نتائج البحث عن (تَعْبُرُونَ)
1-العربية المعاصرة (عبر)
عبَرَ يَعبُر، عُبورًا وعَبْرًا، فهو عابر، والمفعول مَعْبور.* عبَر النَّهرَ ونَحوَه: قطعه وجازَه من جانبٍ إلى آخَر (عبَر الطَّريقَ/البحرَ- عبَر به الماءَ- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لاَ تَقْرَبُوا الصَّلاَةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [قرآن]) (*) الزَّمان العابِر: الماضي- بضائعُ عابرة: بضائع مُعفاة من الرُّسوم في طريق نقلها من بلدٍ إلى بلد آخر- حُبٌّ عابر: غير مقيم- صاروخ عابر قارّات: صاروخ بعيد المدى، يُطلق من قارَّة إلى أخرى- عابرة المحيطات: سفينة ضخمة تُستخدم في النَّقل عبر المحيطات- عابر السَّبيل: المارُّ بالمكان دون أن يقيم فيه، المسافر خاصَّة على قدميه- عبَر الأزمة: تخطّاها وتغلَّب عليها- كلمة عابرة: قيلت في سياق لم تكن معدَّة لأن تقال فيه- وقت عابر: ماضٍ بسرعة.
عبَرَ يَعبُر، عِبارَةً وعَبْرًا، فهو عابِر، والمفعول معبور.
* عبَر الرُّؤيا أو الحُلْمَ: فسَّرَهُما وأخبر بآخر ما يئول إليه أمرهما {يَاأَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [قرآن].
عبَرَ يَعبُر، عَبْرًا، فهو عابر.
* عبَرت عينُه: جرت دمعتُها، حزِن (عبَرت دموعُها حين رأت الأيتامَ المحتاجين للعون).
استعبرَ يستعبر، استعبارًا، فهو مُستَعْبِر، والمفعول مُستَعْبَر (للمتعدِّي).
* استعبر فلانٌ: حزِن، جرَتْ دمعتُه (استعبرت عينُها لفراق ابنها).
* استعبر فلانًا الرُّؤْيا: قصَّها عليه وسأله تفسيرَها.
اعتبرَ/اعتبرَ ب يعتبر، اعتبارًا، فهو معتبِر، والمفعول معتبَر.
* اعتبره القاضي مُذنِبًا: عدَّه وحسبه (اعتبره مسئولًا عن الحادِث- أنا مُعتبِرُك أخًا لي- اعتبره عالمًا/صديقًا).
* اعتبر فلانًا: اعتدَّ به واحترمه (الجميع يعتبر أعضاءَ المجمع ويقدِّرهم).
* اعتبرَ بالموت: تدبَّر، اتَّعظ به (اعتبر بما حدث لجاره- اعتبر بمن قبلك ولا تكن عبرةً لمن يأتي بعدك- {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الأَبْصَارِ} [قرآن]).
عبَّرَ/عبَّرَ عن يعبِّر، تعبيرًا، فهو مُعبِّر، والمفعول مُعبَّر.
* عبَّر الرُّؤيا أو الحُلْمَ: عبَرهما، فسَّرهما وأخبر بآخر مايئول إليه أمرهما.
* عبَّرَ عمَّا في نفسه: أوضح، بيَّن بالكلام أو غيره ما يدور في نفسه (لسانُه مُعبِّرٌ عن ضميره- عبَّر عن عواطفه/رفضه للموضوع- عبَّر عنه غيره: أعرب).
اعتبار [مفرد]: جمعه اعتبارات (لغير المصدر):
1 - مصدر اعتبرَ/اعتبرَ ب (*) اعتبارًا من هذا التَّاريخ: ابتداءً منه- باعتباره مديرًا: بوصفه، بحكم وظيفته- على اعتبار أنَّ: بالنَّظر إلى أنَّ- وضَعه في الاعتبار: فكَّر فيه، وضَعه في حساباته.
2 - تقديرٌ واحترامٌ وكرامة (رجلٌ له اعتباره ومكانته بين النّاس) (*) باعتباره أكبرهُم سِنًّا: بصفته أكبر سِنًّا- دون اعتبار للكفاءة: بغضِّ النَّظر عن الكفاءة- يأخذ بعين الاعتبار: يُراعي أو يقدِّر.
3 - سبب (عفا عنه لاعتبارات كثيرة- تخلَّف عن الحضور لاعتبارات شخصيَّة).
* الاعتبار:
1 - [في الفلسفة والتصوُّف] التَّأمّل والتَّدبّر والاستدلال بذلك على عِظَم القدرة وبديع الصَّنعة.
2 - النَّظر في حقائق الأشياء وجهات دلالتها؛ ليعرف بالنَّظر فيها شيء آخر من جنسها.
* ردُّ الاعتبار: [في القانون] إعادة التَّقدير والاحترام بعد صدور قرارٍ أو حُكْمٍ بالإدانة، أو ردُّ الكرامة وإعادة الحقوق المدنية وإلغاء العقوبة.
اعتباريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى اعتبار: فرضيّ (ما زالت النَّظرية اعتباريَّة) (*) شخصيَّة اعتباريَّة: شخصيَّة معنويّة ليس لها وجود خارجيّ محسوس، ولكنَّها موضع اعتراف القانون كالهيئات والمؤسّسات والشَّركات.
تعبير [مفرد]: جمعه تعبيرات (لغير المصدر) وتعابيرُ (لغير المصدر):
1 - مصدر عبَّرَ/عبَّرَ عن.
2 - قول، أسلوب (تعبير جميل/موفَّق- هذا الرَّجل يُحسن التَّعبيرَ عن نفسه) (*) إن جاز التَّعبير: إن صحَّ القولُ- بتعبيرٍ آخر: بكلامٍ آخر يدلُّ على المعنى نفسه- على حدّ تعبيره: وفقًا لما يقول، حسب أقواله.
* تعبير اصطلاحيّ: [في العلوم اللغوية] مجموعة من الألفاظ يختلف معناها مجتمعةً عن مجموع معانيها منفردةً (السُّوق السَّوداء: التُّجَّار المستغِلّون- لبّى نداء ربِّه: مات).
تعبيريّ [مفرد]: اسم منسوب إلى تعبير.
* رمز تعبيريّ: رمز يُستخدم في الاختزال يرمز إلى عبارة.
تعبيريَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى تعبير.
2 - مصدر صناعيّ من تعبير.
3 - [في الآداب] حركة أدبيَّة وفنّيّة نشأت في أوّل القرن العشرين تؤكّد على التعبير الذَّاتيّ عن خبرات الفنَّان الدَّاخليَّة.
عِبارة [مفرد]: جمعه عبارات (لغير المصدر):
1 - مصدر عبَرَ.
2 - مجموعة من الألفاظ قد تؤلِّف جزءًا من جملة أو أكثر (يُكثر من عبارات المجاملة).
3 - كلام يبيّن ما في النَّفس من معنى (كلامي هذا عبارة عن توضيح لما قلته سابقًا).
4 - [في العلوم اللغوية] جملة صغيرةٌ دالَّة على معنًى (تحدَّثَ بوجيز العبارة) (*) العبارة الاصطلاحيَّة: طريقة خاصّة في التعبير مؤدّاها تأليف كلمات في عبارة تتميَّز بها لغة دون غيرها من اللغات، كعبارة: بالرِّفاء والبنين، في العربيّة- العبارة التِّذكاريّة: عبارة محفورة على حجر أو مادة شبيهة به للتذكير بوفاة أو بتاريخ مُنْشأة- العبارة الجامعة: تركيب بلاغي تؤدِّي فيه الكلمة الواحدة أكثر من غرض في الجملة- بعبارةٍ أُخرى: بجملةٍ أخرى، بأسلوب آخر- حَسَنُ العِبارة: جميل الأسلوب، فصيح اللِّسان- عبارة عن كذا: ذو دلالةٍ على كذا- عبارة مُشَوَّشة: غير مستقيمة في التَّركيب أو المعنى- هذا عبارة عن هذا: بمعناه أو مساوٍ له في الدّلالة.
عَبَّارة [مفرد]: سفينةٌ تعبُر البَحرَ ونحوَه من شاطئٍ إلى آخر (أسرعت العَبَّارةُ بالحُجَّاج).
عَبْر [مفرد]:
1 - مصدر عبَرَ وعبَرَ وعبَرَ.
2 - خِلالَ (امتدَّ تأثيرُه عَبْر القرونِ- خاطبَه عَبْرَ الأثيرِ- مرَّ عَبْرَ الحقولِ- عَبْرَ المكان/الزمان/القارّات- انتقلت هذه العادات عَبْر الأجيال).
عِبْرانيّ [مفرد]: عِبْريّ؛ يهوديّ، من أتباع موسى عليه السَّلام (شعب عِبْرانيّ).
عِبْرانيَّة [مفرد]: جمعه عِبرانيّات (للعاقل).
* اللُّغة العِبْرانيَّة: [في العلوم اللغوية] لُغةٌ ساميَّةٌ يتكلَّمها اليهود (تتشابه اللُّغة العبرانيَّة مع اللُّغة العربيَّة في كثير من تصريفاتها).
عَبْرة [مفرد]: جمعه عَبَرات وعَبْرَات وعِبَر: دمعة قبل أن تفيض (عَبْرَةُ فرحٍ- سالت عَبْرَتُه) (*) لك ما أبكي ولا عَبْرَة لي [مثل]: أي أحزن لك ولست حزينًا من أجل نفسي، ويُضرب لمن يشتدّ اهتمامُه بالآخر ويؤثره.
عِبْرَة [مفرد]: جمعه عِبْرات وعِبَر: تَذْكِرة، عِظة يُتَّعَظ بها (جاء الحكمُ على المرتشي عبرةً لمن يعتبر- استخلص العِبَر- {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ} [قرآن]) (*) العِبْرة بكذا/العِبْرة في كذا: العامل الحاسم، الأمر مرتهن ب- جعله عِبْرةً لغيره: بالغ في عقابه وتأديبه- لا عِبْرَةَ به: لا اهتمام به.
عِبْريّ [مفرد]: عبرانيّ؛ يهوديّ من أتباع موسى عليه السَّلام (شعبٌ عِبْريٌّ).
عِبْريَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى عِبْريّ.
* اللُّغة العبريَّة: لُغةٌ ساميَّةٌ يتكلَّمها اليهود.
عُبور [مفرد]: مصدر عبَرَ (*) ذكرى العبور: ذكرى عبور الجيش المصريّ قناة السُّويس في السَّادس من أكتوبر سنة 1973م العاشر من رمضان سنة 1393ه.
عبير [مفرد].
* عبيرُ الأزهار: رائحة طيِّبة زكيَّة، أريج، أخلاط من الطِّيب، شذا (امتلأ المكانُ بالعبير).
مَعْبَر [مفرد]: جمعه مَعابِرُ:
1 - اسم مكان من عبَرَ1: شطّ مُهيَّأ للعبور؛ مكان العبور (أغلقت قوَّاتُ الاحتلال المَعْبَرَ الرَّئيسيّ المؤدِّي إلى المدينة).
2 - ألواح تُتَّخذ للعبور عليها من الشَّاطئ إلى السَّفينة والعكس.
3 - ما يُعْبَر به النَّهر كالسَّفينة والقنطرة.
مِعْبَر [مفرد]: جمعه مَعابِرُ: مَعْبَر؛ ما يُعبر عليه أو به من سفينة أو قنطرة.
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
2-العربية المعاصرة (ل)
ل [كلمة وظيفيَّة]: الحرف الثَّالث والعشرون من حروف الهجاء، وهو صوتٌ لثويّ، مجهور، ساكن جانبيّ، مُرقَّق.ل.
ل [كلمة وظيفيَّة]:
1 - حرف جرّ يفيد الاستحقاق (الحمد لله- {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} [قرآن]).
2 - حرف جرّ يفيد الاختصاص (الجنّة للمؤمنين- {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} [قرآن]).
3 - حرف جرّ يفيد الملك أو التمليك (وهبت له مالًا- {لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ} [قرآن]).
4 - حرف جرّ يفيد التعليل {وَقَدْ كَفَرُوا لِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ} [قرآن] - {لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ. إِيلاَفِهِمْ} [قرآن].
5 - حرف جرّ بمعنى (إلى) {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا} [قرآن].
6 - حرف جرّ بمعنى بَعْدَ {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [قرآن].
7 - حرف جرّ بمعنى (على)، فيكون للاستعلاء الحقيقيّ أو المجازيّ {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ} [قرآن] - {وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا} [قرآن].
8 - حرف جرّ يفيد شبه الملك {جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} [قرآن].
9 - حرف جرّ بمعنى (عند) (كتبته لخمس خلون من رمضان- {بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لِمَا جَاءَهُمْ} [قرآن]: بكسر اللام وتخفيف الميم).
10 - حرف جرّ بمعنى (مِنْ) (سمعت له صراخا- *ونحن لكم يوم القيامة أفضل*: ونحن منكم).
11 - حرف جرّ بمعنى (في) {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} [قرآن].
12 - حرف جرّ بمعنى (عن).
13 - حرف جرّ يفيد القسم (لله ما يبقى على الأيّام ذو حِيَدٍ).
14 - حرف جرّ يفيد التعجّب (فلله هذا الدهر كيف تردّدا) (*) لله دَرُّك.
15 - حرف جرّ يفيد التعدية (ما أحبَّ هذا العالِم للقراءة- {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا} [قرآن]).
16 - حرف جرّ، ويكون زائدًا لتقوية عامل ضعيف، ويسمَّى لام التقوية {هُدًى وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [قرآن] - {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [قرآن].
17 - حرف جرّ يفيد التبليغ (قلت له: بلَّغْتُه).
19 - حرف جرّ يفيد البيان؛ أي: بيان أنّ ما بعدها في حكم المفعول وأنّ ما قبلها هو الفاعل (ما أحبني لفلان).
20 - حرف نصب يأتي بعد كونٍ منفيّ، يفيد توكيد النفي، ويسمَّى لام الجحود {لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ} [قرآن].
21 - حرف نصب يفيد الصيرورةَ أو العاقبةَ، فيكون ما بعده أمرًا مفاجئًا غير متوقّع بالنسبة لما قبله، ويسمى لام العاقبة ({فَالْتَقَطَهُ ءَالُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [قرآن]: وهي الداخلة على المضارع المنصوب ب أن مضمرة).
22 - حرف نصب يفيد التعليل، وهو الذي يكون ما بعده سببًا لما قبله، ويسمَّى لام التعليل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} [قرآن].
23 - حرف نصب يكون زائدًا بعد فعل الإرادة والأمر {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ} [قرآن].
24 - حرف جزم، يأتي للأمر وللدعاء وللالتماس، ويسمَّى لام الطلب (لتعرني قلبك: - {فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي} [قرآن] - {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} [قرآن]).
25 - حرف غير عامل للابتداء يفيد توكيد مضمون الجملة وتخليص المضارع للحالّ، ومنها اللاّم التي تأتي بعد إنّ، وتسمَّى اللام المزحلقة ({لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً} [قرآن]: دخلت على المبتدأ- {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [قرآن]: دخلت على خبر إنَّ وهو اسم- {وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ} [قرآن]: دخلت على خبر إنَّ وهو فعل مضارع- {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [قرآن]: دخلت على خبر إنَّ وهو شِبه جملة).
26 - حرف زائد غير عامل (ولكنّني من حبِّها لعميد: دخلت على خبر لكن).
27 - حرف غير عامل، وهي لام الجواب ({لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إلاَّ اللهُ لَفَسَدَتَا} [قرآن]: جواب لو- {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ} [قرآن]: جواب لولا- {تَاللهِ لَقَدْ ءَاثَرَكَ اللهُ عَلَيْنَا} [قرآن]: جواب القسم).
28 - حرف غير عامل، يدخل على أداة شرط للإيذان بأنّ الجواب بعدها مبنيّ على قسم قبلها لا على الشرط، ويسمَّى اللاّم الموطِّئة {لَئِنْ أُخْرِجُوا لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ} [قرآن].
29 - حرف غير عامل، وهي اللاّم اللاحقة بأسماء الإشارة للدلالة على البعد أو على توكيده (ذلك الرجل- تلك المرأة).
العربية المعاصرة-أحمد مختار عمر وآخرون-صدر: 1429هـ/2008م
3-المعجم الوسيط (عَبَرَ)
[عَبَرَ] فلانٌ -ُ عَبْرًا: جَرَتْ دَمْعَتُهُ.و- القومُ: ماتوا.
و- النَّهْرَ عَبْرًا، وَعُبُورًا: قطعهُ من شاطِئ إلى شاطئ.
وكذلك الطريقَ: قطعهُ من جانب إِلى جانب.
ويقال: عَبَرَ به الماءَ.
و- الكتابَ عَبْرًا: تدبَّرَهُ في نفْسِهِ ولم يرفع صَوتَه بقراءته.
و- المتاعَ والدارهمَ: نظر كَمْ وزنُها وما هي.
و- الرؤيا عَبْرًا، وعِبَارَةً: فَسَّرَهَا.
وفي التنزيل العزيز: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43].
المعجم الوسيط-مجمع اللغة العربية بالقاهرة-صدر: 1379هـ/1960م
4-شمس العلوم (عَبَرَ يَعْبُرُ)
الكلمة: عَبَرَ يَعْبُرُ. الجذر: عبر. الوزن: فَعَلَ/يَفْعُلُ.[عَبَرَ]: عبارة الرؤيا: تفسيرها، قال الله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}.
واعلم أن الرؤيا على ضربين: كاذبة وصادقة.
فالكاذبة: كحديث النفس، والوسوسة من الشيطان، وغَلَبَةُ المِرَّة على الرائي إن كانت سوداء رأى السواد والظلمة والأهوال والأموات؛ وإن كانت صفراء رأى النار والدم والحمرة والصفرة، وإن كانت بلغمًا رأى البياض والمياه والأنداء، وإن كانت دمًا رأى الرياحين والشراب واللعب واللهو.
وكل رؤيا يقع فيها احتلام يوجب الغسل فهي كاذبة.
والصادقة على ضربين: ضربٌ: عادةُ الرائي في النوم أن يراه في اليقظة فلا عبارة له غير ذلك، وضرب: بخلاف ذلك فعبارته تؤخذ من اللفظ والتشبيه أو المعنى.
فاللفظ كرؤيا رجل اسمه سالم يُعَبَّر بالسلامة، والتشبيه كالبَيْض يُعَبَّر بالنساء، كقوله تعالى: {كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ}.
والمعنى كرؤيا بعض الملوك في موضع تُعَبَّر بظهور سيرته هنالك.
وقد تعبَّر الرؤيا بالنظير والسَّميِّ على التشبيه، وقد تعبَّر بالضد، كالضحك والبكاء يعبَّر أحدهما بالآخر.
وقد تختلف العبارة باختلاف الوقت كرؤيا الرُّخمة فهي في الليل إنسانٌ قذر، وفي النهار مَرَضٌ.
وتختلف العبارة باختلاف هيئات الناس، كما روي عن ابن سيرين أن رجلين رأيا أنهما يؤذنان، فقال لأحدهما: تحجُّ، وقال لأحدهما: تُقطع يَدُك، فقيل له في ذلك فقال: سيما الأول حسنة فتأولت: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِ}، ولم أرض هيئة الثاني فتأولت {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ}.
وعَبَرَ الشَّيْءَ: إذا نظر فيه، يقال: اعبر الكتاب قبل أن تقرأه.
وعَبْرُ النَّهرِ وعُبوره: قَطْعُه.
ورجلٌ عابر سبيل: أي مارُّ طريق، قال الله تعالى: {إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ}.
قال بعضهم: وعبر القومُ: إذا ماتوا، وأنشد:
فإن نَعْبُرْ فإن لنا لُماتٍ *** وإن نَعْبُره فنحن على نُذُورِ
لُماتٍ: أي قد ماتَ غيرنا، وقوله: فنحن على نذور: أي لا عذر لنا منه.
شمس العلوم-نشوان بن سعيد الحميري-توفي: 573هـ/1177م
5-جمهرة اللغة (برع بعر ربع رعب عبر عرب)
بَرَعَ الرجل براعةً إذا تمَّ في جمال أو علم، فهو بارع، والمرأة بارعة، والاسم البَراعة.ويقال: هذا أبرعُ من هذا، أي أتمّ وأحسن، وكل شيء تناهى في جمال ونضارة وغيرها من محاسن الأمور فقد بَرَعَ.
وبَرْوع: اسم من أسماء النساء، الواو زائدة، وهو من البراعة.
ويقول قوم: بِرْوَع، وهو خطأ؛ ليس في كلامهم فِعْوَل إلاّ حرفان: خِرْوَع، وهو كل نبت، وعِتْوَد، وهو وادٍ أو موضع.
والبَعْر والبَعَر: لغتان معروفتان للظِّلف والخُسفّ، والجمع أبعار.
وربما قيل للبعير ثلَطَ وللبقر أيضًا.
ومَبْعَر الشاة وغيرها: ما اجتمع فيه البَعَر من أمعائها.
والبعير: اسم يجمع الذكر والأنثى.
ورووا عن الأصمعي أنه سمع أعرابيًا يقول: صرعَتْني بعير لي، فقلت: ما هي? فقال: ناقة.
وجمع البعير في أدنى العدد أبعِرَة، وأباعِر في الكثير.
قال الشاعر:
«ترى إبِلًا ما لم تحرِّك رؤوسَها*** وهنَّ إذا حُرِّكْنَ غيرُ الأباعرِ»
كأنها إذا فزعتْ اشتدَ سَيرها فكأنها غير الأباعر، أي هن أسرعُ منها.
ويقال بُعران أيضًا.
قال الشاعر:
«وأن أسألَ العبدَ اللَئيمَ بَعـيرَه*** وبُعْرانُ ربّي في البلاد كثيرُ»
وبنو بُعْران: حيّ من العرب.
والبَعّار: لقب رجل معروف.
والبَيْعَر: موضع، زعموا.
ورَبَعَ الرجلُ بالمكان يَرْبَعُ رَبْعًا، إذا أقام به.
ورَبَعْنا في موضع كذا، إذا أقمنا به.
والمَرْبَع: المنزل في الربيع.
ورَبَع فلان الحجرَ وغيره، إذا ازْدَمَلَه بيده.
ورَبَعَ فلان يَرْبَع، إذا أخذ المِرْباع، وهو ربع الغنيمة.
ويقال: ربَع فلان بالجاهلية وخَمَس في الإسلام.
ورَبَعَ وَتَرَه، إذا جعله على أربع قُوىً.
وربَع القومَ، إذا صار رابعَهم.
والربيع: جزء من أجزاء السنة، شتاء وربيع وصيف وخريف.
وللربيع مواضع؛ وربما سُمَي الغيث ربيعًا وربما سُمِّي الكلأ ربيعًا، وربما سمِّي الوقت ربيعًا.
وربما سُمِّي الحظّ من الماء للأرض رُبع يوم أو ربع ليلة: ربيعًا، يقال: لفلان في هذا الماء ربيع.
وربما سُمِّي النهر ربيعًا في بعض اللغات.
ويقال: تربَّعْنا العامَ، بموضع كذا، إذا كنّا به في الربيع.
ورُبِعْنا، إذا أصابنا الربيع، وهو المطر.
وأربعْنا إبلَنا، إذا رعيناها في الربيع.
وأربعَ فلان فهو مُرْبِع، إذا وُلد له في شبابه، وولده ربْعيّونْ.
وأنشد:
«إن بَنيِّ صبْيَة صَيْفـيّونْ*** أفلحَ من كان له رِبْعيّونْ»
وناقة مُرْبِع: تنْتَج في أول الربيع وولدها رُبَع، وجمع الناقة المُرْبِع: مَرابع.
فإذا كان ذلك من عادتها فهي مِرْباع.
ويقولون: ما له هُبَع ولا رُبَع، فالربَع الذي تقدمّ ذِكره، والهُبَع الذي يُنْتَج في الصيفية.
فإذا مشى الهُبَع مع الربَع أبطره الرُّبعُ ذَرْعًا، أي غلبه بقوّته فهبَع بعنُقه كأنه يستعين في مشيه.
ورجل مَربرع ومرتَبع ورَبْع ورَبْعة، إذا كان مُعتدل الخلق وَسَطًا من الرجال.
قال العجّاج:
«رَباعِيًا مُرْتَبِعًا أو شَوْقَبا»
والمرابيع من الخيل: المجتمعة الخُلْق.
وسئلت بنو عَبْس عن أيّ الخيل وجدوا أصبرَ، فقالوا: الكُمْتُ المرابيع.
ورجل مَربوع ومُرْبَع، إذا أخذته حُمَى الرِّبع، وهو أن تأخذه يومًا وترَفهَه يومين.
قال الراجز:
«بئسَ مَقامُ العَزَب المَرْبوع*** حَوأبَة تُنْقِضُ بالضُّلـوع»
وقال الشاعر:
«من المُرْبَعين ومن آزِل*** إذا جنَّه الليلُ كالنّاحطِ»
الآزِل من الأزْل.
وأخذت حُمَى الربع من أوراد الإبل، وهي أن ترد يومًا وترعى يومين وترد في اليوم الرابع، وأصحابها مربِعون.
والمَرْبَع: المنزل في الربيع خاصَةً.
والمِرْبعة: عصا قصيرة يأخذ الرجلان بطرفيها فيُحمل بها العكْم على ظهر الدابة.
قال الراجزْ:
«هاتِ الشِّظاظَيْن وهاتِ المرْبَعَهْ*** وهاتِ وَسْقَ الناقةِ الجَلَنْفَعَـهْ»
الجَلَنْفعه: الجافية الغليظة.
والوَسْق: وزن خمسمائة رطل.
وبنو فلان على رِباعتهم، أي على مواضعهم في الجاهلية.
وما في بني فلان أحد يُغني رِباعته ورَباعته إلا فلان، أي قومه.
قال الشاعر:
«ما في مَعَدّ فتًى يغْني رِباعتَه*** إذا يَهُم بأمرٍ صالحٍ فَـعَـلا»
ويُروى: إذا المنون أمِرت فوقه حَمَلا.
والرَّباعي من الدوابّ في الحافر والظِّلف والخُفّ، وهو الذي سقطت رَباعِيَتاه.
والذكر رَبَاع، والأنثى رباعِيَة، مخفَّف، وأَنشد:
«رباعيًا مُرْتبعًا أو شوقبا»
ورَباعِيَة الإنسان: معروفة، وله أربع رَباعيات بعد الثنايا من فوقُ وأسفلُ.
والأربِعاء: معروف، بكسر الباء؛ وزعم قوم أنهم سمعوا الأربَعاء بفتح الباء.
وأخبرنا أبو عثمان عن التَّوّزيّ عن أبي عُبيدة الأربُعاء، وزعم أنها فصيحة.
والأربَعاء، بفتح الباء: موضع.
وأربعة: ضرب من العدد.
ورُبْع المال: جزء من أربعة.
وقد قيل: رَبيع المال أيضًا.
قال الشاعر:
«ومِثل سَراةِ قومك لن يجارُوا*** إلى رُبْع الرِّهان ولا الثَّمين»
ولم تجاوز العرب في هذا المعنى الثمينَ؛ هكذا يقول بعض أهل اللغة.
وقال بعضهم: بل قد قيل التَّسيع والعشير، كما قيل الثمين.
والكلام الأول أعلى.
والربيعة: الصخرة العظيمة.
وتُسمى بيضة الحديد: ربيعة أيضًا لاجتماعها.
وربيعة: سم، زعم قوم أن اشتقاقه من الصخرة العظيمة.
وقد سمت العرب رَبيعة ورَبيعًا ورُبَيْعًا، وهو أبو بطن منهم، ومِربَعًا.
والرَّبائع: بطون من بني تميم.
وربيعة بن مالك أخو حَنْظَلَة بن مالك وهم ربيعة الجُوع، وربيعة بن حنظلة الذين منهم أبو بلال مِرداس وأبن حَبْناء الشاعر، وربيعة بن مالك بن حنظلة رهط الحَنْتَف بن السِّجف التميمي.
والربعَة: المسافة بين أثافي القِدر التي يجتمع فيها الجَمْر.
وذكروا عن الخليل أنه قال: كان معنا أعرابي على الخِوان فقلنا: ما الرَّبَعَة? فأدخل يده تحت الخوان فقال: بين هذه القوائم ربَعَة.
ويقال: ارتبع البعير ارتباعًا ورَبَعة، وهو أشدّ العَدْو.
قال الشاعر:
«وآعْرَوْرَتِ العُلطَ العرْضِيَّ تَرْكضُهُ*** أم الفوارس بالدّئداء والـربَـعَـهْ»
والرّبْعة: حيّ من الأزد.
والرَّبْعة: طَبْلة يجعل فيها الطِّيب ونحوه.
والروْبَع: الرجل الضعيف.
قال الراجز:
«ومن هَمَزْنا عزه تَبَرْكَعـا*** على آسته رَوْبَعَةً أو رَوْبعا»
والرَّبْع: ما يُنخل من الحوّارى.
والرُّعْب: الفَزع.
رُعِب الرجل يُرْعَب رُعْبًا فهو مَرعوب.
ورعَبْتُه أنا أرعَبه، فأنا راعب له.
والرَّعَب: رقْية من السِّحْر، وهو شيء تفعله العرب، كلام تسجع فيه يَرْعَبون به السّحر، وفاعل ذلك راعب ورعّاب؛ يقال: رَعبَ الرّاقي يَرْعَب رَعْبًا، إذا فعل ذلك.
فأما قولهم: رَعَبَ الوادي بجَنْبَتيه، إذا امتلأ ماءً، فقد قالوا: زَغَبَ، بالزاي والراء، والزاي أكثر.
والتَّرعيب: شطائب السَّنام، إذا قُطعت مستطيلة.
والتَّرْعاب: مصدر رعّبته ترعيبًا وتَرْعابًا.
وأحسِب أن الرَّعْباء موضع.
والعبر: شاطىء النّهر، وهما عِبران.
وناقة عبْر سَفر، إذا كانت قوية عليه.
وقد قالوا: عَبْر؛ وأبى الأصمعي إلا الضَّمَ.
وعَبَرْتُ النهر أعبُره عَبْرًا، وكذلك عَبَرْت الرُّؤيا أعبرها وعَبّرتها تعبيرًا، والاسم العبارة.
وفي التنزيل: {للرُّؤيا تَعْبُرون}.
ورجل حسَن العِبارة، إذا كان حسنَ الأداء لما يُسمع.
ومجلس عَبْر: كثير الأهل.
والعَبْرة: تردُد البكاء في الصدر.
وربُما قيل لتردُّد الدمع في العين: عَبْرة.
وامرأة عابر، إذا تهيأت للبكاء، ومنه قيل للرجل: أمُّك عابِر، في معنى ثاكل.
وقد قالوا: عَبْرى، كما قالوا ثَكْلى.
والشِّعْرى: العبور.
قال قوم: سمِّيت بذلك لأنها عبرت المَجَرَّة.
فأما حديث الأعراب فإنهم يزعمون أن الشِّعرى العَبور والغُمَيصاء أختا سهيل.
والعبور تراه إذا طلع فهي مستعبِرة، والغُميصاء لا تراه فقد غَمِصَت من البكاء.
والعَبُور في بعض اللغات: الجَذَعة من الغنم أو أصغر منها.
والعِبْرة: ما اعتبرت به من الآيات.
يقال: لك في هذا الأمر عِبْرة ومعتبَر.
وفي بعض كلامهم: " إن لم تُناجِكَ إخبارًا ناجتك اعتبارًا ".
وبنو عبره: قبيلة من العرب.
وعابر بن أرْفخْشَد بن سام بن نوح، إليه اجتماع نسبة العرب وبني إِسرائيل ومن شاركهم في نسبهم، والله أعلم.
والعبير: ضرب من الطِّيب، واختلف فيه أهل اللغة، فقال قوم: هو الزَّعْفَران بعينه، وقال آخرون: بل هو أنواع من الطِّيب تُخلط.
والعُبْريّ: السِّدر الذي ينبت على شاطىء الأنهار، والضّال: ما نبت في السفوح وغيرها.
والعبرانية: لغة معدولة عن السُّريانية.
وكَبْش مُعْبَر، إذا لم يُجَز صوفُه ليُستفحل.
وغلام مُعْبَر: لم يُخْتن.
قال الراجز:
«فهو يُلوّي باللِّحاء الأقْشَرِ*** تَلْوِيةَ الخاتنِ زُبَّ المُعْبَرِ»
والعَرب: ضد العَجم، وكذلك العُرْب والعُجْم، كما قالوا عَرَب وعَجم.
وسُمِّي يَعْرب بن قَحطان لأنه أول من انعدل لسانه عن السريانية إلى العربية.
وقال بعض النسّابين إن هُود ابن عابر بن قَحطان مِن ولده، وهو أبو قحطان كما يقول بعض النُّسّاب.
فأما من نسب قحطان إلى إسمعيل فإنه يقول: قحطان بن الهَمَيْسَع بن التَّيْمَن بن قَيْنان بن نابت بن إسمعيل صلوات الله عليه.
وعَرِيب: اسم، وهو عريب بن زيد بن كَهْلان.
ويقال: ما بالدار عَريب، أي ما بها أحد.
والعرب العاربة: سبع قبائل: عاد وثمود وعِمليق وطَسْم وجَديس وأميم وجاسِم، وقد انقرضوا كلُّهم إلاّ بقايا متفرِّقين في القبائْل.
وقال صلَّى اللهّ عليه وسلَّم لما انتهى إلى مَعَدّ بن عدنان: "كَذَب النسّابون ".
قال الله وتعالى: {وقرونًا بينَ ذلك كثيرًا}.
والعِرْب: يبيس البُهْمَى.
وأعرب الرجلُ بحُجّته، إذا أفصح عنها.
وفي الحديث: (الثيِّب تعرب عن نفسها).
وعَرِبَت المعدة، إذا فسَدت.
وإعراب الكلام: إيضاح فصيحه.
ورجل مُعْرِب، إذا كان فصيحًا.
ورجل معْرِب: له خيل عراب.
قال الشاعر:
«ويَصْهلُ في مثل جوف الطَّوِي*** صهيلًا يُبيِّنُ لـلـمـعْـرِبِ»
يقول: إذا سمع صهيله رجل له خيل عِراب عرف أنه عربي.
وتسمِّي حمْيرُ اللغة: العربية، فيقولون: هذه عربيتنا، أي لغتنا.
ويقال: عربت على الرجل، إذا رددت عليه قوله.
وفي الحديث: (إذا سمعتم الرجلَ يعيب أعراض الناس فعربوا عليه قولَه)، أي ردَّوا عليه قولَه.
والعَرَبَة: النهر الشديد الجري.
ومنه اشتقاق عَرابة، اسم، وهو عَرابة الأوسي الذي مدحه الشمّاخ بن ضِرار فقال فيه:
«إذا ما راية رُفعتْ لمجدٍ*** تلَقّاها عَرابةُ باليمـينِ»
والعُرْبان والعُرْبون: الذي تسمّيه العامة الرّبون.
ويوم عَروبة: يوم الجمعة؛ معرفة لا تدخلها الألف واللام في اللغة الفصيحة.
قال الشاعر:
«وإذا رأى الروّاد ظل بأسْقف*** يومًا كيوم عروبةَ المتطاول»
وقد جاء في الشعر الفصيح بالألف واللام أيضًا.
قال الشاعر:
«يُوائمُ رَهْطًا للعَروبة صيما»
يوائم: يفعل كما يفعلون، وصيم: قُيّام.
وقال آخر:
«نفسي الفداءُ لأقوام همُ خَلطوا*** يومَ العَروبة أورادًا بـأورادِ»
وعَربْتُ الفرسَ تعريبًا، إذا بَزَغْتَه.
وإعراب الكلام: إيضاح فصيحه.
وقد جُمع الإعراب أعاريب في الشعر الفصيح.
والعَروب من النساء: المُحبة لزوجها، المُظهرة له ذلك.
وكذلك فسَّره أبو عُبيدة في التنزيل، واللّه أعلم، في قوله عزَّ وجل: {عُرُبًا أترابًا}.
جمهرة اللغة-أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي-توفي: 321هـ/933م
6-العباب الزاخر (ردف)
ردفالردف -بالكسر-: المرتدف؛ وهو الذي يركب خلف الراكب. وكل ما تبع شيئًا فهو ردفه.
وقال الليث: الردف: كوكب قريب من النسر الواقع.
والردف -أيضًا-: الكفل.
وأرداف النجوم: تواليها، قال ذو الرمة:
«وَرَدْتُ وأرْدافُ النُّجُوْمِ كأنَّهـا *** قَنَادِيْلُ فيِهنَّ المَصَابِيْحُ تَزْهَرُ»
ويروى: "وأرداف الثريا"، ويقال للجوزاء: ردف الثريا.
وأرداف النجوم: أواخرها، وهي نجوم تطلع بعد نجوم.
والدف في الشعر: حرف ساكن من حروف المد واللين يقع قبل حرف الروي ليس بينهما شيء، فإن كان ألفًا لم يجز معها غيرها؛ كقول جرير:
«أقِلِّي اللَّوْمَ عاذِلَ والعِـتـابـا *** وقُوْلي إنْ أصبت: لقد أصابا»
وإن كان واوًا جاز معها الياء؛ كقول علقمة بن عبدة:
«طحَا بِكَ قَلْبٌ في الحِسَانِ طَرُوْبُ *** بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حانَ مَشِيْبُ»
ويقال: هذا أمر ليس له ردف وردف -بالتحريك-: أي لبست له تبعة.
والردفان: الليل والنهار.
وردف الملك: الذي يجلس عن يمينه، فإذا شرب الملك شرب الردف قبل الناس، وإذا غزا الملك قعد الردف في موضعه وكان خليفته على الناس حتى ينصرف، وغذا عادت كتيبة الملك أخذ الردف المرباع.
والردفان في قول لبيد -رضي الله عنه- يصف السفينة:
«فالْتاَمَ طائقُها القَديُم فأصْبَحَتْ *** ما إنْ يُقَوِّمُ دَرْئها رِدْفـانِ»
ملاحان يكونان على مؤخر السفينة، والطائق: ما يخرج من الجبل كالأنف، وأراد -هاهنا- كوثل السفينة.
وأما قول جرير:
«منهم عُتَيْبَةُ والمُحِلُّ وقَعْنَبٌ *** والحَنْتَفَانِ ومنهم الرِّدْفانِ»
فأحد الردفين مالك بن نويرة؛ والردف الآخر من بني رياح بن يربوع.
وقال أبو عبيدة: الردفان: قيس وعوف أبنا عتاب بن هرمي.
والردف -أيضًا-: جبل.
والردوف: جبال بين هجر واليمامة.
والرديف: المرتدف؛ كالردف.
والرديف -أيضًا-: نجم قريب من النسر الواقع؛ كالردف.
والرديف: النجم الذي ينوء من المشرق إذا غاب رقيبه في المغرب.
وقال أبو حاتم: الرديف: الذي يجىء بقدحه بعد فوز أحد الأيسار أو الاثنين منهم فيسألهم أن يدخلوا قدحه في قداحهم.
وقال الليث في قول رؤبة:
«وراكِب المِقْدارِ والرَّدِيْفُ *** أفْنى خُلُوْفًا قَبْلَها خُلُوْفُ»
الرديف في قول أصحاب النجوم: النجم الناظر إلى النجم الطالع، فراكب المقدار هو الطالع؛ والرديف هو الناظر إليه.
وقال ابن عباد: بهم ردفى: أي ولدت في الخريف والصيف في آخر ولاد الغنم.
والرداف -بالكسر-: الموضع الذي يركبه الرديف.
والردافة: فعل ردف الملك؛ كالخلافة، وكانت الردافة في الجاهلية لبني يربوع؛ لأنه لم يكن في العرب أحد أكثر غارة على ملوك الحيرة من بني يربوع، فصالحوهم على أن جعلوا لهم الردافة ويكفوا عن أهل العراق.
وردفة -بالكسر-: أي تبعه؛ يقال: نزل بهم أمر فردف لهم آخر أعظم منه.
وقوله تعالى: (قُلْ عَسى أنْ يكونَ رَدِفَ لكم) قال أبنُ عرفة: أي دنا لكم، وقال غيره: جاء بعدكم، وقيل: معناه ردفكم وهو الأكثر، وقال الفراء: دخلت اللام لأنه بمعنى [دنا] لكم، واللام صلة كقوله تعالى: (إن كُنْتُم للرُّؤْيا تعبرون)، وقرأ الأعرج: (رَدَفَ لَكُم) بفتح الدال.
والرادفة في قوله تعالى: (تَتْبَعُها الرّادِفَةُ): النفخة الثانية.
والروادف: طرائق الشحم، الواحدة: رادفة. وفي الحديث: تدعونه انتم الروادف، وقد ذكر الحديث بتمامه في تركيب ن ج د.
والردافى -مثال كسالى-: الحداة والأعوان، لأنه إذا أعيا أحدهم خلفه الآخر، قال بيد- رضي الله عنه-:
«عُذَافِرَةٍ تُقَمِّصُ بالرُّدَافـى *** تَخَوَّفَها نُزُولي وارْتِحالي»
والردافى: جمع رديف -كالفرادى في جمع فريد-، وقيل الردافى: الرديف، وبكليهما فسر قول الراعي:
«لَعَـمـرِي لـقـد أَرْحَـلْـتُـهـا مـن مَـطِـــيَّةٍ *** طَوِيْلِ الـحِـبَـالِ بـالـغَـبِـيْطِ الـمُــشَـــيَّدِ»
«وخُـوْدٍ مـن الـلاّئي يُسَـمَّـعْـنَ بـالـضُّـحــى *** قَرِيْضَ الـرُّدَافـى بـالـغِـنـاءِ الـمُـهَـــوِّدِ»
«والردافى في قول الفرزدق يهجو جريرًا وبني كليب: »
«ولكِنَّهم يُكْهِدُوْنَ الحَمِيْرَ *** رُدَافـى عـلـى الـعَـجْــبِ والـــقَـــرْدَدِ»
جمع رديف لا غير، ويكهدون: يتبعون.
وأردفته معه: أي أركبته معه.
وأردفه أمر: لغة في ردفه، مثال تبعه وأتبعه.
وقوله تعالى: (من المَلائكَةِ مُرْدِفِين) قال الفراء: أي متتابعين، وقرأ أبو جعفر ونافع ويعقوب وسهل: مردفين -بفتح الدال-: أي سود بن اسلم بن الحافي بن قضاعة:
«إذا الجَوْزاءُ أرْدَفَتِ الـثُّـرَيّا *** ظَنَنْتُ بآلِ فاطِمَةَ الظُّنُونـا»
«ظَنَنْتُ بها وظَنُّ المَرْءِ حُـوْبٌ *** وإنْ أوْفى وإنْ سَكَنَ الحَجُوْنا»
«وحالَتْ دُوْنَ ذلكَ من هُمومي *** هُمُوْمٌ تُخْرِجُ الدّاءَ الدَّفِـيْنـا»
يعني: فاطمة بنت يذكر بن عنزة أحد القارظين.
وقال الخليل: سمعت رجلًا بمكة يزعون أنه من القراء وهو يقرأ: مردفين -بضم الميم والراء وكسر الدال وتشديدها-، وعنه في هذا الوجه كسر الراء، فالأولى أصلها مرتدفين؛ لكن بعد الإدغام حركت الراء بحركة الميم، وفي الثانية حرك الراء الساكنة بالكسر، وعنه في هذا الوجه عن غيره فتح الراء كأنه حركة ألقيت عليها. وعن الجدري بسكون الراء وتشديد الدال جمعًا بين الساكنين.
وأردفت النجوم: إذا توالت.
ومرادفة الملوك: مفاعلة من الردافة، قال جرير:
«رَبَعْنَا ورادَفْنا المُلُوكَ فَظَلِّـلُـوا *** وشطابَ الأحالِيْلِ الثُّمَامَ المُنَزَّعا»
ومرادفة الجراد: ركوب الذكر الأنثى والثالث عليهما.
ويقال: هذه دابة لا ترادف: أي لا تحمل رديفًا، وجوز الليث: لا تردف، وقال الأزهري: لا تردف مولد من كلام أهل الحضر.
وارتدفه: أي ردفه.
وقال الكسائي: الأرتداف: الاستدبار، يقال: أتينا فلانًا فارتدفناه: أي أخذناه من ورائه أخذًا.
واستردفه: أي سأله أن يردفه.
وترادفا وترافدا: أي تعاونا، قال الليث: الترادف كناية عن فعل قبيح.
وقال غيره: في القوافي المترادف: وهو اجتماع ساكنين فيها.
والترادف: التتابع.
والأسماء المترادفه: أن تكون أسماء لشيء واحدٍ، وهي مولدة ومشتقة من تراكب الأشياء.
والتركيب يدل على أتباع الشيء الشيء.
العباب الزاخر واللباب الفاخر-رضي الدين الحسن بن محمد بن الحسن بن حيدر العدوي العمري القرشي الصغاني الحنفي-توفي: 650هـ/1252م
7-المعجم الاشتقاقي المؤصل (عبر)
(عبر): {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2]عبرَ النهرَ والطريق (نصر وقعد): قطعه من هذا العِبْر إلى هذا العِبْر (العِبْر -بالكسر: الجانب أو الناحية). العُبْر -بالضم: السحائب التي تسير سيرًا شديدًا. (أقول كأنها مخففة من عُبُر جمعًا بضمتين). وعَبَرت عينُه واستعبرت: دَمَعت. واستعبَر: تحلَّب دمعُه. وعَبْرة الدمع: جَرْيه. العَبير: أخلاطٌ من طِيبٍ تُجْمع بالزعفران، وقيل هو الزعفران.
° المعنى المحوري
انتقال أو انتشار من حَيِّز إلى آخر (مقابله) بقوة ولطف. كالانتقال من جانب النهر أو الطَّرِيقِ إلى جانبه المقابل، وكانتقال السحائب، والدمع، كالريح الطيب. والقوة فيها هي النفاذ من جانب إلى جانب، وسرعة السحائب، والنفاذ رغم عدم المنفذ الواضح للدمع والريح الطيبة. واللطف الخفة في الانتقال فيهن. {وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43].
ومن معنوى ذلك عَبَر الرؤيا: (فسرها فنقلها من عالم الرمز إلى عالم الواقع) {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] وكذلك "عَبَر الكِتَاب: تدبَّره في نفسه، (استخرج واستخلص الفِكْر الذي فيه ونقله إلى قلبه). ومنه "الاعتبارُ بالأحداث والمواعظ: فِقْهُها والاستفادة بها في نظائرها {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] - والعِبْرة -بالكسر: كالموعظة مما يتعظ به الإنسان ويعمل به ويعتبر ليستدل به على غيره [ل]: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}
[النحل: 66] ومثله سائر كلمة (عبرة) في القرآن الكريم. ومنه: "عَبَر المتاع والدراهم: نظر: كَم وزنُها وما هي " (للانتقال من حالها غير المحدَّد إلى حقيقة وزنها أو حجمها أو قيمتها استخلاصًا من حالها). ثم استُعمل التركيب في الانتقال الزمني "العَبور: الجذعة من الغنم أو أصغر " (لعبوره السنة). "المُعْبَر - كمُكرَم: التيس الذي تُرِك عليه شعره سنوات فلم يُجَزّ، وجمل مُعْبَر: كثير الوَبَر، والعُبْر من الناس -بالضم: القُلْف واحدهم عَبُور: كاد يحتلم ولم يُخْتَنْ بعد. والمُعْبَرة: العفلاء ". (كل هذا من العبور الزمني أي ترك الشيء على حاله من مرحلة زمنية إلى أخرى).
المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م
8-معجم النحو (اللام الجارة)
الّلام الجارّة: وتجرّ الظاهر والمضمر، وهي مكسورة مع كلّ ظاهر، إلّا مع المستغاث المباشر ل «يا» نحو «يا لله»، وأمّا مع المضمر فتفتح أيضا إذا كان للمخاطب أو للغائب وإذا كان مع ياء المتكلم فتكسر للمناسبة.ولهذه الّلام نحو من ثلاثين معنى وهاك بعضها:
(1) الملك، نحو {لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}.
(2) شبه الملك، ويعبّر عنه بالاختصاص نحو «السّرج للفرس».
«ما أحبّ محمّدا لبكر».
(4) التعليل نحو:
«وإنّي لتعروني لذكراك هزّة***كما انتفض العصفور بلّله القطر»
(5) الزّائدة، وهي لمجرّد التّوكيد كقول ابن ميّادة:
«وملكت ما بين العراق ويثرب ***ملكا أجار لمسلم ومعاهد»
(6) تقوية العامل الذي ضعف، إمّا بكونه فرعا في العمل نحو {مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ}، {فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} وإمّا بتأخّر العامل عن المعمول نحو {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}.
(7) لانتهاء الغاية نحو {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}.
(8) القسم نحو «لله لا يؤخّر الأجل» أي تالله.
(9) التّعجّب نحو «لله درّك» و «لله أنت».
(10) الصيرورة، وتسمى لام العاقبة نحو:
«لدوا للموت وابنوا للخراب ***فكلّكم يصير إلى الذّهاب “
(11) البعديّة، نحو {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي بعده.
(12) الاستعلاء نحو {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ} أي عليها.
معجم النحو-عبدالغني الدقر-صدر: 1395هـ/1975م
9-المعجم المفصل في النحو العربي (التقوية)
التّقويةلغة: مصدر قوّى الشيء؛ جعله قويّا.
واصطلاحا: هي النّظرية التي ترى تقوية الفعل بوجود المفعول معه وواو المعيّة أو تقويته بواسطة الاستثناء كما يتقوّى الفعل اللّازم بتعديته بالهمزة، مثل:
«فكونوا أنتم وبني أبيكم ***مكان الكليتين من الطّحال»
«واو» المعية المقرونة بـ «بني» تقوى المعنى.
«بني»: مفعول معه منصوب بالياء لأنه ملحق بجمع المذكّر السّالم، وكقول الشاعر:
«ما المجد إلّا زخرف أقوال تطالعه ***لا يدرك المجد إلّا كلّ فعّال»
«إلّا»: أداة الاستثناء هي التي تقوي معنى
الفعل «يدرك» ومثل تعدية الفعل بالهمزة كقوله تعالى: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} تعدّى الفعل «رأى» بالهمزة فهو «أرى» وعدّي إلى مفعولين الأوّل هو «ياء» المتكلم والثاني الجملة الفعليّة: «أعصر خمرا».
واصطلاحا أيضا: التّقوية هي من معاني حرف الجرّ «اللّام» كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} عملت «اللّام» على تقوية العامل «فعّال» الذي هو فرع في العمل وكقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} قوّت «اللّام» العامل المتأخّر عن معموله والأصل: تعبرون الرّؤيا.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
10-المعجم المفصل في النحو العربي (الفعل المتعدي)
الفعل المتعدّياصطلاحا: هو الذي يتعدّى أثره فاعله فينصب مفعولا به واحدا بنفسه، كقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ} أو ينصب مفعولين كقوله تعالى: {وَما أَظُنُّ السَّاعَةَ قائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْها مُنْقَلَبًا} أو ثلاثة مفاعيل، كقوله تعالى: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ}.
علاماته: للمتعدّي علامات تميزه عن اللازم أهمها:
1 ـ قبوله «الهاء» التي تعود إلى المفعول به و «الكاف» أيضا، كقوله تعالى: {وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها}. وقد تلحق «الهاء» الفعل فلا تكون مفعولا به بل مفعولا مطلقا، كقوله تعالى: {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعالَمِينَ} «فالهاء» في «أعذبه» الأولى في محل نصب مفعول به وهي في «أعذبه» الثانية مفعولا مطلقا.
وقد تكون «الهاء» مفعولا فيه، مثل: «المسافة قطعتها» و «الهاء» في قطعتها: مفعول فيه وفي «مشيته» من القول: «الميل مشيته» مفعولا فيه. ولا تقع «الهاء» مفعولا فيه إلا مع الفعل اللّازم.
أنواعه: قد يكون الفعل متعديا:
1 ـ بنفسه، مثل قوله تعالى: {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ} «يبشّرهم»: فعل متعدّ.
2 ـ بواسطة حرف الجر، كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}.
3 ـ ويكون الفعل لازما مرّة مثل قوله تعالى: {أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ} الفعل «أنصح» متعد بواسطة حرف الجر. وقد يكون متعديا فتقول: «نصحتكم ألا تتهاونوا» وقد يختلف معنى الفعل باختلاف حرف الجر الذي تعدّى بواسطته، مثل: رغبت في الدرس أي: أحببته «ورغبت عن الدرس» أي: كرهته.
و «رغبت إليه» أي: ملت إليه وطلبت منه.
أقسامه: والمتعدّي يقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: ما يتعدّى إلى مفعول واحد، كقوله تعالى: {وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ}.
الثاني: ما يتعدّى إلى مفعولين ليس أصلهما مبتدأ وخبر، مثل: «أعطى»، «كسا»، «منح»، «رزق»، «ألبس»، «علّم»، أطعم، زوّد، وهب، كقوله تعالى: {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظامًا فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقًا}.
الثالث: ما يتعدّى إلى مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر، كأفعال التّصيير أو التحويل التي تفيد انتقال الشيء من حالة إلى أخرى، مثل: «صيّر»، «ردّ»، «ترك»، «تخذ»، «اتخذ»، كقوله تعالى: {ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} أي: اتخذتم العجل إلها. وكقوله تعالى: {ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً} وكأفعال القلوب التي تفيد معاني قائمة بالقلب أو بالعقل، وهي التي تدخل على المبتدأ والخبر فتنصبهما مفعولين، وتدل إمّا على اليقين مثل: «رأى»، «علم»، «درى»، «تعلّم»، أو على الرّجحان مثل: «خال»، «حسب»، «ظنّ»، «زعم». كقوله تعالى: {يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً} وكقوله تعالى: {أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ} أي: تزعمونهم شركاءكم.
الرّابع: ما يتعدّى إلى ثلاثة مفاعيل: الأول أصله فاعل، والثاني والثالث أصلهما مبتدأ وخبر وهي: «أرى»، «أعلم»، «حدّث»، «خبّر»، «أخبر»، «نبّأ»، «أنبأ».. كقوله تعالى: {يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ} فالمفعول الأول ضمير الغائبين «هم» المتصل بالفعل يريهم وهذا المفعول أصله فاعل والتقدير «هم يرون» والثاني «أعمالهم» والثالث «حسرات». والثاني والثالث أصلهما مبتدأ وخبر والتقدير: أعمالهم حسرات عليهم.
تحويل المتعدي إلى لازم: يصير الفعل المتعدّي لمفعول واحد لازما، أو بحكم اللّازم أي: بحسب المظهر الشّكلي اللّفظي، في حالات متعدّدة أهمّها:
1 ـ إذا بني للمطاوعة في مثل: «مزّقت الورقة» فتصير: «تمزّقت الورقة» وفي مثل: «كسر الولد الزجاج»: «انكسر الزجاج» و «دحرج الولد الكرة»: «تدحرجت الكرة».
2 ـ إذا كان متضمنا معنى اللازم، كقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} فالفعل «يخالفون» هو في الأصل متعد لكنّه تضمن معنى الفعل اللازم «يخرجون» أي: يخرجون عن أمره وكقوله تعالى: {وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ} فالفعل «تعد» بمعنى «تتجاوز»: متعد، وعدّي بواسطة حرف الجر لتضمنه معنى «تنصرف». أي: لا تنصرف عيناك عنهم فالأفعال هذه هي في حكم اللّازمة وليست لازمة حقيقة.
3 ـ تحويل الفعل إلى صيغة «فعل» بقصد المبالغة أو التّعجب، مثل: «فهم العبقريّ» دلالة على سبقه في الفهم، ومثل: «منع الشرطيّ وحبس» دلالة على ذمّه في منع المعونة وحبسها.
4 ـ تأخير الفعل الثلاثي المتعدّي فيضعف ولا يتعدّى إلى مفعول به، كقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} وكقوله تعالى: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}.
5 ـ العامل الوصف الذي أصابه الضعف لأنه من المشتقات، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} وكقوله تعالى: {مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ} فاسم الفاعل «مصدّقا» تعدّى بواسطة حرف الجر الذي يفيد التقوية ومساعدة العامل للوصول إلى المفعول، ومثل ذلك ينطبق على صيغة المبالغة «فعّال» تعدّت بواسطة حرف الجر.
وقد يصير المتعدّي لازما في ضرورة الشعر، مثل:
«تبلّت فؤادك في المنام خريدة***تسقي الضّجيع ببارد بسّام»
فالفعل «تسقي» يتعدّى في الأصل إلى مفعولين وهو هنا تعدّى إلى المفعول الثّاني بواسطة حرف الجر للضرورة الشعريّة.
ملاحظة: عند تحوّل الفعل المتعدّي إلى لازم بصيغة «فعل» ليكون للمدح أو للذم ينشأ اختلاف بين هذا الفعل المتعدّي «فعل» وبين الفعل «نعم» و «بئس» الخاصين بالمدح والذم وذلك في أمرين يتعلقان في المعنى وأمرين آخرين في الفاعل الظّاهر. أما الأمران المتعلقان في المعنى فيظهران: في إشراب المتعدّي التّعجب مع عدم الاقتصار على المدح الخالص أو الذّم الخالص، وفي أنه للمدح الخاص بمعنى الفعل، أو الذم الخاص بمعنى الفعل. والأمران اللذان يتعلقان في الفاعل الظاهر هما: جواز خلوّه من «أل» كقوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقًا} وجواز جرّه بالباء الزائدة، مثل: «ما أحبّ زيارة المخلص»، فتقول: «حب بزيارة المخلص». «زيارة»: فاعل مرفوع بالضّمة المقدّرة على الآخر منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد «الباء».
تسميات أخرى: للمتعدّي أسماء أخرى في الاصطلاح هي: المتعدّي. المتعدّي بنفسه الواقع المجاوز. الفعل المؤثّر. غير اللّازم. الملاقي. الواصل.
ملاحظة: سمّي الفعل المتعدّي بهذا الاسم برأي البصريين. وسمي مفعول الفعل المتعدي بنفسه: المفعول الصريح.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
11-المعجم المفصل في النحو العربي (لام التقوية)
لام التّقويةاصطلاحا: هي التي يؤتى بها لتقوية عامل متأخر عن معموله، كقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} أي: تعبرون الرّؤيا. وكقوله تعالى: {وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} والتقدير: يرهبون ربّهم، أو لتقوية عامل مشتقّ من الفعل، كقوله تعالى: {فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ} أي: فعال ما يريد، وكقوله تعالى: {وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ} أي: مصدّقا ما معكم.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
12-المعجم المفصل في النحو العربي (معاني الحروف)
معاني الحروفاصطلاحا: دلالات حروف المعاني. كالقسم بواسطة حرف الجر «الباء»، مثل: «بالله قل حقا ولو على نفسك». والتّعجب المستفاد من اللّام في مثل: «لله درّك» أو الصّيرورة المكتسبة من معنى اللّام، كقول الشاعر:
«لدوا للموت وابنوا للخراب ***فكلّكم يصير إلى تباب»
وأهم هذه المعاني:
1 ـ الإباحة، مثل: «جالس العلماء أو الفقهاء».
2 ـ ابتداء الغاية، كقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}.
3 ـ الإبهام، كقوله تعالى: {كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}.
4 ـ الإثبات، مثل: «ما فاز زيد بل عمرو» «بل» تنفي الفوز عمّا قبلها وتثبته لما بعدها.
5 ـ الاستثناء، مثل قول الشاعر:
«وما لي إلا آل أحمد شيعة***وما لي إلّا مذهب الحق مذهب»
6 ـ الاستدراك، مثل: «ما جاء سعيد لكن سمير» «لكن» حرف استدراك فلم تقترن بالواو، ومعطوفها مفرد، ومسبوقة بنفي. فتعيّنت لهذا المعنى.
7 ـ الاستعانة، مثل: «كتبت بالقلم».
8 ـ الاستعلاء: كقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ}.
9 ـ الاستغاثة، كقول الشاعر:
«يبكيك ناء بعيد الدّار مغترب ***يا للكهول وللشبّان للعجب»
10 ـ الاستفهام. كقول الشاعر:
«الحقّ إن دار الرّباب تباعدت ***أو انبتّ حبل أنّ قلبك طائر»
11 ـ الاستقبال كقوله تعالى: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى}.
12 ـ الإضراب، مثل: «كافىء سميرا بل خالدا» «بل» حرف إضراب لأنه وقع في سياق الإثبات وبعد الأمر، فنقل الحكم من ما قبله إلى ما بعده حتى صار المتقدّم كالمسكوت عنه.
13 ـ الإلصاق، مثل: «أمسكت بيد الأعمى».
14 ـ انتهاء الغاية، كقوله تعالى: {سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} «إلى» تفيد انتهاء الغاية المكانيّة.
15 ـ بيان الجنس، كقوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ} «من»: تبيّن جنس الأساور.
16 ـ التّبعيض، كقوله تعالى: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} أي: بعض ما تحبّون.
17 ـ التّبليغ. كقوله تعالى: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} وكقوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}.
18 ـ التّبيين، كقوله تعالى: {كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}.
19 ـ التّحضيض، مثل: «هلّا تقومون بواجباتكم المدرسيّة».
20 ـ التّحقيق، كقوله تعالى: {قالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ}.
21 ـ التّخيير، مثل: «سافر أو أقم».
22 ـ التّرتيب والتّراخي، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ}.
23 ـ التّرتيب والتّعقيب، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَها} «الفاء»: تفيد الترتيب والتعقيب.
24 ـ التّرجي، كقوله تعالى: {فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
25 ـ التّشبيه، كقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفارًا}.
26 ـ التّعجّب، مثل: «يا لصفاء السّماء».
27 ـ التّعدية، كقوله تعالى: {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ}.
28 ـ التّعليل، كقوله تعالى: {إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ} «اللام» في الفعل «لتنذر» تفيد التعليل.
29 ـ التّفسير، كقوله تعالى: {فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} «اصنع الفلك» تفسير للوحي.
30 ـ التّفصيل، كقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} «أمّا» تفيد التفصيل.
31 ـ التّقسيم، مثل: «الكلمة ثلاثة أنواع: اسم أو فعل أو حرف».
32 ـ التّقليل، كقول الشاعر:
«يا ربّ مولود وليس له أب ***وذي ولد لم يلده أبوان “
المولود الذي ليس له أب هو عيسى عليه السّلام. «ربّ» في هذا المعنى أفادت التقليل.
«وذي ولد لم يلده أبوان»: المقصود به آدم عليه السّلام في رأي البعض وفي رأي البعض الآخر مقصود به البيضة التي يخرج منها الصّوص والرأي الأول أصوب.
33 ـ التّقوية، كقوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ}.
34 ـ التّكثير، كقوله عليه السّلام: «يا ربّ كاسية في الدّنيا عارية يوم القيامة».
35 ـ التّمنّي، كقوله تعالى: {قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ}.
36 ـ التّنبيه، كقوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ}.
37 ـ التّنديم، كقوله تعالى: {فَأَجاءَهَا الْمَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلَةِ قالَتْ يا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هذا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا} ومثل: «لات ساعة ندامة».
38 ـ التوقّع: كقول المؤذّن للصّلاة: «قد قامت الصّلاة» لأن جماعة المصلّين منتظرون إقامتها.
39 ـ التّوكيد، كقول الشاعر:
«أريد لأنسى ذكرها فكأنّما***تمثّل لي ليلى بكلّ سبيل»
40 ـ الجمع، كقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا}.
41 ـ الجواب كقول الشاعر:
«نعم أنا مشتاق وعندي لوعة***ولكنّ مثلي لا يذاع له سرّ»
42 ـ الرّدع، كقوله تعالى: {كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ}.
43 ـ السّلب، كقوله تعالى: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ}.
44 ـ شبه الملك، مثل: «العقل للإنسان». لأن الإنسان لا يملك العقل ملكا حقيقيا بل هو مختص بالإنسان.
45 ـ الشّكّ. كقوله تعالى: {قالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ}.
46 ـ الصّيرورة، كقول الشاعر:
«لدوا للموت وابنوا للخراب ***فكلّكم يصير إلى تباب»
47 ـ الطّلب، كقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ}.
48 ـ العرض، كقول الشاعر:
«ألا تسألان المرء ما ذا يحاول ***أنحب فيقضى، أم ضلال وباطل»
49 ـ العوض، كقوله تعالى: {أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ}.
50 ـ القسم، كقوله تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ}. «الواو»: هي للقسم.
51 ـ المجاوزة. كقوله تعالى: {قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا}. أي: عن هذا.
52 ـ المفاجأة. كقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ}. «إذا»: الفجائية.
53 ـ المقايسة، مثل: «ما يسّرني أني شهدت بدرا بالعقبة».
54 ـ الملك، كقوله تعالى: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ}. «الله» تعالى هو مالك حقيقي للأرض والسموات.
55 ـ النّداء، كقول الشاعر:
«يا دار ميّة بالعلياء فالسّند***أقوت وطال عليها سالف الأمد»
56 ـ النّفي، كقول الشاعر:
«لا تقل أصلي وفصلي أبدا***إنّما أصل الفتى ما قد حصل»
57 ـ الوقت، مثل: توفي والدي لليلة بقيت من شهر شوّال.
المعجم المفصل في النحو العربي-عزيزة فوّال بابستي-صدر: 1413هـ/1992م
13-معجم القواعد العربية (اللام الجارة)
اللّام الجارّة:وتجرّ الظاهر والمضمر، وهي مكسورة مع كلّ ظاهر، إلّا مع المستغاث المباشر ل «يا» نحو «يالله» وأمّا مع المضمر فتفتح أيضا إذا كان للمخاطب أو للغائب وإذا كان مع ياء المتكلم فتكسر للمناسبة. ولهذه اللّام نحو من ثلاثين معنى وهاك بعضها:
(1) الملك، نحو: {لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}.
(2) شبه الملك، ويعبّر عنه بالاختصاص نحو: «السّرج للفرس» و «ما أحبّ محمّدا لبكر».
(3) التعليل، نحو:
«وإنّي لتعروني لذكراك هزّة *** كما انتفض العصفور بلّله القطر»
(4) الزّائدة، وهي لمجرّد التّوكيد كقول ابن ميّادة:
«وملكت ما بين العراق ويثرب *** ملكا أجار لمسلم ومعاهد»
(5) تقوية العامل الذي ضعف، إمّا بكونه فرعا في العمل نحو: {مُصَدِّقًا لِما مَعَكُمْ} {فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ}.
وإمّا بتأخّير العامل عن المعمول نحو: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}.
(6) لانتهاء الغاية نحو: {كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى}.
(7) القسم، نحو «لله لا يؤخّر الأجل» أي تالله. وهذا قليل.
(8) التّعجّب، نحو «لله درّك» و «لله أنت».
(9) الصّيرورة، وتسمّى لام العاقبة نحو:
«لدوا للموت وابنوا للخراب *** فكلّكم يصير إلى ذهاب »
(10) البعديّة، نحو: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} أي بعده.
(11) بمعنى على نحو: {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ} أي عليها.
معجم القواعد العربية في النحو والتصريف وذُيّل بالإملاء-عبدالغني الدقر-صدر: 1404ه/1984م
14-موسوعة الفقه الكويتية (رؤيا)
رُؤْيَاالتَّعْرِيفُ:
1- الرُّؤْيَا عَلَى وَزْنِ فُعْلَى مَا يَرَاهُ الْإِنْسَانُ فِي مَنَامِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُنْصَرِفٍ لِأَلِفِ التَّأْنِيثِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَتُجْمَعُ عَلَى رُؤًى.
وَأَمَّا الرُّؤْيَةُ بِالْهَاءِ فَهِيَ رُؤْيَةُ الْعَيْنِ وَمُعَايَنَتُهَا لِلشَّيْءِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَتَأْتِي أَيْضًا بِمَعْنَى الْعِلْمِ كَمَا فِي الصِّحَاحِ وَاللِّسَانِ، فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى النَّظَرِ بِالْعَيْنِ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى الْعِلْمِ فَإِنَّهَا تَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ.
وَالرُّؤْيَا فِي الِاصْطِلَاحِ لَا تَخْرُجُ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- الْإِلْهَامُ:
2- الْإِلْهَامُ فِي اللُّغَةِ: تَلْقِينُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى الْخَيْرَ لِعَبْدِهِ، أَوْ إِلْقَاؤُهُ فِي رُوعِهِ.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: إِيقَاعُ شَيْءٍ يَطْمَئِنُّ لَهُ الصَّدْرُ يَخُصُّ بِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْضَ أَصْفِيَائِهِ.
وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي مُصْطَلَحِ: (إِلْهَامٌ).
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرُّؤْيَا وَالْإِلْهَامِ أَنَّ الْإِلْهَامَ يَكُونُ فِي الْيَقَظَةِ، بِخِلَافِ الرُّؤْيَا فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إِلاَّ فِي النَّوْمِ.
ب- الْحُلُمُ:
3- الْحُلُمُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَضَمِّ اللاَّمِ وَقَدْ تُسَكَّنُ تَخْفِيفًا هُوَ الرُّؤْيَا، أَوْ هُوَ اسْمٌ لِلِاحْتِلَامِ وَهُوَ الْجِمَاعُ فِي النَّوْمِ.وَالْحُلُمُ وَالرُّؤْيَا وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَحْدُثُ فِي النَّوْمِ إِلاَّ أَنَّ الرُّؤْيَا اسْمٌ لِلْمَحْبُوبِ فَلِذَلِكَ تُضَافُ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَالْحُلُمُ اسْمٌ لِلْمَكْرُوهِ فَيُضَافُ إِلَى الشَّيْطَانِ لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «الرُّؤْيَا مِنَ اللَّهِ، وَالْحُلُمُ مِنَ الشَّيْطَانِ»،، وَقَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ: الرُّؤْيَا رُؤْيَةُ مَا يُتَأَوَّلُ عَلَى الْخَيْرِ وَالْأَمْرِ الَّذِي يُسَرُّ بِهِ، وَالْحُلُمُ هُوَ الْأَمْرُ الْفَظِيعُ الْمَجْهُولُ يُرِيهِ الشَّيْطَانُ لِلْمُؤْمِنِ لِيُحْزِنَهُ وَلِيُكَدِّرَ عَيْشَهُ.
ج- الْخَاطِرُ:
4- الْخَاطِرُ هُوَ الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ مِنْ مَرَاتِبِ حَدِيثِ النَّفْسِ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ مَا يَخْطِرُ فِي الْقَلْبِ مِنْ تَدْبِيرِ أَمْرٍ، وَفِي الِاصْطِلَاحِ مَا يَرِدُ عَلَى الْقَلْبِ مِنَ الْخِطَابِ أَوِ الْوَارِدُ الَّذِي لَا عَمَلَ لِلْعَبْدِ فِيهِ، وَالْخَاطِرُ غَالِبًا يَكُونُ فِي الْيَقَظَةِ بِخِلَافِ الرُّؤْيَا.
د- الْوَحْيُ:
5- مِنْ مَعَانِيهِ فِي اللُّغَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ فَارِسٍ الْإِشَارَةُ وَالرِّسَالَةُ وَالْكِتَابَةُ وَكُلُّ مَا أَلْقَيْتَهُ إِلَى غَيْرِك لِيَعْلَمَهُ، وَهُوَ مَصْدَرُ وَحَى إِلَيْهِ يَحِي مِنْ بَابِ وَعَدَ، وَأَوْحَى إِلَيْهِ بِالْأَلِفِ مِثْلُهُ، ثُمَّ غَلَبَ اسْتِعْمَالُ الْوَحْيِ فِيمَا يُلْقَى إِلَى الْأَنْبِيَاءِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى.فَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الرُّؤْيَا وَاضِحٌ، وَرُؤْيَا الْأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، وَفِي الْحَدِيثِ: «أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- مِنَ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ».
الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ وَمَنْزِلَتُهَا:
6- الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ حَالَةٌ شَرِيفَةٌ وَمَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ كَمَا ذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلاَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ الصَّالِحُ أَوْ تُرَى لَهُ».وَقَدْ أَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ أَنَّ «رَجُلًا مِنْ أَهْلِ مِصْرَ سَأَلَ أَبَا الدَّرْدَاءِ- رضي الله عنه- عَنْ قوله تعالى: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} قَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْهَا، فَقَالَ: مَا سَأَلَنِي عَنْهَا أَحَدٌ غَيْرُك مُنْذُ أُنْزِلَتْ، هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ».
وَقَدْ «حَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنَّ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةَ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ» وَرُوِيَ غَيْرَ ذَلِكَ.
وَالْمُرَادُ بِالرُّؤْيَا الصَّالِحَةِ غَالِبُ رُؤَى الصَّالِحِينَ كَمَا قَالَ الْمُهَلَّبُ، وَإِلاَّ فَالصَّالِحُ قَدْ يَرَى الْأَضْغَاثَ وَلَكِنَّهُ نَادِرٌ لِقِلَّةِ تَمَكُّنِ الشَّيْطَانِ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ عَكْسِهِمْ، فَإِنَّ الصِّدْقَ فِيهَا نَادِرٌ لِغَلَبَةِ تَسَلُّطِ الشَّيْطَانِ عَلَيْهِمْ، فَالنَّاسُ عَلَى هَذَا ثَلَاثُ دَرَجَاتٍ.
- الْأَنْبِيَاءُ وَرُؤَاهُمْ كُلُّهَا صِدْقٌ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ.
- وَالصَّالِحُونَ وَالْأَغْلَبُ عَلَى رُؤَاهُمُ الصِّدْقُ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَعْبِيرٍ.
- وَمَنْ عَدَاهُمْ وَقَدْ يَقَعُ فِي رُؤَاهُمُ الصِّدْقُ وَالْأَضْغَاثُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْعَرَبِيُّ: إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ الصَّالِحِ هِيَ الَّتِي تُنْسَبُ إِلَى أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ لِصَلَاحِهَا وَاسْتِقَامَتِهَا، بِخِلَافِ رُؤْيَا الْفَاسِقِ فَإِنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ تُعَدُّ مِنْ أَقْصَى الْأَجْزَاءِ، وَأَمَّا رُؤْيَا الْكَافِرِ فَلَا تُعَدُّ أَصْلًا.وَقَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ مَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ مِنْ أَنَّ الْمُسْلِمَ الصَّادِقَ الصَّالِحَ هُوَ الَّذِي يُنَاسِبُ حَالُهُ حَالَ الْأَنْبِيَاءِ فَأُكْرِمَ بِنَوْعٍ مِمَّا أُكْرِمَ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ وَهُوَ الِاطِّلَاعُ عَلَى الْغَيْبِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ وَالْفَاسِقُ وَالْمُخَلِّطُ فَلَا، وَلَوْ صَدَقَتْ رُؤْيَاهُمْ أَحْيَانًا فَذَاكَ كَمَا قَدْ يَصْدُقُ الْكَذُوبُ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ حَدَّثَ عَنْ غَيْبٍ يَكُونُ خَبَرُهُ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ كَالْكَاهِنِ وَالْمُنَجِّمِ.
هَذَا، وَقَدِ اسْتُشْكِلَ كَوْنُ الرُّؤْيَا جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ مَعَ أَنَّ النُّبُوَّةَ انْقَطَعَتْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- كَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ فَقِيلَ فِي الْجَوَابِ: إِنْ وَقَعَتِ الرُّؤْيَا مِنَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ حَقِيقَةً، وَإِنْ وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ النَّبِيِّ فَهِيَ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ عَلَى سَبِيلِ الْمَجَازِ.وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِيلَ مَعْنَاهُ: أَنَّ الرُّؤْيَا تَجِيءُ عَلَى مُوَافَقَةِ النُّبُوَّةِ لَا أَنَّهَا جُزْءٌ بَاقٍ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَقِيلَ الْمَعْنَى: إِنَّهَا جُزْءٌ مِنْ عِلْمِ النُّبُوَّةِ؛ لِأَنَّ النُّبُوَّةَ وَإِنِ انْقَطَعَتْ فَعِلْمُهَا بَاقٍ.
رُؤْيَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْمَنَامِ:
7- اخْتُلِفَ فِي جَوَازِ رُؤْيَتِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْمَنَامِ فَقِيلَ: لَا تَقَعُ، لِأَنَّ الْمَرْئِيَّ فِيهِ خَيَالٌ وَمِثَالٌ، وَذَلِكَ عَلَى الْقَدِيمِ مُحَالٌ، وَقِيلَ: تَقَعُ لِأَنَّهُ لَا اسْتِحَالَةَ لِذَلِكَ فِي الْمَنَامِ.
رُؤْيَا النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ:
8- ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِ التَّعْبِيرِ مِنْ صَحِيحِهِ بَابًا بِعِنْوَانِ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ وَذَكَرَ فِيهِ خَمْسَةَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: مَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ وَلَا يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي».
وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى جَوَازِ رُؤْيَتِهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَالنَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ أَقْوَالًا مُخْتَلِفَةً فِي مَعْنَى قَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ رَآنِي فِي الْمَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي الْيَقَظَةِ».
وَالصَّحِيحُ مِنْهَا أَنَّ مَقْصُودَهُ أَنَّ رُؤْيَتَهُ فِي كُلِّ حَالَةٍ لَيْسَتْ بَاطِلَةً وَلَا أَضْغَاثًا، بَلْ هِيَ حَقٌّ فِي نَفْسِهَا، وَلَوْ رُئِيَ عَلَى غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ- صلى الله عليه وسلم- فَتَصَوُّرُ تِلْكَ الصُّورَةِ لَيْسَ مِنَ الشَّيْطَانِ بَلْ هُوَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، وَقَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ بْنِ الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: «فَقَدْ رَأَى الْحَقَّ» أَيْ رَأَى الْحَقَّ الَّذِي قَصَدَ إِعْلَامَ الرَّائِي بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا وَإِلاَّ سَعَى فِي تَأْوِيلِهَا وَلَا يُهْمِلُ أَمْرَهَا، لِأَنَّهَا إِمَّا بُشْرَى بِخَيْرٍ، أَوْ إِنْذَارٌ مِنْ شَرٍّ إِمَّا لِيُخِيفَ الرَّائِيَ، إِمَّا لِيَنْزَجِرَ عَنْهُ، وَإِمَّا لِيُنَبِّهَ عَلَى حُكْمٍ يَقَعُ لَهُ فِي دِينِهِ أَوْ دُنْيَاهُ.
وَذَكَرَ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ أَنَّ رُؤْيَتَهُ- عليه الصلاة والسلام- إِنَّمَا تَصِحُّ لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ: - أَحَدُهُمَا: صَحَابِيٌّ رَآهُ فَعَلِمَ صِفَتَهُ فَانْطَبَعَ فِي نَفْسِهِ مِثَالُهُ فَإِذَا رَآهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَأَى مِثَالَهُ الْمَعْصُومَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ اللَّبْسُ وَالشَّكُّ فِي رُؤْيَتِهِ- عليه الصلاة والسلام-.
وَثَانِيهِمَا: رَجُلٌ تَكَرَّرَ عَلَيْهِ سَمَاعُ صِفَاتِهِ الْمَنْقُولَةِ فِي الْكُتُبِ حَتَّى انْطَبَعَتْ فِي نَفْسِهِ صِفَتُهُ- عليه الصلاة والسلام-، وَمِثَالُهُ الْمَعْصُومُ، كَمَا حَصَلَ ذَلِكَ لِمَنْ رَآهُ، فَإِذَا رَآهُ جَزَمَ بِأَنَّهُ رَأَى مِثَالَهُ- عليه الصلاة والسلام- كَمَا يَجْزِمُ بِهِ مَنْ رَآهُ، فَيَنْتَفِي عَنْهُ اللَّبْسُ وَالشَّكُّ فِي رُؤْيَتِهِ- عليه الصلاة والسلام-، وَأَمَّا غَيْرُ هَذَيْنِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ الْجَزْمُ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَآهُ- عليه السلام- بِمِثَالِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ تَخْيِيلِ الشَّيْطَانِ، وَلَا يُفِيدُ قَوْلُ الْمَرْئِيِّ لِمَنْ رَآهُ أَنَا رَسُولُ اللَّهِ، وَلَا قَوْلُ مَنْ يَحْضُرُ مَعَهُ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْطَانَ يَكْذِبُ لِنَفْسِهِ وَيَكْذِبُ لِغَيْرِهِ، فَلَا يَحْصُلُ الْجَزْمُ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَرِيحًا فِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ مِثَالِهِ الْمَخْصُوصِ لَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ فِي التَّعْبِيرِ أَنَّ الرَّائِيَ يَرَاهُ- عليه الصلاة والسلام- شَيْخًا وَشَابًّا وَأَسْوَدَ، وَذَاهِبَ الْعَيْنَيْنِ، وَذَاهِبَ الْيَدَيْنِ، وَعَلَى أَنْوَاعٍ شَتَّى مِنَ الْمُثُلِ الَّتِي لَيْسَتْ مِثَالَهُ- عليه الصلاة والسلام-؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ صِفَاتُ الرَّائِينَ وَأَحْوَالُهُمْ تَظْهَرُ فِيهِ- عليه الصلاة والسلام- وَهُوَ كَالْمِرْآةِ لَهُمْ.
تَرَتُّبُ الْحُكْمِ عَلَى قَوْلِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- أَوْ فِعْلِهِ فِي الرُّؤْيَا:
9- مَنْ رَأَى النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ يَقُولُ قَوْلًا أَوْ يَفْعَلُ فِعْلًا فَهَلْ يَكُونُ قَوْلُهُ هَذَا أَوْ فِعْلُهُ حُجَّةً يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا الْحُكْمُ أَوْ لَا؟.
ذَكَرَ الشَّوْكَانِيُّ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ: -
الْأَوَّلَ: أَنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً وَيَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ حَقٌّ وَالشَّيْطَانُ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ.
الثَّانِيَ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُجَّةً وَلَا يَثْبُتُ بِهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ؛ لِأَنَّ رُؤْيَةَ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ وَإِنْ كَانَتْ رُؤْيَا حَقٍّ وَأَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ لَكِنِ النَّائِمُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّحَمُّلِ لِلرِّوَايَةِ لِعَدَمِ حِفْظِهِ.
الثَّالِثَ: أَنَّهُ يُعْمَلُ بِذَلِكَ مَا لَمْ يُخَالِفْ شَرْعًا ثَابِتًا.
قَالَ الشَّوْكَانِيُّ: وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ الشَّرْعَ الَّذِي شَرَعَهُ اللَّهُ لَنَا عَلَى لِسَانِ نَبِيِّنَا- صلى الله عليه وسلم- قَدْ كَمَّلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}.
وَلَمْ يَأْتِنَا دَلِيلٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ رُؤْيَتَهُ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ- صلى الله عليه وسلم- إِذَا قَالَ فِيهَا بِقَوْلٍ، أَوْ فَعَلَ فِيهَا فِعْلًا يَكُونُ دَلِيلًا وَحُجَّةً، بَلْ قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ كَمَّلَ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ مَا شَرَعَهُ لَهَا عَلَى لِسَانِهِ وَلَمْ يَبْقَ بَعْدَ ذَلِكَ حَاجَةٌ لِلْأُمَّةِ فِي أَمْرِ دِينِهَا، وَقَدِ انْقَطَعَتِ الْبَعْثَةُ لِتَبْلِيغِ الشَّرَائِعِ وَتَبْيِينِهَا بِالْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ رَسُولًا حَيًّا وَمَيِّتًا، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا ضَبْطَ النَّائِمِ لَمْ يَكُنْ مَا رَآهُ مِنْ قَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَوْ فِعْلِهِ حُجَّةً عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْأُمَّةِ.
وَذَكَرَ صَاحِبُ تَهْذِيبِ الْفُرُوقِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ صِحَّةِ الرُّؤْيَا التَّعْوِيلُ عَلَيْهَا فِي حُكْمٍ شَرْعِيٍّ لِاحْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي التَّحَمُّلِ وَعَدَمِ ضَبْطِ الرَّائِي، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا يَثْبُتُ فِي الْيَقَظَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى مَا ثَبَتَ بِالنَّوْمِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، قَالَ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِرَجُلٍ رَأَى النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَنَامِ يَقُولُ لَهُ إِنَّ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ رِكَازًا اذْهَبْ فَخُذْهُ وَلَا خُمُسَ عَلَيْكَ فَذَهَبَ وَوَجَدَهُ وَاسْتَفْتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ الْعُلَمَاءَ، فَقَالَ لَهُ الْعِزُّ: أَخْرِجِ الْخُمُسَ فَإِنَّهُ ثَبَتَ بِالتَّوَاتُرِ، وَقُصَارَى رُؤْيَتِكَ الْآحَادُ، فَلِذَلِكَ لَمَّا اضْطَرَبَتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ فِيمَنْ رَآهُ- عليه السلام- فِي الْمَنَامِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ امْرَأَتَكَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهُوَ يَجْزِمُ أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا لِتَعَارُضِ خَبَرِهِ- عليه السلام- عَنْ تَحْرِيمِهَا فِي النَّوْمِ، وَإِخْبَارِهِ فِي الْيَقَظَةِ فِي شَرِيعَتِهِ الْمُعَظَّمَةِ أَنَّهَا مُبَاحَةٌ لَهُ، اسْتَظْهَرَ الْأَصْلَ أَنَّ إِخْبَارَهُ- عليه السلام- فِي الْيَقَظَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْخَبَرِ فِي النَّوْمِ لِتَطَرُّقِ الِاحْتِمَالِ لِلرَّائِي بِالْغَلَطِ فِي ضَبْطِهِ الْمِثَالَ قَالَ: فَإِذَا عَرَضْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا احْتِمَالَ طُرُوِّ الطَّلَاقِ مَعَ الْجَهْلِ بِهِ وَاحْتِمَالَ طُرُوِّ الْغَلَطِ فِي الْمِثَالِ فِي النَّوْمِ وَجَدْنَا الْغَلَطَ فِي الْمِثَالِ أَيْسَرَ وَأَرْجَحَ، أَمَّا ضَبْطُ عَدَمِ الطَّلَاقِ فَلَا يَخْتَلُّ إِلاَّ عَلَى النَّادِرِ مِنَ النَّاسِ، وَالْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَنْ حَلَالٍ إِنَّهُ حَرَامٌ، أَوْ عَنْ حَرَامٍ إِنَّهُ حَلَالٌ، أَوْ عَنْ حُكْمٍ مِنْ أَحْكَامِ الشَّرِيعَةِ قَدَّمْنَا مَا ثَبَتَ فِي الْيَقَظَةِ عَلَى مَا رَأَى فِي النَّوْمِ، كَمَا لَوْ تَعَارَضَ خَبَرَانِ مِنْ أَخْبَارِ الْيَقَظَةِ صَحِيحَانِ فَإِنَّا نُقَدِّمُ الْأَرْجَحَ بِالسَّنَدِ، أَوْ بِاللَّفْظِ، أَوْ بِفَصَاحَتِهِ، أَوْ قِلَّةِ الِاحْتِمَالِ فِي الْمَجَازِ أَوْ غَيْرِهِ، فَكَذَلِكَ خَبَرُ الْيَقَظَةِ وَخَبَرُ النَّوْمِ يَخْرُجَانِ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ.
تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا:
10- التَّعْبِيرُ كَمَا ذَكَرَ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ خَاصٌّ بِتَفْسِيرِ الرُّؤْيَا، وَمَعْنَاهُ الْعُبُورُ مِنْ ظَاهِرِهَا إِلَى بَاطِنِهَا، وَقِيلَ: هُوَ النَّظَرُ فِي الشَّيْءِ، فَيُعْتَبَرُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يَحْصُلَ عَلَى فَهْمِهِ حَكَاهُ الْأَزْهَرِيُّ، وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الرَّاغِبُ، وَقَالَ أَصْلُهُ مِنَ الْعَبْرِ بِفَتْحٍ ثُمَّ سُكُونٍ، وَهُوَ التَّجَاوُزُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَخَصُّوا تَجَاوُزَ الْمَاءِ بِسِبَاحَةٍ أَوْ فِي سَفِينَةٍ أَوْ غَيْرِهَا بِلَفْظِ الْعُبُورِ بِضَمَّتَيْنِ، وَعَبَرَ الْقَوْمُ إِذَا مَاتُوا كَأَنَّهُمْ جَازُوا الْقَنْطَرَةَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَى الْآخِرَةِ، قَالَ: وَالِاعْتِبَارُ وَالْعِبْرَةُ الْحَالَةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمُشَاهَدِ إِلَى مَا لَيْسَ بِمُشَاهَدٍ، وَيُقَالُ: عَبَرْتُ الرُّؤْيَا بِالتَّخْفِيفِ إِذَا فَسَّرْتَهَا، وَعَبَّرْتُهَا بِالتَّشْدِيدِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي ذَلِكَ.
وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِ قوله تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنْ عُبُورِ النَّهْرِ، فَعَابِرُ الرُّؤْيَا يَعْبُرُ بِمَا يَؤُولُ إِلَيْهِ أَمْرُهَا، وَيَنْتَقِلُ بِهَا كَمَا فِي رُوحِ الْمَعَانِي مِنَ الصُّورَةِ الْمُشَاهَدَةِ فِي الْمَنَامِ إِلَى مَا هِيَ صُورَةٌ وَمِثَالٌ لَهَا مِنَ الْأُمُورِ الْآفَاقِيَّةِ وَالْأَنْفُسِيَّةِ الْوَاقِعَةِ فِي الْخَارِجِ.
هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إِعْلَامِ الْمُوَقِّعِينَ صُوَرًا لِتَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَتَأْوِيلِهَا، وَمِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ: تَأْوِيلُ الثِّيَابِ بِالدِّينِ وَالْعِلْمِ، فَإِنَّ «الرَّسُولَ- صلى الله عليه وسلم- أَوَّلَ الْقَمِيصَ فِي الْمَنَامِ بِالدِّينِ وَالْعِلْمِ».
وَالْقَدْرُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَسْتُرُ صَاحِبَهُ وَيُجَمِّلُهُ بَيْنَ النَّاسِ، فَالْقَمِيصُ يَسْتُرُ بَدَنَهُ، وَالْعِلْمُ وَالدِّينُ يَسْتُرُ رُوحَهُ وَقَلْبَهُ، وَيُجَمِّلُهُ بَيْنَ النَّاسِ.
وَتَأْوِيلُ اللَّبَنِ بِالْفِطْرَةِ لِمَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا مِنَ التَّغْذِيَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْحَيَاةِ وَكَمَالِ النَّشْأَةِ.وَتَأْوِيلُ الْبَقَرِ بِأَهْلِ الدِّينِ وَالْخَيْرِ الَّذِينَ بِهِمْ عِمَارَةُ الْأَرْضِ كَمَا أَنَّ الْبَقَرَ كَذَلِكَ.
وَتَأْوِيلُ الزَّرْعِ وَالْحَرْثِ بِالْعَمَلِ، لِأَنَّ الْعَامِلَ زَارِعٌ لِلْخَيْرِ وَالشَّرِّ.
وَتَأْوِيلُ الْخَشَبِ الْمَقْطُوعِ الْمُتَسَانِدِ بِالْمُنَافِقِينَ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْمُنَافِقَ لَا رُوحَ فِيهِ وَلَا ظِلَّ وَلَا ثَمَرَ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْخَشَبِ الَّذِي هُوَ كَذَلِكَ.
وَتَأْوِيلُ النَّارِ بِالْفِتْنَةِ لِإِفْسَادِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ وَيَتَّصِلُ بِهِ.
وَتَأْوِيلُ النُّجُومِ بِالْعُلَمَاءِ وَالْأَشْرَافِ لِحُصُولِ هِدَايَةِ أَهْلِ الْأَرْضِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَلِارْتِفَاعِ الْأَشْرَافِ بَيْنَ النَّاسِ كَارْتِفَاعِ النُّجُومِ.
وَتَأْوِيلُ الْغَيْثِ بِالرَّحْمَةِ وَالْعِلْمِ وَالْقُرْآنِ وَالْحِكْمَةِ وَصَلَاحِ حَالِ النَّاسِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الصُّوَرِ الْوَارِدَةِ فِي تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا وَالْمَأْخُوذَةِ مِنَ الْأَمْثِلَةِ الْوَارِدَةِ فِي الْقُرْآنِ، ثُمَّ قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْثَالِ الْقُرْآنِ كُلِّهَا أُصُولٌ وَقَوَاعِدُ لِعِلْمِ التَّعْبِيرِ لِمَنْ أَحْسَنَ الِاسْتِدْلَالَ بِهَا، وَكَذَلِكَ مَنْ فَهِمَ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُعَبِّرُ بِهِ الرُّؤْيَا أَحْسَنَ تَعْبِيرٍ، وَأُصُولُ التَّعْبِيرِ الصَّحِيحَةُ إِنَّمَا أُخِذَتْ مِنْ مِشْكَاةِ الْقُرْآنِ، فَالسَّفِينَةُ تُعَبَّرُ بِالنَّجَاةِ، لقوله تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ} وَتُعَبَّرُ بِالتِّجَارَةِ.وَالطِّفْلُ الرَّضِيعُ يُعَبَّرُ بِالْعَدُوِّ لقوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}.
وَالرَّمَادُ بِالْعَمَلِ الْبَاطِلِ لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ} فَإِنَّ الرُّؤْيَا أَمْثَالٌ مَضْرُوبَةٌ لِيَسْتَدِلَّ الرَّائِي بِمَا ضُرِبَ لَهُ مِنَ الْمَثَلِ عَلَى نَظِيرِهِ، وَيَعْبُرُ مِنْهُ إِلَى شَبَهِهِ.
هَذَا وَمِمَّا وَرَدَ فِي تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مِنَ السُّنَّةِ حَدِيثُ أَبِي مُوسَى- رضي الله عنه- أَنَّ «النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ، وَرَأَيْتُ فِيهَا بَقَرًا وَاللَّهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ وَثَوَابِ الصِّدْقِ الَّذِي أَتَانَا اللَّهُ بِهِ بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ».
وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ- رضي الله عنه-، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أُوتِيتُ خَزَائِنَ الْأَرْضِ فَوُضِعَ فِي يَدَيَّ سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ فَكَبُرَا عَلَيَّ وَأَهَمَّانِي، فَأُوحِيَ إِلَيَّ أَنِ انْفُخْهُمَا فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا الْكَذَّابَيْنِ اللَّذَيْنِ أَنَا بَيْنَهُمَا: صَاحِبَ صَنْعَاءَ وَصَاحِبَ الْيَمَامَةِ».
وَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ- رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «رَأَيْتُ امْرَأَةً سَوْدَاءَ ثَائِرَةَ الرَّأْسِ خَرَجَتْ مِنَ الْمَدِينَةِ حَتَّى قَامَتْ بِمَهْيَعَةَ، فَأَوَّلْتُ أَنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ نُقِلَ إِلَى مَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ».
وَمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «رَأَيْتُ فِي رُؤْيَايَ أَنِّي هَزَزْتُ سَيْفًا فَانْقَطَعَ صَدْرُهُ، فَإِذَا هُوَ مَا أُصِيبَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُدٍ، ثُمَّ هَزَزْتُهُ أُخْرَى فَعَادَ أَحْسَنَ مَا كَانَ، فَإِذَا هُوَ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْفَتْحِ وَاجْتِمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ».
هَذَا وَلَا تُقَصُّ الرُّؤْيَا عَلَى غَيْرِ شَفِيقٍ وَلَا نَاصِحٍ، وَلَا يُحَدَّثُ بِهَا إِلاَّ عَاقِلٌ مُحِبٌّ، أَوْ نَاصِحٌ، لقوله تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا} وَلِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم-: «لَا تُقَصُّ الرُّؤْيَا إِلاَّ عَلَى عَالِمٍ أَوْ نَاصِحٍ».وَأَنْ لَا يَقُصَّهَا عَلَى مَنْ لَا يُحْسِنُ التَّأْوِيلَ، لِقَوْلِ مَالِكٍ: لَا يُعَبِّرُ الرُّؤْيَا إِلاَّ مَنْ يُحْسِنُهَا، فَإِنْ رَأَى خَيْرًا أَخْبَرَ بِهِ، وَإِنْ رَأَى مَكْرُوهًا فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ، قِيلَ: فَهَلْ يُعَبِّرُهَا عَلَى الْخَيْرِ وَهُوَ عِنْدَهُ عَلَى الْمَكْرُوهِ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّهَا عَلَى مَا تَأَوَّلَتْ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَا، ثُمَّ قَالَ: الرُّؤْيَا جُزْءٌ مِنَ النُّبُوَّةِ، فَلَا يُتَلَاعَبُ بِالنُّبُوَّةِ.
وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ، وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَا تَضُرُّهُ، وَإِذَا رَأَى مَا يُحِبُّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَحْمَدَ، وَأَنْ يُحَدِّثَ بِهَا، لِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يَقُولُ: لَقَدْ كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا فَتُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: وَأَنَا كُنْتُ أَرَى الرُّؤْيَا تُمْرِضُنِي حَتَّى سَمِعْتُ النَّبِيَّ- صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنَ اللَّهِ، فَإِذَا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يُحِبُّ فَلَا يُحَدِّثْ بِهِ إِلاَّ مَنْ يُحِبُّ، وَإِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ فَلْيَتَعَوَّذْ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّهَا وَمِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَلْيَتْفُلْ ثَلَاثًا، وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا أَحَدًا فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ».
وَلِقَوْلِهِ- صلى الله عليه وسلم- فِيمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ «إِذَا رَأَى أَحَدُكُمُ الرُّؤْيَا يُحِبُّهَا فَإِنَّهَا مِنَ اللَّهِ فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ عَلَيْهَا وَلْيُحَدِّثْ بِهَا، وَإِذَا رَأَى غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَكْرَهُ فَإِنَّمَا هِيَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَسْتَعِذْ مِنْ شَرِّهَا وَلَا يَذْكُرْهَا لِأَحَدٍ فَإِنَّهَا لَنْ تَضُرَّهُ».
(
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
15-موسوعة الفقه الكويتية (عبارة)
عِبَارَةٌالتَّعْرِيفُ:
1- الْعِبَارَةُ.فِي اللُّغَةِ: الْبَيَانُ وَالْإِيضَاحُ، يُقَالُ: عَبَّرَ عَمَّا فِي نَفْسِهِ: أَعْرَبَ وَبَيَّنَ، وَعَبَّرَ عَنْ فُلَانٍ: تَكَلَّمَ عَنْهُ، وَاللِّسَانُ يُعَبِّرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ: أَيْ يُبَيِّنُ، وَتَعْبِيرُ الرُّؤْيَا تَفْسِيرُهَا: يُقَالُ: عَبَرْتُ الرُّؤْيَا عَبْرًا وَعِبَارَةً: فَسَّرْتُهَا وَفِي التَّنْزِيلِ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ}.
وَفِي الِاصْطِلَاحِ: الْعِبَارَةُ هِيَ الْأَلْفَاظُ الدَّالَّةُ عَلَى الْمَعَانِي، لِأَنَّهَا تَفْسِيرُ مَا فِي الضَّمِيرِ الَّذِي هُوَ مَسْتُورٌ.
الْأَلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ:
أ- الْقَوْلُ:
2- الْقَوْلُ لُغَةً: الْكَلَامُ أَوْ كُلُّ لَفْظٍ يَنْطِقُ بِهِ اللِّسَانُ تَامًّا أَوْ نَاقِصًا، وَقَدْ يُطْلَقُ الْقَوْلُ عَلَى الْآرَاءِ وَالِاعْتِقَادَاتِ، فَيُقَالُ: هَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُ الشَّافِعِيِّ، يُرَادُ بِهِ رَأْيُهُمَا وَمَا ذَهَبَا إِلَيْهِ.
وَلَا يَخْرُجُ اسْتِعْمَالُ الْفُقَهَاءِ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ عَنِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
وَالصِّلَةُ بَيْنَ الْقَوْلِ وَالْعِبَارَةِ هِيَ أَنَّ الْقَوْلَ أَعَمُّ مِنَ الْعِبَارَةِ لِأَنَّ الْعِبَارَةَ تَكُونُ دَالَّةً عَلَى مَعْنًى.
ب- الصِّيغَةُ:
3- الصِّيغَةُ لُغَةً: الْعَمَلُ وَالتَّقْدِيرُ، يُقَالُ: هَذَا صَوْغُ هَذَا إِذَا كَانَ عَلَى قَدْرِهِ، وَصِيغَةُ الْقَوْلِ كَذَا، أَيْ مِثَالُهُ وَصُورَتُهُ عَلَى التَّشْبِيهِ بِالْعَمَلِ وَالتَّقْدِيرِ.
وَالصِّيغَةُ اصْطِلَاحًا: الْأَلْفَاظُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ وَنَوْعِ التَّصَرُّفِ.
وَالْعِبَارَةُ أَعَمُّ مِنَ الصِّيغَةِ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ.
الْحُكْمُ الْإِجْمَالِيُّ:
أَوَّلًا: عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ:
4- قَسَّمَ الْأُصُولِيُّونَ مِنَ الْحَنِيفَةِ الْأَلْفَاظَ مِنْ حَيْثُ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمَعْنَى إِلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ: عِبَارَةُ النَّصِّ، وَإِشَارَةُ النَّصِّ، وَدَلَالَةُ النَّصِّ، وَاقْتِضَاءُ النَّصِّ.
وَوَجْهُ ضَبْطِهِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُسْتَفَادَ مِنَ النَّظْمِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِنَفْسِ النَّظْمِ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ ثَابِتًا بِنَفْسِ النَّظْمِ وَكَانَ النَّظْمُ مَسُوقًا لَهُ فَهُوَ الْعِبَارَةُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسُوقًا لَهُ فَهُوَ الْإِشَارَةُ.
أَمَّا إِنْ كَانَ الْحُكْمُ الْمُسْتَفَادُ مِنَ النَّظْمِ غَيْرَ ثَابِتٍ بِنَفْسِ النَّظْمِ فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ مَفْهُومًا مِنْهُ لُغَةً فَهُوَ الدَّلَالَةُ، أَوْ شَرْعًا فَهُوَ الِاقْتِضَاءُ.
فَعِبَارَةُ النَّصِّ هِيَ دَلَالَةُ الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ مِنْهُ أَصَالَةً أَوْ تَبَعًا، كَمَا فِي قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} فَإِنَّهُ يَدُلُّ بِلَفْظِهِ وَعِبَارَتِهِ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالرِّبَا، وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ، لِأَنَّهَا نَزَلَتْ لِلرَّدِّ عَلَى الَّذِينَ قَالُوا: {إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا} وَثَانِيهُمَا: إِبَاحَةُ الْبَيْعِ وَمَنْعُ الرِّبَا، وَهُوَ مَقْصُودٌ تَبَعًا لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى إِفَادَةِ الْمَعْنَى الْمَقْصُودِ أَصَالَةً، فَالْحُكْمُ الثَّابِتُ بِالْعِبَارَةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا بِالنَّظْمِ، وَيَكُونُ سَوْقُ الْكَلَامِ لَهُ.
وَفِي هَذَا الْقِسْمِ وَسَائِرِ الْأَقْسَامِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي الْمُلْحَقِ الْأُصُولِيِّ.
ثَانِيًا: عِنْدَ الْفُقَهَاءِ:
5- لَا خِلَافَ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي أَنَّ الْإِنْسَانَ الْمُكَلَّفَ مُؤَاخَذٌ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ أَلْفَاظٍ وَعِبَارَاتٍ، لِمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ «مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ- رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ؟ فَقَالَ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ، وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ، أَوْ عَلَى مَنْخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ»؟
وَأَمَّا غَيْرُ الْمُكَلَّفِ كَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَالْمَجْنُونِ فَعِبَارَتُهُمَا غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ وَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا حُكْمٌ. (ر: أَهْلِيَّة ف 17، 27)
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلٌ فِي الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَالسَّكْرَانِ وَالْمَعْتُوهِ يُنْظَرُ فِي مُصْطَلَحِ: (أَهْلِيَّة ف 19، 20، 21).
6- وَمِنَ الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ أَنَّهُ إِذَا اجْتَمَعَتِ الْإِشَارَةُ وَالْعِبَارَةُ وَاخْتَلَفَ مُوجِبُهُمَا غُلِّبَتِ الْإِشَارَةُ.
قَالَ السُّيُوطِيُّ: لَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ فُلَانَةَ: هَذِهِ، وَسَمَّاهَا بِغَيْرِ اسْمِهَا صَحَّ قَطْعًا، وَلَوْ قَالَ: زَوَّجْتُكَ هَذِهِ الْعَرَبِيَّةَ فَكَانَتْ عَجَمِيَّةً، أَوْ هَذِهِ الْعَجُوزَ فَكَانَتْ شَابَّةً أَوْ هَذِهِ الْبَيْضَاءَ فَكَانَتْ سَوْدَاءَ أَوْ عَكْسَهُ، وَكَذَا الْمُخَالَفَةُ فِي جَمِيعِ وُجُوهِ النَّسَبِ وَالصِّفَاتِ وَالْعُلُوِّ وَالنُّزُولِ فَفِي صِحَّةِ النِّكَاحِ قَوْلَانِ وَالْأَصَحُّ الصِّحَّةُ، وَقَالَ ابْنُ نُجَيْمٍ: بِالصِّحَّةِ تَعْوِيلًا عَلَى الْإِشَارَةِ.
موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م
16-الغريبين في القرآن والحديث (عبر)
(عبر)قوله تعالى: {فاعتبروا يا أولي الأبصار} أي استدلوا بما شاهدتم على ما غاب عنكم، والعابر: الناظر في الشيء، ومنه حديث ابن سيرين (إني أعتبر الحديث) يريد: أنه يعبر الرؤيا على الحديث وجعله له اعتبارا كما يعتبر القرآن في تأويل الرؤيا فيعبر عليه.
وقوله تعالى: {إن في ذلك لعبرة} أي دليلا، وقوله تعالى: {إن كنتم للرءيا تعبرون} يقال هو عابر الرؤيا ومعنى عبرت الرؤيا وعبرتها خبرت ما يئول إليه أمرها، مأخوذ من عبر النهر وهو شطه، وهذه اللام تسمى لام التعقيب لأنها عقبت الإضافة قال ذلك أبو منصور رحمه الله، وفي حديث أم زرع: (وعبر جارتها) قال أبو بكر: فيه تأويلان أحدهما: أن ضرتها ترى من جمالها ما يعبر عن عينها أي يبكيها، والآخر أنها ترى من عفتها ما تعتبر به.
وفي الحديث: (تومة قد لطخت بعبير أو زعفران) قال الليث: العبير: نوع من الطيب، وقال: أبو عبيدة: العبير عند أهل الجاهلية: الزعفران.
الغريبين في القرآن والحديث-أبو عبيد أحمد بن محمد الهروي-توفي: 401هـ/1010م
17-المعجم الغني (عَبَرَ)
عَبَرَ- [عبر]، (فعل: ثلاثي. متعدٍّ)، عَبَرْتُ، أَعْبُرُ، اُعْبُرْ، المصدر: عَبْرٌ، عِبَارَةٌ. "عَبَرَ الْحُلْمَ": فَسَّرَهُ، أَوَّلَهُ. "عَبَرَ الرُّؤْيَا"{إنْ كُنْتُمْ للِرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43].
الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م
18-تاج العروس (عبر)
[عبر]: عَبَرَ الرُّؤْيَا يَعْبُرُها عَبْرًا، بالفَتْح، وعِبَارَةً، بالكسر، وعَبَّرَها تَعْبِيرًا: فَسَّرَهَا وأَخْبَرَ بما يَؤُول، كذا في المحكم وغيره، وفي الأَساس: بآخرِ ما يَؤُول إِليهِ أَمْرُهَا.وفي البصائِرِ للمصنِّف: والتَّعْبِيرُ أَخَصُّ من التّأْوِيلِ، وفي التنزيل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} أَي إِن كُنْتُم تَعْبُرُونَ الرُّؤْيا، فعدّاها باللام والمعنى إِن كُنْتُم تَعْبُرُون، وعابِرِينَ وتُسَمَّى هذِهِ [اللَّامُ] لَامَ التَّعْقِيب؛ لأَنّهَا عَقَّبَت الإِضافَة، قال الجَوْهَرِيّ: أَوْصَلَ الفِعْلَ بلام كما يُقَال: إِن كنتَ للمالِ جامِعًا.
والعابِرُ: الذي يَنْظُرُ في الكِتَابِ فَيَعْبُرُه؛ أَي يَعْتَبِرُ بعضَهُ ببعض حتَّى يَقَعَ فَهمُه عليه، ولذلك قيل: عَبَرَ الرُّؤْيا، واعْتَبَرَ فلانٌ كذَا. وقيل: أُخِذَ هذا كلُّه من العِبْرِ، وهو جانِبُ النَّهْرِ، وهما عِبْرَانِ؛ لأَنّ عابِرَ الرُّؤْيَا يَتَأَمّلُ ناحِيَتَيِ الرُّؤْيَا، فيَتَفَكَّرُ في أَطرافِها، ويَتَدَبَّرُ كلّ شَيْءٍ منها، ويَمْضِي بفِكْره فيها مِن أَوّلِ ما رَأَى النائِمُ إِلى آخرِ ما رَأَى.
ورُوِي عن أَبي رَزِينٍ العُقَيْلِيّ أَنّه سمِعَ النَّبِيَّ صلَّى الله تَعالى عليه وسَلَّم يقول: «الرُّؤْيَا على رِجْلِ طائِرٍ، فإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ، فلا تَقُصَّها إِلَّا على وَادٍّ، أَو ذِي رَأْي»، لأَنّ الوادَّ لا يُحِبُّ أَن يَسْتَقْبِلَك في تَفْسِيرِهَا إِلّا بما تُحِبّ، وإِن لم يكن عالِمًا بالعِبَارَةِ لم يَعْجَلْ لكَ بما يَغُمُّكَ؛ لأَنّ تعْبِيرَه يُزِيلُهَا عمّا جَعلَها الله عليه، وأَمّا ذُو الرّأْيِ فمعناه ذُو العِلْمِ بعِبارَتِهَا، فهو يُخْبِرُك بحقيقةِ تَفْسِيرِهَا، أَو بأَقْرَبِ ما يَعْلَمُه منها، ولعلّه أَن يكونَ في تَفْسِيرِهَا مَوعِظَةٌ تَرْدَعُكَ عن قَبِيح أَنتَ عليه، أَو يكون فيها بُشْرَى فتَحْمَد الله تعالى على النِّعْمَةِ فيها. وفي الحديثِ: «الرُّؤْيَا لأَوَّلِ عابِرِ» وفي الحديث «للرُّؤْيا كُنًى وأَسْمَاءٌ، فكَنُّوهَا بكُناهَا، واعتَبِرُوهَا بأَسْمَائِهَا». وفي حديثِ ابنِ سِيرِينَ كان يَقُولُ: «إِني أَعْتَبِرُ الحَدِيثَ» أَي أُعَبِّر الرُّؤْيَا بالحَدِيثِ وأَعْتَبِرُ به، كما أَعْتَبِرُها بالقُرْآنِ في تَأْوِيلِهَا، مثل أَن يُعَبِّرَ الغُرَابَ بالرَّجلِ الفاسِقِ، والضِّلَع بالمرأَةِ؛ لأَنّ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّى الغُرَابَ فاسِقًا، وجعلَ المرأَةَ كالضِّلَعِ، ونحو ذلك من الكُنَى والأَسماءِ.
واسْتَعْبَرَه إِيّاهَا: سَأَلَه عَبْرَها وتَفْسيرَها.
وعَبَّرَ عمّا في نَفْسِه تَعْبِيرًا: أَعْرَبَ وبَيَّنَ.
وعَبَّرَ عنه غَيْرُه: عَيِيَ فَأَعْرَبَ عَنْهُ وتَكَلَّمَ، واللِّسَانُ يُعَبِّرُ عمّا في الضَّمِيرِ.
والاسْمُ منه العَبْرَةُ، بالفَتْح، كذا هو مضبوطٌ في بعضِ النُسخِ، وفي بعضِها بالكسر، والعِبَارَةُ، بكسرِ العينِ وفتْحِهَا.
وعِبْرُ الوَادِي، بالكسر ويُفْتَحُ عن كُرَاع: شاطِئُه وناحِيَتُه، وهما عِبْرَانِ، قال النابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يمدح النُّعْمَانَ:
ومَا الفُرَاتُ إِذَا جَاشَتْ غَوَارِبُه *** تَرْمِي أَوَاذِيُّه العِبْرَيْنِ بالزَّبَدِ
يَومًا بأَطْيَبَ منه سَيْبَ نافِلَةٍ *** ولا يَحُولُ عَطَاءُ اليَوْمِ دُونَ غَدِ
وعَبَرَهُ؛ أَي النّهْرَ والوَادِيَ، وكذلك الطَّرِيقَ، عَبْرًا، بالفَتْح. وعُبُورًا، بالضَّمّ: قَطَعَهُ من عِبْرِهِ إِلى عِبْرِهِ، ويُقَالُ: فُلانٌ في ذلك العِبْرِ؛ أَي في ذلك الجانبِ.
ومن المَجَاز عَبَرَ القَوْمُ: ماتُوا، وهو عابِرٌ، كأَنَّه عَبَرَ سَبِيلَ الحياةِ، وفي البصائِرِ للمصنّف: كأَنَّه عَبَرَ قَنْطَرَةَ الدُّنْيَا، قال الشاعِر:
فإِنْ تَعْبُرْ فإِنّ لنَا لُمَاتٍ *** وإِن نَغْبُرْ فَنَحْنُ على نُذورِ
يقول: إِنْ مِتْنَا فَلَنَا أَقْرَانٌ، وإِنْ بَقِينَا فنَحْنُ ننتَظِرُ ما لا بُدَّ منه، كأَنَّ لنا في إِتْيَانِه نَذْرًا.
وعَبَرَ السَّبِيلَ يَعْبُرُهَا عُبُورًا: شَقَّها، ورَجُلٌ عَابِرٌ سَبِيلٍ؛ أَي مارُّ الطّرِيقِ، وهم عابِرْو سَبِيل، وعُبَّارُ سَبِيلٍ.
وقَوْلُه تَعَالَى: {وَلا جُنُبًا إِلّا عابِرِي سَبِيلٍ} قيل: معناه أَن تكونَ له حاجَةٌ في المسجِدِ وبَيْتُه بالبُعْدِ، فيدخل المسجِدَ، ويَخْرُج مُسْرِعًا، وقال الأَزْهَرِيّ: إِلّا مُسَافِرِينَ؛ لأَنّ المُسَافِرَ [قد] يُعْوِزُهُ الماءُ، وقيل: إِلّا مارِّينَ في المَسْجِدِ غيرَ مُرِيدِينَ للصّلاةِ.
وعَبَرَ بهِ الماءَ عَبْرًا وعَبَّرَهُ به تعْبِيرًا: جَازَ، عن اللِّحْيَانِيّ.
وعَبَرَ الكِتَابَ يَعْبُرُه عَبْرًا، بالفَتْح: تَدَبَّرَه في نَفْسِه ولم يَرْفَعْ صَوْتَه بقِرَاءَتِه.
وعَبَرَ المَتَاعَ والدَّرَاهِمَ يَعْبُرُها عَبْرًا: نَظَر: كَمْ وَزْنُهَا؟
وما هِيَ؟.
وقال اللّحْيَانِيّ: عَبَرَ الكَبْشَ يَعْبُرُه عَبْرًا: تَرَكَ صُوفَه عليهِ سَنَةٌ، وأَكْبُشٌ عُبْرٌ، بضمّ فسكون، إِذا تُركَ صُوفُها عليها، قال الأَزهريّ: ولا أَدْرِي كيف هذا الجَمْعُ؟.
وعَبَرَ الطَّيْرَ: زَجَرَهَا، يَعْبُرُهُ، بالضَّمّ، ويَعْبِرُهُ، بالكَسْر، عَبْرًا، فيهما.
والمِعْبَرُ، بالكسرِ: ما عُبِرَ بِهِ النَّهْرُ من فُلْكٍ أَو قَنْطَرَةٍ أَو غَيْرِه.
والمَعْبَرُ، بالفتحِ: الشَّطُّ المُهَيَّأُ للعُبُورِ.
وبه سُمِّيَ المَعْبَرُ الذي هو: د، بساحِلِ بَحْرِ الهِنْدِ.
ونَاقَةٌ عبْرُ أَسْفَارٍ، وعبْرُ سَفَر، مُثَلَّثَةً: قَوِيَّةٌ على السَفَرِ تَشُقُّ ما مَرَّتْ بهِ وتُقْطَعُ الأَسْفَارُ عَلَيْهَا، وكذا رَجُلٌ عبْرُ أَسْفَارٍ، وعبْرُ سَفَرٍ: جَرِيءٌ عليها ماضٍ فيها قَوِيٌّ عليها، وكذا جَمَلٌ عبْرُ أَسفارٍ وجِمَالٌ عبْرُ أَسْفَارٍ، للوَاحِدِ والجَمْعِ والمُؤَنّث، مثْل الفُلْكِ الذي لا يزال يُسَافَرُ عليها.
وجَمَلٌ عَبَّارٌ، ككَتّان، كذلك؛ أَي قَوِيٌّ على السَّيْرِ.
وعَبَّرَ الذَّهَبَ تَعْبِيرًا: وَزَنَه دِينَارًا دِينَارًا.
وقيل: عَبَّرَ الشَّيْءَ، إِذا لم يُبَالِغْ في وَزْنِهِ أَو كَيْلهِ، وتَعْبِيرُ الدَّراهِم: وَزْنُهَا جُمْلَةً بعد التَّفَارِيقِ.
والعِبْرَةُ، بالكِسْرِ: العَجَبُ، جمْعُه عِبَرٌ.
والعِبْرَةُ أَيضًا: الاعْتِبَارُ بما مَضَى، وقيل: هو الاسمُ من الاعْتِبَارِ.
واعْتَبَرَ منه: تَعَجَّبَ، وفي حديث أَبي ذَرٍّ: «فَمَا كانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قال: كانَتْ عِبَرًا كُلُّهَا» وهي كالمَوْعِظَةِ ممّا يَتَّعِظُ به الإِنْسَانُ ويَعمَلُ بهِ ويَعْتَبِرُ: ليستَدِلَّ بهِ على غَيْرِه.
والعَبْرَةُ، بالفَتْحِ: الدَّمْعَةُ، وقيل: هو أَن يَنْهَمِلَ الدَّمْعُ ولا يُسْمَعُ البُكاءُ، وقيل: هي الدَّمْعَةُ قبلَ أَنْ تَفِيضَ، أَو هي تَرَدُّدُ البُكَاءِ في الصَّدْرِ، أَوْ هِيَ الحُزْنُ بلا بُكَاءٍ، والصحيح الأَوّل، ومنه قوله:
وإِنّ شِفَائِي عَبْرَةٌ لوْ سَفَحْتُهَا
ومن الأَخِيرَةِ قولُهُم في عِنَايَة الرَّجُلِ بأَخِيه، وإِيثَارِه إِيّاهُ على نفسِه: «لكَ ما أَبْكِي ولا عَبْرَةَ بِي» ويُرْوَى «ولا عَبْرَةَ لِي» أَي أَبْكِي من أَجْلِكَ، ولا حُزْنَ بِي في خاصَّةِ نَفْسِي. قالَه الأَصْمَعِيّ.
الجمع: عَبَرَاتٌ، مُحَرَّكةً، وعِبَرٌ، الأَخِيرَة عن ابنِ جِنِّي.
وعَبَرَ الرَّجلُ عَبْرًا، بالفَتْح، واسْتَعْبَرَ: جَرَتْ عَبْرَتُه وحَزِنَ. وفي حديث أَبِي بَكْرٍ، رضي الله عنه: «أَنّه ذكَرَ النّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم اسْتَعْبَرَ فَبَكَى» أَي تَحَلَّبَ الدّمعُ.
وحَكَى الأَزْهَرِيُّ عن أَبي زَيْد: عَبِرَ الرَّجلُ يَعْبَرُ عَبَرًا، إِذا حَزِنَ.
وامرأَةٌ عابِرٌ، وعَبْرَى، كسَكْرَى، وعَبِرَةٌ، كفَرِحَةٍ: حَزِينَةٌ، ج: عَبَارَى، كسَكَارَى، قال الحارِثُ بنُ وَعْلَةَ الجَرْمِيُّ:
يَقُولُ ليَ النَّهْدِيُّ هل أَنْتَ مُرْدِفِي *** وكَيْفَ رِدَافُ الغَرِّ أُمُّكَ عَابِرُ
أَي ثاكِلٌ.
وعَيْنٌ عَبْرَى: باكِيَةٌ، ورَجُلٌ عَبْرانُ وعَبِرٌ، ككَتِفٍ: حَزِينٌ باكٍ.
والعُبْرُ، بالضَّمّ: سُخْنَةُ العَيْنِ، كأَنّه يَبْكي لمَا بهِ. ويُحَرَّكُ..
والعُبْرُ: الكَثِيرُ من كُلِّ شَيْءٍ، وقد غَلَب على الجَمَاعَة من النّاسِ. وقال كُرَاع: العُبْرُ: جماعةُ القومِ، هُذَلِيَّة.
وعَبَّرَ بِهِ تَعْبِيرًا: أَراهُ عُبْرَ عَيْنِه، ومعْنَى أَراه عُبْرَ عَيْنِه؛ أَي ما يُبْكِيهَا أَو يُسْخِنُهَا، قال ذُو الرُّمَّةِ:
ومِنْ أَزْمَةٍ حَصّاءَ تَطْرَحُ أَهْلَهَا *** علَى مَلَقِيَّاتٍ يُعَبَّرْنَ بالغُفْرِ
وفي حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ: «وعُبْرُ جارَتِها» أَي أَنَّ ضَرَّتَهَا تَرَى من عِفَّتِها وجَمَالِهَا ما يُعَبِّرُ عَيْنَها؛ أَي يُبْكِيها.
وفي الأَساس: وإِنّه ليَنْظُر إِلى عُبْرِ عَيْنَيْه؛ أَي ما يَكرهه ويَبْكِي منه، كما قيل:
إِذَا ابْتَزَّ عَنْ أَوْصالِهِ الثَّوْبَ عِنْدَهَا *** رَأَى عُبْرَ عَيْنَيْهَا وما عَنْه مَخْنِسُ
أَي لا تَسْتَطِيع أَن تَخْنِس عنه.
وامْرَأَةٌ مُسْتَعْبِرَةٌ، وتُفْتَح الباءُ؛ أَي غيرُ حَظِيَّةٍ، قال القُطَامِيُّ:
لهَا رَوْضَةٌ في القَلْبِ لم تَرْعَ مِثْلَهَا *** فَرُوكٌ ولا المُسْتَعْبِراتُ الصَّلائِفُ
ومَجْلِسٌ عِبْرٌ، بالكسر والفتح: كَثِيرُ الأَهْلِ، واقتصر ابنُ دُرَيْدٍ على الفَتْح.
وقَوْمٌ عَبِيرٌ: كَثِيرٌ.
وقال الكِسَائِيُّ: أَعْبَرَ الشّاةَ إِعْبَارًا: وَفَّرَ صُوفَهَا، وذلك إِذا تَرَكَهَا عامًا لا يَجُزُّهَا، فهي مُعْبَرَةٌ، وتَيْسٌ مُعْبَرٌ: غير مَجزوزٍ، قال بِشْرُ بنُ أَبي خَازِمٍ يصف كَبْشًا:
جَزِيزُ القَفَا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرَةً *** حَدِيثُ الخِصاءِ وَارِمُ العَفْلِ مُعْبَرُ
وجَمَلٌ مُعْبَرٌ: كَثِيرُ الوَبَرِ، كأَنّ وَبَرَه وُفِّرَ عليهِ. ولا تَقُلْ أَعْبَرْتُه، قال:
أَو مُعْبَر الظَّهْرِ يُنْبِي عَنْ وَلِيَّته *** ما حَجَّ رَبَّه في الدُّنْيَا ولا اعْتَمَرَا
ومن المَجَاز: سَهْمٌ مُعْبَرٌ، وعَبِيرٌ، هكذا في النُّسخ كأَمِير، والصّوابُ عَبِرٌ، ككَتِفٍ: مَوْفُورُ الرِّيشِ كالمُعْبَرِ من الشّاءِ والإِبِلِ.
وغُلامٌ مُعْبَرٌ: كادَ يَحْتَلِمُ ولم يُخْتَنْ بَعْدُ، وكذلِك الجارِيَةُ ـ زادَه الزَّمَخْشَرِيُّ ـ قال:
فَهُوَ يُلَوِّي باللِّحَاءِ الأَقْشَرِ *** تَلْوِيَةَ الخَاتِنِ زُبَّ المُعْبَرِ
وقيل: هو الذي لم يُخْتَنْ، قارَبَ الاحْتِلامَ أَو لم يُقَارِبْ. وقال الأَزْهَرِيُّ: غُلامٌ مُعْبَرٌ، إِذا كادَ يَحْتَلِمُ ولم يُخْتَنْ، وقالوا: يَا ابنَ المُعْبَرَةِ، وهو شَتْمٌ؛ أَي العَفْلاءِ، وهو من ذلِك، زادَ الزَّمَخْشَريّ كيا ابْنَ البَظْرَاءِ.
والعُبْرُ، بالضَّمّ: قَبِيلَةٌ.
والعُبْرُ: الثَّكْلَى، كأَنَّه جَمْعُ عابِرٍ، وقد تقَدَّم.
والعُبْرُ: السَّحَائِبُ التي تَعْبُر عُبُورًا؛ أَي تَسِيرُ سَيْرًا شَدِيدًا.
والعُبْرُ: العُقَابُ، وقد قيل: إِنه العُثْرُ، بالثّاءِ المثَلَّثَة، وسيُذْكَر في موضِعِه إِنْ شَاءَ الله تعالَى.
والعِبْرُ، بالكَسْر: ما أَخَذَ على غَرْبِيّ الفُراتِ إِلى بَرِّيَّةِ العَرَبِ، نقله الصّاغانيُّ.
وبَنُو العِبْرِ: قَبِيلَةٌ، وهي غيرُ الأُولَى.
وبَناتُ عِبْرٍ، بالكسر: الكَذِبُ والباطِلُ، قال:
إِذا ما جِئْتَ جَاءَ بَناتُ عِبْرٍ *** وإِنْ وَلَّيْتَ أَسْرَعْنَ الذَّهَابَا
وأَبو بَنَاتِ عِبْر: الكَذّابُ.
والعِبْرِيُّ والعِبْرانِيُّ، بالكسر فيهما: لُغَةُ اليَهُود، وهي العِبْرانِيَّةُ.
وقالَ الفَرّاءُ: العَبَرُ، بالتَّحْرِيكِ الاعْتِبَارُ، والاسمُ منه العِبْرَةُ، بالكَسْر، قال: ومِنْهُ قَوْلُ العَرَبِ، هكذا نقله ابنُ منظُور والصّاغانِيّ: اللهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنْ يَعْبُرُ الدُّنْيَا ولا يَعْمُرُهَا. وفي الأَسَاس: ومنهحديث: «اعْبُرُوا الدُّنْيَا ولا تَعْمُرُوهَا» ثم الذي ذَكَرَه المُصَنّفُ «يَعْبُر» بالباءِ «ولا يَعْمُر» بالميم هو الذي وُجدَ في سائر النُّسخ، والأُصولِ الموجودةِ بين أَيدينا. وضَبَطَه الصّاغانِيّ وجَوَّدَه فقال: ممّن يَعْبَرُ الدُّنْيَا، بفتح الموحّدَة ولا يَعْبُرها، بضمّ الموحّدَة، وهكذا في اللّسَان أَيضًا، وذَكَرَا في مَعْنَاه: أَي ممن يَعْتَبِرُ بها ولا يَمُوتُ سَرِيعًا حتَّى يُرْضِيَكَ بالطَّاعَةِ، ونقله شيخُنَا أَيضًا، وصَوّبَ ما ضَبَطَه الصّاغانِيُّ.
وأَبُو عَبَرَةَ، أَو أَبو العَبَرِ، بالتَّحْرِيك فيهما، وعلى الثّاني اقتصر الصّاغانِيُّ والحَافِظُ. وقال الأَخِيرُ: كذَا ضَبَطَهَ الأَمِيرُ، وفي حِفْظِي أَنه بكَسْرِ العَيْنِ، واسمه أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّد بنِ عبدِ الله بنِ عَبْدِ الصَّمَدِ بن عَليِّ بنِ عبدِ الله بنِ عبّاسٍ الهاشِمِيّ: هازِلٌ خَلِيعٌ، قال الصّاغانِيّ: كان يَكْتَسِب بالمُجُونِ والخَلاعَةِ، وقال الحافِظ: هو صاحِبُ النّوَادِرِ، أَحَدُ الشُّعَرَاءِ المُجَّانِ.
والعَبِيرُ: الزَّعْفَرَانُ وَحْدَه. عند أَهلِ الجاهِلِيَّة، قال الأَعْشَى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاءِ العَرُو *** سِ في الصَّيْفِ رَقْرَقْتَ فيهِ العَبِيرَا
وقال أَبُو ذُؤَيْب:
وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعَبِيرِ كأَنَّه *** دِمَاءُ ظِبَاءٍ بالنُّحُورِ ذَبِيحُ
أَو العَبِيرُ: أَخْلاطٌ من الطِّيبِ يُجْمَعُ بالزَّعْفَرَانِ. وقال ابنُ الأَثِيرِ: العَبِيرُ: نَوْعٌ من الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمَع من أَخْلاطٍ.
قلت: وفي الحديث أَتَعْجَزُ إِحْدَاكُنّ أَن تَتَّخِذَ تُومَتَيْنِ ثم تَلْطَخَهُما بعَبِيرٍ أَو زَعْفَرَانٍ» ففي هذا الحديثِ بيانُ أَنَّ العَبِيرَ غيرُ الزَّعْفَرَانِ.
والعَبُورُ، كصَبُور: الجَذَعَةُ من الغَنَمِ أَو أَصْغَرُ. وقالَ اللِّحْيَانِيّ: العَبُورُ من الغَنَمِ: فَوْقَ الفَطِيمِ من إِناث الغَنَمِ.
وقيل: هي أَيضًا التي لم تُجَزَّ عَامَها.
الجمع: عَبَائِرُ، وحُكِيَ عن اللِّحْيَانِيّ: لي نَعْجَتانِ وثَلَاثُ عَبَائِرَ.
والعَبُورُ: الأَقْلَفُ، وهو الذي لم يُخْتَنْ، الجمع: عُبْرٌ، بالضَّمّ، قاله ابنُ الأَعرابِيّ.
والعُبَيْرَاءُ، بالضّمّ مُصَغَّرًا ممدودًا: نَبْتٌ، عن كُرَاع، حكاه مع الغُبَيْرَاءِ.
والعَوْبَرُ، كجَوْهَر: جِرْوُ الفَهْدِ، عن كُرَاع أَيضًا.
والمَعَابِيرُ: خُشُبٌ بضمتين، في السَّفِينَةِ مَنْصُوبَة يُشَدُّ إِليها الهَوْجَلُ، وهو أَصغَرُ من الأَنْجَرِ، تُحْبَس السَّفِينَةُ به، قاله الصّاغانيّ. وعابَرُ كهَاجَرَ: ابنُ أَرْفَخْشَذَ بنِ سامِ بنِ نُوحٍ عليهِ السّلامُ، إِليه اجتماعُ نِسبَةِ العَرَبِ وبَنِي إِسرائِيل، ومَن شارَكَهُم في نَسَبِهم، قاله الصّاغانِيُّ ويأْتي في «قحط» أَنَّ عَابَرَ هو ابنُ شالخ بنِ أَرْفَخْشَذ. قلْت: ويقال فيه عَيْبَرُ أَيضًا، وهو الذِي قُسِمَتْ في أَيّامِه الأَرْضُ بينَ أَوْلَادِ نُوح، ويقال: هو هُودٌ النَّبيّ عليهالسلام، وبَيْنَه وبين صالِح النَّبِيِّ عليهالسلام خَمْسمائة عام، وكان عُمْرُه مائَتَيْنِ وثَمَانِينَ سنةً، ودُفِن بِمكة، وهو أَبو قَحْطَان وفَالغ وكابر.
وعَبَّرَ بهِ، هذا الأَمْرُ تَعْبِيرًا: اشْتَدَّ عليهِ، قال أُسامَةُ بنُ الحارِثِ الهُذَلِيّ:
ومَا أَنَا والسَّيْرَ في متْلَفِ *** يُعَبِّرُ بالذَّكَرِ الضّابِطِ
ويروى «يُبَرِّحُ».
وعَبَّرْتُ به تَعْبِيرًا: أَهْلَكْتُه. كأَنّي أَرَيْتُه عُبْرَ عَيْنَيْه، وقد تقَدّم.
ومنه قيل: مُعَبَّر، كمُعَظَّمٍ: جَبَلٌ بالدَّهْنَاءِ بأَرْضِ تَمِيمٍ، قال الزَّمَخْشَرِيُّ: سُمِّيَ به لأَنّه يُعَبِّرُ بسَالِكِه. أَي يُهْلِكُ.
وفي التَّكْمِلَة: حَبْلٌ من حِبَالِ الدَّهْنَاءِ، وضَبَطَه هكذا بالحاءِ المهملة مُجَوَّدًا، ولعلَّه الصواب، وضَبَطَه بعضُ أَئمّة النَّسَب كمُحَدِّثٍ، وأُراه مُنَاسِبًا لمَا ذَهَبَ إِليه الزَّمَخْشَرِيّ.
وقَوْسٌ مُعَبَّرَةٌ: تامَّةٌ، نقلَه الصاغانيّ.
والمُعْبَرَةُ، بالتَّخْفِيفِ؛ أَي مع ضَمّ الميمِ: النّاقَةُ التي لم تُنْتَجْ ثَلاثَ سِنِينَ، فيَكُونُ أَصْلَبَ لَهَا، نقله الصّاغانِيّ.
والعَبْرَانُ، كسَكْرَانَ: موضع، نقله الصّاغانِيُّ.
وعَبَرْتَى، بفتح الأَوّل والثّاني وسكون الثّالث وزيادة مُثَنّاة: قرية قُرْبَ النَّهْرَوَانِ، منها عبدُ السّلامِ بنُ يُوسُفَ العَبَرْتِيُّ، حَدَّثَ عن ابنِ ناصِرٍ السلاميّ وغيرِه، مات سنة 623.
والعُبْرَةُ، بالضَّمّ: خَرَزَةٌ كان يَلْبَسُهَا رَبِيعَةُ بنُ الحَرِيشِ، بمنزلة التَّاجِ، فلُقِّبِ لذلِك ذا العُبْرَةِ، نقله الصّاغانِيُّ.
ويَوْمُ العَبَراتِ، مُحَرَّكَةً: من أَيّامِهِم، م، معرُوف.
ولُغَةٌ عابِرَةٌ: جائِزَةٌ، من عَبَرَ به النَّهْرَ: جازَ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
العابِرُ: الناظِرُ في الشيْءِ.
والمُعْتَبِرُ: المُسْتَدِلُّ بالشَّيْءِ على الشَّيْءِ.
والمِعْبَرَةُ، بالكسر: سفِينَةٌ يُعْبَرُ عليها النَّهْرُ. قَاله الأَزْهَرِيُّ.
وقال ابنُ شُمَيْل: عَبَرْتُ مَتَاعِي: باعَدْتُه، والوادِي يَعْبُر السَّيْلَ عنّا؛ أَي يُبَاعِدُه.
والعُبْرِيُّ، بالضّمّ، من السِّدْرِ: ما نَبَتَ على عِبْرِ النَّهْرِ وعَظُمَ، منسوبٌ إِليه، نادِرٌ. وقيل: هو ما لَا ساقَ له منه، وإِنّما يكون ذلك فيما قارَبَ العِبْرَ. وقال يَعْقوب: العُبْريُّ والعُمْرِيُّ منه: ما شَرِبَ الماءَ، وأَنشد:
لاثٍ به الأَشَاءُ والعُبْرِيُّ
قال: والذي لا يشرب الماءَ يكونُ بَرِّيًّا، وهو الضَّالُ.
وقال أَبو زَيْدٍ: يقال للسِّدْرِ وما عَظُمَ من العَوْسَجِ: العُبْرِيُّ، والعُمْرِيُّ: القَدِيمُ من السِّدْرِ، وأَنشد قولَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْتُ إِذَا تَجَوَّفَتِ العَوَاطِي *** ضُرُوبَ السِّدْرِ عُبْرِيًّا وضَالا
وعَبَرَ السَّفَرَ يَعْبُرُه عَبْرًا: شَقَّه، عن اللِّحْيَانِيّ.
والشِّعْرَى العَبُورُ: كَوكَبٌ نِيِّرٌ مع الجَوْزَاءِ، وقد تَقدّم في ش موضع ر، وإِنما سُمِّيَتْ عَبُورًا لأَنَّها عَبَرَت المَجَرَّةَ، وهي شامِيّةٌ، وهذا مَحَلُّ ذِكْرِهَا.
والعِبَارُ، بالكَسْر: الإِبِلُ القَوِيَّةُ على السَّيْرِ. وقال الأَصْمَعِيُّ: يقال: لقد أَسْرَعْتَ اسْتِعْبَارَكَ الدّراهِمَ؛ أَي استخْرَاجَك إِيّاها.
والعِبْرَةُ: الاعْتِبارُ بما مَضَى.
والاعْتِبَارُ: هو التَّدَبُّرُ والنَّظَرُ، وفي البصائِرِ للمصنّف: العِبْرَةُ والاعْتِبَارُ: الحالَةُ التي يُتَوَصَّلُ بها من معرفَةِ المُشَاهَد إِلى ما ليس بمُشَاهَدٍ.
وعَبْرَةُ الدَّمْعِ: جَرْيُهُ.
وعَبَرَتْ عَيْنُه، واسْتَعْبَرَتْ: دَمَعَتْ.
وحكَى الأَزْهَرِيّ عن أَبي زيد: عَبِرَ، كفَرِحَ، إِذا حَزِنَ، ومن دُعَاءِ العَرَبِ على الإِنْسَانِ: ماله سَهِرَ وعَبِرَ.
والعُبْر، بالضَّمّ: البُكَاءُ بالحُزْنِ، يقال: لأُمِّه العُبْرُ والعَبْرُ والعَبِرُ.
وجارِيَةٌ مُعْبَرَةٌ: لم تُخْفَضْ.
وعَوْبَرٌ، كجَوْهَر: مَوْضع.
والعَبْرُ، بالفَتْح: بلدٌ باليَمَن بين زَبِيدَ وعَدَنَ، قَرِيب من الساحِلِ الذي يُجْلَبُ إِليه الحَبَش.
وفي الأَزْدِ عُبْرَةُ، بالضَّمّ، وهو عَوْفُ بنُ مُنْهِبٍ. وفيها أَيضًا عُبْرَةُ بنُ زَهْرَانَ بن كَعْبٍ، ذَكرهما الصّاغانِيّ. قلتُ: والأَخيرُ جاهِلِيٌّ، ومُنْهِبٌ الذي ذكرَه هو ابنُ دَوْسٍ.
وعُبْرَةُ بنُ هَدَاد، ضَبطه الحَافِظُ.
والسَّيِّد العِبْرِيّ بالكسر، هو العَلّامَةُ بُرْهَانُ الدّينِ عُبَيْدُ الله بنُ الإِمَامِ شمْسِ الدّين مُحَمَّدِ بنِ غانِمٍ الحُسَيْنِيّ قاضِي تَبْرِيزَ، له تَصَانِيفُ تُوُفِّي بها سنة 743.
وفي الأَساسِ والبَصَائِرِ: وبنو فُلان يُعْبِرُونَ النّسَاءَ، ويَبِيعونَ الماءَ، ويَعْتَصِرُونَ العَطَاءَ. وأَحْصَى قاضِي البَدْوِ المَخْفُوضاتِ والبُظْرَ، فقال: وَجَدْتُ أَكْثَرَ العَفائِفِ مُوعَبَاتٍ، وأَكْثَرَ الفَوَاجِرِ مُعْبَرَات.
والعِبَارَةُ، بالكَسْر: الكَلامُ العَابِرُ من لِسَانِ المتكَلّم إِلى سَمْعِ السّامِع.
والعَبَّارُ، ككَتّانٍ: مُفَسِّرُ الأَحلامِ، وأَنشدَ المُبَرِّدُ في الكامِلِ:
رأَيْتُ رُؤْيَا ثُمَّ عَبَّرْتُها *** وكُنْتُ للأَحْلَامِ عَبّارَا
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
19-تاج العروس (ردف)
[ردف]: الرَّدْفُ بالْكَسْرِ: الرَّاكِبُ، خلْفَ الرَّاكِبِ، كَالْمُرْتَدِفِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، والرَّدِيفِ، وَجَمْعُه: رِدَافٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ أَيضًا، والرُّدَافَى، كَحُبَارَى، وَمنه قَوْلُ الرَّاعِي:وَخُودٌ مِنَ الَّلائِي يُسَمَّعْنَ في الضُّحَى *** قَرِيضَ الرُّدَافَى بِالْغِناءِ الْمُهَوَّدِ
وَيُقال: الرُّدَافَى هنا: جَمْعُ رَدِيفٍ، وبِهِمَا فُسِّرَ.
وكُلُّ مَا تَبِعَ شَيْئًا فهو رِدْفُهُ.
وقال اللَّيْثُ: الرِّدْفُ: كَوْكَبٌ قَرِيبٌ مِن النَّسْرِ الْوَاقِعِ.
والرِّدْفُ أَيضًا: تَبِعَةُ الْأَمْرِ، يُقال: هذا أَمْرٌ ليس له رِدْفٌ، أي: ليس لَهُ تَبِعَةٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو مَجَازٌ، ويُحَرِّكُ أَيضًا، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
والرِّدْفُ: جَبَلٌ، نقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
واللَّيْلُ والنَّهارُ، وهُمَا رِدْفَانِ، لأَنَّ كُلَّ واحدٍ منهما رِدْفُ الْآخَرِ، ويُقَالُ: لا أَفْعَلُهُ ما تَعَاقَبَ الرِّدْفَانِ، وهو مَجَازٌ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ، والصَّاغَانِيُّ.
والرِّدْفُ: جَلِيسُ المَلِكِ عَن يَمِينِهِ إِذا شَرِبَ، يَشْرَبُ بَعْدَهُ قَبْلَ النَّاسِ، ويَخْلُفُهُ علَى الناسِ إِذا غَزَا، وَيقْعُدُ مَوْضِعَ المَلِكِ حتى يَنْصَرِفَ، وإذا عادَتْ كَتِيبَةُ المَلِكِ أَخَذَ الرِّدْفُ المِرْبَاعَ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ومِن المَجَازِ: الرِّدْفُ في الشِّعْرِ: حَرْفٌ سَاكِنٌ مِن حُرُوفِ الْمَدِّ واللِّينِ، يَقَعُ قَبْلَ حَرْفِ الرَّوِيِّ، ليس بَيْنَهما شَيْءٌ، فإِن كان أَلِفًا لم يَجُزْ مَعَها غَيْرُهَا، وإِن كان وَاوًا جازَ مَعَهَا الياءُ، كذا في الصِّحاحِ.
قلت: وشاهدُ الأَوّل قولُ جَرِير:
أَقِلِّي اللَّوْمَ عَاذِلَ والْعِتَابَا *** وَقُولِي إِنْ أَصَبْتُ لقد أَصَابَا
وشاهِدُ الثَّانِي قوْلُ عَلْقَمَةَ بنِ عَبْدَةَ:
طحَا بِكَ قَلْبٌ في الْحِسَانِ طَرُوبُ *** بُعَيْدَ الشَّبَابِ حِينَ حَانَ مَشِيبُ
وَقال ابنُ سِيدَه: الرِّدْفُ: الأَلِفُ الْيَاءُ والواوُ التي قَبْلَ الرَّوِيِّ، سُمِّيَ بذلك لأَنَّهُ مُلْحَقٌ في الْتِزَامِهِ، وتَحَمُّلِ مُرَاعَاتِهِ بالرَّوِيَّ، فجَرَى مَجْرَى الرِّدْفِ للرَّاكِبِ.
والرِّدْفَانِ، في قَوْلِ لَبِيدٍ رَضِيَ الله تعالَى عنه يَصِفُ السَّفِينَةَ:
فَالْتَامَ طَائِفُهَا الْقَدِيمُ فَأَصْبَحَتْ *** ما إِنْ يُقَوِّمُ دَرْأَهَا رِدْفَانِ
قيل: هُمَا مَلَّاحَانِ يَكُونَانِ في، وَفي العُبَابِ، واللِّسَانِ: على مُؤَخَّرِ السَّفِينَةِ، وَالطَّائِفُ: ما يخرُج مِن الجَبَلِ كالأَنْفِ، وأَرَادَ هُنا: كَوْثَلَ السَّفِينَةِ.
وفي قَوْلِ جَرِيرٍ:
مِنْهُم عُتَيْبَةُ والْمُحِلُّ وقَعْنَبٌ *** وَالْحَنْتَفَانِ ومنهمُ الرِّدْفَانِ
هما: قَيْسٌ، وعَوْفٌ، ابْنَا عَتَّاب بنِ هَرَمِيٍّ، قَالَه أَبو عُبَيْدَةَ، أَو أَحَدُ الرِّدْفَيْنِ: مَالِكُ بنُ نُوَيْرَةَ، والثانِي: رَجُلٌ آخَرُ مِن بَنِي رَبَاحِ بنِ يَرْبُوعٍ، وَكانت الرِّدَافَةُ في الجاهِلِيَّةِ في بَنِي يَرْبُوعٍ، كما سَيأْتِي.
والرَّدِيفُ: نَجْمٌ آخَرُ قَرِيبٌ مِن النَّسْرِ الْوَاقِعِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وهو بعَيْنِه الرَّدْفُ الذي تَقَدَّم ذِكْرُه عن اللَّيْثِ.
والرَّدِيفُ أَيضًا: النَّجْمُ الذي يَنُوءُ مِن الْمَشْرِقِ إذا غَرَبَ، وَفي الصِّحاحِ: غَابَ رَقِيبُهُ في المَغْرِبِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
وقال أَبو حاتمٍ: الرَّدِيفُ: الذي يَجِيءُ بقِدْحِهِ بَعْدَ فَوْزِ أَحَدِ الأَيْسَارِ، أو الاثْنِينِ منهم، فَيَسْأَلُهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا قِدْحَهُ في قِدَاحِهِمْ، وقال غيرُه: هو الذي يَجِيءُ بقِدْحِهِ بَعْدَ ما اقْتَسَمُوا الجَزُورَ، فلا يَرُدُّونَهُ خائبًا، ولكنْ يَجْعَلُونَ له حَظًّا فيما صَارَ لَهُم من أَنْصِبَائِهِمْ، والجمعُ: رِدَافٌ.
وقال اللَّيْثُ: الرَّدِيفُ في قَوْلِ أَصْحَابِ النُّجُومِ: النَّجْمُ النَّاظِرُ إلى النَّجْمِ الطَّالِع، وَبه فُسِّرَ قَوْلُ رُؤْبَةَ:
ورَاكِبُ الْمِقْدَارِ والرَّدِيفُ *** أَفْنَى خُلُوفًا قَبْلَهَا خُلُوفُ
وَراكبُ المِقْدارِ: هو الطَّالِعُ.
وقال ابنُ عَبَّادٍ: بَهْمٌ رَدْفَى، كَسَكْرَى: أي وُلِدَتْ في الخَرِيفِ والصَّيْفِ في آخِرِ وِلَادِ الْغَنَمِ، فكأَنَّهَا رَدِفَ بَعْضُها بَعْضًا.
والرِّدَافُ، كَكِتَابٍ: الْمَوْضِعُ الذي يَرْكَبُهُ الرَّدِيفُ، وَأَخْصَرُ منه عبارةُ المُفْرَدَاتِ: والرِّدَافُ: مَرْكَبُ الرِّدْفِ، وفي الأَسَاسِ: ووَطَّأَ له علَى رِدَافِ دَابَّتِهِ، وهو مَقْعَدُ الرَّدِيفِ مِن وِطَائِهَا، ومنه قَوْلُ الشاعِر:
لِيَ التَّصْدِيرُ فَاتْبَعْ في الرِّدَافِ
والرِّدَافَةُ بِهَاءٍ: فِعْلُ رِدْفِ الْمَلِكِ، كالْخِلَافَة، وَكانَتْ في الجاهِليَّةِ لِبَنِي يَرْبُوعٍ، لأَنَّه لم يكُنْ في العربِ أَحَدٌ أَكْثَرَ غارةً علَى مُلُوكِ الحِيرَةِ مِنْ بَنِي يَرْبُوعٍ، فصَالَحُوهم علَى أن جَعَلُوا لَهُم الرِّدَافَةَ، ويَكُفُّوا عن أَهْلِ العِراقِ الغَارَةَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وأَنْشَدَ لجَرِيرٍ ـ وهو من بَنِي يَرْبُوعٍ ـ:
رَبَعْنَا وأَرْدَفْنَا الْملُوكَ فَظَلِّلُوا *** وِطَابَ الأَحَالِيبِ الثُّمَامَ الْمُنَزَّعَا
وِطَاب: جَمْعُ وَطْبِ اللَّبَنِ، قال ابنُ بَرِّيّ: الذي في شِعْرِ جَريرٍ: «ورَادَفْنَا الملُوكَ» قال: وعَلَيه يَصِحُّ كلامُ الجَوْهَرِيِّ، لأَنَّه ذكَره شَاهِدًا على الرِّدَافَةِ، والرِّدافَةُ مَصْدَر رَادَفَ لا أَرْدَفَ، وقال المبَرِّد: للرِّدافةِ مَوْضِعانِ: أَحَدُهما: أَنْ يُرْدِفَه الملُوكُ دَوَابَّهم في صَيْدٍ والآخَر [أنبلُ]، أَن يَخْلُفَ المَلِكَ إذا قامَ عن مَجْلِسِهِ، فَيَنْظُرَ في أَمْرِ الناسِ، قال: كان المَلِكُ يُرْدِفُ خَلْفَهُ رجلًا شَرِيفًا، وكانوا يَرْكَبُونَ الإِبِلَ، وأَرْدَافُ المُلُوكِ: هم الذين يَخْلُفُونَهم في القِيَامِ بأَمْرِ المَمْلَكَةِ، بمَنْزِلَةِ الوُزَرَاءِ في الإسْلامِ، واحدُهم رِدْفٌ، وَالاسْمُ الرِّدافَةُ، كالوِزَارَةِ.
والرَّوَادِفُ: رَوَاكِيبُ النَّخْلِ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، قال ابنُ بَرِّيّ: الرَّاكُوبُ: ما نَبَتَ في أصْلِ النَّخْلَةِ، وليس له في الأَرْضِ عِرْقٌ.
وقال ابنُ عَبّادٍ: الرَّوَادِفُ: طَرَائِقُ الشَّحْمِ، ومنه حديثُ أَبي هَرَيْرَةَ رضي الله عنه: «على أَكْتَافِهَا أَمْثَالُ النَّوَاجِدِ شَحْمًا، تَدْعُونَهُ أَنْتُم الرَّوَادِفَ
الْوَاحِدَةُ رَادِفَةٌ.
وأمَّا رَادُوفٌ، فهو وَاحِدٌ الرَّوَادِيفِ، بمعْنَى رَاكُوبِ النَّخْلِ، كما في المُحِيطِ.
والرُّدَافَى، كَحُبَارَى، الأَوْلَى تَمْثِيلُهَا بكُسَالَى: الْحُدَاةُ، أي حُدَاةُ الظُّعْنِ، والأَعْوَانُ، لأَنَّهُ إذا أَعْيَا أَحَدُهُمْ خَلَفَهُ الآخَرُ، وقال لَبِيدٌ رَضِيَ الله تعالَى عنه:
عُذَافِرَةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدَافَى *** تَخَوَّنَهَا نُزُولِي وارْتِحَالِي
وهو جَمْعُ رَدِيفٍ، كالفُرَادَى جَمْعُ فَرِيد، ومنه قَوْلُهم: جَاءُوا رُدَافَى، أي؛ مُتَرَادِفِينَ يَتْبَعُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَذلك إذا لم يَجِدُوا إِبِلًا يتَفَرَّقُون عليها، ورأَيْتُ الجَرَادَ رُدَافَى، رَكِبَ بَعْضُها بَعْضًا، وجاءُوا فُرَادَى، ورُدَافَى: وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، مُتَرادِفِينَ. والرُّدَافَى ـ في قَوْلِ جريرٍ يَهْجُو الفرزدقَ وبَنِي كُلَيْبٍ:
ولكِنَّهُمْ يُكْهِدُونَ الحَمِير *** رُدَافَى علَى الْعَجْبِ والْقَرْدَدِ
ـ: جَمْعُ رَدِيفٍ، لا غَيْرُ، ويُكْهِدُونَ: يُتْعِبُونَ.
ورَدِفَهُ، كَسَمِعَهُ، وَعَلَيه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وغيرُه، ورَدَفَهُ، مِثْلُ نَصَرَهُ، وَبه قَرَأَ الأَعْرَجُ: رَدَفَ لَكُم، بفَتْحِ الدَّالِ: تَبِعَهُ، يُقَال: نَزَلَ بهم أَمْرٌ، فرَدِفَ لَهُم آخَرُ أَعْظَمُ منه، وقَوْلُه تعالَى: {عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ}، قال ابنُ عَرَفَةَ: أي دَنَا لكم، وقال غيرُه: جاءَ بَعْدَكُم، وَقيل: مَعْناه: رَدِفَكم، وهو الأَكْثَرُ، وقال الفَرَّاءُ: دَخَلَت اللَّامُ، لأَنَّه بمعنى قَرُبَ لكم، واللَّامُ صِلَةٌ، كقَوْلِهِ تعالَى: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}، كَأَرْدَفَهُ، مِثَالُ تَبِعَهُ وأَتْبَعَهُ، وَمنه قَوْلُه تعالَى: {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ}، قال الزَّجَّاجُ: يَأْتُونَ فِرْقَةً بَعْدَ فِرْقَةٍ، وقال الفَرَّاءُ: أي: مُتَتَابِعِينَ، رَدِفَه وأَرْدَفَهُ بمَعْنًى واحدٍ، وقَرَأَ أَبو جعفرٍ ونافِعٌ، ويعقوبُ، وَسَهْلٌ: مُرْدَفِينَ بفَتْحِ الدَّالِ، أي فُعِلَ ذلك بهم، أي: أَرْدَفَهُم الله بغَيْرِهِم، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ لخُزَيْمَةَ بنِ مالكِ بنِ نَهْدٍ، قلتُ: هو ابنُ زيدِ بنِ لَيْثِ بنِ سُوْدِ بنِ أَسْلَمَ بنِ الْحَافي بنِ قُضَاعَةَ:
إذا الْجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا *** ظَنَنْتُ بِآلِ فَاطِمَةَ الظُّنُّونَا
قلتُ: وبَعْدَهُ:
ظَنَنْتُ بهَا وظَنُّ المَرْءِ حَوْبٌ *** وَإِنْ أَوْفَى وإِنْ سَكَنَ الحَجُونَا
وَحَالَتْ دون ذلِك مِنْ هُمُومِي *** هُمُومٌ تُخْرِجُ الدَّاءَ الدَّفِينَا
قال الْجَوْهَرِيُّ: يَعْنِي فاطِمَةَ بنتَ يَذْكُرَ بنِ عَنَزَةَ أَحَدِ القَارِظَيْنِ.
قال ابنُ بَرِّيّ: ومِثْلُ هذا البيتِ قَوْلُ الآخَرِ:
قَلَامِسَةٌ سَاسُوا الأُمُورَ فأَحْسَنُوا *** سِيَاسَتَهَا حَتَّى أَقَرَّتْ لِمُرْدِفِ
قال: ومَعْنَى بيتِ خُزَيْمَةَ علَى ما حَكَاهُ عن أَبِي بكرِ بنِ السَّرَّاجِ، أنَّ الجَوْزَاءَ تَرْدُفُ الثُّرَيَّا في اشْتِدَادِ الحَرِّ، فتَتَكَبَّدُ السَّمَاءَ في آخِرِ اللَّيْلِ، وعندَ ذلك تَنْقَطِعُ المِيَاهُ، وتَجِفُّ، وَتَتَفَرَّقُ النَّاسُ في طَلَبِ المِيَاهِ، فتَغِيبُ عنه مَحْبُوبَتُه، فلا يَدْرِي أَيْنَ مَضَتْ، ولا أَينَ نَزَلَتْ.
وَقال شَمِرٌ: رَدِفْتَ وأَرْدَفْتَ: فَعَلتَ بنفسِك، فإِذا فَعَلْتَ بغَيْرِك، فأَرْدَفْتَ لا غيرُ، قال الزَّجَّاجُ: يُقَال: رَدِفْتُ الرَّجُلَ: إذا رَكِبْتَ خَلْفَه، وأَرْدَفْتُه: أَرْكَبْتُه خَلْفي، قال ابنُ بَرِّيّ: وَأَنْكَرَ الزُّبَيْدِيُّ: أَرْدَفْتُه مَعَهُ بمَعْنَى أَرْكَبْتُهُ، قال: وصَوَابُهُ: ارْتَدَفتُه، فأَمَّا أَرْدَفْتُه، وردِفْتُه، فهو أَن تكونَ أَنتَ رِدْفًا له، وَأَنْشَدَ:
إذَا الجَوْزَاءُ أَرْدَفَتِ الثُّرَيَّا *** لأَنَّ الجَوْزَاءَ خَلْفَ الثُّرَيَّا كالرِّدْفِ.
وأَرْدَفَتِ النُّجُومُ. إذا تَوَالَتْ.
ومُرادَفَةُ الْمُلُوكِ: مُفَاعَلَةٌ مِن الرِّدَافَةِ، وَمنه قَوْلُ جَرِيرٍ الذي تقدَّم ذِكْرُه: «رَبَعْنَا وأَرْدَفْنَا المُلُوكَ»، وتقدَّم الكلامُ علَيْهِ.
والمُرَادَفَةُ مِن الْجَرَادِ: رُكُوبُ الذَّكَرِ الأُنْثَى، ورُكُوبُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ.
ويُقَال: هَذِه دَابَّةٌ لا تُرَادِفُ، وَهو الكلامُ الفَصِيحُ، وَعليْه اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وجَوَّزَ اللَّيْثُ: لا تُرْدِفُ، وَتَبِعَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، والرَّاغِبُ، وقيل: هي قَلِيلَةٌ، أو مُوَلَّدَةٌ مِن كَلامِ الحَضَرِ، كما قَالَهُ الأَزْهَرِيُّ: أي لا تَحْمِلُ، وَفي الأَسَاسِ: لا تَقبَلُ رَدِيفًا.
وارْتَدَفَهُ: رَدِفَهُ، وَرَكِبَ خَلْفَهُ، قال الخليلُ: سَمِعْتُ رجلًا بمكَّةَ يَزْعُم أَنَّهُ مِن القُرَّاءِ، وهو يَقْرَأُ: مُرُدِّفِينَ، بضَمِّ المِيمِ والرَّاءِ وكَسْرِ الدَّالِ وتَشْدِيدِها ـ وعنه في هذا الوَجْهِ كَسْرُ الرَّاءِ ـ فالأولَى أَصْلُهَا: مُرْتَدِفِينَ، لكنْ بعدَ الإِدْغَامِ حُرِّكتِ الرَّاءُ بحَرَكةِ المِيمِ، وفي الثَّانِيَةِ، حَرَّكَ الرَّاءَ السَّاكِنَةَ بالكَسْرِ، وعنه في هذا الوجْهِ، وعن غيرِه بفَتْحِ الرَّاءِ، كأَنَّ حَرَكَةَ التَّاءِ أُلْقِيَتْ عليها، وعن الجَحْدَرِيِّ بسُكُونِ الراءِ وتشْدِيدِ الدَّالِ، جَمْعًا بيْنَ السَّاكِنَيْن. وارْتَدَفَ الْعَدُوَّ: إذا أَخَذَهُ مِن وَرَائِهِ أَخْذًا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عن الكِسَائِيِّ.
واسْتَرْدَفَهُ: سَأَلَهُ أَنْ يُرْدِفَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ عَن الكِسَائِيِّ، فأَرْدَفَهُ.
وقال الأَصْمَعِيُّ: تَرَادَفَا عليه، وتَعاوَنَا بمَعْنًى وَاحِدٍ، وَكذلك تَرَافَدَا.
ومن المَجَازِ: تَرَادَفَا، أي تَنَاكَحَا، قال اللَّيْثُ: كِنَايَةً عن فِعْلٍ قَبِيحٍ.
وتَرَادَفَا أَيْضًا: تَتَابَعَا، يُقَال: تَرَادَفَ الشَّيْءُ، أي: تَبِعَ بَعْضُه بَعْضًا.
ومِن المَجَازِ: الْمُتَرَادِفُ مِن الْقَوَافي: ما اجْتَمَع فِيهَا، أي في آخِرِهَا، سَاكِنَانِ وهي مُتَفَاعِلانْ، ومُسْتَفْعِلانْ، وَمُفَاعِلانْ، ومُفْتعلانْ، وفاعِلَتَانْ، وفعْلَتانْ، وفعْليانْ، وَمَفْعُولانْ، وفاعِلانْ، وفعْلانْ، ومَفَاعِيلْ، وفَعُولْ، سُمِّيَ بذلك لأَنَّ غَالبَ العَادةِ في أواخِرِ الأَبْيَاتِ أَن يكونَ فيها ساكنٌ واحِدٌ، رَوِيًّا مُقَيَّدًا كان، أو وَصْلًا، أو خُرُوجًا، فلمَّا اجتَمَعَ في هذه القافِيَةِ سَاكِنَانِ مُتَرادِفانِ كان أَحَدُ السَّاكِنَيْن رِدْفَ الآخَرِ، ولَا حِقًا بِه.
والمُتَرَادِفُ: أَنْ تَكُونَ أَسْمَاءٌ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وهي مُوَلَّدَةٌ، ومُشْتَقَّةٌ مِن تَرَاكُبِ الأَشْيَاءِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيّ.
ورَدَفَانُ، مُحَرَّكَةً: موضع، عن ابنِ دُرَيْدٍ.
ورِدْفَةُ، بِالْكَسْرِ: موضع آخَرُ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ.
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ:
رِدْفُ كُلِّ شَيْءٍ: مُؤَخَّرُه.
وَالرِّدْفُ: الكَفَلُ: والعَجُزُ، وخَصَّ بَعْضُهم به عَجِيزَةَ المَرْأَةِ، والجَمْعُ مِن كلِّ ذلك: أَرْدَافٌ.
وَالرَّوادِفُ: الأَعْجَازُ، قال ابنُ سِيدَه: ولا أَدْرِي أهو جَمْعُ رِدْفٍ، نَادِرٌ، أم هو جَمْعُ رَادِفَةٍ وكلُّه مِن الإتْباعِ.
وَالعَجَبُ مِن المُصَنِّفِ، كيف تَرَكَ ذِكْرَ الرِّدْفِ بمَعْنَى الكَفَلِ!، وقد ذَكَرَهُ اللَّيْثُ، والجَوْهَرِيُّ، والزَّمَخْشَرِيّ، وَالصّاغَانِيُّ.
والارْتِدَافُ: الاسْتِدْبارُ.
وَأَرْدَفَ الشَّيْءَ بالشَّيْءِ، وأَرْدَفَهُ عَلَيه: أَتْبَعَهُ عليْه، قال:
فأَرْدَفَتْ خَيْلًا على خَيْلٍ لِي *** كالثِّقْلِ إِذْ عَالَى بِهِ المُعَلِّي
وَجَمْعُ الرَّدِيفِ: رُدَفاءُ [ورُدافَى].
وَقال أَبو الهَيْثَمِ: يُقَال: رَدِفْتُ فُلانًا: أي صِرْتُ له رِدْفًا.
وَالرَّادِفُ: المُتَأَخِّرُ.
وَالمُرْدِفُ: المُتَقَدِّم.
وَقيل: مَعْنَى مُرْدِفِينَ في الآيَةِ: أي مُرْدِفِينَ مَلَائِكَةً أُخْرَى، فعلَى هذا يكونُونَ مُمَدِّينَ بأَلْفَيْنِ مِن المَلائِكَةِ، وَقيل: عَنَى بالمُرْدِفِينِ، المُتَقَدِّمِين للعَسْكَرِ، يُلْقُونَ في قُلوبِ العِدَى الرُّعْبَ، وقُرِئَ مُرْدَفِينَ بفَتْح الدَّالِ، أي أَرْدَفَ كُلُّ إِنْسَانٍ مَلَكًا، قَالَهُ الرَّاغِبُ.
وَالرِّدْفُ: الحَقِيبَةُ، وغيرُهَا مِمَّا يكونُ وَرَاءَ الإِنْسَانِ كالرِّدْفِ، ومنه قَولُ الشاعِرِ:
فَبِتُّ علَى رَحْلِي وبَاتَ مَكَانَهُ *** أُرَاقِبُ رِدْفي تَارَةً وأُبَاصِرُه
وَأَردَافُ النُّجُومِ: تَوَالِيهَا، وتَوَابعُهَا، قال ذُو الرُّمَّةِ:
وَرَدتُ وأَردَافُ النُّجُومِ كأَنَّهَا *** قَنَادِيلُ فِيهِنَّ الْمَصَابِيحُ تَزْهَرُ
وَيُروَى: «وأَردَافُ الثُّرَيَّا» يُقَالُ للجَوزَاءِ: رِدْفُ الثُّرَيا، وَأَرْدافُ النُّجُومِ: أَواخِرُهَا، وهي نُجُومٌ تَطْلُع بعدَ نُجُومٍ.
وَالرَّوَادِفُ: أَتْبَاعُ القَوْمِ المُؤَخَّرُونَ يقال: هم رَوَادِفُ، وَلَيْسُوا بأَرْدَافٍ.
وَردِفَهُم الأَمْرُ، وأَرْدَفَهُم: دَهَمَهُم، وهو مَجَازٌ.
وَرَدِفَتْهُم كُتُبُ السُّلْطَانِ بالعَزْلِ: جاءَتْ علَى أثَرِهم، وَهو مَجازٌ.
وَالرَّادِفَةُ: النَّفْخَةُ الثانيةُ، وقد ذَكَرَه المُصَنِّفُ اسْتِطْرادًا في «ر الجمع: ف» ولا يُسْتَغْنَى عن ذِكْرِه هنا. وَرَدِفَ لِفُلانٍ: صَارَ له رِدْفًا.
وَأَرْدَفَ له: جاءَ بَعْدَه.
وَتَرَدَّفَه: رَكِبَ خَلْفَه.
وَارْتَدَفَه: جَعَلَه رَدِيفًا، كما في الأَساسِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
20-تاج العروس (رأي)
[رأي]: ي الرُّؤيَةُ، بالضَّمِّ: إدْراكُ المَرْئي، وذلكَ أَضْرُب بحَسَبِ قُوَى النَّفْس: الأوَّل: النَّظَرُ بالعَيْنِ التي هي الحاسَّة وما يَجْرِي مجْراها، ومِن الأخيرِ قوْلُه تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ}، فإنَّه ممَّا أُجْرِي مجْرَى الرُّؤْيَة بالحاسَّةِ، فإنَّ الحاسَّةَ لا تَصحُّ على اللهِ تعالى، وعلى ذلكَ قَوْله: {يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ}.والثَّاني: بالوَهْمِ والتَّخَيّل نَحْو: أَرَى أَنَّ زيْدًا مُنْطَلقٌ.
والثَّالث: بالتّفَكّر نحو: {إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ}.
والرَّابع: بالقَلْبِ؛ أَي بالعَقْل، وعلى ذلك قوْلُه تعالى: {ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى}، وعلى ذلكَ قوْلُه: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى}.
قالَ الجوهريُّ: الرُّؤيَةُ بالعَيْنِ يتعدَّى إلى مَفْعولٍ واحدٍ، وبمعْنَى العِلْم يتعدَّى إلى مَفْعولَيْن، يقالُ: رأَى زيْدًا عالِمًا.
وقالَ الرَّاغبُ: رأَى إذا عدَّي إلى مَفْعولَيْن اقْتَضَى معْنَى العِلْم، وإذا عدَّي بإلى اقْتَضَى معْنَى النَّظَرِ المُؤدَّي إلى الاعْتِبار.
وقَدْ رأَيْتُه أَراهُ رُؤيَةً، بالضَّمِّ، ورَأْيًا وراءَةً مِثَالُ رَاعَةٍ؛ وعلى هذه الثَّلاثةِ اقْتَصَرَ الجَوهريُّ.
ورَأْيَةً؛ قالَ ابنُ سِيدَه: وليسَتِ الهاءُ فيها للمرَّة الواحِدَةِ إنّما هو مَصْدَرٌ كرُؤيَةٍ إلَّا أَنْ تُريدَ المرَّةَ الواحِدَةَ فيكونُ رأَيْتُه رَأْيةً كضَرَبْتُه ضَرْبةً، وأمَّا إن لم تُرِدْ فرَأْيَة كرُؤية وليسَتِ الهاءُ للواحِدِ.
ورُؤيانًا، بالضَّمِّ، هكذا هو في النسخ.
والذي في المُحْكَم: ورَأَيْتُه رِئْيانًا: كرُؤيَةِ، هذه عن اللحْيانيّ وضَبَطَه بالكسْرةِ فانْظُرْه.
وارْتَأَيْتُه واسْتَرْأَيْتُه: كرَأَيْته أَعْنِي مِن رُؤيَةِ العَيْنِ.
وقالَ الكِسائيُّ: اجْتَمَعَتِ العَرَبُ على هَمْز ما كانَ مِن رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأَيْت في رُؤْيَةِ العَيْنِ، وبعضُهم يَتْرك الهَمْز وهو قلِيلٌ، والكلَامُ العالي الهَمْزُ، فإذا جئْتَ إلى الأَفْعال المُسْتَقْبَلةِ أَجْمَعَ مَنْ يَهْمُز ومَنْ لا على تَرْك الهَمْز، قالَ: وبه نَزَلَ القُرْآن نحو قَوْلِهِ تعالى: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى}؛ {إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ}؛ {وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}؛ إلَّا تَيمَ الرّبابِ فإنَّهم يَهْمزُون مع حُرُوفِ المُضارعَةِ وهو الأصْل.
وحكَى ابنُ الأعرابيِّ: الحمدُ للهِ على رِيَّتكَ، كَنِيَّتِكَ؛ أَي رُؤيَتِكَ. قال ابنُ سِيدَه: وفيه صَنْعَةٌ وحَقِيقَتُها أنَّه أَرادَ رُؤيَتَك فأَبْدَلَ الهَمْزةَ واوًا إبدالًا صَحِيحًا فقالَ: رُوَيتِك، ثم أَدْغَمَ لأنَّ هذه الواوَ قد صارَتْ حرفَ علَّةٍ بما سُلِّط عليها مِن البَدَل فقالَ: رُيَّتِك ثم كَسَرَ الرَّاءَ لمجاوَرَةِ الياءِ فقال رِيَّتكَ.
والرَّآءُ، كشَدَّادٍ: الكثيرُ الرُّؤيَةِ؛ قالَ غَيْلانُ الربَعِيّ:
كأَنَّها وقد رَآها الرَّاءُ
والرُّؤيُّ، كصُلِيِّ، والرُّؤاءُ، بالضَّمِّ، والمَرْآةُ، بالفَتْحِ: المَنْظر.
ووَقَع في المُحْكَم أَوَّل الثَّلاثَة الرَّئيُ بالكَسْر مضبوطًا بخطّ يُوثَقُ به.
وفي الصِّحاحِ: المَرْآةُ على مَفْعَلة بفتْحِ العَيْن: المَنْظرُ الحَسَنُ، يقالُ: امْرآةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْآى كما تقولُ حَسَنَة المَنْظَرةِ والمَنْظَرِ؛ وفلانٌ حَسنٌ في مَرْآةِ العَيْن أَي في المَنْظرِ.
وفي المَثَلِ: تُخْبِرُ عن مَجْهولةٍ مَرْآتُه؛ أَي ظاهِرُه يدلُّ على باطِنِه. والرُّؤَاءُ، بالضمِّ: حُسْنُ المَنْظرِ؛ ا ه.
وقالَ ابنُ سِيدَه: أَو الأَوَّلانِ: حُسْنُ المَنْظَرِ، والثَّالِثُ مُطْلقًا حَسَنَ المَنْظرِ كانَ أَو قبيحًا.
وفي الصِّحاحِ: وقوْلُه تعالى: {هُمْ أَحْسَنُ أَثاثًا وَرِءْيًا}؛ من هَمَزَه جَعَلَه من المَنْظرِ من رَأَيْت، وهو ما رأَتْهُ العَيْن مِن حالِ حَسَنَةٍ وكُسْوَةٍ ظاهِرَةٍ؛ وأَنْشَدَ أَبو عبيدَةَ لمحمدِ بنِ نُمَيرٍ الثَّقفي:
أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا *** بذي الرأي الجميلِ من الأَثاثِ
ومن لم يَهْمزْه إمَّا أنْ يكونَ على تَخْفيفِ الهَمْز أَو يكونَ مِن رَوِيَتْ أَلْوانهم وجُلُودهم رِيَّا: امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ، ا ه.
وما له رُؤَاءٌ ولا شاهِدٌ؛ عن اللحْيانيّ لم يَزِدْ شيئًا.
والتَّرْئِيَةُ: البَهاءُ وحُسْنُ المَنْظرِ، اسمٌ لا مَصْدر؛ قالَ ابنُ مُقْبل:
أَمَّا الرُّؤَاءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ *** مِثل الجِبالِ التي بالجِزْع منْ إضَمِ
واسْتَرآهُ: اسْتَدْعَى رُؤْيَتَهُ؛ كذا في المُحْكَم.
وأَرَيْتُه إيَّاهُ إراءَةً وإراءً، المَصْدرَانِ عن سِيْبَوَيْه، قالَ: الهاءُ للتَّعْويض، وتَرْكُها على أَن لا يعوَّض وَهْمٌ ممَّا يُعوِّضُونَ بَعْد الحذْفِ ولا يُعَوِّضون.
وَرَاءَيْتُهُ مُرَاءَةً ورِئَاءً، بالكسْرِ: أَرَيْتُه أَنِّي على خِلافِ ما أَنا عليه.
وفي الصِّحاح: يقالُ: رَاءَى فلانٌ الناسَ يُرائِيهم مُرَاءَاةً، ورَايَاهُم مُراياةً، على القَلْب، بمعْنَى، انتَهَى؛ ومنْه قوْلُه تعالى: {بَطَرًا وَرِئاءَ النّاسِ}؛ وقوْلُه تعالى: {الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ} يَعْني المُنافِقِيَّن إذا صلَّى المُؤمِنون صَلَّوا مَعَهم يرونهم أنَّهم على ما هم عليه.
وفي المِصْباح: الرّياءُ هو إظْهارُ العَمَلِ للناسِ ليَرَوه ويَظنُّوا به خَيْرًا، فالعَمَل لغيرِ اللهِ، نَعُوذُ باللهِ.
وقال الحرالي: الرّياءُ الفِعْلُ المَقْصودُ به رُؤية الخَلْق غَفْلَة عن الخالِقِ وعِمَايَة عنه؛ نَقَلَه المَناوي.
وفي الصِّحاحِ: وفلانٌ مُراءٍ وقوْمٌ مُراؤونَ، والاسمُ الرِّياءُ. يقالُ: فَعَلَ ذاكَ رياءً وسُمْعَةً.
كَرَأَّيْتُه تَرْئِيَةً؛ نَقَلَهُ الفرَّاء عن العَرَبِ، قالَ: وقَرَأ ابنُ عبَّاس: يرأون الناس.
ووَرَاءَيْتُهُ مُرَاءَاةً ورِئاءً؛ قابَلْتُه فَرَأَيْتُه؛ كذا في المُحْكَم.
والمِرْآةُ، كمِسْحاةٍ: ما تَرَاءَيْتَ فِيهِ.
وفي الصِّحاحِ: التي يَنْظُرُ فيها؛ وثلاثُ مراء والكَثيرُ مَرايا. وقالَ الرَّاغبُ: المِرْآةُ ما تَرى فيه صُوَر الأَشياءِ، وهي مِفْعَلة من رأَيْتُ نَحْوِ المِصْحَف من صحفت، وجَمْعُها مراء.
وقالَ الأزْهريُّ: جَمْعُها مَراءٍ، ومن حَوَّلَ الهَمْزةَ قالَ مَرايا.
ورَأَّيْتُه؛ أَي الرَّجُل، تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها؛ أَي المِرْآةَ، عليه، أَو حَبَسْتُها له يَنْظُرُ فيها نَفْسَه.
وفي الصِّحاحِ: قالَ أَبو زيْدٍ: رَأَّيْتُ الرَّجُل تَرْئِيَةً إذا أَمْسَكْتَ له المِرْآةَ ليَنْظُر فيها.
وتَراءَيْتُ فيها؛ أَي المِرْآة بالمدِّ، وتَرَّأَيْتُ، بالتَّشْديدِ.
وفي الصِّحاحِ: فلانٌ يَتَرَاءَى أَي يَنْظُرُ إلى وَجْهِه في المِرْآةِ أَو في السَّيْفِ.
والرُّؤيا، بالضمِّ مَهْموزًا، وقد يُخفَّفُ، ما رَأَيْتَه في مَنامِكَ، وفيها لُغاتٌ يأْتي بيانُها في المُسْتدركاتِ.
وقالَ اللَّيْثُ: رأَيْتُ رُؤيا حَسَنةً، ولا تُجْمَع.
وقالَ الجَوهريُّ: رأَى في مَنامِه رُؤيا، على فُعْلى بِلا تَنْوِين، والجمع: رُؤًى بالتَّنْوين، كَهُدًى ورُعًى.
والرَّئِيُّ، كغَنِيِّ ويُكْسَرُ: جنّيُّ يَتَعرَّضُ للرَّجُلِ يُرِيه كهانَةً أَو طِبًّا يقالُ: مع فلانٍ رِئِيٌّ وضبطه بالكسْرِ.
وفي المُحْكَم: هو الجِنُّ يَراهُ الإِنْسانُ.
وقالَ اللحْيانيُّ: له رَئِيُّ؛ أَي جنِّيٌّ يُرَى فَيُحَبُّ ويُؤلَفُ؛ وفي حدِيثٍ: «قالَ لسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الذي أَتاكَ رَئِيُّكَ بظُهورِ رَسُولِ اللهِ؟ قالَ: نعم».
قالَ ابنُ الأثيرِ: يقالُ للتَّابعِ مِن الجنِّ رَئِيٌّ ككَمِيِّ، وهو فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي به لأنّه يَتَراءَى لمتْبوعِه، أَو هو مِن الرَّأْي، مِن قوْلِهم: فلانٌ رَئِيُّ قوْمِهِ إذا كانَ صاحِبَ رأْيِهِم، وقد تُكْسَرُ راؤه لاتِّباعِها ما بَعْدها.
أَو المَكْسُورُ: للمَحْبُوبِ منهم، وبالفتْحِ لغيرِهِ.
والرَّئِيُّ أَيْضًا: الحيَّةُ العَظيمَةُ تَتَراءَى للإِنْسَانِ تَشْبِيهًا بالجِنِّيِّ، ومنه حدِيثُ أبي سعيدٍ الخَدْريّ: «فإذا رَئِيٌّ مثل نِحْيٍ»، يَعْني حَيَّةً عَظِيمةً كالزِّقِّ.
قالَ ابنُ الأثيرِ: سمَّاها بالرَّئِيِّ الجنِّيّ لأنَّهم يَزْعمونَ أنَّ الحيَّاتِ مِن مَسْخ الجِنِّ، ولهذا سَمّوه شَيْطانًا وجانًّا.
والرِّئِيُّ بالوَجْهَيْن: الثَّوْبُ يُنْشَرُ ليُباعَ؛ عن أبي عليِّ.
وتَرَاءَوْا: رَأَى بعضُهم بعضًا، وللاثْنَيْن تَرَاءَيا.
وقالَ الراغبُ في قوْلِه تعالى: {فَلَمّا تَراءَا الْجَمْعانِ}؛ أَي تَقارَبا وتَقابَلا بحيثُ صارَ كلُّ واحِدٍ بحيثُ يتَمَكَّن بِرُؤْيَةِ الآخِر ويتمَكَّنُ الآخَرُ من رُؤْيَتِه.
وتَراءَى النَّخْلُ: ظَهَرَتْ أَلْوانُ بُسْرِهِ؛ عن أَبي حنيفَةَ؛ وكُلُّه مِن رُؤْيَةِ العَيْن.
وتَراءَى لي وتَرَأَّى، على تَفاعَلَ وتَفَعَّل: تَصَدَّى لأَراهُ.
وفي الحدِيثِ: «لا تَرَاءَى نارُهُما»؛ كذا في النُّسخ ونَصّ الحدِيثِ: نارَاهُما؛ أَي لا يَتَجاوَرُ المُسْلِمُ والمُشْرِكُ بل يَتَباعَدُ عنه مَنْزلَةً بحيثُ لَوْ أَوْقَدَ نارًا ما رَآها.
وفي التَّهذيبِ: أَي لا يحلُّ لمُسْلِمٍ أنْ يَسْكُنَ بِلادَ المُشْرِكين فيكونُ معهم بقَدْرِ ما يَرَى كلٌّ منهما نارَ الآخَرِ؛ قالَهُ أَبو عبيدٍ.
وقالَ أَبو الهَيْثم: أَي لا يَتَّسِمُ المُسْلِم بسِمَةِ المُشْرِك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيه وشَكْلِه، ولا يَتَخَلَّقُ بأَخْلاقِه، من قوْلِك: ما نَارُ بَعِيرِكَ أَي ما سِمَتُه.
وفَسَّرَه ابنُ الأثيرِ بنَحْو ممَّا فَسَّره أَبو عبيدٍ، وزادَ فيه: ولكنَّه يَنْزلُ مع المُسْلمين في دارِهم وإنَّما كَرِه مُجاوَرَة المُشْرِكين لأنَّه لا عَهْدَ لهم ولا أَمانَ.
قالَ: وإسْنادُ التَّرائِي إلى النارَيْن مَجازٌ مِن قَوْلهم دارِي تَنْظُر إلى دارِ فلانٍ؛ أَي تُقابِلُها.
ويقالُ: هو منِّي مَرْأَى ومَسْمَعٌ، بالرَّفْع ويُنْصَبُ، وهو مِن الظُّروفِ المَخْصوصَةِ التي أُجْرِيَت مُجْرَى غَيْر المَخْصوصَة عنْدَ سِيْبَوَيْه، قالَ: هو مثل مَناطَ الثُّرَيَّا ودرج السُّيُول، أي هو منِّي بحيثُ أَراهُ وأَسْمَعُهُ.
وفي الصِّحاحِ: فلانٌ منِّي بمَرْأَى ومَسْمَع؛ أَي حيثُ أَراهُ وأَسْمَعُ قَوْلَه.
وهُم رِئاءُ أَلْفٍ، بالكسْرِ: أَي زهاؤهُ في رَأْي العَيْنِ؛ أَي فيمَا تَرى العَيْن.
ويقالُ: جاءَ حِينَ جَنَّ رُؤيٌ ورُؤيًا، مَضْمُومَتَيْنِ، ورَأْيَ ورَأْيًا، مَفْتُوحَتَيْنِ: أَي حِينَ اخْتَلَطَ الظَّلامُ فَلَمْ يَتَرَاءَوْا؛ كذا في المُحْكَم.
وارْتَأَيْنا في الأمْرِ وتَراءَيْنا هُ: أي: نَظَرْناهُ.
وقال الجوهريُّ: ارْتآهُ ارْتِئاءً، افْتَعَل من الرَّأْيِ والتَّدْبيرِ.
وقالَ ابنُ الأثيرِ: هو افْتَعَل مِن رُؤْيَةِ القَلْبِ أَو مِن الرَّأْيِ، ومَعْنى ارْتَأَى فَكَّرَ وتأَنَّى، ا ه.
وأَنْشَدَ الأزْهريُّ:
أَلا أَيُّها المُرْتَئِي في الأمُورِ *** سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانها
والرَّأْيُ: الاعْتِقادُ، اسمٌ لا مَصْدَرٌ كما في المُحْكَم.
وقالَ الَّراغبُ: هو اعْتِقادُ النَّفْسِ أَحَد النَّقِيضَيْن عن غلبةِ الظنِّ، وعلى هذا قوْلُه عزّ وجلّ: {يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ}؛ أَي يظنُّونَهم بحَسَبِ مُقْتَضى مشاهَدَةِ العَيْنِ مَثِلَيهم.
الجمع: آراءٌ لم يكَسَّر على غَيْرِ ذلك.
وحكَى الجوهريُّ في جَمْعه: أَرآءٌ مَقْلُوبٌ.
وحكَى اللّحْيانيُّ في جَمْعه: أَرْيٌ كأَرْعٍ، ورُيٌّ بالضَّمِّ ورِيٌّ بالكسْرِ.
والذي في نَصّ المُحْكم عن اللّحْياني رُئي بالضم والكسر وصحيح عليه.
ورَئِيٌّ، كغَنِيِّ، قالَ الجوهريُّ: هو على فَعِيلٍ مثْل ضَأنٍ وضَئِينٍ.
قالَ ابنُ الأثيرِ: وقد تَكرَّر في الحديثِ: أَرَأَيْتَكَ وأَ رَأَيْتَكُما وأَ رَأَيْتَكُم، وهي كلمةٌ تَقُولُها العَرَبُ عنْدَ الاسْتِخْبارِ بمَعْنَى أَخْبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِروني، والتَّاءُ مَفْتُوحَةٌ أَبَداٌ، هذا نَصّ النهايةِ.
وقالَ الرَّاغبُ: يَجْرِي أَرَأَيْتَ بمجْرَى أَخْبِرْني فتَدْخُلُ عليه الكَافُ وتُتْرَكُ التاءُ على حالتِه في التَّثْنِية والجَمْع والتَّأْنِيثِ ويُسَلَّط التَّغْيير على الكافِ دُونَ التاءِ، قالَ تعالى: {أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ}؛ {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ}؛ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ}؛ {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا}؛ كلُّ ذلكَ فيه مَعْنى التَّنْبيه.
* قُلْتُ: وللفرَّاء والزجَّاج وأبي إسْحق هنا كَلامٌ فيه تَحْقيقٌ انْظُرْه في التَّهْذيبِ تَرَكْتُه لطُولِه.
ثم قالَ ابنُ الأثيرِ: وكَذلِكَ تكرر أَلَمْ تَر إلَى كذا، أَلَمْ تَر إلَى فلانٍ، وهي كَلمةٌ تُقالُ عند التَّعَجُّبِ مِن الشَّيءِ، وعنْدَ تَنْبِيه المُخاطبِ كقوْلِه تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ}، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ}، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ}؛ أَي أَلَمْ تَعْجَب بفِعْلِهم ولا يَنْتَه شَأْنُهُم إليك.
وقالَ الراغبُ: إذا عُدِّي رَأَيْت بإلى اقْتَضَى مَعْنى النَّظَر المُؤَدِّي للاعْتِبارِ، وقد تقدَّمَ قرِيبًا.
وحكَى اللّحْيانيُّ: هو مَرْآةٌ بكذا وأنْ يَفْعَل كذا كَمسْعاةٍ: أَي مَخْلَقَةٌ، وكذا الاثْنانِ والجَمْع والمُؤَنَّثُ. وأَنا أَرْأَى أَنْ أَفْعَل ذلكَ: أَي أَخْلَقُ وأَجْدَرُ بِه.
والرِّئَةُ، كعِدَةٍ: مَوْضِعُ النَّفَسِ والرِّيحِ من الحَيوانِ.
قالَ اللَّيْثُ: تُهْمَزُ ولا تُهْمَزُ.
وقالَ الرَّاغبُ: هو العُضْو المُنْتَشِر عن القَلْب.
وفي الصِّحاحِ: الرِّئَةُ السَّحْرُ، مَهْموزٌ، والهاءُ عِوَضٌ مِن الياءِ، الجمع: رِئاتٌ وَرِئُونَ، بكَسْرِهما على ما يَطَّرِد في هذا النَّحْو؛ قالَ الشَّاعِرُ:
فغِظْنَاهُمُ حتَّى أَتَى الغَيْظُ مِنْهُم *** قُلوبًا وأَكْبادًا لهُم ورِئِينَا
قالَ ابنُ سِيدَه: وإنَّما جازَ جَمْع هذا ونحْوه بالواوِ والنونِ لأنَّها أَسْماءٌ مَجْهودَةٌ مُنْتَقَصَة ولا يُكَسَّر هذا الضَّرْب في أَوَّلِيّته ولا في حَدِّ النِّسْبة.
ورَآهُ: أَصابَ رِئَتَه؛ نَقَلَهُ الجَوهرِيُّ وابنُ سِيدَه.
وقالَ الرَّاغبُ: ضَرَبَ رِئَتَه.
ورَأَى الرَّايَةَ: رَكَزَها في الأرْضِ؛ كأَرْآها، وهذه عن اللّحْياني، قال ابن سِيدَه: وهمزه عندي على غير قياس، وإنمَّا حكمه أرييتها ورَأَى الزَّنْدَ أَوْقَدُهُ فَرَأَى هو بنفسه أي وقد، وهذا المطاوعُ عن كُراعٍ.
ويقالُ: أَرَى اللهُ بفُلانٍ كذا وكذا: أَي أَرَى النَّاسَ به العَذابَ والهَلاكَ، ولا يقالُ ذلكَ إلَّا في الشَّرِّ؛ قالَهُ شَمِرٌ.
وقالَ الأَصْمعيُّ: يقالُ: رَأْسٌ مُرْأَى، كَمُضْنًى: طَويلُ الخَطْمِ فيه تَصْويبٌ؛ كذا في المُحْكَم وفي التَّهْذِيبِ:
كهَيْئةِ الإِبْرِيقِ وأَنْشَدا لذي الرُّمَّة:
وجَذْب البُرَى أَمْراسَ نَجْرانَ رُكِّبَتْ *** أَوَاخِيُّها بالمُرْأَياتِ الرَّواجِفِ
قال الأزْهريُّ: يَعْني أَوَاخِيَّ الأَمْراسِ، وهذا مَثَل.
وقالَ نَصِيرُ: رؤوس مُرْأَياتٌ كأَنَّها قَوارِيرُ قالَ ابنُ سِيدَه: وهذا لا أَعْرِف له فعْلًا ولا مادَّةً.
وفي التَّهذيبِ: اسْتَرْأَيْتُه في الرَّأْي: أَي اسْتَشَرْتُه؛ ورَاءَيْتُه، على فاعَلْته، وهو يُرائِيهِ؛ أَي شاوَرْتُه؛ قالَ عِمْرانُ ابنُ حطَّان:
فإن نَكُنْ نحن شاوَرْناكَ قُلْتَ لنا *** بالنُّصْحِ مِنْكَ لَنَا فِيمَا نُرائِيك
وأَرْأَى الرَّجُل إِرْآءً: صارَ ذا عقلٍ ورَأْىٍ وتَدْبيرٍ.
وقالَ الأَزْهريُّ: أَرْأَى إرْآءً تَبَيَّنَتْ آرَاؤُه، وهي الحَماقَةُ في وجْهِهِ، وهو ضِدٌّ وفيه نَظَرٌ.
وأَرْأَى نَظَرَ في المِرْآةِ.
وفي التَّهْذيبِ تَراءَى مِن المُرَاءَةِ وهي لُغَةٌ في رَأْرَأ.
قال: وأَرْأَى صارَ له رَئيٌّ مِن الجِنِّ، وهو التَّابعُ.
وأَرْأَى عَمِلَ صالحًا رئاءً وسُمْعَةً.
قالَ: وأَرْأَى: اشْتَكَى رِئَتَهُ.
وأَرْأَى: حَرَّكَ جَفْنَيْهِ، وفي التَّهْذيبِ: بعَيْنَيْه، عند النَّظَرِ تَحْرِيكًا كَثيرًا، وهو يُرْئِي بعَيْنِه، وهي لُغَةٌ في رَأْرأ.
وأَرْأَى تَبِعَ رَأْيَ بعضِ الفُقَهاءِ في الفقْهِ.
وأَرْأَى: كَثُرَتْ رُؤَاهُ زِنَة رُعاهُ، وهي أَحْلَامُه، جمعُ الرُّؤْيا.
وأَرْأَى البَعيرُ: انْتَكَبَ خَطْمُه على حَلْقِه قالَهُ النَّصْرُ، فهو مُرْأَى كمُضْنى، وهنَّ مُرْأَياتٌ، وقد تقدَّمَ شاهِدُه قريبًا.
وأَرْأَتِ الحامِلُ مِن، النَّاقَةِ والشَّاةِ، غَيْرِ الحافِرِ والسَّبُع: رُئيَ في ضَرْعِها الحَمْلُ واسْتُبِينَ؛ وكذا المَرْأَةُ وجَمِيعُ الحَوامِلِ، فهي مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ؛ نقلهُ ابنُ سِيدَه.
وقالَ اللّحيانيُّ: يقالُ إنَّه لخبيثٌ ولا تَرَ ما فلانٌ ولا تَرى ما فلانٌ، رفْعًا وجَزْمًا، وإذا قالوا: إنه لخبيثٌ ولَمْ تَرَ مَا فُلانٌ قالوه بالجَزْم، وفلانٌ كُلّه بالرَّفْع؛ وكذا وأ وَتَرَ ما عن ابن الأعرابيِّ؛ وكذا ولَوْ تَرَ ما ولَوْ تَرَى ما؛ كُلُّ ذلكَ بمعْنَى لا سِيَّما؛ حَكَاه كُلّه عن الكِسائي، كذا في التهْذِيبِ.
وذُو الرَّأْيِ: لَقَبُ العبَّاسِ بنِ عبْدِ المُطَّلبِ الهاشِمِيّ، رضي الله عنه.
وأَيْضًا لَقَبُ الحُبابِ بنِ المُنْذرِ الأنْصارِيّ لُقِّبَ به يَوْم السَّقِيفَة إذ قالَ: أنَا جُذْيلُها المُحكَّك وعُذيقُها المُرَجَّب.
وأَبو عُثْمانَ رَبيعَةُ بنُ أَبي عبْدِ الرحمنِ فروخ التَّيمِيّ مَوْلى آلِ المُنْكَدر صاحِبُ الرَّأْيِ والقائِلُ به، سَمِعَ أَنَسًا والسائِبَ بن يَزِيد، وهو شَيْخُ مالِكٍ والثَّوْرِي وشعْبَةَ، ماتَ سَنَة 136.
وهِلالُ الرَّأْي بنُ يَحْيَى بنِ مُسْلم البَصْريُّ مِن أعْيانِ الحَنَفِيَّة كَثيرُ الخَطَأ لا يُحْتج به.
وسُرَّ مَنْ رَأَى، بالضمِّ، وسَرَّ مَنْ رَأَى، وسَاءَ مَنْ رَأَى، وسَامَرَّا، عن ثَعْلَب وابنِ الأنْبارِي؛ وهي لُغاتٌ في المَدينَةِ التي بَناها المُعْتصمُ العبَّاسي، وقد ذُكِرَتْ في «س ر ر».
وأَصْحابُ الرَّأْي عنْدَ أَهْلِ الحدِيث هُم: أَصْحابُ القِياسِ لأَنَّهُمْ يقولُون برَأْيِهِم فيما لم يَجِدُوا فيه حَديثًا أَو أَثَرًا، أَو فيمَا أَشْكلَ عليهم مِن الحدِيثِ، قالَهُ ابنُ الأثير.
وأَمَّا عنْدَ غيرِهم فإنَّه يقالُ: فلانٌ من أَهْلِ الرَّأْي إذا كانَ يَرَى رَأْىَ الخوارِجِ ويقولُ بمَذْهَبِهم؛ ومنه حدِيثُ الأَزْرَق بنِ قَيْس: «وفِينا رجُلٌ له رَأْيٌ».
* وَمِمَّا يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: يقالُ: رَيْتَه على الحَذْفِ، أَنْشَدَ ثَعْلَب:
وَجْناء مُقَوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها *** مَنْ لم يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا
وأنا أَرَأُهُ والأَصْلُ أَرآهُ، حَذَفُوا الهَمْزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتَها على ما قَبْلَها.
قالَ سِيْبَوَيْه: كلُّ شيءٍ كانت أَوَّلَه زائِدَةٌ سِوَى أَلِف الوَصْل مِن رَأَيْت فقد اجْتَمَعَتِ العَرَبُ على تَخْفيفِ هَمْزه لكَثْرهِ اسْتِعْمالِهم إيَّاه، جَعَلُوا الهَمْزة تُعاقِب.
قالَ: وحَكَى أَبو الخطَّاب قَدْ أَرْآهم، فجِيءَ به على الأصْل قالَ:
أَحِنُّ إذا رَأَيْتُ جِبالَ نَجْدٍ *** ولا أَرْأَى إلى نَجْدٍ سَبِيلا
قالَ بعضُهم: ولا أَرَى على احْتِمالِ الزِّحافِ؛ وقالَ سُراقَةُ البارِقيّ:
أَرَى عَيْنَيَّ ما لم تَرْأَياهُ *** كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ
ورَواهُ الأَخْفَش: ما لم تَرَياهُ، على التَّخْفيفِ الشائِع عن العَرَب في هذا الحَرْف.
ويقولُ أَهْلُ الحجازِ في الأَمْرِ مِن رَأَى: وَذلك، وللاثْنَيْن: رَيا، وللجَمْع: رَوْا ذلكَ، ولجماعَةِ النِّسْوةِ: رَيْنَ ذا كُنَّ.
وبَنُو تمِيمٍ يَهْمزُونَ في جميعِ ذلكَ على الأصْلِ.
وتَراءَيْنا الهِلالَ: تَكَلَّفْنا النَّظَرَ هل نَراهُ أَمْ لا.
وقيلَ: تَراءَيْنا نَظَرْنا؛ وقالَ أَبو ذُؤَيْب:
أَبَى اللهُ إلَّا أن يُقِيدَكَ بَعْدَما *** تَراءَيْتُموني من قَرِيبٍ ومَوْدِقِ
وفي الحدِيثِ: لا يَتَمَرْأَى أَحَدُكم في الماء؛ أَي لا يَنْظُرُ وَجْهَه فيه، وَزْنُه يَتَمفْعَل، حَكَاه سِيْبَوَيْه. وحَكَى الفارِسيُّ عن أَبي الحَسَن: رُيَّا لُغَةٌ في الرُّؤْيا، قالَ: وهذا على الإدْغام بَعْدَ التَّخْفيفِ البَدَليُّ؛ وحَكَى أَيْضًا رِيَّا أَتْبَع الياءَ الكَسْرَ.
وقالَ الأزْهريُّ: زَعَمَ الكِسائيُّ أنَّه سَمِعَ أَعْرابيًّا يقْرَأُ إنْ كُنْتُم للرُّيَّا تَعْبُرُونَ.
ورَأَيْتُ عَنْك رُؤًى حَسَنَةً: أَي حملتها.
وقالوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذاكَ، وهو مِن نادِرِ المصادِرِ عنْدَ سِيْبَوَيَه، ونَظِيرُهُ سَمْعَ أُذُنِي، ولا نَظِير لهُما في المُتَعَدِّيات.
والتَّرِيَّةُ: الشَّيءُ الخفِيُّ اليَسِيرُ مِن الصُّفْرةِ والكُدْرةِ تَراها المَرْأَةُ بَعْد الاغْتِسالِ من الحيْضِ، فأَما ما كانَ في أَيَّامِ الحيْضِ فهو حَيْضٌ وليسَ بتَرِيَّة؛ ذَكَرَهُ الجوهريُّ.
وزادَ في المُحْكَم فقالَ: والتَّرْئِيَةُ والتريةُ، بالكسْرِ؛ قالَ: والفَتْح مِن التَّرِيَّة نادِرٌ، ثم قالَ: وقيلَ: التَّرِيَّةُ الخِرْقَةُ التي تَعْرِفُ بها حَيْضَتَها مِن طُهْرها، وهو مِن الرُّؤيَةِ.
ومِن المجازِ: رَأَى المَكانُ المَكانَ: إذا قابله حتى كأنَّه يَراهُ؛ قالَ ساعِدَةُ:
لمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بكِرْفِئٍ *** عَكِرٍ كما لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ
وقرأ أبو عمرو: أَرْنَا مَنَاسِكَنا، وهو نادِرٌ لمَا يَلْحَقُ الفِعْلَ مِنَ الإِجْحافِ.
ودُورُ القَوْمِ مِنّا رِئاءٌ: أَي مُنْتَهَى البَصَرِ حيثُ نَراهُم.
وقوْلُهم: على وَجْهِه رَأْوَةُ الحُمْقِ إذا عَرَفْتَ الحُمْقَ فيه قبل أَنْ تَخْبُرَهُ؛ نقلَهُ الجَوْهريُّ والأزْهرِيُّ.
وإنَّ في وَجْهِه لَرُؤَاوَةً، كثُمامَةٍ: أَي نَظْرَةً ودَمامَةً؛ نقلَهُ الأزْهريُّ.
وأَرْأَتِ الشاةُ: إذا عَظُمَ ضَرْعُها، فهي مُرْءٍ؛ نقلَهُ الجَوهريُّ.
وقوْمٌ رِئاءٌ: يقابِلُ بعضُهم بعضًا.
وأَرَني الشَّيءَ: عاطنِيه.
ورُؤَيَّةُ، كسُمَيَّة مَهْموزة: تَصْغِير رِئَة.
وأَيْضًا: اسمُ أَرْضٍ، ويُرْوَى بَيْت الفَرَزْدق.
هل تَعْلَمون غَدَاةَ يُطْرَدُ سَبْيُكُم *** بالسَّفْحِ بينَ رُؤَيَّةٍ وطِحَالِ؟
ورَأَيْتُه رَأْي العَيْن: أَي حيثُ يَقَعُ عليه البَصَرُ.
والرِّيَّةُ، بالكسْرِ: الرُّؤْيَة؛ أَنْشَدَ أَبو الجرَّاح:
أَحَبُّ إلى قَلْبِي من الدِّيك رُيَّةَ
أَرادَ رُؤْيَةً.
وقالَ ابنُ الأعرابيِّ: أَرَيْتُه الشَّيءَ إِرايَةً.
وقد تقدَّمَ للمُصَنِّفِ أَرَيْتُه إِراءَةً وإراءً، كلاهُما عن سِيْبَوَيْه.
وباتَ يَرآها: يَظنُّ أنَّها كذا، وبه فُسِّر قَوْل الفَرَزْدق.
وتَراءَيْنا: تلاقَيْنا فرَأَيْتُه ورَآني، عن أَبي عبيدٍ.
وهو يَتَراءَى برَأْي فلانٍ: إذا كانَ يَرَى رَأْيَه ويَمِيلُ إليه ويَقْتَدِي به.
وقالَ الأصْمعيُّ: يقالُ لكلِّ ساكِنٍ لا يَتَحَرَّكُ ساجٍ وراهٍ ورَاءٍ. وأَرْأَى الرَّجُلُ: اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ.
وقالَ أَبو زَيْدٍ: بعَيْنٍ ما أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ وكُنْ كأنِّي أَنْظُرُ إلَيْكَ، نَقَلَهُ الجوهريُّ.
وتقولُ مِن الرِّئاءِ: يَسْتَرْئي فلانٌ، كما تقولُ يَسْتَحْمِقُ ويَسْتَعْقِلُ، عن أَبي عَمْروٍ.
وتقولُ للمَرْأَةَ: أَنْتِ تَرِينَ، وللجماعَةِ أَنْتُنَّ ترين، وتقولُ: أنت تَرَيْنَنِي وإن شِئْتَ أَدْغَمْت وقُلْتَ تَرَيَنِّي بتَشْديدِ النّون.
ورَاءاهُ مُراءاةً، على فاعَلَهُ أَراهُ أنَّه كذا.
ورَأَى إذا بُني للمَفْعولِ تعدَّى إلى واحِدٍ تقولُ رُئِيَ زيْدٌ عاقلًا؛ أَي ظُنَّ.
ورَئِيُّ القْومِ، كغَنِيِّ: صاحِبُ رَأْيهم الذي يَرْجعُونَ إليه.
وسَودَةُ بنُ الحَكَم وأَبو مطيعٍ الحَكَمُ بنُ عبدِ اللهِ البَلخيُّ الرائيان مُحدِّثانِ.
تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م
21-المصباح المنير (عبر)
عَبَرْتُ النَّهْرَ عَبْرًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَعُبُورًا قَطَعْتُهُ إلَى الْجَانِبِ الْآخَرِ وَالْمَعْبَرُ وِزَانُ جَعْفَرٍ شَطُّ نَهْرٍ هُيِّئَ لِلْعُبُورِ وَالْمِعْبَرُ بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُعْبَرُ عَلَيْهِ مِنْ سَفِينَةٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ.وَعَبَرْتُ الرُّؤْيَا عَبْرًا أَيْضًا.
وَعِبَارَةً فَسَّرْتُهَا وَبِالتَّثْقِيلِ مُبَالَغَةٌ وَفِي التَّنْزِيلِ {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] وَعَبَرْتُ السَّبِيلَ بِمَعْنَى مَرَرْتُ فَعَابِرُ السَّبِيلِ مَارُّ الطَّرِيقِ وقَوْله تَعَالَى {إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء: 43].
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ
مَعْنَاهُ إلَّا مُسَافِرِينَ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ يَعُوزُهُ الْمَاءُ وَقِيلَ الْمُرَادُ إلَّا مَارِّينَ فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَ مَرِيدِينَ لِلصَّلَاةِ.
وَعَبَرَ مَاتَ وَعَبَرْتُ الدَّرَاهِمَ وَاعْتَبَرْتُهَا بِمَعْنًى وَالِاعْتِبَارُ يَكُونُ بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ وَالِامْتِحَانِ مِثْلُ اعْتَبَرْتُ الدَّرَاهِمَ فَوَجَدْتُهَا أَلْفًا وَيَكُونُ بِمَعْنَى الِاتِّعَاظِ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ} [الحشر: 2].
وَالْعِبْرَةُ اسْمٌ مِنْهُ قَالَ الْخَلِيلُ الْعِبْرَةِ الِاعْتِبَارُ بِمَا مَضَى أَيْ الِاتِّعَاظُ وَالتَّذَكُّرُ وَجَمْعُ الْعِبْرَةِ عِبَرٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَتَكُونُ الْعِبْرَةُ.
وَالِاعْتِبَارُ بِمَعْنَى الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ فِي تَرَتُّبِ الْحُكْمِ نَحْوُ وَالْعِبْرَةُ بِالْعَقِبِ أَيْ وَالِاعْتِدَادُ فِي التَّقَدُّمِ بِالْعَقِبِ وَمِنْهُ قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَلَا عِبْرَةَ بِعَبْرَةِ مُسْتَعْبِرٍ مَا لَمْ تَكُنْ عَبْرَةَ مُعْتَبِرٍ وَهُوَ حَسَنُ الْعِبَارَةِ أَيْ الْبَيَانِ بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَحَكَى فِي الْمُحْكَمِ فَتْحَهَا أَيْضًا.
وَالْعَبِيرُ مِثْلُ كَرِيمٍ أَخْلَاطٌ تُجْمَعُ مِنْ الطِّيبِ.
وَالْعَنْبَرُ فُنْعَلٌ طِيبٌ مَعْرُوفٌ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَيُقَالُ هُوَ الْعَنْبَرُ وَهِيَ الْعَنْبَرُ وَالْعَنْبَرُ حُوتٌ عَظِيمٌ وَعَبَّرْتُ عَنْ فُلَانٍ تَكَلَّمْتُ عَنْهُ وَاللِّسَانُ يُعَبِّرُ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ أَيْ يُبَيِّنُ.
المصباح المنير-أبوالعباس الفيومي-توفي: 770هـ/1369م
22-لسان العرب (عبر)
عبر: عَبَرَ الرُؤيا يَعْبُرُها عَبْرًا وعِبارةً وعبَّرها: فسَّرها وأَخبر بما يؤول إِليه أَمرُها.وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}؛ أَي إِن كُنْتُمْ تعْبُرون الرُّؤْيَا فَعَدَّاهَا بِاللَّامِ، كما قال: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ؛ أَي رَدِفَكم؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: هَذِهِ اللَّامُ أُدْخِلت عَلَى الْمَفْعُولِ للتَّبْيين، وَالْمَعْنَى إِن كُنْتُمْ تَعْبُرون وَعَابِرِينَ، ثُمَّ بَيَّنَ بِاللَّامِ فَقَالَ: لِلرُّؤْيَا، قَالَ: وَتُسَمَّى هَذِهِ اللَّامُ لامَ التَّعْقِيبِ لأَنها عَقَّبَت الإِضافةَ، قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَوصَل الْفِعْلَ بِاللَّامِ، كَمَا يُقَالُ إِن كُنْتَ لِلْمَالِ جَامِعًا.
واسْتعْبَرَه إِياها: سأَله تَعْبِيرَها.
وَالْعَابِرُ: الَّذِي يَنْظُرُ فِي الْكِتَابِ فيَعْبُره أَي يَعْتَبِرُ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ حَتَّى يَقَعَ فهمُه عَلَيْهِ، وَلِذَلِكَ قِيلَ: عبَر الرؤْيا واعتَبَر فُلَانٌ كَذَا، وَقِيلَ: أُخذ هَذَا كُلُّهُ مِنَ العِبْرِ، وَهُوَ جانبُ النَّهْرِ، وعِبْرُ الْوَادِي وعَبْرُه؛ الأَخيرة عَنْ كُرَاعٍ: شَاطِئُهُ وَنَاحِيَتُهُ؛ قَالَ النَّابِغَةُ الذُّبْيَانِيُّ يَمْدَحُ النُّعْمَانَ:
وَمَا الفُراتُ إِذا جاشَت غَوارِبهُ، ***ترْمي أَواذِيُّه العِبْرَينِ بالزَّبَدِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَخَبَرُ مَا النَّافِيَةِ فِي بَيْتٍ بَعْدَهُ، وَهُوَ:
يَوْمًا، بأَطيبَ مِنْهُ سَيْبَ نافلةٍ، ***وَلَا يَحُول عطاءُ الْيَوْمِ دُون غَدِ
والسَّيْب: العطاءُ.
وَالنَّافِلَةُ: الزِّيَادَةُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ وَتعالى: {وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ نافِلَةً}.
وَقَوْلُهُ: وَلَا يَحُول عطاءُ الْيَوْمِ دون غد إِذا أَعْطى الْيَوْمَ لَمْ يَمْنَعْهُ ذَلِكَ مِنْ أَن يُعْطِي فِي غدٍ.
وغواربُه: مَا عَلَا مِنْهُ.
والأَوَاذيُّ: الأَمواج، واحدُها آذِيٌّ.
وَيُقَالُ: فُلَانٌ فِي ذَلِكَ العِبر أَي فِي ذَلِكَ الْجَانِبِ.
وعَبَرْت النهرَ وَالطَّرِيقَ أَعْبُره عَبْرًا وعُبورًا إِذا قَطَعْتَهُ مِنْ هَذَا العِبْر إِلى ذَلِكَ العِبر، فَقِيلَ لِعَابِرِ الرُّؤْيَا: عَابِرٌ لأَنه يتأَمل ناحيَتي الرُّؤْيَا فَيَتَفَكَّرُ فِي أَطرافها، ويتدبَّر كُلَّ شَيْءٍ مِنْهَا وَيَمْضِي بِفِكْرِهِ فِيهَا مِنْ أَول مَا رأَى النَّائِمُ إِلى آخِرِ مَا رأَى.
وَرُوِيَ عَنْ أَبي رَزِين الْعَقِيلِيِّ: أَنه سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: الرُّؤْيا عَلَى رِجْل طَائِرٍ، فإِذا عُبِّرت وقَعَت فَلَا تَقُصَّها إِلا عَلَى وادٍّ أَو ذِي رَأْيٍ "، لأَن الوادَّ لَا يُحبّ أَن يَسْتَقْبِلَكَ فِي تَفْسِيرِهَا إِلا بِمَا تُحِبّ، وإِن لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِالْعِبَارَةِ لَمْ يَعْجَل لَكَ بِمَا يَغُمُّك لَا أَن تَعْبِيرَه يُزِيلُها عَمَّا جَعَلَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ، وأَما ذُو الرأْي فَمَعْنَاهُ ذُو الْعِلْمِ بِعِبَارَتِهَا، فَهُوَ يُخْبِرُك بِحَقِيقَةِ تَفْسِيرِهَا أَو بأَقْرَب مَا يَعْلَمُهُ مِنْهَا، وَلَعَلَّهُ أَن يَكُونَ فِي تَفْسِيرِهَا موعظةٌ تَرْدَعُك عَنْ قَبِيحٍ أَنت عَلَيْهِ أَو يَكُونَ فِيهَا بُشْرَى فَتَحْمَد اللَّهَ عَلَى النِّعْمَةِ فِيهَا.
وَفِي الْحَدِيثِ: «الرُّؤْيَا لأَول عَابِرٍ»؛ الْعَابِرُ: النَّاظِرُ فِي الشَّيْءِ، والمُعْتَبِرُ: الْمُسْتَدِلُّ بِالشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ.
وَفِي الحَديث: " لِلرُّؤْيَا كُنًى وأَسماءٌ فكنُّوها بكُناها واعتَبروها بأَسمائها.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ سِيرِينَ: «كَانَ يَقُولُ إِني أَعْتَبرُ الْحَدِيثَ»؛ الْمَعْنَى فِيهِ أَنه يُعَبِّر الرُّؤْيَا عَلَى الْحَدِيثِ ويَعْتَبِرُ بِهِ كَمَا يَعْتبرها بِالْقُرْآنِ فِي تأْويلها، مِثْلُ أَن يُعَبِّر الغُرابَ بِالرَّجُلِ الْفَاسِقِ، والضِّلَعَ بالمرأَة، لأَن" النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم سَمَّىَ الغُرابَ فَاسِقًا وَجَعَلَ المرأَة كالضِّلَع "، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْكُنَى والأَسماء.
وَيُقَالُ: عَبَرْت الطَّيْرَ أَعْبُرها إِذا زجَرْتها.
وعَبَّر عمَّا فِي نَفْسِهِ: أَعْرَبَ وَبَيَّنَ.
وعَبّر عَنْهُ غيرُه: عيِيَ فأَعْرَب عَنْهُ، وَالِاسْمُ العِبْرةُ.
والعِبارة والعَبارة.
وعَبّر عَنْ فُلَانٍ: تكلَّم عَنْهُ؛ وَاللِّسَانُ يُعَبّر عَمَّا فِي الضَّمِيرِ.
وعَبَرَ بِفُلَانٍ الماءَ وعَبَّرَهُ بِهِ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والمِعْبَرُ: مَا عُبِرَ بِهِ النَّهْرُ مِنْ فُلْكٍ أَو قَنْطَرة أَو غَيْرِهِ.
والمَعْبَرُ: الشطُّ المُهَيّأُ للعُبور.
قَالَ الأَزهري: والمِعْبَرَةُ سَفِينَةٌ يُعْبَرُ عَلَيْهَا النَّهْرُ.
وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ: عَبَرْت مَتاعي أَي باعَدْته.
وَالْوَادِي يَعْبرُ السيلَ عَنّا أَي يُباعِدُه.
والعُبْرِيّ مِنَ السِّدْر: مَا نَبَتَ عَلَى عِبْر النَّهْرِ وعَظُم، مَنْسُوبٌ إِليه نَادِرٌ، وَقِيلَ: هُوَ مَا لَا ساقَ لَهُ مِنْهُ، وإِنما يَكُونُ ذَلِكَ فِيمَا قارَب العِبْرَ.
وَقَالَ يَعْقُوبُ: العُبْرِيّ والعُمْرِيُّ مِنْهُ مَا شَرِبَ الْمَاءَ؛ وأَنشد: " لَاثَ بِهِ الأَشاءُ والعُبْرِيُ "قَالَ: وَالَّذِي لَا يَشْرَبُ يَكُونُ بَرِّيًّا وَهُوَ الضالُ.
قَالَ وَإِنْ كَانَ عِذْيًا فَهُوَ الضَّالُّ.
أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ للسدْر وَمَا عظُم مِنَ الْعَوْسَجِ العُبْريّ.
والعُمْرِيُّ: القديمُ مِنَ السِّدْرِ؛ وأَنشد قَوْلَ ذِي الرُّمَّةِ:
قَطَعْت، إِذا تَخَوَّفْتَ العَواطِي، ***ضُروبَ السدْرِ عُبْرِيًّا وَضَالَا
وَرَجُلٌ عابرُ سبيلٍ أَي مَارُّ الطَّرِيقِ.
وعَبرَ السبيلَ يَعْبُرُها عُبورًا: شَقَّها؛ وَهُمْ عابرُو سبيلٍ وعُبّارُ سَبِيلٍ، وَقَوْلُهُ تعالى: {وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ}؛ فَسَّرَهُ فَقَالَ: مَعْنَاهُ أَن تَكُونَ لَهُ حَاجَةٌ فِي الْمَسْجِدِ وبيتُه بالبُعد فَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَيَخْرُجُ مُسْرِعًا.
وَقَالَ الأَزهري: إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ"، مَعْنَاهُ إِلا مُسَافِرِينَ، لأَن "الْمُسَافِرَ يُعْوِزُه الْمَاءُ، وَقِيلَ: إِلا مَارِّينَ فِي الْمَسْجِدِ غَير مُرِيدين الصَّلَاةَ.
وَعَبَرَ السَّفَر يعبُره عَبرًا: شَقّة؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ.
والشِّعْرَى العَبور، وَهُمَا شِعْريانِ: أَحدُهما الغُمَيصاء، وَهُوَ أَحدُ كوكَبَي الذِّرَاعَيْنِ، وأَما العَبور فَهِيَ مَعَ الجوْزاء تكونُ نيِّرةً، سُمّيت عَبورًا لأَنها عَبَرت المَجَرَّةَ، وَهِيَ شَامِيَّةٌ، وَتَزْعُمُ الْعَرَبُ أَن الأُخرى بَكَتْ عَلَى إِثْرِها حَتَّى غَمِصَت فسُمّيت الغُمَيْصاءَ.
وَجَمَلٌ عُبْرُ أَسفارٍ وَجِمَالٌ عُبْرُ أَسفارٍ، يَسْتَوِي فِيهِ الْوَاحِدُ وَالْجَمْعُ وَالْمُؤَنَّثُ مِثْلُ الفُلك الَّذِي لَا يَزَالُ يُسافَر عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ عِبْر أَسفار، بِالْكَسْرِ.
وَنَاقَةٌ عُبْر أَسْفارٍ وسفَرٍ وعَبْرٌ وعِبْرٌ: قويَّةٌ عَلَى السَّفَرِ تشُقُّ مَا مَرَّتْ بِهِ وتُقْطعُ الأَسفارُ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ الرَّجُلُ الْجَرِيءُ عَلَى الأَسفَارِ الْمَاضِي فِيهَا الْقَوِيُّ عَلَيْهَا.
والعِبَارُ: الإِبل الْقَوِيَّةُ عَلَى السَّيْرِ.
والعَبَّار: الْجَمَلُ الْقَوِيُّ عَلَى السَّيْرِ.
وعَبَر الكتابَ يعبُره عَبْرًا: تدبَّره فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يَرْفَعْ صَوْتَهُ بِقِرَاءَتِهِ.
قَالَ الأَصمعي: يُقَالُ فِي الْكَلَامِ لَقَدْ أَسرعت اسْتِعبارَك لِلدَّرَاهِمِ أَي اسْتِخْرَاجَكَ إِياها.
وعَبَرَ المتاعَ وَالدَّرَاهِمَ يَعْبُرُهَا: نَظر كَمْ وزْنُها وَمَا هِيَ، وعبَّرها: وزنَها دِينَارًا دِينَارًا، وَقِيلَ عَبَّرَ الشيءَ إِذا لَمْ يُبَالِغْ فِي وَزْنِهِ أَو كَيْلِهِ، وَتَعْبِيرُ الدَّرَاهِمِ وزنُها جُمْلَةً بَعْدَ التَّفَارِيقِ.
والعِبْرة: الْعَجَبُ.
واعْتَبَر مِنْهُ: تَعَجَّبَ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصارِ}؛ أَي تَدَبَّرُوا وانظُروا فِيمَا نَزَلَ بقُرَيْظةَ وَالنَّضِيرِ، فقايِسوا فِعالَهم واتّعِظُوا بِالْعَذَابِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي ذَرٍّ: «فَمَا كَانَتْ صُحُفُ مُوسَى؟ قَالَ: كَانَتْ عِبَرًا كلُّها»؛ العِبَرُ: جمعُ عِبْرة، وَهِيَ كالمَوْعِظة مِمَّا يَتّعِظُ بِهِ الإِنسان ويَعمَلُ بِهِ ويَعتبِر لِيَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى غَيْرِهِ.
والعِبْرة: الاعتبارُ بِمَا مَضَى، وَقِيلَ: العِبْرة الِاسْمُ مِنَ الِاعْتِبَارِ.
الْفَرَّاءُ: العَبَرُ الِاعْتِبَارُ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ اللَّهُمَّ اجْعَلْنا مِمَّنْ يَعبَرُ الدُّنْيَا وَلَا يَعْبُرها أَي مِمَّنْ يَعْتَبِرُ بِهَا وَلَا يَمُوتُ سَرِيعًا حَتَّى يُرْضيَك بِالطَّاعَةِ.
والعَبورُ: الْجَذَعَةُ مِنَ الْغَنَمِ أَو أَصغر؛ وعيَّنَ اللِّحْيَانِيُّ ذَلِكَ الصِّغَرَ فَقَالَ: الْعَبُورُ مِنَ الْغَنَمِ فَوْقَ الفَطيم مِنْ إِنَاثِ الْغَنَمِ، وَقِيلَ: هِيَ أَيضًا الَّتِي لَمْ تَجُز عامَها، وَالْجَمْعُ عَبَائِرُ.
وَحُكِيَ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: لِي نَعْجَتَانِ وَثَلَاثُ عبائرَ.
والعَبِير: أَخْلاطٌ مِنَ الطِّيبِ تُجْمَع بِالزَّعْفَرَانِ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ وَحْدَهُ، وَقِيلَ: هُوَ الزَّعْفَرَانُ عِنْدَ أَهل الْجَاهِلِيَّةِ؛ قَالَ الأَعشى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِداءِ العَروس، ***فِي الصَّيْفِ، رَقْرَقْت فِيهِ العَبيرا
وَقَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
وسِرْب تَطَلَّى بالعَبير، كأَنه ***دِماءُ ظِبَاءٍ بِالنُّحُورِ ذَبِيحُ
ابْنُ الأَعرابي: العبيرُ الزَّعْفَرَانَةُ، وَقِيلَ: العبيرُ ضرْبٌ مِنَ الطِّيبِ.
وَفِي الْحَدِيثِ: «أَتَعْجَزُ إِحْداكُنّ أَن تَتَّخِذَ تُومَتينِ ثُمَّ تَلْطَخَهما بِعَبِيرٍ أَو زَعْفَرَانٍ؟»وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ أَن الْعَبِيرَ غيرُ الزَّعْفَرَانِ؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: العَبيرُ نوعٌ مِنَ الطِّيبِ ذُو لَوْنٍ يُجْمع مِنْ أَخْلاطٍ.
والعَبْرة: الدَّمْعة، وَقِيلَ: هُوَ أَن يَنْهَمِل الدَّمْعُ وَلَا يُسْمَعَ الْبُكَاءُ، وَقِيلَ: هِيَ الدَّمْعَةُ قَبْلَ أَن تَفيض، وَقِيلَ: هِيَ تردُّد الْبُكَاءِ فِي الصَّدْرِ، وَقِيلَ: هِيَ الْحُزْنُ بِغَيْرِ بُكَاءٍ، وَالصَّحِيحُ الأَول؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: " وإِنّ شِفائي عَبْرةٌ لَوْ سَفَحْتُها "الأَصمعي: وَمِنْ أَمثالهم فِي عِنَايَةِ الرَّجُلِ بأَخيه وإِيثارِه إِياه عَلَى نَفْسِهِ قَوْلُهُمْ: لَكَ مَا أَبْكِي وَلَا عَبْرَةَ بِي؛ يُضْرَب مَثَلًا لِلرَّجُلِ يَشْتَدُّ اهْتِمَامُهُ بشأْن أَخيه، ويُرْوَى: وَلَا عَبْرَة لِي، أَي أَبكي مِنْ أَجْلِك وَلَا حُزْن لِي فِي خَاصَّةِ نَفْسِي، وَالْجَمْعُ عَبَرات وعِبَر؛ الأَخيرة عَنِ ابْنِ جِنِّي.
وعَبْرةُ الدمعِ: جرْيُه.
وعَبَرَتْ عينُه واسْتَعْبَرت: دمَعَتْ.
وعَبَر عَبْرًا واسْتَعْبَر: جرَتْ عَبْرتُه وَحَزِنَ.
وَحَكَى الأَزهري عَنْ أَبي زَيْدٍ: عَبِر الرجلُ يعبَرُ عَبَرًا إِذا حَزِنَ.
وَفِي حَدِيثِ أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنه ذكَرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم ثُمَّ اسْتَعْبَر فَبَكَى»؛ هُوَ استفْعل مِنَ العَبْرة، وَهِيَ تحلُّب الدَّمْعِ.
وَمِنْ دُعاء الْعَرَبِ عَلَى الإِنسان: مَا لَهُ سَهِر وعَبِر.
وامرأَة عابرٌ وعَبْرى وعَبِرةٌ: حَزِينَةٌ، والجمع عَبارى؛ قال الحرث بْنُ وعْلةَ الجَرْمي، وَيُقَالُ هُوَ لِابْنِ عَابِسٍ الْجَرْمِيِّ:
يَقُولُ لِيَ النَّهْديُّ: هَلْ أَنتَ مُرْدِفي؟ ***وَكَيْفَ ردافُ الفَرِّ؟ أُمُّك عابرُ
أَي ثَاكِلٌ
يُذَكّرُني بالرُّحْمِ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، ***وَقَدْ كَانَ فِي نَهْدٍ وجَرْمٍ تدارُ
أَي تُقَاطَعُ
نجوْت نَجَاءً لَمْ يَرَ الناسُ مثلَه، ***كأَني عُقابٌ عِنْدَ تَيْمَنَ كاسِرُ
والنَّهْديّ: رَجُلٌ مِنْ بَنِي نَهْد يُقَالُ لَهُ سَلِيط، سأَل الحرث أَن يُرْدِفَه خَلْفه لينجُوَ بِهِ فأَبى أَن يُرْدِفَه، وأَدركت بَنُو سَعْدٍ النَّهْدِيّ فَقَتَلُوهُ.
وعينٌ عَبْرى أَي بَاكِيَةٌ.
وَرَجُلٌ عَبرانُ وعَبِرٌ: حزِينٌ.
والعُبْرُ: الثَّكْلى.
والعُبْرُ: الْبُكَاءُ بالحُزْن؛ يُقَالُ: لأُمِّه العُبْرُ والعَبَرُ.
والعَبِرُ والعَبْرانُ: الْبَاكِي.
والعُبْر والعَبَر: سُخْنةُ الْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ كأَنه يَبْكي لِمَا بِهِ.
والعَبَر، بِالتَّحْرِيكِ: سُخنة فِي الْعَيْنِ تُبكيها.
ورأَى فُلَانٌ عُبْرَ عَيْنِهِ فِي ذَلِكَ الأَمر وأَراه عُبْرَ عَيْنِهِ أَي مَا يُبْكِيهَا أَو يُسْخِنها.
وعَبَّر بِهِ: أَراه عُبْرَ عَيْنِهِ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
ومِنْ أَزْمَة حَصَّاءَ تَطْرَحُ أَهلَها ***عَلَى مَلَقِيَّات يُعَبِّرْنَ بالغُفْر
وَفِي حَدِيثِ أُمْ زَرْعٍ: «وعُبْر جارتِها»أَي أَن ضَرَّتَها تَرَى مِنْ عِفَّتِها مَا تَعْتَبِرُ بِهِ، وَقِيلَ: إِنها تَرَى مِنْ جَمالِها مَا يُعَبِّرُ عَيْنَهَا؛ أي يُبكيها.
وامرأَة مُسْتَعْبِرة ومُسْتَعْبَرَة: غَيْرُ حَظِيَّةٍ؛ قَالَ القُطامي:
لَهَا روْضة فِي الْقَلْبِ لَمْ تَرْعَ مِثْلَها ***فَرُوكٌ، وَلَا المُسْتَعْبِرات الصَّلائف
والعُبْر، بِالضَّمِّ: الْكَثِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى الْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ.
والعُبْر: جَمَاعَةُ الْقَوْمِ؛ هُذَلِيَّةٌ عَنْ كُرَاعٍ.
وَمَجْلِسٌ عِبْر وعَبْر: كَثِيرُ الأَهل.
وَقَوْمٌ عَبِير: كَثِيرٌ.
والعُبْر: السَّحَائِبُ الَّتِي تَسِيرُ سَيْرًا شَدِيدًا.
يُقَالُ: عَبَّرَ بِفُلَانٍ هَذَا الأَمرُ أَي اشْتَدَّ عَلَيْهِ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ الْهُذَلِيِّ:
مَا أَنا والسَّيْرَ فِي مَتْلَفٍ، ***يُعَبِّرُ بالذَّكَر الضَّابِط
وَيُقَالُ: عَبَرَ فُلَانٌ إِذا مَاتَ، فَهُوَ عَابِرٌ، كأَنه عَبَرَ سبيلَ الْحَيَاةِ.
وعبَرَ القومُ أَي مَاتُوا؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
فإِنْ نَعْبُرْ فإِنَّ لَنَا لُمَاتٍ، ***وإِنْ نَعْبُرْ فَنَحْنُ عَلَى نُذُور
يقول: إِن متنا قلنا أَقرانٌ، وإِن بَقينا فَنَحْنُ نَنْتَظِرُ مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كأَن لَنَا فِي إِتيانه نَذْرًا.
وَقَوْلُهُمْ: لُغَةٌ عابِرَة أَي جَائِزَةٌ.
وَجَارِيَةٌ مُعْبَرَة: لَمْ تُخْفَض.
وأَعبَر الشَّاةَ: وفَّر صُوفَهَا.
وَجَمَلٌ مُعْبَر: كَثِيرُ الوبَر كأَن وَبَرَهُ وُفِّر عَلَيْهِ وإِن لَمْ يَقُولُوا أَعْبَرْته؛ قَالَ:
أَو مُعْبَرُ الظَّهْر يُنْبى عَنْ وَلِيَّتِهِ، ***مَا حَجَّ رَبُّه فِي الدُّنْيَا وَلَا اعْتَمَرَا
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: عَبَرَ الكَبشَ تَرَكَ صُوفَهُ عَلَيْهِ سَنَةً.
وأَكْبُشٌ عُبرٌ إِذا تَرَكَ صُوفَهَا عَلَيْهَا، وَلَا أَدري كَيْفَ هَذَا الْجَمْعُ.
الْكِسَائِيُّ: أَعْبَرْت الْغَنَمَ إِذا تَرَكْتَهَا عَامًا لَا تُجزّها إِعْبارًا.
وَقَدْ أَعْبَرْت الشَّاةَ، فَهِيَ مُعْبَرَة.
والمُعْبَر: التَّيْسُ الَّذِي تُرِكَ عَلَيْهِ شَعْرُهُ سَنَوَاتٌ فَلَمْ يُجَزَّ؛ قَالَ بِشْرُ بْنُ أَبي خازم يَصِفُ كَبْشًا:
جَزيزُ القَفا شَبْعانُ يَرْبِضُ حَجْرة، ***حديثُ الخِصَاء وارمُ العَفْل مُعْبَرُ
أَي غَيْرُ مَجْزُوزٍ.
وَسَهْمٌ مُعْبَرٌ وعَبِرٌ: مَوْفُور الرِّيشِ كالمُعْبَر مِنَ الشَّاءِ والإِبل.
ابْنُ الأَعرابي: العُبْرُ مِنَ النَّاسِ القُلْف، وَاحِدُهُمْ عَبُورٌ.
وَغُلَامٌ مُعْبَرٌ: كادَ يَحْتلم وَلَمْ يُخْتَن بَعْدُ؛ قَالَ:
فَهْوَ يُلَوِّي باللِّحاءِ الأَقْشَرِ، ***تَلْويَةَ الخاتِن زُبَّ المُعْبَرِ
وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَمْ يُخْتَن، قارَب الِاحْتِلَامَ أَو لَمْ يُقارِب.
قَالَ الأَزهري: غُلَامٌ مُعْبَرٌ إِذا كادَ يحتلم ولم يُخْتَن.
وقالوا فِي الشَّتْمِ: يَا ابْنَ المُعْبَرَة أَي العَفْلاء، وأَصله مِنْ ذَلِكَ.
والعُبْرُ: العُقاب، وَقَدْ قِيلَ: إِنه العُثْرُ، بِالثَّاءِ، وَسَيُذْكَرُ فِي مَوْضِعِهِ.
وَبَنَاتُ عِبْرٍ: الْبَاطِلُ؛ قَالَ:
إِذا مَا جِئْتَ جَاءَ بناتُ عِبْرٍ، ***وإِن ولَّيْتَ أَسْرَعْنَ الذَّهابا
وأَبو بناتِ عِبْرٍ: الكَذَّاب.
والعُبَيْراءُ، مَمْدُودٌ: نَبْتٌ؛ عَنْ كُرَاعٍ حَكَاهُ مَعَ الغُبَيْراء.
والعَوْبَرُ: جِرْوُ الفَهْد؛ عَنْ كُرَاعٍ أَيضًا.
والعَبْرُ وَبَنُو عَبْرَة، كِلَاهُمَا: قَبِيلَتَانِ.
والعُبْرُ: قَبِيلَةٌ.
وعابَرُ بنُ أَرْفَخْشَذ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، عَلَيْهِ السَّلَامُ.
والعِبْرانية: لُغَةُ الْيَهُودِ.
والعِبْري، بِالْكَسْرِ: العِبْراني، لُغَةُ الْيَهُودِ.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
23-لسان العرب (لوم)
لوم: اللّومُ واللّوْماءُ واللّوْمَى واللَّائِمَة: العَدْلُ.لَامَه عَلَى كَذَا يَلُومُه لَوْمًا ومَلامًا وَمَلَامَةً ولَوْمةً، فَهُوَ مَلُوم ومَلِيمٌ: استحقَّ اللَّوْمَ؛ حَكَاهَا سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا عَدَلُوا إِلَى الْيَاءِ وَالْكَسْرَةِ اسْتِثْقَالًا لِلْوَاوِ مَعَ الضَّمَّة.
وأَلامَه ولَوَّمَه وأَلَمْتُه: بِمَعْنَى لُمْتُه؛ قَالَ مَعْقِل بْنُ خُوَيلد الْهُذَلِيُّ:
حَمِدْتُ اللهَ أَنْ أَمسَى رَبِيعٌ، ***بدارِ الهُونِ، مَلْحِيًّا مُلامَا
قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: لُمْتُ الرجلَ وأَلَمْتُه بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَأَنْشَدَ بَيْتَ مَعْقِل أَيْضًا؛ وَقَالَ عَنْتَرَةُ:
ربِذٍ يَداه بالقِداح إِذَا شَتَا، ***هتّاكِ غاياتِ التِّجارِ مُلَوِّمِ
أَيْ يُكْرَم كَرَمًا يُلامُ مِنْ أَجله، ولَوَّمَه شَدَّدَ لِلْمُبَالَغَةِ.
واللُّوَّمُ: جَمْعُ اللَّائِم مِثْلُ راكِعٍ ورُكَّعٍ.
وَقَوْمٌ لُوَّامٌ ولُوَّمٌ ولُيَّمٌ: غُيِّرت الواوُ لِقُرْبِهَا مِنَ الطَّرَفِ.
وأَلامَ الرجلُ: أَتى مَا يُلامُ عَلَيْهِ.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: أَلَامَ صارَ ذَا لَائِمَةٍ.
ولَامَه: أَخْبَرَ بِأَمْرِهِ.
واسْتلامَ الرجلُ إِلَى النَّاسِ أَيْ استَذَمَّ.
واستَلامَ إِلَيْهِمْ: أَتى إِلَيْهِمْ مَا يَلُومُونه عَلَيْهِ؛ قَالَ الْقُطَامِيُّ:
فمنْ يَكُنِ اسْتَلامَ إِلَى نَوِيٍّ، ***فَقَدْ أَكْرَمْتَ، يَا زُفَر، الْمُتَاعَا
التَّهْذِيبُ: أَلامَ الرجلُ، فَهُوَ مُليم إِذَا أَتى ذَنْبًا يُلامُ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}.
وَفِي النَّوَادِرِ: لَامَني فلانٌ فالْتَمْتُ، ومَعّضَني فامْتَعَضْت، وعَذَلَني فاعْتَذَلْتُ، وحَضَّني فاحْتَضَضت، وأَمَرني فأْتَمَرْت إِذَا قَبِلَ قولَه مِنْهُ.
وَرَجُلٌ لُومَة: يَلُومُه النَّاسُ.
ولُوَمَة: يَلُومُ النَّاسُ مِثْلُ هُزْأَة وهُزَأَة.
وَرَجُلٌ لُوَمَة: لَوّام، يَطَّرِدُ عَلَيْهِ بابٌ ***ولاوَمْتُه: لُمْته ولامَني.
وتَلاوَمَ الرجُلان: لامَ كلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صاحبَه.
وجاءَ بلَوْمَةٍ أَيْ مَا يُلامُ عَلَيْهِ.
والمُلاوَمَة: أَنْ تَلُوم رَجُلًا ويَلُومَك.
وتَلاوَمُوا: لَامَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا؛ وَفِي الْحَدِيثِ: «فتَلاوَموا بَيْنَهُمْ» أَيْ لامكَ بعضُهم بَعْضًا، وَهِيَ مُفاعلة مِنْ لامَه يَلومه لَومًا إِذَا عذَلَه وعنَّفَه.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: « فتَلاوَمْنا».
وتَلَوَّمَ فِي الأَمر: تمكَّث وَانْتَظَرَ.
وَلِي فِيهِ لُومةٌ أَي تَلَوُّم، ابْنُ بُزُرْجَ: التَّلَوُّمُ التَّنَظُّر للأَمر تُريده.
والتَّلَوُّم: الِانْتِظَارُ والتلبُّثُ.
وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ سَلَمة الجَرْميّ: « وَكَانَتِ الْعَرَبُ تَلَوّمُ بِإِسْلَامِهِمُ الْفَتْحَ أَيْ تَنْتَظِرُ»، وَأَرَادَ تَتَلَوّم فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ.
وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: « إِذَا أجْنَبَ فِي السفَر تَلَوَّمَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخِرِ الْوَقْتِ أَيِ انْتَظَرَ وتَلَوّمَ عَلَى الأَمر يُريده».
وتَلَوَّمَ عَلَى لُوامَته أَيْ حَاجَتِهِ.
وَيُقَالُ: قَضَى القومُ لُواماتٍ لَهُمْ وَهِيَ الْحَاجَاتُ، وَاحِدَتُهَا لُوَامة.
وَفِي الْحَدِيثِ: « بِئسَ، لَعَمْرُ اللهِ، عَمَلُ الشَّيْخِ المتوسِّم والشابِّ المُتَلَوِّم أَيِ المتعرِّض للأَئمةِ فِي الْفِعْلِ السيّء، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مِنَ اللُّومَة وَهِيَ الْحَاجَةُ أَيِ الْمُنْتَظِرِ لِقَضَائِهَا».
ولِيمَ بِالرَّجُلِ: قُطع.
واللَّوْمةُ: الشَّهْدة.
واللامةُ واللامُ، بِغَيْرِ هَمْزٍ، واللَّوْمُ: الهَوْلُ؛ وَأَنْشَدَ لِلْمُتَلَمِّسِ: " ويكادُ مِنْ لامٍ يَطيرُ فُؤادُها "واللامُ: الشَّدِيدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأُراه قَدْ تَقَدَّمَ فِي الْهَمْزِ، قَالَ أَبُو الدَّقِيشِ: اللامُ القُرْبُ، وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: اللامُ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ لامٍ، كَمَا يَقُولُ الصائتُ أَيَا أَيَا إِذَا سَمِعَتِ النَّاقَةُ ذَلِكَ طَارَتْ مِنْ حِدّة قَلْبِهَا؛ قَالَ: وَقَوْلُ أَبِي الدَّقِيشِ أَوفقُ لِمَعْنَى الْمُتَنَكِّسِ فِي الْبَيْتِ لأَنه قال:
ويكادُ مِنْ لامٍ يطيرُ فؤادُها، ***إِذْ مَرّ مُكّاءُ الضُّحى المُتَنَكِّسُ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَحَكَى ابْنِ الأَعرابي أَنَّهُ قَالَ اللامُ الشَّخْصُ فِي بَيْتِ الْمُتَلَمِّسِ.
يُقَالُ: رأَيت لامَه أَيْ شَخْصَهُ.
ابْنُ الأَعرابي: اللَّوَمُ كَثْرَةُ اللَّوْم.
قَالَ الْفَرَّاءُ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ المَلِيم بِمَعْنَى المَلوم؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: مَنْ قَالَ مَلِيم بَنَاهُ عَلَى لِيمَ.
واللائِمةُ: المَلامة، وَكَذَلِكَ اللَّوْمى، عَلَى فَعْلى.
يُقَالُ: مَا زِلْتُ أَتَجَرّعُ مِنْكَ اللَّوَائِمَ.
والمَلاوِم: جَمْعُ المَلامة.
واللّامةُ: الأَمر يُلام عَلَيْهِ.
يُقَالُ: لامَ فلانٌ غيرَ مُليم.
وَفِي الْمَثَلِ: رُبَّ لَائِمٍ مُليم؛ قَالَتْهُ أُم عُمَير بْنِ سَلْمَى الْحَنَفِيِّ تُخَاطِبُ وَلَدَهَا عُمَيرًا، وَكَانَ أَسْلَمَ أَخَاهُ لِرَجُلٍ كلابيٍّ لَهُ عَلَيْهِ دَمٌ فَقَتَلَهُ، فَعَاتَبَتْهُ أُمُّه فِي ذَلِكَ وَقَالَتْ:
تَعُدُّ مَعاذِرًا لَا عُذْرَ فِيهَا، ***وَمَنْ يَخْذُلْ أَخاه فَقَدْ أَلاما
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وعُذْره الَّذِي اعْتَذَرَ بِهِ أَنَّ الْكِلَابِيَّ التجأَ إِلَى قَبْرِ سَلْمَى أَبي عُمَيْرٍ، فَقَالَ لَهَا عُمَيْرٌ:
قَتَلْنا أَخانا للوَفاءِ بِجارِنا، ***وَكَانَ أَبونا قَدْ تُجِيرُ مَقابِرُهْ
وَقَالَ لَبِيَدٌ:
سَفَهًا عَذَلْتَ، ولُمْتَ غيرَ مُليم، ***وهَداك قبلَ اليومِ غيرُ حَكيم
ولامُ الإِنسان: شخصُه، غَيْرُ مَهْمُوزٍ؛ قَالَ الرَّاجِزُ:
مَهْرِيّة تَخظُر فِي زِمامِها، ***لَمْ يُبْقِ مِنْهَا السَّيْرُ غيرَ لامِها
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ أُم مَكْتُومٍ: « وَلِي قَائِدٌ لَا يُلاوِمُني »؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: كَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ بِالْوَاوِ، وأَصله الْهَمْزُ مِنَ المُلاءمة وَهِيَ المُوافقة؛ يُقَالُ: هُوَ يُلائمُني بِالْهَمْزِ ثُمَّ يُخَفَّف فَيَصِيرُ يَاءً، قَالَ: وَأَمَّا الْوَاوُ فَلَا وَجْهَ لَهَا إِلَّا أَنْ تَكُونَ يُفاعِلني مِنَ اللَّوْم وَلَا مَعْنَى لَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَوْلُ عُمَرُ فِي حَدِيثِهِ: « لوْ ما أَبقَيْتَ »أَيْ هلَّا أَبقيت، وَهِيَ حَرْفٌ مِنْ حُرُوفِ الْمَعَانِي مَعْنَاهَا التَّحْضِيضُ كَقَوْلِهِ تعالى: {لَوْ مَا تَأْتِينا بِالْمَلائِكَةِ}.
وَاللَّامُ: حَرْفُ هِجَاءٍ وَهُوَ حَرْفٌ مَجْهُورٌ، يَكُونُ أَصلًا وَبَدَلًا وَزَائِدًا؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وَإِنَّمَا قَضَيْتُ عَلَى أَنَّ عَيْنَهَا مُنْقَلِبَةٌ عَنْ وَاوٍ لَمَّا تَقَدَّمَ فِي أَخَوَاتِهَا مِمَّا عَيْنُهُ أَلف؛ قَالَ الأَزهري: قَالَ النَّحْوِيُّونَ لَوّمْت لَامًا أَيْ كَتَبْتُهُ كَمَا يُقَالُ كَوَّفْت كَافًا.
قَالَ الأَزهري فِي بَابِ لَفيف حَرْفِ اللَّامِ قَالَ: نَبْدَأُ بِالْحُرُوفِ الَّتِي جَاءَتْ لمعانٍ مِنْ بَابِ اللَّامِ لِحَاجَةِ النَّاسِ إِلَى مَعْرِفَتِهَا، فَمِنْهَا اللَّامُ الَّتِي تُوصَلُ بِهَا الأَسماء والأَفعال، وَلَهَا فِيهَا معانٍ كَثِيرَةٌ: فَمِنْهَا لامُ المِلْك كَقَوْلِكَ: هَذَا المالُ لِزَيْدٍ، وَهَذَا الْفَرَسُ لمحَمد، وَمِنَ النَّحْوِيِّينَ مَنْ يسمِّيها لامَ الإِضافة، سُمِّيَتْ لامَ المِلْك لأَنك إِذَا قُلْتَ إِنَّ هَذَا لِزيد عُلِمَ أَنَّهُ مِلْكُه، فَإِذَا اتَّصَلَتْ هَذِهِ اللَّامُ بالمَكْنيِّ عَنْهُ نُصِبَت كَقَوْلِكَ: هَذَا المالُ لَهُ وَلَنَا ولَك وَلَهَا وَلَهُمَا وَلَهُمْ، وَإِنَّمَا فُتِحَتْ مَعَ الْكِنَايَاتِ لأَن هَذِهِ اللامَ فِي الأَصل مَفْتُوحَةٌ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ مَعَ الأَسماء ليُفْصَل بَيْنَ لَامِ الْقَسَمِ وَبَيْنَ لَامِ الإِضافة، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ إِنَّ هَذَا المالَ لِزيدٍ عُلِم أَنَّهُ مِلكه؟ وَلَوْ قُلْتَ إِنَّ هَذَا لَزيدٌ عُلم أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِ هُوَ زَيْدٌ فكُسِرت ليُفرق بَيْنَهُمَا، وَإِذَا قُلْتَ: المالُ لَك، فَتَحْتَ لأَن اللَّبْسَ قَدْ زَالَ، قَالَ: وَهَذَا قَوْلُ الْخَلِيلِ وَيُونُسَ وَالْبَصْرِيِّينَ.
لَامُ كَيْ: كَقَوْلِكَ جئتُ لِتقومَ يَا هَذَا، سُمِّيَتْ لامَ كَيْ لأَن مَعْنَاهَا جئتُ لِكَيْ تَقُومَ، وَمَعْنَاهُ مَعْنَى لَامِ الإِضافة أَيْضًا، وَكَذَلِكَ كُسِرت لأَن الْمَعْنَى جئتُ لِقِيَامِكَ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِيقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ}؛ هِيَ لَامُ كَيْ، الْمَعْنَى يَا رَبِّ أَعْطيْتهم مَا أَعطَيتَهم لِيضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى: الِاخْتِيَارُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ اللَّامُ وَمَا أَشبهها بتأْويل الْخَفْضِ، الْمَعْنَى آتيتَهم مَا آتيتَهم لِضَلَالِهِمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ؛ مَعْنَاهُ لِكَوْنِهِ لأَنه قَدْ آلَتِ الْحَالُ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لامُ كَيْ فِي مَعْنَى لَامِ الْخَفْضِ، وَلَامُ الْخَفْضِ فِي مَعْنَى لَامِ كَي لِتقارُب الْمَعْنَى؛ قَالَ اللَّهُ تعالى: {يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ}؛ الْمَعْنَى لإِعْراضِكم.
عَنْهُمْ وَهُمْ لَمْ يَحْلِفوا لِكَيْ تُعْرِضوا، وَإِنَّمَا حَلَفُوا لإِعراضِهم عَنْهُمْ؛ وَأَنْشَدَ:
سَمَوْتَ، وَلَمْ تَكُن أَهلًا لتَسْمو، ***ولكِنَّ المُضَيَّعَ قَدْ يُصابُ
أَراد: مَا كنتَ أَهلا للسُمُوِّ.
وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ فِي قَوْلِهِ تعالى: {لِيَجْزِيَهم اللَّهُ أَحسنَ مَا كَانُوا يَعْملون}؛ اللَّامُ فِي لِيَجْزيَهم لامُ الْيَمِينِ كَأَنَّهُ قَالَ لَيَجْزِيَنّهم اللَّهُ، فَحَذَفَ النُّونَ، وَكَسَرُوا اللَّامَ وَكَانَتْ مَفْتُوحَةً، فأَشبهت فِي اللَّفْظِ لامَ كَيْ فَنَصَبُوا بِهَا كَمَا نَصَبُوا بِلَامِ كَيْ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ}؛ الْمَعْنَى لَيَغْفِرنَّ اللهُ لَكَ؛ قَالَ ابْنُ الأَنباري: هَذَا الَّذِي قَالَهُ أَبُو حَاتِمٍ غَلَطٌ لأَنَّ لامَ الْقَسَمِ لَا تُكسَر وَلَا يُنْصَبُ بِهَا، وَلَوْ جَازَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى {لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ} لَيَجْزيَنَّهم اللَّهُ لقُلْنا: وَاللَّهِ ليقومَ زَيْدٌ، بتأْويل وَاللَّهِ لَيَقُومَنَّ زَيْدٌ، وَهَذَا مَعْدُومٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ، وَاحْتَجَّ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ فِي التَّعَجُّبِ: أَظْرِفْ بزَيْدٍ، فَيَجْزِمُونَهُ لشبَهِه بِلَفْظِ الأَمر، وَلَيْسَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ ذَلِكَ لأَن التَّعَجُّبَ عُدِلَ إِلَى لَفْظِ الأَمر، وَلَامُ الْيَمِينِ لَمْ تُوجَدْ مَكْسُورَةً قَطُّ فِي حَالِ ظُهُورِ الْيَمِينِ وَلَا فِي حَالِ إِضْمَارِهَا؛ وَاحْتَجَّ مَن احْتَجَّ لأَبي حَاتِمٍ بِقَوْلِهِ:
إِذَا هُوَ آلَى حِلْفةً قلتُ مِثْلَها، ***لِتُغْنِيَ عنِّي ذَا أَتى بِك أَجْمَعا
قَالَ: أَراد لَتُغْنِيَنَّ، فأَسقط النُّونَ وَكَسَرَ اللَّامَ؛ قَالَ أَبو بَكْرٍ: وَهَذِهِ رِوَايَةٌ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ وَإِنَّمَا رَوَاهُ الرُّوَاةُ:
إِذَا هُوَ آلَى حِلْفَةً قلتُ مِثلَها، ***لِتُغْنِنَّ عنِّي ذَا أَتى بِك أَجمَعا
قَالَ: الْفَرَّاءُ: أَصْلُهُ لِتُغْنِيَنّ فَأَسْكَنَ الْيَاءَ عَلَى لُغَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَأَيْتُ قاضٍ ورامٍ، فَلَمَّا سَكَنَتْ سَقَطَتْ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ النُّونِ الأَولى، قَالَ: وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ اقْضِنَّ يَا رَجُلُ، وابْكِنَّ يَا رَجُلُ، وَالْكَلَامُ الْجَيِّدُ: اقْضِيَنَّ وابْكِيَنَّ؛ وأَنشد:
يَا عَمْرُو، أَحْسِنْ نَوالَ اللَّهِ بالرَّشَدِ، ***واقْرَأ سَلَامًا عَلَى الأَنقاءِ والثَّمدِ
وابْكِنَّ عَيْشًا تَوَلَّى بَعْدَ جِدَّتِه، ***طابَتْ أَصائِلُه في ذلك البَلدِ
قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَالْقَوْلُ مَا قَالَ ابْنُ الأَنباري.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: سأَلت أَبَا الْعَبَّاسِ عَنِ اللَّامِ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ}، قَالَ: هِيَ لَامُ كَيْ، مَعْنَاهَا إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِكَيْ يَجْتَمِعَ لَكَ مَعَ الْمَغْفِرَةِ تَمَامُ النِّعْمَةِ فِي الْفَتْحِ، فَلَمَّا انْضَمَّ إِلَى الْمَغْفِرَةِ شيءٌ حادثٌ واقعٌ حسُنَ مَعْنَى كَيْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ}، هِيَ لامُ كَيْ تَتَّصِلُ بِقَوْلِهِ: لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ، إِلَى قَوْلِهِ: فِي كِتابٍ مُبِينٍ أَحصاه عَلَيْهِمْ لكيْ يَجْزِيَ المُحْسِنَ بِإِحْسَانِهِ والمُسِيءَ بإساءَته.
لَامُ الأَمر: وَهُوَ كَقَوْلِكَ لِيَضْرِبْ زيدٌ عَمْرًا؛ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: أَصلها نَصْبٌ، وَإِنَّمَا كُسِرَتْ لِيُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ لَامِ التَّوْكِيدِ وَلَا يبالَى بشَبهِها بلامالْجَرِّ، لأَن لَامَ الْجَرِّ لَا تَقَعُ فِي الأَفعال، وتقعُ لامُ التَّوْكِيدِ فِي الأَفعال، أَلَا تَرَى أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ لِيضْرِبْ، وَأَنْتَ تأْمُر، لأَشبَهَ لامَ التَّوْكِيدِ إِذَا قُلْتَ إِنَّكَ لَتَضْرِبُ زَيْدًا؟ وَهَذِهِ اللَّامُ فِي الأَمر أَكثر مَا اسْتُعْملت فِي غَيْرِ الْمُخَاطَبِ، وَهِيَ تَجْزِمُ الْفِعْلَ، فَإِنْ جاءَت لِلْمُخَاطَبِ لَمْ يُنْكَر.
قَالَ اللَّهُ تعالى: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ}؛ أكثرُ القُرّاء قرؤُوا: فَلْيَفْرَحُوا، بِالْيَاءِ.
وَرُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّهُ قرأَ: " فَبِذَلِكَ فلْتَفْرَحوا "؛ يُرِيدُ أَصحاب سَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ؛ أَيْ مِمَّا يَجْمَعُ الكُفَّار؛ وقَوَّى قراءةَ زَيْدٍ قراءةُ أُبيّ" فَبِذَلِكَ فافْرَحوا "، وَهُوَ البِناء الَّذِي خُلق للأَمر إِذَا واجَهْتَ بِهِ؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: وَكَانَ الْكِسَائِيُّ يَعيب قولَهم" فلْتَفْرَحوا "لأَنه وَجَدَهُ قَلِيلًا فَجَعَلَهُ عَيْبًا؛ قَالَ أَبُو مَنْصُورٍ: وَقِرَاءَةُ يَعْقُوبَ الْحَضْرَمِيِّ بِالتَّاءِ" فلْتَفرَحوا، وَهِيَ جَائِزَةٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: لامُ الأَمْرِ تأْمُر بِهَا الغائبَ، وَرُبَّمَا أَمرُوا بِهَا المخاطَبَ، وَقُرِئَ: فَبِذَلِكَ فلْتَفْرَحوا "، بِالتَّاءِ؛ قَالَ: وَقَدْ يَجُوزُ حَذْفُ لامِ الأَمر فِي الشِّعْرِ فَتَعْمَلُ مضْمرة كَقَوْلِ مُتمِّم بْنِ نُوَيْرة:
عَلَى مِثْلِ أَصحابِ البَعوضةِ فاخْمُشِي [فاخْمِشِي]، ***لكِ الوَيْلُ حُرَّ الوَجْهِ أَوْ يَبكِ مَنْ بَكى
أَرَادَ: لِيَبْكِ، فَحَذَفَ اللَّامَ، قَالَ: وَكَذَلِكَ لامُ أَمرِ المُواجَهِ؛ قَالَ الشَّاعِرِ:
قلتُ لبَوَّابٍ لَدَيْه دارُها: ***تِئْذَنْ، فَإِنِّي حَمْؤها وجارُها
أَرَادَ: لِتَأْذَن، فَحَذَفَ اللامَ وكسرَ التاءَ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقُولُ أَنتَ تِعْلَمُ؛ قَالَ الأَزهري: اللَّامُ الَّتِي للأَمْرِ فِي تأْويل الْجَزَاءِ، مِنْ ذَلِكَ قولُه عَزَّ وَجَلَّ: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ}؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ أَمر فِيهِ تأْويلُ جَزاء كَمَا أَن قَوْلَهُ: ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ، نهيٌ فِي تأْويل الْجَزَاءِ، وَهُوَ كَثِيرٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ؛ وأَنشد:
فقلتُ: ادْعي وأدْعُ، فإنَّ أنْدَى ***لِصَوْتٍ أَنْ يُناديَ داعِيانِ
أَيْ ادْعِي ولأَدْعُ، فكأَنه قَالَ: إِنْ دَعَوْتِ دَعَوْتُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: وَزَادَ فَقَالَ: يُقْرأُ قَوْلُهُ وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ، بِسُكُونِ اللَّامِ وَكَسْرِهَا، وَهُوَ أَمر فِي تأْويل الشَّرْطِ، الْمَعْنَى إِن تتَّبعوا سَبيلَنا حمَلْنا خَطَايَاكُمْ.
لَامُ التَّوْكِيدِ: وَهِيَ تَتَّصِلُ بالأَسماء والأَفعال الَّتِي هِيَ جواباتُ الْقَسَمِ وجَوابُ إنَّ، فالأَسماء كَقَوْلِكَ: إِنَّ زَيْدًا لَكَريمٌ وَإِنَّ عَمْرًا لَشُجاعٌ، والأَفعال كَقَوْلِكَ: إِنَّهُ لَيَذُبُّ عَنْكَ وَإِنَّهُ ليَرْغَبُ فِي الصَّلَاحِ، وَفِي القسَم: واللهِ لأُصَلِّيَنَّ وربِّي لأَصُومَنَّ، وَقَالَ اللَّهُ تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}؛ أَيْ مِمّنْ أَظهر الإِيمانَ لَمَنْ يُبَطِّئُ عَنِ الْقِتَالِ؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: اللامُ الأُولى الَّتِي فِي قَوْلِهِ لَمَنْ لامُ إِنَّ، وَاللَّامُ الَّتِي فِي قَوْلِهِ لَيُبَطِّئَنَّ لامُ القسَم، ومَنْ مَوْصُولَةٌ بِالْجَالِبِ لِلْقَسَمِ، كأَنّ هَذَا لَوْ كَانَ كَلَامًا لَقُلْتَ: إِنَّ مِنْكُمْ لَمنْ أَحْلِف بِاللَّهِ وَاللَّهِ ليُبَطِّئنّ، قَالَ: وَالنَّحْوِيُّونَ مُجْمِعون عَلَى أَنَّ مَا ومَنْ وَالَّذِي لَا يوصَلْنَ بالأَمر وَالنَّهْيِ إِلَّا بِمَا يُضْمَرُ مَعَهَا مِنْ ذِكْرِ الْخَبَرِ، وأَن لامَ القسَمِ إِذا جَاءَتْ مَعَ هَذِهِ الْحُرُوفِ فَلَفْظُ القَسم وَمَا أَشبَه لفظَه مضمرٌ مَعَهَا.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَمَّا لامُ التَّوْكِيدِ فَعَلَى خَمْسَةِ أَضرب، مِنْهَا لامُ الِابْتِدَاءِ كَقَوْلِكَ لَزيدٌ أَفضل مِنْ عمرٍو، وَمِنْهَا اللَّامُ الَّتِي تَدْخُلُ فِي خَبَرِ إِنَّ الْمُشَدَّدَةِ وَالْمُخَفَّفَةِ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ}، وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قائلٍ: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً؛ وَمِنْهَا الَّتِي تَكُونُ جَوَابًا لِلَوْ ولَوْلا كَقَوْلِهِ تعالى: {لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، وَقَوْلِهِ تعالى: {لَوْ تَزَيَّلُوالَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا؛ وَمِنْهَا الَّتِي فِي الْفِعْلِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُؤَكَّدِ بِالنُّونِ كَقَوْلِهِ تعالى: {لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ؛ وَمِنْهَا لَامُ جَوَابِ الْقَسَمِ}، وجميعُ لاماتِ التَّوْكِيدِ تَصْلُحُ أَن تَكُونَ جَوَابًا لِلْقَسَمِ كَقَوْلِهِ تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ}؛ فَاللَّامُ الأُولى لِلتَّوْكِيدِ وَالثَّانِيَةُ جَوَابٌ، لأَنّ المُقْسَم جُمْلةٌ تُوصَلُ بِأُخْرَى، وَهِيَ المُقْسَم عَلَيْهِ لتؤكَّدَ الثانيةُ بالأُولى، وَيَرْبُطُونَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِحُرُوفٍ يُسَمِّيهَا النَّحْوِيُّونَ جوابَ القسَم، وَهِيَ إنَّ الْمَكْسُورَةُ الْمُشَدَّدَةُ وَاللَّامُ الْمُعْتَرَضُ بِهَا، وَهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ إِنَّ زَيْدًا خَيْرٌ منك، وو الله لَزَيْدٌ خيرٌ مِنْكَ، وَقَوْلُكَ: وَاللَّهِ ليَقومَنّ زيدٌ، إِذَا أَدْخَلُوا لَامَ الْقَسَمِ عَلَى فِعْلٍ مُسْتَقْبَلٍ أَدخلوا فِي آخِرِهِ النُّونَ شَدِيدَةً أَو خَفِيفَةً لتأْكيد الِاسْتِقْبَالِ وإِخراجه عَنِ الْحَالِ، لَا بدَّ مِنْ ذَلِكَ؛ وَمِنْهَا إِنِ الْخَفِيفَةُ الْمَكْسُورَةُ وَمَا، وَهُمَا بِمَعْنًى كَقَوْلِكَ: وَاللَّهِ مَا فعَلتُ، وو الله إنْ فعلتُ، بِمَعْنًى؛ وَمِنْهَا لَا كَقَوْلِكَ: واللهِ لَا أفعَلُ، لَا يَتَّصِلُ الحَلِف بِالْمَحْلُوفِ إِلَّا بأَحد هَذِهِ الْحُرُوفِ الْخَمْسَةِ، وَقَدْ تُحْذَفُ وَهِيَ مُرادةٌ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَاللَّامُ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَاتِ، وَهِيَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: مُتَحَرِّكَةٌ وَسَاكِنَةٌ، فأَما السَّاكِنَةُ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ: أَحدهما لَامُ التَّعْرِيفِ ولسُكونِها أُدْخِلَتْ عَلَيْهَا ألفُ الْوَصْلِ لِيَصِحَّ الِابْتِدَاءُ بِهَا، فإِذا اتَّصَلَتْ بِمَا قَبْلَهَا سقَطت الأَلفُ كَقَوْلِكَ الرجُل، وَالثَّانِي لامُ الأَمرِ إِذا ابْتَدَأتَها كَانَتْ مَكْسُورَةً، وإِن أَدخلت عَلَيْهَا حَرْفًا مِنْ حُرُوفِ الْعَطْفِ جَازَ فِيهَا الكسرُ وَالتَّسْكِينُ كَقَوْلِهِ تعالى: {وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ}؛ وَأَمَّا اللاماتُ الْمُتَحَرِّكَةُ فَهِيَ ثلاثٌ: لامُ الأَمر ولامُ التَّوْكِيدِ ولامُ الإِضافة.
وَقَالَ فِي أَثناء التَّرْجَمَةِ: فأَما لامُ الإِضافةِ فَعَلَى ثَمَانِيَةِ أضْرُبٍ: مِنْهَا لامُ المِلْك كَقَوْلِكَ المالُ لِزيدٍ، وَمِنْهَا لامُ الِاخْتِصَاصِ كَقَوْلِكَ أَخٌ لِزيدٍ، ومنها لام الاستغاثة كقولك الحرث بْنِ حِلِّزة:
يَا لَلرِّجالِ ليَوْمِ الأَرْبِعاء، أَمَا ***يَنْفَكُّ يُحْدِث لِي بَعْدَ النُّهَى طَرَبا؟
وَاللَّامَانِ جَمِيعًا لِلْجَرِّ، وَلَكِنَّهُمْ فَتَحُوا الأُولى وَكَسَرُوا الثَّانِيَةَ لِيُفَرِّقُوا بَيْنَ المستغاثِ بِهِ والمستغاثَ لَهُ، وَقَدْ يَحْذِفُونَ الْمُسْتَغَاثَ بِهِ ويُبْقُون المستغاثَ لَهُ، يَقُولُونَ: يَا لِلْماءِ، يُرِيدُونَ يَا قومِ لِلْماء أَي لِلْمَاءِ أَدعوكم، فَإِنْ عطفتَ عَلَى المستغاثِ بِهِ بلامٍ أُخْرَى كَسَرْتَهَا لأَنك قَدْ أمِنْتَ اللَّبْسَ بِالْعَطْفِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ: يَا لَلرِّجالِ ولِلشُّبَّانِ للعَجَبِ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُ إِنْشَادِهِ: يَا لَلْكُهُولِ ولِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ وَالْبَيْتُ بِكَمَالِهِ:
يَبْكِيكَ ناءٍ بَعِيدُ الدارِ مُغْتَرِبٌ، ***يَا لَلْكهول وَلِلشُّبَّانِ لِلْعَجَبِ
وَقَوْلُ مُهَلْهِل بْنِ رَبِيعَةَ وَاسْمُهُ عَدِيٌّ:
يَا لَبَكْرٍ أنشِروا لِي كُلَيْبًا، ***يَا لبَكرٍ أيْنَ أينَ الفِرارُ؟
اسْتِغَاثَةٌ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَصله يَا آلَ بكْرٍ فَخَفَّفَ بِحَذْفِ الْهَمْزَةِ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ يُخَاطِبُ بِشْر بْنَ مَرْوانَ لَمَّا هَجَاهُ سُراقةُ البارِقيّ:
قَدْ كَانَ حَقًّا أَن نقولَ لبارِقٍ: ***يَا آلَ بارِقَ، فِيمَ سُبَّ جَرِيرُ؟
وَمِنْهَا لَامُ التَّعَجُّبِ مَفْتُوحَةً كَقَوْلِكَ يَا لَلْعَجَبِ، وَالْمَعْنَى يَا عجبُ احْضُرْ فَهَذَا أوانُك، وَمِنْهَا لامُ العلَّة بِمَعْنَى كَيْ كَقَوْلِهِ تعالى: {لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ}؛ وضَرَبْتُه لِيتَأدَّب أَي لِكَيْ يتَأدَّبَ لأَجل" التأدُّبِ، وَمِنْهَا لامُ الْعَاقِبَةِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:
فلِلْمَوْتِ تَغْذُو الوالِداتُ سِخالَها، ***كَمَا لِخَرابِ الدُّورِ تُبْنَى المَساكِنُ
أَيْ عَاقِبَتُهُ ذَلِكَ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أموالُنا لِذَوِي المِيراثِ نَجْمَعُها، ***ودُورُنا لِخَرابِ الدَّهْر نَبْنِيها
وَهُمْ لَمْ يَبْنُوها لِلْخَرَابِ وَلَكِنْ مآلُها إِلَى ذَلِكَ؛ قَالَ: ومثلُه مَا قَالَهُ شُتَيْم بْنُ خُوَيْلِد الفَزاريّ يَرْثِي أَولاد خالِدَة الفَزارِيَّةِ، وَهُمْ كُرْدم وكُرَيْدِم ومُعَرِّض:
لَا يُبْعِد اللهُ رَبُّ البِلادِ ***والمِلْح مَا ولَدَتْ خالِدَهْ
فأُقْسِمُ لَوْ قَتَلوا خَالِدًا، ***لكُنْتُ لَهُمْ حَيَّةً راصِدَهْ
فَإِنْ يَكُنِ الموْتُ أفْناهُمُ، ***فلِلْمَوْتِ مَا تَلِدُ الوالِدَهْ
وَلَمْ تَلِدْهم أمُّهم لِلْمَوْتِ، وَإِنَّمَا مآلُهم وعاقبتُهم الموتُ؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقِيلَ إِنَّ هَذَا الشِّعْرَ لِسِمَاك أَخي مَالِكِ بْنِ عَمْرٍو الْعَامِلِيِّ، وَكَانَ مُعْتَقَلا هُوَ وَأَخُوهُ مَالِكٌ عِنْدَ بَعْضِ مُلُوكِ غَسَّانَ فَقَالَ:
فأبْلِغْ قُضاعةَ، إِنْ جِئْتَهم، ***وخُصَّ سَراةَ بَني ساعِدَهْ
وأبْلِغْ نِزارًا عَلَى نأْيِها، ***بأَنَّ الرِّماحَ هِيَ الهائدَهْ
فأُقسِمُ لَوْ قَتَلوا مالِكًا، ***لكنتُ لَهُمْ حَيَّةً راصِدَهْ
برَأسِ سَبيلٍ عَلَى مَرْقَبٍ، ***ويوْمًا عَلَى طُرُقٍ وارِدَهْ
فأُمَّ سِمَاكٍ فَلَا تَجْزَعِي، ***فلِلْمَوتِ مَا تَلِدُ الوالِدَهْ
ثُمَّ قُتِل سِماكٌ فَقَالَتْ أمُّ سِمَاكٍ لأَخيه مالِكٍ: قبَّح اللَّهُ الْحَيَاةَ بَعْدَ سِمَاكٍ فاخْرُج فِي الطَّلَبِ بِأَخِيكَ، فَخَرَجَ فلَقِيَ قاتِلَ أَخيه فِي نَفَرٍ يَسيرٍ فَقَتَلَهُ.
قَالَ وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا}؛ وَلَمْ يَلْتَقِطُوهُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا مَآلُهُ العداوَة، وَفِيهِ: رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ؛ وَلَمْ يُؤْتِهم الزِّينةَ والأَموالَ لِلضَّلَالِ وإِنما مَآلُهُ الضَّلَالُ، قَالَ: وَمِثْلُهُ: إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْرًا؛ وَمَعْلُومٌ أَنه لَمْ يَعْصِر الخمرَ، فَسَمَّاهُ خَمرًا لأَنَّ مَآلَهُ إِلَى ذَلِكَ، قَالَ: وَمِنْهَا لَامُ الجَحْد بَعْدَ مَا كَانَ وَلَمْ يَكُنْ وَلَا تَصْحَب إِلَّا النَّفْيَ كَقَوْلِهِ تعالى: {وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ}، أَيْ لأَن يُعذِّبهم، وَمِنْهَا لامُ التَّارِيخِ كَقَوْلِهِمْ: كَتَبْتُ لِثلاث خَلَوْن أَيْ بَعْد ثَلَاثٍ؛ قَالَ الرَّاعِي:
حَتَّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِصٍ ***جُدًّا، تَعَاوَره الرِّياحُ، وَبِيلا
البائصُ: الْبَعِيدُ الشاقُّ، والجُدّ: البئرْ وأَرادَ ماءَ جُدٍّ، قَالَ: وَمِنْهَا اللَّامَاتُ الَّتِي تؤكَّد بِهَا حروفُ المجازاة ويُجاب بِلَامٍ أُخرى تَوْكِيدًا كَقَوْلِكَ: لئنْ فَعَلْتَ كَذَا لَتَنْدَمَنَّ، وَلَئِنْ صَبَرْتَ لَترْبحنَّ.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} الْآيَةَ؛ رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ النَّحْوِيِّ أَنه قَالَ: الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ لَما آتَيْتُكُمْ لَمَهْما آتَيْتُكُمْ؛ أَي: أَيُّ كِتابٍ آتيتُكم لتُؤمنُنَّ بِهِ ولَتَنْصُرُنَّه، قَالَ: وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ الأَخفش: اللَّامُ الَّتِي فِي لَمَا اسْمٌ.
وَالَّذِي بَعْدَهَا صلةٌ لَهَا، وَاللَّامُ الَّتِي فِي لتؤمِنُنّ بِهِ ولتنصرنَّه لامُ الْقَسَمِ كأَنه قَالَ وَاللَّهِ لتؤْمنن، يُؤَكّدُ فِي أَول الْكَلَامِ وَفِي آخِرِهِ، وَتَكُونُ مِنْ زَائِدَةً؛ وَقَالَ أَبو الْعَبَّاسِ: هَذَا كُلُّهُ غَلَطٌ، اللَّامُ الَّتِي تدخل في أَوائل الْخَبَرِ تُجاب بِجَوَابَاتِ الأَيمان، تَقُولُ: لَمَنْ قامَ لآتِينَّه، وَإِذَا وَقَعَ فِي جَوَابِهَا مَا وَلَا عُلِم أَن اللَّامَ لَيْسَتْ بِتَوْكِيدٍ، لأَنك تضَع مَكَانَهَا مَا وَلَا وَلَيْسَتْ كالأُولى وَهِيَ جَوَابٌ للأُولى، قَالَ: وأَما قَوْلُهُ مِنْ كِتابٍ فأَسْقط مِنْ، فَهَذَا غلطٌ لأَنّ مِنَ الَّتِي تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ لَا تَقَعُ إِلَّا مَوَاقِعَ الأَسماء، وَهَذَا خبرٌ، وَلَا تَقَعُ فِي الْخَبَرِ إِنما تَقَعُ فِي الجَحْد وَالِاسْتِفْهَامِ وَالْجَزَاءِ، وَهُوَ جَعَلَ لَما بِمَنْزِلَةِ لَعَبْدُ اللهِ واللهِ لَقائمٌ فَلَمْ يَجْعَلْهُ جَزَاءً، قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ الَّتِي تَصْحَبُ إنْ: فَمَرَّةً تَكُونُ بِمَعْنَى إِلَّا، وَمَرَّةً تَكُونُ صِلَةً وَتَوْكِيدًا كَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا}؛ فمَنْ جَعَلَ إنْ جَحْدًا جَعَلَ اللَّامَ بِمَنْزِلَةِ إِلَّا، الْمَعْنَى مَا كَانَ وعدُ ربِّنا إِلا مَفْعُولًا، وَمَنْ جَعَلَ إِنَّ بِمَعْنَى قَدْ جَعَلَ اللَّامَ تَأْكِيدًا، الْمَعْنَى قَدْ كَانَ وعدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تعالى: {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ}، يَجُوزُ فِيهَا الْمَعْنَيَانِ؛ التَّهْذِيبُ: [لامُ التَّعَجُّبِ وَلَامُ الِاسْتِغَاثَةِ] رَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنِ الْمُبَرِّدِ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا اسْتُغِيث بواحدٍ أَوْ بِجَمَاعَةٍ فَاللَّامُ مَفْتُوحَةٌ، تَقُولُ: يَا لَلرجالِ يَا لَلْقوم يَا لَزَيْدٍ، قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا كُنْتَ تَدْعُوهُمْ، فأَما لَامُ المدعوِّ إِلَيْهِ فإِنها تُكسَر، تَقُولُ: يَا لَلرِّجال لِلْعجب؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأزْعَجوني، ***فَيَا لَلنّاسِ لِلْواشي المُطاعِ
وَتَقُولُ: يَا لَلْعَجَبِ إِذَا دَعَوْتَ إِلَيْهِ كأَنك قُلْتَ يَا لَلنَّاس لِلعجب، وَلَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ يَا لَزيدٍ وَهُوَ مُقْبل عَلَيْكَ، إِنما تَقُولُ ذَلِكَ لِلْبَعِيدِ، كَمَا لَا يَجُوزُ أَن تَقُولَ يَا قَوْماه وَهُمْ مُقبِلون، قَالَ: فَإِنْ قُلْتَ يَا لَزيدٍ ولِعَمْرو كسرْتَ اللَّامَ فِي عَمْرو، وَهُوَ مدعوٌ، لأَنك إِنما فَتَحْتَ اللَّامَ فِي زَيْدٍ لِلْفَصْلِ بَيْنَ الْمَدْعُوِّ وَالْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ، فَلَمَّا عَطَفْتَ عَلَى زَيْدٍ استَغْنَيْتَ عَنِ الْفَصْلِ لأَن الْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ مِثْلُ حَالِهِ؛ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " يَا لَلكهولِ ولِلشُّبّانِ لِلعجب "وَالْعَرَبُ تَقُولُ: يَا لَلْعَضِيهةِ وَيَا لَلأَفيكة وَيَا لَلبَهيتة، وَفِي اللَّامِ الَّتِي فِيهَا وَجْهَانِ: فإِن أَرَدْتَ الِاسْتِغَاثَةَ نَصَبْتَهَا، وإِن أَردت أَن تَدْعُوَ إِلَيْهَا بِمَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنْهُ كَسَرْتَهَا، كأَنك أَردت: يَا أَيها الرجلُ اعْجَبْ لِلْعَضيهة، وَيَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْجَبوا للأَفيكة.
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: لامُ الِاسْتِغَاثَةِ مَفْتُوحَةٌ، وَهِيَ فِي الأَصل لَامُ خفْضٍ إِلا أَن الِاسْتِعْمَالَ فِيهَا قَدْ كَثُرَ مَعَ يَا، فجُعِلا حَرْفًا وَاحِدًا؛ وأَنشد: " يَا لَبَكرٍ أنشِروا لِي كُلَيبًا قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنهم جَعَلُوا اللَّامَ مَعَ يَا حَرْفًا وَاحِدًا قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ:
فخَيرٌ نَحْنُ عِنْدَ النَّاسِ منكمْ، ***إِذَا الدَّاعِي المُثَوِّبُ قال: يا لا
وَقَوْلُهُمْ: لِم فعلتَ، مَعْنَاهُ لأَيِّ شَيْءٍ فَعَلْتَهُ؟ والأَصل فِيهِ لِما فَعَلْتَ فَجَعَلُوا مَا فِي الِاسْتِفْهَامِ مَعَ الْخَافِضِ حَرْفًا وَاحِدًا واكتفَوْا بِفَتْحَةِ الْمِيمِ مِنَ الْأَلِفِ فأسْقطوها، وَكَذَلِكَ قَالُوا: عَلامَ تركتَ وعَمَّ تُعْرِض وإلامَ تَنْظُرُ وحَتَّامَ عَناؤُك؟ وَأَنْشَدَ: فحَتَّامَ حَتَّام العَناءُ المُطَوَّل "وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ}؛ أَرَادَ لأَي علَّةوبأيِّ حُجّة، وَفِيهِ لُغَاتٌ: يُقَالُ لِمَ فعلتَ، ولِمْ فعلتَ، ولِما فَعَلْتَ، ولِمَهْ فَعَلْتَ، بِإِدْخَالِ الْهَاءِ لِلسَّكْتِ؛ وَأَنْشَدَ:
يَا فَقْعَسِيُّ، لِمْ أَكَلْتَه لِمَهْ؟ ***لَوْ خافَك اللهُ عَلَيْهِ حَرَّمَهْ
قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ لامُ التَّعْقِيبِ للإِضافة وَهِيَ تَدْخُلُ مَعَ الْفِعْلِ الَّذِي مَعْنَاهُ الِاسْمُ كَقَوْلِكَ: فلانٌ عابرُ الرُّؤْيا وعابرٌ لِلرؤْيا، وَفُلَانٌ راهِبُ رَبِّه وراهبٌ لرَبِّه.
وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}، وَفِيهِ: إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ؛ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ثَعْلَبٌ: إِنَّمَا دَخَلَتِ اللَّامُ تَعْقِيبًا للإِضافة، الْمَعْنَى هُمْ رَاهِبُونَ لِرَبِّهِمْ وراهِبُو ربِّهم، ثُمَّ أَدخلوا اللَّامَ عَلَى هَذَا، وَالْمَعْنَى لأَنها عَقَّبت للإِضافة، قَالَ: وَتَجِيءُ اللَّامُ بِمَعْنَى إِلَى وَبِمَعْنَى أَجْل، قَالَ اللَّهُ تعالى: {بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها}؛ أَيْ أَوحى إِلَيْهَا، وَقَالَ تعالى: {وَهُمْ لَها سابِقُونَ}؛ أَيْ وَهُمْ إِلَيْهَا سَابِقُونَ، وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا}؛ أَيْ خَرُّوا مِنْ أَجلِه سُجَّدًا كَقَوْلِكَ أَكرمت فُلَانًا لَكَ أَيْ مِنْ أَجْلِك.
وَقَوْلُهُ تعالى: {فَلِذلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ}؛ مَعْنَاهُ فَإِلَى ذَلِكَ فادْعُ؛ قَالَهُ الزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُ.
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها}؛ أَيْ عَلَيْهَا.
جَعَلَ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى؛ وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ فِي قَوْلِهِ:
فَلَمَّا تَفَرَّقْنا، كأنِّي ومالِكًا ***لطولِ اجْتماعٍ لَمْ نَبِتْ لَيْلةً مَعا
قَالَ: مَعْنَى لِطُولِ اجْتِمَاعٍ أَيْ مَعَ طُولِ اجْتِمَاعٍ، تَقُولُ: إِذَا مَضَى شَيْءٌ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ، قَالَ: وَتَجِيءُ اللَّامُ بِمَعْنَى بَعْد؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ: " حَتَّى وَرَدْنَ لِتِمِّ خِمْسٍ بائِص "أَيْ بعْد خِمْسٍ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: لِثَلَاثٍ خَلَوْن مِنَ الشَّهْرِ أَيْ بَعْدَ ثَلَاثٍ، قَالَ: وَمِنَ اللَّامَاتِ لَامُ التَّعْرِيفِ الَّتِي تَصْحَبُهَا الأَلف كَقَوْلِكَ: القومُ خَارِجُونَ وَالنَّاسُ طَاعِنُونَ الحمارَ وَالْفَرَسَ وَمَا أَشْبَهَهَا، وَمِنْهَا اللَّامُ الأَصلية كَقَوْلِكَ: لَحْمٌ لَعِسٌ لَوْمٌ وَمَا أَشبهها، وَمِنْهَا اللَّامُ الزَّائِدَةُ فِي الأَسماء وَفِي الأَفعال كَقَوْلِكَ: فَعْمَلٌ لِلْفَعْم، وَهُوَ الْمُمْتَلِئُ، وَنَاقَةٌ عَنْسَل للعَنْس الصُّلبة، وَفِي الأَفعال كَقَوْلِكَ قَصْمَله أَيْ كَسَّرَهُ، والأَصل قَصَمه، وَقَدْ زَادُوهَا فِي ذَاكَ فَقَالُوا ذَلِكَ، وَفِي أُولاك فَقَالُوا أُولالِك، وَأَمَّا اللَّامُ الَّتِي فِي لَقد فَإِنَّهَا دَخَلَتْ تأْكيدًا لِقَدْ فَاتَّصَلَتْ بِهَا كأَنها مِنْهَا، وَكَذَلِكَ اللَّامُ الَّتِي فِي لَما مُخَفَّفَةً.
قَالَ الأَزهري: وَمِنَ اللَّاماتِ مَا رَوى ابنُ هانِئٍ عَنْ أَبِي زَيْدٍ يُقَالُ: اليَضْرِبُك ورأَيت اليَضْرِبُك، يُريد الَّذِي يضرِبُك، وَهَذَا الوَضَع الشعرَ، يُرِيدُ الَّذِي وضَع الشِّعْرَ؛ قَالَ: وأَنشدني المُفضَّل:
يقولُ الخَنا وابْغَضُ العُجْمِ ناطِقًا، ***إِلَى ربِّنا، صَوتُ الحمارِ اليُجَدَّعُ
يُرِيدُ الَّذِي يُجدَّع؛ وَقَالَ أَيْضًا:
أَخِفْنَ اطِّنائي إن سَكَتُّ، وإنَّني ***لَفي شُغُلٍ عَنْ ذَحْلِها اليُتَتَبَّعُ
يُرِيدُ: الَّذِي يُتتبَّع؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي قَوْلِ مُتمِّم: " وعَمْرًا وَحَوْنًا بالمُشَقَّرِ ألْمَعا ".
قَالَ: يَعْنِي اللَّذَيْنِ مَعًا فأَدْخل عَلَيْهِ الأَلف وَاللَّامَ صِلةً، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: هُوَ الحِصْنُ أَنْ يُرامَ، وَهُوَ العَزيز أَنْ يُضَامَ، والكريمُ أَنْ يُشتَمَ؛ معناههُوَ أَحْصَنُ مِنْ أَنْ يُرامَ، وأعزُّ مِنْ أَنْ يُضامَ، وأَكرمُ مِنْ أَنْ يُشْتَم، وَكَذَلِكَ هُوَ البَخِيلُ أَنْ يُرْغَبَ إِلَيْهِ أَيْ هُوَ أَبْخلُ مِنْ أَن يُرْغَبَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الشُّجاع أَنْ يَثْبُتَ لَهُ قِرْنٌ.
وَيُقَالُ: هُوَ صَدْقُ المُبْتَذَلِ أَيْ صَدْقٌ عِنْدَ الابتِذال، وَهُوَ فَطِنُ الغَفْلةِ فَظِعُ المُشاهدة.
وَقَالَ ابْنُ الأَنباري: الْعَرَبُ تُدْخِل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى الفِعْل الْمُسْتَقْبَلِ عَلَى جِهَةِ الِاخْتِصَاصِ وَالْحِكَايَةِ؛ وَأَنْشَدَ لِلْفَرَزْدَقِ:
مَا أَنتَ بالحَكَمِ التُّرْضَى حْكُومَتُه، ***وَلَا الأَصِيلِ، وَلَا ذِي الرَّأْي والجَدَلِ
وأَنشد أَيضًا:
أَخفِنَ اطِّنائي إِنْ سكتُّ، وَإِنَّنِي ***لَفِي شُغْلٍ عَنْ ذَحْلِهَا اليُتَتَبَّع
فأَدخل الأَلف وَاللَّامَ عَلَى يُتتبّع، وَهُوَ فعلٌ مُسْتَقْبَلٌ لِما وَصَفْنا، قَالَ: وَيُدْخِلُونَ الأَلف وَاللَّامَ عَلَى أَمْسِ وأُلى، قَالَ: وَدُخُولُهَا عَلَى المَحْكِيّات لَا يُقاس عَلَيْهِ؛ وأَنشد:
وإنِّي جَلَسْتُ اليومَ والأَمْسِ قَبْلَه ***بِبابِك، حَتَّى كَادَتِ الشمسُ تَغْرُبُ
فأَدخلهما عَلَى أَمْسِ وَتَرَكَهَا عَلَى كَسْرِهَا، وأَصل أَمْسِ أَمرٌ مِنَ الإِمْساء، وَسُمِّيَ الوقتُ بالأَمرِ وَلَمْ يُغيَّر لفظُه، والله أَعلم.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
24-لسان العرب (رأي)
رأي: الرُّؤْيَة بالعَيْن تَتَعدَّى إِلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، وَبِمَعْنَى العِلْم تتعدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ؛ يُقَالُ: رَأَى زَيْدًا عَالِمًا ورَأَى رَأْيًا ورُؤْيَةً ورَاءَةً مِثْلُ راعَة.وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الرُّؤْيَةُ النَّظَرُ بالعَيْن والقَلْب.
وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: عَلَى رِيَّتِكَ أَي رُؤيَتِكَ، وفيه ضَعَةٌ، وحَقيقَتُها أَنه أَراد رُؤيَتك فَأبْدَلَ الهمزةَ وَاوًا إِبْدَالًا صَحِيحًا فَقَالَ رُويَتِك، ثُمَّ أَدغَمَ لأَنَّ هَذِهِ الواوَ قَدْ صَارَتْ حرفَ علَّة لمَا سُلِّط عَلَيْهَا مِنَ البَدَل فَقَالَ رُيَّتِك، ثُمَّ كَسَرَ الراءَ لِمُجَاوِرَةِ الْيَاءِ فَقَالَ رِيَّتِكَ.
وَقَدْ رَأَيْتُه رَأْيَةً ورُؤْيَة، وَلَيْسَتِ الهاءُ فِي رَأْيَة هُنَا للمَرَّة الْوَاحِدَةِ إِنَّمَا هُوَ مصدَرٌ كَرُؤيةٍ، إلَّا أَنْ تُرِيدَ المَرَّةَ الْوَاحِدَةَ فَيَكُونَ رَأَيْته رَأْية كَقَوْلِكَ ضَرَبْتُه ضربة، فأَمَّا إذ لَمْ تُردْ هَذَا فرأْية كرؤْية لَيْسَتِ الهاءُ فِيهَا للوَحْدَة.
ورَأَيْته رِئْيَانًا: كرُؤْية؛ هَذِهِ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، وَرَيْتُهُ عَلَى الحَذْف؛ أَنشد ثَعْلَبٌ:
وَجنْاء مُقْوَرَّة الأَقْرابِ يَحْسِبُها ***مَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلُ رَاهَا رَأْيَةً جَمَلا
حَتَّى يَدُلَّ عَلَيْها خَلْقُ أَرْبَعةٍ ***فِي لازِقٍ لاحِقِ الأَقْرابِ، فانْشَمَلا
خَلْقُ أَربعةٍ: يَعْنِي ضُمورَ أَخْلافها، وانْشَمَلَ: ارْتَفَعَ كانْشمرَ، يَقُولُ: مَنْ لَمْ يَرَها قبلُ ظَنَّها جَمَلًا لِعظَمها حَتَّى يَدلَّ عَلَيْهَا ضُمورُ أَخْلافِها فيَعْلَم حِينَئِذٍ أَنها نَاقَةٌ لأَن الْجَمَلَ لَيْسَ لَهُ خِلْفٌ؛ وأَنشد ابْنُ جِنِّي:
حَتَّى يَقُولَ من رآهُ إذْ رَاهْ: ***يَا وَيْحَه مِنْ جَمَلٍ مَا أَشْقاهْ
أَراد كلَّ من رَآهُ إذْ رَآهُ، فسَكَّنَ الهاءَ وأَلقَى حركةَ الْهَمْزَةِ؛ وَقَوْلُهُ:
مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى، ***إِذَا مَا النِّسْعُ طَالَ عَلَى المَطِيَّهْ؟
ومَنْ رَا مثلَ مَعْدانَ بْنِ يَحْيَى، ***إِذَا هَبَّتْ شآمِيَةٌ عَرِيَّهْ؟
أَصل هَذَا: مِنْ رأَى فخفَّف الْهَمْزَةَ عَلَى حَدِّ: لَا هَناك المَرْتَعُ، فَاجْتَمَعَتْ أَلفان فَحَذَفَ إِحْدَاهُمَا لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ؛ وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: أَصله رأَى فأَبدل الْهَمْزَةَ يَاءً كَمَا يُقَالُ فِي سأَلْت سَيَلْت، وَفِي قرأْت قَرَيْت، وَفِي أَخْطأْت أَخْطَيْت، فَلَمَّا أُبْدِلت الْهَمْزَةُ الَّتِي هِيَ عَيْنٌ يَاءً أَبدلوا الْيَاءُ أَلفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا، ثُمَّ حُذِفَتِ الأَلف الْمُنْقَلِبَةُ عَنِ الْيَاءُ الَّتِي هِيَ لَامٌ الْفِعْلِ لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الأَلف الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ؛ قَالَ: وسأَلت أَبا عَلِيٍّ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ قَالَ: " مَنْ رَا مِثْلَ مَعْدانَ بنِ يَحْيَى "فَكَيْفَ يَنْبَغِي أَن يَقُولَ فَعَلْتُ مِنْهُ فَقَالَ رَيَيْت وَيَجْعَلُهُ مِنْ بَابِ حَيَيْتُ وَعَيَيْتُ؟ قَالَ: لأَن الْهَمْزَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ إِذَا أُبدلت عَنِ الْيَاءِ تُقلب، وَذَهَبَ أَبو عَلِيٍّ فِي بَعْضِ مَسَائِلِهِ أَنه أَراد رأَى فحذَفَ الهمزةَ كَمَا حَذَفَهَا مِنْ أَرَيْت وَنَحْوِهِ، وَكَيْفَ كَانَ الأَمر فَقَدْ حُذِفْتَ الْهَمْزَةُ وَقُلِبَتِ الْيَاءُ أَلفًا، وَهَذَانِ إِعْلَالَانِ تَوَالَيَا فِي الْعَيْنِ وَاللَّامِ؛ وَمِثْلُهُ مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ: جَا يَجِي، فَهَذَا إِبْدَالُ الْعَيْنِ الَّتِي هِيَ يَاءٌ أَلفًا وَحَذَفَ الْهَمْزَةَ تَخْفِيفًا، فأَعلّ اللَّامَ وَالْعَيْنَ جَمِيعًا.
وأَنا أَرَأُهُ والأَصلُ أَرْآهُ، حذَفوا الهمزةَ وأَلْقَوْا حَرَكَتها عَلَى مَا قبلَها.
قَالَ سِيبَوَيْهِ: كلُّ شيءٍ كَانَتْ أَوَّلَه زائدةٌ سِوَى أَلف الْوَصْلِ مَنْ رأَيْت فَقَدِ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى تَخْفِيفِ هَمْزِهِ، وَذَلِكَ لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهِمْ إِيَّاهُ، جَعَلُوا الهمزةَ تُعاقِب، يَعْنِي أَن كُلَّ شيءٍ كَانَ أَوّلُه زَائِدَةً مِنَ الزَّوَائِدِ الأَربع نَحْوَ أَرَى ويَرَى ونرَى وتَرَى فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ ذَلِكَ بِالْهَمْزِ أَي أَنَّها لَا تَقُولُ أَرْأَى وَلَا يَرْأَى وَلَا نَرْأَى وَلَا تَرْأَى، وَذَلِكَ لأَنهم جَعَلُوا هَمْزَةَ الْمُتَكَلِّمِ فِي أَرَى تُعاقِبُ الهمزةَ الَّتِي هِيَ عَيْنُ الْفِعْلِ، وَهِيَ همزةُ أَرْأَى حَيْثُ كَانَتَا هَمْزَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتِ الأُولى زَائِدَةً وَالثَّانِيَةُ أَصليةً، وكأَنهم إِنَّمَا فرُّوا مِنِ الْتِقَاءِ هَمْزَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا حَرْفٌ سَاكِنٌ، وَهِيَ الرَّاءُ، ثُمَّ أَتْبعوها سائرَ حروفِ الْمُضَارَعَةِ فَقَالُوا يَرَى ونَرَى وتَرَى كَمَا قَالُوا أَرَى؛ قَالَ سِيبَوَيْهِ: وَحَكَى أَبو الْخَطَّابِ قدْ أَرْآهم، يَجيءُ بِهِ عَلَى الأَصل وَذَلِكَ قَلِيلٌ؛ قَالَ:
أَحِنُّ إِذَا رَأيْتُ جِبالَ نَجْدٍ، ***وَلَا أَرْأَى إِلَى نَجْدٍ سَبِيلا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: وَلَا أَرَى عَلَى احْتِمَالِ الزِّحافِ؛ قَالَ سُراقة الْبَارِقِيُّ:
أُرِي عَيْنَيَّ مَا لَمْ تَرْأَياهُ، ***كِلانا عالِمٌ بالتُّرَّهاتِ
وَقَدْ رَوَاهُ الأَخفش: مَا لَمْ تَرَياهُ، عَلَى التَّخْفِيفِ الشَّائِعِ عَنِ الْعَرَبِ فِي هَذَا الْحَرْفِ.
التَّهْذِيبُ: وَتَقُولُ الرجلُ يَرَى ذاكَ، عَلَى التَّخْفِيفِ، قَالَ: وَعَامَّةُ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي يَرَى ونَرَى وتَرَى وأَرَى عَلَى التَّخْفِيفِ، قَالَ: ويعضهم يحقِّقُه فَيَقُولُ، وَهُوَ قَلِيلٌ، زيدٌ يَرْأَى رَأْيًا حَسَنًا كَقَوْلِكَ يَرْعَى رَعْيًا حَسَنًا، وأَنشد بَيْتَ سُرَاقَةَ الْبَارِقِيِّ.
وارْتَأَيْتُ واسْتَرْأَيْت: كرَأَيْت أَعني مِنْ رُؤية العَين.
قَالَ اللِّحْيَانِيُّ: قَالَ الْكِسَائِيُّ اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى هَمْزِ مَا كَانَ مِنْ رَأَيْت واسْتَرْأَيْت وارْتَأَيْت فِي رُؤْية الْعَيْنِ، وَبَعْضُهُمْ يَترُك الْهَمْزَ وَهُوَ قَلِيلٌ، قَالَ: وَكُلُّ مَا جَاءَ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَهمُوزٌ؛ وأَنشد فِيمَنْ خَفَّفَ:
صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ بِراعٍ ***رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الحِلابِ؟
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرُبَّمَا جَاءَ مَاضِيهِ بِلَا هَمزٍ، وأَنشد هَذَا الْبَيْتَ أَيضًا: صاحِ، هَلْ رَيْتَ، أَو سَمِعتَ "وَيُرْوَى: فِي الْعِلَابِ؛ وَمِثْلُهُ للأَحوص:
أَوْ عَرَّفُوا بصَنِيعٍ عندَ مَكْرُمَةٍ ***مَضَى، وَلَمْ يَثْنِه مَا رَا وَمَا سَمِعا
وَكَذَلِكَ قَالُوا فِي أَرَأَيْتَ وأَ رَأَيْتَكَ أَرَيْتَ وأَ رَيْتَك، بِلَا هَمْزٍ؛ قَالَ أَبو الأَسود:
أَرَيْتَ امرَأً كُنْتُ لَمْ أَبْلُهُ ***أَتاني فَقَالَ: اتَّخِذْني خَلِيلا
فترَك الهمزةَ، وَقَالَ رَكَّاضُ بنُ أَبَّاقٍ الدُّبَيْري:
فقُولا صادِقَيْنِ لزَوْجِ حُبَّى ***جُعلْتُ لَهَا، وإنْ بَخِلَتْ، فِداءَ
أَرَيْتَكَ إنْ مَنَعْتَ كلامَ حُبَّى، ***أَتَمْنَعُني عَلَى لَيْلى البُكاءَ؟
وَالَّذِي فِي شِعْرِهِ كَلَامُ حبَّى، وَالَّذِي رُوِيَ كَلَامُ لَيْلى؛ وَمِثْلُهُ قَوْلُ الْآخَرِ:
أَرَيْتَ، إِذَا جالَتْ بكَ الخيلُ جَوْلةً، ***وأَنتَ عَلَى بِرْذَوْنَةٍ غيرُ طائِلِ
قَالَ: وأَنشد ابْنُ جِنِّي لِبَعْضِ الرُّجَّازِ:
أَرَيْتَ، إنْ جِئْتِ بِهِ أُمْلُودا ***مُرَجَّلًا ويَلْبَسُ البُرُودا،
أَقائِلُنَّ أَحْضِرُوا الشُّهُودا قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفِي هَذَا الْبَيْتِ الأَخير شُذُوذٌ، وَهُوَ لِحَاقُ نُونِ التَّأْكِيدِ لِاسْمِ الْفَاعِلِ.
قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: والكلامُ الْعَالِي فِي ذَلِكَ الهمزُ، فَإِذَا جئتَ إِلَى الأَفعال الْمُسْتَقْبَلَةِ الَّتِي فِي أَوائلها الْيَاءُ وَالتَّاءُ وَالنُّونُ والأَلف اجْتَمَعَتِ الْعَرَبُ، الَّذِينَ يَهْمِزُونَ وَالَّذِينَ لَا يَهْمِزُونَ، عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ كَقَوْلِكَ يَرَى وتَرَى ونَرَى وأَرَى، قَالَ: وَبِهَا نَزَلَ الْقُرْآنُ نَحْوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ}، وَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى، وإِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ، وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}؛ إِلَّا تَيمَ الرِّباب فَإِنَّهُمْ يَهْمِزُونَ مَعَ حُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ فَتَقُولُ هُوَ يَرْأَى وتَرْأَى ونَرْأَى وأَرْأَى، وَهُوَ الأَصل، فَإِذَا قَالُوا مَتَى نَراك قَالُوا مَتَى نَرْآكَ مِثْلَ نَرْعاك، وبعضٌ يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فَيَقُولُ مَتَى نَرَاؤكَ مِثْلَ نَراعُك؛ وأَنشد:
أَلا تِلْكَ جاراتُنا بالغَضى ***تقولُ: أَتَرْأَيْنَه لنْ يضِيفا
وأَنشد فِيمَنْ قَلَبَ:
مَاذَا نَراؤُكَ تُغْني فِي أَخي رَصَدٍ ***مِنْ أُسْدِ خَفَّانَ، جأْبِ الوَجْه ذِي لِبَدِ
وَيُقَالُ: رأَى فِي الْفِقْهِ رَأْيًا، وَقَدْ تَرَكَتِ الْعَرَبُ الْهَمْزَ فِي مُسْتَقْبَلِهِ لِكَثْرَتِهِ فِي كَلَامِهِمْ، وَرُبَّمَا احْتَاجَتْ إِلَيْهِ فهَمَزَته؛ قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: وأَنشد شاعِرُ تَيْمِ الرِّباب؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: هُوَ للأَعْلم بْنِ جَرادَة السَّعْدي:
أَلَمْ تَرْأَ مَا لاقَيْت والدَّهْرُ أَعْصُرٌ، ***وَمَنْ يَتَمَلَّ الدَّهْرَ يَرْأَ ويَسْمَعِ
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى ويَسْمَعُ، بِالرَّفْعِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، لأَن الْقَصِيدَةَ مَرْفُوعَةٌ؛ وَبَعْدَهُ:
بأَنَّ عَزِيزًا ظَلَّ يَرْمي بِحَوْزِهِ ***إليَّ، وراءَ الحاجِزَينِ، ويُفْرِعُ
يُقَالُ: أَفْرَعَ إِذَا أَخذَ فِي بَطْنِ الْوَادِي؛ قَالَ وَشَاهِدُ تَرْكِ الْهَمْزَةِ مَا أَنشده أَبو زَيْدٍ:
لمَّا اسْتَمَرَّ بِهَا شَيْحانُ مُبْتَجِحٌ ***بالبَيْنِ عَنْك بِمَا يَرْآكَ شَنآنا
قَالَ: وَهُوَ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ، فَإِذَا جِئتَ إِلَى الأَمر فَإِنَّ أَهل الْحِجَازِ يَتْركون الْهَمْزَ فَيَقُولُونَ: رَ ذَلِكَ، وللإِثنين: رَيا ذَلِكَ، وَلِلْجَمَاعَةِ: رَوْا ذَلِكَ، وللمرأَة رَيْ ذَلِكَ، وللإِثنين كَالرَّجُلَيْنِ، وَلِلْجَمْعِ: رَيْنَ ذاكُنَّ، وَبَنُو تَمِيمٍ يَهْمِزُونَ جَمِيعَ ذَلِكَ فَيَقُولُونَ: ارْأَ ذَلِكَ وارْأَيا وَلِجَمَاعَةِ النِّسَاءِ ارْأَيْنَ، قَالَ: فَإِذَا قَالُوا أَرَيْتَ فُلَانًا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِه أَرَيْتَكُم فُلَانًا أَفَرَيْتَكُم فَلَانًا فَإِنَّ أَهل الْحِجَازِ يَهْمِزُونَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ كَلَامِهِمُ الْهَمْزُ، فَإِذَا عَدَوْت أَهلَ الْحِجَازِ فَإِنَّ عامَّة العَرب عَلَى تَرْكِ الْهَمْزِ، نَحْوَ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ "أَرَيْتَكُمْ، وَبِهِ قرأَ الْكِسَائِيُّ تَرَك الْهَمْزَ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ، وَقَالُوا: وَلَوْ تَرَ مَا أَهلُ مَكَّةَ، قَالَ أَبو عَلِيٍّ: أَرادوا وَلَوْ تَرى مَا فَحَذَفُوا لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمال.
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ إِنَّهُ لخَبِيثٌ وَلَوْ تَرَ مَا فلانٌ وَلَوْ تَرى مَا فُلَانٍ، رَفْعًا وَجَزْمًا، وَكَذَلِكَ وَلَا تَرَ مَا فلانٌ وَلَا تَرى مَا فُلانٌ فِيهِمَا جَمِيعًا وَجْهَانِ: الْجَزْمُ وَالرَّفْعُ، فَإِذَا قَالُوا إِنَّهُ لَخَبِيثٌ وَلَمْ تَرَ مَا فُلانٌ قَالُوهُ بِالْجَزْمِ، وَفُلَانٌ فِي كُلِّهِ رُفِعَ وتأْويلُها وَلَا سيَّما فلانٌ؛ حكي ذَلِكَ عَنِ الْكِسَائِيِّ كُلُّهُ.
وَإِذَا أَمَرْتَ مِنْهُ عَلَى الأَصل قُلْتَ: ارْءَ، وَعَلَى الْحَذْفِ: رَا.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَصَوَابُهُ عَلَى الْحَذْفِ رَهْ، لأَن الأَمر مِنْهُ رَ زَيْدًا، وَالْهَمْزَةُ سَاقِطَةٌ مِنْهُ فِي الِاسْتِعْمَالِ.
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ}، قَالَ: الْعَرَبُ لَهَا فِي أَرأَيْتَ لُغَتَانِ وَمَعْنَيَانِ: أَحدهما أَنْ يسأَلَ الرجلُ الرجلَ: أَرأَيتَ زَيْدًا بعَيْنِك؟ فَهَذِهِ مَهْمُوزَةٌ، فَإِذَا أَوْقَعْتَها عَلَى الرجلِ مِنْهُ قُلْتَ أَرَأَيْتَكَ عَلَى غيرِ هَذِهِ الْحَالِ، يُرِيدُ هَلْ رأَيتَ نَفْسَك عَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالَةِ، ثُمَّ تُثَنِّي وتَجْمع فتقولُ لِلرَّجُلَيْنِ أَرَأَيْتُماكُما، وَلِلْقَوْمِ أَرَأَيْتُمُوكُمْ، وللنسوة أَرأَيْتُنَّكُنَّ، وللمرأَة أَرأَيْتِكِ، بِخَفْضِ التاءِ لَا يَجُوزُ إِلَّا ذَلِكَ، وَالْمَعْنَى الْآخَرُ أَنْ تَقُولَ أَرأَيْتَكَ وأَنت تَقُولُ أَخْبِرْني، فتَهْمِزُها وتنصِب التاءَ مِنْهَا وتَتركُ الهمزَ إِنْ شِئْتَ، وَهُوَ أَكثر كَلَامِ الْعَرَبِ، وتَتْرُكُ التاءَ مُوحَّدةً مَفْتُوحَةً لِلْوَاحِدِ وَالْوَاحِدَةِ وَالْجَمْعِ فِي مؤَنثه ومذكره، فنقول للمرأَة: أَرَأَيْتَكِ زَيْدًا هَلْ خَرج، وَلِلنِّسْوَةِ: أَرَأَيْتَكُنَّ زَيْدًا مَا فَعَل، وَإِنَّمَا تَرَكَتِ الْعَرَبُ التاءَ وَاحِدَةً لأَنهم لَمْ يُرِيدُوا أَن يَكُونَ الْفِعْلُ مِنْهَا وَاقِعًا عَلَى نَفْسِهَا فَاكْتَفَوْا بِذِكْرِهَا فِي الْكَافِ وَوَجَّهُوا التَّاءَ إِلَى الْمُذَكَّرِ وَالتَّوْحِيدِ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ وَاقِعًا، قَالَ: وَنَحْوَ ذَلِكَ قَالَ الزَّجَّاجُ فِي جَمِيعِ مَا قَالَ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ فِي هَذِهِ الْكَافِ الَّتِي فِي أَرأَيتَكُمْ فَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: لَفْظُهَا لفظُ نصبٍ وتأْويلُها تأْويلُ رَفْعٍ، قَالَ: وَمِثْلُهَا الْكَافُ الَّتِي فِي دُونَكَ زَيْدًا لأَنَّ الْمَعْنَى خُذْ زَيْدًا قَالَ أَبو إِسْحَاقَ: وَهَذَا الْقَوْلَ لَمْ يَقُلْه النَّحْوِيُّونَ القُدَماء، وَهُوَ خطَأٌ لأَن قَوْلَكَ أَرأَيْتَكَ زَيْدًا مَا شأْنُه يُصَيِّرُ أَرَأَيْتَ قَدْ تَعَدَّتْ إِلَى الْكَافِ وَإِلَى زيدٍ، فتصيرُ أَرأَيْتَ اسْمَيْن فَيَصِيرُ الْمَعْنَى أَرأَيْتَ نفْسَكَ زَيْدًا مَا حالُه، قَالَ: وَهَذَا مُحَالٌ وَالَّذِي يَذْهَبُ إِلَيْهِ النَّحْوِيُّونَ الْمَوْثُوقُ بِعِلْمِهِمْ أَن الْكَافَ لَا مَوْضِعَ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنَى أَرأَيْتَ زَيْدًا مَا حالُه، وَإِنَّمَا الْكَافُ زِيَادَةٌ فِي بَيَانِ الْخِطَابِ، وَهِيَ الْمُعْتَمَدُ عَلَيْهَا فِي الْخِطَابِ فَتَقُولُ لِلْوَاحِدِ الْمُذَكَّرِ: أَرَأَيْتَكَ زَيْدًا مَا حَالُهُ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَالْكَافِ، وَتَقُولُ فِي الْمُؤَنَّثِ: أَرَأَيْتَكِ زَيْدًا مَا حالُه يَا مَرْأَةُ؛ فَتُفْتَحُ التَّاءُ عَلَى أَصل خِطَابِ الْمُذَكَّرِ وَتُكْسَرُ الْكَافُ لأَنها قَدْ صَارَتْ آخرَ مَا فِي الْكَلِمَةِ والمُنْبِئَةَ عَنِ الْخِطَابِ، فَإِنَّ عدَّيْتَ الْفَاعِلَ إِلَى الْمَفْعُولِ فِي هَذَا الْبَابِ صَارَتِ الكافُ مَفْعُولَةً، تَقُولُ: رأَيْتُني عَالِمًا بِفُلَانٍ، فَإِذَا سَأَلَتْ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ قلتَ لِلرَّجُلِ: أَرَأَيْتَكَ عَالِمًا بِفُلَانٍ، وللإِثنين أَرأَيتُماكما عالمَينِ بِفُلَانٍ، وَلِلْجَمْعِ أَرَأَيْتُمُوكُمْ، لأَن هَذَا فِي تأْويل أَرأَيتُم أَنْفُسَكم، وَتَقُولُ للمرأَة: أَرأَيتِكِ عالمَة بفُلانٍ، بِكَسْرِ التاء، وَعَلَى هَذَا قِيَاسُ هَذَيْنِ الْبَابَيْنِ.
وَرَوَى الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَبي الْعَبَّاسِ قَالَ: أَرأَيْتَكَ زَيْدًا قَائِمًا، إِذَا اسْتَخْبَر عَنْ زَيْدٍ تَرَكَ الْهَمْزَ وَيَجُوزُ الْهَمْزُ، وَإِذَا اسْتَخْبَرَ عَنْ حَالِ الْمُخَاطَبِ كَانَ الْهَمْزُ الِاخْتِيَارَ وَجَازَ تَرْكُه كَقَوْلِكَ: أَرَأَيْتَكَ نَفْسَك أَي مَا حالُك مَا أَمْرُك، وَيَجُوزُ أَرَيْتَكَ نَفْسَك.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَإِذَا جَاءَتْ أَرأَيْتَكُما وأَ رأَيْتَكُمْ بِمَعْنَى أَخْبِرْني كَانَتِ التَّاءُ موَحَّدة، فَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى العِلْم ثَنَّيْت وجَمَعْت، قُلْتَ: أَرأَيْتُماكُما خارِجَيْنِ وأَ رأَيْتُمُوكُمْ خارِجِينَ، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ أَرأَيْتَكَ وأَ رأيْتَكُمْ وأَ رأَيْتَكما، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا الْعَرَبُ عِنْدَ الِاسْتِخْبَارِ بِمَعْنَى أَخبِرْني وأَخْبِراني وأَخْبِرُوني، وتاؤُها مَفْتُوحَةٌ أَبدًا.
وَرَجُلٌ رَءَّاءٌ: كَثيِرُ الرُّؤيَةِ؛ قَالَ غِيلَانُ الرَّبَعي: " كأَنَّها وقَدْ رَآها الرَّءَّاءُ "وَيُقَالُ: رأَيْتُه بعَيْني رُؤيَةً ورأَيْتُه رَأْيَ العينِ أَي حَيْثُ يَقَعُ الْبَصَرُ عَلَيْهِ.
وَيُقَالُ: مِنْ رأْيِ القَلْبِ ارْتَأَيْتُ؛ وأَنشد:
أَلَا أَيُّها المُرْتَئِي فِي الأُمُور، ***سيَجْلُو العَمَى عنكَ تِبْيانُها
وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِذَا أَمرْتَ مَنْ رأَيْتَ قُلْتَ ارْأَ زَيْدًا كأنَّكَ قُلْتَ ارْعَ زَيْدًا، فَإِذَا أَردت التَّخْفِيفَ قُلْتَ رَ زَيْدًا، فَتُسْقِطُ أَلف الْوَصْلِ لِتَحْرِيكِ مَا بَعْدَهَا، قَالَ: وَمِنْ تَحْقِيقِ الْهَمْزِ قَوْلُكَ رأَيْت الرَّجُلَ، فَإِذَا أَردت التَّخْفِيفَ قُلْتَ رأَيت الرَّجُلَ، فحرَّكتَ الأَلف بِغَيْرِ إِشْبَاعِ الْهَمْزِ وَلَمْ تُسْقِطِ الْهَمْزَةَ لأَن مَا قَبْلَهَا مُتَحَرِّكٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ: « أَن أَبا البَخْترِي قَالَ ترَاءَيْنا الهِلالَ بذاتِ عِرْق، فسأَلنا ابنَ عباسٍ فَقَالَ: إنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَدَّهُ إِلَى رُؤْيَتِه فإنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فأَكْمِلوا العِدَّة، قَالَ شَمِرٌ: قَوْلُهُ تَراءَيْنا الهلالَ» أَي تَكَلَّفْنا النَّظَر إِلَيْهِ هل نَراهُ أَم لَا، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ شُمَيْلٍ انْطَلِقْ بِنَا حَتَّى نُهِلَّ الهلالَ أَي نَنْظُر أَي نراهُ.
وَقَدْ تَراءَيْنا الهِلالَ أَي نظرْناه.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: الْعَرَبُ تَقُولُ راءَيْتُ ورأَيْتُ، وقرأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُرَاوُون النَّاسَ.
وَقَدْ رأَّيْتُ تَرْئِيَةً: مِثْلَ رَعَّيْت تَرْعِيَةً.
وَقَالَ ابْنُ الأَعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إِرَاءَةً وإرايَةً وإرءَاءَةً.
الْجَوْهَرِيُّ: أَرَيْتُه الشيءَ فرآهُ وأَصله أَرْأَيْتُه.
والرِّئْيُ والرُّواءُ والمَرْآةُ: المَنْظَر، وَقِيلَ: الرِّئْيُ والرُّواءُ، بِالضَّمِّ، حُسْنُ المَنْظر فِي البَهاء والجَمال.
وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: « حَتَّى يتَبيَّنَ لَهُ رِئْيُهما »، وَهُوَ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْهَمْزَةِ، أَي مَنْظَرُهُما وَمَا يُرَى مِنْهُمَا.
وَفُلَانٌ مِنِّي بمَرْأىً ومَسْمَعٍ أَي بِحَيْثُ أَراهُ وأَسْمَعُ قولَه.
والمَرْآةُ عامَّةً: المَنْظَرُ، حَسَنًا كَانَ أَو قَبِيحًا.
وَمَا لهُ رُواءٌ وَلَا شاهِدٌ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ لَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ شَيْئًا.
وَيُقَالُ: امرأَةٌ لَهَا رُواءٌ إِذَا كَانَتْ حَسَنةَ المَرْآةِ والمَرْأَى كَقَوْلِكَ المَنْظَرَة والمَنْظر.
الْجَوْهَرِيُّ: المَرْآةُ، بِالْفَتْحِ عَلَى مَفْعَلةٍ، المَنْظر الحَسن.
يُقَالُ: امرأَةٌ حَسَنةُ المَرْآةِ والمَرْأَى، وَفُلَانٌ حسنٌ فِي مَرْآةِ العَين أَي فِي النَّظَرِ.
وَفِي المَثل: تُخْبِرُ عَنْ مَجْهولِه مَرْآتُه أَي ظاهرُه يدلُّ عَلَى باطِنِه.
وَفِي حَدِيثِ الرُّؤْيا: « فَإِذَا رجلٌ كَرِيهُ المَرْآةِ »أَي قَبِيحُ المَنْظرِ.
يُقَالُ: رَجُلٌ حَسَنُ المَرْأَى والمَرْآةِ حَسُنَ فِي مَرْآةِ الْعَيْنِ، وَهِيَ مَفْعَلة مِنَ الرُّؤْيَةِ.
والتَّرْئِيَةُ: حُسْنُ البَهاء وحُسْنُ المنظرِ، اسْمٌ لَا مَصْدَرٌ؛ قَالَ ابْنُ مُقْبِلٍ:
أَمَّا الرُّواءُ ففِينا حَدُّ تَرْئِيَةٍ، ***مِثل الجِبالِ الَّتِي بالجِزْعِ منْ إضَمِ
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هُمْ أَحْسَنُ أَثاثًا وَرِءْيًا}؛ قُرِئَتْ رِئْيًا؛ بِوَزْنِ رِعْيًا، وَقُرِئَتْ رِيًّا؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الرِّئْيُ المَنْظَر، وَقَالَ الأَخفش: الرِّيُّ مَا ظَهَر عَلَيْهِ مِمَّا رأَيْت، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: أَهْلُ المدينة يَقْرؤُونها رِيًّا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، قَالَ: وَهُوَ وَجْهٌ جَيِّدٌ مِنْ رأَيْت لأَنَّه مع آياتٍ لَسْنَ مهموزاتِ الأَواخِر.
وَذَكَرَ بعضهم: أَنَّه ذهب بالرِّيِّ إلى رَوِيت إذا لم يُهْمَزْ وَنَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ الزَّجَّاجُ: مَنْ قرأَ رِيًّا، بِغَيْرِ هَمْزٍ، فَلَهُ تَفْسِيرَانِ أَحدهما أَن مَنْظَرهُم مُرْتَوٍ مِنَ النَّعْمة كأَن النَّعِيم بَيِّنٌ فِيهِمْ وَيَكُونُ عَلَى ترك الهمز من رأَيت، وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: مَنْ هَمَزَهُ جَعَلَهُ مِنَ الْمَنْظَرِ مِنْ رأَيت، وَهُوَ مَا رأَتْهُ الْعَيْنُ مِنْ حالٍ حسَنة وَكُسْوَةٍ ظَاهِرَةٍ؛ وأَنشد أَبو عُبَيْدَةَ لِمُحَمَّدِ بْنِ نُمَير الثَّقَفِيِّ:
أَشاقَتْكَ الظَّعائِنُ يومَ بانُوا ***بِذِي الرِّئْيِ الجمِيلِ منَ الأَثاثِ؟
وَمَنْ لَمْ يَهْمِزْهُ إِمَّا أَن يَكُونَ عَلَى تَخْفِيفِ الْهَمْزِ أَو يَكُونَ مِنْ رَوِيَتْ أَلْوانهم وَجُلُودُهُمْ رِيًّا أَي امْتَلأَتْ وحَسُنَتْ.
وَتَقُولُ للمرأَة: أَنتِ تَرَيْنَ، وَلِلْجَمَاعَةِ: أَنْتُنَّ تَرَيْنَ، لأَن الْفِعْلَ لِلْوَاحِدَةِ وَالْجَمَاعَةِ سَوَاءٌ فِي الْمُوَاجَهَةِ فِي خَبَرِ المرأَةِ مِنْ بنَاتِ الْيَاءِ، إِلَّا أَن النُّونَ الَّتِي فِي الْوَاحِدَةِ عَلَامَةُ الرَّفْعِ وَالَّتِي فِي الْجَمْعِ إِنَّمَا هِيَ نُونُ الْجَمَاعَةِ، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَفَرْقٌ ثَانٍ أَن الياءَ فِي تَرَيْن لِلْجَمَاعَةِ حَرْفٌ، وَهِيَ لَامُ الْكَلِمَةِ، وَالْيَاءُ فِي فِعْلِ الْوَاحِدَةِ اسْمٌ، وَهِيَ ضَمِيرُ الْفَاعِلَةِ الْمُؤَنَّثَةِ.
وَتَقُولُ: أَنْتِ تَرَيْنَني، وَإِنْ شِئْتَ أَدغمت وَقُلْتَ تَرَيِنِّي، بِتَشْدِيدِ النُّونِ، كَمَا تَقُولُ تَضْرِبِنِّي.
واسْتَرْأَى الشيءَ: اسْتَدْعَى رُؤيَتَه.
وأَرَيْتُه إِيَّاهُ إراءَةً وَإِرَاءً؛ الْمَصْدَرُ عَنْ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: الْهَاءُ لِلتَّعْوِيضِ، وَتَرَكَهَا عَلَى أَن لَا تعوَّض وَهْمٌ مِمَّا يُعَوِّضُونَ بَعْدَ الْحَذْفِ وَلَا يُعَوِّضون.
ورَاءَيْت الرجلَ مُراآةً ورِياءً: أَرَيْته أَنِّي عَلَى خِلَافِ مَا أَنا عَلَيْهِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ: {بَطَرًا وَرِئاءَ النَّاسِ}، وَفِيهِ: الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ "؛ يَعْنِي الْمُنَافِقِينَ أَي إِذَا صَلَّى الْمُؤْمِنُونَ صَلَّوا معَهم يُراؤُونهُم أَنَّهم عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ.
وَفُلَانٌ مُراءٍ وقومٌ مُراؤُونَ، والإِسم الرِّياءُ.
يُقَالُ: فَعَلَ ذَلِكَ رِياءً وسُمْعَةً.
وَتَقُولُ مِنَ الرِّياء يُسْتَرْأَى فلانٌ، كَمَا تَقُولُ يُسْتَحْمَقُ ويُسْتَعْقَلُ؛ عَنْ أَبي عَمْرٍو.
وَيُقَالُ: رَاءَى فُلَانٌ الناسَ يُرائِيهِمْ مُراآةً، ورَايَاهم مُرَايَاةً، عَلَى القَلْب، بِمَعْنًى، ورَاءَيْته مُراآةً ورِيَاءً قابَلْته فرَأَيْته، وَكَذَلِكَ تَرَاءَيْته؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:
أَبَى اللهُ إِلَّا أَن يُقِيدَكَ، بَعْدَ ما ***تَراءَيْتُموني مِنْ قَرِيبٍ ومَوْدِقِ
يَقُولُ: أَقاد اللَّهُ مِنْكَ عَلانيَةً وَلَمْ يُقِدْ غِيلَة.
وَتَقُولُ: فُلَانٌ يَتَرَاءَى أَي يَنْظُرُ إِلَى وَجْهِهِ فِي المِرْآةِ أَو فِي السَّيْفِ.
والمِرْآة: مَا تَراءَيْتَ فِيهِ، وَقَدْ أَرَيْته إِيَّاهَا.
ورَأَّيْتُه تَرْئِيَةً: عَرَضْتُها عَلَيْهِ أَو حَبَسْتُهَا لَهُ يَنْظُرُ نفسَه وتَرَاءَيْتُ فِيهَا وتَرَأَّيْتُ.
وَجَاءَ فِي الْحَدِيثِ: « لَا يتَمَرْأَى أَحدُكم فِي الْمَاءِ» أَي لَا يَنْظُر وَجْهَه فِيهِ، وَزْنُه يتَمَفْعَل مِنَ الرُّؤْية كَمَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهِ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: تَمَسْكَنَ مِنَ المَسْكَنة، وتَمدْرَع مِنَ المَدْرَعة، وَكَمَا حَكَاهُ أَبو عُبَيْدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ: تَمَنْدَلْت بالمِندِيل.
وَفِي الْحَدِيثِ: « لَا يتَمَرْأَى أَحدُكُم فِي الدُّنْيَا» أَي لَا يَنْظُر فيها، وقال: وَفِي رِوَايَةٍ لَا يتَمَرْأَى أَحدُكم بالدُّنيا مِنَ الشَّيْءِ المَرْئِيِّ.
والمِرآةُ، بِكَسْرِ الْمِيمِ: الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا، وَجَمْعُهَا المَرَائِي وَالْكَثِيرُ المَرَايَا، وَقِيلَ: مَنْ حوَّل الْهَمْزَةَ قَالَ المَرَايَا.
قَالَ أَبو زَيْدٍ: تَراءَيْتُ فِي المِرآةِ تَرَائِيًا ورَأَّيْتُ الرجلَ تَرْئِيَةً إِذَا أَمْسَكْتَ لَهُ "المِرآةَ لِيَنْظُر فِيهَا.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تراءَى فِي المِرآة؛ وأَنشد ابْنُ بَرِّيٍّ لِشَاعِرٍ:
إِذا الفَتى لَمْ يَرْكَبِ الأَهْوالا، ***فأَعْطِه المِرْآة والمِكْحالا،
واسْعَ لَهُ وعُدَّهُ عِيالا "والرُّؤْيا: مَا رأَيْته فِي منامِك، وَحَكَى الْفَارِسِيُّ عَنْ أَبي الْحَسَنِ رُيَّا، قَالَ: وَهَذَا عَلَى الإِدغام بَعْدَ التَّخْفِيفِ الْبَدَلِيِّ، شَبَّهُوا وَاوَ رُويا الَّتِي هِيَ فِي الأَصل هَمْزَةٌ مُخَفَّفَةٌ بِالْوَاوِ الأَصلية غَيْرِ المقدَّر فِيهَا الْهَمْزُ، نَحْوُ لوَيْتُ لَيًّا وشَوَيْتُ شَيًّا، وَكَذَلِكَ حَكَى أَيضًا رِيَّا، أَتبع الْيَاءَ الْكَسْرَةَ كَمَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي الْيَاءِ الْوَضْعِيَّةِ.
وَقَالَ ابْنُ جِنِّي: قَالَ بَعْضُهُمْ فِي تَخْفِيفِ رُؤْيا رِيَّا، بِكَسْرِ الرَّاءِ، وَذَلِكَ أَنه لَمَّا كَانَ التَّخْفِيفُ يصيِّرها إِلى رُويَا ثُمَّ شُبِّهَتِ الْهَمْزَةُ الْمُخَفَّفَةُ بِالْوَاوِ الْمُخَلَّصَةِ نَحْوُ قَوْلِهِمْ قَرْنٌ أَلْوى وقُرُونٌ لُيٌّ وأَصلها لُويٌ، فَقُلِبَتِ الْوَاوُ إِلى الْيَاءِ بَعْدَهَا وَلَمْ يَكُنْ أَقيسُ الْقَوْلَيْنِ قَلْبَها، كَذَلِكَ أَيضًا كُسِرَتِ الرَّاءُ فَقِيلَ رِيَّا كَمَا قِيلَ قُرون لِيٌّ، فَنَظِيرُ قَلْبِ وَاوِ رُؤْيَا إِلحاقُ التَّنْوِينِ مَا فِيهِ اللامُ، وَنَظِيرُ كَسْرِ الراءِ إِبدالُ الأَلف فِي الْوَقْفِ عَلَى الْمُنَوَّنِ الْمَنْصُوبِ مِمَّا فِيهِ اللَّامُ نَحْوُ العِتابا، وَهِيَ الرُّؤَى.
ورأَيتُ عَنْكَ رُؤىً حَسَنَةً: حَلَمتها.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا كَثُرَتْ رُؤَاهُ، بِوَزْنِ رُعاهُ، وَهِيَ أَحْلامه، جمعُ الرُّؤْيا.
ورَأَى فِي مَنَامِهِ رُؤْيا، عَلَى فُعْلى بِلَا تَنْوِينٍ، وجمعُ الرُّؤْيا رُؤىً، بِالتَّنْوِينِ، مِثْلُ رُعىً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَقَدْ جَاءَ الرُّؤْيا فِي اليَقَظَة؛ قَالَ الرَّاعِي:
فكَبَّر للرُّؤْيا وهَشَّ فُؤادُه، ***وبَشَّرَ نَفْسًا كَانَ قَبْلُ يَلُومُها
وَعَلَيْهِ فُسِّرَ قَوْلُهُ تعالى: {وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ}؛ قَالَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ أَبي الطَّيِّبِ: " ورُؤْياكَ أَحْلى، فِي العُيون، مِنَ الغَمْضِ التَّهْذِيبُ: الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}؛ إِذا تَرَكَتِ العربُ الْهَمْزَ مِنَ الرُّؤْيا قَالُوا الرُّويا طَلَبًا لِلْخِفَّةِ، فإِذا كَانَ مِنْ شأْنهم تحويلُ الْوَاوِ إِلى الْيَاءِ قَالُوا: لَا تَقْصُصْ رُيَّاك، فِي الْكَلَامِ، وأَما فِي الْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ؛ وأَنشد أَبو الْجَرَّاحِ:
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراض يُمْسِي حَمامُه، ***ويُضْحي عَلَى أَفنانهِ الغِينِ يَهْتِفُ
أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رُيَّةً ***.
وبابٍ، إِذا مَا مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
أَراد رُؤْيةً، فَلَمَّا تَرَكَ الْهَمْزَ وَجَاءَتْ وَاوٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَهَا يَاءٌ تَحَوَّلَتَا يَاءً مُشَدَّدَةً، كَمَا يُقَالُ لَوَيْتُه لَيًّا وكَوَيْتُه كَيًّا، والأَصل لَوْيًا وكَوْيًا؛ قَالَ: وإِن أَشرتَ فِيهَا إِلى الضَّمَّةِ فَقُلْتَ رُيَّا فَرَفَعْتَ الرَّاءَ فَجَائِزٌ، وَتَكُونُ هَذِهِ الضَّمَّةُ مِثْلَ قوله وحُيلَ [حِيلَ] وسُيق [سِيق] بالإِشارة.
وَزَعَمَ الْكِسَائِيُّ أَنه سَمِعَ أَعرابيًّا يَقْرَأُ: " إِن كُنْتُمْ للرُّيَّا تَعْبُرون.
وَقَالَ اللَّيْثُ: رأَيتُ رُيَّا حَسَنة، قَالَ: وَلَا تُجْمَعُ الرُّؤْيا، وَقَالَ غَيْرُهُ: تُجْمَعُ الرُّؤْيا رُؤىً كَمَا يُقَالُ عُلْيًا وعُلىً.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الجِنِّيُّ يَرَاهُ الإِنسانُ.
وَقَالَ اللِّحْيَانِيُّ: لَهُ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ ورِئِيٌّ إِذا كَانَ يُحِبه ويُؤَالِفُه، وَتَمِيمٌ تَقُولُ رِئِيٌّ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالرَّاءِ، مِثْلُ سِعيد وبِعِير.
اللَّيْثُ: الرَّئِيُّ جنِّيّ يَتَعَرَّضُ لِلرَّجُلِ يُريه كَهَانَةً وطِبًّا، يُقَالُ: مَعَ فُلَانٍ رَئِيٌّ.
قَالَ ابْنُ الأَنباري: بِهِ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ بِوَزْنِ رَعِيّ، وَهُوَ الَّذِي يَعْتَادُ الإِنسان مِنَ الجنّ.
ابن الأَعرابي: أَرْأَى الرجلُ إِذا صَارَ لَهُ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ.
وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: « قَالَ لِسَوادِ بنِ قارِبٍ أَنتَ الَّذِي أَتاكَ رَئِيُّكَ بِظُهور رسولِ اللَّهِ»، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
يُقَالُ لِلتَّابِعِ مِنَ الْجِنِّ: رَئِيٌّ بِوَزْنِ كَمِيٍّ، وَهُوَ فَعِيلٌ أَو فَعُولٌ، سُمِّي بِهِ لأَنه يَتَراءى لمَتْبوعه أَو هُوَ مِنَ الرَّأْيِ، مِنْ قَوْلِهِمْ فلانٌ رَئِيُّ قومِهِ إِذا كَانَ صَاحِبَ رأْيِهِم، قَالَ: وَقَدْ تُكْسَرُ رَاؤُهُ لِاتِّبَاعِهَا مَا بَعْدَهَا؛ وَمِنْهُ حَدِيثُ" الخُدْري: فإِذا رَئِيٌّ مِثْلُ نِحْيٍ "، يَعْنِي حَيَّةً عظِيمَةً كالزِّقِّ، سَمَّاهَا بالرَّئِيِّ الجِنِّ لأَنهم يَزْعُمُونَ أَن الحيَّاتِ مِنْ مَسْخِ الجِنِّ، وَلِهَذَا سَمَّوْهُ شَيْطَانًا وحُبابًا وَجَانًّا.
وَيُقَالُ: بِهِ رَئِيٌّ مِنَ الْجِنِّ أَي مَسٌّ.
وتَرَاءَى لَهُ شَيْءٌ مِنَ الْجِنِّ، وَلِلِاثْنَيْنِ تَرَاءَيَا، وَلِلْجَمْعِ تَراءَوْا.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا تَبَّيَنت الرَّأْوَة فِي وجْهِه، وَهِيَ الحَماقة.
اللِّحْيَانِيُّ: يُقَالُ عَلَى وَجْهِهِ رَأْوَةُ الحُمْقِ إِذا عَرَفْت الحُمْق فِيهِ قَبْلَ أَن تَخْبُرَهُ.
وَيُقَالُ: إِن فِي وَجْهِهِ لرَأْوَةً أَي نَظْرَة ودَمامَةً؛ قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ رَأْوَةَ الحُمْقِ.
قَالَ أَبو عَلِيٍّ: حَكَى يَعْقُوبُ عَلَى وَجْهِهِ رَأْوَةٌ، قَالَ: وَلَا أَعرف مثلَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ فِي تَصْرِيفِ رَأَى.
ورَأْوَةُ الشَّيْءِ: دلالَتُه.
وَعَلَى فُلان رَأْوَةُ الحُمْقِ أَي دَلالَته.
والرَّئِيُّ والرِّئِيُّ: الثَّوْبُ يُنْشَر للبَيْع؛ عَنْ أَبي عَلِيٍّ.
التَّهْذِيبُ: الرِّئْيُ بِوَزْنِ الرِّعْيِ، بِهَمْزَةٍ مسَكَّنَةٍ، الثوبُ الْفَاخِرُ الَّذِي يُنشَر ليُرى حُسْنُه؛ وأَنشد: " بِذِي الرِّئْيِ الجَميلِ مِنَ الأَثاثِ وَقَالُوا: رَأْيَ عَيْني زيدٌ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ نادِرِ المصادِرِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، وَنَظِيرُهُ سَمْعَ أُذُنِي، وَلَا نَظِيرَ لَهُمَا فِي المُتَعَدِّيات.
الْجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ بعينٍ مَا أَرَيَنَّكَ أَي اعْجَلْ وكُنْ كأَنِّي أَنْظُر إِلَيْكَ.
وَفِي حَدِيثِ حنَظلة: « تُذَكِّرُنا بالجَنَّةِ والنَّارِ كأَنَّا رَأْيَ عَيْنٍ».
تَقُولُ: جعلتُ الشَّيْءَ رَأْيَ عَيْنِك وبمَرْأًى مِنْكَ أَي حِذاءَكَ ومُقابِلَك بِحَيْثُ تَرَاهُ، وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَصْدَرِ أَي كأَنَّا نراهُما رَأْيَ العَيْنِ.
والتَّرْئِيَةُ، بِوَزْنِ التَّرْعِيةِ: الرجلُ المُخْتال، وَكَذَلِكَ التَّرَائِيَة بوزْنِ التَّراعِيَة.
والتَّرِيَّة والتَّرِّيَّة والتَّرْيَة، الأَخيرة نَادِرَةٌ: مَا تَرَاهُ المرأَة مِنْ صُفْرةٍ أَو بَياضٍ أَو دمٍ قليلٍ عِنْدَ الْحَيْضِ، وَقَدْ رَأَتْ، وَقِيلَ: التَّرِيَّة الخِرْقَة الَّتِي تَعْرِفُ بِهَا المرأَةُ حَيْضَها مِنْ طُهْرِهَا، وَهُوَ مِنَ الرُّؤْيَةِ.
وَيُقَالُ للمَرْأَةِ: ذاتُ التَّرِيَّةِ، وَهِيَ الدَّمُ الْقَلِيلُ، وَقَدْ رَأَتْ تَرِيَّةً أَي دَمًا قَلِيلًا.
اللَّيْثُ: التَّرِّيَّة مشدَّدة الرَّاءِ، والتَّرِيَّة خَفِيفَةُ الرَّاءِ، والتَّرْية بجَزْمِ الرَّاءِ، كُلُّها لُغَاتٌ وَهُوَ مَا تَرَاهُ المرأَةُ مِنْ بَقِيَّة مَحِيضِها مِنْ صُفْرة أَو بَيَاضٍ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: كأَنّ الأَصل فِيهِ تَرْئِيَةٌ، وَهِيَ تَفْعِلَةٌ مِنْ رأَيت، ثُمَّ خُفِّفَت الهَمْزة فَقِيلَ تَرْيِيَةٌ، ثُمَّ أُدْغِمَت الياءُ فِي الْيَاءِ فَقِيلَ تَرِيَّة.
أَبو عُبِيدٍ: التَّرِيَّةُ فِي بَقِيَّةِ حَيْضِ المرأَة أَقَلُّ مِنَ الصُّفْرَةِ والكُدْرَة وأَخْفَى، تَراها المرأَةُ عِنْدَ طُهْرِها لِتَعْلم أَنَّها قَدْ طَهُرَت مِنْ حَيْضِها، قَالَ شَمِرٌ: وَلَا تَكُونُ التَّرِيَّة إِلا بَعْدَ الِاغْتِسَالِ، فأَما مَا كَانَ فِي أَيام الْحَيْضِ فَلَيْسَ بتَرِيَّة وَهُوَ حَيْضٌ، وَذَكَرَ الأَزهري هَذَا فِي تَرْجَمَةِ التَّاءِ وَالرَّاءِ مِنَ الْمُعْتَلِّ.
قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: التَّرِيَّة الشيءُ الخَفِيُّ اليَسيِرُ مِنَ الصُّفْرة والكْدْرة تَراها المرأَةُ بَعْدَ الاغْتِسال مِنَ الحَيْضِ.
وَقَدْ رَأَتِ المرأَة تَرِيئَةً إِذا رَأَت الدَّمَ القليلَ عِنْدَ الْحَيْضِ، وَقِيلَ: التَّرِيَّة الماءُ الأَصْفَر الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ.
قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: الأَصل فِي تَرِيَّة تَرْئِيَة، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ عَلَى الرَّاءِ فَبَقِيَ تَرِئْيَة، ثُمَّ قُلِبَتِ الْهَمْزَةِ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا كَمَا فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ فِي المَراة والكَماة، والأَصل المَرْأَة، فَنُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ إِلى الرَّاءِ ثُمَّ أُبدلت الْهَمْزَةُ أَلفًا لِانْفِتَاحِ مَا قَبْلَهَا.
وَفِي حَدِيثِ أُمّ عَطِيَّةَ: « كُنَّا لَا نَعُدُّ الكُدْرة والصُّفْرة والتَّرِيَّة شَيْئًا »، وَقَدْ جَمَعَ ابْنُ الأَثير تَفْسِيرَهُ فَقَالَ: التَّرِيَّة، بِالتَّشْدِيدِ، مَا تَرَاهُ المرأَة بَعْدَ الْحَيْضِ وَالِاغْتِسَالِ مِنْهُ مِنْ كُدْرة أَو صُفْرة، وَقِيلَ: هِيَ الْبَيَاضُ الَّذِي تَرَاهُ عِنْدَ الطُّهْر، وَقِيلَ: هِيَ الخِرْقة الَّتِي تَعْرِف بِهَا المرأَة حيضَها مِنْ طُهْرِها، والتاءُ فِيهَا زَائِدَةٌ لأَنه مِنَ الرُّؤْية، والأَصل فِيهَا الْهَمْزُ، وَلَكِنَّهُمْ تَرَكُوهُ وشدَّدوا الياءَ فَصَارَتِ اللَّفْظَةُ كأَنها فَعِيلَةٌ، قَالَ: وَبَعْضُهُمْ يُشَدِّدُ الراءَ وَالْيَاءَ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن الْحَائِضَ إِذا طَهُرت واغْتَسَلت ثُمَّ عَادَتْ رَأَتْ صُفْرة أَو كُدْرة لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا وَلَمْ يُؤَثِّر فِي طُهْرها.
وتَراءَى القومُ: رَأَى بعضُهُم بَعْضًا.
وتَراءَى لِي وتَرَأَّى؛ عَنْ ثَعْلَبٍ: تَصَدَّى لأَرَاهُ.
ورَأَى المكانُ المكانَ: قابَلَه حَتَّى كَأَنَّه يَراهُ؛ قَالَ سَاعِدَةُ:
لَمَّا رَأَى نَعْمانَ حَلَّ بِكِرْفِئٍ ***عَكِرٍ، كَمَا لَبَجَ النُّزُولَ الأَرْكُبُ
وقرأَ أَبو عَمْرٍو: وأَرْنا مَنَاسِكَنا "، وَهُوَ نادِرٌ لِمَا يَلْحَقُ الفعلَ مِنَ الإِجْحاف.
وأَرْأَتِ الناقَةُ والشاةُ مِنَ المَعَز والضَّأْنِ، بتَقْدِير أَرْعَتْ، وَهِيَ مُرْءٍ ومُرْئِيَةٌ: رؤِيَ فِي ضَرْعها الحَمْلُ واسْتُبينَ وعَظُمَ ضَرْعُها، وَكَذَلِكَ المَرْأَة وجميعُ الحَوامِل إِلا فِي الحَافِر والسَّبُع.
وأَرْأَت العَنْزُ: وَرِمَ حَياؤُها؛ عَنِ ابْنِ الأَعرابي، وتَبَيَّنَ ذَلِكَ فِيهَا.
التَّهْذِيبُ: أَرْأَت العَنْزُ خاصَّة، وَلَا يُقَالُ لِلنَّعْجة أَرْأَتْ، وَلَكِنْ يُقَالُ أَثْقَلَت لأَن حَياءَها لَا يَظْهَر.
وأَرْأَى الرجلُ إِذا اسْوَدَّ ضَرْعُ شاتِهِ.
وتَرَاءَى النَّخْلُ: ظَهَرَت أَلوانُ بُسْرِهِ؛ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ، وكلُّه مِنْ رُؤْيَةِ الْعَيْنِ.
ودُورُ الْقَوْمِ مِنَّا رِئَاءٌ أَي مُنْتَهَى البَصَر حيثُ نَرَاهُم.
وهُمْ مِنِّي مَرْأىً ومَسْمَعٌ، وإِن شئتَ نَصَبْتَ، وَهُوَ مِنَ الظُّرُوفِ الْمَخْصُوصَةِ الَّتِي أُجْرِيَتْ مُجْرَى غَيْرِ الْمَخْصُوصَةِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ، قَالَ: وَهُوَ مِثْلُ مَناطَ الثُّرَيَّا ومَدْرَجَ السُّيُول، وَمَعْنَاهُ هُوَ مِنِّي بحيثُ أَرَاهُ وأَسْمَعُه.
وهُمْ رِئَاءُ أَلْفٍ أَي زُهَاءُ أَلْفٍ فِيمَا تَرَى العَيْنُ.
ورأَيت زَيْدًا حَلِيمًا: عَلِمْتُه، وَهُوَ عَلَى المَثَل برُؤْيَةِ العَيْن.
وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ}؛ قِيلَ: مَعْنَاهُ أَلَمْ تَعْلَم أَي أَلَمْ يَنْتَهِ عِلْمُكَ إِلى هَؤُلاء، ومَعْناه اعْرِفْهُم يَعْنِي عُلَمَاءَ أَهل الْكِتَابِ، أَعطاهم اللَّهُ عِلْم نُبُوّةِ النبي، صلى الله عليه وَسَلَّمَ، بأَنه مَكْتُوبٌ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ والإِنجيل يَأْمرُهم بالمَعْروف ويَنْهاهُمْ عَنِ المُنْكر، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: {أَلَمْ تَرَ} " أَلَمْ تُخْبِرْ، وتأْويلُهُ سُؤالٌ فِيهِ إِعْلامٌ، وتَأْوِيلُه أَعْلِنْ قِصَّتَهُم، وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ: « أَلَمْ تَرَ إِلى فلان، وأَلَمْ تَرَ إِلى كَذَا»، وَهِيَ كَلِمَةٌ تَقُولُهَا العربُ عِنْدَ التَّعَجُّب مِنَ الشَّيْءِ وَعِنْدَ تَنْبِيهِ الْمُخَاطَبِ كَقَوْلِهِ تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ}، {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتابِ}؛ أَي أَلَمْ تَعْجَبْ لِفِعْلِهِم، وأَلَمْ يَنْتَه شأْنُهُم إِليك.
وأَتاهُم حِينَ جَنَّ رُؤْيٌ رُؤْيًا ورَأْيٌ رَأْيًا أَي حينَ اختَلَطَ الظَّلام فلَمْ يَتَراءَوْا.
وارْتَأَيْنا فِي الأَمْرِ وتَراءَيْنا: نَظَرْناه.
وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عُمَرَ، رَضِيَ الله عنه، وذَكَر المُتْعَة: « ارْتَأَى امْرُؤٌ بعدَ ذَلِكَ مَا شاءَ أَنْ يَرْتَئِيَ» أَي فكَّر وتَأَنَّى، قَالَ: وَهُوَ افْتَعَل مِنْ رُؤْيَة القَلْب أَو مِنَ الرَّأْيِ.
ورُوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: أَنا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ مَعَ مُشْرِكٍ، قِيلَ: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا تَراءَى نَارَاهُما "؛ قَالَ ابنُ الأَثِير: أَي يَلْزَمُ المُسْلِمَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَن يُباعِدَ مَنْزِلَه عَنْ مَنْزِل المُشْرِك وَلَا يَنْزِل بِالْمَوْضِعِ الَّذِي إِذا أُوقِدَتْ فِيهِ نارُه تَلُوح وتَظْهَرُ لِنَارِ المُشْرِكِ إِذا أَوْقَدَها فِي مَنْزِله، وَلَكِنَّهُ يَنْزِل معَ المُسْلِمِين فِي دَارِهِم، وإِنما كَرِهَ مُجاوَرَة الْمُشْرِكِينَ لأَنهم لَا عَهْدَ لَهُمْ وَلَا أَمانَ، وحَثَّ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الهِجْرة؛ وَقَالَ أَبو عُبَيْدٍ: مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَن يَسْكُنَ بلادَ المُشْرِكين فيكونَ مَعَهم بقَدْر مَا يَرَى كلُّ واحدٍ مِنْهُمْ نارَ صاحِبه.
لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م
25-صحاح العربية (عبر)
[عبر] العِبْرَةُ: الاسم من الاعتبار.والعَبْرَةُ بالفتح: تحلُّب الدمع.
تقول منه:
عبر الرجل بالكسر يعبر عَبَرًا، فهو عابِرٌ، والمرأة عابِرٌ أيضًا.
قال الحارث بن وعلة: يقولُ ليَ النَهديُّ هل أنتَ مُردِفي *** وكيف رِداف الغِرِّ أمُّك عابِرُ - وكذلك عَبِرَتْ عينه واسْتَعْبَرَتْ، أي دَمَعت.
والعَبْرَانُ: الباكي.
والعَبَرُ بالتحريك: سُخْنةٌ في العين تُبكيها.
والعُبْرُ بالضم مثله.
يقال لأمِّه العُبْرُ والعَبَر.
ورأى فلانٌ عُبْرَ عينيه، أي ما يُسخِّن عينيه.
وعِبْرُ النهر وعَبْرُهُ: شَطُّه وجانبه.
وقال الشاعر: وما الفرات إذا جادت غواربُه *** تَرمي أَواذِيُّه العِبْرَيْنِ بالزَبَدِ - وجملٌ عُبْرُ أسفار، وجمال عُبْرُ أسفار، وناقة عُبْرُ أسفار، يستوى فيه الجمع والمؤنث مثل الفلك: الذى لا يزال يسافر عليها.
وكذلك عِبْرُ أسفار بالكسر.
والعُبْرُ أيضًا بالضم: الكثير من كل شئ، حكاه أبو عبيد عن الاصمعي.
والعُبْرِيُّ: ما نبت من السِدْرِ على شطوط الانهار وعظم.
والعبرى بالكسر: العبراني، لغة اليهود.
والشعرى العُبورُ: إحدى الشِعْرَيَيْنِ، وهي التي خلفَ الجوزاء، سمِّيت بذلك لأنها عَبَرَتِ المجرّة.
والمِعْبَرُ: ما يُعْبَرُ عليه من قنطرةٍ أو سفينة.
وقال أبو عبيد: المِعْبَرُ: المركَبُ الذي يُعْبَرُ فيه.
ورجلٌ عابِرُ سبيل، أي مارُّ الطريقِ.
وعَبَرَ القومُ، أي ماتوا.
قال الشاعر: فإن نَعْبُرْ فإنَّ لنا لُمَاتٍ *** وإن نَغْبُرْ فنحن على نذُورِ *** يقول: إن مننا فلنا أقران، وإن بقينا فنحن ننتظر مالابد منه، كأن لنا في إتيانه نَذْرًا.
وعَبَرْتُ النهر وغيره أعبره عبرا، عن يعقوب، وعبورا.
وعبرت الرؤيا أَعْبُرُها عِبارَةً: فَسَّرتها.
قال الله تعالى:
(إن كنتم للرؤيا تَعبُرونَ) ***، أوصَلَ الفعل باللام كما يقال: إن كنتَ للمال جامعًا.
قال الأصمعي: عَبَرْتُ الكتاب أَعْبُرُهُ عَبْرًا، إذا تدبّرتَه في نفسك ولم تَرْفَعْ به صوتك.
وقولهم: لغة عابِرَة، أي جائزة.
قال الكسائي: أعْبَرْتُ الغنمَ، إذا تركتها عامًا لا تجزّها.
وقد أَعْبَرْتُ الشاة فهى معبرة.
وغلام معبر أيضا: لم يختن.
قال بشر ابن أبى خازم يصف كبشا: جزيز القفا شبعان يربض حجرة *** حديث الخصاء وارم العفل معبر - أي غير مجزوز.
وجارية معبرة: لم تُخْفَضْ.
وسهم مُعْبَرٌ: مُوفَّرُ الريش.
وعَبَّرْتُ الرؤيا تَعْبيرًا: فَسّرتها.
وعَبَّرت عن فلانٍ أيضًا، إذا تكلمت عنه.
واللسان يُعَبِّرُ عما في الضمير.
وتَعْبِيرُ الدراهم: وزنُها جملةً بعد التفاريق.
واسْتَعْبَرْتُ فلانًا لرؤيايَ، أي قصصتُها عليه ليَعْبُرَها.
والعبير: أخلاط تجمع بالزَعفران، عن الأصمعي.
وقال أبو عبيدة: العَبِيرُ عند العرب: الزعفرانُ وحْدَه.
وأنشد للأعشى: وتبردُ بَرْدَ رداءِ العرو *** سِ في الصيف رَقرقَت فيه العبيرا - وفى الحديث: " أتعجز إحداكن أن تتخذ تومتين ثم تلطخهما بعبير أو زعفران ".
وفى هذا الحديث بيان أن العبير غير الزعفران.
صحاح العربية-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
26-منتخب الصحاح (عبر)
العِبْرَةُ: الاسم من الاعتبار.والعَبْرَةُ بالفتح: تحلُّب الدمع.
تقول منه: عَبِرَ الرجل بالكسر يَعْبَرُ عَبَرًا، فهو عابِرٌ، والمرأة عابِرٌ أيضًا.
قال الحارث بن وعلة:
يقولُ ليَ النَهديُّ هل أنتَ مُردِفي *** وكيف رِداف الغِرِّ أمُّك عابِرُ
وكذلك عَبِرَتْ عينه واسْتَعْبَرَتْ، أي دَمَعت.
والعَبْرَانُ: الباكي.
والعَبَرُ بالتحريك: سُخْنةٌ في العين تُبكيها.
والعُبْرُ بالضم مثله.
يقال: لأمِّه العُبْرُ والعَبَر.
ورأى فلانٌ عُبْرَ عينيه، أي ما يُسخِّن عينيه.
وعِبْرُ النهر وعَبْرُهُ: شَطُّه وجانبه.
قال الشاعر:
وما الفرات إذا جادت غواربُه *** تَرمي أَواذِيُّه العِبْرَيْنِ بالزَبَدِ
وجملٌ عُبْرُ أسفار، وجمال عُبْرُ أسفار، وناقة عُبْرُ أسفار، يستوي فيه الجمع والمؤنث، وكذلك عِبْرُ أسفار بالكسر.
والعُبْرُ أيضًا بالضم: الكثير من كلِّ شيء.
والعُبْرِيُّ: ما نبت من السِدْرِ على شطوط الأنهار وعَظُمَ.
والشِعْرى العُبورُ: إحدى الشِعْرَيَيْنِ، وهي التي خلفَ الجوزاء، سمِّيت بذلك لأنها عَبَرَتِ المجرّة.
والمِعْبَرُ: ما يُعْبَرُ عليه من قنطرةٍ أو سفينة.
وقال أبو عبيد: المِعْبَرُ: المركَبُ الذي يُعْبَرُ فيه.
ورجلٌ عابِرُ سبيل، أي مارُّ الطريقِ وعَبَرَ القومُ، أي ماتوا.
قال الشاعر:
فإن نَعْبُرْ فإنَّ لنا لُمَاتٍ *** وإن نَغْبُرْ فنحن على نذُورِ
يقول: إنْ مُتْنا فلنا أقرانٌ، وإن بقَينا فنحن ننتظر ما لا بدَّ منه، كأنَّ لنا في إتيانه نَذْرًا.
وعَبَرْتُ النهر وغيره أَعْبُرُهُ عَبْرًا، وعُبورًا.
وعَبَرْتُ الرؤيا أَعْبُرُها عِبارَةً: فَسَّرتها، قال الله تعال: إن كُنْتُمْ للرؤيا تَعبُرونَ أوصَلَ الفعل باللام كما يقال: إن كنتَ للمال جامعًا.
قال الأصمعي: عَبَرْتُ الكتاب أَعْبُرُهُ عَبْرًا، إذا تدبّرتَه في نفسك ولم تَرْفَعْ به صوتك.
وقولهم: لغة عابِرَة، أي جائزة.
قال الكسائي: أعْبَرْتُ الغنمَ، إذا تركتها عامًا لا تجزّها.
وقد أَعْبَرْتُ الشاةَ فهي مُعْبَرَةٌ.
وغلامٌ مُعْبَرٌ أيضًا: لم يُخْتَنْ.
وجارية مُعْبَرَةٌ: لم تُخْفَضْ.
وسهم مُعْبَرٌ: مُوفَّرُ الريش.
وعَبَّرْتُ الرؤيا تَعْبيرًا: فَسّرتها.
وعَبَّرت عن فلانٍ أيضًا، إذا تكلمت عنه.
واللسان يُعَبِّرُ عما في الضمير.
وتَعْبِيرُ الدراهم: وزنُها جملةً بعد التفاريق.
واسْتَعْبَرْتُ فلانًا لرؤيايَ، أي قصصتُها عليه ليَعْبُرَها.
والعبير: أخلاط تجمع بالزَعفران، عن الأصمعي.
وقال أبو عبيدة: العَبِيرُ عند العرب: الزعفرانُ وحْدَه.
وأنشد للأعشى:
وتبردُ بَرْدَ رداءِ العرو *** سِ في الصيف رَقرقَت فيه العَبيرا
منتخب الصحاح-أبونصر الجوهري-توفي: 393هـ/1003م
27-تهذيب اللغة (عبر)
عبر: قال الله جلّ وعزّ: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} [يُوسُف: 43] سمعت المنذريّ يقول: سمعت أبا الهيثم يقول: العابر: الذي ينظر في الكتاب فيعبُره أي يعتبر بعضه ببعض حتى يقع فهمُه عليه.ولذلك قيل: عَبَر الرؤيا، واعتبر فلان كذا.
وقال غيره: أُخذ هذا كله من العِبْر وهو جانب النهر.
وفلان في ذلك العِبر أي في ذلك الجانب.
وعبرت النهر والطريق عُبُورًا إذا قطعته من هذا الجانب إلى ذلك الجانب، فقيل لعابر الرؤيا: عابر لأنه يتأمَّل ناحتي الرؤيا فيتفكر في أطرافها ويتدبّر كلّ شيء منها ويَمضي بفكره فيها من أول ما رأى النائم إلى آخر ما رأى.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى في قول الله جلّ ذكره: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}: دخلت اللام في قوله: {لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ}: لأنه أراد: إن كنتم للرؤيا عابرين وإن كنتم عابرين الرؤيا، وتسمَّى هذه اللام لام التعقيب لأنها عقَّبت الإضافة.
أبو عبيد عن أبي زيد: عَبَرت النهر والطريق عُبُورًا، وعَبَرت الرؤيا عَبْرًا وعِبارة.
واستعْبرتُ فلانًا رؤياي، وعَبَرت الكتاب أعبُره عَبْرا إذا تدبّرته في نفسك ولم ترفع به صوتك.
ورُوي عن أبي رَزِين العُقَيلي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الرؤيا على رِجْل طائر، فإذا عُبِّرت وقعت، فلا تقصّها إلا على وادّ أو ذي رأي».
قال الزجاج: إنما قال: لا تقصّها إلا على وادّ أو ذي رأي لأن الوادّ لا يجب أن يستقبلك في تفسيرها إلا بما تحبّ.
وإن لم يكن عالمًا بالعبارة لم يَعْجَل لك بما يَغُمّك، لا أن تعبيره يزيلها عمَّا جعلها الله عليه.
وأما ذو الرأي فمعناه: ذو العلم بعبارتها، فهو يخبرك بحقيقة تفسيرها، أو بأقرب ما يعلمه منها.
ولعله أن يكون في تفسيرها
موعظة ترْدعك عن قبيح أنت عليه، أو يكون فيها بُشرى، فتحمد الله على النعمة فيها.
وقال الله عزوجل: {فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ} [الحَشر: 2] أي تدبّروا وانظروا فيما نزل بُقريظة والنَضِير، فقايسوا أفعالهم واتّعِظوا بالعذاب الذي نزل بهم.
وقال أبو زيد: يقال: عَبِر الرجلُ يَعْبر عَبَرًا إذا حزِن.
وفَلان عُبْر أسفار إذا كان قويًا على السفر.
والعُبْر أيضًا: الكثير في كل شيء.
ورأى فلان عُبْر عينه في ذلك الأمر ما يُسْخِنُ عَيْنه.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: العُبْر من الناس: القُلْف، واحدهم عَبُور.
والعُبْر: السحائب التي تسير سَيْرًا شديدًا.
والعُبْر: الثَكْلى.
والعَبْر: الناقة القويَّة على السَفَر.
والعُبْر: البكاء بالحزن، يقال: لأمّه العُبْر والعَبَر.
قال: والعِبَار: الإبل القويّة على السير، يقال للناقة هي عُبْر سَفَر.
أبو عبيد عن الكسائي: أعبرت الغنم إذا تركتَها عامًا لا تجزُّها.
وغلام مُعْبَر إذا كاد أن يحتلم ولم يُخْتَن.
وناقة عِبْر أسفار: تُقطع الأسفار عليها بالكسر.
أبو عبيدة: العَبِير عند أهل الجاهلية: الزعفران.
وقال ابن الأعرابي: العَبِيرة: الزعفرانة.
وقال الليث: العَبِير: ضرب من الطيب قال: والمَعْبَر: شطّ نهر هو للعبور.
والمِعْبرة: سفينة يعبَر عليها النهر.
وعبّر فلان عن فلان تعبيرًا إذا عَيّ بحجَّته فتكلم عنه بها.
قال: وعبَّرت الدنانير تعبيرًا إذا وزنتها دينارًا دينارًا.
وأمَّا قول الله جلّ وعزّ: (وَلا جُنُبًا إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ) فمعناه: إلا [النِّساء: 43] مسافرين؛ لأن المسافر قد يُعوزه الماء.
وقيل: إلا مارين في المسجد غير مريدين الصلاة.
وقال الليث: العِبْرة: الاعتبار بما مضى.
والشعرى العَبُور، وهما شعريان.
إحداهما الغُمَيضاء، وهو أحد كوكبي الذراعين.
وأمَّا العَبُور فهي مع الجوزاء تكون نيّرة.
سمّيت عُبُورًا لأنها عَبَرت المَجَرَّة وهي شأمية.
وتزعم العرب أن الأخرى بكت على أثرها حتى غمِصَت فسمّيت الغُمَيصاء.
وقال الليث: عَبْرة الدمع: جَرْيه.
قال: والدمع نفسه يقال له: عَبْرة.
ومنه قوله:
وإن شفائي عَبْرة إن سفَحتها
ورجل عَبْران وامرأة عَبْرى إذا كانا حزينين.
أبو عبيد عن الأصمعيّ: من أمثالهم في عناية الرجل بأخيه وإيثاره إيَّاه على نفسه قوله: لك ما أبكي ولا عَبْرة بي، يضرب مثَلًا للرجل يشتدّ اهتمامه بشأن أخيه.
ويقال: عبّر بفلان هذا الأمرُ إذا اشتدّ عليه.
ومنه قول الهذليّ:
ما أنا والسيرَ في مَتْلف *** يعبّر بالذكر الضابط
ويقال: عَبَر فلان إذا مات فهو عابر، كأنه عبر سبيل الحياة.
وأنشد أبو العباس:
فإن نَعْبُر فإن لنا لُماتٍ *** وإن نغبُر فنحن على نذور
سَلمة عن الفراء: العَبَر: الاعتبار.
والعرب تقول: اللهم اجعلنا ممَّن يعبَر الدنيا ولا يعبُرها أي ممّن يعتبر بها
ولا يموت سريعًا حتى يرضيك بالطاعة.
وقال الأصمعيّ: يقال في الكلام: لقد أسرعت استعبارك الدراهم أي استخراجك إيّاها.
ويقال: عَبَرت الطير أعبُرها وأعبِرها إذا زجرتها.
وقال ابن شميل: عبرت متاعي أي باعدته.
والوادي يعبر السَيْل عنا أي يباعده.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال: العَبَّار: الجَمَل القويّ على السير.
والمُعْبَر: التَيس الذي تُرك عليه شعره سنواتٍ فلم يُجَزّ.
وقال بِشْر بن أبي خازم:
جَزيز القفا شبعان يربض حَجْرَةً *** حديث الخصاء وارم العَفْل مُعْبَرُ
وقال اللحياني: العَبُور من الغنم: فوق العظيم من إناث الغنم.
يقال: لي نعجتان وثلاث عبائر.
وغلام مُعْبَر إذا كبر ولم يُخْتن.
وإنه لينظر إلى عَبَر عينه إذا كان ينظر إلى ما يُعْبِر عينه أي يُسْخِنها.
وقال الأصمعي: العُبْريّ من السِدْر: ما كان على شطوط الأنهار.
وقال اللحياني العُمْريّ والعُبْريّ من السِدر الذي يَشرب من المياه.
قال: والذي لا يشرب من المياه ويكون بَرّيًّا يقال له الضال.
وروى ابن هانىء عن أبي زيد: يقال للسِدْر وما عظم من العوسج: العُبْرِيّ.
وقال أبو سعيد: العُبْريّ والعُمْريّ: القديم من السِدْر.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
28-تهذيب اللغة (رأى)
رأى: قال اللّيث: الرَّأيُ: رَأْي القَلْب.والجمع: الآرَاء.
ويقال: ما أضَلّ آرَاءهم! وما أَضلَ رَأْيَهم!
ويقال: رأيتُه بعينيّ رُؤْيةً.
ورأيتُه رَأي العَيْن، أي حَيث يَقَع البَصَرُ عليه.
ويُقال من «رَأْي» القَلب: ارتأَيت؛ وأَنشد:
ألا أيّها المُرْتَئِي في الأُمُورِ *** سَيَجْلو العَمَى عَنْك تِبْيانُها
وقال الفَرّاء في قوله عزوجل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43]: إذا تَركت
العربُ الهمزة من الرُّؤْيا قالوا: الرُّويَا، طَلَبًا للخفّة، فإذا كان من شأنهم تحويلُ الواو إلى الياء قالوا: «لا تَقْصُص رُيّاك» في الكَلام، وأما في القُرآن فلا يَجُوز؛ وأنشد أبو الجرّاح:
لَعِرْضٌ من الأعراضِ يُمْسي حَمامُه *** ويُضْحِي على أفْنانِه الغين يَهْتِفُ
أحبّ إلى قَلبي من الدِّيك رُيَّةً *** وبابٍ إذا ما مال للغَلْقِ يَصْرِفُ
أراد «رُؤْية» فلما ترك الهمز وجاءت واو ساكنة بعدها ياء تَحوّلت ياءً مشدَّدة، كما قالوا: لَوَيته لَيًّا، وكَوَيْته كَيًّا، والأصل: لَوْيًا، وكَوْيًا.
قال: وإن أشرت فيها إلى الضمة فقلت: رُيًّا، فرفَعت الراء، فجائز، وتكون هذه الضَّمة مثل قوله: صُيِل، وسُيِق، بالإشارة.
وزعم الكسائي: أنه سمع أعرابيًّا يقرأ: «إن كنتم للرُّيَّا تَعْبُرون».
وقال اللّيث: رأيت رُيًّا حَسنة.
قال: ولا تجْمع الرُّؤيا.
وقال غيره: تجمع الرُّؤيا: رُؤًى، كما يُقال: عُلْيًا، وعُلًى.
قوله عزوجل: {هُمْ أَحْسَنُ أَثاثًا وَرِءْيًا} [مريم: 74].
قُرِئت رِءْيًا بوزن رِعْيًا وقُرئت رِيًّا.
وقال الفرّاء: الرّئْيُ: المَنْظر.
وقال الأخفش: الرِّيّ ما ظهر عليه ممّا رأيت.
وقال الفَراء: أهل المدينة يَقْرءونها رِيًّا بغير هَمز، وهو وجه جيّد، من رأيت، لأنه مع آيات لَسْنَ مَهْموزات الأواخر.
وذكر بعضهم أنه ذهب بالرِّيّ إلى رَوِيت إذا لم يَهْمز.
ونحو ذلك قال الزّجّاج.
قال: ومن قرأ رِيًّا بغير هَمْز فله تَفْسيران: أحدهما: أنّ مَنْظره مُرْتَوٍ من النِّعمة، كأن النَّعيم بَيِّنٌ فيهم.
ويكون على تَرك الهَمزة من رأيت.
وقال الليث: الرَّئِيّ: جِنِّي يَعْرض للرّجل يُريه كهانةً وطِبًّا.
يُقال: مع فُلان رَئِيّ.
قال: والرُّوَاء: حُسن المَنْظر في البَهاء والجمال.
يقال: امرأة لها رُواء، إذا كانت حسنة المَرْآة، والمَرْأَى، كقولك: المَنْظرة، والمَنْظر.
والمِرآة: التي يُنْظر فيها.
وجمعها: المَرَائي.
ومن حَوّل الهمزة قال: المَرَايَا.
قال أبو زيد: إذا أمرت من رأيت قلت: ارْ زَيدًا.
كأنك قلت: ادْع زيدًا.
فإذا أردت التخفيف قلت: رَ زيدًا.
فَتُسْقط ألف الوَصل فتحرّك ما بعدها.
قال: ومن تَحقيق الهمز قولك: رأيت الرجل.
فإذا أردت التخفيف قلت: رايت الرجل.
فحركت الألف بغير إشباع همز، ولم تسقط الهمزة لأنّ ما قبلها مُتحرك، فتقول: الرّجُل يَرَى ذاك، على التَّخفيف.
قال: وعامّة كلام العرب في: يرى، وترى، ونرى، وأرى، على التخفيف.
وقال بعضهم يخففه، وهو قليل.
فيقول: زيد يرأى رأيًا حَسنًا.
كقولك: يَرْعَى رَعْيًا حَسنًا؛ وأَنشد:
أُرى عَيْنَيّ ما لم تَرْأَياه *** كِلانا عالمٌ بالتُّرّهّاتِ
وقال اللِّحياني: اجتمعت العربُ على همز ما كان من رأيت واسْترأيت وارتأيت وراءيت وما كان من رؤية العين.
وقال بعضهم بترك الهمزة، وهو قليل.
قال: وكُل ما جاء في كتاب الله مَهْموز، وأَنْشد فيمن خَفّف:
صاح هل رَيْت أو سَمِعت برَاعٍ *** رَدْ في الضَّرْع ما تَرَى في الحِلَابِ
والكلام العالي الهمز، فإذا جئت إلى الأفعال المُستقبلة التي في أولها الياء والتاء والنون والألف، اجتمعت العربُ الذين يَهْمزون والذين لا يهمزون على ترك الهمزة، كقولك: يَرى، وتَرى، وأرى، ونرى، وبه نزل القُرآن، إلا تَيم الرِّباب فإنّها تَهمز فتقول: هو يرأى، وترأى، ونرأى، وأرأى.
فإذا قالوا: متى نراك؟ قالوا: متى نرآك؟
مثل نَرْعاك.
وبعضٌ يقلب الهمزة، فيقول: متى نَراؤُك؟
مثل: نَرَاعُك؛ وأَنْشد:
ألا تلك جارَتُنا بالغَضَا *** تَقُول أتَرْأَيْنَه لن يضِيفَا
وأنشد فيمن قَلَب:
ماذا نَراؤُك تُغْنِي في أخِي ثِقَةٍ *** من أُسْد خَفّان جَأْب الوَجه ذي لُبد
قال: فإن جئت إلى الأمر، فإِن أهل الحجاز يتركون الهمز فيقولون: رَ ذاك؛ وللاثنين: رَيَا ذاك؛ وللجميع: رَوا ذاك؛ وللمرأة: رَيْ ذاك، وللنِّسوة: رَيْن.
وتَميم تهمز في الأمر على الأصل، فيقولون: ارْأ ذاك، وارْأيا، ولجماعة النِّسوة: ارْأَيْن.
قال: فإِذا قالوا: أَرَيْت فلانًا ما كان من أمره، أَرَيْتكم فلانًا، أفَريتكم فلانًا؛ فإِن أَهل الحجاز يهمزونها، وإن لم يكن مِن كلامهم الهَمْز.
فإذا عَدوت أهل الحجاز فإِنَّ عامّة العرب على ترك الهمزة، نحو: أريت الذي يُكَذِّب، أَرَيْتُكم.
وبه قرأ الكسائي، تَرَك الهمز فيه في جميع القرآن؛ وأَنشد لأبي الأسود:
أرَيْتَ امْرَأ كنْتُ لم أَبْلُه *** أتانِي فقال اتَّخذني خَلِيلًا
فترك الهمزَة.
وأخبرني المُنذريّ، عن أبي طالب، عن أبيه، عن الفراء في قول الله عزوجل: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ} [الأنعام: 40].
قال: العرب لها في أرأيت لغتان ومَعنيان: أحدهما أن يسأل الرجُل الرجلَ: أرأيت زَيدًا بعينك؟ فهذه مَهموزة.
فإِذا أوقعتها على الرّجل منه قلت: أرأيتَك على غير هذه الحال؟ يُريد هل رأيت نَفْسك على غير هذه الحال.
ثم تُثنّي وتَجمع، فتقول للرَّجُلين: أَرَأيْتُماكما، وللقوم: أرأيتُموكم، وللنِّسْوة: أرأتنّ كنّ، وللمرأة: أرأيتِك، بخفض التاء، لا يجوز إلا ذلك.
والمعنى الآخر، أن تقول: أرأيْتَك.
وأنت تقول: أَخْبرني، فتهمزها وتنصب التاء منها، وتترك الهمز إن شئت، وهو أكثر كلام العرب، وتترك التاء موحّدة مَفتوحة للواحد والواحدة والجميع، في مؤنثه ومذكره، فتقول للمرأة: أرأيتَك زيدًا، هل خَرج؟ وللنِّسوة: أرأَيتكنّ زيدًا ما فعل؟
وإنما تركت العربُ التاء واحدةً لأنّهم لم يُريدوا أن يكون الفِعل منها واقعًا على نفسها، فاكتفوا بذكرها في الكاف، ووجّهوا التاء إلى المذكر والتوحيد إذا لم يكن الفِعل واقعًا.
ونحو ذلك قال الزّجاج في جميع ما قال.
ثم قال: واخْتلف النّحويّون في هذه الكاف التي في (أَرَأَيْتَكُمْ).
فقال الفرّاء والكسائيّ: لفظها لَفْظ نَصب، وتأويلها تَأويل رَفْع.
قال: ومثلها الكاف التي في دونك زيدًا، لأن المعنى: خُذْ زَيدًا.
قال أبو إسحاق: وهذا القول لم يَقُله النّحويّون القُدماء، وهو خطأ، لأن قولك: أرأيتَك زَيْدًا ما شأنُه؟ يُصَيِّر أرأيت قد تعدّت إلى الكاف، وإلى زيد، فتَصير أرأَيْت اسْمَيْن، فيَصير المَعْنى: أرَأيتَ نَفْسَك زَيدًا ما حاله؟
قال: وهذا مُحَالٌ.
والذي يَذْهب إليه النَّحويون الموثوق بعلمهم أن الكاف لا موضع لها، وإنما المعنى: أرأيت زيد ما حاله؟ وإنما الكاف زيادة في بيان الخطاب، وهي المعتمد عليها في الخطاب.
فتقول للواحد المذكر: أرأَيْتَك
زيدًا ما حاله؟ بفتح التاء والكاف، وتقول في المؤنث: أرأيتك زيدًا ما حاله يا مَرأة؟ فتفتح التاء على أصل خطاب المذكر وتكسر الكاف، لأنّها قد صارت آخر ما في الكلمة والمنبئة عن الخطاب، فإن عَدَّيت الفاعل إلى المَفْعُول في الباب صارت الكاف مفعولة، تقول: رأَيْتني عالمًا بفُلان.
فإذا سألت عن هذا الشَّرط قلت للرَّجل، أَرَأَيْتَك عالمًا بفلان؟
وللاثنين: أرأَيْتماكما عالِمَيْن بفلان؟
وللجميع: أرأيْتُموكم؟ لأن هذا في تأويل: أَرأيتم أنْفُسكم؟
وتقول للمرأة: أرأيتِك عالمةً بفُلان؟
بكسر التاء.
وعلى هذا قياس هذين البابين.
أَخبرني المُنذريّ، عن أبي العباس ثعلب، قال: أَرأَيْتَك زَيْدًا قائمًا؟ إذا اسْتخبر عن زيد تَرَك الهَمْز، ويجوز الهَمْز.
وإذا استخبر عن حال المخَاطب كان الهَمز الاختيار، وجاز تَرْكه، كقولك: أرَأَيْتَك نَفْسَك؟ أي ما حالُك، ما أَمْرُك؟
ويجوز: أَرَيْتَك نَفْسك؟
وذكر شَمر حديثًا بإسناد له أن أبا البَخْتريّ قال: تراءَيْنَا الهلال بذات عِرْق فسألنا ابن عبّاس، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مَدَّه إلى رُؤيته، فإنْ أُغمِي عليكم فَأكْمِلوا العِدَّة.
قال شَمِر: قوله: تراءينا الهلال، أي تكلَّفنا النَّظر إليه، هل نَراه أم لا؟
قال: وقال ابن شُميل: انْطلقْ بنا حتى يُهلّ الهِلال، أي نَنْظر أنَراه؟
وقد تراءينا الهِلال: أي نَظرناه.
وقال الفراء: العرب تقول: راءَيت، ورَأَيْت.
وقرأ ابن عبّاس: {يُراؤُنَ النَّاسَ} [النساء: 142].
وقد رَأَّيْتُ تَرْئِية، مثل: رَعَّيت تَرْعِية.
قال: وقال ابن الأعرابي: أَرَيْتُه الشيءَ إراءةً، وإراية، وإرْءَاءةً.
قال: وقال أبو زيد: تراءَيت في المِرآة تَرائِيًا.
ورَأَّيْتُ الرَّجُل تَرْئِيَةً، إذا أَمْسكتَ له المِرآة لِيَنْظُر فيها.
واسْتَرْأيت الرجل في الرأي، أي اسْتَشَرتُه.
وراءيته، وهو يُرائيه، أي يُشاوره؛ وقال عِمران بن حَطّان:
فإنْ تكُن حين شَاوَرْناك قلْتَ لنا *** بالنُّصح منك لنا فيما نُرائِيكَا
أي: نَسْتَشيرك.
قُلت: وأمّا قول الله عزوجل: {يُراؤُنَ النَّاسَ} [النساء: 142] وقوله: {يُراؤُنَ وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ {7}} [الماعون: 6 و7]
فليس من المُشاورة، ولكن مَعناه، إذا أَبْصرهم النّاس صَلّوا، وإذا لم يَرَوهم تَركوا الصَّلاة.
ومن هذا قول الله عزوجل: {بَطَرًا وَرِئاءَ النَّاسِ} [الأنفال: 47].
وهو المُرائي، كأنّه يُرِي الذي يَراه أنه يَفْعل ولا يفعل بالنيّة.
وأما قول الفَرزدق يهجو قومًا ويَرمي امرأَةً مِنهم بغير الجَمِيل:
وبَات يُراآها حصانًا وقد جَرَتْ *** لنا بُرَتاها بالّذي أنا شَاكره
قوله: يُراآها: يظن أنها كذا.
وقوله: لنا بُرتاها، معناه: أنها أَمكنته من رِجْلَيها.
قال شَمر: العرب تقول: أرى الله بفلانٍ، أي أرى الله الناسَ بفُلَانِ العذابَ والهلاك، ولا يقال ذلك: إلا في الشر؛ وقال الأعشى:
وعَلِمت أنّ الله عَمْ *** دًا خَسَّها وأَرَى بها
قال ابن الأعرابي: أرى الله بها أعداءها ما يَسُرهم؛ وأنشد:
* أرانا الله بالنَّعَم المُنَدَّى*
وقال أبو حاتم نحوَه.
ورُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تَراءى نارَاهُما».
قال أبو عُبيد: معناه: أنّ المُسلم لا يَحلّ له أن يَسْكن بلاد المُشركين فيكون معهم بقَدْر ما يَرى كُلُّ واحدٍ منهم نار صاحبه.
ويقال: تراءينا، أي تلاقينا فرأيتُه ورآني.
وقال: أبو الهيثم في قوله: لا تراءى ناراهما، أي لا يَتَّسم المُسلم بِسمة المُشْرك ولا يَتَشَبَّه به في هَدْيه وشَكله، ولا يتخلّق بأخلاقه، من قولك: ما نارُ بَعِيرك؟ أي ما سِمَته؟
ويقال: داري تَرى دار فلان، أي تقابلها؛ وقال ابن مُقْبِل:
سَلِ الدّارَ مِن جَنْبَي حَبِيرٍ فواحِفٍ *** إلى ما رَأى هَضْبَ القَلِيب المصَبَّح
أراد: إلى ما قابَله.
قال الأصمعي: رأسٌ مُرْأى، بوزن مُرْعًى، إذا كان طويل الخَطم فيه شَبيه بالتَّصْويب، كهيئة الإبْريق.
وقال ذو الرُّمّة:
وجَذْب البُرَى أَمْرَاس نجران رُكِّبت *** أواخِيُّها بالمُرْأَيات الزَّواحِف
يعني أواخيّ الأمراس، وهذا مَثل.
والرّاية: العَلم، لا تهمزها العربُ، وتجمع: رايات، وأصلها الهَمز.
ويقال: رأيت رايتَه، أي رَكَزتُها.
وبعضهم يقول: أَرْأَيتها، وهما لُغتان.
وقال اللَّيث: الراية، من رايات الأعلام.
وكذلك الراية التي تجعل في العُنق.
وهما من تأليف ياءين وراء.
وتصغير الرَّاية: رُيَيَّهْ.
والفعل: رَيَّيْت رَيًّا، ورَيَّيْت تَرِيَّةً.
والأمر بالتخفيف ارْيهْ، والتشديد ريِّهْ.
وعلمٌ مَرِيّ، بالتخفيف.
وإن شئتَ بَيَّنت الياءات فقُلت.
مَرْئِيٌ، بِبَيان الياءات.
والعرب تقول: أَرى اللهُ بفلانٍ، أي أَرْأَى به ما يَشمِت به عدوّه؛ ومنه قول الأعشى:
وعلمت أنّ الله عَمْ *** دًا خَسَّها وأَرَى بها
يَعني قبيلةً ذكرها، أي أَرَى الله عدوَّها ما شَمِت به.
وقال النّضر: الإرآء: انتكاب خطم البعير على حَلْقه.
يقال: جمل مُرْأى، وجِمالٌ مُرْآة.
أبو عُبَيد، عن أبي زيد: إذا استبان حمل الشاة من المعز والضأن وعَظُم ضَرْعها قيل: أَرْأَت، تقديره أَرْعَت.
ورمّدت تَرْمِيدًا، مثله.
وروى ابن هانىء عنه: أرأت العَنْزُ خاصّة، ولا يُقال للنّعجة: أَرأت، ولكن يُقال: أَثْقلت، لأنّ حياءها لا يَظهر.
وقال الليث: يقال من الظن: رِيتُ فُلانًا أخاك.
ومن همز قال: رُؤِيت.
فإذا قُلت: أرى وأخواتها، لم تهمز.
قال: ومَن قلب الهمزة من رأى قال: راء، كقولك: نأى، وناء.
وروي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه بدأ بالصّلاة قبل الخُطْبة يوم العيد ثم خَطب فرُئِي أنه لم يُسمع النِّساء فأتاهن ووعَظهن.
وقال الفراء: قرأ بعض القُرّاء: وَتَرَى النَّاسَ سُكَرَى [الحج: 2] فنصب الراء من تُرى.
قال: وهو وَجه جيّد، يُريد مثل قولك: رُئيتُ أنك قائم، ورُئِيتك قائمًا، فيجعل سكارى في موضع نَصب، لأن ترى تحتاج إلى شيئين، تَنْصبهما، كما تحتاج ظَنّ.
قلت: رُئيت، مقلوب، الأصل فيه: أُريت، فأخّرت الهمزة، وقيل: رُئيت، وهو بمَعنى الظّنّ.
وقال الليث: يقال: فلانٌ يتراءى برأي فلان، إذا كان يَرى رأيه ويَميل إليه ويَقْتدي به.
ويقالُ: منازلهم رئاءٌ، على تقدير رِعَاء، إذا كانت متحاذية؛ وأَنْشد:
ليالي يَلْقَى سِرْبُ دَهْما سِرْبَنا *** ولَسْنا بجيرانٍ ونحن رِئَاءُ
ابن بُزُرْج: التَّرْئية، بوزن التَّرْعِية: الرجُلُ المُخْتال.
وكذلك: التّرائية، بوزن التّراعِية.
الليث: التَّرِيّة، مشدّدة الياء، والتَّرِيَة، خفيفة الياء بكسر الراء، والتَّرْية، بجزم الراء، كلها لُغات، وهي ما تراه المرأة من بقيّة حَيضها من صُفرة أو بَياض.
قلت: كأنّ الأصل فيه تَرئية، وهي تفعلة من رأيت فخفّفت الهمزة، فقيل: تَرْيِية، ثم أُدغمت الياء في الياء فقيل: تَرِيّة.
وقال: ويقال للمرأة: ذاتُ التَّرِيّة، وهي الدمُ القليل.
وقد رأت تَرِيَّة، أي دمًا قلِيلًا.
وفي حديث النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنّ أَهل الجنَّة ليتراءَوْن أهْلَ عِلِّيّين كما تَرَوْن الكوكب الدُّرِّي في كَبِدِ السَّماء».
قال شمر: يَتراءَوْن: يتفاعلون، من رأيت كقولك: تراءَيْنا الهِلَال.
وقال: معناه: يَنْظُرون.
وقال غيره: معنى يتراءون أي: يرون، يدُل على ذلك قوله: كما تَرَوْن.
أبو عُبيد، عن الأصمعيّ: يُقال لكل ساكن لا يَتَحَرَّك: ساجٍ وَرَاهٍ وَرَاءٍ.
قال شمر: لا أعرف راءٍ بهذا المعنى إلا أن يكون أراد راه فجعل بدل الهاء ياء.
وقال ابن الأنباري: رِئِيٌ من الجِنّ، بوزن رِعِيّ وهو الذي يَعْتاد الإنسان من الجِنّ.
قال: الرِّئْيُ، بوزن الرِّعْي بهمزة مُسكَّنة: الثوبُ الفاخر الذي يُنْشر ليُرَى حُسْنه؛ وأَنْشد:
* بذي الرِّئْي الجَمِيل من الأَثاث*
أبو العباس، عن ابن الأعرابي: أَرْأَى الرَّجل، إذا كَثرت رُؤَاه، بوزن رُعَاه وهي أحلامه، جمع الرُّؤْيا.
اللَّحياني: على وَجْهه رَأْوة الحُمق، إذا عَرفت الحُمق فيه قبل أن تَخْبُره.
ويُقال: إنّ في وَجهه لرَأْوَةً، أي نَظْرةً ودَمامَة.
قال: وأرْأَى، إذا تَبَيَّنت الرَّأْوَةُ في وَجْهه، وهي الحَماقة.
وأَرْأَى، إذا تراءى في المِرآة.
وأرأى، إذا صار له رَئيّ مِن الجِنّ.
ويقال: أَرْأَى الرَّجُل، إذا أظهر عَملًا صالحًا رِيَاءً وسُمْعة.
وأَرْأَى، إذا اشْتكى رِئَته، وأرأى؛ إذا اسْودّ ضَرْعُ شاتِه.
وأَرْأى: إذا حَرّك بعَينيه عند النظر تَحْريكًا كثيرًا، وهو يُرأْرِي بعَينَيه.
أبو الحسن اللَّحياني: يقال: إنه لخَبيثٌ ولو ترى ما فلان؟ ولو تَرَ ما فلان؟ رَفْعٌ وجَزْم.
وكذلك: لا تر ما فلان؟ ولا ترى ما فلان؟
فيها جميعًا وجهان: الجزم والرفع.
فإِذا قالوا: إنه لخبيث، ولم تر ما فلان، قالُوا بالجزم.
وفلان في كُله رفْع.
وتأويلها: ولا سيما فلانٌ.
حُكي ذلك كُله عن الكسائي.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م
29-تهذيب اللغة (لام)
لام: اللام التي توصل بها الأسماء، والأفعال، ولها معانٍ شتّى، فمنها:لام الملك
كقولك: هذا المالُ لِزيد، وهذا الفرسُ لِعَمرو.
ومن النحويين من يُسَمِّيها لام الإضافة.
سُمِّيت لام الملك لأنّك إِذا قلت: هذا لِزَيْد، عُلم أنه مِلْكُه.
وإذا اتَّصلت هذه اللام بالمكْنِيّ عنه نُصبت، كقولك: هذا المال له، ولَنا، ولكَ، ولَها، ولَهما، ولَهم.
وإنما فُتحت مع الكِنايات لأن هذه اللام في الأصل مفتوحة، وإِنما كسرت مع الأسماء لِيُفْصل بين لام القسم وبين لام الإضافة، ألا ترى أنك لو قُلت: إن هذا المال لِزيد، عُلم أنه مِلْكه، ولو قلت: إنّ هذا لَزَيْدٌ، عُلم أن المُشار إليه هو زَيد فكُسرت ليُفرق بينهما.
وإذا قلت: المالُ لكَ، فتحت؛ لأنّ اللَّبس قد زال.
وهذا قولُ الخليل والبَصْريّين.
لام كي
هي كقولك: جئتُ لِتَقُومَ يا هذا.
سُمِّيت لام كي لأنّ معناها: جئتُ لكي تَقُومَ.
ومعناها: معنى لام الإضافة، ولذلك كُسرت؛ لأن المعنى: جئت لِقيامك.
وقال الفَراء في قوله تعالى: {رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ} [يونس: 88]: هي لام كي.
المعنى: يا ربّ أَعْطَيتهم ما أعطيتهم ليضلّوا عن سَبيلك.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الاختيار أن تكون هذه اللام وما أشبهها بتأويل الخَفْض.
المعنى: آتيْتهم ما آتَيْتهم لضلالهم.
وكذلك قوله تعالى: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا} [القصص: 8] معناه: لِكَوْنه، لأنه قد آلت الحال إلى ذلك.
قال: والعربُ تجعل لام كي في مَعنى لام الخفض، ولام الخفض في معنى لام كي لتقارُب المعَنى.
قال الله تعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ} [التوبة: 95].
المعنى: لإعراضكم عنهم، وهم لم يحلفوا لكي تُعرضوا، وإنما حلفوا لإعراضهم عنهم؛ وأَنْشد:
سَمَوْت ولم تكن أهلًا لِتَسْمُو *** ولكنّ المُضَيَّع قد يُصابُ
أراد: لم تكن أهلًا للسّمُوّ.
وقال أبو حاتم في قوله تعالى: {لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ} [التوبة: 121]: اللام في {لِيَجْزِيَهُمُ} لام اليمين، كأنه قال: ليجزينّهم، فحذف النون وكسر اللام، وكانت مفتوحة، فأشبهت في اللفظ لام كي، فنَصبوا بها كما نصبوا ب «لام كي».
قال: وكذلك قولُه تعالى: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا * لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ} [الفتح: 1 و2].
المعنى ليغفرنّ الله لك.
وقال ابن الأنباري: هذا الذي قاله أبو حاتم غَلط، لأن لام القَسم لا تُكسر ولا يُنصب بها، ولو جاز أن يكون معنى (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ): ليجزينّهم، لقُلنا: والله ليقومَ زيد، بمعنى ليقومنّ، وهذا مَعدوم في كلام العرب.
واحتج أبو حاتم بأن العرب تقول في التعجُّب: أَظْرِفْ بزَيْد! فيَجْزمونه لشبهه بلفظ الأمر.
وليس هذا بمنزلة ذلك؛ لأن التعجّب عُدل إلى لفظ الأمر، ولام اليمين لم تُوجد مكسورة قطّ في حال ظهور اليمين، ولا في حال إضمارها.
قال أبو بكر: وسألت أبا العبّاس عن اللام في قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ} [الفتح: 2]، فقال: هي لام كي.
معناه: {إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} لكي يَجتمع لك مع المغفرة تمامُ النّعمة في الفتح، فلما انضمّ إلى المغفرة شيء حادث واقع حَسُن معنى كي.
وكذلك قولُه تعالى: {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} [سبأ: 4] هي: لام كي، تتصل بقوله تعالى: {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ} [سبأ: 3] إلى قوله تعالى: {فِي كِتابٍ مُبِينٍ} [سبأ: 3] أحصاه عليهم لكي يَجْزِي المُحسن بإحسانه والمُسيء بإساءته.
لام الأمر
وهو كقولك: لِيضْرب زيْدٌ عمرًا.
قال أبو إسحاق: أصلها نَصْب، وإنما كُسرت ليفرّق بينها وبين لام التوكيد، ولا يبالي بشبهها بلام الجر؛ لأنّ لام الجر لا تقع في الأفعال، وتقع لام التوكيد في الأفعال، ألا ترى أنك لو قلت: لِيضرب، وأنت تأمر، لأشبه لامَ التوكيد،
إذا قلت: إنك لَتضربُ زيدًا.
وهذه اللام في الأمر أكثر ما تُستعمل في غير المُخاطب، وهي تجزم الفِعل، فإن جاءت للمُخاطب لم يُنْكر.
وقال الفراء: رُوي أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في بعض المشاهد: «لِتأخذُوا مَصَافّكم».
يريد: خُذوا مَصافّكم.
وقال الله تعالى: {فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 85].
أكثر القُرّاء قرءوا بالياء.
ورُوي عن زَيد بن ثابت: {فَلْيَفْرَحُوا} [يونس: 58].
يريد أصحاب النبيّ صلى الله عليه وسلم، {هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}، أي ممّا يَجمع الكُفّار.
وقوّى قراءةَ أُبيّ «فَافْرَحُوا» وهو البِناء الذي خُلق للأَمر إذا واجَهْت به.
قال الفراء: وكان الكسائيّ يَعيب قولهم فَلْتفرحوا، لأنه وَجده قليلًا فجعله عَيْبًا.
وقرأ يعقوب الحَضْرميّ، بالتاء، وهي جائزة.
اللام التي هي للأمر في تأويل الجزاء
من ذلك قول الله تعالى: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} [العنكبوت: 12].
قال الفراء: هو أمر فيه تأويل الجزاء، كما أن قوله تعالى: {ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ} [النمل: 18] نَهْيٌ في تأويل الجَزاء، وهو كثير في كلام العرب؛ وأنشد:
فقلت ادْعِي وأَدْعُ فإنّ أَنْدَى *** لِصَوْتٍ أن يُنَادِي داعِيان
أي: ادْعِي ولأَدعُ، فكأنه قال: إن دعوتِ دعوتُ.
ونحوَ ذلك قال الزّجاج.
وقال: يُقرأ قوله: {وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} [العنكبوت: 12] بسكون اللّام وبكسرهما، وهو أمرٌ في تأويل الشَّرط.
المعنى: إن تَتّبعوا سَبيلنا حَملنا خطاياكم.
لام التوكيد
وهي تَتصل بالأسماء والأفعال التي هي جوابات القَسَم وجواب إنّ.
فالأسماء كقولك: إنّ زيدًا لكريم.
والأفعال كقولك: إنّه ليذُبّ عنك.
وفي القسم: والله لأصلّين، ورَبّي لأصُومَنّ.
وقال الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَ} [النساء: 71] أي: ممّن أَظهر الإيمان لَمن يُبطِّىء عن القِتال.
قال الزّجاج: اللام الأولى التي في قوله (لَيُبَطِّئَنَ) لام القسم، و «من» موصولة بالجالب للقسم، كأنّ هذا لو كان كلامًا لقلت: إنّ منكم لَمن أحْلِف بالله والله ليبطِّئنّ.
قال: والنَّحويون مجمعون على أن «ما»
و «من» و «الذي» لا يُوصَلْن بالأمر والنّهي إلا بما يضمر معها من ذكر الخبر، وأن لام القسم إذا جاءت مع هذه الحروف فلفظ القسم وما أَشبهه لفظه مضمرٌ معها ومنها:
اللامات التي تؤكّد بها حُروف المجازاة
وتُجاب بلام أُخرى توكيدًا، كقولك: لئن فَعَلْت كذا لتندمَنّ، ولئن صَبَرت لَتَرْبَحَنّ.
ومنها قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ} [آل عمران: 81].
أخبرني المُنذريّ، عن أبي طالب النَّحوي، أنه قال: المَعنى في قوله: «لَما آتَيْتُكُمْ»: لمَهما آتيتكم، أي: أَيّ كتاب آتيتكم (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ).
قال: وقال أحمد بن يحيى: قال الأخفش: اللام التي في (لَما آتَيْتُكُمْ) اسم، والذي بعدها صلة لها، واللام التي في (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) لام القَسم، كأنه قال: والله لتؤمننّ، فوكّد في أول الكلام وفي آخره.
وتكون «من» زائدة.
وقال أبو العبّاس: هذا كلّه غلط.
اللام التي تدخل في أوائل الجزاءات تُجاب بجوابات الأَيمان، تقول: لَمَن قام لآتينّه.
فإذا وقع في جوابها «ما» و «لا» عُلم أنّ اللام ليست بتوكيد، لأنك تَضع مكانها «لا» و «ما».
وليست كالأولى، وهي جواب للأُولى.
قال: وأما قوله: (مِنْ كِتابٍ) فأَسْقط «من» فهذا غلط، لأن «من» التي تدخل وتخرج لا تقع إلا مواقع الأسماء، وهذا خبر، ولا تقع في الخبر، إنما تقع في الجَحد والاستفهام والجزاء، وهو قد جعل «لَما» بمنزلة: لَعَبد الله والله لقائمٌ، ولم يجعله جزاءً.
ومن اللامات التي تَصحب إنْ
فمرةً تكون بمعنى «إلا»، ومرة تكون صلة وتوكيدًا، كقول الله تعالى: {إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا} [الإسراء: 108].
فمن جَعل «إن» جحدًا جَعل اللام بمعنى «إلّا».
المعنى: ما كان وَعْد ربِّنا إلا مَفْعولًا.
ومن جعل «إن» بمعنى «قد» جعل اللام توكيدًا.
المعنى: قد كان وَعْد ربّنا مفعولًا.
ومثله قوله تعالى: {إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ} [الصافات: 56]، يجوز فيها المَعْنيان.
لام التعجب ولام الاستغاثة
أخبرني المنذري، عن المبرّد: إذا استُغيث بواحد وبجماعة، فاللام مفتوحة، تقول: يا للرِّجال! يا لَلْقوم، يا لَزيد!
وكذلك إذا كنت تَدْعوهم.
فأما «لام» المدعو إليه فإنها تُكسر، تقول: يا للرّجال لِلْعَجب! ويا لَلرّجال لِلماء! وأَنْشد:
يا لَلرّجال لِيوم الأربعاء أمَا *** ينفكّ يُحْدِث بعد النَّهي لي طَرَبَا
وقال الآخر:
تكنّفني الوُشاةُ فأَزْعجوني *** فيا لَلنّاس للواشي المُطَاعِ
وتقول: يا لِلْعجب، إذا دعوت إليه، كأنك قلت: يا لَلنّاس لِلعجب.
قال: ولا يجوز أن تقول: يا لَزيد، وهو مقبل عليك، إنما تقول ذلك لِلْبعيد.
كما لا يجوز أن تقول: يا قَوماه، وهم مقبلون عليك.
فإن قلت: يا لَزيد، ولِعَمْرو، كسرت اللام في لعمرو، وهو مدعوّ، لأنك إنما فتحت اللام في زيد للفَصل بين المدعوّ والمدعوّ إليه، فلما عَطفت على زيد استغنيت عن الفعل، لأن المعطوف عليه في مِثل حاله؛ وأنشد:
* يا لَلْكَهول وللشبّان لِلْعجب*
والعرب تقول: يَا لَلْعَضيهة، ويا لَلْلأَفِيكة، ويا لَلْبَهِيتَةِ.
وفي اللامات التي في هذه الحروف وجهان:
فإن أردت بها الاستغاثة نَصَبتها.
وإن أردت أن تدعو إليها بمعنى التّعجب كسرتها، كأنَّك أردت: يا أيها الرجل اعْجب لِلْعضيهة، ويا أيّها الناس اعجبُوا للأَفيكة.
ومن اللامات:
لام التّعقيب
للإضافة، وهي تدخل مع الفعل الذي معَناه الاسم، كقَولك: فلان عابرُ الرُّؤْيا، وعابرٌ للرؤْيا؛ وفلان راهبُ ربّه، وراهبٌ لربّه.
ومن ذلك قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ} [الأعراف: 154].
وقال عزوجل: {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43].
قال أحمد بن يحيى: إنما دخلت اللام تَعْقيبًا للإضافة.
المعنى: الذين هم راهبون لرَبّهم، ورهبُوا ربَّهم، ثم أدخلوا اللام على هذا المعنى لأنها عَقّبت الإضافة.
اللام التي بمعنى «إلى» وبمعنى «أجل»
وقد تجيء اللام بمعنى «إلى» وبمعنى «أجل».
قال الله جلّ وعزّ: {أَوْحى لَها} [الزلزلة: 5] أي: أوحى إليها.
وقال عزوجل: {وَهُمْ لَها سابِقُونَ} [المؤمنون: 61]، أي: وهم إليها سابقون.
وقيل: في قوله تعالى: {وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا} [يوسف: 100]، أي خَرُّوا من أجله سُجَّدًا، كقولك: أكْرَمت فلانًا لك، أي: من أَجلك.
وقال الله تعالى: {فَلِذلِكَ فَادْعُ} [الشورى: 15]، أي: إلى ذلك فادْع.
لام التعريف
قال الزّجاج وغيره: لام التعريف التي تصحبها الألف، كقولك: القومُ خارجون، والناس طاعنون الفرس والحمار، وما أَشبههما.
اللام الزائدة
ومنها: اللام الزائدة في الأسماء والأفعال، كقولك: فَعْمَلٌ للفَعْم، وهو المُمتلىء، وناقةٌ عَنْسل لِلْعَنس الصُّلْبَة.
وفي الأفعال، كقولك قَصْمَلَه، أي: كَسره، والأصل: قَصمه.
وقد زِيدت في «ذاك»، فقالوا: ذلك، وفي أولاك فقالوا: «أولالك».
اللام التي في «لقد»
وأما اللام التي في «لقد» فإِنها دخلت تأكيدًا ل «قد»، فاتصلت بها كأنها منها.
وكذلك اللام التي في «لَمَا» مخفّفة.
تهذيب اللغة-أبومنصور الأزهري-توفي: 370هـ/980م