
ويُرْوَى: أَثْني فأَنْظُورُ.
وأَشْرَى الجَمَلُ: تَفَلَّقَتْ عَقيقَتُهُ؛ نقلَهُ الصَّاغاني.
وأَشْرَى بَيْنهم: مِثْلُ أَغْرَى؛ نقلَهُ الأزهري.
والشَّرْيانُ، بالفتْح ويُكْسَرُ، نقلَهُما الجوهريُّ والكَسْرُ أَشْهَر: شَجَرٌ مِن عِضاهِ الجِبالِ تُعْمَلُ منه القِسِيُّ، واحِدَتُه شِرْيَانَةٌ، يَنْبتُ نَبات السِّدْر، ويَسْمُو كسُمُوِّه ويَتَّسِعُ وله نَبِقَةٌ صَفْراءُ حلْوَةٌ؛ قالَهُ أَبو حَنيفَةَ.
قالَ: وقالَ أَبو زِيادٍ: تُصْنَعُ القياسُ مِن الشّرْيانِ، وقوْسُه جيِّدَةٌ إلَّا أَنَّها سَوْداءُ مُسْتشربَة حُمْرةً، وهو من عُتْقِ العيدانِ، وزَعَمُوا أَنَّ عودَه لا يَكادُ يعوَجُّ.
وقال المبرِّدُ: النَّبْعُ والشَّوْحَطُ والشِّرْيانُ شَجَرٌ واحِدٌ، لكن تَخْتَلفُ أَسْماؤُها وتَكْرُمُ بمنَابِتِها، فما كانَ منها في قُلَّةِ الجَبَلِ فهو النَّبْعُ، وما كانَ منها في سَفْحِهِ فالشِّرْيانُ.
والشِّرْيان: واحِدُ الشَّرايِينِ للعُروقِ النَّابِضَةِ، ومَنْبتُها من القَلْبِ، نقلَهُ الجوهريُّ.
والذي صرَّحَ به أَهْلُ التَّشْريحِ: أَنَّ منْبتَ الشَّرايِينِ من الكَبِدِ وتمرُّ على القَلْبِ، كما أَنَّ الوَرِيدَ مَنْبتُه القَلْب ويمرُّ على الكَبِدِ.
والشَّرِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: الطَّريقَةُ.
وأَيْضًا: الطَّبيعَةُ.
والشَّرِيَّةُ من النِّساءِ: اللَّاتي يَلِدْنَ الإِناثَ. يقالُ: تَزَوَّج في شَرِيَّةِ نِساءٍ: أَي في نِساءٍ يَلِدْنَ الإناثَ.
والمُشْتَرِي: طائِرٌ.
وأَيْضًا: نَجْمٌ معروف مَعْروفٌ من السَّبْعةِ؛ وأَنْشَدَنا شيخُنا السيِّد العيدروس لبعضِهم:
فوَجْنَتُه المَرِّيخُ والخَدُّ زهْرَةٌ *** وحاجِبُه قوْسٌ فهل أَنْتَ مُشْترِي
وهو يُشارِيهِ مُشارَاةً: أَي يُجادِلُهُ.
وفي المُحْكَم: يُلاجه؛ ومنه الحديثُ: «كانَ صَلَى الله عليه وسلّم، لا يُشارِي ولا يُمارِي».
وقالَ ثَعْلبٌ: أَي لا يَسْتَشْري بالشرِّ.
وقالَ الأزهري: أَصْلُه يُشارِرُهُ فقُلِبَتْ إحْدَى الرَّاءَ يْن ياءً، وقالَ الشَّاعرُ:
وإنِّي لأَسْتَبْقِي ابنَ عَمِّي وأَتَّقي *** مُشاراتِه كَيْما يَرِيعَ ويَعْقِلا
واشْرَوْرَى: اضْطَرَبَ.
والشَّراءُ، كسَماءٍ: جَبَلٌ في بِلادِ كعْبٍ.
وقالَ نَصْر: وقيلَ هُما شَراآنِ، البَيْضاءُ لأَبي بكْرِ بنِ كِلابٍ، والسَّوْداءُ لبَني عقيلٍ في أَعْرافِ غمرَةَ في أَقْصاهُ جَبَلان؛ وقيلَ: قَرْيتانِ وَراءَ ذاتِ عِرْقٍ فَوْقهما جَبَلٌ طَويلٌ يُسمَّى مَسُولًا.
وشَراءِ، كقَطامِ: موضع؛ قال النمرُ بنُ تَوْلب:
تأَبَّدَ من أطْلالِ جَمْرَةَ مَأْسَلُ *** فقد أَقْفَرَت منها شَراءٌ فيَذْبَلُ
والشَّرَوانِ، محرَّكَةً: جَبَلانِ بسَلْمى، كان اسْمُهما فَخّ ومِخْزَمٌ، قالَهُ نَصْر.
والشَّراةُ: موضع بين دِمَشْقَ والمدينَةِ.
وقالَ نَصْر: صُقْعٌ قرِيبٌ من دِمَشْقَ وبقَرْيَة منها يقالُ الحُمَيمةُ كانَ سَكَنَ ولد عليِّ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ أَيَّامَ بَني مَرْوان؛ منه عليُّ بنُ مُسْلِم بنِ الهَيْثم عن إسْماعيلَ ابنِ مَهْران، وعنه الحَسَنُ بنُ عليِّ العَنَزَيُّ؛ وأَحْمَدُ بنُ محمودٍ عن أَبي عَمْروٍ الحوضي، وعنه سعيدُ بنُ أحمدَ العرّادِ، والشَّرَوِيَّانِ، بالتَّحْرِيكِ، المُحدِّثانِ.
* وفاتَهُ:
محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ الشَّرَوِيُّ صاحِبُ أَبي نُواس، رَوَى عنه محمدُ بنُ العبَّاس بنِ زرقان.
وشَرْيانُ، بالفَتْح: وادٍ؛ ومنه قولُ أُخْت عَمْروِ ذي الكلب:
بأَنَّ ذَا الكَلْبِ عمرًا خيرَهُم حَسَبًا *** ببَطْنِ شَرْيانَ يَعْوي عِنْده الذِّيب
وتَشَرَّى: تَفَرَّقَ.
ونَصَّ المُحْكم: تَشرَّى القوْمُ: تفرَّقُوا.
قالَ: واسْتَشْرَتْ بينهم الأُمُورُ: إذا تَفاقَمَت وعَظُمَتْ؛ ونقلَهُ الأَزهريُّ أَيْضًا.
والشَّرْوُ: العَسَلُ الابيضُ، نقلَهُ الصَّاغاني، مَقْلوبُ الشَّوْرِ؛ ويُكْسَرُ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
شَرِيَ زمامُ الناقَةِ، كرضِيَ: اضْطَرَبَ. وفي الصِّحاحِ: كثُرَ اضْطِرَابُه.
وشَرِيَ الفرسُ في لِجامِه: مدَّهُ؛ كما في الأساسِ.
واسْتَشْرَى: لَجَّ في التَّأمُّلِ؛ وبه فُسِّرَ قَوْلُ الشاعِرِ:
إذا أُوقِدَتْ نارٌ لَوى جلْدَ أَنْفِه *** إلى النارِ يَسْتَشْرِي درا كلِّ حاطِبِ
وفعلَ به ما شَراهُ: أَي سَاءَهُ.
والشَّرْيُ، بالتَّسْكِين: ما كانَ مِثْل شَجَرِ القَثَّاءِ والبطِّيخ.
وقد أَشَرْتِ الشَّجَرَةُ واسْتَشْرَتْ والمثل كالشَّرْوى؛ قالَ الشاعرُ:
وتَرَى مالِكًا يَقْول أَلا تب *** صر في مالِكٍ لهذا شَرِيَّا؟
وشرِيَتْ عيْنُه بالدَّمْع: أي لَجَّتْ وتتابَعَ الهَمَلان.
والشِّرْيانُ، بالكسْر: الشَّقُّ، وهو الثَّتُّ جَمْعُه ثُتُوتٌ؛ نقلَهُ الأزهريُّ.
وشَدِيَ الرَّجُلُ، كغَرِيَ زِنَةً ومعْنىً. ويقالُ: لَحاهُ اللهُ وشَراهُ.
والشَّارِي: أَحدُ الشُّراةِ للخَوارِج، وليسَتِ الياءُ للنَّسَبِ، وإنَّما هو صفَةٌ أُلْحِقَ به ياءُ النَّسَبِ تأْكِيدًا للصِّفة كأَحْوَر وأحْوَري وصلبٍ وصلبي.
وشَرَوْرَى: اسْمُ جَبَلِ بالبادِيَةِ.
قالَ الجوهريُّ: هو فَعَوْعَل.
وقالَ نَصْر: جِبالٌ لبَني سُلَيْم.
وشُراوَةُ، بالضمِّ: موضِعٌ قُرْبَ تِرْيَم دونَ مَدْيَن؛ قال كثيِّرُ عزَّةَ:
تَرامى بِنا منها بحَزْنِ شَراوَةٍ *** مفَوِّزَةِ أَيْدٍ إلَيْك وأَرْجُلُ
والشَّرِيُّ، كغَنِيِّ: الفائِقُ الخِيارِ مِن الخَيْل.
وفي الأساسِ: المُخْتارُ.
واسْتَشْرَى في دينِه: جَدّ واهْتَمّ.
وأَشْرَى القوْمُ: صارُوا كالشّراةِ في فِعْلِهم عن ابنِ الأثير.
كتَشَرَّى؛ نقَلَهُ الجوهرِيُّ.
وهُما يَتَشارَيَانِ: يَتَقاضَيَان؛ كما في الأساسِ.
ويُجْمَعُ الشِّرا، بالكسْرِ مَقْصورًا؛ أَي مَصْدَر شَرَى يَشْرِي، كرَمَى، على أَشْرِيَةٍ، وهو شاذٌّ لأنَّ فِعَلًا لا يُجْمَعُ على أَفْعِلَة، نقلَهُ الجوْهرِي.
وفي المِصْباح: إذا نَسَبْت إلى المَقْصورِ قَلَبْت الياءَ واوًا والشِّين باقِيَة على كسْرِها، وقلْت شَرَوِيّ، كما يقالُ رَبَوِيّ وحَمَوِيّ، وإذا نسبْتَ إلى الممْدُودِ فلا تغيِّير.
والشَّرْيانُ، بالفتْح: الحَنْظَلُ، أَو وَرَقُه، وهي لُغَةٌ في الشَّرْيِ كرَهْوٍ ورَهَوان للمُطْمَئِنِّ من الأرْض؛ نقلَهُ الزمَخْشريُّ في الفائِقِ.
والشَّراةُ، بالفَتْحِ: جبَلٌ شامِخٌ من دون عُسْفانَ، كذا في النهايَةِ.
وقالَ نَصْر: على يَسارِ الطائِفِ.
وذُو الشَّرْي، بالتَّسْكِين: موْضِعٌ قرْبَ مكَّةَ.
وشُرَيٌّ، كسُمَيِّ: طرِيقٌ بينَ تِهامَةَ واليَمَن عن نصر والشَّرِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ: ماءٌ قريبٌ مِن اليَمَنِ؛ وناحِيَةٌ مِن بِلادِ كلبٍ بالشامِ.
وأَشْرَى البَعيرُ: أسْرَعَ؛ نقلَهُ ابن القطَّاع.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
50-المصباح المنير (بعث)
بَعَثْتُ رَسُولًا بَعْثًا أَوْصَلْتُهُ وَابْتَعَثْتُهُ كَذَلِكَ وَفِي الْمُطَاوِعِ فَانْبَعَثَ مِثْلُ: كَسَرْتُهُ فَانْكَسَرَ وَكُلُّ شَيْءٍ يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِنَفْسِهِ فَيُقَالُ بَعَثْتُهُ وَكُلُّ شَيْءٍ لَا يَنْبَعِثُ بِنَفْسِهِ كَالْكِتَابِ وَالْهَدِيَّةِ فَإِنَّ الْفِعْلَ يَتَعَدَّى إلَيْهِ بِالْبَاءِ فَيُقَالُ بَعَثْتُ بِهِ وَأَوْجَزَ الْفَارَابِيُّ فَقَالَ بَعَثَهُ أَيْ أَهَبَّهُ وَبَعَثَ بِهِ وَجَّهَهُ وَالْبَعْثُ الْجَيْشُ تَسْمِيَةٌ بِالْمَصْدَرِ وَالْجَمْعُ الْبُعُوثُ وَبُعَاثٌ وِزَانُ غُرَابٍ مَوْضِعٌ بِالْمَدِينَةِ وَتَأْنِيثُهُ أَكْثَرُ وَيَوْمُ بُعَاثٍ مِنْ أَيَّامِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بَيْنَ الْمَبْعَثِ وَالْهِجْرَةِ وَكَانَ الظَّفَرُ لِلْأَوْسِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: هَكَذَا ذَكَرَهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْوَاقِدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَحَّفَهُ اللَّيْثُ فَجَعَلَهُ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَقَالَ الْقَالِي فِي بَابِ الْعَيْنِالْمُهْمَلَةِ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ بِضَمِّ الْبَاءِ قَالَ هَكَذَا سَمِعْنَاهُ مِنْ مَشَايِخِنَا وَهَذِهِ عِبَارَةُ ابْنِ دُرَيْدٍ أَيْضًا وَقَالَ الْبَكْرِيُّ بُعَاثٌ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مَوْضِعٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَتَيْنِ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
51-لسان العرب (سأب)
سأب: سَأَبه يَسْأَبُه سَأْبًا: خَنَقَه؛ وَقِيلَ: سَأبه خَنَقَه حَتَّى قَتَلَه.وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: «فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي، فسأَبَني حَتَّى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ»؛ أَراد خَنَقَني؛ يُقَالُ سأَبْتُه وسَأَتُّه إِذا خَنَقْتَهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: السَّأْبُ: العَصْر فِي الحَلْق، كالخَنْق؛ وسَئِبْتُ مِنَ الشَّرَابِ.
وسَأَبَ مِنَ الشَّرَابِ يَسْأَبُ سَأْبًا، وسَئِبَ سَأَبًا: كِلَاهُمَا رُويَ.
والسَّأْبُ: زِقُّ الخَمْر، وَقِيلَ: هُوَ الْعَظِيمُ مِنْهَا؛ وَقِيلَ: هُوَ الزِّقُّ أَيًّا كَانَ؛ وَقِيلَ: هُوَ وعاءٌ مِنْ أَدمٍ، يُوضع فِيهِ الزِّقُّ، وَالْجَمْعُ سُؤُوبٌ؛ وَقَوْلُهُ:
إِذا ذُقْتَ فَاهَا، قلتَ: عِلْقٌ مُدَمَّسٌ، ***أُريدَ بِهِ قَيْلٌ، فغُودِرَ فِي سَابِ
إِنما هُوَ فِي سَأْبٍ، فأَبدل الْهَمْزَةَ إِبدالًا صَحِيحًا، لإِقامة الرِّدْف.
والمِسْأَبُ: الزِّقُّ، كالسَّأْب؛ قَالَ سَاعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ الهذلي:
مَعَهُ سِقاءٌ، لَا يُفَرِّطُ حَمْلَه، ***صُفْنٌ، وأَخراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
صُفْنٌ بدلٌ، وأَخراصٌ مَعْطُوفٌ عَلَى سِقاء؛ وَقِيلَ: هُوَ سِقاءُ الْعَسَلِ.
قَالَ شَمِرٌ: المِسْأَب أَيضًا وِعاءٌ يُجْعَل فِيهِ العسلُ.
وَفِي الصِّحَاحِ: المِسْأَبُ سِقاءُ الْعَسَلِ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ، يَصِفُ مُشْتار العَسَل:
تأَبَّطَ خَافَةً، فِيهَا مِسابٌ، ***فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَدًا بشِيقِ
أَراد مِسْأَبًا، بِالْهَمْزِ، فَخَفَّفَ الْهَمْزَةَ عَلَى قَوْلِهِمْ فِيمَا حَكَاهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ: المراةُ والكَماة؛ وأَراد شِيقًا بمَسَدٍ، فقَلب.
والشِّيقُ: الجَبَل.
وسأَبْتُ السِّقاءَ: وسَّعْتُه.
وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ لَهُ وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ؛ هَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ جِنِّي، قَالَ: وَهُوَ فُعْلانٌ، مِنَ السَّأْبِ الَّذِي هُوَ الزِّقُّ، لأَن الزِّقَّ إِنما وُضِعَ لحِفْظِ مَا فيه.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
52-لسان العرب (غتت)
غتت: غَتَّ الضَّحِكَ يَغُتُّه غَتًّا: وَضَع يدَه أَو ثَوْبَهُ عَلَى فِيهِ، ليُخْفِيَهُ.وغَتَّ فِي الْمَاءِ يَغُتُّ غَتًّا: وَهُوَ مَا بَيْنَ النَّفَسين مِنَ الشُّرْب، والإِناءُ عَلَى فِيهِ.
أَبو زَيْدٍ: غَتَّ الشاربُ يَغُتُّ غَتًّا، وَهُوَ أَن يَتَنَفَّسَ مِنَ الشَّراب، والإِناءُ عَلَى فِيهِ؛ وأَنشد بَيْتَ الْهُذَلِيِّ:
شَدَّ الضُّحَى، فغَتَتْنَ غَيْرَ بَواضِعٍ، ***غَتَّ الغَطَاطِ مَعًا عَلَى إِعْجالِ
أَي شَرِبْنَ أَنْفاسًا غَيْرَ بَواضِعٍ أَي غَيْرَ رِواءٍ.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: «فأَخَذَني جبريلُ فغَتَّني»؛ الغَتُّ والغَطُّ سَوَاءٌ، كأَنه أَراد عَصَرني عَصْرًا شَدِيدًا حَتَّى وَجَدْتُ مِنْهُ المَشَقَّةَ، كَمَا يَجِدُ مَنْ يُغْمَسُ فِي الْمَاءِ قَهْرًا.
وغَتَّهُ خَنِقًا يَغُتُّه غَتًّا: عَصَر حَلْقَه نفَسًا، أَو نَفَسين، أَو أَكثر مِنْ ذَلِكَ.
وغَتَّه فِي الماءِ يَغُتُّه غَتًّا: غَطَّه، وَكَذَلِكَ إِذا أَكرهه عَلَى الشَّيْءِ حَتَّى يَكْرُبَه.
وَيُقَالُ: غَتَّه الكلامَ غَتًّا إِذا بَكَّتَه تَبْكيتًا.
وَفِي حَدِيثِ الدُّعاء: «يَا مَنْ لَا يَغُتُّه دعاءُ الداعِينَ»؛ أي يَغْلِبُه ويَقْهَرُه.
وَفِي حَدِيثِ ثَوْبانَ قَالَ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنا عِنْدَ عُقْرِ حَوْضِي، أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ لأَهل اليَمن»أَي لأَذُودَهم بعَصايَ حَتَّى يَرْفَضُّوا عَنْهُ، وإِنه ليَغُتُّ فِيهِ ميزابانِ مِنَ الْجَنَّةِ: أَحدُهما مِنْ وَرِقٍ، والآخرُ مِنْ ذهبٍ، طولُه مَا بَيْنَ مُقامِي إِلى عُمانَ؛ قَالَ اللَّيْثُ: الغَتُّ كالغَطِّ.
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ ثَوْبَانَ أَيضًا عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي الحَوْض يَغُتُّ فِيهِ ميزابانِ، مِدادُهما مِنَ الْجَنَّةِ»؛ قَالَ الأَزهري: هَكَذَا سَمِعْتُهُ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسحاق يَغُتُّ، بِضَمِّ الْغَيْنِ، قَالَ: وَمَعْنَى يَغُتُّ، يَجْري جَرْيًا لَهُ صَوْتٌ وخَريرٌ؛ وَقِيلَ: يَغُطُّ؛ قَالَ: وَلَا أَدري مِمَّنْ حَفِظَ هَذَا التَّفْسِيرَ.
قَالَ الأَزهري: وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ، لَقِيلَ يَغُتُّ ويَغِطُّ، بِكَسْرِ الْغَيْنِ، وَمَعْنَى يَغُتُّ يُتابعُ الدَّفْقَ فِي الْحَوْضِ لَا يَنْقَطِعُ، مأْخوذ مِنْ غَتَّ الشاربُ الماءَ جَرْعًا بَعْدَ جَرْع، ونَفَسًا بَعْدَ نَفَس، مِنْ غَيْرِ إِبانةِ الإِناء عَنْ فِيهِ؛ قَالَ: فَقَوْلُهُ يَغُتُّ فِيهِ مِيزابانِ
أَي يَدْفُقانِ فِيهِ الماءَ دَفْقًا مُتتابعًا دَائِمًا، مِن غَيْرِ أَن يَنْقَطِعَ، كَمَا يَغُتُّ الشاربُ الماءَ، ويَغُتُّ مُتَعَدٍّ هَاهُنَا، لأَن المُضاعف إِذا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعُل، فَهُوَ مُتَعَدٍّ، وإِذا جَاءَ عَلَى فَعَلَ يَفْعِلُ، فهو لَازِمٌ، إِلا مَا شَذَّ عَنْهُ؛ قَالَ ذَلِكَ الْفَرَّاءُ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ شَمِرٌ: غُتَّ، فَهُوَ مَغْتُوتٌ؛ وغُمَّ، فَهُوَ مَغْمومٌ، قَالَ رؤْبة يَذْكُرُ يُونُسَ والحُوتَ:
وجَوْشَنُ الحُوتِ لَهُ مَبيتُ، ***يُدْفَع عَنْهُ جوفُه المَسْحُوتُ
كِلاهُما مُغْتَمِسٌ مَغْتُوتُ، ***والليلُ فَوْقَ الْمَاءِ مُسْتَمِيتُ
قَالَ: والمَغْتُوت المَغْموم.
وغَتَّ الدابةَ طَلَقًا أَو طَلَقَيْن يَغُتُّها: رَكَضَها، وجَهَدَها، وأَتْعَبها.
وغَتَّهم اللهُ بِالْعَذَابِ غَتًّا كَذَلِكَ.
وغَتَّ القَوْلَ بالقَوْل، والشُّربَ بالشُّرْب، يَغُتُّه غَتًّا: أَتْبَعَ بَعْضَه بَعْضًا.
وغَتَّه بالأَمْر: كَدَّه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «يَغُتُّهم اللهُ فِي الْعَذَابِ»أَي يَغْمِسُهم فِيهِ غَمْسًا مُتَتابعًا.
قَالَ: والغَتُّ أَن تُتْبِعَ القولَ القَوْلَ، أَو الشُّرْبَ الشُّرْبَ؛ وأَنشد:
فغَتَتْنَ غَيْرَ بَواضِعٍ أَنفاسَها، ***غَتَّ الغَطاطِ مَعًا عَلَى إِعْجالِ
وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: «وَلَا تُغَتِّتْ طَعامَنا تَغْتيتًا»؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ؛ أي لَا تُفْسده.
يُقَالُ: غَتَّ الطعامُ يَغُتُّ، وأَغْتَتُّه أَنا، وغَتَّ الكلامُ: فَسَدَ؛ قال قَبْسُ بْنُ الخَطيم:
وَلَا يَغُتُّ الحديثُ إِذْ نَطَقَتْ، ***وَهُوَ، بفِيها، ذُو لَذَّةٍ طَرَبُ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
53-لسان العرب (صبح)
صبح: الصُّبْحُ: أَوّل النَّهَارِ.والصُّبْحُ: الفجر.
والصَّباحُ: نقيص المَساء، وَالْجَمْعُ أَصْباحٌ، وَهُوَ الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ والمُصْبَحُ؛ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فالِقُ الْإِصْباحِ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا قِيلَ الأَمْسَاء والأَصْباح، فَهُوَ جَمْعُ المَساء والصُّبْح، قَالَ: وَمِثْلُهُ الإِبْكارُ والأَبْكارُ؛ وَقَالَ الشَّاعِرُ:
أَفْنَى رِياحًا وذَوِي رِياحِ، ***تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يُرِيدُ بِهِ المَساء والصُّبْحَ.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: تَقُولُ العربُ إِذا تَطَيَّرُوا مِنَ الإِنسان وَغَيْرِهِ: صباحُ اللَّهِ لَا صَباحُك قَالَ: وإِن شِئْتَ نصبتَ.
وأَصْبَحَ القومُ: دَخَلُوا فِي الصَّباح، كَمَا يُقَالُ: أَمْسَوْا دَخَلُوا فِي الْمَسَاءِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر»أَي صَلُّوهَا عِنْدَ طُلُوعِ الصُّبْح؛ يُقَالُ: أَصْبَحَ الرَّجُلُ إِذا دَخَلَ فِي الصُّبْح؛ وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ}؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: أَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صِرْنَا فِي حِينِ ذَاكَ، وأَما صَبَّحْنا ومَسَّيْنا فَمَعْنَاهُ أَتيناه صَباحًا وَمَسَاءً؛ وَقَالَ أَبو عَدْنَانَ: الْفَرْقُ بَيْنَ صَبَحْنا وصَبَّحْنا أَنه يُقَالُ صَبَّحْنا بَلَدُ كَذَا وَكَذَا، وصَبَّحْنا فُلَانًا، فَهَذِهِ مُشَدَّدة، وصَبَحْنا أَهلَها خَيْرًا أَو شَرًّا؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
وصَبَّحَه فَلْجًا فَلَا زَالَ كَعْبُه، ***عَلَى كلِّ مَنْ عَادَى مِنَ الناسِ، عَالِيًا
وَيُقَالُ: صَبَّحَه بِكَذَا ومسَّاه بِكَذَا؛ كُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ يُنَبَّه مِنْ سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وَمَا يُصْلِحُك؛ وَقَالَ رُؤْبَةَ:
أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ.
وَقَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ
أَي أَخذتهم الهَلَكة وَقْتَ دُخُولِهِمْ فِي الصَّبَاحِ.
وأَصْبَحَ فُلَانٌ عَالِمًا أَي صَارَ.
وصَبَّحك اللَّهُ بِخَيْرٍ: دُعاء لَهُ.
وصَبَّحْته أَي قُلْتُ لَهُ: عِمْ صَباحًا؛ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُرادُ بالتشديد هاهنا التَّكْثِيرُ.
وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ خامِسةٍ كَمَا تَقُولُ لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خَامِسَةٍ، بِالْكَسْرِ، أَي لِصَباحِ خَمْسَةِ أَيام.
وَحَكَى سِيبَوَيْهِ: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَبْنِيهِ كَخَمْسَةَ عَشَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُضِيفُهُ إِلا فِي حَدِّ الْحَالِ أَو الظَّرْفِ، وأَتيته صَباحًا وَذَا صَباحٍ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا يُسْتَعْمَلُ إِلَّا ظَرْفًا، وَهُوَ ظَرْفٌ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ، قَالَ: وَقَدْ جَاءَ فِي لُغَةٍ لِخَثْعَم اسْمًا؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ عَلَى إِقامةِ ذِي صباحٍ، ***لأَمْرٍ مَا يُسَوَّدُ مَا يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كُلِّ يَوْمٍ وأُمْسِيَّةَ كلِّ يَوْمٍ.
قَالَ الأَزهري: صَبَحْتُ فُلَانًا أَتيته صَبَاحًا؛ وأَما قَوْلُ بُجَيْر بْنِ زُهير المزنيِّ، وَكَانَ أَسلم:
صَبَحْناهمْ بأَلفٍ مِنْ سُلَيْمٍ، ***وسَبْعٍ مِنْ بَنِي عُثمانَ وَافَى
فَمَعْنَاهُ أَتيناهم صَباحًا بأَلف رَجُلٍ مِنْ سُليم؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ:
نحْنُ صَبَحْنا عَامِرًا فِي دارِها ***جُرْدًا، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يُرِيدُ أَتيناها صَبَاحًا بِخَيْلٍ جُرْد؛ وَقَوْلُ الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكابَها، ***وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قَالَ الأَزهري: يسأَل السَّائِلُ عَنْ هَذَا الْبَيْتِ فَيَقُولُ: الإِدلاج سَيْرُ اللَّيْلِ، فَكَيْفَ يَقُولُ: أَصبح الْقَوْمُ، وَهُوَ يأْمر بالإِدلاج؟ وَالْجَوَابُ فِيهِ: أَن الْعَرَبَ إِذا قَرُبَتْ مِنَ الْمَكَانِ تُرِيدُهُ، تَقُولُ: قَدْ بَلَغْنَاهُ، وإِذا قَرَّبَتْ لِلسَّارِي طلوعَ الصُّبْحِ وإِن كَانَ غَيْرَ طَالِعٍ، تَقُولُ: أَصْبَحْنا، وأَراد بِقَوْلِهِ أَصبح القومُ: دَنَا وقتُ دُخُولِهِمْ فِي الصَّبَاحِ؛ قَالَ: وإِنما فَسَّرْتُهُ لأَن بَعْضَ النَّاسِ فَسَّرَهُ عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ عَلَيْهِ.
والصُّبْحة والصَّبْحة: نَوْمُ الْغَدَاةِ.
والتَّصَبُّحُ: النَّوْمُ بِالْغَدَاةِ، وَقَدْ كَرِهَهُ بَعْضُهُمْ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهَى عَنِ الصُّبْحة»وَهِيَ النَّوْمُ أَوّل النَّهَارِ لأَنه وَقْتُ الذِّكر، ثُمَّ وَقْتُ طَلَبِ الْكَسْبِ.
وَفُلَانٌ يَنَامُ الصُّبْحة والصَّبْحة؛ أي يَنَامُ حِينَ يُصْبح، تَقُولُ مِنْهُ: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وَفِي حَدِيثِ أُم زَرْعٍ أَنها قَالَتْ: «وَعِنْدَهُ أَقول فَلَا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ»؛ أَرادت أَنها مَكفِيَّة، فَهِيَ تَنَامُ الصُّبْحة.
والصُّبْحة: مَا تَعَلَّلْتَ بِهِ غُدْوَةً.
والمِصْباحُ مِنَ الإِبل: الَّذِي يَبْرُك فِي مُعَرَّسه فَلَا يَنْهَض حَتَّى يُصبح وإِن أُثير، وَقِيلَ: المِصْبَحُ والمِصْباحُ مِنَ الإِبل الَّتِي تُصْبِحُ فِي مَبْرَكها لَا تَرْعَى حَتَّى يَرْتَفِعَ النَّهَارُ؛ وَهُوَ مِمَّا يُسْتَحَبُّ مِنَ الإِبل وَذَلِكَ لقوَّتها وَسِمَنِهَا؛ قَالَ مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ لَهُ بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحًا، ***فشُبَّتْ عَلَيْهَا النارُ، فَهِيَ عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كُلُّ مَا أُكل أَو شُرِبَ غُدْوَةً، وَهُوَ خِلَافُ الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: مَا أَصْبَحَ عِنْدَهُمْ مِنْ شَرَابِهِمْ فَشَرِبُوهُ، وَحَكَى الأَزهري عَنِ اللَّيْثِ: الصَّبُوحُ الْخَمْرُ؛ وأَنشد:
وَلَقَدْ غَدَوْتُ عَلَى الصَّبُوحِ، مَعِي ***شَرْبٌ كِرامٌ مَنْ بَنِي رُهْمِ
والصَّبُوحُ مِنَ اللَّبَنِ: مَا حُلب بِالْغَدَاةِ.
والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ: النَّاقَةُ الْمَحْلُوبَةُ بِالْغَدَاةِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
حُكِيَ عَنِ الْعَرَبِ: هَذِهِ صَبُوحِي وصَبُوحَتي.
والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحًا مِنْ لَبَنٍ.
والصَّبُوح: مَا شُرِبَ بِالْغَدَاةِ فَمَا دُونَ الْقَائِلَةِ وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ: الصَّبُوح اللَّبَنُ يُصْطَبَحُ، وَالنَّاقَةُ الَّتِي تُحْلَبُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ: صَبُوح أَيضًا؛ يقال: هذه النَّاقَةُ صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قَالَ: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى الأَعرابي:
مَا لِيَ لَا أَسْقِي حُبيْباتي ***صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللَّبَنُ الَّذِي يُشْرَبُ وَقْتَ الظَّهِيرَةِ.
واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحًا، وصَبَّحَه: سَقَاهُ صَبُوحًا، فَهُوَ مُصْطَبحٌ؛ وَقَالَ قُرْطُ بْنُ التُّؤْم اليَشكُري:
كَانَ ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه ***مِنْ هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشوه: يَطْعَمُهُ عَشَاءً.
والهَجْمة: الْقِطْعَةُ مِنَ الإِبل.
ودُرَّار: مِنْ صِفَتِهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «وَمَا لَنَا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ»أَي لَيْسَ لَنَا لَبَنٌ بِقَدْرِ مَا يَشْرَبُهُ الصَّبِيُّ بُكْرَة مِنَ الجَدْب وَالْقَحْطِ فَضْلًا عَنِ الْكَثِيرِ، وَيُقَالُ: صَبَحْتُ فُلَانًا أَي نَاوَلْتُهُ صَبُوحًا مِنْ لَبَنٍ أَو خَمْرٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ:
مَتَّى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْسًا رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْسًا؛ وَقِيلَ: الصَّبُوحُ مَا اصْطُبِحَ بِالْغَدَاةِ حَارًّا.
وَمِنْ أَمثالهم السَّائِرَةِ فِي وَصْفِ الْكَذَّابِ قَوْلُهُمْ: أَكْذَبُ مِنَ الآخِذِ الصَّبْحانِ؛ قَالَ شَمِرٌ: هَكَذَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، قَالَ: وَهُوَ الحُوَارُ الَّذِي قَدْ شَرِبَ فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ بِهِ أُمه لَمْ يَشْرَبْ لِرِيِّه دِرَّتها، قَالَ: وَيُقَالُ أَيضًا: أَكذب مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قَالَ أَبو عَدْنَانَ: الأَخِيذُ الأَسيرُ.
والصَّبْحانُ: الَّذِي قَدِ اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ رَجُلٌ كَانَ عِنْدَ قَوْمٍ فصَبَحُوه حَتَّى نَهَض عَنْهُمْ شَاخِصًا، فأَخذه قَوْمٌ وَقَالُوا: دُلَّنا عَلَى حَيْثُ كُنْتَ، فَقَالَ: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذ قَعَدَ يَبُولُ، فَعَلِمُوا أَنه بَاتَ قَرِيبًا عِنْدَ قَوْمٍ، فَاسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَيْهِمْ واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بِالتَّحْرِيكِ.
وَفِي الْمَثَلِ: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مَثَلًا لِمَنْ يُجَمْجِمُ وَلَا يُصَرِّح، وَقَدْ يُضْرَبُ أَيضًا لِمَنْ يُوَرِّي عَنِ الخَطْب الْعَظِيمِ بِكِنَايَةٍ عَنْهُ، وَلِمَنْ يُوجِبُ عَلَيْكَ مَا لَا يَجِبُ بِكَلَامٍ يُلَطِّفُهُ؛ وأَصله أَن رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ نَزَلَ بِرَجُلٍ مِنَ الْعَرَبِ عِشاءً فغَبَقَه لَبَنًا، فَلَمَّا رَويَ عَلِقَ يُحَدِّثُ أُمَّ مَثْواه بِحَدِيثٍ يُرَقِّقه، وَقَالَ فِي خِلال كَلَامِهِ: إِذا كَانَ غَدًا اصْطَبَحْنَا وَفَعَلْنَا كَذَا، فَفَطِنَ لَهُ المنزولُ عَلَيْهِ وَقَالَ: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وَرُوِيَ عَنِ الشَّعْبيِّ أَنَّ رَجُلًا سأَله عَنْ رَجُلٍ قَبَّل أُم امرأَته، فَقَالَ لَهُ الشَّعْبِيُّ: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّقُ؟ حَرُمَتْ عَلَيْهِ امرأَته؛ ظَنَّ الشَّعْبِيُّ أَنه كَنَّى بِتَقْبِيلِهِ إِياها عَنْ جِمَاعِهَا؛ وَقَدْ ذُكِرَ أَيضًا فِي رَقَقَ.
وَرَجُلٌ صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شُرْبًا الصَّبُوحَ مِثْلَ سَكْرَانَ وسَكْرَى.
وَفِي الْحَدِيثِ أَنه سُئِلَ: مَتَى تحلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ فَقَالَ: مَا لَمْ تَصْطَبِحُوا أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلًا فشأْنكم بِهَا؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ إِنما لَكُمْ مِنْهَا الصَّبُوحُ وَهُوَ الْغَدَاءُ، والغَبُوقُ وَهُوَ العَشاء؛ يَقُولُ: فَلَيْسَ لَكُمْ أَن تَجْمَعُوهُمَا مِنَ الْمَيْتَةِ؛ قَالَ: وَمِنْهُ قَوْلُ سَمُرة لِبَنِيهِ: يَجْزي مِنَ الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قَالَ الأَزهري وَقَالَ غَيْرُ أَبي عُبَيْدٍ: مَعْنَاهُ لِمَا سُئِلَ: مَتَى تَحِلُّ لَنَا الْمَيْتَةُ؟ أَجابهم فَقَالَ: إِذا لَمْ تَجِدُوا مِنَ اللَّبَنِ صَبُوحًا تَتَبَلَّغونَ بِهِ وَلَا غَبُوقًا تَجْتزِئون بِهِ، وَلَمْ تَجِدُوا مَعَ عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم حلَّت لَكُمُ الْمَيْتَةُ حِينَئِذٍ، وَكَذَلِكَ إِذا وَجَدَ الرَّجُلُ غَدَاءً أَو عَشَاءً مِنَ الطَّعَامِ لَمْ تحلَّ لَهُ الْمَيْتَةُ؛ قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِيرُ وَاضِحٌ بَيِّنٌ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
وصَبُوحُ النَّاقَةِ وصُبْحَتُها: قَدْرُ مَا يُحْتَلَب مِنْهَا صُبْحًا.
وَلَقِيَتْهُ ذاتَ صَبْحة وَذَا صبُوحٍ أَي حِينَ أَصْبَحَ وَحِينَ شَرِبَ الصَّبُوحَ؛ ابْنُ الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وَذَاتَ الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً وعَشِيَّةً؛ وَذَا صَباح وَذَا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي مُذْ ثَلَاثَةِ أَزمان وأَعوام.
وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحًا: جاءَهم بِهِ صَباحًا.
وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَبَّح خَيْبَر»أَي أَتاها صَبَاحًا»؛ وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهله، ***والموتُ أَدْنى مِنْ شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بِالْمَوْتِ صَبَاحًا لِكَوْنِهِ فِيهِمْ وَقْتَئِذٍ.
وَيَوْمُ الصَّباح: يَوْمُ الْغَارَةِ؛ قَالَ الأَعشى:
بِهِ تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ ***غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثَارَا
يَقُولُ: بِهَذَا الْفَرَسِ يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ مِنَ الْخَيْلِ يَوْمَ الْغَارَةِ.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذا نَذِرَتْ بِغَارَةٍ مِنَ الْخَيْلِ تَفْجَؤُهم صَباحًا: يَا صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بِالنِّدَاءِ الْعَالِي.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَمَّا نَزَلَتْ».
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ؛ صَعَّدَ عَلَى الصَّفَا، وَقَالَ: يَا صَبَاحَاهُهَذِهِ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ إِذا صَاحُوا لِلْغَارَةِ، لأَنهم أَكثر مَا يُغِيرون عِنْدَ الصَّبَاحِ، ويُسَمُّونَ يومَ الْغَارَةِ يَوْمَ الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يَا صَبَاحَاهُ يَقُولُ: قَدْ غَشِيَنا العدوُّ؛ وَقِيلَ: إِن الْمُتَقَاتِلِينَ كَانُوا إِذا جاءَ اللَّيْلُ يَرْجِعُونَ عَنِ الْقِتَالِ فإِذا عَادَ النَّهَارُ عَادُوا، فكأَنه يُرِيدُ بِقَوْلِهِ يَا صَبَاحَاهُ: قَدْ جاءَ وقتُ الصَّبَاحِ فتأَهَّبوا لِلْقِتَالِ.
وَفِي حَدِيثِ سَلَمة بْنِ الأَكْوَع: «لَمَّا أُخِذَتْ لِقاحُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نادَى: يَا صَباحاه»وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحًا: سَقَاهَا غُدْوَةً.
وصَبَّحَ القومَ الماءَ: وَرَده بِهِمْ صَبَاحًا.
والصَّابِحُ: الَّذِي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يَسْقِيهَا صَبَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء وَتِلْكَ السَّقْية تُسَمِّيهَا الْعَرَبُ الصُّبْحَةَ، وَلَيْسَتْ بِنَاجِعَةٍ عِنْدَ الْعَرَبِ، ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مَعَ الضَّحاء الأَكبر.
وَفِي حَدِيثِ جَرِيرٍ: «وَلَا يَحْسِرُ صابِحُها»أَي لَا يَكِلُّ وَلَا يَعْيا، وَهُوَ الَّذِي يَسْقِيهَا صَبَاحًا لأَنه يُورِدُهَا مَاءً ظَاهِرًا عَلَى وَجْهِ الأَرض.
قَالَ الأَزهري: والتَّصْبِيحُ عَلَى وُجُوهٍ، يُقَالُ: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ إِذا سَرَيْتَ بِهِمْ حَتَّى تُورِدَهُمُ الماءَ صَبَاحًا؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
وصَبَّحْتُهم مَاءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ، ***وَقَدْ حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فَاسْتَوَى
أَرادَ سَرَيْتُ بِهِمْ حَتَّى انتهيتُ بِهِمْ إِلى ذَلِكَ الْمَاءِ؛ وَتَقُولُ: صَبَّحْتُ الْقَوْمَ تَصْبِيحًا إِذا أَتيتهم مَعَ الصَّبَاحِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَنْتَرَةَ يَصِفُ خَيْلًا:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِسًا، ***يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صَبَاحًا؛ يَعْنِي خَيْلًا عَلَيْهَا فُرْسانها؛ وَيُقَالُ صَبَّحْتُ القومَ إِذا سَقَيْتَهُمُ الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يُقَالُ: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، كَانَ يَتِيمًا فِي حجْر أَبي طَالِبٍ، وَكَانَ يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فَيَخْتَلِسُونَ ويَكُفّ»أَي يُقَرَّبُ إِليهم غَدَاؤُهُمْ؛ وَهُوَ اسْمٌ بُني عَلَى تَفْعِيل مِثْلَ التَرْعِيب للسَّنام المُقَطَّع، وَالتَّنْبِيتِ اسْمٌ لِمَا نَبَتَ مِنَ الغِراس، وَالتَّنْوِيرُ اسْمٌ لنَوْر الشَّجَرِ.
والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما فِي الشُّرْبِ ثُمَّ اسْتُعْمِلَا فِي الأَكل.
وَفِي الْحَدِيثِ: «مَنْ تَصَبَّحَ بِسَبْعِ تَمراتِ عَجْوَة، هُوَ تَفَعَّلَ مِنْ صَبَحْتُ القومَ إِذا سَقَيْتَهُمُ الصَّبُوحَ».
وصَبَّحْتُ، بِالتَّشْدِيدِ، لُغَةٌ فِيهِ.
والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سَوَادٌ إِلى الحُمْرَة، وَقِيلَ: لَوْنٌ قَرِيبٌ إِلى الشُّهْبَة، وَقِيلَ: لَوْنٌ قَرِيبٌ مِنَ الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى صَبْحاء، تَقُولُ: رَجُلٌ أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح.
والأَصْبَحُ مِنَ الشَّعَر: الَّذِي يُخَالِطُهُ بَيَاضٌ بِحُمْرَةِ خِلْقَة أَيًّا كانَ؛ وَقَدِ اصْباحَّ.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّبَحُ شِدَّةُ الْحُمْرَةِ فِي الشَّعَر، والأَصْبَحُ قَرِيبٌ مِنَ الأَصْهَب.
وَرَوَى شَمِرٌ عَنْ أَبي نَصْرٍ قَالَ: فِي الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة.
وَرَجُلٌ أَصْبَحُ اللِّحْيَةِ: لِلَّذِي تَعْلُو شعرَه حُمْرةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ قِيلَ: دَمٌ صُباحِيٌّ لشدَّة حُمْرَتِهِ؛ قَالَ أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ مِنَ الجَوْفِ أَشْقَرا
وَقَالَ شَمِرٌ: الأَصْبَحُ الَّذِي يَكُونُ فِي سَوَادِ شَعْرِهِ حُمْرَةٌ؛ وَفِي حَدِيثِ الْمُلَاعَنَةِ: «إِن جاءَت بِهِ أَصْبَحَ أَصْهَبَ»؛ الأَصْبَحُ: الشَّدِيدُ حُمْرَةِ الشَّعْرِ، وَمِنْهُ صُبْحُ النَّهَارِ مُشْتَقٌّ مِنَ الأَصْبَح؛ قَالَ الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصَّادِقِ يَضْرِب إِلى الْحُمْرَةِ قَلِيلًا كأَنها لَوْنُ الشفَق الأَوّل فِي أَوَّل اللَّيْلِ.
والصَّبَحُ: بَريقُ الْحَدِيدِ وَغَيْرِهِ.
والمِصْباحُ: السِّرَاجُ، وَهُوَ قُرْطُه الَّذِي تَرَاهُ فِي القِنديل وَغَيْرِهِ، والقِراطُ لُغَةٌ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ}.
والمِصْبَحُ: المِسْرَجة.
واسْتَصْبَح بِهِ: اسْتَسْرَجَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فأَصْبِحي سِراجَك» أَي أَصْلِحيها.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ فِي شُحوم الْمَيْتَةِ: «ويَسْتَصْبِحُ بِهَا الناسُ»؛ أي يُشْعِلونَ بِهَا سُرُجَهم.
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: «كَانَ يَخْدُم بيتَ المقدِس نَهَارًا ويُصْبِحُ فِيهِ لَيْلًا»أَي يُسْرِجُ السِّراح.
والمَصْبَح، بِالْفَتْحِ: مَوْضِعُ الإِصْباحِ ووقتُ الإِصْباح أَيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَصل الْفِعْلِ قَبْلَ أَن يُزَادَ فِيهِ، وَلَوْ بُني عَلَى أَصْبَح لَقِيلَ مُصْبَح، بِضَمِّ الْمِيمِ؛ قَالَ الأَزهري: المُصْبَحُ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُصْبَحُ فِيهِ، والمُمْسى الْمَكَانُ الَّذِي يُمْسَى فِيهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ:
قريبةُ المُصْبَحِ مِنْ مُمْساها
والمُصْبَحُ أَيضًا: الإِصباحُ؛ يُقَالُ: أَصْبَحْنا إِصباحًا ومُصْبَحًا؛ وَقَوْلُ النَّمِرِ بْنِ تَوْلَبٍ:
فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسْتَحْكِمٌ، ***وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْرًا طَما
فَسَّرَهُ ابْنُ الأَعرابي فَقَالَ: أَصْبَحْتُ مِنَ المِصْباحِ؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: شَبَّهَ البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذَلِكَ قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟ ***كأَنه، فِي عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فَيَقُولُ النَّمِرُ بْنُ تَوْلَبٍ: شِمْتُ هَذَا الْبَرْقَ والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ البرقَ مِصْباح إِذ الْمَصَابِيحُ إِنما تُوقَدُ فِي الظُّلَم، وأَحسن مِنْ هَذَا أَن يَكُونَ البرقُ فَرَّج لَهُ الظُّلْمةَ حَتَّى كأَنه صُبْح، فَيَكُونُ أَصبحت حِينَئِذٍ مِنَ الصَّباح؛ قَالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ أَصْبَحْتُ فَلَمْ أَشْعُر بالصُّبح مِنْ شِدَّةِ الْغَيْمِ؛ والشَّمَعُ مِمَّا يُصْطَبَحُ بِهِ أَي يُسْرَجُ بِهِ.
والمِصْبَحُ والمِصْباحُ: قَدَحٌ كَبِيرٌ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
والمَصابيح: الأَقْداح الَّتِي يُصْطبح بِهَا؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها، ***لَهَا أَمْرُ حَزْمٍ لَا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النُّجُومِ: أَعلام الْكَوَاكِبِ، وَاحِدُهَا مِصْباح.
والمِصْباح: السِّنانُ العريضُ.
وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ،
كَذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري إِلامَ نُسِبَ.
والصَّباحةُ: الجَمال؛ وَقَدْ صَبُحَ، بِالضَّمِّ، يَصْبُح صَباحة.
وأَما مِنَ الصَّبَح فَيُقَالُ صَبِحَ يَصْبَحُ صَبَحًا، فَهُوَ أَصْبَحُ الشَّعَرِ.
وَرَجُلٌ صَبِيحٌ وصُباحٌ، بِالضَّمِّ: جَمِيلُ، وَالْجَمْعُ صِباحٌ؛ وَافَقَ الَّذِينَ يَقُولُونَ فُعال الَّذِينَ يَقُولُونَ فَعِيل لاعتِقابهما كَثِيرًا، والأُنثى فِيهِمَا، بِالْهَاءِ، وَالْجَمْعُ صِباحٌ، وَافَقَ مُذَكَّرَهُ فِي التَّكْسِيرِ لِاتِّفَاقِهِمَا فِي الْوَصْفِيَّةِ؛ وَقَدْ صَبُحَ صَباحة؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: الصَّبِيح الوَضِيءُ الْوَجْهِ.
وَذُو أَصْبَحَ: مَلِكٌ مِنْ مُلُوكِ حِمْيَر وإِليه تُنْسَبُ السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة.
والأَصْبَحِيُّ: السَّوْطُ.
وصَباحٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ، وَقَدْ سَمَّتْ صُبْحًا وصَباحًا وصُبَيْحًا وصَبَّاحًا وصَبِيحًا ومَصْبَحًا.
وَبَنُو صُباح: بُطُونٌ، بَطْنٌ فِي ضَبَّة وَبَطْنٌ فِي عَبْدِ القَيْس وَبَطْنٌ فِي غَنِيٍّ.
وصُباحُ: حَيٌّ مِنْ عُذْرَة وَمِنْ عَبْدِ القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بَطْنٌ مِنْ مُراد.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
54-لسان العرب (وضح)
وضح: الوَضَحُ: بياضُ الصُّبْحِ والقمرُ والبَرَصُ والغرةُ والتحجيلُ فِي الْقَوَائِمِ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الأَلوان.التَّهْذِيبُ: الوَضَحُ بَيَاضُ الصُّبْح؛ قَالَ الأَعشى:
إِذْ أَتَتْكُمْ شَيْبانُ، فِي وَضَحِ الصُّبحِ، ***بكبشٍ تَرَى لَهُ قُدَّاما
وَالْعَرَبُ تُسَمِّي النَّهَارَ الوَضَّاحَ، والليلَ الدُّهْمانَ؛ وبِكْرُ الوَضَّاحِ: صلاةُ الغَداة، وثِنْيُ دُهْمانَ: العِشاءُ الْآخِرَةُ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَوْ قِسْتَ مَا بينَ مَناحِي سَبَّاحْ، ***لِثِنْيِ دُهْمانَ وبِكْرِ الوَضَّاح،
لَقِسْتَ مَرْتًا مُسْبَطِرَّ الأَبْداحْ
سبَّاح: بَعِيرُهُ.
والأَبْداحُ: جَوَانِبُهُ، والوَضَحُ: بَيَاضٌ غَالِبٌ فِي أَلوان الشَّاءِ قَدْ فَشَا فِي جَمِيعِ جَسَدِهَا، وَالْجَمْعُ أَوضاح؛ وَفِي التَّهْذِيبِ: فِي الصَّدْرِ وَالظَّهْرِ وَالْوَجْهِ، يُقَالُ لَهُ: تَوْضيح شَدِيدٌ، وَقَدْ تَوَضَّح.
وَيُقَالُ: بِالْفَرَسِ وَضَحٌ إِذا كَانَتْ بِهِ شِيَةٌ، وَقَدْ يُكْنَى بِهِ عَنِ البَرَصِ، وَمِنْهُ قِيلَ لِجَذِيمَةَ الأَبْرَشِ: الوَضَّاحُ؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «جَاءَهُ رَجُلٌ بكَفِّه وَضَح»أَي بَرَصٌ.
وَقَدْ وَضَحَ الشيءُ يَضِحُ وُضُوحًا وَضَحَةً وضِحَةً واتَّضَحَ: أَي بَانَ، وهو واضع ووَضَّاح.
وأَوضَحَ وتَوَضَّح ظَهَرَ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وأَغْبَرَ لا يَجْتازُه مُتَوَضِّحُ الرجالِ، ***كفَرْق العامِرِيِّ يَلُوحُ
أَراد بالمُتَوَضِّح مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يُظْهِرُ نَفْسَهُ فِي الطَّرِيقِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الخَمَرِ.
ووَضَّحه هُوَ وأَوضَحَه وأَوضَحَ عَنْهُ وتَوَضَّح الطريقُ أَي اسْتَبَانَ.
والوَضَحُ: الضَّوْءُ والبياضُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي السُّجُودِ حَتَّى يَبينَ وَضَحُ إبْطَيْهِ»أَي البياضُ الَّذِي تَحْتَهُمَا، وَذَلِكَ لِلْمُبَالَغَةِ فِي رَفْعِهِمَا وَتَجَافِيهِمَا عَنِ الْجَنْبَيْنِ.
والوَضَحُ: البياضُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ: صُومُوا مِنَ الوَضَح إِلى الوَضَحِ
أَي مِنَ الضَّوء إِلى الضَّوْءِ؛ وَقِيلَ: مِنَ الْهِلَالِ إِلى الْهِلَالِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهُوَ الْوَجْهُ لأَن سِيَاقَ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ:
فإِن خَفِيَ عَلَيْكُمْ فأَتِمُّوا العِدَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «غَيِّرُوا الوَضَحَ»أَي الشَّيْب يَعْنِي اخْضِبُوه.
والواضحةُ: الأَسْنانُ الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ، صِفَةٌ غَالِبَةٌ؛ وأَنشد:
كلُّ خَليلٍ كنتُ صافَيْتُه، ***لَا تَرَكَ اللَّهُ لَهُ واضِحه
كلُّهمُ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبٍ، ***مَا أَشْبَه الليلةَ بالبارِحه
وَفِي الْحَدِيثِ: «حَتَّى مَا أَوضَحُوا بِضَاحِكَةٍ»أَي مَا طَلَعوا بِضَاحِكَةٍ وَلَا أَبْدَوْها، وَهِيَ إِحدى ضواحِكِ الإِنسان الَّتِي تَبْدُو عِنْدَ الضَّحِكِ.
وإِنه لَوَاضِحُ الجَبينِ إِذا ابيضَّ وحَسُنَ وَلَمْ يَكُنْ غَلِيظًا كَثِيرَ اللَّحْمِ.
وَرَجُلٌ وَضَّاحٌ: حَسَنُ الْوَجْهِ أَبيضُ بَسَّامٌ.
والوَضَّاحُ: الرجلُ الأَبيضُ اللَّوْنِ الحَسَنُه.
وأَوضَحَ الرجلُ والمرأَة: وُلِدَ لَهما أَولادٌ وُضَّحٌ بيضٌ؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ منكَ أَدنى واضحةٍ إِذا وَضَحَ لَكَ وَظَهَرَ حَتَّى كأَنه مُبْيَضُّ.
وَرَجُلٌ واضحُالحَسَبِ ووَضَّاحُه: ظَاهِرُهُ نَقِيُّه مُبْيَضُّهُ، عَلَى الْمَثَلِ.
وَدِرْهَمٌ وَضَحٌ: نَقِيّ أَبيض، عَلَى النَّسَبِ.
والوَضَحُ: الدِّرْهم الصَّحِيحُ.
والأَوضاحُ: حَلْيٌ مِنَ الدَّرَاهِمِ الصِّحَاحِ.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَعطيته دَرَاهِمَ أَوضاحًا، كأَنها أَلبانُ شَوْلٍ رَعَتْ بدَكْداكِ مالكٍ؛ مَالِكٌ: رَمْلٌ بِعَيْنِهِ وَقَلَّمَا تَرْعَى الإِبل هُنَالِكَ إِلا الحَلِيَّ وَهُوَ أَبيض، فَشَبَّهَ الدَّرَاهِمَ فِي بَيَاضِهَا بأَلبان الإِبل الَّتِي لَا تَرْعَى إِلا الحَلِيَّ.
ووَضَحُ القَدَم: بياضُ أَخْمَصِه؛ وَقَالَ الجُمَيْحُ:
والشَّوْكُ فِي وَضَحِ الرجلينِ مَرْكُوزُ
وَقَالَ النَّضْرُ: المتوضِّحُ وَالْوَاضِحُ مِنَ الإِبل الأَبيض، وَلَيْسَ بِالشَّدِيدِ الْبَيَاضِ، أَشدُّ بَيَاضًا مِنَ الأَعْيَصِ والأَصْهَبِ وَهُوَ المتوضِّحُ الأَقْراب؛ وأَنشد:
مُتَوَضِّحُ الأَقْرابِ، فِيهِ شُهْلَةٌ، ***شَنِجُ الْيَدَيْنِ تَخالُه مَشْكُولا
والأَواضِحُ: الأَيامُ الْبِيضُ، إِما أَن يَكُونَ جمعَ الْوَاضِحِ فَتَكُونُ الْهَمْزَةُ بَدَلًا مِنَ الْوَاوِ الأُولى لِاجْتِمَاعِ الْوَاوَيْنِ، وإِما أَن يَكُونَ جُمِعَ الأَوْضَح.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمر بِصِيَامِ الأَواضِحِ»؛ حَكَاهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَفِي الْحَدِيثِ أَمر بصيام الأَوْضاحِ
يُرِيدُ أَيامَ اللَّيَالِي الأَواضِح أَي الْبَيْضِ جَمْعُ وَاضِحَةٍ، وَهِيَ ثَالِثَ عَشَرَ وَرَابِعَ عَشَرَ وَخَامِسَ عَشَرَ، والأَصل وَواضِح، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ الأُولى هَمْزَةً.
والواضِحة مِنَ الشِّجاج: الَّتِي تُبْدي وَضَحَ الْعَظْمِ؛ ابْنُ سِيدَهْ: والمُوضِحةُ مِنَ الشِّجاج الَّتِي بَلَغَتِ الْعَظْمَ فأَوضَحَتْ عَنْهُ؛ وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَقْشِر الجلدةَ الَّتِي بَيْنَ اللَّحْمِ وَالْعَظْمِ أَو تَشُقُّهَا حَتَّى يَبْدُوَ وَضَحُ الْعَظْمِ، وَهِيَ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْقِصَاصُ خَاصَّةً، لأَنه لَيْسَ مِنَ الشِّجَاجِ شَيْءٌ لَهُ حدَّ يَنْتَهِي إِليه سِوَاهَا، وأَما غَيْرُهَا مِنَ الشِّجَاجِ فَفِيهَا دِيَتُهَا، وَذَكَرَ المُوضِحة فِي أَحاديث كَثِيرَةٍ وَهِيَ الَّتِي تُبْدِي الْعَظْمَ أَي بَياضَه، قَالَ: وَالْجَمْعُ المَواضِح؛ وَالَّتِي فُرِضَ فِيهَا خُمْسُ مِنَ الإِبل: هِيَ مَا كَانَ مِنْهَا فِي الرأْس وَالْوَجْهِ، فأَما المُوضِحة فِي غَيْرِهِمَا فَفِيهَا الْحُكُومَةُ، وَيُقَالُ للنَّعَم: وَضِيحةٌ ووَضائِحُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وَجْزَة:
لقَوْمِيَ، إِذ قَوْمي جميعٌ نَواهُمُ، ***وإِذ أَنا فِي حَيٍّ كَثِيرِ الوَضائِح
والوَضَحُ: اللبنُ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ الْهُذَلِيُّ:
عَقَّوْا بسَهْمٍ فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَحدٌ، ***ثُمَّ اسْتَفاؤوا وَقَالُوا: حَبَّذا الوَضَحُ
أَي قَالُوا: اللبنُ أَحبُّ إِلينا مِنَ القَوَد، فأَخبر أَنهم آثَرُوا إِبل الدِّيَةِ وأَلبانها عَلَى دَمِ قَاتِلِ صَاحِبِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه سُمِّيَ بِذَلِكَ لِبَيَاضِهِ؛ وَقِيلَ: الوَضَحُ مِنَ اللَّبَنِ مَا لَمْ يُمْذَقْ؛ وَيُقَالُ: كَثُرَ الوَضَحُ عِنْدَ بَنِي فُلَانٍ إِذا كَثُرَت أَلبانُ نَعَمِهم.
أَبو زَيْدٍ: مِنْ أَين وَضَحَ الراكبُ؟ أَي مِنْ أَين بَدَا؛ وَقَالَ غَيْرُهُ: مِنْ أَين أَوضَح، بالأَلف.
ابْنُ سِيدَهْ: وَضَحَ الراكبُ طَلَع.
وَمِنْ أَين أَوضَحْتَ، بالأَلف، أَي مِنْ أَين خَرَجْتَ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ التَّهْذِيبُ: مَنْ أَين أَوضَح الراكبُ، وَمِنْ أَين أَوضَعَ، وَمِنْ أَين بَدَا وضَحُك؟ وأَوضَحْتُ قَوْمًا: رأَيتهم.
واستوضَحَ عَنِ الأَمر: بَحَثَ.
أَبو عَمْرٍو: استوضَحْتُ الشيءَ واستشرفْته واستكفَفْتُه وَذَلِكَ إِذا وَضَعْتَ يَدَكَ عَلَى عَيْنَيْكَ فِي الشَّمْسِ تَنْظُرُ هَلْ تَرَاهُ، تُوَقّيبِكَفِّكَ عينَك شُعاعَ الشَّمْسِ؛ يُقَالُ: اسْتَوْضِحْ عَنْهُ يَا فُلَانُ.
واستوضَحْتُ الأَمرَ والكلامَ إِذا سأَلته أَن يُوَضِّحَه لَكَ.
ووَضَحُ الطَّرِيقِ: مَحَجَّتُه ووَسَطُه.
والواضحُ: ضِدُّ الْخَامِلِ لوُضُوح حَالِهِ وَظُهُورِ فَضْلِهِ؛ عَنِ السَّعْدي.
والوَضَحُ: حَلْيٌ مِنْ فِضَّةٍ، وَالْجَمْعُ أَوضاح، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِبَيَاضِهَا، وَاحِدُهَا وَضَح؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقاد مِنْ يَهُودِيٍّ قَتَلَ جُوَيْرِيةً عَلَى أَوْضاح لَهَا»؛ وَقِيلَ: الوَضَحُ الخَلْخالُ، فَخَصَّ.
والوُضَّحُ: الكواكبُ الخُنَّسُ إِذا اجْتَمَعَتْ مَعَ الْكَوَاكِبِ المضيئة من كواكب المنازل؛ اللَّيْثُ: إِذا اجْتَمَعَتِ الْكَوَاكِبُ الْخُنَّسُ مَعَ الْكَوَاكِبِ الْمُضِيئَةِ مِنْ كَوَاكِبَ الْمَنَازِلِ سُمِّين جَمِيعًا الوُضَّحَ؛ اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ فِيهَا أَوْضاحٌ مِنَ النَّاسِ وأَوْباش وأَسْقاطٌ يَعْنِي جَمَاعَاتٌ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى؛ قَالُوا: وَلَمْ يُسْمَعْ لِهَذِهِ الْحُرُوفِ بِوَاحِدٍ.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي الأَرض أَوضاح مِنْ كَلإٍ إِذا كَانَ فِيهَا شَيْءٌ قَدِ ابيضَّ؛ قَالَ الأَزهري: وأَكثر مَا سَمِعْتُهُمْ يَذْكُرُونَ الوَضَحَ فِي الكلإِ للنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الصَّيْفِيِّ الَّذِي لَمْ يأْت عَلَيْهِ عامٌ ويَسْوَدُّ.
ووَضَحُ الطريقة مِنَ الكلإِ: صِغَارُهَا؛ وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ مَا ابْيَضَّ مِنْهَا، وَالْجَمْعُ أَوضاحٌ؛ قَالَ ابْنُ أَحمر وَوَصَفَ إِبلًا:
تَتَبَّعُ أَوْضاحًا بسُرَّةِ يَذْبُلٍ، ***وتَرْعى هَشِيمًا، مِنْ حُلَيْمةَ، بالِيا
وَقَالَ مَرَّةً: هِيَ بَقَايَا الحَلِيّ والصِّلِّيان لَا تَكُونُ إِلّا مِنَ ذَلِكَ.
ورأَيت أَوضاحًا أَي فِرَقًا قليلة هاهنا وهاهنا، لَا وَاحِدَ لَهَا.
وتُوضِحُ: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْعَبُ وَهُوَ صَغِيرٌ مَعَ الْغِلْمَانِ بعَظْمِ وَضَّاحٍ»؛ وَهِيَ لُعْبَة لِصِبْيَانِ الأَعراب يَعْمِدُون إِلى عَظْمٍ أَبيض فَيَرْمُونَهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُونَ فِي طَلَبِهِ، فَمَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ فَلَهُ القَمْرُ؛ قَالَ: ورأَيت الصِّبْيَانَ يُصَغِّرُونَهُ فَيَقُولُونَ عُظَيْمُ وَضَّاحٍ؛ قَالَ: وأَنشدني بَعْضُهُمْ:
عُظَيْم وَضَّاحٍ ضِحَنَّ اللَّيْلَهْ، ***لَا تَضِحَنَّ بَعْدَهَا مِنْ لَيْله
قَوْلُهُ: ضِحَنَّ أَمرٌ مَنْ وَضَحَ يَضِحُ، بِتَثْقِيلِ النُّونِ المؤَكدة، وَمَعْنَاهُ اظْهِرَنَّ كَمَا تَقُولُ مِنَ الْوَصْلِ: صِلَنّ.
ووَضَّاحٌ: فَعَّال مِنَ الوُضوح، الظُّهُورُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
55-لسان العرب (برزخ)
برزخ: البَرْزَخُ: مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: الْحَاجِزُ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ.والبَرْزَخُ: مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ قَبْلَ الْحَشْرِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ إِلى الْبَعْثِ، فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ البَرْزَخَ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ عَنْ
أَبي سَعِيدٍ: «فِي بَرْزَخِ مَا بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ»؛ قَالَ: البَرْزَخُ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ مِنْ حَاجِزٍ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَمِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}؛ قَالَ: البَرْزَخُ مِنْ يَوْمِ يَمُوتُ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ: «أَنه صَلَّى بِقَوْمٍ فأَسْوَى بَرْزَخًا»؛ قَالَ الْكِسَائِيُّ: قَوْلُهُ فأَسْوَى بَرْزَخًا أَجْفَلَ وأَسْقَط؛ قَالَ: والبَرْزَخ مَا بَيْنَ كُلِّ شَيْئَيْنِ؛ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْمَيِّتِ: هُوَ فِي بَرْزخ لأَنه بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ فأَراد بالبَرْزَخ مَا بَيْنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي أَسقط عليٌّ مِنْهُ ذَلِكَ الْحَرْفَ إِلى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ انْتَهَى إِليه مِنَ الْقُرْآنِ.
وبَرازِخُ الإِيمان: مَا بَيْنَ الشَّكِّ وَالْيَقِينِ؛ وَقِيلَ: هُوَ مَا بَيْنَ أَول الإِيمان وَآخِرِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ: «وَسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَجِدُ الْوَسْوَسَةَ»، فَقَالَ: تِلْكَ بَرازِخُ الإِيمانِ؛ يُرِيدُ مَا بَيْنَ أَوّله وَآخِرِهِ، وأَوَّلُ الإِيمان الإِقرار بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَآخِرُهُ إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ.
والبَرازخ جَمْعُ بَرْزَخ، وَقَوْلُهُ تعالى: {بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيانِ}؛ يَعْنِي حَاجِزًا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ وَقِيلَ: أَي حَاجِزٌ خَفِيٌّ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا} أَي حَاجِزًا.
قَالَ: وَالْبَرْزَخُ وَالْحَاجِزُ والمُهْلَة مُتَقَارِبَاتٌ فِي الْمَعْنَى، وَذَلِكَ أَنك تَقُولُ بَيْنَهُمَا حاجزٌ أَن يَتزاوَرا، فَتَنْوِي بِالْحَاجِزِ المسافةَ الْبَعِيدَةَ، وَتَنْوِي الأَمر الْمَانِعَ مِثْلَ الْيَمِينِ وَالْعَدَاوَةِ، فَصَارَ الْمَانِعُ فِي الْمَسَافَةِ كَالْمَانِعِ مِنَ الْحَوَادِثِ، فوَقَعَ عليها البَرْزَخُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
56-لسان العرب (أزر)
أزر: أَزَرَ بِهِ الشيءُ: أَحاطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.والإِزارُ: مَعْرُوفٌ.
والإِزار: المِلْحَفَة، يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتيلِ وبَزِّه، ***وقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيل إِزارُها
يَقُولُ: تَبَرَّأُ مِنْ دَمِ القَتِيل وتَتَحَرَّجُ ودمُ الْقَتِيلِ فِي ثَوْبِهَا.
وَكَانُوا إِذا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا قِيلَ: دَمُ فُلَانٍ فِي ثَوْبِ فُلَانٍ أَي هُوَ قَتَلَهُ، وَالْجَمْعُ آزِرَةٌ مِثْلُ حِمار وأَحْمِرة، وأُزُر مِثْلُ حِمَارٍ وحُمُر، حِجَازِيَّةٌ؛ وأُزْر: تَمِيِمِيَّةٌ عَلَى مَا يُقارب الاطِّراد فِي هَذَا النَّحْوِ.
والإِزارَةُ: الإِزار، كَمَا قَالُوا للوِساد وسادَة؛ قَالَ الأَعشى:
كَتَمايُلِ، النَّشْوانِ يَرْفُلُ ***فِي البَقيرَة والإِزارَه
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ: وَقَدْ عَلِقَتْ دَمَ القَتِيلِ إِزارُها "يَجُوزُ أَن يَكُونَ عَلَى لُغَةِ مَنْ أَنَّث الإِزار، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ أَراد إِزارَتَها فَحَذَفَ الْهَاءَ كَمَا قَالُوا لَيْتَ شِعْري، أَرادوا ليت شِعْرتي، وَهُوَ أَبو عُذْرِها وَإِنَّمَا الْمَقُولُ ذَهَبَ بعُذْرتها.
والإِزْرُ والمِئْزَرُ والمِئْزَرَةُ: الإِزارُ؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
وَفِي حَدِيثِ الِاعْتِكَافِ: «كَانَ إِذا دَخَلَ العشرُ الأَواخرُ أَيقظ أَهله وشَدَّ المئْزَرَ»؛ المئزَرُ: الإِزار، وَكَنَّى بِشَدِّهِ عَنِ اعْتِزَالِ النِّسَاءِ، وَقِيلَ: أَراد تَشْمِيرَهُ لِلْعِبَادَةِ.
يُقَالُ: شَدَدْتُ لِهَذَا الأَمر مِئْزَري أَي تَشَمَّرْتُ لَهُ؛ وَقَدِ ائْتَزَرَ بِهِ وتأَزَّرَ.
وائْتَزَرَ فلانٌ إزْرةً حَسَنَةً وتأَزَّرَ: لَبِسَ الْمِئْزَرَ، وَهُوَ مِثْلُ الجِلْسَةٍ والرِّكْبَةِ، وَيَجُوزُ أَن تقول: اتَّزَرَ بِالْمِئْزَرِ أَيضًا فِيمَنْ يُدْغِمُ الْهَمْزَةَ فِي التَّاءِ، كَمَا تَقُولُ: اتَّمَنْتُهُ، والأَصل ائْتَمَنْتُهُ.
وَيُقَالُ: أَزَّرْتهُ تأْزيرًا" فَتَأَزَّرَ.
وَفِي حَدِيثِ المْبعثَ: «قَالَ لَهُ وَرَقَةُ إِنْ يُدْرِكْني يومُك أَنْصُرْك نَصْرًا مُؤَزَّرًا»أَي بَالِغًا شَدِيدًا يُقَالُ: أَزَرَهُ وآزَرَهُ أَعانه وأَسعده، مِنَ الأَزْر: القُوَّةِ والشِّدّة؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" أَبي بَكْرٍ أَنه قَالَ للأَنصار يَوْمَ السَّقِيفَةِ: لَقَدْ نَصَرْتُم وآزَرْتُمْ وآسَيْتُمْ.
الْفَرَّاءُ: أَزَرْتُ فُلَانًا آزُرُه أَزْرًا قَوَّيْتُهُ، وآزَرْتُه عَاوَنْتُهُ، وَالْعَامَّةُ تَقُولُ: وازَرْتُه.
وقرأَ ابْنُ عَامِرٍ: فَأَزَرَهُ فاسْتَغْلَظَ، عَلَى فَعَلَهُ، وقرأَ سَائِرُ الْقُرَّاءِ: فَآزَرَهُ ".
وَقَالَ الزَّجَّاجُ: آزَرْتُ الرجلَ عَلَى فُلَانٍ إِذا أَعنته عَلَيْهِ وَقَوَّيْتَهُ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ؛ أَي فآزَرَ الصغارُ الكِبارَ حَتَّى اسْتَوَى بَعْضُهُ مَعَ بَعْضٍ.
وإِنه لحَسَنُ الإِزْرَةِ: مِنَ الإِزارِ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
مثلَ السِّنان نَكيرًا عِنْدَ خِلَّتِهِ ***لِكُلِّ إِزْرَةِ هَذَا الدَّهْرِ ذَا إِزَرِ
وجمعُ الإِزارِ أُزُرٌ.
وأَزَرْتُ فُلَانًا إِذا أَلبسته إِزارًا فَتَأَزَّرَ تَأَزُّرًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «قَالَ اللَّهُ تعالى: {العَظَمَة إِزاري والكِبْرياء رِدَائِي} »؛ ضَرَبَ بِهِمَا مَثَلًا فِي انْفِرَادِهِ بِصِفَةِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِيَاءِ أَي لَيْسَا كَسَائِرِ الصِّفَاتِ الَّتِي قَدْ يَتَّصِفُ بِهَا الْخَلْقُ مَجَازًا كَالرَّحْمَةِ وَالْكَرَمِ وَغَيْرَهِمَا، وشَبَّهَهُما بالإِزار وَالرِّدَاءِ لأَن الْمُتَّصِفَ بِهِمَا يَشْتَمِلَانِهِ كَمَا يَشْتَمِلُ الرداءُ الإِنسان، وأَنه لَا يُشَارِكُهُ فِي إِزاره وَرِدَائِهِ أَحدٌ، فَكَذَلِكَ لَا يَنْبَغِي أَن يشاركه اللهَ تَعَالَى فِي هَذَيْنِ الْوَصْفَيْنِ أَحدٌ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " تَأَزَّرَ بالعَظَمَةِ وتَردّى بِالْكِبْرِيَاءِ وَتَسَرْبَلَ بِالْعِزِّ "؛ وَفِيهِ: " مَا أَسْفَلَ مِنَ الْكَعْبَيْنِ مِنَ الإِزارِ فَفِي النَّارِ "أَي مَا دُونَهُ مِنْ قدَم صَاحِبِهِ فِي النَّارِ عُقُوبَةً لَهُ، أَو عَلَى أَن هَذَا الْفِعْلَ مَعْدُودٌ فِي أَفعال أَهل النَّارِ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ وَلَا جَنَاحَ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَعْبَيْنِ»؛ الإِزرة، بِالْكَسْرِ: الْحَالَةُ وَهَيْئَةُ الِائْتِزَارِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُثْمَانَ: قَالَ لَهُ أَبانُ بنُ سَعِيدٍ: مَا لِي أَراك مُتَحَشِّفًا؟ أَسْبِلْ، فقال: هَكَذَا كَانَ إِزْرَةُ صَاحِبِنَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «كَانَ يُبَاشِرُ بَعْضَ نِسَائِهِ وَهِيَ مُؤْتَزِرَةٌ فِي حَالَةِ الْحَيْضِ»؛ أَي مَشْدُودَةُ الإِزار.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ" وَهِيَ مُتَّزِرَةٌ "، قال: وهو خطأٌ لأَن الْهَمْزَةَ لَا تُدْغَمُ فِي التَّاءِ.
والأُزْرُ: مَعْقِدُ الإِزارِ، وَقِيلَ: الإِزار كُلُّ مَا وَارَاكَ وسَتَرك؛ عَنْ ثَعْلَبٍ.
وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: رأَيت السَّرَوِيَّ يَمْشِي فِي دَارِهِ عُرْيانًا، فَقُلْتُ لَهُ: عُرْيَانًا؟ فَقَالَ: دَارِي إِزاري.
والإِزارُ: العَفافُ، عَلَى الْمِثْلِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ:
أَجْلِ أَنَّ اللهَ قَدْ فَضَّلَكُمْ ***فَوْقَ مَنْ أَحْكأَ صُلْبًا بِإِزارِ
أَبو عُبَيْدٍ: فُلَانٌ عَفِيفُ المِئْزَر وَعَفِيفُ الإِزارِ إِذا وُصِفَ بِالْعِفَّةِ عَمَّا يَحْرُمُ عَلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ، وَيُكَنَّى بالإِزار عَنِ النَّفْسِ وَعَنِ المرأَة؛ وَمِنْهُ قَوْلُ نُفَيْلَةَ الأَكبر الأَشْجعيّ، وَكُنْيَتُهُ أَبو المِنْهالِ، وَكَانَ كَتَبَ إِلى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَبياتًا مِنَ الشِّعْرِ يُشِيرُ فِيهَا إِلَى رَجُلٍ، كَانَ وَالِيًا عَلَى مَدِينَتِهِمْ، يُخْرِجُ الجواريَ إِلى سَلْعٍ عِنْدَ خُرُوجِ أَزواجهن إِلى الْغَزْوِ، فيَعْقِلُهُن وَيَقُولُ لَا يَمْشِي فِي العِقال إِلا الحِصَان، فَرُبَّمَا وَقَعَتْ فَتَكَشَّفَتْ، وَكَانَ اسْمُ هَذَا الرَّجُلِ جَعْدَةَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ السُّلَمِيَّ؛ فَقَالَ:
أَلا أَبلِغْ، أَبا حَفْصٍ، رَسُولًا ***فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري
قَلائِصَنَا، هَدَاكَ اللَّهُ، إِنا ***شُغِلْنَا عنكُمُ زَمَنَ الحِصَارِ
فَمَا قُلُصٌ وُجِدْنَ مُعَقَّلاتٍ، ***قَفَا سَلْعٍ، بِمُخْتَلَفِ النِّجار
قلائِصُ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ عَمْرٍو، ***وأَسْلَمَ أَو جُهَيْنَةَ أَو غِفَارِ
يُعَقِّلُهُنَّ جَعْدَةُ مِنْ سُلَيمٍ، ***غَوِيٌّ يَبْتَغِي سَقَطَ العَذارِي
يُعَقّلُهُنَّ أَبيضُ شَيْظَمِيٌّ، ***وبِئْسَ مُعَقِّلُ الذَّوْدِ الخِيَارِ
وَكَنَّى بِالْقَلَائِصِ عَنِ النِّسَاءِ وَنَصَبَهَا عَلَى الإِغراء، فَلَمَّا وَقَفَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَلَى الأَبيات عَزَلَهُ وسأَله عَنْ ذَلِكَ الأَمر فَاعْتَرَفَ، فَجَلَدَهُ مِائَةً مَعْقُولًا وأَطْرَدَهُ إِلَى الشَّامِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ فأَخرجه مِنَ الشَّامِ وَلَمْ يأْذن لَهُ فِي دُخُولِ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ سُئِلَ فِيهِ أَن يَدْخُلَ لِيُجَمِّعَ، فَكَانَ إِذا رَآهُ عُمَرُ تَوَعَّدَهُ؛ فَقَالَ:
أَكُلَّ الدَّهرِ جَعْدَةُ مُسْتحِقٌّ، ***أَبا حَفْصٍ، لِشَتْمٍ أَو وَعِيدِ؟
فَمَا أَنا بالْبَريء بَرَاه عُذْرٌ، ***وَلَا بالخَالِعِ الرَّسَنِ الشَّرُودِ
وَقَوْلُ جعدة قوله.
بن عبد الله السلمي: فِدىً لَكَ، مِنْ أَخي ثِقَةٍ، إِزاري ".
أَي أَهلي ونفسي؛ وقال أَبو عَمْرٍو الجَرْمي: يُرِيدُ بالإِزار هاهنا المرأَة.
وَفِي حَدِيثِ بَيْعَةِ الْعَقَبَةِ: «لَنَمْنَعَنَّك مِمَّا نَمْنَعُ مِنْهُ أُزُرَنا»أَي نِسَاءَنَا وأَهلنا، كَنَّى عَنْهُنَّ بالأُزر، وَقِيلَ: أَراد أَنفسنا.
ابْنُ سِيدَهْ: والإِزارُ المرأَة، عَلَى التَّشْبِيهِ؛ أَنشد، الْفَارِسِيُّ: " كَانَ مِنْهَا بِحَيْثُ تُعْكَى الإِزارُ "وفرسٌ آزَرُ: أَبيض العَجُز، وَهُوَ مَوْضِعُ الإِزار مِنَ الإِنسان.
أَبو عُبَيْدَةَ: فَرَسٌ آزَرُ، وَهُوَ الأَبيض الفخذَين ولونُ مَقَادِيمِهِ أَسودُ أَو أَيُّ لَوْنٍ كَانَ.
والأَزْرُ: الظهر والقوّة؛ وقال الْبُعَيْثُ:
شَدْدَتُ لَهُ أَزْري بِمِرَّةِ حازمٍ ***عَلَى مَوْقِعٍ مِنْ أَمره مَا يُعاجِلُهْ
ابْنُ الأَعرابي فِي قَوْلِهِ تعالى: {اشْدُدْ بِهِ أَزري}؛ قَالَ الأَزر الْقُوَّةُ، والأَزْرُ الظَّهْرُ، والأَزر الضَّعْفُ.
والإِزْرُ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ: الأَصل.
قَالَ: فَمَنْ جَعَلَ الأَزْرَ الْقُوَّةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ اشْدُدْ بِهِ أَزري أَي اشْدُدْ بِهِ قُوَّتِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الظَّهْرَ قَالَ شِدَّ بِهِ ظَهْرِي، وَمَنْ جَعَلَهُ الضَّعْف قَالَ شِدَّ بِهِ ضَعْفِي وقوِّ بِهِ ضَعْفِي؛ الْجَوْهَرِيُّ: اشدد به أَزري أَي ظَهْرِي وموضعَ الإِزار مِنَ الحَقْوَيْن.
وآزَرَهُ ووازَرَهُ: أَعانه عَلَى الأَمر؛ الأَخيرة عَلَى الْبَدَلِ، وَهُوَ شَاذٌّ، والأَوّل أَفصح.
وأَزَرَ الزَّرْعُ وتَأَزَّرَ: قَوَّى بَعْضُهُ بَعْضًا فَالْتَفَّ وَتَلَاحَقَ وَاشْتَدَّ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَأَزَّرَ فِيهِ النبتُ حَتَّى تَخايَلَتْ ***رُباه، وَحَتَّى مَا تُرى الشَّاءُ نُوَّما
وآزَر الشيءُ الشيءَ: ساواه وحاذاه؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بِمَحْنِيَّةٍ قَدْ آزَرَ الضَّالَ نَبْتُها ***مَضَمِّ جُيوشٍ غانِمين، وخُيَّبِ
أَي سَاوَى نبتُها الضَّالَّ، وَهُوَ السِّدْر الْبَرِّيُّ، أَراد: فَآزَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَسَاوَى الفِراخُ الطِّوالَ فَاسْتَوَى طُولُهَا.
وأَزَّرَ النبتُ الأَرضَ: غَطَّاهَا؛ قَالَ الأَعشى:
يُضاحِكُ الشَّمْسَ مِنْهَا كوكبٌ شَرِقٌ، ***مُؤَزَّرٌ بِعَمِيمِ النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وآزَرُ: اسْمٌ أَعجمي، وَهُوَ اسْمُ أَبي إِبراهيم، عَلَى نَبِيِّنَا "وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ؛ وأَما قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ}؛ قال أَبو إِسحق: يقرأُ بِالنَّصْبِ آزرَ، فَمَنْ نَصَبَ فَمَوْضِعُ آزَرَ خَفْضُ بَدَلٍ مِنْ أَبيه، وَمَنْ قرأَ آزرُ، بِالضَّمِّ، فَهُوَ عَلَى النِّدَاءِ؛ قَالَ: وَلَيْسَ بَيْنَ النسَّابين اخْتِلَافٌ أَن اسْمَ أَبيه كَانَ تارَخَ والذي في الْقُرْآنِ يَدُلُّ عَلَى أَن اسْمَهُ آزَرُ، وَقِيلَ: آزَرُ عِنْدَهُمْ ذمُّ فِي لُغَتِهِمْ كأَنه قَالَ وإِذ قَالَ: إِبراهيم لأَبيه الْخَاطِئِ، وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: آزَرَ أَتتخذ أَصنامًا، قَالَ لَمْ يَكُنْ بأَبيه وَلَكِنْ آزَرُ اسْمُ صَنَمٍ، وإِذا كَانَ اسْمَ صَنَمٍ فَمَوْضِعُهُ نصب كأَنه قَالَ إِبراهيم لأَبيه أَتتخذ آزَرَ إِلهًا، أَتتخذ أَصنامًا آلهة؟.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
57-لسان العرب (حذفر)
حذفر: حَذافِيرُ الشَّيْءِ: أَعالِيهِ ونواحِيه.الْفَرَّاءُ: حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ؛ أَبو الْعَبَّاسِ: الحِذْفارُ جَنَبَةُ الشَّيْءِ.
وَقَدْ بَلَغَ الْمَاءُ حِذْفارَها: جَانِبَهَا.
الحَذافِيرُ: الأَعالي، وَاحِدُهَا حُذْفُورٌ وحِذْفارٌ.
وحِذْفارُ الأَرض: نَاحِيَتُهَا؛ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ.
وأَخَذَهُ بِحَذافِيرِه أَي بِجَمِيعِهِ.
وَيُقَالُ: أَعطاه الدُّنْيَا بِحَذافِيرها أَي بأَسْرِها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فكأَنما حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا»؛ هِيَ الْجَوَانِبُ، وَقِيلَ: الأَعالي، أَي فكأَنما أُعطي الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا أَي بأَسرها.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «فإِذا نَحْنُ بالحَيِّ قَدْ جاؤوا بِحَذَافِيرِهِمْ»أَي جَمِيعِهِمْ.
وَيُقَالُ: أَخَذَ الشيءَ بِجُزْمُورِه وجَزامِيرِه وحُذْفُورِه وحَذافِيرهِ أَي بِجَمِيعِهِ وَجَوَانِبِهِ؛ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِذا لَمْ يَتْرُكْ مِنْهُ شَيْئًا.
وَفِي النَّوَادِرِ: يُقَالُ جَزْمَرْتُ العِدْلَ والعَيْبَةَ والثيابَ والقِرْبَةَ وحَذْفَرْتُ وحَزْفَرْتُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، كُلُّهَا بِمَعْنَى ملأْت.
والحُذْفُورُ: الْجَمْعُ الْكَثِيرُ.
والحَذافِيرُ: الأَشْرافُ، وَقِيلَ: هُمُ المتهيئون للحرب.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
58-لسان العرب (شعر)
شعر: شَعَرَ بِهِ وشَعُرَ يَشْعُر شِعْرًا وشَعْرًا وشِعْرَةً ومَشْعُورَةً وشُعُورًا وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُورًا؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّهُ: عَلِمَ.وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: مَا شَعَرْتُ بِمَشْعُورِه حَتَّى جَاءَهُ فُلَانٌ، وَحَكَى عَنِ الْكِسَائِيِّ أَيضًا: أَشْعُرُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ مَا عَمِلَهُ، وَمَا شَعَرْتُ فُلَانًا مَا عَمِلَهُ، قَالَ: وَهُوَ كَلَامُ الْعَرَبِ.
ولَيْتَ شِعْرِي أَي لَيْتَ عِلْمِي أَو لَيْتَنِي عَلِمْتُ، وليتَ شِعري مِنْ ذَلِكَ أَي لَيْتَنِي شَعَرْتُ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: قَالُوا لَيْتَ شِعْرَتي فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الإِضافة لِلْكَثْرَةِ، كَمَا قَالُوا: ذَهَبَ بِعُذْرَتِها وَهُوَ أَبو عُذْرِها فَحَذَفُوا التَّاءَ مَعَ الأَب خَاصَّةً.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ عَنِ الْكِسَائِيِّ: ليتَ شِعْرِي لِفُلَانٍ مَا صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان مَا صَنَعَ، وليتَ شِعْرِي فُلَانًا مَا صَنَعَ؛ وأَنشد:
يَا ليتَ شِعْرِي عَنْ حِمَارِي مَا صَنَعْ، ***وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يَا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا، ***وَقَدْ جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أَبِي عَمْرٍو، ***ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «ليتَ شِعْرِي مَا صَنَعَ فلانٌ» أَي لَيْتَ عِلْمِي حَاضِرٌ أَو مُحِيطٌ بِمَا صَنَعَ، فَحَذَفَ الْخَبَرَ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ.
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه بِهِ: أَعلمه إِياه.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ}؛ أَي وَمَا يُدْرِيكُمْ.
وأَشْعَرْتُه فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى.
وشَعَرَ بِهِ: عَقَلَه.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: أَشْعَرْتُ بِفُلَانٍ اطَّلَعْتُ عَلَيْهِ، وأَشْعَرْتُ بِهِ: أَطْلَعْتُ عَلَيْهِ، وشَعَرَ لِكَذَا إِذا فَطِنَ لَهُ، وشَعِرَ إِذا مَلَكَ.
عَبِيدًا.
وَتَقُولُ لِلرَّجُلِ: اسْتَشْعِرْ خَشْيَةَ اللَّهِ أَي اجْعَلْهُ شِعارَ قَلْبِكَ.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ الْخَوْفَ إِذا أَضمره.
وأَشْعَرَه فلانٌ شَرًّا: غَشِيَهُ بِهِ.
ويقال: أَشْعَرَهالحُبُّ مَرَضًا.
والشِّعْرُ: مَنْظُومُ الْقَوْلِ، غَلَبَ عَلَيْهِ لِشَرَفِهِ بِالْوَزْنِ وَالْقَافِيَةِ، وإِن كَانَ كُلُّ عِلْمٍ شِعْرًا مِنْ حَيْثُ غَلَبَ الْفِقْهُ عَلَى عِلْمِ الشَّرْعِ، والعُودُ عَلَى المَندَلِ، وَالنَّجْمُ عَلَى الثُّرَيَّا، وَمِثْلُ ذَلِكَ كَثِيرٌ، وَرُبَّمَا سَمَّوُا الْبَيْتَ الْوَاحِدَ شِعْرًا؛ حَكَاهُ الأَخفش؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِلَّا أَن يَكُونَ عَلَى تَسْمِيَةِ الْجُزْءِ بِاسْمِ الْكُلِّ، كَقَوْلِكَ الْمَاءُ لِلْجُزْءِ مِنَ الْمَاءِ، وَالْهَوَاءُ لِلطَّائِفَةِ مِنَ الْهَوَاءِ، والأَرض لِلْقِطْعَةِ مِنَ الأَرض.
وَقَالَ الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ الْمَحْدُودُ بِعَلَامَاتٍ لَا يُجَاوِزُهَا، وَالْجَمْعُ أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ مَا لَا يَشْعُرُ غَيْرُهُ أَي يَعْلَمُ.
وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْرًا وشَعْرًا وشَعُرَ، وَقِيلَ: شَعَرَ قَالَ الشِّعْرَ، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ وَرَجُلٌ شَاعِرٌ، وَالْجَمْعُ شُعَراءُ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: شَبَّهُوا فاعِلًا بِفَعِيلٍ كَمَا شَبَّهُوهُ بفَعُولٍ، كَمَا قَالُوا: صَبُور وصُبُرٌ، وَاسْتَغْنَوْا بِفَاعِلٍ عَنْ فَعِيلٍ، وَهُوَ فِي أَنفسهم وَعَلَى بَالٍ مِنْ تَصَوُّرِهِمْ لِمَا كَانَ وَاقِعًا مَوْقِعُهُ، وكُسِّرَ تَكْسِيرَهُ لِيُكَوِّنَ أَمارة وَدَلِيلًا عَلَى إِرادته وأَنه مُغْنٍ عَنْهُ وَبَدَلٌ مِنْهُ.
وَيُقَالُ: شَعَرْتُ لِفُلَانٍ أَي قُلْتُ لَهُ شِعْرًا؛ وأَنشد:
شَعَرْتُ لَكُمْ لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ ***عَلَى غَيْرِكُمْ، مَا سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ
وَيُقَالُ: شَعَرَ فُلَانٌ وشَعُرَ يَشْعُر شَعْرًا وشِعْرًا، وَهُوَ الِاسْمُ، وَسُمِيَ شاعِرًا لفِطْنَتِه.
وَمَا كَانَ شَاعِرًا، وَلَقَدْ شَعُر، بِالضَّمِّ، وَهُوَ يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الَّذِي يَتَعَاطَى قولَ الشِّعْر.
وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه، بِالْفَتْحِ، أَي كَانَ أَشْعر مِنْهُ وَغَلَبَهُ.
وشِعْرٌ شاعِرٌ: جَيِّدٌ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَرادوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ والإِشادَة، وَقِيلَ: هُوَ بِمَعْنَى مَشْعُورٍ بِهِ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ سِيبَوَيْهِ، وَقَدْ قَالُوا: كَلِمَةٌ شَاعِرَةٌ أَي قَصِيدَةٌ، والأَكثر فِي هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ أَن يَكُونَ لَفْظُ الثَّانِي مِنْ لَفْظِ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قَوْلُهُمْ: شاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ فَلَيْسَ عَلَى حَدِّ قَوْلِكَ ضاربُ زيدٍ تُرِيدُ المنقولةَ مِنْ ضَرَبَ، وَلَا عَلَى حَدِّهَا وأَنت تُرِيدُ ضاربٌ زَيْدًا المنقولةَ مِنْ قَوْلِكَ يَضْرِبُ أَو سَيَضْرِبُ، لأَن ذَلِكَ مَنْقُولٌ مِنْ فِعْلٍ مُتَعَدٍّ، فأَما شاعرُ هَذَا الشعرِ فَلَيْسَ قَوْلُنَا هَذَا الشِّعْرِ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ أَلْبَتَّةَ لأَن فِعْلَ الْفَاعِلِ غَيْرُ مُتَعَدٍّ إِلَّا بِحَرْفِ الْجَرِّ، وإِنما قَوْلُكَ شَاعِرُ هَذَا الشِّعْرِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ صَاحِبُ هَذَا الشِّعْرِ لأَن صَاحِبًا غَيْرُ مُتَعَدٍّ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وإِنما هُوَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ غُلَامٍ وإِن كَانَ مُشْتَقًّا مِنَ الْفِعْلِ، أَلا تَرَاهُ جَعَلَهُ فِي اسْمِ الْفَاعِلِ بِمَنْزِلَةِ دَرّ فِي الْمَصَادِرِ من قولهم لله دَرُّكَ؟ وَقَالَ الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صَاحِبُ شِعْر، وَقَالَ: هَذَا البيتُ أَشْعَرُ مِنْ هَذَا أَي أَحسن مِنْهُ، وَلَيْسَ هَذَا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صِيغَةَ التَّعَجُّبِ إِنما تَكُونُ مِنَ الْفِعْلِ، وَلَيْسَ فِي شَاعِرٍ مِنْ قَوْلِهِمْ شِعْرٌ شَاعِرٌ مَعْنَى الْفِعْلِ، إِنما هُوَ عَلَى النِّسْبَةِ والإِجادة كَمَا قُلْنَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يَكُونَ الأَخفش قَدْ عَلِمَ أَن هُنَاكَ فِعْلًا فَحَمَلَ قَوْلَهُ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ، وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الأَخفش تَوَهَّمَ الْفِعْلَ هُنَا كأَنه سَمِعَ شَعُرَ البيتُ أَي جَادَ فِي نَوْعِ الشِّعْر فَحَمَلَ أَشْعَرُ مِنْهُ عَلَيْهِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ عَلَيْكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ فالْتَمِسُوهُ فِي الشِّعْرِ فإِنه عَرَبِيٌّ».
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الْجِسْمِ مِمَّا لَيْسَ بِصُوفٍ وَلَا وَبَرٍ للإِنسان وَغَيْرِهِ، وَجَمْعُهُ أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الْوَاحِدَةُ مِنَ الشَّعْرِ، وَقَدْ يُكَنَّى بالشَّعْرَة عَنِ الْجَمْعِ كَمَا يُكَنَّى بالشَّيبة عَنِ الْجِنْسِ؛ " يُقَالُ رأَى.
فُلَانٌ الشَّعْرَة إِذا رأَى الشَّيْبَ فِي رأْسه.
وَرَجُلٌ أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كَثِيرُ شَعْرِ الرأْس وَالْجَسَدِ طويلُه، وَقَوْمٌ شُعْرٌ.
وَرَجُلٌ أَظْفَرُ: طَوِيلُ الأَظفار، وأَعْنَقُ: طَوِيلُ العُنق.
وسأَلت أَبا زَيْدٍ عَنْ تَصْغِيرِ الشُّعُور فَقَالَ: أُشَيْعار، رَجَعَ إِلى أَشْعارٍ، وَهَكَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «عَلَى أَشْعارِهم وأَبْشارِهم».
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ الشَّدِيدِ: فُلَانٌ أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شُبِّهَ بالأَسد وإِن لَمْ يَكُنْ ثَمَّ شَعَرٌ؛ وَكَانَ زِيَادُ بْنُ أَبيه يُقَالُ لَهُ أَشْعَرُ بَرْكًا أَي أَنه كَثِيرُ شَعْرِ الصَّدْرِ؛ وَفِي الصِّحَاحِ: كَانَ يُقَالُ لِعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ أَشْعَرُ بَرْكًا.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ: «إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر»؛ أي الَّذِي لَمْ يَحْلِقْ شَعْرَهُ وَلَمْ يُرَجّلْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ أَيضًا: فَدَخَلَ رَجُلٌ أَشْعَرُ: أَي كَثِيرُ الشَّعْرِ طَوِيلُهُ.
وشَعِرَ التَّيْسُ وَغَيْرُهُ مِنْ ذِي الشَّعْرِ شَعَرًا: كَثُرَ شَعَرُه؛ وَتَيْسٌ شَعِرٌ وأَشْعَرُ وَعَنْزٌ شَعْراءُ، وَقَدْ شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَرًا، وذلك كُلَّمَا كَثُرَ شَعَرُهُ.
والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ: الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى عَانَةِ الرَّجُلِ ورَكَبِ المرأَة وَعَلَى مَا وَرَاءَهَا؛ وَفِي الصِّحَاحِ: والشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، شَعَرُ الرَّكَبِ لِلنِّسَاءِ خَاصَّةً.
والشِّعْرَةُ: مَنْبَتُ الشَّعرِ تَحْتَ السُّرَّة، وَقِيلَ: الشِّعْرَةُ الْعَانَةُ نَفْسُهَا.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَتاني آتٍ فَشَقَّ مِنْ هَذِهِ إِلى هَذِهِ»؛ أي مِنْ ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قَالَ: الشِّعْرَةُ، بِالْكَسْرِ، الْعَانَةُ؛ وأَما قَوْلُ الشَّاعِرِ:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلًا كَرِيتًا، ***عَلَى شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بِالشِّعْرَاءِ خُصْيَةً [خِصْيَةً] كَثِيرَةَ الشَّعْرِ النَّابِتِ عَلَيْهَا؛ وَقَوْلُهُ تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فِيهَا إِذا فَشَّتْ خَرَجَ لَهَا صَوْتٌ كَتَصْوِيتِ النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دَعَاهَا.
وأَشْعَرَ الجنينُ فِي بَطْنِ أُمه وشَعَّرَ واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عَلَيْهِ الشَّعْرُ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: لَمْ يُسْتَعْمَلْ إِلا مَزِيدًا؛ وأَنشد ابْنُ السِّكِّيتِ فِي ذَلِكَ: " كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ فِي الغِرْسِ وَكَذَلِكَ تَشَعَّرَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «زكاةُ الْجَنِينِ زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ»، وَهَذَا كَقَوْلِهِمْ أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عَانَتُهُ.
وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت جَنِينَهَا وَعَلَيْهِ شَعَرٌ؛ حَكَاهُ قُطْرُبٌ؛ وَقَالَ ابْنُ هَانِئٍ فِي قَوْلِهِ:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيطَ ***فِي حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا
أَراد: كأَن السَّلِيطَ، وَهُوَ الزَّيْتُ، في شَعَرِ هَذَا الْفَرَسِ لِصَفَائِهِ.
والشِّعارُ: جَمْعُ شَعَرٍ، كَمَا يُقَالُ جَبَل وَجِبَالٌ؛ أَراد أَن يُخْبِرَ بِصَفَاءِ شَعَرِ الْفَرَسِ وَهُوَ كأَنه مَدْهُونٌ بِالسَّلِيطِ.
والمُوَارِي فِي الْحَقِيقَةِ: الشِّعارُ.
والمُوارَى: هُوَ الأَديم لأَن الشَّعَرَ يُوَارِيهِ فَقَلَبَ، وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ: يَجُوزُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ مِنَ الْمُسْتَقِيمِ غَيْرِ الْمَقْلُوبِ فَيَكُونَ مَعْنَاهُ: كأَن السَّلِيطَ فِي حَيْثُ وَارَى الأَديم الشَّعَرَ لأَن الشَّعَرَ يَنْبُتُ مِنَ اللَّحْمِ، وَهُوَ تَحْتَ الأَديم، لأَن الأَديم الْجِلْدُ؛ يَقُولُ: فكأَن الزَّيْتَ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُوَارِيهِ الأَديم وَيَنْبُتُ مِنْهُ الشَّعَرُ، وإِذا كَانَ الزَّيْتُ فِي مَنْبَتِهِ نَبَتَ صَافِيًا فَصَارَ شَعَرُهُ كأَنه مدهون لأَن منابته فِي الدُّهْنِ كَمَا يَكُونُ الْغُصْنُ نَاضِرًا رَيَّانَ إِذا كَانَ الْمَاءُ فِي أُصوله.
وَدَاهِيَةٌ شَعْراءُ وَدَاهِيَةٌ وَبْراءُ؛ وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذا تَكَلَّمَ بِمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ: جئتَ بِهَا شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ.
وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وَمَا أَشبههما وشَعَّرَه وشَعَرَهُ خَفِيفَةٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، كُلُّ ذَلِكَ: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌمُشْعَرٌ ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ.
وأَشْعَرَ فُلَانٌ جُبَّتَه إِذا بَطَّنَهَا بالشَّعر، وَكَذَلِكَ إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والشَّعِرَةُ مِنَ الْغَنَمِ: الَّتِي يَنْبُتُ بَيْنَ ظِلْفَيْها الشَّعَرُ فَيَدْمَيانِ، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي تَجِدُ أُكالًا فِي رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يَذْهَبُونَ بِهَا إِلى خُبْثِها.
والشَّعْرَاءُ: الفَرْوَة، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِكَوْنِ الشَّعَرِ عَلَيْهَا؛ حُكِيَ ذَلِكَ عَنْ ثَعْلَبٍ.
والشَّعارُ: الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ؛ قَالَ يَصِفُ حِمَارًا وَحْشَيًّا:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو ***مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا
يَقُولُ: اجْتَنَبَ الشَّجَرَ مَخَافَةَ أَن يُرْمَى فِيهَا وَلَزِمَ مَدْرَجَ السَّيْلِ؛ وَقِيلَ: الشَّعار مَا كَانَ مِنْ شَجَرٍ فِي لِينٍ ووَطاءٍ مِنَ الأَرض يَحُلُّهُ النَّاسُ نَحْوُ الدَّهْناءِ وَمَا أَشبهها، يستدفئُون بِهِ فِي الشِّتَاءِ وَيَسْتَظِلُّونَ بِهِ فِي الْقَيْظِ.
يُقَالُ: أَرض ذَاتُ شَعارٍ أَي ذَاتُ شَجَرٍ.
قَالَ الأَزهري: قَيَّدَهُ شَمِرٌ بِخَطِّهِ شِعار، بِكَسْرِ الشِّينِ، قَالَ: وَكَذَا رُوِيَ عَنِ الأَصمعي مِثْلُ شِعار المرأَة؛ وأَما ابْنُ السِّكِّيتِ فَرَوَاهُ شَعار، بِفَتْحِ الشِّينِ، فِي الشَّجَرِ.
وَقَالَ الرِّياشِيُّ: الشِّعَارُ كُلُّهُ مَكْسُورٌ إِلا شَعار الشَّجَرِ.
والشَّعارُ: مَكَانٌ ذُو شَجَرٍ.
والشَّعارُ: كَثْرَةُ الشَّجَرِ؛ وَقَالَ الأَزهري: فِيهِ لُغَتَانِ شِعار وشَعار فِي كَثْرَةِ الشَّجَرِ.
ورَوْضَة شَعْراء: كَثِيرَةُ الشَّجَرِ.
وَرَمْلَةٌ شَعْراء: تُنْبِتُ النَّصِيَّ.
والمَشْعَرُ أَيضًا: الشَّعارُ، وَقِيلَ: هُوَ مِثْلُ المَشْجَرِ.
والمَشاعر: كُل مَوْضِعٍ فِيهِ حُمُرٌ وأَشْجار؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ ثَوْرَ وَحْشٍ:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه، ***إِذا مَا أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يَعْنِي مَا يُغَيِّبُه مِنَ الشَّجَرِ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: وإِن جَعَلْتَ المَشْعَر الْمَوْضِعَ الَّذِي بِهِ كَثْرَةُ الشَّجَرِ لَمْ يَمْتَنِعْ كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ.
والشَّعْراء: الشَّجَرُ الْكَثِيرُ.
والشَّعْراءُ: الأَرض ذَاتُ الشَّجَرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْكَثِيرَةُ الشَّجَرِ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء الرَّوْضَةُ يُغَمِّ رأْسها الشَّجَرُ وَجَمْعُهَا شُعُرٌ، يُحَافِظُونَ عَلَى الصِّفَةِ إِذ لَوْ حَافَظُوا عَلَى الِاسْمِ لَقَالُوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ.
والشَّعْراء أَيضًا: الأَجَمَةُ.
والشَّعَرُ: النَّبَاتُ وَالشَّجَرُ، عَلَى التَّشْبِيهِ بالشَّعَر.
وشَعْرانُ: اسْمُ جَبَلٍ بِالْمَوْصِلِ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها ***شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شُمٌّ أَعاليها فَحَذَفَ الْهَاءَ وأَدخل الأَلف وَاللَّامَ، كَمَا قَالَ زُهَيْرٌ: حُجْنُ المَخالِبِ لَا يَغْتَالُه السَّبُعُ أَي حُجْنٌ مخالبُه.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ: «حَتَّى أَضاء لِي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ»؛ هُوَ اسْمُ جَبَلٍ لَهُمْ.
وشَعْرٌ: جَبَلٌ لِبَنِي سَلِيمٍ؛ قَالَ البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ مِنْ أَكْنافِ شَعْرٍ، ***وَلَمْ يَتْرُكْ بِذِي سَلْعٍ حِمارا
وَقِيلَ: هُوَ شِعِرٌ.
والأَشْعَرُ: جَبَلٌ بِالْحِجَازِ.
والشِّعارُ: مَا وَلِيَ شَعَرَ جَسَدِ الإِنسان دُونَ مَا سِوَاهُ مِنَ الثِّيَابِ، وَالْجَمْعُ أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ.
وَفِي الْمَثَلِ: هُمُ الشِّعارُ دُونَ الدِّثارِ؛ يَصِفُهُمْ بِالْمَوَدَّةِ وَالْقُرْبِ.
وَفِي حَدِيثِ الأَنصار: «أَنتم الشِّعارُ وَالنَّاسُ الدِّثارُ»؛ أي أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كَمَا سَمَّاهُمْ عَيْبَتَه وكَرِشَهُ.
وَالدِّثَارُ: الثَّوْبُ الَّذِي فَوْقَ الشِّعَارِ.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «إِنه كَانَ لَا يَنَامُ فِي شُعُرِنا»؛ هِيَ جَمْعُ الشِّعار مِثْلُ كِتَابٍ وكُتُب، وإِنما خَصَّتْهَابِالذِّكْرِ لأَنها أَقرب إِلى مَا تَنَالُهَا النَّجَاسَةُ مِنَ الدِّثَارِ حَيْثُ تُبَاشِرُ الْجَسَدَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: " إِنه كَانَ لَا يُصَلِّي فِي شُعُرِنا وَلَا فِي لُحُفِنا "؛ إِنما امْتَنَعَ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهَا مَخَافَةَ أَن يَكُونَ أَصابها شَيْءٌ مِنْ دَمِ الْحَيْضِ، وطهارةُ الثَّوْبِ شرطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِخِلَافِ النَّوْمِ فِيهَا.
وأَما قَوْلُ" النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لغَسَلَةِ ابْنَتِهِ حِينَ طرح إِليهن حَقْوَهُ قَالَ: أَشْعِرْنَها إِياه "؛ فإِن أَبا عُبَيْدَةَ قَالَ: مَعْنَاهُ اجْعَلْنَه شِعارها الَّذِي يَلِي جَسَدَهَا لأَنه يَلِي شَعْرَهَا، وَجَمْعُ الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ.
والشِّعارُ: مَا استشعرتْ بِهِ مِنَ الثِّيَابِ تَحْتَهَا.
والحِقْوَة: الإِزار.
والحِقْوَةُ أَيضًا: مَعْقِدُ الإِزار مِنَ الإِنسان.
وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ.
واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لَبِسَهُ؛ قَالَ طُفَيْلٌ:
وكُمْتًا مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها ***جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لَوْنَ مُذْهَبِ
وَقَالَ بَعْضُ الْفُصَحَاءِ: أَشْعَرْتُ نَفْسِي تَقَبُّلَ أَمْرِه وتَقَبُّلَ طاعَتِه؛ اسْتَعْمَلَهُ فِي العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قَالَ بَلْعاء بْنُ قَيْسٍ:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ، ***يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والشِّعارُ: جُلُّ الْفَرَسِ.
وأَشْعَرَ الهَمُّ قَلْبِي: لزِقَ بِهِ كَلُزُوقِ الشِّعارِ مِنَ الثِّيَابِ بِالْجَسَدِ؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمًّا: كَذَلِكَ.
وَكُلُّ مَا أَلزقه بِشَيْءٍ، فَقَدْ أَشْعَرَه بِهِ.
وأَشْعَرَه سِنانًا: خَالَطَهُ بِهِ، وَهُوَ مِنْهُ؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي لأَبي عَازِبٍ الْكِلَابِيِّ:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا ***مِنَ الخَطَرِ المَنْضُودِ فِي العينِ ناقِع
يُرِيدُ أَشعرت الذِّئْبَ بِالسَّهْمِ؛ وَسَمَّى الأَخطل مَا وُقِيَتْ بِهِ الْخَمْرُ شِعارًا فَقَالَ:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عَنْهَا، ***مِنَ الزَّرَجُونِ، دُونَهُمَا شِعارُ
وَيُقَالُ: شاعَرْتُ فُلَانَةَ إِذا ضَاجَعْتَهَا فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ وشِعارٍ وَاحِدٍ، فَكُنْتَ لَهَا شِعَاَرًا وَكَانَتْ لَكَ شِعَارًا.
وَيَقُولُ الرَّجُلُ لامرأَته: شاعِرِينِي.
وشاعَرَتْه: ناوَمَتْهُ فِي شِعارٍ وَاحِدٍ.
والشِّعارُ: الْعَلَامَةُ فِي الْحَرْبِ وَغَيْرِهَا.
وشِعارُ الْعَسَاكِرِ: أَن يَسِموا لَهَا عَلَاَمَةً يَنْصِبُونَهَا لِيَعْرِفَ الرَّجُلُ بِهَا رُفْقَتَه.
وَفِي الْحَدِيثِ: «إِن شِعارَ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الغَزْوِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ»وَهُوَ تَفَاؤُلٌ بِالنَّصْرِ بَعْدَ الأَمر بالإِماتة.
واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار فِي الْحَرْبِ؛ وَقَالَ النَّابِغَةُ:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد أَلْفَوْا، فِي دِيارهِمُ، ***دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يَقُولُ: غَزَاهُمْ هَؤُلَاءِ فَتَدَاعَوْا بَيْنَهُمْ فِي بُيُوتِهِمْ بِشِعَارِهِمْ.
وشِعارُ الْقَوْمِ: عَلَامَتُهُمْ فِي السَّفَرِ.
وأَشْعَرَ القومُ فِي سَفَرِهِمْ: جَعَلُوا لأَنفسهم شِعارًا.
وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بِشِعَارِهِمْ؛ كِلَاهُمَا عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والإِشْعارُ: الإِعلام.
والشّعارُ: الْعَلَامَةُ.
قَالَ الأَزهري: وَلَا أَدري مَشاعِرَ الْحَجِّ إِلَّا مِنْ هَذَا لأَنها عَلَامَاتٌ لَهُ.
وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وَهُوَ أَن يَشُقَّ جِلْدَهَا أَو يَطْعَنَهَا فِي أَسْنِمَتِها فِي أَحد الْجَانِبَيْنِ بِمِبْضَعٍ أَو نَحْوِهِ، وَقِيلَ: طَعْنٌ فِي سَنامها الأَيمن حَتَّى يَظْهَرَ الدَّمُ وَيُعْرَفَ أَنها هَدْيٌ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ أَبو حَنِيفَةَ يَكْرَهُهُ وَزَعَمَ أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحق بِالِاتِّبَاعِ.
وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَن رَجُلًا رَمَى الْجَمْرَةَ فأَصاب صَلَعَتَهُ بِحَجَرٍ فَسَالَ الدَّمُ»، فَقَالَ رَجُلٌ: أُشْعِرَ أَميرُ الْمُؤْمِنِينَ، وَنَادَىرجلٌ آخَرَ: يَا خَلِيفَةُ، وَهُوَ اسْمُ رَجُلٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لِهْبٍ: لَيُقْتَلَنَّ أَمير الْمُؤْمِنِينَ، فَرَجَعَ فَقُتِلَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ.
وَلِهْبٌ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْيَمَنِ فِيهِمْ عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وَتَشَاءَمَ هَذَا اللِّهْبِيُّ بِقَوْلِ الرَّجُلِ أُشْعر أَمير الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: لَيُقْتَلَنَّ، وَكَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه أُعلم بِسَيَلَانِ الدَّمِ عَلَيْهِ مِنَ الشَّجَّةِ كَمَا يُشْعِرُ الْهَدْيُ إِذا سِيقَ لِلنَّحْرِ، وَذَهَبَ بِهِ اللِّهْبِيُّ إِلى الْقَتْلِ لأَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَقُولُ لِلْمُلُوكِ إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وَتَقُولُ لِسُوقَةِ الناسِ: قُتِلُوا، وَكَانُوا يَقُولُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: دِيَةُ المُشْعَرَةِ أَلف بَعِيرٍ؛ يُرِيدُونَ دِيَةَ الْمُلُوكِ؛ فَلَمَّا قَالَ الرَّجُلُ: أُشْعِرَ أَمير الْمُؤْمِنِينَ جَعَلَهُ اللِّهْبِيُّ قَتْلًا فِيمَا تَوَجَّهَ لَهُ مِنْ عِلْمِ الْعِيَافَةِ، وإِن كَانَ مُرَادُ الرَّجُلِ أَنه دُمِّيَ كَمَا يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا صَدَرَ مِنَ الْحَجِّ قُتل.
وَفِي حَدِيثِ مَكْحُولٍ: «لَا سَلَبَ إِلا لِمَنْ أَشْعَرَ عِلْجًا أَو قَتَلَهُ، فأَما مَنْ لَمْ يُشعر فَلَا سَلَبَ لَهُ»؛ أي طَعَنَهُ حَتَّى يَدْخُلَ السِّنانُ جَوْفَهُ؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بِطَعْنٍ أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بِحَدِيدَةٍ؛ وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها، ***وَقَدْ أَشْعَرَاها فِي أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَشعراها: أَدمياها وَطَعَنَاهَا؛ وَقَالَ الْآخَرُ:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ: ***لَا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وَفِي حَدِيثِ مَقْتَلِ عُثْمَانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَن التُّجِيبِيَّ دَخَلَ عَلَيْهِ فأَشْعَرَهُ مِشْقَصًا»؛ أي دَمَّاهُ بِهِ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلًا فَجِيلًا، تَراهُمُ ***شَعائرَ قُرْبانٍ، بِهَا يُتَقَرَّبُ
وَفِي حَدِيثِ الزُّبَيْرِ: «أَنه قَاتَلَ غُلَامًا فأَشعره».
وَفِي حَدِيثِ مَعْبَدٍ الجُهَنِيِّ: «لَمَّا رَمَاهُ الْحَسَنُ بِالْبِدْعَةِ قَالَتْ لَهُ أُمه: إِنك قَدْ أَشْعَرْتَ ابْنِي فِي النَّاسِ» أَي جَعَلْتَهُ عَلَامَةً فِيهِمْ وشَهَّرْتَهُ بِقَوْلِكَ، فَصَارَ لَهُ كَالطَّعْنَةِ فِي الْبَدَنَةِ لأَنه كَانَ عَابَهُ بالقَدَرِ.
والشَّعِيرة: الْبَدَنَةُ المُهْداةُ، سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنه يُؤْثَرُ فِيهَا بِالْعَلَامَاتِ، والجمع شعائر.
وشِعارُ الْحَجِّ: مَنَاسِكُهُ وَعَلَامَاتُهُ وَآثَارُهُ وأَعماله، جَمْعُ شَعيرَة، وَكُلُّ مَا جُعِلَ عَلَمًا لِطَاعَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَالْوُقُوفِ وَالطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَالرَّمْيِ وَالذَّبْحِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَن جِبْرِيلَ أَتى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مُرْ أُمتك أَن يَرْفَعُوا أَصواتهم بِالتَّلْبِيَةِ فإِنها مِنْ شَعَائِرِ الْحَجِّ».
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ.
والمَشْعَرُ: كالشِّعارِ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: شَعَائِرُ الْحَجِّ مَنَاسِكُهُ، وَاحِدَتُهَا شَعِيرَةٌ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ}؛ هُوَ مُزْدَلِفَةُ، وَهِيَ جمعٌ تُسَمَّى بِهِمَا جَمِيعًا.
والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ مِنْ مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: الْمَعَالِمُ الَّتِي نَدَبَ اللَّهُ إِليها وأَمر بِالْقِيَامِ عَلَيْهَا؛ وَمِنْهُ سُمِّيَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ لأَنه مَعْلَمٌ لِلْعِبَادَةِ وَمَوْضِعٌ؛ قَالَ: وَيَقُولُونَ هُوَ المَشْعَرُ الْحَرَامُ والمِشْعَرُ، وَلَا يَكَادُونَ يَقُولُونَهُ بِغَيْرِ الأَلف وَاللَّامِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: كَانَتِ الْعَرَبُ عَامَّةً لَا يَرَوْنَ الصَّفَا والمروة مِنَ الشَّعَائِرِ وَلَا يَطُوفُونَ بَيْنَهُمَا فأَنزل اللَّهُ تعالى: {لَا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ}؛ أَي لَا تَسْتَحِلُّوا تَرْكَ ذَلِكَ؛ وَقِيلَ: شَعَائِرُ اللَّهِ مَنَاسِكُ الْحَجِّ.
وَقَالَ الزَّجَّاجُ فِي شَعَائِرِ اللَّهِ: يَعْنِي بِهَا جَمِيعَ مُتَعَبِّدَاتِ اللَّهِ الَّتِي أَشْعرها اللَّهُ أَي جَعَلَهَا أَعلامًا لَنَا، وَهِيَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْ مَوْقِفٍ أَو مَسْعًى أَو ذبح، وإِنما قِيلَ شَعَائِرُ لِكُلِّ عَلَمٍ مِمَّا تُعُبِّدَ بِهِ لأَن قَوْلَهُمْ شَعَرْتُ بِهِ عَلِمْتُهُ، فَلِهَذَا سُمِّيَتِ الأَعلام الَّتِي هِيَ مُتَعَبَّدَاتُ اللَّهِ تَعَالَى شَعَائِرَ.
وَالْمَشَاعِرُ: مَوَاضِعُ الْمَنَاسِكِ.
والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قَالَ: " وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ "الْغَادِيَةُ: السَّحَابَةُ الَّتِي تَجِيءُ غُدْوَةً، أَي مَطَرٌ بِغَيْرِ رَعْدٍ.
والأَشْعَرُ: مَا اسْتَدَارَ بِالْحَافِرِ مِنْ مُنْتَهَى الْجِلْدِ حَيْثُ تَنْبُتُ الشُّعَيْرات حَوالَي الْحَافِرِ.
وأَشاعرُ الْفَرَسِ: مَا بَيْنَ حَافِرِهِ إِلى مُنْتَهَى شَعَرِ أَرساغه، وَالْجَمْعُ أَشاعِرُ لأَنه اسْمٌ.
وأَشْعَرُ خُفِّ الْبَعِيرِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ الحافرِ مِثْلُه.
وأَشْعَرُ الحَياءِ: حَيْثُ يَنْقَطِعُ الشَّعَرُ.
وأَشاعِرُ النَّاقَةِ: جَوَانِبُ حَيَائِهَا.
والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وَقِيلَ: هُمَا مَا يَلِي الشُّفْرَيْنِ.
يُقَالُ لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، وَلِطَرَفَيْهِمَا: الشُّفْرانِ، وَلِلَّذِي بَيْنَهُمَا: الأَشْعَرانِ.
والأَشْعَرُ: شَيْءٌ يَخْرُجُ بَيْنَ ظِلْفَي الشاةِ كأَنه ثُؤْلُولُ الْحَافِرِ تُكْوَى مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ.
والأَشْعَرُ: اللَّحْمُ تَحْتَ الظُّفْرِ.
والشَّعِيرُ: جِنْسٌ مِنَ الْحُبُوبِ مَعْرُوفٌ، وَاحِدَتُهُ شَعِيرَةٌ، وَبَائِعُهُ شَعِيرِيٌّ.
قال سيبويه: وليس مِمَّا بُنِيَ عَلَى فاعِل وَلَا فَعَّال كَمَا يَغْلِبُ فِي هَذَا النَّحْوِ.
وأَما قَوْلُ بَعْضِهِمْ شِعِير وبِعِير ورِغيف وَمَا أَشبه ذَلِكَ لِتَقْرِيبِ الصَّوْتِ مِنَ الصَّوْتِ فَلَا يَكُونُ هَذَا إِلا مَعَ حُرُوفِ الْحَلْقِ.
والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تُصَاغُ مِنْ فِضَّةٍ أَو حَدِيدٍ عَلَى شَكْلِ الشَّعيرة تُدْخَلُ فِي السِّيلانِ فَتَكُونُ مِساكًا لِنِصابِ السِّكِّينِ وَالنَّصْلُ، وَقَدْ أَشْعَرَ السِّكِّينُ: جُعِلَ لَهَا شَعِيرة.
والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يُتَّخَذُ مِنْ فِضَّةٍ مِثْلُ الشَّعِيرِ عَلَى هَيْئَةِ الشَّعِيرَةِ.
وَفِي حَدِيثِ أُم سَلَمَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «أَنها جَعَلَتْ شَعارِيرَ الذَّهَبِ فِي رَقَبَتِهَا»؛ هُوَ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ أَمثال الشَّعِيرِ.
والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يُقَالُ هِيَ الَّتِي لَهَا إِبرة، وَقِيلَ: الشَّعْراء ذُبَابٌ يَلْسَعُ الْحِمَارَ فَيَدُورُ، وَقِيلَ: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذُبَابٌ أَزرق يُصِيبُ الدوابَّ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراءُ نَوْعَانِ: لِلْكَلْبِ شَعْرَاءٌ مَعْرُوفَةٌ، وللإِبل شُعَرَاءٌ؛ فأَما شَعْرَاءُ الْكَلْبِ فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ وَلَا تَمَسُّ شَيْئًا غَيْرَ الْكَلْبِ، وأَما شَعْراءُ الإِبل فَتَضْرِبُ إِلى الصُّفْرة، وَهِيَ أَضخم مِنْ شَعْرَاءِ الْكَلْبِ، وَلَهَا أَجنحة، وَهِيَ زَغْباءُ تَحْتَ الأَجنحة؛ قَالَ: وَرُبَّمَا كَثُرَتْ فِي النِّعَمِ حَتَّى لَا يَقْدِرَ أَهل الإِبل عَلَى أَن يَحْتَلِبُوا بِالنَّهَارِ وَلَا أَن يَرْكَبُوا مِنْهَا شَيْئًا مَعَهَا فَيَتْرُكُونَ ذَلِكَ إِلى اللَّيْلِ، وَهِيَ تَلْسَعُ الإِبل فِي مَراقِّ الضُّلُوعِ وَمَا حَوْلَهَا وَمَا تَحْتَ الذَّنَبِ وَالْبَطْنِ والإِبطين، وَلَيْسَ يَتَّقُونَهَا بِشَيْءٍ إِذا كَانَ ذَلِكَ إِلا بالقَطِرانِ، وَهِيَ تَطِيرُ عَلَى الإِبل حَتَّى تَسْمَعَ لِصَوْتِهَا دَوِيًّا، قَالَ الشَّمَّاخُ:
تَذُبُّ صِنْفًا مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ ***مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
وَالْجَمْعُ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ شَعارٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه لَمَّا أَراد قَتْلِ أُبَيّ بْنِ خَلَفٍ تَطَايَرَ الناسُ عَنْهُ تَطايُرَ الشُّعْرِ عَنِ الْبَعِيرِ ثُمَّ طَعَنَهُ فِي حَلْقِهِ»؛ الشُّعْر، بضم الشين وسكن الْعَيْنِ: جَمْعُ شَعْراءَ، وَهِيَ ذِبَّانٌ أَحمر، وَقِيلَ أَزرق، يَقَعُ عَلَى الإِبل وَيُؤْذِيهَا أَذى شَدِيدًا، وَقِيلَ: هُوَ ذُبَابٌ كَثِيرُ الشَّعَرِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَن كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ نَاوَلَهُ الحَرْبَةَ فَلَمَّا أَخذها انْتَفَضَ بِهَا انْتِفَاضَةً تَطَايَرْنَا عَنْهُ تَطَايُرَ الشَّعارِيرِ»؛ هِيَ بِمَعْنَى الشُّعْرِ، وَقِيَاسُ وَاحِدِهَا شُعْرورٌ، وَقِيلَ: هِيَ مَا يَجْتَمِعُ عَلَى دَبَرَةِ الْبَعِيرِ مِنَ الذِّبَّانِ فإِذا هيجتْ تطايرتْ عَنْهَا.
والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضَرْبٌ مِنَ الْخَوْخِ، وَجَمْعُهُ" كَوَاحِدِهِ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: الشَّعْراء شَجَرَةٌ مِنَ الحَمْضِ لَيْسَ لَهَا وَرَقٌ وَلَهَا هَدَبٌ تَحْرِصُ عَلَيْهَا الإِبل حِرْصًا شَدِيدًا تَخْرُجُ عِيدَانًا شِدادًا.
والشَّعْراءُ: فَاكِهَةٌ، جَمْعُهُ وَوَاحِدُهُ سَوَاءٌ.
والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ مِنَ الرِّمْثِ أَخْضَر، وَقِيلَ: ضَرْبٌ مِنَ الحَمْضِ أَخضر أَغبر.
والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: هُوَ نَبْتٌ.
والشَّعارِيرُ: صِغَارُ الْقِثَّاءِ، وَاحِدُهَا شُعْرُور.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه أُهْدِيَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شعاريرُ»؛ هِيَ صِغَارُ الْقِثَّاءِ.
وَذَهَبُوا شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي مُتَفَرِّقِينَ، وَاحِدُهُمْ شُعْرُور، وَكَذَلِكَ ذَهَبُوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَصبحتْ شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقِدْحَرَّةَ [قَدْحَرَّةَ] وقَذْحَرَّةَ [قِذْحَرَّةَ]؛ مَعْنَى كُلِّ ذَلِكَ بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا، يَعْنِي اللِّحْيَانِيُّ أَصبحت الْقَبِيلَةُ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ والأَبابِيلُ، كُلُّ هَذَا لَا يُفْرَدُ لَهُ وَاحِدٌ.
والشَّعارِيرُ: لُعْبة لِلصِّبْيَانِ، لَا يُفْرَدُ؛ يُقَالُ: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وَهَذَا لَعِبُ الشَّعاريرِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى}؛ الشِّعْرَى: كَوْكَبٌ نَيِّرٌ يُقَالُ لَهُ المِرْزَمُ يَطْلعُ بَعْدَ الجَوْزاءِ، وَطُلُوعُهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ؛ تَقُولُ الْعَرَبُ: إِذا طَلَعَتِ الشِّعْرَى جَعَلَ صَاحِبَ النحل يَرَى.
وَهُمَا الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ الَّتِي فِي الْجَوْزَاءِ، والغُمَيْصاءُ الَّتِي فِي الذِّراع؛ تَزْعُمُ العرب أَنهما أُختا سُهَيْلٍ، وَطُلُوعُ الشِّعْرَى عَلَى إِثْرِ طُلُوعِ الهَقْعَةِ.
وَعَبْدُ الشِّعْرَى العَبُور طائفةٌ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ؛ وَيُقَالُ: إِنها عَبَرَت السَّمَاءَ عَرْضًا وَلَمْ يَعْبُرْها عَرْضًا غَيْرُهَا، فأَنزل اللَّهُ تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى}؛ أَي رَبُّ الشِّعْرَى الَّتِي تَعْبُدُونَهَا، وَسُمِّيَتِ الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن الْعَرَبَ قَالَتْ فِي أَحاديثها: إِنها بَكَتْ عَلَى إِثر الْعَبُورِ حَتَّى غَمِصَتْ.
وَالَّذِي وَرَدَ فِي حَدِيثِ سَعْدٍ: «شَهِدْتُ بَدْرًا وَمَا لِي غَيْرُ شَعْرَةٍ وَاحِدَةٍ ثم أَكثر الله لي مِنَ اللِّحَى بعدُ»؛ قِيلَ: أَراد مَا لِي إِلا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ ثُمَّ أَكثر اللَّهُ لِي مِنَ الوَلَدِ بعدُ.
وأَشْعَرُ: قَبِيلَةٌ مِنَ الْعَرَبِ، مِنْهُمْ أَبو مُوسَى الأَشْعَرِيُّ، وَيَجْمَعُونَ الأَشعري، بِتَخْفِيفِ يَاءِ النِّسْبَةِ، كَمَا يُقَالُ قَوْمٌ يَمانُونَ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: والأَشْعَرُ أَبو قَبِيلَةٍ مِنَ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَشْعَرُ بْنُ سَبَإ بْنُ يَشْجُبَ بْنِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطانَ.
وَتَقُولُ الْعَرَبُ: جَاءَ بِكَ الأَشْعَرُونَ، بِحَذْفِ يَاءَيِ النَّسَبِ.
وَبَنُو الشُّعَيْراءِ: قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ.
والشُّوَيْعِرُ: لَقَبُ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرانَ بْنِ أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ، وَهُوَ أَحد مَنْ سُمِّيَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِمُحَمَّدٍ، والمُسَمَّوْنَ بِمُحَمَّدٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ سَبْعَةٌ مَذْكُورُونَ فِي مَوْضِعِهِمْ، لَقَّبَهُ بِذَلِكَ امْرُؤُ الْقَيْسِ، وَكَانَ قَدْ طَلَبَ مِنْهُ أَن يَبِيعَهُ فَرَسًا فأَبى فَقَالَ فِيهِ:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي ***عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حَرِيمٌ: هُوَ جَدُّ الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هُوَ الحرث بن معاوية بْنُ الْحَرْثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ عَوْفِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ حَرِيمِ بْنِ جُعْفِيٍّ؛ وَقَالَ الشُّوَيْعِرُ مُخَاطِبًا لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها، ***وَقَدْ نُمِيَتْ لِيَ عَامًا فَعاما
بأَنَّ إمْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَئيبًا، ***عَلَى آلِهِ، مَا يَذُوقُ الطَّعامَا
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لَا يُهانُ ***لَقَدْ كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وَقَالُوا: هَجَوْتَ، وَلَمْ أَهْجُهُ، ***وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
وَالشُّوَيْعِرُ الْحَنَفِيُّ: هُوَ هَانِئُ بْنُ تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ لَهُ:
وإِنَّ الَّذِي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ، ***لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فَسُمِّيَ الشُّوَيْعِرُ بِهَذَا الْبَيْتِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
59-لسان العرب (عزر)
عزر: العَزْر: اللَّوْم.وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْرًا وعَزَّرَه: ردَّه.
والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ: ضَرْبٌ دُونَ الْحَدِّ لِمَنْعِه الجانِيَ مِنَ المُعاودَة ورَدْعِه عَنِ الْمَعْصِيَةِ؛ قَالَ:
وَلَيْسَ بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ ***عليَّ، إِذا مَا كنتُ غَيرَ مُرِيبِ
وَقِيلَ: هُوَ أَشدُّ الضَّرْبِ.
وعَزَرَه: ضَربَه ذَلِكَ الضَّرْب.
والعَزْرُ: الْمَنْعُ.
والعَزْرُ: التَّوْقِيفُ عَلَى بَابِ الدِّين.
قَالَ الأَزهري: وَحَدِيثُ سَعْدٍ يَدُلُّ عَلَى أَن التَّعْزِيرَ هُوَ التَّوْقِيفُ عَلَى الدِّينِ لأَنه قَالَ: لَقَدْ رأَيْتُني مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا لَنَا طعامٌ إِلَّا الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثُمَّ أَصبَحتْ بَنُو سَعْدٍ تُعَزِّرُني "عَلَى الإِسلام، لَقَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وخابَ عَمَلي؛ تُعَزِّرُني عَلَى الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عَلَيْهِ، وَقِيلَ: تُوَبِّخُني عَلَى التَّقْصِيرِ فِيهِ.
والتَّعْزِيرُ: التوقيفُ عَلَى الْفَرَائِضِ والأَحكام.
وأَصل التَّعْزير: التأْديب، وَلِهَذَا يُسَمَّى الضربُ دُونَ الْحَدِّ تَعْزيرًا إِنما هُوَ أَدَبٌ.
يُقَالُ: عَزَرْتُه وعَزَّرْتُه، فَهُوَ مِنَ الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فَهُوَ نحْوُ الضِّدِّ.
والعَزْرُ: النَّصْرُ بِالسَّيْفِ.
وعَزَرَه عَزْرًا وعَزَّرَه: أَعانَه وقوَّاه وَنَصَرَهُ.
قال الله تعالى: {تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ}، وَقَالَ اللَّهُ تعالى: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ}؛ جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَي لِتَنْصُروه بِالسَّيْفِ، وَمَنْ نَصَرَ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ نَصَرَ اللَّهَ عزَّ وَجَلَّ.
وَعَزَّرْتُمُوهُمْ: عَظَّمْتموهم، وَقِيلَ: نصَرْتُموهم؛ قَالَ إِبراهيم بْنُ السَّريّ: وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم، وَذَلِكَ أَن العَزْرَ فِي اللُّغَةِ الرَّدُّ وَالْمَنْعُ، وتأْويل عَزَرْت فُلَانًا أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا يَرْدَعُه عَنِ الْقَبِيحِ، كَمَا أَنَّ نَكَّلْت بِهِ تأْويله فَعَلْتُ بِهِ مَا يَجِبُ أَن يَنْكَل مَعَهُ عَنِ المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عَنْهُمْ أَعداءَهم، وَلَوْ كَانَ التَّعْزيرُ هُوَ التَّوْقِير لَكَانَ الأَجْوَدُ فِي اللُّغَةِ الاستغناءَ بِهِ، والنُّصْرةُ إِذا وَجَبَتْ فالتعظيمُ داخلٌ فِيهَا لأَن نُصْرَةَ الأَنبياء هِيَ الْمُدَافَعَةُ عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قَالَ: وَيَجُوزُ تَعْزِرُوه، مِنْ عَزَرْتُه عَزْرًا بِمَعْنَى عَزَّرْته تَعْزِيرًا.
وَالتَّعْزِيرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ بِاللِّسَانِ وَالسَّيْفِ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ وأَنْصُرُه»؛ التَّعْزيرُ هَاهُنَا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وأَصل التَّعْزِيرِ: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قَدْ رَدَدْتَ عَنْهُ أَعداءَه وَمَنَعْتَهُمْ مِنْ أَذاه، وَلِهَذَا قِيلَ للتأْديب الَّذِي هُوَ دُونَ الْحَدِّ: تَعْزير، لأَنه يَمْنَعُ الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذَّنْبَ.
وعَزَرَ المرأَةَ عَزْرًا: نكَحَها.
وعَزَرَه عَنِ الشَّيْءِ: منَعَه.
والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، وَالْجَمْعُ العَزائرُ؛ يَقُولُونَ: هَلْ أَخذتَ عَزيرَ هَذَا الْحَصِيدِ؟ أَي هَلْ أَخذت ثَمَنَ مَرَاعِيهَا، لأَنهم إِذا حَصَدُوا بَاعُوا مراعِيَها.
والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وَفَوْقَ الدِّق كالثُّمام والصَّفْراء والسَّخْبر، وَقِيلَ: أُصول مَا يَرْعَوْنَه مِنْ سِرّ الكلإِ كالعَرفَج والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر وَالطَّرِيفَةِ والسَّبَطِ، وَهُوَ سِرُّ مَا يَرْعَوْنَه.
والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
ومَحالةٌ عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وَقَدْ عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:
فَابْتَغِ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا، ***صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكًا عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق.
والعَيزار: الغلامُ الْخَفِيفُ الرُّوحِ النشيطُ، وَهُوَ اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وَهُوَ الرِّيشَةُ.
والمُماحِل والمُماني.
والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ مِنْ أَقداح الزُّجاج.
والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي: والعَيزارُ: ضَرْبٌ مِنَ الشَّجَرِ، الْوَاحِدَةُ عَيزارةٌ.
والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الْجَبَلِ؛ عَنْ أَبي حنيفة.
وعازَرٌ [عازِرٌ] وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء.
والكُرْكيّ يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وأَبو العَيزار كُنْيَةُ طَائِرٍ طَوِيلِ الْعُنُقِ تَرَاهُ أَبدًا فِي الْمَاءِ الضَّحْضاح يُسَمَّى السَّبَيْطَر.
وعَزَرْتُ الحِمارَ: " أَوْقَرْته.
وعُزَيرٌ: اسْمُ نَبِيٍّ.
وعُزَيرٌ: اسْمٌ يَنْصَرِفُ لِخِفَّتِهِ وإِن كَانَ أَعجميًّا مِثْلَ نُوحٍ وَلُوطٍ لأَنه تَصْغِيرُ عَزْر.
ابْنُ الأَعرابي: هِيَ العَزْوَرةُ والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة.
وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ عَزْوَر، بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْوَاوِ، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وَعَلَيْهَا الطَّرِيقُ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلى مَكَّةَ، وَيُقَالُ فيه عَزُورا.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
60-لسان العرب (نمس)
نمس: النَّمَسُ، بِالتَّحْرِيكِ: فَسَادُ السَّمْن والغَالِية وكلِّ طِيبٍ ودُهْن إِذا تَغَيَّرَ وَفَسَدَ فَسَادًا لَزِجًا.ونَمِسَ الدُّهْنُ، بِالْكَسْرِ، يَنْمَسُ نَمَسًا، فَهُوَ نَمِسٌ: تَغَيَّرَ وَفَسَدَ، وَكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ طيِّب تَغَيَّرَ؛ قَالَ بَعْضُ الأَغفال: " وبِزُيَيْتٍ نَمِسٍ مُرَيْرِ "ونَمَّسَ الشعرُ: أَصابه دُهْنٌ فَتَوَسَّخَ.
والنَّمَسُ: رِيحُ اللبَنِ والدَّسَم كالنَّسَم.
وَيُقَالُ: نَمِسَ الوَدَكُ ونَسِمَ إِذا أَنْتَن، ونَمَّسَ الأَقِطُ، فَهُوَ مُنَمِّسٌ إِذا أَنتن؛ قَالَ الطِّرِمَّاحُ: " مُنَمِّسُ ثِيرانِ الكَريصِ الضَّوائِن "وَالْكَرِيصُ: الأَقِطُ.
والنِّمْسُ: سَبُعٌ مِنْ أَخبث السُّبُع.
وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: النِّمْسُ دُوَيْبَّةٌ تَقْتُلُ الثُّعْبان يَتَّخِذُهَا النَّاظِرُ إِذا اشْتَدَّ خَوْفُهُ مِنَ الثَّعَابِينِ، لأَن هَذِهِ الدَّابَّةَ تَتَعَرَّضُ لِلثُّعْبَانِ وتَتَضاءَلُ وتَسْتَدِقُّ حَتَّى كأَنها قِطْعَةُ حَبْلٍ، فإِذا انْطَوَى عَلَيْهَا الثُّعْبان زَفَرَتْ وأَخذت بنَفَسِها فَانْتَفَخَ جوْفها فَيَتَقَطَّعُ الثُّعْبَانُ، وَقَدْ يَنْطَوِي عَلَيْهَا النِّمْسُ فَظَعًا مِنْ شِدَّةِ الزَّفْرَة؛ غَيْرُهُ: النِّمْس، بِالْكَسْرِ، دوَيْبَّة عَرِيضَةٌ كأَنها قِطْعَةُ قَدِيدٍ تَكُونُ بأَرض مِصْرَ تَقْتُلُ الثُّعْبَانَ.
والنَّامُوس: مَا يُنَمِّسُ بِهِ الرَّجُلُ مِنَ الاحْتِيالِ.
والنامُوسُ: المَكْرُ والخِداع.
والتَّنْمِيسُ: التَّلْبيس.
والنامِسُ والنامُوس: دوَيْبَّة أَغْبَرُ كَهَيْئَةِ الذَّرَّة تَلْكُعُ النَّاسَ.
والنامُوسُ: قُتْرة الصَّائِدِ الَّتِي يَكْمُن فِيهَا لِلصَّيْدِ؛ قَالَ أَوس بْنُ حَجَرٍ:
فَلاقَى عَلَيْهَا مِنْ صُباحٍ مُدَمِّرًا ***لِنامُوسِه مِنَ الصَّفِيح سَقائِفُ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ يُهْمَزُ، قَالَ: وَلَا أَدري مَا وَجْهُ ذَلِكَ.
والنامُوسُ: بَيْتُ الرَّاهِبِ.
وَيُقَالُ للشَّرَكِ نامُوس لأَنه يُوارَى تَحْتَ الأَرض؛ وَقَالَ الرَّاجِزُ يَصِفُ الرُّكَّابَ يَعْنِي الإِبل:
يَخْرُجْنَ مِنْ مُلْتَبِسٍ مُلَبَّسِ، ***تَنْمِيسَ نامُوسِ القَطا المُنَمَّسِ
يَقُولُ: يَخْرُجْنَ مِنْ بَلَدٍ مُشْتَبِهِ الأَعلام يَشْتَبِهُ عَلَى مَنْ يَسْلُكُهُ كَمَا يَشْتَبِهُ عَلَى الْقَطَا أَمر الشَّرَكِ الَّذِي يُنْصَبُ لَهُ.
وَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ: «أَسَدٌ فِي نامُوسِه»؛ الناموسُ: مَكْمَن الصَّيَّادِ فَشُبِّهَ بِهِ مَوْضِعُ الأَسد.
والنَّامُوس: وِعاء العِلْم.
والنَّاموس: جِبْرِيلَ، صَلَّى اللَّه عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأَهل الْكِتَابِ يُسَمُّونَ جِبْرِيلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: النَّامُوس.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث: «أَن خَدِيجَةَ»، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهَا، وَصَفَتْ أَمر النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِوَرَقَة بْنِ نَوْفَل وَهُوَ ابْنُ عَمِّهَا، وَكَانَ نَصْرَانِيًّا قَدْ قرأَ الْكُتُبَ، فَقَالَ: إِن كَانَ مَا تَقُولِينَ حَقًّا فإِنه ليَأْتِيه النَّامُوس الَّذِي كَانَ يأْتي مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَفِي رِوَايَةٍ: إِنه ليأْتيه النَّاموس الأَكبر.
أَبو عُبَيْدٍ: النَّامُوس صَاحِبُ سِرِّ الملِك أَو الرَّجُلِ الَّذِي يُطْلِعُهُ عَلَى سِرِّه وَبَاطِنِ أَمره وَيَخُصُّهُ بِمَا يَسْتُرُهُ عَنْ غَيْرِهِ.
ابْنُ سِيدَهْ: نَامُوسُ الرَّجُلِ صاحبُ سِرِّه، وَقَدْ نَمَسَ يَنْمِسُ نَمْسًا ونَامَسَ صاحبَه مُنامَسَةً ونِمَاسًا: سارَّه.
وَقِيلَ: النامُوسُ السِّرُّ، مَثَّلَ بِهِ سِيبَوَيْهِ وَفَسَّرَهُ السِّيرَافِيُّ.
ونَمَسْتُ الرجلَ ونَامَسْتُه إِذا سارَرْته؛ وَقَالَ الْكُمَيْتِ:
فأَبْلِغْ يَزِيد، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذرًا ***وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنَامِسا
ونَمَسْتُ السِّرَّ أَنْمِسُه نَمْسًا: كَتَمْتُه.
والمُنَامِسُ: الدَّاخِلُ فِي النَّامُوسِ، وَقِيلَ: النامُوس صَاحِبُ سِرّ الْخَيْرِ، والجاسُوسُ صَاحِبُ سِرّ الشَّرِّ، وأَراد بِهِ وَرَقَةُ جبريلَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لأَن اللَّه تَعَالَى خَصَّهُ بِالْوَحْيِ وَالْغَيْبِ اللَّذَيْنِ لَا يطَّلع عَلَيْهِمَا غَيْرُهُ.
والنَّامُوسُ: الكذَّاب.
والنَّاموس: النمَّام وَهُوَ النمَّاس أَيضًا.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: نَمَسَ بَيْنَهُمْ وأَنْمَسَ أَرَّشَ بَيْنَهُمْ وَآكَلَ بَيْنَهُمْ؛ وأَنشد:
وَمَا كنتُ ذَا نَيْرَبٍ فيهمُ، ***وَلَا مُنْمِسًا بَيْنَهُمْ أُنْمِلُ
أُؤَرِّشُ بينهمُ دَائِبًا، ***أَدِبُّ وَذُو النُّمْلَةِ المُدْغِلُ
ولكِنَّني رائبٌ صَدْعَهُمْ، ***رَقُوءٌ لِما بينَهُمْ مُسْمِلُ
رَقُوءٌ: مُصْلِحٌ.
رَقأْتُ بَيْنَهُمْ، أَصلحت.
وانَّمَسَ فِي الشَّيْءِ: دَخَلَ فِيهِ.
وانَّمَسَ فُلَانٌ انِّمَاسًا: انْغَلَّ فِي سُتْرةٍ.
الْجَوْهَرِيُّ: انَّمَسَ الرجلُ، بِتَشْدِيدِ النُّونِ، أَي اسْتَتَرَ، وَهُوَ انْفَعَلَ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
61-لسان العرب (قصص)
قصص: قَصَّ الشَّعْرَ وَالصُّوفَ وَالظُّفْرَ يقُصُّه قَصًّا وقَصّصَه وقَصّاه عَلَى التَّحْوِيلِ: قَطعَه.وقُصاصةُ الشَّعْرِ: مَا قُصّ مِنْهُ؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيُّ، وَطَائِرٌ مَقْصُوص الْجَنَاحِ.
وقُصَاصُ الشَّعْرِ، بِالضَّمِّ، وقَصَاصُه وقِصاصُه، وَالضَّمُّ أَعلى: نهايةُ مَنْبَتِهِ ومُنْقَطعه عَلَى الرأْس فِي وَسَطِهِ، وَقِيلَ: قُصاصُ الشَّعْرِ حدُّ الْقَفَا، وَقِيلَ: هُوَ حَيْثُ تَنْتَهِي نبْتتُه مِنْ مُقدَّمه ومؤخَّره، وَقِيلَ: قُصاص الشَّعْرِ نهايةُ مَنْبَتِهِ مِنْ مُقدَّم الرأْس.
وَيُقَالُ: هُوَ مَا اسْتَدَارَ بِهِ كُلِّهُ مِنْ خَلْفٍ وأَمام وَمَا حَوَالَيْهِ، وَيُقَالُ: قُصاصَة الشَّعْرِ.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ ضربَه عَلَى قُصاصِ شَعْرِهِ ومقَصّ وَمَقَاصِ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرٍ: «أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْجُدُ عَلَى قِصاص الشَّعْرِ»وَهُوَ، بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ، مُنْتَهَى شَعْرِ الرأْس حَيْثُ يُؤْخَذُ بالمِقَصّ، وَقَدِ اقْتَصَّ وتَقَصّصَ وتقَصّى، وَالِاسْمُ القُصّةُ.
والقُصّة مِنَ الْفَرَسِ: شَعْرُ النَّاصِيَةِ، وَقِيلَ: مَا أَقْبَلَ مِنَ النَّاصِيَةِ عَلَى الْوَجْهِ.
والقُصّةُ، بِالضَّمِّ: شعرُ النَّاصِيَةِ؛ قَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ يَصِفُ فَرَسًا:
لَهُ قصّةٌ فَشَغَتْ حاجِبَيه، ***والعيْنُ تُبْصِرُ مَا فِي الظُّلَمْ
وَفِي حَدِيثِ سَلْمان: «ورأَيته مُقَصَّصًا»؛ هُوَ الَّذِي لَهُ جُمّة.
وَكُلُّ خُصْلة مِنَ الشَّعْرِ قُصّة.
وَفِي حَدِيثِ أَنس: «وأَنتَ يَوْمَئِذٍ غُلامٌ وَلَكَ قَرْنانِ أَو قُصّتانِ»؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" مُعَاوِيَةَ: تنَاوَلَ قُصّةً مِنْ شَعَرٍ كَانَتْ فِي يَدِ حَرَسِيّ.
والقُصّة: تَتَّخِذُهَا المرأَة فِي مقدمِ رأْسها تقصُّ ناحيتَيْها عدا جَبِينها.
والقَصُّ: أَخذ الشَّعْرِ بالمِقَصّ، وأَصل القَصِّ القَطْعُ.
يُقَالُ: قصَصْت مَا بَيْنَهُمَا أَي قَطَعْتُ.
والمِقَصُّ: مَا قصَصْت بِهِ أَي قَطَعْتُ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: القِصاص فِي الجِراح مأْخوذ مِنْ هَذَا إِذا اقْتُصَّ لَهُ مِنْهُ بِجرحِه مثلَ جَرْحِه إِيّاه أَو قتْله بِهِ.
اللَّيْثُ: القَصُّ فِعْلُ الْقَاصِّ إِذا قَصَّ القِصَصَ، وَالْقِصَّةٌ مَعْرُوفَةٌ.
وَيُقَالُ: فِي رأْسه قِصّةٌ يَعْنِي الْجُمْلَةَ مِنَ الْكَلَامِ، ونحوُه قَوْلُهُ تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ}؛ أَي نُبَيّن لَكَ أَحسن الْبَيَانِ.
وَالْقَاصُّ: الَّذِي يأْتي بالقِصّة مِنْ فَصِّها.
وَيُقَالُ: قَصَصْت الشَّيْءَ إِذا تتبّعْت أَثره شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {وَقالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ}؛ أَي اتّبِعي أَثَرَه، وَيَجُوزُ بِالسِّينِ: قسَسْت قَسًّا.
والقُصّةُ: الخُصْلة مِنَ الشَّعْرِ.
وقُصَّة المرأَة: نَاصِيَتُهَا، وَالْجَمْعُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ قُصَصٌ وقِصاصٌ.
وقَصُّ الشَّاةِ وقَصَصُها: مَا قُصَّ مِنْ صُوفِهَا.
وشعرٌ قَصِيصٌ: مقصوصٌ.
وقَصَّ النسّاجُ الثوبَ: قطَع هُدْبَه، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
والقُصاصَة: مَا قُصَّ مِنَ الهُدْب وَالشَّعْرِ.
والمِقَصُّ: المِقْراض، وَهُمَا مِقَصَّانِ.
والمِقَصَّان: مَا يَقُصّ بِهِ الشَّعْرُ وَلَا يُفْرَدُ؛ هَذَا قَوْلُ أَهل اللُّغَةِ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مُفْرَدًا فِي بَابِ مَا يُعْتَمل بِهِ.
وقصَّه يقُصُّه: قطَعَ أَطراف أُذُنيه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
قَالَ: وُلدَ لِمَرْأَةٍ مِقْلاتٍ فَقِيلَ لَهَا: قُصِّيه فَهُوَ أَحْرى أَن يَعِيشَ لكِ أَي خُذي مِنْ أَطراف أُذنيه، ففعلَتْ فَعَاشَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «قَصَّ اللهُ بِهَا خَطَايَاهُ»أَي نقَصَ وأَخَذ.
والقَصُّ والقَصَصُ والقَصْقَصُ: الصَّدْرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقِيلَ: هُوَ وَسَطُهُ، وَقِيلَ: هُوَ عَظْمُه.
وَفِي الْمَثَلِ: هُوَ أَلْزَقُ بِكَ مِنْ شَعَرَاتِ قَصِّك وقَصَصِك.
والقَصُّ: رأْسُ الصَّدْرِ، يُقَالُ لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ سَرِ سينه، يُقَالُ لِلشَّاةِ وَغَيْرِهَا.
اللَّيْثُ: الْقَصُّ هُوَ المُشاشُ المغروزُ فِيهِ أَطرافُ شراسِيف الأَضلاع فِي وَسَطِ الصَّدْرِ؛ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي مَثَلٍ: هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ شُعَيْراتِ قَصِّك، وَذَلِكَ أَنها كُلَّمَا جُزَّتْ نَبَتَتْ؛ وأَنشد هُوَ وَغَيْرُهُ:
كَمْ تمَشَّشْتَ مِنْ قَصٍّ وانْفَحَةٍ، ***جَاءَتْ إِليك بِذَاكَ الأَضْؤُنُ السُّودُ
وَفِي حَدِيثِ صَفْوانَ بْنِ مُحْرز: «أَنه كَانَ إِذا قرأَ: وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ»، بَكى حَتَّى نَقُولَ: قَدِ انْدَقَّ قَصَصُ زَوْرِه، وَهُوَ مَنْبَتُ شَعْرِهِ عَلَى صَدْرِهِ، وَيُقَالُ لَهُ القصَصُ والقَصُّ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَتاني آتٍ فقدَّ مِنْ قَصِّي إِلى شِعْرتي»؛ القصُّ والقَصَصُ: عظْمُ الصَّدْرِ المغروزُ فِيهِ شَراسِيفُ الأَضلاع فِي وَسَطِهِ.
وَفِي حَدِيثِ عَطَاءٍ: «كَرِه أَن تُذْبَحَ الشاةُ مِنْ قَصِّها»، وَاللَّهُ أَعلم.
والقِصّة: الْخَبَرُ وَهُوَ القَصَصُ.
وَقَصَّ عَلَيَّ خبَره يقُصُّه قَصًّا وقَصَصًا: أَوْرَدَه.
والقَصَصُ: الخبرُ المَقْصوص، بِالْفَتْحِ، وُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ حَتَّى صَارَ أَغْلَبَ عَلَيْهِ.
والقِصَص، بِكَسْرِ الْقَافِ: جَمْعُ القِصّة الَّتِي تُكْتَبُ.
وَفِي حَدِيثِ غَسْل دَمِ الْحَيْضِ: «فتقُصُّه بَرِيقِهَا»أَي تعَضُّ مَوْضِعَهُ مِنَ الثَّوْبِ بأَسْنانها وَرِيقِهَا لِيَذْهَبَ أَثره كأَنه مِنَ القَصّ الْقَطْعُ أَو تتبُّع الأَثر؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «فَجَاءَ واقْتصّ أَثَرَ الدَّمِ».
وتقَصّصَ كلامَه: حَفِظَه.
وتقَصّصَ الْخَبَرَ: تَتَبَّعَهُ.
والقِصّة: الأَمرُ والحديثُ.
واقْتَصَصْت الْحَدِيثَ: رَوَيْته عَلَى وَجْهِهِ، وقَصَّ عَلَيْهِ الخبَرَ قَصَصًا.
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيَا: «لَا تقُصَّها إِلا عَلَى وادٍّ».
يُقَالُ: قَصَصْت الرُّؤْيَا عَلَى فُلَانٍ إِذا أَخبرته بِهَا، أَقُصُّها قَصًّا.
والقَصُّ: الْبَيَانُ، والقَصَصُ، بِالْفَتْحِ: الِاسْمُ.
والقاصُّ: الَّذِي يأْتي بالقِصّة عَلَى وَجْهِهَا كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال» أَي لَا يَنْبَغِي ذَلِكَ إِلا لأَمير يَعظُ النَّاسَ وَيُخْبِرُهُمْ بِمَا مَضَى لِيَعْتَبِرُوا، وأَما مأْمورٌ بِذَلِكَ فَيَكُونُ حكمُه حكمَ الأَمير وَلَا يَقُصّ مُكْتَسِبًا، أَو يَكُونُ الْقَاصُّ مُخْتَالًا يَفْعَلُ ذَلِكَ تَكَبُّرًا عَلَى النَّاسِ أَو مُرائيًا يُرائي النَّاسَ بِقَوْلِهِ وعملِه لَا يَكُونُ وعظُه وَكَلَامُهُ حَقِيقَةً، وَقِيلَ: أَراد الْخُطْبَةَ لأَن الأُمَراء كَانُوا يَلونها فِي الأَول ويَعظون النَّاسَ فِيهَا ويَقُصّون عَلَيْهِمْ أَخبار الأُمم السَّالِفَةِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «القاصُّ يَنْتظر المَقْتَ لِمَا يَعْرِضُ فِي قِصَصِه مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ»؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَنّ بَني إِسرائيل لَمَّا قَصُّوا هَلَكوا، وَفِي رِوَايَةٍ: لَمَّا هَلَكُوا قَصُّوا أَي اتكَلوا عَلَى الْقَوْلِ وَتَرَكُوا الْعَمَلَ فَكَانَ ذَلِكَ سببَ هَلَاكِهِمْ، أَو الْعَكْسُ لَمَّا هَلَكُوا بِتَرْكِ الْعَمَلِ أَخْلَدُوا إِلى القَصَص».
وقَصَّ آثارَهم يَقُصُّها قَصًّا وقَصَصًا وتَقَصّصَها: تَتَبَّعَهَا بِاللَّيْلِ، وَقِيلَ: هُوَ تَتَبُّعُ الأَثر أَيَّ وَقْتَ كَانَ.
قَالَ تعالى: {فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا}.
وَكَذَلِكَ اقْتَصَّ أَثره وتَقَصّصَ، وَمَعْنَى فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصًا "أَي رَجَعا مِنَ الطَّرِيقِ الَّذِي سَلَكَاهُ يَقُصّان الأَثر أَي يَتَّبِعَانِهِ؛ وَقَالَ أُمية بْنُ أَبي الصَّلْتِ:
قَالَتْ لأُخْتٍ لَهُ: قُصِّيهِ عَنْ جُنُبٍ، ***وَكَيْفَ يَقْفُو بِلَا سَهْلٍ وَلَا جَدَدِ؟
قَالَ الأَزهري: القصُّ اتِّباع الأَثر.
وَيُقَالُ: خَرَجَ فُلَانٌ قَصَصًا فِي أَثر فُلَانٍ وقَصًّا، وَذَلِكَ إِذا اقْتَصَّ أَثره.
وَقِيلَ: القاصُّ يَقُصُّ القَصَصَ لإِتْباعه خَبَرًا بَعْدَ خَبَرٍ وسَوْقِه الكلامَ سَوْقًا.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: تقَصّصْت الكلامَ حَفِظته.
والقَصِيصَةُ: البعيرُ أَو الدابةُ يُتَّبع بِهَا الأَثرُ.
والقَصيصة: الزامِلةُ الضَّعِيفَةُ يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْمَتَاعُ وَالطَّعَامُ لِضَعْفِهَا.
والقَصيصةُ: شَجَرَةٌ تَنْبُتُ فِي أَصلها الكَمأَةُ وَيُتَّخَذُ مِنْهَا الغِسْل، وَالْجَمْعُ قَصائِصُ وقَصِيصٌ؛ قَالَ الأَعشى:
فَقُلْتُ، وَلَمْ أَمْلِكْ: أَبَكْرُ بْنُ وائلٍ ***مَتَى كُنْتَ فَقْعًا نَابِتًا بقَصائِصا؟
وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِامْرِئِ الْقَيْسِ:
تَصَيَّفَها، حَتَّى إِذا لَمْ يَسُغ لَهَا ***حَلِيّ بأَعْلى حائلٍ وقَصِيص
وأَنشد لِعَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:
يَجْنِي لَهُ الكَمْأَةَ رِبْعِيّة، ***بالخَبْءِ، تَنْدَى فِي أُصُولِ القَصِيص
وَقَالَ مُهاصِر النَّهْشَلِيُّ:
جَنَيْتُها مِنْ مُجْتَنًى عَوِيصِ، ***مِنْ مُجْتَنى الإِجْرِدِ والقَصِيصِ
وَيُرْوَى:
جَنَيْتُهَا مِنْ منبِتٍ عَوِيصِ، ***مِنْ مَنبت الإِجرد وَالْقَصِيصِ
وَقَدْ أَقَصَّت الأَرضُ أَي أَنْبَتَتْه.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ أَنه إِنما سُمِّيَ قَصيصًا لِدَلَالَتِهِ عَلَى الكمأَة كَمَا يُقْتَصّ الأَثر، قَالَ: وَلَمْ أَسمعه، يُرِيدُ أَنه لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ ثِقَةٍ.
اللَّيْثُ: القَصِيص نَبْتٌ يَنْبُتُ فِي أُصول الكمأَة وَقَدْ يُجْعَلُ غِسْلًا للرأْس كالخِطْمِيّ، وَقَالَ: القَصِيصة نَبْتٌ يَخْرُجُ إِلى جَانِبِ الكمأَة.
وأَقَصّت الفرسُ، وَهِيَ مُقِصّ مِنْ خَيْلٍ مَقاصَّ: عظُم وَلَدُهَا فِي بَطْنِهَا، وَقِيلَ: هِيَ مُقِصّ حَتَّى تَلْقَح، ثُمَّ مُعِقٌّ حَتَّى يَبْدو حَمْلُهَا، ثُمَّ نَتُوج، وَقِيلَ: هِيَ الَّتِي امْتَنَعَتْ ثُمَّ لَقِحت، وَقِيلَ: أَقَصّت الْفَرَسُ، فَهِيَ مُقِصٌّ إِذا حَمَلَتْ.
والإِقْصاصُ مِنَ الحُمُر: فِي أَول حَمْلِهَا، والإِعْقاق آخِرُهُ.
وأَقَصّت الْفَرَسُ وَالشَّاةُ، وَهِيَ مُقِصٌّ: اسْتَبَانَ ولدُها أَو حملُها، قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه فِي الشَّاءِ لِغَيْرِ اللَّيْثِ.
ابْنُ الأَعرابي: لَقِحت النَّاقَةُ وَحَمَلَتِ الشَّاةُ وأَقَصّت "الْفَرَسُ والأَتان فِي أَول حَمْلِهَا، وأَعَقَّت فِي آخِرِهِ إِذا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا.
وضرَبه حَتَّى أَقَصَّ عَلَى الْمَوْتِ أَي أَشْرف.
وأَقْصَصْته عَلَى الْمَوْتِ أَي أَدْنَيْته.
قَالَ الْفَرَّاءُ: قَصَّه مِنَ الْمَوْتِ وأَقَصَّه بِمَعْنًى أَي دَنَا مِنْهُ، وَكَانَ يَقُولُ: ضَرَبَهُ حَتَّى أَقَصَّه الْمَوْتَ.
الأَصمعي: ضَرَبَهُ ضَرْبًا أَقصَّه مِنَ الْمَوْتِ أَي أَدناه مِنَ الْمَوْتِ حَتَّى أَشرف عَلَيْهِ؛ وَقَالَ:
فإِن يَفْخَرْ عَلَيْكَ بِهَا أَميرٌ، ***فَقَدَ أَقْصَصْت أُمَّك بالهُزال
أَي أَدنيتها مِنَ الْمَوْتِ.
وأَقَصَّته شَعُوبٌ إِقْصاصًا: أَشرف عَلَيْهَا ثُمَّ نَجَا.
والقِصاصُ والقِصاصاءُ والقُصاصاءُ: القَوَدُ وَهُوَ الْقَتْلُ بِالْقَتْلِ أَو الْجَرْحِ بِالْجُرْحِ.
والتَّقاصُّ: التناصفُ فِي القِصَاص؛ قَالَ:
فَرُمْنا القِصَاصَ، وكان التقاصُّ ***حُكمًا وعَدْلًا عَلَى المُسْلِمينا
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَوْلُهُ التَّقَاصُّ شَاذٌّ لأَنه جَمَعَ بَيْنَ السَّاكِنِينَ فِي الشِّعْرِ وَلِذَلِكَ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ: وَكَانَ القِصاصُ؛ وَلَا نَظِيرَ لَهُ إِلَّا بَيْتٌ وَاحِدٌ أَنشده الأَخفش:
وَلَوْلَا خِداشٌ أَخَذْتُ دوابَّ ***سَعْدٍ، وَلَمْ أُعْطِه مَا عليها
قال أَبو إِسحاق: أَحسَب هَذَا الْبَيْتَ إِن كَانَ صَحِيحًا فَهُوَ:
وَلَوْلَا خِدَاشٌ أَخذت دوابِب ***سعدٍ، وَلَمْ أُعْطِه مَا عَلَيْهَا
لأَن إِظهار التَّضْعِيفِ جَائِزٌ فِي الشِّعْرِ، أَو: أَخذت رَوَاحِلَ سَعْدٍ.
وتقاصَّ القومُ إِذا قاصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ صاحبَه فِي حِسَابٍ أَو غَيْرِهِ.
والاقْتِصاصُ: أَخْذُ القِصاصِ.
والإِقْصاصُ: أَن يُؤْخَذ لَكَ القِصاصُ، وَقَدْ أَقَصَّه.
وأَقَصَّ الأَمير فُلانًا مِنْ فُلَانٍ إِذا اقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَجَرَحَهُ مِثْلَ جُرْحِهِ أَو قتَلَه قوَدًا.
واسْتَقَصَّه: سأَله أَن يُقِصَّه مِنْهُ.
اللَّيْثُ: القِصاصُ والتَّقاصُّ فِي الْجِرَاحَاتِ شيءٌ بِشَيْءٍ، وَقَدِ اقْتَصَّ مِنْ فُلَانٍ، وَقَدْ أَقْصَصْت فُلَانًا مِنْ فُلَانٍ أَقِصّه إِقْصاصًا، وأَمْثَلْت مِنْهُ إِمْثالًا فاقتَصَّ مِنْهُ وامْتَثَل.
والاسْتِقْصاص: أَن يَطْلُب أَن يُقَصَّ مِمَّنْ جَرَحَهُ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «رأَيت رَسُولَ اللَّهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِصّ مِنْ نَفْسِهِ.
يُقَالُ: أَقَصَّه الْحَاكِمُ يُقِصّه إِذا مكَّنَه مِنْ أَخذ القِصاص، وَهُوَ أَن يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ فِعْلِهِ مِنْ قَتْلٍ أَو قَطْعٍ أَو ضَرْبٍ أَو جَرْحٍ، والقِصَاصُ الِاسْمُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" عُمَرَ: رأَيت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بشَارِبٍ فَقَالَ لمُطيع بْنِ الأَسود: اضرِبْه الحَدَّ، فَرَآهُ عمرُ وَهُوَ يَضْرِبُه ضَرْبًا شَدِيدًا فَقَالَ: قَتَلْتَ الرَّجُلَ، كَمْ ضَرَبْتَه؟ قَالَ سِتِّينَ فَقَالَ عُمر: أَقِصّ مِنْهُ بِعِشْرِين "أَي اجْعَلْ شِدَّةَ الضَّرْبِ الَّذِي ضرَبْتَه قِصاصًا بِالْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةِ وَعِوَضًا عَنْهَا.
وَحَكَى بَعْضُهُمْ: قُوصَّ زَيْدٌ مَا عَلَيْهِ، وَلَمْ يُفَسِّرْهُ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَعِنْدِي أَنه فِي مَعْنَى حوسِبَ بِمَا عَلَيْهِ إِلا أَنه عُدِّيَ بِغَيْرِ حَرْفٍ لأَن فِيهِ مَعْنَى أُغْرِمَ وَنَحْوَهُ.
والقَصّةُ والقِصّة والقَصُّ: الجَصُّ، لُغَةٌ حِجَازِيَّةٌ، وَقِيلَ: الْحِجَارَةُ مِنَ الجَصِّ، وَقَدْ قَصّصَ دارَه أَي جَصّصَها.
وَمَدِينَةٌ مُقَصَّصة: مَطْليّة بالقَصّ، وَكَذَلِكَ قَبْرٌ مُقَصَّصٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ تَقْصِيص القُبور، وَهُوَ بِنَاؤُهَا بالقَصّة».
والتَّقْصِيصُ: هُوَ التجْصِيص، وَذَلِكَ أَن الجَصّ يُقَالُ لَهُ القَصّة.
يُقَالُ: قصّصْت البيتَ وَغَيْرَهُ أَي جَصّصْته.
وَفِي حَدِيثِ زَيْنَبَ: «يَا قَصّةً عَلَى مَلْحودَةٍ»؛ شَبَّهت أَجسامَهم بِالْقُبُورِ الْمُتَّخَذَةِ مِنَ الجَصّ، وأَنفُسَهم بجِيَف الْمَوْتَى الَّتِي تَشْتَمِلُ عَلَيْهَا القبورُ.
والقَصّة: الْقُطْنَةُ أَو الخرقةُ الْبَيْضَاءُ الَّتِي تحْتَشي بِهَا المرأَة عِنْدَ الْحَيْضِ.
وَفِي حَدِيثِ الْحَائِضِ: «لَا تَغْتَسِلِنَّ حَتَّى تَرَيْنَ القَصّة البَيْضاءَ»، يَعْنِي بِهَا مَا تَقَدَّمَ أَو حَتَّى تَخْرُجَ الْقُطْنَةُ أَو الْخِرْقَةُ الَّتِي تَحْتَشِي بِهَا المرأَة الْحَائِضُ، كأَنها قَصّة بَيْضَاءُ لَا يُخالِطُها صُفْرة وَلَا تَرِيّةٌ، وَقِيلَ: إِن القَصّة كَالْخَيْطِ الأَبيض تَخْرُجُ بَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ كُلِّهِ، وأَما التَّريّة فَهُوَ الخَفِيّ، وَهُوَ أَقل مِنَ الصُّفْرَةِ، وَقِيلَ: هُوَ الشَّيْءُ الْخَفِيُّ الْيَسِيرُ مِنَ الصُّفْرَةِ والكُدْرة تَرَاهَا المرأَة بَعْدَ الِاغْتِسَالِ مِنَ الْحَيْضِ، فأَما مَا كَانَ مِنْ أَيام الْحَيْضِ فَهُوَ حَيض وَلَيْسَ بِتَرِيّة، وَوَزْنِهَا تَفْعِلة، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَالَّذِي عِنْدِي أَنه إِنما أَراد مَاءً أَبيض مِنْ مَصَالة الْحَيْضِ فِي آخِرِهِ، شبّهَه بالجَصّ وأَنّثَ لأَنه ذَهَبَ إِلى الطَّائِفَةِ كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِهِمْ لبَنة وعَسَلة.
والقَصّاص: لُغَةٌ فِي القَصّ اسْمٌ كالجيَّار.
وَمَا يَقِصُّ فِي يَدِهِ شَيْءٌ أَي مَا يَبْرُدُ وَلَا يَثْبُتُ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
لأُمِّكَ وَيْلةٌ وَعَلَيْكَ أُخْرى، ***فَلَا شاةٌ تَقِصّ وَلَا بَعِيرُ
والقَصَاصُ: ضَرْبٌ مِنَ الْحَمْضِ.
قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: القَصاصُ شَجَرٌ بِالْيَمَنِ تَجْرُسُه النَّحْلُ فَيُقَالُ لِعَسَلِهَا عَسَلُ قَصَاصٍ، وَاحِدَتُهُ قَصَاصةٌ.
وقَصْقَصَ الشَّيْءَ: كَسَره.
والقُصْقُصُ والقُصْقُصة، بِالضَّمِّ، والقُصَاقِصُ مِنَ الرِّجَالِ: الغليظُ الشَّدِيدُ مَعَ قِصَر.
وأَسد قُصْقُصٌ وقُصْقُصةٌ وقُصاقِصٌ: عَظِيمُ الْخَلْقِ شَدِيدٌ؛ قَالَ:
قُصْقُصة قُصاقِص مُصَدَّرُ، ***لَهُ صَلًا وعَضَلٌ مُنَقَّرُ
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: هُوَ مِنْ أَسمائه.
الْجَوْهَرِيُّ: وأَسد قَصْقاصٌ، بِالْفَتْحِ، وَهُوَ نَعْتٌ لَهُ فِي صَوْتِهِ.
والقَصْقاصُ: مِنْ أَسْمَاءِ الأَسد، وَقِيلَ: هُوَ نَعْتٌ لَهُ فِي صَوْتِهِ.
اللَّيْثُ: القَصْقاصُ نَعْتٌ مِنْ صَوْتِ الأَسد فِي لُغَةٍ، والقَصْقاصُ أَيضًا: نَعْتُ الْحَيَّةِ الْخَبِيثَةِ؛ قَالَ: وَلَمْ يَجِئْ بِنَاءٌ عَلَى وَزْنِ فَعْلال غَيْرُهُ إِنما حَدُّ أَبْنِيةِ المُضاعَفِ عَلَى وَزْنِ فُعْلُل أَو فُعْلول أَو فِعْلِل أَو فِعْلِيل مَعَ كُلِّ مَقْصُورٍ مَمْدُودٍ مِنْهُ، قَالَ: وَجَاءَتْ خَمْسُ كَلِمَاتٍ شَوَاذٍّ وَهِيَ: ضُلَضِلة وزُلزِل وقَصْقاص وَالْقَلَنْقَلُ والزِّلزال، وَهُوَ أَعمّها لأَن مَصْدَرَ الرُّبَاعِيِّ يَحْتَمِلُ أَن يُبْنَى كُلُّهُ عَلَى فِعْلال، وَلَيْسَ بِمُطَّرِدٍ؛ وَكُلُّ نَعْتٍ رُباعِيٍّ فإِن الشُّعَراء يَبْنُونه عَلَى فُعالِل مِثْلَ قُصَاقِص كَقَوْلِ الْقَائِلِ فِي وَصْفِ بَيْتٍ مُصَوَّرٍ بأَنواع التَّصاوير:
فيه الغُواةُ مُصَوَّرون، ***فحاجِلٌ مِنْهُمْ وراقِصْ
والفِيلُ يرْتكبُ الرِّدَاف ***عَلَيْهِ، والأَسد القُصاقِصْ
التَّهْذِيبُ: أَما مَا قَالَهُ اللَّيْثُ فِي القُصَاقِص بِمَعْنَى صَوْتِ الأَسد وَنَعْتِ الْحَيَّةِ الْخَبِيثَةِ فإِني لَمْ أَجِدْه لِغَيْرِ اللَّيْثِ، قَالَ: وَهُوَ شاذٌ إِن صَحَّ.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي مَالِكٍ: أَسد قُصاقِصٌ ومُصَامِصٌ وفُرافِصٌ شديد.
ورجل قُصَاقِصٌ فُرافِصٌ: يُشَبَّه بالأَسد.
وَجَمَلٌ قُصاقِصٌ أَي عظيمٌ.
وحيَّة قَصْقاصٌ: خَبِيثٌ.
والقَصْقاصُ: ضرْبٌ مِنَ الْحَمْضِ؛ قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ ضَعِيفٌ دَقِيق" أَصفر اللَّوْنِ.
وقُصاقِصا الوَرِكَين: أَعلاهما.
وقُصاقِصَةُ: مَوْضِعٌ.
قَالَ: وَقَالَ أَبو عَمْرٍو القَصقاص أُشْنان الشَّأْم.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ: «خَرَجَ زمَنَ الرِّدّة إِلى ذِي القَصّةِ»؛ هِيَ، بِالْفَتْحِ، مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ بِهِ حَصًى بَعَثَ إِليه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ محمدَ بْنَ مَسْلمة وَلَهُ ذِكْرٌ فِي حَدِيثِ الردة.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
62-لسان العرب (جذع)
جذع: الجَذَعُ: الصَّغِيرُ السِّنِّ.والجَذَعُ: اسْمٌ لَهُ فِي زَمَنٍ لَيْسَ بسِنٍّ تنبُت وَلَا تَسْقُط وتُعاقِبُها أُخرى.
قَالَ الأَزهري: أَما الجَذَع فإِنه يَختلف فِي أَسنان الإِبل وَالْخَيْلِ وَالْبَقَرِ وَالشَّاءِ، وَيَنْبَغِي أَن يُفَسَّرَ قَوْلُ الْعَرَبِ فِيهِ تَفْسِيرًا مُشْبعًا لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلى مَعرِفته في أَضاحِيهم وصَداقاتهم وَغَيْرِهَا، فأَما الْبَعِيرُ فإِنه يُجْذِعُ لاسْتِكماله أَربعةَ أَعوام وَدُخُولِهِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ، وَهُوَ قبْلَ ذَلِكَ حِقٌّ؛ وَالذَّكَرُ جَذَعٌ والأُنثى جَذَعةٌ وَهِيَ الَّتِي أَوجبها النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صدَقة الإِبل إِذا جاوزَتْ ستِّين، وَلَيْسَ فِي صدَقات الإِبل سنٌّ فَوْقَ الجَذَعة، وَلَا يُجزئ الجَذَعُ مِنَ الإِبلِ فِي الأَضاحِي.
وأَما الجَذَع فِي الْخَيْلِ فَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا استَتمَّ الْفَرَسُ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ فَهُوَ جَذَعٌ، وإِذا استتم الثالثة" وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ فَهُوَ ثَنِيٌّ، وأَما الجَذَعُ مِنَ الْبَقَرِ فَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: إِذا طلَع قَرْنُ العِجْل وقُبِض عَلَيْهِ فَهُوَ عَضْبٌ، ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ جذَع، وَبَعْدَهُ ثَنِيٌّ، وَبَعْدَهُ رَباعٌ، وَقِيلَ: لَا يَكُونُ الْجَذَعُ مِنَ الْبَقَرِ حَتَّى يَكُونَ لَهُ سنتانِ وأَوّل يَوْمٍ مِنَ الثَّالِثَةِ، وَلَا يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الْبَقَرِ فِي الأَضاحي.
وأَما الجَذَعُ مِنَ الضأْن فإِنه يُجَزِّئُ فِي الضَّحِيَّةِ، وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي وَقْتِ إِجذاعه، فَقَالَ أَبو زَيْدٍ: فِي أَسنان الْغَنَمِ المِعْزى خَاصَّةً إِذا أَتى عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَالذَّكَرُ تَيْسٌ والأُنثى عَنْز، ثُمَّ يَكُونُ جذَعًا فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ، والأُنثى جَذَعَةٌ، ثُمَّ ثَنِيًّا فِي الثَّالِثَةِ ثُمَّ رَباعيًّا فِي الرَّابِعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الضأْن.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: الْجَذَعُ مِنَ الْغَنَمِ لِسَنَةٍ، وَمِنَ الْخَيْلِ لِسَنَتَيْنِ، قال: والعَناقُ تُجْذِعُ لِسَنَةٍ وَرُبَّمَا أَجذعت العَناق قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ للخِصْب فتَسْمَن فيُسْرِع إِجذاعها، فَهِيَ جَذَعة لِسَنَةٍ، وثَنِيَّة لِتَمَامِ سَنَتَيْنِ: وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي فِي الْجِذَعِ مِنَ الضأْن: إِن كَانَ ابْنَ شابَّيْن أَجْذَعَ لِسِتَّةِ أَشهر إِلى سَبْعَةِ أَشهر، وإِن كَانَ ابْنَ هَرِمَيْن أَجْذَعَ لِثَمَانِيَةِ أَشهر إِلى عَشَرَةِ أَشهر، وَقَدْ فَرَق ابْنُ الأَعرابيّ بَيْنَ الْمَعْزَى والضأْن فِي الإِجْذاع، فَجَعَلَ الضأْن أَسْرعَ إِجذاعًا.
قَالَ الأَزهري: وَهَذَا إِنما يَكُونُ مَعَ خِصب السَّنَةِ وَكَثْرَةِ اللَّبَنِ والعُشْب، قَالَ: وإِنما يُجْزِئُ الْجَذَعُ مِنَ الضأْن فِي الأَضاحي لأَنه يَنْزُو فيُلْقِحُ، قَالَ: وَهُوَ أَوّل مَا يُسْتَطَاعُ رُكُوبُهُ، وإِذا كَانَ مِنَ الْمَعْزَى لَمْ يُلقح حَتَّى يُثْني، وَقِيلَ: الْجَذَعُ مِنَ الْمَعِزِ لِسَنَةٍ، وَمِنَ الضأْن لِثَمَانِيَةِ أَشهر أَو تِسْعَةٍ.
قَالَ اللَّيْثُ: الْجَذَعُ مِنَ الدوابِّ والأَنعام قَبْلَ أَن يُثْني بِسَنَةٍ، وَهُوَ أَول مَا يُسْتَطَاعُ رُكُوبُهُ والانتفاعُ بِهِ.
وَفِي حَدِيثِ الضَّحِيَّةِ: «ضَحَّيْنا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالجَذَع مِنَ الضأْن وَالثَّنِيِّ مِنَ الْمَعْزِ.
وَقِيلَ لِابْنَةِ الخُسِّ: هَلْ يُلْقِحُ الجَذَع؟ قَالَتْ: لَا وَلَا يَدَعْ، وَالْجَمْعُ جُذعٌ وجُذْعانٌ وجِذْعانٌ والأُنثى جَذَعة وجَذعات، وَقَدْ أَجْذَعَ، وَالِاسْمُ الجُذُوعةُ، وَقِيلَ: الْجَذُوعَةُ فِي الدَّوَابِّ والأَنعام قَبْلَ أَن يُثْني بِسَنَةٍ؛ وَقَوْلُهُ أَنشده ابْنُ الأَعرابي:
إِذا رأَيت بازِلًا صارَ جَذَعْ ***فاحْذر، وإِن لَمْ تَلْقَ حَتْفًا، أَن تَقَعْ
فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ إِذا رأَيت الْكَبِيرَ يَسْفَه سَفَه الصَّغِيرِ فاحْذَرْ أَن يقَعَ البلاءَ ويَنزل الحَتْفُ؛ وَقَالَ غَيْرُ ابْنِ الأَعرابي: مَعْنَاهُ إِذا رأَيت الْكَبِيرَ قَدْ تحاتَّتْ أَسنانه فَذَهَبَتْ فإِنه قَدْ فَنِيَ وقَرُب أَجَلُه فَاحْذَرْ، وإِن لَمْ تَلْق حَتْفًا، أَن تَصير مثلَه، واعْمَلْ لِنَفْسِكَ قَبْلَ الْمَوْتِ مَا دُمْت شَابًّا.
وَقَوْلُهُمْ: فُلَانٌ فِي هَذَا الأَمر جَذَعٌ إِذا كَانَ أَخذ فِيهِ حَدِيثًا.
وأَعَدْتُ الأَمْرَ جَذعًا أَي جَدِيدًا كَمَا بَدَأَ.
وفُرَّ الأَمرُ جَذَعًا أَي بُدئ.
وفَرَّ الأَمرَ جذَعًا أَي أَبْدَأَه.
وإِذا طُفِئتْ حَرْبٌ بَيْنَ قَوْمٍ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِن شِئْتُمْ أَعَدْناها جَذَعةً أَي أَوّلَ مَا يُبتَدَأُ فِيهَا.
وَتَجَاذَعَ الرجلُ: أَرى أَنه جَذَعٌ عَلَى المَثَل؛ قَالَ الأَسود:
فإِن أَكُ مَدْلولًا عَلَيَّ، فإِنني ***أَخُو الحَرْبِ، لَا قَحْمٌ وَلَا مُتَجاذِعُ
وَالدَّهْرُ يُسَمَّى جَذَعًا لأَنه جَدِيد.
والأَزْلَمُ الجَذَعُ: الدَّهْرُ لجِدَّته؛ قال الأَخطل:
يَا بِشْر، لَوْ لَمْ أَكُنْ مِنْكُمْ بِمَنْزِلةٍ، ***أَلقى علَيّ يدَيْه الأَزْلَمُ الجَذَعُ
أَي لولاكُمْ لأَهْلكني الدهْر.
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الجَذَعُ مِنْ قَوْلِهِمُ الأَزْلم الجذَعُ كلُّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ؛ هَكَذَا حَكَاهُ، قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَلَا أَدري وجْهَه، وَقِيلَ: هُوَ الأَسد، وَهَذَا الْقَوْلُ خطأٌ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قولُ مَن قَالَ إِن الأَزلَم الجذَعَ الأَسَدُ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَيُقَالُ: لَا آتِيكَ الأَزلمَ الجَذَعَ أَي لَا آتِيكَ أَبدًا لأَنَّ الدَّهْرَ أَبدًا جَدِيدٌ كأَنه فَتِيٌّ لَمْ يُسِنَّ.
وَقَوْلُ" ورقَةَ بْنِ نَوْفل فِي حَدِيثِ المَبْعَث: «يَا لَيْتني فِيهَا جَذَعْ»يَعْنِي فِي نبوَّة سَيِّدِنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أي لَيْتَنِي أَكون شابَّا حِينَ تَظْهَرُ نبوَّته حَتَّى أُبالِغَ فِي نُصْرته.
والجِذْعُ: وَاحِدُ جُذوع النَّخْلَةِ، وَقِيلَ: هُوَ سَاقُ النَّخْلَةِ، وَالْجَمْعُ أَجذاع وجُذوع، وَقِيلَ: لَا يَبين لَهَا جِذْع حَتَّى يَبِينَ ساقُها.
وجَذَع الشيءَ يَجْذَعُه جَذْعًا: عفَسَه ودَلَكه.
وجَذَع الرجلَ يَجْذَعُه جَذْعًا: حبَسَه، وَقَدْ وَرَدَ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَقَدْ تقدَّم.
المَجْذُوعُ: الَّذِي يُحْبَسُ عَلَى غَيْرِ مَرْعىً.
وجَذَعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حبَس عَنْهُمْ خَيْرًا.
والجَذْعُ: حَبْسُ الدابَّة عَلَى غَيْرِ عَلَف؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
كأَنه مِنْ طُولِ جَذْعِ العَفْسِ، ***ورَملانِ الخِمْسِ بَعْدَ الخِمْسِ،
يُنْحَتُ مِنْ أَقْطارِه بفَأْسِ "وَفِي النَّوَادِرِ: جَذَعْت بَيْنَ البَعِيرين إِذا قَرَنْتَهَما فِي قَرَنٍ أَي فِي حَبْل.
وجِذاعُ الرجُل: قوْمُه لَا وَاحِدَ لَهُ؛ قَالَ المُخَبَّل يَهْجُو الزِّبْرقان:
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَن يَسُودَ جِذاعُه، ***فأَمسَى حُصينٌ قَدْ أَذَلَّ وأَقْهَرا
أَي قَدْ صَارَ أَصحابه أَذِلاء مَقْهُورِين، وَرَوَاهُ الأَصمعي قَدْ أُذِلَّ وأُقْهِرَا، فأُقْهِرَا فِي هَذَا لغةٌ فِي قُهِرَ أَو يَكُونُ أُقْهِر وُجِد مَقْهُورًا.
وَخَصَّ أَبو عُبَيْدٍ بالجِذاع رَهْط الزِّبْرقان.
وَيُقَالُ: ذَهَبَ القومُ جِذَعَ مِذَعَ إِذا تفرَّقوا فِي كُلِّ وَجْهٍ.
وجُذَيْعٌ: اسْمٌ.
وجِذْعٌ أَيضًا: اسْمٌ.
وَفِي الْمَثَلِ: خُذْ مِنْ جِذْعٍ مَا أَعطاكَ؛ وأَصله أَنه كَانَ أَعْطى بعضَ المُلوك سَيْفَه رَهنًا فَلَمْ يأْخذه مِنْهُ وَقَالَ: اجْعَلْ هَذَا فِي كَذَا مِنْ أُمِّك، فضرَبه بِهِ فَقَتَلَهُ.
والجِذاعُ: أَحْياء مِنْ بَنِي سَعْدٍ مَعْروفون بِهَذَا اللَّقَبِ.
وجُذْعانُ الجِبال: صِغارُها؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ السَّرَابَ: " جَوارِيه جُذْعانَ القِضافِ النَّوابِك أَي يَجرِي فيُرِي الشيءَ القَضِيفَ كالنّبَكة فِي عِظَمِه.
والقَضَفةُ: مَا ارتَفَعَ مِنَ الأَرض.
والجَذْعَمةُ: الصَّغِيرُ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: «أَسلم وَاللَّهِ أَبو بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وأَنا جَذْعَمةٌ»؛ وأَصله جَذَعةٌ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، أَراد: وأَنا جذَع؛ أي حَدِيثُ السنِّ غَيْرُ مُدْرِك فَزَادَ فِي آخِرِهِ مِيمًا كَمَا زَادُوهَا فِي سُتْهُم العَظِيم الاسْتِ وزُرْقُم الأَزْرَق، وَكَمَا قَالُوا لِلِابْنِ ابْنُم، وَالْهَاءُ للمبالغة.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
63-لسان العرب (نقع)
نقع: نَقَعَ الماءُ فِي المَسِيلِ وَنَحْوِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا واسْتَنْقَعَ: اجْتَمَعَ.واسْتَنْقَعَ الماءُ فِي الغَدِيرِ أَي اجْتَمَعَ وَثَبَتَ.
وَيُقَالُ: استنقَعَ الماءُ إِذا اجْتَمَعَ فِي نِهْيٍ أَو غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعًا.
وَيُقَالُ: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حَتَّى اصْفَرَّ.
والمَنْقَعُ، بِالْفَتْحِ: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الماءُ، وَالْجَمْعُ مَناقِعُ.
وَفِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ: «إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ»أَي إِذا اجْتَمَعَتْ فِي فِيهِ تُرِيدُ الْخُرُوجَ كَمَا يَسْتَنْقِعُ الماءُ فِي قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قَالَ الأَزهري: وَلِهَذَا الْحَدِيثِ مَخْرَجٌ آخَر وهو من قَوْلُهُمْ نَقَعْتُه إِذا قَتَلْتَهُ، وَقِيلَ: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يَعْنِي إِذا خرجَت؛ قَالَ شَمِرٌ: وَلَا أَعرفها؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ: " مُسْتَنْقِعانِ عَلَى فُضُولِ المِشْفَرِ قَالَ أَبو عَمْرٍو: يَعْنِي نَابَيِ النَّاقَةِ أَنهما مُسْتَنْقِعانِ فِي اللُّغامِ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ.
والنَّقْعُ: مَحْبِسُ الماءِ.
والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي المُجْتَمِعُ.
ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فِيهَا قَبْلَ أَنْ يُسْتَقَى.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: «لَا يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ وَلَا رَهْوُ الماءِ».
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا يَقْعُدْ أَحدُكم فِي طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ»، يَعْنِي عِنْدَ الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ.
والنَّقِيعُ: البئرُ الكثيرةُ الماءِ، مُذَكَّر والجمعُ أَنْقِعةٌ، وكلُّ مُجْتَمَعِ ماءٍ نَقْعٌ، وَالْجَمْعُ نُقْعانٌ، والنَّقْعُ: القاعُ مِنْهُ، وَقِيلَ: هِيَ الأَرض الحُرَّةُ الطينِ لَيْسَ فِيهَا ارْتفاع وَلَا انْهِباط، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ وَقَالَ: الَّتِي يسْتَنْقِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وَقِيلَ: هُوَ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ وأَنْقُعٌ مِثْلُ بَحْرٍ وبِحارٍ وأَبْحُرٍ، وَقِيلَ: النِّقاعُ قِيعانُ الأَرض؛ وأَنشد:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنَّه، ***عَنِ الرَّوْضِ مِنْ فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: نَقْعُ البئرِ فَضْلُ مائِها الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهَا أَو مِنَ الْعَيْنِ قَبْلَ أَن يَصِيرَ فِي إِناء أَو وِعاء، قَالَ: وَفَسَّرَهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ: مَنْ مَنَعَ فَضْلَ الماءِ لِيَمْنَع بِهِ فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه اللَّهُ فَضْلَه يومَ القيامةِ "؛ وأَصل هَذَا فِي الْبِئْرِ يَحْتَفِرُهَا الرَّجُلُ بالفَلاةِ مِنَ الأَرض يَسْقِي بِهَا مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فَلَيْسَ لَهُ أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عَنْ مَواشِيهِ مَواشِيَ غَيْرِهِ أَو شَارِبًا يَشْرَبُ بشَفَتِه، وإِنما قِيلَ لِلْمَاءِ نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ بِهِ العَطَشُ أَي يُرْوَى بِهِ.
يُقَالُ: نَقَعَ بِالرِّيِّ وبَضَعَ.
ونَقَعَ السّمُّ فِي أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه الحيّةُ؛ قَالَ:
أَبَعْدَ الَّذِي قَدْ لَجَّ تَتَّخِذِينَني ***عَدُوًّا، وَقَدْ جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟
وَقِيلَ: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه.
وَيُقَالُ: سُمٌّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ قاتِلٌ، وَقَدْ نَقَعَه أَي قَتَلَه، وَقِيلَ: ثَابِتٌ مُجْتَمِعٌ مِنْ نَقْعِ الْمَاءِ.
وَيُقَالُ: سُمٌّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِغَةِ:
فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ ***مِنَ الرُّقْشِ، فِي أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
وَفِي حَدِيثِ بَدْرٍ: «رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ الْمَنَايَا»، نَواضِحُ يَثْرِبَ تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ.
وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ.
ودمٌ ناقِعٌ أَي طَرِيٌّ؛ قَالَ قَسّام بْنُ رَواحةَ:
وَمَا زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ ***دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ
قَالَ أَبو سَعِيدٍ: يُرِيدُ بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ.
وسَمٌّ مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قَالَ الشَّاعِرُ: " فِيهَا ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ "يَعْنِي فِي كأْس الْمَوْتِ.
واسْتَنْقَعَ فِي الْمَاءِ: ثَبَتَ فِيهِ يَبْتَرِدُ، وَالْمَوْضِعُ مُسْتَنْقَعٌ، وَكَانَ عَطَاءُ يَسْتَنْقِعُ فِي حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها ويَتَبَرَّد بِمَائِهَا.
واسْتُنْقِعَ الشَّيْءُ فِي الْمَاءُ، عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه.
والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ مِنَ اللَّبَنِ يُبَرَّدُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: شَاهِدُهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
أُطَوِّفُ، مَا أُطَوِّفُ، ثُمَّ آوِي ***إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ
وَهُوَ المُنْقَعُ أَيضًا؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا:
قانَى لَهُ فِي الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ، ***ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بِالْبَاءِ؛ قَالَ أَبو هِشَامٍ: الباعِجةُ هِيَ الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وَقِيلَ: هِيَ السَّهْلةُ المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ، وَقِيلَ: هِيَ مُتَّسَعُ الوادِي، وَقَانَى لَهُ أَي دامَ لَهُ؛ قَالَ الأَزهريّ: أَصلُه مِنْ أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فَهُوَ نَقِيعٌ، وَلَا يُقَالُ مُنْقَعٌ، وَلَا يَقُولُونَ نَقَعْتُه، قَالَ: وَهَذَا سَماعي مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفًا فِي الإِنقاعِ مَا عُجْت بِهَا وَلَا علِمْت راوِيها عَنْهُ.
يُقَالُ: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته، وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ الْبَيْتَ إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قَالَ: وَهَذِهِ حُروفٌ مُنْكَرةٌ كلُّها لَا أَعرِفُ مِنْهَا شَيْئًا.
والنَّقُوعُ، بِالْفَتْحِ: مَا يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنَ اللَّيْلِ لِدواءٍ أَو نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نَهَارًا، وَبِالْعَكْسِ.
وَفِي حَدِيثِ الكَرْمِ: «تَتَّخِذُونَهُ زَبِيبًا تُنْقِعُونه»؛ أي تَخْلِطونه بِالْمَاءِ لِيَصِيرَ شَرابًا.
وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقُوعُ مَا أَنْقَعْتَ مِنْ شَيْءٍ.
يُقَالُ: سَقَوْنا نَقُوعًا لِدواءٍ أُنْقِعَ مِنَ اللَّيْلِ، وَذَلِكَ الإِناء مِنْقَعٌ، بِالْكَسْرِ.
ونَقَعَ الشيءَ فِي الماءِ وَغَيْرِهِ يَنْقَعُه نَقْعًا، فَهُوَ نَقِيعٌ، وأَنْقَعَه: نَبَذَه.
وأَنْقَعْتُ الدّواءَ وَغَيْرَهُ فِي الْمَاءِ، فَهُوَ مُنْقَعٌ.
والنَّقِيعُ والنَّقُوعُ: شَيْءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الزَّبِيبُ وَغَيْرُهُ ثُمَّ يُصَفَّى ماؤُه ويُشْرَبُ، والنُّقاعةُ: مَا أَنْقَعْتَ مِنْ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: والنُّقاعةُ اسْمُ مَا أُنْقِعَ فِيهِ الشيءُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
بِهِ مِنْ نِضاخِ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه ***نُقاعةُ حِنّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبَرِ
وكلُّ مَا أُلقِيَ فِي ماءٍ، فَقَدْ أُنْقِعَ.
والنَّقُوعُ والنَّقِيعُ: شَرابٌ يُتَّخَذُ مِنْ زَبِيبٍ يُنْقَعُ فِي الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ طَبْخٍ، وَقِيلَ فِي السَّكَر: إِنه نَقِيعُ الزَّبيبِ.
والنَّقْعُ: الرَّيُّ، شَرِبَ فَمَا نَقَعَ وَلَا بَضَعَ.
ومثَلٌ مِنَ الأَمثالِ: حَتَّامَ تَكْرَعُ وَلَا تَنْقَعُ؟ ونَقَعَ مِنَ الْمَاءِ وَبِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا: رَوِيَ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
لَوْ شِئْتِ، قَدْ نَقَعَ الفُؤادُ بشَرْبةٍ، ***تَدَعُ الصَّوادِيَ لَا يَجِدْنَ غَلِيلا
وَيُقَالُ: شَرِبَ حَتَّى نَقَعَ أَي شَفى غَلِيلَه ورَوِيَ.
وماءٌ ناقِعٌ: وهو كالناجِعِ؛ وَمَا رأَيت شَرْبةً أَنْقَعَ مِنْهَا.
ونَقَعْتُ بِالْخَبَرِ وبالشّرابِ إِذا اشْتَفَيْتَ مِنْهُ.
وَمَا نَقَعْتُ بِخَبَرِهِ أَي لَمْ أَشْتَفِ بِهِ.
وَيُقَالُ: مَا نَقَعْتُ بخبَر فُلَانٍ نُقوعًا أَي مَا عُجْتُ بكلامِه وَلَمْ أُصَدِّقْه.
وَيُقَالُ: نَقَعَتْ بِذَلِكَ نفْسِي أَي اطْمَأَنَّتْ إِليه ورَوِيَتْ بِهِ.
وأَنْقَعَني الماءُ أَي أَرْواني.
وأَنْقَعَني الرَّيُّ ونَقَعْتُ بِهِ ونَقَعَ الماءُ العَطَشَ يَنْقَعُه نَقْعًا ونُقُوعًا: أَذْهَبَه وسَكَّنَه؛ قَالَ حَفْصٌ الأُمَوِيُّ:
أَكْرَعُ عِنْدَ الوُرُودِ فِي سُدُمٍ ***تَنْقَعُ مِنْ غُلَّتي، وأَجْزَأُها
وَفِي الْمَثَلِ: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي الشَّرابُ الَّذِي يُتَرَشَّفُ قَلِيلًا قَليلًا أَقْطَعُ للعطَشِ وأَنْجَعُ، وإِن كَانَ فِيهِ بُطءٌ.
ونَقَعَ الماءُ غُلَّتَه أَي أَرْوى عَطَشَه.
وَمِنْ أَمثال الْعَرَبِ: إِنه لَشَرَّابٌ بأَنْقُعٍ.
ووَرَدَ أَيضًا فِي حديثِ الحَجّاجِ: إِنَّكُم يَا أَهلَ العِراقِ شَرَّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: يُضْرَبُ لِلرَّجُلِ الَّذِي جَرَّبَ الأُمُورَ ومارَسها، وقيل للذي يُعادُ الأُمور المَكْرُوهةَ، أَراد أَنهم يَجْتَرئُونَ عَلَيْهِ ويَتَناكَرون.
وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هُوَ مَثَلٌ يُضْرَبُ للإِنسان إِذا كَانَ متعادًا لِفِعْلِ الْخَيْرِ والشرِّ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه قَدْ جَرَّبَ الأُمور ومارَسها حَتَّى عَرَفَهَا وَخَبِرَهَا، والأَصل فِيهِ أَن الدَّلِيلَ مِنَ الْعَرَبِ إِذا عَرَفَ المِياهَ فِي الفَلَواتِ ووَرَدَها وَشَرِبَ مِنْهَا، حَذَقَ سُلُوكَ الطريقِ الَّتِي تُؤَدّيه إِلى الْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنه مُعاوِدٌ للأُمور يأْتيها حَتَّى يَبْلُغَ أَقْصَى مُرادِه، وكأَنَّ أَنْقُعًا جَمْعُ نَقْعٍ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَنْقُعٌ جَمْعُ قِلَّة، وَهُوَ الماءُ الناقِعُ أَو الأَرض الَّتِي يَجْتَمِعُ فِيهَا الْمَاءُ، وأَصله أَنَّ الطَّائِرَ الحَذِرَ لَا يَرِدُ المَشارِعَ، وَلَكِنَّهُ يأْتي المَناقِعَ يَشْرَبُ مِنْهَا، كَذَلِكَ الرَّجُلُ الحَذِرُ لَا يَتَقَحّمُ الأُمورَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى أَبو عُبَيْدٍ أَن هَذَا الْمَثَلَ لِابْنِ جُرَيْجٍ قَالَهُ فِي مَعْمَرِ بْنِ رَاشِدٍ، وَكَانَ ابْنُ جُرَيْجٍ مِنْ أَفصح النَّاسِ، يَقُولُ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِنه رَكِب فِي طلَبِ الْحَدِيثِ كلَّ حَزْن وَكَتَبَ مِنْ كُلِّ وجْهٍ، قَالَ الأَزهريُّ: والأَنْقُعُ جَمْعُ النَّقْعِ، وَهُوَ كُلُّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ مِنْ عِدٍّ أَوغَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ مُنْقَعٌ أَي يُسْتَشْفى بِرأْيه، وأَصله مِنْ نَقَعْتُ بِالرَّيِّ.
والمِنْقَعُ والمِنْقَعةُ: إِناءٌ يُنْقَعُ فِيهِ الشَّيْءُ.
ومِنْقَعُ البُرَمِ: تَوْرٌ صَغِيرٌ أَو قُدَيْرةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ حِجارة، وجمعه مَناقِعُ، تَكُونُ لِلصَّبِيِّ يَطْرَحُون فِيهِ التمْر واللبَنَ يُطْعَمُه ويُسْقاهُ؛ قَالَ طَرَفةُ:
أَلْقَوْا إِلَيْكَ بِكُلِّ أَرْمَلةٍ ***شَعْثاءَ، تَحْمِلُ مِنْقَعَ البُرَمِ
البُرَمُ هَاهُنَا: جَمْعُ بُرْمةٍ، وَقِيلَ: هِيَ المِنْقَعةُ والمِنْقَعُ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: لَا تَكُونُ إِلا مِنَ حِجَارَةٍ.
والأُنْقُوعةُ: وَقْبَةُ الثَّرِيدِ الَّتِي فِيهَا الوَدَكُ.
وَكُلُّ شَيْءٍ سالَ إِليه الماءُ مِنْ مَثْعَبٍ وَنَحْوِهِ، فَهُوَ أُنْقُوعةٌ.
ونُقاعةُ كُلِّ شَيْءٍ: الماءُ الَّذِي يُنْقَعُ فِيهِ.
والنَّقْعُ: دَواءٌ يُنْقَعُ ويُشْربُ.
والنَّقِيعةُ مِنَ الإِبل: العَبِيطةُ تُوَفَّر أَعْضاؤها فَتُنْقَعُ فِي أَشياءَ.
ونَقَعَ نَقِيعةً: عَمِلَها.
والنَّقِيعةُ: مَا نُحِرَ مِنَ النَّهْبِ قَبْلَ أَن يُقْتَسَمَ؛ قَالَ:
مِيلُ الذُّرى لُحِبَتْ عَرائِكُها، ***لَحْبَ الشِّفارِ نَقِيعةَ النَّهْبِ
وانْتَقَعَ القومُ نَقيعةً أَي ذَبَحوا مِنَ الغنيمةِ شَيْئًا قَبْلَ القَسْمِ.
وَيُقَالُ: جاؤُوا بناقةٍ مِنْ نَهْبٍ فَنَحَرُوهَا.
والنَّقِيعةُ: طَعَامٌ يُصْنَعُ للقادِم مِنَ السفَر، وَفِي التَّهْذِيبِ: النَّقِيعَةُ مَا صنَعَه الرجُل عِنْدَ قُدُومِهِ مِنَ السَّفَرِ.
يُقَالُ: أَنْقَعْتُ إِنْقاعًا؛ قَالَ مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ، ***ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
وَيُرْوَى: إِنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيوفِ رُؤوسَهم "القُدَّامُ: القادِمُون مِنْ سفَر جَمْعُ قادِمٍ، وَقِيلَ: القُدَّامُ المَلِكُ، وَرُوِيَ القَدَّامُ، بِفَتْحِ الْقَافِ، وَهُوَ المَلِكُ.
والقُدارُ: الجَزَّارُ.
والنَّقِيعةُ: طَعامُ الرجلِ ليلةَ إِمْلاكِه.
يُقَالُ: دَعَوْنا إِلى نَقِيعَتهم، وَقَدْ نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعًا وأَنْقَعَ.
وَيُقَالُ: كُلُّ جَزُورٍ جَزَرتَها للضِّيافةِ، فَهِيَ نَقِيعةٌ.
يُقَالُ: نَقَعْتُ النَّقِيعةَ وأَنْقَعْتُ وانْتَقَعْتُ أَي نَحَرْتُ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ فِي هَذَا الْمَكَانِ:
كلُّ الطَّعامِ تَشْتَهي رَبِيعهْ: ***الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعهْ
وَرُبَّمَا نَقَعُوا عَنْ عدّةٍ مِنَ الإِبل إِذا بَلَغَتْها جَزُورًا أَي نَحَرُوهُ، فَتِلْكَ النَّقِيعةُ؛ وأَنشد:
مَيْمونةُ الطَّيْر لَمْ تَنْعِقْ أَشائِمُها، ***دائِمَةُ القِدْرِ بالأَفْراعِ والنُّقُعِ
وإِذا زُوِّجَ الرجلُ فأَطْعَمَ عَيْبَتَه قِيلَ: نَقَعَ لَهُمْ أَي نَحَرَ.
وَفِي كَلَامِ الْعَرَبِ: إِذا لَقِيَ الرجلُ مِنْهُمْ قَوْمًا يَقُولُ: مِيلُوا يُنْقَعْ لَكُمْ أَي يُجْزَرْ لَكُمْ، كأَنه يَدْعُوهم إِلى دَعْوَتِه.
وَيُقَالُ: الناسُ نَقائِعُ الموْتِ أَي يَجْزُرُهم كَمَا يَجْزُرُ الجَزَّارُ النَّقِيعةَ.
والنقْعُ: الغُبارُ الساطِعُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا}؛ أَي غُبَارًا، وَالْجَمْعُ نِقاعٌ.
ونَقَعَ الموتُ: كَثُرَ.
والنَّقِيعُ: الصُّراخُ.
والنَّقْعُ: رَفْعُ الصوتِ.
ونَقَعَ الصوتُ واسْتَنْقَعَ أَي ارْتَفَع؛ قَالَ لَبِيدٌ:
فَمَتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ، ***يُحْلِبُوها ذاتَ جَرْسٍ وزَجَلْ
مَتَى يَنْقَعْ صُراخٌ أَي مَتَى يَرْتَفِعْ، وَقِيلَ: يَدُومُ وَيَثْبُتُ، وَالْهَاءُ للحرْب وإِن لَمْ يَذْكُرْهُ لأَن فِي الْكَلَامِ دَلِيلًا عَلَيْهِ، وَيُرْوَى يَحْلِبُوها مَتَى مَا سَمِعُوا صارِخًا؛ أَحْلَبُوا الحرْبَ أَي جَمَعُوا لَهَا.
ونَقَعَ الصارِخُ بِصَوْتِهِ يَنْقَعُ نُقُوعًا وأَنْقَعَه، كِلَاهُمَا: تابَعَه وأَدامَه؛ وَمِنْهُ قَوْلُ" عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنه قَالَ فِي نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: وَمَا عَلَى نِسَاءِ بَنِي الْمُغِيرَةِ أَنْ يُهْرِقْنَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: يَسْفِكْنَ مِنْ دُموعِهِنَّ عَلَى أَبي سُلَيْمانَ مَا لَمْ يَكُنْ نَقْعٌ وَلَا لَقْلَقةٌ "، يَعْنِي رَفْعَ الصوتِ، وَقِيلَ: يَعْنِي بالنقْعِ أَصواتَ الخُدودِ إِذا ضُرِبَتْ، وَقِيلَ: هُوَ وَضْعُهُنَّ عَلَى رؤُوسهن النَّقْعَ، وَهُوَ الغبارُ، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا أَولى لأَنه قَرَنَ بِهِ اللَّقْلَقَةَ، وَهِيَ الصَّوْتُ، فحَمْلُ اللَّفْظَيْنِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَوْلى مِنْ حَمْلِهِمَا عى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَقِيلَ: النَّقْعُ هَاهُنَا شَقُّ الجُيُوبِ؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: وَجَدْتُ بَيْتًا لِلْمَرَّارِ فِيهِ:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا، ***وأَعْدَدْنَ المَراثيَ والعَوِيلا
والنَّقَّاعُ: المُتَكَثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ مدْحِ نفْسِه بالشَّجاعة والسَّخاءِ وَمَا أَشبهه.
ونَقَعَ لَهُ الشَّرَّ: أَدامَه.
وَحَكَى أَبو عُبَيْدٍ: أَنْقَعْتُ لَهُ شَرًّا، وَهُوَ اسْتِعارةٌ.
وَيُقَالُ: نَقَعَه بِالشَّتْمِ إِذا شَتَمَهُ شَتْمًا قَبِيحًا.
والنَّقائِعُ: خَبارَى فِي بِلادِ تَمِيمٍ، والخَبارَى: جُمَعُ خَبْراءَ، وَهِيَ قاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ الماءُ.
وانْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّرَ مِنْ هَمٍّ أَو فزَعٍ، وَهُوَ مُنْتَقَعٌ، وَالْمِيمُ أَعرف، وَزَعَمَ يَعْقُوبُ أَن مِيمَ امْتُقِعَ بَدَلٌ مِنْ نُونِهَا.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «أَنه أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ملكانِ فأَضْجَعاه وشَقَّا بَطنَه فرجعَ وَقَدِ انْتُقِعَ لونُه»؛ قَالَ النَّضِرُ: يُقَالُ ذَلِكَ إِذا ذَهَبَ دَمُه وَتَغَيَّرَتْ جِلْدَةُ وَجْهِهِ إِما مِنْ خوْفٍ وإِما مِنْ مَرَضٍ.
والنَّقُوعُ: ضَرْبٌ مِنَ الطِّيب.
الأَصمعي: يُقَالُ صَبَغَ فُلَانٌ ثوبَه بنَقُوعٍ، وَهُوَ صِبْغٌ يُجْعَلُ فِيهِ مِنْ أَفْواه الطِّيبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنَّ عُمَرَ حَمَى غَرَزَ النَّقِيعِ»؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هُوَ مَوْضِعٌ حمَاه لِنَعَمِ الفيءِ وخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ فَلَا يَرْعاه غَيْرُهَا، وَهُوَ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنَ الْمَدِينَةِ كَانَ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ أَي يَجْتَمِعُ؛ قَالَ: وَمِنْهُ الْحَدِيثُ" أَول جُمُعةٍ جُمِّعَتْ فِي الإِسلام بِالْمَدِينَةِ فِي نَقِيعِ الخَضِماتِ "؛ قَالَ: هُوَ مَوْضِعٌ بِنَوَاحِي الْمَدِينَةِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
64-لسان العرب (وكع)
وَكَعَ: وكعَتْه العَقْربُ بإِبرَتِها وَكْعًا: ضَرَبَتْهُ ولدَغَتْه وكَوَتْه؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِلْقُطَامِيِّ:سَرَى فِي جَلِيدِ الليْلِ، حَتَّى كأَنَّما ***تَحَرَّمَ بالأَطْرافِ وكْعَ العَقارِبِ
وَقَدْ يَكُونُ للأَسوَدِ مِنَ الحيّاتِ؛ قَالَ عُرْوَةُ بْنُ مُرَّةَ الْهُذَلِيِّ:
ودافَعَ أُخْرى القومِ ضَرْبٌ خَرادِلٌ، ***ورَمْيُ نِبالٍ مِثلُ وَكْعِ الأَساوِدِ
أَورده الْجَوْهَرِيُّ: ورَمْيِ نِبالٍ مثلِ، بِالْخَفْضِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ بِالرَّفْعِ.
ووَكَعَ البعيرُ: سَقَطَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
خِرْقٌ، إِذا وَكَعَ المَطِيُّ مِنَ الوَجى، ***لَمْ يَطْوِ دُونَ رَفيقِه ذَا المِزْوَدِ
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ: رَكَعَ أَي انْكَبَّ وانثَنى، وَذَا المِزْودِ يَعْنِي الطعامَ لأَنه فِي المزود يكون.
الوَكَعُ: مَيْل الأَصابع قِبَلَ السبَّابةِ حَتَّى تَصِيرَ كالعُقْفة خِلْقة أَو عَرَضًا، وَقَدْ يَكُونُ فِي إِبهام الرِّجْلِ فيُقْبِلُ الإِبهامُ عَلَى السبَّابة حَتَّى يُرى أَصلُها خَارِجًا كالعُقْدةِ، وَكِعَ وَكَعًا، وَهُوَ أَوْكَعُ، وامرأَة وَكْعاء.
وَقَالَ اللَّيْثُ: الوَكَعُ مَيَلانٌ في "صَدْر القدَم نَحْوَ الخِنْصِر وَرُبَّمَا كَانَ فِي إِبهام الْيَدِ، وأَكثر مَا يَكُونُ ذَلِكَ للإِماء اللَّوَاتِي يَكْددْنَ فِي العمَل، وَقِيلَ: الوَكَعُ ركوبُ الإِبهامِ عَلَى السَّبَّابَةِ مِنَ الرِّجْل؛ يُقَالُ: يَا ابْنَ الوَكْعاء.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَدْ جَمَعُوهُ فِي الشِّعْرِ عَلَى وكَعَةٍ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهِمْ، ***تِلْكَ أَفْعالُ القِزامِ الوَكَعهْ
مَعْنَى أَحْصَنوا زَوَّجوا.
والأَوكَعُ: الأَحْمَقُ الطويلُ.
وَرَجُلٌ أَوكَعُ: يَقُولُ لَا إِذا سُئِلَ؛ عَنْ أَبي العَمَيْثل الأَعرابي.
وَرُبَّمَا قَالُوا عبدٌ أَوْكَعُ، يُرِيدُونَ اللَّئِيمَ.
وأمةٌ وكْعاء أَي حَمْقاءُ.
ابْنُ الأَعرابي: فِي رُسْغِه وكَعٌ وكَوَع إِذا الْتَوَى كوعُه.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الوَكَعُ فِي الرَّجُلِ انقِلابُها إِلى وَحْشِيِّها، واللَّكاعةُ اللؤمُ، والوَكاعةُ الشدَّةُ.
وفرسٌ وكِيعٌ: صُلبٌ غلِيظ شديدٌ، ودابّةٌ وكِيعٌ.
ووَكُعَ الفرسُ وَكاعةً، فَهُوَ وكِيعٌ: صَلُبَ إِهابُه واشتَدّ، والأُنثى بِالْهَاءِ؛ وإِياها عَنَى الْفَرَزْدَقُ بِقَوْلِهِ:
ووَفْراءَ لَمْ تُحْرَزْ بسَيْرٍ، وكِيعةٍ، ***غَدوْتُ بِهَا طَبًّا يَدِي بِرِشائِها
ذَعَرْتُ بِهَا سِرْبًا نَقِيًّا جُلُودُه، ***كَنَجْمِ الثُّرَيّا أَسْفَرَتْ مِنْ عَمائِها
وفْراء أَي وَافِرَةٌ يَعْنِي فَرَسًا أُنثى، وكِيعة: وَثِيقَةُ الخَلْقِ شَدِيدَةٌ.
وَيُقَالُ: قَدْ أَسْمَنَ القومُ وأَوْكَعُوا إِذا سَمِنَتْ إِبلهم وغَلُظَتْ مِنَ الشَّحْمِ وَاشْتَدَّتْ.
وكلُّ وَثِيقٍ شَدِيدٌ، فَهُوَ وَكِيعٌ.
والوَكِيعةُ مِنَ الإِبلِ: الشديدةُ المَتِينةُ.
وسِقاءٌ وَكِيعٌ: مَتِينٌ مُحكَمُ الجِلْدِ والخَرْز شديدُ المَخارِزِ لَا يَنْضَحُ.
واسْتوْكَعَ السقاءُ إِذا مَتُنَ واشتدَّت مَخارِزُه بعد ما شُرِّبَ.
ومَزادةٌ وَكِيعةٌ: قُوِّرَ مَا ضَعُفَ مِنْ أَديمها وأُلقي وخُرِزَ مَا صَلُب مِنْهُ وَبَقِيَ.
وفَرْوٌ وكِيعٌ: مَتِينٌ، وَقِيلَ: كُلُّ صُلْبٍ وَكِيعٌ، وَقِيلَ: الوَكِيعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ الْغَلِيظُ الْمَتِينُ، وَقَدْ وكُعَ وكاعةَ وأَوْكَعَه غَيْرُهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ: " عَلَى أَنَّ مَكْتُوبَ العِجالِ وكِيعُ "يَعْنِي سِقَاءَ اللَّبَنِ؛ هَذَا قَوْلُ الْجَوْهَرِيُّ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الشِّعْرُ للطرمَّاح وَصَوَابُهُ بِكَمَالِهِ:
تُنَشِّفُ أَوْشالَ النِّطافِ، ودُونَها ***كُلَى عِجَلٍ، مَكْتُوبُهُنَّ وكِيعُ
قَالَ: والعِجَلُ جَمْعُ عِجْلةٍ وَهُوَ السِّقاءُ، ومَكْتُوبها مَخْرُوزُها.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث: «قَلْبٌ وكِيعٌ واعٍ»أَي مَتِينٌ مُحْكَم مِنْ قَوْلِهِمْ سِقاءٌ وَكِيعٌ إِذا كَانَ مُحْكَمَ الخرْز.
واسْتَوْكَعَ واسْتَوْكَعَتْ مَعِدتُه: اشْتَدَّتْ وقَوِيَتْ، وَقِيلَ: اسْتَوْكَعَتْ معدتُه أَي اشتدَّت طَبِيعَتُهُ.
واسْتَوْكَعَتِ الفِراخُ: غَلُظَتْ وسَمِنَتْ كاسْتَوْكَحَتْ.
ووَكُعَ الرجلُ وَكاعةً، فَهُوَ وَكِيعٌ: غَلُظَ.
وأَمْرٌ وكِيعٌ: مُسْتَحْكِمٌ.
والمِيكَعُ: الجُوالِقُ لأَنه يُحْكَمُ ويُشَدُّ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
جُرَّتْ فَتاةُ مُجاشِعٍ فِي مِنْقَرٍ، ***غيرَ المِراء، كَمَا يُجَرُّ المِيكَعُ
وَقِيلَ: المِيكَعُ المالَقةُ الَّتِي تُسَوَّى بِهَا خُدَدُ الأَرض المَكْرُوبةِ.
والمِيكعةُ: سِكَّةُ الحِراثةِ، وَالْجَمْعُ مِيكَعٌ، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ بَزَنْ.
والوَكْعُ: الحَلْبُ؛ وأَنشد أَبو عَمْرٍو:
لأَنْتُمْ بوَكْعِ الظأْنِ أَعْلَمُ مِنْكُمُ ***بقَرْعِ الكُماةِ، حيثُ تُبْغَى الجَرائِمُ
ووَكَعْتُ الشاةَ إِذا نَهَزْتَ ضَرْعَها عِنْدَ الحلْب، وباتَ الفَصِيلُ يَكَعُ أُمَّه الليلةَ.
وَمِنْ كَلَامِهِمْ: قَالَتِ العَنْزُ احْلُبْ ودَعْ فإِنَّ لَكَ مَا تَدَعُ، وَقَالَتِ النَّعْجَةَ احْلُبْ وكَعْ فليسَ لَكَ مَا تَدَعُ أَي انْهزِ الضرْعَ واحْلُبْ كلَّ مَا فِيهِ.
ووَكَعَتِ الدَّجاجةُ إِذا خَضَعَتْ عِنْدَ سِفادِ الدِّيكِ.
وأَوْكَعَ القومُ: قلَّ خيرُهم.
ووَكِيعٌ: اسم رجل.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
65-لسان العرب (رأف)
رأف: الرأْفة: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَشد الرَّحْمَةِ؛ رَأَفَ بِهِ يَرْأَفُ ورَئِفَ ورَؤُفَ رَأْفَةً ورَآفةً.وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّأْفَةُ والرَّآفةُ مِثْلُ الكأْبةِ وَالْكَآبَةِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي لَا تَرْحَمُوهُمَا فَتُسْقِطوا عَنْهُمَا مَا أَمَر اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَدِّ.
وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّؤُوف وَهُوَ الرحيمُ لِعِبَادِهِ العَطُوفُ عَلَيْهِمْ بأَلطافه.
والرَّأْفَةُ أَخصُّ مِنَ الرحمةِ وأَرَقُّ، وَفِيهِ لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا مَعًا: رَؤُوفٌ عَلَى فَعُولٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:
نُطِيعُ نَبيَّنا ونُطِيعُ رَبًّا، ***هُوَ الرحمنُ كان بِنا رَؤُوفا
ورَؤُفٌ عَلَى فَعُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:
يَرى لِلْمُسلِمِينَ عَلَيْهِ حَقًّا، ***كفِعْلِ الوالِدِ الرَّؤُفِ الرحيمِ
وَقَدْ رَأَفَ يَرْأَفُ إِذَا رَحِمَ.
والرَّأْفَةُ أَرَقُّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَا تَكاد تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ، والرحمةُ قَدْ تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ للمَصْلحةِ.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَؤُفْتُ بِالرَّجُلِ أَرْؤُفُ بِهِ رَأْفَةً ورَآفَةً ورَأَفْتُ أَرْأَفُ بِهِ ورَئِفْتُ بِهِ رَأَفًا كلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ومَن لَيَّنَ الهمزةَ وقال رَوُفَ جَعَلَهَا وَاوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَأْفٌ، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فآمِنوا بِنَبِيٍّ، لَا أَبا لكُمُ ***ذِي خاتَمٍ، صاغَهُ الرحمنُ، مَخْتُومِ
رَأْفٍ رَحِيمٍ بأَهْلِ البِرِّ يَرْحَمُهم، ***مُقَرَّبٍ عِنْدَ ذِي الكُرْسِيِّ مَرْحُومِ
ابْنُ الأَعرابي: الرأْفةُ الرحمةُ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَئِفٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، ورَؤُفٌ.
ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ رَؤُفٌ ورَؤُوفٌ ورَأْفٌ؛ وَقَوْلُهُ: " وَكَانَ ذُو العَرْشِ بِنَا أَرافِيْ إِنَّمَا أَراد أَرأَفِيًّا كأَحْمَرِيّ، فأَبدل وسكَّنه عَلَى قَوْلِهِ: وَآخِذُ منْ كلِّ حَيٍّ عُصُمْ رجف: الرَّجَفانُ: الاضْطِرابُ الشديدُ: رجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفًا ورُجُوفًا ورَجَفَانًا ورَجِيفًا وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِرابًا شَديدًا، أَنشد ثَعْلَبٌ: ظَلَّ لأَعلى رأْسه رَجِيفا ورَجْفُ الشَّيْءِ كرَجَفانِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّحْلِ، وَكَمَا تَرْجُفُ الشجرةُ إِذَا رَجَفَتْها الرِّيحُ، وَكَمَا تَرْجُف السِّنُّ إِذَا نَغَضَ أَصْلُها.
والرَّجْفَةُ: الزَّلْزَلَةُ.
ورَجَفَتِ الأَرض تَرْجُفُ رَجْفًا: اضطَربت.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ}؛ أَي لَوْ شئتَ أَمَتَّهم قَبْلَ أَن تَقْتُلَهُمْ.
وَيُقَالُ: إِنَّهُمْ رَجَفَ بِهِمُ الجبلُ فَمَاتُوا.
ورجَفَ القلبُ: اضْطَربَ مِنَ الجَزَعِ.
والرَّاجِفُ: الحُمّى المُحَرِّكَةُ، مذكَّر؛ قَالَ:
وأَدْنَيْتَني، حَتَّى إِذَا مَا جَعَلْتَني ***عَلَى الخَصْرِ أَو أَدْنى، اسْتَقَلَّك رَاجِفُ
ورَجَفَ الشجرُ يَرْجُفُ: حرّكَتْه الريحُ، وَكَذَلِكَ الأَسْنانُ.
ورجَفَتِ الأَرضُ إِذَا تَزَلْزَلَتْ.
ورَجَفَ القومُ إِذَا تَهَيَّؤُوا لِلْحَرْبِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هِيَ النَّفْخةُ الأُولى، والرّادِفةُ النفخةُ الثَّانِيَةُ؛ قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: الرَّاجِفةُ الأَرض تَرْجُفُ تَتحرَّكُ حَرَكَةً شَدِيدَةً، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الزَّلْزَلَة.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَيها الناسُ اذكُروا اللَّهَ، جاءتِ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرّادِفةُ»؛ قَالَ: الرَّاجِفَةُ النفخةُ الأُولى الَّتِي تَمُوتُ لَهَا الْخَلَائِقُ، وَالرَّادِفَةُ الثَّانِيَةُ الَّتِي يَحْيَوْنَ لَهَا يومَ الْقِيَامَةِ.
وأَصل الرَّجْف الحركةُ والاضْطِرابُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ المَبْعَثِ: " فَرَجَعَ تَرْجُفُ بِهَا بَوادِرُه.
اللَّيْثُ: الرَّجْفَةُ فِي الْقُرْآنِ كلُّ عَذَابٍ أَخَذَ قَوْمًا، فَهِيَ رجْفَةٌ وصَيْحةٌ وصاعِقةٌ.
والرَّعْدُ يَرْجُفُ رَجْفًا ورَجِيفًا: وَذَلِكَ تَرَدُّدُ هَدْهَدَتِه فِي السَّحابِ.
ابْنُ الأَنباري: الرجْفةُ مَعَهَا تَحْريك الأَرضِ، يُقَالُ: رَجَفَ الشيءُ إِذَا تَحَرَّكَ؛ وأَنشد:
تحْييِ العِظام الرَّاجفات منَ البِلى، ***وَلَيْسَ لِدَاءِ الرُّكْبَتَيْنِ طَبيبُ
ابْنُ الأَعرابي: رَجَفَ الْبَلَدُ إِذَا تَزَلْزَلَ، وَقَدْ رَجَفَت الأَرضُ وأَرْجَفَتْ وأُرْجِفَتْ إِذَا تَزَلْزَلَتْ.
اللَّيْثُ: أَرْجَفَ القومُ إِذَا خاضُوا فِي الأَخبار السَّيِّئَةِ وَذِكْرِ الفتَنِ.
قَالَ اللَّهُ تعالى: {وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ}؛ وَهُمُ الَّذِينَ يُوَلِّدُونَ الأَخبارَ الكاذبةَ الَّتِي يَكُونُ مَعَهَا اضطرابٌ فِي النَّاسِ.
الْجَوْهَرِيُّ: والإِرْجَافُ وَاحِدُ أَراجِيفِ الأَخْبارِ، وَقَدْ أَرْجَفوا فِي الشَّيْءِ أَي خاضُوا فِيهِ.
واسْتَرْجَفَ رأْسَه: حَرَّكه؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
إِذْ حَرَّكَ القَرَبُ القَعْقاعُ أَلْحِيَها، ***واسْتَرْجَفَتْ هامَها الهِيمُ الشَّغامِيمُ
وَيُرْوَى: إِذْ قَعْقَعَ القَرَبُ البَصْباصُ أَلْحِيَها "والرَّجَّافُ: الْبَحْرُ، سُمّي بِهِ لاضْطرابه وَتَحَرُّكِ أَمْواجِه، اسْمٌ لَهُ كالقَذّاف؛ قَالَ:
ويُكَلِّلُونَ جِفانَهُم بِسَدِيفِهِمْ، ***حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
المُطْعِمُونَ اللحمَ كلَّ عَشِيّةٍ، ***حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الْبَيْتُ لمَطْرُود بْنِ كَعْبٍ الخُزاعِي يَرْثي عَبْدَ الْمُطَّلِبِ جدَّ سَيِّدِنَا رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والأَبيات:
يَا أَيُّها الرجُلُ المُحَوِّلُ رَحلَه، ***هَلَّا نَزَلْتَ بآلِ عَبْدِ مَنافِ؟
هَبِلَتْكَ أُمُّك لَوْ نَزَلْتَ بدارِهِمْ، ***ضَمِنُوكَ مِن جُرْمٍ وَمِنْ إقْرافِ
المُنْعِمِينَ إِذَا النجومُ تَغَيَّرَتْ، ***والظاعِنِينَ لِرِحْلَةِ الإِيلافِ
والمُطْعِمُونَ إِذَا الرِّياحُ تَناوَحَتْ، ***حَتَّى تَغِيبَ الشمسُ فِي الرَّجَّافِ
وَقِيلَ: الرَّجَّافُ يومُ القِيامةِ.
ورَجَفَ القومُ: تَهَيَّؤُوا لِلْقِتَالِ، وأَرْجَفُوا: خاضُوا فِي الفِتْنةِ والأَخبار السَّيِّئَةِ.
والرَّجَفَانُ: الإِسراعُ؛ عن كراع.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
66-لسان العرب (سأف)
سأف: سَئِفَتْ يدُه تَسْأَفُ سَأَفًا، فَهِيَ سَئِفةٌ، وسأَفَتْ سَأْفًا: تشَقَّق مَا حَوْل أَظْفاره وتشَعَّثَ، وَقَالَ يَعْقُوبُ: هُوَ تَشَقُّقٌ فِي أَنْفُس الأَظفار، وسَئِفَتْ شَفَتُه: تَقَشَّرَت.وسَئِفَ لِيف النَّخْلَةِ وانْسَأَفَ: تشَعَّثَ وَانْقَشَرَ.
ابْنُ الأَعرابي: سَئِفَتْ أَصابعه وسَعِفَتْ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
اللَّيْثُ: سَئِفُ اللِّيفِ، وَهُوَ مَا كَانَ مُلْتَزِقًا بأُصول السَّعَفِ مِنْ خِلَالِ اللِّيفِ، وَهُوَ أَرْدؤُه وأَخْشنه لأَنه يُسْأَفُ من جَوَانِبِ السَّعَفِ فَيَصِيرُ كأَنه لِيفٌ، وَلَيْسَ بِهِ، ولُيِّنت هَمْزَتُهُ.
أَبو عُبَيْدَةَ: السَّأَفُ عَلَى تَقْدِيرِ السعَف شَعْرُ الذَّنَب والهُلْب، والسائفةُ مَا اسْتَرَقَّ مِنَ الرَّمْلِ، وَجَمْعُهَا السَّوائف.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: «فَإِذَا المَلَكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحراء فَسُئِفْتُ مِنْهُ»أَي فَزِعْت؛ قَالَ: هَكَذَا جَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
67-لسان العرب (شرسف)
شرسف: الشُّرْسُوفُ: غُضْرُوفٌ مُعَلَّق بِكُلِّ ضِلَعٍ مِثْلُ غُضْروفِ الكَتِف.ابْنُ سِيدَهْ: الشُّرْسُوف ضِلْعٌ عَلَى طَرَفِهَا الغُضْروفُ الرَّقِيقُ.
وشاةٌ مُشَرْسَفَةٌ: بِجَنْبَيْهَا بَيَاضٌ قَدْ غَشَّى شَرَاسِيفَها.
وَفِي التَّهْذِيبِ: شاةٌ مُشَرْسَفَةٌ إِذَا كَانَ عَلَيْهَا بَيَاضٌ قَدْ غَشَّى الشَّرَاسِيفَ والشَّواكِلَ.
الأَصمعي: الشَّراسِيفُ أَطْرافُ أَضْلاعِ الصدْرِ الَّتِي تُشْرِفُ عَلَى الْبَطْنِ، وَفِي الصِّحَاحِ: مَقاطُّ الأَضْلاعِ، وَهِيَ أَطْرافُها.
ابْنُ الأَعرابي: الشُّرْسُوفُ رأْسُ الضِّلَع مِمَّا يَلِي الْبَطْنَ.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث: «فَشَقَّ مَا بَيْنَ ثُغْرَةِ نَحْري إِلَى شُرْسُوفِي».
والشُّرْسُوفُ أَيضًا: الْبَعِيرُ المُقَيَّدُ، وَهُوَ أَيضًا الأَسير الْمَكْتُوفُ، وَهُوَ الْبَعِيرُ الَّذِي قَدْ عُرْقِبَتْ إِحْدَى رِجْلَيْهِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
68-لسان العرب (طيف)
طيف: طَيْفُ الْخَيَالِ: مَجِيئُهُ فِي النَّوْمِ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ:أَلا يَا لَقَوْمِي لِطَيْفِ الخيالِ، ***أَرَّقَ مِنْ نازِحٍ ذِي دَلال
وطافَ الخَيالُ يَطِيفُ طَيْفًا ومطَافًا: أَلَمَّ فِي النَّوْمِ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ:
أَنَّى أَلمَّ بِكَ الخَيالُ يَطيفُ، ***ومطافُه لَكَ ذكْرةٌ وشُعُوفُ
وأَطافَ لُغَةٌ.
والطَّيْفُ والطِّيفُ: الخَيالُ نفسُه؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ.
والطَّيْفُ: المَسّ مِنَ الشَّيْطَانِ، " وَقُرِئَ: إِذَا مَسَّهُمْ طَيْفٌ مِنَ الشيطان، وطَائِف مِنَ الشَّيْطَانِ "، وَهُمَا بِمَعْنًى؛ وَقَدْ أَطاف وتَطَيَّف.
وَقَوْلُهُمْ طَيفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ كَقَوْلِهِمْ لَمَم مِنَ الشَّيْطَانِ؛ وأَنشد بَيْتَ أَبي العِيال الْهُذَلِيِّ: " فَإِذَا بِهَا وأَبيك طَيْفُ جُنونِ وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: قَدْ أَصاب هَذَا الغلامَ لَممٌ أَو طَيْفٌ مِنَ الْجِنِّ»أَي عَرضَ لَهُ عارِضٌ مِنْهُمْ، وأَصل الطَّيف الْجُنُونُ ثُمَّ استعْمل فِي الْغَضَبِ ومَسِّ الشَّيْطَانِ.
يُقَالُ: طَافَ يَطِيفُ ويَطُوفُ طَيْفًا وطَوْفًا، فَهُوَ طَائِف، ثُمَّ سُمِّيَ بِالْمَصْدَرِ؛ وَمِنْهُ طَيْفُ الْخَيَالِ الَّذِي يَرَاهُ النَّائِمُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «فَطَافَ بِي رَجُلٌ وأَنا نَائِمٌ».
والطِّيافُ: سَوادُ اللَّيْلِ؛ وأَنشد اللَّيْثُ: " عِقْبان دَجْنٍ بادَرَت طِيَافا فصل الظاء المعجمة ظأف: ظَأَفَه ظَأْفًا: طَرَدَه طَرْدًا مُرْهِقًا له.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
69-لسان العرب (حلق)
حلق: الحَلْقُ: مَساغ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ فِي المَريء، وَالْجَمْعُ الْقَلِيلُ أَحْلاقٌ؛ قَالَ:إِنَّ الَّذِينَ يَسُوغُ فِي أَحْلاقِهم ***زادٌ يُمَنُّ عليهمُ، للِئامُ
وأَنشده الْمُبَرِّدُ: فِي أَعْناقِهم، فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ عَلِيُّ بْنُ حَمزَة، وَالْكَثِيرُ حُلوق وحُلُقٌ؛ الأَخيرة عَزِيزة؛ أَنشد الْفَارِسِيُّ: " حَتَّى إِذا ابْتَلَّتْ حلاقِيمُ الحُلُقْ "الأَزهري: مَخْرَجُ النَّفَسِ مِنَ الحُلْقُوم وَمَوْضِعُ الذَّبْحِ هُوَ أَيضًا مِنَ الحَلْق.
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: الْحَلْقُ مَوْضِعُ الغَلْصَمة والمَذْبَح.
وحَلَقه يَحْلُقُه حَلْقًا: ضَرَبَهُ فأَصاب حَلْقَه.
وحَلِقَ حَلَقًا: شَكَا حَلْقَه، يَطَّرِدُ عَلَيْهِمَا بَابٌ.
ابْنُ الأَعرابي: حلَق إِذا أَوجَع، وحَلِقَ إِذا وجِعَ.
والحُلاقُ: وجَعٌ فِي الحَلْق والحُلْقُوم كالحَلْق، فُعْلُوم عند الْخَلِيلِ، وفُعْلُول عِنْدَ غَيْرِهِ، وسيأْتي.
وحُلُوق الأَرض: مَجارِيها وأَوْدِيتها عَلَى التَّشْبِيهِ بالحُلوق الَّتِي هِيَ مَساوِغُ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَكَذَلِكَ حُلوق الْآنِيَةِ والحِياض.
وحَلَّقَ الإِناءُ مِنَ الشَّرَابِ: امْتلأَ إِلَّا قَلِيلًا كأَنَّ مَا فِيهِ مِنَ الْمَاءِ انْتَهَى إِلى حَلْقِه، ووَفَّى حلْقَةَ حَوْضِهِ: وَذَلِكَ إِذا قَارَبَ أَن يملأَه إِلَى حَلْقه.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ وفَّيْت حَلْقة الْحَوْضِ تَوفِيةً والإِناء كَذَلِكَ.
وحَلْقةُ الإِناء: مَا بَقِيَ بَعْدَ أَن تَجْعَلَ فِيهِ مِنَ الشَّرَابِ أَو الطَّعَامِ إِلى نِصْفِهِ، فَمَا كَانَ فَوْقَ النِّصْفِ إِلى أَعلاه فَهُوَ الْحَلْقَةُ؛ وأَنشد: " قامَ يُوَفِّي حَلْقَةَ الحَوْضِ فَلَجْ "قَالَ أَبو مَالِكٍ: حَلْقة الْحَوْضِ امْتِلاؤُه، وَحَلْقَتُهُ أَيضًا دُونَ الِامْتِلَاءِ؛ وأَنشد: " فَوافٍ كَيْلُها ومُحَلِّقُ "والمُحلِّق: دُونَ المَلْء؛ وَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:
أَخافُ بأَن أُدْعَى وحَوْضِي مُحَلِّقٌ، ***إِذا كَانَ يومُ الحَتْف يومَ حِمامِي
وحَلَّق ماءُ الْحَوْضِ إِذا قلَّ وَذَهَبَ.
وحلَّق الحوضُ: ذَهَبَ ماؤُه؛ قَالَ الزَّفَيانُ:
ودُونَ مَسْراها فَلاةٌ خيْفَقُ، ***نَائِي الْمِيَاهِ، ناضبٌ مُحَلِّقُ
وحَلَّقَ المكُّوكُ إِذا بَلَّغَ مَا يُجعل فِيهِ حَلْقَه.
والحُلُق: الأَهْوِية بَيْنَ السَّمَاءِ والأَرض، وَاحِدُهَا حالِقٌ.
وَجَبَلٌ حَالِقٌ: لَا نَبَاتَ فِيهِ كأَنه حُلِق، وَهُوَ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ؛ كَقَوْلِ بِشْرُ بْنُ أَبي خَازِمٍ:
ذَكَرْتُ بِهَا سَلْمَى، فبِتُّ كأَنَّني ***ذَكَرْتُ حَبيبًا فاقِدًا تَحْتَ مَرْمَسِ
أَراد مَفْقودًا، وَقِيلَ: الْحَالِقُ مِنَ الْجِبَالِ المُنِيفُ المُشْرِف، وَلَا يَكُونُ إِلا مَعَ عَدَمِ نَبَاتٍ.
وَيُقَالُ: جَاءَ مِنْ حَالِقٍ أَي مِنْ مَكَانٍ مُشرف.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعث: «فهَمَمْتُ أَن أَطرح بِنَفْسِي مِنْ حالِق»؛ أي جَبَلٍ عالٍ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ: «لَمَّا نَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ كُنَّا نَعْمِد إِلى الحُلْقانةِ فنَقْطَع مَا ذَنَّبَ مِنْهَا»؛ يُقَالُ للبُسر إِذا بَدَا الإِرْطاب فِيهِ مِنْ قِبل ذَنَبِه التَّذْنوبة، فإِذا بَلَغَ نِصْفَهُ فهو مُجَزَّع، فإِذا بلغ ثُلُثيه فهو حُلْقان ومُحَلْقِنٌ؛ يُرِيدُ أَنه كَانَ يَقْطَعُ مَا أَرطب مِنْهَا وَيَرْمِيهِ عِنْدَ الِانْتِبَاذِ لِئَلَّا يَكُونَ قَدْ جَمع فِيهِ بَيْنَ البُسْر والرُّطب؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" بَكَّار: مَرَّ بِقَوْمٍ يَنالُون مِنَ الثَّعْد والحُلْقان.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: بُسرة حُلْقانة بَلَغَ الإِرْطاب حَلْقَهَا وَقِيلَ هِيَ الَّتِي بَلَغَ الإِرْطاب قَرِيبًا مِنَ الثُّفروق مِنْ أَسْفَلِهَا وَالْجَمْعُ حُلْقانٌ ومُحَلْقِنة وَالْجَمْعُ مُحَلْقِنٌ.
وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: يُقَالُ حلَّق البُسر وَهِيَ الحَواليقُ، بِثَبَاتِ الْيَاءِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهَذَا الْبِنَاءُ عِنْدِي عَلَى النَّسَبِ إِذ لَوْ كَانَ عَلَى الْفِعْلِ لَقَالَ: مَحاليق، وأَيضًا فإِني لَا أَدري مَا وَجْهُ ثَبَاتِ الْيَاءِ فِي حَواليق.
وحَلْق التَّمْرَةِ والبُسرة: مُنْتَهَى ثُلثيها كأَن ذَلِكَ مَوْضِعُ الْحَلْقِ مِنْهَا.
والحَلْقُ: حَلْقُ الشَّعْرِ.
والحَلْقُ: مَصْدَرُ قَوْلِكَ حَلق رأْسه.
وحَلَّقوا رؤُوسهم: شَدَّدَ لِلْكَثْرَةِ.
والاحْتِلاقُ: الحَلْق.
يقال: حَلق مَعَزه، ولا يقال: جَزَّه إِلا فِي الضأْن، وَعَنْزٌ مَحْلوقة، وحُلاقة المِعزى، بِالضَّمِّ: مَا حُلِق مِنْ شَعْرِهِ.
وَيُقَالُ: إِن رأْسه لَجيِّد الحِلاق.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الحَلْق فِي الشَّعْرِ مِنَ النَّاسِ وَالْمَعْزِ كالجَزّ فِي الصُّوفِ، حلَقه يَحلِقه حَلْقًا فَهُوَ حالقٌ وحلاقٌ وحلَقَه واحْتَلَقه؛ أَنشد ابْنُ الأَعرابي:
لَا هُمَّ، إِن كَانَ بنُو عَمِيرهْ ***أَهْلُ [أَهْلِ] التِّلِبِّ هَؤُلَا مَقْصُورهْ
، فابْعَثْ عَلَيْهِمْ سَنةً قاشُورة، ***تَحْتَلِقُ المالَ احْتلاقَ النُّورهْ
وَيُقَالُ: حَلق مِعْزاه إِذا أَخذ شَعْرَهَا، وجزَّ ضأْنَه، وَهِيَ مِعْزى مَحْلُوقة وحَلِيقة، وَشَعْرٌ مَحْلوق.
وَيُقَالُ: لِحْيَةٌ حَليق، وَلَا يُقَالُ حَلِيقة.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: ورأْس حَلِيقٌ مَحْلُوقٌ؛ قَالَتِ الْخَنْسَاءُ:
وَلَكِنِّي رأَيتُ الصبْر خَيْرًا ***مِنَ النَّعْلَينِ والرأْسِ الحَلِيق
والحُلاقةُ: مَا حُلِقَ مِنْهُ يَكُونُ ذَلِكَ فِي النَّاسِ وَالْمَعْزِ.
والحَلِيقُ: الشَّعْرُ الْمَحْلُوقُ، والجمع حِلاقٌ.
واحْتلقَ بالمُوسَى.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ}.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ صَلَق أَو حَلق» أَي لَيْسَ مِنْ أَهل سُنَّتنا مَنْ حلَق شَعْرَهُ عِنْدَ المُصيبة إِذا حلَّت بِهِ.
وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لُعِنَ مِنَ النِّسَاءِ الْحَالِقَةُ والسالِقةُ والخارِقةُ.
وَقِيلَ: أَراد بِهِ الَّتِي تَحلِق وَجْهَهَا لِلزِّينَةِ؛ وَفِي حَدِيثٍ: " لَيْسَ مِنَّا مَنْ سلَق أَو حلَق أَو خَرق أَي لَيْسَ مِنْ سنَّتنا رَفْعُ الصَّوْتِ فِي المَصائب وَلَا حلْقُ الشَّعْرِ وَلَا خَرْقُ الثِّيَابِ.
وَفِي حَدِيثِ الحَجّ: «اللهمَّ اغْفر للمُحَلِّقِين»قَالَهَا ثَلَاثًا؛ المحلِّقون الَّذِينَ حلَقوا شُعُورَهُمْ فِي الْحَجِّ أَو العُمرة وخصَّهم بِالدُّعَاءِ دُونَ الْمُقَصِّرِينَ، وَهُمُ الَّذِينَ أَخذوا مِنْ شُعُورِهِمْ وَلَمْ يَحلِقوا لأَن أَكثر مَنْ أَحرم مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ هَدْيٌ، وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ سَاقَ الهَدْيَ، ومَن مَعَهُ هَدْيْ لَا يَحلِق حَتَّى يَنْحَر هديَه، فَلَمَّا أَمرَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ أَن يَحْلِقَ ويحِلَّ، وجَدُوا فِي أَنفسهم مِنْ ذَلِكَ وأَحبُّوا أَن يأَذَن لَهُمْ فِي المُقام عَلَى إِحرامهم حَتَّى يُكْمِلُوا الْحَجَّ، وَكَانَتْ طاعةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَولى بِهِمْ، فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ بُدٌّ مِنَ الإِحْلال كَانَ التَّقْصِيرُ فِي نُفوسهم أَخفّ مِنَ الْحَلْقِ، فَمَالَ أَكثرهم إِليه، وَكَانَ فِيهِمْ مَنْ بَادَرَ إِلى الطَّاعَةِ وَحَلَقَ وَلَمْ يُراجِع، فَلِذَلِكَ قدَّم المحلِّقين وأَخَّر المقصِّرين.
والمِحْلَقُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الكِساءُ الَّذِي يَحْلِق الشَّعْرَ مِنْ خِشونته؛ قَالَ عُمارة بْنُ طارِقٍ يَصِفُ إِبلًا تَرِدُ الماءَ فَتَشْرَبُ:
يَنْفُضْنَ بالمَشافِر الهَدالِقِ، ***نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
والمَحاشِئُ: أَكْسِية خَشِنةٌ تَحْلِقُ الْجَسَدَ، وَاحِدُهَا مِحْشأ، بِالْهَمْزِ، وَيُقَالُ: مِحْشاة، بِغَيْرِ هَمْزٍ، والهَدالِقُ: جَمْعُ هِدْلق وَهِيَ المُسْتَرْخِيَةُ.
والحَلَقةُ: الضُّروعُ المُرْتَفعةُ.
وضَرْعٌ حالقٌ: ضخْم يَحْلِقُ شَعْرَ الْفَخْذَيْنِ مِنْ ضِخَمِه.
وَقَالُوا: بَيْنَهُمُ احْلِقِي وقُومي أَي بَيْنَهُمْ بَلاءٌ وشدَّة وَهُوَ مِنْ حَلْق الشَّعْرِ كَانَ النساءُ يَئمْن فيَحلِقْن شُعورَهنَّ؛ قَالَ:
يومُ أَدِيمِ بَقَّةَ الشَّرِيمِ ***أَفضلُ مِنْ يومِ احْلِقي وقُومِي
ابْنُ الأَعرابي: الحَلْقُ الشُّؤْم.
وَمِمَّا يُدعَى بِهِ عَلَى المرأَة: عَقْرَى حَلْقَى، وعَقْرًا حَلْقًا فأَمّا عقرَى وَعَقْرًا فَسَنَذْكُرُهُ فِي حَرْفِ الْعَيْنِ، وأَما حلْقَى وَحَلْقًا فَمَعْنَاهُ أَنه دُعِيَ عَلَيْهَا أَن تَئِيمَ مِنْ بَعْلِهَا فتَحْلِق شَعْرَهَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَوجع اللَّهُ حَلْقها، وَلَيْسَ بِقَوِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقِيلَ معناه أَنها مَشْؤُومةٌ، وَلَا أَحُقُّها.
وَقَالَ الأَزهري: حَلْقَى عقْرى مشؤُومة مُؤْذِية.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لصَفِيَّة بِنْتِ حُيَيٍّ حِينَ قِيلَ لَهُ يَوْمَ النَّفْر إِنها نَفِسَت أَو حَاضَتْ فَقَالَ: عَقْرَى حَلْقَى مَا أَراها إِلَّا حابِسَتنا»؛ مَعْنَاهُ عَقَر اللَّهُ جَسدَها وحلَقها أَي أَصابها بِوَجَعٍ فِي حَلْقها، كَمَا يُقَالُ رأَسَه وعضَده وصَدَره إِذا أَصاب رأْسَه وعضُدَه وصَدْره.
قَالَ الأَزهري: وأَصله عَقْرًا حَلْقًا، وأَصحاب الْحَدِيثِ يَقُولُونَ عقرَى حلقَى بِوَزْنِ غَضْبَى، حَيْثُ هُوَ جارٍ عَلَى المؤَنث، وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ التَّنْوِينُ عَلَى أَنه مَصْدَرُ فَعل مَتْرُوكِ اللَّفْظِ، تَقْدِيرُهُ عقَرها اللَّهُ عقْرًا وحلَقها اللَّهُ حَلْقًا.
وَيُقَالُ للأَمر تَعْجَبُ مِنْهُ: عقْرًا حَلْقًا، وَيُقَالُ أَيضًا للمرأَة إِذا كانت مؤْذِية مشؤُومة؛ وَمِنْ مَوَاضِعِ التَّعَجُّبِ قولُ أُمّ الصَّبِيِّ الَّذِي تكلَّم: عَقْرَى أَوَكان هَذَا مِنْهُ قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ عِنْدَ الأَمر تَعْجَبُ مِنْهُ: خَمْشَى وعَقْرى وحَلْقى كأَنه مِنَ العَقْر والحَلْقوالخَمْش؛ وأَنشد:
أَلا قَوْمِي أُولُو عَقْرَى وحَلْقَى ***لِما لاقَتْ سَلامانُ بْنُ غَنْمِ
وَمَعْنَاهُ قَومِي أُولُو نساءٍ قَدْ عَقَرْن وجُوههن فخدَشْنَها وحَلَقْن شُعُورَهُنَّ مُتَسَلِّباتٍ عَلَى مَنْ قُتل مِنْ رِجَالِهَا؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هَذَا الْبَيْتُ رَوَاهُ ابْنُ القطَّاع: " أَلا قَومي أُولو عَقْرَى وحَلْقَى يُرِيدُونَ أَلا قَوْمِي ذَوو نساءٍ قَدْ عَقَرْنَ وجوهَهنَّ وحلقن رؤُوسهن، قَالَ: وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الهَرَوِيّ فِي الْغَرِيبَيْنِ قَالَ: وَالَّذِي رَوَاهُ ابْنُ السِّكِّيتِ: أَلا قُومِي إِلى عقْرى وحلْقى "قَالَ: وفسَّره عُثْمَانُ بْنُ جِنِّي فَقَالَ: قَوْلُهُمْ عَقْرَى حَلْقَى، الأَصل فِيهِ أَن المرأَة كَانَتْ إِذا أُصِيب لَهَا كَرِيمٌ حلَقَت رأْسها وأَخذت نَعْلين تَضْرِبُ بِهِمَا رأْسَها وتعقِره؛ وَعَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الْخَنْسَاءِ:
فَلَا وأَبِيكَ، مَا سَلَّيْتُ نَفْسِي ***بِفاحِشةٍ أَتَيتُ، وَلَا عُقوقِ
ولكنِّي رأَيتُ الصَّبْر خَيرًا ***مِنَ النَّعلين والرأْسِ الحَليقِ
يُرِيدُ إِن قَوْمِي هَؤُلَاءِ قَدْ بَلَغَ بِهِمْ مِنَ البَلاء مَا يبلُغ بالمرأَة الْمَعْقُورَةِ الْمَحْلُوقَةِ، وَمَعْنَاهُ أَنهم صَارُوا إِلى حَالِ النساءِ المَعْقُورات الْمَحْلُوقَاتِ.
قَالَ شَمِرٌ: رَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَقْرًا حَلْقًا، فَقُلْتُ لَهُ: لَمْ أَسمع هَذَا إِلا عقرَى حلقَى، فَقَالَ: لَكِنِّي لَمْ أَسمع فَعْلى عَلَى الدُّعَاءِ، قَالَ شَمِرٌ: فَقُلْتُ لَهُ قَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ إِن صِبيانَ الْبَادِيَةِ يَلْعَبُونَ وَيَقُولُونَ مُطَّيْرَى عَلَى فُعَّيْلى، وَهُوَ أَثقل مِنْ حَلْقَى، قَالَ: فَصَيَّرَهُ فِي كِتَابِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ: مُنَوَّنًا وَغَيْرَ منوَّن.
وَيُقَالُ: لَا تَفعل ذَلِكَ أُمُّك حالِقٌ أَي أَثْكلَ اللَّهُ أُمَّك بِكَ حَتَّى تَحلِق شَعْرَهَا، والمرأَةُ إِذا حلَقت شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ حالِقةٌ وحَلْقَى.
ومثَلٌ لِلْعَرَبِ: لأُمّك الحَلْقُ وَلِعَيْنِكَ العُبْرُ.
والحَلْقَةُ: كلُّ شيءٍ اسْتَدَارَ كحَلْقةِ الْحَدِيدِ والفِضّة وَالذَّهَبِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي النَّاسِ، وَالْجَمْعُ حِلاقٌ عَلَى الْغَالِبِ، وحِلَقٌ عَلَى النَّادِرِ كهَضْبة وهِضَب، والحَلَقُ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَلَيْسَ بِجَمْعٍ لأَن فَعْلة لَيْسَتْ مِمَّا يكسَّر عَلَى فَعَلٍ، وَنَظِيرُ هَذَا مَا حَكَاهُ مِنْ قَوْلِهِمْ فَلْكَةٌ وفَلَكٌ، وَقَدْ حَكَى سِيبَوَيْهِ فِي الحَلْقة فَتْحَ اللَّامِ وأَنكرها ابْنُ السِّكِّيتِ وَغَيْرُهُ، فَعَلَى هَذِهِ الْحِكَايَةِ حلَقٌ جَمْعُ حلَقة وَلَيْسَ حِينَئِذٍ اسْمَ جَمْعٍ كَمَا كَانَ ذَلِكَ فِي حلَق الَّذِي هُوَ اسْمُ جَمْعٍ لحَلْقة، وَلَمْ يَحمِل سِيبَوَيْهِ حلَقًا إِلا عَلَى أَنه جَمْعُ حَلْقة وإِن كَانَ قَدْ حَكَى حلَقة بِفَتْحِهَا.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: حَلْقة الْبَابِ وحلَقته، بإِسكان اللَّامِ وَفَتْحِهَا، وَقَالَ كُرَاعٌ: حلْقةُ الْقَوْمِ وحلَقتهم، وَحَكَى الأُمَوِيُّ: حِلْقة الْقَوْمِ، بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَهِيَ لُغَةُ بَنِي الحرت بْنِ كَعْبٍ، وَجَمْعُ الحِلْقةِ حِلَقٌ وحَلَق وحِلاقٌ، فأَما حِلَقٌ فَهُوَ بابُه، وأَما حَلَقٌ فإِنه اسْمٌ لِجَمْعِ حِلْقة كَمَا كَانَ اسْمًا لِجَمْعِ حَلْقةٍ، وأَما حِلاقٌ فَنَادِرٌ لأَن فِعالًا لَيْسَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى جَمْعِ فِعْلة.
الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ الحَلْقةُ، بالتخفِيف، مِنَ الْقَوْمِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ حَلَقة، وَقَالَ الأَصمعي: حَلْقة مِنَ النَّاسِ وَمِنْ حَدِيدٍ، وَالْجَمْعُ حِلَقٌ مِثْلَ بَدْرةٍ وبِدَر وقَصْعة وقِصَعٍ؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: أَختار فِي حلَقة الْحَدِيدِ فَتْحَ اللَّامِ وَيَجُوزُ الْجَزْمُ، وأَختار فِي حلْقة الْقَوْمِ الْجَزْمَ وَيَجُوزُ التَّثْقِيلُ؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: أَختار فِي حلْقة الْحَدِيدِ وحلْقةالنَّاسِ التَّخْفِيفَ، وَيَجُوزُ فِيهِمَا التَّثْقِيلُ، وَالْجَمْعُ عِنْدَهُ حَلَقٌ؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: هِيَ حلْقة الْبَابِ وحلْقة الْقَوْمِ، وَالْجَمْعُ حِلَق وحِلاق.
وَحَكَى يُونُسُ عَنْ أَبي عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ حلَقة فِي الْوَاحِدِ، بِالتَّحْرِيكِ، وَالْجَمْعُ حَلَقٌ وحَلَقات؛ وَقَالَ ثَعْلَبٌ: كُلُّهُمْ يُجِيزُهُ عَلَى ضَعْفِهِ وأَنشد:
مَهْلًا بَني رُومانَ، بعضَ وَعيدكم ***وإِيّاكُم والهُلْبَ منِّي عَضارِطا
أَرِطُّوا، فَقَدْ أَقْلَقْتُمُ حَلَقاتِكمْ، ***عسَى أَن تَفُوزوا أَن تَكُونُوا رَطائطا
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَقُولُ قَدِ اضْطَرَبَ أَمرُكم مِنْ بَابِ الجِدِّ وَالْعَقْلِ فتَحامَقُوا عَسَى أَن تفُوزوا؛ والهُلْبُ: جَمْعُ أَهْلَبَ، وَهُوَ الْكَثِيرُ شَعْرِ الأُنثيين، والعِضْرِطُ: العِجانُ، وَيُقَالُ: إِن الأَهلَبَ العِضرِطِ لَا يُطاق؛ وَقَدِ اسْتَعْمَلَ الْفَرَزْدَقُ حَلَقة فِي حلْقةِ الْقَوْمِ قَالَ:
يَا أَيُّها الجالِسُ، وسْطَ الحَلَقهْ، ***أَفي زِنًا قُطِعْتَ أَمْ فِي سَرِقَهْ؟
وَقَالَ الرَّاجِزُ:
أُقْسِمُ بِاللَّهِ نُسْلِمُ الحَلَقهْ ***وَلَا حُرَيْقًا، وأُخْتَه الحُرَقهْ
وَقَالَ آخَرُ:
حَلَفْتُ بالمِلْحِ والرَّمادِ وبالنارِ ***وَبِاللَّهِ نُسْلِمُ الحَلَقهْ
حَتَّى يَظَلَّ الجَوادُ مُنْعَفِرًا، ***ويَخْضِبَ القَيْلُ عُرْوَةَ الدَّرَقهْ
ابْنُ الأَعرابي: هُمْ كالحَلَقةِ المُفْرَغة لَا يُدْرَى أَيُّها طَرَفُها؛ يُضْرَبُ مَثَلًا لِلْقَوْمِ إِذا كَانُوا مُجتمعين مؤتَلِفين كلمتهُم وأَيديهم واحدة لا يَطْمَعُ عَدوُّهم فِيهِمْ وَلَا يَنال مِنْهُمْ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَنه نَهى عَنِ الحِلَقِ قَبْلَ الصَّلاةِ، وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ التَّحَلُّقِ»؛ أَراد قَبْلَ صَلَاةِ الجُمعة؛ الحِلَقُ، بِكَسْرِ الْحَاءِ وَفَتْحِ اللَّامِ: جَمْعُ الحَلْقة مِثْلَ قَصْعة وقِصَعٍ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ مُسْتَدِيرُونَ كحلْقة الْبَابِ وَغَيْرِهَا.
والتَّحَلُّق، تفَعُّل مِنْهَا: وَهُوَ أَن يتَعمَّدوا ذَلِكَ.
وتَحلَّق القومُ: جَلَسُوا حَلْقة حَلْقة.
وَفِي الْحَدِيثِ: «لَا تُصَلُّوا خَلْف النيِّام وَلَا المُتَحَلِّقين» أَي الجُلوسِ حِلَقًا حِلَقًا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الْجَالِسُ وسْط الحلَقة مَلْعُونٌ لأَنه إِذا جَلَسَ فِي وسَطِها اسْتَدْبَرَ بعضَهم بِظَهْرِهِ فيُؤذيهم بِذَلِكَ فيَسبُّونه ويلْعَنُونه»؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «لَا حِمَى إِلا فِي ثَلَاثٍ، وَذَكَرَ حَلْقة الْقَوْمِ أَي لَهُمْ أَن يَحْمُوها حَتَّى لَا يَتَخَطَّاهم أَحَد وَلَا يَجلس فِي وَسَطِهَا».
وَفِي الْحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ حِلَقِ الذَّهَبِ»؛ هِيَ جَمْعُ حَلْقةٍ وَهِيَ الخاتمُ بِلَا فَصّ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثِ: «مَنْ أَحَبّ أَن يُحَلِّق جَبِينَهُ حَلْقة مِنْ نَارٍ فلْيُحَلِّقْه حَلْقة مِنْ ذَهَبٍ»؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ يأْجُوج ومأْجُوج: " فُتِحَ اليومَ مِنْ رَدْمِ يأْجوجَ ومأْجوجَ مِثْلُ هَذِهِ وحَلَّق بإِصْبَعِه الإِبْهام وَالَّتِي تَلِيهَا وعقَد عَشْرًا أَي جَعَلَ إِصْبَعيْه كالحَلْقة، وعَقْدُ الْعَشْرَةِ: مِنْ مُواضَعات الحُسّاب، وَهُوَ أَن يَجْعَلَ رأْس إِصْبَعه السَّبَّابَةِ فِي وَسَطِ إِصبعه الإِبهام ويَعْملهما كالحَلْقة.
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبو يُوسُفَ سَمِعْتُ أَبا عَمْرٍو الشَّيْبَانِيَّ يَقُولُ: لَيْسَ فِي الْكَلَامِ حلَقة، بِالتَّحْرِيكِ، إِلا فِي قَوْلِهِمْ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ حَلَقةٌ لِلَّذِينِ يَحلِقون الشَّعْرَ، وَفِي التَّهْذِيبِ: لِلَّذِينِ يحلقونَ المِعْزى، جَمْعُ حالِقٍ.
وأَما قَوْلُ الْعَرَبِ: التَقَتْ حلَقتا البِطان، بِغَيْرِ حَذْفِ أَلف حلْقتا لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ اللَّامِ، فإِنهم جَمَعُوا فِيهَا بَيْنَ سَاكِنَيْنِ فِي الْوَصْلِ غَيْرَ مُدْغَمٍ أَحدهما فِي الْآخَرِ، وَعَلَى هَذَا قِرَاءَةُ "نَافِعٍ: مَحْيايْ ومَماتي، بِسُكُونِ يَاءِ مَحيايْ، وَلَكِنَّهَا مَلْفُوظٌ بِهَا مَمْدُودَةٌ وَهَذَا مَعَ كَوْنِ الأَوّل مِنْهُمَا حَرْفَ مَدٍّ؛ وَمِمَّا جَاءَ فِيهِ بِغَيْرِ حَرْفِ لِينٍ، وَهُوَ شاذٌّ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، قَوْلُهُ:
رَخِّينَ أَذْيالَ الحِقِيِّ وارْتَعْنْ ***مَشْيَ حَمِيّات كأَنْ لَمْ يُفْزَعْنْ،
إِنْ يُمْنَعِ اليومَ نِساء تُمْنَعْنْ قَالَ الأَخفش: أَخبرني بَعْضُ مَنْ أَثق بِهِ أَنه سَمِعَ:
أَنا جَريرٌ كُنْيَتي أَبو عَمْرْ، ***أَجُبُنًا وغَيْرةً خَلْفَ السِّتْرْ
قَالَ: وَسَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ: أَنا ابنُ ماوِيّة إِذا جَدَّ النَّقْرْ "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالَ ابْنُ جِنِّي لِهَذَا ضَرْبٌ مِنَ الْقِيَاسِ، وَذَلِكَ أَنّ السَّاكِنَ الأَوّل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدًّا فإِنه قَدْ ضارَع لِسُكُونِهِ الْمَدَّةَ، كَمَا أَن حَرْفَ اللِّينِ إِذا تَحَرَّكَ جَرَى مَجرى الصَّحِيحِ، فَصَحَّ فِي نَحْوِ عِوَضٍ وحِولٍ، أَلا تَرَاهُمَا لَمْ تُقْلب الحركةُ فِيهِمَا كَمَا قُلِبَتْ فِي رِيحٍ ودِيمة لِسُكُونِهَا؟ وَكَذَلِكَ مَا أُعِلّ لِلْكَسْرَةِ قَبْلَهُ نَحْوَ مِيعاد ومِيقات، وَالضَّمَّةِ قَبْلَهُ نَحْوَ مُوسر ومُوقن إِذا تَحَرَّكَ صَحَّ فَقَالُوا مَواعِيدُ ومَواقيتُ ومَياسيرُ ومَياقِينُ، فَكَمَا جَرَى الْمَدُّ مَجْرَى الصَّحِيحِ بِحَرَكَتِهِ كَذَلِكَ يَجْرِي الْحَرْفُ الصَّحِيحُ مَجْرَى حَرْفِ اللِّينِ لِسُكُونِهِ، أَوَلا تَرَى مَا يَعرِض لِلصَّحِيحِ إِذا سَكَنَ مِنَ الإِدغام وَالْقَلْبِ نَحْوَ مَنْ رأَيت وَمَنْ لقِيت وَعَنْبَرٍ وامرأَة شَنْباء؟ فإِذا تَحَرَّكَ صَحَّ فَقَالُوا الشنَب وَالْعَنْبَرُ وأَنا رأَيت وأَنا لقِيت، فَكَذَلِكَ أَيضًا تَجْرِي الْعَيْنُ مِنِ ارتعْن، وَالْمِيمُ مِنْ أَبي عمْرو، وَالْقَافُ مِنَ النقْر لِسُكُونِهَا مَجْرَى حَرْفِ الْمَدِّ فَيَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَ السَّاكِنِ بَعْدَهَا.
وَفِي الرَّحِمِ حَلْقتانِ: إِحداهما الَّتِي عَلَى فَمِ الفرْج عِنْدَ طرَفه، والأُخرى الَّتِي تنضمُّ عَلَى الْمَاءِ وَتَنْفَتِحُ لِلْحَيْضِ، وَقِيلَ: إِنما الأُخرى الَّتِي يُبالُ مِنْهَا.
وحَلَّق القمرُ وتحلَّق: صَارَ حولَه دارةٌ.
وَضَرَبُوا بُيُوتَهُمْ حِلاقًا أَي صَفًّا وَاحِدًا حَتَّى كأَنها حَلْقة.
وحلَّقَ الطائرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ واسْتدارَ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
إِذا مَا التَقَى الجَمْعانِ، حَلَّقَ فوقَهمْ ***عَصائبُ طَيْرٍ تَهْتَدِي بِعصائبِ
وَقَالَ غَيْرُهُ:
ولوْلا سُليْمانُ الأَمِيرُ لحَلَّقَتْ ***بِهِ، مِن عِتاقِ الطيْرِ، عَنْقاءُ مُغْرِب
وإِنما يُرِيدُ حلَّقت فِي الهَواء فَذَهَبَتْ بِهِ؛ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ أَنشده ثَعْلَبٌ:
فحَيَّتْ فحيَّاها، فهَبَّتْ فحَلَّقَتْ ***مَعَ النجْمِ رُؤْيا، فِي المَنامِ، كذُوبُ
وَفِي الْحَدِيثِ: «نَهَى عَنْ بَيْعِ المُحلِّقاتِ» أَي بيعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ.
وَرَوَى أَنس بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ والشمسُ بَيْضَاءُ مُحَلِّقةٌ فأَرجِع إِلى أَهلي فأَقول صلُّوا "؛ قَالَ شَمِرٌ: مُحلِّقة أَي مُرْتَفِعَةٌ؛ قَالَ: تَحْلِيقُ الشَّمْسِ مِنْ أَوَّل النَّهَارِ ارْتِفَاعُهَا مِنَ المَشرِق وَمِنْ آخِرِ النَّهَارِ انْحِدارُها.
وَقَالَ شَمِرٌ: لَا أَدري التَّحْلِيقَ إِلا الارتفاعَ فِي الْهَوَاءِ.
يُقَالُ: حلَّق النجمُ إِذا ارْتَفَعَ، وتَحْلِيقُ الطائرِ ارْتِفَاعُهُ فِي طَيَرانه، وَمِنْهُ حَلَّقَ الطائرُ فِي كَبِد السَّمَاءِ إِذا ارْتَفَعَ وَاسْتَدَارَ؛ قَالَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الأَسَدي" فِي النَّجْمِ:
رُبَّ مَنْهَلٍ طاوٍ ورَدْتُ، وَقَدْ خَوَى ***نَجْمٌ، وحَلَّقَ فِي السَّمَاءِ نُجومُ
خَوى: غابَ؛ وَقَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الطَّائِرِ:
ورَدْتُ احْتِسافًا والثُّرَيَّا كأَنَّها، ***عَلَى قِمّةِ الرأْسِ، ابنُ مَاءٍ مُحَلِّقُ
وَفِي حَدِيثٍ: فحلَّقَ بِبَصَرِهِ إِلى السَّمَاءِ كَمَا يُحلِّقُ الطَّائِرُ إِذا ارْتَفَعَ فِي الْهَوَاءِ "أَي رفَعه؛ وَمِنْهُ الحالِقُ: الْجَبَلُ المُنِيفُ المُشْرِف.
والمُحلَّقُ: مَوْضِعُ حَلْقِ الرأْسِ بِمنًى؛ وأَنشد: " كلَّا ورَبِّ البيْتِ والمُحلَّقِ "والمُحلِّق، بِكَسْرِ اللَّامِ: اسْمُ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ بَكْر بْنِ كِلاب مِنْ بَنِي عَامِرٍ مَمْدُوحِ الأَعشى؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: المُحلِّق اسْمُ رَجُلٍ سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَن فَرَسَهُ عضَّته فِي وَجْهِهِ فتركَتْ بِهِ أَثرًا عَلَى شَكْلِ الحَلقة؛ وإِياه عَنَى الأَعشى بِقَوْلِهِ:
تُشَبُّ لِمَقْرورَيْنِ يَصْطَلِيانِها، ***وباتَ عَلَى النارِ النَّدَى والمُحَلِّقُ
وَقَالَ أَيضًا:
تَرُوحَ عَلَى آلِ المُحَلِّقِ جَفْنةٌ، ***كجابِيةِ الشيخِ العِراقِيِّ تَفْهَقُ
وأَما قَوْلُ النَّابِغَةِ الجَعْدِي:
وذكَرْتَ مِنْ لبَنِ المُحَلَّق شَرْبَةً، ***والخَيْلُ تَعْدُو بالصَّعِيدِ بَدادِ
فَقَدْ زَعَمَ بَعْضُ أَهل اللُّغَةِ أَنه عَنَى نَاقَةً سمَتُها عَلَى شَكْلِ الحَلْقة وذكَّر عَلَى إِرادةِ الشَّخْصِ أَن الضَّرْع؛ هَذَا قَوْلُ ابْنِ سِيدَهْ، وأَورد الْجَوْهَرِيُّ هَذَا الْبَيْتَ وَقَالَ: قَالَ عَوْقُ بْنُ الخَرِع يُخَاطِبُ لَقيطَ بْنِ زُرارةَ، وأَيده ابْنُ بَرِّيٍّ فَقَالَ: قَالَهُ يُعيِّره بأَخيه مَعْبَدٍ حِينَ أَسَرَه بَنُو عَامِرٍ فِي يَوْمِ رَحْرَحان وفرَّ عَنْهُ؛ وَقَبْلَ الْبَيْتِ:
هَلَّا كَرَرْتَ عَلَى ابنِ أُمِّك مَعْبَدٍ، ***والعامِرِيُّ يَقُودُه بصِفادِ
والمُحَلَّقُ مِنَ الإِبل: المَوْسوم بحلْقة فِي فَخْذِهِ أَو فِي أَصل أُذنه، ويقال للإِبل المُحَلَّقة حلَقٌ؛ قال جَنْدل الطُّهَوي:
قَدْ خَرَّبَ الأَنْضادَ تَنْشادُ الحَلَقْ ***مِنْ كلَ بالٍ وجْهُه بَلْيَ الخِرَقْ
يَقُولُ: خَرَّبوا أَنْضادَ بُيُوتِنَا مِنْ أَمتعتنا بطلَب الضَّوالِّ.
الْجَوْهَرِيُّ: إِبل مُحلَّقة وسْمُها الحَلَقُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ أَبي وجْزة السَّعْدِيِّ:
وذُو حَلَقٍ تَقْضِي العَواذِيرُ بَيْنَهَا، ***تَرُوحُ بأَخْطارٍ عِظامِ اللَّقائحِ
ابْنُ بَرِّيٍّ: العَواذِيرُ جَمْعُ عاذُور وَهُوَ وَسْم كالخَطّ، وَوَاحِدُ الأَخْطار خِطْر وَهِيَ الإِبل الْكَثِيرَةُ، وسكِّينٌ حالِقٌ وحاذِقٌ أَي حَدِيد.
والدُّرُوع تُسَمَّى حَلْقةً؛ ابْنُ سِيدَهْ: الحَلْقَةُ اسْمٌ لجُملة السِّلاح والدُّروع وَمَا أَشبهها وإِنما ذَلِكَ لِمَكَانِ الدُّرُوعِ، وغلبَّوا هَذَا النَّوْعَ مِنَ السِّلَاحِ، أَعني الدُّرُوعَ، " لشدَّة غَنائه، ويدُلك عَلَى أَن الْمُرَاعَاةَ فِي هَذَا إِنما هِيَ للدُّروع أَن النُّعْمَانَ قَدْ سمَّى دُروعه حَلْقة.
وَفِي صُلْحِ خَيْبَرَ: وَلِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصفْراء والبيْضاء والحلْقةُ "؛ الحلْقةُ، بِسُكُونِ اللَّامِ: السلاحُ عَامًّا، وَقِيلَ: هِيَ الدُّرُوعُ خَاصَّةً؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «وإِن لَنَا أَغْفالَ الأَرض والحَلْقَةَ».
ابْنُ سِيدَهْ: الحِلْق الْخَاتَمُ مِنَ الْفِضَّةِ بِغَيْرِ فَصّ، والحِلق، بِالْكَسْرِ، خَاتَمُ المُلْك.
ابْنُ الأَعرابي: أُعْطِيَ فُلَانٌ الحِلْقَ أَي خاتمَ المُلك يَكُونُ فِي يَدِهِ؛ قَالَ:
وأُعْطِيَ مِنّا الحِلْقَ أَبيضُ ماجِدٌ ***رَدِيفُ مُلوكٍ، مَا تُغبُّ نَوافِلُهْ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِجَرِيرٍ:
ففازَ، بِحِلْقِ المُنْذِرِ بنِ مُحَرِّقٍ***.
فَتًى منهمُ رَخْوُ النِّجاد كرِيمُ
والحِلْقُ: الْمَالُ الْكَثِيرُ.
يُقَالُ: جَاءَ فُلَانٌ بالحِلْق والإِحْرافِ.
وَنَاقَةٌ حالِقٌ: حافِل، وَالْجَمْعُ حوَالِقُ وحُلَّقٌ.
والحالِقُ: الضَّرْعُ المُمْتلئ لِذَلِكَ كأَنَّ اللبَن فِيهِ إِلى حَلْقه.
وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الْحَالِقُ الضَّرْعُ، وَلَمْ يُحَلِّه، وَعِنْدِي أَنه المُمْتلئ، وَالْجَمْعُ كَالْجَمْعِ؛ قَالَ الْحُطَيْئَةُ يَصِفُ الإِبل بالغَزارة:
وإِن لَمْ يكنْ إِلَّا الأَمالِيسُ أَصْبَحَتْ ***لَهَا حُلَّقٌ ضَرّاتُها، شَكِراتِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
70-لسان العرب (سلق)
سلق: السَّلْقُ: شِدَّةُ الصَّوْتِ، وسَلَق لُغَةٌ فِي صَلَق أَيْ صاحَ.الأَصمعي: الصَّوْتُ الشَّدِيدُ وَغَيْرُهُ بِالسِّينِ.
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَقَ أَو حَلَقَ، أَبو عُبَيْدٍ: سَلَق يَعْنِي رفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَ مَوْتِ إِنسان أَو عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَنْ تَصُكَّ المرأَةُ وجْهها وتَمْرُسَه، والأَول أَصح، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: لَعَنَ اللَّهُ السالقةَ والحالِقةَ، وَيُقَالُ بِالصَّادِ، وَقَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ: مَنْ سَلَق أَي خَمَشَ وَجْهَهُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ، ومِنَ السَّلْقِ رَفْعِ الصَّوْتِ قولُهم: خَطِيب مِسْلَق.
وسَلَقَه بِلِسَانِهِ يَسْلقه سلْقًا: أَسمعه ما يكره فأَكثر.
وسَلَقه بِالْكَلَامِ سَلْقًا إِذا آذَاهُ، وَهُوَ شِدَّةُ الْقَوْلِ بِاللِّسَانِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ}، أَي بالَغُوا فِيكُمْ بِالْكَلَامِ وخاصَمُوكم فِي الْغَنِيمَةِ أَشَدَّ مخاصمةٍ وأَبْلَغَها، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أَي خَاطَبُوكُمْ أَشَدَّ مُخاطبة وَهُمْ أَشِحَّة عَلَى الْمَالِ وَالْغَنِيمَةِ، الْفَرَّاءُ: سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ مَعْنَاهُ عَضُّوكم، يَقُولُ: آذَوكم بِالْكَلَامِ فِي الأَمر بأَلْسِنة سَلِيطة ذَرِبَة، قَالَ: وَيُقَالُ صَلَقوكم وَلَا يَجُوزُ فِي القراءَة.
ولسان مِسْلَقٌ: حديد ذَلِقٌ.
وَلِسَانٌ مِسْلَق وسَلَّاق: حَدِيدٌ.
وخَطِيب سَلَّاق: بَلِيغٌ فِي الخُطبة.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رِضْوَانُ اللَّه عَلَيْهِ: «ذَاكَ الخَطِيب المِسْلَق»، يُقَالُ: مِسْلَق ومِسْلاق إِذا كَانَ نِهَايَةً فِي الخِطابة، قَالَ الأَعشى:
فيهمُ الحَزْمُ والسَّماحةُ، والنَّجْدةُ ***فيهمْ، والخَاطِبُ السَّلَّاقُ
وَيُرْوَى المِسْلاق.
وَيُقَالُ: خَطِيبٌ مِسْقَع مِسْلَق، وَالْخَطِيبُ المِسْلاق: الْبَلِيغُ وَهُوَ مِنْ شِدَّةِ صَوْتِهِ وَكَلَامِهِ.
والسَّلْق: الضَّرْبُ.
وسلَقَه بالسَّوْط ومَلَقه أَي نَزَعَ جِلْدَهُ، وَيُفَسِّرُ ابنُ الْمُبَارَكِ قولَه: لَيْسَ مِنَّا مَنْ سَلَق، مِنْ هَذَا.
وسَلَق الشيءَ بالماءِ الْحَارِّ يَسْلُقه سَلْقًا: ضَرَبَه.
وسَلَقَ البَيْضَ والبَقل وغيرَه بِالنَّارِ: أَغلاه، وَقِيلَ: أَغلاه إِغلاءَةً خَفِيفَةً.
وسَلَقَ الأَدِيمَ سَلْقًا: دَهَنَهُ، وَكَذَلِكَ المَزادة، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ:
كأَنَّهما مَزادتا مُتَعَجِّلٍ ***فَرِيَّان لَمَّا يُسْلَقَا بِدِهان
وسَلَقَ ظهرَ بَعِيره يَسْلُقه سَلْقًا: أَدْبَره.
والسَّلْق والسَّلَق: أَثر دَبَرة البعير إِذا بَرَأَتْ وابيضَّ موضِعُها.
والسَّلِيقة: أَثر النِّسْع فِي الْجَنْبِ.
ابْنُ الأَعرابي: أَبْرأَ الدبَرُ إِذا بَرَأَ وَابْيَضَّ، قَالَ: وأَسْلَق الرجلُ إِذا ابْيَضَّ ظهْرُ بَعِيره بَعْدَ بُرْئِهِ مِنَ الدَّبَرِ.
يُقَالُ: مَا أَبْيَنَ سَلْقَه! يَعْنِي بِهِ ذَلِكَ الْبَيَاضُ.
أَبُو عُبَيْدٍ: السَّحْر والسَّلْق أَثر دَبْرَةِ البعير إذا برأَت وابيض مَوْضِعُهَا.
وَيُقَالُ: لأَثر الأَنْساع فِي بَطْنِ الْبَعِيرِ يَنْحَصُّ عَنْهُ الْوَبَرُ: سَلائِق، شبِّهت بِسلائِق الطُّرُقات فِي المحجَّة.
والسَّلائِقُ: الشَّرَائِحُ مَا بَيْنَ الْجَنْبَيْنِ، الْوَاحِدَةُ سَلِيقة.
اللَّيْثُ: السَّلِيقةُ مَخْرَج النِّسْع فِي دَفِّ الْبَعِيرِ، وأَنشد: تبرُقُ فِي دَفِّها سَلائِقُها قَالَ: اشتقَّ مِنْ قَوْلِكَ سَلَقْت شَيْئًا بالماءِ الْحَارِّ، وَهُوَ أَن يَذْهَبَ الْوَبَرُ وَيَبْقَى أَثره، فَلَمَّا أَحرقته الْحِبَالُ شُبِّهَ بِذَلِكَ فسُمِّيَت سَلائِقَ، والسَّلائق: مَا سُلِقَ مِنَ الْبُقُولِ، الأَزهري: مَعْنَاهُ طُبِخ بِالْمَاءِ مِنْ بُقُولِ الرَّبِيعِ وأُكِل فِي الْمَجَاعَاتِ.
وكلُّ شيءٍ طَبَخْتَهُ بالماءِ بَحْتًا، فَقَدْ سَلَقْتَه، وَكَذَلِكَ البَيْض يُطْبَخُ بِالْمَاءِ بِقِشْرِهِ الأَعلى، قَالَ إمرؤُ الْقَيْسِ: فَرِيَّانِ لمَّا يُسْلَقا بدِهان شَبَّهَ عَيْنَيْهَا وَدُمُوعَهَا بِمَزَادَتَيْ ماءٍ لَمْ تُدْهَنا، فقَطَرانُ مَائِهِمَا أَكثر، وَمَعْنَى لَمْ يُسْلَقا لَمْ يُدْهَنا وَلَمْ يُرْوَيَا بِالدُّهْنِ كَمَا يُسْلَق كلُّ شَيْءٍ يُطْبَخُ بِالْمَاءِ مِنْ بَقْلٍ وَغَيْرِهِ.
وَيُقَالُ: رَكِبْتُ دَابَّةَ فُلَانٍ فسَلَقَتْني أَي سَحَجَتْ باطنَ فَخِذِي.
والسَّلِيقة: الطَّبِيعَةُ والسجيَّة.
وَفُلَانٌ يقرأُ بالسَّلِيقة أَي بِطَبِيعَتِهِ لَا بتعلُّم، وَقِيلَ: يقرأُ بالسَّلِيقِيَّة وَهِيَ مَنْسُوبَةٌ أَي بِالْفَصَاحَةِ مِنْ قَوْلِهِمْ سَلَقُوكم، وَقِيلَ: بالسَّلِيقِيَّة أَي بطَبْعِه الَّذِي نشأَ عَلَيْهِ وَلُغَتِهِ.
أَبو زَيْدٍ: إِنه لَكَرِيمُ الطَّبِيعَةِ والسَّلِيقة، الأَزهري: الْمَعْنَى أَن القراءَة سُنَّة مأْثورة لَا يَجُوزُ تعدِّيها، فإِذا قرأَ البَدَوِيّ بِطَبْعِهِ وَلُغَتِهِ وَلَمْ يَتْبَعْ سُنَّة قُرَّاءِ الأَمصار قِيلَ: هُوَ يقرأُ بالسَّلِيقِيَّة أَي بطبيعتِه لَيْسَ بِتَعْلِيمٍ، قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَالنَّسَبُ إِلَى السَّلِيقة سَلِيقيٌّ نَادِرٌ، وَقَدْ أَبَنْتُ وَجْهَ شُذُوذِهِ فِي عَمِيرَةَ كَلْبٍ، وَهَذِهِ سَلِيقتُه الَّتِي سُلِق عَلَيْهَا وسُلِقَها.
ابْنُ الأَعرابي: والسَّلِيقةُ المحَجَّة الظَّاهِرَةُ.
والسَّلِيقة: طَبْعُ الرَّجُلِ.
والسَّلَق: الْوَاسِعُ مِنَ الطُّرُقَاتِ.
اللَّيْثُ: السَّلِيقيّ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَا يُتَعَاهَدُ إِعرابُه وَهُوَ فَصِيحٌ بَلِيغٌ فِي السَّمْعِ عُثُورٌ فِي النَّحْوِ.
غَيْرُهُ: السَّلِيقيّ مِنَ الْكَلَامِ مَا تَكَلَّمَ بِهِ الْبَدَوِيُّ بِطَبْعِهِ وَلُغَتِهِ، وَإِنْ كَانَ غيرُه مِنَ الْكَلَامِ آثرَ وأَحسنَ، وَفِي حَدِيثِ أَبي الأَسود: «أَنه وَضَعَ النَّحْوَ حِينَ اضْطِرَابِ كَلَامِ الْعَرَبِ»، وَغَلَبَتِ السَّلِيقِيَّة أَي اللُّغَةُ الَّتِي يَسْتَرْسِلُ فِيهَا الْمُتَكَلِّمُ عَلَى سَلِيقته أَي سَجِيَّتِهِ وَطَبِيعَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدِ إِعراب وَلَا تَجَنُّبِ لَحْنٍ، قَالَ:
ولستُ بنحويٍّ يلُوك لِسانَه، ***وَلَكِنْ سَلِيقيٌّ أَقولُ فأُعْرِب
أَي أَجري عَلَى طَبِيعَتِي وَلَا أَلحن.
والسَّلِيقَة: شَيْءٌ يَنْسُجُه النَّحْلُ فِي الْخَلِيَّةِ طُولًا التَّهْذِيبِ النَّضِرُ السِّلْق الجُكَندَر والسَّلِيقة: الذُّرة تُدَقُّ وَتُصْلَحُ وَتَطْبَخُ بِاللَّبَنِ، عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
وسَلَق البَرْدُ النباتَ: أَحرقه.
والسَّلِيق مِنَ الشَّجَرِ: الَّذِي سَلَقَه البردُ فأَحرقه.
الأَصمعي: السَّلِيق الشَّجَرُ الَّذِي أَحرقه حرٌّ أَو بَرْدٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: السَّلِيق مَا تَحَاتَّ مِنْ صِغَارِ الشَّجَرِ، قَالَ:
تَسْمَعُ مِنْهَا، فِي السَّلِيق الأَشْهَبِ، ***مَعْمَعةً مِثْلَ الضِّرام المُلْهَبِ
الأَصمعي: السَّلَق الْمُسْتَوِي الليِّن مِنَ الأَرض، والفَلَقُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتين.
ابْنُ سِيدَهْ: السَّلَق الْمَكَانُ الْمُطَمْئِنُ بَيْنَ الرَّبْوَتَيْنِ يَنْقَادُ، وَقِيلَ: هُوَ مَسيل الماءِ بَيْنَ الصَّمْدَيْنِ مِنَ الأَرض، وَالْجَمْعُ أَسْلاق وسُلْقان وسِلْقان وأَسالِقُ، قَالَ جَنْدَلٌ:
إنِّي امْرُؤ أُحْسِنُ غَمْزَ الفائِق، ***بَيْنَ اللَّهَا الْوَالِجِ والأَسالِق
وَهَذَا الْبَيْتُ اسْتُشْهِدَ بِهِ ابْنُ سِيدَهْ عَلَى أَعالي الْفَمِ كَمَا نَذْكُرُهُ فِيمَا بَعْدُ فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ.
ابْنُ شُمَيْلٍ: السَّلَق القاعُ الْمُطَمْئِنُ الْمُسْتَوِي لَا شَجَرَ فِيهِ.
أَبو عَمْرٍو: السَّلِيق اليابسُ مِنَ الشَّجَرِ.
قَالَ الأَزهري: شَهِدْتُ رِيَاضَ الصَّمَّان وقِيعانَها وسِلْقانَها [سُلْقانَها]، فالسَّلَق مِنَ الرِّيَاضِ مَا اسْتَوَى فِي أَعالي قِفافها وأَرضُها حُرَّة الطِّينِ تُنْبِت الكِرْشَ والقُرَّاصَ والمُلَّاحَ والذُّرَقَ، وَلَا تُنْبِتُ السدرَ وعظامَ الشَّجَرِ، وأَما القِيعانُ فَهِيَ الرِّيَاضُ الْمُطَمْئِنَةُ تُنْبِتُ السِّدْرَ وَسَائِرَ نَبَاتِ السَّلَق تَسْتَرْبِضُ سيولُ الْقِفَافِ حَوَالَيْهَا، والمُتونُ الصُّلْبةُ الْمُحِيطَةُ.
والسَّلَقُ: القاعُ الصفصف، وجمعه سُلْقان مِثْلُ خَلَق وخُلْقان، وَكَذَلِكَ السَّمْلَق بِزِيَادَةِ الْمِيمِ، وَالْجَمْعُ السَّمالِق، قَالَ أَبو النَّجْمِ فِي جَمْعِ سُلْقان: حَتَّى رَعَى السُّلْقانَ فِي تَزْهِيرها وَقَدْ يُجْمَعُ عَلَى أَسلاق، قَالَ الأَعشى:
كخَذولٍ تَرعَى النَّواصِفَ من تَثْلِيثَ ***قَفْرًا، خَلا لَهَا الأَسْلاقُ
تَنْفُض المَرْدَ والكَباثَ بِحِمْلاجٍ ***لَطِيفٍ، فِي جَانِبَيْهِ انْفِرَاقُ
الخَذُول: الظَّبْيَةُ الْمُتَخَلِّفَةُ عَنِ الظِّبَاءِ، والنَّواصِفُ: جَمْعُ ناصِفة وَهِيَ المَسِيل الضَّخْمُ، وَخَلَا: أَنبت لَهَا الْخَلَى، والمَرْد والكَباثُ: ثمرُ الأَراك، وأَراد بالحِمْلاج يدَها، وَانْفِرَاقُ: يَعْنِي انْفِرَاقَ ظِلْفَيها، وأَما قَوْلُ الشَّمَّاخِ:
إِن تُمسِ فِي عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُه ***مِنَ الأَسالِق، عَارِي الشَّوْك مَجْرُودِ
فَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ سَلَق كَمَا قَالُوا رَهْط وأَراهط، وإِن اخْتَلَفَا بِالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَقَدْ يَكُونُ جَمْعَ أَسْلاقٍ الَّذِي هُوَ جَمْعُ سَلَق، فَكَانَ يَنْبَغِي عَلَى هَذَا أَن يَكُونَ مِنْ الأَسالِيق إِلا أَنه حَذَفَ الْيَاءَ لأَن فَعِلن هُنَا أَحسن فِي السَّمْعِ مِنْ فاعِلُن.
وسَلَقَ الجُوالق يَسْلُقه سَلْقًا: أَدخل إِحدى عُرْوَتَيْهِ فِي الأُخرى، قَالَ:
وحَوْقل ساعِدُه قَدِ انْمَلَقْ ***يَقُولُ: قَطْبًا ونِعِمّا، إِن سَلَقْ
أَبو الْهَيْثَمِ: السَّلْقُ إِدخال الشِّظاظ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي عُرْوَتَيِ الجُوَالِقَين إِذا عُكِما عَلَى الْبَعِيرِ، فإِذا ثَنَيْتَهُ فَهُوَ القَطْب، قَالَ الرَّاجِزُ:
يَقُولُ: قَطْبًا ونِعمَّا، إِن سَلَقْ ***بحَوْقَل ذِراعُه قَدِ انْمَلَقْ
ابْنُ الأَعرابي: سَلَقَ العُودَ فِي عُرَى العِدْلين وأَسْلَقه، قَالَ: وأَسْلَقَ صادَ سِلْقة، وَيُقَالُ: سَلَقْت اللَّحْمَ عَنِ الْعَظْمِ إِذا انْتَجَيْتَه عَنْهُ، وَمِنْهُ قِيلَ للذِّئْبَة سِلْقة، والسِّلْقة: الذِّئْبَةُ، وَالْجَمْعُ سِلَق وسِلْق.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَلَيْسَ سِلْق بِتَكْسِيرٍ أَنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ سِدْرة وسِدْر، وَالذَّكَرُ سِلْق، وَالْجَمْعُ سِلْقان وسُلْقان، وَرُبَّمَا قِيلَ للمرأَة السَّلِيطَةِ سِلْقة.
وامرأَة سِلْقة: فَاحِشَةٌ.
والسِّلْقة: الْجَرَادَةُ إِذا أَلقت بَيْضَهَا.
والسِّلْق: بَقْلَةٌ.
غَيْرُهُ: السِّلْق نَبْتٌ لَهُ ورقٌ طُوال وأَصلٌ ذَاهِبٌ فِي الأَرض، وورقُه رَخْص يُطْبَخُ.
غَيْرُهُ: السِّلْق النَّبْتُ الَّذِي يُؤْكَلُ.
والانْسِلاقُ فِي العين: حمرة تعتريها فتقَشّرُ.
والسُّلاق: حَبٌّ يثُورُ عَلَى اللِّسَانِ فَيَتَقَشَّرُ مِنْهُ أَو عَلَى أَصل اللِّسَانِ، وَيُقَالُ: تقَشُّرٌ فِي أُصول الأَسنان، وَقَدِ انْسَلَق.
وَفِي حَدِيثُ عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: لَقَدْ رأَيتُني تاسِعَ تِسْعة قَدْ سُلِقَت أَفواهُنا مِنْ أَكل وَرَقِ الشَّجَرِ، مَا مِنَّا رَجُلٌ اليومَ إِلا عَلَى مِصْرٍ مِنَ الأَمصار، سُلِقَت: مِنَ السُّلَاق وَهُوَ بَثَرٌ يَخْرُجُ مِنْ بَاطِنِ الْفَمِ، أَي خَرَجَ فِيهَا بُثُورٌ.
والأَسالِق: أَعالي بَاطِنِ الْفَمِ، وَفِي الْمُحْكَمِ: أَعالي الْفَمِ، وَزَادَ غَيْرُهُ: حَيْثُ يَرْتَفِعُ إِليه اللِّسَانُ، وَهُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ، قَالَ جَرِيرٌ:
إِني امْرِؤٌ أُحْسِنُ غَمْزَ الْفَائِقِ، ***بَيْنَ اللَّهَا الداخلِ والأَسالِق
وسَلَقَه سَلْقًا وسَلْقاه: طَعَنَهُ فأَلقاه عَلَى جَنْبِهِ.
يُقَالُ: طَعَنْتُهُ فسَلَقْتُه إِذا أَلقيته عَلَى ظَهْرِهِ، وربما قالوا سَلْقَيْتُه سِلْقاءً، يَزِيدُونَ فِيهِ الْيَاءَ كَمَا قَالُوا جَعْبَيْتُه جِعْباءً مِنْ جَعَبْته أَي صَرَعْتُهُ، وَقَدْ تَسَلَّقَ.
واسْلَنْقَى: نَامَ عَلَى ظَهْرِهِ، عَنِ السِّيرَافِيِّ، وَهُوَ افْعَنْلى.
وَفِي حَدِيثٍ: فإِذا رَجُلٌ مُسْلَنْقٍ أَي عَلَى قَفَاهُ.
يُقَالُ: اسْلَنْقَى يَسْلَنْقي اسْلِنْقَاءً، وَالنُّونُ زائدة.
وسَلَق المرأَة وسَلْقاها إِذا بَسَطَهَا ثُمَّ جَامَعَهَا.
وَيُقَالُ: سَلَق فلانٌ جَارِيَتَهُ إِذا أَلقاها عَلَى قَفَاهَا ليُبَاضِعَها، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ سَلَقْتُها عَلَى قَفَاهَا.
وَقَدِ اسْتَلْقَى الرَّجُلُ عَلَى قَفَاهُ إِذَا وَقَعَ عَلَى حَلاوة الْقَفَا.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «قَالَ النَّبِيُّ»، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتاني جِبْرِيلُ فسَلَقَني لِحلاوة القَفَا أَي أَلقاني عَلَى الْقَفَا.
وقد سَلَقْته وسَلْقَيْتُه عَلَى وَزْنِ فَعْلَيْتُه: مأْخوذ مِنَ السَّلْق وَهُوَ الصَّدْم وَالدَّفْعُ، قَالَهُ شَمِرٌ.
الْفَرَّاءُ: أَخذه الطَّبِيبُ فسَلْقاه عَلَى ظهره أَي مدَّه.
والأَزهري فِي الْخُمَاسِيِّ: اسْلَنْقى عَلَى قَفَاهُ وَقَدْ سَلْقَيْتُه عَلَى قَفَاهُ.
"وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: «فانْطَلَقا بِي إِلى مَا بَيْنَ الْمَقَامِ وَزَمْزَمَ فسَلَقاني عَلَى قفايَ»؛ أي أَلْقَياني عَلَى ظَهْرِي.
يُقَالُ: سَلَقَه وسَلْقاه بِمَعْنًى، وَيُرْوَى بِالصَّادِ، وَالسِّينُ أَكثر وأَعلى.
والتَّسَلُّق: الصعودُ عَلَى حَائِطٍ أَملس.
وتَسَلَّق الْجِدَارَ أَي تَسوَّرَا.
وَبَاتَ فُلَانٌ يَتَسَلَّقُ عَلَى فِرَاشِهِ ظَهْرًا لِبَطْنٍ إِذا لَمْ يَطْمَئِنَّ عَلَيْهِ مِنْ همٍّ أَو وَجَعٍ أَقلقه، الأَزهري: الْمَعْرُوفُ بِهَذَا الْمَعْنَى الصَّادُ.
ابْنُ سِيدَهْ: وسَلَقَ يَسْلُق سَلْقًا وتَسَلَّقَ صَعِد عَلَى حَائِطٍ، وَالِاسْمُ السَّلْق.
والسُّلَّاقُ: عِيدٌ مِنْ أَعياد النَّصَارَى مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ، مِنْ تَسَلُّقِ الْمَسِيحِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، إِلى السَّمَاءِ.
وَنَاقَةٌ سَيْلَقٌ: مَاضِيَةٌ فِي سَيْرِهَا، قَالَ الشَّاعِرُ:
وسَيْري مَعَ الرُّكْبان، كلَّ عَشِيَّةٍ، ***أُبارِي مَطاياهم بأَدماءَ سَيْلَقِ
وسَلُوق: أَرض بِالْيَمَنِ، وَفِي التَّهْذِيبِ: قَرْيَةٌ بِالْيَمَنِ، وَهِيَ بِالرُّومِيَّةِ سَلَقْيَةُ، قَالَ الْقُطَامِيُّ:
مَعَهُمْ ضَوارٍ مِنْ سَلُوقَ، كأَنَّها ***حُصُنٌ تَجُولُ، تُجَرِّرُ الأَرْسانا
وَالْكِلَابُ السَّلُوقِيَّةُ: مَنْسُوبَةٌ إِليها، وَكَذَلِكَ الدُّرُوعُ، قَالَ النَّابِغَةُ:
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه، ***وتوقِد بالصُّفُّاحِ نارَ الحُباحِب
وَيُقَالُ: سَلُوقُ مَدِينَةِ اللَّان تُنْسَبُ إِليها الْكِلَابُ السَّلُوقِيَّة.
والسَّلُوقِيُّ أَيضًا: السَّيْفُ، أَنشد ثَعْلَبٌ:
تَسُورُ بَيْنَ السَّرْج واللِّجامِ، ***سَوْرَ السَّلُوقِيِّ إِلى الأَجْذامِ
والسَّلُوقِيّ مِنَ الْكِلَابِ والدُّروع: أَجودُها.
والسَّلَقْلَقِيّة: المرأَة الَّتِي تَحِيضُ مِنْ دُبُرِها.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
71-لسان العرب (عدم)
عدم: العَدَمُ والعُدْمُ والعُدُمُ: فِقدان الشيءِ وَذَهَابُهُ، وغلبَ عَلَى فَقْد الْمَالِ وقِلَّته، عَدِمَه يَعْدَمُه عُدْمًا وعَدَمًا، فَهُوَ عَدِمٌ، وأَعدَم إِذَا افتقرَ، وأَعدَمَه غيرُه.والعَدَمُ: الفقرُ، وَكَذَلِكَ العُدْم، إِذَا ضَمَمْتَ أَوَّله خَفَّفت فَقُلْتَ العُدْم، وَإِنْ فتحتَ أَوَّله ثَقَّلْت فقُلت العَدَم، وَكَذَلِكَ الجُحْد والجَحَد "والصُّلْب والصَّلَب والرُّشْد والرَّشَد والحُزْن والحَزَن.
ورجلٌ عَديمٌ: لَا عقلَ لَهُ.
وأَعدَمَني الشيءُ: لَمْ أَجِدْه؛ قَالَ لَبِيدٍ:
ولقَدْ أَغْدُو، وَمَا يَعْدِمُني ***صاحِبٌ غيرُ طَويلِ المُحْتَبَل
يَعْنِي فَرَسًا أَي مَا يَفْقِدُني فَرَسِي، يَقُولُ: لَيْسَ مَعِي أَحدٌ غيرُ نَفْسي وفرَسي، والمُحتَبلُ: مَوْضِعُ الْحَبْلِ فَوْقَ العُرْقوب، وطولُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ عيْبٌ، وَمَا يُعْدِمُني أَي لَا أَعدَمُه.
وَمَا يَعْدَمُني هَذَا الأَمرُ أَي مَا يَعْدُوني.
وأَعْدَمَ إعْدامًا وعُدْمًا: افْتَقَرَ وَصَارَ ذَا عُدْمٍ؛ عَنْ كُرَاعٍ، فَهُوَ عَديمٌ ومُعدِمٌ لَا مالَ لَهُ، قَالَ: وَنَظِيرُهُ أَحضَر الرجلُ إِحْضَارًا وحُضْرًا، وأَيسَرَ إِيسَارًا ويُسْرًا، وأَعسَرَ إِعْسَارًا وعُسْرًا، وأَنذَرَ إِنْذَارًا ونُذْرًا، وأَقبَلَ إِقْبَالًا وقُبْلًا، وأَدْبرَ إدْبارًا ودُبْرًا، وأَفحَشَ إِفْحَاشًا وفُحْشًا، وأَهجَرَ إِهْجَارًا وهُجْرًا، وأَنْكَرَ إِنْكَارًا ونُكْرًا؛ قَالَ: وَقِيلَ بَلِ الفُعْلُ مِنْ ذَلِكَ كلِّه الاسمُ والإِفعالُ الْمَصْدَرِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ الصَّحِيحُ لأَن فُعْلًا لَيْسَ مَصْدَرَ أَفعَل.
والعَديمُ: الْفَقِيرُ الَّذِي لَا مالَ لَهُ، وَجَمْعُهُ عُدَماء.
وَفِي الْحَدِيثِ: « مَنْ يُقْرِضُ غيرَ عديمٍ وَلَا ظَلومٍ »؛ العَديمُ: الَّذِي لَا شَيْءَ عِنْدَهُ، فعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ.
وأَعدَمَه: مَنَعه.
وَيَقُولُ الرَّجُلُ لِحَبِيبِهِ: عَدِمْتُ فَقْدَك وَلَا عَدِمتُ فضلَك وَلَا أَعدَمني اللَّهُ فضلَك أَي لَا أَذهبَ عَنِّي فضلَك.
وَيُقَالُ: عَدِمتُ فُلَانًا وأَعدَمنِيه اللهُ؛ وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ فِي مَعْنَى قَوْلِ الشَّاعِرِ:
وليسَ مانِعَ ذِي قُرْبى وَلَا رَحِمٍ، ***يَوْمًا، وَلَا مُعْدِمًا مِنْ خابِطٍ وَرَقا
قَالَ: مَعْنَاهُ أَنه لَا يَفْتَقِرُ مِنْ سائلٍ يَسْأَلُهُ مَالَهُ فَيَكُونُ كخابطٍ وَرَقًا؛ قَالَ الأَزهري: وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مَعْنَاهُ وَلَا مَانِعًا مِنْ خابطٍ وَرَقًا أَعْدَمْتُه أَي مَنعتُه طَلِبتَه.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لعَدِيمُ المعروفِ وَإِنَّهَا لعديمةُ الْمَعْرُوفِ؛ وأَنشد:
إِنِّي وَجدْتُ سُبَيْعَة ابْنَة خالدٍ، ***عِنْدَ الجَزورِ، عَدِيمةَ المَعْروفِ
وَيُقَالُ: فلانٌ يَكسِبُ المَعْدومَ إِذَا كَانَ مَجْدودًا يكسِبُ مَا يُحْرَمُه غيرُه.
وَيُقَالُ: هُوَ آكَلُكُم للمَأْدُومِ وأَكْسَبُكم لِلْمَعْدُومِ وأَعْطاكم لِلْمَحْرُومِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ ذِئْبًا:
كَسُوب لَهُ المَعْدومَ مِن كَسْبِ واحِدٍ، ***مُحالِفُه الإِقْتارُ مَا يتمَوَّلُ
أَي يَكسِبُ المعدومَ وحدَه وَلَا يتموَّلُ.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعث: « قَالَتْ لَهُ خديجةُ كَلَّا إِنَّكَ تَكْسِبُ المعدومَ وتَحْمِلُ الكَلَ »؛ هُوَ مِنَ المَجْدُودِ الَّذِي يَكْسِبُ مَا يُحْرَمُه غيرُه، وَقِيلَ: أَرادت تَكسِبُ الناسَ الشيءَ المعدومَ الَّذِي لَا يَجِدونَه مِمَّا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ، وَقِيلَ: أَرادت بِالْمَعْدُومِ الفقيرَ الَّذِي صارَ مِنْ شدَّة حَاجَتِهِ كَالْمَعْدُومِ نفْسِه، فَيَكُونُ تَكْسِبُ عَلَى التأْويل الأَولِ متعدِّيًا إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ هُوَ المعدومُ، كَقَوْلِكَ كَسَبْتُ مَالًا، وَعَلَى التأْويل الثَّانِي وَالثَّالِثِ يَكُونُ متعدِّيًا إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ تَقُولُ: كَسَبْتُ زيدًا مَالًا؛ أي أَعطيتُه، فَمَعْنَى الثَّانِي تُعْطي الناسَ الشيءَ المعدومَ عِنْدَهُمْ فَحَذَفَ الْمَفْعُولَ الأَول، وَمَعْنَى الثَّالِثِ تُعْطِي الفقراءَ المالَ فَيَكُونُ المحذوفُ المفعولَ الثَّانِيَ.
وعَدُمَ يَعْدُمُ عَدامةً إِذَا حَمُقَ، فَهُوَ عَدِيمٌ أَحْمقُ.
وأَرض عَدْماءُ: بيضاءُ.
وشاةٌ عَدْماءُ: بَيْضَاءُ الرأْسِوسائرُها مُخالِفٌ لِذَلِكَ.
والعَدائمُ: نَوْعٌ مِنَ الرُّطَب يَكُونُ بِالْمَدِينَةِ يجيءُ آخرَ الرُّطَب.
وعَدْمٌ: وادٍ بحَضْرَمَوْتَ كَانُوا يَزْرَعُونَ عَلَيْهِ فغاضَ مَاؤُهُ قُبَيْلَ الإِسلامِ فَهُوَ كَذَلِكَ إِلَى الْيَوْمِ.
وعُدامةُ: ماءٌ لِبَنِي جُشَم؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهِيَ طَلُوبٌ أَبْعدُ ماءٍ لِلْعَرَبِ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
لَمَّا رأَيْتُ أَنه لَا قامَهْ، ***وأَنه يَوْمُك مِنْ عُدامَهْ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
72-لسان العرب (قثم)
قثم: قَثَمَ الشَّيْءُ يَقْثِمه قَثْمًا واقتَثَمه: جَمَعه وَاجْتَرَفَهُ.وَيُقَالُ: قَثام أَيِ اقْثِم، مُطَّرِدٌ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَمَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي الْعَبَّاسِ.
وَرَجُلٌ قَثُومٌ: جَمّاع لِعِيَالِهِ.
والقُثَمُ والقَثوم: الجَموع لِلْخَيْرِ.
وَيُقَالُ فِي الشَّرِّ أَيضًا: قَثَم واقْتَثَم.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لقَثُوم لِلطَّعَامِ وَغَيْرِهِ؛ وَأَنْشَدَ:
لأَصْبَحَ بَطْنُ مَكةَ مُقْشَعِرًّا، ***كأَنَّ الأَرضَ لَيْسَ بِهَا هِشامُ
يَظَلُّ كأَنه أَثناءَ سَرْطٍ، ***وفَوْقَ جِفانِه شَحْمٌ رُكامُ
فللكُبَراء أَكْلٌ حيثُ شاؤوا، ***وللصُّغَراء أَكْلٌ واقْتِثامُ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي هِشَامَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، قَالَ: والاقتِثام التَّزْلِيلُ.
وقَثَم لَهُ مِنَ العطاء قَثْمًا: أكثَر، "وَقِيلَ: قَثَم لَهُ أَعْطَاهُ دُفعة مِنَ الْمَالِ جيِّدة مِثْلَ قَذَمَ وغَذَمَ وغَثَمَ.
وقُثَم: اسْمُ رَجُلٍ مُشْتَقٌّ مِنْهُ، وَهُوَ مَعْدُولٌ عَنْ قاثِم وَهُوَ المُعطي.
وَيُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ كَثِيرَ العَطاء: مائحٌ قُثَمُ؛ وَقَالَ:
ماحَ البِلادَ لَنَا فِي أوَّلِيَّتِنا، ***عَلَى حَسودِ الأَعادِي، مائحٌ قُثَمُ
وَرَجُلٌ قُثَم وقُذَم إِذَا كَانَ مِعطاء.
وقَثَم مَالًا إِذَا كَسبَه.
وقَثامِ: اسْمٌ لِلْغَنِيمَةِ إِذَا كَانَتْ كَثِيرَةً.
وَقَدِ اقْتَثَم مَالًا كَثِيرًا إِذَا أَخذه.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: « أَنت قُثَم، أَنت المُقَفَّى، أَنت الْحَاشِرُ »؛ هَذِهِ أَسماء النَّبِيِّ سيدنا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَتاني ملَك فَقَالَ أَنت قُثَم وخَلْقُك قَيّم »؛ القُثَمُ: الْمُجْتَمِعُ الْخَلْقِ، وَقِيلَ: الْجَامِعُ الْكَامِلُ، وَقِيلَ: الجَموع لِلْخَيْرِ، وَبِهِ سُمِّيَ الرَّجُلُ قُثَم، وَقِيلَ: قُثم مَعْدُولٌ عَنْ قَاثِمٍ، وَهُوَ الْكَثِيرُ الْعَطَاءِ.
وَيُقَالُ للذِّيخ قُثُمُ، وَاسْمُ فِعله القُثْمة، وَقَدْ قَثَم يَقْثم قَثْمًا وقُثْمة.
والقَثم: لَطْخُ الجَعْر وَنَحْوِهِ.
وقَثامِ: مِنْ أَسماء الضّبُع، سُمِّيَتْ بِهِ لِالْتِطَاخِهَا بِالْجَعْرِ؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: سُمِّيَتْ بِهِ لأَنها تَقْثِم أَيْ تُقطِّع.
وقُثَمُ: الذكَر مِنَ الضِّباع، وَكِلَاهُمَا مَعْدُولٌ عَنْ فَاعِلٍ وَفَاعِلَةٍ، والأُنثى قَثامِ مِثْلُ حَذامِ، سُمِّيَتِ الضَّبُع بِذَلِكَ لِتَلَطُّخِهَا بجَعْرها.
والقُثْمة: الغُبرة.
وقَثُم قَثْمًا وقَثامة: اغْبَرّ.
وَيُقَالُ للأَمة: يَا قَثامِ، كَمَا يُقَالُ لَهَا: يَا ذَفارِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: سُمِّيَ الذِّكَرُ مِنَ الضِّبْعان قُثَم لبُطئه فِي مَشْيِهِ، وَكَذَلِكَ الأُنثى.
يُقَالُ: هُوَ يَقْثُم فِي مَشْيِهِ، وَيُقَالُ: هُوَ يَقْثِمُ أَيْ يَكْسِب، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبَا كَاسِبٍ، وَهَذَا هو الصحيح.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
73-لسان العرب (أبن)
أبن: أَبَنَ الرجلَ يأْبُنُه ويأْبِنُه أَبْنًا: اتَّهمَه وعابَه، وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: أَبَنْتُه بخَير وبشرٍّ آبُنُه وآبِنُه أَبْنًا، وَهُوَ مأْبون بِخَيْرٍ أَو بشرٍّ؛ فَإِذَا أَضرَبْت عَنِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ قُلْتَ: هُوَ مأْبُونٌ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الشَّرُّ، وَكَذَلِكَ ظَنَّه يظُنُّه.اللَّيْثُ: يُقَالُ فُلَانٌ يُؤْبَنُ بِخَيْرٍ وبشَرّ أَي يُزَنُّ بِهِ، فَهُوَ مأْبونٌ.
أَبو عَمْرٍو: يُقَالُ فُلَانٌ يُؤْبَنُ بِخَيْرٍ ويُؤْبَنُ بِشَرٍّ، فَإِذَا قُلْتَ يُؤْبَنُ مُجَرَّدًا فَهُوَ فِي الشَّرِّ لَا غيرُ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبي هَالَةَ فِي صِفَةِ مَجْلِسِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: « مجلِسُه مجلسُ حِلْمٍ وحيَاءٍ لَا تُرْفَعُ فِيهِ الأَصْواتُ وَلَا تُؤْبَنُ فِيهِ الحُرَمُ» أَي لَا تُذْكَر فِيهِ النساءُ بقَبيح، ويُصانُ مجلسُه عَنِ الرَّفَث وَمَا يَقْبُحُ ذِكْرُه.
يُقَالُ: أَبَنْتُ الرجلَ آبُنُه إِذَا رَمَيْتَه بِخَلَّةِ سَوْء، فَهُوَ مأْبُونٌ، وَهُوَ مأْخوذ مِنَ الأُبَن، وَهِيَ العُقَدُ تكونُ فِي القِسيّ تُفْسِدُها وتُعابُ بِهَا.
الْجَوْهَرِيُّ: أَبَنَه بشرٍّ يَأْبُنُه ويأْبِنه اتَّهَمَه بِهِ.
وفلانٌ يُؤْبَنُ بِكَذَا أَيْ يُذْكَرُ بِقَبِيحٍ.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنه نَهَى عَنِ الشِّعْر إِذَا أُبِنَتْ فِيهِ النساءُ "؛ قَالَ شَمِرٌ: أَبَنْتُ الرجلَ بِكَذَا وَكَذَا إِذَا أَزْنَنْته بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَبَنْتُ الرجلَ آبِنُه وآبُنُه إِذَا رَمَيْتَه بِقَبِيحٍ وقَذَفْتَه بِسُوءٍ، فَهُوَ مأْبُونٌ، وَقَوْلُهُ: لَا تُؤْبَنُ فِيهِ الحُرَمُ أَي لَا تُرْمى بسُوء وَلَا تُعابُ وَلَا يُذْكَرُ مِنْهَا القبيحُ وَمَا لَا يَنْبَغي مِمَّا يُسْتَحى مِنْهُ.
وَفِي حَدِيثِ الإِفْك: « أَشِيروا عليَّ فِي أُناسٍ أَبَنُوا أَهْلي»؛ أي اتَّهَموها.
والأَبْنُ: التهمَةُ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي الدَّرداء: « إِنْ نُؤْبَنْ بِمَا لَيْسَ فِينَا فرُبَّما زُكِّينا بِمَا لَيْسَ فِينَا »؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" أَبي سَعِيدٍ: مَا كُنَّا نأْبِنُه بِرُقْية؛ أي مَا كُنَّا نَعْلم أَنه يَرْقي فنَعيبَه بِذَلِكَ: وَفِي حَدِيثِ أَبي ذرٍّ: أَنه دَخَل عَلَى عُثْمان بْنِ عَفَّانَ فَمَا سَبَّه وَلَا أَبَنه؛ أي مَا عابَه، وَقِيلَ: هُوَ أَنَّبه، بِتَقْدِيمِ النُّونِ عَلَى الْبَاءِ، مِنَ التأْنيب اللَّومِ والتَّوبيخ.
وأَبَّنَ الرجلَ: كأَبَنَه.
وآبَنَ الرجلَ وأَبَّنَه، كِلَاهُمَا: عابَه فِي وَجْهِهِ وعَيَّره.
والأُبْنة، بِالضَّمِّ: العُقْدة فِي العُود أَو فِي العَصا، وجمْعُها أُبَنٌ؛ قَالَ الأَعشى: " قَضيبَ سَرَاءٍ كَثِيرَ الأُبَنْ "قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَهُوَ أَيضًا مَخْرَج الغُصْن فِي القَوْس.
والأُبْنة: العَيْبُ فِي الخَشَب والعُود، وأَصلُه مِنْ ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: لَيْسَ فِي حَسَبِ فلانٍ أُبْنةٌ، كَقَوْلِكَ: لَيْسَ فِيهِ وَصْمةٌ.
والأُبْنةُ: العَيْبُ فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ تَقدَّم قولُ خالِد بْنِ صَفْوانَ فِي الأُبْنة والوَصْمة؛ وَقَوْلُ رُؤْبَةَ:
وامْدَحْ بِلالًا غَيْرَ مَا مُؤَبَّنِ، ***ترَاهُ كَالْبَازِي انْتَمَى للْمَوْكِنِ
انْتَمى: تَعَلَّى.
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مُؤَبَّنٌ مَعيبٌ، وخالَفَه غَيْرُهُ، وَقِيلَ: غَيْرُ هالكٍ أَي غَيْرُ مَبْكيٍّ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ لَبِيدٍ:
قُوما تجُوبانِ مَعَ الأَنْواحِ، *** وأَبِّنَا مُلاعِبَ الرِّماحِ،
ومِدْرهَ الكَتيبةِ الرَّداحِ ".
وَقِيلَ للمَجْبوس: مأْبونٌ لأَنه يُزَنُّ بِالْعَيْبِ الْقَبِيحِ، وكأَنَّ أَصلَه مِنْ أُبْنة العَصا لأَنها عيبٌ فِيهَا.
وأُبْنة البعيرِ: غَلْصَمتُه؛ قَالَ ذُو الرُّمّة يَصِفُ عَيْرًا وسَحيلَه:
تُغَنِّيه مِنْ بَيْنِ الصَّبيَّيْن أُبْنةٌ ***نَهُومٌ، إِذَا مَا ارتَدَّ فِيهَا سَحِيلُها
تُغَنِّيه يَعْنِي العَيْر مِنْ بَيْنِ الصَّبيَّيْن، وَهُمَا طرَفا اللَّحْي.
والأُبْنةُ: العُقْدةُ، وَعَنَى بِهَا هَاهُنَا الغَلْصمة، والنَّهُومُ: الَّذِي يَنْحِطُ أَي يَزْفر، يُقَالُ: نَهَمَ ونأَم فِيهَا فِي الأُبنة، والسَّحِيلُ: الصَّوْتُ.
وَيُقَالُ: بَيْنَهُمْ أُبَنٌ أَي عداواتٌ.
وإبَّانُ كلِّ شَيْءٍ، بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيدِ: وقْتُه وحِينُه الَّذِي يَكُونُ فِيهِ.
يُقَالُ: جِئْتُه عَلَى إبَّانِ ذَلِكَ أَي عَلَى زَمَنِهِ.
وأَخَذَ الشيءَ بإبَّانِهِ أَي بِزَمَانِهِ، وَقِيلَ: بأَوَّله.
يُقَالُ: أَتانا فلانٌ إبَّانَ الرُّطبِ، وإبّانَ اخْتِرافِ الثِّمار، وإبّانَ الحرِّ وَالْبَرْدِ أَي أَتانا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، وَيُقَالُ: كُلُّ الْفَوَاكِهِ فِي إبّانِها أَي فِي وَقْتها؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
أَيَّان تقْضي حَاجَتِي أَيّانا، ***أَما تَرى لِنُجْحها إِبَّانَا؟
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: « هَذَا إبّانُ نُجُومِهِ »أَي وَقْتُ ظُهُورِهِ، وَالنُّونُ أَصلية فَيَكُونُ فِعَّالًا، وَقِيلَ: هِيَ زَائِدَةٌ، وَهُوَ فِعْلانُ مِنْ أَبَّ الشيءُ إِذَا تهَيَّأَ للذَّهاب، وَمِنْ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ فِي قَوْلِهِمْ يَا لَلْعجَب؛ أي يَا عَجَبُ تعالَ فإِنه مِنْ إبّانِكَ وأَحْيانِك.
وأَبَّنَ الرجلَ تأْبينًا وأَبَّله: مَدَحه بَعْدَ مَوْتِهِ وَبَكَاهُ؛ قَالَ مُتمِّم بْنُ نُوَيرة:
لعَمري وَمَا دَهري بتأْبين هالكٍ، ***وَلَا جَزِعًا مِمَّا أَصابَ فأَوْجعَا
وَقَالَ ثَعْلَبٌ: هُوَ إِذَا ذكَرْتَه بَعْدَ مَوْتِهِ بِخَيْرٍ؛ وَقَالَ مَرَّةً: هُوَ إِذَا ذَكَرْتَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ.
وَقَالَ شَمِرٌ: التَّأْبينُ الثَّناءُ عَلَى الرَّجُلِ فِي الْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَقَدْ جَاءَ فِي الشِّعْرِ مدْحًا للحَيّ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّاعِي:
فرَفَّعَ أَصحابي المَطِيَّ وأَبَّنُوا ***هُنَيْدَة، فاشتاقَ العُيونُ اللَّوامِح
قَالَ: مَدحَها فاشْتاقوا أَن يَنْظروا إِلَيْهَا فأَسْرعوا السيرَ إِلَيْهَا شَوْقًا مِنْهُمْ أَن يَنْظُرُوا مِنْهَا.
وأَبَنْتُ الشَّيْءَ: رَقَبْتُه؛ وَقَالَ أَوسٌ يَصِفُ الحمار:
يقولُ له الراؤُونَ: هذاكَ راكِبٌ ***يُؤَبِّنُ شَخْصًا فوقَ علياءَ واقِفُ
وَحَكَى ابْنُ بَرِّيٍّ قَالَ: رَوَى ابنُ الأَعرابي يُوَبِّر، قَالَ: وَمَعْنَى يُوَبِّر شَخْصًا أَي يَنْظُرُ إِلَيْهِ ليَسْتَبينَه.
وَيُقَالُ: إِنَّهُ لَيُوَبِّرُ أَثرًا إِذَا اقتَصَّه، وَقِيلَ لِمَادِحِ الْمَيِّتِ مُؤَبِّنٌ لاتِّباعه آثَارَ فِعَالِهِ وَصَنَائِعِهِ.
والتَّأْبينُ: اقتِفار الأَثر.
الْجَوْهَرِيُّ: التأْبينُ أَن تقْفو أَثَرَ الشَّيْءِ.
وأَبَّنَ الأَثر: وَهُوَ أَن يَقْتَفِره فَلَا يَضِح لَهُ وَلَا ينفَلِت مِنْهُ.
والتأْبين: أَن يُفْصَدَ العِرْقُ ويُؤْخَذ دَمُه فيُشوى ويُؤكل؛ عَنْ كُرَاعٍ.
ابْنُ الأَعرابي: الأَبِنُ، غَيْرُ مَمْدُودِ الأَلف عَلَى فَعِلٍ مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، الْغَلِيظُ الثَّخين.
وأَبَنُ الأَرض: نبتٌ يخرُج في رؤُوس الإِكام، لَهُ أَصل وَلَا يَطول، وكأَنه شَعَر يُؤْكل وَهُوَ سَرِيعُ الخُروج سَرِيعُ الهَيْج؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ.
وأَبانانِ: جَبَلَانِ فِي الْبَادِيَةِ، وَقِيلَ: هُمَا جَبَلان أَحدهما أَسود وَالْآخَرُ أَبْيض، فالأَبيَض لِبَنِي أَسد، والأَسود لَبَنِي فَزارة، بَيْنَهُمَا نهرٌ يُقَالُ لَهُ الرُّمَةُ، بِتَخْفِيفِ الْمِيمِ، وَبَيْنَهُمَا نَحْوٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَميال وَهُوَ اسْمُ عَلَمٍ لَهُمَا؛ قَالَ بِشْر يَصِفُ الظَّعَائِنَ:
يَؤُمُّ بِهَا الحُداةُ مِياهَ نَخْلٍ، ***وَفِيهَا عَنْ أَبانَيْنِ ازْوِرارُ
وَإِنَّمَا قِيلَ: أَبانانِ وأَبانٌ أَحدهما، وَالْآخَرُ مُتالِعٌ، كَمَا يُقَالُ القَمَران؛ قَالَ لَبِيدٌ:
دَرَسَ المَنا بِمُتالِعٍ وأَبانِ، ***فتقادَمَتْ بالحِبْسِ فالسُّوبانِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: وأَما قَوْلُهُمْ للجبَلين المُتقابلين أَبانانِ، فإنَّ أَبانانِ اسْمُ عَلَمٍ لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ زيدٍ وَخَالِدٍ، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ كَيْفَ جَازَ أَن يَكُونَ بَعْضُ التَّثْنِيَةِ عَلَمًا وَإِنَّمَا عامَّتُها نَكِرَاتٌ؟ أَلا تَرَى أَن رجُلين وغُلامَين كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَكِرَةٌ غَيْرُ عَلَمٍ فَمَا بَالُ أَبانَين صَارَا عَلَمًا؟ وَالْجَوَابُ: أَن زَيْدَيْنِ لَيْسَا فِي كُلِّ وَقْتٍ مُصْطحِبَين مُقْتَرِنَيْنِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُجامِع صاحبَه ويُفارِقه، فَلَمَّا اصطحَبا مَرَّةً وَافْتَرَقَا أُخرى لَمْ يُمْكِن أَن يُخَصَّا باسمٍ عَلَمٍ يُفيدُهما مِنْ غيرِهما، لأَنهما شَيْئَانِ، كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بائنٌ مِنْ صاحِبه، وأَما أَبانانِ فجبَلان مُتقابلان لَا يُفارق واحدٌ مِنْهُمَا صاحبَه، فجَرَيا لاتِّصال بعضِهما بِبَعْضِ مَجْرى المسمَّى الْوَاحِدِ نَحْوَ بَكْرٍ وقاسِمٍ، فَكَمَا خُصَّ كلُّ واحدٍ مِنَ الأَعلام بِاسْمٍ يُفيدُه مِنْ أُمَّتِه، كَذَلِكَ خُصَّ هَذَانِ الجَبَلان بِاسْمٍ يُفيدهما مِنْ سَائِرِ الْجِبِالِ، لأَنهما قَدْ جَرَيا مَجْرَى الْجَبَلِ الْوَاحِدِ، فَكَمَا أَن ثَبيرًا ويَذْبُل لمَّا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جَبَلًا وَاحِدًا مُتَّصِلَةً أَجزاؤُه خُصَّ بِاسْمٍ لَا يُشارَك فِيهِ، فَكَذَلِكَ أَبانانِ لمَّا لَمْ يَفْتَرِقْ بَعْضُهُمَا مِنْ بَعْضٍ كَانَا لِذَلِكَ كالجَبَل الْوَاحِدِ، خُصّا باسمٍ عَلَمٍ كَمَا خُصَّ يَذْبُل ويَرَمْرَمُ وشمَامِ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بَاسِمِ عَلَمٍ؛ قَالَ مُهَلهِل:
أَنْكَحَها فَقْدُها الأَراقِمَ فِي ***جَنْبٍ، وَكَانَ الخِباءُ مِنْ أَدَمِ
لَوْ بأَبانَيْنِ جَاءَ يَخْطُبها ***رُمِّلَ، مَا أَنْفُ خاطِبٍ بدَمِ
الْجَوْهَرِيُّ: وَتَقُولُ هَذَانِ أَبانان حَسَنَينِ، تَنْصِب النعتَ لأَنه نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِهِ مَعْرِفَةٌ، لأَن الأَماكن لَا تزولُ فَصَارَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وخالَف الحيوانَ، إِذَا قُلْتَ هَذَانِ زَيْدَانِ حسَنان، تَرْفَعُ النَّعْتَ هَاهُنَا لأَنه "نكرةٌ وُصِفت بِهَا نَكِرَةٌ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُ الْجَوْهَرِيِّ تَنْصِبُ النَّعْتَ لأَنه نَكِرَةٌ وُصِفَتْ بِهِ مَعْرِفَةٌ، قَالَ: يَعْنِي بِالْوَصْفِ هُنَا الْحَالَ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا فَرَّقُوا بَيْنَ أَبانَين وعَرَفاتٍ وَبَيْنَ زَيدَينِ وزَيدين مِنْ قِبَل أَنهم لَمْ يَجْعَلُوا التَّثْنِيَةَ وَالْجَمْعَ عَلَمًا لرجُلينِ وَلَا لرِجال بأَعيانِهم، وَجَعَلُوا الِاسْمَ الْوَاحِدَ علَمًا لِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، كأَنهم قَالُوا إِذَا قُلْنَا ائْتِ بزَيْدٍ إِنَّمَا نُرِيدُ هَاتِ هَذَا الشَّخْصَ الَّذِي يسيرُ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَقُولُوا إِذَا قُلْنَا جَاءَ زيدانِ فَإِنَّمَا نَعْنِي شَخْصَيْنِ بأَعيانهما قَدْ عُرِفا قَبْلَ ذَلِكَ وأُثْبِتا، وَلَكِنَّهُمْ قَالُوا إِذَا قُلْنَا جَاءَ زَيْدُ بْنُ فُلَانٍ وزيدُ بْنُ فلانٍ فَإِنَّمَا نَعْنِي شَيْئَيْنِ بأَعيانهما، فكأَنهم قَالُوا إِذَا قُلْنَا ائتِ أَبانَيْنِ فَإِنَّمَا نَعْنِي هذينِ الجبلَينِ بأَعيانهما اللَّذَيْنِ يَسِيرُ إِلَيْهِمَا، أَلا تَرَى أَنهم لَمْ يَقُولُوا امْرُرْ بأَبانِ كَذَا وأَبانِ كَذَا؟ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَهُمَا لأَنهم جَعَلُوا أَبانَيْنِ اسْمًا لَهُمَا يُعْرَفانِ بِهِ بأَعيانهما، وَلَيْسَ هَذَا فِي الأَناسيِّ وَلَا فِي الدَّوَابِّ، إِنَّمَا يَكُونُ هَذَا فِي الأَماكنِ وَالْجِبِالِ وَمَا أَشبه ذَلِكَ، مِنْ قِبَل أَنّ الأَماكِنَ لَا تَزُولُ فيصيرُ كُلُّ واحدٍ مِنَ الجبلَينِ دَاخِلًا عِنْدَهُمْ فِي مِثْلِ مَا دَخَلَ فِيهِ صاحبُه مِنَ الْحَالِ والثَّباتِ والخِصبِ والقَحْطِ، وَلَا يُشارُ إِلَى واحدٍ مِنْهُمَا بتعريفٍ دُونَ الْآخَرِ فَصَارَا كَالْوَاحِدِ الَّذِي لَا يُزايِله مِنْهُ شيءٌ حَيْثُ كَانَ فِي الأَناسيّ وَالدَّوَابِّ والإِنسانانِ وَالدَّابَّتَانِ لَا يَثْبُتانِ أَبدًا، يزولانِ وَيَتَصَرَّفَانِ ويُشارُ إِلَى أَحدِهما والآخرُ عَنْهُ غائبٌ، وَقَدْ يُفرَد فَيُقَالُ أَبانٌ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
كَأَنَّ أَبانًا، فِي أَفانِينِ وَدْقِه، ***كبيرُ أُناسٍ فِي بِجادٍ مُزَمَّلِ
وأَبانٌ: اسْمُ رجلٍ.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: « مِنْ كَذَا وَكَذَا إِلَى عَدَنِ أَبْيَنَ، أَبْيَنُ بِوَزْنِ أَحْمر، قريةٌ عَلَى جَانِبِ الْبَحْرِ ناحيةَ الْيَمَنِ، وَقِيلَ: هُوَ اسمُ مَدِينَةِ عدَن».
وَفِي حَدِيثِ أُسامة: « قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَرسَله إِلَى الرُّوم: أَغِرْ عَلَى أُبْنَى صَبَاحًا »؛ هِيَ، بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْقَصْرِ، اسمُ موضعٍ مِنْ فِلَسْطينَ بَيْنَ عَسْقَلانَ والرَّمْلة، وَيُقَالُ لَهَا يُبْنَى، بِالْيَاءِ، وَاللَّهُ أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
74-لسان العرب (سكن)
سكن: السُّكُونُ: ضِدُّ الْحَرَكَةِ.سَكَنَ الشيءُ يَسْكُنُ سُكونًا إِذَا ذَهَبَتْ حَرَكَتُهُ، وأَسْكَنه هو وسَكَّنه غَيْرُهُ تَسْكينًا.
وَكُلُّ مَا هَدَأَ فَقَدْ سَكَن كَالرِّيحِ والحَرّ وَالْبَرْدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وسَكَنَ الرَّجُلُ: سَكَتَ، وَقِيلَ: سَكَن فِي مَعْنَى سَكَتَ، وسَكَنتِ الرِّيحُ وسَكَن الْمَطَرُ وسَكَن الْغَضَبُ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: مَعْنَاهُ وَلَهُ مَا حَلَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ؛ وَقَالَ الزَّجَّاجُ: هَذَا احْتِجَاجٌ عَلَى الْمُشْرِكِينَ لأَنهم لَمْ يُنْكِرُوا أَن مَا استقرَّ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لِلَّهِ أَي هُوَ خَالِقُهُ ومُدَبِّره، فَالَّذِي هُوَ كَذَلِكَ قَادِرٌ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى.
وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ}، قَالَ: إِنَّمَا السَّاكِنُ مِنَ النَّاسِ والبهائم خاصة، قال: وسَكَنَ هَدَأَ بَعْدَ تَحَرُّك، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ، وَاللَّهُ أَعلم، الخَلْق.
أَبو عُبَيْدٍ: الخَيْزُرَانَةُ السُّكّانُ، وَهُوَ الكَوْثَلُ أَيضًا.
وَقَالَ أَبو عَمْرٍو: الجَذَفُ السُّكّان فِي بَابِ السُّفُن.
اللَّيْثُ: السُّكّانُ ذَنَب السَّفِينَةِ الَّتِي بِهِ تُعَدَّل؛ وَمِنْهُ قَوْلُ طَرَفَةَ: " كسُكّانِ بُوصِيٍّ بدَجْلَةَ مُصْعِدِ ".
وسُكَّانُ السَّفِينَةِ عَرَبِيٌّ.
والسُّكّانُ: مَا تُسَكَّنُ بِهِ السفينة تمنع به من الْحَرَكَةُ وَالِاضْطِرَابُ.
والسِّكِّين: المُدْية، تُذَكَّرُ وتؤَنث؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فعَيَّثَ فِي السَّنامِ، غَداةَ قُرٍّ، ***بِسِكِّينٍ مُوَثَّقَةِ النِّصابِ
وَقَالَ أَبو ذؤَيب:
يُرَى ناصِحًا فِيمَا بَدا، وَإِذَا خَلا ***فَذَلِكَ سِكِّينٌ، عَلَى الحَلْقِ، حاذقُ
قَالَ ابْنُ الأَعرابي: لَمْ أَسمع تأْنيث السِّكِّين، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: قَدْ سَمِعَهُ الْفَرَّاءُ؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَالْغَالِبُ عَلَيْهِ التَّذْكِيرُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ أَبو حَاتِمٍ الْبَيْتَ الَّذِي فِيهِ: " بسِكِّينٍ مُوَثَّقَة النِّصابِ.
هَذَا الْبَيْتُ لَا تَعْرِفُهُ أَصحابنا.
وَفِي الْحَدِيثِ: « فَجَاءَ المَلَك بسِكِّين دَرَهْرَهَةٍ »أَي مُعْوَجَّة الرأْس؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: ذَكَرَهُ ابْنُ الجَوَالِيقي فِي المُعَرَّب فِي بَابِ الدَّالِ، وَذَكَرَهُ الْهَرَوِيُّ فِي الْغَرِيبَيْنِ.
ابْنُ سِيدَهْ: السِّكِّينَة لُغَةٌ فِي السِّكِّين؛ قَالَ:
سِكِّينةٌ مِنْ طَبْعِ سَيْفِ عَمْرِو، ***نِصابُها مِنْ قَرْنِ تَيْسٍ بَرِّي
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: « قَالَ المَلَكُ لَمَّا شَقَّ بَطْنَه إيتِني بالسِّكِّينة »؛ هِيَ لُغَةٌ فِي السِّكِّين، وَالْمَشْهُورُ بِلَا هَاءٍ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « أَنَّ سَمِعْتُ بالسِّكِّين إلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، مَا كُنَّا نُسَمِّيهَا إلَّا المُدْيَةَ »؛ وَقَوْلُهُ أَنشده يَعْقُوبُ:
قَدْ زَمَّلُوا سَلْمَى عَلَى تِكِّين، ***وأَوْلَعُوها بدَمِ المِسْكِينِ
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَراد عَلَى سِكِّين فأَبدل التَّاءَ مَكَانَ السِّينِ، وَقَوْلُهُ: بِدَمِ الْمِسْكِينِ أَي بإِنسان يأْمرونها بِقَتْلِهِ، وصانِعُه سَكّانٌ وسَكَاكِينيٌّ؛ قَالَ: الأَخيرة عِنْدِي مولَّدة لأَنك إِذَا نَسَبْتَ إِلَى الْجَمْعِ فَالْقِيَاسُ أَن تَردّه إِلَى الْوَاحِدِ.
ابْنُ دُرَيْدٍ: السِّكِّين فِعِّيل مِنْ ذَبَحْتُ الشيءَ حَتَّى سَكَنَ اضْطِرَابُهُ؛ وَقَالَ الأَزهري: سُمِّيَتْ سِكِّينًا لأَنها تُسَكَّنُ الذَّبِيحَةَ أَي تُسَكنها بِالْمَوْتِ.
وَكُلُّ شَيْءٍ مَاتَ فَقَدْ سَكَنَ، وَمِثْلُهُ غِرِّيد لِلْمُغَنِّي لِتَغْرِيدِهِ بِالصَّوْتِ.
وَرَجُلٌ شِمِّير: لتَشْمِيره إِذَا جَدَّ فِي الأَمر وَانْكَمَشَ.
وسَكَنَ بِالْمَكَانِ يَسْكُنُ سُكْنَى وسُكُونًا: أَقام؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
وَإِنْ كَانَ لَا سُعْدَى أَطالتْ سُكُونَهُ، ***وَلَا أَهْلُ سُعْدَى آخِرَ الدَّهْرِ نازِلُهْ
فَهُوَ سَاكِنٌ مِنْ قَوْمٍ سُكّان وسَكْنٍ؛ الأَخيرة اسْمٌ لِلْجَمْعِ، وَقِيلَ: جَمْعٌ عَلَى قول الأَخفش.
وأَسْكَنه إياه وسَكَنْتُ داري وأَسْكَنْتها غَيْرِي، وَالِاسْمُ مِنْهُ السُّكْنَى كَمَا أَن العُتْبَى اسْمٌ مِنَ الإِعْتاب، وَهُمْ سُكّان فُلَانٍ، والسُّكْنَى أَن يُسْكِنَ الرجلَ مَوْضِعًا بِلَا كِرْوَة كالعُمْرَى.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: والسَّكَن أَيضًا سُكْنَى الرَّجُلِ فِي الدَّارِ.
يُقَالُ: لَكَ فِيهَا سَكَنٌ.
أَي سُكْنَى.
والسَّكَنُ والمَسْكَنُ والمَسْكِن: الْمَنْزِلُ وَالْبَيْتُ؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ، وأَهل الْحِجَازِ يَقُولُونَ مَسْكنٌ، بِالْفَتْحِ.
والسَّكْنُ: أَهل الدَّارِ، اسْمٌ لِجَمْعِ ساكِنٍ كَشَارِبٍ وشَرْبٍ؛ قَالَ سَلامة بْنُ جَنْدَل:
لَيْسَ بأَسْفَى وَلَا أَقْنَى وَلَا سَغِلٍ، ***يُسْقَى دواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ لِذِي الرُّمَّةِ:
فَيَا كَرَمَ السَّكْنِ الَّذِينَ تَحَمَّلوا ***عَنِ الدارِ، والمُسْتَخْلَفِ المُتَبَدَّلِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: أَي صَارَ خَلَفًا وبَدَلًا للظباءِ وَالْبَقَرِ، وَقَوْلُهُ: فَيَا كَرَمَ يَتَعَجَّب مِنْ كَرَمِهِمْ.
والسَّكْنُ: جَمْعُ سَاكِنٌ كصَحْب وَصَاحِبٍ.
وَفِي حَدِيثِ يأْجوج ومأْجوج: « حَتَّى إِنَّ الرُّمَّانة لتُشْبِعُ السَّكْنَ »؛ هو بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْكَافِ لأَهل الْبَيْتِ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: السَّكْنُ أَيضًا جِمَاعُ أَهل الْقَبِيلَةِ.
يُقَالُ: تَحَمَّلَ السَّكْنُ فَذَهَبُوا.
والسَّكَنُ: كُلُّ مَا سَكَنْتَ إِلَيْهِ واطمأْنَنت بِهِ مِنْ أَهل وَغَيْرِهِ، وَرُبَّمَا قَالَتِ الْعَرَبُ السَّكَنُ لِمَا يُسْكَنُ إِلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تعالى: {جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا}.
والسَّكَنُ: المرأَة لأَنها يُسْكَنُ إِلَيْهَا.
والسَّكَنُ: الساكِنُ؛ قال الراجز:
لِيَلْجَؤُوا مِنْ هَدَفٍ إِلَى فَنَنْ، ***إِلَى ذَرَى دِفْءٍ وظِلٍّ ذِي سَكَنْ
وَفِي الْحَدِيثِ: « اللهم أَنْزِلْ علينا في أَرضنا سَكَنَها» أَي غِيَاثَ أَهلها الَّذِي تَسْكُن أَنفسهم إِلَيْهِ، وَهُوَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالْكَافِ.
اللَّيْثُ: السَّكْنُ السُّكّانُ.
والسُّكْنُ: أَن تُسْكِنَ إِنْسَانًا مَنْزِلًا بِلَا كِرَاءٍ، قَالَ: والسَّكْنُ الْعِيَالُ أَهلُ الْبَيْتِ، الْوَاحِدُ ساكِنٌ.
وَفِي حَدِيثِ الدَّجَّالِ: « السُّكْنُ القُوتُ».
وَفِي حَدِيثِ الْمَهْدِيِّ: « حَتَّى إنَّ العُنْقود لَيَكُونُ سُكْنَ أَهل الدَّارِ»؛ أي قُوتَهم مِنْ بَرَكَتِهِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ النُّزْل، وَهُوَ طَعَامُ الْقَوْمِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ عَلَيْهِ.
والأَسْكانُ: الأَقْواتُ، وَقِيلَ للقُوتِ سُكْنٌ لأَن الْمَكَانَ بِهِ يُسْكَنُ، وَهَذَا كَمَا يُقَالُ نُزْلُ الْعَسْكَرِ لأَرزاقهم الْمُقَدِّرَةِ لَهُمْ إِذَا أُنزِلوا مَنْزِلًا.
وَيُقَالُ: مَرْعًى مُسْكِنٌ إِذَا كَانَ كَثِيرًا لَا يُحْوج إِلَى الظَّعْن، كَذَلِكَ مَرْعًى مُرْبِعٌ ومُنْزِلٌ.
قَالَ: والسُّكْنُ المَسْكَن.
يُقَالُ: لَكَ فِيهَا سُكْنٌ وسُكْنَى بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
وسُكْنى المرأَة: المَسْكَنُ الَّذِي يُسْكنها الزَّوْجُ إِيَّاهُ.
يُقَالُ: لَكَ دَارِي هَذِهِ سُكْنَى إِذَا أَعاره مَسْكنًا يَسْكُنه.
وسُكّانُ الدَّارِ: هُمُ الْجِنُّ الْمُقِيمُونَ بِهَا، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا اطَّرَفَ دَارًا ذَبَحَ فِيهَا ذَبيحة يَتَّقي بِهَا أَذَى الْجِنِّ فَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَبَائِحِ الْجِنِّ.
والسَّكَنُ، بِالتَّحْرِيكِ: النَّارُ؛ قَالَ يَصِفُ قَنَاةً ثَقَّفَها بِالنَّارِ والدُّهن: " أَقامها بسَكَنٍ وأَدْهان وَقَالَ آخَرُ:
أَلْجَأَني الليلُ وريحٌ بَلَّهْ ***إِلَى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّهْ،
وسَكَنٍ تُوقَدُ فِي مِظَلَّهْ "ابْنُ الأَعرابي: التَّسْكِينُ تَقْوِيمُ الصَّعْدَةِ بالسَّكَنِ، وَهُوَ النَّارُ.
والتَّسْكين: أَن يَدُومَ الرَّجُلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَيْنِ، وَهُوَ الْحِمَارُ الْخَفِيفُ السَّرِيعُ، والأَتانُ إِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ سُكَيْنة، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْجَارِيَةُ الْخَفِيفَةُ الرُّوح سُكَيْنة.
قَالَ: والسُّكَيْنة أَيضًا اسْمُ البَقَّة الَّتِي دَخَلَتْ فِي أَنف نُمْروذَ بْنِ كَنْعان الْخَاطِئِ فأَكلت دماغَه.
والسُّكَيْنُ: الْحِمَارُ الْوَحْشِيُّ؛ قَالَ أَبو دُواد:
دَعَرْتُ السُّكَيْنَ بِهِ آيِلًا، ***وعَيْنَ نِعاجٍ تُراعي السِّخالا
والسَّكينة: الوَدَاعة والوَقار.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فِيهِ مَا تَسْكُنُون بِهِ إِذَا أَتاكم؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: قَالُوا إِنَّهُ كَانَ فِيهِ مِيرَاثُ الأَنبياء وعصا موسى وعمامة هرون الصَّفْرَاءُ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَانَ فِيهِ رأْس كرأْس الهِرِّ إِذَا صَاحَ كَانَ الظَّفَرُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقِيلَ: إِنَّ السَّكينة لَهَا رأْس كرأْس الهِرَّة مِنْ زَبَرْجَدٍ وَيَاقُوتٍ ولها جناحان.
قال الْحَسَنُ: " جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ فِي التَّابُوتِ سَكِينة لَا يَفِرُّون عَنْهُ أَبدًا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ إِلَيْهِ.
الْفَرَّاءُ: مِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ أَنزل اللَّهُ عَلَيْهِمُ السَّكينة للسَّكينة.
وَفِي حَدِيثِ قَيْلَةَ: « أَن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: يَا مِسْكِينة عَلَيْكِ السَّكِينةَ »؛ أَراد عَلَيْكِ الوَقارَ والوَداعَة والأَمْنَ.
يُقَالُ: رَجُلٌ وَدِيعَ وقُور سَاكِنٌ هَادِئٌ.
وَرُوِيَ عَنِ" ابْنِ مَسْعُودٍ أَنه قَالَ: السَّكِينةَ مَغْنَم وَتَرْكُهَا مَغْرَم، وَقِيلَ: أَراد بِهَا هَاهُنَا الرَّحْمَةَ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينة تَحْمِلُهَا الْمَلَائِكَةُ».
وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ بَعْضُهُمْ السَّكِينة الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الطمأْنينة، وَقِيلَ: هِيَ النَّصْرُ، وَقِيلَ: هِيَ الوَقار وَمَا يَسْكُن بِهِ الإِنسان.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ} مَا تَسْكُنُ بِهِ قلوبُهم.
وَتَقُولُ للوَقُور: عَلَيْهِ السُّكون والسَّكِينة؛ أَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لأَبي عُرَيْف الكُلَيبي:
للهِ قَبْرٌ غالَها، ماذا يُجِنْنَ، ***لَقَدْ أَجَنَّ سَكِينةً ووَقَارا
وَفِي حَدِيثِ الدَّفْع مِنْ عَرَفَةَ: « عَلَيْكُمُ السَّكِينةَ والوَقارَ والتَّأَنِّيَ فِي الْحَرَكَةِ وَالسَّيْرِ».
وَفِي حَدِيثِ الْخُرُوجِ إِلَى الصَّلَاةِ: « فلْيأْتِ وَعَلَيْهِ السَّكِينة».
وَفِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: « كُنْتُ إِلَى جَنْبِ رسول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فغَشِيَتْه السَّكِينةُ »؛ يُرِيدُ مَا" كَانَ يَعْرِضُ لَهُ مِنَ السُّكُونِ والغَيْبة عِنْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « مَا كُنَّا نُبْعِدُ أَن السَّكينة تَكَلَّمُ عَلَى لسانِ عُمَرَ »؛ قِيلَ: هُوَ مِنَ الْوَقَارِ وَالسُّكُونِ، وَقِيلَ: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَراد السَّكِينَة الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، قِيلَ فِي تَفْسِيرِهَا: إِنَّهَا حَيَوَانٌ لَهُ وَجْهٌ كَوَجْهِ الإِنسان مُجتَمِع، وسائِرُها خَلْقٌ رَقِيقٌ كَالرِّيحِ والهواء، وقيل: هي صُورة كالهِرَّة كَانَتْ مَعَهُمْ فِي جُيوشهم، فإِذا ظَهَرَتِ انْهَزَمَ أَعداؤُهم، وَقِيلَ: هِيَ مَا كَانُوا يَسْكُنُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الَّتِي أُعطيها مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، قَالَ: والأَشْبه بِحَدِيثِ عُمَرَ أَن يَكُونَ مِنَ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَبِنَاءِ الْكَعْبَةِ: « فأَرسل اللَّهُ إِلَيْهِ السَّكينة »؛ وَهِيَ رِيحٌ خَجُوجٌ؛ أي سَرِيعَةُ المَمَرِّ.
والسَّكِّينة: لُغَةٌ فِي السَّكينة؛ عَنْ أَبي زَيْدٍ، وَلَا نَظِيرَ لَهَا وَلَا يُعْلَمُ فِي الْكَلَامِ فَعِّيلة.
والسِّكِّينةُ، بِالْكَسْرِ: لُغَةٌ عَنِ الْكِسَائِيِّ مِنْ تَذْكِرَةِ أَبي عَلِيٍّ.
وتَسَكَّنَ الرَّجُلُ: مِنَ السَّكِينة والسَّكِّينة.
وَتَرَكْتُهُمْ عَلَى سَكِناتِهم ومَكِناتِهم ونَزِلاتِهم ورَباعَتهم ورَبَعاتهم أَي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ وحُسْن حَالِهِمْ، وَقَالَ ثَعْلَبٌ: عَلَى مَسَاكِنِهِمْ، وَفِي الْمُحْكَمِ: عَلَى مَنازلهم، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الْجَيِّدُ لأَن الأَول لَا يُطَابِقُ فِيهِ الِاسْمُ الْخَبَرَ، إِذ الْمُبْتَدَأُ اسْمٌ وَالْخَبَرُ مَصْدَرٌ، فَافْهَمْ.
وَقَالُوا: تَرَكْنَا الناسَ عَلَى مُصاباتهم أَي عَلَى طَبَقَاتِهِمْ وَمَنَازِلِهِمْ.
والسَّكِنة، بِكَسْرِ الْكَافِ: مَقَرُّ الرأْس مِنَ الْعُنُقِ؛ وَقَالَ حَنْظَلَةُ بْنُ شَرْقيّ وَكُنْيَتُهُ أَبو الطَّحَّان:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناتِه، ***وطَعْنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: اسْتَقِرُّوا عَلَى سَكِناتكم فَقَدِ انْقَطَعَتِ الْهِجْرَةُ »أَي عَلَى مَوَاضِعِكُمْ وَفِي مسَاكنكم، وَيُقَالُ: وَاحِدَتُهَا سَكِنة مِثْلُ مَكِنة ومَكِنات، يَعْنِي أَن اللَّهَ قَدْ أَعز الإِسلام، وأَغنى عَنِ الْهِجْرَةِ والفِرار عَنِ الْوَطَنِ خَوْفَ الْمُشْرِكِينَ.
وَيُقَالُ: النَّاسُ عَلَى سَكِناتهم أَي عَلَى اسْتِقَامَتِهِمْ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ زامِل بْنُ مُصاد العَيْني:
بِضَرْبٍ يُزِيلُ الهامَ عَنْ سَكِناته، ***وطَعْنٍ كأَفواه المَزاد المُخَرَّق
قَالَ: وَقَالَ طُفَيل:
بضرْبٍ يُزيل الهامَ عَنْ سَكِناته، ***ويَنْقَعُ مِنْ هامِ الرِّجَالِ المُشَرَّب
قَالَ: وَقَالَ النَّابِغَةُ:
بضربٍ يُزيلُ الهامَ عَنْ سَكِناته، ***وطعن كإِيزاغِ الْمَخَاضِ الضَّوارب
والمِسْكينُ والمَسْكِين؛ الأَخيرة نَادِرَةٌ لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مَفْعيل: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ يَكْفِي عِيَالَهُ، قَالَ أَبو إسحق: الْمِسْكِينُ الَّذِي أَسْكَنه الفقرُ أَي قَلَّلَ حركتَه، وَهَذَا بِعِيدٍ لأَن مِسْكينًا فِي مَعْنَى فَاعِلٍ، وَقَوْلُهُ الَّذِي أَسْكَنه الفقرُ يُخْرجه إِلى مَعْنَى مَفْعُولٍ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ المِسْكين وَالْفَقِيرِ مَذْكُورٌ فِي مَوْضِعِهِ، وَسَنَذْكُرُ مِنْهُ هُنَا شَيْئًا، وَهُوَ مِفْعيل مِنَ السُّكُونِ، مِثْلُ المِنْطيق مِنَ النُّطْق.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: قَالَ يُونُسُ الْفَقِيرُ أَحسن حَالًا مِنَ الْمِسْكِينِ، وَالْفَقِيرُ الَّذِي لَهُ بَعْضُ مَا يُقيمه، وَالْمِسْكِينُ أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنُ السِّكِّيتِ؛ قَالَ يُونُسُ: وَقُلْتُ لأَعرابي أَفقير أَنت أَم مِسْكِينٌ؟ فَقَالَ: لَا وَاللَّهِ بَلْ مِسْكِينٌ، فأَعلم أَنه أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ؛ وَاحْتَجُّوا عَلَى أَن الْمِسْكِينَ أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ بِقَوْلِ الرَّاعِي:
أَما الفقيرُ الَّذِي كانَتْ حَلوبَتُه ***وَفْق العِيال، فَلَمْ يُترَك لَهُ سَبَدُ
فأَثبت أَن لِلْفَقِيرِ حَلوبة وَجَعَلَهَا وفْقًا لِعِيَالِهِ؛ قَالَ: وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي هَذَا كَقَوْلِ يُونُسَ.
وَرُوِيَ عَنِ الأَصمعي أَنه قَالَ: الْمِسْكِينُ أَحسن حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وإِليه ذَهَبَ أَحمد بْنُ عُبَيْد، قَالَ: وَهُوَ الْقَوْلُ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا لأَن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ؛ فأَخبر أَنهم مَسَاكِينُ وأَن لَهُمْ سَفينة تُساوي جُمْلة، وَقَالَ لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ: يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافًا؛ فَهَذِهِ الْحَالُ الَّتِي أَخبر بِهَا عَنِ الْفُقَرَاءِ هِيَ دُونَ الْحَالِ الَّتِي أَخبر بِهَا عَنِ الْمَسَاكِينِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وإِلى هَذَا الْقَوْلِ ذَهَبَ عليُّ بْنُ حَمْزَةَ الأَصبهاني اللُّغَوِيُّ، ويَرى أَنه الصَّوَابُ وَمَا سِوَاهُ خطأٌ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ؛ فأَكد عَزَّ وَجَلَّ سُوءَ حَالِهِ بِصِفَةِ الفقر لأَن المَتْربَة الْفَقْرُ، وَلَا يُؤَكَّدُ الشَّيْءُ إِلا بِمَا هُوَ أَوكد مِنْهُ، وَاسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}؛ فأَثبت أَن لَهُمْ سَفِينَةً يَعْمَلُونَ عَلَيْهَا فِي الْبَحْرِ؛ وَاسْتَدَلَّ أَيضًا بِقَوْلِ الرَّاجِزِ:
هَلْ لَكَ فِي أَجْرٍ عَظِيمٍ تُؤْجَرُهْ، ***تُغِيثُ مِسْكينًا قَلِيلًا عَسْكَرُهْ،
عَشْرُ شِياهٍ سَمْعُه وبَصَرُهْ، ***قَدْ حَدَّثَ النَّفْسَ بِمِصْرٍ يَحْضُرُهْ
فأَثبت أَن لَهُ عَشْرَ شِيَاهٍ، وأَراد بِقَوْلِهِ عَسْكَرُهُ غَنَمُهُ وأَنها قَلِيلَةٌ، وَاسْتَدَلَّ أَيضًا بِبَيْتِ الرَّاعِي وَزَعَمَ أَنه أَعدل شَاهِدٍ عَلَى صِحَّةٍ ذَلِكَ؛ وَهُوَ قَوْلُهُ: " أَما الفقيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلوبَتُه لأَنه قَالَ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلوبتُه وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَقَالَ: فَلَمْ يُترك لَهُ سَبَدٌ، فأَعلمك أَنه كَانَتْ لَهُ حَلوبة تَقُوت عِيَالَهُ، وَمَنْ كَانَتْ هَذِهِ حَالُهُ فَلَيْسَ بِفَقِيرٍ وَلَكِنْ مِسْكِينٍ، ثُمَّ أَعلمك أَنها أُخِذَتْ مِنْهُ فَصَارَ إِذ ذَاكَ فَقِيرًا، يَعْنِي ابنُ حمْزة بِهَذَا الْقَوْلِ أَن الشَّاعِرَ لَمْ يُثْبِتْ أَن لِلْفَقِيرِ حَلُوبَةً لأَنه قَالَ: الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ، وَلَمْ يَقُلِ الَّذِي حَلُوبَتُهُ، وَهَذَا كَمَا تَقُولُ أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ لَهُ مَالٌ وثرْوة فإِنه لَمْ يُترَكْ لَهُ سَبَدٌ، فَلَمْ يُثْبت بِهَذَا أَن لِلْفَقِيرِ مَالًا وثرْوَة، وإِنما أَثبَت سُوءَ حَالِهِ الَّذِي به صارفقيرًا، بَعْدَ أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَثَرْوَةٍ، وَكَذَلِكَ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَتْ حَلُوبَتُهُ ".
أَنه أَثبت فَقْرَهُ لِعَدَمِ حَلوبته بَعْدَ أَن كَانَ مِسْكِينًا قَبْلَ عَدَمِ حَلوبته، وَلَمْ يُرِد أَنه فَقِيرٌ مَعَ وُجُودِهَا فإِن ذَلِكَ لَا يَصِحُّ كَمَا لَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ لِلْفَقِيرِ مَالٌ وَثَرْوَةٌ فِي قَوْلِكَ: أَما الْفَقِيرُ الَّذِي كَانَ لَهُ مَالٌ وَثَرْوَةٌ، لأَنه لَا يَكُونُ فَقِيرًا مَعَ ثَرْوَتِهِ وَمَالِهِ فَحَصَلَ بِهَذَا أَن الْفَقِيرَ فِي الْبَيْتِ هُوَ الَّذِي لَمْ يُتركْ لَهُ سَبَدٌ بأَخذ حَلُوبَتِهِ، وَكَانَ قَبْلَ أَخذ حَلُوبَتِهِ مِسْكِينًا لأَن مَنْ كَانَتْ لَهُ حَلُوبَةٌ فَلَيْسَ فَقِيرًا، لأَنه قَدْ أَثبت أَن الْفَقِيرَ الَّذِي لَمْ يُترَكْ لَهُ سَبَدٌ، وإِذا لَمْ يَكُنْ فَقِيرًا فَهُوَ إِمّا غَنِيٌّ وإِما مِسْكِينٌ، وَمَنْ لَهُ حَلُوبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلَيْسَ بِغَنِيٍّ، وإِذا لَمْ يَكُنْ غَنِيًّا لَمْ يَبْقَ إِلّا أَن يَكُونَ فَقِيرًا أَو مِسْكِينًا، وَلَا يَصِحُّ أَن يَكُونَ فَقِيرًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، فَلَمْ يبقَ أَن يَكُونَ إِلا مِسْكِينًا، فَثَبَتَ بِهَذَا أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ؛ قَالَ عَلِيُّ بْنُ حَمْزَةَ: وَلِذَلِكَ بدأَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْفَقِيرِ قَبْلَ مَنْ يَسْتَحِقُّ الصَّدَقَةَ مِنَ الْمِسْكِينِ وَغَيْرِهِ، وأَنت إِذا تأَملت قَوْلَهُ تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ}، وَجَدْتَهُ سُبْحَانَهُ قَدْ "رَتَّبَهُمْ فَجَعَلَ الثَّانِي أَصلح حَالًا مِنَ الأَول، وَالثَّالِثَ أَصلح حَالًا مِنَ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الرَّابِعُ وَالْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَالسَّابِعُ وَالثَّامِنُ، قَالَ: وَمِمَّا يَدُلُّكَ عَلَى أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ أَن الْعَرَبَ قَدْ تَسَمَّتْ بِهِ وَلَمْ تَتَسَمَّ بِفَقِيرٍ لِتَنَاهِي الْفَقْرِ فِي سُوءِ الْحَالِ، أَلا تَرَى أَنهم قَالُوا تَمَسْكَن الرَّجُلُ فَبَنَوْا مِنْهُ فِعْلًا عَلَى مَعْنَى التَّشْبِيهِ بِالْمِسْكِينِ فِي زِيِّه، وَلَمْ يَفْعَلُوا ذَلِكَ فِي الْفَقِيرِ إِذ كَانَتْ حَالُهُ لَا يَتَزَيّا بِهَا أَحدٌ؟ قَالَ: وَلِهَذَا رَغِبَ الأَعرابيُّ الَّذِي سأَله يُونُسُ عَنِ اسْمِ الْفَقِيرِ لِتَنَاهِيهِ فِي سُوءِ الْحَالِ، فَآثَرَ التَّسْمِيَةَ بالمَسْكَنة أَو أَراد أَنه ذَلِيلٌ لِبُعْدِهِ عَنْ قَوْمِهِ وَوَطَنِهِ، قَالَ: وَلَا أَظنه أَراد إِلا ذَلِكَ، وَوَافَقَ قولُ الأَصمعي وَابْنِ حَمْزَةَ فِي هَذَا قولَ الشَّافِعِيِّ؛ وَقَالَ قَتَادَةُ: الْفَقِيرُ الَّذِي بِهِ زَمانة، والمِسْكين الصَّحِيحُ الْمُحْتَاجُ.
وَقَالَ زِيَادَةُ اللَّهِ بْنُ أَحمد: الْفَقِيرُ الْقَاعِدُ فِي بَيْتِهِ لَا يسأَل، وَالْمِسْكِينُ الَّذِي يسأَل، فَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ مَنْ ذَهَبَ إِلى أَن الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لأَنه يسأَل فيُعْطَى، وَالْفَقِيرُ لَا يسأَل وَلَا يُشْعَرُ بِهِ فيُعْطَى لِلُزُومِهِ بَيْتِهِ أَو لِامْتِنَاعِ سُؤَالِهِ، فَهُوَ يَتَقَنَّع بأَيْسَرِ شَيْءٍ كَالَّذِي يتقوَّت فِي يَوْمِهِ بِالتَّمْرَةِ وَالتَّمْرَتَيْنِ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَلَا يسأَل مُحَافَظَةً عَلَى مَاءِ وَجْهِهِ وإِراقته عند السُّؤَالِ، فَحَالُهُ إِذًا أَشدّ مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ الَّذِي لَا يَعْدَمُ مَنْ يُعْطِيهِ، وَيَشْهَدُ بِصِحَّةِ ذَلِكَ" قَوْلُهُ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ المسكينُ الَّذِي تَرُدُّه اللُّقْمةُ واللُّقْمتانِ، وإِنما الْمِسْكِينُ الَّذِي لَا يسأَل وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فيُعْطَى، فأَعْلَمَ أَن الَّذِي لَا يسأَل أَسوأُ حَالًا مِنَ السَّائِلِ، وإِذا ثَبَتَ أَن الْفَقِيرَ هُوَ الَّذِي لَا يسأَل وأَن الْمِسْكِينَ هُوَ السَّائِلُ فَالْمِسْكِينُ إِذًا أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَالْفَقِيرُ أَشدّ مِنْهُ فَاقَةً وَضُرًّا، إِلَّا أَن الْفَقِيرَ أَشرف نَفْسًا مِنَ الْمِسْكِينِ لِعَدَمِ الْخُضُوعِ الَّذِي فِي الْمِسْكِينِ، لأَن الْمِسْكِينَ قَدْ جَمَعَ فَقْرًا وَمَسْكَنَةً، فَحَالُهُ فِي هَذَا أَسوأُ حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ الْمِسْكِينُ فأَبانَ أَن لَفْظَةَ الْمِسْكِينِ فِي اسْتِعْمَالِ النَّاسِ أَشدّ قُبحًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وَكَانَ الأَولى بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ أَن تَكُونَ لِمَنْ لَا يسأَل لِذُلِّ الْفَقْرِ الَّذِي أَصابه، فَلَفْظَةُ الْمِسْكِينِ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَشد بُؤْسًا مِنْ لَفْظَةِ الْفَقِيرِ، وإِن كَانَ حَالُ الْفَقِيرِ فِي الْقِلَّةِ وَالْفَاقَةِ أَشد مِنْ حَالِ الْمِسْكِينِ، وأَصل الْمِسْكِينِ فِي اللُّغَةِ الْخَاضِعُ، وأَصل الْفَقِيرِ الْمُحْتَاجُ، وَلِهَذَا قَالَ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ أَحْيِني مِسْكينًا وأَمِتْني مِسْكِينًا واحْشُرْني فِي زُمْرةِ الْمَسَاكِينِ "؛ أَراد بِهِ التَّوَاضُعَ والإِخْبات وأَن لَا يَكُونَ مِنَ الْجَبَّارِينَ الْمُتَكَبِّرِينَ أَي خَاضِعًا لَكَ يَا رَبِّ ذَلِيلًا غَيْرَ مُتَكَبِّرٍ، وَلَيْسَ يُرَادُ بِالْمِسْكِينِ هُنَا الْفَقِيرُ الْمُحْتَاجُ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُكَرَّمِ: وَقَدِ اسْتَعَاذَ سَيِّدُنَا رسول الله، صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ الْفَقْرِ؛ قَالَ: وَقَدْ يُمْكِنُ أَن يَكُونَ مِنْ هَذَا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ حِكَايَةً عَنِ الخِضْرِ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ"، فَسَمَّاهُمْ مَسَاكِينَ لِخُضُوعِهِمْ وَذُلِّهِمْ مِنْ جَوْرِ الْمَلِكِ الَّذِي يأْخذ كُلَّ سَفِينَةٍ وَجَدَهَا فِي الْبَحْرِ غَصْبًا، وَقَدْ يَكُونُ الْمِسْكِينُ مُقِلًّا ومُكْثِرًا، إِذ الأَصل فِي المسكين أَنه من المَسْكَنة، وَهُوَ الْخُضُوعُ وَالذُّلُّ، وَلِهَذَا وَصَفَ اللَّهُ الْمِسْكِينَ بِالْفَقْرِ لَمَّا أَراد أَن يُعْلِمَ أَن خُضُوعَهُ لِفَقْرٍ لَا لأَمر غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ}؛ والمَتْرَبةُ: الْفَقْرُ، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَسوأَ حَالًا لِقَوْلِهِ ذَا مَتْرَبَةٍ، وَهُوَ الَّذِي لَصِقَ بِالتُّرَابِ لشدَّة فَقْرِهِ، وَفِيهِ أَيضًا حُجَّةٌ لِمَنْ جَعَلَ الْمِسْكِينَ أَصلح حَالًا مِنَ الْفَقِيرِ لأَنه أَكد حَالَهُ بِالْفَقْرِ، وَلَا يؤكَّد الشَّيْءُ إِلا بِمَا هُوَ أَوكد مِنْهُ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ المِسْكين والمَساكين والمَسْكَنة والتَّمَسْكُنِ، قَالَ: وَكُلُّهَا يَدُورُ مَعْنَاهَا على الخضوعوالذِّلَّة وَقِلَّةِ الْمَالِ وَالْحَالِ السَّيِّئَةِ، واسْتَكانَ إِذا خَضَعَ.
والمَسْكَنة: فَقْرُ النَّفْسِ.
وتَمَسْكَنَ إِذا تَشَبَّه بِالْمَسَاكِينِ، وَهُمْ جَمْعُ المِسْكين، وَهُوَ الَّذِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَهُ بَعْضُ الشَّيْءِ، قَالَ: وَقَدْ تَقَعُ المَسْكَنة عَلَى الضَّعف؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" قَيْلة: قَالَ لَهَا صَدَقَت المِسْكِينةُ "؛ أَراد الضَّعف وَلَمْ يُرِدِ الْفَقْرَ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: المِسْكين مِنَ الأَلفاظ المُتَرَحَّمِ بِهَا، تَقُولُ: مَرَرْتُ بِهِ المِسْكين، تَنْصِبُهُ عَلَى أَعني، وَقَدْ يَجُوزُ الْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ، وَالرَّفْعُ عَلَى إِضمار هُوَ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّرَحُّمِ مَعَ ذَلِكَ، كَمَا أَن رحمةُ اللَّهِ عَلَيْهِ وإِن كَانَ لَفْظُهُ لَفْظَ الْخَبَرِ فَمَعْنَاهُ مَعْنَى الدُّعَاءِ؛ قَالَ: وَكَانَ يُونُسُ يَقُولُ مَرَرْتُ بِهِ المسكينَ، عَلَى الْحَالِ، وَيَتَوَهَّمُ سُقُوطَ الأَلف وَاللَّامِ، وَهَذَا خطأٌ لأَنه لَا يَجُوزُ أَن يَكُونَ حَالًا وَفِيهِ الأَلف وَاللَّامُ، وَلَوْ قُلْتُ هَذَا لَقُلْتُ مَرَرْتُ بِعَبْدِ اللَّهِ الظريفَ تُرِيدُ ظَرِيفًا، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ حَمَلْتَهُ عَلَى الْفِعْلِ كأَنه قَالَ لَقِيتُ الْمِسْكِينَ، لأَنه إِذا قَالَ مَرَرْتُ بِهِ فكأَنه قَالَ لَقِيِتُهُ، وَحُكِيَ أَيضًا: إِنه المسكينُ أَحْمَقُ وتقديرُه: إِنه أَحمق، وَقَوْلُهُ المسكينُ أَي هُوَ المسكينُ، وَذَلِكَ اعتراضٌ بَيْنَ اسْمِ إِن وَخَبَرِهَا، والأُنثى مِسْكينة؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: شُبِّهَتْ بِفَقِيرَةٍ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي مَعْنَى الإِكْثار، وَقَدْ جَاءَ مِسْكين أَيضًا للأُنثى؛ قَالَ تأَبط شَرًّا:
قَدْ أَطْعَنُ الطَّعْنةَ النَّجْلاءَ عَنْ عُرُضٍ، ***كفَرْجِ خَرْقاءَ وَسْطَ الدارِ مِسْكينِ
عَنَى بِالْفَرَجِ مَا انْشَقَّ مِنْ ثِيَابِهَا، وَالْجَمْعُ مَساكين، وإِن شِئْتَ قُلْتَ مِسْكينون كَمَا تَقُولُ فَقِيرُونَ؛ قَالَ أَبو الْحَسَنِ: يَعْنِي أَن مِفْعيلًا يَقَعُ لِلْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ نَحْوَ مِحْضِير ومِئْشير، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ مَا دَامَتِ الصِّيغَةُ لِلْمُبَالَغَةِ، فَلَمَّا قَالُوا مِسْكينة يَعْنُونَ الْمُؤَنَّثَ وَلَمْ يَقْصِدُوا بِهِ الْمُبَالَغَةَ شَبَّهُوهَا بِفَقِيرَةٍ، وَلِذَلِكَ سَاغَ جَمْعُ مُذَكَّرِهِ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ.
وَقَوْمٌ مَساكينُ ومِسْكِينون أَيضًا، وإِنما قَالُوا ذَلِكَ مِنْ حَيْثُ قِيلَ للإِناث مِسْكينات لأَجل دُخُولِ الْهَاءِ، وَالِاسْمُ المَسْكَنة.
اللَّيْثُ: المَسْكَنة مَصْدَرُ فِعْل المِسْكين، وإِذا اشْتَقُّوا مِنْهُ فِعْلًا قَالُوا تَمَسْكَنَ الرجلُ أَي صَارَ مِسكينًا.
وَيُقَالُ: أَسْكَنه اللَّهُ وأَسْكَنَ جَوْفَه أَي جَعَلَهُ مِسْكينًا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْمِسْكِينُ الْفَقِيرُ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الذِّلَّة وَالضَّعْفِ.
يقال: تَسَكَّن الرجل وتَمَسْكَن، كَمَا قَالُوا تَمَدْرَعَ وتَمَنْدَلَ مِنَ المِدْرَعَة والمِنْديل، عَلَى تَمَفْعَل، قَالَ: وَهُوَ شَاذٌّ، وَقِيَاسُهُ تَسَكَّنَ وتَدرَّعَ مِثْلَ تشَجَّع وتحَلَّم.
وسَكَن الرجلُ وأَسْكَن وتمَسْكَنَ إِذا صَارَ مِسكينًا، أَثبتوا الزَّائِدَ، كَمَا قَالُوا تَمَدْرَع فِي المِدرعة.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: تَسَكَّن كتَمَسْكَن، وأَصبح القومُ مُسْكِنين أَي ذَوِي مَسْكنة.
وَحُكِيَ: مَا كَانَ مِسْكِينًا وَمَا كُنْتُ مِسْكِينًا وَلَقَدْ أَسكَنْتُ.
وتمسكَنَ لِرَبِّهِ: تضَرَّع؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
وَتَمَسْكَنَ إِذا خَضَعَ لِلَّهِ.
والمَسْكَنة: الذِّلَّة.
وَفِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ لِلْمُصَلِّي: تَبْأَسُ وتمسْكَنُ وتُقْنِع يَدَيْكَ "؛ وَقَوْلُهُ تمسْكَنُ أَي تذَلَّل وتَخْضَع، وَهُوَ تَمَفْعَل مِنَ السُّكُونِ؛ وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: أَصل الْحَرْفِ السُّكون، والمَسْكَنة مَفْعلة مِنْهُ، وَكَانَ الْقِيَاسُ تسَكَّن، وَهُوَ الأَكثر الأَفصح إِلا أَنه جاءَ فِي هَذَا الْحَرْفِ تَمَفْعَل، وَمِثْلُهُ تمَدْرَع وأَصله تَدرَّع؛ وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: كُلُّ مِيمٍ كَانَتْ فِي أَول حَرْفٍ فَهِيَ مَزِيدَةٌ إِلا مِيمَ مِعْزى وَمِيمَ مَعَدٍّ، تَقُولُ: تمَعْدَد، وَمِيمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَج وَمِيمَ مَهْدَد؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا فِيمَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ مَفْعَل أَو مِفْعَل أَو مِفْعيل، فأَما مَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ فَعْلٍ" أَو فِعالٍ فَالْمِيمُ تَكُونُ أَصلية مِثْلُ المَهْدِ والمِهاد والمَرد وَمَا أَشبهه.
وَحَكَى الْكِسَائِيُّ عَنْ بَعْضِ بَنِي أَسد: المَسْكين، بِفَتْحِ الْمِيمِ، المِسْكين.
والمِسْكينة: اسْمُ مَدِينَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: لَا أَدري لمَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ إِلا أَن يَكُونَ لِفَقْدِهَا النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
واستَكان الرَّجُلُ: خَضَع وذلَّ، وَهُوَ افتَعَل مِنَ المَسْكَنة، أُشبعت حَرَكَةُ عَيْنِهِ فَجَاءَتْ أَلفًا.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ}؛ وَهَذَا نَادِرٌ، وَقَوْلُهُ: فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ؛ أَي فَمَا خَضَعُوا، كَانَ فِي الأَصل فَمَا استَكَنُوا فَمُدَّتْ فَتْحَةُ الْكَافِ بأَلف كَقَوْلِهِ: لَهَا مَتْنتان خَظاتا، أَراد خَظَتا فَمَدَّ فَتْحَةَ الظَّاءِ بأَلف.
يُقَالُ: سَكَنَ وأَسكَنَ واسْتَكَنَ وتَمَسْكَنَ واسْتَكان أَي خَضَعَ وَذَلَّ.
وَفِي حَدِيثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ: « أَما صَاحِبَايَ فاستَكانا وقَعَدا فِي بُيُوتِهِمَا »أَي خَضَعَا وذلَّا.
والاسْتِكانة: اسْتِفْعال مِنَ السُّكون؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَكثر مَا جاءَ إِشباع حَرَكَةِ الْعَيْنِ فِي الشِّعْرِ كَقَوْلِهِ يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوب أَي يَنْبَع، مُدَّتْ فَتْحَةُ الْبَاءِ بأَلف، وَكَقَوْلِهِ: أَدْنو فأَنْظُورُ، وَجَعَلَهُ أَبو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ مِنَ الكَيْنِ الَّذِي هُوَ لَحْمُ بَاطِنِ الْفَرْجِ لأَن الْخَاضِعَ الذَّلِيلَ خَفِيٌّ، فَشَبَّهَهُ بِذَلِكَ لأَنه أَخفى مَا يَكُونُ مِنَ الإِنسان، وَهُوَ يَتَعَدَّى بِحَرْفِ الْجَرِّ وَدُونِهِ؛ قَالَ كثيِّر عَزَّةَ:
فَمَا وَجدوا فِيكَ ابنَ مَرْوان سَقْطةً، ***وَلَا جَهْلةً فِي مازِقٍ تَسْتَكِينُها
الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}؛ أَي يَسْكُنون بِهَا.
والسَّكُون، بِالْفَتْحِ: حَيٌّ مِنَ الْيَمَنِ.
والسَّكون: مَوْضِعٌ، وَكَذَلِكَ مَسْكِنٌ، بِكَسْرِ الْكَافِ، وَقِيلَ: مَوْضِعٌ مِنْ أَرض الْكُوفَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
إِنَّ الرَّزِيَّة، يَوْمَ مَسْكِنَ، ***والمُصِيبةَ والفَجيعه
جَعَلَهُ اسْمًا لِلْبُقْعَةِ فَلَمْ يَصْرِفْهُ.
وأَما المُسْكان، بِمَعْنَى العَرَبون، فَهُوَ فُعْلال، وَالْمِيمُ أَصلية، وَجَمْعُهُ المَساكين؛ قَالَهُ ابْنُ الأَعرابي.
ابْنُ شُمَيْلٍ: تَغْطِيَةُ الْوَجْهِ عِنْدَ النَّوْمِ سُكْنة كأَنه يأْمن الْوَحْشَةَ، وَفُلَانُ بنُ السَّكَن.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَكَانَ الأَصمعي يَقُولُهُ بِجَزْمِ الْكَافِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُقَالُ سَكَنٌ وسَكْنٌ؛ قَالَ جَرِيرٌ فِي الإِسكان:
ونُبِّئْتُ جَوَّابًا وسَكْنًا يَسُبُّني، ***وعَمْرو بنُ عَفْرا، لَا سلامَ عَلَى عَمْرِو
وسَكْنٌ وسُكَنٌ وسُكَينٌ: أَسماء.
وسُكَينٌ: اسْمُ مَوْضِعٍ؛ قَالَ النَّابِغَةُ:
وَعَلَى الرُّمَيْثة مِنْ سُكَينٍ حاضرٌ، ***وَعَلَى الدُّثَيْنةِ مِنْ بَنِي سَيَّارِ
وسُكَينٌ، مُصَغَّرٌ: حَيٌّ مِنَ الْعَرَبِ فِي شِعْرِ النَّابِغَةِ الذُّبياني.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: يَعْنِي هَذَا الْبَيْتَ: وَعَلَى الرُّميثة مِنْ سُكين.
وسُكَيْنة: بِنْتُ الحُسَين بْنِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، والطُّرَّة السُّكَيْنِيَّة مَنْسُوبَةٌ إِليها.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
75-لسان العرب (لثن)
لثن: رَوَى الأَزهري قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ إِسحق السَّعْدي يَقُولُ سَمِعْتُ عليَّ بْنَ حرْبٍ المَوْصِليَّ يَقُولُ: شَيْءٌ لَثِنٌ أَي حُلْوٌ، بِلُغَةِ أَهل الْيَمَنِ؛ قَالَ الأَزهري: لَمْ أَسمعه لِغَيْرِ عَلِيِّ بْنِ حربٍ، وَهُوَ ثَبَت؛ وَفِي حَدِيثِ المَبْعَث:«بُغْضُكُمُ عِنْدَنَا مُرٌّ مَذاقَتُه، ***، وبُغْضُنا عندَكم، يَا قوْمَنا، لَثِنُ»
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
76-لسان العرب (بره)
بره: البُرْهَة والبَرْهَة جَمِيعًا: الحِينُ الطَّوِيلُ مِنَ الدَّهْرِ، وَقِيلَ: الزمانُ.يُقَالُ: أَقمت عِنْدَهُ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ كَقَوْلِكَ أَقمت عِنْدَهُ سَنَةً مِنَ الدَّهْرِ.
ابْنُ السِّكِّيتِ: أَقمت عِنْدَهُ بُرْهَةً وبَرْهَةً أَي مدَّة طَوِيلَةً مِنَ الزَّمَانِ.
والبَرَهُ: التَّرارةُ.
وامرأَة بَرَهْرَهة، فَعَلْعَلة كرِّر فِيهَا الْعَيْنُ وَاللَّامُ: تارَّةٌ تَكَادُ تُرْعَدُ مِنَ الرُّطُوبة، وَقِيلَ: بَيْضَاءُ؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
بَرَهْرَهَةٌ رُؤدَةٌ رَخْصَةٌ، ***كَخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِر
وبَرَهْرَهَتُها: تَرارتُها وبَضَاضَتُها؛ وَتَصْغِيرُ بَرَهْرَهَةٍ بُرَيْهة، وَمَنْ أَتمها قَالَ بُرَيْرهَة، فأَما بُرَيْهِرَهة.
فَقَبِيحَةٌ قَلَّمَا يُتَكَلَّمُ بِهَا، وَقِيلَ: البَرَهْرَهة الَّتِي لَهَا بَرِيق مِنْ صَفائها، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الرَّقِيقَةُ الْجِلْدِ كأَنَّ الْمَاءَ يَجْرِي فِيهَا مِنَ النَّعْمة.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: « فأَخرج مِنْهُ عَلَقَةً سوداءَ ثُمَّ أَدخل فِيهِ البَرَهْرَهَةَ »؛ قِيلَ: هِيَ سَكِّينَةٌ بَيْضَاءُ جَدِيدَةٌ صَافِيَةٌ، مِنْ قَوْلِهِمُ امرأَة بَرَهْرَهَة كأَنها تُرْعَدُ رُطوبةً، وَرُوِيَ رَهْرَهةً؛ أي رَحْرَحة وَاسِعَةً؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: قَالَ الْخَطَّابِيُّ قَدْ أَكثرتُ السُّؤَالَ عَنْهَا فَلَمْ أَجد فِيهَا قَوْلًا يُقْطَعُ بصحَّته، ثُمَّ اخْتَارَ أَنها السِّكِّينُ.
ابْنُ الأَعرابي: بَرِهَ الرَّجُلُ إِذا ثابَ جسمُه بَعْدَ تغيُّر مِنْ علَّة.
وأَبْرَهَ الرجلُ: غَلَبَ النَّاسَ وأَتى بِالْعَجَائِبِ.
والبُرهانُ: بيانُ الْحُجَّةِ واتِّضاحُها.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ}.
الأَزهري: النُّونُ فِي الْبُرْهَانِ لَيْسَتْ بأَصلية عِنْدَ اللَّيْثِ، وأَما قَوْلُهُمْ بَرْهَنَ فلانٌ إِذا جاءَ بالبُرْهان فَهُوَ مولَّد، وَالصَّوَابُ أَن يُقَالَ أَبْرَهَ إِذا جَاءَ بالبُرْهان، كَمَا قَالَ ابْنُ الأَعرابي، إِن صحَّ عَنْهُ، وَهُوَ رِوَايَةُ أَبي عَمْرٍو، وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ النُّونُ فِي الْبُرْهَانِ نُونُ جَمْعٍ عَلَى فُعْلان، ثُمَّ جُعِلَت كَالنُّونِ الأَصلية كَمَا جَمَعُوا مَصادًا عَلَى مُصْدانٍ ومَصِيرًا عَلَى مُصْرانٍ، ثُمَّ جَمَعُوا مُصْرانًا عَلَى مَصارِينَ، عَلَى تَوَهُّمٍ أَنها أَصلية.
وأَبْرَهةُ: اسْمُ مَلِك مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَبْرَهةُ بن الحرث الرَّائِشُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ ذو المَنارِ.
وأَبْرَهةُ ابن الصَّبّاح أَيضًا: مِنْ مُلُوكِ الْيَمَنِ، وَهُوَ أَبو يَكْسُوم مَلِكُ الحَبَشة صَاحِبُ الْفِيلِ الَّذِي ساقَه إِلى الْبَيْتِ الْحَرَامِ فأَهلكه اللَّهُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَالَ طَالِبُ بْنُ أَبي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ:
أَلم تَعْلموا مَا كَانَ فِي حَرْبِ داحِسٍ، ***وجَيْشِ أَبي يَكْسُومَ، إِذ مَلَؤُوا الشِّعْبا؟
وأَنشد الْجَوْهَرِيُّ:
مَنَعْتَ مِنْ أَبْرَهةَ الحَطِيما، ***وكُنْتَ فِيمَا ساءَهُ زَعِيما
الأَصمعي: بَرَهُوتُ على مثال رَهَبُوتٍ بئرٌ بحَضْرَمَوْتَ، يُقَالُ فِيهَا أَرواحُ الكُفَّار.
وَفِي الْحَدِيثِ: « خيرُ بئرٍ فِي الأَرض زَمْزَمُ، وشرُّ بئرٍ فِي الأَرض بَرَهُوتُ، وَيُقَالُ بُرْهُوت مِثَالُ سُبْروت».
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: بَرَهُوتٌ عَلَى مِثَالِ رَهَبُوتٍ، قَالَ: صَوَابُهُ بَرَهُوتُ غَيْرُ مَصْرُوفٍ للتأْنيث وَالتَّعْرِيفِ.
وَيُقَالُ فِي تَصْغِيرِ إِبْرَاهِيمَ بُرَيْه، وكأَنَّ الْمِيمَ عِنْدَهُ زَائِدَةٌ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ بُرَيْهِيم، وَذَكَرَ ابْنُ الأَثير فِي هَذِهِ التَّرْجَمَةِ البُرَةَ حَلْقة تجعل فِي أَنف الْبَعِيرِ، وَسَنَذْكُرُهَا نحن في موضعها.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
77-لسان العرب (دره)
دره: دَرَه عَلَى القَوم: هَجَم ابْنُ الأَعرابي: دَرَهَ فلانٌ عَلَيْنَا ودَرَأَ إِذا هَجَمَ مِنْ حَيْثُ لَمْ نَحْتَسِبْه.ودارِهاتُ الدَّهْرِ: هَواجِمُه؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
عَزِيرٌ عَليَّ فَقْدُه فَفَقَدْتُه، ***فبانَ وخَلَّى دارِهاتِ النوائبِ
دارِهاتُها: هاجماتُها.
وَيُقَالُ: إِنه لَذُو تُدْرَإِ وَذُو تُدْرَهٍ إِذا كَانَ هَجَّامًا عَلَى أَعدائه مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُونَ؛ وَقَوْلُ أَبي النَّجْمِ: " سُبِّي الحَماةَ وادْرَهِي عَلَيْهَا إِنما مَعْنَاهُ: اهْجُمِي عَلَيْهَا وأَقْدِمِي.
ودَرَهْتُ عَنِ الْقَوْمِ: دَفَعْتُ عَنْهُمْ مِثْلُ دَرَأْتُ، وَهُوَ مُبْدَلٌ مِنْهُ نَحْوَ هَراقَ الماءَ وأَراقَهُ.
الأَزهري: قَالَ اللَّيْثُ أُمِيتَ فِعْلُه إِلا قَوْلُهُمْ رَجُلٌ مِدْرَهُ حَرْبٍ، ومِدْرَهُ الْقَوْمِ هُوَ الدافعُ عَنْهُمْ.
ابْنُ سِيدَهْ: المِدْرَه السَّيِّدُ الشَّرِيفُ، سُمِّيَ بِذَلِكَ لأَنه يَقْوَى عَلَى الأُمور ويَهْجُم عَلَيْهَا، مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ.
والمِدْرَهُ: المُقَدَّم فِي اللِّسَانِ وَالْيَدِ عِنْدَ الْخُصُومَةِ وَالْقِتَالِ، وَقِيلَ: هُوَ رأْس الْقَوْمِ وَالدَّافِعُ عَنْهُمْ.
وَفِي حَدِيثِ شَدَّاد بْنِ أَوْسٍ: « إِذْ أَقْبَلَ شَيْخٌ مِنْ بَنِي عَامِرٍ هُوَ مِدْرَهُ قومِه »؛ المِدْرَهُ: زَعِيمُ الْقَوْمِ وَخَطِيبُهُمْ وَالْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ وَالَّذِي يَرْجِعُونَ إِلى رأْيه، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ، وَالْجَمْعُ المَدارِهُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الأَصبغ:
يَا ابنَ الجَحاجحةِ المَدارِهْ، ***والصابرينَ عَلَى المَكارِهْ
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: المِدْرَهُ لِسَانُ الْقَوْمِ وَالْمُتَكَلِّمُ عَنْهُمْ؛ وأَنشد غَيْرُهُ:
وأَنتَ فِي الْقَوْمِ أَخُو عِفَّةٍ، ***ومِدْرَهُ القومِ غَداةَ الخِطاب
وَقَالَ لَبِيدٌ: ومِدْرَه الكتيبةِ الرَّدَاحِ "ودَرَه لِقَوْمِهِ يَدْرَه دَرْهًا: دَفَع.
وَهُوَ ذُو تُدْرَهِهم أَي الدافعُ عَنْهُمْ؛ قَالَ:
أَعْطَى، وأَطرافُ العَوالي تَنُوشُه ***مِنَ القومِ، مَا ذُو تُدْرَهِ القومِ مانِعُهْ
وَلَا يُقَالُ: هُوَ تُدْرَهُهُم حَتَّى يُضَافَ إِليه ذُو، وَقِيلَ: الْهَاءُ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُبْدَلَةٌ مِنَ الْهَمْزَةِ لأَن الدَّرْءَ الدفعُ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ بَلْ هُمَا أَصلان؛ قَالُوا: دَرَأَ وَدَرَه؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: فَلَمَّا وَجَدْنَا الْهَاءَ فِي كُلِّ ذَلِكَ مُسَاوِيَةً لِلْهَمْزَةِ عَلِمْنَا أَن إِحداهما لَيْسَتْ بَدَلًا مِنَ الأُخرى، وأَنهما لُغَتَانِ.
ودَرَهَ القومَ: جَاءَهُمْ مِنْ غَيْرِ أَن يَشْعُروا بِهِ.
وسِكِّينٌ دَرَهْرَهَةٌ: مُعْوَجَّةُ الرأْس.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي الْمَبْعَثِ: " فأَخْرَجَ عَلَقَةً سَوْدَاءَ ثُمَّ أَدخل فِيهِ الدَّرَهْرَهَة "، وَفِي طَرِيقٍ: فَجَاءَهُ الْمَلَكُ بِسِكِّينٍ دَرَهْرَهة؛ قَالَ ابْنُ الأَعرابي: هِيَ الْمُعْوَجَّةُ الرأْس الَّتِي تُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ المِنْجَلَ، قَالَ: وأَصلها مِنْ كَلَامِ الْفُرْسِ دَرَهْ، فعرَّبتها الْعَرَبُ بِالزِّيَادَةِ فِيهِ؛ وَفِي رِوَايَةٍ: " البَرَهْرَهَة، بِالْبَاءِ.
الأَزهري: أَبو عَمْرٍو الدَّرَهْرَهةُ المرأَة القاهرةُ لِبَعْلِهَا.
قَالَ: والسَّمَرْمَرَة الغُول، قَالَ: وَيُقَالُ للكَوْكَبة الوَقَّادة بِنُورها تَطْلُع مِنَ الأُفُق دَارِئَةً دَرَهْرَهةٌ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
78-لسان العرب (رهره)
رهره: الرَّهْرَهَةُ: حُسْنُ بَصيص لَوْنِ البَشَرة وأَشْباه ذَلِكَ.وتَرَهْرَه جِسْمُه وَهُوَ رَهْراهٌ ورُهْرُوهٌ: ابْيَضَّ مِنَ النَّعْمَةِ.
وَمَاءٌ رَهْراهٌ ورُهْرُوهٌ: صافٍ.
وطَسٌّ رَهْرَهَةٌ: صَافِيَةٌ بَرَّاقَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: « فشُقَّ عَنْ قَلْبِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وجِيءَ بطَسْتٍ رَهْرَهةٍ: »قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: سأَلت أَبا حَاتِمٍ والأَصمعي عَنْهُ فَلَمْ يَعْرِفَاهُ، قَالَ: وأَظنه بطَسْتٍ رَحْرَحَةٍ، بِالْحَاءِ، وَهِيَ الْوَاسِعَةُ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِنَاءٌ رَحْرَحٌ ورَحْراحٌ، فأَبدلوا الْهَاءَ مِنَ الْحَاءِ كَمَا قَالُوا مَدَهْتُ فِي مَدَحْتُ، وَمَا شَاكَلَهُ فِي حُرُوفٍ كَثِيرَةٍ؛ قَالَ أَبو بَكْرِ بْنُ الأَنباري: هَذَا بعيدٌ جِدًّا لأَن الْهَاءَ لَا تُبْدَلُ مِنَ الْحَاءِ إِلَّا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي اسْتَعْمَلَتِ الْعَرَبُ فِيهَا ذَلِكَ، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا لأَن الَّذِي يُجِيزُ الْقِيَاسَ عَلَيْهَا يُلْزَمُ أَن تُبْدَلَ الْحَاءُ هَاءً فِي قَوْلِهِمْ رَحَلَ الرَّحْلَ، وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ}؛ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ، وَإِنَّمَا هُوَ دَرَهْرَهة فأَخطأَ الرَّاوِي فأَسقط الدَّالَ.
يُقَالُ للكَوْكَبة الوَقَّادَة تَطْلُع مِنَ الأُفُقِ دارِئَةً بِنُورِهَا: دَرَهْرَهة، كأَنه أَراد طَسًّا بَرَّاقةً مُضيئة.
وَفِي التَّهْذِيبِ: طَسْتٌ رَحْرَحٌ ورَهْرَةٌ ورَحْراحٌ ورَهْراهٌ إِذَا كَانَ وَاسِعًا قَرِيبَ الْقَعْرِ.
قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقِيلَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِهِمْ جِسْمٌ رَهْرَهةٌ أَي أَبيض مِنَ النَّعْمة، يُرِيدُ طَسْتًا بَيْضَاءَ مُتَلأْلِئَةً، وَيُرْوَى بَرَهْرَهة، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا.
ورَهْرَهَ مائدَتَه إِذَا وَسّعها سَخَاءً وَكَرَمًا.
الأَزهري: الرَّهَّةُ الطَّسْتُ الْكَبِيرَةُ.
وَالسَّرَابُ يَتَرَهْرَهُ ويَتَرَيَّهُ إِذَا تَتَابَعَ لَمَعانُه.
ورَهْرَهَ بالضأْن: مقلوبٌ مِنْ هَرْهَرَ؛ حَكَاهُ يعقوب.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
79-لسان العرب (حشا)
حشا: الحَشَى: مَا دُون الحِجابِ مِمَّا فِي البَطْن كُلّه مِنَ الكَبِد والطِّحال والكَرِش وَمَا تَبعَ ذَلِكَ حَشًى كُلُّه.والحَشَى: ظَاهِرُ الْبَطْنِ وَهُوَ الحِضْنُ؛ وأَنشد فِي صِفَةِ امرأَة: " هَضِيم الحَشَى مَا الشمسُ فِي يومِ دَجْنِها "وَيُقَالُ: هُوَ لَطيفُ الحَشَى إِذا كَانَ أَهْيَفَ ضامِرَ الخَصْر.
وَتَقُولُ: حَشَوْتُه سَهْمًا إِذا أَصبتَ حَشَاه، وَقِيلَ: الحَشَى مَا بَيْنَ ضِلَعِ الخَلْف الَّتِي فِي آخِرِ الجَنْبِ إِلى الوَرِك.
ابْنُ السِّكِّيتِ: الحَشَى مَا بَيْنَ آخِرِ الأَضْلاع إِلى رأْس الوَرِك.
قَالَ الأَزهري: وَالشَّافِعِيُّ سَمَّى ذَلِكَ كُلَّهُ حِشْوَةً، قَالَ: وَنَحْوَ ذَلِكَ حَفِظْتُهُ عَنِ الْعَرَبِ، تَقُولُ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ حِشْوَة، مَا عَدَا الشَّحْمَ فإِنه لَيْسَ مِنَ الحِشْوة، وإِذا ثَنَّيْتَ قُلْتَ حَشَيانِ.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الحَشَى مَا اضْطَمَّت عَلَيْهِ الضُّلُوعُ؛ وقولُ المُعَطَّل الْهُذَلِيِّ:
يَقُولُ الَّذِي أَمْسَى إِلى الحَزْنِ أَهْلُه: ***بأَيّ الحَشَى أَمْسَى الخَلِيطُ المُبايِنُ؟
يَعْنِي الناحيةَ.
التَّهْذِيبُ: إِذا اشْتَكَى الرجلُ حَشَاه ونَساه فَهُوَ حَشٍ ونَسٍ، وَالْجَمْعُ أَحْشَاءٌ.
الْجَوْهَرِيُّ: حِشْوَةُ الْبَطْنِ وحُشْوته، بِالْكَسْرِ وَالضَّمِّ، أَمعاؤُه.
وَفِي حَدِيثِ المَبْعَثِ: « ثُمَّ شَقَّا بَطْني وأَخْرَجا حِشْوَتي »؛ الحُشْوَةُ، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ: الأَمعاء.
وَفِي" مَقْتل عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جُبَيْر: إِنْ حُشْوَتَه خَرَجَت.
الأَصمعي: الحُشْوَة مَوْضِعُ الطَّعَامِ وَفِيهِ الأَحْشَاءُ والأَقْصابُ.
وَقَالَ الأَصمعي: أَسفلُ مَوَاضِعِ الطَّعَامِ الَّذِي يُؤدِّي إِلى المَذْهَب المَحْشَاةُ، بِنَصْبِ الْمِيمِ، وَالْجَمْعُ المَحَاشِي، وَهِيَ المَبْعَرُ مِنَ الدَّوَابِّ، وَقَالَ: إِياكم وإِتْيانَ النساءِ فِي مَحَاشِيهنَّ فإِنَّ كُلَّ مَحْشَاةٍ حَرامٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « مَحَاشِي النِّسَاءِ حرامٌ».
قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ، وَهِيَ جَمْعُ مَحْشَاة لأَسفل مَوَاضِعِ الطَّعَامِ مِنَ الأَمْعاء فكَنَى بِهِ عَنِ الأَدْبار؛ قَالَ: وَيَجُوزُ أَن تَكُونَ المَحَاشِي جَمْعَ المِحْشَى، بِالْكَسْرِ، وَهِيَ العُظَّامَة الَّتِي تُعَظِّم بِهَا المرأَة عَجيزتها فكَنَى بِهَا عَنِ الأَدْبار.
والكُلْيتانِ فِي أَسفل الْبَطْنِ بَيْنَهُمَا المَثانة، ومكانُ الْبَوْلِ فِي المَثانة، والمَرْبَضُ تَحْتَ السُّرَّة، وَفِيهِ الصِّفَاقُ، والصِّفاقُ جِلْدَةُ الْبَطْنِ الباطنةُ كُلُّهَا، والجلدُ الأَسفل الَّذِي إِذا انْخَرَقَ كَانَ رَقِيقًا، والمَأْنَةُ مَا غَلُظَ تَحْتَ السُّرَّة.
والحَشَى: الرَّبْوُ؛ قَالَ الشَّمَّاخ:
تُلاعِبُني، إِذا مَا شِئْتُ، خَوْدٌ، ***عَلَى الأَنْماطِ، ذاتُ حَشًى قَطِيعِ
وَيُرْوَى: خَوْدٍ، عَلَى أَن يُجْعَلَ مِنْ نَعْتِ بَهْكنةٍ فِي قَوْلِهِ:
وَلَوْ أَنِّي أَشاءُ كَنَنْتُ نَفْسِي ***إِلى بَيْضاءَ، بَهْكَنةٍ شَمُوعِ
أَي ذَاتُ نَفَس مُنْقَطِعٍ من سِمَنها، وقَطِيعٍ نعتٌ لحَشًى.
وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: « أَن النَّبِيَّ» صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهَا وَمَضَى إِلى البَقِيع فتَبِعَتْهُ تَظُنُّ أَنه دَخَلَ بعضَ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَلَمَّا أَحَسَّ بسَوادِها قصَدَ قَصْدَه فعَدَتْ فعَدَا عَلَى أَثرها فَلَمْ يُدْرِكْها إِلا وَهِيَ فِي جَوْفِ حُجْرَتِها، فَدَنَا مِنْهَا وَقَدْ وَقَع عَلَيْهَا البُهْرُ والرَّبْوُ فَقَالَ لَهَا: مَا لِي أَراكِ حَشْيَا.
رابيَةً "أَي مَا لَكِ قَدْ وقعَ عَلَيْكِ الحَشَى، وَهُوَ الرَّبْوُ والبُهْرُ والنَّهِيجُ الَّذِي يَعْرِض للمُسْرِع فِي مِشْيَته والمُحْتَدِّ فِي كَلَامِهِ مِنَ ارْتِفَاعِ النَّفَس وتَواتُره، وَقِيلَ: أَصله مِنْ إِصابة الرَّبْوِ حَشاه.
ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ حَشٍ وحَشْيَانُ مِنَ الرَّبْوِ، وَقَدْ حَشِيَ، بِالْكَسْرِ؛ قَالَ أَبو جُنْدُبٍ الْهُذَلِيُّ:
فنَهْنَهْتُ أُولى القَوْمِ عَنْهُمْ بضَرْبةٍ، ***تنَفَّسَ مِنْهَا كلُّ حَشْيَانَ مُجْحَرِ
والأُنثى حَشِيَةٌ وحَشْيا، عَلَى فَعْلى، وَقَدْ حَشِيا حَشًى.
وأَرْنب مُحَشِّيَة الكِلابِ أَي تَعْدُو الكلابُ خَلْفَهَا حَتَّى تَنْبَهِرَ.
والمِحْشَى: العُظَّامة تُعَظِّم بِهَا المرأَة عَجِيزتَها؛ وَقَالَ: " جُمًّا غَنيَّاتٍ عَنِ المَحَاشِي "والحَشِيَّةُ: مِرْفَقة أَو مِصْدَغة أَو نحوُها تُعَظِّم بِهَا المرأَة بدنَها أَو عَجِيزَتَهَا لتُظَنَّ مُبَدَّنةً أَو عَجْزاء، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
إِذا مَا الزُّلُّ ضاعَفْنَ الحَشَايَا، ***كَفاها أَن يُلاثَ بِهَا الإِزارُ
ابْنُ سِيدَهْ: واحْتَشَتِ المرأَةُ الحَشِيَّةَ واحْتَشَتْ بِهَا كِلَاهُمَا لَبِسَتْهَا؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد: " لَا تَحْتَشِي إِلا الصَّميمَ الصَّادِقَا "يَعْنِي أَنها تَلْبَسُ الحَشَايا لأَن عِظَمَ عَجِيزَتِهَا يُغْنيها عَنْ ذَلِكَ؛ وأَنشد فِي التَّعدِّي بِالْبَاءِ:
كَانَتْ إِذا الزُّلُّ احْتَشَيْنَ بالنُّقَبْ، ***تُلْقِي الحَشايا مَا لَها فِيهَا أَرَبْ
الأَزهري: الحَشِيَّةُ رِفاعةُ المرأَة، وَهُوَ مَا تَضَعُهُ عَلَى عَجِيزَتِهَا تُعَظِّمُها بِهِ.
يُقَالُ: تحَشَّتِ المرأَةُ تحَشِّيًا، فَهِيَ مُتَحَشِّيةٌ.
والاحْتِشَاءُ: الامتلاءُ، تَقُولُ: مَا احْتَشَيْتُ فِي مَعْنَى امْتلأْتُ.
واحْتَشَتِ المُسْتحاضةُ: حَشَتْ نفْسَها بالمَفارِم وَنَحْوِهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ ذُو الإِبْرِدَةِ.
التَّهْذِيبُ: والاحْتِشَاءُ احْتِشَاءُ الرَّجُلِ ذِي الإِبْرِدَةِ، والمُسْتحاضة تحْتَشِي بالكُرْسُفِ.
قَالَ النَّبِيُّ، صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، لامرأَةٍ: احْتَشِي كُرْسُفًا، وَهُوَ الْقُطْنُ تحْشُو بِهِ فَرْجَهَا.
وَفِي الصِّحَاحِ: وَالْحَائِضُ تَحْتَشِي بالكُرْسُفِ لِتَحْبِسَ الدَّمَ.
وفي حديث المُسْتحاضةِ: أَمرها أَن تَغْتَسِلَ فإِن رأَت شَيْئًا احْتَشَتْ "أَي اسْتَدْخَلَتْ شَيْئًا يَمْنَعُ الدَّمَ مِنَ الْقُطْنِ؛ قَالَ الأَزهري: وَبِهِ سُمِّيَ القُطْنُ الحَشْوَ لأَنه تُحْشَى بِهِ الفُرُش وَغَيْرُهَا.
ابْنُ سِيدَهْ: وحَشَا الوِسادة والفراشَ وَغَيْرَهُمَا يَحْشُوها حَشْوًا ملأَها، وَاسْمُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الحَشْوُ، عَلَى لَفْظِ الْمَصْدَرِ.
والحَشِيَّةُ: الفِراشُ المَحْشُوُّ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ: « مَنْ يَعْذِرُني مِنْ هؤلاءِ الضَّياطِرةِ يتَخَلَّفُ أَحدُهم يتَقَلَّبُ عَلَى حَشايَاهُ» أَي عَلَى فَرْشِه، واحدَتُها حَشِيَّة، بِالتَّشْدِيدِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: لَيْسَ أَخو الْحَرْبِ مَنْ يَضَعُ خُورَ الحَشَايا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ.
وحَشْوُ الرَّجُلِ: نفْسُه عَلَى المَثل، وَقَدْ حُشِيَ بِهَا وحُشِيَها؛ وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ الحَكَم الثَّقَفِيُّ:
وَمَا بَرِحَتْ نفْسٌ لَجُوجٌ حُشِيتَها ***تُذِيبُكَ حَتَّى قِيلَ: هَلْ أَنتَ مُكْتَوي؟
وحُشِيَ الرجلُ غَيْظًا وكِبْرًا كِلَاهُمَا عَلَى المَثَل؛ قَالَ المَرَّارُ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ فِي أَضْلاعِه، ***فَهْوَ يَمْشِي حَظَلانًا كالنَّقِرْ
وأَنشد ثَعْلَبٌ:
وَلَا تَأْنَفا أَنْ تَسْأَلا وتُسَلِّما، ***فَمَا حُشِيَ الإِنسانُ شَرًّا مِنَ الكِبْرِ
ابْنُ سِيدَهْ: وحُشْوَة الشاةِ وحِشْوَتُها جَوْفُها، وَقِيلَ: حِشْوة الْبَطْنِ وحُشْوَتُه مَا فِيهِ مِنْ كَبِدٍ وَطِحَالٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
والمَحْشَى: مَوْضِعُ الطَّعَامِ.
والحَشَا: مَا فِي الْبَطْنِ، وَتَثْنِيَتُهُ حَشَوانِ، وَهُوَ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ وَالْيَاءِ لأَنه مِمَّا يُثَنَّى بِالْيَاءِ وَالْوَاوِ، وَالْجَمْعُ أَحْشَاءٌ.
وحَشَوْتُه: أَصَبْتُ حَشاه.
وحَشْوُ الْبَيْتِ مِنَ الشِّعْر: أَجزاؤُه غَيْرُ عَرُوضِهِ وَضَرْبِهِ، وَهُوَ مِنْ ذَلِكَ.
والحَشْوُ مِنَ الْكَلَامِ: الفَضْلُ الَّذِي لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ هُوَ مِنَ النَّاسِ.
وحُشْوَةُ النَّاسِ: رُذالَتُهم.
وَحَكَى اللَّحْيَانِيُّ: مَا أَكثر حِشْوَةَ أَرْضِكم وحُشْوَتها أَي حَشْوَها وَمَا فِيهَا مِنَ الدَّغَل.
وَفُلَانٌ مِنْ حِشْوَة بَنِي فُلَانٍ، بِالْكَسْرِ، أَي مِنْ رُذالهم.
وحَشْوُ الإِبل وحَاشِيَتُها: صِغارها، وَكَذَلِكَ حَوَاشِيها، وَاحِدَتُهَا حَاشِيَةٌ، وَقِيلَ: صِغارها الَّتِي لَا كِبار فِيهَا، وَكَذَلِكَ مِنَ النَّاسِ.
والحَاشِيَتانِ: ابنُ المَخاض وَابْنُ اللَّبُون.
يُقَالُ: أَرْسَلَ بَنُو فُلَانٍ رَائِدًا فانْتَهى إِلى أَرض قَدْ شَبِعَتْ حاشِيَتاها.
وَفِي حَدِيثِ الزَّكَاةِ: « خُذْ مِنْ حَوَاشِي أَموالهم »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هِيَ صِغارُ الإِبل كَابْنِ المَخاض وَابْنِ اللَّبُون، وَاحِدَتُهَا حَاشِيَةٌ.
وحَاشِيَةُ كُلِّ شيءٍ: جَانِبُهُ وطَرَفُه، وَهُوَ كَالْحَدِيثِ الْآخَرِ: " اتَّقِ كرائمَ أَمْوالهم.
وحَشِيَ السِّقاءُ حَشًى: صَارَ لَهُ مِنَ اللَّبَن شِبْهُ الجِلْدِ مِنْ بَاطِنٍ فلَصِقَ بِالْجِلْدِ فَلَا يَعْدَمُ أَن يُنْتِنَ فيُرْوِحَ.
وأَرضٌ حَشَاةٌ: سَوْداء لَا خَيْرَ فِيهَا.
وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وأَرض حَشَاةٌ قَلِيلَةُ الْخَيْرِ سوداءُ.
والحَشِيُّ مِنَ النَّبْتِ: مَا فسَد أَصله وعَفِنَ؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي؛ وأَنشد:
كأَنَّ صَوْتَ شَخْبِها، إِذا هَما، ***صَوتُ أَفاعٍ فِي حَشِيٍّ أَعْشَما
وَيُرْوَى: فِي خَشِيٍّ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
وإِنَّ عِندي، إِن رَكِبْتُ مِسْحَلي، ***سَمَّ ذَراريحَ رِطابٍ وحَشِي
أَراد: وحَشِيٍّ فَخَفَّفَ الْمُشَدَّدَ.
وتَحَشَّى فِي بَنِي فُلَانٍ إِذا اضْطَمُّوا عَلَيْهِ وآوَوْهُ.
وَجَاءَ فِي حاشِيَتهِ أَي فِي قَوْمِهِ الَّذِينَ فِي حَشاه.
وَهَؤُلَاءِ حاشِيَتُه أَي أَهله وخاصَّتُه.
وَهَؤُلَاءِ حَاشِيَته، بِالنَّصْبِ، أَي فِي نَاحِيَتِهِ وظِلِّه.
وأَتَيْتُه فَمَا أَجَلَّني وَلَا أَحْشَانِي أَي فَمَا أَعطاني جَليلة وَلَا حاشِيةً.
وحَاشِيَتَا الثَّوْبِ: جَانِبَاهُ اللَّذَانِ لَا هُدْبَ فِيهِمَا، وَفِي التَّهْذِيبِ: حاشِيَتا الثَّوْبِ جَنَبَتاه الطَّوِيلَتَانِ فِي طَرَفَيْهِمَا الهُدْبُ.
وحَاشِيَةُ السَّراب: كُلُّ نَاحِيَةٍ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه كَانَ يُصَلِّي فِي حَاشِيَةِ المَقامِ »أَي جَانِبِهِ وطَرَفه، تَشْبِيهًا بحاشِيَة الثَّوْبِ؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" مُعاوية: لَوْ كنتُ مِنْ أَهل الْبَادِيَةِ لنزلتُ مِنَ الكَلإِ الحَاشِيَةَ.
وعَيْشٌ رقيقُ الحَوَاشِي أَي ناعِمٌ فِي دَعَةٍ.
والمَحَاشِي: أَكْسية خَشِنة تَحْلِقُ الجَسدَ، وَاحِدَتُهَا مِحْشَاةٌ؛ وَقَوْلُ النَّابِغَةِ الذُّبياني:
إِجْمَعْ مِحَاشَكَ يَا يَزِيدُ، فإِنني ***أَعْدَدْتُ يَرْبُوعًا لَكُمْ وتَمِيما
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: هُوَ مِنْ الحَشْوِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: قَوْلُهُ فِي المِحَاشِ إِنه مِنَ الحَشْوِ غَلَطٌ قَبِيحٌ، وإِنما هُوَ مِنَ المَحْش وَهُوَ الحَرْقُ، وَقَدْ فَسَّرَ هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِي فَصْلِ مَحَشَ فَقَالَ: المِحاشُ قَوْمٌ اجْتَمَعُوا مِنْ قَبَائِلَ وتحالَفُوا عِنْدَ النَّارِ.
قَالَ الأَزهري: المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ مِنَ الحَوْشِ، وَهُمْ قَوْمٌ لَفِيف أُشابَةٌ.
وأَنشد بَيْتَ النَّابِغَةِ: جَمِّعْ مَحاشَك يَا يَزِيدُ.
قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: غَلِطَ اللَّيْثُ فِي هَذَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحدهما فَتْحُهُ الْمِيمَ وَجَعْلُهُ إِياه مَفْعَلًا مِنَ الحَوْش، وَالْوَجْهُ الثَّانِي مَا قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ وَالصَّوَابُ المِحاشُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، قَالَ أَبو عُبَيْدَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبو عُبَيْدٍ وَابْنُ الأَعرابي: إِنما هُوَ جَمِّعْ مِحاشَكَ، بِكَسْرِ الْمِيمِ، جَعَلُوهُ من مَحَشَتْه أَي أَحرقته لَا مِنَ الحَوْش، وَقَدْ فُسِّر فِي مَوْضِعِهِ الصَّحِيحِ أَنهم يَتَحَالَفُونَ عِنْدَ النَّارِ، وأَما المَحاشُ، بِفَتْحِ الْمِيمِ، فَهُوَ أَثاثُ الْبَيْتِ وأَصله مِنَ الحَوْش، وَهُوَ جَمْع الشَّيْءِ وضَمُّه؛ قَالَ: وَلَا يُقَالُ للفِيفِ النَّاسِ مَحاشٌ.
والحَشِيُّ، عَلَى فَعِيل: اليابِسُ؛ وأَنشد الْعَجَّاجُ: " والهَدَب النَّاعِمُ والحَشِيّ "يُرْوَى بِالْحَاءِ وَالْخَاءِ جَمِيعًا.
وحَاشَى: مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ تَجُرُّ مَا بَعْدَهَا كَمَا تَجُرُّ حَتَّى مَا بَعْدَهَا.
وحاشَيْتُ مِنَ الْقَوْمِ فُلَانًا: استَثنيْت.
وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: شَتمْتُهم وَمَا حاشَيْتُ مِنْهُمْ أَحدًا وَمَا تَحَشَّيْتُ وَمَا حَاشَيْتُ أَي مَا قَلْتُ حَاشَى لِفُلَانٍ وَمَا اسْتَثْنَيْتُ مِنْهُمْ أَحدًا.
وحَاشَى للهِ وحَاشَ للهِ أَي بَرَاءةً لِلَّهِ ومَعاذًا لِلَّهِ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: حُذِفَتْ مِنْهُ اللَّامُ كَمَا قَالُوا وَلَوْ تَرَ مَا أَهل مَكَّةَ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ.
الأَزهري: حاشَ لِلَّهِ كَانَ فِي الأَصل حاشَى لِلَّهِ، فكَثُر فِي الْكَلَامِ وَحُذِفَتِ الْيَاءُ وَجُعِلَ اسْمًا، وإِن كَانَ فِي الأَصل فِعْلًا، وَهُوَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الِاسْتِثْنَاءِ مِثْلُ عَدَا وخَلا، وَلِذَلِكَ خَفَضُوا بحَاشَى كَمَا خُفِضَ بِهِمَا، لأَنهما جُعِلَا حَرْفَيْنِ وإِن كَانَا فِي الأَصل فِعْلَيْنِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ}؛ هُوَ مِنْ حاشَيْتُ أُحَاشِي.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: مَعْنَى حَاشَى فِي كَلَامِ الْعَرَبِ أَعْزِلُ فُلَانًا مِنْ وَصْفِ الْقَوْمِ بالحَشَى وأَعْزِلُه بِنَاحِيَةٍ وَلَا أُدْخِله فِي جُمْلتهم، وَمَعْنَى الحَشَى الناحيةُ؛ وأَنشد أَبو بَكْرٍ فِي الحَشَى النَّاحِيَةِ بَيْتَ المُعَطَّل الْهُذَلِيِّ: " بأَيِّ الحَشَى أَمْسى الحَبيبُ المُبايِنُ وَقَالَ آخَرُ:
حَاشَى أَبي مَرْوان، إِنَّ بِهِ ***ضَنًّا عَنِ المَلْحاةِ والشَّتْمِ
وَقَالَ آخَرُ: وَلَا أُحاشِي من الأَقْوامِ من أَحَدِ وَيُقَالُ: حَاشَى لِفُلَانٍ وحَاشَى فُلانًا وحَاشَى فلانٍ "وحَشَى فلانٍ؛ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ أَبي رَبِيعَةَ:
مَن رامَها، حَاشَى النَّبيِّ وأَهْلِه ***فِي الفَخْرِ، غَطْمَطَه هُنَاكَ المُزْبِدُ
وأَنشد الْفَرَّاءُ:
حَشا رَهْطِ النبيِّ، فإِنَّ منهمْ ***بُحورًا لَا تُكَدِّرُها الدِّلاءُ
فَمَنْ قَالَ حاشَى لِفُلَانٍ خَفْضَهُ بِاللَّامِ الزَّائِدَةِ، وَمَنْ قَالَ حَاشَى فُلَانًا أَضْمَر فِي حاشَى مَرْفُوعًا ونصَب فُلَانًا بحاشَى، وَالتَّقْدِيرُ حاشَى فِعْلُهم فُلَانًا، وَمَنْ قَالَ حَاشَى فُلَانٍ خفَض بإِضمار اللَّامِ لِطُولِ صُحبتها حاشَى، وَيَجُوزُ أَن يَخَفِضَهُ بِحَاشَى لأَن حَاشَى لَمَّا خَلَتْ مِنَ الصَّاحِبِ أَشبهت الِاسْمَ فأُضيفت إِلى مَا بَعْدَهَا، وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ حاشَ لِفُلَانٍ فَيُسْقِطُ الأَلف، وَقَدْ قُرِئَ فِي الْقُرْآنِ بِالْوَجْهَيْنِ.
وَقَالَ أَبو إِسحاق فِي قَوْلِهِ تعالى: {قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ}؛ اشْتُقَّ مِنْ قَوْلِكَ كنتُ فِي حَشَا فُلَانٍ أَي فِي نَاحِيَةِ فُلَانٍ، وَالْمَعْنَى فِي حَاشَ لِلَّهِ بَراءةً لِلَّهِ مِنْ هَذَا، وإِذا قُلْتَ حَاشَى لِزَيْدٍ هَذَا مِنَ التَّنَحِّي، وَالْمَعْنَى قَدْ تنَحَّى زيدٌ مِنْ هَذَا وتَباعَدَ عَنْهُ كَمَا تَقُولُ تنَحَّى مِنَ النَّاحِيَةِ، كَذَلِكَ تَحَاشَى مِنْ حاشيةِ الشَّيْءِ، وَهُوَ ناحيتُه.
وَقَالَ أَبو بَكْرِ بنُ الأَنْباري فِي قَوْلِهِمْ حَاشَى فُلَانًا: مَعْنَاهُ قَدِ استثنيتُه وأَخرجته فَلَمْ أُدخله فِي جُمْلَةِ الْمَذْكُورِينَ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: جعَلَه مِنْ حَشَى الشيءِ وَهُوَ نَاحِيَتُهُ؛ وأَنشد الْبَاهِلِيُّ فِي الْمَعَانِي:
وَلَا يَتَحَشَّى الفَحْلُ إِنْ أَعْرَضَتْ بِهِ، ***وَلَا يَمْنَعُ المِرْباعَ مِنْهَا فَصِيلُها
قَالَ: لَا يَتَحَشَّى لَا يُبالي مَنْ حَاشَى.
الْجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ حَاشَاكَ وحَاشَى لكَ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ.
وحَاشَى: كَلِمَةٌ يُسْتَثْنَى بِهَا، وَقَدْ تَكُونُ حَرْفًا، وَقَدْ تَكُونُ فِعْلًا، فإِن جَعَلْتَهَا فِعْلًا نَصَبْتَ بِهَا فَقُلْتَ ضَرَبْتُهُمْ حَاشَى زَيْدًا، وإِن جَعَلْتَهَا حَرْفًا خَفَضْتَ بِهَا، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: لَا تَكُونُ إِلا حَرْفَ جَرٍّ لأَنها لَوْ كَانَتْ فِعْلًا لَجَازَ أَن تَكُونَ صِلَةً لِمَا كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي خَلَا، فَلَمَّا امْتَنَعَ أَن يُقَالَ جَاءَنِي الْقَوْمُ مَا حَاشَى زَيْدًا دَلَّتْ أَنها لَيْسَتْ بِفِعْلٍ.
وَقَالَ المُبرد: حَاشَى قَدْ تَكُونُ فِعْلًا؛ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ النَّابِغَةِ:
وَلَا أَرى فاعِلًا فِي النَّاسِ يُشْبِهُه، ***وَمَا أُحَاشِي مِنَ الأَقْوام مِنْ أَحَدِ
فتصرُّفه يَدُلُّ عَلَى أَنه فِعْلٌ، ولأَنه يُقَالُ حَاشَى لزيدٍ، فَحَرْفُ الْجَرِّ لَا يَجُوزُ أَن يَدْخُلَ عَلَى حَرْفِ الْجَرِّ، ولأَن الْحَذْفَ يَدْخُلُهَا كَقَوْلِهِمْ حَاشَ لزيدٍ، وَالْحَذْفُ إِنما يَقَعُ فِي الأَسماء والأَفعال دُونَ الْحُرُوفِ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ عِنْدَ قَوْلِ الْجَوْهَرِيِّ قَالَ سِيبَوَيْهِ حَاشَى لَا تَكُونُ إِلا حَرْفَ جَرٍّ قَالَ: شَاهِدُهُ قَوْلُ سَبْرة بْنِ عَمْرٍو الأَسَدي:
حَاشَى أَبي ثَوْبانَ، إِنَّ بِهِ ***ضَنًّا عَنِ المَلْحاة والشَّتْمِ
قَالَ: وَهُوَ مَنْسُوبٌ فِي المُفَضَّلِيّاتِ للجُمَيْح الأَسَدي، وَاسْمُهُ مُنْقِذُ بْنُ الطَّمّاح؛ وَقَالَ الأُقَيْشِر:
فِي فِتْيةٍ جعَلوا الصليبَ إِلَهَهُمْ، ***حَاشَايَ، إِني مُسْلِمٌ مَعْذُورُ
الْمَعْذُورُ: المَخْتُون، وحَاشَى فِي الْبَيْتِ حَرْفُ جَرٍّ، قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ فِعْلًا لَقُلْتَ حَاشَانِي.
ابْنُ الأَعرابي: تَحَشَّيْتُ مِنْ فلان أَي تَذَمَّمْتُ؛ وَقَالَ الأَخطل:
لَوْلَا التَّحَشِّي مِنْ رِياحٍ رَمَيْتُها ***بكَالِمةِ الأَنْيابِ، باقٍ وُسُومُها
التَّهْذِيبُ: وَتَقُولُ: انْحَشَى صوتٌ فِي صوتٍ وانْحَشَى حَرْفٌ فِي حَرْف.
والحَشَى: مَوْضِعٌ؛ قَالَ:
إنَّ بأَجْزاعِ البُرَيْراءِ، فالحَشَى، ***فَوَكْدٍ إِلَى النَّقْعَيْنِ مِنْ وَبِعَانِ
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
80-لسان العرب (حلا)
حلا: الحُلْو: نَقِيضُ المُرّ، والحَلاوَة ضدُّ المَرارة، والحُلْوُ كُلُّ مَا فِي طَعْمِهِ حَلاوة، وَقَدْ حَلِيَ وحَلا وحَلُوَ حَلاوةً وحَلْوًا وحُلْوَانًا واحْلَوْلَى، وَهَذَا الْبِنَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الأَمر.ابْنُ بَرِّيٍّ: حَكَى قَوْلَ الْجَوْهَرِيِّ، واحْلَوْلَى مثلُه؛ وَقَالَ قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:
أَمَرُّ عَلَى البَاغي ويَغْلُظ جَانِبي، ***وَذُو القَصْدِ أَحْلَوْلِي لَهُ وأَلِينُ
وحَلِيَ الشيءَ واسْتَحْلاهُ وتَحَلَّاه واحْلَوْلاهُ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
فلمَّا تَحَلَّى قَرْعَها القاعَ سَمْعُه ***وبانَ لَهُ، وَسْطَ الأَشَاءِ، انْغِلالُها
يَعْنِي أَنّ الصَّائِدَ فِي القُتْرَة إِذَا سَمِعَ وَطْءَ الْحَمِيرِ فَعَلِمَ أَنه وطْؤُها فَرِحَ بِهِ وتحَلَّى سمعُه ذَلِكَ؛ وَجَعَلَ حُمَيْدُ بْنُ ثَوْرٍ احْلَوْلَى مُتَعَدِّيًا فَقَالَ:
فلمَّا أَتى عامانِ بعدَ انْفِصالِه ***عَنِ الضَّرْعِ، واحْلَولَى دِثارًا يَرودُها
وَلَمْ يَجِئِ افْعَوْعَل مُتَعَدِّيًا إِلَّا هَذَا الْحَرْفُ وَحَرْفٌ آخَرُ وَهُوَ اعْرَوْرَيْت الفَرَسَ.
اللَّيْثُ: قَدِ احْلَوْلَيْت الشيءَ أَحْلَوْلِيهِ احْلِيلاءً إِذَا اسْتَحْلَيْتَه، وقَوْلٌ حَلِيٌّ يَحْلَوْلَي فِي الفَم؛ " قَالَ كثَيِّر عَزَّةَ:
نُجِدُّ لكَ القَوْلَ الحَلِيَّ، ونَمْتَطِي ***إلَيْك بَنَاتِ الصَّيْعَرِيِّ وشَدْقَمِ
وحَلِيَ بقَلْبي وعَيْنِي يَحْلَى وحَلا يَحْلُو حَلاوةً وحُلْوَانًا إِذَا أَعْجبك، وَهُوَ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَالْمَعْنَى يَحلى بالعَين، وَفَصَلَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُمَا فَقَالَ: حَلا الشيءُ فِي فَمِي، بِالْفَتْحِ، يَحْلُو حَلاوة وحَلِيَ بِعَيْنِي، بِالْكَسْرِ، إِلَّا أَنهم يَقُولُونَ: هُوَ حُلْوٌ فِي الْمَعْنَيَيْنِ؛ وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهل اللُّغَةِ: لَيْسَ حَلِيَ مِنْ حَلا فِي شَيْءٍ، هَذِهِ لُغَةٌ عَلَى حِدَتِها كأَنها مُشْتَقَّةٌ مِنَ الحَلْيِ المَلْبوسِ لأَنه حَسُن فِي عَيْنِكَ كحُسْن الحَلْيِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ وَلَا مَرْضِيٍّ.
اللَّيْثُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ حَلا فِي عَيْني وحَلا فِي فَمِي وَهُوَ يَحْلُو حَلْوًا، وحَلِيَ بِصَدْرِي فَهُوَ يَحْلَى حُلْوَانًا.
الأَصمعي: حَلِيَ فِي صَدْرِي يَحْلى وَحَلَا فِي فَمِي يَحْلُو، وحَلِيتُ العيشَ أَحْلاهُ أَي اسْتَحْلَيْته، وحَلَّيْتُ الشيءَ فِي عَين صاحِبه، وحَلَّيْت الطَّعَامَ: جعَلْتُه حُلْوًا، وحَلِيتُ بِهَذَا الْمَكَانِ.
وَيُقَالُ: مَا حَلِيت مِنْهُ حَلْيًا أَي مَا أَصَبت.
وحَلِي مِنْهُ بخيرٍ وَحَلَا: أَصاب مِنْهُ خَيْرًا.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَوْلُهُمْ لَمْ يَحْلَ بِطَائِلٍ أَي لَمْ يَظْفَرْ وَلَمْ يَسْتَفِدْ مِنْهَا كبيرَ فَائِدَةٍ، لَا يُتكَلَّم بِهِ إِلَّا مَعَ الجَحْد، وَمَا حَلِيتُ بِطَائِلٍ لَا يُستعمل إِلَّا فِي النَّفْيِ، وَهُوَ مِنْ مَعْنَى الحَلْيِ والحِلْيَة، وَهُمَا مِنَ الْيَاءِ لأَن النَّفْسَ تَعْتَدُّ الحِلْية ظَفَرًا، وَلَيْسَ هُوَ مَنْ حَلِيَ بعيْني بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ حَلِيَ بِعَيْنِي حَلاوَة، فَهَذَا مِنَ الْوَاوِ والأَول مِنَ الْيَاءِ لَا غَيْرَ.
وحَلَّى الشَّيْءَ وحَلَّأَه، كِلَاهُمَا: جَعَلَهُ ذَا حَلَاوَةٍ، هَمَزُوهُ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ.
اللَّيْثُ: تَقُولُ حَلَّيْت السويقَ، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ هَمَزَهُ فَقَالَ حَلَّأْتُ السويقَ، قَالَ: وَهَذَا مِنْهُمْ غَلَطٌ.
قَالَ الأَزهري: قَالَ الْفَرَّاءُ تَوَهَّمَتِ العربُ فِيهِ الْهَمْزَ لمَّا رأَوْا قَوْلَهُ حَلَّأْتُه عَنِ الْمَاءِ أَي مَنَعْتُهُ مَهْمُوزًا.
الْجَوْهَرِيُّ: أَحْلَيْتُ الشيءَ جَعَلْتُهُ حُلْوًا، وأَحْلَيْتُه أَيضًا وَجَدْتُهُ حُلْوًا؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِعَمْرِو بْنِ الهُذيل العَبْديّ:
وَنَحْنُ أَقَمْنا أَمْرَ بَكْرِ بنِ وائِلٍ، ***وأَنتَ بِثأْجٍ لَا تُمِرُّ وَلَا تُحْلِي
قُلْتُ: وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ، وَيُشْبِهُ أَن يَكُونَ هَذَا الْبَيْتُ شَاهِدًا عَلَى قَوْلِهِ لَا يُمِرُّ وَلَا يُحْلِي أَي مَا يَتَكَلَّمُ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ.
وحَالَيْتُه أَي طايَبْتُه؛ قَالَ المرَّار الْفَقْعَسِيُّ:
فَإِنِّي، إِذَا حُولِيتُ، حُلْوٌ مَذاقتي، ***ومُرٌّ، إِذَا مَا رامَ ذُو إحْنةٍ هَضْمي
والحُلْوُ مِنَ الرِّجَالِ: الَّذِي يَسْتخفه الناسُ ويَسْتَحْلُونه وتستَحْلِيه العينُ؛ أَنشد اللِّحْيَانِيُّ:
وَإِنِّي لَحُلْوٌ تَعْتَريني مَرَارَةٌ، ***وَإِنِّي لَصَعْبُ الرأْسِ غيرُ ذَلُولِ
وَالْجَمْعُ حُلْووُنَ وَلَا يُكسَّر، والأُنثى حُلْوَة وَالْجَمْعُ حُلْوَاتٌ وَلَا يُكسَّر أَيضًا.
وَيُقَالُ: حَلَتِ الجاريةُ بِعَيْنِي وَفِي عَيْنِي تَحْلُو حَلاوَةً.
واسْتَحْلاه: مِنَ الحَلاوة كَمَا يُقَالُ اسْتَجَادَهُ مِنَ الجَوْدة.
الأَزهري عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: احْلَوْلَتِ الجاريةُ تَحْلَوْلِي إِذَا استُحْلِيَتْ واحْلَوْلاها الرجلُ؛ وأَنشد:
فَلَوْ كنتَ تُعطي حِينَ تُسْأَلُ سامحَتْ ***لَكَ النَّفْسُ، واحْلَوْلاكَ كلُّ خليلِ
وَيُقَالُ: أَحْلَيْتُ هَذَا المكانَ واستَحْليتُه وحَلِيتُ بِهِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ.
ابْنُ الأَعرابي: احْلَوْلَى الرَّجُلُ إذا "حسُنَ خلُقه، واحلَوْلى إِذَا خرَجَ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ.
وحُلْوَةُ: فَرَسُ عبيدِ بْنِ مُعَاوِيَةَ.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: رَجُلٌ حَلُوٌّ، عَلَى مِثَالِ عَدُوّ، حُلْوٌ، وَلَمْ يَحْكِهَا يَعْقُوبُ فِي الأَشياء الَّتِي زَعَمَ أَنه حَصَرها كحَسُوّ وفَسُوّ.
والحُلْوُ الحَلالُ: الرَّجُلُ الَّذِي لَا رِيبَةَ فِيهِ، عَلَى المَثل، لأَن ذَلِكَ يُسْتَحلَى مِنْهُ؛ قَالَ:
أَلا ذهَبَ الحُلْوُ الحَلالُ الحُلاحِلُ، ***ومَنْ قولُه حُكْمٌ وعَدْلٌ ونائِلُ
والحَلْوَاءُ: كلُّ مَا عُولج بحُلْو مِنَ الطَّعَامِ، يُمَدُّ وَيُقْصَرُ وَيُؤَنَّثُ لَا غَيْرَ.
التَّهْذِيبُ: الحَلْواء اسْمٌ لِمَا كَانَ مِنَ الطَّعَامِ إِذَا كَانَ مُعالَجًا بحَلاوة.
ابْنُ بَرِّيٍّ: يُحْكى أَن ابنَ شُبْرُمَة عاتَبه ابْنُهُ عَلَى إِتْيَانِ السُّلْطَانِ فَقَالَ: يَا بُنيّ، إِنَّ أَباك أَكل مِنْ حَلْوائِهم فحَطَّ فِي أَهْوائِهم.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَلْواء الَّتِي تُؤْكَلُ، تُمَدُّ وَتُقْصَرُ؛ قَالَ الْكُمَيْتُ:
مِنْ رَيْبِ دَهْرٍ أَرى حوادِثَه ***تَعْتَزُّ، حَلْواءَها، شدائِدُها
والحَلْواءُ أَيضًا: الْفَاكِهَةُ الحُلْوة.
التَّهْذِيبُ: وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُقَالُ لِلْفَاكِهَةِ حَلْوَاءُ.
وَيُقَالُ: حَلُوَتِ الفاكهةُ تَحْلُو حَلاوةً.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَنَاقَةٌ حَلِيَّة عَلِيَّة فِي الحَلاوة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، هَذَا نصُّ قَوْلِهِ، وأَصلها حَلُوَّة.
وَمَا يُمِرُّ وَلَا يُحْلي وَمَا أَمَرَّ وَلَا أَحْلَى أَي مَا يَتَكَلَّمُ بحُلْوٍ وَلَا مُرّ وَلَا يَفْعل فِعْلًا حُلْوًا وَلَا مُرًّا، فَإِنْ نفَيْتَ عَنْهُ أَنه يَكُونُ مُرًّا مَرَّةً وحُلْوًا أُخرى قلتَ: مَا يَمَرُّ وَلَا يَحْلُو، وَهَذَا الْفَرْقُ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
والحُلْوَى: نقيضُ المُرَّى، يُقَالُ: خُذِ الحُلْوَى وأَعْطِه المُرَّى.
قَالَتِ امرأَة فِي بناتِها: صُغْراها مُرّاها.
وتَحَالَتِ المرأَة إِذَا أَظْهَرَت حَلاوَةً وعُجْبًا؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
فشأْنَكُما، إنِّي أَمِينٌ وإنَّني، ***إِذَا مَا تَحَالَى مِثْلُها، لَا أَطُورُها
وحَلا الرجلَ الشيءَ يَحْلُوه: أَعطاه إِيَّاهُ؛ قَالَ أَوْسُ ابْنُ حُجْرٍ:
كأَني حَلَوْتُ الشِّعْرَ، يومَ مَدَحْتُه، ***صفَا صَخْرَةٍ صَمّاءَ يَبْسٍ بِلالُها
فَجَعَلَ الشِّعْرَ حُلْوَانًا مِثلَ الْعَطَاءِ.
والحُلْوانُ: أَن يأْخذ الرجلُ مِنْ مَهْرِ ابنتهِ لنفْسهِ، وَهَذَا عارٌ عِنْدَ الْعَرَبِ؛ قَالَتِ امرأَة فِي زَوْجِهَا: " لَا يأْخُذُ الحُلْوَانَ مِنْ بَناتِنا "وَيُقَالُ: احْتَلَى فُلَانٌ لِنَفَقَةِ امرأَته وَمَهْرِهَا، وَهُوَ أَن يتَمَحَّلَ لَهَا ويَحْتالَ، أُخِذَ مِنَ الحُلْوانِ.
يُقَالُ: احْتَلِ فتزوَّجْ، بِكَسْرِ اللَّامِ، وابتَسِلْ مِنَ البُسْلة، وَهُوَ أَجْرُ الرَّاقِي.
الْجَوْهَرِيُّ: حَلَوْتُ فُلَانًا عَلَى كَذَا مَالًا فأَنا أَحْلُوه حَلْوًا وحُلْوانًا إِذَا وهبتَ لَهُ شَيْئًا عَلَى شَيْءٍ يَفْعَلُهُ لَكَ غيرَ الأُجرة؛ قَالَ عَلْقمةُ ابْنُ عَبَدَة:
أَلا رَجُلٌ أَحْلُوهُ رَحْلي وَنَاقَتِي ***يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إِذْ ماتَ قائلُهْ؟
أَي أَلا هَاهُنَا رجلٌ أَحْلُوه رَحْلي وَنَاقَتِي، وَيُرْوَى أَلا رجلٍ، بِالْخَفْضِ، عَلَى تأْويل أَمَا مِنْ رجلٍ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَهَذَا الْبَيْتُ يُرْوَى لضابئٍ البُرْجُمِيّ.
وحَلا الرجلَ حَلْوًا وحُلْوَانًا: وَذَلِكَ أَن يُزَوِّجَهُ ابنتَه أَو أُختَه أَو امرأَةً مَّا بمهرٍ مُسَمّىً، عَلَى أَن يَجْعَلَ لَهُ مِنَ الْمَهْرِ شَيْئًا مُسمّىً، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُعَيِّرُ بِهِ.
وحُلْوانُ المرأَة: مَهْرُها، وَقِيلَ: هُوَ مَا كَانَتْ تُعْطى عَلَى مُتْعَتِها بِمَكَّةَ.
والحُلْوانُ أَيضًا: أُجْرة" الكاهِن.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه نَهَى عَنْ حُلْوانِ الكاهِنِ »؛ قَالَ الأَصمعي: الحُلْوانُ مَا يُعطاه الكاهنُ ويُجْعَلُ لَهُ عَلَى كهَانَتهِ، تَقُولُ مِنْهُ: حَلَوْتُه أَحْلوه حُلوانًا إِذَا حَبَوْته.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: الحُلْوان أُجْرة الدَّلَّالِ خَاصَّةً.
والحُلْوانُ: مَا أَعْطَيْتَ مِنْ رَشْوة وَنَحْوِهَا.
ولأَحلُوَنَّك حُلْوانَكَ أَي لأَجْزِينَّكَ جَزاءَك؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي.
والحُلْوانُ: مَصْدَرٌ كالغُفْران، وَنُونُهُ زَائِدَةٌ وأَصله مِنَ الحَلا.
والحُلْوانُ: الرَّشْوة.
يُقَالُ: حَلَوْتُ أَي رَشوْتُ؛ وأَنشد بَيْتَ عَلْقَمَةَ:
فَمَنْ راكبٌ أَحْلُوه رَحْلَا وَنَاقَةً ***يُبَلِّغُ عَنِّي الشِّعْرَ، إِذْ ماتَ قائِلُه؟
وحَلاوةُ الْقَفَا وحُلاوَتُه وحَلاواؤُه وحُلاواهُ وحَلاءَتُه؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وَسَطُه، وَالْجَمْعُ حَلاوى.
الأَزهري: حَلاوَةُ القَفا حاقٌّ وَسَطِ الْقَفَا، يُقَالُ: ضَرَبَهُ عَلَى حَلاوَةِ القَفا أَي عَلَى وَسَطِ الْقَفَا.
وحَلاوَةُ الْقَفَا: فَأْسُه.
وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الْكِسَائِيِّ: سَقَط عَلَى حُلاوَةِ الْقَفَا وحَلاواءِ الْقَفَا، وحَلاوةُ الْقَفَا تَجُوزُ وَلَيْسَتْ بِمَعْرُوفَةٍ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَوَقَعَ عَلَى حُلاوة الْقَفَا، بِالضَّمِّ، أَي عَلَى وَسَطِ الْقَفَا، وَكَذَلِكَ عَلَى حُلاوَى وحَلاواءِ القَفا، إِذَا فَتَحت مَدَدْتَ وَإِذَا ضَمَمْتَ قَصَرْتَ.
وَفِي حَدِيثِ الْمَبْعَثِ: « فَسَلَقني لِ حُلاوَة الْقَفَا »أَي أَضْجَعَني عَلَى وَسَطِ القَفا لَمْ يَمِلْ بِي إِلَى أَحد الْجَانِبَيْنِ، قَالَ: وَتُضَمُّ حَاؤُهُ وَتُفْتَحُ وَتُكْسَرُ؛ وَمِنْهُ حَدِيثِ مُوسَى والخَضِر، عَلَيْهِمَا السَّلَامُ: وَهُوَ نَائِمٌ عَلَى حَلاوةِ قفاهُ.
والحِلْو: حَفٌّ صَغِيرٌ يُنسَجُ بِهِ؛ وشَبَّه الشَّمَّاخُ لِسَانَ الْحِمَارِ بِهِ فَقَالَ:
قُوَيْرِحُ أَعْوامٍ كأَنَّ لسانَه، ***إِذَا صَاحَ، حِلْوٌ زَلَّ عَنْ ظَهْرِ مِنْسَجِ
وَيُقَالُ: هِيَ الْخَشَبَةُ الَّتِي يُديرها الْحَائِكُ وأَرضٌ حَلاوَةٌ: تُنْبِت ذُكُورَ البَقْلِ.
والحُلاوَى مِنَ الجَنْبة: شجَرة تَدُومُ خُضْرتَها، وَقِيلَ: هِيَ شَجَرَةٌ صَغِيرَةٌ ذَاتُ شَوْكٍ.
والحُلاوَى: نَبْتة زَهْرتها صَفْرَاءُ وَلَهَا شَوْكٌ كَثِيرٌ وَوَرَقٌ صِغَارٌ مُسْتَدِيرٌ مِثْلَ وَرَقِ السِّذَابِ، وَالْجَمْعُ حُلاوَيات، وَقِيلَ: الْجَمْعُ كَالْوَاحِدِ.
التَّهْذِيبُ: الحَلاوى ضَرْبٌ مِنَ النَّبَاتِ يَكُونُ بِالْبَادِيَةِ، وَالْوَاحِدَةُ حَلاوِيَة عَلَى تَقْدِيرِ رَباعِية.
قَالَ الأَزهري: لَا أَعرف الحَلاوَى وَلَا الحَلاوِيَة، وَالَّذِي عَرَفْتُهُ الحُلاوَى، بِضَمِّ الْحَاءِ، عَلَى فُعالى، وَرَوَى أَبو عُبَيْدٍ عَنِ الأَصمعي فِي بَابِ فُعالى خُزامى ورُخامى وحُلاوى كلُّهن نَبْتٌ، قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ.
وحُلْوانُ: اسْمُ بَلَدٍ؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِقَيْسِ الرُّقَيَّات:
سَقْيًا لِحُلْوانَ ذِي الكُروم، وَمَا ***صَنَّفَ مِنْ تينهِ ومِنْ عِنَبِهْ
وَقَالَ مُطِيعُ بْنُ إِيَاسٍ:
أَسْعِداني يَا نَخْلَتَيْ حُلْوانِ، ***وابْكِيا لِي مِنْ رَيْبِ هَذَا الزَّمانِ
وحُلوانُ: كُورَةٌ؛ قَالَ الأَزهري: هُمَا قَرْيَتَانِ إحْداهما حُلْوان الْعِرَاقِ والأُخْرى حُلْوان الشَّامِ.
ابْنُ سِيدَهْ: والحُلاوة مَا يُحَكُّ بَيْنَ حَجَرَيْنِ فيُكتحل بِهِ، قَالَ: وَلَسْتُ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَلَى ثِقَةٍ لِقَوْلِهِمُ الحَلْوُ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
وَقَوْلُهُمْ حَلأْتُه أَيْ كَحَّلْتُهُ.
والحَلْيُ: مَا تُزُيِّنَ بِهِ مِنْ مَصوغِ المَعْدِنِيَّاتِ أَو الحجارةِ؛ قَالَ:
كأَنها مِنْ حُسُنٍ وشارهْ، ***والحَلْيِ حَلْيِ التِّبْر والحِجارهْ،
مَدْفَعُ مَيْثاءَ إِلَى قَرارهْ "وَالْجَمْعُ حُلِيٌّ؛ قَالَ الْفَارِسِيُّ: وَقَدْ يَجُوزُ أَن يَكُونَ الحَلْيُ جَمْعًا، وَتَكُونَ الْوَاحِدَةُ حَلْيَةً كشَرْيَةٍ وشَرْيٍ وهَدْيَةٍ وهَدْيٍ.
والحِلْيَةُ: كالحَلْيِ، وَالْجَمْعُ حِلىً وحُلىً.
اللَّيْثُ: الحَلْيُ كُلُّ حِلْيةٍ حَلَيت بِهَا امرأَةً أَو سَيْفًا ونحوَه، وَالْجَمْعُ حُلِيٌّ.
قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوارٌ}.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَلْيُ حَلْيُ المرأَةِ، وَجَمْعُهُ حُلِيٌّ مِثْلُ ثَدْيٍ وثُدِيّ، وَهُوَ فُعُولٌ، وَقَدْ تُكْسَرُ الْحَاءُ لِمَكَانِ الْيَاءِ مِثْلَ عِصيّ، وَقُرِئَ: مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا، بِالضَّمِّ وَالْكَسْرِ.
وحَلَيْتُ المرأَةَ أَحْلِيها حَلْيًا وحَلَوْتُها إِذَا جَعَلْتَ لَهَا حُلِيًّا.
الْجَوْهَرِيُّ: حِلْيَةُ السيفِ جمْعها حِلىً مِثْلُ لِحْيةٍ ولِحىً، وَرُبَّمَا ضُمَّ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَنه جَاءَهُ رَجُلٌ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ: مَا لِي أَرى عليكَ حِلْيَة أَهلِ النارِ؟ »هُوَ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُتَزَيَّن بِهِ مِنْ مَصَاغِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَإِنَّمَا جَعَلَهَا حِلْيَةً لأَهل النَّارِ لأَن الْحَدِيدَ زِيُّ بَعْضِ الْكُفَّارِ وَهُمْ أَهل النَّارِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا كَرِهَهُ لأَجل نَتْنِه وزُهوكَتهِ، وَقَالَ: فِي خاتَمِ الشِّبْهِ ريحُ الأَصْنام، لأَن الأَصنام كَانَتْ تُتَّخَذ مِنَ الشَّبَهِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يُقَالُ حِلْيةُ السَّيْفِ وحَلْيهُ، وَكَرِهَ آخَرُونَ حَلْيَ السَّيْفِ، وَقَالُوا: هِيَ حِلْيَتُه؛ قَالَ الأَغْلَبُ العِجْلِي:
جارِيةٌ مِنْ قيْسٍ بنِ ثَعْلَبهْ، ***بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّبَهْ،
كأَنها حِلْيَةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ وَحَكَى أَبو عَلِيٍّ حَلاة فِي حِلْيَةٍ، وَهَذَا فِي الْمُؤَنَّثِ كشِبْهٍ وشَبَهٍ فِي الْمُذَكَّرِ.
وَقَوْلُهُ تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها}؛ جَازَ أَن يُخْبِرَ عَنْهُمَا بِذَلِكَ لِاخْتِلَاطِهِمَا، وإلا ف الحِلْيَةُ إِنَّمَا تُسْتَخرج مِنَ المِلْح دُونَ العَذْب.
وحَلِيَت المرأَةُ حَلْيًا وَهِيَ حَالٍ وحَالِيَةٌ: اسْتَفَادَتْ حَلْيًا أَو لَبِسَتْهُ، وحَلِيَتْ: صَارَتْ ذَاتَ حَلْيٍ، وَنِسْوَةٌ حَوالٍ.
وتَحَلَّتْ: لَبِسَتْ حَلْيًا أَو اتَّخَذَتْ.
وحَلَّاها: أَلبسها حَلْيًا أَو اتَّخَذَهُ لَهَا، وَمِنْهُ سَيْفٌ مُحَلّىً.
وتَحَلَّى بالحَلْي أَي تزيَّن، وَقَالَ: ولغةٌ حَلِيَت المرأَةُ إِذَا لَبِسَتْه؛ وأَنشد:
وحَلْي الشَّوَى مِنْهَا، إِذَا حَلِيَتْ بِهِ، ***عَلَى قَصَباتٍ لَا شِخاتٍ وَلَا عُصْلِ
قَالَ: وَإِنَّمَا يُقَالُ الحَلْيُ للمرأَة وَمَا سِوَاهَا فَلَا يُقَالُ إِلَّا حِلْيةٌ للسيفِ وَنَحْوِهِ.
وَيُقَالُ: امرأَة حَالِيَة ومُتَحَلِّيَة.
وحَلَّيْت الرجلَ: وصفتُ حِلْيَته.
وَقَوْلُهُ تعالى: {يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ}؛ عدَّاه إِلَى مَفْعُولَيْنِ لأَنه فِي مَعْنَى يَلْبَسُون.
وَفِي حَدِيثِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: « كَانَ يُحَلِّينا رِعاثًا مِنْ ذَهَبٍ ولُؤْلُؤٍ »، وحَلَّى السيفَ كَذَلِكَ.
وَيُقَالُ لِلشَّجَرَةِ إِذَا أَورقت وأَثمرت: حَالِيَةٌ، فَإِذَا تَنَاثَرَ وَرَقُهَا قِيلَ: تعطَّلت؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وهاجَتْ بَقايا القُلْقُلانِ، وعَطَّلَت ***حَوَالِيَّهُ هُوجُ الرِّياحِ الحَواصِد
أَي أَيْبَسَتْها الرِّيَاحُ فَتَنَاثَرَتْ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « كَانَ يَتَوضَّأُ إِلَى نِصْفِ ساقَيْه وَيَقُولُ إِنَّ الحِلْيَة تَبْلُغُ إِلَى مواضِع الْوُضُوءِ »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: أَراد بالحِلْيَة هَاهُنَا التَّحْجِيلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَثر الْوُضُوءِ مِنْ" قَوْلِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غُرٌّ مُحَجَّلون.
ابْنُ سِيدَهْ فِي مُعْتَلِّ الْيَاءِ: وحَلِيَ فِي عَيْنِي وصَدْرِي قِيلَ لَيْسَ مِنَ الحَلاوة، إِنَّمَا هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنَ الحَلْي الْمَلْبُوسِ لأَنه حَسُنَ فِي عَيْنِكَ كَحُسْنِ الحَلْيِ، وَحَكَى "ابْنُ الأَعرابي: حَلِيَتْه العَيْنُ؛ وأَنشد: " كَحْلاءُ تَحْلاها العُيونُ النُّظَّرُ "التَّهْذِيبُ: اللِّحْيَانِيُّ حَلِيَتِ المرأَة بعَيْني وَفِي عَيْني وبِقَلْبي وَفِي قَلْبي وَهِيَ تَحْلَى حَلاوة، وَقَالَ أَيضًا: حَلَتْ تَحْلُو حَلاوة.
الْجَوْهَرِيُّ: وَيُقَالُ حَلِيَ فُلَانٌ بِعَيْنِي، بِالْكَسْرِ، وَفِي عَيْنِي وَبِصَدْرِي وَفِي صَدْرِي يَحْلَى حَلاوة إِذَا أَعجبك؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
إنَّ سِرَاجًا لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ، ***تَحْلَى بِهِ العَيْن إِذَا مَا تَجْهَرُهْ
قَالَ: وَهَذَا شَيْءٌ مِنَ الْمَقْلُوبِ، وَالْمَعْنَى يَحْلَى بالعَين.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: « لَكِنَّهُمْ حَلِيَت الدُّنْيَا فِي أَعْينُهم».
يُقَالُ: حَلِيَ الشيءُ بعَيْني يَحْلى إِذَا استَحْسَنْته، وحَلا بفَمِي يَحْلُو.
والحِلْيَةُ: الخِلْقة.
والحِلْيَةُ: الصِّفَةُ والصُّورة.
والتَّحْلِيةُ: الوَصْف.
وتَحَلَّاه: عَرَفَ صِفَته.
والحِلْيَة: تَحْلِيَتُك وجهَ الرجلِ إِذَا وصَفْته.
ابْنُ سِيدَهْ: والحَلَى بَثْرٌ يَخْرُجُ بأَفواه الصِّبْيَانِ؛ عَنْ كُراع، قَالَ: وَإِنَّمَا قَضَيْنَا بأَن لَامَهُ يَاءٌ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَن اللَّامَ يَاءٌ أَكثر مِنْهَا وَاوًا.
والحَلِيُّ: مَا ابيضَّ مِنْ يَبِيسِ السِّبَطِ والنَّصِيِّ، وَاحِدَتُهُ حَلِيَّةٌ؛ قَالَ:
لَمَّا رأَتْ حَلِيلَتي عَيْنَيَّهْ، ***ولِمَّتِي كأَنَّها حَلِيَّهْ،
تَقُولُ هَذِي قرَّةٌ عَلَيَّهْ "التَّهْذِيبُ: والحَلِيُّ نَبَاتٌ بعَيْنه، وَهُوَ مِنْ خَيْرِ مَرَاتِعِ أَهل الْبَادِيَةِ للنَّعَم وَالْخَيْلِ، وَإِذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ أَشبه الزَّرْعَ إِذَا أَسبل؛ وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ كُلُّ نَبْتٍ يُشْبِهُ نَبَاتَ الزَّرْعِ؛ قَالَ الأَزهري: هَذَا خطأٌ إِنَّمَا الحَلِيُّ اسْمُ نَبْتٍ بِعَيْنِهِ وَلَا يُشْبِهُهُ شَيْءٌ مِنَ الكلإِ.
الْجَوْهَرِيُّ: الحَلِيُّ عَلَى فَعيل يَبِيسُ النَّصِيِّ، وَالْجَمْعُ أَحْلِية؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِنْهُ قَوْلُ الرَّاجِزِ:
نَحنُ مَنَعْنا مَنْبِتَ النَّصِيِّ، ***ومَنْبِتَ الضَّمْرانِ والحَلِيِ
وَقَدْ يُعَبَّر بالحَلِيِّ عَنِ الْيَابِسِ كَقَوْلِهِ:
وإنَّ عِنْدِي، إِنْ رَكِبْتُ مِسْحَلِي، ***سَمَّ ذَراريحَ رطابٍ وحَلِي
وَفِي حَدِيثِ قُسّ: « وحَلِيّ وأَقَاحٍ »؛ هُوَ يَبِيسُ النَّصِيِّ مِنَ الكَلإِ، وَالْجَمْعُ أَحْلِيَة.
وحَلْيَة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّنْفَرَى:
بِرَيْحانةٍ مِنْ بطنِ حَلْيَةَ نَوَّرَتْ، ***لَهَا أَرَجٌ، مَا حَوْلَها غَيرُ مُسْنِتِ
وَقَالَ بَعْضُ نِسَاءِ أَزدِ مَيْدَعانَ:
لَوْ بَيْنَ أَبْياتٍ بِحَلْيَةَ مَا ***أَلْهاهُمُ، عَنْ نَصْرِكَ، الجُزُرُ
وحُلَيَّة: مَوْضِعٌ؛ قَالَ أُمية بْنُ أَبي عَائِذٍ الْهُذَلِيُّ:
أَو مُغْزِلٌ بالْخَلِّ، أَو بِحُلَيَّةٍ ***تَقْرُو السلامَ بِشَادِنٍ مِخْماصِ
قَالَ ابْنُ جِنِّي: تَحْتَمِلُ حُلَيَّة الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا، يَعْنِي الْوَاوَ وَالْيَاءَ، وَلَا أُبعِد أَن يَكُونَ تَحْقِيرَ حَلْية، وَيَجُوزُ أَن تكونَ هَمْزَةً مُخَفَّفَةً مِنْ لَفْظِ حلَّأْت الأَديم كَمَا تَقُولُ فِي تَخْفِيفِ الحُطَيْئة الحُطَيَّة.
وإحْلِيَاءُ: مَوْضِعٌ؛ قَالَ الشَّمَّاخُ:
فأَيْقَنَتْ أَنَّ ذَا هاشٍ مَنِيَّتُها، ***وأَنَّ شَرْقِيَّ إحْلِياءَ مَشْغُولُ
الْجَوْهَرِيُّ: حَلْية، بِالْفَتْحِ، مأْسَدة بِنَاحِيَةِ الْيَمَنِ؛ قَالَ يَصِفُ أَسدًا:
كأَنَّهُمُ يَخْشَوْنَ منْك مُدَرَّبًا، ***بِحَلْيةَ، مَشْبُوحَ الذِّراعَيْن مِهْزَعَا
الأَزهري: يُقَالُ لِلْبَعِيرِ إِذَا زَجَرْتَهُ حَوْبُ وحَوْبَ وحَوْبِ، وَلِلنَّاقَةِ حَلْ جَزْمٌ وحَلِيْ جَزْم لَا حَلِيتِ وحَلٍ، قَالَ: وَقَالَ أَبو الْهَيْثَمِ يُقَالُ فِي زَجْرِ النَّاقَةِ حَلْ حَلْ، قَالَ: فَإِذَا أَدخلت فِي الزَّجْرِ أَلِفًا وَلَامًا جَرَى بِمَا يُصِيبُهُ مِنَ الإِعراب كَقَوْلِهِ: والحَوْبُ لمَّا لَمْ يُقَلْ والحَلُ فَرَفَعَهُ بِالْفِعْلِ الَّذِي لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
81-أساس البلاغة (بعث)
بعثبعث الله الرسول إلى عباده، وابتعثه. ومحمد رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير مبعوث، ومبتعث. وفي حديث المبعث كذا. وبعثه من منامه، وبعثه على الأمر. وتواصوا بالخير وتباعثوا عليه. وبعثه لكذا فانبعث له. و «كره الله انبعاثهم فثبطهم» وفلان كسلان لا ينبعث. وبعث الشيء وبعثره: أثاره. قال:
فبعثها تقص الإكام
وفلان يكره الانبعاث، كأنما بعث ليوم بعاث وهو يوم بين الأوس والخزرج. ويوم البعث: يوم يبعثنا الله تعالى من القبور. ورجل بعث: لا يزال ينبعث من نومه. قال حميد بن ثور:
يهوي بأشعث قد وهى سرباله *** بعث تؤرقه الهموم فيسهر
وضرب البعث عليهم. وخرج في البعوث وهم الجنود يبعثون إلى الثغور.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
82-أساس البلاغة (صبح)
صبحأتيته صباحًا وذا صباح وصبيحة يوم كذا، وآتيه أصبوحة كل يوم وأمسيته، وآتيه صباح مساء، وأتانا لصبح خامسة وصبح خامسة، وأصبح يفعل كذا. وهو فالق الإصباح، وأنا أصبحه وأمسيه، وصبحك الله تعالى، والناس في تصبيح الأمير، وفلان يتصبح، وينام الصبحة، والصبحة: نومة الضحى. وشرب الصبوح. وصبحته وغبقته، واصطبح واغتبق، وهو صبحان غبقان. وقرب تصبيحنا: غداءنا، وقرب إلى الضيوف تصابيحهم. وفي حديث المبعث «وكان يتيمًا في حجر أبي طالب وكان يقرب إلى الصبيان تصبيحهم فيختلسون ويكف» ووجه صبيح، وقد صبح صباحة. وفلان يتصابح ويتحاسن. وأصبح لنا مصباحًا: أسرجه. وفلان يستصبح بالشموع، ويستصبح بالسليط. وصبت عليه الأصبحية وهي سياط تنسب إلى قيل يقال له: ذو أصبح. وأسد أصبح: أحمر، وأسود صبح.
ومن المجاز: هذا يوم الصباح، ولقيتهم غداة الصباح وهو الغارة. وصبحني فلان الحق ومحضنيه. وأصبح يا رجل: انتبه من غفلتك. قال رؤبة:
بل أيها القائل قولًا أقذعا *** أصبح فمن نادى تميمًا أسمعا
كما يقال للنائم: أصبح أي استيقظ، وقد أصبح القوم إذا استيقظوا وذلك في جوف الليل. ورأيت المصابيح تزهر في وجهه. وفي مثل «أصبح ليل» وقال بشر:
كأخنس ناشط باتت عليه *** بحربة ليلة فيها جهام
فبات يقول أصبح ليل حتى *** تجلى عن صريمته الظلام
مخاطبة الليل وخطاب الوحشيّ مجازان.
أساس البلاغة-أبوالقاسم الزمخشري-توفي: 538هـ/1143م
83-تهذيب اللغة (نقع)
نقع: أبو عبيد عن الأصمعي: النِّقاع، واحدها نَقْع، وهي الأرض الحُرَّة الطِّين الطيّبةُ التي لا حزونة فيها ولا ارتفاعَ ولا انهباط.وقال: والقاع مثله.
وقال غيره: النِّقاع: قِيعان الأرض.
وأنشد الأصمعي:
يَسُوف بأنفيه النِّقاعَ كأنّه *** عن الرَّوص من فَرط النَّشاط كعيمُ
قال: ويقال صبغَ فلانٌ ثوبَه بنَقُوع وهو صبغٌ يُجعَل فيه من أفواه الطِّيب.
قال: وسمٌ ناقع: ثابت.
وقال ابن الأعرابي: النقيع: السمُّ الثابت.
يقال سمٌ منقوع، ونقيع، وناقع.
وأنشد:
فبتُّ كأني ساورتني ضئيلة *** من الرُّقش في أنيابها السمُ ناقعُ
وقال غيره: يقال سمٌ مُنْقَع، وموتٌ ناقع: دائم.
أبو عبيد عن أبي زيد: نَقَعتُ بالماء ومنه أنقعُ نُقوعًا، إذا شربَ حتى يروى، وقد أنقعَني الماء.
قال: وسمعت أبا زيد يقول: الطعام الذي يُصنع عند الإملاك: النَّقيعة.
يُقال منه نَقَعت أنقَع نُقوعًا.
وقال الفراء: النَّقيعة: ما صَنَعه الرجلُ عند قدومه من السَّفَر، يقال أنقعتُ إنقاعًا.
وأنشد:
إنّا لنضربُ بالصوارم هامَهم *** ضَربَ القُدارِ نقيعة القُدّامِ
وقال شمر: قال ابن شميل: النقيعة طعام المِلاك.
يقال دعَونا على نقيعتهم.
قال: وربَّما نقَعوا عن عدّة من الإبل إذا بلغَتْها، جَزورًا منها، أي نَحروه، فتلك النَّقيعة.
وأنشد:
ميمونة الطير لم تَنعِقْ أشائمها *** دائمة القدر بالأفراع والنقُعِ
وقال خالد بن جَنْبة: إذا زُوِّج الرجل فأطعمَ عَيْبَتَه قلنا: نَقَع لهم، أي نحر.
وقال الأصمعي: النَّقيعة: ما نُحِر من النَّهب قبل القَسْم.
وقال ابن السكيت: النقيعة: المحض من اللبن يبرَّد.
حكاه عن بعض الأعراب.
وقال الأصمعيّ: يقال انتقَعَ بنو فلانٍ نقيعةً، إذا جاءوا بناقةٍ من نهبٍ فنحروها.
قلت: وقد ذكرت اختلافهم في النَّحيرة التي تُدعَى النَّقيعة، ومأخذها عندي من النَّقْع والنَّحر والقتل، يقال سمٌ ناقع، أي قاتل.
وقد نقَعه، إذا قَتله.
وأما اللبنُ الذي يبرَّد فهو النَّقيع والنقيعة، وأصله من أنقعتُ اللبن فهو نقيع، ولا يقال مُنْقَع ولا يقولون نقعتُه.
وهذا سماعي من العرب.
ووجدت للمؤرّج حروفًا في الإنقاع ما عِجْتُ بها، ولا علمتُ ثقةً من رواها عنه.
يقال أنقعت الرجل، إذا ضربتَ أنفَه بإصبعك.
وأنقعت الميت، إذا دفنتَه.
قال: وأنقعت البيت، إذا زخرفتَه.
وأنقعت الجارية، إذا افترعتَها.
وأنقعتُ البيت، إذا جعلت أعلاه أسفله.
قلت: وهذه حروفٌ لم أسمعها لغير المؤرّج.
وروي عن عمر أنه قال: «ما على نساء بني المغيرة أن يسفكن من دموعهنّ على أبي سليمان ما لم يكن نَقعٌ ولا لقلقة».
قال أبو عبيد: النَّقع: رفع الصوت.
قال لبيد:
فمتى يَنْقَع صُراخٌ صادقٌ *** يُحْلِبوها ذاتَ جَرسٍ وزَجَلْ
ويروى «يَجْلبوها»، يقول: متى سمعوا صارخًا، أي مستغيثًا، أحلبوا الحربَ، أي جمعوا لها.
والنَّقع في غير هذا: الغبار، قال الله جلّ وعزّ: {فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا} [العَاديَات: 4] أي غبارًا.
وقال شمر: قال أبو عمرو: معنى فمتى ينقع صُراخٌ، أي يرتفع.
وقال غيره: يدوم ويثبت.
وقال الفراء: يقال نَقَع الصارخ بصوته وأنقع صوتَه، إذا تابعَه وأدامه.
شمر عن ابن الأعرابي: النَّقْع: الغبار المرتفع.
والنَّقْع: الصُّراخ المرتفع.
قال شمر: وقيل في قول عمر: «ما لم يكن نَقع ولا لقلقةٌ» إنه شقّ الجيوب.
قال: ووجدت للمرّار الأسَدي فيه بيتًا:
نقَعنَ جيوبهنَّ عليّ حيًّا *** وأعددنَ المرائيَ والعويلا
ويقال: فلان مِنْقَع، أي يُشتَفى برأيه، أصله من نَقعتُ بالريّ.
وقال أبو عبيد: مِنْقع البُرَم: تَوْرٌ صغير، وجمعه مَناقع، ولا يكون إلَّا من حجارة.
وقال أبو عمرو: هي المِنْقعة والمِنقع.
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنّه «نَهَى أن يُمنَع نَقْع البئر»، قال أبو عبيد: نقع البئر: فَضْل مائه الذي يخرج منه أو من العَين قبل أن يصيَّر في إناءٍ أو وعاء.
قال: وفسّره الحديثُ الآخر: «مَن مَنَعَ فضْل الماء ليمنع به فَضْلَ الكلأ منَعَه الله فضلَه يوم القيامة».
قال: وأصل هذا في البئر يحتفرها الرجلُ بالفلاةِ من الأرض يسقي بها مواشيَه، فإذا سقاها فليس له أن يمنع الماء الفاضلَ عن مواشيه مواشي غيره، أو شاربًا يشرب بشفته.
وإنما قيل للماء نَقْعٌ لأنه ينقَع به أي يُروى به.
يقال: نَقَع بالريّ وبضَع.
ويقال: ما نقعت بخبره، أي لم أشتفِ به.
وقال الليث: النَّقع: البئر الكثيرة الماء، والجميع الأنقعة.
ويقال نقع الماء غُلّتَه، إذا أروى عطشَه.
ومن أمثال العرب: «إنّ فلانًا لشَرَّابٌ بأنقُع» يضرب مثلًا للرجل الذي قد جرّب الأمور وعَرفها ومارسَها حتّى خبرَها.
والأصل فيه أنّ الدليل من العرب في باديتها إذا عَرَف المياه الغامضة في الفلَوات ووردها وشرِب منها، حَذِق سُلوكَ الطرق التي تؤدّيه إلى المحاضر والأمواه.
والأنقُع: جمع النَّقْع، وهو كلُّ ماءٍ مستنقِع من ماءٍ عِدٍ أو غدير.
وقال الأصمعي: نقع الماء ينقع نُقوعًا، إذا ثبت.
والنَّقوع: ما أنقعتَ من شيء.
يقال سَقونا نَقوعًا، لدواءٍ أُنقِعَ من الليل.
وفي حديث محمد بن كعب القُرظيّ قال: «إذا استَنقَعتْ نفْسُ المؤمن جاءه مَلَكٌ فقال له السلام عليكَ وليَّ الله.
ثمّ نَزَع هذه الآية: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ} [النّحل: 32] وقال شمر: قوله إذا استنقعت نفس المؤمن، قال بعضهم: يعني إذا خرجَتْ.
قال شمر: ولا أعرفها.
وقال ابن مقبل:
مستنقِعان على فضول المِشْفرِ
قال: وقال أبو عمرو: يعني نابَي الناقة، أنهما مستنقعان في اللُّغام.
وقال خالد بن جَنْبَة: معناه مصوِّتان.
قلت: قوله «إذا استنقَعَتْ نفسُ المؤمن» له مخرجان؛ أحدهما أنها اجتمعت في فيه كما يستنقع الماء في مكان، والثاني خرجَتْ، من قوله نقعتُه، إذا قتلتَه.
وقال الليث: الأُنقوعة: وَقْبة الثريد التي فيها الودَك.
وكلُّ شيءٍ سالَ إليه الماء من مَثْعبٍ ونحوه فهو أُنقوعة.
قال: والنَّقيع: شراب يُتّخذ من الزبيب
يُنقَع في الماء من غير طبخ.
وقيل في السَّكَر إنّه نَقيع الزَّبيب.
والنَّقوع: شرابٌ ينقع فيه زبيب وأشياء ثم يصفَّى ماؤه ويُشرَب.
وذلك الماء اسمه النَّقوع.
ويقال استَنقع الماءُ، إذا اجتمعَ في نِهْي وغيره، وكذلك نَقَع ينقَع نُقوعًا.
وقال النضر: يقال نقَعه بالشَّتم، إذا شتَمه شتمًا قبيحًا.
قال: والنقائع: خَبارَى في بلاد بني تميم.
ويقال نقَعتْ بذاك نفسي، أي اطمأنَّتْ إليه وروِيَتْ به.
وفي حديث المَبْعث «أنّه أتَى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم مَلَكانِ فأضجعاه وشَقَّا بطنَه، فرجَع وقد انتُقِع لونُه» في حديث طويل.
قال أبو عُبيدٍ واللِّحياني: يقال انتُقِع لونه وامتُقِع لونه، إذا تغيَّر.
وقال النضر: يقال ذلك إذا ذهب دمُه وتغيَّر لونُ بشرته، إمّا من خوف، وإما من مَرض.
حكاه بالنون عن أبي ذؤابة.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
84-تهذيب اللغة (عثج)
عثج: قال ابن المظفر: العَثَج والثَّعج لغتان، وأصوبهما العَثَج، وهم جماعةٌ من الناس في السَّفر.قال الراجز:
لا هُمَّ لو لا أن بكرًا دونكا *** يَبَرُّك الناسُ ويفجُرونكا
ما زال مِنَّا عَثَجٌ يأتونكا
ذكر هذه الأرجوزة محمد بن إسحاق في كتاب «المَبعث»، وأن بعض العرب في الجاهلية ارتجزَ بها.
وقال الليث: العَثَوْثَج: البعير السَّريع الضَّخم، يقال قد اعثوثَجَ اعثيجاجًا.
وقال ابن دريد: رأيت عَثْجًا من الناس وعَثَجًا، أي جماعة.
وقال الفراء فيما أقرأني المنذريّ له، ورواه عن أبي طالب عن أبيه عنه: رأيت عُثَجًا من الناس وعَثَجًا، أي جماعة.
ويقال للجماعة من الإبل تجتمع في المرعى عَثَج.
وقال الراعي يصف فحلًا:
بناتُ لَبونِه عَثَجٌ إليه *** يَسُفنَ اللِّيتَ منه والقَذَالا
وقال ابن الأعرابي: سألت المفضَّل عن معنى هذا البيت فأنشد:
لم تلتفتْ لِلِدَاتِها *** ومَضَت على غُلَوائها
قال: قلت: أريد أبْيَنَ من هذا.
قال: فأنشأ يقول:
خُمصانةٌ قَلِقٌ موشَّحُها *** رُؤد الشباب غَلَا بها عَظْمُ
يقول: من نجابة هذا الفحل ساوى بناتُ اللَّبون من بنَاته قذَالَه؛ لحُسْن نباتها.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: العَثْجج: الجمع الكثير.
قال: ويقال عَثِجَ يَعْثَج، وهو أن يديم الشُّربَ شيئًا بعد شيء.
وهي العُثْجة والعَثْج.
ومثله غَفَق يَغفِق.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
85-تهذيب اللغة (صبح)
صبح: قال الليث: الصُّبح والصَّبَاح هما أوّل النهار، وهو الإصباح أيضًا قال الله: {فالِقُ الْإِصْباحِ} [الأنعَام: 96] يعني الصُّبْحَ، وأنشد:أفْنَى رَباحًا وذوي رَباحِ *** تَنَاسُخُ الإمساءِ والإصْبَاح
يُرِيدُ به المَسَاءَ والصَّبَاح.
وقال الفرّاءُ مثله وزاد: فإن قال الإمساء والأصْبَاح فهو جمع المسَاءِ والصُّبْح ومثله الإبكار والأبْكار.
وقال الليث: التَّصبُّح: النومُ بالغداة، وفي حديث أم زرع أنها قالت: «وعنده أقول فلا أُقَبَّح، وأَرْقُدُ فأَتصَبَّح» والرَّقْدَةُ تُسمّى الصَّبْحَة والصُّبْحَة، وقد كرهها بعْضهُم.
أبو عُبَيد عن الأصمعي: المِصبَاح: الناقةُ التي تُصبح في مَبْركها ولا تَرْتَعُ حتى يرتفع النَّهار.
قال: وهذا مِمّا يُسْتَحَبُّ من الإبل.
وقال الليث: المِصبَاح من الإبل: ما يَبْرك في مُعَرَّسِه فلا يثُور وإن أُثيرَ حتى يُصبح.
وقال الليث: الصَّبُوحُ: الخَمْرُ، وأنشد:
ولقد غدوتُ إلى الصَّبُوح مَعِي *** شَرْبٌ كِرَامٌ من بني رُهْمِ
والصَّبْحُ: سَقْيُك أخاك صَبُوحًا من لبن، قال: والصَّبُوحُ: ما شُرِبَ بالغداة فما دون القَائلَة، وفعلك الاصْطِبَاحُ.
وقيل للنبي صلى الله عليه وسلم: متى تَحِلّ لنا المَيْتَة؟ فقال: «ما لم تَصْطَبِحُوا أو تَغْتَبِقُوا أو تَجْتَفِئُوا بَقْلًا فشَأْنَكم بها».
قال: أبو عُبَيد: معناه إنما لكم منها الصَّبُوح، وهو الغداء، والغَبُوق وهو العَشَاء، يقول: فليس لكم أن تجمعوهما من الميْتَة.
قال: ومنه قول سَمُرَة لبنيه: يُجزىء من الضَّرُورَةِ صَبُوحٌ أو غَبُوقٌ.
قلت: وقال غير أبي عُبَيد في تفسيره: معناه: سُئِل متى تحل لنا المَيْتَة؟ أجابهم، فقال: إذا لم تجدوا من اللبن صَبُوحًا تَتَبَلَّغُونَ به ولا غَبُوقًا تَجْتَزِئُونَ به، ولم تَجِدُوا مع عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأكلُونها وتَهْجَأ غَرَثَكم حَلَّت لكم المَيْتَةُ حينئذٍ، وكذلك إذا وجدَ الرجلُ غَداء أو عَشَاءً من الطعام لم تحلّ له.
وهذا التفسير واضح بَيِّن الصواب إن شاء الله.
ويقال: صَبَحْتُ فُلَانًا أي أَتَيْتُه صباحًا، وأما قول بُجَيْر بن زُهَيْر المُزَني وكان أسلم:
صَبَحَناهم بأَلفٍ من سُلَيْمٍ *** وسَبْعٍ من بني عُثمان وَافي
فمعناه أَتَيْنَاهم صبَاحًا بألف رجل من سُلَيْم.
وقال الرَّاجز:
نَحنُ صَبَحْنَا عامِرًا في دَارِها *** جُرْدًا تَعَادَى طَرفَيْ نَهَارها
يريد أتيناها صباحًا بخيل جُرْدٍ.
ويقال: صَبَحْتُ فُلَانًا أي ناولتُه صَبُوحًا من لَبَنٍ أو خَمْر أَصْبَحُه صَبْحًا، ومنه قول طَرَفَة:
* متى تأْتِني أَصْبَحْك كأسًا رَوِيَّةً*
أي: أَسقِيك كَأْسًا.
وقال سيبويه: أَصْبَحْنا وأَمْسَيْنَا أي صِرْنا في حين ذاك، وأما صَبَّحْنَا ومَسَّيْنا فمعناه أَتَيْنَاهُ صَبَاحًا وَمَساءً.
وقال شمر: قال أبو عدنان: الفرقُ بين صَبَّحنَا وصَبَحْنَا أنه يقال: صبَّحْنَا بَلَدَ كذا وكذا، وصَبَّحْنَا فُلَانًا فهذه مشددة، وصَبَحْنَا أهلها خَيْرًا أو شَرًّا، وأنشد:
صَبَحْناهُم هِنْدِيَّةً بأكُفِّنا *** محرّبةً تذري سَوَاعِدُهُم صُعْدَا
ويقال أيضًا: صَبَّحتُه خيرًا أو شرًّا.
وقال النابغة:
وصَبَّحَه فَلْجًا فلا زال كَعْبُه *** على كل مَنْ عَادَى من الناس عَالِيا
ويقال: صَبَّحه بكذا ومسّاه بكذا كل ذلك جائز.
والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَبَّحْتُ القوم الماء إذا سَرَيْتَ بهم حتى تُورِدَهم الماءَ صبَاحًا، ومنه قوله:
وصَبَّحْتُهم ماءً بفَيْفَاءِ قَفْرَةٍ *** وقد حَلَّقِ النَّجمُ اليَمَانِيُّ فاسْتَوى
أراد سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إلى ذلك الماء صَبَاحًا.
وتقول: صَبَّحْتُ القوم تَصْبِيحًا إذا أتيتهم مع الصباح، ومنه قول عَنْتَرَة يصفُ خَيْلًا:
وَغداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوَابِسًا *** يَهْدي أَوَائِلَهُنَّ شُعث شُزَّبُ
أي: أَتَيْنِ الجِفارَ صباحًا يعني خَيْلًا عليها فُرْسَانها.
ويقال: صَبَّحْتُ القومَ إذا سَقَيْتَهم الصَّبُوح.
والتَّصْبِيحُ: الغَداء.
يقال: قَرِّب إلى تَصْبِيحي.
وفي حديث المَبْعَث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتيمًا في حِجْر أبي طالب، وكان يُقَرَّبُ إلى الصِّبْيَان تَصْبِيحُهم فيختلسون
ويَكُفَّ أي يُقَرّبُ إليهم غداؤهم، وهو اسم بُنِي على تَفْعيل مثل التَّرعيب للسنام المُقَطَّع، والتنبيتُ: اسم لِمَا نبت من الغِرَاس، والتَّنوير: اسم لنَوْرِ الشجر.
والصَّابِحُ: الذي يَصْبَح إبِلَه الماء أي يسقيها صباحًا، ومنه قول أبي زُبَيْد:
* حين لاحَتْ للصَّابح الجوزاء*
وتلك السّقْيَةُ تسميها العرب الصُّبْحة وليست بناجعة عند العرب.
وقال أبو الهيثم: الصَّبُوحُ: اللَّبَنُ يُصْطَبَحُ، والنَّاقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت صَبُوح أيضًا، يقال: هذه النَّاقة صَبُوحِي وغَبُوقِي، قال: وأنشدنا أبو لَيْلَى الأعرابي:
ما لي لا أسقي حُبَيِّبَاتي *** صَبَائِحِي غَبَائِقِي قَيْلَاتِي
قال: والقَيْلُ: اللبن الذي يُشْرَبُ وَقْتَ الظهيرة، والقَيْلُ والْقَالَةُ: الناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت، وقَيَّلْتُ القومَ إذا سَقَيْتَهم القَيْل، قال: واقْتَلْتُ اقْتِيالا إذا شَرِبْتَ القَيْلَ.
والعرب تقول إذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تفجؤهم صباحًا: يا صباحاه، يُنْذِرُون الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي.
وقال الليث: المِصْبَاحُ: السِّرَاجُ بالمِسْرَجة، والمِصْبَاح نَفْسُ السِّرَاج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنْدِيل وغيره، والقِرَاطُ لغة، وهو قول الله جلّ وعزّ: {الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ} [النُّور: 35].
ومصَابيحُ النجوم: أعلامُ الكواكب، واحدها مِصْباح، وقول الله جلّ وعزّ: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ} [الحِجر: 83] أي أخذتهم الهَلكَةُ وقت دخولهم في الصَّباح.
والمُصْبَح: الموضع الذي تُصْبِح فيه، والمُمْسى: المكان الذي تُمْسي فيه، وقوله:
* قَرِيبَةُ المُصْبَح من مُمْسَاها*
والمُصْبَحُ أيضًا: الإصْبَاحُ، يقال: أصْبَحْنَا إصْبَاحًا ومُصْبَحًا، ومن أمثال العرب:
«أَعَنْ صَبُوح تُرَقِّقُ» يُضْرَبُ مثلًا لمن يُجَمْجِمُ ولا يُصَرِّح، وقد يُضْرَبُ أيضًا لمنْ يُوَرِّي عن الخَطْبِ العظيم بكناية عنه، ولمن يُوجِبُ عليك ما لا يجب بكلام يُلَطِّفه، وأصله أن رجلًا من العرب نزل برجل من العرب عشاء فَغَبَقَه لبنًا، فلما روى عَلِقَ يُحَدِّثُ أُمَّ مَثْواه بحديث يُرَقِّقُهُ، وقال في خلال كلامه: إذا كان غدا اصطبحنا وفعلنا، فَفَطِن له المَنْزولُ عليه، وقال: أَعَنْ صَبُوح تُرَقِّق.
وروي عن الشعبي أنَّ رجلًا سأله عن رجل قبَّل أمّ امرأته، فقال له الشَّعْبِي: أَعَن صَبُوحٍ تُرَقِّق حَرُمَت عليه امرأتُه، ظنّ الشَّعْبِي أنه كنى بتقبيله إيّاها عن جِمَاعها.
وقال أبو عُبَيد: السِّيَاطُ الأصْبَحِيَّة منسوبة إلى ذِي أَصْبَح: ملك من ملوك حِمْيَر.
وقال الليث: الصَّبَح: شدة الحُمرة في الشَّعَر.
وقال أبو عُبَيد: قال الأصمعي: الأصْبَحُ: قريب من الأَصْهَب.
وروى شمر عن أبي نصْر قال: في الشَّعر الصُّبْحَةُ والمُلْحَةُ، ورجل أَصْبَحُ اللِّحية: للذي يعلو شَعر لِحيته بياض مُشْربٌ حُمرة، ورجل أصبح بَيِّن الصُّبحة، وقد اصْبَاحَ شعره، ومن ذلك قيل: دَمٌ صُبَاحِيٌ لِشَدّة حمرته، قال أبو زُبيد:
* عَبِيطٌ صُبَاحِيٌ من الجَوْفِ أَشْقَرا*
وقال شمر: الأَصْبَحُ.
الذي يكون في سَوَادِ شعرَه حُمْرَة، ومنه صُبْحُ النَّهارِ مُشْتَقٌّ من الأَصْبَح.
وقال الليث: الصَّبِيحُ: الوضيء الوجه، وقد صَبُحَ يَصْبُح صَباحَةً، وأما مِن الأصْبَح فيقال صَبِحَ يَصْبَح صَبَحًا فهو أصْبَح الشَّعَر.
قلت: ولون الصُّبْح الصادِق يَضربُ إلى الحُمْرَة قليلًا كأنها لونُ الشفق الأول في أول الليل.
ويقال للرَّجُل يُنَبَّه من سِنَةِ الغَفْلَةِ أَصْبِحْ أي انْتبه وأَبْصِر رُشدَك وما يُصْلِحُك، وقال رؤبة:
* أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ*
أي: بَشَرٍ مَعِيب، وقولُ الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بِعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكَابَها *** وقِيل المُنَادِي أَصْبَح القومُ أَدْلجِي
يسأل السائل عنه فيقول: الإِدْلَاجُ: سَيْرُ الليل، فكيف يقول: أصبح القوم وهو يأمُر بالإدْلَاج، والجواب فيه أن العرب إذا قَرَّبَتْ المكانَ تُرِيدُه تقول: قد بَلَغْنَاه، وإذا قرَّبت للسَّارِي طلوعَ الصُّبْح وإن كان غَيْرَ طالع تقول: أصبحنا، وأراد بقوله: أصْبَح القومُ: دنا وقتُ دخولهم في الصباح: وإنما فسّرت هذا البيت لأن بعض الناس فَسَّره بعينه على غير ما هو عليه.
وصَبَاح: حَيّ من العرب، ومن أسماء العرب صُبح وصُبَيْح ومُصَبِّح وصَباحٌ وصَبيحٌ.
ومن أمثالهم السائرة في وصف الكذّاب قولهم: «أكذب من الآخِذِ الصَّبْحان».
قال شمر: هكذا قال ابن الأعرابي قال: وهو الحُوار الذي قد شرب فروِي فإذا أردت
أن تستدر به أمَّه لم يشرب لريِّه درتها، قال: ويقال أيضًا: فلان أكذَبُ من الأَخِيذَ الصبْحَان.
قال أبو عَدْنان: الأخِيذُ: الأسِيرُ، والصَّبْحَانُ: الذي قد اصطبح فروى، وقال ابن الأعْرَابي: هو رجل كان عند قوم فصَبَحُوه حين نهض عنهم شاخصًا، فأخذه قوم وقالوا: دُلّنا على حيث كنت فقال: إنّما بِتُّ القَفْر، فبَيْنَا هُم كذلك إذ قعد يَبُول فعلموا أنه بات قريبًا عند قوم فاستدلوا به عليهم واسْتَبَاحُوهم.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال: أتيتُه ذَاتَ الصَّبُوح وذَاتَ الغَبُوق إذا أتاه غُدْوَة وعَشِيَّةً، وذَا صَبَاح وذا مَسَاء، وذَاتَ الزُّمَيْن وذَاتَ العُوَيْم أي مذ ثلاثة أزمان وأَعْوَام.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
86-تهذيب اللغة (وضح)
وضح: قال الليث: الموضَحُ بياضُ الصُّبْح.وقال الأعشى:
إِذْ أَتَتْكمْ شيْبَانُ في وَضَح الصُّبْ *** ح بكبشٍ ترى له قُدَّامَا
قال والموضَحُ بياضُ البرصِ وبياض الغُرَّةِ والتَحجِيلُ في القَوائم وغير ذلك من نحوِه.
ومِنَ الألوانِ إذا كان بياضٌ غَالبٌ في ألوان الشَّاءِ قَدْ نَشَأ في الصَّدْرِ والظَّهْرِ والوجهِ يقالُ به تَوْضِيحٌ شَدِيدٌ، وقد توضّح.
ويقال: أَوْضحْتُ أمرًا فَوَضَح ووَضّحْتُه فتَوَضَّح، ويقال من أين أَوْضَحَ الراكبُ؟ ومن أين أَوْضَعَ الراكب؟ أبو عبيدة عن أبي عمرو استوضحتُ الشيءَ واستَشْرَفْتُ واستكْفَفتُه، وذلك إذا وضعْتَ يدك على عَيْنَيْكَ في الشَّمس تنظرُ هَلْ تراه تُوَقِّي بكفِّك عيْنَكَ شُعَاعَ الشَّمْسِ.
والْموَاضِحَةُ الأسنانُ الَّتي تَبْدُو عند الضَّحِك.
وقال الشاعر:
كلُّ خليلٍ كنتُ صافَيْتُه *** لا تَرَكَ الله لَهُ وَاضِحَهْ
كلَّهم أروَغَ من ثَعْلَبٍ *** ما أَشْبَهَ اللَّيْلَةَ بالبَارِحَهْ
ويقال: استَوْضِح عن هذا الأمْرِ، أي ابْحَثْ عَنْهُ، ويقال للرجُلِ الحسنِ الوجْهِ: إنه لوضَّاحُ.
قال: والمُوضحةُ الشَّجَّةُ التي تصِلُ إلى العِظَام، تقول به شَجَّةٌ أَوْضَحَتْ عن العظم.
وقال أبو عبيد: المُوضحةُ من الشِّجَاجِ التي تُبدي وَضَحَ العظم.
وقال الليث: إذا اجتمعت الكواكبُ الْخُنَّسُ مع الكواكبِ المُضِيئةِ من كواكبِ المنازلِ سُمِّين جميعًا الوُضَّحَ.
وفي الحديث: أن يهوديًّا قتل جُوَيْرِية على أَوْضَاحٍ لها، قال أبو عبيد يعني حَلْيَ فضة، وتُوضِحُ موضع معروف.
وقال اللحياني: يقال: فيها أَوْضَاحٌ من الناس وأَوْبَاشٌ وأسقاطٌ يعني جماعاتٍ من قبائلَ شتَّى.
قال: لم يُسْمَعْ لهذه الحروف بواحدٍ.
وقال الأصمعي: يقال: في الأرض أوضَاحٌ من كَلأ إذا كان فيها شَيْءٌ قد ابيضّ، قلتُ وأكْثَرُ ما سمعْتُ العربَ يقولون الوَضَحُ في الكلأ إنما يَعْنون به النَّصِيِّ والصِّلِّيَّان الصيْفِيّ الذي لم يسوَدّ من القِدَم ولم يَصِرْ دِرينًا.
للنَّعَم وضيحةٌ ووضائح ومنه قول أبي وجزة:
لِقَوْميَ إذْ قَوْمي جميعٌ نَوَاهم *** وإذْ أَنَا في حَيّ كثيرِ الوضائح
ويقال لِلَّبن الموَضَحُ ومنه قول الهذلي:
ثم استفاءوا وقالوا حبَّذا الوضح
أي: قالوا: اللَّبَنُ أحبُّ إلينا من القَوَد.
ويقال كَثُرَ الوضَحُ عِنْدَ بَني فُلَانٍ أي كَثُرَتْ أَلْبَانُ نَعَمِهمْ.
والعرب تسمي النهار الوَضَّاح والليلَ الدُّهْمَان وبِكْرُ الوَضَّاحِ صلاة الغَدَاةِ وفي أحاديث المَبْعث ودلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن أَوْحى الله إليه: أنه
كان صلى الله عليه وسلم يلْعَبُ وهو صغيرٌ مع الغلمان بعظم وضَّاح، وهي لُعبة لصبيانِ الأعراب يعمِدون إلى عظمٍ أبيضَ فيرمونه في ظُلمة الليل، ثم يتفرّقون في طلبه، فمن وجده منهم فله القَمْر قلت وقد رأيت وِلدانهم يصغّرونه ويقولون عُظيمُ وضَّاح.
وأنشد بعضهم:
عظيم وضاح ضِحَنَ الليلَة *** لا تَضِحَنَ بعدها منْ لَيْلة
وقولهم: ضِحَنّ أمرٌ بتثقيل النون من وَضَح يَضِح ومعناه أُظْهَرَنّ وَأُبْدُوَنّ، كما يقال من الوصل صِلَنّ.
ويقال أَوْضَحَ الرَّجُلُ إذا جاء بأوْلادٍ بيض، وأوضحت المرأَةُ إذا ولدت أولادًا بيضًا.
وَوَضَحُ القدم بياض إخْمصه.
وقال الجميح:
وَالشوْكُ في وَضَح الرَّجْلَيْن مَرْكُوزُ
وقال النضر بن شميل: المتوضِّحُ والواضِحُ من الإبل الأبيضُ وليس بالشّديد البياضِ، أشدُّ بياضًا من الأعْيس والأصْهب وهو المُتَوَضِّح الأقراب وأنشد:
متوضِّح الأقْرَابِ فيه شُهلَةٌ *** شَنِجُ اليدين تَخَالُه مشكولا
قال المنذري أُخبِرْتُ عن أبي الهيثم أَنه قال في قولهم جاء فلان بالضِّحّ والرِّيح، وأصل الضِّحّ الوَضَحُ وهو فوْرُ النهار وضوْء الشمس، فأسقطت الواو وزيدت الحاءُ مكانها فصارت مع الأصلية حاءً ثقيلة قال وكذلك القحة الوقْحة فأسقطت الواو وزيدت الحاء مكانها فصارت قِحَّةً بحائين وقال أبو عبيدة الضِّحُّ البرازُ الظّاهر.
وقال ابن الأعرابي: الضِّحُّ ماضحا للشمس، والرِّيحُ ما نَالهُ الريح.
وقال الأصمعي: الضِّحّ الشمس بعينها وأنشد:
أبيضُ أبرزه للضَّحِّ راقِبُه *** مقلَّدٌ قُضُبَ الرّيْحَان مفعُوم
وقال أبو زيد: تقول من أين وَضَحَ الرَّاكبُ؟ أي من أين بدأ؟ وقال غيره من أين أَوْضَحَ بالألف.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
87-تهذيب اللغة (قرب)
قرب: قال الليث: القَربُ: أن يَرعَى القومُ بينهم وبين المَورِد، وفي ذلك يسيرون بعضَ السير، حتى إذا كان بينهم وبين الماء ليلةٌ أو عشيةٌ عجَّلوا فقَربوا يَقربُون قُرْبًا، وقد أقرَبوا إبلَهم، وقَرَبَت الإبل.قال: والحِمارُ القارب والناقة القوارب، وهي التي تَقرُب، أي: تعجّل ليلةَ الوُرود.
قال: والقارب الذي يَطلب الماء.
وقال أبو سعيد: يقول الرجل لصاحبه إذا استحثَّه: تقرَّبْ، يقول: اعجلْ، سمعتُه من أفواههم.
وأنشد:
يا صاحبَيّ تَرحَّلَا وتَقَرَّبا *** فلقد أَنى لمسافِرٍ أن يَطْرَبا
أبو عبيد: إذا خَلَّى الراعي إبله إلى الماء وتركها في ذلك ترعَى ليلتئذٍ فهي ليلة الطَّلَق، فإن كانت الليلةَ الثانية فهي ليلة القَرَب، هو السوْق الشديد.
وقال الأصمعيّ: إذا كانت إبلهم طوالق قيل: أطلَقَ القومُ فهم مُطْلِقون، وإذا كانت إبلُهم قَوارب، قالوا: هم قاربون، ولا يقالُ مُقْرِبون، وهذا الحرف شاذّ.
وقال أبو زيد: أقربتُها حتى قَرِبتْ تَقربُ.
وقال لبيد:
إحدى بني جعفرٍ بأرضهِم *** لم تُمْسِ مِنّي نَوْبًا ولا قَرَبا
شمر عن ابن الأعرابيّ: القَرَب والقَرْب واحد في بيت لبيد.
وقال أبو عمرو: القَرَب في ثلاثة أيام أو أكثر.
ثعلب عن ابن الأعرابي يقال: ما لَه هاربٌ ولا قاربٌ، أي: ما له واردٌ يَرِدُ الماء ولا صادرٌ يصدُر عنه.
الليث: القارِب: سفينة صغيرة تكون مع أصحاب السُفن البَحْرية تستخفّ لحوائجهم والجميع القَوارب.
والقِراب للسَّيف والسكِّين.
والفِعل أن تقول: قَربْتُ قِرابًا، ولغة أقربتْ إقرابًا.
قلت: قِراب السيف شِبه جراب من أَدَم يَضَع الراكب فيه سيفه بجفْنِه، وسَوْطه، وعصاه، وأداةً إن كانت معه.
وقال شمر: أقربتُ السيفَ: جعلتُ له قرابًا، وقَرَبْتُه: جعلتُه في القراب.
وقال الليث: القراب: مقاربة الشيء، تقول: معه ألفُ درهمٍ أو قِرابُه، ومعه مِلءُ قَدَح ماءٍ أو قِرابه.
وتقول: أتيتُه قرابَ العَشيّ أَو قِراب اللَّيل.
وتقول: هذا قَدحٌ قَربانُ ماءً، وهو الذي قد قَاربَ الامتلاء.
ونحو ذلك قال الكسائيُّ فيما روى عنه أبو عبيد.
الليث: القُرَب: نَقيض البُعْد.
والتقرب:
التدني إلى شيء، والتوصل إلى إنسانٍ بقُرْبةٍ أو بحقٍّ.
والاقتراب: الدُنُوّ.
وقال الله جلّ وعزّ: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْبانًا فَتُقُبِّلَ} [المائدة: 27].
وقال في موضع آخر: {إِنَّ اللهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ} [آل عمران: 183].
وكان الرجلُ إذا قرّب قربانًا سَجَد لله، وتنزل النار فتأكل قُربانه، فذلك علامةُ قَبول القُرْبان، وهي ذبائح كانوا
يذبحونها.
وقال الليث: القُرْبان: ما قربتَ إلى الله تبتغي بذلك قُربة ووسيلة.
أبو العباس: قربت منك أقرب قربًا؛ وما قربتُكَ؛ ولا أقرَبك قُربانًا.
وقرِبت الماءُ أقرَبه قَرَبًا، أي: طلبته؛ وذلك إذا كان بينك وبين الماء مسيرة يوم.
أبو عبيد عن الكسائي قال: القرابين: جُلساء الملوك وخاصّتُه، واحدهم قُربان.
وقال الليث: قرابين المِلك: وزراؤه.
قال: ويقال: قرِبَ فلانٌ أهلَه قُربانًا: إذا غشيها، وما قَرِبت هذا الأمرَ ولا قَرَبته.
قال الله تعالى: {وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ} [البقرة: 35].
وقال: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى} [الإسراء: 32]، كلّ ذلك من قَرِبْتُ أقرَبُ.
ويقال: فلان يَقْرُب أمرًا، أي: يغزوه، وذلك إذا فَعَل شيئًا وقال قولًا يَقْرُب به أمرًا يغزُوه.
وتقول: لقد قَرَبْتُ أمرًا ما أدري ما هو؟.
قال: والقُرْب: من لَدُن الشاكلة إلى مراقّ البطن، وكذلك من لَدُن الرُّفْغ إلى الإبط قُرْبٌ مِنْ كل جانب.
وفرسٌ لاحق الأقراب، يجمعونه وإنَّما قُرْبان لسعته، كما يقال: شاةٌ ضَخمة الخَواصر، وإنما لها خاصرتان.
قال: والقريبُ والقَريبة ذو القَرابة، والجميع من النساء قرائب، ومن الرجال أقارب.
ولو قيل: قُرْبَى لجاز.
قلت: الأقارب: جمع الأقرب، والقُرْبى: تأنيث الأقرب.
وقال الليث: القَريب: نقيض البعيد، يكون تحويلًا فيستوي في الذكر والأنثى والفردِ والجميع، كقولك: هو قريبٌ، وهي قريب، وهم قريب وهنّ قريب.
قلت: وهذا الذي قاله في القريب النَّسَب، والقريب والمكان قولُ الفراء.
وقال الله جل وعز: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
وقال الزجاج: إنما قيل قريبٌ لأن الرحمة والعَفو والغفران في معنًى واحد، وكذلك كل تأنيثٍ ليس بحقيقيّ.
قال: وقال الأخفش: جائز أن تكون
الرحمة هاهنا بمعنى المَطَر.
قال: وقال بعضهم: هذا ذُكِّر ليُفصَل بين القريب من القُرْب والقريبِ من القرابة، وهذا غلطٌ، كلُّ ما قَرُب في مكانٍ أو نَسَب فهو جارٍ على ما يصيبُه من التّذكير والتأنيث.
وأخبرني المنذري عن الحراني عن ابن السكيت قال: تقول العرب: هو قريبٌ مني، وهما قريبٌ منّي، وهم قريبٌ مني، وكذلك المؤنث هي قريبٌ منّي وهي بَعيدٌ مني وهما بعيدٌ وهم بَعيد، فتوحِّد قريبًا وتُذَكره، لأنه وإن كان مرفوعًا فإنه في تأويلِ هو في مكانٍ قريبٍ مني.
قال الله جل وعز: {إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].
وقد يجوز قريبة وبعيدة بالهاء، تبنيها على قرُبت وبَعُدَتْ.
فمن أنثها في المؤنث ثَنَّى وجَمَع.
وأنشد:
لياليَ لا عَفْراء منك بعيدةٌ *** فتسلو ولا عَفْراءُ مِنك قريبُ
أبو عبيد عن الأحمر: الخيْل المُقْرَبة: التي تكون قريبًا مُعَدَّةً، ويقال: هي التي تُدْنى وتُقَرَّب وتكرَّم.
وقال شمر: الإبل المُقْرَبة التي حُزِمَتْ للركوب، قالها أعرابيّ مِن غَنِيّ.
قال: والمُقْرَبات من الخيل: التي قد ضُمِّرَت للركوب.
وقال أبو سعيد: الإبل المُقْرَبة: التي عليها رِحلٌ مُقْرَبة بالأدَم، وهيَ مَراكبُ المُلوك.
قال: وأنكر الأعرابي هذا التفسير.
وقال الليث: أقرَبتِ الشاةُ والأتَانُ فهي مُقْرِب، ولا يقال للنَّاقة إلّا إذا أَدْنَتْ فهي مُدْنٍ.
أبو عبيد عن العَدَبَّس الكنانيّ: جميع المُقْرب من الشاءِ مَقاريب، وكذلك هي مُحدِث وجمعُها مَحاديث.
والقِريب: السّمَك المملَّح ما دام في طَراءته.
ويقال: قد حَيّا وقَرَّب: إذا قال حيَّاك الله وقرب دارك.
وفي أحاديث المَبعث: خرج عبد الله بن عبد المطلب ذات يومٍ متقربًا متخصّرًا بالبَطْحاء فبَصُرتْ به لَيلى العَدَوِية».
وقوله: متقربًا، أي: واضعًا يدَه على قُربه وهو يَمشي.
وفي حديث آخر: «ثلاثٌ لَعِيناتٌ: رجلٌ عَوّرَ الماءَ المَعِين المُنْسَاب، ورجل عَوّر طريقَ المَقْربة، ورجل تَغَوَّط تحت شجرة»
.
قال أبو عمرو: المَقربة: المنزل، وأصلُه من القَرب وهو السّير.
وقال الراعي:
في كلّ مَقْرَبَةٍ يَدَعْن رَعِيلا
وجمعُها مَقارب.
والقَرب: سَير الليل.
وقال طفيلٌ يصف الخيل:
مُعرَّقة الألحِي تَلوحُ مُتونُها *** تُثير القَطَا في مَنهل بعد مَقربِ
سلمة عن الفراء: جاء في الخبر: «اتَّقوا قُرابَ المؤمن ـ وقُرابتَه أي فِراسَتَه ـ فإِنه يَنظُر بنور الله»
.
قال: والقُراب: القريب.
والقَرب: البئر القريبة الماء، فإذا كانت بعيدة الماء فهي النَّجاء.
وأنشد:
ينهضنَ بالقوم عليهنّ الصُّلُبْ *** مُوكَّلاتٍ بالنَّجاء والقَربْ
يعني الدلاء، والعرب تقول: تقاربتْ إبلُ فلان، أي: أدبرتْ، وقلت: وقال حَندلٌ الطُّهوي:
غَركِ أن تقاربتْ أباعِري *** وأن رأيتِ الدهر ذا الدوائر
والقِربة وجمعها قِرب من الأساقيّ.
ومن أمثالهم: «الفِرار بقُرابٍ أكيس» يقول: الفرار قبل أن يُحاط بك أكيس لك.
ويقال: لو أنّ في قُرابِ هذا ذهبًا؛ أي: ما يقارب مِلأه.
وفي الحديث: «إذا تقارب الزمانُ لم تكد رؤيا المؤمن تكذب».
معنى تقارب الزمان: اقتراب الساعة.
يقال للشيء إذا ولّى وأدبر قد تقارب.
وتقارب الزرع: إذا دنا إدراكه.
ويقال للرجل القصير: متقارب ومتآزف.
الأصمعي: إذا رفعَ الفرسُ يديه معًا ووضعهما معًا فذلك التقريب.
وقال أبو زيد: إذا رجَمَ الأرضَ رَجمًا فهو التقريب، يقال: جاءنا تُقرب به فرسُه.
وقال الله جل وعز: {قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} [الشورى: 23]، أي: إلا أنْ تَوَدني في قرابتي، أي: في قرابتي منكم، ويقال: فلانٌ ذا قَرابتي وذو قَرابةٍ مني، وذو مَقربة وذو قُربى مني.
قال الله جل وعز: {يَتِيمًا ذا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 15]، وجائز أن تقول: فلانٌ قَرابتي بهذا المعنى والأول أكثر.
قال: والقرقَبَة: صوت البَطْن.
والمقَارب: الطُّرق.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
88-تهذيب اللغة (جوف جيف)
جوف ـ جيف: أبو عبيد عن الأُمويّ: رجل مَجْؤُوف مثل مَجعُوف: جائع، وقد جُئِفَ.قال أبو عبيد، وقال الكسائي: جُيفَ فلانٌ وجُيثَ، إذا ذُعر فهو مجؤوف ومجئوث.
وفي حديث المبعَثِ: «فجَثيت فَرَقًا حين رأيت جبريل.
وقال الليث: الجاف ضرب من الخوف والفزع.
وقال العجاج:
* كأن تحتي ناشِطًا مُجافًا*
ثعلب عن ابن الأعرابيّ: انجأفت النخلة وانجأَثَتْ، إذا تقَعَّرت وسقطت.
قال الليث: الجَوْفُ معروف، وجمعه أَجْوَاف، والجَائِفَة الطَّعْنَةُ تدخل الْجَوْف، والجَوْفُ خَلَاءُ الجَوْفِ، كالْقَصَبَةِ الجوفاء، والْجُوفَانُ جَمْعُ الأجْوَف.
أبو عُبيد، عن الأصمعيّ الجَوْفُ المُطْمَئِنُّ من الأرض.
ثعلب، عن ابن الأعرابيّ: الْجَوف الوادِي، يقال: جَوْفٌ لَاخٌّ، إذا كان عَميقًا، وجَوْفٌ جِلْوَاخٌ: واسعٌ، وجوف زَقَبٌ: ضَيِّق، وباليمين وادٍ يقال له: الْجَوْف، ومنه قول الراجز:
الْجَوْفُ خيرٌ لك من أَغْوَاطِ *** ومِنْ أَلاءَاتِ وَمِنْ أُرْاطِي
وقال امرؤ القيس:
* وَوادٍ كَجَوْفِ الْعَيْر قَفْرٍ قَطَعْتُهُ*
أرادَ بِجَوْفِ العَيْرِ وادِيًا بعَيْنِه أُضِيف إلى العَيْر، وعُرِفَ به.
أبو عبيد: رَجُلٌ مُجَوَّفٌ، جَبَانٌ لا قَلْبَ له، ومنه قولُ حَسّان:
أَلَا أَبْلِغْ أبا سُفيَانَ عَنِّي *** فَأَنْتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
أي: خالي الجوفِ من القَلْبِ.
ويقال: جَافت الجيفة، واجْتَافَت، إذا انْتَنَتْ وأَرْوَحَتْ، وجَيَّفَت الجِيفَةُ، إذا أَصَلَّتْ، وجمع الجِيفة، وهي الْجُثَّةُ المَيْتَةُ والمُنْتِنَه: جِيَف.
ويقال: اجْتَافَ الثّوْرُ الكِنَاسَ، إذا دَخل جَوْفَه، والْجُوَافُ: ضَرْبٌ من السّمك الواحدةُ جُوَافَة.
ويقال: أَجَفْتُ البابَ فهو مُجَافٌ، إذا رَدَدْتَه.
وفي الحديث: «أَجِيفوا الأبوابَ، واكْفِتُوا إليكم صِبْيانِكم».
ويقال: طَعَنْتُه فجُفْتُه أجُوفُه.
وجافَه الدّواءُ فهو مَجُوفٌ، إذا دخَل جَوفَه، وَوِعاءٌ مُسْتَجَافٌ: واسعُ الجَوف، قال الشاعر:
فهيَ شَوْهاءُ كالْجُوالِقِ فُوها *** مُسْتَجَافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدتُه أجوَف.
عمرو، عن أبيه: إذا ارتفَع بَلَقُ الفَرِس إلى حِقْوَيْهِ فهو مُجَوَّفٌ بَلَقًا، وأنشدَ:
ومُجَوَّفٍ بَلَقًا مَلكْتُ عنانه *** يَعْدو على خَمْسٍ قَوائمُه زَكا
أراد أنّه يعدو على خَمسٍ من الوَحْش، فيَصِيدُها، وقوائمه زَكًا، أي ليْست خَمسًا.
ولكنها أزوَاج، ملكْتُ عِنانه: أي اشتريتُه ولم أستعِرْه: وقال أبو عبيدة: فَرَسٌ أجوَف، وهو الأبيض الْبَطْن إلى منتهَى الجَنبَيْن، ولوْنُ سائِره ما كان، وهو المُجوَّف بالبَلَقِ، ومجوَّفٌ بَلَقًا، وتَلْعَةٌ جائفةٌ قعيرة، وتِلَاعٌ جَوائف، وجوائفُ النّفس: ما تَقَعّرَ من الجوف، ومقارّ الرُّوح.
وقال الفرزدق:
ألمْ يَكْفِينِي مَرْوَانُ لما أتَيْتُه *** زِيادًا ورَدّ النفْسَ بين الجَوائِفِ
وفي الحديث: «لا يَدخُلُ الجَنَّةَ ديْبوبٌ ولا جَيَّاف».
والجَيَّاف: النَّبَّاش، سُمِّيَ جَيَّافًا لأنه يَكْشِفُ الثيابَ عن جِيَفِ الموتى.
قال وجائز أن يكون سمي به لنتنِ فعله أي لقبح فِعله.
ابن شميل: الجُوفانُ ذَكَرُ الحِمار.
وكانت بنو فزارة تُعَيِّر بأَكل الجُوفان.
وقال سالم بن دارة يهجو بني فزارة:
أطعمتُمُ الضيفَ جُوفانًا مُخاتَلةً *** فلا سقاكم إلهي الخالقُ الباري
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
89-تهذيب اللغة (نمس)
نمس: قال اللّيث: النَّمَسُ: فسادُ السَّمْن وفسادُ الغالية، وكذلك كلّ طِيبٍ ودُهْن إذا تغيّر وفَسَد فسادا لَزِجا؛ والفعلُ نَمِس يَنْمسَ نَمَسا فهو نَمس.وقال غيرُه: نَمسَ الوَدَك ونَسِم: إذا أنتنَ.
ونمَّس الأقِطُ فهو منمس: إذا أَنتَن.
قال الطِّرِمّاح:
* مُنمِّسُ ثيرانِ الكَرِيصِ الضَّوائِنِ*
والكَرِيص: الأقِط.
وقال اللّيث: النِّمسُ: سَبعُ، من أخبَث السِّباع.
وقال غيرُه: النمس: دُوَيْبَّة يتّخذها الناظرُ إذا اشتدَّ خوفُه من الثّعابين، لأنّ هذه الدابّة تتعرّض للثّعبان وتتضاءل.
وتَستَدِقّ حتّى كأنَّها قطعةُ حَبْل، فإذا انْطَوَى عليها الثُّعْبان زَفَرتْ وأَخذتْ بنَفَسِها، فانتفخ جَوفها فيتقطّع الثعبان وقد تطوَّى عليه النمس فَظَغا من شِدّة الزَّفْرة.
وفي حديث المَبعَث: أنّ خديجةَ وصفتْ أمرَ النبي صلى الله عليه وسلم لورَقَةَ بنِ نَوْفلَ، وكان قد قرأ الكُتُب، فقال: إن كان ما تقولين حَقّا فإنّه ليأتيه النَّاموس الّذي كان يأتي موسى عليهالسلام.
قال أبو عُبَيد: الناموس: صاحبُ سِرِّ الرَّجُل الّذي يَطَّلِع على سِرِّه وباطنِ أمره، ويَخُصّه بما يَستُره عن غيره، يقال منه: قد نَمَسَ يَنْمِس نَمْسا، وقد نامَسْتُه منامَسَةً: إذا سارَرْتَه.
وقال الكميت:
فأبلِغْ يَزِيدَ إِنْ عَرَضْتَ ومُنْذِرا *** عَمَّيْهِمَا والمستسِرَّ المُنامِسَا
قال: ويقال: انَّمَسَ فلانٌ انِّماسا إذا انْغَلَّ في سُتْرةٍ.
قال: والناموسُ أيضا: قُترَةُ الصائد الّتي يَكمُن فيها للصَّيْد، ومنه قولُ أَوْس بنِ حَجَر:
فلاقَى عليها من صُباح مُدَمِّرا *** لنامُوسِه مِن الصَّفيحِ سَقائفُ
المدمِّر: الذي يدخن بأبوار الإبل في قترته لئلا يجد الوحش ريحه فينفر.
أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال: النّاموس: بيتُ الراهب.
وقال غيرُه: النامُوس النَّمّام، وهو النّمّاس أيضا.
ويقال للشّرَك: ناموسٌ، لأنّه يُوارَى تحتَ التراب، وقال الراجز يصف الرِّكاب،
يعني الإبل:
يَخْرجنَ عن مُلتَبِسٍ مُلَبَّسِ *** تَنْمِيسَ ناموسِ القَصا المُنمَّسِ
يقول: يخرجن من بلدٍ مشتبِه الأعلام يَشتبه على من يسلُكُه، كما يَشتبِه على القَطَا أمرُ الشَّرَك الّذي يُنصَب له.
وقال ابن الأعرابي: نَمَس بينهم، وأنمس، وأرّش بينهم وأكل بينهم.
وأنشد:
وما كنت ذا نَيْرَب فيهمُ *** ولا مُنْمسا بينهم أنْملُ
أؤرّش بينهم دائبا *** أدِبّ وذو النملة المُدْغَلُ
ولكنني رائبٌ صَدْعَهُم *** رَقوءٌ لما بينهم مُسْمِلُ
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
90-تهذيب اللغة (لثن)
لثن: أخبرني محمّد بن إسحاق السّعْديّ، عن عليّ بن حَرْب المَوْصِلِيّ أنه قال: لَثِنٌ، أي حُلْو، بلغة أهل اليمن.وقد جاء في المَبْعَث في شِعْر:
بُغْضُكُمُ عِندنا مُرٌّ مَذَاقَتُه *** وبُغْضُنا عِنْدكم يا قَوْمنا لَثِنُ
قال عليّ بن حَرب، وكان مُعْرِبًا: لَثِنٌ، أي حُلْو، بلغة أهل اليمن.
قلتُ: ولم أسْمعه لِغَيره، وهو ثَبْت.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م