شعار الموقع

نتائج البحث عن (وَيُطَهِّرَكُمْ)

1-التوقيف على مهمات التعاريف (التقديس)

التقديس: لغة، التطهير، وعرفا، تنزيه الحق عن كل ما لا يليق بجنابه من النقائص الكونية مطلقا ومن جميع ما يعد كمالات بالنسبة إلى غيره من الموجودات مجردة أو لا، وهو أخص من التسبيح كيفية وكمية، أي أشد تنزيها منه وأكثر، ولذلك يوخر عنه في قولهم سبوح قدوس. ويقال التسبيح تنزيه بحسب مقام الجمع والتفصيل، فيكون أكثر كمية، ذكره ابن الكمال.

وقال الراغب: التقديس التطهير الإلهي المذكور في قوله {وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}. دون التطهير الذي هو إزالة النجاسة المحسوسة.

التوقيف على مهمات التعاريف-زين الدين محمد المدعو بعبدالرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري-توفي: 1031هـ/1622م


2-المعجم الاشتقاقي المؤصل (رجس)

(رجس): {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]

المرجاس -بالكسر: حَجَر يُشَدُّ في طَرَف الحَبْل ثم يُدْلَى في جوف البئر فتُمْخَضُ الحَمْأةُ (هي طين أسود منتن يكون في جوف البئر) حتى تثور، ثم يُسْتَقَى ذلك الماء (يعني يُخْرَج) فتُنَقَّى البئر (بذلك). وبعير رَجَّاس -كشداد ومنبر: شديد الهدير.

° المعنى المحوري

مستقذَر (أو مُنَفَّرٌ) حادٌّ يثُور (في الجوف أو منه) لحركة عظيمة -كحمأة البئر بِنتْنِها وعَكَرها، والهدير من جوف البعير. ومن هذا: الصوت الجوفي "الرّجْس -بالفتح: صوتُ الرعد وتمخُّضه (وقد وصف القرآن صوت الحمير في نُهاقها المرتفع بالنُكْر. وهو تعبير عن استقباحه). والارتجاسُ: صوت الشيء المختلط العظيم كالجيش والسيل والرعد. وارتجس إيوانُ كسرى: اضطرب وتحرك حركةً سُمع لها صوت. فهذان من الصوت العظيم الناتج عن حركة عظيمة ".

ومن مخض ماء البئر، واستخراج الحمأة، وهي قذرة كما هو واضح، استُعمل الرِجْس -بالكسر- في معنى (القَذَر) ومنه الحديث: "نَهَى أن يُسْتَنْجَى بَرْوثة وقال إنها رِجْس "أي مستقذرة [ل]. "ورَجُس الشيء (صعُب) فهو رِجْس -بالكسر، وكل قَذَر رِجْس ". وقد ورد الرجس في القرآن بمعنى الأوثان وبمعنى التنجس بعبادتها: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30]، كما قال تعالى

{إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28]، ويلحق بهم المنافقون {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ} [التوبة: 125]، وأهل الكبائر. {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} [المائدة: 90] وكل (رِجْس) فهو بمعنى النَّجِس.

وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]، فالرجس هنا ليس أصنامًا ولا نفاقًا ولا كبائر، وإنما هي ذنوب عادية عبّر عنها بهذا تضخيمًا لها لصدورها من ذوي القَدْر. وسياق الآية يرجح ذلك كما قال تعالى فيه: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} [الأحزاب: 30]، والله أعلم.

المعجم الاشتقاقي المؤصل لألفاظ القرآن الكريم-محمد حسن حسن جبل-صدر: 1432هـ/2010م


3-موسوعة الفقه الكويتية (أمهات المؤمنين)

أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ

التَّعْرِيفُ:

1- يُؤْخَذُ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ بِـ «أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ» كُلَّ امْرَأَةٍ عَقَدَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ بِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ.

وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّهَا لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا لَفْظُ «أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ».

وَمَنْ دَخَلَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى وَجْهِ التَّسَرِّي، لَا عَلَى وَجْهِ النِّكَاحِ، لَا يُطْلَقُ عَلَيْهَا «أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ» كَمَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ.

وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قوله تعالى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ {وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.

عَدَدُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ:

2- النِّسَاءُ اللاَّتِي عَقَدَ عَلَيْهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- وَدَخَلَ بِهِنَّ- وَهُنَّ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ- اثْنَتَا عَشْرَةَ امْرَأَةً، هُنَّ عَلَى تَرْتِيبِ دُخُولِهِ بِهِنَّ كَمَا يَلِي:

(1) خَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ.

(2) سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، وَقِيلَ: إِنَّهُ دَخَلَ بِهَا بَعْدَ عَائِشَةَ.

(3) عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ التَّيْمِيَّةُ.

(4) حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ الْعَدَوِيَّةُ.

(5) زَيْنَبُ بِنْتُ خُزَيْمَةَ الْهِلَالِيَّةُ.

(6) أُمُّ سَلَمَةَ، وَاسْمُهَا: هِنْدُ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ الْمَخْزُومِيَّةُ.

(7) زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ الأَسَدِيَّةُ.

(8) جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ الْخُزَاعِيَّةُ.

(9) رَيْحَانَةُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو الْقُرَظِيَّةُ.

(10) أُمُّ حَبِيبَةَ، وَاسْمُهَا: رَمْلَةُ بِنْتُ أَبِي سُفْيَانَ الْأُمَوِيَّةُ.

(11) صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ النَّضِيرِيَّةُ.

(12) مَيْمُونَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ الْهِلَالِيَّةُ.

وَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَنْ تِسْعٍ مِنْهُنَّ، وَهُنَّ: سَوْدَةُ- وَعَائِشَةُ- وَحَفْصَةُ- وَأُمُّ سَلَمَةَ- وَزَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ- وَأُمُّ حَبِيبَةَ- وَجُوَيْرِيَةُ- وَصْفِيَّةُ- وَمَيْمُونَةُ.

وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي (رَيْحَانَةَ) فَقِيلَ: كَانَ دُخُولُ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِهَا دُخُولَ نِكَاحٍ، وَقِيلَ: كَانَ دُخُولُهُ بِهَا دُخُولَ تَسَرٍّ بِمِلْكِ الْيَمِينِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

مَا يَجِبُ أَنْ تَتَّصِفَ بِهِ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ:

يَجِبُ أَنْ تَتَّصِفَ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ بِالصِّفَاتِ التَّالِيَةِ:

أ- الْإِسْلَامُ:

3- لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كِتَابِيَّةً، بَلْ كُنَّ كُلُّهُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُؤْمِنَاتٍ، وَذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِكِتَابِيَّةٍ، لِأَنَّهُ- عليه الصلاة والسلام- أَشْرَفُ مِنْ أَنْ يَضَعَ نُطْفَتَهُ فِي رَحِمٍ كَافِرَةٍ، بَلْ لَوْ نَكَحَ كِتَابِيَّةً لَهُدِيَتْ إِلَى الْإِسْلَامِ كَرَامَةً لَهُ، لِخَبَرِ «سَأَلْتُ رَبِّي أَلاَّ أُزَوَّجَ إِلاَّ مَنْ كَانَ مَعِي فِي الْجَنَّةِ فَأَعْطَانِي» ب- الْحُرِّيَّةُ:

4- وَلَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ رَقِيقَةً، بَلْ كُنَّ كُلُّهُنَّ حَرَائِرَ، بَلْ ذَكَرَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأَمَةٍ وَلَوْ كَانَتْ مُسْلِمَةً؛ لِأَنَّ نِكَاحَهَا لِعَدَمِ الطَّوْلِ (الْقُدْرَةِ عَلَى زَوَاجِ الْحُرَّةِ) وَخَوْفِ الْعَنَتِ (الزِّنَا)، وَهُوَ غَنِيٌّ عَنِ الْأَوَّلِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِغَيْرِ مَهْرٍ- كَمَا سَيَأْتِي- وَعَنِ الثَّانِي لِلْعِصْمَةِ الَّتِي عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا.

ج- عَدَمُ الِامْتِنَاعِ عَنِ الْهِجْرَةِ:

5- لَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى رَسُولِهِ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهَا الْهِجْرَةُ فَلَمْ تُهَاجِرْ، وَلَوْ كَانَتْ مُؤْمِنَةً مُسْلِمَةً لقوله تعالى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللاَّتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ}.وَلِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ- رضي الله عنهما- قَالَ: «نُهِيَ رَسُولُ اللَّهِ عَنْ أَصْنَافِ النِّسَاءِ، إِلاَّ مَا كَانَ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ الْمُهَاجِرَاتِ» وَلِحَدِيثِ «أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: خَطَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فَاعْتَذَرْتُ إِلَيْهِ بِعُذْرٍ فَعَذَرَنِي، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الْآيَةَ إِلَى قوله تعالى {اللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} قَالَتْ: فَلَمْ أَكُنْ أُحِلُّ لَهُ، لِأَنِّي لَمْ أُهَاجِرْ مَعَهُ، كُنْتُ مِنَ الطُّلَقَاءِ».

وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو يُوسُفَ- مِنَ الْحَنَفِيَّةِ-: لَا دَلَالَةَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ عَلَى أَنَّ اللاَّتِي لَمْ يُهَاجِرْنَ كُنَّ مُحَرَّمَاتٍ عَلَى الرَّسُولِ- عليه الصلاة والسلام-؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ.

وَيَجُوزُ لِلرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم- أَنْ يَتَزَوَّجَ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ، قَدْ تَزَوَّجَ- عليه الصلاة والسلام- مِنْ غَيْرِ الْمُهَاجِرَاتِ صَفِيَّةَ وَجُوَيْرِيَةَ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ- رضي الله عنه- قَالَ: «كَانَتِ الْأَنْصَارُ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَيِّمٌ- لَمْ يُزَوِّجْهَا حَتَّى يَعْلَمَ هَلْ لِلنَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِيهَا حَاجَةٌ أَمْ لَا» فَلَوْلَا عِلْمُهُمْ بِأَنَّهُ يَحِلُّ لَهُ التَّزَوُّجُ مِنْ نِسَاءِ الْأَنْصَارِ لَمَا كَانَ هُنَاكَ دَاعٍ لِلتَّرَبُّصِ وَالِانْتِظَارِ.

د- التَّنَزُّهُ عَنِ الزِّنَا:

6- أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ بِحُكْمِ كَوْنِهِنَّ زَوْجَاتِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- مُنَزَّهَاتٌ عَنِ الزِّنَا، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَنْفِيرِ النَّاسِ عَنِ الرَّسُولِ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ}.قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا بَغَتِ امْرَأَةُ نَبِيٍّ قَطُّ وَمَا رُمِيَتْ بِهِ السَّيِّدَةُ عَائِشَةُ مِنَ الْإِفْكِ فِرْيَةٌ كَاذِبَةٌ خَاطِئَةٌ بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهَا فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ بِقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَاَلَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.الْآيَاتِ إِلَى قَوْلِهِ {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.

أَحْكَامُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم-:

الْعَدْلُ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ:

7- لَا حَقَّ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي الْقَسْمِ فِي الْمَبِيتِ وَلَا فِي الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ، وَلَا يُطَالَبُ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بِذَلِكَ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَضِّلَ مَنْ شَاءَ مِنْهُنَّ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمَبِيتِ وَالْكِسْوَةِ وَالنَّفَقَةِ لقوله تعالى: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ}.

وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مُوَسَّعًا عَلَيْهِ فِي قَسْمِ أَزْوَاجِهِ يَقْسِمُ بَيْنَهُنَّ كَيْفَ شَاءَ».وَعَلَّلَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ فِي وُجُوبِ الْقَسْمِ عَلَيْهِ شُغْلًا عَنْ لَوَازِمِ الرِّسَالَةِ

وَقَدْ صَرَّحَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الْقَسْمَ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ لَكِنَّهُ كَانَ يَقْسِمُ مِنْ نَفْسِهِ تَطْيِيبًا لِقُلُوبِهِنَّ

تَحْرِيمُ نِكَاحِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى التَّأْبِيدِ:

8- ثَبَتَ ذَلِكَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، فَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا}.

وَأَمَّا اللاَّتِي فَارَقَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَبْلَ الدُّخُولِ كَالْمُسْتَعِيذَةِ- وَهِيَ أَسْمَاءُ بِنْتُ النُّعْمَانِ، وَكَالَتِي رَأَى فِي كَشْحِهَا بَيَاضًا- وَهِيَ عَمْرَةُ بِنْتُ يَزِيدَ عِنْدَمَا دَخَلَ عَلَيْهَا، فَلِلْفُقَهَاءِ فِي تَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ رَأْيَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُنَّ يَحْرُمْنَ، وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ السَّابِقَةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ قوله تعالى: {وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ} أَيْ مِنْ بَعْدِ نِكَاحِهِ.

وَالثَّانِي: لَا يَحْرُمْنَ.لِمَا رُوِيَ أَنَّ الْأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ نَكَحَ الْمُسْتَعِيذَةَ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَامَ عُمَرُ بِرَجْمِهِ وَرَجْمِهَا، فَقَالَتْ لَهُ: كَيْفَ تَرْجُمُنِي وَلَمْ يُضْرَبْ عَلَيَّ حِجَابٌ، وَلَمْ أُسَمَّ لِلْمُؤْمِنِينَ أُمًّا؟ فَكَفَّ عُمَرُ عَنْ ذَلِكَ.

وَفِي وُجُوبِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ عَلَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَاسْتِمْرَارِ حَقِّهِنَّ فِي النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى خِلَافٌ

عُلُوُّ مَنْزِلَتِهِنَّ:

9- إِذَا عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- عَلَى امْرَأَةٍ وَدَخَلَ بِهَا صَارَتْ أُمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ عِنْدَ الْبَعْضِ، وَرَجَّحَهُ الْقُرْطُبِيُّ بِدَلَالَةِ صَدْرِ الْآيَةِ {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.

وَعِنْدَ الْبَعْضِ الْآخَرِ: تُصْبِحُ أُمًّا لِلْمُؤْمِنِينَ دُونَ الْمُؤْمِنَاتِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ مُسْتَدِلًّا بِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ لَهَا امْرَأَةٌ: يَا أُمَّهُ، فَقَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: لَسْتُ لَكِ بِأُمٍّ، إِنَّمَا أَنَا أُمُّ رِجَالِكُمْ.

دُخُولُهُنَّ فِي آلِ بَيْتِ الرَّسُولِ- صلى الله عليه وسلم-:

10- اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي دُخُولِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِي أَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم-.فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَدْخُلُ نِسَاءُ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- فِي أَهْلِ الْبَيْتِ، وَبِهِ قَالَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَعُرْوَةُ وَابْنُ عَطِيَّةَ، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ وَغَيْرُهُمْ، وَيَسْتَدِلُّ هَؤُلَاءِ بِمَا رَوَاهُ الْخَلاَّلُ بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بَعَثَ إِلَى عَائِشَةَ سُفْرَةً مِنَ الصَّدَقَةِ فَرَدَّتْهَا وَقَالَتْ: إِنَّا آلُ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ، وَكَانَ عِكْرِمَةُ يُنَادِي فِي السُّوقِ {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} نَزَلَتْ فِي نِسَاءِ النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- خَاصَّةً.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْآيَةِ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا خِطَابٌ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَرْن فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا}

وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَدْخُلُ نِسَاءُ النَّبِيِّ فِي آلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ، وَيَسْتَدِلُّ هَؤُلَاءِ بِمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ «عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ رَبِيبِ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ- صلى الله عليه وسلم- {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَدَعَا النَّبِيُّ فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِيٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ، فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا، قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ: أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ، وَأَنْتِ إِلَى خَيْرٍ»

حُقُوقُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ:

11- مِنْ حَقِّ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُحْتَرَمْنَ وَيُعَظَّمْنَ، وَيُصَنَّ عَنِ الْأَعْيَنِ وَالْأَلْسُنِ، وَذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ نَحْوَهُنَّ.

فَإِنْ تَطَاوَلَ مَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ عَلَى تَنَاوُلِهِنَّ بِالْقَذْفِ أَوِ السَّبِّ، فَفِي الْقَذْفِ يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ قَذْفِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها-، وَقَذْفِ غَيْرِهَا مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ.

فَمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- بِمَا بَرَّأَهَا اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ- مِنَ الزِّنَا- فَقَدْ كَفَرَ، وَجَزَاؤُهُ الْقَتْلُ وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَنْ أَتَى شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَقَدْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ، وَمَنْ كَذَّبَ الْقُرْآنَ قُتِلَ، لقوله تعالى: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.أَمَّا مَنْ قَذَفَ وَاحِدَةً مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ عَائِشَةَ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي عُقُوبَتِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ: إِنَّ حُكْمَ قَذْفِ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَحُكْمِ قَذْفِ عَائِشَةَ- رضي الله عنها- أَيْ يُقْتَلُ- لِأَنَّ فِيهِ عَارًا وَغَضَاضَةً وَأَذًى لِرَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- بَلْ فِي ذَلِكَ قَدْحٌ بِدِينِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَوَاتُ اللَّهُ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ قَذْفَ وَاحِدَةٍ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرِ عَائِشَة كَقَذْفِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ- رضي الله عنه-، أَوْ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، أَيْ يُحَدُّ الْقَاذِفُ حَدًّا وَاحِدًا لِعُمُومِ قوله تعالى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي شَرَفُهُنَّ زِيَادَةً فِي حَدِّ مَنْ قَذَفَهُنَّ؛ لِأَنَّ شَرَفَ الْمَنْزِلَةِ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْحُدُودِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ وَمِنْهُمْ مَسْرُوقُ بْنُ الْأَجْدَعِ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: مَنْ قَذَفَ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرَ عَائِشَةَ يُحَدُّ حَدَّيْنِ لِلْقَذْفِ- أَيْ يُجْلَدُ مِائَةً وَسِتِّينَ جَلْدَةً –

أَمَّا سَبُّ وَاحِدَةٍ مِنْ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ- بِغَيْرِ الزِّنَا- مِنْ غَيْرِ اسْتِحْلَالٍ لِهَذَا السَّبِّ، فَهُوَ فِسْقٌ، وَحُكْمُهُ حُكْمُ سَبِّ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ( (، يُعَزَّرُ فَاعِلُهُ.

موسوعة الفقه الكويتية-وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت-صدرت بدءًا من: 1404هـ/1984م


4-المعجم الغني (تَطْهِيرٌ)

تَطْهِيرٌ- [طهر]، (مصدر: طَهَّرَ):

1- "قَرَّرَ تَطْهِيرَ ابْنِهِ": أَيْ خِتَانَهُ.

2- "يَنْبَغِي تَطْهِيرُ الجُرْحِ قَبْلَ وَضْعِ الدَّوَاءِ": إِزَالَةُ مَا بِهِ مِنْ عُفُونَةٍ.

3- "عَمِلَ عَلَى تَطْهِيرِ الإِدَارَةِ مِنَ العَنَاصِرِ الفَاسِدَةِ": عَلَى تَنْقِيَتِهَا، إِصْلَاحِهَا.

4

{وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]: تَنْقِيَةُ النَّفْسِ.

الغني-عبدالغني أبوالعزم-صدر: 1421هـ/2001م


5-الأفعال المتداولة (أَذْهَبَ)

أَذْهَبَهُ: {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} (يزيل)

الأفعال المتداولة-محمد الحيدري-صدر: 1423هـ/2002م


6-تاج العروس (شرع)

[شرع]: الشَّرِيعَةُ: ما شَرَعَ الله تعالَى لِعِبَادِه من الدِّينِ، كما في الصّحاحِ، وقال كُراع: الشَّرِيعَة: ما سَنَّ الله من الدِّينِ وأَمَرَ به، كالصَّوْمِ والصَّلاةِ، والحَجِّ والزَّكاة، وسائِرِ أَعْمَالِ البِرِّ، مُشْتقٌّ من شَاطِئِ البَحْرِ، ومنه قولُه تَعالَى: {ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ} وقال اللَّيْثُ: الشَّرِيعَةُ: مُنْحَدَرُ الماءِ، وبها سُمِّيَ ما شَرَع الله للعِبَادِ من الصَّومِ والصَّلاةِ والحَجِّ والنِّكَاحِ وغيرِهِ؛ وفي المُفْرداتِ للرّاغِبِ: وقال بعضُهُم: سُمَّيَت الشَّرِيعَةُ [شريعةً] تَشْبِيهًا بشَرِيعَةِ المَاءِ، بحيثُ إِنَّ من شَرَعَ فيها على الحَقِيقَة المَصْدُوقة رَوِيَ وتَطَهَّرَ، قال: وأَعْنِي بالرِّيِّ ما قَالَ بعضُ الحُكَماءِ: «كنتُ أَشْرَبُ ولا أَرْوَى، فلمّا عرفتُ الله رَوِيتُ بلا شُرْبٍ» وبالتَّطْهِيرِ ما قَال عَزَّ وجَلَّ: {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا}.

وِالشَّرِيعَةُ: الظّاهِرُ المُسْتَقِيمُ من المَذَاهِبِ، كالشِّرْعَةِ، بالكَسْرِ فِيهِمَا، عن ابْنِ عَرَفَةَ، وهو مَأْخُوذٌ من أَقْوَالٍ ثَلاثَةٍ، أَمّا الظاهِرُ: فمِن قَوْلِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: شَرَعَ؛ أَي ظَهَر، وأَمّا المُسْتَقِيمُ: فمِن قَوْلِ مُحَمَّدِ بنِ يَزِيدَ في تَفْسِيرِ قَوْلِه تَعالَى: {شِرْعَةً وَمِنْهاجًا} قال: المِنْهَاجُ: الطَّرِيقُ المُسْتَقِيمُ، وأَمّا قولُه: من المَذَاهِبِ، فمن قَوْلِ القُتَيْبِيِّ في تَفْسِيرِ قولِه تَعَالَى: {ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ}، قال: أَي عَلى مِثَالٍ ومَذْهَب، قالَ الله عَزَّ وجلَّ: {لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجًا}. واخْتَلَفَت أَقوالُ المُفَسِّرِينَ في تَفْسِيرِ الشِّرْعَةِ والمِنْهَاجِ، فقِيل: الشِّرْعَةُ: الدِّينُ، والمِنْهَاجُ: الطَّرِيقُ، وقيل: هُمَا جَمِيعًا الطَّرِيقُ، والمُرَادُ بالطَّرِيقِ هُنَا الدِّينُ، ولكن اللَّفْظ إِذا اخْتَلَف أُتِيَ به بأَلفاظٍ يُؤَكَّدُ بها القِصَّةَ والأَمْرُ، قال عَنْتَرَةُ.

أَقْوَى وأَقْفَرَ بَعْدَ أُمِّ الهَيْثَمِ

فمَعْنَى: أَقْوَى وأَقْفَرَ وَاحِدٌ، على الخَلْوَة، إِلّا أَنَّ اللَّفْظَينِ أَوْكَدُ في الخَلْوَة. وقال ابنُ عَبّاسٍ: {شِرْعَةً وَمِنْهاجًا}: سَبِيلًا وسُنَّةً.

وفي المُفْرَدَاتِ عن ابن عَبّاسٍ: الشِّرْعَةُ ما وَرَدَ بهِ القُرْآنُ والمِنْهَاجُ: ما وَرَدَ به السُّنّة

وقال قتادة: {شِرْعَةً وَمِنْهاجًا} الدِّينُ وَاحِدٌ والشَّرِيعَة مُخْتَلِفَة: وقال الفَرّاءُ ـ في قَوْلِه تَعَالَى {عَلى شَرِيعَةٍ} ـ: على دِينٍ ومِلَّةٍ ومِنْهَاجٍ، وكُلُّ ذلِكَ يُقَال.

وِمِنَ المَجازِ: الشَّرِيعَةُ: العَتَبَةُ على التَّشْبِيهِ بشَرِيعَةِ الماءِ، عن ابْنِ عَبّادٍ.

وِأَصْلُ الشَّرِيعَةِ في كَلامِ العَرَبِ: مَوْرِدُ الشَّارِبَةِ الَّتِي يَشْرَعُها النّاسُ، فَيَشْرَبُونَ مِنْهَا ويَسْتَقُونَ، ورُبَّمَا شَرَّعُوها دَوابَّهُم فشَرَعَت تَشْرَب مِنْها، والعَرَبُ لا تُسَمِّيها شَرِيعَةً حَتَّى يَكُونَ الماءُ عِدًّا؛ لا انْقِطَاع له، ويَكُونَ ظاهِرًا مَعِينًا لا يُسْتَقَى بالرِّشَاءِ، وإِذا كانَ من السَّمَاءِ والأَمْطَارِ فهُوَ الكَرَع، وقد أَكْرَعُوه إِبِلَهُم، فكَرَعَتْ فيه، وسقَوْهَا بالكَرَعِ، وهو مَذْكُورٌ في مَوْضِعِه، كالمَشْرَعَةِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ، وتُضَمُّ رَاؤُهَا.

وِالشِّرْعُ، بالكَسْر: موضع، هكَذا في التَّكْمِلَةِ، وهو ماءٌ لِبَنِي الحَارِثِ من بَنِي سُلَيْم، قُرْبَ صُفَيْنَةَ، وتُفْتَح شِينُة.

وِمن المَجازِ: الشِّرْعُ: شِرَاكُ النَّعْلِ. ومنه‌الحَدِيثُ: «قَال رَجُلٌ: إِنِّي أُحِبُّ الجَمَالَ حَتَّى في شِرْعِ نَعْلِي» أَي: شِرَاكِهَا، تَشْبيهٌ بالشِّرْع وهو أَوْتارُ البَرْبَطِ؛ أَي العُودِ؛ لأَنَّه مُمْتَدٌّ على وَجْهِ النَّعْلِ كامْتِدَادِهَا.

وِالشِّرْعَةُ، بَهاءٍ: حِبَالَةٌ تُعْمَلُ للقَطَا يُصْطَادُ بها: قال اللَّيْثُ: تُعْمَلُ من العَقَبِ، تُجْعَل شِرَاكًا لها.

وِالشِّرْعَةُ: الوَتَرُ الرَّقِيقُ، وقِيلَ: ما دامَ مَشْدُودًا على القَوْسِ، وقِيل: أَو عَلى العُودِ ويُفْتَحُ. والشِّرْعَةُ: مِثْلُ الشَّيْ‌ءِ يُقَال: شِرْعَةُ هذِه؛ أَي مِثْلُها، كالشِّرْعِ، بلا هاءٍ، يُقَالُ: هذا شِرْعُ هذَا، وهُمَا شِرْعَانِ، أَيْ مِثْلانِ، كما في الصحاح، وأَنْشَدَ الخَلِيلُ ـ شاهِدًا علَى الشِّرْعةِ بِمَعْنَى المِثْلِ ـ يَذُمُّ رَجُلًا:

وَكَفّاكَ لَمْ تُخْلَقَا لِلنَّدَى *** وِلَمْ يَكُ لُؤْمُهُمَا بِدْعَهْ

فكَفٌّ عن الخَيْرِ مَقْبُوضَةٌ *** كما حُطَّ عَنْ مِائَةٍ سَبْعَهْ وأُخْرَى ثَلَاثَةُ آلافِها

وِتِسْعُمِئِيها لها شِرْعَهْ

ج: شِرْعٌ أَيْضًا، أَي، بالكَسْرِ على الجَمْعِ الَّذِي لا يُفَارِقُ وَاحِدَه إِلّا بالهاءِ، ويُفْتَحُ كتَمْرَةٍ وتَمْرٍ، عن أَبِي نَصْرٍ.

وِشِرَعٌ، كعِنَبٍ على التكسيرِ، وجج أَي جَمْعُ الجَمْعِ شِرَاعٌ بالكَسْرِ، وهذِه عن أَبي عُبيْدٍ، وقِيلَ: شِرْعَةٌ وثَلاثُ شِرَعٍ، والكَثِيرُ شِرْعٌ، قال ابنُ سِيدَه: ولا يُعْجِبُنِي، على أَنَّ أَبًا عُبَيْدٍ قد قالَه. وشاهِدُ الشِّرَاعِ ـ جَمْع شِرْعَةٍ بمعنَى وَتَرِ العُود ـ:

كما أَزْهَرَتْ قَيْنَةٌ بالشِّرَاعِ *** لِأُسْوَارِهَا عَلَّ منه اصْطِباحَا

وشاهِدُ الشِّرْعِ قَوْلُ ساعِدَةَ بنِ جُؤَيَّةَ:

وِعَاوَدَنِي دِينِي فبِتُّ كأَنَّمَا *** خِلالَ ضُلُوعِ الصَّدْرِ شِرْعٌ مُمَدَّدُ

وإِنَّمَا ذَكَّرَ لأَنَّ الجَمْعَ الذي لا يُفَارِقُ وَاحِدَه إِلّا بالهاءِ لكَ تَذْكِيرُه وتَأْنِيثُه، يقُول: بتُّ كأَنَّ في صَدْرِي عُودًا، من الدَّوِيِّ الّذي فِيهِ من الهُمُومُ.

وِالشِّراعُ: ككِتَابٍ، مثلُ الشِّرْعَة، هو الوَتَرُ ما دَامَ مَشْدُودًا على القَوْسِ، قالَهُ اللَّيْثُ، أَو عَلَى العُودِ، وجَمْعُه: شُرُعٌ، بضَمَّتَيْنِ، قال كُثَيِّرٌ:

إِلّا الظِّبَاءَ بها كأَنَّ نَزِيبَها *** ضَرْبُ الشِّرَاعِ نَوَاحِيَ الشِّرْيَانِ

بمَعْنَى ضَرْبِ الوَتَر سِيَتَيِ القَوْسِ.

وِمن المَجَازِ: الشِّرَاعُ من البَعِيرِ: عُنُقُه، يُقَالُ له إِذا رَفَع عُنُقَه رَفَعَ شِرَاعَهُ. على التَّشْبِيهِ بشِرَاعِ السَّفِينَة، وفي الصّحاحِ: رُبَّمَا قالُوا ذلِكَ.

وِالشِّرَاعُ: القِلْعُ، وهو كالمُلَاءَةِ الوَاسِعَةِ فَوْقَ خَشَبَةٍ من ثَوْبٍ أَو حَصِيرٍ مَرْبُوعٍ وُتِّرَ عَلَى أَرْبَعِ قُوًى تُصَفِّقهُ الرِّيحُ فيَمْضِي بالسَّفِينَة. ومنه حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: «بَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ في البَحْرِ، والرِّيحُ طَيِّبَةٌ، والشِّرَاعُ مَرْفُوعٌ» وإِنَّمَا سُمِّيَ به لِأَنَّه يُشْرَع ـ أَي يُرْفَعُ ـ فَوْقَ السُّفُنِ، ج: أَشْرِعَةٌ، وشُرُعٌ بضَمَّتَيْنِ قال الطِّرِمّاحُ:

... كأَشْرِعَة السَّفِينِ

وِشُرَاعٌ، كغُرَابٍ: رَجُلٌ كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ والرِّمَاحَ، فيما زَعَمُوا، ومنه سِنَانٌ شُرَاعِيٌّ، ورُمْحٌ شُرَاعِيٌّ، أَنْشَدَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ لحَبِيبِ بنِ خالِدِ بنِ قَيْسِ بنِ المُضَلَّل:

وِأَسْمَرُ عَاتِكٌ فِيهِ سِنَانٌ *** شُرَاعِيٌّ كسَاطِعَةِ الشُّعَاعِ

قالَ: إِنْ كانَ مَنْسُوبًا إِلى شُرَاعٍ فيَكُونُ على قِيَاسِ النَّسَبِ، أَو كانَ اسْمُه غَيْرَ ذلِكَ من أَبْنِيَة «ش ر ع» فهو إِذَنْ من نَادِرِ مَعْدُولِ النَّسَبِ.

والأَسْمَرُ: الرُّمْحُ، والعَاتِكُ: المُحَمَرّ من قِدَمِه.

وِالشُّرَاعُ مِن النَّبْتِ: المُعْتَمُّ.

قال مُحَارِبٌ: يُقَالُ للنَّبْتِ إِذَا اعْتَمَّ، وشَبِعَتْ منه الإِبِلُ: قد أَشْرَعَ، وهذا نَبْتٌ شُراعٌ.

وِقال ابنُ شُمَيْلٍ: الشُّرَاعِيَّةُ، بالضَّمِّ، ويُكْسَرُ: النَّاقَةُ الطَّوِيلَةُ العُنُقُ، وأَنْشَدَ:

شُرَاعِيَّةُ الأَعْنَاقِ تَلْقَى قَلُوصَهَا *** قد اسْتَلَأَتْ في مَسْكِ كَوْماءَ بَادِنِ

قالَ الأَزْهَرِيُّ: لا أَدْرِي شُرَاعِيَّةٌ، أَو شِرَاعِيَّةٌ، الكَسْرُ عِنْدِي أَقْرَبُ، شُبِّهَتْ أَعْنَاقُهَا بشِرَاعِ السَّفِينَةِ؛ لطُولِهَا، يَعْنِي الإِبِلَ. وشَرَعَ لَهُم، كَمَنَع يَشْرَعُ شَرْعًا: سنَّ، ومِنْهُ الشَّرِيعَةُ، والشِّرْعَة، وفي التَّنْزِيلِ العَزِيز: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصّى بِهِ نُوحًا} أَي سَنَّ، وقال الرّاغِبُ: في الآيَةِ إِشارَةٌ إِلى الأُصُولِ التي تَتَسَاوَى فيها المِلَلُ، ولا يَصِحُّ عليها النَّسْخُ، كَمعْرِفَة الله، ونَحْو ذلِكَ. وفي اللِّسَان: قيلَ: إِنّ نُوحًا ـ عليه‌السلام ـ أَوّلُ من أَتَى بتَحْريم البَنَاتِ والأَخَواتِ والأُمَّهَات.

وِشَرَعَ المَنْزِلُ: صَارَ على طَرِيقٍ نَافِذٍ. هكذا في نُسَخِ الصّحاحِ، وفي بَعْضِها: إِذا كانَ بابُه على طَرِيقٍ نَافِذٍ، وهي دَارٌ شارِعَةٌ، ومَنْزِلٌ شَارِعٌ، إِذا كانَت أَبْوَابُها شَارِعَةً في الطَّرِيقِ. وقال ابنُ دُرَيْدٍ: دُورٌ شَوَارِعُ: على نَهْجٍ واحِدٍ، وفي الحَدِيثِ: «كَانَتْ الأَبْوَابُ شَارِعَةً إِلى المَسْجِدِ» أَي مَفْتُوحَةً إِليه، يُقَال: شَرَعْتُ البابَ إِلى الطَّرِيقِ؛ أَي أَنْفَذْتُه إِلَيْه. وشَرَعَ البابُ والدَّارُ شُرُوعًا: أَفْضَى إِلى الطَّرِيقِ، وأَشْرَعَه إِلَيْهِ، وقِيلَ: الدّارُ الشّارِعَةُ: هي الّتِي قد دَنَتْ من الطَّرِيقِ، وقَرُبَتْ من النّاسِ.

وِشَرَعَت الدَّوَّابُّ في الماءِ شَرْعًا، وشُرُوعًا؛ أَي دَخَلَتْ فشَرِبَتِ الماءَ: وهي إِبِلٌ شُرُوعٌ بالضَّمِّ، وشُرَّعٌ، كرُكَّعٍ، كما في الصّحاحِ، وقال الشَّمّاخُ:

يَسُدُّ به نَوائبَ تَعْتَرِيه *** مِن الأَيّامِ كالنَّهَلِ الشُّرُوعِ

وِشَرَعَ في هذا الأَمْرِ شُرُوعًا: خَاضَ فيهِ، كما في الصّحاحِ.

وِيُقَال: شَرَعَ فُلانٌ الحَبْلَ: إِذا أَنْشَطَه، وأَدْخَلَ قُطْرَيْهِ في العُرْوَةِ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.

وِشَرَع الإِهَابَ يَشْرَعُه شَرْعًا: سَلَخَه، زاد الجَوْهَرِيُّ: وقال يَعْقُوبُ: إِذا شَقَقْتَ مَا بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ ثمّ سَلَخْتَه، قالَ: وسَمِعْتُه من أُمِّ الحُمَارِسِ البَكْرِيَّةِ. وقال غيرُه: شَرْعُ الإِهَابِ: أَنْ يُشَقَّ ولا يُزَقَّقُ؛ أَي لم يُجْعَلْ زِقًّا، ولم يُرَجَّلْ، وهذِه ضُرُوبٌ من السَّلْخِ مَعْرُوفَةٌ، أَوْسَعُها وأَبْيَنُهَا الشَّرْعُ، وإِذا أَرادُوا أَنْ يَجْعَلُوها زِقًّا، سَلَخُوها من قِبَلِ قَفَاهَا، ولم يَشُّقُوها شَقًّا.

وِشَرَعَ الشَّيْ‌ءَ: رَفَعَه جِدًّا، ومنه شِرَاعُ السَّفِينَةِ؛ لكَوْنِهِ مَرْفُوعًا.

وِشَرَعَتِ الرِّمَاحُ شَرْعًا: تَسَدَّدَتْ، فهي شَارِعَةٌ وشَوَارِعُ، قال:

غَدَاةَ تَعَاوَرَتْهُ ثَمَّ بِيضٌ *** شَرَعْنَ إِلَيْه في الرَّهَجِ المُكِنِّ

وَشَرَعْنَاها، وأَشْرَعْنَاهَا، يقال: أَشْرَعَ نَحْوَه الرُّمْحَ والسَّيْفَ، وشَرَعَهُمَا: أَقْبَلَهُمَا إِيّاه، وسَدَّدَهُمَا له، فهي مَشْرُوعَةٌ، ومُشْرَعَةٌ قال:

أَفاجُوا مِنْ رِمَاح الخَطِّ لَمَّا *** رَأَوْنَا قد شَرَعْنَاهَا نِهَالا

وقال جَعْفَرُ بن عُلْبَةَ الحارِثِيُّ:

فقالُوا: لنا ثِنْتَانِ لا بُدَّ مِنْهُمَا *** صُدُورُ رِمَاحٍ أُشْرِعَتْ، أَو سَلاسِلُ

كذا في الحَمَاسَةِ.

وِفي المَثَلِ: «شَرْعُكَ ما بَلَّغُكَ المَحَلَّ»، هكَذا في الصّحاح، وهو مِصْراعُ بَيْتٍ، والرِّوايَةُ:

شَرْعُك ما بَلَّغَك المَحلَّا

أَي حَسْبُكَ وكافِيكَ من الزادِ ما بَلَّغَكَ مَقْصِدَكَ، قال الجَوْهَرِيُّ: يُضْرَبُ في التَّبَلُّغِ باليَسِيرِ.

وِيُقَال: مَرَرْتُ برَجُلٍ شَرْعُكَ من رَجُلٍ، بكسْرِ العَيْنِ وضَمِّها؛ أَي حَسْبُكَ، كما في الصّحاحِ، يَجْرِي عَلَى النَّكِرَةِ وَصْفًا؛ لأَنّه في نِيَّةِ الانْفِصالِ. وقال سِيبَوَيْهٌ: مَرَرْتُ برَجُلٍ شَرْعِكَ، هو نَعْتٌ له بكَمَالِه وبَذِّه غَيْرَه، والمَعْنَى: أَنَّه من النَّحْوِ الَّذِي تَشْرَعُ فيه وتَطْلُبه، قال: يَسْتَوِي فيهِ الوَاحِدُ والجَمِيعُ والمُؤَنَّثُ والمُذَكَّر.

ويُقَال: شَرْعُك هذا؛ أَي حَسْبُك، ومنه حَدِيثُ ابْنِ مُغَفَّلٍ: «سأَلَهُ غَزْوَانُ عَمّا حُرِّمَ من الشَّرَابِ، فَعَرَّفَه، قالَ: فقُلْتُ: شَرْعِي» أَي حَسْبِي.

وِيُقَالُ: النّاسُ في هذا الأَمْرِ شَرْعُ وَاحِدٌ، بالفَتْحِ ويُحَرَّكُ؛ أَي بأْجٌ وَاحِدٌ، والنّاسُ في هذا شَرْعُ، ويُحَرَّكُ؛ أَي سَوَاءٌ لا يَفُوق بَعْضُنَا بَعْضًا، يَسْتَوِي فيه الجَمْعُ والتّثْنِيَةُ والمُذَكَّر والمُؤَنَّثُ، قالَ الأَزْهَرِيُّ: كأَنَّه جَمعُ شَارِعِ، كخَدَمٍ وخَادِم؛ أَي يَشْرَعُونَ فيه مَعًا. وفي الحَدِيثِ: «أَنْتُم فيه شَرْعٌ سَوَاءٌ» رُوِي بالسُّكُون والتَّحْرِيكِ؛ أَي مُتَسَاوُونَ لا فَضْلَ لأَحَدِكُم فيه عَلَى الآخَرِ، قَالَ ابنُ دُرُسْتَوَيهِ في شَرْحِ الفَصِيحِ: أَجازَ كُرَاع والقَزَّارُ تَسْكِينَ رائِه، وأَنْكَرَه يَعْقُوبُ في الإِصلاحِ.

وِحِيتَانٌ شُرَّعٌ، كرُكَّعٍ: رافِعَةٌ رُؤُوسَها، وقِيلَ: خَافِضَةٌ لها للشُّرْبِ، قالَه أَبو لَيْلَى، وفي المُفْرَداتِ: جَمْع شَارِع، وفي الصّحاحِ: أَي شَارِعَاتٌ من غَمْرَة الماءِ إِلى الجُدِّ.

وِقال ابنُ الأَعْرَابِيِّ: الشّارِعُ هو العالِمُ الرَّبَّانِيُّ العَامِلُ المُعَلِّمُ. قلتُ: ويُطْلَقُ عليه صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله ‌وسلم لذلِكَ، وقِيلَ: لأَنَّهُ شَرَعَ الدِّينَ؛ أَي أَظْهَرَهُ وَبَيَّنَهُ.

وِكُلُّ قَرِيبٍ من شَيْ‌ءٍ مُشْرِفٍ عليه. شارِعٌ، ومِنْهُ: الدّارُ الشارِعَةُ: الدّانِيَةُ من الطَّرِيقِ، القَرِيبَةُ من النّاسِ.

وِشَارِعٌ: جَبَلٌ، هكذا بالجِيم فِي سائِرِ النُّسَخِ، وصوابه بالحَاءِ المُهْمَلَةِ: حَبْلٌ بالدَّهْنَاءِ، قال ذُو الرُّمَّةِ:

خَلِيلَيَّ عُوجَا عَوْجَةً نَاقَتَيْكُمَا *** على طَلَلٍ بَيْنَ القِلَاتِ وشَارِعِ

وِشارِع: قرية. وشارِعُ الأَنْبَارِ، وشَارِعُ المَيْدَانِ: مَحِلَّتَانِ ببَغْدَادَ، الثّانِيَةُ بالجَانِبِ الشَّرْقِيِّ مِنْهَا، والأُولَى من جِهَةِ الأَنْبَارِ، ولذا أُضِيفَتِ إِليه. وفَاتَه: شارِعُ دَارِ الدَّقِيقِ مَحِلَّةٌ غَرْبِيَّ بَغْدَادَ، مُتَّصِلَةٌ بالحَرِيمِ الظّاهِرِيّ.

وِالشّوَارِعُ من النُّجُوم: الدَّانِيَةُ من المَغِيب، وكُلُّ دَانٍ مِن شَيْ‌ءٍ فهو شارِعٌ، كما تقدَّم.

وِالشَّرِيعُ، كأَمِيرٍ: الرَّجُلُ الشُّجَاعُ، بَيِّنُ الشَّرَاعَةِ، كسَحَابَةٍ؛ أَي الجُرْأَةِ، قال أَبُو وَجْزَةَ:

وِإِذا خَبَرْتَهُمْ خَبَرْتَ سَمَاحَةً *** وِشَرَاعَةً تَحْتَ الوَشِيجِ المُورَدِ

وِالشَّرِيع: الكَتّانُ الجَيِّد.

وِالشَّرَّاعُ، كشَدّاد: بائعُه، عن ابن الأَعْرَابِيّ.

وِالأَشْرَعُ: الأَنْفُ الّذِي امْتَدَّتْ أَرَنَبَتُه وارْتَفَعَت وطالَت.

وِشُرَاعَةُ كثُمَامَة: د، لِهُذَيْلٍ، نقله الصّاغَانِيّ.

وِشُرَاعَة: اسمُ رَجْل، قاله الجُمَحِيّ.

وِالشَّرَعَةُ، مُحَرَّكَةً: السَّقِيفَةُ، ج: أَشْراعٌ قال سَيْحَانُ بنُ خَشْرَمٍ يَرْثِي حَوْطَ بنَ خَشْرَم:

كَأَنَّ حَوْطًا ـ جَزَاهُ الله مَغْفِرَةً *** وِجَنَّةً ذَاتَ عِلِّيٍّ وأَشْراعِ

لَمْ يَقْطَعِ الخَرْقَ تُمْسِي الجِنُّ سَاكِنَهُ *** برَسْلَةٍ سَهْلَةِ المَرْفُوعِ هِلْوَاعِ

وِأَشْرَعَ بَابًا إِلى الطَّرِيقِ: فَتَحَه، كما في الصّحاحِ، وقال غيرُه: أَفْضَى به إِلَى الطَّرِيقِ.

وِأَشْرَعَ الطَّرِيقَ: بَيَّنَهُ وأَوْضَحَه، كَشَرَّعَهُ تَشْرِيعًا؛ أَي جَعَلَه شَارِعًا.

وِالتَّشْرِيعُ: إِيرادُ الإِبِلِ شَرِيعَةً لا يُحْتَاجُ مَعَهَا؛ أَي مع ظُهُورِ مَائِهَا إِلَى نَزْعٍ بالعَلَقِ، ولا سَقْيٍ في الحَوْضِ، وفي المَثَل: «أَهْوَنُ السَّقْي التَّشْرِيعُ» وذلِكَ لأَنَّ مُورِدَ الإِبِلِ إِذا وَرَدَ بها الشَّرِيعَةَ لم يَتْعَب في إِسقاءِ الماءِ لَها، كما يَتْعَبُ إِذا كانَ الماءُ بَعِيدًا، وفي حَدِيثِ عَلِيٍّ رضي ‌الله‌ عنه أَنَّ رَجُلًا سافَرَ في صَحْبٍ له، فلَمْ يَرْجِعْ برُجُوعِهِم إِلى أَهالِيهِم فاتُّهِمَ أَصْحَابُه، فرُفِعُوا إِلى شُرَيْحٍ، فسأَلَ أَوْلِيَاءَ المَقْتُولِ، وفي نُسْخَةٍ: القَتِيل البَيِّنَةَ، فلمّا عَجَزُوا عن إِقامَتِها أَلْزَمَ القَوْمَ الأَيْمَانَ، فأَخْبَرُوا عَلِيًّا رضِيَ الله تَعَالَى عنه بحُكْم شُرَيْحٍ، فقال متَمَثِّلًا:

أَوْرَدَهَا سَعْدٌ وسَعْدٌ مُشْتَمِلْ *** يا سَعْدُ لا تُرْوَى بِهذَاكَ الإِبِلْ

وِيُرْوَى:

ما هكَذا تُورَدُ يا سَعْدُ الإِبِلْ

ثم قالَ: «إِنَّ أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْرِيعُ، ثُمَّ فَرَّقَ عَليٌّ بَيْنَهُم، وسَأَلَهم وَاحدًا وَاحِدًا فَأَقَرُّوا بقَتْلِه، فَقَتَلَهُم به، أَي.

ما فَعَلَهُ شُرَيْحٌ كان يَسِيرًا هَيِّنًا، وكان نَوْلُه أَنْ يَحْتاطَ ويَمْتَحِنَ ويَسْتَبْرِئَ الحالَ بأَيْسَرِ ما يُحْتاطُ بِمثْلِه في الدِّماءِ، كما أَنَّ أَهْوَنَ السَّقْيِ للإِبِلِ تَشْرِيعُها الماءَ، فأَتَى الأَهْوَنَ وتَرَكَ الأَحْوَطَ، كما أَنَّ أَهْوَنَ السَّقْيِ التَّشْرِيعُ.

* وممّا يُسْتَدْرَكُ عليه:

شَرَعَ الوَارِدُ يَشْرَعَ شَرْعًا، وشُرُوعًا: تَنَاوَلَ الماءَ بفِيهِ.

وِشِرَاعُ الماءِ، بالكَسْرِ: الشِّرْعَةُ.

وِشَرَعَ إِبِلَهُ شَرْعًا، كشَرَّع تَشْرِيعًا.

وِأَشْرَعَ يَدَه إِلى المِطْهَرةِ: أَدْخَلَها فِيها.

وِأَشْرَعَ نَاقَتَه: أَدْخَلَها في شَرِيعَةِ الماءِ، وفي حَدِيثِ الوُضُوءِ: «حَتَّى أَشْرَعَ في العَضُدِ» أَي أَدْخَلَ الماءَ إِليه.

وِشَرَّعَتِ الدّابَّةُ: صارَتْ عَلَى شَريعَةِ الماءِ، قال الشَّمَّاخُ:

فَلَمَّا شَرَّعَتْ قَصَعَتْ غَلِيلًا *** فأَعْجَلَهَا وقدْ شَرِبَتْ غِمارَا

وِشَرَعَ فُلانٌ في كَذا وكَذَا، إِذا أَخَذَ فيهِ، ومنه مَشارِعُ الماءِ، وهي الفُرَضُ التي تَشْرَعُ فيها الوَارِدَةُ.

ويُقَال: فُلانٌ يَشْتَرِعُ شِرْعَتَه، كما يُقال: يَفْتَطِرُ فِطْرَتَه، ويَمْتلُّ مِلَّتَه، كلُّ ذلِكَ من شِرْعَةِ الدِّينِ، وفِطْرَتهِ، ومِلَّتِه.

وَشَرَعَ الأَمْرُ: ظَهَر.

وِشَرَعَهُ: أَظْهَرَه.

وِشَرَعَ فُلانٌ، إِذا أَظْهَرَ الحَقَّ، وقَمَعَ الباطِلَ، وقالَ الأَزْهَرِيُّ: مَعْنَى شَرَعَ: أَوْضَحَ وبَيَّنَ، مَأْخُوذٌ من: شُرِعَ الإِهَابُ.

وِالشِّرْعَةُ، بالكَسْرِ: العَادَةُ.

وِالشّارِعُ: الطَّرِيقُ الّذِي يَشْرَعُ فيه النّاسُ عَامَّةً، وهو علَى هذا المَعْنَى ذُو شَرْعٍ من الخَلْقِ يَشْرَعُون فيه.

ورِمَاحٌ شُرَّع، كرُكَّع، كذا في بَعْضِ نُسَخِ الصّحاحِ، وأَنْشَدَ لعَبْدِ الله بن أَبي أَوْفَى يهجو امْرَأَةً:

وِلَيْسَت بتارِكَةٍ مَحْرَمًا *** وِلو حُفَّ بالأَسَلِ الشُّرَّعِ

ورُمْحٌ شُرَاعِيٌّ، بالضّمِّ؛ أَي طَوِيلٌ، شُبِّه بشِرَاعِ الإِبلِ، فهو من مَجَاز المَجَازِ، حَقَّقه الزَّمَخْشَرِيُّ.

ورَجُلٌ شِرَاعُ الأَنْفِ، بالكَسْرِ؛ أَي مُمْتَدُّه طَويلُه.

وَشَرَّعَ السَّفِينَةَ تَشْرِيعًا: جَعَلَ لها شِرَاعًا.

وِأَشْرَعَ الشّي‌ءَ: رفَعَه جِدًّا.

وحِيتَانٌ شُرُوعٌ: مثلُ شُرَّعٍ.

وِالشِّرَاعُ، ككِتَابٍ: العُنُق. وهو مَجازٌ.

وِأَشْرَعَنِي الرَّجُلُ: أَحْسَبَنِي. والشَّيْ‌ءُ: كَفَانِي.

وِالشَّرَعُ، بالتَّحْرِيكِ: ما يُشْرَع فيهِ، قال أَبُو زُبَيْدٍ الطّائيّ:

أَبَنَّ عِرِّيسَةً عُنَّابُهَا أَشِبٌ *** وِعِنْدَ غَابَتِها مُسْتَوْرَدٌ شَرَعُ

وِالشَّرْعُ: نَهْجُ الطَّرِيقِ الوَاضِحُ. يُقَال: شَرَعْتُ له طَرِيقًا.

وِالشَّرْعُ: مصدرٌ، ثمّ جُعِل اسْمًا للطَّرِيق النَّهْجِ، ثُمَّ اسْتُعِيرَ ذلِكَ للطَّرِيقَةِ الإِلهِيَّةِ من الدِّين، كما حَقَّقَهُ الرّاغِبُ.

وِشارِعُ القاهرة: مَوْضِعٌ مَعْرُوفٌ بها، وقد نُسِبَ إِليه جَمَاعَةٌ من المُحَدِّثين.

وِالشَّوَارِعُ. مَوضعٌ.

ونَهْرُ الشَّرِيعَةِ: مَوْضِعٌ بالقُرْب من بَيْتِ المَقْدِس.

وِشَرِيعَةُ: ماءٌ بعَيْنِه قَرِيبٌ من ضَرِيَّةَ، قالَ الرَّاعِي:

غَدَا قَلِقًا تَخَلَّى الجُزْءُ منه *** فيَمَّمَها شَرِيعَةَ أَو سَوَارَا

وِالشَّرِيعُ، كأَمِيرٍ، من اللِّيفِ: ما اشْتَدَّ شَوْكُه، وصَلَحَ لِغِلَظِه أَنْ يَخْرَزَ به. قال الأَزْهَرِيُّ: سَمِعْتُ ذلِكَ من الهَجَرِيِّينَ النَّخْلِيِّينَ.

وِشَرْعَةُ، بالفَتْح: فَرَسٌ لبَنِي كِنَانَةَ.

وذُو المَشْرَعَةِ: من أَلْهَان بنِ مَالِكٍ، أَخي هَمْدَانَ بنِ مَالِكٍ.

وقال ابنُ الكَلْبِيّ: الأُشْرُوع: من قَبَائِلِ ذِي الكَلَاعِ.

وِالمَشَارِعَةُ: بطنٌ من المَغَارِبَة باليَمَنِ، وجَدُّهم مُحَمَّدُ بنُ مُوسَى بنِ عَلِيٍّ، ولَقَبُه المُشَرِّعُ؛ كمُحَدِّثٍ، وهم أَكْبَرُ بَيْتٍ باليَمَنِ جَلالَةً ورِيَاسَةً.

وِالمَشْرَعُ، كمَقْعَد: المَشْرَعَةُ، والجَمْعُ: المَشَارِعُ.

وجَمْعُ الشَّرِيعَةِ: شَرَائِعُ. ومن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ: الشَّرَائِعُ نِعْمَ الشَّرَائِع، من وَرَدَها رَوِيَ، وإِلّا دَوِيَ.

وِالمَشْرُوعُ: الشُّرُوع، كالمَيْسُور بِمَعْنَى اليُسْرِ.

وبَيْتٌ مُشَرَّعٌ، كمُعَظَّمٍ: مُرْتَفِعٌ.

تاج العروس-مرتضى الزَّبيدي-توفي: 1205هـ/1791م


7-لسان العرب (رجس)

رجس: الرِّجْسُ: القَذَرُ، وَقِيلَ: الشَّيْءُ القَذِرُ.

ورَجُسَ الشيءُ يَرْجُسُ رَجاسَةً، وإِنه لَرِجْسٌ مَرْجُوس، وكلُّ قَذَر رِجْسٌ.

وَرَجُلٌ مَرْجوسٌ "ورِجْسٌ: نِجْسٌ، ورَجِسٌ: نَجِسٌ؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وأَحسبهم قد نالوا رَجَسٌ نَجَسٌ، وَهِيَ الرَّجاسَةُ والنَّجاسَة.

وَفِي الْحَدِيثِ: «أَعوذ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النِّجْسِ»؛ الرِّجْسُ: الْقَذِرُ، وَقَدْ يُعَبَّرُ بِهِ عَنِ الْحَرَامِ وَالْفِعْلِ الْقَبِيحِ وَالْعَذَابِ وَاللَّعْنَةِ وَالْكُفْرِ، وَالْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الأَول.

قَالَ الْفَرَّاءُ: إِذا بدأُوا بالرِّجْسِ ثُمَّ أَتبعوه النِّجْسَ، كَسَرُوا الْجِيمَ، وإِذا بدأُوا بِالنِّجْسِ وَلَمْ يَذْكُرُوا مَعَهُ الرِّجْس فَتَحُوا الْجِيمَ وَالنُّونَ؛ وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «نَهَى أَن يُسْتَنْجَى بِرَوْثَةٍ، وَقَالَ: إِنها رِجْسٌ» أَي مُسْتَقْذَرَة.

والرِّجْس: الْعَذَابُ كالرِّجز.

التَّهْذِيبُ: وأَما الرِّجْزُ فَالْعَذَابُ وَالْعَمَلُ الَّذِي يُؤَدِّي إِلى الْعَذَابِ.

والرِّجْسُ فِي الْقُرْآنِ: الْعَذَابُ كالرِّجْز.

وَجَاءَ فِي دُعَاءِ الْوَتْرِ: وأَنْزِلْ عَلَيْهِمْ رِجْسَك وَعَذَابَكَ "؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: الرِّجْسُ هَاهُنَا بِمَعْنَى الرِّجْزِ، وَهُوَ الْعَذَابُ، قُلِبَتِ الزَّايُ سِينًا، كَمَا قِيلَ الأَسد والأَزد.

وَقَالَ الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ تعالى: {وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ}؛ إِنه الْعِقَابُ وَالْغَضَبُ، وَهُوَ مُضَارِعٌ لِقَوْلِهِ الرِّجْزُ، قَالَ: ولعلها لُغَتَانِ.

وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تعالى: {فَإِنَّهُ رِجْسٌ}؛ الرِّجْسُ: المَأْثَمُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّه الرِّجْسَ، قَالَ: مَا لَا خَيْرَ فِيهِ، قَالَ أَبو جَعْفَرٍ: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ"، قَالَ: الرِّجْسُ الشَّكُّ.

ابْنُ الأَعرابي: مرَّ بَنَا جَمَاعَةٌ رَجِسُونَ نَجِسُونَ أَي كُفَّار.

وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ}؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: الرِّجْسُ فِي اللُّغَةِ اسْمٌ لِكُلِّ مَا اسْتُقْذِرَ مِنْ عَمَلٍ فَبَالَغَ اللَّه تَعَالَى فِي ذَمِّ هَذِهِ الأَشياء وَسَمَّاهَا رِجْسًا.

وَيُقَالُ: رَجُسَ الرجل رَ جَسًا ورَجِسَ يَرْجَسُ إِذا عَمِلَ عَمَلًا قَبِيحًا.

والرَّجْسُ، بِالْفَتْحِ: شِدَّةُ الصَّوْتِ، فكأَنَّ الرِّجْسَ الْعَمَلُ الَّذِي يُقْبَحُ ذِكْرُهُ وَيَرْتَفِعُ فِي الْقُبْحِ.

وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ أَي مَأْثَمٌ؛ قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الرَّجْسُ، مَصْدَرٌ، صوتُ الرَّعد وتَمَخُّضُه.

غَيْرُهُ: الرَّجْسُ، بِالْفَتْحِ، الصَّوْتُ الشَّدِيدُ مِنَ الرَّعْدِ وَمِنْ هَدِيرِ الْبَعِيرِ.

ورجَسَت السَّمَاءُ تَرْجُسُ إِذا رَعَدَتْ وتَمَخَّضَتْ، وارتجَسَتْ مِثْلُهُ.

وَفِي حَدِيثِ سَطِيح: «لَمَّا وُلِدَ رَسُولُ اللَّه» صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَجَسَ إِيوان كِسْرَى أَي اضْطَرَبَ وَتَحَرَّكَ حَرَكَةً سُمِعَ لَهَا صَوْتٌ.

وَفِي الْحَدِيثِ: «إِذا كَانَ أَحدكم فِي الصَّلَاةِ فَوَجَدَ رِجْسًا أَو رِجْزًا فَلَا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَو يَجِدَ رِيحًا».

ورِجْسُ الشَّيْطَانِ: وَسْوَسَتُه.

والرَّجْسُ والرَّجْسَةُ والرَّجَسانُ والارْتِجاسُ: صَوْتُ الشَّيْءِ الْمُخْتَلِطِ الْعَظِيمِ كَالْجَيْشِ وَالسَّيْلِ وَالرَّعْدِ.

رَجَسَ يَرْجُسُ رَجْسًا، فَهُوَ راجِسٌ ورَجَّاسٌ.

وَيُقَالُ: سَحَابٌ وَرَعْدٌ رَجَّاسٌ شَدِيدُ الصَّوْتِ، وَهَذَا راجِسٌ حَسَن أَي راعِدٌ حَسَنٌ؛ قَالَ:

وكلُّ رَجَّاسٍ يَسُوقُ الرُجَّسا، ***مِنَ السُيولِ والسَّحاب المُرَّسا

يَعْنِي الَّتِي تَمْتَرِسُ الأَرض فَتَجْرُف مَا عَلَيْهَا.

وَبَعِيرٌ رَجَّاس ومِرْجسٌ أَي شَدِيدُ الهَدير.

وَنَاقَةٌ رَجْساء الحَنِين: مُتَتَابِعَتُهُ؛ حَكَاهُ ابْنُ الأَعرابي، وأَنشد:

يَتْبَعْنَ رَجْساءَ الحَنِين بَيْهَسا، ***تَرى بأَعْلى فَخِذَيْها عَبَسا،

مثلَ خَلُوقِ الفارِسِيِّ أَعْرَسا "ورَجْسُ الْبَعِيرِ: هَديرُه؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ؛ قَالَ رُؤْبَةُ: " بِرَجْسِ بَخْباخِ الهَديرِ البَهْبَهِ وَهُمْ فِي مَرْجُوسَة مِنْ أَمرهم وَفِي مَرْجُوساء أَي "فِي الْتِبَاسٍ وَاخْتِلَاطٍ ودَوَرانٍ؛ وأَنشد:

نَحْنُ صَبَحْنا عَسْكَرَ المَرْجُوسِ، ***بذاتِ خالٍ، لَيْلَةَ الخَمِيسِ

والمِرْجاسُ: حَجَرٌ يُطْرَحُ فِي جَوْفِ الْبِئْرِ يُقَدَّر بِهِ مَاؤُهَا وَيُعْلَمُ بِهِ قَدْرُ قَعْرِ الْمَاءِ وعُمْقه؛ قَالَهُ ابْنُ سِيدَهْ، وَالْمَعْرُوفُ المِرْداسُ.

وأَرْجَسَ الرجلُ: إِذا قدَّر الْمَاءَ بالمِرْجاس.

الْجَوْهَرِيُّ: المِرْجاسُ حَجَرٌ يُشَدُّ فِي طرف الحبل ثم يُدْلى فِي الْبِئْرِ فتُمْخَض الحَمْأَة حَتَّى تَثُور ثُمَّ يُسْتقى ذَلِكَ الْمَاءُ فَتُنَقَّى الْبِئْرُ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

إِذا رَأَوْا كَريهةً يَرْمُونَ بِي، ***رَمْيَكَ بالمِرْجاسِ فِي قَعْرِ الطَّوي

والنَّرْجِسُ: مِنَ الرَّيَاحِينِ، مُعَرَّبٌ، وَالنُّونُ زَائِدَةً لأَنه لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ فَعْلِلٌ وَفِي الْكَلَامِ نَفْعِل، قَالَهُ أَبو عَلِيٍّ.

وَيُقَالُ: النِّرْجِسُ، فإِن سَمَّيْتَ رَجُلًا بنَرْجِس لَمْ تَصْرِفْهُ لأَنه نَفْعِلُ كنَجْلِسُ ونَجْرِس، وَلَيْسَ بِرُبَاعِيٍّ، لأَنه لَيْسَ فِي الْكَلَامِ مِثْلُ جَعْفر فإِن سَمَّيْتَهُ بِنِرْجِسٍ صَرَفْتَهُ لأَنه عَلَى زِنَةِ فِعْلِلٍ، فَهُوَ رُبَاعِيٌّ كهِجْرِس؛ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَلَوْ كَانَ فِي الأَسماء شَيْءٌ عَلَى مِثَالِ فَعلِل لَصَرَفْنَاهُ كَمَا صرفنا نَهْشَلًا لأَن فِي الأَسماء فَعْللًا مِثْلُ جَعْفَرٍ.

لسان العرب-ابن منظور الإفريقي-توفي: 711هـ/1311م


انتهت النتائج

أشعار

الزاد

تزوّدْ في الحياةِ بخيرِ زادٍ *** يُعينُكَ في المماتِ وفي النُّشورِ

صلاةٍ أو صيامٍ أو زكاةٍ *** ولا تركنْ إلى دارِ الغرورِ

تزوّدْ بالصلاحِ وكنْ رفيقًا *** لأهلِ البرّ لا أهْلِ الفجورِ

فهذي الدارُ تُهلكُ طالبيها *** وإنْ سهُلتْ ستأتي بالوُعورِ

ألستْ ترى الحياةَ تروقُ يومًا *** فتبدو في المحاجرِ كالزهورِ

وترجعُ بعد ذلكَ مثلَ قيحٍ *** بما تلقاهُ فيها من أمورِ

فتجعلُ من فتيّ اليومِ كهلًا *** على مَرِّ الليالي والشهورِ

تفكّرْ في الذين خلَوْا قديمًا *** وعاشُوا في الجنانِ وفي القصورِ

فقدْ ماتوا كما الفقراءُ ماتوا *** ودُسوا في الترابِ وفي القبورِ

فلا تسلكْ طريقًا فيه بغْيٌ *** طريقُ البغْيِ يأتي بالشرورِ

ولا تحملْ من الأحقادِ شيئًا *** يكونُ كما الجِبالُ على الصدورِ

وَوَدَّ الناسَ أجمعَهمْ فترقى*** إلى العَلْيا وتنعمَ بالسرورِ

ولا تيأسْ من الغفرانِ يومًا *** إذا ما أُبْتَ للهِ الغفورِ

شعر: حمادة عبيد

1995م